روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

ب ميك

المدون

 

السبت، 4 يونيو 2022

كتاب مقدمة ابن الصلاح من النوع الحادي والأربعون41. الي النوع الخامس والستون 65. تم بحمد الله

41. 

النوع الحادي والأربعون

معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر

ومن الفائدة فيه: أن لا يتوهم كون المروي عنه أكبر و أفضل من الرواي، نظرا إلى أن الأغلب كون المروي عنه كذلك، فيجهل بذلك منزلتها.

وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أمرنا رسول الله ﷺ أن ننزل الناس منازلهم.

ثم إن ذلك يقع على أضرب: منها: أن يكون الراوي أكبر سنا، وأقدم طبقةً من المروي عنه: كالزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، في روايتهما عن مالك.

وكأبي القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري من المتأخرين، أحد شيوخ الخطيب، روى عن الخطيب في بعض تصانيفه، والخطيب إذ ذاك في عنفوان شبابه وطلبه.

ومنها: أن يكون الراوي أكبر قدرا من المروي عنه، بأن يكون حافظا عالما، والمروي عنه شيخا راويا فحسب: كمالك في روايته عن عبد الله بن دينار. وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه في روايتهما عن عبيد الله بن موسى. في أشباه لذلك كثيرة.

ومنها: أن يكون الراوي أكبر من الوجهين جميعا، وذلك كراوية كثير من العلماء والحفاظ عن أصحابهم وتلامذتهم: كعبد الغني الحافظ في روايته عن محمد بن علي الصوري، وكراوية أبي بكر البرقاني عن أبي بكر الخطيب، وكراوية الخطيب عن أبي نصر بن ماكولا، ونظائر ذلك كثيرة.

ويندرج تحت هذا النوع ما يذكر من رواية الصحابي عن التابعي: كراوية العبادلة وغيرهم من الصحابة عن كعب الأحبار.

وكذلك رواية التابعي عن تابع التابعي، كما قدمناه من رواية الزهري والأنصاري عن مالك، وكعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص لم يكن من التابعين، وروى عنه أكثر من عشرين نفسا من التابعين، جمعهم عبد الغني بن سعيد الحافظ في كتيب له.

وقرأت بخط الحافظ أبي محمد الطبسي في تخريج له قال: عمرو بن شعيب ليس بتابعي، وقد روى عنه نيف وسبعون رجلا من التابعين، والله أعلم.

==========42.=========

النوع الثاني والأربعون: معرفة المدبج وما عداه من رواية الأقران بعضهم عن بعض

وهم المتقاربون في السن والإسناد. وربما اكتفى الحاكم أبو عبد الله فيه بالتقارب في الإسناد، وإن لم يوجد التقارب في السن.

اعلم: أن رواية القرين عن القرين تنقسم:

فمنها المدبج، وهو أن يروي القرينان كل واحد منهما عن الآخر.

مثاله في الصحابة: عائشة وأبو هريرة، روى كل واحد منهما عن الآخر.

وفي التابعين: رواية الزهري عن عمر بن عبد العزيز، ورواية عمر عن الزهري.

وفي أتباع التابعين: رواية مالك عن الأوزاعي، ورواية الأوزاعي عن مالك.

وفي أتباع الأتباع رواية أحمد بن حنبل عن علي بن المديني، ورواية علي عن أحمد.

وذكر الحاكم في هذا رواية أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق، ورواية عبد الرزاق عن أحمد. وليس هذا بمرضي.

ومنها: غير المدبج، وهو أن يروي أحد القرينين عن الآخر ولا يروي الآخر عنه فيما نعلم.

مثاله: روايةسليمان التيمي عن مِسْعَر، وهما قرينان، ولا نعلم لمسعر رواية عن التيمي. ولذلك أمثال كثيرة، والله أعلم.

=====43.===== 

النوع الثالث والأربعون: معرفة الإخوة والأخوات من العلماء والرواة

وذلك إحدى معارف أهل الحديث المفردة بالتصنيف.

صنف فيها علي بن المديني وأبو عبد الرحمن النسوي، وأبو العباس السراج وغيرهم.

فمن أمثاله الأخوين من الصحابة: عبد الله بن مسعود، وعتبة بن مسعود، هما أخوان زيد بن ثابت ويزيد بن ثابت، هما أخوان. عمرو بن العاص، وهشام بن العاص أخوان.

ومن التابعين: عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة وأخوه أرقم بن شرحبيل، كلاهما من أفاضل أصحاب ابن مسعود. هزيل بن شرحبيل وأرقم بن شرحبيل، أخوان آخران من أصحاب ابن مسعود أيضا.

ومن أمثلة ثلاثة الإخوة: سهل، وعبَّاد، وعثمان، بنو حُنَيف إخوة ثلاثة. عمرو بن شعيب، وعمر، وشعيب بنو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص إخوة ثلاثة.

ومن أمثلة الأربعة: سهيل بن أبي صالح السمان الزيات، وإخوته: عبد الله الذي يقال له عَباد، ومحمد، وصالح.

ومن أمثلة الخمسة: ما نرويه عن الحاكم أبي عبد الله، قال: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ غير مرة يقول: آدم بن عيينة، وعمران بن عيينة، ومحمد بن عيينة، وسفيان بن عيينة، وإبراهيم بن عيينة، حدثوا عن آخرهم.

ومثال الستة: أولاد سيرين، ستة تابعيون، وهم: محمد، وأنس، ويحيى، ومعبد، وحفصة، وكريمة ذكرهم هكذا أبو عبد الرحمن النسوي، ونقلته من كتابه بخط الدارقطني فيما أحسب. وروي ذلك أيضا عن يحيى بن معين. وهكذا ذكرهم الحاكم في كتاب المعرفة. لكن ذكر فيما نرويه من تاريخه باسنادنا عنه: أنه سمع أبا علي الحافظ يذكر بني سيرين خمسة إخوة: محمد بن سيرين، وأكبرهم معبد بن سيرين، ويحيى بن سيرين، وخالد بن سيرين، وأنس بن سيرين، وأصغرهم حفصة بنت سيرين.

قلت: وقد روي عن محمد، عن يحيى، عن أنس، عن أنس بن مالك: أن رسول الله ﷺقال: «لبيك حقا حقا تعبد ا ورقا».

وهذه غريبة، عابا بها بعضهم فقال: أي ثلاثة إخوة روى بعضهم عن بعض ؟.

ومثال السبعة: النعمان بن مُقَرّن، وإخوته: مَعْقِل، وعقيل، وسويد، وسنان، وعبد الرحمن، وسابع لم يسم لنا، بنو مقرن المزنيون، سبعة إخوة، هاجروا وصحبوا رسول الله ﷺ ولم يشاركهم - فيما ذكره ابن عبد البر وجماعة - في هذه المكرمة غيرهم. وقد قيل: إنهم شهدوا الخندق كلهم.

وقد يقع في الإخوة ما فيه خلاف في مقدار عددهم. ولم نطول بما زاد على السبعة لندرته، ولعدم الحاجة إليه في غرضنا ههنا، والله أعلم.

===44.==

النوع الرابع والأربعون: معرفة رواية الآباء عن الأبناء

وللخطيب الحافظ في ذلك كتاب:

روينا فيه: عن العباس بن عبد المطلب، عن ابنه الفضل رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ جمع بين الصلاتين بالمزدلفة.

وروينا فيه: عن وائل بن داود، عن ابنه بكر بن وائل -وهما ثقتان - أحاديث:

منها: عن ابن عيينة، عن وائل بن داود، عن ابنه بكر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ «أخروا الأحمال فإن اليد مغلقة، والرجل موثقة».

قال الخطيب: لا يروى عن النبي ﷺ فيما نعلمه - إلا من جهة بكر وأبيه.

وروينا فيه: عن معتمر بن سليمان التيمي قال: حدثني أبي قال: حدثتني أنت عني، عن أيوب، عن الحسن قال: ويح كلمة رحمة. وهذا طريف يجمع أنواعا.

وروينا فيه: عن أبي عمر حفص بن عمر الدوري المقري، عن ابنه أبي جعفر محمد بن حفص: ستة عشر حديثا، أو نحو ذلك. وذلك أكثر ما رويناه لأب عن ابنه.

وآخر ما رويناه من هذا النوع وأقربه عهدا: ما حدثنيه أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد المروزي - رحمها الله - بها من لفظه قال: أنبأني والدي عني - فيما قرأت بخطه - قال: حدثني ولدي أبو المظفر عبد الرحيم من لفظه وأصله، فذكر بإسناده عن أبي أمامة: أن رسول الله ﷺ قال: «أحضروا موائدكم البقل، فإنه مطردة للشيطان مع التسمية».

وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق، عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «في الحبة السوداء شفاء من كل داء». فهو غلط ممن رواه. إنما هو عن أبي بكر بن أبي عتيق، عن عائشة، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.

وهؤلاء هم الذين قال فيهم موسى بن عقبة: لا نعرف أربعة أدركوا النبي ﷺ هم وأبناؤهم إلا هؤلاء الأربعة، فذكر: أبا بكر الصديق، وأباه، وابنه عبد الرحمن، وابنه محمد أبا عتيق، والله أعلم.

=======45.======

45.

النوع الخامس والأربعون: معرفة رواية الأبناء عن الآباء

ولأبي نصر الوايلي الحافظ في ذلك كتاب.

وأهمه ما لم يسم فيه الأب أو الجد، وهو نوعان:

أحدهما: رواية الابن عن الأب عن الجد.

نحو: عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وله بهذا الإسناد نسخة كبيرة، أكثرها فقهيات جياد. وشعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد احتج أكثر أهل الحديث بحديثه، حملا لمطلق الجد فيه على الصحابي عبد الله بن عمرو دون ابنه محمد والد شعيب، لما ظهر لهم من إطلاقه ذلك.

ونحو: بَهْز بن حكيم، عن أبيه، عن جده. روي بهذا الإسناد نسخة كبيرة حسنة، وجده هو معاوية بن حيدة القشيري.

وطلحة بن مُصَرِّ ف، عن أبيه، عن جده. وجده عمرو بن كعب اليامي، ويقال: كعب بن عمرو.

ومن أظرف ذلك: رواية أبي الفرج عبد الوهاب التميمي الفقيه الحنبلي، وكانت له ببغداد في - جامع المنصور - حلقة للوعظ والفتوى، عن أبيه، في تسعة من آبائه نسقا. أخبرني بذلك الشيخ أبو الحسن مؤيد بن محمد بن علي النيسابوري بقراءتي عليه بها، قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني في كتابه إلينا، قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي: حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أُكَينة بن عبد الله التميمي من لفظه قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب، وقد سئل عن الحنان المنان ؟ فقال: الحنان الذي يقبل على من أعرض عنه، والمنان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال.

آخرهم أُكينة - بالنون - وهو السامع عليا رضي الله عنه.

حدثني أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد السمعاني بمرو الشاهان، عن أبي النضر عبد الرحمن بن عبد الجبار الفاشي قال: سمعت السيد أبا القاسم منصور بن محمد العلوي يقول: الإسناد بعضه عوال وبعضه مَعال، وقول الرجل حدثني أبي عن جدي من المعالي.

الثاني: رواية الابن عن أبيه دون الجد وذلك باب واسع.

وهو نحو: رواية أبي العُشراء الدارمي، عن أبيه، عن رسول الله ﷺ وحديثه معروف.

وقد اختلفوا فيه: فالأشهر أن أبا العشراء هو أسامة بن مالك بن قِهْطِم، وهو فيما نقتله من خط البيهقي وغيره: بكسر القاف، وقيل: قحطم بالحاء، وقيل: هو عطارد بن برز، بتسكين الراء، وقيل: بتحريكها أيضا وقيل: بن بَلْز، باللام. وفي اسمه واسم أبيه من الخلاف غير ذلك، والله أعلم.

 ======46.======= 

النوع السادس والأربعون: معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر، تباين وقت وفاتيهما تباينا شديدا فحصل بينهما أمد بعيد، وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري الأول وذوي طبقته

ومن فوائد ذلك تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب.

وقد أفرده الخطيب الحافظ في كتاب حسن سماه كتاب السابق واللاحق.

ومن أمثلته: أن محمد بن إسحاق الثقفي السراج النيسابوري: روى عنه البخاري والإمام في تاريخه، وروى عنه أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري، وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر، وذلك: أنالبخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين ومات الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وقيل: مات في سنة أربع أو خمس و تسعين وثلاثمائة.

وكذلك مالك بن أنس الإمام: حدث عنه الزهري وزكريا بن دُوَيد الكندي، وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر.إذ مات مالك بن أنس سنة تسع وتسعين ومائة، ومات الزهري سنة أربع وعشرين ومائة. ولقد حظي مالك بكثير من هذا النوع، والله أعلم.

============

47.

النوع السابع والأربعون: معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، رضي الله عنهم

ولمسلم فيه كتاب لم أره.

ومثاله من الصحابة وهب بن خَنبًش - وهو في كتابي الحاكم وأبي نعيم الأصبهاني في معرفة علوم الحديث هَرِم بن خنبش، وهو رواية داود الأودي عن الشعبي، وذلك خطأ - صحابي لم يرو عنه غير الشعبي.

وكذلك عامر بن شهر، وعروة بن مضرس، ومحمد بن صفوان الأنصاري، ومحمد بن صيفي الأنصاري - وليسا بواحد، وإن قاله بعضهم - صحابيون، لم يرو عنهم غير الشعبي.

وانفرد قيس بن أبي حازم بالرواية عن أبيه، وعن دكين بن سعيد المزني، والصُّنابح بن الأعسر، ومرداس بن مالك الأسلمي، وكلهم صحابة.

وقدامة بن عبد الله الكلابي منهم، لم يروِ عنه غير أيمن بن نابل.

وفي الصحابة جماعة لم يرو عنهم غير أبنائهم.

منهم: شكل بن حميد، لم يرو عنه غير ابنه شُتَير.

ومنهم: المسيب بن حَزْن القرشي، لم يرو عنه غير ابنه سعيد بن المسيب.

ومعاوية بن حيدة، لم يرو عنه غير ابنه حكيم والد بهز.

وقرة بن أياس، لم يرو عنه غير ابنه معاوية.

وأبو ليلى الأنصاري، لم يرو عنه غير ابنه عبد الرحمن بن أبي ليلى.

ثم إن الحاكم أبا عبد الله حكم في المدخل إلى كتاب الإكليل بأن أحدا من هذا القبيل لم يخرج عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

وأنكر ذلك عليه، ونقض عليه:

بإخراج البخاري في صحيحه: حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي: «يذهب الصالحون الأول فالأول..» ولا راوي له غير قيس.

وبإخراجه - بل بإخراجهما - حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب، مع أنه لا راوي له غير ابنه.

وبإخراجه حديث الحسن البصري، عن عمرو بن تغلب: «إني لأعطي الرجل، والذي أدَع أحب إليَّ»ولم يرو عن عمرو غير الحسن.

وكذلك أخرج مسلم في صحيحه حديث رافع بن عمرو الغفاري، ولم يرو عنه غير عبد الله بن الصامت.

وحديث أبي رفاعة العدوي، ولم يرو عنه غير حميد بن هلال العدوي.

وحديث الأغر المزني: «إنه ليُغان على قلبي...» ولم يرو عنه غير أبي بردة.

في أشياء كثيرة عندهما في كتابيهما على هذا النحو، وذلك دال على مصيرهما إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه.

وقد قدمت هذا في النوع الثالث والعشرين، ثم بلغني عن أبي عمر بن عبد البر الأندلسي وجادة قال: كل من لم يرو عنه إلا رجل واحد فهو عندهم مجهول، إلا أن يكون رجلا مشهورا في غير حمل العلم، كاشتهار مالك بن دينار بالزهد، وعمرو بن معدي كرب بالنجدة.

واعلم: أنه قد يوجد في بعض من ذكرنا تفرد راو واحد عنه خلاف في تفرده، ومن ذلك: قدامة بن عبد الله، ذكر ابن عبد البر أنه روى عنه أيضا حميد بن كلاب، والله أعلم.

ومثال هذا النوع في التابعين: أبو العُشَراء الدارمي، لم يرو عنه فيما يعلم غير حماد بن سلمة.

ومثل الحاكم لهذا النوع في التابعين بمحمد بن أبي سفيان الثقفي، وذكر أنه لم يرو عنه غير الزهري فيما يعلم، قال: وكذلك تفرد الزهري عن نيف وعشرين رجلا من التابعين، لم يرو عنهم غيره. وكذلك عمرو بن دينار، تفرد عن جماعة من التابعين، وكذلك يحيى بن سعيد الأنصاري، وأبو إسحاق السبيعي وهشام بن عروة وغيرهم. وسمى الحاكم منهم في بعض المواضع.

فيمن تفرد عنهم: عمرو بن دينار: عبد الرحمن بن معبد، وعبد الرحمن بن فروخ، وفيمن تفرد عنهم الزهري: عمرو بن أبان بن عثمان، وسنان بن أبي سنان الدؤلي. وفيمن تفرد عنهم يحيى عبد الله بن أنيس الأنصاري.

ومثل في أتباع التابعين بالمِسوَر بن رفاعة القرظي، وذكر أنه لم يرو عنه غير مالك. وكذلك تفرد مالك عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة.

قلت: وأخشى أن يكون الحاكم في تنزيله بعض من ذكره بالمنزلة التي جعله فيها معتمدا على الحسبان والتوهم، والله أعلم.

================

48.

النوع الثامن والأربعون: معرفة من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة فظن من لا خبرة له بها أن تلك الأسماء أو النعوت لجماعة متفرقين

هذا فن عويص، والحاجة إليه حاقة، وفيه إظهار تدليس المدلسين، فإن أكثر ذلك إنما نشأ من تدليسهم.

وقد صنف عبد الغني بن سعيد الحافظ المصري وغيره في ذلك.

مثاله: محمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير، هو أبو النضر، الذي روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار حديث تميم الداري.

وعدي بن بَدَّاء، وهوحماد بن السائب، الذي روى عنه أبو أسامة حديث: «ذكاة كل مَسك دباغه». وهو أبو سعيد الذي يروي عنه عطية العوفي التفسير يدلس به موهما أنه أبو سعيد الخدري.

ومثاله أيضا: سالم، الراوي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وعائشة، رضي الله عنهم، هو سالم أبو عبد الله المديني، وهو سالم مولى مالك بن أوس بن الحدثان النصري، وهو سالم مولى شداد بن الهاد النصري، وهو في بعض الروايات مسمى بسالم مولى النصريين، وفي بعضها بسالم مولى المهدي، وهو في بعضها سالم سبلان، وفي بعضها: أبو عبد الله مولى شداد بن الهاد، وفي بعضها: سالم أبو عبد الله الدوسي، وفي بعضها: سالم مولى دوس. ذكر ذلك كله عبد الغني بن سعيد.

قلت: والخطيب الحافظ يروي في كتبه، عن أبي القاسم الأزهري، وعن عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي، وعن عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي، والجميع شخص واحد من مشايخه. وكذلك يروي عن الحسن بن محمد الخلال، وعن الحسن بن أبي طالب، وعن أبي محمد الخلال، والجميع عبارة عن واحد. ويروى أيضا عن أبي القاسم التنوخي، وعن علي بن المحسن، وعن القاضي أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي، وعن علي بن أبي علي المعدل، والجميع شخص واحد. وله من ذلك الكثير، و الله أعلم.

النوع التاسع و الأربعون: معرفة المفردات الآحاد من أسماء الصحابة

=================

49.

النوع التاسع و الأربعون: معرفة المفردات الآحاد من أسماء الصحابة ورواة الحديث والعلماء وألقابهم وكناهم

هذا نوع مليح عزيز، يوجد في كتب الحفاظ المصنفة في الرجال مجموعا، مفرقا في أواخر أبوابها.

وأفرد أيضا بالتصنيف، وكتاب أحمد بن هارون البَرديجي البرذعي، المترجم بالأسماء المفردة، من أشهر كتاب في ذلك. ولحقه في كثير منه اعتراض واستدراك من غير واحد من الحفاظ، منهم أبو عبد الله بن بكير.

فمن ذلك ما وقع في كونه ذكر أسماء كثيرة على أنها آحاد، وهي مثان ومثالث. وأكثر من ذلك - وعلى ما فهمناه من شرطه - لا يلزمه ما يوجد من ذلك في غير أسماء الصحابة والعلماء ورواة الحديث.

ومن ذلك أفراد ذكرها، اعترض عليه فيها بأنها ألقاب لا أسامي، منها: الأجلح الكندي، إنما هو لقب لجلحةٍ كانت به، واسمه يحيى، ويحيى كثير.

ومنها صُغْديّ بن سنان، اسمه عمر، وصغدي لقب، ومع ذلك فلهم صغدي غيره.

وليس يرد هذا على ما ترجمت به هذا النوع، والحق أن هذا فن يصعب الحكم فيه، والحاكم فيه على خطر من الخطأ والانتقاض، فإنه حصر في باب واسع شديد الانتشار.

فمن أمثلة ذلك المستفادة: أحمد بن عُجْيان الهمداني - بالجيم - صحابي، ذكره أبو يونس: وعجيان كنا نعرفه بالتشديد، على وزن عُلَيّان. ثم وجدته بخط ابن الفرات - وهو حجة - عُجْيان بالتخفيف على وزن سفيان.

أوسط بن عمرو الَبجَلي تابعي.

تدوم بن صُيَبْح الكُلاعي»، عن تُبيع بن عامر الكلاعي، ويقال فيه: يدوم، بالياء، وصوابه بالتاء المثناة من فوق.

جُبيب بن الحارث، صحابي، بالجيم، وبالباء الموحدة المكررة.

جيلان بن فروة، بالجيم المكسوة، أبو الجَلْد الأخباري، تابعي.

الدُجَين بن ثابت، بالجيم مصغرا.

أبو الغصن، قيل: إنه جحا المعروف، والأصح أنه غيره.

زر بن حبيش، التابعي الكبير.

سُعير بن الخِمْس، انفرد في اسمه واسم أبيه.

سنْدَر الخصي، مولى زنباع الجُذامي، له صحبة.

شكَل بن حميد الصحابي، بفتحتين.

شمعون بن زيد، أبو ريحانة، بالشين المنقوطة والعين المهملة، ويقال: بالغين المعجمة. قال أبو سعيد بن يونس: وهو عندي أصح، أحد الصحابة الفضلاء.

صُدَي بن عجلان، أبو أمامة، الصحابي. صُنابح بن الأعسر، الصحابي، ومن قال فيه: صنابحي فقد أخطأ.

ضُريب بن نُقير بن سُمير، بالتصغير فيها كلها، أبو السَّليل القيسي البصري. روى عن معاذة العدوية وغيرها. ونقير أبوه بالنون والقاف، وقيل: بالفاء وقيل بالفاء واللام نفيل.

عزوان بن زيد الرَقاشي، بعين غير معجمة، عبد صالح تابعي.

قرثع الضبي بالثاء المثلثة. كلَدة بن حنبل، بفتح اللام صحابي.

لبُي بن لَبا الأسدي الصحابي، باللام فيهما، والأول مشدد مصغر على وزن أُبي، والثاني مخفف مكبر على وزن عصا، فاعلمه فإنه يغلط فيه.

مُستَمِر بن الريان، رأى أنسا.

نُبَيشة الخير، صحابي.

نَوف الِبِكالي، من بكال، بطن من حمير، بكسر الباء وتخفيف الكاف، وغلب على ألسنة أهل الحديث فيه فتح الباء وتشديد الكاف.

وابصة بن معبد الصحابي.

هُبَيب بن مُغْفِل، مصغر بالباء الموحدة المكررة، صحابي، ومغفل بالغين المنقوطة الساكنة.

همذان، بريد عمر بن الخطاب، ضبطه ابن بكير وغيره: بالذال المعجمة، وضبطه بعض من ألف على كتاب البرديجي: بالدال المهملة وإسكان الميم.

وأما الكُنى المفردة، فمنها: أبو العُبَيدين، مصغر مثنى، واسمه معاوية بن سبرة، من أصحاب ابن مسعود، له حديثان أو ثلاثة.

أبو العشراء الدارمي، وقد سبق.

أبو المُدِلّة، بكسر الدال المهملة وتشديد اللام، ولم يوقف على اسمه. روى عنه الأعمش وابن عيينة وجماعة، ولا نعلم أحدا تابع أبا نعيم الحافظ في قوله: إن اسمه عبيد الله بن عبد الله المدني.

أبو مُراية العجلي، عرفناه بضم الميم وبعد الألف ياء مثناة من تحت، واسمه عبد الله بن عمرو، تابعي، روى عنه قتادة.

أبو مُعَيد، مصغر مخفف الياء.

حفص بن غيلان الهمداني، روى عن مكحول وغيره.

وأما الأفراد من الألقاب، فمثالها: سفينة مولى رسول الله ﷺ من الصحابة، لقب فرد، واسمه مهران، على خلاف فيه.

مندل بن علي، وهو بكسر الميم. روى عن الخطيب، وغيره، ويقولونه كثيرا بفتحها، وهو لقب، واسمه عمرو.

سحنون بن سعيد التنوخي القيرواني، صاحب المدونة على مذهب مالك، لقب فرد، واسمه عبد السلام.

ومن ذلك مُطَيَّن الحضرمي، وُمْشكدانة الجعفي، في جماعة آخرين، سنذكرهم في نوع الألقاب، إن شاء الله تعالى، وهو أعلم.

========================

50.

النوع الموفي خمسين: معرفة الأسماء والكنى

كتب الأسماء والكنى كثيرة، منها: كتاب علي بن المديني، وكتاب مسلم، وكتاب النسائي، وكتاب الحاكم الكبير، أبي أحمد الحافظ. ولابن عبد البر في أنواع منه كتب لطيفة رائقة.

والمراد بهذه الترجمة بيان أسماء ذوي الكنى. والمصنف في ذلك يبوب كتابه على الكنى مبينا أسماء أصحابها.

وهذا فن مطلوب، لم يزل أهل العلم بالحديث يعنون به ويتحفظونه ويتطارحونه فيما بيهم ويتنقصون من جهلة. وقد ابتكرت فيه تقسيما حسنا، فأقول:

أصحاب الكنى فيها على ضروب:

أحدها: الذين سموا بالكنى، فأسماؤهم كناهم، لا أسماء لهم غيرها وينقسم هؤلاء إلى قسمين:

أحدهما: من له كنية أخرى سوى الكنية التي هي اسمه، فصار كأن للكنية كنية، وذلك طريف عجيب.

وهذا: كأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، أحد فقهاء المدينة السبعة. وكان يقال له راهب قريش اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن. وكذلك: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، يقال: إن اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد.

ولا نظير لهذين في ذلك، قاله الخطيب.

وقد قيل: إنه لا كنية لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه.

الثاني من هؤلاء: من لا كنية له غير الكنية التي هي اسمه.

مثاله: أبو بلال الأشعري، الراوي عن شريك وغيره، روي عنه أنه قال: ليس لي اسم، اسمي وكنيتي واحد.

وهكذا أبو حصين بن يحيى بن سليمان الرازي، بفتح الحاء. روى عنه جماعة منهم أبو حاتم الرازي، وسأله: هل لك اسم ؟ فقال: لا، اسمي وكنيتي واحد.

الضرب الثاني: الذين عرفوا بكناهم، ولم يوقف على أسمائهم ولا على حالهم فيها، هل هي كناهم أو غيرها.

مثاله من الصحابة: أبو أناس - بالنون - الكناني، ويقال: الدُئلي من رهط أبي الأسود الدُئلي، ويقال فيه: الدؤلي، بالضم والهمزة، مفتوحة في النسب عند بعض أهل العربية، ومكسورة عند بعضهم على الشذوذ فيه.

وأبو مويهبة، مولى رسول الله - ﷺ.

وأبو شيبة الخدري، الذي مات في حصار القسطنطينية ودفن هناك مكانه.

ومن غير الصحابة: أبو الأبيض، الراوي عن أنس بن مالك، أبو بكر بن نافع، مولى ابن عمر، روى عنه مالك وغيره.

أبو النَّجيب، مولى عبد الله بن عمرو بن العاص، بالنون المفتوحة في أوله، وقيل: بالتاء المضمومة، اثنتين من فوق.

أبو الحرب بن أبي الأسود الدئلي.

أبو حَرِيز الموقفي، والموقف محلة بمصر. روى عنه ابن وهب وغيره، والله أعلم.

الضرب الثالث: الذين لقبوا بالكنى، ولهم غير ذلك كنى وأسماء.

مثاله: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يلقب بأبي تراب، ويكنى أبا الحسن.

أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، كنيته أبو عبد الرحمن، وأبو الزناد لقب. وذكر الحافظ أبو الفضل الفلكي فيما بلغنا عنه: أنه كان يغضب من أبي الزناد، وكان عالما مفتنا.

أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، كنيته أبو عبد الرحمن، وأبو الرجال لَقَب لُقِّب به لأنه كان له عشرة أولاد كلهم رجال.

أبو تُميلة - بتاء مضمومة مثناة من فوق - يحيى بن واضح الأنصاري المروزي، يكنى أبا محمد، وأبو تميلة لقب. وثَّقه يحيى بن معين وغيره، وأنكر أبو حاتم الرازي على البخاري إدخاله إياه في كتاب الضعفاء.

أبو الآذان الحافظ عمر بن إبراهيم، يكنى أبا بكر، وأبو الآذان لقب لقب به، لأنه كان كبير الأذنين.

أبو الشيخ الأصبهاني عبد الله بن محمد الحافظ، كنيته أبو محمد، وأبو الشيخ لقب.

أبو حازم العبدُوي الحافظ، عمر بن أحمد كنيته أبو حفص، وأبو حازم لقب، وإنما استفدناه من كتاب الفلكي في الألقاب، والله أعلم.

الضرب الرابع: من له كنيتان أو أكثر.

مثال ذلك عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، كانت له كنيتان: أبو خالد، وأبو الوليد.

عبد الله بن عمر بن حفص العمري، أخو عبيد الله، روي أنه كان يكنى أبا القاسم، فتركها واكتنى أبا عبد الرحمن.

وكان لشيخنا منصور بن أبي المعالي النيسابوري، حفيد الفراوي، ثلاث كنى: أبو بكر، وأبو الفتح، وأبو القاسم، والله أعلم.

الضرب الخامس: من اختلف في كنيته، فذكر له على الاختلاف كنيتان أو أكثر، واسمه معروف. ولعبد الله بن عطاء الإبراهيمي الهروي - من المتأخرين - فيه مختصر.

مثاله: أسامة بن زيد، حِبُّ رسول الله ﷺ قيل: كنيته أبو زيد. وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو خارجة.

أُبيّ بن كعب، أبو المنذر، وقيل: أبو الطفيل.

قبيصة بن ذويب أبو إسحاق، وقيل: أبو سعيد.

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق،أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو محمد.

سليمان بن بلال المدني، أبو بلال، وقيل: أبو محمد.

وفي بعض من ذكر في هذا القسم من هو في نفس الأمر ملتحق بالضرب الذي قبله، والله أعلم.

الضرب السادس: من عُرفت كنيته واختلف في اسمه.

مثاله من الصحابة أبو بَصرة الغفاري، على لفظ البصرة البلدة، قيل: اسمه جميل بن بصرة، بالجيم، وقيل حُميل، بالحاء المهملة المضمومة، وهو الأصح.

أبو جُحَيفة السُّوائي، قيل: اسمه وهب بن عبد الله، وقيل: وهب الله بن عبد الله.

أبو هريرة الدوسي، اختلف في اسمه واسم أبيه اختلاف كثير جدا، لم يختلف مثله في اسم أحد في الجاهلية والإسلام. وذكر ابن عبد البر: أن فيه نحو عشرين قولة في اسمه واسم أبيه، وأنه لكثرة الاضطراب لم يصح عنده في اسمه شيء يعتمد عليه، إلا أن عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي يسكن إليه القلب في اسمه في الإسلام. وُذكر عن محمد بن إسحاق: أن اسمه عبد الرحمن بن صخر. قال: وعلى هذا اعتمدت طائفة ألفت في الأسماء والكنى.

قال وقال أبو أحمد الحاكم: أصح شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر.

ومن غير الصحابة: أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، أكثرهم على أن اسمه عامر، وعن ابن معين: أن اسمه الحارث.

أبو بكر بن عياش، راوي قراءة عاصم، اختلف في اسمه على أحد عشر قولا، قال ابن عبد البر: إن صح له اسم فهو شعبة لا غير، وهو الذي صححه أبو زرعة. قال ابن عبد البر: وقيل: اسمه كنيته، وهذا أصح إن شاء الله لأنه روي عنه أنه قال: ما لي اسم غير أبي بكر، والله أعلم.

السابع: من اختلف في كنيته واسمه معا، وذلك قليل.

مثاله: سفينة مولى رسول الله ﷺ قيل: اسمه عمير، وقيل: صالح، وقيل: مهران، وكنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: أبوالبَختري، والله أعلم.

الثامن: من لم يختلف في كنيته واسمه، وعرفا جميعا واشتهرا.

ومن أمثلته: أئمة المذاهب ذوو أبي عبد الله، مالك، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت، في خلق كثير.

التاسع: من اشتهر بكنيته دون اسمه، واسمه مع ذلك غير مجهول عند أهل العلم بالحديث. ولابن عبد البر تصنيف مليح فيمن بعد الصحابة منهم.

مثاله: أبو إدريس الخولاني، اسمه عايذ الله بن عبد الله. أبو إسحاق السبيعي، اسمه عمرو بن عبد الله.

أبو الأشعث الصنعاني، من صنعاء دمشق، اسمه شراحيل بن آده، بهمزة ممدودة بعدها دال مهملة مفتوحة مخففة، ومنهم من شددَّ الدال ولم يمد.

أبو الضحى مسلم بن صبيح، بضم الصاد المهملة.

أبو حازم الأعرج الزاهد، الراوي عن سهل بن سعد وغيره، اسمه سلمة بن دينار ومن لايحصى، والله أعلم.

=================

51.

النوع الحادي والخمسون: معرفة كني المعروفين بالأسماء دون الكنى

وهذا من وجه ضد النوع الذي قبله.

ومن شأنه أن يبوَّب على الأسماء، ثم كناها، بخلاف ذاك. ومن وجه آخر: يصلح لأن يجعل قسما من أقسام ذاك، من حيث كونه قسما من أقسام أصحاب الكنى.

وقل من أفرده بالتصنيف، وبلغنا أن لأبي حاتم بن حبان البستي فيه كتابا،

ولنجمع في التمثيل جماعات في كنية واحدة تقريبا على الضابط.

فممن يكنى بأبي محمد من هذا القبيل من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين: طلحة بن عبيد الله التيمي، عبد الرحمن بن عوف الزهري، الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ، ثابت بن قيس بن الشماس، عبد الله بن زيد صاحب الأذان، الأنصاريان، كعب بن عُجْرَة، الأشعث بن قيس، معقل بن سنان الأشجعي، عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عبد الله بن بجيفة، عبد الله بن عمرو بن العاص، عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، جبير بن مطعم، الفضل بن العباس بن عبد المطلب، حويطب بن عبد العزى، محمود بن الربيع، عبد الله بن ثعلبة بن صُغير.

وممن يكنى منهم بأبي عبد الله: الزبير بن العوام، الحسين بن علي بن أبي طالب، سلمان الفارسي، عامر بن ربيعة العدوي، حذيفة بن اليمان، كعب بن مالك، رافع بن خديج، عمارة بن حزم، النعمان بن بشير، جابر بن عبد الله، عثمان بن حنيف، حارثة بن النعمان. وهؤلاء السبعة أنصاريون، ثوبان مولى رسول الله ﷺ المغيرة بن شعبة، شُرَحْبيل بن حسنة، عمرو بن العاص، محمد بن عبد الله بن جحش، معقل بن يسار، وعمرو بن عامر المزنيان.

وممن يكنى منهم بأبي عبد الرحمن: عبد الله ابن مسعود، معاذ بن جبل، زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب، عبد الله بن عمر بن الخطاب، محمد بن مسلمة الأنصاري، عُويم بن ساعدة، على وزن نعيم. زيد بن خالد الجهني، بلال بن الحارث المزني، معاوية بن أبي سفيان، الحارث بن هشام المخزومي، المِسْور بن مَخرمَة.

وفي بعض من ذكرناه من قبل في كنيته غير ما ذكرناه، والله أعلم.

========

52.

النوع الثاني والخمسون: معرفة ألقاب المحدثين ومن يذكر معهم

وفيها كثرة، ومن لا يعرفها يوشك أن يظنها أسامي، وأن يجعل من ذكر باسمه في موضع وبلقبه في موضع شخصين، كما اتفق لكثير ممّن ألفَّ.

وممن صنفها أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ، ثم أبو الفضل بن الفلكي الحافظ.

وهي تنقسم إلى: ما يجوز التعريف به، وهو ما لا يكرهه الملقب. وإلى: ما لا يجوز، وهو ما يكرهه الملقب. وهذا أنموذج منها مختار:

روينا عن عبد الغني بن سعيد الحافظ أنه قال: رجلان جليلان، لزمهما لقبان قبيحان: معاوية بن عبد الكريم الضال، وإنما ضلَّ في طريق مكة. وعبد الله بن محمد الضعيف، وإنما كان ضعيفا في جسمه لا في حديثه.

قلت: وثالث، وهو عارم أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي، وكان عبدا صالحا بعيدا من الغرامة.

والضعيف هو الطَرسوسي أبو محمد، سمع أبا معاوية الضرير وغيره، كتب عنه أبو حاتم الرازي. وزعم أبو حاتم بن حبان: أنه قيل له الضعيف لإتقانه وضبطه.

غُنْدَر لقب محمد بن جعفر البصري أبي بكر، وسببه: ما روينا أن ابن جريج قدم البصرة، فحدثهم بحديث عن الحسن البصري، فأنكروه عليه وشغبوا، وأكثر محمد بن جعفر من الشغب عليه، فقال له: اسكت يا غُنْدر. وأهل الحجاز يسمون المشغِّب غندرا.

ثم كان بعده غنادرة، كل منهم يلقب بغندر:

منهم: محمد بن جعفر الرازي أبو الحسين غندر، روى عن أبي حاتم الرازي وغيره.

ومنهم: محمد بن جعفر أبو بكر البغدادي غندر، الحافظ الجوال، حدث عنه أبو نعيم الحافظ وغيره.

ومنهم: محمد بن جعفر بن دُرّان البغدادي أبو الطيب، روى عن أبي خليفة الجمحي وغيره.

وآخرون لقبوا بذلك، ممن ليس بمحمد بن جعفر.

غُنْجَار، لقب عيسى بن موسى التيمي أبي أحمد البخاري، متقدم، حدث عن مالك والثوري وغيرهما، لقب بغنجار لحمرة وجنتيه.

وغُنْجَار آخر متأخر، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد البخاري الحافظ، صاحب تاريخ بخارى، مات سنة ثنتي عشرة وأربعمائة، والله أعلم.

صاعقة، هو أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم الحافظ، روى عنه البخاري وغيره. قال أبو علي الحافظ إنما لقب صاعقة لحفظه وشدة مذاكرته ومطالباته.

شباب، لقب خليفة بن خياط العصفري، صاحب التاريخ، سمع غندرا وغيره.

زُنَيج بالنون والجيم، لقب أبي غسان محمد بن عمرو الأصبهاني الرازي، روى عنه مسلم وغيره.

رُسْتَهْ، لقب عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني.

سُنَيد، لقب الحسين بن داود المِصيصي، صحاب التفسير، روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم الحافظان وغيرهما.

بندار، لقب محمد بن بشار البصري، روى عنه البخاري ومسلم والناس. قال ابن الفلكي: إنما لقب بهذا لأنه كان بندار الحديث.

قيصر، لقب أبي النضر هاشم بن القاسم المعروف، روى عنه أحمد بن حنبل وغيره.

الأخفش: لقب جماعة منهم أحمد بن عمران البصري النحوي، متقدم، روى عن زيد بن الحُباب وغيره، وله غريب الموطأ.

وفي النحويين أخافش ثلاثة مشهورون: أكبرهم: أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد، وهو الذي ذكره سيبويه في كتابه. والثاني: سعيد بن مسْعَدة أبو الحسن، الذي يروى عنه كتاب سيبويه، وهو صاحبه. والثالث: أبو الحسن علي بن سليمان، صاحب أبوي العباس النحويين: أحمد بن يحيى الملقب بثعلب، ومحمد بن يزيد الملقب بالُمبرِّد.

مربَّع، بفتح الباء المشددة، هو محمد بن إبراهيم الحافظ البغدادي.

جَزرة، لقب صالح بن محمد البغدادي الحافظ لقب بذلك من أجل أنه سمع من بعض الشيوخ ما روي عن عبد الله بن بُسر: أنه كان يرقي بخَرزة. فصحفها وقال: جزرة، بالجيم، فذهبت عليه، وكان ظريفا له نوادر تحكى.

عبيد العِجلُ، لقب أبي عبد الله الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي الحافظ.

كيلَجة، هو محمد بن صالح البغدادي الحافظ.

ما غمه، بلفظ النفي لفعل الغم، هو لقب علان بن عبد الصمد، وهو علي بن الحسين بن عبد الصمد الحافظ، ويجمع فيه بين اللقبين، فيقال علان ما غمه.

وهؤلاء البغداديون الخمسة، روينا أن يحيى بن معين هو لقبهم، وهم من كبار أصحابه وحفاظ الحديث.

سَجَّادة المشهور، هو الحسن بن حماد، سمع وكيعا وغيره.

مُشكَدانه، ومعناه بالفارسية حبة المسك، أو وعاء المسك، لقب عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان.

مطيَّن، بفتح الياء، لقب أبي جعفر الحضرمي، خاطبهما بذلك أبو نعيم الفضل بن دكين فلقبها بهما.

عبدان، لقب لجماعة، أكبرهم عبد الله بن عثمان المروزي، صاحب بن المبارك وراويته. روينا عن محمد بن طاهر المقدسي: أنه إنما قيل له عبدان، لأن كنيته أبو عبد الرحمن، واسمه عبد الله، فاجتمع في كنيته واسمه العبدان. وهذا لا يصح، بل ذلك من تغيير العامة للأسامي وكسرهم لها في زمان صِغَر المسمى أو نحو ذلك، كما قالوا في عليّ علان، وفي أحمد بن يوسف السلمي وغيره حمدان، وفي وهب بن بقية الواسطي وهبان، والله أعلم.

=================

53.

النوع الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف من الأسماء والأنساب وما يلتحق بها

وهو ما يأتلف - أي تتفق - في الخط صورته، وتختلف في اللفظ صيغته. هذا فن جليل، من لم يعرفه من المحدثين كثرعِثاره، ولم يعدم مخجلا، وهو منتشر لا ضابط في أكثره يفزع إليه، وإنما يضبط بالحفظ تفصيلا.

وقد صنفت فيه كتب كثيرة مفيدة، ومن أكملها الإكمال لأبي نصر بن ماكولا، على إعواز فيه. وهذه أشياء مما دخل منه تحت الضبط مما يكثر ذكره. والضبط فيها على قسمين على العموم وعلى الخصوص.

فمن القسم الأول سلاَّم وسلاَم، جميع ما يرد عليك من ذلك فهو بتشديد اللام إلا خمسة، وهم:

سلام والد عبد الله بن سلام الإسرائيلي الصحابي.

وسلام والد محمد بن سلام البيكَنْدي البخاري، شيخ البخاري، لم يذكر فيه الخطيب وابن ماكولا غير التخفيف. وقال صاحب المطالع: منهم من خفف ومنهم من ثقل، وهو الأكثر.

قلت: التخفيف أثبت، وهو الذي ذكره غُنجار في تاريخ بخارى، وهو أعلم بأهل بلاده.

وسلام بن محمد بن ناهض المقدسي، روى عنه أبو طالب الحافظ والطبراني. وسماه الطبراني سلامة.

وسلام جد محمد بن عبد الوهاب بن سلام، المتكلم الجُبائي أبي علي المعتزلي. وقال المبرد في كامله: ليس في العرب سلام - مخفف اللام - إلا والد عبد الله بن سلام، وسلام بن أبي الحُقَيق. قال: وزاد آخرون سلام بن مِشكَم، خَمّارا كان في الجاهلية، والمعروف فيه التشديد، والله أعلم.

عُمارة و عِمارة، ليس لنا عمارة - بكسر العين - إلا أُبيّ بن عِمارة من الصحابة، ومنهم من ضمه، ومن عداه عمارة، بالضم، والله أعلم.

كَرِيز وكُرَيز، حكى أبو علي الغساني في كتابه تقييد المهمل عن محمد بن وضاح أن كريزا - بفتح الكاف - في خزاعة، وكريزا - بضمها - في عبد شمس بن عبد مناف.

قلت: وكريز - بضمها - موجود أيضا في غيرهما. ولا نستدرك في المفتوح بأيوب بن كريز الراوي عن عبد الرحمن بن غنْم لكون عبد الغني ذكره بالفتح، لأنه بالضم كذلك، ذكره الدارقطني وغيره.

حِزام: بالزاي في قريش، وحرام: بالراء المهملة في الأنصار، والله أعلم.

ذكر أبو علي بن البَرَداني أنه سمع الخطيب الحافظ يقول: العَيْشيون بصريون، والعبسيون كوفيون، والعنسيون شاميون.

قلت: وقد قاله قبله الحاكم أبو عبد الله، وهذا على الغالب: الأول بالشين المعجمة، والثاني بالباء الموحدة، والثالث بالنون، والسين فيهما غير معجمة.

أبو عُبيدة، كلُّه بالضم. بلغنا عن الدارقطني أنه قال: لا نعلم أحدا يكنى أبا عَبيدة، بالفتح.

وهذه أشياء اجتهدت في ضبطها، متتبعا من ذكرهم الدارقطني وعبد الغني وابن ماكولا، منها: السفر، بإسكان الفاء، والسفَر، بفتحها. وجدت الكنى من ذلك بالفتح، والباقي بالإسكان. ومن المغاربة من سكن الفاء من أبي السفر سعيد بن يُحمِد، وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث، حكاه الدارقطني عنهم.

عِسْل: بكسر العين المهملة وإسكان السين المهملة، وعسل بفتحهما.

وجدت الجميع من القبيل الأول، ومنهم: عِسْل بن سفيان، إلا عَسَل بن ذكوان الأخباري البصري، فإنه بالفتح. ذكره الدارقطني وغيره، ووجدته بخط الإمام أبي منصور الأزهري في كتابه تهذيب اللغة بالكسر والإسكان أيضا ولا أراه ضبطه، والله أعلم.

غنَّام: بالغين المعجمة والنون المشددة، وعثاَّم بالعين المهملة والثاء المثلثة المشددة.

ولا يعرف من القبيل الثاني غير عثام بن علي العامري الكوفي، والد علي بن عثام الزاهد، والباقون من الأول، منهم: غنام بن أوس: صحابي بدري، والله أعلم.

قُمير وقَمير: الجميع بضم القاف، ومنهم مكي بن قمير، عن جعفر بن سليمان، إلا امرأة مسروق بن الأجدع قَمِير بنت عمرو، فإنها بفتح القاف وكسر الميم، والله أعلم.

مِسْوَر ومسوَّر: أما مُسَوَّر - بضم الميم وتشديد الواو وفتحها - فهو مسور بن يزيد المالكي الكاهلي، له صحبة. ومسوَّر بن عبد الملك اليربوعي روى عنه معن بن عيسى، ذكره البخاري. ومن سواهما - فيما نعلم - بكسر الميم وإسكان السين، والله أعلم.

الحمَّال والجمَّال: لا نعرف في رواة الحديث - أو فيمن ذكر منهم في كتب الحديث المتداولة - الحمال بالحاء المهملة، صفة لا اسما، إلا هارون بن عبد الله الحمال، والد موسى بن هارون الحمال الحافظ. حكى عبد الغني الحافظ: أنه كان بزازا، فلما تزهد حمل. وزعم الخليلي وابن الفلكي: أنه لقب بالحمال لكثرة ما حمل من العلم، ولا أُرى ما قالاه يصح. ومن عداه فالجمال، بالجيم، منهم محمد بن مهران الجمال، حدث عنه البخاري ومسلم وغيرهما، والله أعلم.

وقد يوجد في هذا الباب ما يؤمن فيه من الغلط، ويكون اللافظ فيه مصيبا كيفما قال، مثل: عيسى بن أبي عيسى الحناط، وهو أيضا الخباط والخياط، إلا أنه اشتهر بعيسى الحناط، بالحاء والنون، كان خياطا للثياب، ثم ترك ذلك وصار حناطا يبيع الحنطة، ثم ترك ذلك وصار خباطا يبيع الخَبط الذي تأكله الإبل. وكذلك مسلم الخباط، بالباء المنقوطة بواحدة، اجتمع فيه الأوصاف الثلاثة، حكى اجتماعها في هذين الشخصين الإمام الدارقطني، والله أعلم.

القسم الثاني: ضبط ما في الصحيحين، أو ما فيهما مع الموطأ من ذلك، على الخصوص.

فمن ذلك: بشار - بالشين المنقوطة - والد بندار محمد بن بشار. وسائر من في الكتابين يسار - بالياء المثناة في أوله، والسين المهملة - ذكر ذلك أبو علي الغساني في كتابه.

وفيهما جميعا: سيَّار بن سلامة وسيَّار بن أبي سيار وَرْدَان، ولكن ليسا على هذه الصورة وإن قاربا، والله أعلم.

جميع ما في الصحيحين والموطأ مما هو على صورة بِشر فهو بالشين المنقوطة وكسر الباء، إلا أربعة: فإنهم بالسين المهملة وضم الباء، وهم: عبد الله بن بُسْر المازني من الصحابة، وبسر بن سعيد، وبسر بن عبيد الله الحضرمي، وبسر بن مِحْجن الديلي. وقد قيل في ابن محجن: بشر، بالشين المنقوطة، حكاه أحمد بن صالح المصري، عن جماعة من ولده ورهطه. وبالأول قال مالك والأكثر، والله أعلم.

وجميع ما فيها على صورة بشير، بالياء المثناة من تحت قبل الراء، فهو: بالشين المنقوطة والباء الموحدة المفتوحة، إلا أربعة: فاثنان منهم بضم الباء وفتح الشين المعجمة، وهما: بُشَير بن كعب العدوي، وبشير بن يسار. والثالث: يُسَير بن عمرو، وهو: بالسين المهملة وأوله ياء مثناة من تحت مضمومة، ويقال فيه أيضا: أسير. والرابع قَطَنْ بن نُسير، وهو: بالنون المضمومة والسين المهملة، والله أعلم.

كل ما فيها على صورة يزيد، فهو: بالزاي والياء المثناة من تحت إلا ثلاثة أحدها: بريد بن عبد الله بن أبي بردة، فإنه بضم الباء الموحدة وبالراء المهملة. والثاني: محمد ابن عرعرة بن الِبرِنْد، فإنه بالباء الموحدة والراء المهملة المكسورتين وبعدهما نون ساكنة. وفي كتاب عمدة المحدثين وغيره: أنه بفتح الباب والراء، والأول أشهر، ولم يذكر ابن ماكولا غيره. والثالث: علي بن هاشم بن البَريد، فإنه بفتح الباء الموحدة والراء المهملة المكسورة والياء المثناة من تحت، والله أعلم.

كل ما يأتي فيها من الَبرَاء فإنه بتخفيف الراء، إلا أبا معشر البرّاء، وأبا العالية البراء، فإنهما بتشديد الراء. والبراء الذي يبري العود، والله أعلم.

ليس في الصحيحين والموطأ جارية - بالجيم - إلا جارية بن قدامة، ويزيد بن جارية، ومن عداهما فهو حارثة، بالحاء والثاء، والله أعلم.

ليس فيها حَرِيز - بالحاء في أوله والزاي في آخره - إلا حريز بن عثمان الرحبي الحمصي، وأبو حريز عبد الله بن الحسين القاضي، الراوي عن عكرمة وغيره. ومن عداهما: جرير، بالجيم. وربما اشتبها بحُدير - بالدال - وهو فيها والد عمران بن حُدير، ووالد زيد وزياد ابني حدير، والله أعلم.

ليس فيها حِراش - بالحاء المهملة - إلاوالد ربعي بن حِراش، ومن بقي ممن اسمه على هذه الصورة فهو خِراش، بالخاء المعجمة، والله أعلم.

ليس فيها حَصين - بفتح الحاء - إلا في أبي حُصين عثمان بن عاصم الأسدي، ومن عداه حصين بضم الحاء. وجميعه بالصاد المهملة، إلا حُضين بن المنذر أبا ساسان، فإنه بالضاد المعجمة، والله أعلم.

كل ما فيها من حازم وأبي حازم فهو بالحاء المهملة، إلا محمد بن خازم أبا معاوية الضرير، فإنه بخاء معجمة، والله أعلم.

الذي فيها من حَبّان - بالحاء المفتوحة والباء الموحدة المشددة - حبان بن منقذ: والد واسع بن حبان، وجد محمد بن يحيى بن حبان، وجد حبان بن واسع بن حبان. وحبان بن هلال، منسوبا وغير منسوب، عن شعبة وعن وهيب وعن همّام بن يحيى وعن أبان بن يزيد وعن سليمان بن المغيرة وعن أبي عوانة.

والذي فيها من حِبان - بكسر الحاء - حبان بن عطية، وحبان بن موسى، وهو حبان غير منسوب، عن عبد الله هو ابن المبارك، وابن العرقة اسمه أيضا حبان، ومن عدا هؤلاء فهو: حيان، بالياء المثناة من تحت، والله أعلم.

الذي في هذه الكتب من خبيب - بالخاء المعجمة المضمومة -- خبيب بن عدي، وخبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف، وهو خبيب غير منسوب، عن حفص بن عاصم وعن عبد الله بن محمد بن معن، وأبو خبيب عبد الله بن الزبير. ومن عداهم فبالحاء المهملة، والله أعلم.

ليس فيها حُكيم - بالضم - إلا حكيم بن عبد الله وزريق بن حكيم، والله أعلم.

كل ما فيها من رباح فهو بالباء الموحدة، إلا زياد بن رياح، وهو أبو قيس الراوي عن أبي هريرة: في أشراط الساعة، ومفارقة الجماعة، فإنه بالياء المثناة من تحت، عند الأكثرين. وقد حكى البخاري فيه وجهين بالباء والياء، والله أعلم. زُبيد وزَييد: ليس في الصحيحين إلا زبيد بالباء الموحدة، وهو زَبيد بن الحارث اليامي. وليس في الموطأ من ذلك إلا زييد، بياءين مثناتين من تحت، وهو زييد بن الصلت، يكسر أوله ويضم، والله أعلم.

فيها سَليم - بفتح السين - واحد، وهو سليم بن حيان، ومن عداه فيها فهو سُليم، بالضم، والله أعلم.

وفيها سلْم بن زَرِير، وسلم بن قتيبة، وسلم بن أبي الذيال، وسلم بن عبد الرحمن، هؤلاء الأربعة بإسكان اللام، ومن عداهم: سالم، بالألف، والله أعلم.

وفيها: سريج بن يونس، وسريج بن النعمان، وأحمد بن أبي سريج، هؤلاء الثلاثة بالجيم والسين المهملة، ومن عداهم فيها فهو بالشين المنقوطة والحاء المهملة، والله أعلم.

وفيها: سلمان الفارسي، وسلمان بن عامر، وسلمان الأغر، وعبد الرحمن بن سلمان، ومن عدا هؤلاء الأربعة سليمان بالياء. وأبو حازم الأشجعي الراوي عن أبي هريرة، وأبو رجاء مولى أبي قلابة، كل واحد منهما اسمه سلمان، بغير ياء، لكن ذُكرا بالكنية، والله أعلم.

وفيها: سَلِمة بكسر اللام، عمرو بن سلمة الجَرْمي إمام قومه، وبنو سلمة القبيلة من الأنصار. والباقي سَلمة بفتح اللام، غير أن عبد الخالق ابن سلمة في كتاب مسلم ذُكِر فيه الفتح والكسر، والله أعلم.

وفيها: سنان بن أبي سنان الدؤلي، وسنان بن سلمة، وسنان بن ربيعة أبو ربيعة، وأحمد بن سنان، وأم سنان، وأبو سنان ضرار بن مرة الشيباني. ومن عدا هؤلاء الستة شيبان، بالشين المنقوطة والياء، والله أعلم.

عبَيدة: بفتح العين، ليس في الكتب الثلاثة إلا عبَيدة السلماني، وعَبيدة ابن حميد، وعبيدة بن سفيان، وعامر بن عَبيدة الباهلي. ومن عدا هؤلاء الأربعة فعُبيدة بالضم، والله أعلم.

عُبيد، بغير هاء التأنيث، هو بالضم حيث وقع فيها.

وكذلك عُبادة، بالضم حيث وقع، إلا محمد بن عَبادة الواسطي من شيوخ البخاري، فإنه بفتح العين وتخفيف الباء، والله أعلم.

عَبْدة: هو بإسكان الباء حيث وقع في هذه الكتب، إلا عامر بن عَبَدة في خطبة كتاب مسلم، وإلا بجَالة بن عبدة، على أن فيهما خلافا، منهم من سكن الباء منهما أيضا، وعبد بعض رواة مسلم عامر بن عبد، بلا هاء، ولا يصح، والله أعلم.

عَبَّاد: هو فيها بفتح العين وتشديد الباء، إلا قيس بن عُبَاد، فإنه بضم العين وتخفيف الباء، والله أعلم.

ليس فيها عُقيل - بضم العين - إلا عُقَيل بن خالد، ويحيى بن عُقَيل، وبنو عُقَيل للقبيلة. ومن عدا هؤلاء عَقِيل، بفتح العين، والله أعلم.

وليس فيها وافد - بالفاء - أصلا، وجميع ما فيها: واقد، بالقاف، والله أعلم.

ومن الأنساب، ذكر القاضي الحافظ عياض: أنه ليس في هذه الكتب الأبلي - بالباء الموحدة - أي المضمومة، وجميع ما فيها على هذه الصورة فإنما هو الأَيْلي، بالياء المنقوطة باثنتين من تحت.

قلت: روى مسلم الكثير عن شيبان بن فروخ، وهو أُبُلّي، بالباء الموحدة. لكن إذا لم يكن في شيء من ذلك منسوبا لم يلحق عياضا منه تخطئة، والله أعلم.

لا نعلم في الصحيحين البزار - بالراء المهملة في آخره - إلا خلف بن هشام البزار، والحسن بن الصباح البزار، وأما محمد بن الصباح البزاز وغيره فيهما فهو بزايين، والله أعلم.

وليس في الصحيحين والموطأ النصري - بالنون والصاد المهملة - إلا ثلاثة: مالك بن أوس بن الحدثان النصري، وعبد الواحد بن عبد الله النصري، وسالم مولى النصريين. وسائر ما فيها على هذه الصورة فهو بصري، بالباء الموحدة، والله أعلم.

ليس فيها التَوَّزي - بفتح التاء المثناة من فوق، والواو المشددة المفتوحة، والزاي - إلا أبو يعلى التوزي محمد بن الصلت، في كتاب البخاري في باب الردة. ومن عداه فهو الثوري، بالثاء المثلثة. ومنهم أبو يعلى منذر بن يعلى الثوري، خرَّجا عنه، والله أعلم.

سعيد الجُريري، وعباس الجريري، والجريري غير مسمى عن أبي نضرة، هذا ما فيها بالجيم المضمومة.

وفيها الحريري - بالحاء المهملة - يحيى بن بشر، شيخ البخاري ومسلم، والله أعلم.

وفيها الجَريري - بفتح الجيم - يحيى بن أيوب الجريري في كتاب البخاري من ولد جرير بن عبد الله، والله أعلم.

الجاري فيها - بالجيم - شخص واحد، وهو سعد، منسوب إلى الجار، مرفأ السفن بساحل المدينة، ومن عداه الحارثي، بالحاء والثاء، والله أعلم.

الحزامي حيث وقع فيها فهو بالزاي غير المهملة، والله أعلم.

السلَمي: إذا جاء في الأنصار فهو بفتح السين، نسبة إلى بني سَلِمة منهم.

ومنهم جابر بن عبد الله، وأبو قتادة. ثم إن أهل العربية يفتحون اللام منه في النسب، كما في النمَري والصدَفي وبابهما، وأكثر أهل الحديث يقولونه بكسر اللام على الأصل، وهو لحن، والله أعلم.

ليس في الصحيحين والموطأ الهمذاني، بالذال المنقوطة، وجميع ما فيها على هذه الصورة فهو الهَمْداني، بالدال المهملة وسكون الميم. وقد قال أبو نصر بن ماكولا: الهمداني في المتقدمين بسكون الميم أكثر، وبفتح الميم في المتأخرين أكثر، وهو كما قال، والله أعلم.

هذه جملة لو رحل الطالب فيها لكانت رحلة رابحة، إن شاء الله تعالى. ويحق على الحديثي إيداعها في سويداء قلبه. وفي بعضها من خوف الانتقاض ما تقدم في الأسماء المفردة وأنا في بعضها مقلد كتاب القاضي عياض، ومعتصم بالله فيه وفي جميع أمري، وهو سبحانه أعلم.

=============

54.

النوع الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوها

هذا النوع متفق لفظا وخطا، بخلاف النوع الذي قبله، فإن فيه الاتفاق في صورة الخط مع الافتراق في اللفظ، وهذا من قبيل ما يسمى في أصول الفقه المشترك. وزلق بسببه غير واحد من الأكابر، ولم يزل الاشتراك من مظان الغلط في كل علم.

وللخطيب فيه كتاب المتفق والمفترق وهو مع أنه كتاب حفيل غير مستوفٍ للأقسام التي أذكرها إن شاء الله تعالى.

فأحدها: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم.

مثاله:الخليل بن أحمد ستة، وفات الخطيب منهم الأربعة الأخيرة:

فأولهم النحوي البصري صاحب العَروض، حدث عن عاصم الأحول وغيره. قال أبو العباس المبرد: فتش المفتشون فما وجد بعد نبينا ﷺ من اسمه أحمد قبل أبي الخليل بن أحمد. وذكر التاريخي أبو بكر: أنه لم يزل يسمع النسابين والأخباريين يقولون: إنهم لم يعرفوا غيره. واعترض عليه بأبي السفَر سعيد بن أحمد، احتجاجا بقول يحيى بن معين في اسم أبيه، فإنه أقدم. وأجاب: بأن أكثر أهل العلم إنما قالوا فيه سعيد بن يحُمِدَ، والله أعلم.

والثاني: أبو بشر المزني بصري أيضا، حدث عن المستنير بن أخضر، عن معاوية بن قرة. روى عنه العباس العنبري وجماعة.

والثالث: أصبهاني، روى عن روح بن عبادة.

والرابع: أبو سعيد السجزي القاضي، الفقيه الحنفي المشهور بخراسان، حدث عن ابن خزيمة، وابن صاعد، والبغوي، وغيرهم من الحفاظ المسندين.

والخامس: أبو سعيد البستي، القاضي المهلَّبي، فاضل، روى عن الخليل السجزي المذكور، وحدث عن أحمد بن المظفر البكري، عن ابن أبي خثيمة بتاريخه، وعن غيرهما، حدث عنه البيهقي الحافظ.

والسادس: أبو سعيد البستي أيضا، الشافعي، فاضل متصرف في علوم، دخل الأندلس، وحدث، ولد سنة ستين وثلاثمائة. روى عن أبي حامد الإسفرائيني وغيره. حدث عنه أبو العباس العُذري وغيره، والله أعلم.

القسم الثاني: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم أو أكثر من ذلك.

ومن أمثلته: أحمد بن جعفر بن حمدان، أربعة، كلهم في عصر واحد.

أحدهم: القَطِيعي البغدادي أبو بكر، الراوي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل.

الثاني: السقطي البصري، أبو بكر، يروي أيضا عن عبد الله بن أحمد، ولكنه عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدَورقي.

الثالث: دينَوَري، روى عن عبد الله بن محمد بن سنان، عن محمد بن كثير صاحب سفيان الثوري.

والرابع: طَرَسوسي، روى عن عبد الله بن جابر الطرسوسي تاريخ محمد ابن عيسى الطباع.

محمد بن يعقوب بن يوسف النيسابوري: اثنان كلاهما في عصر واحد، وكلاهما يروي عنه الحاكم أبو عبد الله وغيره.

فأحدهما: هو المعروف بأبي العباس الأصم.

والثاني: هو أبو عبد الله بن الأخرم الشيباني، ويعرف بالحافظ، دون الأول، والله أعلم.

القسم الثالث: ما اتفق من ذلك في الكنية والنسبة.

مثاله: أبو عمران الجَوني، اثنان.

أحدهما: التابعي عبد الملك بن حبيب.

والثاني: اسمه موسى بن سهل، بصري، سكن بغداد، روى عن هشام ابن عمار وغيره، روى عنه دَعْلَج بن أحمد وغيره.

ومما يقاربه أبو بكر بن عياش، ثلاثة:

أولهم: القارئ المحدث، وقد سبق ذكر الخلاف في اسمه.

والثاني: أبو بكر بن عياش الحمصي الذي حدث عنه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وهو مجهول، وجعفر غير ثقة.

والثالث: أبو بكر بن عياش السُلَمي الباجُدّائي، صاحب كتاب غريب الحديث واسمه حسين بن عياش مات سنة أربع ومائتين بباجُدا، روى عنه علي بن جميل الرقي وغيره، والله أعلم.

القسم الرابع: عكس هذا.

ومثاله: صالح بن أبي صالح، أربعة:

أحدهم: مولى التوأمة بنت أمية بن خلف.

والثاني: أبوه أبو صالح السمان، ذكوان، الراوي، عن أبي هريرة.

والثالث: صالح بن أبي صالح السَدوسي، روى عن علي وعائشة، روى عنه خلاد بن عمر.

والرابع: صالح بن أبي صالح، مولى عمرو بن حريث، روى عن أبي هريرة، روى عنه أبو بكر بن عياش، والله أعلم.

القسم الخامس: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم ونسبتهم.

مثاله محمد بن عبد الله الأنصاري، اثنان متقاربان في الطبقة.

أحدهما: هو الأنصاري المشهور، القاضي أبو عبد الله، الذي روى عنه البخاري والناس.

والثاني: كنيته أبو سلمة، ضعيف الحديث، والله أعلم.

القسم السادس: ما وقع فيه الاشتراك في الاسم خاصة، أو الكنية خاصة، وأشكل مع ذلك، لكونه لم يذكر بغير ذلك.

مثاله: ما رويناه عن ابن خلاد القاضي الحافظ قال:

إذا قال عارم: حدثنا حماد فهو حماد بن زيد، وكذلك سليمان بن حرب.

وإذا قال التبوذكي: حدثنا حماد فهو حماد بن سلمة، وكذلك الحجاج بن منهال.

وإذا قال عفان: حدثنا أمكن أن يكون أحدَهما.

ثم وجدت عن محمد بن يحيى الذهلي، عن عفان قال: إذا قلت لكم حدثنا حماد ولم أنسبه فهو ابن سلمة.

وذكر محمد بن يحيى - فيمن سوى التبوذكي - ما ذكره ابن خلاد. ومن ذلك ما رويناه عن سلمة بن سليمان أنه حدث يوما فقال: أخبرنا عبد الله فقيل له:ابن من ؟ فقال: يا سبحان الله ! أما ترضون في كل حديث حتى أقول: حدثنا عبد الله بن المبارك أبو عبد الرحمن الحنظلي الذي منزله في سكة صُغْد. ثم قال سلمة: إذا قيل بمكة عبد الله فهو ابن الزبير. وإذا قيل بالمدينة عبد الله فهو ابن عمر. وإذا قيل بالكوفة عبد الله فهو ابن مسعود. وإذا قيل بالبصرة عبد الله فهو ابن عباس. وإذا قيل بخراسان عبد الله فهو ابن المبارك.

وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني: إذا قال المصري عن عبد الله ولا ينسبه، فهوابن عمرو، يعني ابن العاص. وإذا قال المكي عن عبد الله ولا ينسبه، فهو ابن عباس.

ومن ذلك: أبو حمزة، بالحاء والزاي، عن ابن عباس إذا أطلق.

وذكر بعض الحفاظ: أن شعبة روى عن سبعة كلهم أبو حمزة عن ابن عباس، وكلهم أبو حمزة - بالحاء والزاي - إلا واحدا فإنه بالجيم، وهو أبو جمرة نصر ابن عمران الضُّبَعي. ويدرك فيه الفرق بينهم بأن شعبة إذا قال عن أبي جمرة عن ابن عباس وأطلق فهو عن نصر بن عمران، و إذا روى عن غيره فهو يذكر اسمه أو نسبه، والله أعلم.

القسم السابع: المشترك المتفق في النسبة خاصة.

ومن أمثلته: الآمُلي والآملي:

فالأول: إلى آمل طَبرَستان. قال أبو سعيد السمعاني: أكثر أهل العلم من أهل طبرستان من آمل.

والثاني: إلى آمل جَيحون. شهر بالنسبة إليها عبد الله بن حماد الآملي، روي عنه البخاري في صحيحه.

وما ذكرهالحافظ أبو علي الغساني، ثم القاضي عياض، المغربيان: من أنه منسوب إلى آمل طبرستان، فهو خطأ، والله أعلم.

ومن ذلك الحنفي والحنفي.

فالأول نسبة إلى بني حنيفة.

والثاني: نسبة إلى مذهب أبي حنيفة. وفي كل منهما كثرة وشهرة. وكان محمد بن طاهر المقدسي، وكثير من أهل العلم والحديث وغيرهم، يفرقون بينهما، فيقولون في المذهب حنيفي بالياء، ولم أجد ذلك عن أحد من النحويين إلا عن أبي بكر بن الأنباري الإمام، قاله في كتابه الكافي ولمحمد بن طاهر في هذا القسم كتاب الأنساب المتفقة. ووراء هذه الأقسام أقسام أُخر لا حاجة بنا إلى ذكرها.

ثم إن ما يوجد من المتفق المفترق غير مقرون ببيان، فالمراد به قد يدرك بالنظر في رواياته، فكثيرا ما يأتي مميزا في بعضها، وقد يدرك بالنظر في حال الراوي والمروي عنه، وربما قالوا في ذلك بظن لا يقوى.

حدث القاسم المطرز يوما بحديث عن أبي همام أو غيره، عن الوليد بن مسلم، عن سفيان. فقال له أبو طالب بن نصر الحافظ: من سفيان هذا ؟ فقال: هذا الثوري، فقال له أبو طالب: بل هو ابن عيينة. فقال له المطرز: من أين قلت ؟ فقال: لأن الوليد قد روى عن الثوري أحاديث معدودة محفوظة، وهو مليء بابن عيينة، والله أعلم.

=========

55.

النوع الخامس والخمسون: نوع يتركب من النوعين اللذين قبله

وهو: أن يوجد الاتفاق المذكور في النوع الذي فرغنا منه آنفا في اسمي شخصين أو كنيتهما التي عرفا بها، ويوجد في نسبهما أو نسبتهما الاختلاف والائتلاف المذكوران في النوع الذي قبله. أو على العكس من هذا: بأن يختلف ويأتلف أسماؤهما، ويتفق نسبتهما أو نسبهما اسما أو كنية.

ويلتحق بالمؤتلف والمختلف فيه ما يتقارب ويشتبه، وإن كان مختلفا في بعض حروفه في صورة الخط.

وصنف الخطيب الحافظ في ذلك كتابه الذي سماه كتاب تلخيص المتشابه في الرسم وهو من أحسن كتبه، لكن لم يعرب باسمه الذي سماه به عن موضوعه كما أعربنا عنه.

فمن أمثلة الأول: موسى بن عَلي بفتح العين، وموسى بن عُلي بضم العين.

فمن الأول جماعة، منهم: أبو عيسى الخُتُّلي، الذي روى عنه أبو بكر بن مِقْسَم المقري وأبو علي الصواف وغيرهما.

وأما الثاني: فهو موسى بن عُلي بن رباح، اللخمي المصري، عرف بالضم في اسم أبيه. وقد روينا عنه تخريجه من يقوله بالضم. ويقال: إن أهل مصر كانوا يقولونه بالفتح لذلك، وأهل العراق كانوا يقولونه بالضم. وكان بعض الحفاظ يجعله بالفتح اسما له وبالضم لقبا، والله أعلم.

ومن المتفق من ذلك المختلف المؤتلف في النسبة:

محمد بن عبد الله المُخَرّمي - بضم الميم الأولى وكسر الراء المشددة -مشهور، صاحب حديث، نسب إلى المُخّرِم من بغداد.

ومحمد بن عبد الله المَخْرمي - بفتح الميم الأولى وإسكان الخاء المعجمة - غير مشهور، روى عن الإمام الشافعي، والله أعلم.

ومما يتقارب ويشتبه مع الاختلاف في الصورة: ثور بن يزيد الكلاعي الشامي. وثور بن زيد - بلا ياء في أوله - الديلي المدني، وهذا الذي روى عنه مالك، وحديثه في الصحيحين معا. والأول حديثه عند مسلم خاصة، والله أعلم.

ومن المتفق في الكنية، المختلف المؤتلف في النسبة: أبو عمرو الشيباني، وأبو عمرو السيباني، تابعيان، يفترقان: في أن الأول بالشين المعجمة، والثاني بالسين المهملة. واسم الأول سعد بن أياس، ويشاركه في ذلك أبو عمرو الشيباني اللغوي إسحاق بن مِرار. وأما الثاني فاسمه زُرعة، وهو والد يحيى بن أبي عمرو السيباني الشامي، والله أعلم.

وأما القسم الثاني الذي هو على العكس: فمن أمثلته بأنواعه: عَمرو بن زرارة، بفتح العين، وعُمر بن زرارة بضم العين.

فالأول جماعة، منهم: أبو محمد النيسابوري، الذي روى عنه مسلم.

والثاني: يعرف بالحدثي، وهو الذي يروي عنه البغوي المنيعي. وبلغنا عن الدارقطني: أنه من مدينة في الثغر يقال لها الحدث. وروينا عن أبي أحمد الحافظ الحاكم: أنه من أهل الحديثة، منسوب إليها، والله أعلم.

عبيد الله بن أبي عبد الله وعبد الله بن أبي عبد الله.

الأول: هو ابن الأغر سلمان، أبي عبد الله، صاحب أبي هريرة، روى عنه مالك.

والثاني: جماعة، منهم عبد الله بن أبي عبد الله المقري، الأصبهاني، روى عنه أبو الشيخ الأصبهاني، والله أعلم.

حيان الأسدي، بالياء المشددة المثناة من تحت. وحنان - بالنون الخفيفة -الأسدي.

فمن الأول: حيان بن حُصين، التابعي، الراوي عن عمار بن ياسر.

والثاني: هو حنان الأسدي، من بني أسد بن شُريك، بضم الشين، وهو مُسَرْهَد والد مُسَدَّد، ذكره الدارقطني، يروي عن أبي عثمان النهدي، والله أعلم.

النوع السادس والخمسون: معرفة الرواة المتشابهين

===============

56.

النوع السادس والخمسون: معرفة الرواة المتشابهين في الاسم والنسب المتمايزين بالتقديم والتأخير في الابن والأب

مثاله: يزيد بن الأسود، والأسود بن يزيد:

فالأول: يزيد بن الأسود الصحابي، الخزاعي، ويزيد بن الأسود الجرشي، أدرك الجاهلية، وأسلم، وسكن الشام، وذكر بالصلاح، حتى استسقى به معاوية في أهل دمشق، فقال: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا. فسقوا للوقت، حتى كادوا لا يبلغون منازلهم.

والثاني: الأسود بن يزيد النخعي، التابعي الفاضل.

ومن ذلك الوليد بن مسلم، ومسلم بن الوليد.

فمن الأول: الوليد بن مسلم البصري التابعي، الراوي عن جندب بن عبد الله البَجلي. والوليد بن مسلم الدمشقي المشهور، صاحب الأوزاعي، روى عنه أحمد بن حنبل والناس.

والثاني: مسلم بن الوليد بن رباح المدني، حدث عن أبيه وغيره، روى عنه عبد العزيز الدراوردي وغيره، وذكره البخاري في تاريخه فقلب اسمه ونسبه، فقال: الوليد بن مسلم وأُخذ عليه ذلك.

وصنف الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابا سماه كتاب رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب وهذا الاسم ربما أوهم اختصاصه بما وقع فيه مثل الغلط المذكور في هذا المثال الثاني، وليس ذلك شرطا فيه، وأكثره ليس كذلك، فما ترجمناه به إذا أولى، والله أعلم

===========

57.

النوع السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم

وذلك على ضروب:

أحدها: من نُسب إلى أمه، منهم:

معاذ، ومعوِّذ، وعَوذ، بنو عفراء، هي أمهم، وأبوهم الحارث بن رفاعة الأنصاري. وذكر ابن عبد البر: أنه يقال في عَوْذ عوف، وأنه الأكثر.

بلال بن حمامة المؤذن، حمامة أمه، وأبوه رباح.

سهيل وأخواه سهل وصفوان بنو بيضاء، هي أمهم، واسمها دعد، واسم أبيهم وهب.

شرحبيل بن حسنة، هي أمه، وأبوه عبد الله بن المطاع الكندي.

عبد الله بن بحينة، هي أمه، وأبوه مالك بن القَشْب الأزدي الأسدي.

سعد بن حبتة الأنصاري، هي أمه، وأبوه بحَير بن معاوية، جد أبي يوسف القاضي.

هؤلاء صحابة رضي الله عنهم.

ومن غيرهم: محمد بن الحنفية، هي أمه، واسمها خولة، وأبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

إسماعيل بن عُليَّة، هي أمه، وأبوه إبراهيم أبو إسحاق.

إبراهيم بن هراسة، قال عبد الغني بن سعيد: هي أمه، وأبوه سلمة، والله أعلم.

الثاني: من نسب إلى جدته: منهم:

يعلى بن مُنْية الصحابي، هي في قول الزبير بن بكار: جدته أم أبيه، وأبوه أمية.

ومنهم: بشير بن الخصاصية الصحابي، هو بشير بن معبد، والخصاصية هي أم الثالث من أجداده.

ومن أحدث ذلك عهدا شيخنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي البغدادي، يعرف بابن سُكينة، وهي أم أبيه، والله أعلم.

الثالث: من نسب إلى جده، منهم:

أبو عبيدة بن الجراح، أحد العشرة، هو عامر بن عبد الله بن الجراح. حمل بن النابغة الهُذَلي الصحابي، هو حمل بن مالك بن النابغة.

مجمِّع بن جارية الصحابي، هو مجمع بن يزيد بن جارية.

ابن جريج، هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.

بنو الماجِشون، بكسر الجيم، منهم يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون. قال أبو علي الغساني: هو لقب يعقوب بن أبي سلمة، وجرى على بنيه وبني أخيه عبد الله بن أبي سلمة.

قلت: والمختار في معناه: أنه الأبيض الأحمر، والله أعلم.

ابن أبي ذئب، هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب.

ابن أبي ليلى، الفقيه، هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

ابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة.

أحمد بن حنبل الإمام، هو أحمد بن محمد بن حنبل، أبو عبد الله.

بنو أبي شيبة: أبو بكر وعثمان الحافظان، وأخوهما القاسم، أبو شيبة هو جدهم، واسمه إبراهيم بن عثمان، واسطي وأبوهم محمد بن أبي شيبة.

ومن المتأخرين: أبو سعيد بن يونس، صاحب تاريخ مصر، هو عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي، والله أعلم.

الرابع: من نسب إلى رجل غير أبيه هو منه بسبب، منهم:

المقداد بن الأسود، و هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة الكندي، وقيل: البَهراني، كان في حَجر الأسود بن عبد يغوث الزهري، وتبناه فنسب إليه.

الحسن بن دينار، هو ابن واصل، ودينار زوج أمه، وكأن هذا خفي على ابن أبي حاتم حيث قال فيه: الحسن بن دينار بن واصل، فجعل واصلا جده، والله أعلم.

النوع الثامن والخمسون: معرفة النسب التي باطنها على خلاف ظاهرها

==========

58.

النوع الثامن والخمسون: معرفة النسب التي باطنها على خلاف ظاهرها الذي هو السابق إلى الفهم منها

من ذلك أبو مسعود البدري، عقبة بن عمرو، لم يشهد بدرا في قول الأكثر، ولكن نزل بدرا فنسب إليها.

سليمان بن طَرخان التيمي، نزل في تيم وليس منهم، وهو مولى بني مرة.

أبو خالد الدالاتي، يزيد بن عبد الرحمن، هو أسدي مولى لبني أسد، نزل في بني دالان بطن من همدان فنسب إليهم.

إبراهيم بن يزيد الخُوزي، ليس من الخُوز، إنما نزل شِعْب الخُوز بمكة.

عبد الملك بن أبي سليمان العَرْزَمي، نزل جبانة عَرْزَم بالكوفة، وهي قبيلة معدودة في فزارة، فقيل: عرزمي، بتقديم الراء المهملة على الزاي.

محمد بن سنان العَوَقي، أبو بكر البصري، باهلي، نزل في العوقَة - بالقاف والفتح - وهم بطن من عبد القيس، فنسب إليهم.

أحمد بن يوسف السُّلَمي، جليل، روى عنه مسلم وغيره، هو أزدي عرف بالسلمي، لأن أمه كانت سُلَمية، ثبت ذلك عنه. وأبو عمرو بن نجيد السلَمي كذلك، فإنه حافده. وأبو عبد الرحمن السُلَمي، مصنف الكتب للصوفية، كانت أمه ابنة أبي عمرو المذكور، فنسب سُلميا، وهو أزدي أيضا جده ابن عم أحمد بن يوسف.

ويقرب من ذلك ويلتحق به: مِقْسَم مولى ابن عباس، هو مولى عبد الله ابن الحارث بن نوفل، لزم ابن عباس، فقيل له: مولى ابن عباس، للزومه إياه. يزيد الفقير، أحد التابعين، وصف بذلك لأنه أصيب في فقار ظهره، فكان يألم منه حتى ينحني له.

خالد الحذاء، لم يكن حذاء، ووصف بذلك لجلوسه في الحذائين، والله أعلم.

==============

59.

النوع التاسع والخمسون: معرفة المبهمات

أي معرفة أسماء من أبهم ذكره في الحديث من الرجال والسناء.

وصنف في ذلك عبد الغني بن سعيد الحافظ، والخطيب وغيرهما.

ويعرف ذلك بوروده مسمى في بعض الروايات وكثير منهم لم يوقف على أسمائهم.

وهو على أقسام:

منها - وهو من أبهما - ما قيل فيه رجل أو امرأة. ومن أمثلته: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا قال: يا رسول الله ! الحج كل عام ؟ وهذا الرجل هو الأقرع بن حابس، بيَّنه ابن عباس في رواية أخرى.

حديث أبي سعيد الخدري، في ناس من أصحاب رسول الله -ﷺ - مروا بحي فلم يضيفوهم، فلدغ سيدهم، فرقاه رجل منهم بفاتحة الكتاب على ثلاثين شاةً، الحديث. الراقي هو الراوي أبو سعيد الخدري.

حديث أنس أن رسول الله ﷺ رأى حبلا ممدودا بين ساريتين في المسجد، فسأل عنه فقالوا: فلانة تصلي، فإذا غلبت تعلقت به. قيل: إنها زينب بنت جحش، زوج رسول الله ﷺ وقيل أختها حمنة بنت جحش، وقيل: ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين.

المرأة التي سألت رسول الله ﷺ عن الغسل من الحيض فقال: «خذي فرصة من مسك». هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية، وكان يقال لها: خطيبة النساء. وفي رواية لمسلم تسميتها: أسماء بنت شكَل، والله أعلم.

ومنها: ما أبهم بأن قيل فيه ابن فلان أو ابن الفلاني أو ابنة فلان أو نحو ذلك.

ومن ذلك حديثأم عطية: ماتت إحدى بنات رسول الله ﷺ فقال: «اغسليها بماء وسدر..» الحديث. هي زينب، زوجة أبي العاص بن الربيع، أكبر بناته ﷺ وإن كان قد قيل: أكبرهن رقية، والله أعلم.

ابن اللُتْبية، ذكر صاحب الطبقات محمد بن سعد: أن اسمه عبد الله، وهذه نسبة إلى بني لتب، بضم اللام وإسكان التاء المثناة من فوق، بطن من الأسد، بإسكان السين، وهم الأزد، وقيل: ابن الأتبية - بالهمزة - ولا صحة له.

ابن مِربع الأنصاري، الذي أرسله رسول الله -ﷺ --إلى أهل عرفة وقال: «كونوا على مشاعركم». اسمه زيد، وقال الواقدي وكاتبه ابن سعيد: اسمه عبد الله.

ابن أم مكتوم الأعمى المؤذن، اسمه عبد الله بن زائدة، وقيل: عمرو بن قيس، وقيل: غير ذلك. وأم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله.

الابنة التي أراد بنو هشام بن المغيرة أن يزوجوها من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، هي العوراء بنت أبي جهل بن هشام بن المغيرة، والله أعلم.

ومنها: العم والعمة ونحوهما:

من ذلك: رافع بن خديج عن عمه، في حديث المخابرة، عمه هو ظُهَير بن رافع الحارثي الأنصاري.

زياد بن علاقة عن عمه، هو قطبة بن مالك الثعلبي، بالثاء المثلثة.

عمة جابر بن عبد الله، التي جعلت تبكي أباه يوم أحد، اسمها فاطمة بنت عمرو بن حرام، وسماها الواقدي هندا، والله أعلم.

ومنها: الزوج والزوجة:

من ذلك حديث سُبيعة الأسلمية: أنها ولدت بعد وفاة زوجها بليال، هو سعد بن خولة، الذي رثى له رسول الله ﷺ أن مات بمكة، وكان بدريا.

زوج بَرْوَع بنت واشق، وهي بفتح الباء، عند أهل اللغة، وشاع في ألسنة أهل الحديث كسرها، زوجها اسمه هلال بن مرة الأشجعي، على ما رويناه من غير وجه.

زوجة عبد الرحمن بن الزبير - بفتح الزاي - التي كانت تحت رفاعة بن سِمْوال القرظي، فطلقها. اسمها تميمة بنت وهيب، وقيل: تمُيمة، بضم التاء، وقيل: سهيمة، والله أعلم.

=======

60.

النوع الموفي ستين: معرفة تواريخ الرواة

وفيها معرفة وفيات الصحابة والمحدثين والعلماء، ومواليدهم، ومقادير أعمارهم، ونحو ذلك.

روينا عن سفيان الثوري أنه قال: لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ، أو كما قال.

وروينا عن حفص بن غياث أنه قال: إذا اتهمتم الشيخ، فحاسبوه بالسنين. يعني احسبوا سنه وسن من كتب عنه.

وهذا كنحو ما روينا عن إسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق، فأتاني أهل الحديث، فقالوا: ههنا رجل يحدث عن خالد بن معدان، فأتيته فقلت: أي سنة كتبت عن خالد بن معدان ؟ فقال: سنة ثلاث عشرة - يعني - ومائة. فقلت: أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سنين ؟ قال إسماعيل: مات خالد ستة ست ومائة.

قلت: وقد روينا عن عفير بن معدان قصة نحو هذه، جرت له مع بعض من حدث خالد بن معدان، ذكر عفير فيها: أن خالدا مات سنة أربع ومائة.

وروينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: لما قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم الكَشيّ، وحدث عن عبد بن حميد، سألته عن مولده ؟ فذكر أنه ولد سنة ستين ومؤتين، فقلت لأصحابنا سمع هذا الشيخ من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة.

وبلغنا عن أبي عبد الله الحميدي الأندلسي أنه قال ما تحريره: ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم التهمم بها.

العلل، وأحسن كتاب وضع فيه كتاب الدارقطني.

والمؤتلف والمختلف، وأحسن كتاب وضع فيه كتاب بن ماكولا.

ووفيات الشيوخ، وليس فيه كتاب.

قلت: فيها غير كتاب، ولكن من غير استقصاء وتعميم، وتواريخ المحدثين مشتملة على ذكر الوفيات، ولذلك ونحوه سميت تواريخ. وأما ما فيها من الجرح والتعديل ونحوهما فلا يناسب هذا الاسم، والله أعلم.

ولنذكر من ذلك عيونا:

أحدها: الصحيح في سن سيدنا سيد البشر رسول الله - ﷺ وصاحبيه أبي بكر وعمر - ثلاث وستون سنة.

وقبض رسول الله ﷺ يوم الاثنين ضحى، لاثنتي عشرة ليلةً خلت من شهر ربيع الأول، سنة إحدى عشرة من الهجرة.

وتوفي أبي بكر في جمادى الأولى، سنة ثلاث عشرة.

وعمر في ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين.

وعثمان في ذي الحجة، سنة خمس وثلاثين، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، وقيل: ابن تسعين، وقيل: غير ذلك.

وعلي، في شهر رمضان سنة أربعين، وهو ابن ثلاث وستين، وقيل: ابن أربع وستين، وقيل: ابن خمس وستين.

وطلحة والزبير جميعا في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. وروينا عن الحاكم أبي عبد الله: أن سنهما كان واحدا، كانا ابني أربع وستين، وقد قيل غير ما ذكره الحاكم.

وسعد بن أبي وقاص، سنة خمس وخمسين على الأصح، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.

وسعيد بن زيد سنة إحدى وخمسين، وهو ابن ثلاث وأربع وسبعين.

وعبد الرحمن بن عوف، سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابن خمس وسبعين سنة.

وأبو عبيدة بن الجراح، سنة ثماني عشرة، وهو ابن ثماني وخمسين سنة.

وفي بعض ما ذكرته خلاف لم أذكره، والله أعلم.

الثاني: شخصان من الصحابة عاشا في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة، وماتا بالمدينة سنة أربع وخمسين.

أحدهما: حكيم بن حزام، وكان مولده في جوف الكعبة، قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة.

والثاني: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري. وروى ابن إسحاق أنه وأباه ثابتا، والمنذر وحراما، عاش كل واحد منهم عشرين ومائة سنة. وذكر أبو نعيم الحافظ:أنه لا يعرف في العرب مثل ذلك لغيرهم. وقد قيل:إن حسان مات سنة خمسين، والله أعلم.

الثالث: أصحاب المذاهب الخمسة المتبوعة رضي الله عنهم.

فسفيان بن سعيد الثوري أبو عبد الله، مات بلا خلاف بالبصرة، سنة إحدى وستين ومائة، وكان مولده سنة سبع وتسعين.

ومالك بن أنس رضي الله عنه، توفي بالمدينة سنة تسع وسبعين ومائة، قبل الثمانين بسنة. واختلف في ميلاده، فقيل: في ثلاث وتسعين، وقيل: سنة إحدى، وقيل: سنة أربع، وقيل: سنة سبع.

وأبو حنيفة رحمه الله، مات سنة خمسين ومائة ببغداد، وهو ابن سبعين سنة.

والشافعي رحمه الله، مات في آخر رجب، سنة أربع ومائتين بمصر، وولد سنة خمسين ومائة.

وأحمد بن محمد بن حنبل، مات ببغداد في شهر ربيع الآخر، سنة إحدى وأربعين ومائتين، وولد سنة أربع وستين ومائة، والله أعلم.

الرابع: أصحاب كتب الحديث الخمسة المعتمدة رضي الله عنهم.

فالبخاري أبو عبد الله، ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة، لثلاث عشرة خلت من شوال، سنة أربع وتسعين ومائة، ومات بخَرْتنك قريبا من سمرقند، ليلة عيد الفطر، سنة ست وخمسين ومائتين، فكان عمره: اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما.

ومسلم بن الحجاج النيسابوري، مات بها لخمس بقين من رجب، سنة إحدى وستين ومائتين، وهو ابن خمس وخمسين سنة.

وأبو داود السجستاني سليمان بن الأشعث، مات بالبصرة، في شوال سنة خمس وسبعين ومائتين.

وأبو عيسى محمد بن عيسى السُلَمي الترمذي، مات بها لثلاث عشرة مضت من رجب، سنة تسع وسبعين ومائتين.

وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسوي، مات سنة ثلاث وثلاثمائة، والله أعلم.

الخامس: سبعة من الحفاظ في ساقتهم أحسنوا التصنيف، وعظم الانتفاع بتصانيفهم في أعصارنا.

أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي، مات بها في ذي القعدة، سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، ولد في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة.

ثم الحاكم أبو عبد الله بن البَيِّع النيسابوري، مات بها في صفر سنة خمس وأربعمائة. وولد بها في شهر ربيع الأول، سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.

ثم أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي، حافظ مصر، ولد في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. ومات بمصر في صفر سنة تسع و أربعمائة.

ثم أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الحافظ، ولد سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ومات في صفر سنة ثلاثين وأربعمائة بأصبهان.

ومن الطبقة الأخرى: أبو عمر بن عبد البر النمري، حافظ أهل المغرب، ولد في شهر ربيع الآخر، سنة ثمان وستين وثلاثمائة، ومات بشاطبة من بلاد الأندلس، في شهر ربيع الآخر، سنة ثلاث وستين وأربعمائة.

ثم أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، ومات بنيسابور في جمادى الأولى، سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، ونقل إلى بيهق فدفن بها.

ثم أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، ولد في جمادى الآخرة، سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، ومات ببغداد في ذي الحجة، سنة ثلاث وستين وأربعمائة، رحمهم الله وإيانا والمسلمين أجمعين، والله أعلم.

====61.

النوع الحادي والستون: معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث

هذا من أجل نوع و أفخمه، فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث وسقمه، ولأهل المعرفة بالحديث فيه تصانيف كثيرة.

منها ما أفرد في الضعفاء ككتاب الضعفاء للبخاري والضعفاء للنسائي والضعفاء للعقيلي وغيرها.

ومنها في الثقات فحسب، ككتاب الثقات لأبي حاتم بن حبان.

ومنها ما جمع فيه بين الثقات والضعفاء، كتاريخ البخاري وتاريخ بن أبي خيثمة، وما أغزر فوائده، وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي.

روينا عن صالح بن محمد الحافظ جزرة قال: أول من تكلم في الرجال شعبة بن الحجاج، ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان، ثم بعده أحمد ابن حنبل، ويحيى بن معين.

قلت: وهؤلاء يعني أنه أول من تصدى لذلك وعُني به، وإلا فالكلام فيه جرحا وتعديلا متقدم، ثابت عن رسول الله ﷺ ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وجُوز ذلك صونا للشريعة، ونفيا للخطأ والكذب عنها.

وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة. ورويت عن أبي بكر بن خلاد قال: قلت ليحيى بن سعيد: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة ؟

فقال: لأن يكونوا خصمائي أحبُّ إليَّ من أن يكون خصمي رسول الله ﷺ يقول لي لمَ لم تذب الكذب عن حديثي.

وروينا - أو: بلغنا - أن أبا تراب النخشبي الزاهد، سمع من أحمد بن حنبل شيئا من ذلك، فقال له: يا شيخ ! لا تغتاب العلماء.

فقال له: ويحك ! هذا نصحية ! ليس هذا غيبة.

ثم إن على الآخذ في ذلك أن يتقي الله تبارك وتعالى، ويتثبت ويتوقى التساهل، كيلا يجرح سليما ويسم بريئا بسمة سوء، يبقى عليه الدهر عارها. وأحسب أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم - وقد قيل: إنه كان يعد من الأبدال - من مثل ما ذكره خاف.

فيما رويناه أو بلغناه: أن يوسف بن الحسين الرازي، وهو الصوفي، دخل عليه وهو يقرأ كتابه في الجرح والتعديل، فقال له: كم من هؤلاء القوم قد حطوا رواحلهم في الجنة، منذ مائة سنة، ومائتي سنة، وأنت تكذبهم وتغتابهم ؟ فبكى عبد الرحمن.

وبلغنا أيضا: أنه حُدث وهو يقرأ كتابه ذلك على الناس، عن يحيى بن معين أنه قال: إنا لنطعن على أقوام، لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مائتي سنة. فبكى عبد الرحمن، وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده.

قال المؤلف: وقد أخطأ فيه غير واحد على غير واحد، فجرحوهم بما لا صحة له.

من ذلك: جرح أبي عبد الرحمن النسائي لأحمد بن صالح، وهو إمام حافظ ثقة، لا يعلق به جرح، أخرج عنه البخاري فيصحيحه وقد كان من أحمد إلى النسائي جفاء أفسد قلبه عليه.

وروينا عن أبي يعلى الخليلي الحافظ قال: اتفق الحفاظ على أن كلامه فيه تحامل، ولا يقدح كلام أمثاله فيه.

قلت: النسائي إمام حجة في الجرح والتعديل، وإذا نسب مثله إلى مثل هذا كان وجهه: أن عين السخط تبدي مساوي لها في الباطن مخارج صحيحة، تُعمى عنه بحجاب السخط، لا أن ذلك يقع من مثله تعمدا لقدح يعلم بطلانه، فاعلم هذا، فإنه من النكت النفيسة المهمة.

وقد مضى الكلام في أحكام الجرح والتعديل في النوع الثالث والعشرين والله أعلم.

========

62.

النوع الثاني والستون: معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات

هذا فن عزيز مهم، لم أعلم أحدا أفرده بالتصنيف واعتنى به، مع كونه حقيقا بذلك جدا.

وهم منقسمون:

فمنهم من خلط لاختلاطه وخرفه، ومنهم من خلط لذهاب بصره، أو لغير ذلك.

والحكم فيهم: أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط، ولا يقبل حديث من أخذ عنه بعد الاختلاط، أو أشكل أمره، فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده.

فمنهم عطاء بن السائب، اختلط في آخر عمره، فاحتج أهل العلم برواية الأكابر عنه، مثل سفيان الثوري وشعبة، لأن سماعهم منه كان في الصحة، وتركوا الاحتجاج برواية من سمع منه آخرا.

وقال يحيى بن سعيد القطان في شعبة: إلا حديثين كان شعبة يقول: سمعتهما بالآخرة عن زادان.

أبو إسحاق السبيعي، اختلط أيضا، ويقال: إن سماع سفيان بن عيينة منه بعد ما اختلط، ذكر ذلك أبو يعلى الخليلي.

سعيد بن إياس الجُريري، اختلط وتغير حفظه قبل موته.

قال أبو الوليد الباجي المالكي: قال النسائي: أُنكر أيام الطاعون، وهو أثبت عندنا من خالد الحذاء ما سُمع منه قبل أيام الطاعون.

سعيد بن أبي عروبة، قال يحيى بن معين: خلط سعيد بن أبي عروبة بعد هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن، سنة اثنتين وأربعين - يعني -ومائة.

فمن سمع منه بعد ذلك فليس بشيء.

ويزيد بن هارون، صحيح السماع منه، سمع منه بواسط، وهو يريد الكوفة. وأثبت الناس سماعا منه عبدة بن سليمان.

قلت: وممن عرف أنه سمع منه بعد اختلاطه وكيع، والمعافى بن عمران الموصلي. بلغنا عن ابن عمار الموصلي أحد الحفاظ أنه قال: ليست روايتهما عنه بشيء، إنما سماعهما بعدما اختلط.

وقد روينا عن يحيى بن معين أنه قال لوكيع: تحدث عن سعيد بن أبي عروبة وإنما سمعتَ منه في الاختلاط ؟ فقال: رأيتَني حدثت عنه إلا بحديث مستوٍ ؟

المسعودي ممن اختلط، وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهُذَلي، وهو أخو أبي العميس عتبة المسعودي. ذكر الحاكم أبو عبد الله في كتاب المزكين للرواة عن يحيى بن معين أنه قال: من سمع من المسعودي في زمان أبي جعفر فهو صحيح السماع، ومن سمع منه في أيام المهدي فليس سماعه بشيء.

وذكر حنبل بن إسحاق، عن أحمد بن حنبل أنه قال: سماع عاصم، هو ابن علي، وأبي النضر وهؤلاء، من المسعودي بعد ما اختلط.

ربيعة الرأي بن أبي عبد الرحمن، أستاذ مالك، قيل: إنه تغير في آخر عمره، وترك الاعتماد عليه لذلك.

صالح بن نبهان، مولى التوأمة بنت أمية بن خلف، روى عنه ابن أبي ذئب والناس.

قال أبو حاتم بن حبان: تغير في سنة خمس وعشرين ومائة، واختلط حديثه الأخير بحديثه القديم، ولم يتميز، فاستحق الترك.

حُصَين بن عبد الرحمن الكوفي، ممن اختلط وتغير، ذكره النسائي، وغيره، والله أعلم.

عبد الوهاب الثقفي، ذكر ابن أبي حاتم الرازي، عن يحيى بن معين أنه قال: اختلط بآخرةٍ.

سفيان بن عيينة، وجدت عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي: أنه سمع يحيى بن سعيد القطان يقول: أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين، فمن سمع منه في هذا السنة وبعد هذا فسماعه لا شيء.

قلت: توفي بعد ذلك بنحو سنتين، سنة تسع وتسعين ومائة.

عبد الرزاق بن همام: ذكر أحمد بن حنبل: أنه عمي في آخر عمره، فكان يلقن فيتلقن، فسماع من سمع منه بعد ما عمي لا شيء. قال النسائي: فيه نظر لمن كتب عنه بآخرة.

قلت: وعلى هذا نحمل قول عباس بن عبد العظيم، لما رجع من صنعاء: والله لقد تجشمت إلى عبد الرزاق، وإنه لكذاب، والواقدي أصدق منه.

قلت: قد وجدت فيما روي عن الطبراني، عن إسحاق بن إبراهيم الدَبَري، عن عبد الرزاق، أحاديث استنكرتها جدا، فأحلت أمرها على ذلك، فإن سماع الدبري منه متأخر جدا. قال إبراهيم الحربي: مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين، ويحصَّل أيضا في نظر من كثير من العوالي الواقعة عمن تأخر سماعه من سفيان بن عيينة وأشباهه.

عارم محمد بن الفضل، أبو النعمان، اختلط بآخرة. فما رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذُهَلي وغيرهما من الحافظ، ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه.

أبو قِلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي، روينا عن الإمام ابن خزيمة أنه قال: حدثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد.

وممن بلغنا عنه ذلك من المتأخرين أبو أحمد الغِطريفي الجرجاني، وأبو طاهر حفيد الإمام ابن خزيمة.

ذكر الحافظ أبو علي البرذعي ثم السمرقندي في معجمه: أنه بلغه أنهما اختلطا في آخر عمرهما.

وأبو بكر بن مالك القَطِيعي، راوي مسند أحمد وغيره، اختل في آخر عمره وخرف، حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه.

واعلم: أن من كان من هذا القبيل محتجا بروايته في الصحيحين أو أحدهما، فإنا نعرف على الجملة: أن ذلك مما تميز، وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط، والله أعلم.

=========63.

النوع الثالث والستون: معرفة طبقات الرواة والعلماء

وذلك من المهمات التي افتضح بسبب الجهل بها غير واحد من المصنفين وغيرهم.

وكتاب الطبقات الكبير لمحمد بن سعد كاتب الواقدي كتاب حفيل كثير الفوائد، وهو ثقة، غير أنه كثير الرواية فيه عن الضعفاء، ومنهم الواقدي، وهو محمد بن عمر الذي لا ينسبه.

والطبقة في اللغة عبارة عن القوم المتشابهين، وعند هذا: فَرُبَّ شخصين يكونان من طبقة واحدة لتشابههما بالنسبة إلى جهة، ومن طبقتين بالنسبة إلى جهة أخرى لا يتشابهان فيها. فأنس بن مالك الأنصاري - وغيره من أصاغر الصحابة - مع العشرة وغيرهم من أكابر الصحابة من طبقة واحدة، إذا نظرنا إلى تشابههم في أصل صفة الصحبة.

وعلى هذا: فالصحابة بأسرهم طبقة أولى، والتابعون طبقة ثانية، وأتباع التابعين طبقة ثالثة، وهلم جرا.

وإذا نظرنا إلى تفاوت الصحابة في سوابقهم ومراتبهم كانوا - على ما سبق ذكره - بضع عشرة طبقة، ولا يكون عند هذا أنس وغيره من أصاغر الصحابة من طبقة العشرة من الصحابة، بل دونهم بطبقات.

والباحث الناظر في هذا الفن يحتاج إلى معرفة المواليد والوفيات، ومن أخذوا عنه ومن أخذ عنهم، ونحو ذلك، والله أعلم.

================

64.

النوع الرابع والستون: معرفة الموالي من الرواة والعلماء

وأهم ذلك معرفة الموالي المنسوبين إلى القبائل بوصف الإطلاق، فإن الظاهر في المنسوب إلى قبيلة - كما إذا قيل: فلان القرشي - أنه منهم صليبةً، فإذا بيان من قيل فيه قرشي من أجل كونه مولى لهم مهم.

واعلم أن فيهم من يقال فيه مولى فلان أو لبني فلانوالمراد به مولى العتاقة، وهذا هو الأغلب في ذلك. ومنهم من أطلق عليه لفظ المولى والمراد بها ولاء الإسلام. ومنهم أبو عبد الله البخاري، فهو محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم، نسب إلى ولاء الجعفيين لأن جده - وأظنه الذي يقال له الأحنف - أسلم وكان مجوسيا، على يد اليمان بن أخنس الجعفي، جد عبد الله بن محمد المُسَندي الجعفي أحد شيوخ البخاري.

وكذلك الحسن بن عيسى الماسرجِسي، مولى عبد الله بن المبارك، إنما ولاؤه من حيث كونه أسلم - وكان نصرانيا - على يديه.

ومنهم من هو مولى بولاء الحِلف والموالاة، كمالك بن أنس الإمام ونفره، هم أصبحيون حميريون صليبة، وهم موالٍ لتيم قريش بالحلف. وقيل: لأن جده مالك بن أبي عامر كان عسيفا على طلحة بن عبيد الله التيمي، أي أجيرا، وطلحة يختلف بالتجارة، فقيل: مولى التيميين، لكونه مع طلحة بن عبيد الله التيمي.

وهذا قسم رابع في ذلك، وهو نحو ما أسلفناه في مقسمٍ أنه قيل فيه مولى ابن عباس للزومه إياه.

وهذه أمثلة للمنسوبين إلى القبائل من مواليهم: أبو البَختَري الطائي سعيد ابن فيروز التابعي، هو مولى طيء.

أبو العالية رُفَيع الرياحي التميمي التابعي، كان مولى امرأة من بني رباح.

عبد الرحمن بن هرمز الأعرج الهاشمي، أبو داود الراوي عن أبي هريرة وابن بحينة وغيرهما، هو مولى بني هاشم.

الليث بن سعد المصري الفَهْمي، مولاهم.

عبد الله بن المبارك المروزي الحنظلي، مولاهم.

عبد الله بن وهب المصري القرشي، مولاهم.

عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث الجهني، مولاهم.

وربما نسب إلى القبيلة مولى مولاها، كأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي، الراوي عن أبي هريرة وابن عمر، كان مولى لمولى هاشم، لأنه مولى شُقران مولى رسول الله - ﷺ.

روينا عن الزهري قال: قدمت على عبد الملك بن مروان فقال: من أين قدمت يا زهري ؟ قلت: من مكة. قال: فمن خلفت بها يسود أهلها ؟ قلت: عطاء بن أبي رباح. قال: فمن العرب أم من الموالي ؟ قال: قلت: من الموالي. قال: وبمَ سادهم ؟ قلت: بالديانة والرواية. قال: إن أهل الديانة الرواية لينبغي أن يسودوا. قال: فمن يسود أهل اليمن ؟ قال: قلت: طاووس بن كيسان. قال: فمن العرب أم من الموالي ؟ قال: قلت: من الموالي. قال: وبم سادهم ؟ قلت: بما سادهم به عطاء. قال: إنه لينبغي. قال: فمن يسود أهل مصر ؟ قال: قلت: يزيد بن أبي حبيب. قال: فمن العرب أم من الموالي ؟ قال: قلت: من الموالي. قال: فمن يسود أهل الشام ؟ قال: قلت: مكحول. قال: فمن العرب أم من الموالي ؟ قال: قلت: من الموالي عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل. قال: فمن يسود أهل الجزيرة ؟ قلت: ميمون بن مهران. قال: فمن العرب أم من الموالي ؟ قال: قلت: من الموالي. قال: فمن يسود أهل خراسان ؟ قال: قلت: الضحاك بن مزاحم. قال: فمن العرب أم من الموالي ؟ قال: قلت: من الموالي. قال: فمن يسود أهل البصرة ؟ قال: قلت: الحسن بن أبي الحسن. قال: فمن العرب أم من الموالي ؟ قال: قلت: من الموالي. قال: ويلك فمن يسود أهل الكوفة ؟ قال: قلت: إبراهيم النخعي. قال: فمن العرب أم من الموالي ؟ قال: قلت: من العرب. قال: ويلك يا زهري ! فرّجت عني، والله لتسودن الموالي على العرب، حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها. قال: قلت: يا أمير المؤمنين ؟ إنما هو أمر الله ودينه، من حفظه ساد، ومن ضيعه سقط.

وفيما نرويه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: لما مات العبادلة صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي إلا المدينة، فإن الله خصَّها بقرشي، فكان فقيه أهل المدينة سعيد بن المسيب، غير مدافع.

قلت: وفي هذا بعض الميل، فقد كان حينئذ من العرب غير ابن المسيب فقهاء أئمة مشاهير، منهم الشعبي والنخعي، وجميع الفقهاء السبعة الذين منهم ابن المسيب عرب إلا سليمان بن يسار، والله أعلم.

==========

65.

النوع الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم

وذلك مما يفتقر حفاظ الحديث إلى معرفته في كثير من تصرفاتهم.

ومن مظان ذكره الطبقات لابن سعد. وقد كانت العرب إنما تنتسب إلى قبائلها، فلما جاء الإسلام، وغلب عليهم سكنى القرى والمدائن، حدث فيما بينهم الانتساب إلى الأوطان، كما كانت العجم تنتسب، وأضاع كثير منهم أنسابهم، فلم يبقَ لهم غير الانتساب إلى أوطانهم.

ومن كان من الناقلة من بلد إلى بلد، وأراد الجمع بينهما في الانتساب، فليبدأ بالأول، ثم بالثاني المنتقل إليه، وحسن أن يدخل على الثاني كلمة ثم فيقال في الناقلة من مصر إلى دمشق مثلا: فلان المصري، ثم الدمشقي. ومن كان من أهل قرية من قرى بلدة: فجائز أن ينتسب إلى القرية، وإلى البلدة أيضا، وإلى الناحية التي منها تلك البلدة أيضا. ولنقتد بالحاكم أبي عبد الله الحافظ، فنروي أحاديث بأسانيدها، منبهين على بلاد رواتها، ومستحسن من الحافظ أن يورد الحديث بإسناده، ثم يذكر أوطان رجاله واحدا فواحدا، وهكذا غير ذلك من أحوالهم.

أخبرني الشيخ المسند المعمر أبو حفص عمر بن محمد بن المعمر رحمه الله بقراءتي عليه ببغداد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو إسحاق بن عمر بن أحمد البرمكي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكُجي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا سليمان التيمي، عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: «لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام، أو قال: ثلاث ليال».

أخبرني الشيخ المسنِد أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي المقرئ رحمه الله بقراءتي عليه بنيسابور، عودا على بدء من ذلك، مرة على رأس قبر مسلم بن الحجاج قال: أخبرنا فقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي عند قبر مسلم أيضا ح وأخبرتني أم المؤيد زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن الشعري بقراءتي عليها بنيسابور مرة، وبقراءة غيري مرة أخرى رحمها الله، قلت: أخبرك إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر القارئ، قراءة عليه، قال:أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن مسرور قال: أخبرنا إ إسماعيل بن نجُيد السُّلمي قال: أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني حميد الطويل،

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»

قلت: يا رسول الله أنصره مظلوما، فكيف أنصره ظالما ؟ قال: «تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه».

الحديثان عاليان في السماع مع لطافة السند وصحة المتن، وأنس في الأول، فمن دونه إلى أبي مسلم بصريون، ومن بعد أبي مسلم إلى شيخنا فيه بغداديون. وفي الحديث الثاني أنس فمن دونه إلى أبي مسلم كما ذكرناه بصريون، ومن بعده من ابن نجيد إلى شيخنا نيسابوريون.

(أخبرني الشيخ الزكي أبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن أبي البركات بن الإمام أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بقراءتي عليه بنيسابور رحمه الله قال: أخبرنا جدي أبو عبد الله محمد بن الفضل قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري رحمه الله قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أبو حاتم مكي بن عبدان قال: أخبرنا عبد الرحمن بن بشر قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عبدة بن أبي لبابة: أن ورادا مولى المغيرة بن شعبة أخبره: أن المغيرة بن شعبة كتب إلى معاوية، كتب ذلك الكتاب له ورّاد: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول حين يُسَلِّم: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد».

المغيرة بن شعبة وورّاد وعبدة كوفيون، وابن جريج مكي، وعبد الرزاق صنعاني يمان، وعبد الرحمن بن بشر فشيخنا ومن بينهما أجمعون نيسابوريون.

ولله سبحانه الحمد الأتم على ما أسبغ من إفضاله، والصلاة والسلام الأفضلان على سيدنا محمد وآله وعلى سائر النبيين وآل كل، نهاية ما يسأل السائلون وغاية ما يأمل الآملون.)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. رائع

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. =============== . ...