روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

ب ميك

المدون

 

الأحد، 5 يونيو 2022

أسباب نزول القرآن للواحدي المؤلف د. ماهر ياسين الفحل

أسباب نزول القرآن للواحدي المؤلف د. ماهر ياسين الفحل

قوله : وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ  [البقرة : 102].

(41) أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد العزيز القَنْطَري ، قَالَ : أخبرنا أبو الفضل الحدادي ، قَالَ : أخبرنا أبو يزيد الخالدي ، قَالَ : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قَالَ : حدثنا جرير ، قَالَ : أخبرنا حُصَين بن عَبْد الرحمان ، عن عمران بن الحارث قَالَ : بينما نحن عند ابن عَبَّاس إذ قَالَ : إن الشياطين كانوا يَسْتَرقون السمع من السماء ، فيجئُ أحدهم بكلمة حقٍ ، فإذا جُرِّب من أحدهم الصدق كَذَبَ معها سبعين كذبةً ، فيشربها قلوب الناس . فاطلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها / 9 أ / تحت الكرسي ، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فَقَالَ : ألا أدلكم على كنـز سليمان المنيع ( ) الَّذِي لا كنـز لَهُ مثله ؟ قالوا : نعم ، قال: هو ( ) تحت الكرسي ، فأخرجوه ، فقالوا: هذا سحرٌ. فتناسختها ( ) الأُمم ، فأنزل الله تعالى عذر سليمان وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ  ( ) [البقرة : 102] .

وقال الكلبي : إن الشياطين كتبوا السحر والنِّيْرَنْجِيَّات ( ) على لسان آصف: هذا ما علم آصفُ بن برخيا سليمان الملك ، ثم دفنوها تحت مصلاه حِيْنَ نزع الله ملكه وَلَمْ يشعر بِذَلِكَ سليمان ، فَلَمَّا مات سليمان استخرجوها من تَحْتَ مصلاه ، وقالوا للناس : إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه. فأما علماء ( ) بني إسرائيل فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان. وأما السفلة فقالوا: هذا علم سليمان، وأقبلوا على تَعَلُّمه، ورفضوا كتب أنبيائهم . ففشت الملامة ( ) لسليمان ، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله مُحَمَّداً  فانزل الله عذر سليمان على لسانه، وأظهر ( ) براءته مما رمي به، فقال: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ [البقرة : 102] ( ) .

(42) أخبرني ( ) سعيد بن العباس القرشي ( ) من كتابه ( )؛ أنَّ العباس بن الفضل ابن زكريا ( )، حدثهم عَن أحمد بن نجدة ( )، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيد بن مَنْصُوْر ( ) ، قَالَ : حَدَّثَنَا عتاب بن بشير ، قَالَ : أَخْبَرَنَا خصيف ، قَالَ : كَانَ سليمان إذا نبتت الشجرة ، قَالَ : لأيِّ داءٍ أنتِ ؟ فتقول : لكذا وكذا . فَلَمَّا نبتت شجرة الخرنوب ( ) قَالَ : لأيِّ شيءٍ أنتِ ؟ قالت : لمسجدكَ أخربه ( ) ، فَقَالَ ( ) : تخربينه ؟! قالت : نعم ، قال : بئس الشجرة أنتِ . فلم يلبث أن توفي سليمان ( ) ، فجعل الناس يقولون في مرضاهم: لو كان لنا مثل سليمان . فأخذت الشياطين فكتبوا كتاباً فجعلوه في مصلى سليمان وقالوا ( ) : نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به. فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فإذا فيه سِحْرٌ ورُقىً. فأنزل الله تعالى : وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ومَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ  إلى قوله تعالى:   حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة : 102] ( ) .

قال السديّ: إن الناس في زمن سليمان اكتتبوا ( ) السحر فاشتغلوا بتعلمه ، فأخذ سليمان تلك الكتب وجعلها في صندوق ودفنها تحت كرسيه ، ونهاهم عن ذَلِكَ . فلما مات سليمان وذهب الذين كانوا يعرفون دفن( ) الكتب، تمثل شيطان على صورة إنسان، فأتى نفراً من /9 ب/ بني إسرائيل فَقَالَ: هل أدلكم على كنـزٍ لا تأكلونه أبداً ؟ قالوا : نعم ، قَالَ: فاحفروا تحت الكرسي، فحفروا فوجدوا تِلْكَ الكتب ، فلما أخرجوها قَالَ الشيطان : إنَّ سليمان كَانَ يضبط الجن والإنس والشياطين والطير بهذا . فأخذ ( ) بنو إسرائيل تِلْكَ الكتب ، فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود . فبرَّأ الله سليمان من ذَلِكَ ، وأنزل هَذِهِ الآية ( ) .

قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا [البقرة : 104].

قَالَ ابن عَبَّاس في رِوَايَة عطاءٍ: وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها، فلما سمعهم( ) اليهود يقولونها للنبيّ ، أعجبهم ذَلِكَ ، وكان راعنا في كلام اليهود السب القبيح ( ) فقالوا : إنا كنا نسبُ مُحَمَّداً سراً ، فالآن أعلنوا السب لمحمدٍ لأنه من كلامهم . فكانوا يأتونَ نبيَّ الله فيقولون: يا مُحَمَّد ، راعنَا ويضحكون. ففطن بها رجل من الأنصار ، وهو سعد بن عبادة ( )، وكانَ عارفاً بلغة اليهود، فَقَالَ: يا أعداء الله ، عليكم لعنةُ الله ، والذي نفس مُحَمَّد بيده ، لئن سمعتها من رجلٍ منكم لأضربنَ عنقه . فقالوا : ألستم تقولونها لَهُ ( )؟ فأنزل الله تَعَالَى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا [البقرة : 104] ( ).

قوله : مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ [البقرة : 105].

قالَ المُفسرون : إن المسلمين كانوا إذا قالوا لحُلفائهم منَ اليهود : آمِنوا  بمُحَمَّدٍ قالوا : ما ( ) هذا الذي تدعوننا إليه ( ) بخير مما نحنُ عَلَيْهِ ، ولوَدَدنا لو كانَ خيراً. فأنزلَ الله تعالى هذهِ الآية تكذيباً لهم ( ) .

قوله تَعَالَى :  مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا [البقرة : 106].

قالَ المُفسرون : إن المشركين قالوا: ألا ترون إلى مُحَمَّد يأمرُ أصحابهُ بأمرٍ ثم ينهاهم عنهُ ويأمرهم بخلافهِ ، ويقول اليوم قولاً ويرجع عنهُ غداً ؟! ما هَذَا القرآن إلا كلام مُحَمَّد يقولهُ مِنْ تلقاء نفسهِ ، وَهُوَ كلام يناقض بعضهِ بعضاً . فأنزل الله تَعَالَى :

وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَة [النحل : 101] ، وأنزل أيضاً : مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [البقرة : 106] ( ) .

قوله  : أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ [البقرة : 108].

قال ابن عباس : نزلت ( ) في عبد الله بن أبي أمية ورهطٍ من قريش ، قالوا :

يا مُحَمَّد ، اجعل لنا الصفا ذهباً ، ووسع لنا أرض مكة ، وفجِّر ( ) الأنهار خلالها ( ) تفجيراً نؤمِن بك . فانزل الله هذه الآية ( ) / 10 أ / .

وَقَالَ المفسرون : إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا عَلَى رَسُول الله ، فمن قائلٍ يقول: ائتنا بكتابٍ من السماء جملةً كما أتى موسى بالتوراة، ومن قائلٍ يقول – هو عَبْد الله بن أبي أُمية المخزومي –: ائتنا بكتاب من السماء فِيْهِ: (( من رب العالمين إلى ابن أبي أُمية ، اعلم أنني قد أرسلت مُحَمَّداً إلى الناس )) ( ) . ومن قائلٍ يقول : لن نؤمن

لَكَ ( ) أو تأتيَّ بالله والملائكة قبيلاً ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ( ) .

 

قوله : وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب [البقرة : 109].

قَالَ ابن عَبَّاس : نزلت في نفرٍ من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أُحدٍ : ألم تَرَوا إلى ما أصابكم ؟ وَلَوْ كنتم عَلَى الحق ما هُزِمْتم ، فارجعوا إِلَى ديننا فَهُوَ خيرٌ لكم ( ) .

(43) أَخْبَرَنَا الحسن بن مُحَمَّد الفارسي ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الفضل ( )، قَالَ : أَخْبَرَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ( )، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو اليمان ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شعيب ، عَن الزهري ، أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَان بن عَبْد الله بن كعب بن مَالِك ، عَن أبيه : أن كعب بن الأشرف اليهودي كَانَ شاعراً ، وكَانَ يهجو النبيَّ   ، ويحرض عَلَيْهِ كفار قريش في شعره ، وكَانَ المشركون واليهود مِنْ أهل المدينة حِيْنَ قَدِمَها رَسُول الله ، يؤذون النَّبِيّ وأصحابه أشد الأذى ، فأمر اللهُ تَعَالَى نَبيه بالصبر عَلَى ذَلِكَ والعفو عَنْهُمْ ، وفيهم أُنزلت : وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب إلى قوله : فَاعْفُوا وَاصْفَحُواْ  [البقرة : 109] ( ) .

قوله : وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ ... [البقرة: 113] .

نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نَجْرَان، وذلك أن وفد نَجْرَان لمّا قَدِموا عَلَى رَسُول الله أتاهم أحبارُ اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم ، فقالت اليهود ما أنتم عَلَى شيءٍ من الدين ، وكفروا بعيسى والإنجيل ، وقالت لهم النصارى: ما أنتم عَلَى شيءٍ من الدين ، وكفروا بموسى والتوراة . فأنزل الله تعالى هذه الآية ( ).

 

قوله : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ … الآية [البقرة : 114].

نزلت في طَطُوس ( ) الرّومي وأصحابه من النصارى ، وذلك أنهم غزوا بني

إسرائيل فقتلوا مقاتِلَتَهم ، وَسَبَوْا ذَرارِيّهم ، وحَرَّقوا التوراة وخَرَّبوا بيت المقدس ، وقذفوا فيه الجيف . وهذا معنى ( ) قول ابن عَبَّاس في رواية الكلبي ( ).

وَقَالَ قتادة والسديّ : هو بُخْتُنَصَّر وأصحابه ، غزوا اليهود وخَرَّبوا بيت المقدس ، وأعانتهم على ذَلِكَ / 10 ب / النصارى من أهل الروم ( ).

وَقَالَ ابن عَبَّاس في رواية عطاء : نزلت في مشركي مكة ( ) وَمَنْعِهِم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام ( ).

قوله : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِب ... الآية [البقرة : 115] .

اختلفوا في سبب نزول هَذِهِ الآية ( ) :

(44) فأخبرنا أبو منصور المنصوري ( ) ، قَالَ : أخبرنا علي بن عمر الحافظ ( ) ، قَالَ: حدثنا أبو مُحَمَّد إسماعيل بن علي، قَالَ: حدثنا الحسن بن علي بن شبيبٍ المعمري، قَالَ: حدثنا أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري، قَالَ: وجدت في كتاب أبي : (( حدثنا عبد الملك العَرْزَميّ، قَالَ: حدثنا عطاء بن أبي رَبَاح، عن جابر بن عبد الله، قَالَ: بعث رسول الله سَرِيَّة كنتُ فِيْهَا ، فأصابتنا ظلمةٌ فلم نعرف القبلة ، فقالت طائفةٌ منا: قد عرفنا القبلة، هي ها هنا قِبَلَ الشمال، فصلَّوا وخَطَّوا خطوطاً. وقال بعضنا: القبلة ها هنا قِبَلَ الجنوب ، وخطوا ( ) خطوطاً. فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قَفَلنا ( ) من سفرنا سألنا النبي عن ذلك فسكت، فأنزل الله تَعَالَى :

وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة : 115] ( ) .

(45) وأخبرنا أبو منصور، أخبرنا عليٌّ( )، قَالَ: حدثنا يحيى بن صاعد، قَالَ:حدثنا مُحَمَّد بن إسماعيل الأحْمَسِي ، قَالَ : حدثنا وكيعٌ ، قَالَ: حدثنا أشعث السَّمَّان ، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، قَالَ:كنا نصلي مع النبي في السفر في ليلةٍ مظلمةٍ، فلم ندرِ كيف القبلة، فصلى كل رجلٍ منا على حِيَالِهِ، فلما أصبحنا ذكرنا ذَلِكَ للنبي فنـزلت:فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه [البقرة:115]( ).

ومذهب ابن عُمَر : أن الآية نازلةٌ في التطوع عَلَى الراحلة بالنافلة ( ) .

(46) أخبرنا أبو القاسم بن عبدان ( )، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الحافظ ( )، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن يعقوب ( ) ، قَالَ : حدثنا أبو البختري عَبْد الله بن مُحَمَّد بن شاكر ( ) ، قَالَ : حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الملك بن أبي ( ) سليمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، قَالَ : أنزلت : فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه . أن تصلي ( ) حيثما توجهت بك راحلتك ، في التطوع ( ) .

وقال ابن عباس في رواية عطاء : أن النجاشي تُوفي فأتى جبريل النبي فَقَالَ : أن النجاشي تُوفي فصلِّ عليه، فأمر رسول الله أصحابهُ أن يحضروا ، وصفهم ثم تقدم رسول الله   ، وقال لهم: (( إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي وقد تُوفي ، فصلوا عَلَيْهِ )) . فصلى رسولُ الله وهم عَلَيْهِ . فَقَالَ أصحاب رَسُول الله في أنفسهِم :

/11 أ/ كيف نصلي عَلَى رجلٍ مات وهو يصلي لغير قِبلتنا ؟ وكَانَ النجاشي يُصلي إِلَى بيت المقدس حَتَّى مات ، وَقَدْ صرفت القبلة إِلَى الكعبة . فأنزل الله :: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة 115] ( ) .

ومذهب قتادة : أن هذه الآية منسوخةٌ بقوله تَعَالَى : وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: 144] ( )، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء الخراساني . قَالَ ( ) : أول ما نُسخ من القرآن شأن القبلة ، قال الله تَعَالَى : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ، قال: فصلى رسول الله نحو بيت المقدس ، وترك البيت العتيق ، ثُمَّ صرفه الله تَعَالَى إلى البيت العتيق ( ) .

وقال في رواية علي بن أبي طلحة الوَالبيّ : إن رسول الله لما هاجر إلى المدينة - وكان أكثر أهلها اليهود - أمره الله تَعَالَى أن يستقبل بيت المقدس . ففرحت اليهود ، فاستقبلها بضعة عشر شهراً . وكان رسول الله يحب قبلة إبراهيم فلما صرفه الله تَعَالَى إليها ارتاب من ذلك اليهود ، وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عَلَيْهَا ؟ فأنزل الله تَعَالَى : فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ( ) .

قوله : وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً... [البقرة : 116].

نزلت في اليهود حيث قالوا : عُزَيرٌ ابن الله ، وفي نصارى نجران حيث قالوا : المسيح ابن الله ، وفي مشركي العرب حيث قالوا : الملائكة بنات الله ( ) .

قوله :  وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ   [البقرة : 119].

قال ابن عَبَّاس : إن رسول الله قَالَ ذات يوم : (( ليت شعري ما فعل      أبواي ! )) ( ) ، فنـزلت هَذِهِ الآية ( ). وهذا عَلَى قراءة من قرأ: وَلا تَسْأَلْ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ جزماً ( ) .

وَقَالَ مقاتل : إن النبي قَالَ : (( لو أن الله أنزل ( ) بأسه باليهود لآمنوا )) . فأنزل الله تَعَالَى :  وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ( ) .

قوله : وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى … الآية  [البقرة :120] .

قَالَ المفسرون : إنهم كانوا يسألون النبي    الهدنة، ويطمعونه أنه إن هادنهم وأمهلهم اتبعوه ووافقوه . فأنزل الله تعالى هذه الآية ( ) .

قَالَ ابن عَبَّاس : هذا في القبلة ( ) ؛ وذلك أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلِّي النبي إلى قبلتهم ، فلما صرف الله تَعَالَى القبلة إلى الكعبة شق ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ويئسوا مِنْهُ أن يوافقهم عَلَى دينهم ، فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية ( ).

قوله : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ [البقرة :121].

قَالَ ابن عَبَّاس /11 ب/ – في رِوَايَة عطاء والكلبي –: نزلت في أصحاب السفينة الذين أقبلوا مَعَ جعفر بن أبي طالب مِن أرض الحبشة ؛ كانوا أربعين رجلاً مِنْ الحبشة وأهل الشام ( ) .

قَالَ الضحاك : نزلت فيمن آمن مِنْ اليهود ( ) .

وَقَالَ قتادة وعكرمة : نزلت في أصحاب محمد ( ) .

قوله  : أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْت … الآية  [البقرة: 133].

نزلت في اليهود حين قالوا للنبي : ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية ( ) ؟

قوله : وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا [البقرة :135].

قَالَ ابن عَبَّاس : نزلت في رؤوس يهود المدينة : كعب بن الأشرف ، ومالك بن الصيف ، ووهب بن يهوذا ، وأبي ياسر بن أخطب ، وفي نصارى أهل نجران ، وذلك أنهم خاصموا المسلمين في الدين ، كلُ فرقةٍ تزعُمُ أنها أحق بدين الله من غيرها . فقالت اليهود : نبينا موسى أفضل الأنبياء ، وكتابنا التوراة أفضل الكتب ، وديننا أفضل الأديان . وكفرت بعيسى والإنجيل ومُحَمَّد والقرآن .

وقالت النصارى : نبينا عيسى أفضل الأنبياء ، وكتابنا الإنجيل أفضل الكتب ، وديننا أفضل الأديان ، وكَفَرَتْ بمُحَمَّدٍ والقرآن . وَقَالَ كلُ واحدٍ من الفريقين للمؤمنين : كونوا عَلَى ديننا فلا دين إلا ذَلِكَ . ودَعَوْهُمْ إلى دينهم ( ) .

قوله  :  صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً … الآية [البقرة: 138].

قَالَ ابن عَبَّاس: إنَّ النصارى كَانَ إذا وُلِدَ لأحدِهم ولد ، فأتى عليه سبعة أيام صبغوهُ في ماءٍ لهم يقال لَهُ : المعمودي ، ليطهروه بذلك ، ويقولون : هذا طهور مكان الختان . فإذا فعلوا ذلك قالوا : الآن صار نصرانياً حقاً . فأنزل الله تَعَالَى : صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً  ( ) .

قوله :  سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاس … الآية [البقرة : 142].

نزلت في تحويل القبلة ( ) .

(47) أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر ( )، قَالَ: أخبرنا زاهر بن أحمد ( )، قَالَ: أخبرنا الحسين بن مُحَمَّد بن مصعب ( )، قَالَ: حدثنا يحيى بن حكيم ( ) ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن رجاء ( ) ، قَالَ : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البَرَاء ، قَالَ : لَمَّا قَدِم رَسُول الله المدينة صلَّى ( ) نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً ، أو سبعة عشر شهراً ، وكان رَسُول الله يحب أنْ يُوَجَّه ( ) نحو الكعبة ، فأنزل الله تَعَالَى : قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ إلى آخر الآية . فَقَالَ ( ) السفهاء - وهم اليهود -: ما ولاهم عَن قبلتهم التي كانوا عَلَيْهَا ، قَالَ الله تَعَالَى ( ): قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ /12 أ/ وَالْمَغْرِب [البقرة:142]. إلى آخر الآية. رواه البخاري ( ) عَن عَبْد الله بن رجاء ( ).

قوله :  وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم... [البقرة : 143].

قَالَ ابن عَبَّاس – في رواية الكلبي –: كَانَ رجالٌ مِنْ أصحاب رَسُول الله مِنَ المُسْلِمِيْنَ ( ) قد ماتوا على القبلة الأولى منهم أسعد بن زُرَارةَ ، وأبو أمَامَةَ أحَدُ بَني النَجار، والبَرَاء بن مَعْرور أحد بني سلمة ، في أُناسٍ آخرين ( ) جاءت عشائرهم فقالوا : يا رَسُول الله توفيَّ إخواننا وهم يصلون إلى القبلة الأولى ، وقد صرفك الله تعالى إلى قبلة إبراهيم ، فكيف بإخواننا ؟ فأنزل الله : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم ( ) [البقرة : 143].

ثُمَّ قَالَ : قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ [البقرة : 144].

وذلك أن النبي قَالَ لجبريل : (( وَدِدْتُ أنَّ الله تعالى صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها )) ، وكان يريد الكعبة ؛ لأنها قبلة إبراهيم ، فَقَالَ لَهُ جبريل: إنما أنا عبدٌ مثلك لا أملك شيئاً ، فسل ربك أن يحولك عنها إلى قبلة إبراهيم . ثُمَّ ارتفع جبريل وجعل رَسُول الله يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما سأله . فأنزل الله تَعَالَى : قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ … الآية ( ) .

(48) أخبرنا أبو منصور مُحَمَّد بن مُحَمَّد المنصوري ، قَالَ : أخبرنا عليُّ بن عمر الحَافِظ ( )، قَالَ : حدثنا عَبْد الوهاب بن عيسى ، قَالَ : حدثنا أبو هشام ( ) الرفاعي ،  قَالَ : حدثنا أبو بكر بن عَيَّاش ، قَالَ : حدثنا أبو إسحاق ، عَن البَرَاء ، قَالَ : صلينا مَعَ رَسُول الله بعد قدومه المدينة ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس ، ثُمَّ عَلِمَ الله هوى نبيه فنـزلت : قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا … الآية [البقرة : 144]. رواه مُسْلِم ( ) عَن أبي بكر بن أبي شيبة ، عَن أبي الأحوص . ورواه البخاري ( ) عَن أبى نعيم ، عَن زهير كلاهما ، عَن أبي إسحاق ( ) .

قولهُ تَعَالَى : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ  [البقرة : 146]

نزلت في مؤمني أهل الكتاب : عَبْد الله بن سَلاّم وأصحابهِ ، كانوا يعرفون    رَسُول الله  بنعتهِ وصفتهِ ومبعثه في كتابهِم كما يعرف أحدهم ولده إذا رآه مَعَ  الغلمان.

قَالَ عَبْد الله بن سلام : لأنا كُنْتُ أشد معرفةً برَسُول الله   مني بابني . فَقَالَ لَهُ عُمَر بن الخطاب : وكيف ذاك يا ابن سلام ؟ قَالَ : لأني أشهد أن مُحَمَّداً رَسُول الله حقاً يقيناً ، وأنا لا أشهد بذلك عَلَى ابني ؛ لأني لا أدري ما أَحْدَثَ النساءُ . فقال عمر : وفقك الله يا ابن سلام ( ) .

قوله / 12 ب / تَعَالَى : وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ [البقرة : 154].

نزلت في قتلى بدر مِنَ المسلمين ، وكانوا بضعة عشر رجلاً ؛ ثمانية مِنْ الأنصار ، وستة مِنَ المهاجرين ؛ وذلك أن الناس كانوا يقولون للرجل يُقتل في سبيل الله : مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها. فأنزل الله هذه الآية ( ) .

قوله تَعَالَى : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ … الآية [البقرة : 158].

(49) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد الزاهد ( ) ، قَالَ : أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه ( ) ، قَالَ : أخبرنا عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العزيز ( )، قَالَ : حدثني مصعب بن عَبْد الله الزُّبَيري ، قَالَ : حدثنا مالك ( ) ، عَن هشام ، عَن أبيه ، عَن عَائِشَة قالت : أُنزلت هذه الآية في الأنصار ، كانوا يحجون لِمِناة ، وكانت مناة حَذْوَ قُدَيْدٍ ( )، وكانوا يتحرَّجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة . فلما جاء الإسلام سألوا رَسُول الله عَن ذَلِكَ فأنزل الله تعالى هذه الآية . رواه البخاري ( ) عن عَبْد الله بن يوسف ، عن مالك ( ) .

(50) وأخبرنا أبو بكر التميمي ، قَالَ : أخبرنا أبو الشيخ الحَافِظ ، قَالَ : حدثنا أبو يَحْيَى الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل العسكري ( ) ، قَالَ : حدثنا يَحْيَى وعبد الرحيم ، عَن هشام ، عَن أبيه ، عَن عَائِشَة – رضي الله عَنْهَا – ، قالت: أُنزلت هذه الآية في ناسٍ مِنَ الأنصار كانوا إذا أهلوا أهلوا لمناة في الجاهلية ، ولا ( ) يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة . فلما قَدِموا مَعَ رَسُول الله في ( ) الحج ذكروا ذلك لَهُ . فأنزل الله تعالى هذه الآية . رواه مُسْلِم ( ) عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي أُسامة ، عن هشام ( ) .

وَقَالَ أنس بن مَالِك : كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة ؛ لأنهما كانا مِنْ مشاعر ( ) قريش في الجاهلية ، فتركناه في الإسلام . فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية ( ) .

وَقَالَ عمرو بن حُبْشِي ( ): سألت ابن عُمَر عَن هذه الآية ، فَقَالَ : انطلق إلى ابن عَبَّاس فسله ، فإنه أعلم مَنْ بقي بما أنزل ( ) عَلَى مُحَمَّد  . فأتيته فسألته فَقَالَ : كَانَ عَلَى الصفا صنمٌ عَلَى صورة رجلٍ يقال لَهُ: إسَافٌ ، وعَلَى المروة صنمٌ عَلَى صورة امرأةٍ تدعى نائلة ؛ زعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخهما الله تَعَالَى حجرين، فَوضِعا عَلَى الصفا والمروة لِيُعْتَبَرَ بِهِمَا . فلما طالت المدة عُبِدا مِنْ دون الله تَعَالَى . فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بَيْنَهُمَا مسحوا عَلَى ( ) الوثنين . فلما جاء الإسلام وكُسرت الأصنام ، كره المسلمون الطواف بَيْنَهُمَا لأجل الصنمين . فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية ( ) .

وَقَالَ السُّدِّي : كَانَ في الجاهلية تَعْزِفُ ( ) / 13 أ / الشياطين بالليل بين الصفا والمروة ، وكانت بينهما آلهةٌ. فلما ظهر الإسلام قَالَ المسلمون: يا رَسُول الله ، لا نطوف بين الصفا والمروة ، فإنه شركٌ كنا نصنعه في الجاهلية . فأنزل الله تعالى هذه الآية ( ) .

(51) أخبرنا منصور بن عَبْد الوهاب البزّاز ( )، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن سنان ( )، قَالَ: أخبرنا حامد بن مُحَمَّد بن شعيب ( )، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن بكار ( )، قَالَ: حدثنا إسماعيل بن زكريا ، عن عاصم ، عن أنس بن مَالِك ، قَالَ: كانوا يمسكون عن الطواف بين الصفا والمروة ، وكانا مِنْ شعائر الجاهلية ، وكنا نتقي الطواف بِهِمَا . فأنزل الله تَعَالَى : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا…الآية . رواه البخاري ( ) عن أحمد بن مُحَمَّد ، عن

عَبْد الله بن المبارك ( )، عن عاصم ( ) .

قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى [البقرة : 159] .

نزلت في علماء أهل الكتاب وكتمانهم آية الرجم وأمر مُحَمَّد  ( ) .

قوله تَعَالَى : إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [البقرة : 164].

(52) أخبرنا عَبْد القاهر ( ) بن طاهر التميمي ، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، قَالَ : أخبرنا أبو عَبْد الله الزيادي ، قَالَ: حدثنا موسى بن مسعود النَهْدّي ، قَالَ: حدثنا شبلٌ ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء قَالَ : أُنزل بالمدينة عَلَى رَسُول الله   :  وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة : 163] . فقالت كفار قريش بمكة : كيف يسعُ الناس إلهٌ واحدٌ ؟ فأنزل الله تَعَالَى : إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ حَتَّى بلغ : لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( ) [البقرة : 164].

(53) أخبرنا أبو بكر الأصبهاني ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن مُحَمَّد الحافظ ( ) ، قَالَ : حدثنا أبو يَحْيَى الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل بن عثمان العسكري ، قَالَ : حدثنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق ، عن أبي الضُّحى قَالَ : لَمَّا نزلت هذه الآية :

وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [البقرة : 163] تعجب المشركون وقالوا : إلهٌ واحدٌ ! إنْ كان صادقاً فليأتنا بآية. فأنزل الله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إلى آخر

الآية ( ).

قوله تَعَالَى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأرْضِ حَلالاً طَيِّباً  [البقرة : 168].

قَالَ الكلبي ، عن أبي صالح : نَزَلت في بني ( ) ثقيف ، وخُزَاعَة ، وعامر بن صَعْصَعَة حرَّموا عَلَى أنفسهم من الحَرث والأنعام ، وحرَّموا البَحيِرَة والسَّائِبةَ والوَصيلَةَ والحام ( ).

قوله تَعَالَى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ... [البقرة : 174].

قَالَ الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاس : نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم ، كانوا يصيبون في سِفْلَتهم الهدايا والفُضُول ، وكانوا يرجون أن يكون النبيُّ المبعوث منهم. فلما بُعِث من غيرهم خافوا ذهاب مَأكَلَتِهم ، وزوال رياستهم. فعمدوا إلى صفة مُحَمَّدٍ فغيروها ، ثُمَّ أخرجوها إليهم وقالوا : هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان لا يشبِه نعت هذا النبي الذي بمكة. فإذا نظرت السفلة إلى النعت المُغير وجدوه مخالفاً لصفة مُحَمَّدٍ ، فلا يتبعونهُ ( ) .

قوله تَعَالَى :  لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ . [ البقرة : 177 ] .

قَالَ قتادة: ذُكِرَ لنا أن رجلاً سأل نبي الله    عن البر، فأنزل الله تعالى هذه الآية. قَالَ: وقد كَانَ الرجل قبل الفرائض إذا شَهِدَ أن لا أله إلا الله وأن مُحَمَّداً عبده ورسولهُ، وصلّى الصلاة إلى أي ناحية كَانَتْ ( ) ، ثُمَّ مات عَلَى ذَلِكَ . وجبت لَهُ الجنة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ( ) .

قوله تَعَالَى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى  [البقرة : 178] .

قَالَ الشعبي: كَانَ بين حَيَّين من أحياء العرب قتال، وكان لأحد الحيّين طَولٌ عَلَى الآخر ، فقالوا : نقتل بالعبد منا الحر منكم ، وبالمرأة الرجل . فنـزلت هَذِهِ الآية ( ) .

قوله تعالى : أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَائِكُم... [البقرة : 187 ].

قَالَ ابن عَبَّاس في رِوَايَة الوَالبي : وذَلِكَ أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حَرُمَ عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة . ثُمَّ أن ناساً من المسلمين أصابوا من الطعام والنساء في شهر رمضان بعد العشاء ، مِنْهُمْ : عُمَر بن الخطاب ، فشكوا ذَلِكَ إلى رَسُول الله فأنزل الله هذه الآية ( ).

(54) أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قَالَ : أخبرنا أبو الشَّيْخ الحافظ ، قَالَ : حدثنا عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل بن عثمان العسكري ( ) ، قَالَ : حدثنا يَحْيَى بن أبي زائدة ، قَالَ : حدثني أبي وغيره ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب ، قَالَ : كَانَ المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويمسون النساء ما لم يناموا ، فإذا ناموا لا يفعلون شيئاً مِنْ ذَلِكَ إلى مثلها من القابلة ( ) ، وإن قيس بن صِرمَة الأنصاري كَانَ صائماً ، فأتى أهله عند الإفطار فانطلقت امرأته تطلب شيئاِ وغلبته عينه فنام، فلما انتصف النهار مِنْ غد غشي عَلِيهِ، قَالَ : واتى عُمَر امرأته وقد نامت ، فذكر ذَلِكَ للنبيِّ  فنـزل : أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة : 187] إلى قوله :  مِنَ الْفَجْرِ [البقرة : 187] ففرح المسلمون بذَلِكَ( ) .

(55) أخبرنا أبو عَبْد الرحمان بن أبي حامد ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد الشيباني، قَالَ:أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان الدَّغولي، قَالَ:حدثنا الزعفراني، قَالَ: حدثنا شبابة ، قَالَ : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البَرَاء ، قَالَ : كَانَ أصحاب مُحَمَّد   إذا كَانَ الرجل صائماً فحضر الإفطار فنام قبل أن يطعم لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي ، وإن قيس ( ) بن ( ) صِرْمَة الأنصاري كَانَ صائماً ، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فَقَالَ : هل ( ) عندكِ طعامٌ ؟ قَالَتْ : لا ، وَلَكِنْ أنطلق فأطلب لكَ ؛ وَكَانَ يومه يعمل ، فغلبته عيناه وجاءت امرأته فَلَمَّا رأته قالت: خيبةً لَكَ ؛ فأصبح صائماً ( )، فلما انتصف النهار غُشِيَ عليه؛ فذكر ذلك لرسول الله  ، فنـزلت هذه الآية :

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة: 187] ففرحوا بها فرحاً شديداً. رواه البخاري ( ) عن عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ( ) .

(56) أخبرنا الحسن بن مُحَمَّد الفارسي ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الله بن الفضل ( ) ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن الحَافِظ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن يحيى ، قَالَ: حدثنا هشام بن عمار ، قَالَ: حدثنا يحيى بن حمزة ، قَالَ: حدثنا إسحاق بن أبي فَرْوَة ، عن الزهري أَنَّهُ حدثه عن القاسم بن مُحَمَّد قال : إن بدء الصوم ( ) : كان يصوم الرجل من عشاءٍ إلى عشاء ، فإذا نام لم يصل إلى أهله بعد ذلك ولم يأكل ولم يشرب . حتى جاء عمر إلى امرأته فقالت : إني قد نمت ، فوقع بِهَا . وأمسى صِرْمَة بن قيس ( ) صائماً فنام قبل أن يفطر- وكانوا إذا ناموا لم يأكلوا ولم يشربوا- فأصبح صائماً وكاد الصوم يقتله ( )، فأنزل الله  الرخصة، قال: فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ  ( ) [البقرة : 187].

(57) أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد ، قَالَ: أخبرنا جدي ، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو الحيري ، قَالَ: حدثنا محمد بن يحيى، قَالَ: حدثنا ابن أبي مريم ، قَالَ: أخبرنا أبو غَسّان ، قَالَ : حدثني أبو حازم ، عن سهل بن سعد ، قَالَ: نزلت هذه الآية : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ، ولم ينـزل مِنَ الْفَجْرِ فكان رجال( ) إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود( )، فَلاَ يزال يأكل ويشرب حَتَّى يتبين لَهُ زيهما( ) فأنزل الله تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ: مِنَ الْفَجْرِ [البقرة : 178]، فعلموا أَنَّهُ إِنَّمَا يعني بِذَلِكَ الليل والنهار. رواه البخاري ( ) عَن ابن أبي مريم ، ورواه مسلم ( )، عن مُحَمَّد بن سهل ، عن ابن أبي مريم ( ) .

قوله : وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ … الآية [البقرة : 188].

قَالَ مقاتل بن حَيَّان : نزلت هذه الآية في امرئ القيس بن عابس الكندي وفي عيدان ( ) بن أشوع الحَضْرَمي، وذلك أنهما اختصما إلى النبي  في أرض ، وكان امرؤ القيس المطلوب وعيدان الطالب ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. فحكَّم عيدان في أرضه ولم يخاصمه ( ) .

قوله :  يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ ... الآية [البقرة : 189] ( ).

قَالَ معاذ بن جبل : يا رسول الله / 13 ب / إنَّ اليهود تغشانا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة . فأنزل الله تعالى هذه الآية ( ) .

وَقَالَ قتادة : ذُكر لنا أنهم سألوا نبيَّ الله  : لِمَ خلقت هَذِهِ ( ) الأهلة ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية ( ) : قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجّ ( ) [البقرة : 189] .

وَقَالَ الكلبي : نزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن عنمة ( ) وهما رجلان من الأنصار، قالا : يا رَسُول الله ما بال الهلال يبدو فيطلع دقيقاً مثل الخيط ، ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير ، ثم لا يزال ينتقص ويدق حتى يعود ( ) كما كان ، لا يكون على حال واحدة ؟ فنـزلت هَذِهِ الآية ( ) .

قوله :  وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا [البقرة: 189].

(58) أخبرنا مُحَمَّد بن إبراهيم المُزكي ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، قَالَ : أخبرنا أبو خليفة ، قَالَ : حدثنا أبو الوليد والحوضي ( ) قالا : حدثنا شُعبة ، قَالَ : أنبأنا أبو إسحاق ، قَالَ : سمعت البَرَاء ( ) يقول: كانت الأنصار إذا حجوا فجاؤوا لا يدخلون من أبواب بيوتهم ولكن مِنْ ظهورها ، فجاء رجلٌ فدخل من قِبَلِ بابه ( ) ، فكأنه عير بذلك ، فنـزلت هَذِهِ الآية . رواه البخاري ( ) عن أبي الوليد ، ورواه مسلم ( ) عن بُنْدَار ، عن غُنْدَر ، عن شعبة ( ) .

(59) أخبرنا أبو بكر التميمي ، قَالَ : حدثنا أبو الشَّيْخ ، قَالَ : حدثنا أبو يَحْيَى الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل بن عبيد ( ) ، قَالَ : حدثنا عبيدة ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ؛ عَن جابر قَالَ : كَانَتْ قريش تدعى الحُمْس ( ) ، وكانوا يدخلون مِنْ الأبواب في الإحرام ، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون مِنْ باب في الإحرام ( )؛ فبينما رَسُول الله في بستان إذا خرج مِنْ بابه، وخرج مَعَهُ قطبة بن عامر الأنصاري ،

فقالوا: يا رَسُول الله ، إن قطبة بن عامر رجلٌ فاجرٌ ، وإنه خرج معك مِنْ الباب . فَقَالَ لَهُ رَسُوْل الله : (( ما حملك عَلَى ما صنعتَ )) ، فقَالَ : رأيتك فعلته ففعلت كَمَا فعلت ، فَقَالَ : (( إني أحمسي )) ، قال : فإن ديني دينك ، فأنزل الله : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا ( ) [البقرة: 189].

قَالَ ( ) المفسرون: كَانَ الناس في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج أو العمرة ، لم يدخل حائطاً ولا بيتاً ولا داراً من بابه ، فإن كَانَ مِنْ أهل المدر ( ) نَقَب نَقْباً في ظهر بيته منه يدخل ويخرج، أو يتخذ سلماً فيصعد( ) فيه، وإن كَانَ مِنْ أهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط، ولا يدخل مِنَ الباب( ) حَتَّى يحل مِنْ إحرامه، ويرون ذلك برّاً ديناً ( ) إلا أن يكون من الحمْس وهم قريش، وكنانة /14 أ/ وخزاعة ، وثقيف ، وخَثعَم ( )، وبنو عامر بن صعصعة، وبنو النَّضر بن معاوية؛ سموا حمْساً لشدتهم في دينهم ، قالوا : فدخل رَسُول الله ذات يومٍ بيتاً لبعض الأنصار ، فدخل رجلٌ مِنْ الأنصار عَلَى أثره مِنْ الباب وَهُوَ محرمٌ ، فأنكروا عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله : (( لِمَ دخلت مِنْ الباب وأنت محرم )) ؟ فَقَالَ : رأيتك دخلت ( ) فدخلت عَلَى أثرك ، فَقَالَ رَسُول الله : (( إني أحمسِي )) ، قال الرجل : إن كنتَ أحمسيّاً فإني أحمسيٌّ ، ديننا واحد، رضيت بهديك وَسَمْتُك ودينك ؛ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية ( ) .

قوله :  وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ … الآية [البقرة:190] .

قَالَ الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عَبَّاس: نزلت هذه الآية ( ) في صلح الحديبية ، وذلك أن رَسُول الله لَمَّا صُدَّ عن البيت هو وأصحابه نحر( ) الهدي بالحديبية، ثُمَّ صالحه المشركون على أن يرجع عامه ( ) القابل على أن يُخلوا له مكة ثلاثة أيام فيطوف بالبيت ويفعل ما شاء ( ) ، وصالحهم رَسُول الله  ( )، فلما كَانَ العام المقبل تجهز رَسُول الله ( )وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي لهم قريش بذلك، وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم، وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام في الحرم، فأنزل الله تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ [البقرة:190]يعني قريشاً( ).

قوله :  الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ [البقرة : 194].

قَالَ قتادة : أقبل نبي الله وأصحابه في ذي القعدة ، حتى إذا كانوا بالحديبية صدَّهم المشركون، فلما كان العام المقبل دخلوا مكة فاعتمروا في ذي القعدة، وأقاموا بها ثلاثَ ليالٍ ، وكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية فأقصه الله منهم ، فأنزل الله ( ):  الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ ( ) [البقرة : 194].

قوله :  وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة : 195].

(60) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد الزاهد ، قَالَ : حدثنا أبو عليّ بن أبي بكر الفقيه، قَالَ : أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد ، قَالَ : حدثنا عَبْد الله بن أيوب ، قَالَ : حدثنا هشيم ، عن داود ، عن الشعبي ، قَالَ: نزلت في الأنصار أمسكوا عن النفقة في سبيل الله تعالى فَنَزَلت هذه الآية ( ) .

وبهذا الإسناد عن هشيم ، قَالَ: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عكرمة ، قال : نزلت في النفقات في سبيل الله ( ).

(61) أخبرنا /14ب/ أبو بكر المهْرَجَاني ( )، قَالَ: حدثنا عبيد الله ( ) بن بَطَّة( )، قَالَ: أخبرنا أبو القاسم البَغَويّ ( )، قَالَ : حدثنا هُدبة بن خالد ، قَالَ : حدثنا حماد بن سلمة ، عن داود ، عن الشعبي ، عن أبي جبيرة بن الضحاك ( )، قال : كانت الأنصار يتصدقون ويطعمون ما شاء الله ، فأصابتهم سنةٌ فأمسكوا ، فأنزل الله هذه الآية ( ).

(62) أخبرنا أبو منصور البغدادي ( )، قَالَ : حدثنا أبو الحسن السرّاج ( )، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الحضرمي ( )، قَالَ: حدثنا هدبة ، قَالَ: حدثنا حماد بن سلمة ، عن سِمَاك بن حرب، عن النعمان بن بَشِير في قول الله تعالى : وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة : 195] قال : كان الرجل يذنب الذنب ، فيقول : لا يُغفر لي ، فأنزل الله هذه الآية ( ).

(63) أخبرنا أبو القاسم بن عبدان ، قَالَ : حدثنا محمد بن حمدويه ( )، قَالَ : حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أنس القرشي ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، قَالَ : حدثنا حيوة بن شريح ، قَالَ: أخبرني يزيد بن أبي حبيب، قَالَ: أخبرني أسلم أبو عمران ، قال: كنّا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عُقْبَةُ بن عامر الجُهَنيِّ،صاحب رسول الله وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد صاحب رسول الله ، فخرج من المدينة صفٌ عظيمٌ من الروم ، وصففنا لهم صفَّاً عظيماً من المسلمين ، فحمل رجلٌ من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ، ثم خرج إلينا مقبلاً، فصاح الناس فقالوا : سبحان الله ألقى بيده إلى التهلكة ، فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله ، فقال : أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية على غير تأويلها ( ) ، وإنما أُنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار ، إنا لَمَّا أعزّ الله تعالى دينه ( ) وكثّر ناصريه ، قلنا بعضنا لبعض سراً من رسول الله : إن أموالنا قد ضاعت ، فلو أنا أقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل الله تعالى في كتابه يرد علينا ما هممنا به ، فقال : وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة : 195] في الإقامة التي أردنا أن نقيم في الأموال فنصلحها فأمرنا بالغزو . فما زال أبو أيوب ( ) غازياً في سبيل الله حتى قبضه الله ( ).

قوله :  فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ [البقرة : 196].

(64) أخبرنا الأُستاذ أبو طاهر الزيادي( )، قَالَ: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن   المحمد آباذي ( )، قَالَ: حدثنا العباس الدوري ، قَالَ: حدثنا عبيد الله بن موسى ، قَالَ : حدثنا إسرائيل، عن عبد الرحمان الأصفهاني/15أ/، عن عبد الله بن معقل، عن كعب بن عُجْرَةَ ، قال : فيَّ نزلت هذه الآية  فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ [البقرة: 196]،وقع القمل في رأسي فذكرت ذلك للنبي فقال: (( احلق وافده صيام ثلاثة أيام، أو النسك ، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكينٍ نصف ( ) صاع )) ( ).

(65) أخبرنا محمد بن إبراهيم المزكي ، قَالَ : حدثنا أبو عمرو بن مطر إملاءً ، قَالَ : أخبرنا أبو خليفة ، قَالَ : حدثنا مسدد ، عن بشر ، قَالَ : حدثنا ابن عون ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى قال : قال كعب بن عجرة: فيّ أُنزلت هذه الآية ، أتيت رسول الله  ، فقال : ((ادنه )) ، فدنوت ( )مرتين أو ثلاثاً ، فَقَالَ : (( أيؤذيك هَوَامُّك ؟ ))- قَالَ ابن عون : وأحسبه قَالَ : نعم ، - فأمرني بصيامٍ أو صدقةٍ أو نسك ، ما تيسر. رَوَاهُ البُخَارِيّ ( ) عَن أحمد بن يونس، عن أبي شهاب، ورَوَاهُ مُسْلِم( ) عَن أبي موسى ، عَن ابن أبي عدي ؛ كلاهما عَن ابن عون ( ).

(66) أَخْبَرَنَا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المخلدي ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أبو الحسن السراج ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى بن سليمان المروزي ( )، قَالَ: حَدَّثَنَا عاصم بن عَلِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شعبة، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَان الأصفهاني، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْد الله بن معقل قَالَ : قعدت ( ) إِلَى كعب بن عُجْرَة في هَذَا المسجد-مسجد الكوفة-فسألته عَن هَذِهِ الآية : فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ  [البقرة : 196] قَالَ : حُملت إِلَى رَسُول الله ، والقمل يتناثر عَلَى وجهي ، فَقَالَ : (( ما كُنْتُ أرى أنَّ الجهد بلغ منك هَذَا ، أما ( ) تجد شاةً )) ؟ قُلتُ: لا، فنـزلت هذه الآية : فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ قَالَ: (( صم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع مِنْ طعام )) ، فنـزلت فيَّ خاصةً ولكم عامة. رواه البخاري عن آدم بن أبي إياس ( ) ، وأبي الوليد ( )،ورواه مسلم ( ) عن بُنْدار ، عن غُنْدَر ؛ كلهم عَن شعبة ( ).

(67) أَخْبَرَنَا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الصوفي ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَلِيّ الغفاري ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إسحاق بن مُحَمَّد الرسعني ، قَالَ : حَدَّثَنَا جدي ، قَالَ : حَدَّثَنَا المغيرة الصقلابي ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَر بن بشر المكي ، عَن عطاء ، عَن ابن عَبَّاس ، قَالَ : لما نزلنا الحديبية ( ) جاء كعب بن عجرة ينتثر هَوَام رأسه عَلَى جبهته ( ) ، فَقَالَ : يا رَسُول الله ، هَذَا القمل قَدْ أكلني قَالَ : (( احلق وافده )) ، قَالَ : فحلق كعب فنحر بقرة ، فأنزل الله تَعَالَى في ذَلِكَ الموقف : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ … الآية ( ) [البقرة : 196].

قال ابن عباس : قَالَ رَسُول الله : (( الصيام ثلاثة أيام ، والنسك شاةٌ ، والصدقة الفَرْقُ بين ستة مساكين ، لكل مسكين مدان )) ( ).

(68) أخبرنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد / 15ب/ المنصوري ، قَالَ : أخبرنا علي بن عمر الحافظ ( )، قَالَ : حدثنا أبو ( )عبد الله بن المهتدي ، قَالَ : حدثنا طاهر بن عيسى بن إسحاق التميمي ، قَالَ : حدثنا زهير بن عباد ، قَالَ : حدثنا مصعب بن ماهان ، عن سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ( )، عن مجاهد ( )، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، قَالَ : مرّ به رسول الله وهو يوقد تحت قدرٍ له بالحديبية ، فَقَالَ :

(( أيؤذيك هَوَمُ رأسك ))؟ قَالَ : نعم ، قَالَ : (( احلق )) ، وأنزلت ( ) هَذِهِ الآية : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ   [البقرة : 196].

قَالَ : فالصيام : ثلاثة أيام ، والصدقة : فرقٌ بين ستة مساكين ، والنسك :

شاةٌ ( ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. رائع

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. =============== . ...