روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

ب ميك

المدون

 

الأحد، 5 يونيو 2022

مجلد 16.و17. السلسلة الضعيفة محمد ناصر الدين الألباني

 مجلد 16.و17. السلسلة الضعيفة محمد ناصر الدين الألباني

مجلد 16.السلسلة الضعيفة محمد ناصر الدين الألباني

4956 - ( ما بال أقوام يتنقصون علياً ؟! من تنقص علياً فقد تنقصني ، ومن فارق علياً فقد فارقني ، إن علياً مني وأنا منه ، خلق من طينتي ، وخلقت من طينة إبراهيم ، وأنا أفضل من إبراهيم (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 667 :
$ضعيف جداً$
أورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 128) من حديث بريدة . قال : بعث رسول الله صلي الله عليه وسلم علياً أميراً على اليمن ، وبعث خالد بن الوليد على الجبل ، فقال :
"إن اجتمعتما فعلي على الناس" . فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله ، وأخذ علي جارية من الخمس ، فدعا خالد بن الوليد بريدة فقال : اغتنمها ؛ فأخبر النبي صلي الله عليه وسلم ما صنع . فقدمت المدينة ودخلت المسجد ؛ ورسول الله صلي الله عليه وسلم في منزله ، وناس من أصحابه على بابه ، فقالوا : ما الخبر يا بريدة ؟ فقلت : خيراً ! فتح الله على المسلمين . فقالوا : ما أقدمك ؟ قلت : جارية أخذها على من الخمس ، فجئت لأخبر النبي صلي الله عليه وسلم . فقالوا : فأخبر النبي صلي الله عليه وسلم ؛ فإنه يسقط من عين النبي صلي الله عليه وسلم ، ورسول الله صلي الله عليه وسلم يسمع الكلام ، فخرج مغضباً فقال ... فذكره .
"يا بريدة ! أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ ، وأنه وليكم بعدي ؟!" . فقلت : يا رسول الله ! بالصحبة ، إلا بسطت يدك فبايعتني على الإسلام جديداً . قال : فما فارقته حتى بايعته على الإسلام . وقال الهيثمي :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه جماعة لم أعرفهم ، وحسين الأشقر ؛ ضعفه الجمهور ، ووثقه ابن حبان" .
قلت : قال في "الميزان" :
"قال خ : فيه نظر . وقال أبو زرعة : منكر الحديث . وقال أبو حاتم : ليس بقوي . وقال الجوزجاني : غال شتام للخيرة ... وأما ابن حبان ؛ فذكره في (الثقات)" .
وأقول : إن قصة بريدة هذه مع علي ؛ وردت عنه من طرق : عند النسائي في "الخصائص" (ص 15-16) ، وأحمد (5/ 347،350،350-351،356،359) ، وابن عساكر (12/ 105/ 2-108/ 1) من طرق عنه بعضها صحيح ، وليس في شيء منها حديث الترجمة .
نعم ؛ في بعضها قصة الجارية ، وقوله صلي الله عليه وسلم في آخرها :
"فإن له في الخمس أكثر من ذلك" .
(تنبيه) : قال الشيعي في "مراجعاته" (ص 155-156) - بعد أن ساق الحديث من طريق الطبراني هذه - :
"وهذا الحديث مما لا ريب في صدوره ، وطرقه إلى بريدة كثيرة ، وهي معتبرة بأسرها" !
فأقول : وهذا كذب مكشوف ، فمن أين لهذه الطريق الاعتبار ؛ وفيها ما عرفت من جهالة جماعة من رواته ، وضعف حسين الأشقر مع تشيعه ؟!
وهب أن هذا مرضي عنه عند الشيعي ؛ فهل الجماعة من الشيعة أيضاً على جهالتهم ؟!
ثم إنه إن كان يعني أنه لا ريب في صدوره من رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ فهو التقول على رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وحسبه قوله صلي الله عليه وسلم :
"من حدث عني بحديث يرى أنه كذب ؛ فهو أحد الكاذبين" .
وكيف لا يرى أن هذا الحديث كذب ؛ مع تفرد أولئك المجهولين وذاك الشيعي الضعيف به ، دون سائر الرواة الثقات وغيرهم كما سبق بيانه ؟! فصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ يقول :
"إذا لم تستحي ؛ فاصنع ما شئت" .

(/1)


4957 - ( سألت الله فيك خمساً ، فأعطاني أربعاً ومنعني واحدة : سألته فأعطاني فيك أنك أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة . وأنت معي ؛ معك لواء الحمد ، وأنت تحمله . وأعطاني أنك ولي المؤمنين من بعدي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 669 :
$موضوع$
أخرجه الخطيب في ترجمة أحمد بن غالب بن الأجلح أبي العباس من "تاريخه" (4/ 338-339) بروايته عن محمد بن يحيى بن الضريس : حدثنا عيسى بن عبدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب : حدثني أبي عبدالله بن عمر عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب مرفوعاً .
قلت : ولم يذكر في ترجمته جرحاً ولا تعديلاً .
لكن الآفة من عيسى هذا ؛ قال الدارقطني :
"متروك الحديث" . وقال ابن حبان :
"يروي عن آبائه أشياء موضوعة" . وقال أبو نعيم :
"روى عن آبائه أحاديث مناكير ، لا يكتب حديثه ، لا شيء" .
قلت : وساق له ابن عدي (ق 295/ 1) جملة من مثل هذا الحديث ، وقال :
"وله غير ما ذكرت ، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه" .
قلت : وأورده ابن عراق في (الوضاعين والكذابين) الذين ساق أسماءهم في فصل خاص في أول كتابه (1/ 17-133) .
وإن مما يؤكد ذلك ؛ قوله في هذا الحديث :
"أنك أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة" !
فإن هذا من خصوصيات النبي صلي الله عليه وسلم وحده ؛ كما جاء في "الصحيحين" وغيرهما ؛ من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وسواهما .
فجاء هذا الكذاب ، فجعله من خصوصيات علي رضي الله عنه . فقبح الله الوضاعين ، وقبح معهم من يذيع أكاذيبهم ، ويسود الكتب بها !
(تنبيه) : أورد الشيعي هذا الحديث محتجاً به في "مراجعاته" دون أي تخريج ؛ اللهم إلا أنه ذكر أنه من أحاديث "الكنز" (ص 396 جزء 6) !
واقتصاره على هذا فقط : من تدليساته التي لا تتناهى ، ولا يمكن للقارىء - بل لأكثر القراء - أن يكتشفوا سرها ؛ فإن من عادته أن يخرج الحديث بعزوه إلى بعض أئمة الحديث غالباً ؛ كأن يقول : رواه أحمد و الطبراني و ... ، ثم يذكر المصدر الذي نقل ذلك منه كـ "الكنز" مثلاً ؛ وهو الغالب عليه ، فلماذا لم ينقل عنه مخرج هذا الحديث ؟!
ذلك ؛ لأنه لو فعل لانفضح أمره ، ذلك ؛ أن "الكنز" قال في الموضع الذي أشار إليه الشيعي نفسه :
"رواه ابن الجوزي في (الواهيات)" .
قلت : وكل من شم رائحة الحديث ، وعلم الكتب المنصفة فيه ؛ يعلم أن "الواهيات" كتاب لابن الجوزي خصه بالأحاديث الواهية والمنكرة ، التي لم تبلغ عنده دركة الوضع ، وهذا غالبي ، فكثيراً ما يورد فيه بعض الموضوعات أيضاً ، كما نبه على ذلك الحفاظ .
وعليه ؛ فعزو الحديث إلى "الواهيات" تضعيف له ؛ من أجل ذلك لم ينقل الشيعي عن "الكنز" رواية ابن الجوزي له في "الواهيات" !!
وقد يقول قائل : لعل الشيعي لا يعلم موضوع كتاب "الواهيات" ؛ فلا يلزم أن نسيء الظن به ، ونجزم أنه تعمد ترك عزو الحديث إليه لما ذكرت !
فأقول : إني أستبعد ذلك عنه ، ولئن سلمنا به ؛ فقد خلصناه من إساءة الظن به وألصقنا به الجهل ؛ بما يترفع عنه المبتدئون في هذا العلم ، فسواء كان هذا أو ذاك ؛ فأحلاهما مر !
ولقد ذكرني هذا الجهل المنسوب للشيعي بقصة طريفة تروى ؛ خلاصتها : أن خطيباً في بعض القرى ذكر حديثاً في خطبته ؛ قال عقبه :
"رواه ابن الجوزي في (الموضوعات)" !!

(/1)


4958 - ( اللهم ! إن أخي موسى سألك ؛ (قال رب اشرح لي صدري . ويسر لي أمري . واحلل عقدة من لساني . يفقهوا قولي . واجعل لي وزيراً من أهلي . هارون أخي . اشدد به أزري . وأشركه في أمري . كي نسبحك كثيراً . و نذكرك كثيراً . إنك كنت بنا بصيراً) . فأوحيت إليه : (قد أوتيت سؤلك يا موسى) . اللهم ! وإني عبدك ونبيك ، فاشرح لي صدري ، ويسر لي أمري ، واجعل لي وزيراً من أهلي ، علياً اشدد به ظهري ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 672 :
$موضوع$
أورده الشيعي في "مراجعاته" (ص 161) من رواية الثعلبي في "تفسيره" بالإسناد إلى أبي ذر قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم بهاتين - وإلا صمتا - ورأيته بهاتين - وإلا عميتا - يقول :
"علي قائد البررة ، وقاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله" .
أما إني صليت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات يوم ، فسأل سائل في المسجد ؛ فلم يعطه أحد شيئاً ، وكان علي راكعاً ، فأومأ بخنصره إليه - وكان يتختم بها - ، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره ، فتضرع النبي صلي الله عليه وسلم إلى الله عز وجل يدعوه ، فقال ... فذكره . قال أبو ذر : فوالله ! ما استتم رسول الله صلي الله عليه وسلم الكلمة ؛ حتى هبط عليه الأمين جبريل بهذه الآية : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون . ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) .
قلت : وسكت الشيعي عن إسناده كعادته ، بل أخذ يوهم القراء بأنه صحيح ، وذلك بأن نقل ترجمة الثعلبي عن ابن خلكان ؛ الذي نقل عن بعضهم أنه قال فيه :
"صحيح النقل ، موثوق به" !
فيتوهم من لا علم عنده ؛ أن هذا معناه أن كل ما ينقله من الأحاديث صحيح في ذاته ! وليس الأمر كذلك ، كما يعلمه عامة المشتغلين بهذا العلم الشريف ، وإنما المراد أنه لا ينقل إلا ما سمعه ، وأنه ثقة في روايته ما سمع ، كغيره من الحفاظ . وأما كون ما روى صحيحاً في نفسه أو لا ؛ فهذا أمر يعود إلى النظر في إسناده الذي روى الحديث به ؛ فإن صح فبها ؛ وإلا فإن مجرد روايته إياه لا تكون تصحيحاً له ؛ كما لا يخفى ، شأنه في ذلك شأن كل أئمة الحديث الذين لم يتقيدوا برواية الصحيح فقط .
وكم من حديث رواه الثعلبي هذا ، وهو مطعون فيه عند العلماء ، ومنه حديث الترجمة هذا ؛ فقد قال الحافظ ابن حجر - بعد أن ضعف الحديث من طريق أخرى في نزول الآية المذكورة في علي ، كما تقدم برقم (4921) - ؛ قال الحافظ (ص 56-57 ج4) :
"ورواه الثعلبي من حديث أبي ذر مطولاً ، وإسناده ساقط" .
ومضى كلام شيخ الإسلام مفصلاً في إبطاله تحت الحديث (4921) .
وقد حكم ابن عدي بوضع الطرف الأول منه من رواية أخرى .
وكذلك الذهبي ، بل حلف بالله على وضعه ! وقد سبق تخريجها برقم (357) .

(/1)


4959 - ( أيها الناس ! إني قد كرهت تخلفكم وتنحيكم عني ؛ حتى خيل إلي أنه ليس شجرة أبغض إلي من شجرة تليني ؛ لكن علي بن أبي طالب أنزله الله مني بمنزلتي منه ؛ رضي الله عنه كما أنا عنه راض ؛ فإنه لا يختار على قربي ومحبتي شيئاً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 673 :
$منكر$
أخرجه ابن عساكر (12/ 116/ 1-2) من طريق عبدالله بن صالح : أخبرنا ابن لهيعة عن بكر بن سوادة وابن هبيرة عن قبيصة بن ذؤيب وأبي سلمة عن جابر بن عبدالله قال :
خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ حتى نزل (خم) ؛ فتنحى الناس عنه ، ونزل معه علي بن أبي طالب ، فشق على النبي صلي الله عليه وسلم تأخر الناس عنه ، فأمر علياً فجمعهم . فلما اجتمعوا قام فيهم ، وهو متوسد على علي بن أبي طالب ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال ... فذكره . ثم قال :
"من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم ! وال من والاه ، وعاد من عاداه" . وابتدر الناس إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ، يبكون ويتضرعون إليه ، ويقولون : يا رسول الله ! إنما تنحينا ؛ كراهية أن نثقل عليك ، فنعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله ! فرضي عنهم رسول الله صلي الله عليه وسلم عند ذلك . فقال أبو بكر : يا رسول الله ! استغفر لنا جميعاً . فقال لهم :
"أبشروا ؛ فوالذي نفسي بيده ! ليدخلن الجنة من أصحابي سبعون ألفاً بغير حساب ، ومع كل ألف سبعون ألفاً ، ومن بعدهم مثلهم أضعافاً" . قال أبو بكر : يا رسول الله ! زدنا - وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم في موضع رمل - . فحفن بيديه من ذلك الرمل ملء كفيه ، ثم قال :
"هكذا" . قال أبو بكر : زدنا يا رسول الله ! ففعل مثل ذلك ثلاث مرات . فقال أبو بكر : زدنا يا رسول الله ! فقال عمر : ومن يدخل النار بعد الذي سمعنا من رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وبعد ثلاث حنفات من الرمل من الله ؟! فضحك رسول الله صلي الله عليه وسلم ! فقال : "والذي نفسي بيده ! ما يفي بهذا أمتي حتى يوفى عدتهم من الأعراب" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لسوء حفظ ابن لهيعة .
ونحوه عبدالله بن صالح .
والمتن منكر .
وحديث غدير (خم) صحيح ؛ قد جاء من طرق صحاح ليس فيها هذا المتن ، ولا التنحي ، ولا الشفاعة .
وقد ذكر الشيعي في "مراجعاته" (ص 172) نقلاً عن "صواعق ابن حجر" : أن ابن السماك أخرج عن أبي بكر مرفوعاً :
"علي مني بمنزلتي من ربي" . وسكت عنه كعادته ! وما وقفت على إسناده ، وما إخاله يصح ، والمعروف - ولا يصح - بلفظ :
".. بمنزلة رأسي من بدني" .
وقد مضى (3914) ، ولعله محرف منه !

(/1)


4960 - ( والذي نفسي بيده ! فليقيموا الصلاة ، وليؤتوا الزكاة ، أو لأبعثن إليهم رجلاً مني - أو كنفسي - ؛ فليضربن أعناق مقاتليهم ، وليسبين ذراريهم . فأخذ بيد علي فقال : هذا هو ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 675 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1/ 244) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة : أخبرنا عبيدالله بن موسى عن طلحة عن المطلب بن عبدالله عن مصعب بن عبدالرحمن عن عبدالرحمن بن عوف قال :
لما افتتح رسول الله صلي الله عليه وسلم مكة ؛ انصرف إلى الطائف فحاصرها تسع عشرة أو ثمان عشرة لم يفتحها ، ثم أوغل روحة أو غدوة ، [نزل]، ثم هجر ؛ فقال :
"أيها الناس ! إني فرط لكم ، وأوصيكم بعترتي خيراً ، وإن موعدكم الحوض ، والذي نفسي بيده ..." . قال :
فرأى الناس أنه أبو بكر أو عمر ؛ فأخذ ...
ومن طريق عبيدالله بن موسى : أخرجه البزار (3/ 223-224) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ طلحة هذا : هو ابن جبر ؛ أورده ابن أبي حاتم (2/ 1/ 480) ، وروى عن ابن معين أنه قال فيه :
"لا شيء" . وزاد في "الميزان" :
"وقال مرة : ثقة . وهاه الجوزجاني فقال : غير ثقة" . زاد في "اللسان" :
"وذكره ابن حبان في "الثقات" . وقال الطبري : لا تثبت بنقله حجة" .
قلت : والمطلب بن عبدالله صدوق ، لكنه كثير التدليس والإرسال ، كما قال الحافظ ، وقد أرسله في رواية كما يأتي .
وشيخه مصعب بن عبدالرحمن - وهو ابن عوف - غير معروف ، وقد أورده ابن أبي حاتم (4/ 303/ 1) برواية المطلب هذا عنه ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وأما قول الهيثمي (9/ 134) :
"رواه أبو يعلى ، وفيه طلحة بن جبر ؛ وثقه ابن معين في رواية ، وضعفه الجوزجاني ؛ وبقية رجاله ثقات" !
وأورده في موضع آخر (9/ 163) ، فقال :
"رواه البزار ، وفيه طلحة بن جبر ، وهو ضعيف" !
فأقول : الظاهر أن مصعباً هذا أورده ابن حبان في "الثقات" ؛ فاعتمده الهيثمي ، وهذا ليس بجيد ؛ لما عرف من تساهل ابن حبان في التوثيق ! على أن كتاب "الثقات" لا تطوله يدي الآن للتحقق من ورود مصعب فيه .
ثم رأيته فيه (5/ 411) ، وقال :
"روى عنه أهل المدينة . قتل يوم الحرة سنة (63) ، وكان على قضاء مكة" .
وقد خولف ابن جبر في إسناده ومتنه ، فقال ابن عبدالبر في "الاستيعاب" (3/ 1109-1110) :
"وروى معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن المطلب بن عبدالله بن حنطب قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لوفد ثقيف حين جاءه :
"لتسلمن أو لأبعثن رجلاً مني - أو قال : مثل نفسي - ؛ فليضربن أعناقكم ، وليسبين ذراريكم ، وليأخذن أموالكم" . قال عمر : فوالله ! ما تمنيت الإمارة إلا يومئذ ، وجعلت أنصب صدري له ؛ رجاء أن يقول : هو هذا . قال : فالتفت إلى علي رضي الله عنه ؛ فأخذ بيده ثم قال :
"هو هذا" .
قلت : وهذا إسناد صحيح ؛ ولكنه مرسل .
وإني لأستنكر منه قوله : "قال عمر : فوالله .... رجاء أن يقول : هو هذا" .
فإن هذا إنما قاله عمر يوم خيبر ؛ حين قال صلي الله عليه وسلم :
"لأعطين الراية ..." ؛ قال عمر : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ ، قال : فتساورت لها رجاء أن أدعى لها . قال : فدعا رسول الله صلي الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ... الحديث .
رواه مسلم (7/ 121) من حديث أبي هريرة .
ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى ؛ من رواية يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيغ عن أبي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"لينتهين بنو ربيعة ؛ أو لأبعثن عليهم رجلاً كنفسي ، ينفذ فيهم أمري ؛ فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية" .
فما راعني إلا وكف عمر في حجزي من خلفي : من يعني ؟ قلت : إياك يعني وصاحبك ؟! قال : فمن يعني ؟ قلت : خاصف النعل قال : وعلي يخصف النعل .
قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات ؛ لكن أبا إسحاق - وهو السبيعي - مدلس ، وكان اختلط ، وابنه يونس روى عنه بعد اختلاطه .
(تنبيه) : حديث الترجمة ؛ عزاه في "الكنز" (6/ 405) لابن أبي شيبة ، وقد رأيت أن أبا يعلى قد أخرجه من طريقه ، فعرفنا بواسطته إسناده الذي تمكنا به معرفة ضعف الحديث وعلته . فالحمد لله على توفيقه .
ثم رأيته في "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 85/ 12186) .
ورواه (12/ 68/ 12142) مختصراً عن شريك عن عياش العامري عن عبدالله ابن شداد قال :
قدم على رسول الله صلي الله عليه وسلم وفد أبي سرح من اليمن ، فقال لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكر نحوه .
وهذا مرسل ضعيف .

(/1)


4961 - ( يا أيها الناس ! إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله ، وإني لأظن أني موشك أن أدعى فأجيب ، وإني مسؤول ، وإنكم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت ، فجزاك الله خيراً . فقال : أليس تشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن جنته حق ، وناره حق ، وأن الموت حق ، وأن البعث حق بعد الموت ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ؟ قالوا : بلى نشهد بذلك . قال : اللهم ! اشهد . ثم قال :
أيها الناس ! إن الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني : علياً رضي الله عنه - . اللهم ! وال من ولاه . وعاد من عاداه . ثم قال :
يا أيها الناس ! إني فرطكم ، وإنكم واردون علي الحوض : حوض ما بين بصري إلى صنعاء ، فيه عدد النجوم قدحان من فضة . وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين ؛ فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، الثقل الأكبر : كتاب الله عز وجل ، سبب طرفه بيد الله ، وطرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به ؛ لا تضلوا ولا تبدلوا ، وعترتي أهل بيتي ؛ فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضا حتى يردا علي الحوض" .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 679 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 149/ 2) ، وابن عساكر (12/ 114/ 1-2) عن زيد بن الحسن الأنماطي : أخبرنا معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال :
لما صدر رسول الله صلي الله عليه وسلم من حجة الوداع ؛ نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهن ، ثم بعث إليهن ، فقم ما تحتهن من الشوك ، وعمد إليهن فصلى تحتهن ، ثم قام فقال ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ من أجل الأنماطي هذا ؛ قال أبو حاتم :
"منكر الحديث" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" !
ولم يعبأ به الحافظ ؛ فقال في "التقريب" :
"ضعيف" .
والحديث ؛ أورده الهيثمي (9/ 164-165) من رواية الطبراني بهذا التمام من حديث حذيفة بن أسيد ، وأعله بالأنماطي هذا ؛ إلا أنه حكى قول أبي حاتم وابن حبان فيه .
وأما الشيعي ؛ فقد صدر الحديث بقوله (ص 187) :
"أخرج الطبراني وغيره بسند مجمع على صحته عن زيد بن أرقم قال ..." فذكره بتمامه ؛ إلا أنه اختصر كلمات من أوله .
قلت : وفي كلام الشيعي هذا على قصره خطيئتان - ولا أقول : خطآن - :
الأولى : قوله : "بسند مجمع على صحته" ! فهذا كذب بواح ؛ فإن مثل هذه الدعوى لا يمكن إثباتها حتى من عالم ثقة متخصص في علم الحديث ، فكيف ومدعيها ليس في العير ولا في النفير ؟! بل هو ممن بلونا منه الكذب الكثير ، كما سبق بيانه مراراً .
ومن الدليل على ذلك : أنه لما أراد أن يثبت هذه الدعوى الكاذبة في الحاشية ؛ لم يزد على أن أضاف إليها دعوى كاذبة أخرى ، فقال :
"صرح بصحته غير واحد من الأعلام ؛ حتى اعترف بذلك ابن حجر .. في الصواعق ص 25" !
قلت : فلم يستطع أن ينقل عن أحد صحته إلا ابن حجر المذكور ، وليس هو الحافظ العسقلاني ، وإنما هو الهيتمي الفقيه . ومع الأسف ؛ فقد صرح هذا في الكتاب المذكور بأن سند الطبراني صحيح !
وهذا لا يقبل من مثله ؛ لأنه ليس من أهل المعرفة بالتصحيح والتضعيف ، لا سيما وفيه ذلك الأنماطي الذي جزم العسقلاني - كما سبق - بأنه ضعيف ، فأنى لإسناده الصحة ، بل الإجماع عليها ؟!
والأخرى : جعله الحديث من رواية زيد بن أرقم ، وإنما هو من رواية حذيفة ابن أسيد كما رأيت ! والظاهر أنه تعمد تغيير صحابي الحديث تضليلاً ؛ فإنه يفعل مثله أو نحوه كثيراً ! عامله الله بما يستحق !
واعلم أن الكلام إنما هو في خصوص هذا الإسناد الذي جاء بهذا السياق ، فلا يعترضن أحد علينا بأن حديث (الغدير) قد جاء من طرق كثيرة ؛ فهو صحيح قطعاً ! فإننا نقول :
نعم ؛ هو صحيح في الجملة ؛ إلا أن طرقها تختلف متونها اختلافاً كثيراً ، فما اتفقت عليه من المتن فهو صحيح ، ومن ذلك قوله :
"من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم ! وال من ولاه وعاد من عاداه" . وله طرق صحيحة قد كنت جمعت قسماً كبيراً منها في "الصحيحة" (1750) .
وما اختلف عليه منه ؛ فالمرجع حينئذ إلى الإسناد ؛ فإن صح فبها ، وإن لم يصح فلا .
ولا يجوز حينئذ تصحيح هذا النوع - كما يفعل الشيعي - بالنوع الأول ، كما هو ظاهر لا يخفى على أولي النهى ؛ فإن أهل الأهواء كثيراً ما يستغلون الحديث الضعيف إسناده ؛ لأن له سياقاً خاصاً لم يرد في الأسانيد الصحيحة ، ثم يزعمون أن الحديث صحيح ، ويعنون أصله ، وهم يستدلون بذلك على السياق الخاص !!
ثم اعلم أن الحديث ؛ قد روى مسلم (7/ 122-123) من طريق أخرى طرفاً منه من حديث يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال :
قام رسول الله صلي الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى : (خماً) - بين مكة والمدينة - فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ؛ ثم قال :

(/1)


"أما بعد : ألا أيها الناس ؛ فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ؛ أولهما : كتاب الله ، فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به" . فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال :
"وأهل بيتي ؛ أذكركم الله في أهل بيتي ؛ أذكركم الله أهل بيتي" (ثلاثاً) .
وهكذا أخرجه أحمد (5/ 366-367) .
وأخرجه النسائي في "الخصائص" (ص 15) ، والحاكم (3/ 109) من طريق الأعمش : حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد به نحوه ، وزاد :
"فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؛ فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض" . ثم قال :
"إن الله مولاي ، وأنا ولي كل مؤمن" . ثم إنه أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال :
"من كنت وليه فهذا وليه ، اللهم ! وال من والاه ، وعاد من عاداه" . وزاد الحاكم :
"فذكر الحديث بطوله" . وقال :
"صحيح على شرط الشيخين" ! وسكت عنه الذهبي !
وأقول : هو كما قال ؛ لولا أن حبيب بن أبي ثابت مدلس ، وقد عنعنه .
وقد اختلف عليه في إسناده : فروي عنه هكذا .
وروي عنه عن زيد بن أرقم به دون قوله :
"إن الله مولاي ..." إلخ .
أخرجه الترمذي من طريق الأعمش أيضاً عن عطية عن أبي سعيد ، والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد به ... فأسقط من بينهما أبا الطفيل .
أخرجه الترمذي (2/ 308) . وقال :
"حسن غريب" .
وأخرجه أحمد (3/ 17،26) من هذا الوجه بأتم منه .
وقول الشيعي (ص 20) أنه أخرجه من طريقين ... من أكاذيبه !
ثم أخرجه الحاكم (3/ 533) من طريق كامل أبي العلاء : سمعت حبيب ابن أبي ثابت يخبر عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم قال :
خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ حتى انتهينا إلى غدير (خم) ، فأمر بروح ، فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حراً منه ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال :
"يا أيها الناس ! إنه لم يبعث نبي قط إلا عاش نصف ما عاش الذي كان قبله ، وإني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده : كتاب الله عز وجل" ، ثم قام فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال :
"يا أيها الناس ! من أولى بأنفسكم ؟!" قالوا : الله ورسوله أعلم ! قال :
"من كنت مولاه ؛ فعلي مولاه" . وقال الحاكم :
"صحيح الإسناد" ! ووافقه الذهبي !
وأقول : وهو كما قالا ؛ لولا عنعنة حبيب .
على أن كاملاً أبا العلاء - وإن كان من رجال مسلم - ؛ ففي حفظه ضعف ، كما أشار إلى ذلك الحافظ بقوله :
"صدوق يخطىء" .
فمخالفة مثله للأعمش مما يتوقف فيه .
على أن حديثه في الجملة - أو غالبه - صحيح ؛ لأنه ثابت في الطرق والأحاديث الأخرى ؛ إلا ما يتعلق بالبعث ؛ فعندي فيه وقفة الآن ؛ فإن جاء له شاهد معتبر به تقوى به .
وقد جاء هذا في حديث زيد هذا من رواية الطبراني ، ساقه الهيثمي (9/ 163-164) بأتم من رواية الحاكم ؛ إلا أنه أعله بأن فيه حكيم بن جبير ؛ وهو ضعيف . وقد نقلت عنه فيما تقدم طرفاً منه (رقم : 4914) .
(تنبيه) : يكشف لك هذا التخريج أن حديث الغدير قد اختلف رواته - قبل مخرجيه من الأئمة - في سياقه ؛ فمنهم المطول ، ومنهم المختصر .
فمن جنف الشيعي وحيفه وطغيانه وحقده على أئمة السنة ؛ قوله - بعد أن ساق بعض الروايات فيه - ومنها رواية النسائي عن زيد - ؛ قال (ص 190) :
"وهذا الحديث ؛ أخرجه مسلم من عدة طرق عن زيد بن أرقم ، لكنه اختصره فبعثره - وكذلك يفعلون -" !!
كذا قال ! فض الله فاه ! ما أقل حياءه ! فما الذي حمله على اتهام الإمام مسلم بأنه هو الذي اختصره - إن كان هناك اختصار مقصود - دون من فوقه من رواته ؟! وكيف يصح اتهامه إياه بذلك ، وهذا الإمام أحمد قد رواه أيضاً مثل روايته مختصراً ؟!
ثم ماذا يقول عن النسائي وغيره ممن أخرج الحديث من طرق أخرى ؛ يزيد بعضهم على بعض ، وينقص بعضهم عن بعض ، وخصوصاً الترمذي في روايته ، أكل هؤلاء اختصروا الحديث وبتروه ؟!
بل ماذا يقول هذا الشيعي الجائر في صنيع الحاكم نفسه - وهو المتهم بالتشيع الصريح - بأنه اختصر الحديث بقوله المتقدم :
".. فذكر الحديث بطوله" ؟!
أليس الحاكم هو الأولى بأن يتهم باختصار الحديث من مسلم ، لو كان الاختصار تهمة ؟! ولكن صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"إذا لم تستح فاصنع ما شئت" .
ومن تقادير الله اللطيفة : أنه كشف عن أن الأمر الذي اتهم الشيعي الإمام مسلماً به : إنما هو صنيع الشيعي نفسه ، فهو الذي يختصر الروايات ويبترها ؛ لهوى في نفسه ؛ فإنه - بعد أن صعن في الإمام تلك الطعنة الفاشلة - قال :
"وعن سعد أيضاً قال : كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فلما بلغ غدير (خم) ؛ وقف للناس ..." .
قلت : فذكر الحديث ؛ وهو صحيح المتن ضعيف السند ؛ لأن فيه راوياً فيه جهالة . ومع ذلك فقد وقع في سياقه ما يدل على ضعف راويه ، وهو قوله في أوله :
كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم بطريق مكة وهو متوجه إليها ، فلما بلغ ... الحديث .

(/2)


هكذا نصه عند مخرجه النسائي الذي عزاه الشيعي إليه . ومع ذلك ؛ حذف منه قوله :
بطريق مكة وهو متوجه إليها ! دون أن ينبه على ذلك ؛ لأنه لو فعل خشي أن يتسرب إلى بعض القراء الشك في صحة أصل الحديث ! ولكنه لجهله بهذا العلم ؛ لا يستطيع أن يدفع الشك المشار إليه بمثل أن يقال : أصل الحديث صحيح !
وأما قوله : وهو متوجه إليها ... فهو خطأ من بعض رواته ؛ لأن الطرق الأخرى في حديث زيد وغيره متفقة على أن ذلك كان مرجعه من حجة الوداع . وقد ذكر الشيعي نفسه بعض الروايات في ذلك (ص 188،189) .
وبهذا يتبين أنه قد صدق في الشيعي المثل السائر : (رمتني بدائها وانسلت) !!
واعلم أن من الاستغلال الذي أشرت إليه فيما سبق : أن حديث الغدير ؛ أورده الشيعي (190) من رواية الإمام أحمد من حديث البراء بن عازب من طريقين - كذا قال - ، فذكره ، وزاد - بعد قوله صلي الله عليه وسلم : "وعاد من عاداه" - :
قال : فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال له : هنيئاً يا ابن أبي طالب ! أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة !!
قلت : ليس في حديث البراء هذا زيادة أخرى على الأحاديث الأخرى التي ساقها الشيعي ، فهو إنما ساقه من حديثه من أجل هذه الزيادة !
وهي مما لا يصح في حديث الغدير الصحيح ؛ فإن الإمام أحمد أخرجه في الصفحة التي ذكرها الشيعي نفسه (4/ 281) من طريق حماد بن سلمة : أنبأنا علي ابن زيد عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب به .
قلت : وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف ؛ كما تقدم مراراً .
ومن طريقه : أخرجه ابن عساكر أيضاً (12/ 114/ 2) ، وكذا ابن ماجه (116) ؛ ولكنه لم يذكر هذه الزيادة .
ولعله تعمد حذفها إشارة منه إلى نكارتها ؛ لتفرد ابن جدعان بها في هذه الطريق .
نعم ؛ تابعه عليها - عند ابن عساكر - أبو هارون العبدي .
ولكنه شر منه ؛ فإنه متهم بالكذب .
ومما يؤكد نكارة هذه الزيادة : ما رواه أبو إسحاق عن البراء وزيد بن أرقم قالا ... الحديث دون الزيادة .
أخرجه ابن شاهين في "السنة" (رقم 12 - منسوختي) ، وابن عساكر (12/ 115/ 1) .
(تنبيه) : قول الشعي فيما تقدم :
إن الحديث رواه أحمد من طريقين عن البراء بن عازب !
فهو من أكاذيبه التي لا تتناهى ؛ فإنما هو عنده من طريق ابن جدعان فقط ؛ كما سبق .
قلت : ومن ذلك الاستغلال ؛ قول الشيعي (ص 195) :
"ورب قوم أقعدهم البغض عن القيام بواجب الشهادة ؛ كأنس بن مالك" !!
قلت : يشير بالشهادة إلى مناشدة علي رضي الله عنه من سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول يوم غدير (خم) ما قال ، فقام جمع فشهدوا ، فزعم الشيعي - عامله الله بما يستحق - أن أنساً رضي الله عنه أقعده البغض عن القيام بتلك الشهادة !!
وكذب عدو الله ! فما كان لأنس - وهو الذي خدم رسول الله صلي الله عليه وسلم عشر سنين ، ودعا له رسول الله صلي الله عليه وسلم خيراً - أن يكتم الشهادة !
والشيعي - في زعمه الكاذب هذا - إنما استدل عليه بروايتين :
الأولى : وعم أن علياً رضي الله عنه قال لأنس : ما لك لا تقوم مع أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فتشهد بما سمعته يؤمئذ منه ؟! فقال : يا أمير المؤمنين ! كبرت سني ونسيت . فقال علي : إن كنت كاذباً ؛ فضربك الله ببيضاء لا تواريها العمامة ! فما قام حتى ابيض وجهه برصاً . فكان بعد ذلك يقول : أصابتني دعوة العبد الصالح .
قلت : وهذه رواية شيعية تقطر فرية وإثماً ! وهي من رواياتهم الكثيرة التي لا سنام لها ولا خطام ، والشيعي نفسه لم ينسبها إلى أي مرجع من مراجع السنة .
أما من كتب أهل السنة ؛ فلأنه لا أصل لها في شيء منها .
وأما من كتب الشيعة ؛ فكأنه لم يعزه إلى شيء منها ؛ لعلمه بأن عزو مثل هذه الرواية إلى كتاب إنما هو فضيحة لها !
وعلى كل حال ؛ فليس الشاهد فيها ؛ وإنما في الرواية السنية الآتية :
الثانية : قال :
"ويشهد لها ما أخرجه الإمام أحمد في آخر (ص 119) من الجزء الأول من "مسنده" ؛ حيث قال : فقاموا إلا ثلاثة لم يقوموا ؛ فأصابتهم دعوته" !!
فأقول : والجواب من وجوه :
الأول : أن عزوها للإمام أحمد خطأ ؛ سببه الجهل بكتب السنة ؛ فإن الشيعي يظن أن كل ما في "مسند أحمد" هو من روايته ، وليس الأمر كذلك عند أهل العلم ، وليس هذا مجال بسط ذلك ؛ وإنما هي من رواية ابنه عبدالله عن غير أبيه ؛ فقد قال عبدالله في "مسند أبيه" - في المكان الذي أشار إليه الشيعي - : حدثنا أحمد ابن عمر الوكيعي : حدثنا زيد بن الحباب : حدثنا الوليد بن عقبة بن نزار العنسي : حدثني سماك بن عبيد بن الوليد العنسي قال : دخلت على عبدالرحمن بن أبي ليلى فحدثني :
أنه شهد علياً رضي الله عنه في الرحبة قال : أنشد الله ...
قلت : فذكر ما أشرنا إليه آنفاً ؛ وزاد في آخره :
"وانصر من نصره ، واخذل من خذله . فقام (كذا) إلا ثلاثة لم يقوموا ؛ فدعا عليهم ؛ فأصابتهم دعوته" !

(/3)


الثاني : أن الاحتجاج بهذه الزيادة التي في آخر هذه الرواية ؛ إنما يجوز إذا كان إسنادها ثابتاً ؛ وهيهات هيهات ؛ فإن فيه - كما رأيت - الوليد بن عقبة بن نزار العنسي ؛ وهو مجهول كما قال الحافظ . وقال الذهبي :
"لا يعرف" .
وقد خالفه يزيد بن أبي زياد عن عبدالرحمن بن أبي ليلى به دون هذه الزيادة .
وخالفه كل من روى قصة المناشدة هذه عن علي رضي الله عنه ؛ وهم جمع من التابعين : عند أحمد (1/ 84،118،119) ، والنسائي (ص 16،17،18،29) ، وابن عساكر (12/ 110/ 2-113/ 1) ؛ كل هؤلاء لم يذكروا الزيادة المتضمنة للاستثناء .
الثالث : هب أن الاستثناء المشار إليه ثابت في القصة ؛ فليس فيه تسمية الثلاثة الذين لم يقوموا ؛ فأصابتهم دعوة علي رضي الله عنه ؛ فضلاً أن يكون قد سمي منهم أنس بن مالك رضي الله عنه .
الرابع : هب أنهم سموا ، فليس فيه تعيين ما أصابهم من دعوته .
ومن البدهي : أنه يجوز تعيين الاسم والدعوة بمثل تلك الرواية الشيعية الجائرة ؛ لأنها بمنزلة الرواية الإسرائيلية التي يراد تفسير النص الشرعي الثابت بها !
وهذا باطل لا يخفى !
ومن ذلك أيضاً : ما ذكره (ص 200) قال :
"مما أخرجه أبو إسحاق الثعلبي في تفسير سورة المعارج بسندين معتبرين (!) :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما كان يوم غدير (خم) ؛ نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي ، فقال : "من كنت مولاه فعلي مولاه" ، فشاع ذلك فطار في البلاد ، وبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله صلي الله عليه وسلم على ناقة له ، فأناخها ونزل عنها وقال : يا محمد ! أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فقبلنا منك ، وأمرتنا أن نصلي خمساً ، فقبلنا منك ، وأمرتنا بالزكاة ، فقبلنا ، وأمرتنا أن نصوم رمضان ، فقبلنا ، وأمرتنا بالحج ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا ؛ فقلت : "من كنت مولاه فعلي مولاه" ، فهذا شيء منك أم من الله ؟! فقال صلي الله عليه وسلم : "فوالله الذي لا إله إلا هو ! إن هذا لمن الله عز وجل" . فولى الحارث يريد راحلته وهو يقول : اللهم ! إن كان ما يقول محمد حقاً ؛ فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ! فما وصل إلى راحلته حتى رماه اله سبحانه بحجر سقط على هامته ، فخرج من دبره فقتله ، وأنزل الله تعالى : (سأل سائل بعذاب واقع . للكافرين ليس له دافع . من الله ذي المعارج) ، انتهى الحديث بعين لفظه" !!
قلت : فهذا السياق باطل ، لا يشك في ذلك من عنده ذرة من علم بعلم الحديث والتفسير ، وبيانه من وجوه :
الأول : أن قوله : إن كان هذا هو الحق من عندك ... إنما هو من قول أبي جهل - لعنه الله - كما رواه البخاري في "صحيحه" . وهذا أصح مما روى الحاكم (2/ 502) عن سعيد بن جبير : أنه النضر بن الحارث بن كلدة ؛ لأن هذا مرسل .
الثاني : أن آية : (سأل سائل بعذاب واقع) إلى آخر السورة مكية ؛ فكيف يصح القول بأنها نزلت في (خم) بعد رجوعه من حجة الوداع ؟!
وقد روى جمع - منهم ابن الضريس - عن ابن عباس قال :
نزلت سورة (سأل) بمكة .
وروى ابن مردويه عن ابن الزبير مثله .
وروى الحاكم في مرسل سعيد بن جبير المتقدم :
أن الذي سأل هو النضر بن الحارث .
فهذا كله يبطل ما عزاه الشيعي إلى الثعلبي .
الثالث : أن روايات الغدير - ما صح منها وما لم يصح - ؛ لم يرد في شيء منها هذا التفصيل الذي تضمنته رواية الثعلبي هذه .
وأما قول الشيعي : "بسندين معتبرين" ! فهو غير مصدق في ذلك ؛ لكثرة ما بلونا عليه من الكذب ، ولجهله بهذا العلم الشريف ! وكثيراً ما يكون الحديث جاء من طريق واحدة يرويها صحابي واحد ، وعنه تابعي واحد ، وعنه تابع تابعي واحد ، ثم تتعدد الطرق من تحته ، فيقول الشيعي :
"من طريقين أو طرق" !
انظر - على سبيل المثال - التعليق المتقدم على (ص 685) من هذا الحديث ؛ تر عجباً .
ومن ذلك قوله (ص 38) - مشيراً إلى هذه القصة الباطلة - :
"أخرج الإمام الثعلبي في "تفسيره" هذه القضية مفصلة .... وأخرجها الحاكم في تفسير المعارج من "المستدرك" فراجع صفحة (502) من جزئه الثاني" !!
وأنت إذا رجعت إلى المكان المشار إليه من "المستدرك" ؛ لا تجد للقصة أو القضية - على تعبيره - ذكراً ، بل تجد ما يدل على نقيضها ، وهو مرسل سعيد بن جبير الذي سبق ! وسياقه هكذا : ... عن سعيد بن جبير : (سأل سائل بعذاب واقع . للكافرين ليس له دافع . من الله ذي المعارج) : ذي الدرجات . (سأل سائل) قال : هو النضر بن الحارث بن كلدة ؛ قال : اللهم ! إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء) .
قلت : فهذا هو نص القضية التي أحال عليها الشيعي ؛ فهل تجد فيه أن الآية نزلت فيمن جحد ولاية علي رضي الله عنه ؟! وأن الذي قال : اللهم ! إن كان ... ونزب فيه (سأل) هو الحارث بن النعمان الذي جاء في القصة الباطلة ؟! أم تجد فيه أنه النضر بن الحارث بن كلدة ؟!

(/4)


فماذا يستطيع الإنسان أن يقول في مثل هذا الشيعي الذي لا يتورع عن الكذب وعن تضليل القراء ؟! فإلى الله المشتكى !
ومن ذلك أيضاً قوله (ص 208) :
"وقيل لعمر - فيما أخرجه الدارقطني - : إنك تصنع لعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ؟ فقال : إنه مولاي" !!
قلت : نقله الشيعي عن كتاب "الصواعق" للهيتمي (ص 26) ؛ وقد سكتا عليه ! فبئس ما صنعا !!
فقد أخرجه ابن عساكر (12/ 119/ 1) من طريق الدارقطني بسنده عن سعيد بن محمد الأسدي : أخبرنا حسين الأشقر عن قيس عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد قال : قيل لعمر ...
قلت : فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ فيه علل :
الأولى : الانقطاع ؛ فإن سالماً لم يدرك عمر رضي الله عنه .
الثانية : حسين - وهو ابن الحسن الأشقر - ؛ فإنه - على ضعفه - من غلاة الشيعة ، وقد كذبه بعضهم .
الثالثة : سعيد بن محمد الأسدي ؛ إن لم يكن هو الوراق الثقفي الكوفي ؛ فلم أعرفه .
والثقفي مضى له ذكر في الحديث (4895) .

(/5)


4962 - ( لكل نبي وصي ووارث ، وإن علياً وصيي ووارثي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 694 :
$موضوع$
أخرجه ابن عدي - في ترجمة شريك بن عبدالله من "الكامل" (ق 193/ 1) - من طريق علي بن سهل : حدثنا محمد بن حميد : حدثنا سلمة : حدثني محمد بن إسحاق عن شريك بن عبدالله عن أبي ربيعة الإيادب عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعاً .
وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" بإسناده عن البغوي : حدثنا محمد بن حميد الرازي : حدثنا علي بن مجاهد : حدثنا محمد بن إسحاق به . وقال :
"الرازي ؛ كذبه أبو زرعة وغيره" .
أورده السيوطي في "اللآلىء" (1/ 186) ؛ وزاد :
"قلت : قال الجورقاني : هذا حديث باطل . وفي إسناده ظلمات : علي بن مجاهد ؛ كان يضع الحديث . ومحمد بن حميد ؛ كذبه صالح وغيره" .
قلت : وقد اختلف شيخ الرازي - في رواية ابن عدي عنه - عن شيخه في رواية البغوي كما ترى - ؛ فهو سلمة - وهو ابن الفضل - في رواية الأول ، وهو علي ابن مجاهد في رواية الآخر .
ولعل ذلك من تخاليط الرازي أو أكاذيبه .
وقد تابعه في روايته عن سلمة : أحمد بن عبدالله الفرياناني فقال : حدثنا سلمة بن الفضل به .
رواه ابن الجوزي في "الموضوعات" . وقال :
"الفرياناني يضع" .
وأقره السيوطي في "اللآلىء" ، ثم ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 356-357) .
قلت : ولعله سرقه من الرازي أو العكس ؛ وهذا أقرب ؛ فقد جاء عن غير واحد أن ابن حميد كان يسرق الحديث ، كما قال الذهبي .
وعلى كل حال ؛ فهما آفة الحديث .
وإن كان سلمة بن الفضل فيه ضعف من قبل حفظه .
وابن إسحاق من جهة عنعنته ؛ فإنه مدلس .
وشريك ؛ لسوء حفظه .
لكن الذهبي رفع العهدة عنه ، فقال عقب الحديث - وقد ساقه من طريق الرازي عن سلمة به - :
"قلت : هذا كذب ، ولا يحتمله شريك" .
قلت : وأشار إلى الآفة هو الرازي ؛ حيث قال عقب اسمه في سند الحديث :
"وليس بثقة" .
(تنبيه) قلت : نقل الشيعي في "مراجعاته" (ص 224) قول الذهبي المذكور بشيء من الخبث والمكر ، ثم قال :
"والجواب : أن الإمام أحمد بن حنبل والإمام أبا القاسم البغوي والإمام ابن جرير الطبري وإمام الجرح والتعديل ابن معين وغيرهم من طبقتهم ، وثقوا محمد ابن حميد ورووا عنه ؛ فهو شيخهم ومعتمدهم ؛ كما يعترف به الذهبي في ترجمة محمد بن حميد من (الميزان)" !!
قلت : فيه أنواع من الكذب والتدليس :
أولاً : قوله : "وثقوا محمد بن حميد" !! كذب بهذا التعميم ؛ فإن أحداً من المذكورين لم يصرح بتوثيقه ؛ سوى بن معين ، مع مخالفة الأئمة الآخرين إياه كما يأتي .
نعم ؛ سائر المذكورين رووا عنه ، ولا يلزم من ذلك أنه ثقة عندهم ، كما هو معلوم عند العارفين بهذا الشأن . فهذا ابن خراش من الرواة عنه يقول فيه :
"حدثنا ابن حميد ، وكان - والله - يكذب" . وقال صالح جزرة :
"كنا نتهم ابن حميد في كل شيء يحدثنا ؛ ما رأيت أجرأ على الله منه ؛ كان يأخذ أحاديث الناس فيقلب بعضها على بعض" !
نعم ؛ قد أثنى الإمام أحمد عليه خيراً ، ولكن هذا ليس نصاً في التوثيق أيضاً ؛ لاحتمال أنه لشيء آخر ، وهو الحفظ والعلم مثلاً ، وهذا هو الذي رواه ابنه عبدالله عنه ، فقال عبدالله عن أبيه :
"لا يزال بالري علم ؛ ما دام محمد بن حميد حياً" .
ثم هب أنه يلزم من كل ذلك أنهم وثقوه ؛ فمن المحتمل أن ذلك كان منهم قبل أن يتبين لهم كذبه الذي عرفه منه الآخرون من الأئمة ؛ فقد قال أبو علي النيسابوري :
"قلت : لابن خزيمة : لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد ؛ فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه ؟ فقال : إنه لم يعرفه ، ولو عرفه كما عرفناه ؛ ما أثنى عليه أصلاً" .
قلت : ومن المحتمل أن أولئك الأئمة الذين رووا عنه لم يستمروا على الرواية عنه ؛ فهذا داود بن يحيى يقول :
"حدثنا عنه أبو حاتم قديماً ، ثم تركه بآخرة" .
ثانياً : هب أن الشيعي صادق فيما نقله من التوثيق ؛ فذلك غير كاف للرد على قول الذهبي :
"ليس بثقة" ؛ لأن الشيعي يعلم أن في مقابل التوثيق تكذيباً صدر من أئمة آخرين ، فلا بد حينئذ من الترجيح ، ومن المعلوم أيضاً أن التكذيب جرح مفسر ، فهو مقدم على التوثيق ! هذا في قواعدنا نحن معاشر أهل السنة . وأما الشيعة ؛ فلست أعلم مذهبهم في ذلك وإن كان لا يعقل غير ما عليه أهل السنة .
وهب أن الأمر كذلك عندهم ؛ فذلك مما لا ينفع معهم ؛ لأنهم إنما يتبعون أهواءهم ، وقاعدة الغربيين : (الغاية تبرر الوسيلة) !!
ثالثاً : هب أن الرازي هذا ثقة على مذهب الشيعي ؛ فهل يلزم منه أن يكون من فوقه من رجال الإسناد ثقات أيضاً ؟! مع أننا قد سبق أن بينا أن الأمر ليس كذلك !
ثم هب أنهم ثقات ؛ فهل بمجرد ذلك يصح الإسناد ؛ أم لا بد من سلامته من كل علة قادحة ؟!
لعل الشيعي يعرف هذه الحقائق ، ثم هو يتجاهلها للقاعدة السابقة : (الغاية تبرر الوسيلة) !

(/1)


ومن أجل ذلك ؛ تراه يتجاهل حكم الأئمة الآخرين على الحديث بالوضع ؛ كالجورقاني ، وابن الجوزي ، وابن حجر العسقلاني ، والسيوطي ، وابن عراق !
رابعاً : قوله : "فهو شيخهم ومعتمدهم ، كما يعترف به الذهبي ..." ! كذب على الذهبي ؛ فإنه لم يذكر لفظ : "معتمدهم" أصلاً ، وإنما زادها الشيعي من عند نفسه زوراً وتضليلاً ، فعليه من الله مايستحق !

(/2)


4963 - ( ألا قلت : فكيف تكونان خيراً مني ؛ وزوجي محمد ، وأبي هارون ، وعمي موسى ؟! ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 698 :
$ضعيف$
أخرجه الترمذي (2/ 323) ، والحاكم (4/ 29) عن هاشم بن سعيد الكوفي : حدثنا كنانة قال : حدثتنا صفية بنت حيي قالت :
دخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ وقد بلغني عن حفصة وعائشة كلام ، فذكرت ذلك له فقال ... فذكره .
وكان الذي بلغها أنهم قالوا : نحن أكرم على رسول الله صلي الله عليه وسلم منها ، وقالوا : نحن أزواج النبي صلي الله عليه وسلم وبنات عمه .
هذا لفظ الترمذي . وقال :
"حديث غريب ، لا نعرفه من حديث ضفية إلا من حديث هاشم الكوفي ، وليس إسناده بذلك القوي" .
قلت : وقال الحافظ في "التقريب" :
"ضعيف" .
قلت : وكنانة مولى صفية ؛ لم يوثقه غير ابن حبان . لكن روى عنه جمع . وقال الحافظ :
"مقبول" !
وقد ذكر الحافظ في ترجمته من "التهذيب" أن الحديث رواه ابن عدي من طريق يزيد بن مغلس الباهلي : حدثنا كنانة بن نبيه مولى صفية ... فذكر الحديث .
قلت : وهذا ظاهره أن يزيد بن المغلس تابع هاشم بن سعيد . وحينئذ يتقوى الحديث بمتابعته .
ولكني أرى أن في إسناد ابن عدي انقطاعاً أو سقطاً ؛ فإن ابن المغلس إنما يروي عن مالك وطبقته من أتباع التابعين ، فمثله لم يدرك أحداً من التابعين قطعاً ، وكنانة منهم .
ويؤيده أنهم ذكروا في شيوخ يزيد هذا هاشم بن سعيد الراوي للحديث عن كنانة ، فالظاهر أنه هو الساقط بين يزيد وكنانة . والله أعلم .
والحديث ؛ بيض له الحاكم والذهبي ، ولعل ذلك لظهور ضعفه .
وأشار إلى ذلك ابن عبدالبر في ترجمة صفية من "الاستيعاب" (4/ 1872) بقوله :
"ويروى أن رسول الله صلي الله عليه وسلم دخل على صفية ..." فذكره .
وتجاهل الشيعي في "مراجعاته" (ص 239) ضعف الحديث ، فاستدل به على أن عائشة رضي الله عنها ليست أفضل من صفية وسائر زوجاته صلي الله عليه وسلم .
ومن غرائب جهله أو تجاهله : أنه عزاه للترمذي ، ولم ينقل عنه تضعيفه إياه بقوله :
"حديث غريب ..." إلخ .
كما جهل أو تجاهل أيضاً إشارة ابن عبدالبر إلى تضعيفه .
ولكن هذا غريباً منه وهو يكذب على العلماء الكذب الصريح ؛ كما تقدم بيانه مراراً وتكراراً !

(/1)


4964 - ( خذ هذا السيف ؛ فانطلق ، فاضرب عنق ابن عم مارية حيث وجدته ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 700 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الحاكم (4/ 39) من طريق أبي معاذ سليمان بن الأرقم الأنصاري عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت :
أهديت مارية إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعها ابن عم لها ؛ قالت : فوقع عليها وقعة ، فاستمرت حاملاً . قالت : فعزلها عند ابن عمها . قالت : فقال أهل الإفك والزور : من حاجته إلى الولد ادعى ولد غيره ! وكانت أمة قليلة اللبن ، فابتاعت له ضائنة لبون ، فكان يغذى بلبنها ، فحسن عليها لحمه . قالت عائشة رضي الله عنها : فدخل به على النبي صلي الله عليه وسلم ذات يوم . فقال :
"كيف ترين ؟" . فقلت : من غذي بلحم الضأن يحسن لحمه ! قال :
"ولا الشبه ؟" . قالت : فحملني ما يحمل النساء من الغيرة أن قلت : ما أرى شبهاً ! قالت : وبلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم ما يقول الناس . فقال لعلي ... (فذكر الحديث) . قالت : فانطلق ؛ فإذا هو في حائط على نخلة يخترف رطبات . قال : فلما نظر إلى علي ومعه السيف ؛ استقبلته رعدة . قال : فسقطت الخرقة ؛ فإذا هو لم يخلق الله عز وجل له ما للرجال ؛ شيء ممسوح .
قلت : سكت عنه الحاكم والذهبي ، ولعله لظهور ضعفه ؛ فإن سليمان بن الأرقم متفق بين الأئمة على تضعيفه ، بل هو ضعيف جداً ؛ فقد قال البخاري :
"تركوه" . وقال أبو داود ، وأبو أحمد الحاكم ، والدارقطني :
"متروك الحديث" . وقال أبو داود :
"قلت لأحمد : روى عن الزهري عن أنس في التلبية ؟ قال : لا نبالي روى أم لم يرو" ! وقال ابن عدي في آخر ترجمته - وقد ساق له نيفاً وعشرين حديثاً (154/ 1-2) - :
"وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد" .
قلت : وللحديث أصل صحيح ، زاد عليه ابن الأرقم هذا زيادات منكرة ، تدل على أنه سيىء الحفظ جداً ، أو أنه يتعمد الكذب والزيادة ؛ لهوى في نفسه ، ثم يحتج بها أهل الأهواء !
فأنا أسوق لك النص الصحيح للحديث ؛ ليتبين لك تلك الزيادات المنكرة ، فروى ثابت عن أنس :
أن رجلاً كان يتهم بأم ولد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لعلي :
"اذهب فاضرب عنقه" .
فأتاه علي ؛ فإذا هو في ركي يتبرد فيها . فقال له علي : اخرج . فناوله يده ، فأخرجه ؛ فإذا هو محبوب ليس له ذكر ، فكف علي عنه . ثم أتى النبي صلي الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إنه لمحبوب ؛ ما له ذكر .
أخرجه مسلم (8/ 119) ، والحاكم (4/ 39-40) ، وأحمد (3/ 281) ، وابن عبدالبر في ترجمة مارية من "الاستيعاب" (4/ 1912) ؛ كلهم عن عفان : حدثنا حماد بن سلمة : أخبرنا ثابت ... وقال الحاكم :
"صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه" !
فوهم في استدراكه على مسلم ! وقال ابن عبدالبر :
"وروى الأعمش هذا الحديث فقال فيه : قال علي : يا رسول الله ! أكون كالسكة المحماة ؛ أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ؟ فقال : بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب" .
قلت : هذه الزيادة لم أقف عليها من رواية الأعمش ، وإنما من رواية غيره من حديث علي نفسه ، وقد مضى تخريجه في "الصحيحة" برقم (1904) ، وليس فيه أيضاً تلك الزيادات المنكرة التي تفرد بها ابن الأرقم في هذا الحديث .
وأشدها نكارة ما ذكره عن عائشة أنها قالت : ما أرى شبهاً !
فقد استغلها عبدالحسين الشيعي في "مراجعاته" أسوأ الاستغلال ، واتكأ عليها في اتهامه للسيدة عائشة في خلقها ودينها ، فقال (ص 247-248) :
"وحسبك مثالاً لهذا ما أيدته - نزولاً على حكم العاطفة - من إفك أهل الزور إذ قالوا - بهتاناً وعدواناً - في السيدة مارية وولدها عليه السلام ما قالوا ، حتى برأهما الله عز وجل من ظلمهم براءة - على يد أمير المؤمنين - محسوسة ملموسة ! (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً)" !
وعلق على هذا بقوله :
"من أراد تفصيل هذه المصيبة ؛ فليراجع أحوال السيدة مارية رضي الله عنها في (ص 39) من الجزء الرابع من "المستدرك" للحاكم ، أو من "تلخيصه" للذهبي" !
يشير بذلك إلى هذا الحديث المنكر !
وإن من مكره وخبثه : أنه لم يكتف في الاعتماد عليه - مع ضعفه الشديد - بل إنه زد على ذلك أنه لم يسق لفظه ؛ تدليساً على الناس وتضليلاً ؛ فإنه لو فعل وساق اللفظ ؛ لتبين منه لكل من كان له لب ودين أن عائشة بريئة مما نسب إليها في هذا الحديث المنكر من القول - براءتها مما اتهمها المنافقون به ؛ فبرأها الله تعالى بقرآن يتلى - ، آمن الشيعة بذلك أم كفروا ، عامل الله الكذابين والمؤيدين لهم بما يستحقون ! وإنا لله وإنا إليه راجعون .
وتأمل ما في إيراده في آخر كلامه للآية الكريمة : (ورد الله الذين كفروا ...) من رمي السيدة عائشة بالكفر ، مع أنه يترضى عنها أحياناً (ص 229) ! ويتعرف (ص 238) بأن لها فضلها ومنزلتها !

(/1)


وما إخال ذلك منه إلا من باب التقية المعهودة منهم ، وإلا ؛ فكيف يتلقي ذلك مع حشره إياها في زمرة الذين كفروا ؟! عامله الله بما يستحق !
ثم إن الحديث ؛ أخرجه ابن شاهين أيضاً من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري به ؛ كما في "الإصابة" (6/ 14) للحافظ العسقلاني ؛ وقال :
"وسليمان ضعيف" .

(/2)


4965 - ( لقد رأيت خالاً بخدها ؛ اقشعرت كل شعرة منك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 704 :
$موضوع$
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/ 160-161) : أخبرنا محمد ابن عمر : حدثني الثوري عن جابر عن عبدالرحمن بن سابط قال :
خطب رسول الله صلي الله عليه وسلم امرأة من كلب ، فبعث عائشة تنظر إليها ، فذهبت ثم وجعت . فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"ما رأيت ؟" . فقالت : ما رأيت طائلاً . فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكره . فقالت : يا رسول الله ! ما دونك سر !
قلت : وهذا موضوع ؛ فإنه مع كونه مرسلاً ، فإن محمد بن عمر - وهو الواقدي - كذاب ، كما تقدم مراراً .
وقد استغل الشيعي أيضاً هذا الحديث الباطل استغلالاً غير شريف ؛ فطعن به على السيدة عائشة رضي الله عنها ، فنسبها إلى الكذب ، كما طعن عليها بالحديث الذي قبله !

(/1)


4966 - ( إنا لم نرد هذا ، إنا لم نرد هذا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 704 :
$ضعيف$
أخرجه الديلمي عن عائشة :
أنها خاصمت النبي صلي الله عليه وسلم إلى أبي بكر ؛ فقالت : يا رسول الله ! اقصد ! فلطم أبو بكر خدها ؛ وقال : تقولين لرسول الله صلي الله عليه وسلم : اقصد ؟! وجعل الدم يسيل من أنفها على ثيابها ، ورسول الله صلي الله عليه وسلم يغسل الدم من ثيابها بيده ؛ ويقول ... فذكره .
كذا في "كنز العمال" (7/ 116/ 1020) .
قلت : وعزوه للديلمي يشعر بضعف إسناده ؛ كما نص عليه في مقدمة "الجامع الكبير" ، ونقلته عنه في مقدمتي لكل من "صحيح الجامع الصغير وزيادته" و "ضعيف الجامع الصغير وزيادته" .
وقد صرح بضعفه الحافظ العراقي ؛ فقال في "تخريج الإحياء" (2/ 40) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، والخطيب في "التاريخ" من حديث عائشة بسند ضعيف" .
قلت : ومع ذلك ؛ احتج به الشيعي في "مراجعاته" (249) في الطعن في السيدة عائشة رضي الله عنها ! عامله الله بما يستحق !
وقد روى طرفاً منه ابن سعد (8/ 80) : أخبرنا محمد بن عمر : أخبرنا محمد بن عبدالله عن الزهري عن ابن المسيب قال :
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لأبي بكر :
"يا أبا بكر ! ألا تعذرني من عائشة ؟!" .
قال : فرفع أبو بكر يده ، فضرب صدرها ضربة شديدة ، فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"غفر الله لك يا أبا بكر ! ما أردت هذا" .
لكنه إسناد واه بمرة ؛ فإن محمد بن عمر - وهو الواقدي - كذاب .
ومحمد بن عبدالله : هو أبو بكر بن عبدالله بن محمد بن أبي سبرة ؛ قال الحافظ :
"رموه بالوضع" .
ثم وقفت على إسناد الحديث عند الديلمي في "مسنده" (ص 319-320- مصورة) : أخرجه من طريق إسماعيل بن إبراهيم المنقري عن أبيه عن مبارك بن فضالة عن عبيدالله بن عمر عن القاسم عن عائشة ...
قلت : والمبارك بن فضالة ؛ وإن كان صدوقاً ؛ فهو مدلس تدليس التسوية ! وغسماعيل بن إبراهيم المنقري وأبوه ؛ لم أعرفهما .

(/1)


4967 - ( إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 706 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1148) عن سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه عن عائشة أنها قالت :
وكان متاعي فيه خف ، وكان على جمل ناج ، وكان متاع صفية فيه ثقل ، وكان على جمل ثفال بطيء ؛ يبطىء بالركب ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"[حولوا متاع عائشة على جمل صفية] ، وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب" . قالت عائشة : فلما رأيت ذلك قلت : يا لعباد الله ! غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله صلي الله عليه وسلم ! قالت : فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"يا أم عبدالله ! إن متاعك كان فيه خف ، وكان متاع صفية فيه ثقل ، فأبطأ بالركب ، فحولنا متاعها على بعيرك ، وحولنا متاعك على بعيرها" . قالت : فقلت : ألست تزعم أنك رسول الله ؟! قالت : فتبسم فقال :
"أو في شك أنت يا أم عبدالله ؟!" . قالت : قلت : ألست تزعم أنك رسول الله ، فهلا عدلت ؟! وسمعني أبو بكر - وكان فيه غرب ؛ أي : حدة - ؛ فأقبل علي فلطم وجهي . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"مهلاً يا أبا بكر !" . فقال : يا رسول الله ! أما سمعت ما قالت ؟! فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لعنعنة ابن إسحاق ؛ فإنه مدلس .
وسلمة بن الفضل كثير الخطأ ؛ كما قال الحافظ . وقال الهيثمي (4/ 322) :
"رواه أبو يعلى ، وفيه محمد بن إسحاق ؛ وهو مدلس . وسلمة بن الفضل ، وقد وثقه جماعة : ابن معين وابن حبان وأبو حاتم ، وضعفه جماعة ، وبقية رجاله رجال "الصحيح" . وقد رواه أبو الشيخ ابن حبان في "كتاب الأمثال" ، وليس فيه غير أسامة ابن زيد الليثي ؛ وهو من رجال "الصحيح" ؛ وفيه ضعف ، وبقية رجاله ثقات" !
كذا قال ! وفي آخر كلامه وقفة عندي ؛ فقد قال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (2/ 40) :
"رواه أبو يعلى في "مسنده" ؛ وأبو الشيخ في "كتاب الأمثال" من حديث عائشة ، وفيه ابن إسحاق ؛ وقد عنعنه" .
قلت : فهذا صريح في مخالفة ما ذكره الهيثمي .
ومن المحتمل أن يكون أبو الشيخ أخرجه من طريقين ، في أحدهما ابن إسحاق دون الطريق الأخرى ، وفي هذه الليثي فقط كما أفاده الهيثمي ؛ فإن صح كلامه ؛ فالحديث حسن عندي على أقل المراتب . والله أعلم .

(/1)


4968 - ( علمني ألف باب ، يفتح كل باب ألف باب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 708 :
$منكر$
أخرجه ابن عدي (ق 111/ 2) ، وعنه ابن عساكر (12/ 161/ 1) من طريق ابن لهيعة : حدثني حيي بن عبدالله عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن عبدالله بن عمرو :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال في مرضه :
"ادعوا لي أخي" . فدعوا له أبا بكر ، فأعرض عنه . ثم قال :
"ادعوا لي أخي" . فدعوا له عمر ، فأعرض عنه . ثم قال :
"ادعوا لي أخي" . فدعي له عثمان ، فأعرض عنه . ثم قال :
"ادعوا لي أخي" . فدعي له علي بن أبي طالب ، فستره بثوب ، وانكب عليه . فلما خرج من عنده قيل له : ما قال ؟ قال ... فذكره . وقال ابن عدي :
"هذا حديث منكر ، ولعل البلاء فيه من ابن لهيعة ؛ فإنه شديد الإفراط في التشيع ، وقد تكلم فيه الأئمة ونسبوه إلى الضعف" .
وأقره الحافظ ابن عساكر ، ثم الحافظ الذهبي في ترجمة ابن لهيعة ، أورده في جملة ما أنكر عليه من الأحاديث .
والحديث ؛ مما احتج به الشيعي في "المراجعات" (ص 253) ؛ وقال :
"وأخرجه أبو نعيم في "حليته" ، وأبو أحمد الفرضي في "نسخته" كما في ص (392) من الجزء السادس من [الكنز]" !
وكذلك قال (ص 251) .
وأنا أظن أن عزوه إلى "الحلية" خطأ من صاحب "الكنز" أو طابعه ، اغتر به الشيعي ؛ فإن نصه في الموضع المشار إليه من الشيعي :
"عن علي قال : علمني رسول الله صلي الله عليه وسلم ألف باب .. (أبو أحمد الفرضي في "جزئه" ، وفيه الأجلح أبو جحفة (!) قال في "المغني" : صدوق شيعي جلد . حل)" !
قلت : والمعروف من صاحب "الكنز" - تبعاً لأصله "الجامع الكبير" - أنه يسوق رموز مخرجي الحديث أولاً ، ثم يتكلم عليه - على قلة كلامه - !
وهنا نجد رمز (حل) قد جاء بعد كلامه على الأجلح ، مما يشعر أنه مقحم !
وقد تأكدت من ذلك بعد رجوعي إلى نسخة مصورة عندي من "الجامع الكبير" ؛ فلم يقع فيها الرمز المذكور . وتأيد ذلك بأني رجعت إلى "فهرس الحلية" للشيخ الغماري ؛ فلم أر الحديث فيه .
(تنبيه) : حديث علي هذا مع ضعفه ؛ فإن الشيعي قد دس فيه زيادة من عنده ؛ دون أن ينبه القراء إلى ذلك ؛ فإنه ساقه عقب الحديث المتقدم (4945) الذي فيه : أن النبي صلي الله عليه وسلم توفي وهو مستند إلى علي ، فزاد - بعد قوله : ... علمني رسول الله صلي الله عليه وسلم - :
- يعني : حينئذ - . يعني : حين وفاته صلي الله عليه وسلم !
فإن قيل : إن معنى هذه الزيادة في حديث ابن عمرو ؛ فإنه صريح أن التعليم المذكور كان في مرضه .
فأقول : كلا ؛ ليس في معناه ، وذلك من وجهين :
الأول : أنه ليس فيه أن المرض هو مرض موته .
والآخر : هب أنه مرض موته ؛ فليس فيه أنه علمه ومات مستنداً إلى علي ؛ بل هو صريح بأن علياً خرج وتركه مريضاً .
فهذا كله من الأدلة الكثيرة على أن الشيعة يستحلون الدس والكذب في سبيل تأييد ما هم عليه من الضلال ! نسأل الله السلامة .
وفي الباب في فضل علي وأهل بيته : عن أبي أمامة الباهلي ، وسوف يأتي إن شاء الله تخريجه برقم (6254) .

(/1)


4969 - ( توفي [صلي الله عليه وسلم] وإنه لمستند إلى صدر علي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 710 :
$موضوع$
أخرجه ابن سعد (2/ 263) : أخبرنا محمد بن عمر : حدثني سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن أبي غطفان قال :
سألت ابن عباس : أرأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم توفي ورأسه في حجر أحد ؟ قال : توفي وهو لمستند إلى صدر علي . قلت : فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت :
توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم بين سحري ونحري ؟! فقال ابن عباس : أتعقل ؟! والله ! لتوفي رسول الله صلي الله عليه وسلم وإنه لمستند إلى صدر علي ؛ وهو الذي غسله وأخي الفضل ابن عباس . وأبي أبي أن يحضر ، وقال : إن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نستتر ، فكان عند الستر .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي - ؛ كذاب .
وشيخه سليمان بن داود بن الحصين ؛ لا يعرف ؛ أورده ابن أبي حاتم (2/ 1/ 111) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
ثم رأيت الحافظ قال في "الفتح" (8/ 107) :
"لا يعرف حاله" .
قلت : وإن مما يؤكد وضع الحديث ؛ مخالفته لحديث عروة المذكور عن عائشة ؛ فإن عروة وهو - ابن الزبير - من كبار التابعين وثقاتهم ، وقد رواه عنه جمع من الثقات في "مسند الإمام أحمد" (6/ 121،200،270،274) ، و "صحيح البخاري" (8/ 105-110) ، و "مسلم" (7/ 137-138) .
وتابعه عندهما جماعة من الثقات عن عائشة رضي الله عنها ، وكذلك في "المسند" (6/ 32،48،64،74،77،231،274) ، و "ابن سعد" (2/ 261،262) . فهو حديث مشهور عن عائشة رضي الله عنها ؛ إن لم يكن متواتراً .
ولذلك جزم به إبراهيم النخعي فقال : قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم يوص ، وقبض وهو مستند إلى صدر عائشة .
رواه ابن سعد بإسناد رجاله ثقات ؛ غير عبدالرحمن بن جريس ؛ ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 2/ 221) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
فمثل هذا الحديث المشهور عن عائشة يبعد جداً أن يخفى على ابن عباس رضي الله عنه ! فنفيه عن عائشة وإثباته لعلي رضي الله عنه ؛ إنما هو من صنع الكذابين من الشيعة أو من يساندهم .
ونحوه ما رواه الواقدي أيضاً : أخبرنا عبدالعزيز بن محمد عن حرام بن عثمان عن أبي حازم عن جابر بن عبدالله الأنصاري :
أن كعب الأحبار قام زمن عمر فقال - ونحن جلوس عند عمر أمير المؤمنين - : ما كان آخر ما تكلم به رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : سل علياً . قال : أين هو ؟ قال : هو هنا . فسأله ، فقال علي : أسندته إلى صدري ، فوضع رأسه على منكبي ، فقال :
"الصلاة الصلاة" . فقال كعب : كذلك آخر عهد الأنبياء وبه أمروا ، وعليه يبعثون . قال : فمن غسله يا أمير المؤمنين ؟! قال : سل علياً . قال : فسأله ؟ فقال : كنت أنا أغسله ، وكان عباس جالساً ، وكان أسامة وشقران يختلفان إلي بالماء .
أخرجه ابن سعد .
قلت : وهذا موضوع أيضاً ؛ والآفة الواقدي ، أو الشيخ شيخه حرام بن عثمان ؛ فقد قال الإمام الشافعي وغيره :
"الرواية عن حرام حرام" ! وقال الحافظ :
"وفي سنده الواقدي ، وحرام بن عثمان ؛ وهما متروكان" .
ومما يؤكد وضعه ، أن في رواية لعائشة في حديثها المتقدم :
فجعل يقول :
"في الرفيق الأعلى" ؛ حتى قبض .
أخرجه البخاري .
نعم ؛ قد روي بإسناد آخر خير من هذا عن علي قال :
كان آخر كلام رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"الصلاة الصلاة ! اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم" .
وله شواهد خرجتها في "الصحيحة" (868) من حديث أم سلمة وغيرها .
فإن صح هذا القدر عن علي ؛ فهو محمول على ما سمعه هو نفسه من النبي صلي الله عليه وسلم في مرضه ، فلا ينافي حينئذ قول عائشة المذكور ؛ لأنه محدد لا يقبل التخصيص كما هو ظاهر لكل ذي عينين .
ومن ذلك أيضاً : ما رواه الواقدي : حدثني عبدالله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن علي بن حسين قال :
قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم ورأسه في حجر علي .
أخرجه ابن سعد . قال الحافظ :
"فيه انقطاع ، مع الواقدي . وعبدالله فيه لين" .
ثم أخرج عن الواقدي : حدثني أبو الجويرية عن أبيه عن الشعبي مثله . قال الحافظ :
"فيه الواقدي ، والانقطاع ، وأبو الحويرث (قلت : وهو أبو الجويرية) ؛ اسمه عبدالرحمن بن معاوية بن الحارث المدني ؛ قال مالك : ليس بثقة . وأبوه لا يعرف حاله" .
قلت : وهذه الأحاديث الموضوعة ؛ لم يتورع عبدالحسين الشيعي - كعادته - عن الاحتجاج بها في معارضة حديث السيدة عائشة المعارض لها ؛ تحت عنوان :
"الصحاح المعارضة لدعوى أم المؤمنين" (ص 247-252) ! ولم يعزها لغير ابن سعد . ومدارها كلها - كما رأيت - على الواقدي الكذاب ، مع عدم سلامتها ممن فوقه .
ولم يكتف الشيعي بهذا ؛ بل أخذ يحتج بما جاء في "نهج البلاغة" و "شرحها" لابن أبي الحديد المعتزلي !!

(/1)


وضم إلى ذلك احتجاجه بحديث أم سلمة المتقدم تحت الحديث (4945) ؛ وتقديمه لحديثها - وهو ضعيف كما سبق - على حديث عائشة المروي من طرق كثيرة صحيحة عنها ! ثم رجحه على حديثها بالطعن عليها والغمز منها بأمور بعضها ثابت عنها ، منها أمور لازمة لغير الأنبياء المعصومين ، كحضورها وقعة المل ، وقد تابت منه . ومنها ما لا عيب عليها فيها ؛ كصلاة النبي صلي الله عليه وسلم إليها وهي مادة رجليها ! ومنها ما لا يصح نسبته إليها ، وإنما اعتماده في ذلك على كتب التاريخ التي تروي ما هب ودب ، وبخاصة "شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد المعتزلي ! إلى غير ذلك من الأمور التي يطول الكلام بنقدها ، ولم تتجه الهمة إلى بسط الكلام عليها .
لكن لا بد من الكلام على أمر منها ؛ قد يشكل على من لا علم عنده بطرق الحديث وألفاظه ، ومكر هذا الشيعي وخبثه وضلاله ، وطعنه في أهل السنة عامة ، وأم المؤمنين الصديقة بنت الصديق خاصة ؛ ألا وهو حديث البخاري عن عبدالله ابن عمر قال :
قام النبي صلي الله عليه وسلم خطيباً ، فأشار نحو مسكن عائشة فقال :
"ههنا الفتنة (ثلاثاً) من حيث يطلع قرن الشيطان" . ولفظه عند مسلم :
خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال :
"رأس الكفر من ها هنا ؛ حيث يطلع قرن الشيطان" .
فأوهم الشيعي قراءه أن الفتنة في الحديث إنما هي عائشة - رضي الله عنها ، وبرأها الله من ذلك كما برأها من المنافقين من قبل - !
وكل من أمعن النظر في بعض طرق الحديث - فضلاً عن مجموعها - ؛ يعلم يقيناً أن الجهة التي أشار إليها النبي صلي الله عليه وسلم بقوله : "ههنا" ؛ إنما هي جهة المشرق ، وهي على التحديد العراق ، والواقع يشهد أنها منبع الفتن قديماً وحديثاً .
وقد جمعت طرق الحديث وألفاظه وخرجتها في "الصحيحة" برقم (2494) ، وقد قدمت إليك خلاصتها بما فيه كفاية للكشف عن تدجيل الشيعي وبهته ، فلا داعي للإعادة .

(/2)


4970 - ( جاء الملك بصورتي إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم . فتزوجني رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا ابنة سبع سنين . وأهديت إليه وأنا ابنة تسع سنين . وتزوجني بكراً لم يكن في أحد من الناس . وكان يأتيه الوحي وأنا وهو في لحاف واحد . وكنت من أحب الناس إليه . ونزل في آيات من القرآن كادت الأمة تهلك فيها . ورأيت جبريل عليه الصلاة والسلام ؛ ولم يره أحد من نسائه غيري . وقبض في بيتي ؛ لم يله أحد غير الملك إلا أنا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 715 :
$منكر$
أخرجه الحاكم (4/ 10) من طريق إسماعيل بن أبي خالد : أنبأ عبدالرحمن بن الضحاك :
أن عبدالله بن صفوان أتى عائشة وآخر معه ، فقالت عائشة لأحدهما : أسمعت حديث حفصة يا فلان ؟! قال : نعم يا أم المؤمنين ؟! فقال لها عبدالله بن صفوان : وما ذاك يا أم المؤمنين ؟! قالت : خلال لي تسع ؛ لم يكن لأحد من النساء قبلي ؛ إلا ما آتى الله عز وجل مريم بنت عمران ، والله ! ما أقول هذا أني أفخر على أحد من صواحباتي . فقال لها عبدالله بن صفوان : وما هن يا أم المؤمنين ؟! قالت ... فذكره . وقال :
"صحيح الإسناد" ! ووافقه الذهبي !
قلت : ورجاله ثقات رجال مسلم ؛ غير عبدالرحمن بن الضحاك ، وقد أورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 246-247) من رواية إسماعيل بن أبي خالد هذا ؛ إلا أنه وقع فيه عبدالرحمن بن أبي الضحاك ! ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
ولم أره في "ثقات ابن حبان" ؛ فهو على كل حال مجهول ، فهو علة الحديث .
وقد وجدت له طريقاً أخرى ؛ إلا أنه لا يتقوى بها ، فقال ابن سعد (8/ 65) : أخبرنا هشام أبو الوليد : حدثنا أبو عوانة عن عبدالملك بن عمير عن عائشة به نحوه . وقال في الخلة الأخيرة :
ومرض رسول الله صلي الله عليه وسلم في بيتي ؛ فمرضته ، فقبض ولم يشهده غيري والملائكة .
قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير أن عبدالملك بن عمير لم يذكروا له رواية عن عائشة . على أنه قد رمي بالتدليس .
فمن المحتمل أن يكون الواسطة بينه وبينها رجلاً مطعوناً أو مجهولاً ؛ كعبدالرحمن هذا .
وإنما أوردت الحديث من أجل ذكر مريم فيه مع هذه الخلة الأخيرة ؛ فإني لم أجد لها شاهداً يقويها ، وقد استغلها الشيعي عبدالحسين في "مراجعاته" (257-258) ؛ فجزم بنسبة الحديث إليها ، ثم أخذ يغمز منها بسبب هذه الخلة ، وهي مما لم يثبت عنها كما تبين لك من هذا التخريج ، بخلاف الخلال التي قبلها ، فكلها صحيحة ثابتة عنها في "الصحيحين" وغيرهما .
فاعلم هذا ؛ يساعدك على دفع المطاعن الشيعية عن أم المؤمنين رضي الله عنها !

(/1)


4971 - ( دعوهن ؛ فإنهن خير منكم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 717 :
$منكر$
روي عن عمر بن الخطاب قال :
لما مرض النبي صلي الله عليه وسلم قال :
"ادعوا لي بصحيفة ودواة ؛ أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي أبداً" . فكرهنا ذلك أشد الكراهة . ثم قال :
"ادعوا لي بصحيفة ؛ أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده أبداً" . فقالت النسوة من وراء الستر : ألا يسمعون ما يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟! فقلت : إنكن صواحبات يوسف ! إذا مرض رسول الله صلي الله عليه وسلم عصرتن أعينكن . وإذا صح ركبتن رقبته ! فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكره . قال الهيثمي (9/ 34) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري ؛ قال العقيلي : في حديث نظر . وبقية رجاله وثقوا ، وفي بعضهم خلاف" !
قلت : ومحمد بن جعفر هذا ؛ لم أجده في "الضعفاء" للعقيلي !
وفي "الجرح والتعديل" (3/ 2/ 189) :
"محمد بن إسماعيل الجعفري ، وهو ابن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب . روى عن الدراوردي ... روى عنه أبو زرعة . سألت أبي عنه ؟ فقال : منكر الحديث ، يتكلمون فيه" .
قلت : فمن الظاهر أنه هذا ، وقع عند الطبراني منسوباً إلى جده ، ولكني لم أجده منسوباً إلى أبيه عند العقيلي ! فالله أعلم .
وذكر في "اللسان" أن أبا نعيم الأصبهاني قال :
"متروك" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" !
والحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث ابن عباس نحوه ؛ دون قوله : فقالت النسوة ... إلخ ؛ فهو منكر .
وراجع شرح الحديث في "فتح الباري" (1/ 185-187 و 8/ 100-103) .

(/1)


4972 - ( أنفذوا بعث أسامة ، لعن الله من تخلف عنه . وكرر ذلك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 718 :
$منكر$
أخرجه أبو بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري في "كتاب السقيفة" قال : حدثنا حمد بن إسحاق بن صالح عن أحمد بن سيار عن سعيد بن كثير الأنصاري عن رجاله عن عبدالله بن عبدالرحمن :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة المهاجرين والأنصار ؛ منهم أبو بكر ، وعمر ، و أبو عبيدة بن الجراح ، وعبدالرحمن بن عوف ، وطلحة ، والزبير ، وأمره أن يغير على مؤتة (قلت : فساق الحديث فيه) . وقام أسامة فتجهز للخروج ، فلما أفاق رسول الله صلي الله عليه وسلم سأل عن أسامة والبعث ، فأخبر أنهم يتجهزون ، فجعل يقول ... فذكره .
فخرج أسامة واللواء على رأسه ؛ والصحابة بين يديه ... إلخ .
قلت : ساقه هكذا - إلا ما اختصرته أنا - عبدالحسين الشيعي في "مراجعاته" (291-292) ، وسكت عليه كعادته ؛ إلا أنه زعم أن الشهرستاني أرسله إرسال المسلمات في المقدمة الرابعة من كتاب "الملل والنحل" !
وكأنه - لبالغ جهله بالحديث - لا يعلم أن الشهرستاني ليس من علماء هذا الشأن أولاً ، وأن إسناد الحديث الذي نقله عن الجوهري ضعيف لا يصح ثانياً !! وبيان هذا من وجوه :
الأول : أن عبدالله بن عبدالرحمن هذا ؛ يغلب على الظن أنه عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي عمرة الأنصاري الذي روى له ابن جرير في "تاريخه" (3/ 218-222) قطعة كبيرة من قصة بيعة السقيفة ، ولم أجد من ذكره غير ابن أبي حاتم (2/ 2/ 96) . وقال :
"روى عن جده أبي عمرة . روى عنه المسعودي" .
ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً !
الثاني : رجال سعيد بن كثير الأنصاري ؛ مبهمون لا يعرفون .
الثالث : حمد بن إسحاق بن صالح ؛ لم أجده .
الرابع : أحمد بن عبدالعزيز الجوهري : هو من رجال الشيعة المجهولين ، أورده الطوسي في "الفهرست" (36/ 100) . وقال :
"له كتاب السقيفة" .
ولم يزد على ذلك شيئاً ، فدل على أنه غير معروف لديهم ؛ فضلاً عن غيرهم من أهل السنة ؛ فقد قال في "المقدمة" (ص 2) :
".. فإذا ذكرت كل واحد من المصنفين وأصحاب الأصول ؛ فلا بد من أن أشير إلى ما قيل فيه من التعديل والتجريح ، وهل يعول على روايته أم لا ؟ ..." .
قلت : ومن هذا تعلم جهل عبدالحسين الشيعي حتى برجال مذهبه ! فيحتج بحديث الجوهري هذا ؛ وهو غير معروف عندهم ، فضلاً عمن فوقه ممن لا يعرفون أيضاً !
ومن الترجمة السابقة ؛ تعلم أن كتاب "السقيفة" هو من كتب الشيعة التي لا يعتمد عليها عندنا . وقد علق عليه السيد محمد صادق آل بحر العلوم بقوله :
"ينقل عن كتاب "السقيفة" هذا كثيراً : ابن أبي الحديد المعتزلي في "شرح نهج البلاغة" ؛ مع نسبته لأبي بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري ؛ فراجع" .
قلت : وعن ابن أبي الحديد الشيعي ؛ نقله عبدالحسين ؛ كما صرح بذلك عقب الحديث ، مع تدليسه على القراء وإيهامه إياهم أن مؤلف "السقيفة" هو من أهل السنة ! كما يظهر ذلك لمن أمعن النظر في المراجعة (91) ، وجوابه عليها في المراجعة التي بعدها !

(/1)


4973 - ( إنه لا يحل المسجد لجنب ولا حائض ؛ إلا لمحمد صلي الله عليه وسلم وأزواجه ، وعلي وفاطمة بنت محمد صلي الله عليه وسلم . ألا ! هل بينت لكم الأسماء أن تضلوا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 720 :
$موضوع$
أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (12/ 3/ 2) من طريق عبدالملك ابن أبي غنية عن أبي الخطاب عمر الهجري عن محدوج عن جسرة بنت دجاجة قالت : أخبرتني أم سلمة قالت :
خرج النبي صلي الله عليه وسلم من بيته ، حتى انتهى إلى صرح المسجد ؛ فنادى بأعلى صوته ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد مظلم ؛ أبو الخطاب مجهول ، وقد مضى .
ومثله محدوج ؛ وهو الباهلي .
وجسرة مختلف فيها ، وقد قال البخاري :
"عندها عجائب" .
ولم يوثقها من يوثق بتوثيقه .
وقد روي الحديث من طريق أخرى عنها عن عائشة ، وهو أقوى من هذا ، وقد أوردته في "ضعيف أبي داود" (32) ؛ من أجل جسرة هذه .
والحديث ؛ رواه ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 99/ 269) من هذا الوجه دون قوله :
"ألا هل بينت ..." .
وكذلك رواه ابن ماجه (645) ؛ إلا أنه لم يذكر الاستثناء مطلقاً ، وكأنه تعمد حذفها ؛ لما فيها من النكارة .
ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
"فهذا الاستثناء باطل موضوع ؛ من زيادة بعض غلاة الشيعة ، ولم يخرجه ابن ماجه في الحديث" .
راجع كتابي المشار إليه آنفاً .
وخالف ابن أبي غنية في إسناده منصور بن [أبي] الأسود ؛ فقال : عن عمر ابن عمير الهجري عن عروة بن فيروز عن جسرة به .
أخرجه ابن عساكر أيضاً .
ومنصور هذا ؛ شيعي ثقة .
أما عروة بن فيروز ؛ فلم أجد أحداً ذكره !
ولعل رواية الهجري عنه مما يدل على عدم ضبطه واضطرابه في إسناده - أي : الهجري - : فتارة يرويه عن محدوج ، وتارة عن ابن فيروز . والله أعلم .
ونحو هذا الحديث : ما روى الحسن بن زيد عن خارجة بن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لعلي :
"لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك" .
أخرجه البزار (ص 268 - زوائد) . وقال :
"لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وهو ضعيف ومنقطع ؛ لأن خارجة بن سعد : هو خارجة بن عبدالله بن سعد بن أبي وقاص ، فيما ظهر لي ؛ فقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/ 2/ 375) ، وقال :
"روى عن أبيه . روى عنه يونس بن حمران" .
قلت : ولم يزد على ذلك ؛ فهو مجهول الحال .
ثم ترجم لأبيه عبدالله بن سعد بن أبي وقاص (2/ 2/ 63-64) ؛ وأفاد أنه أخو مصعب ، وعمر ، ويحيى ، وإبراهيم ، وعمرو ؛ بني سعد . وقال :
"روى عن أبي أيوب . روى [عنه ابنه] خارجة بن عبدالله" . ولم يزد !
قلت : وعلى ذلك ؛ فالحديث - على جهالة خارجة وأبيه عبدالله - ؛ فهو مرسل .
ثم إن الحسن بن زيد - وهو العلوي أبو محمد المدني والد الست نفيسة - فيه ضعف من قبل حفظه ؛ قال الحافظ :
"صدوق يهم ، وكان فاضلاً" .
وأما قول الهيثمي في "المجمع" (9/ 115) :
"رواه البزار ، وخارجة لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات" !
فأقول : فيه ما لا يخفى من التقصير والتساهل ؛ إذا تذكرت ما تقدم من التحقيق .
والحديث ؛ أخرجه الترمذي (3729) من حديث عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه مختصراً .
وعطية : هو ابن سعد العوفي ، وهو ضعيف مدلس ، كما سبق مراراً .

(/1)


4974 - ( لما نزلت : (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) ؛ قالوا : يا رسول الله ! ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي ، وفاطمة ، وابناهما ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 723 :
$باطل$
أخرجه الطبراني (1/ 124/ 2) ، والقطيعي في زياداته على "الفضائل" (2/ 669) عن حرب بن حسن الطحان : أخبرنا حسين الأشقر عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد مظلم ، مسلسل بالعلل :
الأولى : قيس بن الربيع ضعيف ؛ لسوء حفظه .
الثانية : حسين الأشقر ؛ قال الحافظ :
"صدوق يهم ؛ ويلغو في التشيع" .
الثالثة: حرب بن حسن الطحان ؛ قال في "الميزان" :
"ليس حديثه بذاك . قاله الأزدي" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" ؛ كما في "اللسان" !
قلت : فأحد هؤلاء الثلاثة هو العلة ؛ فإن الحديث منكر ظاهر النكارة ؛ بل هو باطل ، وذلك من وجهين :
الأول : أن الثابت عن ابن عباس في تفسير الآية خلاف هذا ، بل صح عنه إنكاره على سعيد بن جبير ذلك ؛ فقد روى شعبة : أنبأني عبدالملك قال : سمعت طاوساً يقول :
سأل رجل ابن عباس - المعنى - عن قوله عز وجل : (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) ، فقال سعيد بن جبير : قرابة محمد صلي الله عليه وسلم . قال ابن عباس : عجلت ؛ إن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا لرسول الله صلي الله عليه وسلم فيهم قرابة ، فنزلت : (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) :
"إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم" .
أخرجه البخاري (6/ 386 و 8/ 433) ، وأحمد (1/ 229،286) ، والطبري في "تفسيره" (25/ 15) .
وأخرجه الحاكم (2/ 444) من طريقين آخرين عن ابن عباس نحوه ، وأحدهما عند الطبري . وقال الحاكم في أحدهما :
"صحيح على شرط البخاري" . وفي الآخر :
"صحيح على شرط مسلم" . ووافقه الذهبي .
والآخر : أن الآية مكية ؛ كما جزم بذلك غير واحد من الحفاظ ، كابن كثير وابن حجر وغيرهما .
فكيف يأمر الله بمودة أبناء علي وفاطمة وهما لم يتزوجا بعد ؟! ولهذا قال الحافظ في "الفتح" (8/ 433) - بعد أن ساق حديث الترجمة - :
"وإسناده واه ، فيه ضعيف ورافضي . وهو ساقط لمخالفته هذا الحديث الصحيح ، وذكر الزمخشري هنا أحاديث ظاهر وضعها . ورده الزجاج بما صح عن ابن عباس من رواية طاوس في حديث الباب ، وبما نقله الشعبي عنه ؛ وهو المعتمد ... ويؤيد ذلك أن السورة مكية" .
والحديث ؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 168) . وقال :
"رواه الطبراني ، وفيه جماعة ضعفاء ، وقد وثقوا" .
قلت : وذكره ابن كثير في "تفسيره" (7/ 365) من رواية ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين : حدثنا رجل - سماه - : حدثنا حسين الأشقر ... فذكره نحو ما تقدم من رواية الطبراني . ثم قال ابن كثير :
"وهذا إسناد ضعيف ؛ فيه مبهم لا يعرف (قلت : قد عرف من رواية الطبراني كما تقدم) عن شيخ شيعي محترق ، وهو حسين الأشقر ، ولا يقبل خبره في هذا المحل ، وذكر نزول الآية بعيد ؛ فإنها مكية ، ولم يكن إذ ذاك لفاطمة رضي الله عنها أولاد بالكلية ؛ فإنها لم تتزوج بعلي رضي الله عنه إلا بعد بدر من السنة الثانية من الهجرة .
والحق : تفسير هذه الآية بما فسرها به حبر الأمة ، وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ؛ كما رواه عنه البخاري ؛ ولا ننكر الوصاة بأهل البيت ، والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم ؛ فإنهم من ذرية طاهرة ، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً ؛ ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية ، كما كان عليه سلفهم ؛ كالعباس وبنيه ، وعلي وأهل بيته وذريته ، رضي الله عنهم أجمعين" .
(تنبيهان) :
الأول : عزا حديث الترجمة ابن حجر الهيتمي في "الصواعق" (ص 101) لأحمد أيضاً والحاكم !
وهذا وهم فاحش ؛ فإنما أخرج أحمد والحاكم عن ابن عباس ما يبطله ؛ كما سبق بيانه .
والآخر : أن عبدالحسين الشيعي - في كتابه "المراجعات" (ص 33) - فسر الآية المذكورة بما دل عليه هذا الحديث الباطل ؛ غير ملتفت إلى أن الآية مكية ، وأن ابن عباس فسرها على نقيضه !

(/1)


4975 - ( يا أيها الناس ! إن الله أمر موسى وهارون أن يتبوأ لقومهما بيوتاً ، وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب ، ولا يقربوا فيه النساء ؛ إلا هارون وذريته . ولا يحل لأحد أن يعرن النساء في مسجدي هذا ؛ ولا يبيت فيه جنب ؛ إلا علي وذريته ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 726 :
$موضوع$
أخرجه ابن عساكر (12/ 93/ 2) عن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع عن أبيه وعمه عن أبيهما أبي رافع :
أن النبي صلي الله عليه وسلم خطب الناس فقال ... فذكره .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته محمد بن عبيدالله ، وقد مضى له عدة أحاديث فانظر مثلاً : (1546،1754،4882،4887) .

(/1)


4976 - ( أيها الناس ! أما تستحون ؟! تجمعون ما لا تأكلون ، وتأملون ما لا تدركون ، وتبنون ما لا تعمرون ! ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 727 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" (ق 47/ 1) من طريق علي بن ثابت عن الوازع بن نافع عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أم المنذر قالت :
اطلع رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات عشية إلى الناس ، فقال ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته الوازع بن نافع ؛ ضعيف جداً ؛ قال البخاري :
"منكر الحديث" . وقال النسائي :
"متروك" .
والحديث ؛ أورده المنذري في "الترغيب" (4/ 131) مشيراً إلى ضعفه من رواية الطبراني . وقال الهيثمي (10/ 284) :
"وفيه الوازع بن نافع ؛ وهو متروك" .

(/1)


4977 - ( ألا تعجبون من أسامة ؟! اشترى إلى شهر ! إن أسامة لطويل الأمل . والذي نفسي بيده ! ما طرفت عيناي إلا ظننت أن شفري لا يلتقيان حتى يقبض الله روحي ، ولا رفعت طرفي فظننت أني واضعه حتى أقبض ، ولا لقمت إلا ظننت أني لا أسيغها حتى أغص بها من الموت ، يا بني آدم ! إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى . والذي نفسي بيده ؛ (إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين) ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 728 :
$ضعيف$
أخرجه ابن أبي الدني في "قصر الأمل" (1/ 2/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (6/ 91) ، وابن عساكر (2/ 348/ 2) عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد الخدري قال :
اشترى أسامة بن زيد بن ثابت وليدة بمئة دينار إلى شهر . فسمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وعلته أبو بكر بن أبي مريم ؛ ضعيف ، وكان اختلط .
والحديث ؛ رواه أيضاً البيهقي والأصبهاني ؛ كما في "الترغيب" (4/ 131) ؛ وأشار إلى تضعيفه .

(/1)


4978 - ( إن كرسيه وسع السماوات والأرض ، وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها - ؛ وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب ؛ من ثقله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 728 :
$منكر$
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5796،5798) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبدالله بن خليفة قال :
أتت امرأة النبي صلي الله عليه وسلم فقالت : ادع الله أن يدخلني الجنة ! فعظم الرب تعالى ذكره ، ثم قال ... فذكره .
وكذلك أخرجه عبدالله بن أحمد في "السنة" (ص 71) من هذه الطريق ، لكنه زاد في متنه أداة الاستثناء فقال :
"... إلا قيد أربع أصابع" .
فاختلف المعنى .
ثم أخرجه ابن جرير (5797) من طريق أخرى عن إسرائيل نفسه به ؛ إلا أنه زاد في إسناده فقال : عن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم بنحوه .
وقد أخرجه غير هؤلاء .
وللحديث ثلاث علل :
الأولى : جهالة عبدالله بن خليفة ؛ قال الذهبي :
"لا يكاد يعرف" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"مقبول" ؛ أي : عند المتابعة ، وإلا ؛ فلين الحديث ؛ كما ذكر في المقدمة .
الثانية : اختلاط أبي إسحاق - وهو السبيعي - ، وعنعنته ؛ فإنه كان مدلساً .
الثالثة : الاضطراب في سنده وفي متنه ؛ كما رأيته في رواية ابن جرير وعبدالله بن أحمد .
وبهذا أعله شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموعة الفتاوى" (16/ 434-436) ؛ فإنه ذكره كمثال للأحاديث الضعيفة التي يرويها بعض المؤلفين في الصفات ، كعبدالرحمن بن منده وغيره ، فقال :
"ومن ذلك : حديث عبدالله بن خليفة المشهور الذي يرويه عن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم . وقد رواه أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي في "المختارة" . وطائفة من أهل الحديث ترده لاضطرابه ، كما فعل ذلك أبو بكر الإسماعيلي وابن الجوزي وغيرهم ، لكن أكثر أهل السنة قبلوه .
ورواه الإمام أحمد وغيره مختصراً وذكر أنه حدث به وكيع . لكن كثير ممن رواه رووه بقوله : "إنه ما يفضل منه إلا أربع أصابع" ؛ فجعل العرش يفضل منه أربع أصابع .
واعتقد القاضي وابن الزاغوني صحة هذا اللفظ ، فأمروه ، وتكلموا على معناه بأن ذلك القدر لا يحصل عليه الاستواء ، وذكر عن أيمن العائذ أنه قال : هو موضع جلوس محمد صلي الله عليه وسلم (!)" .
ثم ذكر لفظ ابن جرير المخالف ، ثم قال :
"فلو لم يكن في الحديث إلا اختلاف الروايتين ؛ هذه تنفي ما أثبتت هذه ، ولا يمكن مع ذلك الجزم بأن رسول الله صلي الله عليه وسلم أراد الإثبات ، وأنه يفضل من العرش أربع أصابع لا يستوي عليها الرب . وهذا معنى غريب ليس له قط شاهد في شيء من الروايات ، بل هذا يقتضي أن يكون العرش أعظم من الرب وأكبر ! وهذا باطل مخالف للكتاب والسنة والعقل" .
ثم أطال الكلام في ترجيح رواية ابن جرير المخالفة النافية ، وهي بلا شك أولى من حيث المعنى . ولكن الحديث عندي معلول بما ذكرنا من العلل ، وهي تحيط بكل من الروايتين المثبتة والنافية ؛ فلا فائدة تذكر من الإطالة . والله أعلم .

(/1)


4979 - ( لا تمنوا الموت ؛ فإن هول المطلع شديد ، وإن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله الإنابة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 731 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد (3/ 332) : حدثنا أبو عامر وأبو أحمد قالا : حدثنا كثير ابن زيد : حدثني الحارث بن يزيد - قال أبو أحمد : عن الحارث بن أبي يزيد - قال : سمعت جابر بن عبدالله يقول ... فذكره مرفوعاً .
وتابعهما سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الحارث بن أبي يزيد به .
أخرجه البيهقي في "الشعب" (7/ 362/ 10589) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ كثير بن زيد - وهو الأسلمي مولاهم - ؛ في حفظه ضعف ، وقد اضطرب في اسم والد الحارث ؛ كما في هذه الرواية .
وزاده بياناً الإمام البخاري في "التاريخ الكبير" ؛ فقال (1/ 2/ 285) :
"الحارث بن يزيد مولى الحكم عن جابر عن النبي صلي الله عليه وسلم : "لا تمنوا الموت ..." ؛ قاله أبو أحمد الزبيري عن كثير بن زيد . وقال عيسى وحاتم : عن كثير بن الحارث بن أبي يزيد مولى الحاكم . وقال وكيع : عن كثير عن سلمة بن أبي يزيد . قال أبو عبدالله (هو البخاري) : وسلمة لا يصح ههنا" .
قلت : وقوله : "قاله أبو أحمد الزبيري" ؛ لعله سبق قلم ! والصواب : قال أبو عامر ؛ فإن الزبيري قال : الحارث بن أبي يزيد ؛ كما بينته رواية أحمد .
وعيسى : هو ابن يونس .
وقد أسنده عنه ابن عدي أيضاً في ترجمة كثير من "الكامل" ، والبيهقي في "الزهد" (ق 72/ 1) .
وخلاصة كلام البخاري : أن كثير بن زيد اضطرب في إسناده على ثلاثة وجوه :
الأول : الحارث بن يزيد .
الثاني : الحارث بن أبي يزيد .
الثالث : سلمة بن أبي يزيد .
وفاته وجه رابع ، وهو قول هشام بن عبيدالله الرازي : حدثنا سليمان بن بلال : حدثنا كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن جابر مرفوعاً .
أخرجه ابن عدي (6/ 68) .
وذكره الذهبي من هذا الوجه في ترجمة كثير ، ثم قال :
"وقد رواه البزار في "مسنده" عن عدة عن العقدي : حدثنا كثير بن زيد : حدثنا الحارث بن أبي يزيد عن جابر ... فهذا - مع نكارته - له علة كما رأيت" .
يعني : الاضطراب ، وهو من كثير بن زيد نفسه ، وليس من الرواة عنه ؛ فإنهم ثقات جميعاً على ضعف في الرازي .
والاضطراب دليل على أن الراوي لم يضبط الحديث ولم يحفظه ، ولذلك كان الحديث المضطرب من أقسام الحديث الضعيف ؛ حتى ولو كان الاضطراب من ثقة ، فما بالك إذا كان من مضعف ؛ كما هو الشأن هنا !
ثم إن الحارث بن يزيد - على الخلاف في أبيه كما رأيت - ليس بالمشهور ؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 94) . وقال :
"روى عن جابر . روى عنه كثير بن زيد ، ومحمد بن أبي يحيى الأسلمي والد إبراهيم" .
فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
نعم ؛ وثقه ابن حبان كما في "التعجيل" ! وتساهله في التوثيق مشهور ، ولذلك لا يعتمد عليه المحققون .
ومما سبق تعلم تساهل المنذري (4/ 136) في قوله :
"رواه أحمد بإسناد حسن ، والبيهقي" !
ومثله قول الهيثمي (10/ 203) :
"رواه أحمد والبزار ، وإسناده حسن" !
ومثله قول الحاكم (4/ 240) - وقد أخرج الشطر الثاني منه - :
"صحيح الإسناد" ! ووافقه الذهبي !

(/1)


4980 - ( لما خلق الله آدم عليه السلام وذريته ؛ قالت الملائكة : يا رب ! خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون ، فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة ! فقال الله تبارك وتعالى : لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له : (كن) فكان ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 733 :
$ضعيف$
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 106 - هندية) عن أبي زرعة الرازي : حدثنا هشام بن عمار : حدثنا عبدالله بن صالح النرسي : حدثنا عروة بن رويم عن الأنصاري أن النبي صلي الله عليه وسلم قال ... فذكره . وقال البيهقي :
"وقال فيه غيره : عن هشام بن عمار بإسناده عن جابر بن عبدالله الأنصاري . وفي ثبوته نظر" .
قلت : وعلته : إما النرسي هذا ؛ فإني لم أعرفه .
وإما هشام بن عمار ؛ فإنه - مع كونه من شيوخ البخاري - ؛ فقد كان يتلقن .

(/1)


4981 - ( ما من شيء أكرم على الله من ابن آدم . قيل : ولا الملائكة ؟! قال : الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 734 :
$منكر مرفوعاً$
أخرجه البيهقي في "الشعب" (1/ 108) عن عبيدالله بن تمام السلمي عن خالد الحذاء عن بشر بن شغاف عن أبيه عن عبدالله بن عمرو قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكره . وقال :
"تفرد به عبيدالله بن تمام ، قال البخاري : عنده عجائب" .
قلت : وهو متفق على تضعيفه ، بل كذبه بعضهم ؛ فقال الساجي :
"كذاب ، يحدث بمناكير عن يونس وخالد وابن أبي هند" . ثم قال البيهقي :
"ورواه غيره عن خالد الحذاء موقوفاً على عبدالله بن عمرو ، وهو الصحيح" .
ثم ساق إسناده بذلك .

(/1)


4982 - ( هلم يا عمر ! اجلس حتى أخبرك بغنى الرب عن صلاة أبي جحش الليثي ؛ إن لله في السماء الدنيا ملائكة خشوعاً ، لا يرفعون رؤوسهم حتى تقوم الساعة ، فإذا قامت الساعة ؛ رفعوا رؤوسهم ، ثم قالوا : ربنا ! ما عبدناك حق عبادتك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 734 :
$ضعيف$
أخرجه الحاكم (3/ 87-88) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 114-115) - من طريقه - عن عبدالملك بن قدامة الجمحي عن عبدالرحمن ابن عبدالله بن دينار عن أبيه عن عبدالله بن عمر :
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء والصلاة قائمة ؛ وثلاثة نفر جلوس ؛ أحدهم أبو جحش الليثي . قال : قوموا فصلوا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم . فقام اثنان ، وأبى أبو جحش أن يقوم ، فقال له عمر : صل يا أبا جحش ! مع النبي صلي الله عليه وسلم . قال : لا أقوم حتى يأتيني رجل هو أقوى مني ذراعاً ، وأشد مني بطشاً ، فيصرعني ، ثم يدس وجهي في التراب . قال عمر : فقمت إليه ، فكنت أشد منه ذراعاً ، وأقوى منه بطشاً ، فصرعته ثم دسست وجهه في التراب ، فأتى علي عثمان فحجزني . فخرج عمر بن الخطاب مغضباً ، حتى انتهى إلى النبي صلي الله عليه وسلم ، فلما رآه النبي صلي الله عليه وسلم ورأى الغضب في وجهه ؛ قال : "ما رابك يا أبا حفص ؟" . فقال : يا رسول الله ! أتيت على نفر جلوس على باب المسجد وقد أقيمت الصلاة ، وفيهم أبو جحش الليثي ، فقام الرجلان ... (فأعاد الحديث) . ثم قال عمر : والله يا رسول الله ! ما كانت معونة عثمان إياه إلا أنه ضافه ليلة ، فأحب أن يشكرها له ! فسمعه عثمان فقال : يا رسول الله ! ألا تسمع ما يقول لنا عمر عندك ؟! فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"إن رضى عمر رحمة الله ! لوددت أنك كنت جئتني برأس الخبيث" . فقام عمر . فلما بعد ناداه النبي صلي الله عليه وسلم فقال :
"هلم يا عمر ! أين أردت أن تذهب ؟" . فقال : أردت أن آتيك برأس الخبيث . فقال :
"اجلس حتى أخبرك بغنى الرب ..." الحديث .
فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وما يقولون يا رسول الله ؟! قال :
"أما أهل السماء الدنيا فيقولون : سبحان ذي الملك والملكوت . وأما أهل السماء الثانية فيقولون : سبحان الحي الذي لا يموت ؛ فقلها يا عمر ! في صلاتك" . فقال : يا رسول الله ! فكيف بالذي علمتني وأمرتني أن أقوله في صلاتي ؟ قال :
"قل هذه مرة ، وهذه مرة" . وكان الذي أمر به أن قال :
"أعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك ، جل وجهك" .
هكذا ساقه الحاكم - دون البيهقي - بتمامه . لكن سقط من سياقه ذكر ملائكة السماء الثانية الذين أشير إليهم وما يقولونه في آخر الحديث ! والظاهر أنه من الناسخ أو الطابع ؛ فقد ذكرهم البيهقي ، وهو قد تلقاه عن الحاكم - كما سبق - ولفظه :
"وإن لله في السماء الثانية [ملائكة] سجوداً ، لا يعرفون رؤوسهم حتى تقوم الساعة ، فإذا قامت الساعة رفعوا رؤوسهم ثم قالوا : ربنا ! ما عبدناك حق عبادتك" . وقال البيهقي عقبه :
"قد أخرجته بطوله في (مناقب عمر رضي الله عنه)" . وقال الحاكم :
"صحيح على شرط البخاري" !
ورده الذهبي بقوله :
"قلت : منكر غريب ، وما هو على شرط (خ) ؛ عبدالملك ضعيف ، تفرد به" .
قلت : وكذا جزم بضعفه الحافظ في "التقريب" .
وقال في "الإصابة" - عقب قول الذهبي المذكور - :
"قلت : وليس في سنده [إلا] أبو عبدالملك بن قدامة الجمحي ، وهو مختلف فيه ؛ وثقه ابن معين والعجلي . وضعفه أبو حاتم والنسائي . وقال البخاري : يعرف وينكر" !
وأقول : والحصر المذكور غير مسلم عندي ؛ فإن عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار - وإن كان من رجال البخاري - ؛ ففيه كلام كثير ، حتى إن ابن عدي ختم ترجمته بقوله فيه :
"هو من جملة من يكتب حديثه من الضعفاء" .
والحافظ نفسه لم يوثقه في "التقريب" ؛ بل قال فيه :
"هو صدوق يخطىء" .

(/1)


4983 - ( ما أحسن من مسلم ولا كافر إلا أثابه الله . قلنا : يا رسول الله ! ما إثابة الله الكافر ؟ فقال : إن كان وصل رحماً ، أو تصدق بصدقة ، أو عمل حسنة ؛ أثابه الله المال والولد والصحة وأشباه ذلك . قلنا : فما في الآخرة ؟ قال : عذاباً دون العذاب . وقرأ : (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 737 :
$منكر$
أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (ق 321/ 1) ، والحاكم (2/ 253) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 187) ، وكذا ابن ماجه في "تفسيره" من طريق عامر بن مدرك : حدثنا عتبة بن يقظان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبدالله بن مسعود مرفوعاً . وقال البيهقي :
"في إسناده من لا يحتج به" .
قلت : وهو عتبة هذا ؛ قال الذهبي :
"قواه بعضهم . قال النسائي : غير ثقة . وقال ابن الجنيد : لا يساوي شيئاً روى ابن ماجه في "تفسيره" ..." .
قلت : فساق الحديث ؛ وقال عقبه :
"عامر صدوق ، والخبر منكر" .
والبعض الذي أشار إليه ؛ إنما هو ابن حبان ، فلو أنه أفصح عنه لكان أصوب في البيان ، ولم يوثقه غيره ! ولذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه :
"ضعيف" .
والنكارة التي أشار إليها الذهبي ؛ إنما هي في آخر الحديث ؛ لأنه مخالف لظاهر قوله صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
"وأما الكافر ؛ فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا ، حتى إذا أفضى إلى الآخرة ؛ لم يكن له حسنة يجزى بها" .
وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (53) ، وهو مطابق تماماً لقوله تعالى : (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً) .
وقال الحاكم :
"صحيح الإسناد" !
ورده الذهبي بقوله :
"قلت : عتبة واه" .

(/1)


4984 - ( ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 738 :
$ضعيف$
أخرجه البيهقي في "الشعب" (1/ 294) من طريق إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الكوفي عن حبيب بن أبي العالية ، عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً . وقال :
"تفرد به إبراهيم بن محمد الكوفي هذا ، وهو منكر" .
قلت : ولم أجد له ترجمة !
لكن حبيب بن أبي العالية ؛ قال الذهبي :
"ضعفه يحيى بن معين . وغمزه أحمد" .
والحديث ؛ عزاه السيوطي في "الدر" (6/ 149) لابن أبي حاتم أيضاً ، وابن مردويه .
وأخرجه البغوي في "تفسيره" (8/ 167) من رواية بشر بن الحسين عن الزبير ابن عدي عن أنس بن مالك مرفوعاً به .
قلت : وبشر هذا متروك . بل قال أبو حاتم :
"يكذب على الزبير" . وقال الدارقطني :
"يروي عن الزبير بواطيل ، والزبير ثقة ، والنسخة موضوعة" .
وأورده السيوطي من حديث جابر : عند ابن مردويه ، وعلي بن أبي طالب : عند ابن النجار ، ولم يتكلم عليهما بشيء كما هي عادته الغالبة .
وما أراهما يصلحان للاستشهاد . والله أعلم .

(/1)


4985 - ( قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان ، وجعل قلبه سليماً ، ولسانه صادقاً ، ونفسه مطمئنة ، وخليقته مستقيمة ؛ وجعل أذنه مستمعة ، وعينه ناظرة . فأما الأذن فقمع ، والعين فمقرة لما يوعي القلب ، وقد أفلح من جعل قلبه واعياً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 739 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد (5/ 147) ، وعنه أبو سليمان الحراني في "الفوائد" (ق 30/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 73- هندية) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ص 30) عن بقية قال : وأخبرني بحير بن سعد عن خالد بن معدان قال : قال أبو ذر : إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ؛ فقد صرح بقية بالتحديث ؛ لولا أنه متقطع بين خالد بن معدان وأبي ذر ؛ فقد جاء في ترجمة خالد هذا :
"وأرسل عن معاذ ، وأبي عبيدة بن الجراح ، وأبي ذر ، وعائشة" .
وذهل عن هذا المنذري ، ثم الهيثمي ! ففي "الترغيب" (1/ 25) :
"رواه أحمد ، والبيهقي ، وفي إسناد أحمد احتمال للتحسين" ! وفي "المجمع" (10/ 232) :
"رواه أحمد ، وإسناده حسن" !
قلت : وجزمه بالتحسين أقرب إلى حال إسناده من تردد المنذري فيه ؛ لولا أنهما لم يتنبها للانقطاع الذي بينته .
والمعصوم من عصمه الله تعالى .

(/1)


4986 - ( ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله فيها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 740 :
$ضعيف$
أخرجه الفسوي في "المعرفة" (2/ 313) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (3) ، والطبراني في "الكبير" (20/ 93/ 182) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 316) ، وأبو العباس المقدسي في "حديثه" (ق 45/ 2) ، وكذا الأصبهاني في "الترغيب" (ق 137/ 2-138/ 1) من طرق عن سليمان بن عبدالرحمن : حدثنا يزيد ابن يحيى القرشي : حدثنا ثور بن يزيد : حدثنا خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ؛ غير يزيد بن يحيى القرشي ؛ وهو أخو خالد القرشي ؛ كما في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 297) ، وقال :
"سألت أبي عنه ؟ فقال : ليس بقوي الحديث" . وقال الذهبي في "الميزان" :
"لا يعرف . وقال أبو حاتم : ليس بالقوي" .
قلت : ومن ذلك تعلم خطأ المنذري في تجويده لأحد إسنادي البيهقي بقوله في "الترغيب" (2/ 231) :
"رواه الطبراني عن شيخه محمد بن إبراهيم الصوري ، ولا يحضرني فيه جرح ولا عدالة . وبقية إسناده ثقات معروفون . ورواه البيهقي بأسانيد أحدها جيد" !
أقول : أما الصوري ؛ فأورده الذهبي في "الميزان" . وقال :
"روى عن الفريابي ومؤمل بن إسماعيل . وعنه إبراهيم بن عبدالرزاق الأنطاكي وعبدالرحمن بن حمدان الجلاب وجماعة . روى عن زراد بن الجراح خبراً باطلاً أو منكراً في ذكر المهدي . قال الجلاب : هذا باطل ، ومحمد الصوري لم يسمع من رواد . قال : وكان مع هذا غالياً في التشيع" . قال الحافظ في "اللسان" :
"وهذا الكلام برمته منقول من كتاب "الأباطيل" للجورقاني . ومحمد بن إبراهيم قد ذكره ابن حبان في (الثقات)" !
قلت : وأورده ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (14/ 786- المصورة) من رواية أبي الحسن بن حذلم فقط .
وأما التجويد ؛ فهو بعيد ؛ لأن مدار طريقي البيهقي على سليمان بن عبدالرحمن عن القرشي ؛ وهذا مجهول أو ضعيف ، ولم يوثقه أحد ؛ فأنى له الجودة ؟!
وقال الهيثمي (9/ 73-74) :
"رواه الطبراني ، ورجاله ثقات ، وفي شيخ الطبراني محمد بن إبراهيم الصوري خلاف" !
قلت : وله شيخ أخر فيه ، لكنه خالف الطرق المشار إليها في إسناده ؛ فقال في "مسند الشاميين" (ص 82) : حدثنا أحمد بن المعلى : حدثنا سليمان بن عبدالرحمن حدثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد به ؛ إلا أنه قال : "عن جبير بن نفير عن أبيه" مكان : "عن معاذ" .
ورواية الجماعة أصح ؛ لاسيما وابن المعلى قال فيه النسائي :
"لا بأس به" .
نعم ؛ له شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها ؛ إلا تحسر عليها يوم القيامة" .
غير أن إسناده ضعيف جداً ؛ فإن البيهقي أخرجه ، وكذا أبو نعيم في "الحلية" (5/ 361-362) من طريق عمرو بن حصين : حدثنا محمد بن علاثة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عمر بن عبدالعزيز عن عروة عنها : وقال البيهقي :
"وفي هذا الإسناد ضعف ؛ غير أن له شواهد من حديث معاذ" !
قلت : يعني : حديث الترجمة ، وفي قوله :
"ضعف" ، تساهل كبير ؛ فإن هذا إنما يقال في الراوي الصدوق الذي في حفظه ضعف ، فمثله يعتضد بغيره ، وعمرو بن حصين - وهو العقيلي - ليس كذلك ، بل هو شديد الضعف ، كما يدل عليه أقوال مجرحيه من الأئمة ، فقال أبو حاتم :
"ذاهب الحديث ، وليس بشيء" . وقال الدارقطني :
"متروك" .
وهو الذي اعتمده الحافظ في "التقريب" .
قلت : فلا يصلح الحديث للاعتضاد .
ثم رأيت الحديث في "مجمع الزوائد" (10/ 80) . وقال :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه عمرو بن الحصين العقيلي ؛ وهو متروك" .
وقد أورده في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" (4/ 433- مصورة الجامعة الإسلامية) من رواية "الأوسط" من هذا الوجه .
واعلم أنني كنت اغتررت برهة من الزمن بكلام المنذري والهيثمي المتقدمين ؛ قبل أن أطلع على إسناد الطبراني والبيهقي ، وأوردت الحديث في الكتاب الآخر رقم (2197) ، و "صحيح الجامع" ، فلما وقفت على إسنادهما ، وتبين أن مداره على القرشي عند كل من أخرجه ؛ رجعت عن ذلك كله ، وكتبت على هامش "الصحيح" أن ينقل إلى "الضعيف" ، وشرحت السبب هنا كما ترى ، والهادي هو الله .

(/1)


4987 - ( إن لكل شيء صقالة ، وإن صقالة القلوب ذكر الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 744 :
$موضوع$
أخرجه البيهقي في "الشعب" (1/ 319-320) من طريق سعيد ابن سنان : حدثني أبو الزاهرية عن أبي شجرة - واسمه كثير بن مرة - عن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول ... فذكره ، وزاد :
"وما من شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله" .
سكت عنه البيهقي ، وليس له ذلك ؛ فقد ذكر في "المقدمة" أنه اقتصر على ما لا يغلب كونه كذباً ؛ وليس هذا من هذا القبيل ؛ فإن سعيد بن سنان - وهو أبو مهدي الحمصي - ضعيف جداً ؛ كما يشعر بذلك قول البخاري :
"منكر الحديث" . والنسائي :
"متروك الحديث" . وقال الحافظ :
"متروك . ورماه الدارقطني وغيره بالوضع" .
ومن طريقه : رواه ابن أبي الدنيا أيضاً ؛ كما في "الترغيب" (2/ 228) ، وصدره بلفظة : "عن" ؛ فما أصاب ولا أحسن !
وقد روي الحديث عن أبي الدرداء موقوفاً عليه بلفظ :
"جلاء" بدل : "صقالة" في الموضعين .
أخرجه البيهقي (1/ 320) من طريق أبي عقيل عن عبدالله بن يزيد بن ربيعة قال : قال أبو الدرداء ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ فإن عبدالله بن يزيد بن ربيعة - ويقال : عبدالله ابن ربيعة بن يزيد - مجهول . ثم هو لم يدرك أبا الدرداء .
ومع ذلك ؛ فالوقف أشبه بالصواب .
وأما الزيادة ؛ فقد صحت من طريق أخرى عن معاذ موقوفاً عليه .
أخرجه البيهقي (1/ 318) وغيره من حديث لأبي الدرداء في فضل الذكر .
صححه الحاكم والذهبي ، وحسنه المنذري (2/ 228) .
وقد روي عن معاذ مرفوعاً من طرق ، وله شواهد من حديث جابر وغيره ، فراجع تعليقي على "الترغيب" (2/ 228-229) .

(/1)


4988 - ( لا تزال مصلياً قانتاً ؛ ما ذكرت الله قائماً وقاعداً ، أو في سوقك ، أو في ناديك ، أو حيثما كنت ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 745 :
$ضعيف$
أخرجه البيهقي في "الشعب" (1/ 336) عن أبي أسامة عن أبي بكر قال : سمعت يحيى بن أبي كثير قال : قال صلي الله عليه وسلم لرجل ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف معضل ؛ يحيى بن أبي كثير تابعي صغير ، كل رواياته عن التابعين .
وأبو بكر هذا ؛ لم أعرفه الآن .

(/1)


4989 - ( يقول الله عز وجل : من شغله ذكري عن مسألتي ، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 745 :
$ضعيف$
أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 2/ 115) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 337) من طريقين عن صفوان بن أبي الصهباء ، عن بكير بن عتيق عن سالم ابن عبدالله بن عمر عن أبيه عن جده .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ صفوان هذا ؛ لم يوثقه أحد غير ابن حبان .
ومع ذلك فقد أعاده في "الضعفاء" فقال :
"منكر الحديث ، يروي عن الأثبات ما لا أصل له ، لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما وافق فيه الثقات" .
ثم أخرج له البيهقي شاهداً من طريق الضحاك بن حمرة عن يزيد بن حميد عن جابر بن عبدالله مرفوعاً به .
قلت : ويزيد هذا لم أعرفه .
والضحاك بن حمرة مختلف فيه ؛ فوثقه ابن راهويه وابن حبان ، وحسن له الترمذي ؛ لكن قال ابن معين :
"ليس بشيء" . وقال النسائي ، والدولابي :
"ليس بثقة" . وقال الدراقطني :
"ليس بالقوي ، يعتبر به" . وقال ابن عدي :
"أحاديثه غرائب" . وقال في بعض النسخ :
"متروك الحديث" .
ولذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه :
"ضعيف" .
وقد روي الحديث عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ :
"القرآن" بدل : "ذكري" ، وإسناده ضعيف جداً ، كما بينته في "التعليق الرغيب" (2/ 206) .
وتحسين الترمذي إياه - ولغيره - ؛ من تساهله الذي عرف به ، ونبهت عليه مراراً !
وسرقه بعضهم ؛ فرواه بإسناد صحيح عن حذيفة بلفظ حديث الترجمة ؛ إلا أنه قال :
"أعطيته قبل أن يسألني" .
أخرجه ابن عساكر في "جزء فضيلة ذكر الله عز وجل" (ق 2/ 2) عن عبدالرحمن بن واقد الواقدي قال : حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن ربعي عن حذيفة .
والواقدي هذا ؛ قال ابن عدي :
"يحدث بالمناكير عن الثقات ، ويسرق الحديث" .
ثم ذكر له حديثاً سرقه ، وقال - عن عبدان الأهوازي - :
"وهو فيه أبطل ، أو قال : الباطل" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" !

(/1)


4990 - ( ما يأتي على هذا القبر من يوم ؛ إلا وهو ينادي بصوت طلق ذلق : يا ابن آدم ! كيف نسيتني ؟! ألم تعلم أني بيت الوحدة ، وبيت الغربة ، وبيت الوحشة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق إلا من وسعني الله عليه ؟! القبر إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 747 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 82/ 1 - ترتيبه) عن محمد بن أيوب بن سويد : حدثنا أبي : حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال :
خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في جنازة ، فجلس إلى قبر منها ، فقال ... فذكره . وقال :
"لم يروه عن الأوزاعي إلا أيوب ، تفرد بن ابنه" .
قلت : وهو متهم بالوضع ؛ قال الحاكم ، وأبو نعيم :
"روى عن أبيه أحاديث موضوعة" . وقال ابن حبان :
"كان يضع الحديث" . قال أبو زرعة :
"رأيته قد أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة" .
وذكر له الذهبي بعضها .
وأبوه أيوب ؛ قريب منه في الضعف . وساق له ابن عدي جملة مناكير من غير رواية ابنه عنه .
قلت : ومن ذلك تعلم أن اقتصار المنذري في "الترغيب" (4/ 129) على الإشارة إلى تضعيف الحديث ، والهيثمي في "المجمع" (3/ 46) على تضعيف محمد بن أيوب ، تضعيفاً ليناً ، ودون أن يضعف معه أباه ؛ كل ذلك تساهل غير محمود !!
وقد روي بعض هذا الحديث من رواية عبيدالله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً .
أخرجه الترمذي (2/ 129) . وقال :
"حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه" !
قلت : أنى له الحسن ، وعطية ضعيف مدلس .
والوصافي ضعيف جداً .
وبه أعله المنذري فقال :
"وهو واه" .
وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 131) من طريق ابن أبي بزة عن مؤمل ابن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال :
مر رسول الله صلي الله عليه وسلم بمجلس من مجالس الأنصار وهم يمزحون ويضحكون ؛ فقال :
"أكثروا ذكر هادم اللذات . يعني : الموت . وقال :
"قال أبي : هذا حديث باطل لا أصل له" .
قلت : لكن قوله : "أكثروا ..." .

(/1)


4991 - ( إن الله قال : يا عيسى ! إني باعث من بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا الله ، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ، ولا حلم ولا علم . فقال : يا رب ! كيف يكون هذا لهم ولا حلم ولا علم ؟! قال : أعطيهم من حلمي وعلمي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 749 :
$ضعيف$
أخرجه الحاكم (1/ 348) ، وأحمد (6/ 450) ، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 227) ، وابن أبي الدنيا في "الصبر" (ق 47/ 1) ، والخرائطي في "فضيلة الشكر" ( ق 129/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (4/ 115/ 4482) ، وابن عساكر في "التاريخ" (14/ 127/ 1) من طريق معاوية بن صالح عن أبي حلبس يزيد بن ميسرة أنه سمع أم الدرداء تقول : سمعت أبا الدرداء يقول : سمعت أبا القاسم صلي الله عليه وسلم يقول ... فذكره . وقال الحاكم :
"صحيح على شرط البخاري" ! ووافقه الذهبي !! وقال أبو نعيم :
"تفرد به معاوية بن صالح عن أبي حلبس" .
قلت : وهو مجهول الحال ؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 288) برواية معاوية بن صالح عنه ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً . وروى عنه أيضاً صفوان بن عمرو ؛ كما في "التعجيل" ، وذكره ابن حبان في "الثقات" على قاعدته في توثيق المجهولين !
قلت : ومن ذلك تعلم خطأ تصحيح الحاكم والذهبي ؛ فإن أبا حلبس هذا لم تثبت عدالته ، فضلاً عن أنه لم يخرج له البخاري مطلقاً ، بل ولا أحد من سائر الستة !
وكذا معاوية بن صالح ؛ لم يخرج له البخاري !

(/1)


4992 - ( نعم - وأبيك ! - لتنبأن ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 750 :
$منكر$
أخرجه مسلم (8/ 2) ، وابن ماجه (2/ 157) ، وأبو يعلى (10/ 480/ 6092) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة - وهذا في "المصنف" (8/ 541) - : حدثنا شريك عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال :
جاء رجل إلى النبي صلي الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! نبئني من أحق الناس مني بحسن الصحبة ؟ فقال ... فذكره .
"أمك" . قال : ثم من ؟ قال :
"ثم أمك" . قال : ثم من ؟ قال :
"ثم أمك" . قال : ثم من ؟ قال :
"ثم أبوك" . قال : نبئني يا رسول الله ! عن مالي كيف أتصدق فيه ؟ قال :
"نعم - والله ! - لتنبأن : تصدق وأنت صحيح شحيح ، تأمل العيش وتخاف الفقر ، ولا تمهل حتى إذا بلغت نفسك ههنا ؛ قلت : مالي لفلان ، ومالي لفلان ، وهو لهم وإن كرهت" .
والسياق لابن ماجه وأبي يعلى .
وليس عند مسلم - وكذا ابن أبي شيبة - قضية الصدقة ؛ إلا من طريق أخرى عن عمارة .
وكذلك هي عند أحمد كما يأتي ؛ إلا أن هذا أخرج القضية الأولى من طريق أخرى عن شريك فقال (2/ 391) : حدثنا أسود بن عامر : حدثنا شريك به ؛ إلا أنه قال ... فذكر القضية الأولى وقال فيها :
"نعم - والله ! - لتنبأن" ؛ كما في القضية الثانية عند ابن ماجه .
وخالفه ابن أبي شيبة ، وعنه مسلم ؛ فقال :
"وأبيك" مكان : "والله" !
وهذا من أوهام شريك عندي ، والصواب رواية الأسود إن كانت محفوظة عن عمارة في هذه الجملة ؛ لأنها لم ترد عند الثقات كما يأتي . وقال الحافظ في "الفتح" (10/ 329-330) عقبها :
"فلعلها تصحفت" !
وأقول : بل الأقرب أنها من شريك نفسه - وهو ابن عبدالله القاضي - ؛ فإنه سيىء الحفظ ، فاضطرب في ضبط هذه الجملة ، فقال مرة :
"والله" . وأخرى :
"وأبيه" .
وقد تابعه فيها في القضية الثانية : ابن فضيل عن عمارة بلفظ :
جاء رجل إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! أي الصدقة أعظم أجراً ؟ قال :
"أما - وأبيك ! - لتنبأنه : أن تصدق ..." الحديث .
أخرجه أحمد (2/ 231) : حدثنا محمد بن فضيل به .
وأخرجه مسلم (3/ 93) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير قالا : حدثنا ابن فضيل به .
ومن هذا الوجه رواه البخاري في "الأدب المفرد" (778) .
وخالفهم أحمد بن حرب فقال : حدثنا محمد بن فضيل به ؛ دون قوله :
"أما - وأبيك ! - لتنبأنه" .
أخرجه النسائي (2/ 125) .
وتابعه أبو كريب : أخبرنا محمد بن فضيل به .
أخرجه أبو يعلى (11/ 482) .
وتابعه في بعضه جرير بن عبدالحميد عن عمارة بن القعقاع به ؛ دون قوله :
"أما - وأبيك ! - ..." .
أخرجه أحمد (2/ 250) : حدثنا جرير به .
ومن طريقه : ابن حبان (3324) .
وأخرجه مسلم (3/ 93) ، وابو يعلى (4/ 1444) من طريق زهير بن حرب : حدثنا جرير به ؛ مثل رواية أحمد بن حرب ؛ ليس فيه :
"أما - وأبيك ! - لتنبأنه" .
وكذلك رواه عبدالواحد بن زياد : حدثنا عمارة بن القعقاع بن شرمبة به .
أخرجه أحمد (2/ 415) ، والبخاري (3/ 221) ، ومسلم (3/ 94) .
وتابعه سفيان الثوري عن عمارة به .
أخرجه أحمد (2/ 447) ، والبخاري (5/ 387) ، والنسائي (1/ 353) ، وابن حبان (434) .
هذا ما يتلعق بالقضية الثانية .
وأما الأولى ؛ فقد خالفه جرير أيضاً ؛ فرواه عن عمارة به ؛ دون قوله :
"نعم - وأبيك ! - لتنبأن" .
أخرجه البخاري (10/ 329) ، ومسلم (8/ 2) ، وأبو يعلى (10/ 468) ، وابن حبان (1435،3301،3324 - الإحسان) .
قلت : ويتحرر عندي من هذا التخريج أنه قد اختلف على عمارة بن القعقاع في ذكر الحلف بالأب : فتفرد بذكره شريك ومحمد بن فضيل ، على خلاف في ذلك عليهما ، ولم يذكره جرير بن عبدالحميد ، وعبدالواحد بن زياد ، وسفيان الثوري عن عمارة .
والقلب يطمئن لروايتهم ؛ لأنهم أكثر وأحفظ . زد على ذلك أنه لم يختلف عليهم في ذلك ؛ بخلاف شريك وابن فضيل ؛ فقد اختلف الرواة في ذلك عليهما كما رأيت ، وذلك مما يضعف الثقة بزيادتهما على الثقات .
وإذا لم يكن هذا كافياً في ترجيح رواية الأكثر عن عمارة بن القعقاع ؛ فلا أقل من التوقف في ترجيح رواية شريك وابن فضيل المخالفة لهم .
ولكن الأمر ينعكس تماماً حينما نجد لعمارة متابعين عن أبي زرعة ، لم يذكروا في الحديث الحلف مطلقاً ، وهما :
1- عبدالله بن شبرمة عن أبي زرعة بن عمرو عن أبي هريرة بالقضية الأولى .
أخرجه مسلم ، وأحمد (2/ 327-328) ، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (5) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2241) من طرق عنه .
2- يحيى بن أيوب : حدثنا أبو زرعة به .
أخرجه عبدالله بن المبارك في "البر والصلة" رقم (6) ، وعنه أحمد (2/ 402) ، والبخاري في "الأدب" (6) .
وسنده صحيح على شرط الشيخين .
وعلقه - مع الذي قبله - البخاري في "صحيحه" بصيغة الجزم .
قلت : فاتفاق هذين الثقتين - مع رواية الأكثر عن عمارة - لا يدع شكاً في أن روايتهم هي الأرجح .

(/1)


ومن ذلك ؛ يتبين أن زيادة الحلف بالأب في هذا الحديث زيادة شاذة غير محفوظة .
وإن مما يؤكد ذلك : أن الحديث قد جاء من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ، مثل رواية الجماعة عن أبي زرعة ... ليس فيه الحلف بالأب .
أخرجه ابن المبارك (رقم 5) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (3) ، وعبدالرزاق في "المصنف" (20121) ، وغيرهم ، وحسنه الترمذي ، وهو مخرج في "المشكاة" ، و"الإرواء" (837،2170) .
واعلم أن الغرض من هذا البحث إنما هو مجرد التثبت من هذه الزيادة ؛ هل صحت عن النبي صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث بالذات أم لا ؟ وليس لأنه معارض للأحاديث الكثيرة المصرحة بالنهي عن الحلف بغير الله ؛ فإنه لو صح فالجواب عنه معروف من وجوه ذكرها الحافظ وغيره ، ويكفي في ذلك قاعدة : (القول مقدم على الفعل عند التعارض) .
ولقد أوحى إلي هذا البحث وجوب إعادة النظر في الزيادة المشابهة لهذه ؛ والتي وقعت في حديث طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه قال :
جاء رجل (وفي رواية : أعرابي) إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم من أهل نجد ، ثائر الرأس ، نسمع دوي صوته ، ولا نفقه ما يقول ، حتى دنا ؛ فإذا هو يسأل عن الإسلام (وفي رواية : فقال : يا رسول الله ! أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة) ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"خمس صلوات في اليوم والليلة" . فقال : هل علي غيرها ؟ قال :
"لا ؛ إلا أن تطوع" . (قلت : ثم سأل عن الصيام والزكاة ، وفيه) فأخبره رسول الله صلي الله عليه وسلم بشرائع الإسلام ، قال : هل علي غيرها ؟ قال :
"لا ؛ إلا أن تطوع" . قال : فأدبر الرجل وهو يقول : والله ! لا أزيد على هذا ولا أنقص [مما فرض الله علي شيئاً] ! فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"أفلح إن صدق" .
أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" - والسياق للبخاري ، مع رواياته وزياداته حسبما جاء في كتابي "مختصر البخاري" رقم (36) - ؛ أخرجاه من طريق مالك عن أبي سهيل عن أبيه عن طلحة ...
وكذلك أخرجه أبو داود وغيره عن مالك ، وهو مخرج في كتابي "صحيح أبي داود" برقم (414) .
وقد تابعه إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل به .
أخرجاه أيضاً من حديث قتيبة بن سعيد : حدثنا إسماعيل بن جعفر به .
أخرجه البخاري في موضعين (4/ 82 و 12/ 278) عن قتيبة به .
وأما مسلم فقال : حدثني يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد جميعاً عن إسماعيل بن جعفر ... لم يسق الحديث ؛ وإنما قال :
بهذا الحديث ، نحو حديث مالك ؛ غير أنه قال : فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "أفلح - وأبيه ! - إن صدق" . أو : "دخل الجنة - وأبيه ! - إن صدق" .
قلت : فزاد في الحديث : "وأبيه" ، مع تردده في قوله : "أفلح" ، أو : "دخل الجنة" !
وظاهره أنه من يحيى وقتيبة معاً ؛ وعليه ؛ فقد وقع فيه خلاف حول هذه الزيادة بين ثلاث طوائف :
الأولى : البخاري ومسلم ؛ في روايتهما عن قتيبة بن سعيد .
الثانية : بين قتيبة وغيره من جهة ، ويحيى بن أيوب وغيره من جهة أخرى ؛ في الرواية عن إسماعيل بن جعفر .
الثالثة : بين مالك وإسماعيل بن جعفر .
وبيان هذا الإجمال على ما يلي :
أما الأولى ؛ فالبخاري لم يذكر في روايته عن قتيبة تلك الزيادة ؛ خلافاً لمسلم على ظاهر روايته ، ولم أجد - فيما وقفت عليه الآن من الروايات - متابعاً لأي منهما ؛ إلا أنه مما لا شك فيه أن البخاري مقدم في حفظه وإتقانه على مسلم ، لا سيما وأن رواية هذا ليست صريحة في المخالفة ؛ لاحتمال أن تكون الزيادة ليحيى ابن أيوب وحده دون قتيبة الذي قرنه مسلم به ؛ لأته مشارك له في رواية أصل الحديث لا في الزيادة ! هذا محتمل . والله أعلم .
وأما الثانية ؛ فلكل من قتيبة ويحيى بن أيوب متابع :
أما قتيبة ؛ فتبعه علي بن حجر : عند النسائي (1/ 297) ، على خلاف عليه يأتي .
لكن المتابعين ليحيى أكثر ؛ فتابعه يحيى بن حسان : عند الدارمي (1/ 370-371) ، وعلي بن حجر أيضاً : عند ابن خزيمة في "صحيحه" (306) ، وكذا ابن منده - خلافاً لرواية النسائي - ، وداود بن رشيد : عند البيهقي (2/ 446) ؛ لكن ذكر المحقق أن في نسخة : "والله" بدل : "وأبيه" .
وعلى كل حال ؛فرواية يحيى - حتى الآن - أرجح من رواية قتيبة ؛ لاقترانها بمتابع قوي لم يختلف عليه ، وهو يحيى بن حسان - وهو التنيسي - ؛ وهو ثقة من رجال الشيخين ؛ بخلاف متابع قتيبة - وهو علي بن حجر - ؛ فقد اختلف عليه كما رأيت .
وأما الثالثة ؛ فقد تبين مما سبق أن مدار الحديث على أبي سهيل ، وأن رواه عنه مالك وإسماعيل ، وأنهما اختلفا عليه في زيادة : "وأبيه" ؛ فأثبتها إسماعيل ، ولم يذكرها مالك . فيرد حينئذ - في سبيل التوفيق بينهما - قاعدتان مشهورتان :
إحداهما : زيادة الثقة مقبولة .
والأخرى : مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه مردودة .
فعلى أيهما ينبغي الاعتماد والعمل هنا ؟!

(/2)


الذي تحرر عندي - من علم المصطلح ، ومن تطبيقهم له على مفردات الأحاديث - أنه لا اختلاف بين القاعدتين ؛ فإن الأولى محمولة على ما إذا تساويا في الثقة والضبط . وأما إذا اختلفا في ذلك ؛ فالاعتماد على الأوثق والأحفظ .
وبذلك تلتقي هذه القاعدة مع القاعدة الأخرى ولا تختلفان أبداً ، ويسمى حديث الأوثق حينذاك : محفوظاً ، ومخالفه : شاذاً .
وهذا هو المعتمد في تعريف (الشاذ) بحسب الاصطلاح ؛ كما قال الحافظ .
إذا عرفت هذا ؛ فقد تمهد لدينا إمكانية ترجيح رواية مالك على رواية إسماعيل بمرجحات ثلاثة :
الأول : أن مالكاً أوثق من إسماعيل ؛ فإن هذا - وإن كان ثقة - ؛ فمالك أقوى منه في ذلك وأحفظ . ويكفي في الدلالة على ذلك أن الإمام البخاري سئل عن أصح الأسانيد ؟ فقال :
مالك عن نافع عن ابن عمر . وقال عبدالله بن أحمد :
قلت لأبي : من أثبت أصحاب الزهري ؟ قال : مالك أثبت في كل شيء .
الثاني : أن مالكاً لم يختلف الرواة عليه في ذلك ؛ خلافاً لإسماعيل ؛ فمنهم من رواه عنه مثل رواية مالك ، كما سبق .
الثالث : أنني وجدت لروايته شاهداً بل شواهد ؛ خلافاً لرواية إسماعيل .
فلا بأس من أن أسوق ما عرفت منها :
الأول : عن أنس ؛ وله طريقان :
الأولى : عن قتادة عنه قال :
سأل رجل رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! كم افترض الله عز وجل على عباده من الصلوات ؟ قال :
"افترض الله على عباده صلوات خمساً" . قال : يا رسول الله ! قبلهن أو بعدهن شيء ؟ قال :
"افترض الله على عباده صلوات خمساً" . فحلف الرجل لا يزيد عليه شيئاً ، ولا ينقص منه شيئاً . قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"إن صدق الرجل ؛ ليدخلن الجنة" .
أخرجه النسائي (1/ 80) ، وابن حبان (1444) ، وأبو يعلى في "مسنده" (2/ 270) من طريق نوح بن قيس عن خالد بن قيس عن قتادة عنه .
قلت : وهذا إسناد صحيح ، ورجاله كلهم ثقات ، وقد مضى في "الصحيحة" برقم (2794) .
الثانية : عن ثابت عنه به مطولاً ؛ وفيه سؤال الرجل عن الزكاة أيضاً ، وعن صوم رمضان والحج ، وفيه قوله :
ثم أولى ، قال : والذي بعثك بالحق ! لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن . فقال النبي صلي الله عليه وسلم :
"لئن صدق ؛ ليدخلن الجنة" .
أخرجه مسلم (1/ 32) ، وأبو عوانة (1/ 2-3) ، والترمذي (619) - وحسنه - ، والنسائي (1/ 297) ، والدارمي (1/ 164) ، والبغوي في "شرح السنة" رقم (4،5) ، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (رقم 5 - بتحقيقي) ، وأحمد (3/ 143،193) ، ابن منده في "الإيمان" (ق 16/ 2) من طرق عن سليمان بن المغيرة عنه .
وعلق البخاري في "صحيحه" بعضه (1/ 25/ 19 - مختصر البخاري - بقلمي) .
وكنت عزوته إليه عزواً مطلقاً في تعليقي على "الإيمان" ، فأوهم أنه عنده مسند أيضاً ؛ فليقيد .
الثاني : عن أبي هريرة :
أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة ؟ قال :
"تعبد الله لا تشرك به شيئاً" (ثم ذكر صلي الله عليه وسلم الصلاة والزكاة ورمضان) . قال : والذي نفسي بيده ! لا أزيد على هذا شيئاً أبداً ، ولا أنقص منه . فلما ولى قال النبي صلي الله عليه وسلم :
"من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة ؛ فلينظر إلى هذا" .
أخرجه مسلم (1/ 33) ، وأبو عوانة (1/ 4) ، وابن منده (16/ 2) .
الثالث : عن ابن عباس ؛ وله عنه طريقان :
الأولى : عن سالم بن أبي الجعد عنه قال :
جاء أعرابي إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقال ... الحديث نحو حديث أنس من الطريق الثاني ؛ وفي آخره :
فضحك النبي صلي الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، ثم قال :
"والذي نفسي بيده ! لئن صدق ؛ ليدخلن الجنة" .
أخرجه الدارمي (1/ 165) ، وابن أبي شيبة في "الإيمان" (رقم 4 - بتحقيقي) عن ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سالم بن أبي الجعد ...
قلت : ورجال إسناده ثقات رجال البخاري ؛ إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط .
والأخرى : عن كريب مولى ابن عباس عنه نحوه ؛ وفيه تسمية الرجل بـ : (ضمام ابن ثعلبة) ؛ وفيه قال :
ثم قال : لا أزيد ولا أنقص ، ثم انصرف إلى بعيره . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم حين ولى :
"إن يصدق ذو العقيصتين ؛ يدخل الجنة" .
أخرجه الدارمي ، وأحمد (1/ 250،264) من طريق محمد بن إسحاق : حدثني سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نويفع عنه .
قلت : وهذا إسناد حسن . وسكت عليه الحافظ (1/ 161) مشيراً بذلك إلى تقويته .
وقد جاءت تسميته بـ : (ضمام بن ثعلبة) في طريق ثالثة عن أنس بن مالك ؛ نحو الطريق الثاني عنه باختصار بلفظ :
فقال الرجل : آمنت بما جئت به ، وأنبأنا رسول من ورائي من قومي ، وأنبأنا ضمام ابن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر .
أخرجه البخاري (50 - المختصر) ، والنسائي (1/ 297) ، وأحمد (3/ 168) ، وابن منده من طريق عن الليث عن سعيد عن شريك بن أبي نمر أنه سمع أنس ابن مالك .
وإسناده على شرط الشيخين ؛ على ضعف في شريك هذا .

(/3)


وبالجملة ؛ فهذه شواهد ثلاثة لحديث مالك ؛ من رواية أنس وابن عباس وأبي هريرة ، لم يرد فيها تلك الزيادة :
"وأبيه" ، فدل ذلك على أنها زيادة شاذة غير محفوظة .
ومما لا شك فيه أن الاستشهاد المذكور ، إنما هو باعتبار أن الحادثة واحدة في الأحاديث الأربعة ، وهو الذي صرح به ابن بطال وآخرون في خصوص الحديثين الأولين : حديث طلحة ، وحديث أنس ، فجزموا بأن الرجل المبهم في الحديث الأول : هو ضمام بن ثعلبة المصرح به في بعض طرق الحديث الثاني ، وحديث ابن عباس أيضاً الثالث . قال الحافظ في "الفتح" (1/ 88) :
"والحامل لهم على ذلك : إيراد مسلم لقصته عقب حديث طلحة ، ولأن في كل منهما أنه بدوي ، وأن كلاً منهما قال في آخر حديثه : لا أزيد على هذا ولا أنقص" .
قلت : وكذلك في حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة كما تقدم ؛ فهي أحاديث أربعة ، تتحدث عن قصة واحدة ، فإذا تفرد أحد الرواة عنهم بشيء دون الآخرين ؛ قام في النفس مانع من قبولها ، لا سيما إذا اختلف عليه في ذلك ؛ كهذه الزيادة : "وأبيه" ؛ لأنه يلزم من قبولها توهيم الرواة الآخرين ، ونسبتهم إلى قلة الضبط والحفظ . وإذا كان لا بد من ذلك ؛ فنسبة الفرد الواحد إلى ذلك أولى ، كما لا يخفى على أولي النهى .
وأما ما ذكره الحافظ عن القرطبي ؛ أنه تعقب جزم ابن بطال المتقدم ؛ بأن سياق حديث طلحة وأنس ، مختلف ، وأسئلتهما متباينة ! فالجواب :
أنه لا اختلاف ولا تباين في الحقيقة ؛ وإنما هو الاختصار من بعض الرواة حسب المناسبات ؛ ألا ترى إلى حديث أنس من الطريق الأولى كم هو مختصر عنه في الطريق الأخرى ؟! فهل يقول قائل : إنهما يتحدثان عن قصتين مختلفتين ؛ لتباين الأسئلة فيهما ؟! وكذلك يقال عن حديث ابن عباس في طريقيه !
فإذا كان هذا الاختلاف في حديث الرواي الواحد لا يدل على تعدد القصة ؛ فأولى أن لا يدل عليه الاختلاف في حديث راويين مختلفين . وهذه هي طريقة العلماء المحققين .
ألا ترى إلى العلامة ابن القيم في (فصل صلاة الخوف) من كتابه "زاد المعاد" ؛ كيف أنه لم يجعل كل رواية رويت في صلاة الخوف صفة مستقلة ؟! بل أنكر ذلك فقال :
"وقد روي عنه صلي الله عليه وسلم في صلاة الخوف صفات أخر ترجع كلها إلى هذا ، وهذه أصولها ، وربما اختلف بعض ألفاظها ، وقد ذكرها بعضهم عشر صفات ، وذكرها ابن حزم نحو خمس عشرة صفة ، والصحيح ما ذكرناه أولاً (يعني : ست صفات) ؛ وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة ؛ جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي صلي الله عليه وسلم ، وإنما هو من اختلاف الرواة" .
والخلاصة : أن الزيادة المذكورة في حديث طلحة - وكذا في حديث أبي هرية الذي قبله - زيادة شاذة لا تصح عندي . ومن صححها ؛ فإنما نظر إلى كون راويها - إسماعيل بن جعفر - ثقة ، دون النظر إلى المخالفة - مالك - له فيها ، واختلاف الرواة على إسماعيل في إثباتها .
فلا جرم أن أعرض عن روايتها إمام الأئمة أبو عبدالله البخاري ، وهذا هو غاية الدقة في التخريج ، جزاه الله خيراً .
ثم إنه قد بدا لي شيء آخر أكد لي نكارة الزيادة في حديث طلحة خاصة ، ألا وهو أنه بينما نرى الأعرابي السائل لرسول الله صلي الله عليه وسلم عن الإسلام ؛ يحلف بالله دون سواه ؛ إذا بالرسول صلي الله عليه وسلم يحلف بأبيه كما تقول الزيادة ! فهذه المقابلة مستنكرة عندي مهما قيل في تأويل الزيادة . والله أعلم .
ثم رأيت ابن عبدالبر قد جزم في "التمهيد" (14/ 367) بأن الزيادة غير محفوظة - كما سيأتي - ؛ فالحمد لله على توفيقه .
(تنبيه) : خفي هذا التحقيق - حول حديث الترجمة - على كثير من المتقدمين والمتأخرين ؛ اتكالاً منهم على وروده في "الصحيح" ، دون أن يتنبهوا لما جاء في تعريف الحديث الصحيح في علم المصطلح ؛ من قولهم : "ولم يشذ ولم يعل" ! أو لوجود زيادة في بعض الطرق دون بعض ؛ فيحيل في حديث الزيادة - الضعيف سنده - على الحديث الخالي منها لصحة سنده !
وهذا ما وقع فيه المعلق على "مسند أبي يعلى" ، فإنه لما تكلم على حديث الزيادة من طريق شريك ؛ قال (10/ 480) :
"إسناده ضعيف ؛ لضعف شريك بن عبدالله القاضي" ، فأصاب ؛ إلا أنه تابع فقال :
"غير أن الحديث صحيح ، وقد تقدم برقم (6082) ، وسيأتي برقم (6094) ، وأما الجزء الثاني (يعني : الذي فيه ذكر الصدقة) ، فقد تقدم برقم (6080) ، وإسناده صحيح أيضاً" !
فأخطأ في هذا التصحيح ؛ لأن الحديث بالأرقام الثلاثة التي أشار بها إليه ؛ ليس فيها جملة القسم بالله أو أبيه ؛ وهي شاذة كما علمت .
ومن هذا القبيل : زيادة تفرد بها ابن حبان (1/ 329/ 434) في آخر القضية الأولى بلفظ :
قال : فيرون أن للأم ثلثي البر .
وإسناده هكذا : أخبرنا أبو خليفة قال : حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال : حدثنا سفيان عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة به .
قلت : وإبراهيم بن بشار - وإن كان صدوقاً - ؛ ففيه كلام من قبل حفظه . ولذلك قال الذهبي في "الكاشف" :
"ليس بالقوي" .

(/4)


وأصل هذا : ما رواه عبدالله بن أحمد في "العلل" (2/ 332/ 2315) - وعنه ابن أبي حاتم في "الجرح" - عن أبيه أحمد أنه قال في إبراهيم هذا :
"كان يحضر معنا عند سفيان ، ثم يملي على الناس ما سمعوه من سفيان ، وربما أملى عليهم ما لم يسمعوا ، كأنه يغير الألفاظ ، فتكون زيادة في الحديث . فقلت له : ألا تتقي الله ؟! تملي عليهم ما لم يسمعوا ؟! وذمه في ذلك ذماً شديداً" .
وقول البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 277) :
"يهم في الشيء بعد الشيء" ، وقول ابن معين :
"لم يكن يكتب عند سفيان ، وكان يملي على الناس ما لم يقله سفيان" .
وراجع "التهذيب" إن شئت .
وأقول : ويؤيد ما قاله هؤلاء الأئمة - جزاهم الله عن المسلمين خيراً ! - إن الحديث أخرجه الحميدي في "مسنده" (2/ 476/ 1118) قال : حدثنا سفيان به ؛ دون قوله :
فيرون أن للأم ثلثي البر .
وتابعه أبو بكر محمد بن ميمون المكي : حدثنا سفيان بن عيينة به .
أخرجه ابن ماجه (3658) .
وشيخه محمد هذا ؛ وثقه بعضهم ، وكنيته في "التهذيب" : (أبو عبدالله) . فالله أعلم .
قلت : فالزيادة المذكورة منكرة ؛ لمخالفة الرمادي للحافظ الحميدي ومن تابعه من جهة ، ولعدم ورودها في الطرق الأخرى المتقدمة .
ومن هذا التحقيق ؛ تعلم خطأ قول المعلق على "الإحسان" (2/ 176 - مؤسسة الرسالة) :
"إسناده صحيح على شرط الشيخين ؛ غير إبراهيم بن بشار الرمادي ؛ وهو حافظ ، وقد توبع ..." !! ثم أفاض في تخريجه !!
فأقول :
أولاً : ليس إسناده بصحيح ؛ لما علمت من حال الرمادي في روايته عن سفيان .
ثانياً : لو سلم منه ؛ فدونه الراوي عنه أبو خليفة - واسمه الفضل بن الحباب - ، وليس من رجال الشيخين ، ولا بقية الستة ! ثم هو مختلف فيه : فمنهم من وثقه ، ومنهم من تكلم فيه . وقد ساق له الحافظ في "اللسان" حديث جابر رفعه :
"من وسع على نفسه وأهله يوم عاشوراء ..." الحديث . واستظهر أن الغلط فيه من أبي خليفة . والله أعلم .
ثالثاً : لو سلمنا - فرضاً - بصحة إسناده ؛ فذلك مما لا يستلزم صحة متنه ؛ إلا إذا سلم من الشذوذ والعلة ، وهو غير سالم كما عرفت مما سبق . والله سبحانه وتعالى أعلم .
وبعد تخريج حديث طلحة بن عبيدالله من رواية إسماعيل بن جعفر بسنين ؛ طبع كتاب "التمهيد" للحافظ ابن عبدالبر ، فرأيته ذكر هذا الحديث تحت حديث :
"إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ..." الحديث ، متفق عليه ، وهو مخرج في "الإرواء" (2560) ، أورده تحته ؛ لمخالفته إياه في الحلف بالأب ، فقال (14/ 367) مجيباً عن هذه الزيادة :
"هذه لفظة غير محفوظة في هذا الحديث من يحتج به ، وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن أبي سهيل ؛ لم يقولوا ذلك فيه . وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث وفيه : "أفلح - والله ! - إن صدق" أو : "دخل الجنة - والله ! - إن صدق" ، وهذا أولى من رواية من روى : "وأبيه" ؛ لأنها لفظة منكرة ، تردها الآثار الصحاح" .
قلت : فوافق قول هذا الحافظ ما كنت انتهيت إليه من شذوذ هذه اللفظة . فالحمد لله على توفيقه ، وأسأله المزيد من فضله .
وقد رويت هذه اللفظة في قصة أخرى ، وهي منكرة أيضاً فيها ، وسيأتي تخريجها والكلام عليها برقم (6311) .

(/5)


4993 - ( إن الله إذا أحب عبداً وأراد أن يصافيه ؛ صب عليه البلاء صباً ، وثجه عليه ثجاً ؛ فإذا دعا العبد قال : يا رباه ! قال الله : لبيك عبدي ! لا تسألني شيئاً إلا أعطيتك ؛ إما أن أعجله لك ، وإما أن أدخره لك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 768 :
$ضعيف$
أخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (85/ 2-86/ 1) من طريق يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعاً .
قلت : ويزيد هذا ضعيف .
ولذلك أشار المنذري (4/ 146-147) إلى تضعيف الحديث .

(/1)


4994 - ( إن الله عز وجل يقول للملائكة : انطلقوا إلى عبدي فصبوا عليه البلاء صباً . فليأتونه فيصبون عليه البلاء صباً ، فيحمد الله . فيرجعون فيقولون : ربنا ! صببنا عليه البلاء كما أمرتنا . فيقول : ارجعوا ؛ فإني أحب أن أسمع صوته ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 769 :
$ضعيف جداً$
أخرجه المخلص في "العاشر من حديثه" (207/ 1) : حدثنا عبدالواحد : حدثنا أيوب بن سليمان : حدثنا أبو اليمان : حدثنا عفير بن معدان عن سليم ابن عامر عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته عفير هذا ؛ وهو ضعيف جداً ، كما تقدم برقم (293) ، ونقلته ثمة عن الهيثمي .
وأما في هذا الحديث ؛ فقال (2/ 291) : إنه ضعيف ، فقط ! والصواب الأول . وعزاه للطبراني في "الكبير" .
وكذلك صنع المنذري (4/ 147) ؛ وأشار إلى تضعيف الحديث .
وأخرجه الطبراني (8/ 195/ 7697) ، والبغوي أيضاً في "شرح السنة" (1425) من الوجه المذكور .

(/1)


4995 - ( إن الله ليجرب أحدكم بالبلاء وهو أعلم به ؛ كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار : فمنه ما يخرج كالذهب الإبريز ؛ فذلك الذي نجاه الله من الشبهات ، ومنه ما يخرج كالذهب دون ذلك ؛ فذلك الذي يشك بعض الشك ، ومنه ما يخرج كالذهب الأسود ؛ فذلك الذي قدافتتن ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 769 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (86/ 1) ، ومن طريقه الأصفهاني في "الترغيب" (59/ 1) من طريق عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ لما سبق في الذي قبله .
وبه : أخرجه الطبراني ؛ كما في "الترغيب" ، و "المجمع" ؛ وضعفاه .

(/1)


4996 - ( للمصيبات والأوجاع أسرع في ذنوب العبد مني في هذه الشجرة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 770 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى (3/ 1063) ، وابن أبي الدنيا (70/ 2،73/ 1) عن حسن بن صالح عن جابر الجعفي عن زياد النميري عن أنس بن مالك قال :
أتى رسول الله صلي الله عليه وسلم شجرة ؛ فهزها حتى تساقط ورقها ، ثم قال ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ زياد النميري ضعيف .
ومثله - بل شر منه - جابر الجعفي .
ولذلك أشار المنذري إلى تضعيف الحديث (4/ 149) .
وقصر الهيثمي في "المجمع" (2/ 301) ؛ فأعله بضعف الجعفي فقط !

(/1)


4997 - ( كان إذا فرغ من صلاته ؛ رفع يديه وضمهما وقال : رب ! اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت ، وما أنت أعلم به مني ؛ أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت ، لك الملك ، ولك الحمد ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 770 :
$منكر بهذا السياق$
أخرجه عبدالله بن المبارك في "الزهد" (1154) : أخبرنا عبدالعزيز بن أبي رواد قال : حدثني علقمة بن مرثد وإسماعيل بن أمية : أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان ... إلخ .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لإعضاله ؛ فإن علقمة وإسماعيل لم يثبت لهما لقاء أحد من الصحابة .
ثم إن ذكر رفع اليدين وضمهما فيه ، وزيادة : "لك الملك ولك الحمد" ؛ كل ذلك منكر ؛ فقد وصله مسلم من طريق أخرى من حديث علي رضي الله عنه بحديث دعاء الاستفتاح مطولاً ؛ وفي آخره :
"وإذا سلم قال : اللهم ! اغفر لي ..." إلخ دون الزيادة .
وكذلك أخرجه أبو داود ، وغيره ، وهو مخرج في "صحيح أبو داود" (738/ 1352) .
وعزاه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه على "الزهد" لأبي داود فقط ؛ وهو تقصير واضح !
وبهذه المناسبة أقول : لقد اطلعت منذ ثلاث سنين على الجزء الأول من كتاب بعنوان :
"الألباني شذوذه وأخطاؤه" ؛ بقلم أرشد السلفي ، طبع المطبعة العلمية - ماليكاؤن (ناسك) الهند ، ثم على الجزء الثاني منه ؛ فتصفحتهما ، فتبين لي أن مؤلفه من متعصبة الحنفية ، وله اطلاع لا بأس به على كتب الحديث ورجاله ، ولم نعرف شخصه ، بل غلب على الظن أن هذا الاسم مزور لا حقيقة له ! ولذلك دارت الظنون حول بعض المشهورين بعدائهم الشديد للسنة وأهلها ، ولكن لما كان لا يجوز الحكم بالظن ؛ أمسكنا عن الجزم بهويته ، ثم بدأت الأخبار تتوارد من هنا وهناك أنه هو الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي المذكور !
فإذا ثبت هذا ؛ فإنه يؤسفني أن يحشر نفسه في زمرة أعداء السنة ، في الوقت الذي يتظاهر بخدمتها وتحقيق كتبها ، ولا يظهر لي شخصياً إلا كل ود واحترام حينما كنا نلتقي به في المكتب الإسلامي في بيروت ، وكان يومئذ على تصحيح تجارب كتاب "مصنف عبدالرزاق" !!
وإلى أن نتيقن أنه هو ؛ فإنه لا بد لي من أن أشير إلى أن الرد المذكور محشو بالبهت والافتراء علي ، وبالجهل بعلم الحديث ومصطلحه ، والطعن في أهله ؛ كالإمام أحمد وابن تيمية وغيرهما ، مع التعصب الشديد للمذهب الحنفي .
وهذا - بالطبع - لا يعني أنه لم يصب في شيء مطلقاً مما انتقدني فيه ! فما منا من أحد إلا رد ورد عليه ؛ إلا النبي صلي الله عليه وسلم ، كما قال الإمام مالك رحمه الله .
ولدي الآن مسودة الرد على الجزءين المذكورين ؛ فإذا انكشف الغطاء وتيقنا أنهما للشيخ الأعظمي ؛ استخرنا الله في تبييضهما ، عسى الله أن ييسر لنا نشرهما .

(/1)


4998 - ( ما من عبد يمرض ؛ إلا أمر الله حافظه أن ما عمل من سيئة فلا يكتبها ، وما عمل من حسنة أن يكتبها عشر حسنات ؛ وأن يكتب له من العمل الصالح كما كان يعمل وهو صحيح ؛ وإن لم يعمل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 772 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1566) من طريق عبدالأعلى ابن أبي المساور : أخبرنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عبدالأعلى هذا ؛ قال الحافظ :
"متروك . وكذبه ابن معين" .
قلت : ومنه تعلم تساهل الهيثمي في قوله (2/ 304) :
"رواه أبو يعلى ، وفيه عبدالأعلى بن أبي المساور ، وهو ضعيف" !
قلت : وقد خولف في إسناده ؛ فقال ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (87/ 1) حدثنا علي بن الجعد قال : أخبرني أبو مسعود الجريري عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة به .
قلت : فزاد في الإسناد : (عن أبيه) ! ولم أعرفه ، ولم يذكره البخاري ولا ابن أبي حاتم في كتابيهما ، ولا غيرهما من المتأخرين ؛ فهو علة الحديث ؛ فإن رجاله كلهم ثقات ؛ غير أن أبا مسعود الجريري كان اختلط قبل موته بثلاث سنين .
لكن للحديث إسناد آخر جيد ؛ إلا أنه موقوف ، فقال ابن أبي الدنيا (67/ 1) :حدثنا أحمد بن حنبل : أخبرنا عبدالله : أخبرنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي هريرة قال :
إذا مرض العبد المسلم ؛ يقال لصاحب اليمين : اكتب على عبدي صالح ما كان يعمل . ويقال لصاحب الشمال : أقصر عن عبدي ما كان في وثاقي . فقال رجل عند أبي هريرة : يا ليتني لا أرال ضاجعاً . فقال أبو هريرة : كره للعبد الخطايا .
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين .
ثم استدركت ، فقلت : الظاهر أنه منقطع ؛ فإنهم لم يذكروا لحسان بن عطية رواية عن أبي هريرة وغيره من الصحابة ؛ غير أبي أمامة المتوفى سنة (86) ، وقالوا : أرسل عن أبي واقد الليثي ؛ وقد توفي سنة (68) ، وأبو هريرة توفي قبله بنحو عشر سنين ؛ فإنه توفي سنة (59) على أكثر ما قيل .
وجملة القول ؛ أن الحديث ضعيف مرفوعاً وموقوفاً .

(/1)


4999 - ( من عاد مريضاً وجلس عنده ساعة ؛ أجرى الله له عمل ألف سنة لا يعصي الله فيها طرفة عين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 774 :
$موضوع$
أخرجه ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (ق 164/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 161) و "أخبار أصبهان" (1/ 114،325) من طريق عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن أبي رواد عن وهيب بن الورد عن أبي منصور عن رجل من الأنصار [عن أبان] عن أنس بن مالك مرفوعاً . وقال أبو نعيم :
"غريب من حديث وهيب ، لم نكتبه إلا من حديث سعيد بن يحيى . وعبدالمجيد" .
قلت : هو عند بن أبي الدنيا من غير طريق سعيد بن يحيى - وهو ابن سعيد الأنصاري - ؛ فإنه قال : حدثنا عبدالوهاب الوراق قال : حدثنا عبدالمجيد ...
وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ مسلسل بالعلل :
الأولى : أبان هذا - وهو ابن أبي عياش - متروك ؛ كما قال الحافظ .
الثانية : رجل من الأنصار ؛ مبهم .
الثالثة : أبو منصور ؛ لم أعرفه .
الرابعة : عبدالمجيد بن عبدالعزيز ؛ قال الحافظ :
"صدوق يخطىء ، وكان مرجئاً ، أفرط ابن حبان فقال : متروك" .
والحديث ؛ قال المنذري (4/ 163) :
"رواه ابن أبي الدنيا في "كتاب المرض والكفارات" ، ولوائح الوضع عليه تلوح" .
(تنبيه) : هكذا لفظ الحديث : "ألف سنة" عند مخرجيه ؛ إلا أنه وقع في نسخة أخرى من "الكفارات" بلفظ : "سنة" ، فالظاهر أنه سقط منها (ق 71/ 1) لفظة : "ألف" !
ويؤيده أن المنذري لما عزاه إليه ؛ ذكره باللفظ الأول : "ألف سنة" .
وكأنه لذلك حكم على الحديث بالوضع . والله أعلم .

(/1)


5000 - ( لا ترد دعوة المريض حتى يبرأ ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 775 :
$موضوع$
أخرجه ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (71/ 2) : حدثنا سويد بن سعيد : أخبرنا عبدالرحيم بن زيد عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته عبدالرحيم بن زيد - وهو ابن الحواري العمي - ؛ كذبه ابن معين . وقال البخاري :
"تركوه" .
وأبوه زيد ضعيف .
وسويد بن سعيد ؛ كان يتلقن ؛ كما تقدم مراراً .
والحديث ؛ أورده المنذري (4/ 164) من رواية ابن أبي الدنيا ؛ مشيراً لضعفه .\

(/1)


5001 - ( من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته ، وأحسن عقباه ، وجعل له خلفاً صالحاً يرضاه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 5 :
$ضعيف$
رواه الطبري (ج 3 رقم : 2329 ص 223) قال : حدثني المثنى قال : حدثنا عبدالله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) ؛ قال : أخبر الله أن المؤمن إذا سلم الأمر إلى الله ورجع واسترجع عند المصيبة ؛ كتب له ثلاث خصال من الخير : الصلاة من الله ، والرحمة ، وتحقيق سبيل الهدى . وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ وله علتان :
الأولى : الانقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس ؛ فإنه لم يسمع منه ، ولم يره ؛ كما قال الحافظ وغيره من المتقدمين والمتأخرين .
والأخرى : الضعف في ابن أبي طلحة نفسه ؛ فقد تكلم فيه بعض الأئمة ؛ فقال أحمد :
"له أشياء منكرات" . وقال يعقوب بن سفيان :
"ضعيف الحديث منكر" .
ووثقه العجلي وغيره . وقال الحافظ :
"صدوق يخطىء ، أرسل عن ابن عباس" .
وجزم بضعفه الهيثمي ؛ كما يأتي .
وعبدالله بن صالح فيه ضعف أيضاً ؛ كما تقدم مراراً .
والحديث ؛ قال الهيثمي (2/ 331) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه علي بن أبي طلحة ؛ وهو ضعيف" .
ولذلك ؛ أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 169) إلى ضعف الحديث ، وقال :
"وفي رواية له (يعني : الطبراني) قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "أعطيت أمتي شيئاً لم يعطه أحد من الأمم عند المصيبة : (إنا لله وإنا إليه راجعون)" .
قلت : وبين علته الهيثمي فقال : (2/ 330) :
"وفيه محمد بن خالد الطحان ؛ وهو ضعيف" .
وكذا جزم بضعفه الحافظ في "التقريب" .
وحديث الترجمة ؛ أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 255/ 13027) ، والسلفي في "الأربعين" (9/ 1 - حديث 28) من الوجه المذكور .
وحديث الطحان الضعيف : عند الطبراني (12/ 40/ 12411) .

(6/1)


5002 - ( من حفر قبراً ؛ بنى الله له بيتاً في الجنة ، ومن غسل ميتاً ؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، ومن كفن ميتاً ؛ كساه الله من حلل الكرامة ، ومن عزى حزيناً ؛ ألبسه الله التقوى وصلى على روحه في الأرواح ، ومن عزى مصاباً ؛ كساه الله حلتين من حلل الجنة ، لا تقوم لهما الدنيا ، ومن اتبع جنازة حتى يقضى دفنها ؛ كتبت له ثلاثة قراريط ؛ القيراط منها أعظم من جبل أحد ، ومن كفل يتيماً أو أرملة ؛ أظله الله في ظله وأدخله جنته ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 7 :
$ضعيف$
رواه الطبراني في "الأوسط" (9/ 135/ 9288 - ط) ، (1/ 78/ 1 - من ترتيبه) عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن جابر بن عبدالله مرفوعاً . وقال :
"لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علته الخليل بن مرة ؛ فإنه ضعيف كما جزم به الحافظ وغيره . وذكره ابن حبان في "الضعفاء" وقال :
"يروي عن جماعة من البصريين والمدنيين من المجاهيل" .
قلت : وشيخه إسماعيل بن إبراهيم لم أتيقن من هو ، ولا أستبعد أنه الذي في "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 155) :
"إسماعيل بن إبراهيم السلمي ، ويقال : الشيباني . روى عن ابن عباس . روى عنه يعقوب بن خالد ومحمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة . وبعض الرواة يقول : إبراهيم بن إسماعيل ؛ يعد في المدنيين" .
قلت : وعليه ، فلا أستبعد - أيضاً - أن يكون أحد المدنيين المجاهيل الذين أشار إليهم ابن حبان في كلمته السابقة . وقال الذهبي :
"لا يدرى من ذا ؟" . ونقل في "التهذيب" عن أبي حاتم أنه قال فيه :
"مجهول" . ولم أره في كتاب ابنه . والله أعلم .
والحديث ؛ قال الهيثمي (3/ 21) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه الخليل بن مرة ؛ وفيه كلام" .
ومن طريقه أخرج طرفه الأول منه : ابن شاهين في "الترغيب" (310/ 1) بلفظ :
"من حفر قبراً ؛ بنى الله له بيتاً في الجنة ، وأجرى له مثل أجره إلى يوم القيامة" .

(7/1)


5003 - ( من أتى جنازة في أهلها ؛ فله قيراط ، فإن اتبعها ؛ فله قيراط ، [فإن صلى عليها ؛ فله قيراط] ، فإن انتظرها حتى تدفن ؛ فله قيراط ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 8 :
$منكر$
أخرجه البزار في "مسنده" (ص 90) قال : حدثنا عبدالله بن محمد بن الحجاج الصواف : حدثنا معدي بن سليمان عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً به . حدثنا محمد بن المثنى : حدثنا معدي به . وقال :
"لا نعلم رواه إلا معدي" .
قلت : قال أبو زرعة :
"واهي الحديث ، يحدث عن ابن عجلان بمناكير" . وقال ابن حبان :
"يروي المقلوبات عن الثقات ، والملزقات عن الأثبات ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد" .
وضعفه آخرون ، وشذ الترمذي فصحح حديثه .
وأما قول الهيثمي في "المجمع" (3/ 30) :
"رواه البزار ، وفيه معدي بن سليمان ، صحح له الترمذي ووثقه أبو حاتم وغيره ، وضعفه أبو زرعة والنسائي ، وبقية رجاله رجال (الصحيح)" !
فأقول : لم أجد من صرح بتوثيقه من أئمة الجرح والتعديل ، ولم يذكروا عن أبي حاتم فيه إلا قوله : "شيخ" ، وهذا ليس صريحاً في التوثيق ، بل هو يدل على عدم الضعف المطلق ؛ كما قال الذهبي في مقدمة "الميزان" ، والحافظ تبعاً له في "اللسان" ؛ ونفي الضعف المطلق لا يستلزم أنه موثق عنده كما هو ظاهر .
وكأنه لذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه : "ضعيف" . وقال في "زوائد البزار" :
"قلت : جعل فيه ثلاثة قراريط ، فلم يتابع عليه ، وقد ضعفه غير واحد" .
قلت : وجعلها أربعة في رواية عنه ذكرها الذهبي في ترجمته من "الميزان" ؛ ولعلها في "ضعفاء ابن حبان" من رواية عبيدالله بن يوسف الجبيري عنه بلفظ :
"من أوذن بجنازة فأتى أهلها فعزاهم ؛ كتب له قيراط ، فإن شيعها ؛ كتب له قيراطان ، فإن صلى عليها ؛ كتب له ثلاثة قراريط ، فإن انتظر دفنها ؛ كتب له أربعة قراريط ، والقيراط مثل أحد" .
ثم رأيته عند ابن حبان (3/ 40) .
والحديث في "الصحيحين" وغيرهما من طرق كثيرة عن أبي هريرة نحوه ؛ دون ذكر القيراط الثالث والرابع ، وكذلك رواه جمع آخر من الصحابة ، وقد خرجت أحاديثهم في "أحكام الجنائز" (ص 68-69) .
وقد تكلم الحافظ الناجي في "العجالة" (ق 220/ 2-221/ 1) على الحديث بإسهاب ، وقال :
"والآفة من معدي" . ثم قال :
"وبالجملة ؛ فهذا اللفظ منكر مخالف للأحاديث المشهورة . وقد بينت أن القيراطين إنما يحصلان بمجموع الصلاة والدفن ، وأن الصلاة دون الدفن يحصل بها قيراط واحد" .

(8/1)


5004 - ( لما افتتح صلي الله عليه وسلم مكة رن إبليس رنة اجتمعت إليه جنوده ، فقال : ايأسوا أن ترتد أمة محمد على الشرك بعد يومكم هذا ، ولكن افتنوهم في دينهم ، وأفشوا فيهم النوح ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 10 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 156/ 2-157/ 1) من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : ... فذكره .
قلت : وهذا الإسناد ضعيف ؛ فإن ابن أبي المغيرة هذا - وإن كان قد وثق كما يأتي عن الهيثمي - ؛ فقد قال ابن منده :
"ليس هو بالقوي في سعيد بن جبير" .
وهو الذي روى عنه مطرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : (وسع كرسيه السماوات والأرض) ؛ قال :
"علمه" . قال ابن منده :
"لم يتابع عليه" . قال الذهبي عقبه :
"قلت : قد روى عمار الدهني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :
كرسيه : موضع قدمه ، والعرش لا يقدر قدره" .
قلت : يشير إلى أن ما رواه ابن أبي المغيرة عن سعيد عن ابن عباس منكر . وقال الحافظ فيه :
"صدوق يهم" .
وأشار الهيثمي إلى تليينه بقوله (3/ 13) : "رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله موثقون" .
وتساهل المنذري - مع وهم في العزو - فقال (4/ 177) :
"رواه أحمد بإسناد حسن" !
ومن طريق الطبراني : أخرجه الضياء في "المختارة" (59/ 13/ 1) .

(9/1)


5005 - ( لا تصلي الملائكة على نائحة ، ولا على مرنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 11 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد (2/ 362) من طريق سليمان بن داود (وهو الطيالسي) وهذا في "مسنده" (2457) : حدثنا عمران : حدثنا قتادة عن أبي مراية عن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
قلت : وأبو مراية ؛ اسمه : عبدالله بن عمرو العجلي . قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 118) :
"روى عن سلمان وأبي موسى الأشعري وعمران بن حصين . روى عنه قتادة وأسلم العجلي" . وفي "تعجيل المنفعة" (519/ 1392) :
"قال أبو سعيد : كان قليل الحديث . وذكره ابن بان في (الثقات)" . وقال الهيثمي (3/ 13) :
"رواه أحمد ، وأبو يعلى ، وفيه أبو مرانة (!) ؛ ولم أجد من وثقه ولا جرحه ، وبقية رجاله ثقات" !
قلت : ولي عليه ملاحظتان :
الأولى : قوله : "أبو مرانة" تصحيف ؛ فإن كان منه ؛ فقوله : "ولم أجد من وثقه" في محله ، وإن كان الأصل "أبو مراية" فصحفه الناسخ أو الطابع ؛ فقوله المذكور في غير محله ؛ لتوثيق ابن حبان إياه ، وعادته أن يحتج بتوثيقه ؛ خلافاً للذهبي والعسقلاني وغيرهما من النقاد ؛ فإن القاعدة عندهم عدم الاعتداد بتوثيق ابن حبان ؛ لأنه يوثق المجهولين ، كما سبق التنبيه على هذا مراراً وتكراراً .
والأخرى : قوله : "وبقية رجاله ثقات" ؛ فإن هذا الإطلاق يوهم أن ليس فيهم من تكلم فيه ، والأمر على خلافه ؛ فإن عمران هذا - وهو ابن داور أبو العوام القطان البصري - فيه كلام من قبل حفظه ؛ أشار إليه الحافظ بقوله في "التقريب" :
"صدوق يهم" .
وبالجملة ؛ فالحديث ضعيف ؛ لجهالة حال أبي مراية ، وللكلام المشار إليه في عمران . والله أعلم .
وأما الحافظ المنذري فقال : (4/ 177) :
"رواه أحمد ، وإسناده حسن إن شاء الله" !!

(10/1)


5006 - ( إن هذه النوائح يجعلن يوم القيامة صفين في جهنم ؛ صف عن يمينهم ، وصف عن يسارهم ، فينبحن على أهل النار كما تنبح الكلاب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 13 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 77/ 1 - زوائده) عن سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً به . وقال :
"لم يروه عن يحيى إلا سليمان" .
قلت : وهو ضعيف جداً ؛ كما يشعر بذلك قول البخاري :
"منكر الحديث" ، كما رواه عنه ابن عدي في "الكامل" (158/ 2) ، وساق له أحاديث مما أنكر عليه ، ثم قال :
"وعامة ما يرويه عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد لا يتابعه أحد عليه" .
وساق له الذهبي - فيما أنكر عليه - هذا الحديث أيضاً . ولذلك أشار إليه المنذري (4/ 177) إلى تضعيف الحديث . وقال الهيثمي (3/ 14) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه سليمان بن داود اليمامي ، وهو ضعيف" .

(11/1)


5007 - ( ليس للنساء في الجنازة نصيب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 13 :
$ضعيف جداً$
أخرجه البزار (ص 87 - زوائد) عن أبي غسان : حدثنا الصباح أبو عبدالله عن جابر عن عطاء عن ابن عباس :
أن النبي صلي الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة ، وقال : ... فذكره .
وقال الهيثمي في "مختصر الزوائد" (1/ 348) :
"الصباح ضعيف" .
كذا قال ! ويأتي بيان ما فيه ، وتعقبه الحافظ هناك بقوله :
"قلت : وجابر : هو الجعفي ؛ أشد ضعفاً منه" .
قلت : وقد اتفقا على تضعيف الصباح هذا ، ولم أعرفه ، وإلى ذلك يشير الهيثمي نفسه بقوله في "المجمع" (3/ 13) :
"رواه البزار ، والطبراني في "الكبير" ، وفيه الصباح أبو عبدالله ، ولم أجد من ذكره" !
قلت : والشطر الأول من الحديث يرويه محمد بن الحسن بن عطية عن أبيه عن جده عن أبي سعيد الخدري قال :
لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم النائحة والمستمعة .
أخرجه أحمد (3/ 65) ، وأبو داود (3128) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ الحسن بن عطية وأبوه عطية - وهو ابن سعد العوفي - ضعيفان .

(12/1)


5008 - ( في قول الله عز وجل : (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) . قال : يجلسه فيما بينه وبين جبريل ، ويشفع لأمته ، فذلك المقام المحمود ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 14 :
$باطل$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 163/ 2) عن أبي صالح عبدالله بن صالح : حدثني ابن لهيعة عن عطاء بن دينار الهذلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : الانقطاع بين الهذلي وسعيد ، قال الحافظ :
"صدوق ؛ إلا أن روايته عن سعيد بن جبير من صحيفة" .
والأخرى : ضعف ابن لهيعة . وقال الهيثمي (7/ 51) .
"رواه الطبراني ، وفيه ابن لهيعة ؛ وهو ضعيف إذا لم يتابع . وعطاء بن دينار ؛ قيل : لم يسمع من سعيد بن جبير" .

(13/1)


5009 - ( تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء من قبل المغرب مثل الترس ، فما تزال ترتفع في السماء حتى تملأ السماء ، ثم ينادي مناد : يا أيها الناس ! فيقبل الناس بعضهم على بعض : هل سمعتم ؟ فمنهم من يقول : نعم ، ومنهم من يشك ، ثم ينادي الثانية : يا أيها الناس ! فيقول الناس : هل سمعتم ؟ فيقولون : نعم ، ثم ينادي : أيها الناس : (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) ، قال : فوالذي نفسي بيده ! إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه أو يتبايعانه أبداً ، وإن الرجل ليمدر حوضه فما يسقي فيه شيئاً ، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه أبداً ، ويشتغل الناس ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 15 :
$ضعيف$
أخرجه الحاكم (4/ 539) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 325/ 899) من طريق أبي بكر بن عياش عن محمد بن عبدالله مولى المغيرة ابن شعبة عن كعب بن علقمة عن ابن حجيرة عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال الحاكم :
"صحيح الإسناد على شرط مسلم" . ووافقه الذهبي !!
وأقول : كلا ، وذلك لأمرين :
الأول : أن ابن عياش لم يحتج به مسلم ؛ على ضعف في حفظه .
والآخر : أن محمد بن عبدالله مولى المغيرة بن شعبة لم يخرج له مسلم أصلاً ؛ على جهالته ، وهو محمد بن يزيد بن أبي زياد ، هكذا ساق نسبه الحافظ المزي في ترجمة شيخه كعب بن علقمة التنوخي المصري ، وترجمة الراوي عنه أبي بكر بن عياش ، وزاد في ترجمته هو نفسه :
"الثقفي الفلسطيني ويقال : الكوفي ، نزيل مصر ، مولى المغيرة بن شعبة ، وهو صاحب حديث الصور" ، وذكر أن أبا حاتم قال فيه (4/ 1/ 126) :
"مجهول" . وصحح له الترمذي حديث :
"كفارة النذر كفارة اليمين" .
وزاد الحافظ في "تهذيبه" عن الدارقطني أنه قال فيه أيضاً :
"مجهول" ؛ واعتمده الذهبي في "المغني" !
قلت : ومن هذا التحقيق تعرف خطأ موافقته للحاكم في قوله :
"صحيح على شرط مسلم" ! وقول المنذري في "الترغيب" (4/ 191) :
"رواه الطبراني بإسناد جيد ، رواته ثقات مشهورون" ! وقول الهيثمي (10/ 331) :
"رواه الطبراني ورجاله رجال "الصحيح" ؛ غير محمد بن عبدالله مولى المغيرة ؛ وهو ثقة" !
ونحوه سكوت الحافظ عنه في "الفتح" (13/ 88) !
بقي شيء واحد ، وهو أن راوي الحديث - محمد بن عبدالله مولى المغيرة - : فيما يبدو - هو غير محمد بن يزيد بن أبي زياد المجهول .
فأقول : إن كان الأمر كذلك ؛ فهو مجهول العين ؛ لأنه لم يذكره أحد من أئمة الجرح والتعديل - هذا فيما علمت - ، لكن الظاهر عندي أنه هو نفسه ، وعليه ؛ فعبد الله لا بد أن يكون جده المكنى في "التهذيب" بأبي زياد ، فهو محمد بن يزيد بن أبي زياد عبدالله . والله أعلم .
ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن ابن حجيرة ؛ فقال ابن أبي الدنيا في "كتاب الأهوال" (ق 2/ 2) : حدثنا هارون بن سفيان : حدثنا محمد بن عمر : حدثنا معاوية بن صالح عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن فضالة بن عبيد عن النبي صلي الله عليه وسلم . وهشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن ابن حجيرة به .
قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات ، وكذلك الإسناد الأول عن فضالة بن عبيد ؛ لكن مدارهما على محمد بن عمر ، وهو الواقدي ، وهو متروك شديد الضعف ؛ فلا يصلح للاستشهاد به .
لكن الشطر الثاني من الحديث له شاهد قوي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً .
أخرجه الشيخان وغيرهما ، وزاد البخاري خصلة رابعة بلفظ :
"ولتقومن الساعة ؛ وقد رفع أكلته إلى فيه ، فلا يطعمها" . وهو رواية لابن حبان (6807) .
وهو قطعة من حديث طويل ساق السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير" طرفه الأخير منه بدءاً من قوله : (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ..." ؛ وعزاه للشيخين وابن ماجه ، وفيه تساهل كبير ! فإن ابن ماجه ليس له منه إلا طلوع الشمس من مغربها (رقم 4068) ؛ وهذا رواه أحمد أيضاً (2/ 231) ، فكان عزوه إليه أولى .
ومسلم وإن كان أخرج هذا القدر أيضاً (1/ 95) ؛ فإنه ليس عنده الخصلة الرابعة المذكورة !

(14/1)


5010 - ( يبعث الله يوم القيامة ناساً في صور الذر ، يطؤهم الناس بأقدامهم ، فيقال : ما بال هؤلاء في صور الذر ؟! فيقال : هؤلاء المتكبرون في الدنيا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 18 :
$موضوع$
أخرجه البزار في "مسنده" (314- زوائده) عن القاسم بن عبدالله - يعني : العمري - عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته العمري هذا ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ، رماه أحمد بالكذب" .
قلت : وكذلك كذبه ابن معين . ولفظ أحمد :
"كان يكذب ويضع الحديث" .
ولذلك ؛ أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 194) إلى تضعيف الحديث . وقال الهيثمي (10/ 334) :
"رواه البزار ؛ وفيه القاسم بن عبدالله العمري ، وهو متروك" .
ويغني عنه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً بلفظ :
"يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال ؛ يغشاهم الذل من كل مكان ؛ يساقون إلى سجن في جهنم يقال له : (بولس) ، تعلوهم نار الأنيار ، يسقون من عصارة أهل النار : طينة الخبال" .
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" ، والترمذي - وحسنه - ، وهو مخرج في "المشكاة" (5112) .

(15/1)


5011 - ( إن العار والتخزية يبلغ من ابن آدم في المقام بين يدي الله ما يتمنى العبد يؤمر به إلى النار ويتحول من ذلك المقام ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 19 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (262/ 1) من طريق الحارث بن سريج الخوارزمي : أخبرنا معتمر : حدثنا الفضل بن عيسى : حدثنا محمد بن المنكدر أن جابر بن عبدالله حدثه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره في جملة أحاديث ساقها للفضل هذا . ثم قال :
"وله غير ما ذكرت من الحديث ، والضعف بين على ما يرويه" .
وأعله الذهبي بالحارث بن سريج أيضاً ، فقال :
"واه" .
وأقول : ولكنه قد توبع ، فأخرجه الحاكم (4/ 577) من طريق عبدالوهاب ابن عطاء : أنبأ الفضل بن عيسى الرقاشي به نحوه ، ولفظه :
"إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول : يا رب ! لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى ، وإنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب" . وقال :
"صحيح الإسناد" ! ورده الذهبي بقوله :
"قلت : الفضل واه" .
وأورده الهيثمي في "المجمع" (10/ 336) بلفظ :
"إن العرق ..." والباقي مثله إلا أنه قال : "مما أجد" . ثم قال :
"رواه البزار ، وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي ، وهو ضعيف جداً" .
ولقد وهم المنذري في "الترغيب" (4/ 195-196) في متن هذا الحديث ، فإذا ساقه بلفظ البزار المذكور ، وقال :
"رواه البزار، والحاكم من حديث الفضل بن عيسى ، وهو واه ..." !
وقد عرفت أن لفظ الحاكم يختلف عن لفظ البزار ؛ فوجب التنبيه عليه ، ولعل هذا الاختلاف في متنه - وبخاصة في لفظة : "العار" و : "العرق" - ؛ إنما هو من الرقاشي نفسه ، وليس من بعض رواته أو مخرجيه .

(16/1)


5012 - ( إنه يكون للوالدين على ولدهما دين ، فإذا كان يوم القيامة يتعلقان به . فيقول : أنا ولدكما ! فيودان أو يتمنيان لو كان أكثر من ذلك ! ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 21 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (10/ 219/ 10526) : حدثنا أحمد بن عمرو البزار : حدثنا عمرو بن مخلد : أخبرنا يحيى بن زكريا الأنصاري : أخبرنا هارون بن عنترة عن زاذان قال :
دخلت على عبدالله بن مسعود وقد سبق إلى مجلسه أصحاب الخز والديباج ، فقلت : أدنيت الناس وأقصيتني ؟! فقال : اذن ، فأدناني حتى أقعدني على بساطه ، ثم قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهو إسناد ضعيف ؛ البزار - وهو صاحب "المسند" المعروف به - ؛ قال الدارقطني :
"ثقة يخطىء كثيراً" .
وشيخه عمرو بن مخلد ؛ لم أجد له ترجمة .
ومثله شيخه الأنصاري .
والحديث أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 202) إلى تضعيفه . وقال الهيثمي (10/ 355) :
"رواه الطبراني عن عمرو بن مخلد عن يحيى بن زكريا الأنصاري ، ولم أعرفهما ، وبقية رجاله وثقوا ؛ على ضعف في بعضهم" .
وأخرجه المروزي في "زوائد الزهد" (1416) من طريق عيسى بن يونس عن هارون بن عنترة عن عبدالله بن السائب : أخبرنا زاذان أبو عمر به نحوه أتم منه . لكنه أوقفه .
قلت : وعيسى بن يونس - وهو الفاخوري الرملي - صدوق ، وقد خالف يحيى ابن زكري الأنصاري في إسناده ومتنه .
أما الإسناد ؛ فإنه أدخل بين هارون وزاذان : عبدالله بن السائب - وهو الكندي - وهو ثقة ، ثم إنه أوقفه .
وأما المتن ؛ فليس فيه : "فيقول : أنا ولدكما ..." إلخ . والله أعلم .

(17/1)


5013 - ( يوضع للأنبياء منابر من ذهب يجلسون عليها ، ويبقى منبري لا أجلس عليه - أو قال : لا أقعد عليه - قائماً بين يدي ربي ، منتصباً بأمتي ؛ مخافة أنيبعث بي إلى الجنة وتبقى أمتي بعدي ، فأقول : يا رب ! أمتي أمتي ! فيقول الله تعالى : يا محمد ! ما تريد أن أصنع بأمتك ؟ فأقول : يا رب ! عجل حسابهم ؛ فيدعى بهم ، فيحاسبون ، فمنهم من يدخل الجنة برحمة الله ، ومنهم من يدخل الجنة بشفاعتي ، فما أزال أشفع حتى أعطى صكاكاً برجال قد بعث بهم إلى النار ، حتى إن مالكاً خازن النار ليقول : يا محمد ! ما تركت لغضب ربك من أمتك من نقمة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 22 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 97/ 2) و "الأوسط" (3/ 446-447) من طريق محمد بن ثابت البناني عن عبيدالله بن عبدالله ابن الحارث بن نوفل عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ من أجل البناني هذا ؛ فإنهم اتفقوا على تضعيفه ، بل قال البخاري :
"فيه نظر" . ففيه إشارة إلى أنه شديد الضعف عنده متروك .
فقول المنذري في "الترغيب" (4/ 220) :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، والبيهقي في "البعث" ، وليس في إسنادهما من ترك" !!
قلت : فهو غير مسلم على إطلاقه ، مع أنه غير كاشف عن علته . وخير منه في ذلك قول الهيثمي (10/ 380) :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، وفيه محمد بن ثابت البناني ؛ وهو ضعيف" .

(18/1)


5014 - ( إن الهدية يطلب بها وجه الرسول وقضاء الحاجة ، وإن الصدقة يبتغى بها وجه الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 23 :
$ضعيف$
أخرجه ابن أبي شيبة في "المسند" (2/ 16/ 1) : أخبرنا أبو بكر ابن عياش عن يحيى بن هاني قال : أخبرني أبو حذيفة عن عبدالملك بن محمد عن عبدالرحمن بن علقمة قال :
قدم على النبي صلي الله عليه وسلم وفد ثقيف ، فأهدوا إليه هدية . فقال :
"هدية أم صدقة ؟" . قالوا : هدية ، فقال : ... فذكره . قالوا :
لا ؛ بل هدية ، فقبلها منهم . فشغلوه عن الظهر حتى صلاها مع العصر .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة أبي حذيفة وشيخه عبدالملك بن محمد - وهو ابن نسير الكوفي - ، قال الحافظ في كل منهما :
"مجهول" .
وعبدالرحمن بن علقمة مختلف في صحبته ؛ قال الحافظ :
"يقال : له صحبة . وذكره ابن حبان في "الثقات"" .
والحديث عزاه الحافظ في "الإصابة" (4/ 172) للنسائي وإسحاق بن راهويه ويحيى الحماني وأبي داود الطيالسي في "مسانيدهم" !
ومن الوجه المذكور : أخرجه عبدالباقي بن قانع في "معجم الصحابة" .

(19/1)


5015 - ( إياكم والسرية لتي إن لقيت فرت ، وإن غنمت غلت ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 24 :
$ضعيف$
أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" (2/ 5/ 1) ، ومن طريقه ابن ماجه (2829) : أخبرنا زيد بن الحباب عن ابن لهيعة قال : أخبرنا يزيد بن أبي حبيب عن لهيعة بن عقبة قال : سمعت أبا الورد صاحب النبي صلي الله عليه وسلم يقول : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لسوء حفظ ابن لهيعة .
وأبوه لهيعة بن عقبة ؛ روى عنه جمع غير يزيد بن أبي حبيب ، و ذكره ابن حبان في "الثقات" ، وقال الأزدي :
"حديثه ليس بالقائم" . وقال ابن القطان :
"مجهول الحال" . ولخص ذلك الحافظ فقال :
"مستور" .

(20/1)


5016 - ( إذا هممت بأمر ؛ فعليك بالتؤدة حتى يأتيك الله بالمخرج من أمرك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 25 :
$ضعيف$
أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" (2/ 72/ 2-73/ 1) : أبو معاوية قال : أخبرنا سعد بن سعيد عن الزهري عن رجل من بلي قال :
دخلت مع أبي على النبي صلي الله عليه وسلم فانتجاه دوني ، فقلت : يا أبة ! أي شيء قال لك رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ قال ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد فيه ضعف ؛ لسوء حفظ سعد بن سعيد - وهو أخو يحيى ابن سعيد الأنصاري - ؛ قال الحافظ :
"صدوق ، سيىء الحفظ" .
(تنبيه) : هذا الحديث من الأحاديث التي لم يطلع عليها الحافظ السيوطي ولذلك لم يورده في كتابه "الجامع الكبير" !

(21/1)


5017 - ( من تعلم لغير الله ، أو أراد به غير الله ؛ فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 25 :
$ضعيف$
أخرجه الترمذي (2/ 109) ، والنسائي في "الكبرى - كتاب العلم - نسخة تطوان" ، وابن ماجه (258) ، والأصبهاني في "الترغيب" (377/ 1) من طريق محمد بن عباد الهنائي : حدثنا علي بن المبارك عن أيوب السختياني بن دريك عن ابن عمر مرفوعاً . وقال الترمذي :
"حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أيوب إلا من هذا الوجه" !
قلت : وفي تحسينه نظر ؛ بينه الحافظ المنذري في "الترغيب" (1/ 69) فقال - بعد عزوه للمذكورين إلا النسائي - :
"خالد بن دريك لم يسمع من ابن عمر ، ورجال إسنادهما ثقات" .

(22/1)


5018 - ( ما من رجل يضع ثوبه وهو محرم ، فتصيبه الشمس حتى تغرب ؛ إلا غربت بخطاياه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 26 :
$منكر$
أخرجه ابن أبي شيبة في "المسند" (2/ 75/ 1) : ابن فضيل عن يزيد عن عاصم بن عبيدالله عن فلان عن النبي صلي الله عليه وسلم .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لسوء حفظ عاصم بن عبيدالله ، وهو العمري .
ونحوه يزيد ، وهو ابن أبي زياد الهاشمي مولاهم .
وخالفه عاصم بن عمر بن حفص ؛ فرواه عن عاصم بن عبيدالله عن عبدالله بن عامر بن ربيعة عن جابر بن عبدالله مرفوعاً بلفظ :
"ما من محرم يضحى لله يومه يلبي حتى تغيب الشمس ؛ إلا غابت بذنوبه ؛ فعاد كما ولدته أمه" .
أخرجه ابن ماجه (2925) ، وأبو نعيم في "الحلية" (9/ 229) ، والبيهقي (5/ 43) ، وأحمد (3/ 373) .
وابن حفص هذا ضعيف أيضاً .
وتابعه سفيان الثوري ؛ لكن خالفه في صحابيه فقال : عن عاصم بن عبيدالله عن عبدالله بن عامر بن ربيعة عن أبيه مرفوعاً به .
أخرجه البيهقي من طريق عبدالله بن عمر بن القاسم بن عبدالله بن عبيدالله بن عاصم بن عمر بن الخطاب عنه .
وسفيان ثقة ؛ لكن ابن القاسم هذا ليس بالمشهور ؛ كما قال ابن أبي حاتم عن أبيه (2/ 2/ 110) .
ورواه من طريق عاصم أيضاً فقال : وحدثني عاصم بن عبيدالله به .
أخرجه البيهقي ، وكذا الطبراني ؛ كما في "المجمع" (3/ 224) ، وقال :
"وفيه عاصم بن عبيدالله ، وهو ضعيف" .
وجملة القول ؛ أن الحديث ضعيف ؛ لضعف عاصم ، واضطراب الرواة عنه في إسناده ومتنه . وقد أشار المنذري في "الترغيب" إلى تضعيفه .

(23/1)


5019 - ( أيما مسلم دعا بها - يعني : دعوة يونس عليه السلام - في مرضه أربعين مرة ، فمات في مرضه ذلك ؛ أعطي أجر شهيد ، وإن برأ برأ وقد غفر له جميع ذنوبه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 27 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/ 505-506) من طريق محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني : حدثنا أحمد بن عمر بن بكر السكسكي : حدثني أبي عن محمد بن زيد عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"هل أدلكم على اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطي ؟! الدعوة التي دعا بها يونس حيث ناداه في الظلمات الثلاث : (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) " .
فقال رجل : يا رسول الله ! هل كانت ليونس خاصة أم المؤمنين عامة ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"ألا تسمع قول الله عز وجل : (فنجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) ؟!" ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : سكت عنه الحاكم والذهبي ، ولعله لوضوح علته ؛ فإن عمرو بن بكر السكسكي ضعيف جداً ؛ قال الذهبي :
"واه ، أحاديثه شبه موضوعة" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"متروك" .
قلت : وابنه أحمد لم أجده ، ويغلب على الظن أنه محرف من (إبراهيم) ؛ فإن له ابناً بهذا الاسم ، ففي "الميزان" :
"إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي ، قال الدارقطني : متروك . وقال ابن حبان : يروي عن أبيه الأشياء الموضوعة . وأبوه أيضاً لا شيء" . زاد في "اللسان" :
"قال ابن حبان : لست أدري هو الجاني على أبيه ، أو أبوه كان يخصه بالموضوعات ؟!" .
قلت : فهو آفة هذا الحديث أو أبوه .
وأما محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ؛ فهو ثقة ؛ كما قال الدارقطني ، كما رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/ 120/ 2-121/ 2) ، ولم يذكر له وفاة ، وكناه بأبي العباس ، وكذا السمعاني في "الأنساب" (390/ 2) .
فما وقع في ترجمته في مقدمة "موارد الظمآن" أنه أبو بكر : وهم ! وكذلك مغايرته بين المترجم وبين محمد بن قتيبة اللخمي ، فإنهما واحد .
ثم إن السمعاني أفاد أنه توفي بعد سنة عشر وثلاث مئة .
ثم إن الحديث قد صح عن سعد بن أبي وقاص بدون حديث الترجمة ؛ فانظر "الترغيب" (2/ 275) مع تعليقي عليه .

(24/1)


5020 - ( ما من مسلم أو إنسان أو عبد يقول حين يمسي وحين يصبح ثلاث مرات : رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ؛ إلا كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 29 :
$ضعيف$
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9/ 78 و 10/ 240) ، وفي "المسند" (2/ 10/ 2) ، وعنه ابن ماجه (3870) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (471) ، وابن عبدالبر في "الاستيعاب" (4/ 1681/ 3010) : أخبرنا محمد بن بشر قال : أخبرنا مسعر قال : حدثني أبو عقيل عن سابق عن أبي سلام خادم النبي صلي الله عليه وسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان : الجهالة ، والاضطراب :
1- أما الجهالة ؛ فهي جهالة سابق هذا - وهو ابن ناجية - ؛ قال الذهبي في "الميزان" :
"ما روى عنه سوى هاشم بن بلال" .
قلت : وهو أبو عقيل ؛ كما سبق ، فهو مجهول العين ، وقد كنت قلت في تعليقي على "الكلم الطيب" (ص 34 - الطبعة الثانية) : إنه مجهول الحال ؛ فقد رجعت عنه ، ولعل السبب في ذلك أنني اعتمدت يومئذ على قول الحافظ في "التقريب" : إنه مقبول ! ولم أرجع إلى ترجمته في "التهذيب" لأتبين أنه لم يرو عنه سوى هاشم هذا ، فتنبه !
وهاشم بن بلال - هو أبو عقيل - ؛ وهو ثقة ؛ من رجال مسلم .
2- وأما الاضطراب ؛ فهو أن شعبة خالف مسعراً في إسناده فقال : سمعت أبا عقيل يحدث عن سابق بن ناجية عن أبي سلام قال :
كنا قعوداً في مسجد حمص ؛ إذ مر رجل فقالوا : هذا خدم رسول الله صلي الله عليه وسلم ، قال : فنهضت فسألته ، فقلت : حدثنا بما سمعت من من رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يتداوله الرجال فيما بينهم . قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"ما من مسلم يقول ثلاث مرات حين يمسي أو حين يصبح ..." الحديث .
أخرجه أحمد (5/ 367) ، وأبو داود (5072) ، والنسائي في "اليوم والليلة" (رقم 4) من طرق عن شعبة به .
ثم قال أحمد : حدثنا عفان : حدثنا شعبة به ؛ إلا أنه قال : عن أبي سلام البراء رجل من أهل دمشق قال : كنا قعوداً ... إلخ .
وأخرجه الحاكم (1/ 518) من طريق أحمد الأولى ، ومن طريق وهب بن جرير : حدثنا شعبة به ؛ إلا أنه قال : سمعت أبا عقيل هاشم بن بلال يحدث عن أبي سلام سابق بن ناجية قال : ... فذكره . وقال :
"صحيح الإسناد" ! ووافقه الذهبي !
قلت : وهذا وهم من وجهين :
الأول : أنه أوهم أن رواية أحمد بهذا الإسناد ؛ وليس كذلك كما رأيت ، والظاهر أنه ساقه بلفظ رواية وهب بن جرير ، ولم يتنبه أن رواية أحمد مخالفة لها ؛ وبيانه في الوجه التالي :
والآخر : أنه أسقط من الإسناد سابقاً شيخ أبي عقيل ، وسمى أبا سلام سابق ابن ناجية ، وإنما هو شيخ أبي عقيل ، كما في رواية محمد بن جعفر وحفص بن عمر عن شعبة .
وتابعه عليها مسعر ، وإن خالفه في جعل أبي سلام خادم النبي صلي الله عليه وسلم ، وإنما هو عن أبي سلام عن خادم النبي صلي الله عليه وسلم .
وتابعه في ذلك كله هشيم عن هاشم بن بلال به .
أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 24) ، والنسائي أيضاً (ولعله في "الكبرى") ، والبغوي ؛ كما في "الإصابة" للحافظ رحمه الله ؛ وقال :
"وعلى هذا ؛ فأبو سلام رواه عن الخادم ، والخادم مبهم ، وقد أخرج أبو داود في "العلم" من طريق شعبة حديثاً آخر قال فيه : عن شعبة بهذا السند عن أبي سلام عن رجل خدم النبي صلي الله عليه وسلم . وقد وقع في هذا السند خطأ آخر بينته في ترجمة (سابق) من حرف السين من القسم الأخير . وحديث شعبة في هذا هو المحفوظ . وأبو سلام المذكور هو ممطور الحبشي ، وهو تابعي" .
قلت : الجزم بأنه ممطور ، يدفعه رواية عفان المتقدمة عن شعبة ، ففيها أنه أبو سلام البراء ، فلعل الحافظ لم يقف عليها ، أو على الأقل لم يستحضرها عند تحريره لهذا البحث ، ثم إنني لم أجد له ترجمة في المصادر التي بين يدي الآن ، فهي علة أخرى في هذا الإسناد .
وأما قوله : "وحديث شعبة هو المحفوظ" ؛ فمما لا شك فيه ، خلافاً لابن عبدالبر ؛ فإنه صوب رواية مسعر المتقدمة ، وقد علمت أنها جعلت أبا سلام خادم النبي صلي الله عليه وسلم ! وهو واهم في ذلك ، ومما يدلك عليه قوله عقب التصويب المذكور :
"وكذلك رواه هشيم وشعبة عن أبي عقيل عن سابق بن ناجية عن أبي سلام" .
فإن رواية هشيم هي مثل رواية شعبة عن أبي سلام عن خادم النبي صلي الله عليه وسلم ؛ كما تقدم . ثم قال ابن عبدالبر :
"ورواه وكيع عن مسعر فأخطأ في إسناده ، فجعله عن مسعر عن أبي عقيل عن أبي سلامة ، فقد أخطأ أيضاً" .
وجملة القول ؛ أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة ؛ لجهالة سابق بن ناجية ، وشيخه أبي سلام ، واضطراب الرواة في إسناده على أبي عقيل على الوجوه المتقدمة ، وإن كان الراجح منها رواية شعبة ؛ ففيها الجهالة في الموضعين المذكورين . والله أعلم .

(25/1)


وقد رواه سعيد بن المرزبان عن أبي سلمة عن ثوبان مرفوعاً بلفظ :
"من قال حين يسمي : رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ؛ كان حقاً على الله أن يرضيه" .
رواه الترمذي (3386) ؛ وقال :
"حسن غريب" !
لكن ابن المرزبان هذا مدلس ، بل ضعفه البخاري وغيره تضعيفاً شديداً وتركوه ، ومن المحتمل أنه تلقاه عن سابق بن ناجية المجهول ثم دلسه ، وقال - وهماً منه أو قصداً وتدليساً - : "عن أبي سلمة" ، بدل : (أبي سلام) ، و : "عن ثوبان" بدل : "عن خادم النبي عليه الصلاة والسلام" .
ولذلك ؛ لم أذهب في تعليقي على "الكلم الطيب" إلى تقوية الحديث بمجموع الطريقين ، مع ما بين متنيهما من الاختلاف في اللفظ كما هو ظاهر بأدنى تأمل .
وقد جاء ذكره في "صحيح الكلم الطيب" برقم (23) سهواً مني ، أرجو الله أن يغفره لي ، فيرجى حذفه .
وقد يشتبه بحديث آخر مختصر جداً عن أبي سعيد الخدري ؛ مخرج في "الصحيحة" (334) ؛ كما وقع لبعض الطلبة ، فليتنبه له .
وقد جاء هذا الورد في حديث آخر مقيداً بالصباح فقط ، وبأجر آخر ، وهو في "الصحيحة" (2686) ، ولعل هذا الحديث الصحيح - والذي قبله - هو الذي حمل الحافظ العسقلاني على قوله في حديث الترجمة :
"حديث حسن" ! ثم قلده من قلده من المعاصرين ؛ كالشيخ عبدالقادر أرناؤوط في تعليقه على "الوابل الصيب" (ص 57) !!
ومن تخريجنا لهذا الحديث ؛ تعلم خطأ قول النووي في "الأذكار" - بعد أن ضعف ابن المرزبان المتقدم ، وذكر تحسين الترمذي لحديثه - :
"فلعله صح عنده من طريق آخر ، وقد رواه أبو داود والنسائي بأسانيد جيدة عن رجل خدم النبي صلي الله عليه وسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم بلفظه ، فثبت أصل الحديث ، ولله الحمد" !!
قلت : ووجه الخطأ من وجوه :
الأول : أنه ليس للحديث بلفظ ابن المرزبان طريق آخر ؛ إلا طريق خادم النبي صلي الله عليه وسلم ، ولفظه يختلف عن هذا بعض الشيء ؛ كما ترى .
الثاني : أن هذه الطريق ضعيفة أيضاً ؛ لما فيها من الجهالة والاضطراب .
الثالث : أن قوله : "بأسانيد جيدة" ؛ لا يصح من ناحيتين :
الأولى : أن مدار تلك الأسانيد على سابق بن ناجية .
والأخرى : أنه مجهول ، واضطرب عليه كما سبق ؛ فإنى لإسناده الجودة ؟!
ثم وقفت على وجه آخر من الاضطراب : فرواه ابن قانع في "معجم الصحابة" في ترجمة "سابق خادم النبي صلي الله عليه وسلم" من طريق مصعب بن المقدام : أخبرنا مسعر عن أبي عقيل عن أبي سلام عن سابق خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره موقوفاً عليه لم يرفعه إلى النبي صلي الله عليه وسلم .
وقلبه أيضاً فجعل سابقاً شيخ أبي سلام ؛ وإنما هو شيخ أبي عقيل كما تقدم في رواية ابن بشر وغيره عن مسعر .
ولعل هذه الرواية عمدة خليفة بن خياط في إيراده (سابقاً) هذا في "الصحابة" ، وهو وهم ! كما صرح بذلك الحافظ في القسم الرابع من "الإصابة" .
قلت : ولعل الوهم من مصعب هذا ؛ فإنه كثير الخطأ ؛ كما في "التقريب" . والله أعلم .
ثم رأيت الحديث في "معجم الشيوخ" لابن جميع (296) رواه من طريق علي بن حرب الطائي : حدثنا عبدالرحمن الزجاج عن أبي سعد - هو البقال - عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن ثوبان مولى رسول الله صلي الله عليه وسلم به ، وزاد :
"وهو ثان رجليه قبل أن يكلم أحداً : رضيت ..." .
قلت : وأبو سعد البقال : هو سعيد بن المرزبان ، وهو متروك ؛ كما تقدم . وهذه الزيادة منكرة جداً ؛ لم يذكر في شيء من الروايات المتقدمة ، وكأن الراوي اختلط عليه هذا الحديث بحديث آخر فيه هذه الزيادة ، لكن بعد صلاة الفجر يقول : "لا إله إلا الله ..." ؛ جاء ذلك من حديث أبي ذر وأبي أمامة ، فانظر "الترغيب" (1/ 166/ 1 و 168/ 6 - الطبعة المنيرية) .
ولعل ذلك من عبدالرحمن الزجاج - وهو ابن الحسن أبو مسعود الموصلي الزجاج - ؛ فقد قال الذهبي في "المغني" :
"قال أبو حاتم : لا يحتج به" .

(25/2)


5021 - ( من صام الأربعاء والخميس ؛ كتبت له براءة من النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 35 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1353-1354) : حدثنا سويد بن سعيد : أخبرنا بقية بن الوليد عن أبي بكر قال : حدثني محمد بن يزيد عن حنش الصنعاني عن ابن عباس مرفوعاً .
ثم رواه بهذا الإسناد عن أبي بكر عن زيد بن أسلم عن ابن عمر به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ مسلسل بالعلل :
الأولى : سويد بن سعيد ؛ قال الحافظ :
"صدوق في نفسه ؛ إلا أنه عمي ؛ فصار يتلقن ما ليس من حديثه ، وأفحش فيه ابن معين القول" .
الثانية : عنعنة بقية بن الوليد ؛ فإنه مدلس .
الثالثة : ضعف أبي بكر واختلاطه ، وهو أبو بكر بن عبدالله بن أبي مريم الشامي ؛ قال الحافظ :
"ضعيف ، وكان قد سرق بيته فاختلط" .
الرابعة : اضطراب أبي بكر في إسناده كما ترى ؛ ففي الرواية الأولى قال : حدثني محمد بن يزيد عن حنش الصنعاني عن ابن عباس ، وفي الأخرى قال : عن زيد بن أسلم عن ابن عمر ... واضطرابه فيه مما يؤكد ضعفه .
والحديث أورده المنذري في "الترغيب" (2/ 86) من رواية أبي يعلى عن ابن عباس وحده ، وأشار إلى ضعفه . وأورده الهيثمي (3/ 198) من روايته عنه وعن ابن عمر وقال في كل منها :
"وفيه أبو بكر بن أبي مريم ، وهو ضعيف" .

(26/1)


5022 - ( لو أن غرباً من جهنم وضع في الأرض ؛ لآذى من في المشرق ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 37 :
$منكر$
أخرجه ابن عدي (ق 45/ 1) عن عثمان بن يحيى القرقساني : حدثنا يحيى بن سلام الإفريقي : حدثنا تمام بن نجيح عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعاً . وقال :
"تمام بن نجيح عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه ، وهو غير ثقة" .
قلت : وضعفه الأكثرون ، بل قال البخاري :
"فيه نظر" . وقال ابن حبان :
"روى أشياء موضوعة عن الثقات ؛ كأنه المتعمد لها" .
قلت : ولذلك ؛ جزم الحافظ في "التقريب" بأنه ضعيف ؛ وسبقه الذهبي في "الكاشف" .
والحسن - وهو البصري - ؛ مدلس وقد عنعنه .
ويحيى بن سلام ؛ قال ابن عدي (424/ 2) :
"بصري كان بأفريقية ، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه" .
قلت : وقد وثق ، فانظر ترجمته في "اللسان" .
وأما عثمان بن يحيى القرقساني ؛ فلم أجد من وثقه ، وقد قال السمعاني :
"حدث عنه أحمد بن يحيى بن الأزهر السجستاني ؛ مات سنة 248" .
والحديث أورده الذهبي في ترجمة تمام في جملة ما أنكر عليه .
ورواه الطبراني من طريقه بأتم منه ولفظه :
"لو أن غرباً من جهنم جعل في وسط الأرض ؛ لآذى نتن ريحه وشدة حره ما بين المشرق والمغرب ، ولو أن شررة من شرر جهنم بالمشرق لوجد حرها من بالمغرب" . وقال المنذري (4/ 227) :
"رواه الطبراني ، وفي إسناده احتمال للتحسين" !
كذا قال ! ويرده ما سبق من البيان ، وقول الهيثمي (10/ 387) :
"... وفيه تمام بن نجيح ، وهو ضعيف ، وقد وثق ، وبقية رجاله أحسن حالاً من تمام" .
ثم رأيت الحديث قد أخرجه ابن أبي الدنيا في "صفة النار" (ق 5/ 2) من طريق مبشر بن إسماعيل - حلبي - قال : حدثنا تمام بن نجيح به مثل لفظ الطبراني ؛ إلا أنه قال :
"لأذاب" بدل : "لآذى" .
ومبشر بن إسماعيل ثقة ؛ من رجال الشيخين ، فالعلة من تمام ، إن سلم من عنعنة البصري .
ومن هذه الطريق : أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 212/ 2/ 3823) ؛ وقال :
"لم يروه عن الحسن إلا تمام بن نجيح" .
وروى منه الشطر الثاني : الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 189-190) .

(27/1)


5023 - ( إن في جهنم لوادياً تستعيذ جهنم من ذلك الوادي كل يوم أربع مئة مرة ، أعد ذلك الوادي للمرائين من أمة محمد صلي الله عليه وسلم : لحامل كتاب الله ، وللمصدق في غير ذات الله ، وللحاج إلى بيت الله ، وللخارج في سبيل الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 39 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 177/ 2) : حدثنا يحيى بن عبدالله بن عبدويه : حدثني أبي : أخبرنا عبدالوهاب بن عطاء عن يونس عن الحسن عن ابن عباس مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم ثقات ؛ غير يحيى بن عبدالله بن عبدويه وأبيه ، وقد ترجمهما الخطيب (10/ 38 و 14/ 929) ؛ ولم يذكر فيهما شيئاً ؛ سوى أنه ساق لهما حديثاً آخر بهذا الإسناد ؛ أخرجه من طريق الطبراني ، وهذا في "الكبير" أيضاً ، وكذا في "الصغير" (ص 244) ؛ وقال :
"لم يروه عن يونس إلا عبدالوهاب ، تفرد به يحيى بن عبدالله عن أبيه" .
وقال المنذري في "الترغيب" (1/ 33) بعد أن ساق الحديث :
"رفعه غريب ، ولعله موقوف" .
قلت : وقد روي من حديث أبي هريرة مرفوعاً به دون قوله :
"لحامل كتاب الله ..." إلخ ؛ وزاد :
"بأعمالهم ، وإن من أبغض القراء إلى الله الذين يزورون الأمراء" .
أخرجه ابن ماجه (256) ، والترمذي (2/ 62) - دون الزيادة - ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 201) ، وأبو الشيخ في "التوبيخ" (194/ 162) من طريق عمار بن سيف الضبي عن أبي معان البصري عن ابن سيرين عنه . وقال الترمذي :
"هذا حديث حسن غريب" !
كذا قال ! ولعل قوله : "حسن" زيادة من بعض النساخ ؛ فإن المنذري نقل في "الترغيب" (1/ 33/ 4/ 229) عن الترمذي أنه قال :
"حديث غريب" فقط ، وهذا هو اللائق بحال إسناده ؛ كما أبان عنه العقيلي بقوله :
"وهذا إسناد فيه ضعف ، وأبو معان هذا مجهول" . وقال الذهبي في ترجمته :
"لا يعرف ، تفرد عنه عمار بن سيف" . وقال الحافظ :
"مجهول" .
قلت : وعمار بن سيف ؛ فيه ضعف ؛ لغفلته ؛ قال الحافظ :
"ضعيف الحديث ، وكان عابداً" .
والحديث أورده الهيثمي في "المجمع" (7/ 168) من حديث أبي هريرة مرفوعاً مع الزيادة بلفظ :
"وإن أبغض الخلق إلى الله عز وجل : قارىء يزور العمال" . وقال :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه بكير بن شهاب الدامغاني ، وهو ضعيف" .
قلت : أخرجه ابن عدي (ق 37/ 1) من طريق رواد بن الجراح أبي عصام العسقلاني عن بكير الدامغاني عن محمد بن سيرين به نحوه . وقال :
"بكير ؛ منكر الحديث" .
ثم رواه من طريق أخرى عن رواد عن أبي الحسن الحنظلي عن بكير به . قال :
"فزاد في الإسناد : "أبي الحسن الحنظلي" ؛ وهذا أشبه من الذي قبله ؛ لأن هذا الحديث منكر ، وإذا كان حديثاً منكراً فيرويه مجهول ، وأبو الحسن الحنظلي مجهول" .
وقد روي الحديث بلفظ آخر عن أبي هريرة ؛ وسيأتي إن شاء الله برقم (5152) ؛ وروي عن علي ، وهو الآتي بعده هنا .
(تنبيهان) :
1- أبو معان : بالنون ، هذا هو الصواب ، ووقع في "ابن ماجه" : "أبو معاذ" بالذال ! وعليه جريت في التعليق على "المشكاة" (275) ، وهو وهم ؛ فليعلم .
2- على الرغم من تصريح العقيلي بتضعيف إسناد الحديث وتجهيل راويه ؛ فقد أورده المعلق عليه الدكتور القلعجي في "الأحاديث الصحيحة" التي فهرسها في آخر "العقيلي" (47/ 509) !!

(28/1)


5024 - ( تعوذوا بالله من جب الحزن ، أو وادي الحزن . قيل : يا رسول الله ! وما جب الحزن أو وادي الحزن ؟ قال : واد في جهنم ، تعوذ منه جهنم كل يوم سبعين مرة ، أعده الله للقراء المرائين ، وإن من شرار القراء من يزور الأمراء ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 41 :
$ضعيف$
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 201) ، وابن عدي (ق 210/ 1) ، وتمام في "الفوائد" (79/ 2) من طريق أبي بكر الداهري عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي مرفوعاً به . وقال العقيلي :
"وأبو بكر هذا حدث بأحاديث لا أصل لها ، ويحيل على الثقات ، من ذلك هذا الحديث" . وقال ابن عدي :
"هذا الحديث عن الثوري باطل ، ليس يرويه عنه غير أبي بكر الداهري ، وهو منكر الحديث" . وقال أحمد ، وابن المديني :
"ليس بشيء" . وقال ابن معين ، والنسائي :
"ليس بثقة" . وقال الجوزجاني :
"كذاب ، وبعض الناس قد مشاه وقواه ، فلم يلتفت إليه" . وقال أبو نعيم الأصبهاني :
"يروي عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش الموضوعات" . وقال يعقوب بن شيبة :
"متروك ؛ يتكلمون فيه" .
قلت : فالحديث ضعيف الإسناد جداً ، فلا أدري - بعد هذا - كيف حسنه المنذري بقوله (4/ 229) :
"رواه البيهقي بإسناد حسن" ؟!
وإني لأستبعد جداً أن يكون عند البيهقي من غير طريق الداهري المتقدم ، مع قول ابن عدي :
"لا يرويه غيره" .
فالظاهر أنه من أوهام المنذري أو تساهله ! والله أعلم .
ثم وقفت على إسناد البيهقي في كتاب "البعث والنشور" (264/ 530) ؛ فإذا هو من طريق محمد بن نوح السعدي - يعني : النيسابوري - : حدثنا يحيى بن اليمان ؛ حدثنا سفيان الثوري به دون قوله : "وإن من شرار ..." .
وهذا إسناد ضعيف ؛ يحيى بن اليمان - وإن كان صدوقاً - فقد كان يخطىء كثيراً ، وتغير ؛ كما قال الحافظ .
ومحمد بن نوح هذا ؛ لم أتبينه .
وأبو إسحاق : هو السبيعي ؛ مدلس مختلط .

(29/1)


5025 - ( يدعى أحدهم ، فيعطى كتابه بيمينه ، ويمد له في جسمه ستون ذراعاً ، ويبيض وجهه ، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ ، فينطلق إلى أصحابه ، فيرونه من بعيد فيقولون : اللهم ! ائتنا بهذا ، وبارك لنا في هذا ، حتى يأتيهم فيقول : أبشروا ، لكل رجل منكم مثل هذا . قال : وأما الكافر فيسود وجهه ، ويمد له في جسمه ستون ذراعاً على صورة آدم ؛ فيلبس تاجاً ، فيراه أصحابه فيقولون : نعوذ بالله من شر هذا ، اللهم ! لا تأتنا بهذا . قال : فيأتيهم فيقولون : اللهم ! اخزه . فيقول : أبعدكم الله ؛ فإن لكل رجل منكم مثل هذا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 43 :
$ضعيف$
أخرجه الترمذي (2/ 193) ، وابن حبان (2588) ، والبزار في "مسنده" من طريق السدي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم : في قول الله : (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) ، قال : ... فذكره ، والسياق للترمذي ، وقال :
"حديث حسن غريب . والسدي اسمه : إسماعيل بن عبدالرحمن" .
قلت : وهو ثقة من رجال مسلم ؛ لكن العلة من أبيه - وهو عبدالرحمن بن أبي كريمة - ؛ قال الذهبي :
"ما روى عنه سوى ولده" .
قلت : فهو مجهول العين . وقول الحافظ في "التقريب" :
"مجهول الحال" !
لعله سبق قلم ؛ فإن مجهول الحال هو الذي روى عنه اثنان فصاعداً ، وهذا لم يرو عنه غير ابنه إسماعيل ؛ كما سبق عن الذهبي ، وهو ظاهر كلام الحافظ في "التهذيب" ؛ حيث لم يذكر له راوياً غير ابنه .
وعليه ؛ فتحسين الترمذي لإسناده غير حسن ، لا سيما وقد أشار إلى أنه لا يروى إلا من هذه الطريق ، وذلك بقوله :
"غريب" ؛ وهو ما صرح به البزار عقبه ، فقال :
"لا يروى إلا من هذا الوجه" ، كما في "تفسير الحافظ ابن كثير" (5/ 208 - منار) ، ولم يعزه الحافظ إلا إليه ، ففاته أنه عند الترمذي وابن حبان ؛ وذلك مما يتعجب منه . ولكن الكمال لله وحده .
وقد عزاه المنذري في "الترغيب" (4/ 238) إليهما ؛ وزاد :
"والبيهقي" ؛ يعني : في "كتاب البعث" .
(فائدة) : المراد هنا بـ (الإمام) : هو كتاب الأعمال . ولهذا قال تعالى :
(يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم) ؛ أي : من فرحته وسروره بما فيه من العمل الصالح ؛ يقرأه ويحب قراءته .
ورجحه الحافظ ابن كثير ؛ خلافاً لابن جرير ؛ فإنه قال - بعد أن ذكر هذا القول وغيره - :
"والأولى قول من قال : معنى ذلك : يوم ندعو كل أناس بإمامهم الذي كانوا يقتدون به ويأتمون به في الدنيا ؛ لأن الأغلب من استعمال العرب (الإمام) : فيما ائتم واقتدي به" .
قال ابن كثير :
"وقال بعض السلف : هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث ؛ لأن إمامهم النبي صلي الله عليه وسلم" .

(30/1)


5026 - ( إن في الجنة طيراً له سبعون ألف ريشة ، فإذا وضع الخوان قدام ولي من الأولياء ؛ جاء الطير فسقط عليه ، فانتفض ؛ فخرج من كل ريشة لون ألذ من الشهد ، وألين من الزبد ، وأحلى من العسل ، ثم يطير ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 45 :
$ضعيف$
أخرجه ابن مردويه في "ثلاثة مجالس من الأمالي" (190-191) : حدثنا محمد بن الحسن بن الفرج المقرىء الأنباري : أخبرنا مسلم بن عيسى بن مسلم الصفار : أخبرنا عبدالله بن داود الخريبي : أخبرنا الأعمش عن شقيق عن علقمة قال :
خطبنا عبدالله يوماً ، فقال في خطبته : (متكئين على فرش بطائنها من إستبرق) ، فقال : هذه البطائن ، فكيف لو رأيتم الظواهر ؟! ثم قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته مسلم بن عيسى هذا ؛ قال الدارقطني :
"متروك" ؛ كما في "الميزان" . وقد اتهمه في "التلخيص" بوضع حديث في فضل فاطمة رضي الله عنها يأتي بعد هذا .
لكن حديث الترجمة أورده المنذري (4/ 260) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً وقال :
"رواه ابن أبي الدنيا ، وقد حسن الترمذي إسناده لغير هذا المتن" !
أقول : وما أظنه بحسن ؛ لا سيما وقد صدره المنذري بصيغة التمريض "روي" ؛ مشيراً إلى تضعيفه ، والله أعلم .
ثم تأكد ظني ؛ فقد رأيته في "الزهد" لهناد ، و "صفة الجنة" لأبي نعيم (2/ 181) من طريق عبيدالله بن الوليد عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري به .
قلت : وعطية وعبيدالله بن الوليد ضعيفان .
(تنبيه) : قول ابن مسعود : هذه البطائن ، فكيف لو رأيتم الظواهر . قد صح عنه من طريق أخرى ؛ يرويه سفيان عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم عنه به .
أخرجه ابن جرير (27/ 86) ، والحاكم (2/ 475) ، وعنه البيهقي في "البعث" (183/ 339) . وقال الحاكم :
"صحيح على شرط الشيخين" ، ووافقه الذهبي !!
قلت : وذلك من أوهامهما ؛ فإن هبيرة هذا لم يخرج له الشيخان ، وهو لا بأس به ؛ كما في "التقريب" .

(31/1)


5027 - ( أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام بسفرجلة من الجنة ؛ فأكلتها ليلة أسري بي ، فعلقت خديجة بفاطمة ، فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة ؛ شممت رقبة فاطمة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 47 :
$موضوع$
أخرجه الحاكم (3/ 156) من طريق مسلم بن عيسى الصفار السكري : حدثنا عبدالله بن داود الخريبي : حدثنا شهاب بن حرب مجهول ، والباقون من رواته ثقات" ! وتعقبه الذهبي بقوله :
"هذا كذب جلي ؛ لأن فاطمة ولدت قبل النبوة ، فضلاً عن الإسراء ، وهو من وضع مسلم بن عيسى الصفار على الخريبي عن شهاب" .
قلت : ولم أر في الرواة شهاب بن حرب . فالله أعلم .
ومضى للصفار حديث آخر برقم (2166) من روايته عن الخريبي بسند آخر .

(32/1)


5028 - ( ما من عبد يدخل الجنة ؛ إلا جلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين ؛ يغنيانه بأحسن صوت سمعته الجن والإنس ، وليس بمزامير الشيطان ، ولكن بتحميد الله وتقديسه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 48 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 113/ 7478) ، وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (5/ 286/ 2) ، والبيهقي في "البعث" (421) عن سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي : حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعاً .
وذكره ابن القيم في "حادي الأرواح" (2/ 5) من رواية جعفر الفريابي - ولعله عند ابن أبي الدنيا أو البيهقي - : حدثنا سليمان بن عبدالرحمن : حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك ... ، وقال المنذري (4/ 266) :
"رواه الطبراني ، والبيهقي" . وقال الهيثمي (10/ 419) :
"رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفهم" !
قلت : ليس فيهم من لا يعرف ، بل كلهم ثقات ؛ سوى واحد ، فهو معروف بالضعف ، بل الضعف الشديد ، وهو خالد هذا - وهو الدمشقي - ؛ قال الحافظ :
"ضعيف - مع كونه كان فقيهاً - ، وقد اتهمه ابن معين" .
وأبوه يزيد - وهو ابن عبدالرحمن بن أبي مالك - صدوق ربما وهم .
ومن أجل ذلك ؛ أشار المنذري إلى تضعيف الحديث .
وقد صح بعضه موقوفاً ؛ فقد ذكره ابن القيم (2/ 3) من رواية جعفر الفريابي : حدثنا سعد بن حفص : حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبدالرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن أبي صالح عن أبي هريرة قال :
إن في الجنة نهراً طول الجنة ، حافتاه العذارى قيام متقابلات ، يغنين بأصوات حتى يسمعها الخلائق ، ما يرون في الجنة لذة مثلها ، فقلنا : يا أبا هريرة ! وما ذاك الغناء ؟ قال : إن شاء الله التسبيح والتحميد والتقديس ، وثناء على الرب عز وجل .
هكذا رواه موقوفاً . وعزاه المنذري (4/ 267) للبيهقي ؛ وهو في "البعث" (213/ 425) :
قلت : وإسناده جيد ، ورجاله ثقات رجال "الصحيح" ؛ غير أبي عبدالرحيم - واسمه خالد بن أبي يزيد الحراني - ، وهو ثقة . وأشار المنذري لتقويته .
وقد صح مرفوعاً أنهن يغنين بغير ذلك ، فراجع "صحيح الجامع الصغير وزيادته" رقم (1557) و (1598) .
ثم رأيت تخريج الحديث لأخينا الفاضل علي رضا في تعليقه على كتاب أبي نعيم "صفة الجنة" (3/ 272-273) ؛ صدره بقوله : "حسن" ! ثم انتقد بحق كلمة الهيثمي المتقدمة ، وتكلم على رواة الطبراني واحداً بعد واحد ، ولكنه سقط من قلمه أن يترجم لخالد بن يزيد بن أبي مالك - علة الحديث - ، ومن غرائبه الدالة على سقط المشار إليه أنه بعد أن ترجم للراوي عنه - سليمان بن عبدالرحمن - بقول الذهبي :
"مفت ثقة ، ولكنه مكثر عن الضعفاء" ؛ قال عقبه مباشرة :
"وأبوه : يزيد بن عبدالرحمن ؛ صدوق ربما وهم" .
قلت : ويزيد هذا : هو أبو خالد - العلة - ، فغفل عن ترجمته ، وبالتالي عن سوء حاله ، وبناء على ذلك حسنه ! ثم أيده بقول العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 537) :
"[أخرجه] الطبراني بإسناد حسن" !
وهذا من أوهامه رحمه الله ، التي قلده فيها المعلقون الثلاثة على "الترغيب" (4/ 447) !!

(33/1)


5029 - ( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض ، فيسير سرير هذا إلى سرير هذا ، وسرير هذا إلى سرير هذا ، حتى يجتمعا جميعاً ، فيتكىء هذا ، ويتكىء هذا ، فيقول أحدهما لصاحبه : تعلم متى غفر الله لنا ؟ فيقول صاحبه : نعم ، يوم كنا في موضع كذا وكذا ، فدعونا الله ؛ فغفر لنا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 50 :
$ضعيف$
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 149-150) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (3/ 1119/ 610) ، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة" (76/ 239) ، ومن طريقه ابن عساكر في "التاريخ" (7/ 143/ 2) ، والبزار في "مسنده" (4/ 211/ 3553) ، والبيهقي في "البعث" (221/ 443) عن سعيد بن دينار الدمشقي : حدثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس بن مالك به مرفوعاً . وقال البزار :
"تفرد به أنس بهذا الإسناد" .
قلت : وفيه علل :
الأولى : عنعنة الحسن - وهو البصري - ؛ فإنه مدلس .
الثانية : الربيع بن صبيح ؛ قال الحافظ :
"صدوق سيىء الحفظ" .
الثالثة : سعيد بن دينار الدمشقي ؛ فإنه مجهول ؛ كما في "الميزان" ، وبه أعله العقيلي ، فقال :
"لا يتابع على حديثه هذا ، و لا يعرف إلا به ، وليس بمعروف في النقل" .
وبهذين أعله الهيثمي ، فقال (10/ 421) :
"رواه البزار ، ورجاله رجال "الصحيح" ؛ غير سعيد بن دينار ، والربيع بن صبيح ؛ وهما ضعيفان ، وقد وثقا" .
وقد أشار المنذري (4/ 269) إلى تضعيف الحديث ، وعزاه إلى ابن أبي الدنيا أيضاً .
وساق إسناده ابن القيم في "حادي الأرواح" (2/ 18) ساكتاً عليه !

(34/1)


5030 - ( إن في الجنة شجرة ، الورقة منها تغطي جزيرة العرب ، أعلى الشجرة كسوة لأهل الجنة ، وأسفل الشجرة خيل بلق ، سروجها زمرد أخضر ، ولجمها در أبيض ، لا تروث ولا تبول ، لها أجنحة ، تطير بأولياء الله حيث يشاؤون ، فيقول من دون تلك الشجرة : يا رب ! بم نال هؤلاء هذا ؟ فيقول الله تعالى : كانوا يصومون وأنتم تفطرون ، وكانوا يصلون وأنتم تنامون ، وكانوا يتصدقون وأنتم تبخلون ، وكانوا يجاهدون وأنت تقعدون .
من ترك الحج لحاجة من حوائج الناس ؛ لم تقض له تلك الحاجة حتى ينظر إلى المخلفين قدموا ، ومن أنفق مالاً فيما يرضي الله ، فظن أن لا يخلف الله عليه ؛ لم يمت حتى ينفق أضعافه فيما يسخط الله ، ومن ترك معونة أخيه المسلم فيما يؤجر عليه ؛ لم يمت حتى يبتلى بمعونة من يأثم فيه ولا يؤجر عليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 52 :
$موضوع$
أخرجه الخطيب في "التاريخ" (5/ 136) في ترجمة أحمد ابن محمد أبي حنش السقطي : حدثنا أبو خثيمة زهير بن حرب : أخبرنا الحسن ابن موسى : حدثنا ابن لهيعة : حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً .
ورواه الذهبي من طريق الخطيب في ترجمة السقطي المذكور ، وقال :
"نكرة لا يعرف ، وأتى بخبر موضوع ..." فذكره .
وأقره الحافظ في "اللسان" .
قلت : ويحتمل عندي أنه هو أحمد بن محمد بن حسين السقطي المتقدم في "الميزان" قبل هذا بنحو عشرين ترجمة ؛ فإنه من طبقته ، قال فيه :
"روى عن يحيى بن معين . ذكروا أنه وضع حديثاً على يحيى عن عبدالرزاق ..." .
والحديث ؛ أورده المنذري (1/ 214-215/ 4/ 269) من حديث علي رضي الله عنه مرفوعاً نحوه ؛ دون قضية الحج وما بعدها ، وقال :
"رواه ابن أبي الدنيا" .
قلت : يعني في "صفة الجنة" له ، وأشار إلى ضعفه .
وقد ساق إسناده ابن القيم في "حادي الأرواح" (2/ 20) ، فقال :
"قال ابن أبي الدنيا : وحدثنا الفضل بن جعفر بن حسن : حدثنا أبي عن الحسن بن علي عن علي قال : ... فذكره مرفوعاً .
والفضل هذا وأبوه ؛ لم أعرفهما ، ولعله وقع في اسمهما تحريف ما !
ثم رأيت في "تاريخ الخطيب" (12/ 364) :
"الفضل بن جعفر بن عبدالله بن الزبرقان أبو سهل ؛ المعروف بـ (ابن أبي يحيى) مولى العباس بن عبدالمطلب ، وهو أخو العباس ويحيى" .
ثم سمى من حدث عنهم ، وليس منهم أبوه ! ثم قال :
"روى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا .. و .. وكان ثقة" .
فالظاهر أنه هذا ، فيكون قوله في اسم جده : (حسن) محرفاً ، أو سقط قبله شيء . والله أعلم .
وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (3/ 1088-1089/ 588) من طريق أخرى عن عبدالمجيد بن أبي رواد عن أبيه قال : حدثني من أصدق عن زيد بن علي عن أبيه عن ابن أبي طالب به مثل حديث ابن أبي الدنيا .
وعبدالمجيد هذا فيه ضعف .
وشيخ أبيه لم يسم ، ويحتمل أن يكون متهماً ؛ فقد أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 255) من طريق الخطيب - قلت : وليس في "التاريخ" - بسنده عن محمد بن مروان الكوفي عن سعد بن طريف عن زيد بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب به . وقال ابن الجوزي :
"موضوع ، وفيه ثلاث آفات :
إحداهن : إرساله ؛ فإن علي بن الحسين لم يدرك علي بن أبي طالب .
والثانية : محمد بن مروان - وهو السدي الصغير - ؛ قال ابن نمير : كذاب . وقال أبو حاتم الرازي : متروك الحديث .
والثالثة : أظهر ، وهو سعد بن طريف ، وهو المتهم به ؛ قال ابن حبان : كان يضع الحديث على الفور" .
وأخرج أبو نعيم في "صفة الجنة" (3/ 238/ 407) من طريق سيف بن محمد الثوري : حدثنا سعد بن طريف به مختصراً مثل حديث أبي سعيد الخدري أوله فقط ، دون قوله : "فيقول من دون تلك الشجرة ..." .
قلت : وسيف بن محمد الثوري ؛ قال أحمد :
"كذاب يضع الحديث" ؛ كما في "المغني" .

(35/1)


5031 - ( من قام إذا استقبلته الشمس ؛ فتوضأ ، فأحسن وضوءه ، ثم قام فصلى ركعتين ؛ غفر له خطاياه ، وكان كما ولدته أمه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 54 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2/ 488) عن ابن عقيل عن ابن عمه عن عقبة بن عامر :
أنه خرج مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم يوماً يحدث أصحابه ، فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة ابن عم ابن عقيل ؛ وإليه أشار الهيثمي بقوله (2/ 236) :
"رواه أبو يعلى ، وفيه من لم أعرفه" .
وأشار المنذري (1/ 236) إلى تضعيف الحديث .
وسائر رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير ابن عقيل - وهو عبدالله بن محمد ابن عقيل - ، وهو صدوق في حديثه لين ؛ كما في "التقريب" .

(36/1)


5032 - ( إذا أراد الله بعبد خيراً ؛ فقهه في الدين ، وألهمه رشده ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 55 :
$منكر بهذا التمام$
أخرجه البزار (ص 21 - زوائده) : حدثنا الفضل بن سهل : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب : حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي وائل عن عبدالله قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال :
"لا نعلم روي عن عبدالله بهذا الإسناد" .
قلت : ورجاله موثقون ؛ كما قال الهيثمي (1/ 121) ، وفي كلامه إشارة إلى أن في بعضهم شيئاً ، وهو - عندي - أحمد بن محمد بن أيوب ؛ فقد قال أبو حاتم :
"روى عن أبي بكر بالمناكير" .
قلت : وهذا منها ؛ فقد قال الذهبي في ترجمته :
"صدوق ، وله ما ينكر ، فمن ذلك ما ساقه ابن عدي أنه روى عن أبي بكر ابن عياش ..." فذكره .
قلت : وقول المنذري في "الترغيب" (1/ 51) :
"رواه البزار ، والطبراني في "الكبير" بإسناد لا بأس به" !
ففيه نظر من وجهين :
الأول : ما عرفته من النكارة .
والآخر : أن الطبراني ليس عنده قوله : "وألهمه رشده" ؛ وهو موضع النكارة ؛ فقد قال في "كبيره" (3/ 78/ 1) ، (10/ 242/ 10445 - ط" : حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل : أخبرنا أحمد بن محمد بن أيوب - صاحب المغازي - : أخبرنا أبو بكر بن عياش : ... فذكره دون الزيادة .
وخالف أبا بكر في إسناده زائدة فقال : عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة عن عبدالله قال : ... فذكره موقوفاً عليه دون الزيادة .
أخرجه الطبراني (3/ 12/ 1) ، (9/ 164/ 8756) .
وجملة القول ؛ أن الحديث بهذه الزيادة منكر ، وأما بدونها فهو صحيح ، جاء عن جمع من الصحابة ؛ منهم معاوية رضي الله عنه في "الصحيحين" وغيرهما ، وهو مخرج في "الصحيحة" (1194) .

(37/1)


5033 - ( ليس منا من لم يوقر الكبير ، ويرحم الصغير ، ويأمر بالمعروف ، وينه عن المنكر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 56 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد في "مسنده" (1/ 257) : حدثنا عثمان بن محمد - قال عبدالله بن أحمد : وسمعته أنا من عثمان بن محمد - : حدثنا جرير عن ليث عن عبدالملك بن سعيد بن جبير عن عكرمة عن ابن عباس يرفعه إلى النبي صلي الله عليه وسلم .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات رجال البخاري ؛ غير ليث - وهو ابن أبي سليم - ، وهو ضعيف مختلط .
وقد سقط من الإسناد عند ابن حبان ، فصار ظاهر الصحة ، فقال في "صحيحه" (1913 - موارد) : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع : حدثنا عثمان بن أبي شيبة : حدثنا جرير عن عكرمة ، وعن أبي بشر عن عكرمة به .
قلت : ولا أدري ممن هذا السقط ؟! ومثله زيادة : (أبي بشر) في الإسناد ؟!
وأخرجه الترمذي (1/ 350) من طريق يزيد بن هارون عن شريك عن ليث عن عكرمة به . وقال :
"حديث حسن غريب" !
كذا قال ! وشريك ضعيف أيضاً ؛ وقد أسقط من الإسناد عبدالملك بن سعيد ؛ خلافاً لجرير - وهو ابن عبدالحميد - ، وهو ثقة من رجال الشيخين .
والحديث أشار إليه الحاكم في "المستدرك" (1/ 62) ، وقال :
"وإنما تركته ؛ لأن راويه ليث بن أبي سليم" .
وهو صحيح بدون زيادة : "ويأمر بالمعروف ..." ؛ فإنه قد جاء من حديث ابن عمرو وغيره ، وهو مخرج في "التعليق الرغيب" (1/ 67) .

(38/1)


5034 - ( إنما الأمور ثلاثة : أمر تبين لك رشده ؛ فاتبعه ، وأمر تبين لك غيه ؛ فاجتنبه ، وأمر اختلف فيه ؛ فرده إلى عالمه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 58 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 97/ 2) وابن عبدالبر في "الجامع" (2/ 24) - وسقط من إسناده رجال - عن موسى بن خلف العمي عن أبي المقدام عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم :
"أن عيسى ابن مريم عليه السلام قال : ..." فذكره . وليس عند ابن عبدالبر ذكر عيسى عليه السلام ، وقال المنذري (1/ 82) :
"رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد لا بأس به" !
كذا قال ! ونحوه قول الهيثمي (1/ 157) :
"... ورجاله موثقون" !
وكلا القولين خطأ - وبخاصة الأول - ؛ فإن أبا المقدام هذا ؛ اسمه هشام بن زياد القرشي المدني ، وهو مجمع على تضعيفه ، وتركه جماعة . وقال ابن حبان :
"يروي الموضوعات عن الثقات" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"متروك" .
ومن طريقه أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (60/ 2) .
ومن عادة الهيثمي إذا قال في إسناد ما : "ورجاله موثقون" : أنه يعني أن في رواته من وثق توثيقاً ضعيفاً لا يعتد به ، وهذا لم يوثقه أحد ، فلعله اختلط عليه بأبي المقدام الكوفي الحداد ؛ فإنه من طبقة هذا ، وقد وثقه أحمد وابن معين وغيرهما ، وضعفه الدارقطني . وقال الحافظ :
"صدوق يهم" .
وغالب الظن أن المنذري توهم أنه هذا ، وإلا ؛ فما أظنه يتساهل هذا التساهل الشديد فيقول : "لا بأس بإسناده" ؛ وهو يعلم أنه القرشي المدني المتروك !
ومن هذا البيان ؛ يتضح أن الحديث شديد الضعف ، وأن إيراد الشيخ الغماري إياه في "كنزه" الذي ادعى في مقدمته أنه ليس فيه حديث ضعيف : إنما جاءه من تقليده لغيره ، وعدم رجوعه إلى الأصول وتطبيق قواعد علم الحديث على الأسانيد . ومثله المعلقون الثلاثة على "الترغيب" (1/ 184) ؛ فإنهم حسنوه ؛ تقليداً للمنذري ، وجهلاً منهم بمراد الهيثمي ، والله المستعان !

(39/1)


5035 - ( لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان ؛ فإن الله يمقت على ذلك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 59 :
$ضعيف الإسناد$
أخرجه أبو داود (1/ 4) ، والنسائي في "الكبرى" (1/ 20/ 41،42 - هندية) ، وابن ماجه (1/ 142) ، والحاكم (1/ 157-158) ، والبيهقي (1/ 99) من طرق عن عكرمة بن عمار عن يحيى ابن أبي كثير عن هلال بن عياض (وقال بعضهم : عياض بن هلال على القلب ، وبعضهم : عياض بن عبدالله) قال : حدثني أبو سعيد الخدري مرفوعاً . قال داود :
"لم يسنده إلا عكرمة" . قال المنذري في "مختصره" :
"وعكرمة هذا - الذي أشار إليه أبو داود - : هو أبو عمار عكرمة بن عمار العجلي اليمامي ، وقد احتج به مسلم في "صحيحه" ، وضعف بعض الحفاظ حديث عكرمة هذا عن يحيى بن أبي كثير ، وقد أخرج مسلم حديثه عن يحيى ابن أبي كثير ، واستشهد البخاري بحديثه عن يحيى بن أبي كثير" !
والحق : أن عكرمة هذا لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن في غير روايته عن ابن أبي كثير ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق يغلط ، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب ، ولم يكن له كتاب" .
وقد أبعد المنذري النجعة ؛ فلم يحم حول علة الحديث الحقيقية ؛ خلاف موقفه في "الترغيب" ؛ حيث أصاب كبد الحقيقة ، حين قال - بعد أن عزاه لأبي داود وابن ماجه وابن خزيمة في "صحيحه" - :
"رووه كلهم من رواية هلال بن عياض - أو عياض بن هلال - عن أبي سعيد ، وعياض هذا روى له أصحاب "السنن" ، ولا أعرفه بجرح ولا بعدالة ، وهو في عداد المجهولين" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"مجهول" . وقال الذهبي في "الميزان" :
"لا يعرف ، ما علمت روى عنه سوى يحيى بن أبي كثير" .
ومنه ؛ تعلم أن موافقة الذهبي الحاكم على قوله : "إنه حديث صحيح الإسناد" ! وهم ، فلا يغتر به !
وللحديث علة أخرى ؛ وهي الاضطراب ؛ كما سبقت الإشارة إليه في التخريج ؛ وإن كان البيهقي روى عن ابن خزيمة أن الصحيح في اسم الراوي عن أبي سعيد : عياض بن هلال ، قال ابن خزيمة :
"وأحسب الوهم فيه من عكرمة بن عمار حين قال : عن هلال بن عياض" . فتعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي" بقوله :
"قلت : كيف يتعين أن يكون الوهم عن عكرمة ، وهو مذكور في هذا السند الذي هو فيه على الصحيح ؟! بل يحتمل أن يكون الوهم من غيره ، وقد ذكر صاحب "الإمام" أن أبان بن يزيد رواه أيضاً عن يحيى بن أبي كثير فقال : هلال ابن عياض ، فتابع أبان عكرمة على ذلك ، وابن القطان أحال الاضطراب في اسمه على يحيى بن أبي كثير ، ثم ذكر البيهقي عن أبي داود أنه قال : لم يسنده إلا عكرمة بن عمار" .
قلت : تقدم قريباً أن أبان تابعه ، ثم إن البيهقي أخرج الحديث عن ابن أبي كثير عن النبي صلي الله عليه وسلم مرسلاً .
وبقي فيه علل لم يذكرها ، منها : أنه سكت عن عكرمة هنا ، وتكلم فيه كثيراً في (باب مس الفرج بظهر الكف) ، وفي باب (الكسر بالماء) . ومنها : أن راوي الحديث عن أبي سعيد الخدري لا يعرف ، ولا يحصل من أمره شيء . ومنها : الاضطراب في متن الحديث ؛ كما هو مبين في كتاب ابن القطان .
وأخرجه النسائي من حديث عكرمة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
والحديث المرسل : عند البيهقي (1/ 100) من طريق الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن رسول الله صلي الله عليه وسلم مرسلاً .
وبالجملة ؛ فالحديث ضعيف ؛ لاضطراب عكرمة فيه عن يحيى ، ولجهالة تابعيه ؛ إلا في رواية النسائي عن عكرمة ؛ فسمى تابعيه أبا سلمة ، وهو ثقة من رجال الستة ؛ لكن هذا من اضطراب عكرمة ، فلا حجة فيه ، وقد رجح المرسل أبو حاتم ، فراجعه في "ضعيف أبي داود" (رقم 3) .
ورواية النسائي عن عكرمة : أخرجها في "السنن الكبرى" (1/ 19/ 40 - هندية) ، (1/ 70/ 31) ، وكذا الطبراني في "الأوسط" (1/ 32-33 - مصورة الجامعة الإسلامية) (2/ 154/ 1286) عن شيخه أحمد بن محمد بن صدقة ؛ كلاهما عن محمد بن عبدالله بن عبيد بن عقيل المقرىء : حدثنا جدي عبيد بن عقيل : حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً به نحوه . وقال الطبراني :
"لم يروه بهذا الإسناد إلا عبيد ، ورواه الثوري عن عكرمة بن عمار عن عياض بن هلال عن أبي سعيد الخدري" .
قلت : عبيد بن عقيل صدوق ، وكذلك من دونه ، وكذا من فوقه ، لكن العلة اضطراب عكرمة بن عمار فيه ، مع مخالفة الأوزاعي إياه ، حيث أرسله كما سبق .
ثم وجدت له طريقاً ؛ فانظر "الصحيحة" (3120) .

(40/1)


5036 - ( لا يسبغ عبد الوضوء ؛ إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 62 :
$منكر$
أخرجه البزار (ص 34 - زوائده) عن خالد بن مخلد : حدثنا إسحاق ابن حازم : سمعت محمد بن كعب : حدثني حمران قال :
دعا عثمان بوضوء وهو يريد الخروج إلى الصلاة في ليلة باردة ، فجئته بماء ؛ فغسل وجهه ويديه ، فقلت : حسبك ؛ قد أسبغت الوضوء والليلة شديدة البرد ، فقال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره ، وقال :
"لا نعلم أسند محمد بن كعب عن حمران إلا هذا" .
قلت : وكلاهما ثقة من رجال الشيخين .
وإسحاق بن حازم ثقة أيضاً .
وخالد بن مخلد - وإن كان من رجال "الصحيحين" - ؛ فقد تكلم فيه جماعة ، وساق له ابن عدي عشرة أحاديث استنكرها ، وقد ساق بعضها الذهبي في "الميزان" ؛ أحدها مما أخرجه البخاري في "صحيحه" ، وقال الذهبي فيه :
"ولولا هيبة "الجامع الصحيح" لعددته في منكرات خالد بن مخلد ..." .
قلت : وأرى أنا أن هذا الحديث من منكراته ؛ فإن الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من طرق عن حمران به نحوه ، وليس فيه قوله : ".. وما تأخر" .
وعلى هذا ؛ فقول المنذري (1/ 95) :
"رواه البزار بإسناد حسن" ! وقول الهيثمي (1/ 237) :
"رواه البزار ، ورجاله موثقون ، والحديث حسن إن شاء الله" !! ومثله قول الحافظ ابن رجب في "اختيار الأولى" (ص 15-16) :
"وإسناده لا بأس به" !!
إنما هو جرياً منهم جميعاً على ظاهر الإسناد ، دون النظر إلى ما في متنه من النكارة التي ذكرتها . وقول الهيثمي أبعد عن الصواب ؛ لأنه صرح بتحسين متن الحديث وسنده ؛ فتنبه !
وقد أشار إلى ما ذكرت الحافظ ابن حجر في "الخصال المكفرة" بعد أن عزاه لابن أبي شيبة في "المصنف" - ولم أره فيه - ، و "المسند" ، وإلى أبي بكر المروزي ، والبزار ، فقال (ص 14-15) :
"وأصل الحديث في "الصحيحين" ، لكن ليس فيه : "وما تأخر"" .
وخفي هذا على المعلق الدمشقي عليه ؛ فقال :
"له شواهد كثيرة في الأصول الستة وغيرها باختلاف بعض ألفاظه" !!
قلت : فلم يتنبه لإشارة الحافظ المذكورة ، فضلاً عن أنه لم يعلم أن تلك الشواهد ضد الحديث ، وليست له ؛ لأنها كلها ليست فيها الزيادة !

(41/1)


5037 - ( يد الرحمن فوق رأس المؤذن ، وإنه ليغفر له مدى صوته أين بلغ ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 64 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (25/ 2 - زوائد المعجمين) عن عمر بن حفص العبدي عن ثابت عن أنس مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن ثابت إلا عمر" .
قلت : قال الهيثمي (1/ 326) :
"وقد أجمعوا على ضعفه" . وقال أحمد :
"تركنا حديثه وحرقناه" . وقال النسائي وغيره :
"متروك" .
لكن الشطر الثاني من الحديث صحيح ؛ لأنه ورد عن جمع من الصحابة ؛ منهم أبو هريرة والبراء بن عازب وغيرهم ، وأحاديثهم مخرجة في "صحيح أبي داود" رقم (528) .

(42/1)


5038 - ( لو أقسمت ؛ لبررت ؛ إن أحب عباد الله إلى الله : لرعاة الشمس والقمر - يعني : المؤذنين - ؛ إنهم ليعرفون يوم القيامة بطول أعناقهم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 65 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 25 - زوائده) ، والخطيب في "التاريخ" (3/ 99) عن جنادة بن مروان الأزدي الحمصي : حدثنا الحارث بن النعمان : سمعت أنس بن مالك يقول : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : الحارث بن النعمان - وهو ابن أخت سعيد بن جبير ؛ كما صرحت به رواية الطبراني - ؛ وهو متفق على ضعفه ، بل قال البخاري :
"منكر الحديث" .
والأخرى : جنادة بن مروان ؛ قال الذهبي :
"اتهمه أبو حاتم" .
وبهذا أعله الهيثمي (1/ 326-327) ، وفي ذلك بعض النظر ؛ فإن نص أبي حاتم عند ابنه (1/ 1/ 516) :
"ليس بقوي ، أخشى أن يكون كذب في حديث عبدالله بن بسر : أنه رأى في شارب النبي صلي الله عليه وسلم بياضاً بحيال شفتيه" .
قال الحافظ في "اللسان" - متعقباً على الذهبي ما ذكره من الاتهام - :
"قلت : أراد أبو حاتم بقوله : "كذب" : أخطأ ، وذكره ابن حبان في "الثقات" ؛ وأخرج له هو والحاكم في "الصحيح" ..." .
قلت : فإعلال الحديث بشيخه الحارث أولى ؛ كما لا يخفى .
والحديث مما أشارالمنذري (1/ 109) إلى تضعيفه .
والجملة الأخيرة من الحديث ؛ عزاها الحافظ لابن حبان ، فقال في "التلخيص" (1/ 208) :
"وفي "صحيح ابن حبان" من حديث أبي هريرة : "يعرفون بطول أعناقهم يوم القيامة" زاد السراج : "لقولهم : لا إله إلا الله" . وفيه عن ابن أبي أوفى : "إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والأظلة ؛ لذكر الله" ..." !
قلت : فيه ما يأتي :
أولاً : ما عزاه لابن حبان وهم ؛ فإن لفظه : "المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة" (1668) ؛ وهكذا رواه هو (1667) ، ومسلم (52/ 5) ، والسراج في "مسنده" (ق 23/ 2) وغيرهما عن معاوية رضي الله عنه .
ثانياً : زيادة السراج المذكورة منكرة عندي ؛ وفي سندها جهالة ، وقد تقدم تخريجه .
ثالثاً : حديث : "إن خيار عباد الله ..." حسن لغيره ؛ كما تبين لي أخيراً في "الصحيحة" (3440) .

(43/1)


5039 - ( من بنى بيتاً يعبد الله فيه من مال حلال ؛ بنى الله له بيتاً في الجنة من در وياقوت ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 67 :
$منكر بهذا التمام$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 19/ 1) : حدثنا محمد بن النضر الأزدي : حدثنا سعيد بن سليمان : حدثنا سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً .
وأخرجه البزار في "مسنده" (ص 46 - زوائده) : حدثنا محمد بن مسكين : حدثنا سعيد بن سليمان به ؛ دون قوله : "من در وياقوت" . وقال الطبراني :
"لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ، تفرد به سعيد" .
قلت : وهو النشيطي ؛ ضعيف ؛ لكن شيخه اليمامي أضعف منه ؛ فقد قال فيه البخاري :
"منكر الحديث" . وذكره العقيلي في "الضعفاء" (ص 197) ، وساق له هذا الحديث من طريق ثالث عن سعيد بن سليمان ، ثم ساقه من طريق أخرى عن أبان العطار : حدثنا يحيى بن أبي كثير عن محمود بن عمرو عن أبي هريرة نحوه موقوفاً . وقال :
"هذا أولى" .
وقال الحافظ في ترجمة اليمامي من "اللسان" - بعد أن ساق الحديث - :
"والمستغرب منه قوله : "من در وياقوت" ؛ فإن للحديث طريقاً جيدة ليس هذا فيها" .
قلت : وكأنه يشير إلى رواية أبان العطار المتقدمة ، ولكنها موقوفة ؛ كما سبق .
قد وجدت له طريقاً آخر مرفوعاً مختصراً ؛ يرويه المثنى بن الصباح عن عطاء ابن أبي رباح عن المحرر بن أبي هريرة عن أبيه بلفظ :
"من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة" .
أخرجه الطبراني أيضاً ؛ وقال :
"تفرد به المثنى" .
قلت : وهو ضعيف ؛ لكنه بهذا اللفظ صحيح ؛ له شواهد كثيرة صحيحة ، بعضها في "الصحيحين" ، وهي مخرجة عندي في "الروض النضير" تحت رقم (883) .
ورواه المثنى أيضاً عن عطاء عن عائشة مرفوعاً بلفظه المتقدم ؛ لكنه زاد فيه :
"لا يريد به رياءً ولا سمعة" .
وهو منكر أيضاً ؛ أخرجه الطبراني في "الأوسط" عنه .
وتابعه عنده كثير بن عبدالرحمن عن عطاء به دون الزيادة ؛ وقال :
"لم يروه عن عطاء إلا كثير" .
قلت : وهو كثير بن أبي كثير العامري ، وهو ضعيف ؛ لكن لفظه هو الصحيح ؛ لشواهده التي سبقت الإشارة إليها .

(44/1)


5040 - ( كان في بني إسرائيل أخوان ملكان على مدينتين ، وكان أحدهما باراً برحمه ، عادلاً على رعيته ، وكان الآخر عاقاً برحمه ، جائراً على رعيته ، وكان في عصرهما نبي ، فأوحى الله إلى ذلك النبي : إنه قد بقي من عمر هذا البار ثلاث سنين ، وبقي من عمر العاق ثلاثون سنة ، فأخبر النبي رعية هذا ورعية هذا ، فأحزن ذلك رعية العادل ، وأحزن ذلك رعية الجائر ، ففرقوا بين الأمهات والأطفال ، وتركوا الطعام والشراب ، وخرجوا إلى الصحراء يدعون الله تعالى أن يمتعهم بالعادل ، ويزيل عنهم الجائر ؛ فأقاموا ثلاثاً ، فأوحى الله إلى ذلك النبي : أن أخبر عبادي أني قد رحمتهم ، وأجبت دعاءهم ، فجعلت ما بقي من عمر البار لذلك الجائر ، وما بقي من عمر الجائر لهذا البار . فرجعوا إلى بيوتهم ، ومات العاق لتمام ثلاث سنين ، وبقي العادل فيهم ثلاثين سنة ، ثم تلا رسول الله صلي الله عليه وسلم : (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير) ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 69 :
$ضعيف$
رواه أبو الحسن بن معروف ، والخطيب ، وابن عساكر عن عبدالصمد ابن علي بن عبدالله بن عباس عن أبيه عن جده مرفوعاً ؛ كما في "الجامع الكبير" للسيوطي .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لأن عبدالصمد هذا ليس بحجة ؛ كما تقدم في حديث آخر له برقم (2898) .

(45/1)


5041 - ( انكحوا إلى الأكفاء ، وأنكحوهم ، واختاروا لنطفكم ، وإياكم والزنج ؛ فإنه خلق مشوه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 69 :
$باطل بهذا التمام$
أخرجه الدارقطني في "سننه" (415) من طريق أبي أمية بن يعلى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد واه ؛ فيه أبو أمية بن يعلى ، قال الذهبي في "الميزان" - وتبعه الحافظ في "اللسان" - :
"ضعفه الدارقطني ، وقال ابن حبان : لا تحل الرواية عنه إلا للخواص" .
قلت : والحديث أورده ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 404) من هذا الوجه ؛ ثم قال :
"قال أبي : هذا الحديث باطل ، لا يحتمل هشام بن عروة هذا . قلت : فممن هو ؟ قال : من راويه . قلت : ما حال أبي أمية بن يعلى ؟ قال : ضعيف الحديث" .
ثم قال (1/ 407) :
"سمعت أبي وأبا زرعة وذكرا حديث هشام بن عروة ... [يعني : هذا الحديث] فقالا جميعاً : لا يصح هذا الحديث" .
قلت : لكن الطرف الأول منه قد جاء من طرق أخرى عن هشام ، ومن طريق آخر عن عائشة ، ومن حديث ابن عمر ؛ ولذلك ؛ خرجته في "الصحيحة" (1067) .

(46/1)


5042 - ( هذه الحشوش محتضرة ، فإذا دخل أحدكم الخلاء ؛ فليقل : بسم الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 70 :
$منكر بهذا اللفظ$
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 332) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (19) من طريق قطن بن نسير : حدثنا عدي بن أبي عمارة الذارع قال : سمعت قتادة عن أنس بن مالم مرفوعاً به . وزاد العقيلي :
".. اللهم ! إني أعوذ بك من الخبث والخبائث والشيطان الرجيم" . وقال :
"عدي هذا بصري ، في حديثه اضطراب ، قال عبدالله بن أحمد : سألت أبي عنه ؛ قلت : كيف هو ؟ قال : شيخ" . وقال الحافظ في "اللسان" :
"ومن أغلاطه : أنه روى عن قتادة عن أنس في القول عند دخول الخلاء ، وإنما رواه قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم . وقيل : عن النضر بن أنس عن أبيه . والأول أصح" .
قلت : وقد سبقه إلى هذا الترجيح البيهقي ، وبينت وجهه في كتابي الآخر (1070) ، وذكرت هناك أن لقتادة فيه إسناداً آخر عن زيد بن أرقم ، وأن كلاً منهما صحيح ، فراجعه إن شئت .
ثم إن عدياً هذا قد أخطأ في متن الحديث أيضاً ، فزاد في أوله : "بسم الله" ، وفي آخره : "والشيطان الرجيم" ! ومن أجل هذه الزيادة أوردته هنا ، وإلا فهو بدونها صحيح ، كما رواه شعبة وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة ، كما خرجته هناك .
نعم ؛ في التسمية عند دخول الخلاء حديث آخر صحيح ، وهو مخرج عندي في "إرواء الغليل" برقم (50) .

(47/1)


5043 - ( من دخل على قوم لطعام لم يدع إليه ، فأكل شيئاً ؛ أكل حراماً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 71 :
$ضعيف$
رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 133/ 1) عن بقية بن الوليد عن يحيى بن خالد عن روح بن القاسم عن المقبري عن عروة عن عائشة مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن روح إلا يحيى ؛ تفرد به بقية" .
قلت : وهو ثقة ؛ ولكنه مدلس وقد عنعنه .
وشيخه يحيى بن خالد مجهول ؛ كما قال ابن عدي ؛ وساق له هذا الحديث ، وقال :
"إنه منكر" . وقال الذهبي :
"باطل" .
ومن طريقه رواه البزار ، وابن عدي بلفظ :
"... لم يدع له ؛ دخل فاسقاً ، وأكل حراماً" .
واقتصر الهيثمي (4/ 55) على إعلاله بيحيى هذا فقط ؛ وهو قصور ؛ لما علمت من عنعنة بقية .
لكن أخرجه الدولابي في "الكنى" (1/ 180) : حدثنا أحمد بن الفرج الحجازي قال : حدثنا بقية بن الوليد قال : حدثنا يحيى بن خالد أبو زكريا به .
قلت : فصرح فيه بقية بالتحديث ؛ لكن أحمد بن الفرج ضعفه محمد بن عوف الطائي ، وقال ابن عدي :
"لا يحتج به" ؛ فلا قيمة لتصريحه المذكور .
وقد خولف في إسناده ؛ فقال الطيالسي في "مسنده" (ص 306 - رقم 2337) : حدثنا اليمان أبو حذيفة عن طلحة بن أبي عثمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : ... فذكره موقوفاً عليه .
وهذا إسناد ضعيف ؛ اليمان هذا - وهو ابن المغيرة - ضعيف ؛ كما جزم به الحافظ في "التقريب" .
وشيخه طلحة بن أبي عثمان لم أعرفه ! وفي "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 483) :
"طلحة بن عثمان ، رجل من الحجبة . روى عن المقبري . روى عنه روح بن القاسم" .
قلت : فلعله هذا ، وتكون أداة الكنية (أبي) مقحمة من الناسخ .
ويحتمل أنه طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي المكي المتروك . والله أعلم .
وأخرج أبو داود (2/ 136) من طريق أبان بن طارق عن نافع قال : قال عبدالله بن عمر : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره بلفظ :
".. ومن دخل على غيره دعوة ؛ دخل سارقاً ، وخرج مغيراً" .
وأبان هذا مجهول الحال ؛ كما في "التقريب" . وفي "الميزان" :
"قال ابن عدي : هذا حديث منكر ، لا يعرف إلا به . وقال أبو زرعة : مجهول" .
ومن طريقه أخرجه البزار ؛ كما في "المجمع" ؛ وقال :
"وهو ضعيف" !
كذا قال ! والصواب أنه مجهول ؛ فإنه لم يضعفه أحد .
ثم إن في الحديث جملة في أوله صحيحة ؛ وقد خرجته في الكتاب الآخر (1085) .

(48/1)


5043/ م - ( من صلى الفجر - أو قال : الغداة - ، فقعد في مقعده ، فلم يلغ بشيء من أمر الدنيا ، يذكر الله حتى يصلي الضحى أربع ركعات ؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ؛ لا ذنب له ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 74 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى في "مسند عائشة" (7/ 329/ 4365) من طريق طيب بن سليمان قال : سمعت عمرة تقول : سمعت أم المؤمنين تقول : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ الطيب هذا ؛ قال الدارقطني :
"بصري ضعيف" .
وأورده ابن أبي حاتم (2/ 1/ 497) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، ووثقه ابن حبان والطبراني !
وتساهل ابن حبان في التوثيق معروف ، وكأن الطبراني جرى في ذلك على سننه !
ولعله لذلك أشار المنذري في "الترغيب" (1/ 166) إلى تضعيف حديثه هذا .
والمعروف في أحاديث الجلوس بعد الصلاة الغداة والصلاة بعد طلوع الشمس : أن له أجر حجة وعمرة ، فقوله :
"خرج من ذنوبه ..." إلخ ؛ منكر عندي ، والله أعلم .
(تنبيه) : الطيب بن سليمان ؛ كذا وقع في "المسند" : (سليمان) ، وهو كذلك في "الميزان" و "اللسان" .
وفي نسخة من "الميزان" : (سلمان) ؛ وهو الصواب - والله أعلم - ؛ لمطابقته لما في "الجرح" ؛ و "ثقات ابن حبان" (6/ 493) ، و "سؤالات البرقاني للإمام الدارقطني" ؛ كما حققته في ترجمته من كتابي الجديد : "تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان" يسر الله لي إتمامه بمنه وكرمه .
والحديث ؛ قال المعلقون الثلاثة على "الترغيب" (1/ 370) :
"حسن ، قال الهيثمي ..." !

(49/1)


5044 - ( من أم قوماً ؛ فليتق الله ، وليعلم أنه ضامن مسؤول لما ضمن ، وإن أحسن ؛ كان له من الأجر مثل أجر من صلى خلفه من غير أن ينتقص من أجورهم شيئاً ، وما كان من نقص ؛ فهو عليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 75 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 30/ 1) من طريق أبي الأشعث أحمد بن المقدام : حدثنا يوسف بن الحجاج - هو البلدي - عن المعارك بن عباد عن يحيى بن أبي الفضل عن أبي الجوزاء عن عبدالله بن عمر مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن أبي الجوزاء إلا يحيى ، ولا عنه إلا المعارك ، تفرد به يوسف" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ فيه علل :
الأولى : يحيى بن أبي الفضل ؛ لم أجد له ترجمة ، وقد أورده ابن حجر في "التهذيب" في شيوخ معارك بن عباد ، وكذا المزي في "تهذيبه" ؛ لكن وقع فيه :(يحيى بن الفضل) .
الثانية : المعارك بن عباد ؛ أورده الذهبي في "الضعفاء والمتروكين" ، وقال :
"ضعفه الدارقطني وغيره" .
ولذلك ؛ جزم الحافظ في "التقريب" بأنه ضعيف .
الثالثة : يوسف بن الحجاج ؛ لم أجد له ترجمة أيضاً ، وقد ذكره المزي في الرواة عن المعارك ونسبه : "البلدي" ، ولم يورده السمعاني في هذه النسبة ، ولا ياقوت في "معجم البلدان" ، مما يشعر بأنه غير مشهور ولا معروف . والله تعالى أعلم .
والحديث ؛ قال في "مجمع الزوائد" (2/ 66) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه معارك بن عباد ؛ ضعفه أحمد والبخاري وأبو زرعة والدارقطني وغيره ، وذكره ابن حبان في "الثقات"" .
قلت : وقال ابن حبان :
"يخطىء ويهم" .
فلو نقله الهيثمي عنه لأصاب ؛ فإنه يلتقي حينئذ قوله مع أقوال المضعفين ؛ كما لا يخفى .
نعم ؛ قد صح من الحديث قوله : "الإمام ضامن" وقوله : "إن أحسن فله ؛ وإلا فعليه" ؛ ثبت ذلك من حديث أبي هريرة ، وعقبة بن عامر ، وهما مخرجان في "صحيح أبي داود" (530،593) .

(50/1)


5045 - ( تزاحموا تراحموا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 77 :
$لا أعرف له أصلاً$
وقد اشتهر عند بعض أئمة مساجد دمشق اليوم !
ولعل أصله ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 32/ 2) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 114) من طريق مجالد عن الشعبي عن الحارث عن علي قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"استووا تستوي قلوبكم ، وتماسوا تراحموا" . قال سريج (ابن يونس ، أحد رواته) :
"تماسوا" ؛ يعني : ازدحموا في الصلاة .
وقال غيره " "تماسوا" : تواصلوا .
وقال الطبراني :
"لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد ، تفرد به سريج" .
قلت : وهو ثقة ؛ لكن مجالداً ليس بالقوي .
وأضعف منه الحارث - وهو الأعور - ، وبه أعله الهيثمي فقال (2/ 90) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه الحارث ، وهو ضعيف" .

(51/1)


5046 - ( من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذي أحداً ؛ أضعف الله له أجر الصف الأول ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 77 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 33/ 1) من طريق الوليد ابن الفضيل العنزي : حدثنا نوح بن أبي مريم عن زيد العمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً . وقال :
"لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ، تفرد به الوليد" .
قلت : وهو متهم بالوضع ؛ قال ابن حبان :
"يروي الموضوعات ، لا يجوز الاحتجاج به بحال" . وقال الحاكم ، وأبو نعيم ، وأبو سعيد النقاش :
"روى عن الكوفيين الموضوعات" .
قلت : ولم يعرفه أبو حاتم ؛ فقال ابنه (4/ 2/ 13) عنه :
"وهو مجهول" !
وشيخه نوح بن أبي مريم أشهر منه بالوضع ، وبه أعله الهيثمي ؛ لكنه قال (2/ 95-96) :
"وهو ضعيف" !!
وزيد العمي ضعيف .
والحديث أشار المنذري (1/ 174) إلى تضعيفه ؛ فقصر !!
والحديث سرقه بعض الضعفاء ؛ فقال الحكيم الترمذي في "الرياضة" (367-368) : حدثنا الفضل بن محمد : حدثنا زريق بن الورد الرقي : حدثنا سلم بن سالم بن (كذا) عبدالغفار بن ميمون عن عبدالملك الجزري به مرفوعاً .
قلت : والفضل بن محمد هذا ؛ الظاهر أنه الباهلي الأنطاكي الأحدب العطار ؛ قال ابن عدي :
"كتبنا عنه بأنطاكية ، حدثنا بأحاديث لم نكتبها عن غيره ، ووصل أحاديث ، وسرق أحاديث ، وزاد في المتون" ، وقال :
"له أحاديث لا يتابعه الثقات عليها" . وقال الدارقطني وابن عدي :
"كذاب" .
ومن فوقه لم أعرفهم .
ويحتمل أن سلم بن سالم بن عبدالغفار ... إلخ ؛ خطأ من الناسخ ، والصواب : سلم بن سالم عن عبدالغفار بن ميمون ، فإن يكن كذلك ؛ فسلم بن سالم معروف ؛ وهو البلخي الزاهد ؛ ضعفه ابن معين وغيره .

(52/1)


5047 - ( من سد فرجة في الصف غفر له ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 79 :
$ضعيف$
أخرجه البزار في "مسنده" (ص 58 - زوائده) : حدثنا عبدالرحمن ابن الأسود بن مأمول الوراق : حدثنا يحيى بن السكن : حدثنا أبو العوام - وأظنه صدقة ابن أبي سهل - عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه مرفوعاً . وقال :
"لم نسمعه إلا من عبدالرحمن ، وكان من أفاضل الناس" .
قلت : هو من شيوخ الترمذي والنسائي وغيرهما ؛ مات بعد الأربعين ومئتين ، وجزم الحافظ في "التقريب" بأنه ثقة ؛ مع أنه لم يحك توثيقه في "التهذيب" عن أحد !
وشيخه يحيى بن السكن ؛ قال الذهبي :
"ليس بالقوي ، وضعفه صالح جزرة" !
قلت : كلام صالح فيه يدل على أنه أسوأ من ذلك ؛ فقد روى الخطيب في ترجمة يحيى من "التاريخ" (14/ 146) عنه أنه قال فيه :
"بصري ، كان يكون بالرقة ، وكان أبو الوليد يقول : هو يكذب ، وهو شيخ مقارب ، كان يكون بالرقة وببغداد" .
ثم روى الخطيب أيضاً عنه - أعني : صالحاً - أنه قال :
"لا يسوى فلساً" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" ! ولعله عمدة المنذري (1/ 175) في قوله - وإن تبعه الهيثمي (2/ 91) - :
"رواه البزار بإسناد حسن" !
وأما أبو العوام ؛ فليس هو صدقة بن أبي سهل ؛ كما ظنه الظان - وأظنه البزار نفسه - ! وإنما هو عمران القطان ؛ فقد ذكره الخطيب في شيوخ يحيى بن السكن ، وهو صدوق يهم .
ومما تقدم بيانه ؛ تعلم تساهل المنذري وكذا الهيثمي في قولهما السابق آنفاً .
وفي فضل سد الفرج حديث آخر من رواية عائشة رضي الله عنها ، بعض أسانيده صحيحة ، وقد خرجته في "الصحيحة" (1892،2532) .

(53/1)


5048 - ( إن اليهود قوم سئموا دينهم ، وهم قوم حسد ، ولم يحسدوا المسلمين على أفضل من ثلاث : على رد السلام ، وإقامة الصفوف ، وقولهم خلف إمامهم في المكتوبة : آمين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 81 :
$ضعيف بهذا التمام$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 38/ 1) : حدثنا عمرو بن إسحاق : حدثنا أبي : حدثنا عمرو بن الحارث عن عبدالله بن سالم عن الزبيدي : حدثنا عيسى بن يزيد أن طاوساً أبا عبدالرحمن حدثه أن منبهاً أبا وهب حدثه يرده إلى معاذ :
أن النبي صلي الله عليه وسلم جلس في بيت من بيوت أزواجه ، وعنده عائشة ، فدخل عليه نفر من اليهود فقالوا : السام عليك يا محمد ! قال :
"وعليكم" . فجلسوا فتحدثوا ، وقد فهمت عائشة تحيتهم التي حيوا بها النبي صلي الله عليه وسلم ، فاستجمعت غضباً وتصبرت ، فلم تملك غيظها فقالت : بل السام عليكم وغضب الله ولعنته ، بهذا تحيون نبي الله صلي الله عليه وسلم ! ثم خرجوا ، فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم :
"ما حملك على ما قلت ؟!" . قالت : أو لم تسمع كيف حيوك يا رسول الله ؟! والله ما ملكت نفسي حين سمعت تحيتهم إياك ، فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم :
"كيف رأيت رددت عليهم ؟ إن اليهود قوم ..." الحديث . وقال :
"لا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد ، ولا تعلم منبهاً أبا وهب أسند غير هذا الحديث" .
قلت : وهو حديث غريب بهذا السياق ، وله علل :
الأولى : منبه هذا ؛ فإنه غير معروف ، وقد أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 418) من رواية طاوس هذه ، وأشار إلى أنه لا يعلم أحداً روى عنه ؛ فهو مجهول العين .
الثانية : عيسى بن يزيد مجهول أيضاً ؛ أورده ابن أبي حاتم (3/ 1/ 291) ، وقال :
"... الشامي ، سمع طاوساً . روى عنه محمد بن الوليد الزبيدي" .
الثالثة : عمرو بن الحارث - وهو الزبيدي الحمصي - ؛ قال الذهبي :
"تفرد بالرواية عنه إسحاق بن إبراهيم : زبريق ، ومولاة له اسمها علوة ؛ فهو غير معروف العدالة ، وزبريق ضعيف" .
الرابعة : إسحاق والد عمرو - وهو إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي ، بن زبريق - ؛ ضعفه الذهبي كما رأيت آنفاً ، وقال الحافظ :
"صدوق يهم كثيراً ، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب" .
الخامسة : ولده عمرو ؛ فلم أجد له ترجمة .
قلت : ومن هذا التخريج ؛ يتبين للقارىء الكريم مبلغ تساهل الحافظ المنذري (1/ 178) - وإن تبعه الهيثمي (2/ 112-113) - في قوله :
"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن" !! وقلده الثلاثة (1/ 397) !!
ثم إن المنذري وهم فيه وهماً آخر ؛ حيث جعله من حديث عائشة ؛ فإنه - بعد أن ساق حديثها من رواية ابن ماجه ورواية أحمد - قال :
"ورواه الطبراني ..." إلخ كلامه المتقدم ! وإنما هو من حديث معاذ كما رأيت ، وكذلك ذكره الهيثمي .
وحديث عائشة المشار إليه ؛ قد رواه ابن خزيمة بنحو حديث معاذ ، لكن ليس فيه ذكر إقامة الصفوف . وكذلك رواه أنس بن مالك ، وقد خرجتهما في "الصحيحة" (691،692) .
لكني وجدت لحديثها طريقاً أخرى فيه الزيادة المذكورة ، أخرجه أبو بكر المعدل في "اثنا عشر مجلساً" (8/ 2) من طريق سليمان بن عبدالجبار : حدثنا منصور ابن أبي نويرة : حدثنا أبو بكر بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً بلفظ :
"إن اليهود يحسدون أمتي على ثلاث خصال : تحية أهل الجنة ، والصلاة في الصف كما تصف الملائكة ، وآمين جعلها الله على ألسنتهم" .
وهذا إسناد رجاله ثقات ؛ غير منصور بن أبي نويرة ؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 179) ، وقال :
"... العلاف ، روى عن أبي بكر بن عياش ، أدركه أبي" .
فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، فهو مجهول عنده .
وقال البخاري في "التاريخ" (7/ 349) :
"روى عنه أبو الأزهر ، سمع القاسم بن محمد" !
كذا وقع فيه ! وقد نظر فيه محققه ؛ فراجعه ؛ وذكر أن ابن حبان أورده في الطبقة الرابعة بروايته عن الحسن بن صالح وأبي بكر بن عياش ، روى عنه محمد ابن سفيان بن أبي الزرد .
وأما سليمان بن عبدالجبار ؛ فهو سامرائي ، كتب عنه أبو حاتم بها ، وقال أحمد فيه :
"صدوق" .
وبالجملة ؛ فالحديث ضعيف بهذا السياق والتمام ، وجله صحيح ، ويحتمل أن يكون منه الزيادة المذكورة ؛ والله أعلم .
لا سيما ولها شاهد من حديث أنس ، تقدم تخريجه برقم (1516) .

(54/1)


5049 - ( أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس كلب ؟! ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 84 :
$ضعيف شاذ بهذا اللفظ$
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (504- موارد و 2280 - الإحسان) ، والطبراني في "الأوسط" (5/ 132/ 4251) من طريق الربيع بن ثعلب : حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن محمد بن ميسرة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم به . وقال الطبراني :
"تفرد به الربيع" .
قلت : والربيع بن ثعلب ثقة صالح ؛ له ترجمة في "الجرح والتعديل" (3/ 456/ 2060) ، وفي "تاريخ بغداد" (8/ 418) .
وأبو إسماعيل المؤدب اسمه إبراهيم بن سليمان بن رزين الأردني ؛ مختلف فيه ؛ قال الذهبي :
"وهو مشهور بكنيته ، ضعفه يحيى بن معين مرة ، وقال أخرى : ليس بذاك . وقال هو وأحمد : ليس به بأس ، ووثقه الدارقطني" . وقال الحافظ :
"صدوق يغرب" .
ومحمد بن ميسرة : هو محمد بن أبي حفصة البصري ؛ مختلف فيه أيضاً ؛ فوثقه ابن معين وأبو داود . وقال ابن معين في رواية :
"صويلح ، ليس بالقوي" . وقال النسائي :
"ضعيف" . وقال ابن حبان في "الثقات" :
"يخطىء" . وقال ابن المديني :
"ليس به بأس" . وقال ابن عدي في "الضعفاء" (ق 372/ 1) :
"وهو من الضعفاء الذين يكتب حديثهم" . وقال الحافظ :
"صدوق يخطىء" .
قلت : وقد خالفه جمع من الثقات - كشعبة والحمادين وغيرهم - ، فرووه بلفظ : "... رأس الحمار" . أخرجه الشيخان وغيرهما ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" برقم (634) ، و "الإرواء" (510) .
فهذا هو المحفوظ ، ولفظ الترجمة شاذ أو منكر ؛ أخطأ فيه محمد بن ميسرة هذا ، أو الراوي عنه .
ومن هذا التحقيق ؛ تعلم خطأ قول المنذري (1/ 180) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد جيد" ! ونحوه قول الهيثمي (2/ 78) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورجاله ثقات ؛ خلا شيخ الطبراني العباس ابن الربيع بن ثعلب ؛ فإني لم أجد من ترجمه" .
قلت : ترجمه الخطيب (12/ 149-150) ، وذكر وفاته سنة (291) ، ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً .
لكن تابعه - عند ابن حبان - الهيثم بن خلف الدوري ؛ ترجمه الخطيب أيضاً (14/ 63) ، وروى عن الإسماعيلي أنه أحد الأثبات .
وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى ؛ أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 225) من طريق يوسف بن عدي : حدثنا معمر بن سليمان عن زيد بن حبان عن مسعر عن محمد بن زياد به . وقال :
"هذا من غرائب حديث مسعر ، ذاكر به القدماء قديماً ؛ من حديث يوسف ابن عدي ، وأنه من مفاريده ، رواه غير واحد من المتأخرين عن جماعة عن مسعر ، فروي من حديث وكيع ، ومحمد بن عبدالوهاب القتات ، وعبدالرحمن بن مصعب الكوفي بأسانيد لا قوام لها مما وهمت فيه الضعاف عن قريب" .
قلت : ومن هؤلاء الضعاف : زيد بن حبان في الطريق الأولى ؛ فقال الدارقطني :
"ضعيف الحديث ، لا يثبت حديثه عن مسعر" . وقال العقيلي :
"حدث عن مسعر بحديث لا يتابع عليه" . وقال الحافظ :
"صدوق كثير الخطأ ، تغير بآخره" .
قلت : فمثله لا يحتج بحديثه ، لا سيما مع المخالفة لأحاديث الثقات .
نعم ؛ قد صح الحديث موقوفاً على ابن مسعود رضي الله عنه قال :
ما يؤمن أحدكم - إذا رفع رأسه في الصلاة قبل الإمام - أن يعود رأسه رأس كلب ؟!
أخرجه عبدالرزاق في "المصنف" (2/ 373/ 3752) ، والطبراني في "الكبير" (9/ 274/ 9174-9175) من طريقين عن زياد بن فياض عن تميم ابن سلمة عنه .
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم .
ثم استدركت فقلت : إنه منقطع ؛ فإن تميماً هذا لم يدرك ابن مسعود ؛ بين وفاتيهما نحو سبعين سنة ، فلعل هذا الحديث الموقوف هو أصل هذا الحديث المرفوع ، اختلط على بعض رواته الضعفاء ، فتوهم أن المرفوع لفظه لفظ هذا الموقوف ، فرفعه إلى النبي صلي الله عليه وسلم توهماً ، وإنما المحفوظ عنه صلي الله عليه وسلم مرفوعاً بلفظ :
"... رأس الحمار" ، كما تقدم ، وهو رواية لابن حبان (2279) .
ولعل الحافظ ابن حجر يشير إليها بقوله الآتي - والله أعلم - ؛ فقد جاء في حاشية "الموارد" ما نصه :
"بهامش الأصل : من خط شيخ الإسلام ابن حجر : بل بلفظ : ... رأس حمار" .
وبهذا اللفظ الصحيح : أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 185،358،457 و 6/ 447 و 8/ 96 و 9/ 118) من طرق كثيرة عن محمد بن زياد ؛ وبعضها عن مسعر بن كدام عنه .

(55/1)


5050 - ( ما بال أقوام يتلى عليهم كتاب الله ؛ فلا يدرون ما يتلى مما ترك ؟! هكذا خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل ؛ فشهدت أبدانهم ، وغابت قلوبهم ، ولا يقبل الله من عبد عملاً حتى يشهد بقلبه مع بدنه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 88 :
$ضعيف$
أخرجه ابن نصر في "كتاب الصلاة" (ق 28/ 2-29/ 1) : حدثنا يحيى بن يحيى : أخبرنا يحيى بن سليم عن عثمان بن أبي دهرش قال :
بلغني أن رسول الله صلي الله عليه وسلم صلى صلاة جهر فيها بالقراءة ، فلما فرغ من صلاته قال :
"يا فلان ! هل أسقطت من هذه السورة شيئاً ؟" قال : لا أدري يا رسول الله ! قال : فسأل آخر ؟ فقال : لا أدري يا رسول الله ! قال :
"هل فيكم أبي ؟" . قالوا : نعم يا رسول الله ! قال :
"يا أبي ! هل أسقطت من هذه السورة من شيء ؟" . قال : نعم يا رسول الله ! آية كذا وكذا . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ عثمان بن أبي دهرش ؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 149) :
"روى عنه ابن عيينة ، ويحيى بن سليم الطائفي ، وابن المبارك" .
ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ؛ فهو مجهول الحال .
ويحيى بن سليم - وهو الطائفي - سيىء الحفظ ، وقد خولف في إسناده ؛ فقال ابن نصر عقبه : حدثنا صدقة بن الفضل قال : أخبرنا ابن عيينة عن عثمان بن أبي دهرش عن رجل من آل الحكم بن أبي العاص قال :
صلى رسول الله صلي الله عليه وسلم صلاة جهر فيها ... فذكر الحديث .
قلت : وابن عيينة ثقة حافظ ؛ فروايته أصح ، وفيها أن ابن أبي دهرش تلقاه عن رجل من آل الحكم لم يسمه ، والظاهر أنه لم يعرفه .
فهو علة الحديث ؛ الظاهر أنه تابعي ؛ فهو - مع الجهالة - مرسل .
والحديث ؛ أورده المنذري (1/ 185) من الطريق الأولى ، وقال :
"رواه محمد بن نصر المروزي في "كتاب الصلاة" هكذا مرسلاً ، ووصله أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" بأبي بن كعب ، والمرسل أصح" !
قلت : أخرجه الديلمي (3/ 54/ 1) من طريق [أحمد بن محمد النسوي : حدثنا أحمد بن إبراهيم الصيدلاني : حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم : حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ... عن أبي بن كعب] .

(56/1)


5051 - ( هاتان الركعتان فيهما رغب الدهر ؛ يعني : سنة الفجر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 89 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 203/ 2) عن يحيى ابن أيوب عن عبيدالله بن زحر عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ :
"(قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن ، و (قل يا أيها الكافرون) تعدل ربع القرآن" ؛ وكان يقرأ بهما في ركعتي الفجر ، وقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ ليث بن أبي سليم ضعيف ؛ وكان اختلط .
وعبيدالله بن زحر ضعيف . وخالفه عبدالواحد بن زياد فقال : عن ليث قال : حدثني أبو محمد قال :
رافقت ابن عمر شهراً ، فسمعته في الركعتين قبل صلاة الصبح يقرأ ... الحديث نحوه مرفوعاً دون حديث الترجمة .
أخرجه أبو يعلى (10/ 83/ 5720) .
وقد عرفت أن مدار الحديث على ليث ، وهو ضعيف ، وأن إسناد الطبراني أشد ضعفاً . وقد وهم فيه المنذري والهيثمي ، فقال الأول منهما (1/ 202) :
"رواه أبو يعلى بإسناد حسن ، والطبراني في "الكبير" - واللفظ له -" !
وقال الهيثمي (2/ 218) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وأبو يعلى بنحوه ؛ وقال : عن أبي محمد عن ابن عمر . وقال الطبراني : عن مجاهد عن ابن عمر ، ورجال أبي يعلى ثقات" !
قلت : كيف ذلك ؛ وفيه - كالطبراني - ليث بن أبي سليم كما عرفت ؟!
نعم ؛ الحديث باستثناء حديث الترجمة حديث صحيح ؛ لشواهده الكثيرة ، وقد خرجت منه : "(قل يا أيها الكافرون) تعدل ربع القرآن" في "الصحيحة" (586) ، وخرجت هناك بعض شواهده ، فراجعه .

(57/1)


5052 - ( كان يستحب أن يصلي بعد نصف النهار ، فقالت عائشة : يا رسول الله ! أراك تستحب الصلاة هذه الساعة ؟! قال : تفتح فيها أبواب السماء ، وينظر الله تبارك وتعالى بالرحمة إلى خلقه ، وهي صلاة كان يحافظ عليها آدم ، ونوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 91 :
$ضعيف جداً$
أخرجه البزار (ص 76 - زوائده) عن عتبة بن السكن الحمصي : حدثنا الأوزاعي : أخبرني صالح بن جبير : حدثني أبو أسماء الرحبي : حدثني ثوبان مرفوعاً به . وقال :
"لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن ثوبان بهذا الإسناد" .
قلت : وهو واه جداً ؛ وعلته هذا ؛ قال الدارقطني :
"متروك الحديث" . وقال البيهقي :
"واه ، منسوب إلى الوضع" . وقال القراب :
"روى عن الأوزاعي أحاديث لم يتابع عليها" . وقال ابن حبان :
"يخطىء ويخالف" .

(58/1)


5053 - ( من صلى قبل الظهر أربع ركعات ؛ كأنما تهجد بهن من ليلته ، ومن صلاهن بعد العشاء ؛ كن كمثلهن من ليلة القدر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 91 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 56/ 2) عن ناهض بن سالم الباهلي : حدثنا عمار أبو هاشم عن الربيع بن لوط عن عمه البراء بن عازب مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن الربيع إلا عمار" .
قلت : وعمار : هو ابن عمارة أبو هاشم الزعفراني ؛ وهو ثقة . وكذا الربيع بن لوط ؛ لكن ذكر الحافظ في ترجمة عمار أن بينه وبين ابن لوط رجلاً سماه ؛ لكن في النسخة سقط ، فيراجع له أصله "تهذيب الكمال" للمزي .
وناهض بن سالم الباهلي ؛ لم أجد له ترجمة .
والحديث ؛ قال الهيثمي (2/ 221) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره ، ولم أجد من ذكرهم" !!
وغير الباهلي لم أدر المعني به ؛ إلا أن يكون شيخ الطبراني ؛ فقد قال : حدثنا محمد بن علي الصائغ : حدثنا سعيد بن منصور : حدثنا ناهض بن سالم الباهلي ...
لكن الهيثمي ليس من عادته الكلام على شيوخ الطبراني المجهولين أو المستورين الذين لم يرد لهم ذكر في "الميزان" مثلاً . والله أعلم .
وقد روي الحديث بإسناد أسوأ حالاً من هذا ، ويأتي قريباً إن شاء الله تعالى برقم (5058) .
والجملة الأولى من الحديث قد رويت عن ابن مسعود موقوفاً عليه قال :
ليس بشيء يعدل صلاة الليل من صلاة النهار ؛ إلا أربعاً قبل الظهر ، وفضلهن على صلاة النهار ؛ كفضل صلاة الجماعة على صلاة الواحد .
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 35/ 1) عن بشر بن الوليد الكندي : حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الأسود ومرة ومسروق قالوا : قال عبدالله : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو إسحاق : هو السبيعي ، وكان اختلط ، وهو مدلس .
وشريك - وهو ابن عبدالله القاضي - سيىء الحفظ .
والكندي فقيه مشهور ، ولكنه متكلم فيه ؛ كما تراه مبسوطاً في "اللسان" .
وقال المنذري (1/ 203) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وهو موقوف لا بأس به" !!
كذا قال ! ونحوه قول الهيثمي (2/ 221) :
"... وفيه بشر بن الوليد الكندي ، وثقه جماعة ، وفيه كلام ، وبقية رجاله رجال (الصحيح)" !!
كذا قال ! وشريك - مع ضعفه - لم يحتج به في "الصحيح" ، وإنما أخرج له مسلم متابعة ؛ كما في "الميزان" ؛ فتنبه .
وروى النسائي في "سننه" (4954-4955) من طريق أيمن مولى ابن الزبير (وفي الموضع الثاني : ابن عمر) عن تبيع عن كعب قال :
من توضأ فأحسن وضوءه ، ثم شهد صلاة العتمة في جماعة ، ثم صلى إليها أربعاً مثلها ، يقرأ فيها ، ويتم ركوعها وسجودها ؛ كان له من الأجر مثل ليلة القدر .
قلت : وهذا إسناد لا بأس به ؛ إن كان أيمن هذا هو ابن عبيد الحبشي .
ولكنه مقطوع موقوف على كعب - وهو كعب الأحبار - ، ولو أنه رفع الحديث لم يكن حجة ؛ لأنه في هذه الحالة يكون مرسلاً ، فكيف وقد أوقفه ؟!

(59/1)


5054 - ( صلاة الهجير مثل صلاة الليل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 94 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 16/ 2) : حدثنا المقدام بن داود : أخبرنا ذؤيب : أخبرنا سليمان بن سالم عن عبدالرحمن بن حميد عن أبيه عن جده مرفوعاً .
فسألت عبدالرحمن بن حميد عن (الهجير) ؟ فقال : إذا زالت الشمس .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ فيه ثلاث علل :
الأولى : سليمان بن سالم هذا - وهو أبو أيوب المدني مولى عبدالرحمن بن حميد - ؛ كذا ترجمه البخاري في "التاريخ" (7/ 18) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وابن أبي حاتم (2/ 1/ 119) ، وقال :
"سألت أبي عنه ؟ فقال : شيخ" .
وذكره ابن حبان في "الثقات" .
قلت : وقد روى عنه جمع ، فالعلة ممن دونه .
الثانية : ذؤيب - وهو ابن عمامة السهمي - قال الذهبي :
"ضعفه الدارقطني ، ولم يهدر" . وقال في ترجمة المقدام الآتي :
"وذؤيب ضعيف" . لكن قال أبو زرعة :
"هو صدوق" .
وذكره ابن حبان في "الثقات" .
الثالثة : المقدام بن داود ؛ قال النسائي :
"ليس بثقة" . وقال ابن يونس وغيره :
"تكلموا فيه" .
وضعفه الدارقطني . وقال مسلمة بن قاسم :
"رواياته لا بأس بها" .
ومن هذا التحقيق ؛ يتبين تساهل الهيثمي في قوله (2/ 221) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ؛ ورجاله موثقون" !
فإن المقدام هذا لم يوثقه أحد ! وقول مسلمة : "رواياته لا بأس بها" ؛ ليس صريحاً في التوثيق مع تصريح غيره بتضعيفه .
على أن قول الهيثمي : ".. موثقون" ؛ فيه إشعار منه بأن توثيق من وثقهم ليس قوياً . فتأمل !
وقال المنذري (1/ 203) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفي سنده لين" .

(60/1)


5055 - ( من حافظ على أربع ركعات قبل العصر ؛ بنى الله عز وجل له بيتاً في الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 95 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1702) عن يحيى بن سليم قال : سمعت محمد بن سعد المؤذن عن عبدالله بن عنبسة قال : سمعت أم حبيبة بنت أبي سفيان تقول : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ عبدالله بن عنبسة ، ومحمد بن سعد المؤذن ؛ لم أعرفهما .
ويحيى بن سليم - وهو الطائفي - فيه ضعف من قبل حفظه .
والحديث ؛ أعله المنذري (1/ 204) - ثم الهيثمي (2/ 222) - بالمؤذن ، فقال فيه الأول منهما :
"لا يدرى من هو ؟" . وقال الآخر :
"لم أعرفه" .

(61/1)


5056 - ( من صلى أربع ركعات قبل العصر ؛ لم تمسه النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 96 :
$ضعيف$
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 470) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 57/ 1) - والسياق له - من طريق حجاج بن نصير : حدثنا اليمان ابن المغيرة العبدي عن عبدالكريم بن أبي أمية عن مجاهد أخبره عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال :
جئت ورسول الله صلي الله عليه وسلم قاعد في أناس من أصحابه ؛ منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فأدركت آخر الحديث ورسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . وقال الطبراني :
"لا يروى عن عبدالله بن عمرو إلا بهذا الإسناد ، تفرد به حجاج" .
قلت : وهو ضعيف كان يقبل التلقين .
وشيخه اليمان بن المغيرة ضعيف أيضاً .
ومثله عبدالكريم بن أبي أمية .
فهو إسناد مسلسل بالضعفاء . فالعجب من الهيثمي حيث أعله بضعف ابن أبي أمية فقط ! وأفاد أنه في "كبير الطبراني" مختصراً بلفظ :
"... حرمه الله على النار" !!
قلت : وكذلك رواه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 305) مختصراً من طريقين آخرين عن اليمان بن مغيرة به ؛ إلا أنه وقع فيه : "عبدالله بن عمر" ، وقال :
"تفرد به اليمان عن عبدالكريم" .
وكذلك أخرجه الطبراني في "الكبير" من حديث أم سلمة مرفوعاً بزيادة :
قلت : يا رسول الله ! قد رأيتك تصلي وتدع ؟! قال :
"لست كأحدكم" . قال الهيثمي :
"وفيه نافع بن مهران وغيره ، ولم أجد من ذكرهم" .
قلت : ولذلك أشار إلى تضعيفه .

(62/1)


5057 - ( لا تزال أمتي يصلون هذه الأربع ركعات قبل العصر ؛ حتى تمشي على الأرض مغفوراً حتماً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 97 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 57/ 1) من طريق عبدالوهاب بن عبدالله بن يحيى الأسدي : حدثنا عبدالملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعاً . وقال :
"لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وهو موضوع ؛ آفته عبدالملك بن هارون ؛ فقد كذبه يحيى والسعدي وغيرهما . وقال ابن حبان :
"يضع الحديث" . وقال صالح بن محمد :
"عامة حديثه كذب" . وقال الحاكم في "المدخل" :
"روى عن أبيه أحاديث موضوعة" .
قلت : والراوي عنه عبدالوهاب بن عبدالله بن يحيى الأسدي ؛ لم أعرفه .
واقتصر الهيثمي (2/ 222) على إعلال الحديث بعبدالملك وقال :
"وهو متروك" . وقال المنذري (1/ 204) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ؛ وهو غريب" .
قلت : ورواه الخطيب (14/ 308) من طريق يوسف بن أحمد بن عبدالله ابن كركا الخياط : حدثنا أحمد بن يعقوب البصري : حدثنا هشيم - في رحبة عبيدالله بن المهدي - : حدثنا يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ :
"من صلى أربع ركعات قبل صلاة العصر ؛ غفر الله له مغفرة عزماً" .
أورده في ترجمة يوسف هذا ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، فهو آفته ، أو شيخه أحمد بن يعقوب البصري ؛ فإني لم أجد من ذكره .
ومن فوقه ثقات من رجال "الصحيحين" .
ثم رأيت لعبدالوهاب - الذي في إسناد الطبراني - متابعاً ، أخرجه السلفي في "آخر مجلس من أمالي أبي مطيع المصري" (ق 64/ 2) عن محمد بن يوسف العائدي : حدثنا عبدالملك بن هارون بن عنترة به نحوه بلفظ :
"... دخل الجنة ألبتة" .

(63/1)


5058 - ( أربع قبل الظهر : كعدلهن بعد العشاء ، وأربع بعد العشاء : كعدلهن من ليلة القدر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 99 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 58/ 2) عن يحيى ابن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن جحادة عن أنس مرفوعاً به . وقال :
"لم يروه عن ابن جحادة إلا يحيى" .
قلت : وهو متهم بالوضع ؛ قال ابن أبي حاتم :
"يفتعل الحديث" . وقال البخاري :
"منكر الحديث" .
وضعفه سائر الأئمة . وشذ عنهم أبو علي بن السكن فقال :
"صالح الحديث" !
والحديث أعله الهيثمي (2/ 230) بـ (يحيى) هذا ، فقال :
"وهو ضعيف جداً" .
وأشار المنذري إلى تضعيف الحديث (1/ 205) .
وقد روي الحديث بإسناد خير من هذا من حديث البراء بن عازب ؛ وقد مضى برقم (5053) .

(64/1)


5059 - ( من صلى صلاة الغداة ، فجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ؛ كان له حجاباً من النار - أو قال : ستراً من النار - ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 100 :
$موضوع$
أخرجه الحافظ أبو محمد القاري في "حديثه" (1/ 196/ 2) ، وابن عدي (ق 173/ 1) عن خالد العمري : حدثنا سفيان الثوري عن سعد بن طريف عن عمير بن مأمون قال : سمعت الحسن بن علي يقول : ... فذكره . وقال :
"غريب ، تفرد بروايته خالد بن يزيد العمري عن الثوري" .
قلت : العمري كذبه أبو حاتم ويحيى . وقال ابن حبان :
"يروي الموضوعات عن الأثبات" .
وساق له في "الميزان" و "اللسان" بعض موضوعاته .
لكن فوقه سعد بن طريف ؛ وهو قريب منه ؛ فقد اتفقوا على تضعيفه . وقال ابن معين :
"لا يحل لأحد أن يروي عنه" . وقال النسائي والدارقطني :
"متروك الحديث" . وقال ابن عدي :
"وهو بين الضعف جداً" . وقال ابن حبان :
"كان يضع الحديث" .
قلت : فهو علة الحديث ؛ لأن العمري قد تابعه أبو معاوية عن سعد به .
أخرجه ابن عدي .
ولذلك ؛ أخرج الحديث في ترجمة سعد .
وأشار إلى ما ذكرته قول الحافظ أبي محمد عقبه :
"ورواه العلاء بن راشد عن سعد بن طريف به" .
ثم إن عمير بن مأمون ؛ قال الدارقطني :
"لا شيء" .
والحديث ؛ أورده المنذري في "الترغيب" (1/ 165) من رواية البيهقي عن الحسن بن علي نحوه . وقال في آخره :
"وأخذ الحسن بجلده فمده . رواه البيهقي" ؛ وصدره بقوله : "روي" ؛ مشيراً به إلى ضعفه .

(65/1)


5060 - ( من صلى العشاء في جماعة ، وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد ؛ كان كعدل ليلة القدر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 101 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 22/ 1) : حدثنا محمد ابن الفضل السقطي : حدثنا مهدي بن حفص : حدثنا إسحاق الأزرق عن أبي حنيفة عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن ابن عمر إلا محارب ، ولا عنه إلا أبو حنيفة ؛ تفرد به إسحاق" .
قلت : وهو ابن يوسف الواسطي ؛ وهو ثقة ، وكذلك سائر رجال الإسناد ؛ غير أبي حنيفة رحمه الله ؛ فإن الأئمة قد ضعفوه ، كما تقدم بيان ذلك مبسوطاً بما لا تراه في كتاب تحت الحديث (458) . ولذلك ؛ قال الحافظ العراقي :
"لم يصح" ؛ كما نقله الشوكاني (3/ 16) .
وقد أشار إلى تضعيف أبي حنيفة الحافظ الهيثمي بقوله عقب الحديث :
"رواه الطبراني في "الكبير" ؛ وفيه من ضعف [في] الحديث" .
وكأنه لم يتجرأ على الإفصاح باسمه ؛ اتقاء منه لشر متعصبة الحنيفة في زمانه ، كفانا الله شر التعصب وأهله !!
وسائر رجال الحديث مترجمون في "التهذيب" ؛ غير السقطي ، فترجمته في "تاريخ بغداد" (3/ 153) ؛ قال الخطيب :
"وكان ثقة ، وذكره الدارقطني فقال : "صدوق" . مات سنة ثمان وثمانين ومئتين" .
وروي الحديث بلفظ :
"من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة ، قرأ في الركعتين الأوليين : (قل يا أيها الكافرون) ، و (قل هو الله أحد) ، وفي الأخريين : (تبارك الذي بيده الملك) و (آلم تنزيل) ؛ كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر" .
أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 60 - المكتبة الأثرية) من طريق أبي فروة عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : أبو فروة ؛ اسمه يزيد بن سنان بن يزيد الجزري الرهاوي .
وهو ضعيف ، وتركه النسائي .
ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" .
لكن الحديث قد صح موقوفاً عن جمع من الصحابة ؛ دون قوله : "قبل أن يخرج من المسجد" ؛ فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 72/ 1) ، وابن نصر أيضاً عن عبدالله بن عمرو قال :
من صلى بعد العشاء الآخرة أربع ركعات ؛ كن كعدلهن من ليلة القدر .
قلت : وإسناده صحيح .
ثم أخرج ابن أبي شيبة مثله عن عائشة ، وابن مسعود ، وكعب بن ماتع ، ومجاهد ، وعبدالرحمن بن الأسود موقوفاً عليهم .
والأسانيد إليهم كلهم صحيحة - باستثناء كعب - ، وهي وإن كانت موقوفة ؛ فلها حكم الرفع ؛ لأنها لا تقال بالرأي ؛ كما هو ظاهر .

(66/1)


5061 - ( كان إذا صلى العشاء ؛ ركع أربع ركعات ، وأوتر بسجدة ، ثم نام حتى يصلي - بعد - صلاته بالليل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 103 :
$منكر$
أخرجه أحمد (4/ 4) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 203-204) من طريق منصور بن سلمة أبي سلمة الخزاعي : حدثنا عبدالرحمن بن أبي الموالي قال : أخبرني نافع بن ثابت عن عبدالله بن الزبير قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، ورجاله ثقات رجال البخاري ؛ غير نافع بن ثابت ، وهو حفيد عبدالله بن الزبير ، ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 1/ 457) برواية آخرين عنه ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وقال :
"مات في المدينة سنة خمس وخمسين ومئة ، وهو ابن ثلاث وسبعين" .
قلت : فأفاد أن ولادته كانت سنة (82) ، وعليه ؛ فهو لم يدرك جده عبدالله بن الزبير ؛ فإنه مات قبله بثمان سنين ، فهو منقطع ، . وبه أعله الهيثمي فقال (2/ 272) :
"رواه أحمد ، والطبراني في "الكبير" ؛ وفيه نافع بن ثابت ، وثابت : هو ابن عبدالله بن الزبير ، ولم يدركه ، وإنما روى عن أبيه ثابت" .
قلت : والحديث - مع ضعفه وانقطاعه - ؛ فإنه منكر عندي ؛ لأن المعروف من حديث عائشة وابن عباس وغيرهما عن النبي صلي الله عليه وسلم : إنما هو إيتاره بعد صلاة الليل . وفي هذا خلافه ، فهو منكر .

(67/1)


5062 - ( إذا وضعت جنبك على الفراش ، وقرأت فاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد) ؛ فقد أمنت من كل شيء إلا الموت ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 104 :
$ضعيف$
أخرجه البزار من حديث أنس مرفوعاً . وقال المنذري (3/ 139/ 1) :
"ورجاله رجال "الصحيح" ؛ إلا غسان بن عبيد" !
قلت : وكذا قال الهيثمي (10/ 121) ؛ إلا أنه بين حال غسان هذا ؛ فقال :
"وهو ضعيف ، ووثقه ابن حبان" .
وإليه أشار الحافظ ابن حجر بقوله في "بذل الماعون في فضل الطاعون" (ق 36/ 1) :
"وفي مسنده راو ضعيف" .

(68/1)


5063 - ( من بات ليلة في خفة من الطعام والشراب يصلي ؛ تدالت حوله الحور العين حتى يصبح ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 105 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 139/ 1) عن أصرم بن حوشب : أخبرنا عبدالله بن إبراهيم عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد موضوع ؛ مسلسل بالضعفاء والمتروكين :
أولاً : عباد بن منصور ؛ قال الحافظ :
"صدوق ، رمي بالقدر ، وكان يدلس ، وتغير بأخرة" .
ثانياً : عبدالله بن إبراهيم ؛ الظاهر أنه أبو محمد الغفاري المدني ، وهو متروك ، ونسبه ابن حبان إلى الوضع ؛ كما في "التقريب" .
قلت : وقال الحاكم :
"روى عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة لا يرويها غيره" .
ثالثاً : أصرم بن حوشب ؛ قال يحيى :
"كذاب خبيث" . وقال البخاري ومسلم والنسائي وأبو حاتم :
"متروك الحديث" . وقال ابن حبان :
"كان يضع الحديث" . وقال الحاكم والنقاش :
"يروي الموضوعات" .
قلت : إن سلم من شيخه ؛ فهو آفة هذا الحديث ، وبه أعله الهيثمي (2/ 255) ، وقال :
"وهو متروك" .
وأشار المنذري (1/ 219) إلى تضعيف الحديث ، ولو أنه حذفه من كتابه لأصاب .

(69/1)


5064 - ( ما خيب الله امرأ قام في جوف الليل ، فافتتح سورة البقرة وآل عمران ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 106 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 61/ 2) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 129-130) عن بشر بن يحيى المروزي : حدثنا فضيل بن عياض عن ليث بن أبي سليم عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود مرفوعاً . وقالا :
"لم يروه عن الشعبي إلا ليث ، ولا عنه إلا فضيل ، تفرد به بشر" .
قلت : وهو مجهول الحال ؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 370) :
"سمع منه أبي بالري وهو حاج ، وسمعته يقول : كان صاحب رأي" .
وليث بن أبي سليم ضعيف ، كما تقدم مراراً . وبه أعله الهيثمي فقال (2/ 254) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه ليث بن أبي سليم ، وفيه كلام ، وهو ثقة مدلس" !
أقول : ووصفه إياه بأنه ثقة مدلس وهم ظاهر مزدوج ؛ فإن أحداً من الأئمة لم يطلق عليه أنه ثقة ، ولا وصفه أحد بالتدليس ، بل هو مجمع على تضعيفه ؛ لولا ما روى أبو داود قال : سألت يحيى عن ليث ؛ فقال :
"لا بأس به" ! وهو مخالف لما رواه غيره عن ابن معين من التضعيف ، وهو المعتمد ؛ لموافقته لسائر أقوال الأئمة المضعفة له .
ومن الوهم أيضاً ؛ قول المنذري (1/ 219) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ؛ وفي إسناده بقية" !
فإن بقية لا علاقة له بهذا الحديث ألبتة .

(70/1)


5065 - ( إن في الجنة باباً يقال له : الضحى ، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين كانوا يديمون على صلاة الضحى ؟ هذا بابكم ، فادخلوه برحمة الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 107 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 59/ 1) من طريق سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن يحيى إلا سليمان" .
قلت : وهو متروك ؛ كما قال الهيثمي (2/ 239) .
والحديث ؛ أشار المنذري إلى تضعيفه (1/ 237) !

(71/1)


5066 - ( ألا أهب لك ؟! ألا أبشرك ؟! ألا أمنحك ؟! ألا أتحفك ؟! قال : نعم يا رسول الله ! قال : تصلي أربع ركعات ، تقرأ في كل ركعة بـ (الحمد) وسورة ، ثم تقول بعد القراءة - وأنت قائم قبل الركوع - :
سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، خمس عشرة مرة ، ثم تركع ، فتقولهن عشراً تمام هذه الركعة قبل أن تبتدىء بالركعة الثانية ، تفعل في الثلاث ركعات كما وصفت لك ؛ حتى تتم أربع ركعات ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 108 :
$موضوع بهذا السياق$
أخرجه الحاكم (1/ 319) : حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ - إملاء من أصل كتابه - : حدثنا أحمد بن داود بن عبدالغفار - بمصر - : حدثنا إسحاق بن كامل : حدثنا إدريس بن يحيى عن حيوة بن شريح عن يزيد ابن أبي حبيب عن نافع عن ابن عمر قال :
وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة ، فلما قدم اعتنقه وقبل بين عينيه ، ثم قال : ... فذكره . وقال :
"هذا إسناد صحيح لا غبار عليه" !!
كذا قال ! ووافقه الذهبي ! وهذا عجيب ؛ فإن أحمد بن داود هذا أورده الذهبي نفسه في "الميزان" وقال :
"كذبه الدارقطني وغيره ، ومن أكاذيبه ..." . ثم ساق له حديثين موضوعين غير هذا . وقال ابن حبان وابن طاهر :
"كان يضع الحديث" !
ولذلك ؛ تعقب الحاكم المنذري بقوله في "الترغيب" (1/ 238) :
"وشيخه أحمد بن داود بن عبدالغفار أبو صالح الحراني ثم المصري ؛ تكلم فيه غير واحد من الأئمة ، وكذبه الدارقطني" .
قلت : وقوله : "وشيخه أحمد ..." وهم ؛ كما نبه عليه الحافظ الناجي ، وحكيته عنه في "التعليق الرغيب" ؛ فإنما هو شيخ شيخه أبي علي الحافظ ؛ كما تقدم .
والحديث قد روي عن جمع من الصحابة ؛ أشهرهم ابن عباس ، وأبو رافع ، وابن عمرو ، بأتم من هذا ، وليس فيها : "ولا قوة إلا بالله" ، فهي زيادة منكرة .
وفيها : أن في كل ركعة خمساً وسبعين تسبيحة وتحميدة وتهليلة وتكبيرة ، خلافاً لهذا ، ففيه خمس وعشرون فقط ؛ وقد خرجت الأحاديث المشار إليها في "صحيح أبي داود" (1173،1174) .
وفيها أيضاً : أن المخاطب بهذا الحديث إنما هو العباس بن عبدالمطلب عم النبي صلي الله عليه وسلم . نعم ؛ في رواية لأبي داود (1175) من طريق عروة بن رويم : حدثني الأنصاري : أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لجعفر ... بهذا الحديث ، فذكر نحوه ؛ أي : نحو حديث ابن عمرو الذي في "السنن" قبله . وفي سنده جهالة كما بينته في "صحيح أبي داود" (1175) .
فإذا ثبت هذا ؛ ففيه دليل على أنه صلي الله عليه وسلم خاطب جعفراً بمثل ما خاطب به عمه العباس . والله أعلم .
ونحو حديث الترجمة في النكارة : ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 64/ 1) من طريق موسى بن جعفر بن أبي كثير عن عبدالقدوس بن حبيب عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال له :
"يا غلام ! ألا أحبوك ؟! ألا أنحلك ؟! ألا أعطيك ؟!" . قال : قلت : بلى - بأبي أنت وأمي - يا رسول الله ! قال : فظننت أنه سيقطع لي قطعة من مال ، فقال :
"أربع ركعات تصليهن ..." فذكره مثل حديث أبي رافع وغيره ؛ لكنه زاد في آخره :
"فإذا فرغت ؛ قلت بعد التشهد وقبل التسليم : اللهم ! إني أسألك توفيق أهل الهدى ، وأعمال أهل اليقين ..." إلخ الدعاء ، وفي آخره :
"فإذا فعلت ذلك يا ابن عباس ! غفر الله لك ذنوبك ؛ صغيرها وكبيرها ، وقديمها وحديثها ، وسرها وعلانيتها ، وعمدها وخطأها" .
قلت : وإسناده ضعيف جداً ؛ عبدالقدوس بن حبيب متروك متهم بالوضع .
وموسى بن جعفر : هو الأنصاري ، لا يعرف ؛ كما قال الذهبي ، وأقره الحافظ .
وأعله الهيثمي (2/ 282) بابن حبيب ، فقال :
"وهو متروك" .
ثم أخرجه الطبراني من طريق يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن جحادة عن أبي الجوزاء قال :
قال لي ابن عباس : يا أبا الجوزاء ! ألا أحبوك ؟! ألا أتحفك ؟! ألا أعطيك ؟! قلت : بلى . فقال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"من صلى أربع ركعات ..." فذكر نحوه ، وزاد فيه :
"من صلاهن ؛ غفر له كل ذنب كان أو هو كائن" . وقال الطبراني :
"لم يروه عن محمد بن جحادة إلا يحيى" .
قلت : وهو ضعيف جداً . بل قال ابن أبي حاتم :
"يفتعل الحديث" . وقال ابن معين :
"كذاب خبيث عدو الله" . وقول الهيثمي فيه :
"وهو ضعيف" !
فيه تساهل كبير .

(72/1)


5067 - ( إن يوم الجمعة وليلة الجمعة أربع وعشرون ساعة ؛ ليس فيها ساعة إلا ولله فيها ست مئة عتيق من النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 111 :
$ضعيف جداً$
أخرجه أبو يعلى (2/ 882) من طريق عوام البصري عن عبدالواحد بن زيد عن ثابت عن أنس مرفوعاً . قال :
ثم خرجنا من عنده فدخلنا على الحسن ، فذكرنا له حديث ثابت ، فقال : سمعته ، وزاد فيه :
"كلهم قد استوجب النار" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته عبدالواحد بن زيد - وهو البصري الزاهد - ؛ قال البخاري :
"عبدالواحد صاحب الحسن ؛ تركوه" .
وعوام البصري ؛ أظنه الذي في "الجرح والتعديل" (3/ 2/ 23) :
"عوام بن المقطع ؛ رجل من كلب ، يعد في البصريين ، سمع أباه ، روى عنه بكر بن معبد ، سمعت أبي يقول ذلك : ويقول : هما مجهولان" .
واعلم أنه وقع في نسختنا من "أبي يعلى" تحريف في بعض الرواة الذين تحت عوام البصري ، وصورته هكذا : حدثنا عبدالله بن عبدالصمد ثابت (!) عبدالصمد بن علي عن عوام البصري ...
وعبدالله بن عبدالصمد شيخ أبي يعلى : هو عبدالله بن عبدالصمد بن أبي خداش - واسمه علي الموصلي الأسدي - ، وهو ثقة مات سنة (255) ، وقد روى عن جمع منهم أبوه ، وعليه ؛ فمن المحتمل احتمالاً قوياً أن قوله في النسخة : "ثابت" محرف ، وصوابه : "حدثنا أبي" أو نحوه . ويؤيده قول الهيثمي (2/ 165) :
"رواه أبو يعلى من رواية عبدالصمد بن أبي خداش عن أم (!) عوام البصري ، ولم أجد من ترجمها" !!
وعبدالصمد بن أبي خداش : هو والد عبدالله بن عبدالصمد كما علمت ، ولم أجد له ترجمة .
وأم عوام ؛ كذا وقع في "المجمع" ! وأظن أن أداة الكنية (أم) مقحمة من بعض النساخ . والله أعلم .
ثم إن الهيثمي ذهل عن العلة القادحة فيمن فوق من لم يعرفها ؛ وهو عبدالواحد بن زيد المتروك !
وأشار المنذري (1/ 250) إلى تضعيف الحديث ، وقال :
"ورواه البيهقي باختصار ، ولفظه : "لله في كل جمعة ست مئة ألف عتيق من النار" ..." .

(73/1)


5068 - ( الزكاة قنطرة الإسلام ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 113 :
$ضعيف$
أخرجه ابن شاهين في (الخامس) من "الأفراد" (ق 34/ 2) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 84/ 2) وابن عدي في "الكامل" (204/ 1) ، والقضاعي في "مسند شهاب" (ق 17/ 2) ، وعبدالغني المقدسي في "السنن" من طريق الطبراني ؛ كلهم عن بقية بن الوليد عن الضحاك بن حمرة عن حطان بن عبدالله الرقاشي عن أبي الدرداء مرفوعاً . وقال ابن شاهين :
"حديث غريب ، لا أعلم حدث به عن الضحاك بن حمرة إلا بقية" . ونحوه قول الطبراني :
"لا يروى عن أبي الدرداء إلا بهذا الإسناد ، تفرد به بقية" .
قلت : وهو ثقة ؛ ولكنه مدلس وقد عنعنه .
لكن شيخه الضحاك بن حمرة - بضم المهملة - ضعيف ؛ كما جزم به في "التقريب" ؛ فإعلاله به أولى ، وفيه توثيق لين ؛ أشار إليه الهيثمي بقوله (3/ 62) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، و "الأوسط" ، ورجاله موثقون ؛ إلا أن بقية مدلس ، وهو ثقة" .
وأما قول المنذري (1/ 263) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، و "الكبير" ، وفيه ابن لهيعة ، والبيهقي ؛ وفيه بقية بن الوليد" !
ففيه ما هو مخالف لحال إسناده عند جميع مخرجيه ، فلعل قوله : "وفيه ابن لهيعة" مقحم من بعض النساخ ؛ فإنه لا ذكر لابن لهيعة عند أحدهم ، لا سيما وقد صرحوا بأن بقية تفرد به .
والحديث ؛ قال الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على "تفسير البيضاوي" (ق 19/ 2) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، والبيهقي في "شعب الإيمان" مرفوعاً ، وسنده ضعيف" .
ثم رأيت الحافظ ابن حجر أعله في أول كتابه "تخريج أحاديث الكشاف" بابن حمرة ؛ وجزم بضعفه .

(74/1)


5069 - ( ما خالطت الصدقة - أو قال : الزكاة - مالاً ؛ إلا أفسدته ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 114 :
$ضعيف$
أخرجه البزار (ص 94 - زوائده) عن عثمان بن عبدالرحمن الجمحي : حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات رجال مسلم ؛ غير الجمحي هذا ، وهو متفق على تضعيفه ، ولذلك ؛ قال الهيثمي في "زوائد البزار" - أو الحافظ - :
"قلت : إسناده لين" .
قلت : وأشار إلى ذلك المنذري في "الترغيب" (1/ 270) .
وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 64) :
"رواه البزار ، وفيه عثمان بن عبدالرحمن الجمحي ؛ قال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به" .
قلت : وقد انكشفت لي علة أخرى ، وهي أن أحد رواته أخطأ في اسم الجمحي هذا ، وإنما هو محمد بن عثمان ، فقال الحميدي : حدثنا محمد بن عثمان ابن صفوان الجمحي قال : حدثنا هشام بن عروة به .
وكذلك رواه جمع ؛ منهم الإمام أحمد كما في "شعب البيهقي" (22 باب ق 184/ 1) ؛ وابن عدي ، وقال :
"ومحمد بن عثمان يعرف بهذا الحديث ، ولا أعلم أنه رواه عن هشام بن عروة غيره" .
قلت : فإذا كان تفرد به محمد بن عثمان عن هشام ؛ فمن رواه عن عثمان بن عبدالرحمن فقد وهم ، وأظنه من مخرجه البزار نفسه ؛ فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه كما هو معلوم ؛ وقد خرجت رواية الحميدي وغيره في "تخريج أحاديث مشكلة الفقر" (رقم 63) .

(75/1)


5070 - ( ظهرت لهم الصلاة فقبلوها ، وخفيت لهم الزكاة فأكلوها ، أولئك هم المنافقون ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 116 :
$موضوع$
أخرجه البزار (ص 94) : حدثنا قتيبة : حدثنا عبدالله - هو ابن إبراهيم الغفاري - : حدثنا عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً . وقال :
"لم يتابع عليه عبدالله بن إبراهيم ، وهو ضعيف" !
قلت : كذا قال ! وتبعه الهيثمي فقال (3/ 64) أيضاً :
"وهو ضعيف" !
قلت : وهو شر من ذلك بكثير ؛ فقد اتهمه ابن حبان وغيره بوضع الحديث ، كما تقدم مراراً تحت أحاديث كثيرة منها الحديث (92) .
ونحوه شيخه عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ، فانظر الحديث (25،333) .

(76/1)


5071 - ( إن في النار حجراً يقال له : (ويل) ؛ يصعد عليه العرفاء وينزلون فيه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 116 :
$ضعيف$
أخرجه البزار في "مسنده" (ص 96 - زوائده) من طريق أسد ابن موسى : حدثنا خالد بن سليمان الزيات - رجل من أهل العراق - : حدثنا هاشم ابن موسى : حدثنا بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه مرفوعاً . وقال :
"لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن سعد" . وقال الحافظ العسقلاني :
"إسناده ضعيف" .
قلت : وهو كما قال ؛ فإن هاشم بن موسى وخالد بن سليمان ؛ لم أر من ترجمهما . ولذلك ؛ أشار المنذري (1/ 280) إلى تضعيف الحديث . وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 89) :
"رواه أبو يعلى ، وفيه جماعة لم أجد من ذكرهم" !
وعزوه إياه لأبي يعلى سبق قلم ، أو سهو من الناسخ ؛ فليس الحديث في "مسند أبي يعلى" ، ولم يعزه المنذري إلا للبزار .

(77/1)


5072 - ( طوبى له إن لم يكن عريفاً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 117 :
$ضعيف جداً$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 982) : حدثنا محمد : أخبرنا مبارك : أخبرنا عبدالعزيز عن أنس :
أن النبي صلي الله عليه وسلم مرت به جنازة ، فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير مبارك - وهو ابن سحيم البصري مولى عبدالعزيز بن صهيب - ، وهو متروك بإجماعهم .
والظاهر أنه التبس على المنذري بغيره ، فقال (1/ 280) :
"رواه أبو يعلى ، وإسناده حسن إن شاء الله تعالى" !
وكذا التبس أمره على الهيثمي فقال (3/ 89) :
"رواه أبو يعلى عن محمد ؛ ولم ينسبه فلم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات" !
قلت : وكأنهما ظنا أنه مبارك بن حسان السلمي ، أو مبارك بن فضالة مولى زيد بن الخطاب ، وكلاهما بصري من هذه الطبقة ، يرويان عن الحسن البصري وغيره ! وليس كذلك ؛ فقد نسبه أبو يعلى في حديث قبل هذا الحديث فقال : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي : أخبرنا مبارك مولى عبدالعزيز بن صهيب : أخبرنا عبدالعزيز : أخبرنا أنس ... ثم ساق بهذا الإسناد حديثاً ثانياً ، ونسب فيه شيخه محمداً كما نسبه في الأول . ثم ساق به هذا الحديث الثالث ، ولكنه لم ينسبه كما رأيت ، وهو هو كما هي عادة أصحاب "المسانيد" ؛ مما هو معروف عند العارفين بهذا العلم الشريف ، فلا أدري كيف لم يتنبه الهيثمي لذلك ، كما لم يتنبه هو والمنذري لكون المبارك في إسناد هذا الحديث هو مولى عبدالعزيز الذي في الإسناد الأول !

(78/1)


5073 - ( ما الذي يعطي من سعة بأعظم أجراً من الذي يقبل من حاجة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 118 :
$ضعيف$
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 245) عن يوسف بن أسباط عن عائذ بن شريح عن أنس بن مالك مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ عائذ هذا ؛ قال أبو حاتم :
"في حديثه ضعف" . وقال ابن طاهر :
"ليس بشيء" .
ويوسف بن أسباط ؛ ضعيف أيضاً .
والحديث ؛ قال الهيثمي (3/ 101) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه عائذ بن شريح ؛ وهو ضعيف" .
وذكره بنحوه من حديث ابن عمر ، وقال :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه مصعب بن سعيد ، وهو ضعيف" .
قلت : هو أبو خيثمة المصيصي ؛ قال ابن عدي :
"يحدث عن الثقات بالمناكير ، والضعف على رواياته بين" .
قلت : وساق له الذهبي أحاديث منها ، ثم قال :
"قلت : ما هذه إلا مناكير وبلايا" .

(79/1)


5074 - ( ما نقصت صدقة من مال قط ، وما مد عبد يده بصدقة ؛ إلا ألقيت في يد الله قبل أن تقع في يد السائل ، ولا فتح عبد باب مسألة له عنها غنى ؛ إلا فتح الله عليه باب فقر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 119 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 149/ 2) : حدثنا محمد بن أبان الأصبهاني : أخبرنا الحسين بن محمد بن شيبة الواسطي : أخبرنا يزيد بن هارون : أنبأنا شريك عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس رفعه قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم ثقات معروفون ؛ غير يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم - ؛ قال الحافظ :
"ضعيف ، كبر فتغير ، وصار يتلقن" .
ومثله شريك - وهو ابن عبدالله القاضي - ، قال الحافظ :
"صدوق ، يخطىء كثيراً ، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ، وكان عادلاً فاضلاً عابداً شديداً على أهل البدع" .
فهو أو شيخه علة الحديث . وأما قول الهيثمي (3/ 110) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه من لم أعرفه" !!
قلت : فلا أدري وجهه ؛ فكلهم من رجال "التهذيب" ؛ غير محمد بن أبان الأصبهاني ؛ فلعله الذي عناه بقوله : "لم أعرفه" ؛ وحق له ذلك ؛ فإن ترجمته عزيزة ؛ فقد ترجمه أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" ، ثم أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 224) ، وهو ثقة كثير الحديث ؛ مات سنة ثنتين - وقال أبو نعيم : ثلاث - وتسعين ومئتين .
والحديث ؛ أشار المنذري (2/ 20) إلى تضعيفه .
ثم إنني إنما خرجته من أجل الجملة الوسطى منه ، وإلا ؛ فسائره ثابت في أحاديث صحيحة : فالجملة الأولى في حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ :
"ما نقصت صدقة من مال ..." الحديث ، وهو مخرج في "الصحيحة" (2328) ، و "الإرواء" (2200) .
والجملة الأخيرة ؛ جاءت في حديث لابن عباس ، قواه المنذري في "الترغيب" (2/ 3) .
وله شاهد من حديث أبي هريرة خرجته هناك برقم (2231،2543) .

(80/1)


5075 - ( من صام الأيام في الحج ، ولم يجد هدياً إذا استمتع ؛ فهو ما بين إحرام أحدكم إلى يوم عرفة ؛ فهو آخرهن ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 121 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 194/ 2) : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة : حدثنا أبي عن أبيه : حدثني النعمان بن المنذر قال : زعم سالم بن عبدالله عن أبيه ، وزعم عن عائشة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أحمد هذا - وهو البتلهي الدمشقي - ؛ قال الذهبي :
"عن أبيه ، له مناكير ، قال أحمد الحاكم : فيه نظر ، وحدث عنه أبو الجهم الشعراني ببواطيل" ؛ ثم ساق له حديثين باطلين .
قلت : وقد غمز منه ابن حبان كما يأتي قريباً .
وقال أبو عوانة في "صحيحه" - بعد أن روى عنه - :
"سألني أبو حاتم : ما كتبت بالشام - قدمتي الثالثة - ؟ فأخبرته بكتبي مئة حديث لأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ، كلها عن أبيه . فساءه ذلك ؛ وقال : سمعت أن أحمد يقول : لم أسمع من أبي شيئاً . فقلت : لا يقول : حدثني أبي ، وإنما يقول : عن أبيه إجازة" .
أقول : قد قال في هذا الحديث : "حدثني أبي" ، وكذلك قال في حديثين آخرين قبله في "المعجم الكبير" ؛ فهذا قد يدل على كذبه ؛ لأن الإمام الطبراني حافظ ثقة ، وقد صرح عنه بالتحديث ، ولا ينافيه قول الإسفراييني : "إنما كان يقول : عن أبيه إجازة" ؛ فإنه يروي ما وقع له - وهو حافظ ثقة أيضاً - ؛ فالظاهر أنه كان يحدث تارة هكذا ، وتارة هكذا ! ولعل تصريحه بالتحديث لم يكن كذباً مقصوداً منه ؛ فقد قال أبو أحمد الحاكم :
"الغالب علي أنني سمعت أبا الجهم - وسألته عن حال بن محمد - ؛ فقال : قد كان كبر ؛ فكان يلقن ما ليس من حديثه فيتلقن" .
أي : أنه اختلط في آخره ؛ فلعله في هذه الحالة صرح بالتحديث . والله أعلم .
وأبوه محمد بن يحيى بن حمزة ؛ قال ابن حبان :
"هو ثقة في نفسه ، يتقى من حديثه ما رواه عنه أحمد بن محمد بن يحيى ابن حمزة وأخوه عبيد ؛ فإنهما كانا يدخلان عليه كل شيء" .
قال الحافظ في "اللسان" عقبه :
"قلت : وقد تقدم في ترجمة أحمد أن محمداً هذا كان قد اختلط" !
قلت : وهذا وهم من الحافظ رحمه الله ! فالذي اختلط إنما هو أحمد كما رأيت .
ومثل هذا ؛ قول الهيثمي في تخريجه لهذا الحديث في "المجمع" (3/ 237) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه حمزة بن واقد ، ولم أجد من ترجمه" !
قلت : ليس له ذكر في رواة الحديث ، ولا علاقة له بهذا الحديث ، وإنما هو من رواية ابنه يحيى بن حمزة : حدثني النعمان ؛ فإنه من رواية أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة : حدثني أبي (يعني : محمد بن يحيى بن حمزة) عن أبيه (يعني : يحيى بن حمزة) : حدثني النعمان بن المنذر ...
وليحيى بن حمزة حديث آخر ، يرويه عن النعمان بن المنذر : عند الطبراني في "معجمه" (3/ 201/ 2) .
فالحديث حديثه وليس حديث أبيه .

(81/1)


5076 - ( أحذركم الدجالين الثلاث . فقال ابن مسعود : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! قد أخبرتنا عن الدجال الأعور ، وعن أكذب الكذابين ؛ فمن الثالث ؟ فقال : رجل يخرج في قوم ؛ أولهم مثبور ، وآخرهم مثبور ، عليهم اللعنة دائبة في فتنة الجارفة ، وهو الدجال الأليس ؛ يأكل عباد الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 123 :
$منكر بمرة$
أخرجه الحاكم (4/ 513) عن صالح بن عمر بن شعيب قال : سمعت جدي شعيب بن عمر الأزرق قال :
حججنا فمررنا بطريق المنكدر ، وكان الناس إذ ذاك يأخذون فيه ، فضللنا الطريق ، قال : فبينا نحن كذلك ؛ إذ نحن بأعرابي كأنما نبع علينا من الأرض ، فقال : يا شيخ ! تدري أين أنت ؟ قلت : لا . قال : أنت بالربائب ، وهذا التل الأبيض الذي تراه عظام بكر بن وائل وتغلب ، وهذا قبر كليب وأخيه مهلهل . قال : فدلنا على الطريق ، ثم قال : ها هنا رجل له من النبي صلي الله عليه وسلم صحبة ، هل لكم فيه ؟ قال : فقلت : نعم ، قال : فذهب بنا إلى شيخ معصوب الحاجبين بعصابة في قبة أدم . فقلنا له : من أنت ؟ قال : أنا العداء بن خالد ، فارس الصحبا (!) في الجاهلية ، قال : فقلنا له : حدثنا رحمك الله عن النبي صلي الله عليه وسلم بحديث ؟ قال : كنا عند النبي صلي الله عليه وسلم ؛ إذ قام قومة له كأنه مفزع ، ثم رجع ؛ فقال : ... فذكره . وقال :
"قال محمد : وهو أبعد الناس من شيبة" . وقال الحاكم :
"رواه الإمام ابن خزيمة ولم يضعفه" !
وتعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : شعيب مجهول ، والحديث منكر بمرة" .
قلت : أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 350) ، وقال :
"روى عن جدته أم صالح عن عائشة ، روى عنه معلى بن أسد" .
وكذا في "تاريخ البخاري" (2/ 2/ 224) ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
قلت : ومن العجائب أن الذهبي - مع حكمه عليه بالجهالة هنا في "التلخيص" - لم يورده في "الميزان" مطلقاً ، ولم يستدركه عليه الحافظ في "اللسان" !!
ومثله صالح بن عمر بن شعيب لم يورداه أيضاً ، لا هما ولا اللذان قلبهما .
والحديث ؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (7/ 334) مع اختلاف في بعض الأحرف ؛ وقال :
"رواه الطبراني ، وفيه جماعة لم أعرفهم" .

(82/1)


5077 - ( أظل الله عبداً - في ظله يوم لا ظل إلا ظله - أنظر معسراً ، أو ترك لغارم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 124 :
$ضعيف جداً$
أخرجه عبدالله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/ 73) عن العباس بن الفضل الأنصاري عن هشام بن زياد القرشي عن أبيه عن محجن مولى عثمان عن عثمان مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً مسلسل بالعلل :
الأولى : محجن مولى عثمان ؛ قال الذهبي :
"قال البخاري : لم يصح حديثه" . وتبعه ابن عدي .
قلت : وهو في عداد المجهولين ، وإن أورده ابن حبان في "الثقات" ، وقال :
"روى عنه أهل المدينة" ! فقد تعقبه الحافظ بقوله في "التعجيل" (ص 395) :
"قلت : الراوي عنه ضعيف ، ولم يذكروا عنه راوياً غيره" .
الثانية : زياد القرشي ؛ قال أبو حاتم :
"حديثه ليس بالمرضي" . قال الحافظ في "التعجيل" (ص 141-142) :
"قلت : أظنه والد أبي المقدام هشام بن زياد ، وقد لينه البخاري . وقال العقيلي : ليس بالمرضي . وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال : ابنه ضعيف" .
الثالثة : ابنه هشام بن زياد القرشي - وهو أبو المقدام المدني - ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"متروك" .
الرابعة : العباس بن الفضل الأنصاري ؛ قال الحافظ :
"متروك ، واتهمه أبو زرعة" .
قلت : ونحوه قول أحمد - فيما رواه ابنه عبدالله - قال :
"لم يسمع منه أبي ، ونهاني أن أكتب عن رجل عنه" .
قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله تعالى - :
"فالعجب لعبدالله أن يخرج حديثه في "زيادات المسند" بعد نهي أبيه" .
قلت : لعله نسي !

(83/1)


5078 - ( اذهب بضعفائنا ونسائنا ؛ فليصلوا الصبح بمنى ؛ وليرموا جمرة العقبة قبل أن يصيبهم دفعة الناس ؛ قاله للعباس ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 126 :
$منكر$
أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 412) عن إسماعيل بن عبدالملك بن أبي الصفير عن عطاء قال : أخبرني ابن عباس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال للعباس ليلة المزدلفة : ... فذكره . قال :
فكان عطاء يفعله بعدما كبر وضعف .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علته ابن أبي الصفير هذا ، أورده ابن حبان في "المجروحين" (1/ 110) ، وقال :
"تركه ابن مهدي ، وضعفه ابن معين ، سيىء الحفظ ، رديء العزم ، يقلب ما يروي" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق كثير الوهم" .
قلت : ومع ذلك سكت الحافظ في "الفتح" (3/ 415) على هذا الحديث مع ما فيه من الضعف الظاهر ، فدل هذا وأمثاله على أنه ينبغي أن ينظر إلى ما سكت عنه فيه بتحفظ ، ولا يبادر إلى القول بتحسينه ؛ كما اشتهر عنه ؛ أن ما سكت عليه في "الفتح" فهو حسن ؛ فتأمل !
ومثل هذا الحديث في النكارة : ما رواه شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال :
كنت فيمن بعث به النبي صلي الله عليه وسلم يوم النحر ، فرمينا الجمرة مع الفجر .
أخرجه الطحاوي أيضاً .
قلت : وشعبة هذا ؛ قال فيه الحافظ :
"صدوق سيىء الحفظ" . وقال ابن حبان (1/ 357) :
"يروي عن ابن عباس ما لا أصل له ، كأنه ابن عباس آخر ، قال مالك : لم يكن بثقة" .
قلت : ومما يدل على نكارة هذين الحديثين : أن المحفوظ عن ابن عباس من طرق عنه : أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لغلمان عبدالمطلب :
"لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس" .
وهو حديث صحيح ، وقد حسنه الحافظ ، وقد خرجته في "الإرواء" (1076) .
على أن حديث الترجمة ليس صريحاً في الرمي قبل طلوع الشمس كما هو ظاهر ، وبنحوه أجاب عنه الطحاوي فراجعه .

(84/1)


5079 - ( من كذب على والديه أو علي ؛ لم يرح رائحة الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 128 :
$منكر$
أخرجه البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 314) عن إسماعيل بن عياش : حدثنا عبدالرحمن بن عبدالله بن محيريز عن أبيه عن أوس بن أوس رضي الله عنه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أورده في ترجمة عبدالرحمن هذا - وهو الجمحي القرشي - ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، ويظهر أنه مجهول ؛ فإن أباه عبدالله ابن محيريز - مع ثقته وفضله - لم يذكروا ابنه هذا في الرواة عنه ! وهو مكي نزل الشام وسكن بيت المقدس ؛ ولا وجدت أحداً غير البخاري ذكر عبدالرحمن هذا .
وإسماعيل بن عياش ثقة في الشاميين ، ولعل روايته لهذا الحديث من هذا القبيل . والله أعلم .
والحديث ؛ أخرجه ابن عساكر أيضاً في "تاريخ دمشق" (10/ 15/ 2) من الوجه المذكور بلفظ :
"... على نبيه أو على عينيه أو على والديه ..." والباقي مثله .

(85/1)


5080 - ( من كذب علي ؛ وقي الشفاعة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 128 :
$منكر$
أخرجه البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 371) من طريق معرف ابن واصل : حدثنا يعقوب بن أبي سارة عن عبدالرحمن عن أنس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أورده في ترجمة عبدالرحمن هذا ، ولم ينسبه ؛ مما يشعر أنه مجهول .
وفي "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 305-306) رواة آخرون بهذا الاسم ؛ لم ينسبوا ، رووا كلهم عن أنس فيهم موثق .
ويعقوب بن أبي سارة لم أعرفه . وفي شيوخ معرف بن واصل من "التهذيب" (10/ 229) : يعقوب بن أبي نباتة ، ولم أعرفه أيضاً .

(86/1)


5081 - ( أعطيت أمتي في شهر رمضان خمساً ، لم يعطهن نبي قبلي :
أما واحدة ؛ فإذا كان أول ليلة من شهر رمضان ؛ نظر الله إليهم ، ومن نظر الله إليه ؛ لم يعذبه أبداً .
وأما الثانية ؛ فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك .
وأما الثالثة ؛ فإن الملائكة تستغفر لهم في ليلهم ونهارهم .
وأما الرابعة ؛ فإن الله يأمر جنته : أن استعدي وتزيني لعبادي ، فيوشك أن يذهب عنهم نصب الدنيا وأذاها ، ويصيرون إلى رحمتي وكرامتي .
وأما الخامسة ؛ فإذا كان آخر ليلة ؛ غفر الله لهم جميعاً .
فقال قائل : هي ليلة القدر يا رسول الله ؟ قال : لا ، ألم تر إلى العمال إذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم ؟! ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 129 :
$ضعيف$
أخرجه الحسن بن سفيان في "الأربعين" (ق 70/ 1) ، وكذا عبدالخالق الشحامي في "أربعينه" (ق 31/ 2) ، وابن عساكر في "فضل رمضان" (ق 3/ 1) ، والواحدي في "الوسيط" (1/ 65/ 1) عن الهيثم بن أبي الحواري عن زيد العمي عن أبي نضرة عن جابر بن عبدالله مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ زيد العمي - وهو ابن الحواري أبو الحواري ، العمي - ضعيف ؛ كما قال الحافظ في "التقريب" . وقال ابن عدي :
"عامة ما يرويه ضعيف ، على أن شعبة قد روى عنه ، ولعل شعبة لم يرو عن أضعف منه" . واتهمه ابن حبان ، فقال :
"يروي عن أنس أشياء موضوعة لا أصول لها ، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها ، وكان يحيى يمرض القول فيه ، وهو عندي لا يجوز الاحتجاج بخبره ، ولا أكتبه إلا للاعتبار" .
قلت : والهيثم بن أبي الحواري ؛ لم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال التي عندي .
والحديث ؛ قال المنذري (2/ 65-66) :
"رواه البيهقي ، وإسناده مقارب ، أصلح مما قبله" !
قلت : ويشير إلى ما ذكره من رواية أحمد ، والبزار ، والبيهقي ، وأبي الشيخ في "كتاب الثواب" عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه ؛ ولم يذكر الخصلة الأولى ، وذكر بديلها :
"وتصفد فيه مردة الشياطين ، فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره" .
قلت : وأشار المنذري إلى تضعيفه بتصديره إياه بقوله : "روي" .
وعلته : أنه من رواية هشام بن أبي هشام عن محمد بن الأسود عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة .
هكذا أخرجه أحمد (2/ 292) ، والبزار (963 - كشف) ، وكذا ابن نصر في "قيام الليل" (ص 187 - هند - المكتبة الأثرية) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 142) ، والباطرقاني في "أماليه" (رقم 8 - نسختي) ، وأبو نعيم في "حديث محمد بن يونس الكديمي" (ق 27/ 1) ، والمخلص في "الفوائد المنتقاة" (4/ 176) ، والدينوري كما في "المنتقى من المجالسة" (ق 260/ 1-2) ، وابن عساكر في "فضل رمضان" (ق 3/ 1) ، وأبو اليمن ابن عساكر في "أحاديث رمضان" (ق 37/ 1) .
وكتب الحافظ محمد بن عبدالله بن المحب على هامش "فضل رمضان" :
"هو في تاسع "أمالي زرقويه" ، والثالث من "مسند الحارث بن أبي أسامة" ..." .
قلت : هو في "زوائده" (ق 40/ 1) .
وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته هشام هذا - وهو ابن زياد بن أبي يزيد القرشي أبو المقدام - ضعفوه ، واتهمه ابن حبان ، وقال الحافظ :
"متروك" .
ومحمد بن الأسود : هو محمد بن محمد بن الأسود ؛ كذلك وقع عند بعض مخرجي الحديث ، وهو من بني زهرة ، وأمه من ولد سعد ، قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 87) :
"روى عن خاله عامر بن سعد ، روى عنه عبدالله بن عون" .
قلت : فهو عندي مجهول . وقال الحافظ :
"مستور" .

(87/1)


5082 - ( أظلكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله صلي الله عليه وسلم : ما مر بالمؤمنين شهر خير لهم منه ، ولا بالمنافقين شهر شر لهم منه ، إن الله عز وجل ليكتب أجره ونوافله من قبل أن يدخله ، ويكتب إصره وشقاءه من قبل أن يدخله ، وذلك أن المؤمن يعد فيه القوة للعبادة من النفقة ، ويعد المنافق اتباع غفلة الناس واتباع عوراتهم ، فهو غنم للمؤمن ، يغتنمه الفاجر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 132 :
$ضعيف$
أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1884) ، وأحمد (2/ 330،374،524) ، عن كثير بن زيد : حدثني عمرو بن تميم عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال ابن خزيمة :
"عمرو بن تميم ؛ هذا يقال له : مولى بني رمانة ، مدني" !
قلت : كذا وقع : "رمانة" بالراء المهملة . وفي "تاريخ البخاري" (3/ 2/ 318) : "زمانة" ، وكذا في "التعجيل" (ص 305) نقلاً عن البخاري . وقال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 222) :
"مولى بني مازن" .
ولعل الصواب ما في "التاريخ" ؛ وإليه جنح الحافظ .
ثم إن الرجل مجهول ، ونقل الذهبي عن البخاري أنه قال :
"في حديثه نظر" . وفي نقل "التعجيل" عنه :
"فيه نظر" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" !
وأما أبوه تميم ؛ فلم أجد له ترجمة . نعم ؛ في "التعجيل" :
"تميم بن يزيد مولى بني زمعة عن رجل ، له صحبة . وعنه عثمان بن حكيم . مجهول . قلت : أخرج له ابن خزيمة في "صحيحه" حديثاً في فضل رمضان ..." .
قلت : تميم بن يزيد ؛ أورده البخاري ، ثم ابن أبي حاتم ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً . وأستبعد أن يكون هو والد عمرو هذا ؛ لأنهما قد ترجما لعمرو ، فلو كان هو ؛ لذكرا أنه روى عنه ابنه عمرو أيضاً . والله أعلم .
وفي "اللسان" :
"تميم بن عويم الهذلي . روى محمد بن سليمان بن مشمول عن عمرو بن تميم ابن عويم عن أبيه عن جده ... (فذكر حديثاً) قال شيخ شيخنا العلائي : لا أعرف عمراً ولا تميماً ... ومحمد بن سليمان ضعفوه . انتهى .
وفي الرواة : عمرو بن تميم مدني ؛ روى عن أبيه عن أبي هريرة . روى عنه كثير ابن زيد ؛ فإن يكن هو ؛ فقد ارتفعت جهالة عينه" .
والحديث ؛ أورده الهيثمي (3/ 140-141) باختصار من أوله ، ثم قال :
"رواه أحمد ، والطبراني في "الأوسط" عن تميم مولى ابن (كذا) رمانة ، ولم أجد من ترجمه" !

(88/1)


5083 - ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه . ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 134 :
$شاذ بزيادة : "وما تأخر"$
أخرجه النسائي في "الكبرى" (ق 73/ 2 - مخطوطة الظاهرية) : أخبرنا محمد بن عبدالله بن يزيد قال : حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم به .
قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين ؛ غير ابن يزيد هذا - وهو القرشي العدوي مولى آل عمر بن أبي عبدالرحمن المقرىء المكي - ، وهو ثقة بلا خلاف نعلمه ؛ وإنما حكمت على هذه الزيادة بالشذوذ للأسباب الآتية :
أولاً : مخالفة ابن يزيد لكل من روى الحديث من الثقات الحفاظ المشهورين عن سفيان - وهو ابن عيينة - ؛ فإن أحداً منهم لم يأت بها عنه ، وهم جمع :
1- الإمام أحمد ؛ فإنه في "المسند" (2/ 341) : حدثنا سفيان عن الزهري به دون الزيادة . وقال : سمعته أربع مرات من سفيان ، وقال مرة :
"من صام رمضان" .
قلت : يعني : مكان : "من قام رمضان" ؛ وهي رواية كثيرين ممن يأتي ذكره .
2- الإمام الشافعي ؛ قال (رقم 664 - ترتيبه) : حدثنا سفيان بن عيينة به دون الشطر الثاني . ومن طريق الشافعي : أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 121) .
3- الإمام الحميدي ؛ فقال في "مسنده" (950،1007) : حدثنا سفيان به .
4- علي بن المديني ؛ فقال البخاري (1/ 500) : حدثني علي بن عبدالله قال : حدثنا سفيان قال : حفظناه - وأيما حفظ - من الزهري به .
5-6- مخلد بن خالد ، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف ؛ أخرجه عنهما أبو داود ؛ فقال (1372) : حدثنا مخلد بن خالد وابن أبي خلف قالا : حدثنا سفيان بخ .
7- عمرو بن علي الفلاس الحافظ ؛ فقال ابن خزيمة في "صحيحه" (1894) : حدثنا عمرو بن علي : أخبرنا سفيان به دون الشطر الثاني . لكنه أخرج هذا القدر بالإسناد نفسه في مكان آخر برقم (2202) .
8- إسحاق بن راهويه الإمام ؛ قال ابن نصر في "قيام الليل" (ص 181 - الأثرية) : حدثنا إسحاق : أخبرنا سفيان به دون الشطر الأول . وقد أخرجه بتمامه من طريق يحيى عن أبي سلمة ؛ كما يأتي .
وأخرجه النسائي في "الصغرى" (1/ 308) و "الكبرى" (ق 73/ 2) عن إسحاق أيضاً بالشطر الأول دون الثاني .
9- قتيبة بن سعيد ؛ فقال النسائي في "الكبرى" : أخبرنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا سفيان به ؛ إلا أنه قال : "من صام ومضان ..." ، وهكذا هو في "الصغرى" ؛ لكن ليس فيه الشطر الثاني ، وقال فيه : أخبرنا قتيبة ومحمد بن عبدالله بن يزيد قالا : حدثنا سفيان به ؛ إلا أنه قال :
"من صام رمضان - وفي حديث قتيبة : من قام شهر رمضان - ..." والباقي مثله سواء .
وإني لألاحظ فرقاً واختلافاً بيناً بين رواية قتيبة في "الكبرى" و "الصغرى" وبين روايته في "الصغرى" المقرونة مع رواية ابن يزيد ؛ ففي هذه التصريح بأن لفظ حديث قتيبة : "من قام شهر رمضان" ، وفي تلك أنه قال : "من صام رمضان" !
والصواب عندي من هذا الاختلاف هو أن لفظ قتيبة : "من صام ..." لاتفاق "الصغرى" و "الكبرى" عليه من جهة ، ولأن رواية ابن يزيد قد أفردها في "الكبرى" ، وهي بلفظ : "من قام ..." من جهة أخرى ، وهو لفظ حديث الترجمة ، وإنما سبب هذا الوهم أنه جمع رواية ابن قتيبة وابن يزيد في "الصغرى" في سياق واحد ، وأراد أن يبين الفرق بين لفظيهما ؛ وهم ، فأعطى لفظ هذا لهذا ، وبالعكس .
لكن ؛ يشكل على هذا : أن ابن الجارود أخرجه أيضاً في "المنتقى" (404) عن ابن يزيد المقرىء بلفظ قتيبة بن سعيد فقال : حدثنا ابن المقرىء قال : حدثنا سفيان بلفظ : "من صام رمضان ..." الحديث بتمامه !
فلعل ابن يزيد لم يضبط هذا اللفظ ، فكان يرويه تارة هكذا ، وتارة هكذا ، أو أن كلاً من اللفظين صحيح ، فكان يروي هذا تارة ، وهذا تارة . والله أعلم .
وهنا مشكلة أخرى ، وهي أن الحافظ المنذري قال في "الترغيب" (2/ 64) - بعد أن عزا الحديث للشيخين وغيرهما ، ومنهم النسائي - قال :
"قال النسائي : وفي حديث قتيبة : "وما تأخر" ..." !
فأقول : ليست هذه الزيادة في "صغرى النسائي" مطلقاً ، لا عن قتيبة ولا عن غيره ! نعم ؛ هي في "كبراه" ، مضروباً عليها في حديث قتيبة ، ومثبتة في رواية ابن يزيد المقرىء كما تراه في حديث الترجمة ؛ ولكن فيها فوقها إشارة التضبيب (صـ) ؛ وهي تعني - في الاصطلاح - أن الكلمة ثابتة في رواية الكتاب ، وأن فيها شيئاً من الفساد لفظاً أو معنى . قال السيوطي في "التدريب" (ص 299) :
"فيشار بذلك إلى الخلل الحاصل ، وأن الرواية ثابتة به ؛ لاحتمال أن يأتي من يظهر له فيه وجه صحيح" .
والذي يظهر لي : أن المقصود بها هنا الإشارة إلى شذوذ هذه الزيادة ؛ لعدم ورودها في رواية أولئك الحفاظ الذين ذكرناهم ، وقد يتيسر لنا الوقوف على غيرهم فيما بعد .

(89/1)


ولا فرق عندي في ذلك بين أن تكون الزيادة من قتيبة بن سعيد كما ذكر المنذري وغيره كما يأتي ، أو من محمد بن عبدالله بن يزيد المقرىء ؛ فإن الخطأ ليس لازماً لأحدهما دون الآخر ، أو دون غيرهما ؛ فقد قال المنذري بعد كلامه السابق :
"انفرد بهذه الزيادة قتيبة بن سعيد عن سفيان ، وهو ثقة ثبت ، وإسناده على شرط (الصحيح)" !
وقد أشار الحافظ إلى الرد عليه في دعواه التفرد ؛ فقال - بعد أن ذكر الزيادة من رواية النسائي عن قتيبة - (4/ 99) :
"وتابعه حامد بن يحيى عن سفيان . أخرجه ابن عبدالبر في "التمهيد" واستنكره ؛ وليس بمنكر ؛ فقد تابعه قتيبة كما ترى ، وهشام بن عمار ؛ وهو في الجزء الثاني عشر من "فوائده" ، والحسين بن الحسن المروزي ؛ أخرجه في "كتاب الصيام" له ، ويوسف بن يعقوب النجاحي ؛ أخرجه أبو بكر بن المقرىء في "فوائده" ؛ كلهم عن سفيان . والمشهور عن الزهري بدونها" .
قلت : الذين لم يذكروها عن سفيان أكثر عدداً ، وأقوى ضبطاً وحفظاً ، فلا جرم أن أعرض عن إخراجها الشيخان وغيرهما ممن ألف في "الصحيح" ؛ فهذا وحده يكفي لعدم اطمئنان النفس لثبوتها عن سفيان ؛ فضلاً عن النبي صلي الله عليه وسلم ، فكيف إذا انضم إلى ذلك الأسباب الآتية :
ثانياً : لقد تابع سفيان في الشطر الأول جماعة من الثقات الحفاظ في روايته عن الزهري ، فلم يأت أحد منهم عنه بهذه الزيادة ، وإليك ذكر من وقفنا عليه منهم :
1- مالك عن ابن شهاب به دون الزيادة .
أخرجه في "الموطأ" (1/ 113/ 2) ، وعنه أبو داود (1371) ، والنسائي في "الصغرى" (1/ 308) ، و"الكبرى" (ق 73/ 2) ، وعبدالرزاق في "المصنف" (4/ 258/ 7719) .
2- معمر بن راشد الأزدي عن الزهري به دونها .
أخرجه عبدالرزاق (7719) ، وعنه مسلم (2/ 177) ، والنسائي في "كتابيه" ، وكذا أبو داود (1371) ، والترمذي (1/ 154) - وقال : "حسن صحيح" - ، وأحمد (2/ 281) ؛ كلهم عن عبدالرزاق .
وتابعه عبدالأعلى عند أحمد .
3- عقيل بن خالد الأيلي عن ابن شهاب به .
أخرجه البخاري (1/ 499 - أوربا) .
4- يونس الأيلي عن ابن شهاب به .
أخرجه النسائي في "كتابيه" .
5- صالح بن كيسان عن ابن شهاب به .
أخرجه أيضاً في "كتابيه" .
6- شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به .
أخرجه أيضاً فيهما .
7- محمد بن عبدالرحمن بن أبي ذئب عن ابن شهاب به .
أخرجه الإمام أحمد (2/ 289) .
8- سليمان بن كثير عن الزهري به .
علقه البخاري ، ووصله الذهلي في "الزهريات" .
9- الأوزاعي عن الزهري به .
أخرجه النسائي في "الكبرى" (ق 74/ 1) .
قلت : فهؤلاء تسعة من الثقات الحفاظ لم يأت أحد منهم بتلك الزيادة ، فدل على شذوذ من خالفهم بذكرها ، وقد وافقهم سفيان بن عيينة في رواية الثمانية الأولين من الثقات الحفاظ ، فالأخذ بروايته الموافقة لهؤلاء التسعة أولى من الأخذ برواية من شذ عنهم . ويزداد هذا الترجيح قوة بالسبب الآتي :
ثالثاً : لقد تابع الزهري عن أبي سلمة ثلاثة من الثقات ، كلهم لم يذكروا الزيادة - إلا أحدهم فقد اختلف عليه فيها ، والمحفوظ عنه عدم ذكرها - وهم :
1- يحيى بن أبي كثير قال : حدثنا أبو سلمة به .
أخرجه البخاري (1/ 17،474) ، ومسلم (2/ 177) ، والنسائي في "الكبرى" (73/ 1،74/ 1) ، والدارمي (2/ 26) ، والطيالسي (2360) ، وأحمد (2/ 408،423) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 152) والبيهقي (4/ 306) .
2- يحيى بن سعيد عن أبي سلمة به .
أخرجه النسائي (1/ 308) ، وابن ماجه (1641) ، وأحمد (2/ 232،473) .
3- محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة به .
أخرجه ابن ماجه (1326) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 121) ، وأحمد (2/ 503) من طرق عنه .
وخالفهم حماد بن سلمة فقال : أنبأنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم - قال حماد وثابت عن الحسن عن النبي صلي الله عليه وسلم - قال : ... فذكر الشطر الأول منه بلفظ : "من صام .." ، وزاد : ".. وما تأخر" !
أخرجه أحمد (2/ 385) .
قلت : وهذه زيادة شاذة بل منكرة ؛ لمخالفة حماد لرواية الجماعة عن محمد بن عمرو ، ولكل من روى الحديث في كل الطبقات مما سبق ويأتي ، لا سيما وحماد ابن سلمة فيه كلام في روايته عن غير ثابت . وروايته عنه هنا مرسلة ؛ لأنه رواها عن الحسن - وهو البصري - ؛ فلا تقوم بها حجة ؛ لاسيما مع المخالفة .
قلت : فلحماد بن سلمة فيه إسنادان :
أ- عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً .
ب- عن ثابت عن الحسن مرسلاً . وهكذا ذكره في "الفتح" (4/ 218) .
هذه هي الحقيقة ؛ خلافاً لقول المنذري - عقب كلامه السابق - :
"ورواه أحمد بالزيادة بعد ذكر الصوم بإسناد حسن ؛ إلا أن حماداً شك في وصله أو إرساله" !
قلت : فلم يشك حماد ، وإنما انتقل من إسناد موصول إلى إسناد آخر مرسل . أقول هذا بياناً للحقيقة ، وإن كان لا حجة في شيء من ذلك ؛ لما ذكرته قريباً .

(89/2)


ومنه ؛ تعلم أن تحسين المنذري لإسناده - وإن تبعه عليه الحافظ العراقي في "التقريب - بشرحه طرح التثريب" (4/ 160) ، وسكت عليه الحافظ في "الفتح" - ؛ كل ذلك ليس بحسن ؛ لأنهم نظروا إلى الإسناد نظرة مجردة عن النظر في الأسانيد الأخرى التي بها يمكن الكشف عن العلل ؛ لا سيما ما كان منها خفياً ، كما فعلنا هنا . والله الموفق .
رابعاً : أن أبا سلمة بن عبدالرحمن قد تابعه جماعة أيضاً على روايته عن أبي هريرة بدون الزيادة ؛ وهم :
1- حميد بن عبدالرحمن عن أبي هريرة ... بالشطر الأول منه .
أخرجه البخاري (1/ 17،499) ، ومسلم (2/ 176) ، والنسائي في "كتابيه" ، وابن خزيمة في "صحيحه" (2203) ، وعبدالرزاق في "مصنفه" (7720) ، وابن نصر (ص 151) ، وأحمد (2/ 486) ؛ كلهم عن مالك عن ابن شهاب عنه .
2- الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه بالشطر الثاني دون الزيادة .
أخرجه مسلم (2/ 177) ، والنسائي في "الكبرى" ، والبيهقي (4/ 307) - وعزاه للبخاري أيضاً ! ولم أره فيه ، ولا عزاه إليه الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (4/ 161) ، ومن قبله المنذري في "الترغيب" (2/ 72) - .
3- إسحاق بن عبدالله مولى زائدة قال :
لقي أبو هريرة كعب الأحبار فقال : كيف تجدون رمضان في كتاب الله ؟ قال كعب : بل كيف سمعت صاحبك يقول فيه ؟ قال : سمعته يقول فيه : ... فذكر الشطر الأول منه دون الزيادة .
أخرجه الطحاوي في "المشكل" (2/ 120-121) ، وإسناده حسن .
خامساً : أن أبا هريرة رضي الله عنه قد تابعه جمع من الصحابة بدون الزيادة أيضاً ، وهم :
1- عائشة رضي الله عنها مرفوعاً بالشطرين .
أخرجه النسائي في "كتابيه" من طريقين عن الزهري : أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته بالشطر الأول ، ومن أحدهما بالشطر الآخر .
وإسناده صحيح .
2- عبدالرحمن بن عوف مرفوعاً بهما نحوه .
أخرجه النسائي ، وابن نصر (ص 151) ، وابن ماجه (1328) ، والطيالسي (224) ، وأحمد (1/ 191،194-195) من طريق النضر بن شيبان قال : لقيت أبا سلمة بن عبدالرحمن فقلت : حدثني بحديث سمعته من أبيك يذكره في شهر رمضان . قال : نعم : حدثني أبي ... وقال النسائي :
"هذا خطأ ، والصواب : أبو سلمة عن أبي هريرة" .
قلت : ورجاله ثقات ؛ غير النضر هذا ؛ فإنه لين الحديث ، وقد صرح بسماع أبي سلمة من أبيه ، وذلك مما اتفقوا - أو كادوا - على نفيه ؛ فقال أحمد وابن المديني وجماعة :
"حديثه عن أبيه مرسل" .
قلت : وقد خالفه يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو سلمة عن عبدالرحمن بن عوف به .
أخرجه الطحاوي ؛ وقال :
"هكذا روى هذا الحديث : مالك بن أنس ويونس عن الزهري ، وأما ابن عيينة فرواه عن الزهري بخلاف ذلك" .
ثم ساقه من طريق ابن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، كما تقدم من طرق كثيرة ؛ منها : مالك ويونس .
فالظاهر أنه روي عن مالك كرواية يونس هذه ، وأنا لا أستبعد أن تكون هاتان الروايتان ثابتتين عن الزهري ، فقد لاحظت - فيما تقدم - أن له أسانيد عدة في هذا الحديث ؛ ألخصها لك الآن :
أ- عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
ب- عن حميد بن عبدالرحمن عنه .
ج- عن عروة عن عائشة .
د- عن أبي سلمة أيضاً عن أبيه عبدالرحمن بن عوف .
مثل هذه الأسانيد في الحديث الواحد للزهري تحتمل منه ؛ نظراً لحفظه وإتقانه ، إذا كان الراوي عنه ثقة حافظاً .
3- أبو سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ :
"من صام رمضان ، وعرف حدوده ، وتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ ؛ كفر ما قبله" .
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (879 - موارد) ، والبيهقي في "السنن" (4/ 304) ، وأحمد (3/ 55) ، وأبو يعلى (1058) ، والخطيب في "التاريخ" (8/ 392) من طريق عبدالله بن قريط عن عطاء بن يسار عنه .
وابن قريط هذا ؛ فيه جهالة ؛ كما بينته في "التعليق الرغيب" (2/ 65) .
وسائر رجاله ثقات .
4- عبادة بن الصامت مرفوعاً بالشطر الثاني دون الزيادة .
أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 182) : حدثنا إسحاق : أخبرنا بقية ابن الوليد : حدثني بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت .
قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات ، وإسحاق : هو ابن راهويه الإمام .
لكن خالفه من هو مثله في الحفظ والضبط ، فقال أحمد (5/ 324) : حدثنا حيوة بن شريح : حدثنا بقية ... به ، فزاد في آخره :
"وما تأخر" . وقال ابن كثير في "التفسير" (4/ 531) :
"إسناده حسن" !
قلت : كلا ؛ فإنه منقطع ؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه :
"لم يصح سماع خالد من عبادة بن الصامت" .
ولعل الإمام أحمد رحمه الله قد أشار إلى هذا ؛ بإيراده الحديث عقب حديث آخر من طريق حيوة بن شريح وغيره بسنده المذكور ، لكنه قال : عن خالد بن معدان عن عمرو بن الأسود عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت ؛ فبين خالد وعبادة شخصان !

(89/3)


وللحديث طريق أخرى ، وقد وقع فيها من الاختلاف ما وقع في الأولى ، فأخرجه أحمد (5/ 324) من طريق عبيدالله بن عمرو عن عبدالله بن محمد ابن عقيل عن عمر بن عبدالرحمن عن عبادة بن الصامت به دون الزيادة .
ثم أخرجه (5/ 318) من طريق سعيد بن سلمة - يعني : ابن أبي الحسام - و (5/ 321) من طريق زهير بن محمد ؛ كلاهما عن عبدالله بن محمد بن عقيل بها .
وابن سلمة وزهير - وإن كان فيهما كلام - ؛ فإن مما لا شك فيه أن أحدهما يشد من عضد الآخر ؛ فالنفس تطمئن للأخذ بما زادا على عبيدالله بن عمرو - وهو الرقي الثقة - .
ولكن ابن عقيل نفسه فيه ضعف من قبل حفظه ، فالظاهر أن هذا الاختلاف منه ، فهو الذي كان يذكر هذه الزيادة تارة ، ولا يذكرها أخرى ، وكل من أولئك الثلاثة حدث بما سمع منه ، وفي هذه الحالة لا يحتج به ؛ لاضطرابه في هذه الزيادة ، ولمخالفته بها جميع روايات الحديث المحفوظة على ما سبق بيانه مفصلاً .
على أن شيخه عمر بن عبدالرحمن غير معروف ؛ فقد أورده البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 171) ، وابن أبي حاتم (3/ 1/ 120) برواية ابن عقيل هذه عنه عن عبادة ؛ ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وجملة القول : أن حديث عبادة هذا ليس له إسناد ثابت ، فالأول منقطع ، والآخر فيه ذاك المجهول . وقد غفل عن هذه الحقيقة الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (4/ 163) ؛ حين وقف عند ابن عقيل قائلاً :
"وحديثه حسن" ! دون أن ينظر إلى ما بيناه من الانقطاع والجهالة . ومثل ذلك صنيع الهيثمي (3/ 185) ، ونحوه قول الحافظ ابن حجر (4/ 99) :
"حديث عبادة عند الإمام أحمد من وجهين ، وإسناده حسن" !
ومثل هذه الأقوال من هؤلاء الأئمة كان حملني برهة من الزمن على تحسين هذه الزيادة في حديث عبادة ، وتصحيحها في حديث أبي هريرة ، ورمزت بذلك لها على نسختي من "الترغيب" التي كنت أدرس منها على الإخوان ما كان من الأحاديث الثابتة ، والآن - وقد يسر الله لي جمع طرق الحديث وسردها على وجه يكشف لكل طالب علم بصير أن الزيادة المذكورة لا تصح بوجه من الوجوه - ؛ فقد رجعت عن الرمز المذكور إلى التضعيف . والله ولي التوفيق ، هو حسبي ، عليه توكلت ، وإليه أنيب !

(89/4)


5084 - ( من زوج كريمته من فاسق ؛ فقد قطع رحمها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 147 :
$موضوع$
أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 233) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 260) من طريق الحسن بن محمد البلخي عن حميد عن أنس مرفوعاً . وقالا :
"حديث باطل ، وإنما هو من كلام الشعبي ، والبلخي يروي عن الثقات الأشياء الموضوعة والأحاديث المقلوبة ، لا يجوز الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه بحال" .
وكذا قال الذهبي ، وتبعه السيوطي في "اللآلي" (2/ 163) .
وقد مضى له حديث آخر برقم (830) ، ويأتي له ثالث بعده .

(90/1)


5085 - ( إذا حملت المرأة ؛ فلها أجر الصائم القائم القانت المخبت المجاهد في سبيل الله عز وجل ، فإذا ضربها الطلق ؛ فلا يدري أحد من الخلائق ما لها من الأجر ، فإذا وضعت ؛ فلها بكل وضعة عتق نسمة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 147 :
$موضوع$
أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 233) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 274) من طريق ابن عدي ، وهذا في "كامله" (ق 90/ 1) ؛ كلاهما عن الحسن بن محمد البلخي : حدثنا عوف الأعرابي عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً . وقال ابن حبان :
"هذا الحديث لا أصل له" ؛ واتهم به البلخي هذا وسبق كلامه فيه آنفاً . وقال ابن عدي :
"هذا منكر ، والحسن ليس بمعروف ، منكر الحديث عن الثقات" .
ولم يتكلم السيوطي في "اللآلي" (2/ 175) على الحديث بشيء ، فلا أدري ؛ أسقط كلامه عليه من الناسخ ، أم أنه أقر ابن الجوزي على وضعه ؟ والأول هو الأقرب عندي . والله أعلم .

(91/1)


5086 - ( كان يصوم شعبان كله . قالت عائشة : يا رسول الله ! أحب الشهور إليك أن تصوم شعبان ؟ قال :
إن الله يكتب على كل نفس منيته تلك السنة ، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 148 :
$منكر$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1201) : حدثنا سويد بن سعيد : أخبرنا مسلم بن خالد بن طريف عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن عائشة حدثتهم : أن النبي صلي الله عليه وسلم كان ...
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : مسلم بن خالد - وهو الزنجي - ؛ كما جزم به الهيثمي (3/ 192) ، وقال :
"وفيه كلام ، وقد وثق" .
قلت : ساق له الذهبي أحاديث أنكرت عليه في "الميزان" ، وختم ترجمته بقوله :
"فهذه الأحاديث وأمثالها يرد بها قوة الرجل ويضعف" .
فلا جرم قال فيه الإمام البخاري في "تاريخه" (4/ 1/ 260) :
"منكر الحديث" .
والأخرى : سويد بن سعيد ؛ قال الحافظ :
"صدوق في نفسه ؛ إلا أنه عمي ، فصار يتلقن ما ليس من حديثه ، وأفحش فيه ابن معين القول" .
ومع هذا كله ؛ حسن إسناده المنذري ، فقال (2/ 79) :
"رواه أبو يعلى ، وهو غريب ، وإسناده حسن" !
وسكت عنه الحافظ في "الفتح" (4/ 187) !
(تنبيه) : "ابن طريف" ، هكذا وقع في "المسند" ! وفي "تهذيب التهذيب" :
"مسلم بن خالد بن فروة ، ويقال : ابن المخزومي " كذا في الأصل بياض قدر كلمة ، فلعل الأصل : "طريف" . لكن قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 183) :
"وهو ابن خالد بن سعيد بن جرجة ..." ! فالله أعلم .
وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى ، ولكنها لا تساوي شيئاً ؛ يرويه إسماعيل ابن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت قال : حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به .
أخرجه المحاملي في "الثاني من الأمالي" (ق 201/ 2) .
وإسماعيل هذا ضعيف جداً ؛ قال البخاري وأبو حاتم والدارقطني :
"منكر الحديث" .
لكن الجملة الأولى من حديث الترجمة صحيحة من حديث يحيى بن أبي كثير : حدثني أبو سلمة بن عبدالرحمن : حدثتني عائشة قالت :
ما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصوم من أشهر السنة أكثر من صيامه من شعبان ، كان يصومه كله .
أخرجه ابن خزيمة (2078) ، وأحمد (6/ 84،128،189،233،249) من طرق عن يحيى به .
وأخرجه البخاري (3/ 186 - فتح) ؛ لكن دون قوله : كان يصومه كله . وكذا رواه مسلم (3/ 161) .
قلت : وهي زيادة محفوظة عن يحيى . وقد تابعه محمد بن عمرو : حدثنا أبو سلمة به بلفظ :
كان يصوم شعبان إلا قليلاً ، بل كان يصومه كله .
أخرجه أحمد (6/ 143،165) .
ويشهد لها رواية عبدالله بن أبي قيس أنه سمع عائشة تقول :
كان أحب الشهور إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يصومه : شعبان ، ثم يصله برمضان .
أخرجه ابن خزيمة (2077) ، وأحمد (6/ 188) ، وغيرهما بإسناد صحيح .
(تنبيه) : عزا الزيادة المذكورة : المنذري في "الترغيب" (2/ 80) لرواية البخاري ومسلم ! وذلك من أوهامه رحمه الله .
ويقابله أن الحافظ لما ذكرها في "الفتح" ؛ لم يخرجها مطلقاً ! وتبعه على ذلك البدر العيني في "عمدة القاري" (5/ 311) !

(92/1)


5087 - ( من قال : الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته ، والحمد لله الذي ذل كل شيء لعزته ، والحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه ، والحمد لله الذي استسلم كل شيء لقدرته ؛ فقالها يطلب بها ما عنده ؛ كتب الله له بها ألف حسنة ، ورفع له بها ألف درجة ، ووكل به سبعين ألف ملك ، يستغفرون له إلى يوم القيامة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 151 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 206/ 1) عن يحيى بن عبدالله البابلتي : أخبرنا أيوب بن نهيك قال : سمعت مجاهداً يقول : سمعت ابن عمر يقول : ... فذكره مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : أيوب بن نهيك ؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 259) :
"سمعت أبي يقول : هو ضعيف الحديث . وسمعت أبا زرعة يقول : لا أحدث عنه ؛ ولم يقرأ علينا حديثه ، وقال : هو منكر الحديث" . وقال الأزدي :
"متروك" .
وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" ؛ ولكنه قال :
"يخطىء" ! قال الحافظ في "اللسان" :
"ومن مناكيره عن مجاهد ..." فساق هذا الحديث من رواية ابن عساكر في "تاريخه" ! وفاته أنه في "المعجم" ، ثم قال :
"ويحيى ضعيف ؛ لكنه لا يحتمل هذا" .
قلت : يشير إلى أن ابن نهيك أشد ضعفاً من يحيى البابلتي ؛ وهذا من رجال "التهذيب" ؛ وجزم الحافظ بضعفه في "التقريب" . وأما الذهبي فقال في "المغني" :
"تركوه" .
وهو العلة الثانية .

(93/1)


5088 - ( من صام يوم الأربعاء ويوم الخميس ويوم الجمعة ، ثم تصدق يوم الجمعة بما قل من ماله أو كثر ؛ غفر له كل ذنب عمله ، حتى يصير كيوم ولدته أمه من الخطايا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 152 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 197/ 1) : حدثنا أبو شعيب عبدالله بن الحسن الحراني : أخبرنا يحيى بن عبدالله البابلتي : أخبرنا أيوب بن نهيك قال : سمعت محمد بن قيس المدني أبا حازم يقول : سمعت ابن عمر يقول : ... فذكره مرفوعاً .
وأخرجه الحافظ عبدالغني المقدسي في جزء له عنوانه "الجزء الثالث والسبعون" (ق 1/ 2 - بخطه) من طريق أخرى عن أبي شعيب عبدالله بن الحسن الحراني به ؛ إلا أنه قال : ... سمعت محمد بن قيس المدني : حدثنا أبو حازم قال : سمعت ابن عمر ...
قلت : فهذا خلاف ما في "الطبراني" ، وليس هو خطأ من الناسخ ، بل هكذا الرواية عنده ، وقد أشار إلى ذلك الناسخ بكتبه لفظة : "صح" بين : "المدني" و : "أبا حازم" . ويؤكده أن الطبراني ساق عقبه ثلاثة أحاديث أخرى بإسناده المذكور بلفظ : ... سمعت محمد بن قيس المدني يقول : سمعت ابن عمر يقول ... فأسقط منه : "أبا حازم" .
ولم نجد في الرواة من يسمى محمد بن قيس المدني أبا حازم ، سمع ابن عمر ! ولذلك ؛ قال الهيثمي (3/ 199) :
"رواه الطبراني ، وفيه محمد بن قيس المدني أبو حازم ؛ ولم أجد من ترجمه" !
قلت : وأنا أظن أن الصواب رواية المقدسي : سمعت محمد بن قيس المدني : حدثنا أبو حازم قال : سمعت ابن عمر ...
فإن محمد بن قيس المدني معروف من أتباع التابعين ، وهو قاص عمر بن عبدالعزيز ؛ وهو ثقة من رجال مسلم .
وأبو حازم - من هذه الطبقة - جماعة ، والذي يروي منهم عن ابن عمر - سماعاً - : سلمان الأشجعي الكوفي ، وهو ثقة من رجال الشيخين .
وقد يتبادر إلى الذهن أنه سلمة بن دينار أبو حازم الأعرج المدني القاص ؛ مولى الأسود بن سفيان المخزومي ، وله رواية عن ابن عمر ! ولكنهم صرحوا أنه لم يسمع منه ، وهنا قد صرح بالسماع منه ، فليس به .
فإن قيل : فهذا الاختلاف بين رواية الطبراني ورواية المقدسي في تابعي الحديث ؛ ممن هو ؟
قلت : لا يتعدى ذلك أيوب بن نهيك أو البابلتي .
لكن من المحتمل أن يكون من أبي شعيب الحراني ؛ فإنه - مع كونه ثقة ، وله ترجمة حسنة في "تاريخ بغداد" (9/ 435) - ؛ فقد ذكره ابن حبان في "الثقات" ؛ وقال :
"يخطىء ويهم" .
قلت : فمن المحتمل أن يكون هو الذي اضطرب في إسناده ، فرواه مرة هكذا ، ومرة هكذا . والله أعلم .
وجملة القول : أن آفة هذا الحديث ؛ إنما هو أيوب بن نهيك ، وقد عرفت حاله من الحديث الذي قبله .
ثم رأيت الحديث قد روي عنه على وجه آخر من طريق عبدالله بن واقد قال : حدثني أيوب بن نهيك - مولى سعد بن أبي وقاص - عن عطاء عن ابن عمر به .
أخرجه البيهقي في "السنن" (4/ 295) وقال :
"عبدالله بن واقد غير قوي ، وثقه بعض الحفاظ ، وضعفه بعضهم . ورواه يحيى البابلتي عن أيوب بن نهيك عن محمد بن قيس عن أبي حازم عن ابن عمر . والبابلتي ضعيف . وروي في صوم الأربعاء والخميس والجمعة من أوجه أخر أضعف من هذا عن أنس" .
قلت : حديث أنس سيأتي - بإذن الله تعالى - برقم (5193،5194) .

(94/1)


5089 - ( من مثل بذي روح ثم لم يتب ؛ مثل الله به يوم القيامة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 155 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد (2/ 92،115) من ثلاث طرق عن شريك عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح الحنفي عن رجل من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم أن (وفي الطريقين : أراه) ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ؛ غير شريك بن عبدالله القاضي ؛ فإنه وإن كان من رجال مسلم ؛ فإنه لم يحتج به ، وإنما روى له متابعة ؛ كما نص عليه الحافظ الذهبي في آخر ترجمته من "الميزان" ، ومن قبله الحافظ المنذري في آخر كتابه "الترغيب" وحكى اختلاف العلماء فيه . ولخص أقوالهم الحافظ ابن حجر في "التقريب" ، فقال :
"صدوق يخطىء كثيراً ، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة" .
ومن ذلك ؛ تعلم تساهل المنذري - في تخريجه الحديث - بقوله (2/ 6) :
"رواه أحمد ؛ ورواته ثقات مشهورون" ! ونحوه قول الهيثمي (3/ 32) - وتبعه الشيخ الساعاتي في "الفتح الرباني" (16/ 29) - :
"رواه أحمد ، ورجاله ثقات" !
والمحفوظ عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ :
"لعن الله من مثل بالحيوان" .
أخرجه الشيخان ، وأحمد (2/ 13،43،60،86،103،141) ، وغيرهم .

(95/1)


5090 - ( العمرتان تكفران ما بينهما ، والحج المبرور ليس له ثواب - أو قال : جزاء - إلا الجنة ، وما سبح الحاج من تسبيحة ، ولا هلل من تهليلة ، ولا كبر من تكبيرة ؛ إلا بشر بها تبشيرة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 156 :
$منكر بالشطر الثاني$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ق 134/ 1) عن أبي مروان عبدالملك بن محمد القاضي : أخبرنا عبدالله بن زيدان البلجي : أخبرنا الحسن بن علي : أخبرنا سليمان بن حرب : أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن عبيدالله بن عمر - قال : ثم لقيت عبيدالله بن عمر فحدثني - عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد رجاله من الحسن بن علي - وهو الخلال الحلواني - فمن فوقه ؛ كلهم ثقات رجال الشيخين .
أما من دونهم ؛ فلم أعرفهما ، ولعل المناوي أشار إليهما حين قال - وقد عزاه السيوطي للبيهقي في "شعب الإيمان" - :
"فيه من لم أعرفهم ، ولم أرهم في كتب الرجال" .
قلت : فأحد المشار إليهما : هو آفة الشطر المذكور ، وإلا ؛ فالشطر الأول منه صحيح ، رواه جماعة من الثقات عن سمي به ؛ ومنهم عبيدالله بن عمر المذكور في إسناد الحديث - وهو العمري المصغر - :
فقال الطيالسي في "مسنده" (2425) : حدثنا العمري عن سمي به ؛ دون الشطر الثاني . وكذلك أخرجه مسلم (4/ 107) : حدثنا ابن نمير : حدثنا أبي : حدثنا عبيدالله به ، وتابعه :
1- مالك عن سمي به .
أخرجه في "الموطأ" (1/ 346/ 65) ، وعنه البخاري (4/ 476 - فتح) ، ومسلم أيضاً ، والنسائي (2/ 4) ، وابن ماجه (2888) ، والبيهقي (5/ 261) ، وأحمد (2/ 462) كلهم عن مالك به .
2- وتابعه سهيل عن سمي به .
أخرجه مسلم ، والنسائي ، والطيالسي (2423) .
3- وسفيان الثوري عنه .
أخرجه عبدالرزاق في "المصنف" (5/ 3/ 8798) ، ومسلم ، وأحمد (2/ 461) ، والترمذي (1/ 175-176) . وقال :
"حديث حسن صحيح" .
4- وسفيان بن عيينة عنه .
فقال أحمد (2/ 246) ، والحميدي (1003) : حدثنا سفيان : حدثنا سمي به .
وأخرجه مسلم ، وابن الجارود في "المنتقى" (502) من طرق عن ابن عيينة به .
5- ومحمد بن عجلان عن سمي به .
أخرجه البيهقي .
قلت : فهؤلاء خمسة متابعون ثقات لعبيدالله العمري ، كلهم لم يذكروا الشطر الثاني من حديث الترجمة . وكذلك الطيالسي وابن نمير في روايتيهما عن العمري لم يذكروها كما رأيت ؛ فلا شك في نكارته وعدم ثبوته .
فالعجب من المنذري ؛ كيف ذكر في "الترغيب" (2/ 106) هذه الزيادة من رواية الأصبهاني ساكتاً عليها ؟! فذلك هو الذي حملني على تحقيق القول فيها وإثبات نكارتها وأنا في صدد المرحلة التي قبل الأخيرة من إنجاز مشروعي : "صحيح الترغيب والترهيب" ، و "ضعيف الترغيب والترهيب" .

(96/1)


5091 - ( الحاج يشفع في أربع مئة أهل بيت - أو قال : من أهل بيته - ، ويخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 158 :
$منكر بهذا التمام$
أخرجه البزار في "مسنده" (1154 - كشف) عن عبدالله بن عيسى - رجل من أهل اليمن - عن سلمة بن وهرام عن رجل عن أبي موسى رفعه إلى النبي صلي الله عليه وسلم .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل :
الأولى : الرجل الذي لم يسم . وبه أعله المنذري (2/ 108) ، والهيثمي (3/ 211) .
الثانية : سلمة بن وهرام ؛ مختلف فيه ، فوثقه بعضهم ، وضعفه آخرون .
الثالثة : عبدالله بن عيسى - وهو الجندي اليمني - ؛ ذكره العقيلي في "الضعفاء" ؛ وساق له حديثاً آخر في الحج ، مضى برقم (543) ، وقال :
"إسناد مجهول ، فيه نظر" .
وأما الشطر الثاني ؛ فقد صح من حديث أبي هريرة بلفظ :
"من حج الله فلم يرفث ولم يفسق ؛ رجع كيوم ولدته أمه" .
أخرجه الشيخان وغيرهما ؛ وهو في "مختصر البخاري" برقم (756) .

(97/1)


5092 - ( إن آدم أتى البيت ألف أتية - لم يركب قط فيهن - من الهند على رجليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 159 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (ق 176/ 1 ، ورقم 2792 - المطبوعة) عن القاسم بن عبدالرحمن : حدثنا أبو حازم - وهو نبتل مولى ابن عباس - عن ابن عباس مرفوعاً . وقال :
"في القلب من القاسم بن عبدالرحمن شيء" .
قلت : وهو الأنصاري ؛ قال ابن معين :
"ضعيف جداً" ؛ كما في "الميزان" وساق له في "اللسان" هذا الحديث ونقل كلام ابن خزيمة المذكور فيه وأقره . وقال المنذري (2/ 108) :
"القاسم هذا واه" .
وأما أبو حازم نبتل ؛ فهو ثقة ؛ كما رواه ابن أبي حاتم (4/ 1/ 508) عن أحمد .
ومن هذا التخريج ؛ يتبين جهل المعلقين الثلاثة على "ترغيب المنذري" ، بل وتظاهرهم بالتحقيق والعلم ! فإنهم قالوا في تخريج الحديث (2/ 113) :
"ضعيف ، رواه ابن خزيمة في "صحيحه" ؛ وانظر : "ميزان الاعتدال" (3/ 374) - ترجمة القاسم بن عبدالرحمن" !
كذا قالوا ! هداهم الله وعرفهم أنفسهم . وفيه جهالات :
أولاً : اقتصارهم على قولهم : "ضعيف" ! والصواب : "ضعيف جداً" ؛ لقول ابن معين الصريح بذلك .
ثانياً : أعادوا قول المنذري : "رواه ابن خزيمة في "صحيحه" ..." دون بيان منهم لمكان الحديث منه بالجزء والصفحة ؛ كما يقتضيه أصول التخريج .
ثالثاً : لم يعبأوا بقول المنذري في الراوي : "هذا واه" ؛ الذي يستلزم شدة ضعف الحديث .
رابعاً : أحالوا في ترجمة الراوي على "الميزان" ؛ وفي الصفحة التي أشاروا إليها أربع تراجم باسم (القاسم بن عبدالرحمن) ؛ أحدهم ثقة ، والثاني ضعيف ، والثالث ضعيف جداً - وهو هذا - ، والربع مجهول ! ولجهلهم بالمراد منهم في هذا الحديث ؛ أطلقوا ولم ينسبوه ! فماذا أفادوا القراء بتعليقهم هذا ؟!
نعم لقد كشفوا به - وبأمثاله - عن جهلهم وظلمهم وتعديهم على هذا العلم . هداهم الله تعالى !

(98/1)


5093 - ( إن للكعبة لساناً وشفتين ، ولقد اشتكت إلى الله فقالت : يا رب ! قل عوادي ، وقل زواري ! فأوحى الله عز وجل : إني خالق بشراً خشعاً سجداً ، يحنون إليك كما تحن الحمامة إلى بيضها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 160 :
$باطل$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 110/ 2) ، وابن عدي من طريق سهل بن قرين : حدثني أبي : حدثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لم يروه عن ابن أبي ذئب إلا سهل" .
كذا في مسودتي ، ولعله سقط منها أو من الأصل : "عن أبيه" أو نحو ذلك !
وسهل هذا ؛ قال الذهبي :
"وهو بصري ؛ غمزه ابن حبان وابن عدي ، وكذبه الأزدي" . وقال ابن عدي :
"منكر الحديث" .
وساق له بهذا الإسناد حديثين آخرين ؛ وقال :
"ليس له غيرها ، وهي باطلة ؛ متونها وأسانيدها إلا الثالث ..." .
وأبوه قرين ؛ لم أجد له ترجمة .
والحديث ؛ قال الهيثمي (3/ 208) .
"رواه الطبراني في "الأوسط" ؛ وفيه سهل بن قرين ؛ وهو ضعيف" .

(99/1)


5094 - ( إن داود النبي قال : إلهي ! ما لعبادك عليك إذا هم زاروك في بيتك ؟ قال : إن لكل زائر على المزور حقاً ؛ يا داود ! إن لهم علي أن عافيهم في الدنيا ، وأغفر لهم إذا لقيتهم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 161 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 110/ 2) عن محمد بن حمزة الرقي عن الخليل بن مرة عن الوضين بن عطاء عن ابن أبي عن أبي ذر مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء :
الأول : الوضين بن عطاء ؛ قال الحافظ :
"صدوق سيىء الحفظ" .
الثاني : الخليل بن مرة ؛ ضعفه الجمهور ، بل قال البخاري :
"منكر الحديث" ، ولذلك ؛ جزم الحافظ بضعفه في "التقريب" .
الثالث : محمد بن حمزة الرقي ؛ قال الذهبي :
"منكر الحديث" . وقال الحافظ في "اللسان" :
"وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وقال : يروي عن الخليل ؛ وهو ضعيف" .
قلت : وبه أعله الهيثمي ، فقال (3/ 208) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه محمد بن حمزة الرقي ؛ وهو ضعيف" .

(100/1)


5095 - ( ما راح مسلم في سبيل الله مجاهداً ، أو حاجاً مهلاً أو ملبياً ؛ إلا غربت الشمس بذنوبه ، وخرج منها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 162 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/ 96/ 6161) : حدثنا محمد بن حنيفة الواسطي قال : حدثنا أحمد بن الفرج الجوري قال : حدثنا حفص بن أبي داود عن الهيثم بن حبيب عن محمد بن المنكدر عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن الهيثم بن حبيب إلا حفص بن أبي داود ، تفرد به أحمد بن الفرج" .
قلت : وهو الجشمي المقرىء ؛ كما في إسناد حديث قبله في "الأوسط" ، وكذا ترجمه الخطيب في "التاريخ" (4/ 341) ، وساق له حديثاً آخر عن أبي أمامة ، فيه كذاب ، وقد تقدم برقم (345) ، ثم روى عن ابن بكير الحافظ أنه قال :
"أحمد بن الفرج الجشمي ضعيف" .
وأقره الذهبي في "الميزان" ، والحافظ في "اللسان" .
لكن شيخه حفص بن أبي داود مثله ، أو أسوأ حالاً منه ، وهو (حفص بن سليمان الأسدي أبو عمرو البزار الكوفي الغاضري) صاحب عاصم بن أبي النجود ؛ فقد ذكروه في الرواة عن الهيثم بن حبيب ، وذكر الحافظ في ترجمة (الجوري) من "التبصير" (1/ 369) أنه روى عن حفص الغاضري ؛ وهو متروك الحديث - مع إمامته في القراءة - ؛ كما قال في "التقريب" .
ولم يعرفه الهيثمي - وربما معه غيره - فقال في "المجمع" (3/ 209) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ؛ وفيه من لم أعرفه" !
وأقره الثلاثة الجهلة (2/ 118) !!
ويمكن أن يكون الهيثمي عنى بقوله المذكور (أحمد بن الفرج الجوري) أيضاً ؛ فإن ترجمته عزيزة كما رأيت .
وأما شيخ الطبراني محمد بن حنيفة الواسطي ؛ فليس من عادته أن يتكلم فيهم إلا نادراً . وقال فيه الدارقطني :
"ليس بالقوي" ؛ كما في "التاريخ" (2/ 296) ، و "الميزان" ، و "اللسان" .
لكنه قد توبع من قبل أحمد بن محمد بن تميم الواسطي : أخبرنا أحمد - يعني : ابن الفرج الفارسي - : حدثنا حفص بن أبي داود به .
أخرجه الخطيب (4/ 402) في ترجمة (الواسطي) هذا ، وذكر أنه روى عنه المعافى بن زكريا الجريري ، وأبو القاسم بن الثلاج ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
(تنبيه) : الهيثم بن حبيب المذكور في إسناد الحديث : هو الصيرفي الكوفي ، وهو ثقة من أتباع التابعين ، وهو غير (الهيثم بن حبيب) الذي اتهمه الذهبي بخبر باطل في المهدي ، هذا متأخر عن الأول ، وهو متروك ، وقد ميز بينهما الحافظ في "التهذيب" - تبعاً لأصله - ، وفي "التقريب" ، ثم نسي فجعلهما واحداً في "اللسان" ! كما بينته في "تيسير الانتفاع" .

(101/1)


5096 - ( من خرج في هذا الوجه - لحج أو عمرة - فمات ؛ لم يعرض ولم يحاسب ، وقيل له : ادخل الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 164 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 111/ 2) : حدثنا محمد ابن أحمد : حدثنا محمد بن صالح العدوي : حدثنا حسين بن علي الجعفي عن جعفر بن برقان : حدثني الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن الزهري إلا جعفر ، تفرد به حسين" .
قلت : وهو ثقة من رجال الشيخين - وكذا من فوقه ؛ إلا ابن برقان ؛ فإن البخاري لم يخرج له ، ثم هو متكلم فيه روايته عن الزهري ، وهذه منها ؛ فقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق ، يهم في حديث الزهري" .
وقد جاء في حاشية "مجمع الزوائد" (3/ 208) ما نصه :
"فائدة : هو من رواية جعفر بن برقان عن الزهري ، وهو ضعيف في الزهري خاصة ، وذكر الطبراني أن جعفراً انفرد به" .
قلت : وأظنه من تعليقات الحافظ ابن حجر على "المجمع" .
ويحتمل عندي أن يكون الوهم ليس من جعفر ، وإنما ممن دونه ، فإني لم أعرف محمد بن أحمد هذا شيخ الطبراني ، ولا شيخه محمد بن صالح العدوي ؛ بل وجدت الثقة قد خالفه في إسناده ؛ فقال أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1133) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 215-216) : حدثنا الحسن بن حماد : أخبرنا حسين - يعني : الجعفي - عن ابن السماك عن عائذ عن عطاء عن عائشة به . وزاد :
قالت : وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"إن الله يباهي بالطائفين" .
والحسن بن حماد : هو الحضرمي البغدادي ، أو الضبي الكوفي الصيرفي ، وكلاهما روى عنه أبو يعلى ، وكلاهما ثقة .
وقد تابعه الحسن بن أبي الربيع : حدثنا حسين بن علي الجعفي به .
أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 262) .
وابن أبي الربيع : هو ابن يحيى بن الجعد الجرجاني ، وهو ثقة أيضاً .
فهذان ثقتان خالفا العدوي في إسناده ، فلم يذكرا فيه : جعفر بن برقان عن الزهري عن عروة . فالوهم ليس من جعفر ؛ إذ لم يثبت أن هذا مما حدث به ، وإنما هو من العدوي أو الراوي عنه ، والحديث إنما هو عن الجعفي عن ابن السماك عن عائذ عن عطاء عنها .
وقد تابعه عبدالحميد بن صالح : عند ابن الأعرابي في "معجمه" (ق 172/ 2) ، ويحيى بن أيوب العابد : عند الخطيب في "التاريخ" (5/ 369) ؛ كلاهما عن محمد بن صبيح بن السماك به .
فالحديث - إذن - حديث ابن السماك عن عائذ .
وابن السماك صدوق متكلم فيه ؛ لكنه لم يتفرد به ، فتابعه يحيى بن يمان : عند العقيلي (342) ، وابن عدي (ق 255/ 2) ، وتمام في "الفوائد" (ق 205/ 1) .
وتابعه محمد بن الحسن الهمداني : عند الدارقطني في "سننه" (ص 288) ؛ كلاهما عن عائذ بن نسير به .
فالحديث قد دارت طرقه على عائذ ، وقد صرح أبو نعيم (8/ 216) أنه لم يروه عن عطاء إلا عائذ . وبه صرح ابن عدي قبله ، فقال :
"لا يرويه غير عائذ ، وهو غير محفوظ" . وقال العقيلي :
"هو منكر الحديث ، قال ابن معين : ليس به بأس ، ولكن روى أحاديث مناكير . وفي رواية عنه قال : حديثه ضعيف" .
والحديث ؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 417) ، وأعله بعائذ هذا .
وتعقبه السيوطي وغيره بأنه لم يتهم بكذب ، وساق له بعض الشواهد التي لا تساوي شيئاً لشدة ضعفها ! فيبقى الحديث في مرتبة الضعف .
وقد أشار إلى تضعيفه : المنذري في "الترغيب" (2/ 112) . وقال الهيثمي (3/ 208) :
"رواه أبو يعلى ، والطبراني في "الأوسط" ؛ وفي إسناد الطبراني محمد بن صالح العدوي ، ولم أجد من ذكره ، وبقية رجاله رجال "الصحيح" (!) ، وإسناد أبي يعلى فيه عائذ بن نسير ، وهو ضعيف" !
قلت : والزيادة المتقدمة : "إن الله يباهي بالطائفين" ؛ رواها غير أبي يعلى ، وقد سبق تخريجها برقم (3114) ؛ ونبهت هناك على أن (نسير) ضبطه بالنون والسين المهملة ؛ خلافاً لمن وهم .
وقد روي الحديث عن ابن السماك بلفظ آخر وهو : ............
ث وجدت للحديث شاهداً من حديث عائشة من رواية مدرك بن قزعة عن محمد بن مسلم عنها .
أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (198/ 2) .
ومدرك هذا لم أجده .
ومحمد بن مسلم ؛ الظاهر أنه أبو الزبير ؛ فقد ذكروا له رواية عن عائشة ، ولكنه مدلس .
والحديث ؛ صححه الدكتور القلعجي في فهرس الأحاديث الصحيحة الذي وضعه في آخر "ضعفاء العقيلي" (ص 522) ! وذلك ؛ لأن العقيلي ذكره عقب حديث عائشة من طريق أخرى ضعيفة عن عطاء مرسلاً ، وقال :
"هذا أولى" ! فما أجهله بهذا العلم !! وما أجرأه على الخوض فيما لا يعلم !!

(102/1)


5097 - ( من بلغ الثمانين من هذه الأمة ؛ لم يعرض ولم يحاسب ، وقيل : ادخل الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 168 :
$ضعيف$
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 215) : حدثنا أبو عبدالله محمد بن سلمة العامري الفقيه : حدثنا عبدالرحمن بن عبدالله محمد بن المقري : حدثنا علي بن حرب : حدثنا حسين الجعفي عن محمد بن السماك عن عائذ ابن نسير عن عطاء عن عائشة مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن عطاء إلا عائذ ، ولا عنه إلا ابن السماك" .
قلت : وفيه ضعف .
وعائذ أسوأ منه ؛ كما تقدم في الحديث الذي قبله .
وقد رواه جمع عن ابن السماك باللفظ السابق ، فهو اللفظ منكر ؛ لتفرد هذه الطريق به .
وعلي بن حرب - وهو الطائي الموصلي ؛ وإن كان ثقة - ؛ فاللذان دونه لم أعرفهما .

(103/1)


5098 - ( يا عكراش ! كل من حيث شئت ؛ فإنه من غير لون واحد ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 169 :
$ضعيف$
رواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (97-98) : حدثنا إسماعيل القاضي : أخبرنا أبو الهذيل العلاء بن الفضل بن عبدالملك بن أبي سوية المنقري : حدثني عبيدالله بن عكراش : حدثني أبي قال :
بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقدمت عليه المدينة ، فوجدته جالساً مع المهاجرين والأنصار ، فأتيته بإبل كأنها عروق الأرطى ، فقال :
"من الرجل ؟" ، فقلت : عكراش بن ذؤيب ، قال :
"ارفع في النسب" ، فقلت : ابن حرقوص بن جعدة بن عمرو بن النزال بن مرة بن عبيد ، وهذه صدقات بني مرة بن عبيد ، فتبسم رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قال :
"هذه إبل قومي ؛ هذه صدقات قومي" . ثم أمر بها رسول الله صلي الله عليه وسلم أن توسم بميسم إبل الصدقة وتضم إليها ، ثم أخذ بيدي ، فانطلق بي إلى منزل أم سلمة زوج النبي صلي الله عليه وسلم فقال :
"هل من طعام ؟" ، فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والوذر فأقبلنا نأكل منها ، فأكل رسول الله صلي الله عليه وسلم مما بين يديه ، وجعلت أخبط في نواحيها ، فقبض رسول الله صلي الله عليه وسلم بيده اليسرى على يدي اليمنى ثم قال :
"يا عكراش ! كل من موضع واحد ؛ فإنه طعام واحد" ، ثم أتينا بطبق فيه ألوان من رطب أو تمر - شك عبيدالله بن عكراش رطباً كان تمراً - ، فجعلت آكل من بين يدي ، وجالت يد رسول الله صلي الله عليه وسلم في الطبق ، ثم قال : ... (فذكر الحديث) ، ثم أتينا بماء فغسل رسول الله صلي الله عليه وسلم يديه ، ثم مسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ثم قال :
"يا عكراش ! هكذا الوضوء ، مما غيرت النار" .
وكذا رواه ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 183-184) ، والترمذي - مختصراً - (1949) ، وكذا ابن ماجه (3274) . وقال الترمذي :
"حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث العلاء بن الفضل" .
قلت : وفي ترجمته أورده ابن حبان ، وقال فيه :
"كان ينفرد بأشياء مناكير عن أقوام مشاهير ، لا يعجبني الاحتجاج بأخباره التي انفرد بها" . وقال في عبيدالله بن عكراش (2/ 64) :
"منكر الحديث جداً ، فلا أدري المناكير في حديثه وقعت من جهته أو من العلاء بن الفضل ؟ ومن أيهما كان ؛ فهو غير محتج به على الأحوال" .
والحديث قد تقدم تخريجه - مختصراً - تحت الحديث (1127) من هذه "السلسلة" .

(104/1)


5099 - ( ليدركن الدجال قوماً مثلكم أو خيراً منكم (ثلاث مرات) ، ولن يخزي الله أمة أنا أولها ، وعيسى ابن مريم آخرها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 171 :
$ضعيف$
أخرجه الحاكم (3/ 41) عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال :
لما اشتد جزع أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم على من قتل يوم مؤتة ؛ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال :
"صحيح على شرط الشيخين" !
قلت : وكأنه توهم أن جبير بن نفير صحابي ، ولعل السبب أنه أدرك زمان النبي صلي الله عليه وسلم ، وروى عنه وعن أبي بكر الصديق ؛ ولكن مرسلاً ؛ كما في "التهذيب" . وقال أبو حاتم :
"ثقة ، من كبار تابعي أهل الشام القدماء" .
وإنما الصحبة لأبيه ، ولذلك تعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : ذا مرسل ، وهو خبر منكر" .

(105/1)


5100 - ( زني شعر الحسين ، وتصدقي بوزنه فضة ، وأعطي القابلة رجل العقيقة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 171 :
$منكر$
أخرجه الحاكم (3/ 179) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 304) من طريق سعيد بن عبدالرحمن المخزومي : حدثنا حسين بن زيد العلوي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أمر فاطمة رضي الله عنها ، فقال : ... فذكره . وقال الحاكم :
"صحيح الإسناد" !
قلت : ورده الذهبي بقوله :
"قلت : لا" .
وأقول : وله علتان :
الأولى : ضعف حسين بن زيد ؛ فقد أورده الذهبي في "الضعفاء" ، وقال :
"قال أبو حاتم : تعرف وتنكر" .
والأخرى : المخالفة في السند والمتن ؛ وقد أشار إليها البيهقي بقوله عقب الحديث :
"كذا قال ، وروى الحميدي عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه : أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أعطى القابلة رجل العقيقة . ورواه حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي صلي الله عليه وسلم مرسلاً ؛ في أن يبعثوا إلى القابلة منها برجل" .
قلت : فقد خالف الحميدي سعيد بن عبدالرحمن المخزومي في الإسناد والمتن .
أما الإسناد ؛ فإنه لم يذكر فيه : عن جده عن علي ؛ فهو مرسل ، بل معضل .
وأما المتن ؛ فإنه أوقفه على علي وجعله من فعله ، ولم يرفعه إلى النبي صلي الله عليه وسلم .
ولعل هذا الاختلاف إنما هو من العلوي نفسه - وهو مما يدل على ضعفه - ؛ فقد تابعه على إرساله حفص بن غياث ؛ كما رأيت فيما علقه البيهقي ، وقد وصله في مكان آخر (9/ 302) من طريق أبي داود في "المراسيل" عن محمد بن العلاء عن حفص به مرسلاً ؛ ولفظه :
"أن النبي صلي الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين عليهما السلام : أن يبعثوا إلى القابلة منها برجل ، وكلوا وأطعموا ، ولا تكسروا منها عظماً" .
وكذلك رواه الخلال من طريق أخرى عن حفص به مرسلاً ؛ كما نقله ابن القيم في "تحفة المودود في أحكام المولود" (ص 27 - هندية) ، ولم يسق منه إلا الشطر الأخير المتعلق برجل العقيقة .
والواقع أنني ما أخرجت الحديث هنا إلا من أجل الشطر المذكور وإلا ، فطرفه الأول ثابت ؛ لوروده في عدة أحاديث يقوي بعضها بعضاً ، أقواها حديث عبدالله ابن محمد بن عقيل عن علي بن الحسين عن أبي رافع قال :
لما ولدت فاطمة حسناً رضي الله عنهما قالت ... قال صلي الله عليه وسلم :
"احلقي شعره ، وتصدقي بوزنه من الورق على الأوفاض أو على المساكين" - يعني : أهل الصفة - ؛ ففعلت ذلك ، فلما ولدت حسيناً ؛ فعلت مثل ذلك .
أخرجه البيهقي ؛ وأحمد (6/ 390،392) .
قلت : وإسناده حسن . وقال الهيثمي (4/ 57) :
"رواه أحمد ؛ والطبراني في "الكبير" ، وهو حديث حسن" .
وفي الباب عن أنس بن مالك ، وعبدالله بن عباس ، وعلي بن أبي طالب ؛ وهي مخرجة في "المجمع" (4/ 57،59) .
وقد روى مالك في "الموطأ" (2/ 45) عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه قال :
وزنت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم ، فتصدقت بزنة ذلك فضة .
وعن محمد بن علي بن الحسين أنه قال : ... فذكره ؛ دون ذكر زينب وأم كلثوم .

(106/1)


5101 - ( الحمد لله الذي أطعمني الخمير ، وألبسني الحرير ، وزوجني خديجة ، وكنت لها عاشقاً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 174 :
$موضوع$
أخرجه الحاكم (3/ 182) عن سهل بن سليمان النبلي - بواسط - : حدثنا منصور بن المهاجر : حدثنا محمد بن الحجاج : حدثنا سفيان بن حسين عن الزهري قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : سكت عنه الحاكم ، وتبعه الذهبي ! فأخطآ خطأً فاحشاً ؛ فإنه - مع إرساله - موضوع ؛ آفته محمد بن الحجاج هذا ؛ وهو اللخمي الواسطي ، المترجم في "الميزان" وغيره بأنه كذاب خبيث ، وضع حديث الهريسة المتقدم برقم (690) ، ولا أدري كيف خفي حاله على الذهبي مع شهرة هذا الكذاب ، وكونه واسيطاً ، وشيخه ومن دونه كلهم واسطيون ؟! ففي ذلك ما يكفي لدلالة الحافظ مثله على تحديد شخصيته ، وأنه ليس غيره ممن شاركه في اسمه واسم أبيه !
وسفيان بن حسين ثقة من رجال الشيخين ؛ لكنهم ضعفوه في روايته عن الزهري ، ولذلك ؛ لم يخرجا له عنه شيئاً .
على أن متن الحديث باطل عندي ؛ فإني أكاد أقطع بأنه يستحيل أن يحمد النبي صلي الله عليه وسلم ربه على أن ألبسه الحرير ، وهو القائل :
"من لبس الحرير في الدنيا ؛ فلن يلبسه في الآخرة" . أخرجه الشيخان وغيرهما ، وهو مخرج في "الصحيحة" (384) ، وغيره من الأحاديث الصحيحة المحرمة لبس الحرير على الرجال .

(107/1)


5102 - ( من طاف بالبيت خمسين مرة ؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 175 :
$ضعيف$
أخرجه الترمذي (1/ 164) ، والمخلص في "الفوائد" (ق 184/ 2) ، وعنه ابن الجوزي في "منهاج القاصدين" (1/ 56/ 1) ، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" (ق 132/ 1) عن سفيان بن وكيع : حدثنا يحيى ابن يمان عن شريك عن أبي إسحاق عن عبدالله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً . وقال الترمذي - مضعفاً - :
"حديث غريب ؛ سألت محمداً - يعني : البخاري - عن هذا الحديث ؟ فقال : إنما يروى هذا عن ابن عباس قوله" .
قلت : وهو مسلسل بالعلل :
الأولى : أبو إسحاق - وهو السبيعي - ، وهو مدلس ، وكان اختلط .
الثانية : شريك - وهو ابن عبدالله القاضي - ؛ قال الحافظ :
"صدوق يخطىء كثيراً ، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة" .
الثالثة : يحيى بن يمان ؛ قال الحافظ :
"صدوق عابد ، يخطىء كثيراً ، وقد تغير" .
الرابعة : سفيان بن وكيع ؛ قال الحافظ :
"كان صدوقاً ؛ إلا أنه ابتلي بوراقه ، فأدخل عليه ما ليس من حديثه ، فنصح ، فلم يقبل ، فسقط حديثه" .
(تنبيه) : حكى الناجي في "العجالة" (ق 132/ 2) عن المحب الطبري أن الحديث رواه الطبراني بلفظ :
"خمسين أسبوعاً" ! وقد راجعته في "مسند ابن عباس" من "المعجم الكبير" للطبراني (ج 3 ق 74-187) ؛ فلم أعثر عليه ! فالله أعلم .
أما الموقوف الذي أشار إليه البخاري ؛ فلم أره الآن ، وما أراه يصح أيضاً .

(108/1)


5103 - ( ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن ، النقي التقي الوادع اللين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 176 :
$لا أصل له!$
وإنما هو من الإسرائيليات ؛ كما صرح بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه ؛ ففي "مجموعة الفتاوى" (18/ 122،376) :
"هذا مذكور في الإسرئيليات ، ليس له إسناد معروف عن النبي صلي الله عليه وسلم ، ومعناه : وسع قلبه الإيمان بي ومحبتي ومعرفتي .
وإلا ؛ فمن قال : إن ذات الله تحل في قلوب الناس ؛ فهو أكفر من النصارى الذين خصوا ذلك بالمسيح وحده" .
وأقره الحافظ السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص 373) ، ومن قبله الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (3/ 13) ؛ فقال - وقد ذكره الغزالي بقوله : "وفي الخبر ....." - :
"لم أر له أصلاً" .
وإذا عرفت هذا ؛ فقول شيخ الإسلام في مكان آخر (2/ 384) :
"وفي حديث مأثور : "ما وسعني أرضي ولا سمائي ..."" فذكره بتمامه ؛ فهو مما ينبغي أن لا يؤخذ على ظاهره ، ولعل ذلك كان منه قبل أن يتحقق من أنه لا أصل له . والله أعلم .
ويغني عن حديث الترجمة - في معناه الذي فسره به ابن تيمية - قوله صلي الله عليه وسلم :
"إن لله تعالى آنية من أهل الأرض ، وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين ، وأحبها إليه ألينها وأرقها" .
أخرجه الطبراني وغيره بسند حسن ؛ كما بينته في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1691) .

(109/1)


5104 - ( ما من مسلم يقف عشية عرفة بالموقف ، فيستقبل القبلة بوجهه ، ثم يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير (مئة مرة) ، ثم يقول : (قل هو الله أحد) (مئة مرة) ، ثم يقول : اللهم ! صل على محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وإنك حميد مجيد ، وعلى سامعهم (مئة مرة) ؛ إلا قال الله تعالى : يا ملائكتي ! ما جزاء عبدي هذا ؟ سبحني وهللني ، وكبرني وعظمني ، وعرفني ، وأثنى علي ، وصلى على نبيي ؟! اشهدوا ملائكتي ! أني قد غفرت له ، وشفعته في نفسه ، ولو سألني عبدي هذا ؛ لشفعته في أهل الموقف كلهم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 178 :
$ضعيف$
أخرجه ابن عساكر في "جزء فضل عرفةط (4/ 2-5/ 1) من طريق البيهقي ، بسنده عن عبدالرحمن بن محمد الطلحي : حدثنا عبدالرحمن بن محمد المحاربي عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله مرفوعاً . وقال البيهقي :
"هذا متن غريب ، وليس في إسناده من ينسب إلى الوضع" . وقال الحافظ ابن حجر في "أماليه" ؛ كما في "اللآلي" (2/ 70) :
"رواته كلهم موثقون ؛ إلا الطلحي ؛ فإنه مجهول" !
قلت : لم أر من وصفه بالجهالة ، وأنا أظنه الذي في "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 281) :
"عبدالرحمن بن محمد بن طلحة بن مصرف . روى عن أبيه . روى عنه يحيى بن آدم . سألت أبي عنه ؟ فقال : ليس بالقوي" .
ونقله عنه - باختصار - الذهبي في "الميزان" ، والحافظ في "اللسان" .
وقد تابعه أحمد بن ناصح : حدثنا المحاربي به نحوه .
أخرجه الديلمي ، وابن النجار من طريقين عنه به .
وأحمد بن ناصح - وهو المصيصي - صدوق ، فبرئت ذمة الطلحي منه . وقد أشار إلى ذلك أحد رواته عند ابن النجار - وهو أبو بكر محمد بن أحمد بن مهران البغدادي الحافظ - ، فقال عقبه :
"تفرد به المحاربي عن محمد بن سوقة" .
قلت : والمحاربي - وإن كان أخرج له الشيخان - ؛ فقد قال أحمد :
"كان يدلس" . وقد عنعنه في رواية البيهقي عن الطلحي ، وكذا في رواية ابن النجار عن بن ناصح ، بخلاف رواية الديلمي عنه ؛ فقد صرح فيها بالتحديث ، وكذلك في نقل السيوطي للحديث عن البيهقي .
فإن كان محفوظاً ؛ فالحديث ثابت . والله أعلم .
ثم رأيت الحديث في "الشعب" (3/ 463/ 4074) من طريق الطلحي عن المحاربي معنعناً ؛ فهي العلة .

(110/1)


5105 - ( يا مالك يوم الدين ! إياك نغبد وإياك نستعين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 179 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (8163) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (329) ، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 164) عن عبدالسلام بن هاشم قال : حدثنا حنبل عن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال :
كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزاة ، فلقي العدو ، فسمعته يقول : ... (فذكره) . فلقد رأيت الرجال تصرع ؛ تضربها الملائكة من بين أيديها ومن خلفها .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ حنبل هذا - وهو ابن عبدالله - مجهول ؛ كما قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 304) عن أبيه ؛ وتبعه الذهبي .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" (3/ 53) !
وعبدالسلام بن هاشم ؛ أورده الذهبي في "الضعفاء" ، وقال :
"قال أبو حاتم : ليس بقوي . وقال الفلاس : لا أقطع على أحد بالكذب إلا عليه" .
وبه أعله الهيثمي ، فقال في "المجمع" (5/ 378) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه عبدالسلام بن هاشم ؛ وهو ضعيف" .
والحديث ؛ أورده شيخ الإسلام في بعض رسائله مشيراً لضعفه دون أن يعزوه لأحد ، ولذلك ؛ بادرت إلى تخريجه ، وبيان علته المؤكدة لضعفه . والحمد لله على توفيقه .

(111/1)


5106 - ( لو يعلم أهل الجمع بمن حلوا ؛ لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 180 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 82/ 2 و 314/ 2 و 2/ 288 - ط) ، وابن دوست في "الأمالي" (ق 117/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (3/ 477/ 4113) عن عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن أبي رواد قال : حدثنا إبراهيم بن طهمان عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن طاوس عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم ونحن بمنى يقول : ... فذكره .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 106/ 2 و 11/ 53/ 11022 - ط) من طريق يزيد بن قبيس ، والرئيس أبو القاسم بن الجراح في "ستة مجالس من الأمالي" (ق 186/ 2) من طريق إسحاق بن حاتم العلاف قالا : أخبرنا عبدالمجيد ابن عبدالعزيز بن أبي رواد به ؛ إلا أنهما لم يذكرا في إسناده : الحسن بن عمارة .
قلت : ولعل ذلك من عبدالمجيد ؛ فإن يزيد بن قبيس ثقة من رجال "التهذيب" .
وكذلك العلاف ثقة ؛ كما في "تاريخ بغداد" (6/ 315) .
وأما عبدالمجيد ؛ ففيه كلام كثير ، وقد قال الحافظ :
"صدوق يخطىء ، أفرط ابن حبان فقال : متروك" .
قلت : فالظاهر أنه - لسوء حفظه - كان يضطرب في إسناده ، فتارة يثبت فيه الحسن بن عمارة ، وتارة يسقطه .
والحديث حديث ابن عمارة ، ويدل عليه أمران :
الأول : أنه تابعه على إثباته : أبو مطيع البلخي ؛ فقال الطبراني (11021) : حدثنا العباس بن محمد المجاشعي الأصبهاني : أخبرنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني : أخبرنا أبو مطيع قاضي بلخ عن الحسن - يعني : ابن عمارة - عن الحكم به .
وأبو مطيع : هو الحكم بن عبدالله الخراساني الفقيه الحنفي ، وهو - وإن كان ضعيفاً - ؛ فيشهد له الأمر الآتي :
الثاني : أن ابن عدي ساق الحديث في ترجمة الحسن بن عمارة ، وقد أطال فيها جداً ، وختمها بقوله :
"هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق" . وقال الحافظ :
"متروك" .
قلت : فهو علة الحديث .
ولا أدري كيف خفي هذا على الحافظ الهيثمي ؛ فقال (3/ 277) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفي إسناده من لم أعرفه" !!

(112/1)


5107 - ( إن استطعت أن تعمل لله بالرضا مع اليقين فافعل ، وإن لم تستطع ؛ فإن في الصبر على ما يكره خيراً كثيراً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 182 :
$ضعيف$
أورده شيخ الإسلام ابن تيمية في "رسالة التوبة" (ص 250 - جامع الرسائل) مشيراً لضعفه بتصديره إياه بقوله : "روي ..." ؛ وعلق عليه محققه صديقنا الدكتور محمد رشاد سالم بقوله :
"قال العراقي عن هذا الحديث في تعليقه على "الإحياء" (12/ 34) : "الترمذي من حديث ابن عباس" ، ولم أستطع معرفة مكان الحديث" !!
قلت : أورده الغزالي في "الإحياء" في موضعين :
الأول : في "رياضة النفس" (3/ 51) بلفظ :
"اعبد الله في الرضا ، فإن لم تستطع ؛ ففي الصبر على ما تكره خير كثير" .
فقال الحافظ العراقي في "تخريجه" (3/ 51 - طبع الحلبي ،ق 109/ 1 - مخطوطة الظاهرية) :
"الطبراني في "الكبير"" !!
والآخر : في "الصبر والشكر" (4/ 54) بلفظ :
"في الصبر على ما تكره خير كثير" .
فقال الحافظ العراقي (4/ 54 - ط ،ق 144/ 1 - مخطوطة) :
"الترمذي من حديث ابن عباس ، وقد تقدم" !!
فأقول - وبالله التوفيق - :
حديث الترجمة واللفظان اللذان ذكرهما الغزالي ؛ كل ذلك طرف من حديث ابن عباس المعروف الذي أوله :
"يا غلام ! احفظ الله يحفظك ..." الحديث ؛ أخرجه أحمد ، والترمذي ، وأبو يعلى ، والطبراني في "الكبير" وغيرهم من طرق عن ابن عباس مرفوعاً - يزيد بعضهم على بعض - ، وقد ذكرها الحافظ ابن رجب في شرحه للحديث في "جامع العلوم والحكم" (ص 132-140) دون أن يخرجها ، وقد خرجت أنبأنا طائفة منها في "تخريج السنة لابن أبي عاصم" (316-318) .
وقد ذكر ابن رجب (ص 140) أن حديث الترجمة في رواية عمر مولى غفرة وغيره عن بن عباس .
قلت : ورواية عمر هذا ؛ أخرجها هناد في "الزهد" (1/ 304/ 536) ، والبيهقي في "الشعب" (7/ 203/ 10000) ، وهي عند الطبراني في "الكبير" (3/ 126/ 2) أيضاً عن عكرمة عن ابن عباس ، لكن ليس فيها عند الطبراني حديث الترجمة . وإنما وجدته في رواية أخرى عن ابن عباس ؛ أخرجها الحاكم (3/ 541) بإسناد منقطع ، وفيه إلى ذلك راو متروك ، وآخر مختلف فيه ؛ كما قال الذهبي .
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 314) من طريق الحجاج بن فرافضة عن رجلين سماهما عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله عن ابن عباس به ، وفيه :
"فاعمل لله تعالى بالرضا واليقين ، واعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً" .
والحجاج بن فرافصة ؛ ضعيف ؛ قال الحافظ :
"صدوق عابد يهم" .
ومن طريقه : أخرجه أحمد (1/ 307) ؛ ولكنه أعضله ؛ فقال : عنه ، رفعه إلى ابن عباس ... فذكره مقتصراً على الشطر الثاني من حديث الترجمة .
والحديث له شاهد ؛ أخرجه الخطيب في "التاريخ" (14/ 125) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً وفيه :
"اعبد الله بالصبر مع اليقين" .
وإسناده ضعيف جداً ؛ كما بينته في "تخريج السنة" (318) .
وجملة القول : أن حديث الترجمة من حديث ابن عباس ضعيف ؛ كما أشار إليه ابن تيمية رحمة الله عليه ؛ لأن طرقه كلها ضعيفة ، وبعضها أشد ضعفاً من بعض ، ولشدة ضعف شاهده .
وأن عزوه لرواية الترمذي وهم ، وإنما روى أصله ، وليس فيه حديث الترجمة .
وكذلك عزوه لرواية الطبراني ؛ إلا أن يعني أنه رواه من غير طريق ابن عباس ، كأبي سعيد الخدري مثلاً ، فذلك من الممكن . والله أعلم .
وقد روي من حديث سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لعبدالله ابن عباس :
"يا غلام ! ألا أعلمك ..." الحديث ؛ وفيه حديث الترجمة .
ذكره أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 406 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق ابن أبي الدنيا : حدثنا أبو سعد المدني : أخبرنا أبو بكر ابن شيبة الحزامي : أخبرنا أبو سعيد محمد بن إبراهيم بن المطلب : أخبرنا زهرة بن عمرو عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ زهرة بن عمرو ؛ أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 615) من رواية ثقتين آخرين عنه ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وأبو سعيد بن المطلب ؛ مقبول عند الحافظ .
وأبو بكر بن شيبة الحزامي ؛ صدوق يخطىء .
وأبو سعد المدني ؛ لم أعرفه .

(113/1)


5108 - ( من سرق وأخاف السبيل ؛ فاقطع يده بسرقته ، ورجله بإخافته ، ومن قتل ؛ فاقتله ، ومن قتل وأخاف السبيل واستحل الفرج الحرام ؛ فاصلبه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 185 :
$منكر$
أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير" (10/ 276/ 11854) عن الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب : أن عبدالملك بن مروان كتب إلى أنس بن مالك يسأله عن هذه الآية ، فكتب إليه أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين ، وهم من بجيلة ، قال أنس : فارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا الراعي ، وساقوا الإبل ، وأخافوا السبيل ، وأصابوا الفرج الحرام . قال أنس : فسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم جبريل عليه السلام عن القضاء فيمن حارب ؛ فقال : ... فذكره . وقال :
"في إسناده نظر" . ونحوه قول ابن كثير (2/ 51) :
"إن صح سنده" .
وتبعه صديق حسن خان ، فقال في "نيل المرام من تفسير آيات الأحكام" (ص 210) - تبعاً للشوكاني في "فتح القدير" (2/ 34) - :
"وهذا - مع ما فيه من النكارة الشديدة - لا يدرى كيف صحته" .
قلت : وهو ظاهر الضعف ، وله علتان :
الأولى : ضعف ابن لهيعة ؛ فإنه سيىء الحفظ ؛ إلا فيما رواه عنه العبادلة .
واحتجاج الشيخ أحمد شاكر به مطلقاً ؛ مما لا وجه له عندي ، بل مخالف لما عليه الأئمة النقاد من قبلنا كابن حجر وغيره .
والأخرى : تدليس الوليد بن مسلم ؛ فإنه كان يدلس تدليس التسوية ، وقد عنعن في الإسناد كله كما ترى .
وأما قول صديقنا الأستاذ محمود شاكر في تعليقه على "التفسير" :
"ثم إن يزيد بن أبي حبيب لم يدرك أن يسمع من أنس ، ولم يذكر أنه سمع منه" !
قلت : فهو إعلال عجيب غريب ؛ فإنه إذا كان لم يدرك أن يسمع من أنس ، فما فائدة قوله : "ولم يذكر أنه سمع منه" ؛ فإن هذا إنما يقال إذا أدركه ، وكان يمكنه السماع منه وكان موصوفاً بالتدليس ! وهذا وذاك من النفي منفي بالنسبة ليزيد بن أبي حبيب ؛ فإنه مات سنة ثمان وعشرين ومئة ، وقد قارب الثمانين ؛ كما قال الحافظ في "التقريب" ، وابن حبان نحوه في "الثقات" (3/ 295) ، وقد توفي أنس رضي الله عنه سنة اثنتين أو ثلاث وتسعين ، ومعنى هذا أنه أدرك من حياة أنس نحو خمس وثلاثين سنة ، فكيف يقال :
"لم يدرك أن يسمع من أنس" ؟! ثم هو لم يوصف بالتدليس ؛ فما معنى أن يقال فيه :
"ولم يذكر أنه سمع منه" ؟! فالمعاصرة كافية في مثله لإثبات الاتصال عند الجمهور ، كما هو معلوم .
وجملة القول : أن الحديث ضعيف ؛ لضعف ابن لهيعة ، وعنعنة الوليد .
ولذلك ؛ فلا يصح الاستدلال به على ما ذهب إليه الجمهور من أن آية المحاربة منزلة على أحوال ؛ نحو ما في هذا الحديث من التفصيل .
وذهب آخرون إلى أن (أو) فيها للتخيير ؛ كما في قوله تعالى : (فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) ونحوها من الآيات ؛ وهو الظاهر .
وقد ذهب إليه الشوكاني وصديق حسن خان ، وهو قول ابن عباس - في رواية - ، وسعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وعطاء ، وغيرهم ؛ وحكي عن الإمام مالك . والله أعلم .
ثم رأيت الإمام الشافعي قد أخرج الحديث في "مسنده" (ص 111 - طبع المطبوعات العلمية) : أخبرنا إبراهيم عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس موقوفاً عليه .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ إبراهيم - وهو ابن أبي يحيى الأسلمي - متروك .
وصالح مولى التوأمة ضعيف .

(114/1)


5109 - ( من قال : جزى الله عنا محمداً بما هو أهله ؛ أتعب سبعين كاتباً ألف صباح ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 188 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 449 - مصورة الجامعة الإسلامية) قال : حدثنا ابن رشدين : حدثنا هانىء بن المتوكل : حدثنا معاوية بن صالح عن جعفر بن محمد عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن عكرمة إلا جعفر ، ولا عنه إلا معاوية ، تفرد به هانىء" .
قلت : قال ابن حبان :
"كان تدخل عليه المناكير ، وكثرت ، فلا يجوز الاحتجاج به بحال ، فمن مناكيره ..." .
قلت : فساق له أحاديث ، هذا أحدها .
ومن طريقه : أخرجه الطبراني في "الكبير" أيضاً (3/ 124/ 2) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 230) .
وأشار المنذري في "الترغيب" (2/ 282) إلى تضعيف الحديث . وقال الهيثمي (10/ 163) :
"هانىء ضعيف" .

(115/1)


5110 - ( من صلى علي في يوم [الجمعة] ألف مرة ؛ لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 189 :
$ضعيف جداً$
رواه ابن سمعون في "الأمالي" (172/ 1) عن محمد ابن عبدالعزيز الدينوري : أخبرنا قرة بن حبيب القشيري : أخبرنا الحكم بن عطية عن ثابت عن أنس بن مالك مرفوعاً .
ومن هذا الوجه : أخرجه ابن شاهين في "الترغيب والترهيب" (ق 261/ 2) ؛ وإليه عزاه المنذري (2/ 281) مشيراً إلى تضعيفه .
قلت : وعلته : الحكم بن عطية ؛ فإنه ضعيف ؛ كما في "التقريب" .
والدينوري شر منه ؛ قال الذهبي :
"ليس بثقة ؛ أتى ببلايا" .
لكن رواه الأصبهاني في "ترغيبه" (ص 234 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق محمد بن عبدالله بن محمد بن سنان القزاز البصري : أخبرنا قرة بن حبيب به .
ومحمد بن عبدالله بن محمد ؛ لم أعرفه ، ولعل الأصل : "... عن محمد بن سنان" ؛ فإن محمد بن سنان القزاز البصري معروف ، وهو ضعيف . والله أعلم .
وقال السخاوي في "القول البديع" (ص 95) :
"رواه ابن شاهين في "ترغيبه" وغيره ، وابن بشكوال من طريقه ، وابن سمعون في "أماليه" ؛ وهو عند الديلمي من طريق أبي الشيخ الحافظ ، وأخرجه الضياء في "المختارة" وقال :
"لا أعرفه من حديث الحكم بن عطية ، قال الدارقطني : حدث عن ثابت أحاديث لا يتابع عليها . وقال أحمد : لا بأس به ؛ إلا أن أبا داود الطيالسي روى عنه أحاديث منكرة . قال : وروي عن يحيى بن معين أنه قال : هو ثقة" .
قلت (السخاوي) : وقد رواه غير الحكم ، وأخرجه أبو الشيخ من طريق حاتم ابن ميمون عن ثابت ؛ ولفظه :
"لم يمت حتى يبشر بالجنة" .
وبالجملة ؛ فهو حديث منكر : كما قاله شيخنا" .
يعني الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله .
وقال في مكان آخر (145) :
"أخرجه ابن شاهين بسند ضعيف" .
قلت : وسقط الحديث من مطبوعة "المختارة" ، وليس فيه ترجمة لـ (الحكم ابن عطية) عن ثابت عن أنس . فالظاهر أنها كانت قصاصة من القصاصات التي كان يلحقها بمكانها ، وقد شاهدت منها الشيء الكثير في نسخة الظاهرية ، وهي بخط المؤلف رحمه الله ، وهذه ربما ضاعت أو لم تصور .

(116/1)


5111 - ( من قرأ سورة (يس) في ليلة الجمعة ؛ غفر له ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 191 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 244 - مصورة الجامعة) من طريق زيد بن الحريش : أخبرنا الأغلب بن تميم : أخبرنا أيوب ويونس عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، آفته الأغلب بن تميم قال ابن حبان (1/ 166) :
"منكر الحديث ، يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم ، حتى خرج عن حد الاحتجاج به لكثرة خطئه" .
وضعفه آخرون .
وزيد بن الحريش قال ابن حبان في "الثقات" :
"ربما أخطأ" . وقال ابن القطان :
"مجهول الحال" .
قلت : ومن طريقه أخرجه ابن السني في "اليوم والليلة" (رقم 668) وابن عدي في "الكامل" (1/ 416) دون ذكر ليلة الجمعة وقالا :
"في يوم وليلة ابتغاء وجه الله غفر له" .
وهو مخرج في "الروض النضير" (1146) .

(117/1)


5112 - ( من قرأ (حم) الدخان في ليلة الجمعة ، أو يوم الجمعة ؛ بنى الله له بيتاً في الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 191 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 244 - مصورة الجامعة الإسلامية) عن حفص بن عمر المازني : أخبرنا فضال بن جبير عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ فضال بن جبير ؛ قال ابن حبان :
"لا يجوز الاحتجاج به بحال ، يروي أحاديث لا أصل لها" .
وبه أعله الهيثمي ؛ فقال (2/ 168) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه فضال بن جبير ، وهو ضعيف جداً" .
وحفص بن عمر المازني لا يعرف ؛ كما في "اللسان" .

(118/1)


5113 - ( أتحبون أن يستظل نبيكم بظل من نار يوم القيامة ؟! ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 192 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 235 - مصورة الجامعة الإسلامية) عن أحمد بن عبدة الضبي : حدثنا الحسن بن صالح بن أبي الأسود : حدثنا عمي منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن شمر بن عطية عن أبي حازم الأنصاري قال :
أتي النبي صلي الله عليه وسلم يوم بدر بنطع من الغنيمة ، فقيل : استظل به يا رسول الله ! فقال : ... فذكره . وقال :
"لم يروه عن الأعمش إلا منصور ، ولا عنه إلا ابن أخيه الحسن ، تفرد به أحمد" .
قلت : وهو ثقة من شيوخ مسلم ؛ لكن العلة من شيخه الحسن بن صالح بن أبي الأسود ؛ فإنه غير معروف ؛ قال الذهبي :
"زائغ حائد عن الحق ؛ قاله الأزدي" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره على قاعدته في "الثقات" ، وقال :
"روى عنه أحمد بن عبدة الضبي" !
ومن فوقه ثقات ؛ غير أبي حازم الأنصاري ؛ فإنه مختلف في صحبته ، وقد أخرج حديثه هذا أبو داود في "المراسيل" ، كأنه يشير إلى أنه لم يثبت عنده صحبته ، ولم أره ذكر في حديث آخر إلا الحديث الآتي ، وهو في كل منهما لم يصرح بما يدل على صحبته ، ولا الراوي عنه ذكر ذلك ، على أن الإسناد إليه غير ثابت ؛ كما رأيت .
وروي عنه بالسند المتقدم قال :

(119/1)


5114 - ( كان [صلي الله عليه وسلم] يوم بدر في الظل ، وأصحابه يقاتلون في الشمس ، فأتاه جبريل عليه السلام فقال : أنت في الظل ، وأصحابك يقاتلون في الشمس ؟! فتحول إلى الشمس ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 193 :
$منكر$
أخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" (5/ 166) من طريق الحسن ابن سفيان : أخبرنا أحمد بن عبدة : أخبرنا الحسن بن صالح بن أبي الأسود بإسناده المتقدم في الحديث الذي قبله . وقال :
"أخرجه أبو نعيم ، وأبو موسى" .

(120/1)


5115 - ( الشهداء ثلاثة : رجل خرج بنفسه وماله محتسباً في سبيل الله ، لا يريد أن يقاتل ، ولا يقتل ، يكثر سواد المسلمين ، فإن مات أو قتل غفرت له ذنوبه كلها ، وأجير من عذاب القبر ، ويؤمن من الفزع ، ويزوج من الحور العين ، وحلت عليه حلة الكرامة ، ويوضع على رأسه تاج الوقار والخلد .
والثاني : خرج بنفسه وماله محتسباً يريد أن يقتل ولا يقتل ، فإن مات أو قتل ؛ كانت ركبته مع إبراهيم خليل الرحمن بيد يدي الله تبارك وتعالى في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
والثالث : خرج بنفسه وماله محتسباً يريد أن يقتل ويقتل ، فإن مات أو قتل ؛ جاء يوم القيامة شاهراً سيفه واضعه على عاتقه ، والناس جاثون على الركب يقولون : ألا افسحوا لنا ؛ فإنا قد بذلنا دماءنا لله تبارك وتعالى . قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
والذي نفسي بيده ! لو قال ذلك لإبراهيم خليل الرحمن أو لنبي من الأنبياء ؛ لزحل لهم عن الطريق ؛ لما يرى من واجب حقهم ، حتى يؤتوا منابر من نور تحت العرش ، فيجلسون عليها ، ينظرون كيف يقضى بين الناس ، لا يجدون غم الموت ، ولا يقيمون في البرزخ ، ولا تفزعهم الصيحة ، ولا يهمهم الحساب ؛ ولا الميزان ، ولا الصراط ، ينظرون كيف قضى بين الناس ، ولا يسألون شيئاً إلا أعطوه ، ولا يشفعون في شيء إلا شفعوا فيه ، ويعطون من الجنة ما أحبوا ، ويتبوؤن من الجنة حيث أحبوا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 194 :
$موضوع$
أخرجه البزار في "مسنده" (ص 185-186 - زوائده) : حدثنا سلمة بن شبيب - فيما أحسب - : حدثنا محمد بن معاوية : حدثنا مسلم بن خالد عن شريك بن أبي نمر عن أنس بن مالك مرفوعاً . وقال :
"لا نعلمه عن نس إلا من هذا الطريق ، ومحمد بن معاوية حدث بأحاديث لم يتابع عليها ، وأحسب هذا أتي منه" .
قال العسقلاني - عقبه - :
"قال الشيخ (يعني : الهيثمي) : وإن كان هو النيسابوري ؛ فهو متروك . قلت : هو هو" .
وأقول : صدق الحافظ - رحمه الله - . وقد تردد فيه الهيثمي في "مجمع الزوائد" أيضاً ، ولكنه وقع في وهم آخر ؛ فإنه قال (5/ 292) :
"رواه البزار ، وضعفه بشيخه محمد بن معاوية ، فإن كان النيسابوري ؛ فهو متروك . وفيه أيضاً مسلم بن خالد الزنجي ، وهو ضعيف وقد وثق" !
قلت : محمد بن معاوية ؛ إنما هو شيخ شيخ البزار - وهو سلمة بن شبيب - ، وكان هذا مستملي شيخه محمد بن معاوية ، وهذا من القرائن التي حملت الحافظ ابن حجر على الجزم بأنه هو صاحب الحديث .
ومنها عندي قول البزار فيه :
"حدث بأحاديث لم يتابع عليها" ؛ وقد قال هذا في - ابن معاوية - جماعة من الأئمة ، منهم : البخاري وابن أبي حاتم وأبو أحمد الحاكم ، ولم يقل ذلك أحد من الأئمة في غيره من الرواة ممن يسمى محمد بن معاوية .
ثم إنه متهم بالكذب ؛ فقد قال فيه ابن معين :
"كذاب" . وكذا قال الدارقطني وأبو الطاهر المدني ، وزادا :
"يضع الحديث" .
قلت : ولوائح الوضع عندي ظاهرة على حديثه هذا ؛ بل قوله في الرجل الأول :
"غفرت له ذنوبه كلها" باطل ؛ لمخالفته للحديث الصحيح :
"يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين" . رواه مسلم وغيره ، وهو مخرج عندي في أماكن ؛ فراجع "صحيح الجامع" (7975) . ولهذا ؛ فاقتصار المنذري (2/ 193) على الإشارة لتضعيفه مع استغرابه غريب ؛ فإنه قال :
"رواه البزار والبيهقي والأصبهاني ، وهو حديث غريب" !

(121/1)


5116 - ( إن من العلم كهيئة المكنون ، لا يعرفه إلا العلماء بالله ، فإذا نطقوا به ؛ لم ينكره إلا أهل الغرة بالله عز وجل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 196 :
$منكر$
أخرجه أبو عبدالرحمن السلمي في "الأربعين في أخلاق الصوفية" (ق 8/ 2) : أنبأنا حامد بن عبدالله الهروي : أخبرنا نصر بن محمد بن الحارث البوزجاني : أخبرنا عبدالسلام بن صالح : أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً أو موضوع ؛ آفته عبدالسلام بن صالح - وهو أبو الصلت الهروي - ، وقد كذبه العقيلي وابن طاهر ، واتهم بوضع أحاديث ، منها : "أنا مدينة العلم وعلي بابها" ؛ وقد تقدم برقم (2955) .
وذكرنا هناك شيئاً من أقوال الأئمة فيه ، وأقوال ابن معين المتناقضة حوله ، والجمع بينها ؛ فراجعها إن شئت .
ومن دونه لم أعرفهما .
وأما أبو عبدالرحمن السلمي شيخ الصوفية في زمانه ؛ فهو متهم أيضاً ؛ قال الذهبي :
"تكلموا فيه ، وليس بعمدة ، قال الخطيب : قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري : "[كان غير ثقة ، ولم يكن سمع من الأصم إلا شيئاً يسيراً ، فلما مات الحاكم أبو عبدالله بن البيع ؛ حدث عن الأصم بـ "تاريخ يحيى بن معين" وبأشياء كثيرة سواه . قال : و] كان يضع الأحاديث للصوفية" ، وفي القلب مما ينفرد به" .
والحديث ؛ أورده السيوطي في رسالته : "تأييد الحقيقة العلية" (ق 3/ 1) من رواية الطبسي في "ترغيبه" من طريق نصر بن أحمد البوزجاني به .
وقال السيوطي :
"هذا إسناد ضعيف ، عبدالسلام بن صالح : هو أبو الصلت الهروي ، من رجال ابن ماجه ، كان رجلاً صالحاً ؛ لكنه شيعي ... فالحاصل أن حديثه في مرتبة الضعيف الذي ليس بالموضوع" .
قلت : وكذلك جزم بضعف إسناده : الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 19) ، بعد أن عزاه لـ "أربعين السلمي" . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموعة الفتاوى" (13/ 259-260) :
"ليس إسناده ثابتاً باتفاق أهل المعرفة" .

(122/1)


5117 - ( أربعة من كن فيه ؛ بنى الله له بيتاً في الجنة ، وكان في نور الله الأعظم ، من كانت عصمته : لا إله إلا الله ، وإذا أصاب حسنة قال : الحمد لله ، وإذا أصاب ذنباً قال : أستغفر الله ، وإذا أصابته مصيبة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 198 :
$موضوع$
رواه الديلمي (1/ 1/ 171) عن هارون بن مسلم عن أبي علي اللهبي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عبدالله بن عمرو مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته أبو علي اللهبي - واسمه علي بن أبي علي - ؛ قال السمعاني (487/ 1) - وكأنه نقله عن ابن حبان - :
"عداده في أهل المدينة ، يروي عن الثقات الموضوعات ، وعن الأثبات المقلوبات ؛ لا يجوز الاحتجاج به . روى عنه أبو مصعب" . وفي "اللسان" عن الحاكم :
"يروي عن ابن المنكدر أحاديث موضوعة ، يرويها عنه الثقات" . وقال البخاري :
"منكر الحديث" .
وهارون بن مسلم ؛ لم أعرفه .
والحديث ؛ تقدم بنحوه في هذا الكتاب (2736) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

(123/1)


5118 - ( من قرأ القرآن ؛ فقد استدرج النبوة بين جنبيه ؛ غير أنه لا يوحى إليه ، لا ينبغي لصاحب القرآن أن يجد مع من وجد ، ولا يجهل مع من جهل وفي جوفه كلام الله تعالى ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 199 :
$ضعيف$
أخرجه الحاكم (1/ 552) ، وعنه البيهقي في "الأسماء" (263-264) وفي "الشعب" (2/ 522/ 2591) عن يحيى بن عثمان بن صالح السهمي : حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق : حدثنا يحيى بن أيوب : حدثنا خالد بن يزيد عن ثعلبة بن يزيد عن عبدالله بن عمرو بن العاص مرفوعاً . وقال الحاكم :
"صحيح الإسناد" ! ووافقه الذهبي !
قلت : وفيه نظر عندي ، ذلك ؛ لأن ثعلبة هذا - الذي روى عن ابن عمرو - : هو ثعلبة أبو الكنود الحمراوي ؛ فقد أورده هكذا ابن أبي حاتم (1/ 1/ 463) من روايته عن عبدالله بن عمرو ، وعائشة ، وأبي موسى الغافقي . وعنه خالد بن يزيد ، وسليمان بن أبي زينب . ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ؛ إلا أنه وقع عنده :
"ثعلبة بن أبي الكنود" !! والصواب إسقاط لفظة : (ابن) ؛ فإنه هكذا في "تاريخ البخاري" (1/ 2/ 175) ، و "كنى الدولابي" (2/ 91) ، و "ثقات ابن حبان" (3/ 27) . ووقع في ترجمة (خالد بن يزيد المصري) من "تهذيب المزي" :
"روى عن أبي الكنود ثعلبة بن أبي حكيم الحمراوي" .
قلت : فلعل (أبو حكيم) هو كنية والد ثعلبة ، واسمه : (يزيد) ؛ كما وقع في إسناد هذا الحديث - إن كان محفوظاً - ؛ فإن (يحيى بن عثمان بن صالح السهمي) فيه كلام .
فإن صح ذلك ؛ فهو غير (ثعلبة بن يزيد الحماني الكوفي) الذي روى عن علي ، وعنه حبيب بن أبي ثابت وجمع ، وهو من رجال "التهذيب" ؛ فقد فرق بينهما : البخاري ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان .
والحمراوي دون الحماني في الشهرة ، ولم أر من وثقه غير ابن حبان (4/ 99) . نعم ؛ روى عنه ثقتان - مع تابعيه - ؛ فهو مجهول الحال عندي ، وهو علة الحديث إن سلم من ابن صالح . والله أعلم .
على أنه قد روي الحديث موقوفاً على ابن عمرو : أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (7-8) بإسناد رجاله ثقات رجال الشيخين عن ثعلبة هذا به .
قلت : ولعل هذا الموقوف هو الصواب ؛ فقد أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (275-276) ، وابن أبي شيبة (10/ 467/ 1002) - مختصراً - عن إسماعيل بن رافع عن إسماعيل بن عبيدالله بن أبي المهاجر عن عبدالله بن عمرو موقوفاً نحوه .
وخالفهما : ابن نصر في "قيام الليل" (72) ، والطبراني ، ومن طريقه يوسف بن عبدالهادي في "هداية الإنسان" (ق 135/ 2) ؛ فروه عن إسماعيل بن رافع به مرفوعاً . وقال الهيثمي :
"رواه الطبراني ، وفيه إسماعيل بن رافع ، وهو متروك" .
قلت : ومن طريقه أخرج الجملة الأولى منه : الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (ق 33/ 1) ؛ لكنه قال : عن رجل عن عبدالله بن عمرو موقوفاً !
والصواب رواية الوقف ؛ فقد وجدت له طريقاً آخر موقوفاً ؛ فقال أبو عبيد في "فضائل القرآن" (53/ 8-9) : حدثنا عبدالله بن صالح عن معاوية بن صالح عن أبي يحيى عن عبدالله بن عمرو قال : ... فذكره نحوه .
وهذا إسناد حسن ؛ على الخلاف المعروف في (عبدالله بن صالح) ؛ وهو أبو صالح كاتب الليث .
وأبو يحيى : هو مصدع الأعرج المعرقب ، وهو صدوق ؛ كما قال الذهبي ، ومن رجال مسلم .
وسكت عنه المعلق على "الفضائل" فأحسن ؛ لأنه ليس من فرسان هذا المجال ، ولقد صدق من قال : (من عرف نفسه عرف ربه) ! بخلاف غيره من المعتدين على هذا العلم ، كأمثال المعلقين الثلاثة على الطبعة الجديدة لكتاب المنذري "الترغيب والترهيب" تصحيحاً وتضعيفاً ! والله المستعان .

(124/1)


5119 - ( اهجري المعاصي ؛ فإنها أفضل الهجرة ، وحافظي على الفرائض ؛ فإنها أفضل الجهاد ، وأكثري من ذكر الله ؛ فإنك لا تأتين بشيء أحب إليه من كثرة ذكره ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 201 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/ 129/ 313) و "الأوسط" (7/ 376 و 421/ 6731 و 6818) من طرق عن هشام بن عمار : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس المدني : حدثني مرقع عن أم سليم أم أنس ابن مالك :
أنها قالت : يا رسول الله ! أوصني ؟ قال : ... فذكره . وقال :
"لا يروى عن أم سليم إلا بهذا الإسناد ، تفرد به هشام" .
قلت : وهو صدوق ؛ ولكنه كبر فصار يتلقن .
وإسحاق بن إبراهيم بن نسطاس ؛ ضعفه الجمهور . وقال البخاري :
"فيه نظر" . وأما الطبراني فقال :
"من ثقات المدنيين" !!
قلت : فكأنه لم يتبين له حاله ! ولذلك ؛ جزم بتضعيفه الهيثمي ، فقال (10/ 75) :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، وفيه إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس ؛ وهو ضعيف" .
ومن ذلك ؛ تعلم خطأ قول المنذري (2/ 231) :
"رواه الطبراني بإسناد جيد" !
وفي رواية عنها نحوه بلفظ :
"... واذكري الله كثيراً ؛ فإنه أحب الأعمال إلى الله أن تلقينه به" .
رواه الطبراني في "الكبير" (25/ 149/ 259) من طريق محمد بن إسماعيل الأنصاري عن يونس بن عمران بن أبي أنس ... وكلاهما ذكرهما ابن أبي حاتم ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً . ويونس لم يرو عنه غير الأنصاري ؛ فهو مجهول .
وبقية رجاله ثقات ؛ كما قال الهيثمي .
وأم أنس في هذا الطريق : هي غير أم أنس بن مالك ؛ كما استظهره الحافظ في "الإصابة" ، وسبقه إلى ذلك الطبراني ؛ فإنه قال تحت ترجمة (أم أنس الأنصارية) :
"وليست بأم أنس بن مالك" !
ومن الغريب أنه قال مثله في الموضع الثاني (6818) من الطريق الأولى ؛ طريق (ابن نسطاس) ، فقال :
"لا يروى عن أم أنس الأنصارية - وليست بأم سليم أم أنس بن مالك ؛ هذه امرأة أخرى - إلا بهذا الإسناد ، تفرد به هشام بن عمار" !
وهو أورده في "مسند أم سليم أم أنس" من "معجمه الكبير" كما تقدم ، وقد وقع التصريح بذلك في الموضع الأول من "الأوسط" (6731) !!
ولم يظهر لي ما استظهره الحافظ تبعاً للطبراني من التعدد ، لا سيما وشيخه الهيثمي مال في كتابه "مجمع البحرين" (7/ 320) إلى أنها أم سليم أم أنس ! والله أعلم .

(125/1)


5120 - ( من أكثر ذكر الله ؛ فقد برىء من النفاق ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 203 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/ 471/ 6927) و "الصغير" (ص 203 - هندية) ، وابن شاهين في "الترغيب" (ق 285/ 1) ، وأبو محمد المخلدي في "الفوائد المنتخبة" (ق 3/ 1/ 2) ، والأزدي محمد بن الحسين في "أحاديث منتقاة" (ق 2/ 1-2) ، وأبو موسى المديني في "اللطائف" (ق 81/ 2) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 415/ 576) ، والأصبهاني في "الترغيب" (1/ 321/ 731) من طرق عن مؤمل بن إسماعيل : حدثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً به . وقال الطبراني :
"لم يروه عن سهيل إلا حماد ، تفرد به مؤمل" .
قلت : وهو ضعيف ؛ لسوء حفظه وكثرة خطئه .
وقام الدليل على خطئه في إسناده ورفعه ؛ فقال علي بن الجعد : حدثني حماد ابن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن كعب قال : ... فذكره موقوفاً عليه .
أخرجه البيهقي (577) ، وقال :
"وهو أصح من رواية مؤمل" .
وغفل عن هذا كله : السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 754) ؛ فقال :
"رواه ابن شاهين في "الترغيب في الذكر" ، ورجاله ثقات" !
(تنبيه) : لقد وهم في هذا الحديث رجال :
1- الحافظ المنذري ؛ فإنه أورده في كتابه "الترغيب" (2/ 231/ 27) بلفظ :
"من لم يكثر ذكر الله ؛ فقد برىء من الإيمان" . وقال :
"رواه الطبراني في "الأوسط" و "الصغير" ، وهو حديث غريب" !!
قلت : ولا أصل له فيهما بهذا اللفظ ، ولا عند أحد ممن ذكرنا .
2- الحافظ الهيثمي ؛ فإنه قلده في "مجمع الزوائد" (10/ 79) في عزوه ولفظه ! وكذلك فعل في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" (ق 134/ 1 - المصورة و 7/ 319/ 4521 - ط) ؛ لكن وقع في المطبوعة :
"من لا يكثر .." !
3- وقلدهما السيوطي في "الدر المنثور" (5/ 205) ؛ لكنه عزاه لـ "الأوسط" فقط .
4- غفل المعلق على مطبوعة "مجمع البحرين" في تعليقه عليه - وقد عزاه لمصورة "الأوسط" - ؛ أن لفظه فيه مخالف للفظ "المجمع" ! وكأنه أخذ بخطأ من ذكرنا !
وقد كنت أوردت هذا اللفظ قديماً في "المجلد الثاني" برقم (890) ، وحكمت عليه بالوضع ؛ تبعاً للحافظ ابن حجر ، ونقلت هناك كلام المنذري المتقدم ، وأتبعته بتخريج الهيثمي إياه ، وإعلاله بشيخ الطبراني (محمد بن سهل ابن المهاجر) ، وتعقب الحافظ إياه ، وجزمه بأنه مجهول ، وحديثه موضوع ؛ فراجعه إن شئت .
وكان ذلك قبل طبع "المعجم الأوسط" ، أما وقد طبع ، ووقفنا فيه على لفظه المذكور أعلاه ، والذي رواه الجماعة مع الطبراني ؛ فقد تبين أن اللفظ الآخر موضوع لا أصل له ، وأنه لا وجه لإعلاله بابن المهاجر ؛ لأن لفظه متابع عليه من الطرق التي سبقت الإشارة إليها .
5- ومن الطبيعي جداً أن يغفل أيضاً عما تقدم المعلقون الثلاثة ؛ بل وأن يتخبطوا في نقل كلام العلماء ، فقالوا في تعليقهم على "الترغيب" (2/ 375-376) :
"ضعيف ، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4 (كذا)/ 79) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" و "الصغير" عن شيخه محمد بن سهل بن المهاجر عن مؤمل بن إسماعيل ، وفي "الميزان" (3/ 576) : محمد بن سهل عن مؤمل بن إسماعيل ، يروي الموضوعات . فإن كان هو ابن المهاجر ؛ فهو ضعيف ، وإن كان غيره ؛ فالحديث حسن . وانظر : "لسان الميزان" (5/ 195)" !!
فتأمل أيها القارىء ! فيما نقلوه عن الهيثمي ؛ فلجهلهم حتى بالكتابة ؛ خلطوا معه كلام الذهبي بما قرنوا به من الإشارة إلى الجزء والصفحة في أثناء كلام الهيثمي ، ولم يميزوا بينهما صراحة أو إشارة ! بحيث لم يعد القارىء يمكنه أن يعرف أن قوله : "فالحديث حسن" ؛ قول الهيثمي إلا إذا رجع إلى كلامه في "المجمع" ! وإذا رجع إلى المجلد (4) الذي أشاروا إليه ؛ فلا يجد الحديث فيه ؛ لأنه خطأ ، صوابه (10) ! وتصحيح ما صنعوا حذف ما قرنوا من إشارة الجزء والصفحة .
ثم إنهم كتموا عن القراء تعليق الحافظ ابن حجر على كلام الهيثمي بأن الحديث موضوع ؛ لكي لا يتعارض مع قولهم بأنه : "ضعيف" ! وهكذا ؛ فليكن التحقيق !!
وقد كنت نقلت تعقيب الحافظ في المكان الذي سبقت الإشارة إليه من المجلد الثاني .

(126/1)


5121 - ( إن الله يقول : يا ابن آدم ! إنك إذا ذكرتني شكرتني ، وإذا نسيتني كفرتني ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 206 :
$ضعيف جداً$
رواه الطبراني في "الأوسط" (مصورة الجامعة الإسلامية 4/ 433) من طريق حجاج بن محمد عن أبي بكر الهذلي عن عامر الشعبي أن أبا هريرة حدثه مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن الشعبي إلا أبو بكر ، تفرد به حجاج" .
قلت : وهو المصيصي ؛ ثقة من رجال الشيخين ؛ لكنه اختلط في آخر عمره .
وشيخه أبو بكر الهذلي متروك الحديث ؛ كما في "التقريب" .

(127/1)


5122 - ( من قال إحدى عشرة مرة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أحداً صمداً ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ؛ كتب الله له ألفي ألف حسنة ، ومن زاد زاده الله عز وجل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 207 :
$موضوع$
أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ق 76/ 1) ، والمحاملي في "الأمالي" (440/ 523) ، وابن البنا في "فضل التهليل" (ق 198/ 1) عن أبي الورقاء عن عبدالله بن أبي أوفى مرفوعاً .
قلت : وهكذا أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 264/ 2) ؛ إلا أنه أدخل بين أبي الورقاء وابن أبي أوفى : ابن المنكدر . وقال :
"أبو الورقاء - مع ضعفه - يكتب حديثه" !
كذا قال ! وهو أسوأ من ذلك ؛ فقد ضعفه أحمد وغيره جداً ، وقال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 84) عن أبيه :
"أحاديثه عن ابن أبي أوفى بواطيل ، لا تكاد ترى لها أصلاً ، كأنه لا يشبه حديث ابن أبي أوفى ، ولو أن رجلاً حلف أن عامة حديثه كذب ؛ لم يحنث" .
ولذلك ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ؛ اتهموه" .
والحديث ؛ أورده الهيثمي (10/ 85) - من رواية الطبراني ؛ دون قوله : "إحدى عشرة مرة" ، و دون قوله : "ومن زاد ..." إلخ - ، وقال :
"وفيه فائد أبو الورقاء ، وهو متروك" .
وكذلك أورده المنذري (2/ 242) ، وأشار لضعفه .
وقال الناجي - بعدما أشار إلى رواية الطبراني - :
"ورواه ابن جرير الطبري في "كتاب آداب النفوس" من حديث جابر نحوه غير مقيد بعدد ، وزاد في آخره : "ومن زاد زاده الله" ..." .
قلت : ثم وقفت على حديث جابر في "تاريخ ابن عساكر" (11/ 64) ؛ أخرجه من طريق عبيس بن ميمون عن مطر الوراق عن أبي نضرة عن جابر مرفوعاً بتمامه ؛ وفيه الزيادة والعدد أيضاً ؛ إلا أنه جعله قبيل الزيادة .
قلت : ومطر الوراق ضعيف .
لكن عبيس بن ميمون ضعيف جداً ؛ قال البخاري وغيره :
"منكر الحديث" .
وقد روي الحديث بلفظ : ".. أربعون ألف حسنة" ؛ سيأتي برقم (6313) .
ورواه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 157) من طريق أخرى عن فائد عن جابر ؛ دون الزيادة والعدد .

(128/1)


5123 - ( كفارة المجلس ؛ أن لا يقوم حتى يقول : سبحانك اللهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت ، تب علي ، واغفر لي (يقولها ثلاث مرات) ! فإن كان مجلس لغط ؛ كانت كفارة له ، وإن كان مجلس ذكر ؛ كان طابعاً له ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 209 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 79/ 2) من طريق خالد بن يزيد العمري : أخبرنا داود بن قيس عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي صلي الله عليه وسلم ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد موضوع ؛ آفته العمري ؛ كذبه أبو حاتم ويحيى . وقال ابن حبان :
"يروي الموضوعات عن الأثبات" .
قلت : وقد خالفه عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي وأحمد بن الحسين اللهبي قالا : حدثنا داود بن قيس الفراء به نحوه ؛ دون قوله : "ثلاث مرات" .
أخرجه الحاكم (1/ 537) ، وقال :
"صحيح على شرط مسلم" . ووافقه الذهبي . وهو كما قالا .
وتابعهما مسلم بن أبي مريم عن نافع بن جبير به ؛ دون الزيادة .
أخرجه الطبراني من طريق ابن عجلان عن مسلم بن أبي مريم به .
قلت : وإسناده حسن .
فالزيادة المذكورة باطلة في حديث جبير هذا . وقد أورده المنذري في "الترغيب" (2/ 236) من رواية ابن أبي الدنيا بلفظ :
"إذا جلس أحدكم في مجلس ؛ فلا يبرحن منه حتى يقول ثلاث مرات ..." فذكره .
أورده عقب رواية الحاكم المتقدمة الصحيحة ، وسكت عنه ! وما أظنه يصح إسناده ، بل لعله من طريق العمري المتقدم .
وقد جاءت أحاديث من قوله صلي الله عليه وسلم وفعله في كفارة المجلس عن جمع من الصحابة ؛ منهم : أبو هريرة ، وأبو برزة ، وعائشة ، ورافع بن خديج ، وعبدالله بن جعفر ، والسائب بن يزيد ، وأنس بن مالك ، وعبدالله بن مسعود ، والزبير بن العوام ، وعبدالله بن عمرو ، وأحاديثهم مخرجة في "الترغيب" ، و "المجمع" (10/ 141-142) ؛ وليس في شيء منها تلك الزيادة "ثلاث مرات" ؛ اللهم إلا في رواية أبي داود (4857) ، وابن حبان (2367) عن ابن عمرو به موقوفاً عليه ، وفي إسناده سعيد بن أبي هلال ؛ وهو وإن كان ثقة ؛ فقد كان اختلط . والله أعلم .

(129/1)


5124 - ( ما من عبد قال : لا إله إلا الله في ساعة من ليل أو نهار ؛ إلا طمست ما في الصحيفة من السيئات ؛ حتى تسكن إلى مثلها من الحسنات ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 210 :
$موضوع$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 910-911) ، وابن أبي شريح الأنصاري في "جزء بيبي" (ق 163/ 1) ، وابن شاهين في "الترغيب" (ق 259/ 1) ، وابن البنا في "فضل التهليل" (ق 197/ 1-2) عن الهذيل ابن إبراهيم الحماني : أخبرنا عثمان بن عبدالرحمن الزهري - من ولد سعد بن أبي وقاص - عن الزهري عن أنس مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته عثمان هذا ؛ قال الحافظ :
"متروك ، وكذبه ابن معين" . وقال الهيثمي (10/ 82) :
"رواه أبو يعلى ، وفيه عثمان بن عبدالرحمن الزهري ، وهو متروك" .
وأشار المنذري (2/ 239) إلى تضعيف الحديث ؛ فقصر .
والهذيل بن إبراهيم الحماني - وفي "اللسان" : "الحمامي" ؛ ولعله تصحيف - ؛ قال ابن حبان في "الثقات" :
"حدثنا عنه أبو يعلى ، يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات ؛ فإنه يروي عن عثمان بن عبدالرحمن ، ومجاشع بن يوسف ، وصالح بن بيان الساحلي" .

(130/1)


5125 - ( إن لله تعالى عموداً تحت العرش ؛ فإذا قال العبد : لا إله إلا الله ؛ اهتز ذلك العمود ، فيقول الله عز وجل : اسكن . فيقول : يا رب ! وكيف أسكن ولم تغفر لقائلها ؟! قال : فيقول : فإني قد غفرت له ، قال : فيسكن عند ذاك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 211 :
$موضوع$
أخرجه البزار (ص 296) ، وابن شاهين في "الترغيب والترهيب" (ق 258/ 2) ، وابن البنا في "فضل التهليل" (ق 202/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (2/ 122/ 2) ، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (ق 10/ 1) من طريق عبدالله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري : حدثنا عبدالله بن أبي بكر عن صفوان بن سليم عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته الغفاري هذا ؛ قال الحافظ :
"متروك ، ونسبه ابن حبان إلى الوضع" . وقال الهيثمي (10/ 82) :
"رواه البزار ، وفيه عبدالله بن إبراهيم بن أبي عمرو ، وهو ضعيف جداً" .
وساق له الذهبي أحاديث مما أنكر عليه ، هذا أحدها ، وقال في حديثين منها :
"وهما باطلان" . وفي آخر :
"فهذا غير صحيح" .
وأخرجه ابن شاهين - أيضاً - من طريق عمر بن صبيح عن مقاتل بن حيان عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعاً نحوه ، وزاد في آخره :
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"أكثروا من هز ذلك العمود" !
قلت : وهذا موضوع أيضاً ؛ آفته عمر بن صبيح ؛ قال الحافظ :
"متروك ؛ كذبه ابن راهويه" .

(131/1)


5126 - ( من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير - عشر مرات - ؛ كن له كعدل عتق عشر رقاب ، أو رقبة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 212 :
$شاذ$
أخرجه أحمد (5/ 418) ، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/ 129) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 201/ 1) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 344) من طريق داود عن الشعبي عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن أبي أيوب مرفوعاً به .
قلت : وهو إسناد صحيح على شرط مسلم ؛ لولا الشك الذي في آخره .
ونحوه : ما رواه حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند به ؛ إلا أنه قال :
"كانت له كعدل محرر أو محررين" .
أخرجه الطبراني (4/ 196/ 4017) ، والبيهقي .
والرواية الأولى أصح ؛ لأن حماد بن سلمة في روايته عن غير ثابت البناني غيره أقوى منه !
وأوهى مما مضى : ما روى حجاج بن نصير : أخبرنا شعبة عن عبدالله بن أبي السفر عن الشعبي به ؛ إلا أنه قال :
"... كن له كعدل عشر رقاب من ولد إسماعيل عليه السلام" .
أخرجه الطبراني .
قلت : وحجاج بن نصير ؛ قال الحافظ :
"ضعيف ، كان يقبل التلقين" .
والصحيح المحفوظ في هذا الحديث ؛ إنما هو بلفظ :
"... كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل" .
كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون قال : ... فذكره موقوفاً .
وعبدالله بن أبي السفر عن الشعبي عن ربيع بن خثيم ... بمثل ذلك .
قال : فقلت للربيع : ممن سمعته ؟ قال : من عمرو بن ميمون . قال : فأتيت عمرو بن ميمون فقلت : ممن سمعته ؟ قال : من ابن أبي ليلى . قال : فأتيت ابن أبي ليلى فقلت : ممن سمعته ؟ قال : من أبي أيوب الأنصاري يحدثه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم .
أخرجه البخاري (11/ 169-172- فتح) ، ومسلم (8/ 69-70) ، وأحمد (5/ 422) ، وكذا الطبراني (1/ 201/ 2) إلا أنه وصل رواية أبي إسحاق أيضاً من طريق حديج بن معاوية ( وهو صدوق يخطىء) عنه عن عمرو بن ميمون عن الربيع بن خثيم عن ابن أبي ليلى عن أيوب .
وقد أشار الحافظ إلى حديث الترجمة ؛ وأعله بقوله (11/ 172) :
"وأما ذكر : "رقبة" بالإفراد في حديث أبي أيوب ، فشاذ ؛ والمحفوظ : "أربعة"" .
قلت : وكذلك رواية : "محرر أو محررين" ، ورواية : "عشر رقاب" ؛ كما بينته آنفاً .
وإنما يصح عندي الرواية الأخيرة : "عشر رقاب" في حديث آخر لأبي أيوب رضي الله عنه ، مقيداً بالصبح والمساء ، وهو مخرج عندي في الكتاب الآخر (2563) .
وحديث الربيع بن خثيم ؛ أخرجه أيضاً يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/ 128-129) من طرق عنه ، وفي أحدها زيادة بلفظ :
"بعد الصبح" .
وسندها صحيح ؛ لكنه لم يصرح برفعه ؛ إلا أنه في حكم المرفوع .

(132/1)


5127 - ( من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ؛ لم يسبقها عمل ، ولم تبق معها سيئة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 215 :
$ضعيف جداً$
رواه الدولابي في "الكنى" (2/ 28) عن أبي عثمان سليم بن عثمان قال : حدثنا محمد بن زياد قال : سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : ... فذكره مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ أبو عثمان هذا ؛ قال أبو حاتم :
"عنده عجائب ، وهو مجهول" . وقال الذهبي :
"ليس بثقة" . وقال الحافظ في "اللسان" :
"تعين توهينه" .
قلت : ولم يعرفه المنذري ، فقال (2/ 242) :
"رواه الطبراني ، ورواته محتج بهم في "الصحيح" ، وسليم بن عثمان الطائي ثم الفوزي ؛ يكشف حاله" !
فأقول : قد فعلنا ، فتبين أنه ليس بثقة . والله أعلم .
وقال الهيثمي (10/ 85) :
"رواه الطبراني ، وفيه سليم بن عثمان الطائي ثم الفوزي ، وقد ضعفه غير واحد من قبل حفظه ، وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وقال : "لم يرو عنه غير سليمان بن سلمة الخبائزي ، وهو ضعيف" ، فإن وجد له راو غيره اعتبر حديثه ، ويلزق به ما يستأهل من جرح أو تعديل ، وذكره ابن أبي حاتم ، وقال عن أبيه : "روى عنه محمد بن عوف ، وأبو عتبة أحمد بن الفرج ، وهو مجهول ، وعنده عجائب" . وقد روى عنه ثلاثة ، وبقية رجاله رجال (الصحيح)" .
قلت : لم يرو عنه كبير أحد ؛ سوى محمد بن عوف الحمصي الحافظ .
وأما أبو عتبة ؛ فقد ضعفه ابن عوف المذكور ، وهو بلديه .
وأما الخبائزي ؛ فمتروك ، وحسبك قول ابن حبان فيه :
"ليس بشيء" .
وسيأتي له حديث آخر منكر ، برقم (6619) .

(133/1)


5128 - ( من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو الحي الذي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، لا يريد بها إلا وجهه ؛ أدخله الله بها جنات النعيم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 216 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 197/ 1) ، (12/ 349/ 13311) عن يحيى بن عبدالله البابلتي : أخبرنا أيوب بن نهيك قال : سمعت محمد بن قيس يقول : سمعت ابن عمر يقول : ... فذكره مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، وقد تقدم الكشف عن علته تحت الحديث (5087) ؛ فراجعه . وقال الهيثمي في "المجمع" (10/ 85) :
"رواه الطبراني ، وفيه يحيى بن عبدالله البابلتي ، وهو ضعيف" .
وقلده المعلقون على "الترغيب" (2/ 401) ، وقالوا عقبه :
"وقال الناجي في "عجالة الإملاء" (ق 149) : والذي رأيته في "مجمع الهيثمي" : "وهو حي لا يموت" وهو الأشبه . والله أعلم" !!
قلت : ونقلهم هذا عن الناجي مما لا فائدة فيه ؛ سوى تسويد البياض وتكثير السواد ؛ إلا لو أرادوا التحقيق والرد ، وهو لا يحسنون شيئاً من ذلك ، وإلا ؛ لبادروا لبيان أن الموجود في "المجمع" المطبوع وفي المكان الذي أشاروا إليه مطابق لما في "الترغيب" ، ولو أرادوا زيادة في التحقيق لرجعوا إلى الأصل ؛ أعني "معجم الطبراني الكبير" (12/ 349/ 1331) ؛ ليجدوه كذلك ! ولو كانوا أهلاً للتحقيق لقالوا أخيراً :
ما دام أن الحديث ضعيف عندهم ؛ فلا داعي للتدقيق في التحقيق ، على حد المثل المعروف في بعض البلاد : "هذا الميت لا يستحق هذا العزاء" !!

(134/1)


5129 - ( من قال : سبحان الله وبحمده ؛ كتب له مئة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة ، ومن قال : لا إله إلا الله ؛ كان له بها عهد عند الله يوم القيامة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 217 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 207/ 2) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 267/ 1) عن إسماعيل بن إبراهيم الترجماني : أخبرنا عامر بن يساف عن النضر بن عبيد عن الحسن بن ذكوان عن عطاء عن ابن عمر مرفوعاً .
قلت : وهذا حديث ضعيف ؛ النضر بن عبيد ؛ قال الذهبي :
"شيخ ليس بعمدة ، تفرد عنه عامر بن إبراهيم الأصبهاني ، وهو النضر بن عبدالله ؛ وقد مر" . وقال هناك :
"قال أبو نعيم : لم يحدث عنه غير عامر بن إبراهيم الأصبهاني" .
قلت : ذكره في "أخبار أصبهان" (2/ 329-330) ، وقال :
"... أبو غالب ، كوفي قدم أصبهان" .
ثم ساق له ثلاثة أحاديث أخرى من رواية عامر بن إبراهيم عنه ، وهذا من رواية عامر بن يساف عنه كما ترى ، فإما أن يكون النضر بن عبيد هو غير النضر ابن عبدالله ، خلافاً لما جرى عليه الذهبي ثم العسقلاني ، وإما أن يكون قولهم : "تفرد عنه عامر بن إبراهيم" خطأ ؛ فقد روى عنه عامر بن يساف أيضاً كما ترى .
وابن يساف هو عامر بن عبدالله بن يساف اليمامي ؛ كما في "الكامل" ، وقال :
"منكر الحديث عن الثقات" .
ثم ساق له أحاديث هذا أحدها ، ثم قال :
"وهذه الأحاديث غير محفوظة ، إنما يرويها عامر بن يساف ، ومع ضعفه ؛ يكتب حديثه" .
والحسن بن ذكوان من رجال البخاري ؛ لكن فيه كلام من قبل حفظه ، وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله :
"صدوق يخطىء" .
وقد تابعه من هو أسوأ حالاً منه ، وهو أيوب بن عتبة عن عطاء عن ابن عمر قال :
"جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم يسأله ، فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"سل واستفهم" . فقال : يا رسول الله ! فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة ، أفرأيت إن آمنت بمثل ما آمنت به ، وعملت مثلما عملت به ؛ إني لكائن معك في الجنة ؟ قال :
"نعم" . ثم قال النبي صلي الله عليه وسلم :
"والذي نفسي بيده ! إنه ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام" .
ثم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكر الحديث بتقديم وتأخير ، فقال رجل : كيف يهلك بعد هذا يا رسول الله ؟! فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل ؛ لو وضع على جبل لأثقله ، فتقوم النعمة من نعم الله ، فيكاد أن يستنفد ذلك كله ؛ إلا أن يتطاول الله برحمته" .
ونزلت هذه السورة : (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) إلى قوله : (نعيماً وملكاً كبيراً) . قال الحبشي : وإن عيني لتريان ما ترى عيناك في الجنة ؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم :
"نعم" . فاستبكى حتى فاضت نفسه . قال ابن عمر : لقد رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيده .
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1581) .
قلت : وأيوب هذا ؛ ضعفه الجمهور . ولذلك ؛ جزم بضعفه الحافظ في "التقريب" . وساق له الذهبي حديثين ، أحدهما قال فيه :
"وهذا باطل" . والآخر ؛ هذا ؛ لكنه جعل مكان ابن عمر : ابن عباس ؛ ثم قال :
"هذا منكر غير صحيح" .
لكن يبدو أنه لم يتفرد بهذا السياق ؛ فقد رواه سويد بن عبدالعزيز : حدثني أبو عبدالله النجراني عن الحسن بن ذكوان به .
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (9/ 396/ 2 و 18/ 164/ 1) .
وسويد بن عبدالعزيز لين الحديث ؛ كما في "التقريب" . وقال الذهبي :
"بل هو واه جداً" .

(135/1)


5130 - ( سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، أستغفر الله وأتوب إليه ؛ من قالها كتبت كما قالها ، ثم علقت بالعرش ، لا يمحوها ذنب عمله صاحبها ، حتى يلقى الله يوم القيامة وهي مختومة كما قالها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 220 :
$ضعيف$
أخرجه البزار في "مسنده" (298 - زوائده) عن يحيى بن عمرو ابن مالك عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ يحيى ؛ قال الذهبي :
"ضعفه أبو داود وغيره ، ورماه حماد بن زيد بالكذب" .
ثم ساق له بهذا الإسناد ثلاثة أحاديث ؛ صرح بأنها من مناكيره .
وبه أعله المنذري (2/ 244) ، ثم الهيثمي (10/ 94) .

(136/1)


5131 - ( إن القبر الذي رأيتموني أناجي فيه : قبر أمي آمنة بنت وهب ، وإني استأذنت ربي في زيارتها ، فأذن لي ، فستأذنته في الاستغفار لها ؛ فلم يأذن لي ، ونزل علي : (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) حتى ختم الآية ، (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) ؛ فأخذني ما يأخذ الولد لوالده من الرقة ، فذلك الذي أبكاني ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 221 :
$ضعيف$
أخرجه ابن حبان (792 - موارد) ، والحاكم (2/ 336) عن ابن جريج عن أيوب بن هانىء عن مسروق بن الأجدع عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال :
خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم ينظر في المقابر ، وخرجنا معه ، فأمرنا ، فجلسنا ، ثم تخطى القبور ، حتى انتهى إلى قبر منها ، فناجاه طويلاً ، ثم ارتفع نحيب رسول الله صلي الله عليه وسلم باكياً ، فبكينا لبكائه ، ثم أقبل إلينا ، فتلقاه عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ! ما الذي أبكاك ؛ فقد بكانا وأفزعنا ؟! فجاء فجلس إلينا ، فقال :
"أفزعكم بكائي ؟" ، فقلنا : نعم يا رسول الله ! فقال : ... فذكره . وقال الحاكم :
"صحيح على شرطهما" !!
قلت : ورده الذهبي بقوله :
"قلت : أيوب بن هانىء ضعفه ابن معين" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق فيه لين" .
قلت : لم يرو عنه غير ابن جريج . وكأنه لذلك قال ابن عدي في "الكامل" (ق 19/ 2) :
"لا أعرفه" .
قلت : وفي الحديث نكارة ظاهرة ، وهي نزول الآيتين : (ما كان للنبي والذين آمنوا ...) إلى آخرهما في زيارته صلي الله عليه وسلم لقبر أمه ! والمحفوظ أنهما نزلتا في موت عمه أبي طالب مشركاً ، وفي ذلك أحاديث كثيرة سردها السيوطي في "الدر المنثور" (3/ 282-284) ، وأحدها في "صحيح البخاري" (3/ 255،305-306) ، و "صحيح مسلم" (1/ 40) وغيرهما من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه .
نعم ؛ قد رويت القصة من حديث إسحاق بن عبدالله بن كيسان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً نحوه ؛ وفيه :
"ولكن نزلت على قبر أمي ، فدعوت الله أن يأذن لي في شفاعتها يوم القيامة ؛ فأبى الله أن يأذن لي ، فرحمتها ، وهي أمي ، فبكيت ، ثم جاءني جبريل عليه السلام فقال : (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) ؛ فتبرأ أنت من أمك كما تبرأ إبراهيم من أبيه ، فرحمتها وهي أمي ..." .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 145/ 1-2) ، وابن مردويه أيضاً ؛ كما في "الدر" للسيوطي - وسكت عنه - ، وهو من عجائبه ! فإنه ساق قبله من رواية ابن جرير من طريق عطية العوفي عن ابن عباس قال :
إن النبي صلي الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لأبيه ، فنهاه الله عن ذلك ، قال :
"فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه ؟!" ، فنزلت ... فذكر الآية . فقال السيوطي :
"قلت : إن هذا الأثر ضعيف معلول ؛ فإن عطية ضعيف" .
قلت : فهلا بادرت إلى تضعيف الذي قبله ؟! وهو أولى بذلك ؛ لأن إسحاق ابن عبدالله بن كيسان ضعيف جداً ، وأباه ضعيف !
فتأمل الفرق بينه وبين الحافظ ابن كثير وقد عقب عليه بقوله :
"وهذا حديث غريب ، وسياق عجيب ، وأغرب منه وأشد نكارة : ما رواه الخطيب البغدادي في "كتاب السابق واللاحق" بسند مجهول عن عائشة في حديث فيه قصة : أن الله أحيا أمه فآمنت ، ثم عادت ، وكذلك ما رواه السهيلي في "الروض" بسند فيه جماعة مجهولون : أن الله أحيا له أباه وأمه فآمنا به . وقد قال الحافظ ابن دحية : هذا الحديث موضوع يرده القرآن والإجماع ؛ قال الله تعالى : (ولا الذين يموتون وهم كفار) ..." .
وأما قوله في حديث الترجمة :
"وإني أستأذنت ربي في زيارتها فأذن لي ، فاستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي" .
فهو صحيح ثابت عنه صلي الله عليه وسلم من رواية جمع من الصحابة رضي الله عنهم ، وقد خرجته من حديث أبي هريرة وبريدة في "أحكام الجنائز وبدعها" (ص 187-188) .

(137/1)


5132 - ( يا أبا المنذر ! قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ،وله الحمد ، يحيي ويميت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، مئة مرة في كل يوم ؛ فإنك يومئذ أفضل الناس عملاً ؛ إلا من قال مثل ما قلت ، وأكثر من قول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ؛ فإنها سيد الاستغفار ، وإنها ممحاة للخطايا - أحسبه قال - موجبة للجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 224 :
$ضعيف جداً$
أخرجه البزار في "مسنده" (ص 296 - زوائده) : حدثنا عباد بن أحمد العرزمي : حدثنا عمي محمد بن عبدالرحمن عن أبيه عن جابر عن أبي مجالد عن زيد بن وهب عن أبي المنذر الجهني قال :
قلت : يا نبي الله ! علمني أفضل الكلام ؟ قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ مسلسل بالمتروكين :
الأول : جابر - وهو ابن يزيد الجعفي - ، فقد كذب ؛ كما تقدم مراراً .
الثاني : عبدالرحمن - وهو ابن محمد بن عبيدالله بن أبي سليمان العرزمي - ؛ قال الذهبي :
"ضعفه الدارقطني ، وقال أبو حاتم : ليس بقوي" .
قلت : الدارقطني صرح بأنه متروك كما يأتي قريباً .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" وقال :
"يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه" !
الثالث : ولده محمد بن عبدالرحمن ؛ قال الذهبي :
"قال الدارقطني : متروك الحديث ؛ هو وأبوه وجده" .
قلت : وقرأت في "جزء مسائل أبي جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة شيوخه" (ق 3/ 1) :
"سمعت أبي يقول : ذكرت لأبي نعيم (يعني : الفضل بن دكين) عبدالرحمن بن محمد بن عبيدالله العرزمي ؟ فقال :
كان هؤلاء أهل بيت يتوارثون الضعف قرناً بعد قرن" .
الرابع : ابن أخيه : عباد بن أحمد العرزمي ؛ قال الذهبي :
"قال الدارقطني : متروك" .
قلت : وأما أبو مجالد شيخ جابر بن يزيد ؛ فلم أعرفه ، وكذا وقع في "أسد الغابة" (5/ 306) ! لكن وقع في "الإصابة" (8/ 182) :
"ابن أبي المجالد" ، ولعله الصواب ؛ ففي الرواة : عبدالله بن أبي المجالد الكوفي ، وهو ثقة مترجم في "التهذيب" .
قلت : ومن هذا التحقيق ؛ يتبين لك تساهل المنذري (2/ 250) ، ثم الهيثمي (10/ 86 و 88) ؛ بإعلالها الحديث بجابر الجعفي من رواية البزار ذاته !
وأما قول ابن عبدالبر في ترجمة أبي المنذر الجهني - بعد أن ذكر طرفاً من أول الحديث في "الاستيعاب" (4/ 1761) - :
"فذكر حديثاً حسناً في فضل الذكر" !
فهو إنما يعني حسناً في المعنى ، لا إسناداً ، وله مثل هذا غير قليل من الأمثلة ؛ ولا مجال الآن لذكرها .

(138/1)


5133 - ( من قال : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ؛ كتب له بكل حرف عشر حسنات ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 226 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 201/ 2) و "الأوسط" (7/ 253-254) : حدثنا محمد بن عيسى بن شيبة البصري : أخبرنا محمد بن منصور الطوسي : أخبرنا أبو الجواب : أخبرنا عمار بن رزيق عن فطر بن خليفة عن القاسم بن أبي بزة عن عطاء الخراساني عن حمران قال : سمعت ابن عمر يقول : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات رجال مسلم ؛ غير أن عطاء الخراساني - وهو ابن أبي مسلم - ؛ ضعفه البخاري وغيره . وقال شعبة :
"كان نسياً" . ولذلك قال الحافظ :
"صدوق ، يهم كثيراً ، ويرسل ، ويدلس" .
وأما الطوسي ؛ فليس من رجال مسلم ، ولكنه ثقة .
وأما ابن شيبة البصري ؛ فكذلك ، ولكنه لم يوثقه أحد ، وقد روى عنه النسائي أيضاً في "حديث مالك" . وقال الحافظ فيه :
"مقبول" .
قلت : ولعله قد توبع ؛ فقد قال المنذري في "الترغيب" (2/ 250) :
"رواه ابن أبي الدنيا بإسناد لا بأس به" !
قلت : فإن ابن أبي الدنيا من طبقة من يروي عن الطوسي . والله أعلم .
وأما قوله : "بإسناد لا بأس به" ؛ فقد تبين لك مما سبق أن الأمر ليس كذلك ، وهذت إذا كان إسناد ابن أبي الدنيا من طريق الخراساني ، وهو ما أرجحه . والله أعلم .
ونحو قول المنذري ما في "المجمع" (10/ 91) :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، ورجالهما رجال "الصحيح" ؛ غير محمد بن منصور الطوسي ؛ وهو ثقة" !
ومن طريقه : أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 219) .

(139/1)


5134 - ( من قرأ في ليلة : (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) ؛ كان له نوراً من (أبين) إلى (مكة) ، حشوة الملائكة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 227 :
$ضعيف$
أخرجه البزار (ص 303 - زوائده) ، والحاكم (2/ 371) عن النضر بن شميل : حدثني أبو قرة الأسدي قال : سمعت سعيد بن المسيب يحدث عن عمر بن الخطاب مرفوعاً به . وقال البزار :
"لا نعلمه مرفوعً إلا عن عمر بهذا الإسناد" . وقال الهيثمي - عقبه - :
"وأبو قرة ؛ تفرد عنه النضر" . وقال الحافظ - عقبه - :
"قلت : قد وثق ، وصح سماع سعيد من عمر" !
وأقول : لم أدر أحداً وثقه ، وقد ترجمه الحافظ في "التهذيب" ، ولم يحك عن أحد توثيقه ، بل قال :
"قلت : وأخرج ابن خزيمة حديثه في "صحيحه" ، وقال : لا أعرفه بعدالة ولا جرح" .
فإن كان هناك من وثقه ؛ فهو من المتساهلين كابن حبان ، فلا جرم أن الحافظ نفسه لم يقم وزناً لمثل هذا التوثيق ؛ فإنه قال في ترجمته من "التقريب" :
"من أهل البادية ، مجهول" .
وسبقه إلى ذلك الذهبي في "الميزان" ، وقال - تبعاً للمنذري في "الترغيب" (2/ 258) - :
"تفرد عنه النضر بن شميل" .
وأما الحاكم ؛ فقال عقبه :
"صحيح الإسناد" ! ورده الذهبي بقوله :
"قلت : أبو قرة فيه جهالة ، ولم يضعف" . وقال الحافظ ابن كثير - بعدما عزاه للبزار بإسناده - :
"غريب جداً" .

(140/1)


5135 - ( من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة ؛ كان في ذمة الله إلى الصلاة الأخرى ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 229 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 131-132) : حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي : أخبرنا كثير بن يحيى : أخبرنا حفص بن عمر الرقاشي : أخبرنا عبدالله بن حسن بن حسن عن أبيه عن جده مرفوعاً .
قلت : وهو إسناد ضعيف عندي ، وإن حسنه المنذري (2/ 261) ، وتبعه الهيثمي (10/ 102) ؛ فإن حفص بن عمر الرقاشي لم أجد من ترجمه ، وقد ذكره الحافظ في الرواة عن عبدالله بن حسن بن حسن ، وذكر أنه مولاه ، ولم ينسبه ، ولم يورده السمعاني في "الأنساب" .
ويحتمل - على بعد - أن يكون الذي في "تاريخ البخاري" (1/ 2/ 365) ، و "الجرح والتعديل" (1/ 2/ 177) :
"حفص بن عمر مولى علي بن أبي طالب الهاشمي . سمع علي بن حسين . روى عنه أبو علقمة الفروي" .
قلت : فإن يكن هو ؛ فهو مجهول الحال .
وكثير بن يحيى ؛ هو أبو مالك البصري ؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 158) :
"روى عنه أبي وأبو زرعة ، سألت أبي عنه ؟ فقال : محله الصدق ، وكان يتشيع ، وقال أبو زرعة : صدوق" . لكن قال الذهبي :
"نهى عباس العنبري الناس عن الأخذ عنه" !
قلت : ولعل ذلك لتشيعه . والله أعلم .
والحديث ؛ قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/ 154/ 2) - بعدما ساق إسناده من طريق الطبراني - :
"حديث غريب ، وفي سنده ضعف" .
لكنه قال : عن الطبراني عن محمد بن حيان بن علي المازني : حدثنا كثير بن يحيى به !!
وهو في "المعجم" - كما رأيت - من روايته عن إبراهيم بن هاشم البغوي : أخبرنا كثير بن يحيى ... فلعل في نسخة "النتائج" خطأ ، أو هو في مسودتي ، وليست نسخة "النتائج" في متناول يدي الآن ؛ فإنها من مخطوطات المكتبة المحمودية في المدينةالمنورة .
ثم رأيت الحديث في كتاب "الدعاء" للطبراني (2/ 674) : حدثنا إبراهيم ابن هاشم البغوي ومحمد بن حيان المازني : حدثنا كثير بن يحيى صاحب البصري ... إلخ .
فهذا يبين أن الحافظ نقله عن كتاب الطبراني هذا ، وليس عن "المعجم الكبير" .
والحديث ؛ حسن إسناده المنذري في "الترغيب" (2/ 261) ، والهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 102) .
وقلدهما المعلق على كتاب "الدعاء" ؛ وتعقب تضعيف الحافظ المذكور بقوله :
"لم أقف على ضعف في إسناده ؛ سوى كثير بن يحيى ..." !!
قلت : وفاته جهالة حال حفص بن عمر الرقاشي . والله أعلم .
لكن الحديث صحيح بلفظ :
"... لم يحل بيه وبين دخول الجنة إلا الموت" .
وقد تقدم تخريجه في "الصحيحة" (972) . فلا تغتر ببعض من يصرح بضعفه من المعاصرين ، ولا بالشيخ الغماري الذي أورد حديث الترجمة في كتابه الذي أسماه "الكنز الثمين" (رقم 3868) ؛ فإنه مقلد متجمهد ! بل ويزعم أنه مجدد القرن الرابع عشر !

(141/1)


5136 - ( من قال في دبر الصلاة : سبحان الله العظيم وبحمده ، لا حول ولا قوة إلا بالله ؛ قام مغفوراً له ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 231 :
$ضعيف$
أخرجه البزار في "مسنده" (ص 299 - زوائده) : حدثنا نصر بن علي : حدثنا خلف بن عقبة : حدثنا أبو الزهراء عن أنس مرفوعاً . وقال - هو أو الهيثمي - :
"أبو الزهراء غير معروف" .
ونحوه في "المجمع" (10/ 103) ؛ وزاد :
"وبقية رجاله ثقات" . وقال المنذري (2/ 262) :
"... وسده إلى أبي الزهراء جيد ، وأبو الزهراء لا أعرفه" .
قلت : أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 375) بهذا الحديث ووصفه بأه خادم أنس ، وقال :
"روى عنه خلف بن عقبة القشيري" ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وأورد خلفاً هذا (1/ 2/ 371) بهذه الرواية ، ولم يذكر فيه أيضاً جرحاً ولا تعديلاً . ولعله في "ثقات ابن حبان" ؛ لتوثيق الهيثمي وتجويد المنذري المتقدمين . والله أعلم .
ومن الوجه المتقدم : أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص 35 رقم 129) .

(142/1)


5137 - ( نزل عليه جبريل عليه السلام فقال : يا محمد ! إن سرك أن تعبد الله ليلة حق عبادته ؛ فقل : اللهم ! لك الحمد حمداً خالداً مع خلودك ، ولك الحمد دائماً لا منتهى له دون مشيئتك ، وعند كل طرفة عين وتنفس ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 232 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 437 - مصورة الجامعة الإسلامية) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 95/ 4389) من طريقي عن منجاب بن الحارث : حدثنا علي بن الصلت العامري عن عبدالله بن شريك عن بشر ابن غالب عن علي مرفوعاً . وقال :
"لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد ، تفرد به منجاب" .
قلت : هو ثقة من رجال مسلم . وإنما العلة من شيخه علي بن الصلت العامري ؛ فإنه غير معروف ، فقال الهيثمي (10/ 97) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ؛ وفيه علي بن الصلت ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات" .
وعزاه المنذري (2/ 259) لأبي الشيخ بن حيان - أيضاً - نحوه ؛ وقال :
"وفي إسنادهما علي بن الصلت العامري ، لا يحضرني حاله" .
قلت : ويحتمل - على بعد - أنه الذي في "الجرح والتعديل" (3/ 190) :
"علي بن الصلت . روى عن أبي أيوب . روى عنه المسيب بن رافع" .
قلت : المسيب تابعي معروف ، روى عن بعض الصحابة وكبار التابعين ، فمن المستبعد أن يكون هو هذا الذي روى عنه منجاب بن الحارث ، ومنجاب من الطبقة العاشرة مات سنة (231) .
وقال الناجي في "عجالته" - تعليقاً على قول المنذري السابق - :
"ذكره ابن حبان في "الثقات" . وأما ابن خزيمة فقال في "صحيحه" : لا أعرفه ، ولا أدري لقي أبا أيوب أو لا ؟! .. قال : ولا يحتج بمثل هذه الأسانيد إلا معاند أو جاهل" !
قلت : ذكر هذا ابن خزيمة في حديث آخر معلق في "صحيحه" (2/ 222) من روايته عن أبي أيوب الأنصاري .
وإنما استبعدت أن يكون هو هذا ؛ لأنه دون هذا في الطبقة ، وتأكدت من ذلك حينما رأيت ابن حباب ذكره في طبقة التابعين من "ثقاته" (5/ 163) ولم ينسبه عامرياً ، وكذا هو في "تاريخ البخاري" ، و "الجرح والتعديل" .
ثم إن حديث ابن خزيمة وصله جماعة خرجتهم في "صحيح أبي داود" (1161) .

(143/1)


5138 - ( نزل علي جبريل فقال : إن خير الدعاء أن تقول في صلاتك : اللهم ! لك الحمد كله ، ولك الملك كله ، ولك الخلق كله ، وإليك يرجع الأمر كله ، أسألك الخير كله ، وأعوذ بك من الشر كله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 234 :
$موضوع$
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 97/ 4000) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (7/ 2 رقم الحديث : 7) من طريق خالد ابن يزيد العمري عن ابن أبي ذئب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري :
أن رجلاً قال للنبي صلي الله عليه وسلم : يا رسول الله ! أي الدعاء خير ؛ أدعو به في صلاتي ؟ قال عليه السلام : ... فذكره . وقال البيهقي :
"تفرد به خالد العمري" .
قلت : وهذا موضوع ، آفته العمري ؛ كذبه أبو حاتم . وقال ابن حبان :
"يروي الموضوعات عن الأثبات" .
والحديث ؛ عزاه المنذري (2/ 254) للبيهقي ، وأشار لضعفه !
وتبعه المعلقون الثلاثة ؛ لجهلهم بحال خالد العمري ؛ مع أنهم قلوا عن البيهقي قوله بتفرد العمري به ، وسكتوا عنه !!

(144/1)


5139 - ( يا خالد بن الوليد ! ألا أعلمك كلمات تقولهن ، [لا تقولهن] ثلاث مرات حتى يذهب الله ذلك عنك ؟! قال : بلى يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي ؛ فإنما شكوت ذلك إليك رجاء هذا منك . قال : قل : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 235 :
$موضوع$
رواه الطبراني في "الأوسط" (4/ 441 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق أبي معبد حفص بن غيلان عن الحكم بن عبدالله الأيلي عن القاسم بن عبدالرحمن عن أبي أمامة :
حدث خالد بن الوليد رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أهاويل يراها بالليل ، حالت بينه وبين صلاة الليل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ... فذكره . قالت عائشة : فلم ألبث إلا ليالي حتى جاء خالد بن الوليد فقال : يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي ؛ والذي بعثك بالحق ! ما أتممت الكلمات التي علمتني ثلاث مرات ؛ حتى أذهب الله عني ما كنت أجد ، ما أبالي لو دخلت على أسد في حبسه بليل .
قلت : وهذا إسناد موضوع ؛ آفته الحكم بن عبدالله الأيلي ؛ قال أحمد :
"أحاديثه موضوعة" . وقال أبو حاتم ، وابن أبي الحواري :
"كذاب" .
وتركه جماعة ، وضعفه آخرون ؛ فلا جرم أن أشار المنذري (2/ 263) إلى تضعيف الحديث . وأعله به الهيثمي فقال (10/ 127) :
"وفيه الحكم بن عبدالله الأيلي ، وهو متروك" .
والدعاء المذكور في حديث الترجمة ؛ قد روي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، ومن حديث غيره ، فهو ثابت .

(145/1)


5140 - ( ما من عبد يقول : لا إله إلا الله والله أكبر ؛ إلا أعتق الله ربعه من النار ، فإن قالها مرتين ؛ أعتق نصفه من النار ، فإن قالها ثلاثاً ؛ أعتق ثلاثة أرباعه من النار ، فإن قالها أربعاً ؛ أعتقه الله من النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 236 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 435 - مصورة الجامعة الإسلامية) قال : حدثنا مقدام بن داود : حدثنا أسد بن موسى : حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبدالله بن أبي مريم عن زيد بن أرطأة عن أبي الدرداء مرفوعاً ، وقال :
"لا يروى عن أبي الدرداء إلا بهذا الإسناد ، تفرد به أبو بكر" .
قلت : وهو ضعيف مختلط . ولذلك ؛ أشار المنذري في "الترغيب" (2/ 250) إلى تضعيفه . وبه أعله الهيثمي فقال (10/ 87) :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، وفيهما أبو بكر بن أبي مريم ، وهو ضعيف" .
قلت : والمقدام بن داود ؛ قال النسائي :
"ليس بثقة" . وقال ابن يونس وغيره :
"تكلموا فيه" .

(146/1)


5141 - ( من صلى علي من أمتي صلاة مخلصاً من قلبه ؛ صلى الله عليه بها عشر صلوات ، ورفعه بها عشر درجات ، وكتب له بها عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 237 :
$ضعيف بهذا التمام$
أخرجه البزار في "مسنده" (ص 307 - زوائده) ، وكذا النسائي في "عمل اليوم والليلة" (65) ، والطبراني في "الكبير" [22/ 195/ 513] من طريق سعيد بن أبي جعفر أبي الصباح عن سعيد بن عمير عن أبي بردة بن نيار مرفوعاً به . واللفظ للنسائي .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة سعيد بن عمير والراوي عنه سعيد بن أبي جعفر أبي الصباح ، وأبو جعفر والد سعيد اسمه سعيد أيضاً ، وهو ثعلبي ، وقيل : تغلبي ؛ قال الذهبي :
"ضعفه الأزدي ، وقال ابن حبان (يعني في "الثقات") :
أخذ عنه وكيع" . وقال الحافظ :
"مقبول" ؛ يعني : عند المتابعة ، وكذا قال في شيخه سعيد بن عمير ، ووثقه ابن حبان أيضاً ‍‍‍!
وروى ابن عدي في "الكامل" (ق 182/ 2) عن ابن معين أنه قال :
"لا أعرفه" . وقال الذهبي في ترجمته من "الميزان" :
"انفرد سعيد بن سعيد التغلبي عن سعيد بن عمير عن ابن عمر بحديث : يا علي ! أنا أخوك في الدنيا والآخرة . وهذا موضوع" .
قلت : يشير إلى أحدهما هو المتهم بوضعه ، فحري بإسناد يدور عليهما أن لا يوثق به .
فمن تساهل المنذري في "الترغيب" (2/ 278) : أن لا يشير إلى تضعيف الحديث ! وأسوأ من ذلك قول الهيثمي (10/ 162) :
"رواه البزار ، ورجاله ثقات" !
وإنما يصح من الحديث قوله :
"من صلى علي واحدة ؛ صلى الله عليه عشر صلوات ، وحط عنه عشر خطيئات ، ورفع له عشر درجات" .
وهو مخرج في "المشكاة" (902) ؛ وانظر "الترغيب" (2/ 277،279) .

(147/1)


5141/ م - ( من صلى علي ؛ بلغتني صلاته ، وصليت عليه ، وكتب له سوى ذلك عشر حسنات ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 238 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 448 - مصورة الجامعة الإسلامية) قال : حدثنا أحمد : حدثنا إسحاق : حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود : حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن أبي جعفر إلا محمد بن سليمان" .
قلت : وهو صدوق ؛ كما في "التقريب" .
لكن العلة من شيخه أبي جعفر الرازي ؛ فإنه صدوق سيىء الحفظ .
وقول الهيثمي (10/ 162-163) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه راو لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات" !!
فأقول : فيه أمران :
الأول : أن أبا جعفر الرازي لا يصح أن يطلق عليه أنه ثقة ؛ لأنه مختلف فيه من جهة ، ولأن الراجح فيه ما ذكرته آنفاً من جهة أخرى ، وهو قول الحافظ الفسوي قديماً ، والعسقلاني حديثاً .
والآخر : أن الراوي الذي لم يعرفه - وهو إسحاق - ؛ إنما هو إسحاق بن إبراهيم المعروف بابن راهويه ، أو إسحاق بن زيد الخطابي ؛ فقد ذكرهما ابن أبي حاتم (3/ 2/ 267) في الرواة عن محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني .
فإن كان الأول ؛ فهو ثقة إمام ، وهو من شيوخ الشيخين .
وإن كان الآخر ؛ فقد ترجمه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 220) برواية أبيه عنه ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .

(148/1)


5142 - ( من صلى على محمد وقال : اللهم ! أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة ؛ وجبت له شفاعتي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 239 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد (4/ 108) ، وإسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم" (رقم : 53) ، وكذا ابن أبي عاصم (59/ 78) ، والبزار (4/ 45/ 3157) ، وابن عبدالحكم في "فتوح مصر" (ص 280) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 13-14/ 4480،4481) و "الأوسط" (1/ 187/ 1/ 3428 - بترقيمي) من طرق عن ابن لهيعة قال : حدثنا بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن وفاء [بن شريح] الحضرمي عن رويفع ابن ثابت الأنصاري مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لا يروى عن رويفع إلا بهذا الإسناد ، تفرد به ابن لهيعة" .
قلت : هو سيىء الحفظ ؛ إلا فيما رواه عنه أحد العبادلة ، ومنهم أبو عبدالرحمن المقري عبدالله بن يزيد : عند الطبراني في "الكبير" بالرقم الثاني بسند صحيح عنه ؛ لكن ذكر فيه (ابن هبيرة) مكان (بكر بن سوادة) ، ولا يضر ؛ فإنه ثقة من رجال مسلم مثل (بكر) ، واسمه (عبدالله بن هبيرة) .
وكذلك شيخهما (زياد بن نعيم) ثقة أيضاً ، وهو (زياد بن ربيعة بن نعيم الحضرمي) .
فالعلة : (وفاء بن شريح الحضرمي) ؛ بيض له الذهبي في "الكاشف" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"مقبول" .
قلت : وذلك ؛ لأنه لم يوثقه غير ابن حبان (5/ 497) ، ولم يذكر البخاري راوياً عنه غير زياد بن نعيم هذا ، وقرن معه ابن أبي حاتم وابن حبان : (بكر بن سوادة) ، وساق له حديثاً من رواية عمرو بن الحارث عن بكر عن وفاء عن سهل ابن سعد .
وهو مخرج في "الصحيحة" شاهداً تحت الحديث (259) ، وقد سقط (بكر) هذا من إسناد "الثقات" ، وهو ثابت في "صحيح ابن حبان" (1786) .
وأنت ترى أن بكراً إنما روى في حديث الترجمة عن (وفاء) بواسطة (زياد بن نعيم) ؛ فأخشى أن يكون سقط أيضاً (زياد) هذا من إسناد حديث (سهل بن سعد) ، فإن كان كذلك ؛ فيكون (وفاء) مجهول العين ، وإلا ؛ فهو مجهول الحال . وهو - على كل الأحوال - علة هذا الحديث . والله أعلم .
تنبيهات :
1- قال المنذري في "الترغيب" (2/ 282) :
"رواه البزار ، والطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، وبعض أسانيدهم حسن" ! يشير إلى رواية عبدالله بن يزيد المقرىء .
ونحوه في "مجمع الزوائد" للهيثمي (10/ 163) !
قلت : وهذا منهما اعتداد بتوثيق ابن حبان لـ (وفاء) ! وقد عرفت ما فيه .
2- وغفل الحافظ الناجي عن اعتداد المنذري المذكور ، فتعقبه بقوله في "عجالته" (ق 127/ 2) :
"كيف يكون السند حسناً ومداره على (ابن لهيعة) ؛ وحاله مشهور ؟!" !!
فكان عليه أن يتنبه للاستثناء المذكور ، وأن ينبه على جهالة (وفاء) المزبور !
3- وتبع الهيثمي على التحسين والاعتداد المذكور : المعلق على "مجمع البحرين" (8/ 26) ؛ فإنه أقره عليه ، بل وأيده ؛ فإنه - بعد أن ذكر أن ابن لهيعة مختلط - استدرك بأن رواية (المقرىء) عنه قبل الاختلاط ، وعليه قال :
"فالحديث حسن" !
فغفل أيضاً عن جهالة (وفاء) !
4- (وفاء) : هذا هو الصواب بالفاء ، وكذلك هو في أكثر كتب التراجم والروايات . ووقع في "الجرح" و "الثقات" : (وقاء) بالقاف ! وهو خطأ ؛ كما حققته في "تيسير الانتفاع" .
ووقع في مصورة "الأوسط" : (رقا) ! وفي مطبوعته (4/ 174/ 3309) : (ورقاء) !
5- سقط رفع الحديث إلى النبي صلي الله عليه وسلم من كتاب "فضل الصلاة" لابن أبي عاصم ؛ خلافاً لكل الطرق عن ابن لهيعة ، واستظهر محققه الفاضل الأخ حمدي السلفي أنه من الناسخ . ويؤيده أنه فيه من رواية (عبدالغفار بن داود) عنه ، وهي عند البزار مرفوعة مع غيره من المتابعين له ، ولذلك كنت أود لو أنه جعل قوله الصريح في الرفع : "قال رسول الله صلي الله عليه وسلم" بين معكوفتين [ ] ؛ مع التنبيه على ذلك في الحاشية .

(149/1)


5142/ م - ( ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة ؛ يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة ، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 242 :
$ضعيف بهذا التمام$
أخرجه الترمذي (1/ 146) ، وابن ماجه (1728) ، وابن مخلد في "المنتقى من أحاديثه" (2/ 83/ 1) ، وأبو سعيد بن الأعرابي في "معجمه" (92/ 1) ، والبغوي في "شرح السنة" (ق 129/ 1) ، والقاضي أبو يعلى في "المجالس الستة" (ق 116/ 2،128/ 1) من طريق مسعود بن واصل عن نهاس بن قهم عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً به . وقال الترمذي - مضعفاً - :
"هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس . وسألت محمداً (يعني : الإمام البخاري) عن هذا الحديث ؟ فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا ، وقد تكلم يحيى بن سعيد في نهاس بن قهم" .
قلت : وقد اتفقوا على تضعيفه .
ونحوه مسعود بن واصل ؛ إلا أن ابن حبان أورده في "الثقات" ؛ لكنه قال :
"ربما أغرب" . ولذلك ؛ قال البغوي عقب الحديث :
"وإسناده ضعيف" .
ثم ذكر الترمذي عن البخاري أنه قال :
"قد روي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن النبي صلي الله عليه وسلم مرسلاً شيئاً من هذا" .
قلت : بل قد روي موصولاً ، أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ص 100-101/ مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق إسماعيل بن بشر : أخبرنا مقاتل بن إبراهيم : أخبرنا عثمان بن عبدالله عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به .
لكن مقاتلاً هذا وعثمان بن عبدالله لم أعرفهما .
ثم روى الأصبهاني من طريق حرمي بن عمارة : حدثني هارون بن موسى قال : سمعت الحسن يحدث عن أنس قال :
كان يقال في أيام العشر : لكل يوم ألف يوم ، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم . قال : يعني : في الفضل .
قلت : وهذا إسناد رجاله موثقون ؛ لكن الحسن - وهو البصري - مدلس ؛ وقد عنعنه .
نعم ؛ قد قال المنذري في "الترغيب" (2/ 125) :
"رواه البيهقي والأصبهاني ، وإسناد البيهقي لا بأس به" .
فهذا صريح في المغايرة بين إسناد البيهقي وإسناد الأصبهاني ؛ فإن كان يعني أنها من غير طريق الحسن البصري ؛ فممكن ، وإلا ؛ فالإسناد لا يخلو من بأس .
واعلم أنني خرجت الحديث هنا من أجل الشطر الثاني منه ، وإلا ؛ فشطره الأول صحيح ؛ جاء من حديث ابن عباس ، وابن مسعود ، وابن عمرو ، وهو مخرج في "إرواء الغليل" (890) .

(150/1)


5143 - ( ذروة سنام الإسلام : الجهاد في سبيل الله ، لا يناله إلا أفضلهم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 244 :
$ضعيف$
أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (ق 75/ 2) من طريق عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : علي بن يزيد : هو الدمشقي الألهاني ، وهو ضعيف .
والأخرى : عثمان بن أبي العاتكة ؛ قال الحافظ :
"ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني" .
ولذلك ؛ أشار المنذري في "الترغيب" (2/ 176) إلى تضعيف الحديث . وقال الهيثمي (5/ 274) :
"رواه الطبراني ، وفيه علي بن يزيد ، وهو ضعيف" .
قلت : والحديث صحيح ؛ دون قوله : "لا يناله إلا أفضلهم" ؛ فقد أخرجه أحمد (5/ 231،234،235،237،245-246) من طرق عن معاذ بن جبل مرفوعاً به .
وهو عند الترمذي وغيره في قصة مسير معاذ مع النبي صلي الله عليه وسلم ، وقوله صلي الله عليه وسلم له : "لقد سألتني عن عظيم ..." الحديث بطوله ، وصححه الترمذي وغيره ، وهو مخرج في "الإرواء" (412) وغيره .

(151/1)


5144 - ( كل عين باكية يوم القيامة ؛ إلا عين غضت عن محارم الله ، وعين سهرت في سبيل الله ، وعين خرج منها رأس الذباب من خشية الله عز وجل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 245 :
$ضعيف$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ص 130 - مصورة الجامعة) من طريق داود بن عطاء المديني : حدثني عمر بن صهبان : حدثني صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : عمر بن صبهان - وهو أبو جعفر المدني - ؛ قال الحافظ :
"ضعيف" .
والأخرى : داود بن عطاء المدني ؛ ضعيف أيضاً .
لكنه قد توبع ؛ فقال ابن أبي عاصم في "الجهاد" (ق 86/ 2) ، والبزار (1659 - الكشف) : حدثنا صاحب لنا كان ينسب إلى حفظ الحديث : حدثنا عمر بن سهل المازني عن عمر بن صبهان به .
قلت : وعمر بن سهل المازني فيه ضعف ؛ قال الحافظ :
"صدوق يخطىء" .
والحديث له طرق ليس فيها : "مثل رأس الذباب .." ، ولذلك ؛ خرجته بدونها في "الصحيحة" ، مخرجاً طرقه هناك (2673) .

(152/1)


5145 - ( إذا رجف قلب المؤمن في سبيل الله ؛ تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عذق النخلة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 246 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (6/ 288-289) ؛ و "الأوسط" (2/ 224 - مصورة الجامعة الإسلامية) ، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 367) عن عمرو بن حصين العقيلي : حدثنا عبدالعزيز بن مسلم القسملي عن الأعمش عن أبي وائل عن سلما مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لم يروه عن الأعمش إلا عبدالعزيز ، تفرد به عمرو" .
قلت : وهو متروك ، كذبه الخطيب ؛ كما تقدم مراراً تحت الأرقام (41،382،425) .
وقد روي موقوفاً : أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 286،303) بسند صحيح عن أبي وائل عن سلمة بن سبرة عن سلمان قال : ... فذكره موقوفاً عليه .
لكن سلمة بن سبرة لا يعرف إلا بهذه الرواية ؛ فهو مجهول ، وإن وثقه ابن حبان .

(153/1)


5146 - ( الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة : آخر ساعة من يوم الجمعة يوم غروب الشمس أغفل ما يكون الناس ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 247 :
$موضوع$
أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (233-234/ مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق محمد بن أحمد بن راشد : أخبرنا إبراهيم بن عبدالله المصيصي : أخبرنا حجاج بن محمد : أخبرنا أبو غسان محمد بن مطرف عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد موضوع ؛ آفته المصيصي هذا ؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 116 - دار الوعي) :
"يسوي الحديث ، ويسرقه ، ويروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، يقلب حديث الزبيدي عن الزهري على الأوزاعي ، وحديث الأوزاعي على مالك ، وحديث زياد بن سعد على يعقوب بن عطاء ، وما يشبه هذا" . وقال الذهبي في أول ترجمته :
"أحد المتروكين" .
ثم ساق له أحاديث منكرة ، رواها له ابن حبان ، ثم قال في آخرها :
"قلت : هذا رجل كذاب ، قال الحاكم : أحاديثه موضوعة" .
(فائدة) : قال الحافظ - عقب ما نقلته عن ابن حبان آنفاً - :
"ومعنى تسوية الحديث : أنه يحذف من الإسناد من فيه مقال ، وهذا يطلق عليه تدليس التسوية" .

(154/1)


5147 - ( من طلب الدنيا بعمل الآخرة ؛ طمس وجهه ، ومحق ذكره ، وأثبت اسمه في النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 248 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (2/ 268/ 2128) عن نصر بن خالد النحوي : أخبرنا همام بن الضريس عن الهيثم عن الجارود مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالمجهولين ؛ الهيثم فمن دونه لم أعرفهم . وقال الهيثمي (10/ 220) :
"رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفهم" .

(155/1)


5148 - ( من قال : لا إله إلا الله [مخلصاً] ؛ دخل الجنة . قيل : وما إخلاصها ؟ قال : أن تحجزه عن محارم الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 248 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 3 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق محمد بن عبدالرحمن بن غزوان : حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن زيد ابن أرقم مرفوعاً ، وقال :
"تفرد به محمد" .
قلت : وهو كذاب وضاع ؛ قال الذهبي :
"قال الدارقطني وغيره : كان يضع الحديث . وقال ابن عدي : له عن ثقات الناس بواطيل" . وقال ابن عدي أيضاً :
"روى عن شريك وحماد بن زيد أحاديث أنكرت عليه ، وهو ممن يضع الحديث" . وقال الحاكم :
"روى عن مالك وإبراهيم بن سعد أحاديث موضوعة" .
ولذلك ؛ قال الهيثمي (1/ 18) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" ، وفي إسناده محمد بن عبدالرحمن بن غزوان ، وهو وضاع" .
قلت : ولذلك ؛ فقد أساء الحافظ المنذري بإيراده هذا الحديث في "الترغيب" (2/ 238) من رواية الطبراني مقتصراً على تصديره إياه بقوله : "روي" ؛ الدال على ضعفه فقط ! وإن كان ذلك يتفق مع اصطلاحه الذي وضعه في مقدمة الكتاب ، ولكنه اصطلاح غير دقيق ؛ حيث يشمل الضعيف والموضوع ، والتفريق بينهما واجب ؛ لا سيما عند الجمهور الذي يرى العمل بالحديث الضعيف - في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب - دون الموضوع ، فتأمل !

(156/1)


5149 - ( إن صلاة المرابط تعدل خمس مئة صلاة ، ونفقة الدينار والدرهم أفضل من سبع مئة دينار في غيره ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 249 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (ق 101/ 2) : حدثنا عبدالوهاب بن نجدة : حدثنا يحيى بن صالح عن جميع بن ثوب عن خالد ابن معدان عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ رجاله ثقات ؛ غير جميع بن ثوب ، فهو الآفة ؛ قال البخاري والدارقطني وغيرهما :
"منكر الحديث" . وقال النسائي :
"متروك الحديث" . وقال ابن حبان في "الضعفاء والمجروحين" (1/ 218) :
"كان يخطىء كثيراً ، لا يحتج به إذا انفرد" .
والحديث ؛ أورده المنذري في "الترغيب" (2/ 164) من رواية البيهقي ؛ دون أن يشير إلى تضعيفه !

(157/1)


5150 - ( من ترك صلاة متعمداً ؛ أحبط الله عمله وبرئت منه ذمة الله ؛ حتى يراجع لله توبة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 250 :
$ضعيف جداً بتمامه$
أخرجه الأصفهاني في "الترغيب" (ص 477 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق عمرو بن عبدالغفار الفقيمي عن حسن ابن عمرو الفقيمي : حدثنا سعد بن سعيد الأنصاري عن عبدالله بن عبدالرحمن ابن معمر أبي طوالة الأنصاري عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه عن عمر بن الخطاب مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته عمرو بن عبدالغفار ؛ قال الذهبي :
"قال أبو حاتم : متروك الحديث . وقال ابن عدي : اتهم بوضع الحديث" .
وذكره العقيلي والساجي والعجلي في "الضعفاء" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" ! وأخرج له الحاكم في "المستدرك" !
وسعد بن سعيد الأنصاري ؛ قال الحافظ :
"صدوق سيىء الحفظ" .
قلت : وإنما أخرجت الحديث هنا ؛ من أجل الزيادة التي في آخره :
"حتى يراجع لله توبة" ، وإلا ؛ فهو بدونها صحيح ؛ له شواهد كثيرة ، خرجت بعضها في "الإرواء" (2026) .

(158/1)


5151 - ( من سل سخيمته على طريق من طرق المسلمين ؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 251 :
$ضعيف$
رواه الطبراني في "الصغير" (167) و "الأوسط" (1/ 33 مصورة الجامعة) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2230) من طريق محمد بن عمرو الأنصاري عن محمد بن سيرين قال :
قال رجل لأبي هريرة أفتيتنا في كل شيء ؛ يوشك أن تفتينا في الخراء ! فقال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . وقال :
"لم يروه عن ابن سيرين إلا محمد بن عمرو ، تفرد به كامل" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، ورجاله ثقات ؛ غير الأنصاري هذا ؛ وكنيته أبو سهل ؛ فإنه ضعيف .
ومن طريقه : أخرجه الحاكم (1/ 186) وصححه ، ووافقه الذهبي ! فوهما فقد ضعفه الجمهور ، وقال الذهبي نفسه في "الميزان" :
"ضعفه يحيى القطان ، وابن معين ، وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وضعفه ابن عدي أيضاً . وقال محمد بن عبدالله بن نمير : ليس يساوي شيئاً" .
ونص ابن عدي عقب الحديث :
"وله غير ما ذكرت ، وأحاديثه إفرادات ، ويكتب حديثه في جملة الضعفاء" .
ولذلك ؛ قال الحافظ في "التلخيص" (1/ 105) :
"وإسناده ضعيف" .
لكن قد جاء الحديث مختصراً بلفظ :
"من آذى المسلمين في طرقهم ؛ وجبت عليه لعنتهم" .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 200/ 3050) من طريقين عن شعيب بن بيان : حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد حسن ؛ كما قال المنذري في "الترغيب" (1/ 83) ، والهيثمي في "المجمع" (1/ 204) .
وشعيب وعمران ؛ فيهما كلام من قبل حفظهما ، لا ينزل حديثهما من مرتبة الحسن ؛ لا سيما وفي معناه أحاديث أخرى ، فانظر "الإرواء" (62) .
(تنبيه) : وقع الحديث في مطبوعة "الكامل" بلفظ : "من تميل بسخينة" !
وهو من التصحيفات والأخطاء الكثيرة التي وقعت فيه من اللجنة المتخصصة !
وبإشراف الناشر ! لو أن أحداً ممن لا قيمة لوقته تفرد لتتبعها ؛ لكان من ذلك مجلد . والله المستعان !

(159/1)


5152 - ( تعوذوا بالله من جب الحزن ! قالوا : يا رسول الله ! وما جب الحزن ؟ قال : واد في جهنم ، إن جهنم تتعوذ بالله من شر ذلك الوادي في كل يوم أربع مئة مرة ، يلقى فيه الغرارون . قيل : وما الغرارون ؟ قال : المراؤون بأعمالهم في الدنيا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 253 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (مصورة الجامعة الإسلامية 4/ 472) من طريق محمد بن ماهان : حدثنا محمد بن الفضل بن عطية عن سليمان التيمي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً ، وقال :
"لم يروه عن سليمان إلا محمد بن الفضل ، تفرد به محمد بن ماهان" .
قلت : وثقه ابن حبان والدارقطني ، وإنما الآفة من شيخه محمد بن الفضل بن عطية ؛ فإنه متروك متهم ؛ كما تقدم مراراً . وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (10/ 389) ، فقال :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه محمد بن الفضل بن عطية ، وهو مجمع على ضعفه" .
وقد أخرجه الترمذي وغيره من طريق أخرى عن ابن سيرين به نحوه ، وقد خرجته وبينت علته فيما مضى برقم (5023) .

(160/1)


5153 - ( إذا كان يوم القيامة ؛ صارت أمتي ثلاث فرق : فرقة يعبدون الله خالصاً ، وفرقة يعبدون الله رياء ، وفرقة يعبدون الله ليستأكلوا به الناس .
فإذا جمعهم قال للذي يستأكل الناس : بعزتي وجلالي ! ما أردت بعبادتي ؟! قال : بعزتك وجلالك ! أستأكل به الناس . قال : لم ينفعك ما جمعت شيئاً ؛ انطلقوا به إلى النار !
ثم يقول للذي كان يعبده رياءً : بعزتي وجلالي ! ما أردت بعبادتي ؟! قال : بعزتك وجلالك ! أردت به رياء الناس . قال : لم يصعد إلي منه شيء ؛ انطلقوا به إلى النار !
ثم يقول للذي كان يعبده خالصاً : بعزتي وجلالي ! ما أردت بعبادتي ؟! قال : بعزتك وجلالك ! أنت أعلم بذلك مني ؛ أردت به وجهك وذكرك ! قال : صدق عبدي ! انطلقوا به إلى الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 254 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 465) ، والأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 29) من طريق عبيد بن إسحاق العطار : حدثنا قطري الخشاب عن عبدالوارث عن أنس بن مالك مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، وله علتان :
الأولى : عبدالوارث هذا - وهو مولى أنس - ؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 74) عن أبيه :
"شيخ" . وفي "الميزان" :
"ضعفه الدارقطني . وقال الترمذي عن البخاري : منكر الحديث . وقال ابن معين : مجهول" .
والأخرى : عبيد بن إسحاق العطار ؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 401) :
"قال ابن معين : لا شيء . وقال أبي : ما رأينا إلا خيراً ، وما كان بذاك الثبت ، في حديثه بعض الإنكار" . وفي "الميزان" و "اللسان" :
"وقال ابن عدي : عامة حديثه منكر . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال ابن الجارود : يعرف بعطار المطلقات ، والأحاديث التي يحدث بها باطلة ، وقال البخاري : منكر الحديث" .
قلت : ولذلك ؛ قال الهيثمي (10/ 222) - بعدما عزاه للطبراني - :
"وفيه عبيد بن إسحاق العطار وهو متروك" .
ومع كل ما تقدم من الضعف الشديد في الراويين ؛ صدره المنذري (1/ 37) بقوله :
"وعن أنس بن مالك ..." !

(161/1)


5154 - ( يؤتى يوم القيامة بصحف مختمة ، فتنصب بين يدي الله تعالى ، فيقول الله تبارك وتعالى : ألقوا هذا واقبلوا هذا ! فتقول الملائكة : وعزتك ! ما رأينا إلا خيراً ! فيقول الله تعالى : إن هذا كان لغير وجهي ، وإني لا أقبل من العمل إلا ما ابتغي به وجهي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 255 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 465 مصورة الجامعة الإسلامية) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ص 35 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق عبدالله بن عبدالوهاب الحجبي : حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال الطبراني :
"لم يروه عن أبي عمران إلا الحارث" .
قلت : قال ابن ابي حاتم (1/ 2/ 81) :
"قال عبدالرحمن بن مهدي : كان من شيوخنا ، وما رأيت إلا خيراً . وقال أحمد : مضطرب الحديث . وقال ابن معين : ضعيف الحديث . وقال أبي : يكتب حديثه ولا يحتج به" . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 224) :
"كان شيخاً صالحاً ممن كثر وهمه ، حتى خرج عن جملة من يحتج بهم إذا انفردوا" .
قلت : وضعفه آخرون ، سماهم في "التهذيب" ، وقال :
"استشهد به البخاري متابعة في موضعين" .
ورمز له أنه من رجال مسلم ! فلا أدري أخرج له محتجاً به ، أم مقروناً بغيره ؟
وأيا ما كان ؛ فالرجل ليس في موضع الحجة ؛ لسود حفظه . وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب" :
"صدوق يخطىء" .
ومن هذا التحقيق ؛ يتبين لك ما في قول المنذري في "الترغيب" (1/ 37) من الإغماض ؛ حيث قال - وتبعه الهيثمي (10/ 350) - :
"رواه البزار ، والطبراني بإسنادين - رواة أحدهما رواة "الصحيح" - ، والبيهقي" !
ثم تبين لي أن في رواية الطبراني خطأ من بعض الناسخين ، وأن الراوي هو (الحارث بن غسان) ، كما في رواية الأصبهاني .
وهكذا رواه البزار وغيره ؛ كما حققته فيما يأتي برقم (6638) ، والحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .

(162/1)


5155 - ( قليل الفقه خير من كثيرالعبادة ، وكفى بالمرء فقهاً إذا عبدالله ، وكفى بالمرء جهلاً إذا أعجب برأيه ، إنما الناس رجلان : مؤمن وجاهل ، فلا يؤذى المؤمن ، ولا يجاور الجاهل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 257 :
$ضعيف$
أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 381/ 1216) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 20 - مصورة الجامعة الإسلامية) و (9/ 318/ 8693) ، وتمام في "الفوائد" (ق 236/ 2) ، وأبو الطيب الحوراني في "جزئه" (ق 70/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 173-174) ، والخطيب في "الموضح" (1/ 239) ، وابن جميع في "معجم الشيوخ" (ص 368) من طريق عبدالله بن صالح : حدثني الليث عن إسحاق بن أسيد عن ابن رجاء بن حيوة عن أبيه عن عبدالله بن عمرو مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لم يروه عن [ابن] رجاء إلا إسحاق ، انفرد به الليث" . وقال أبو نعيم :
"غريب من حديث رجاء ، تفرد به إسحاق بن أسيد ، ولم يروه عن رجاء إلا ابنه" .
قلت : واسمه : عاصم بن رجاء بن حيوة الكندي الفلسطيني ، وهو حسن الحديث عندي ؛ فإنه لم يجرح بجرح بين ؛ بل قال فيه ابن معين :
"صويلح" . وقال أبو زرعة :
"لا بأس به" . وذكره ابن حبان في "الثقات" .
وليس فيه إلا قول الذهبي - بعد أن ساق فيه قول أبي زرعة وابن معين فيه - :
"ويقال : تكلم فيه قتيبة" .
قلت : وهذا لو ثبت عن قتيبة ؛ لم يكن جرحاً ؛ لأنه لم يذكر سببه . ولولا ما أشار إليه ابن معين بقوله : "صويلح" من ضعف يسير ؛ لصححت حديثه .
ولعل هذا الذي اخترته رمى إليه الحافظ بقوله في "التقريب" :
"صدوق يهم" .
لكن الراوي عنه إسحاق بن أسيد ليس فيه توثيق معتبر ، وقد قال فيه ابن عدي والحاكم :
"مجهول" .
قلت : لكنه مجهول الحال ؛ فقد روى عنه جماعة ، ذكرهم ابن أبي حاتم (1/ 1/ 213) ، وقال عن أبيه :
"شيخ خراساني ، ليس بالمشهور ، ولا يشتغل به" . وقال الذهبي عقبه :
"قلت : حدث عنه يحيى بن أيوب والليث ، وهو جائز الحديث ، يكنى أبا عبدالرحمن" . وقال الحافظ :
"فيه ضعف" .
ولهذا ؛ قال المنذري في "الترغيب" (1/ 51) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفي إسناده إسحاق بن أسيد ، وفيه توثيق لين ، ورفع هذا الحديث غريب . قال البيهقي : ورويناه صحيحً من قول مطرف ابن عبدالله بن الشخير ..." ثم ذكره .
وأعله الهيثمي بقول أبي حاتم المتقدم في ابن أسيد .
والحديث ؛ أخرجه ابن وهب في "مسنده" (8/ 167/ 1) ، - ومن طريقه الخطيب - : أخبرني الليث عن أبي عبدالرحمن الخراساني عن رجاء بن حيوة عن أبيه به .
كذا قال : عن رجاء بن حيوة ... ، فقال عقبه :
"كذا كان في الأصل ، والصواب عن ابن رجاء بن حيوة" .
قلت : وكذا في "التاريخ" .
(تنبيه) : وقع في "الترغيب" ، و "المجمع" : "عبدالله بن عمر" ، والصواب : "عبدالله بن عمرو" ؛ كذلك هو في جميع المصادر التي ذكرنا .

(163/1)


5156 - ( من جاءه أجله وهو يطلب العلم ؛ لقي الله ولم يكن بينه وبين النبيين إلا درجة النبوة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 259 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 19 مصورة الجامعة الإسلامية) ، وابن عبدالبر في "الجامع" (1/ 95) ، والخطيب في "التاريخ" (3/ 78) من طريق العباس بن بكار الضبي : حدثنا محمد بن الجعد القرشي عن الزهري عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لم يروه عن الزهري إلا محمد بن الجعد ، تفرد به العباس" .
قلت : وهو كذاب ؛ كما قال الدارقطني . وساق له الذهبي أباطيل . وساق له العسقلاني خبراً آخر ، وقال :
"هذا من وضع العباس" .
قلت : هذه هي علة الحديث . وأما الهيثمي ؛ فأعله بشيخه ؛ فقال في "مجمع الزوائد" (1/ 123) :
"وفيه محمد بن الجعد ، وهو متروك" !
قلت : محمد بن الجعد الذي في إسناد هذا الحديث : هو القرشي ؛ كما جاء مصرحاً به في الإسناد ، وهذا غير محمد بن الجعد الذي يسمى حماداً ؛ وهو الهذلي البصري .
والأول ؛ قال فيه ابن أبي حاتم (3/ 2/ 223) عن أبيه :
"هو شيخ بصري ، ليس بمشهور" . وأورده الذهبي في "الميزان" ، وقال :
"قال الأزدي : متروك" . ثم ساق له هذا الحديث .
وأما حماد بن الجعد ؛ فهو معروف ، ولكن بالضعف ، وهو من رجال "التهذيب" .
وللحديث علة أخرى ؛ وهي الاضطراب في إسناده ؛ فقد علقه ابن عبدالبر (1/ 31/ 46) من حديث أبي هريرة وغيره بنحوه ، ثم قال :
"وهو مضطرب الإسناد جداً ؛ لأن منهم من يجعله عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس ، ومنهم من يجعله عن سعيد عن أبي هريرة وأبي ذر ، ومنهم من يرسله عن سعيد" .
قلت : وفي إسناد مرسل سعيد : علي بن زيد - وهو ابن جدعان - ، وهو ضعيف .
وروي من حديث الحسن البصري مرسلاً نحوه .
أخرجه الدارمي (1/ 100) من طريق نصر بن القاسم عن محمد بن إسماعيل عن عمرو بن كثير عنه .
قلت : وهذا - مع إرساله - ضعيف الإسناد ؛ نصر بن القاسم ؛ قال الذهبي :
"لا يكاد يعرف ، وعنه بشر بن ثابت فقط ، وقيل : بينهما رجل" . وقال الحافظ :
"مجهول" .

(164/1)


5157 - ( علماء هذه الأمة رجلان : رجل آتاه الله علماً ، فبذله للناس ، ولم يأخذ عليه طمعاً ، ولم يشتر به ثمناً ؛ فذلك تستغفر له حيتان البحر ودواب البر والطير في جو السماء ، ويقدم على الله سيداً شريفاً ، حتى يرافق المرسلين ، ورجل آتاه الله علماً ، فبخل به عن عباد الله ، وأخذ عليه طمعاً ، وشرى به ثمناً ؛ فذاك يلجم بلجام من نار يوم القيامة ، ويناد مناد : هذا الذي آتاه الله علماً ، فبخل به عن عباد الله ، وأخذ عليه طنعاً ، واشترى به ثمناً ، وكذلك حتى يفرغ من الحساب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 262 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 7329 - بترقيمي) من طريق عبدالله بن خراش عن العوام بن حوشب عن شهر بن حوشب عن ابن عباس به مرفوعاً . وقال :
"لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وإسناده ضعيف ، وله علتان :
الأولى : شهر بن حوشب ؛ فإنه ضعيف ؛ لسوء حفظه .
والأخرى : عبدالله بن خراش ، وبه أعله المنذري ؛ وقال :
"وثقه ابن حبان وحده فيما أعلم" .
وبه أعله الهيثمي أيضاً ، وزاد عليه فقال (1/ 124) :
"ضعفه البخاري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وابن عدي" .
قلت : وتوثيق ابن حبان إياه - مع تفرده به - ؛ فقد أشار إلى أن فيه شيئاً بقوله : "ربما أخطأ" . وبالغ فيه الساجي ؛ فقال :
"ضعيف الحديث جداً ، كان يضع الحديث" . وقال محمد بن عمار الموصلي :
"كذاب" .
قلت : وجدت له طريقاً أخرى : أخرجها ابن عبدالبر في "جامعه" (1/ 38) ؛ وفيه خالد بن عبدالأعلى ؛ ولم أعرفه ، وفيها انقطاع أيضاً .
ثم وجدت الحافظ العراقي جزم بضعف إسناد الحديث في "تخريج الإحياء" (1/ 55) .

(165/1)


5158 - ( القلوب أربعة : قلب أجرد ، فيه مثل السراج يزهر ، وقلب أغلف مربوط على غلافه ، وقلب منكوس ، وقلب مصفح : فأما القلب الأجرد ؛ فقلب المؤمن ؛ سراجه فيه نوره . وأما القلب الأغلف ؛ فقلب الكافر . وأما القلب المنكوس ؛ فقلب المنافق ؛ عرف ثم أنكر . وأما القلب المصفح ؛ فقلب فيه إيمان ونفاق ، فمثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب ، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة ، يمدها القيح والدم ، فأي المدتين غلبت الأخرى ؛ غلبت عليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 263 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد (3/ 17) ، والطبراني في "المعجم الصغير" (ص 223 - هند) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 385) من طريق ليث بن أبي سليم عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال الطبراني :
"لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد" . وقال أبو نعيم :
"ورواه جرير عن الأعمش ، فخالف ليثاً فقال : عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة ؛ وأرسله" !
قلت : كذا قال : "وأرسله" ! والظاهر أنه يعني : "فأوقفه" ؛ لأنه هكذا وصله جمع عن الأعمش ن عمرو به موقوفاً .
أخرجه ابن أبي شيبة في "الإيمان" (رقم 54 - بتحقيقي) ، وأحمد في "السنة" (1/ 377/ 820 - دار ابن القيم) ، والطبري في "التفسير" (1/ 322) :
ورجاله كلهم ثقات ، ولذلك ؛ كنت قلت في التعليق على "الإيمان" :
"حديث موقوف صحيح" .
فتعقبني المعلق على "إغاثة اللهفان" بأنه منقطع بين أبي البخيري - واسمه سعيد بن فيروز ؛ - لأنه لم يسمع من حذيفة ، كما قال أبو حاتم وغيره !
فأقول : هذا لا يرد علي ؛ لأني لم أصحح إسناده ، وإنما صححت وقفه بالنسبة للمرفوع . على أن نسبة القول المذكور لأبي حاتم غير صحيح ؛ لأنه لم يذكر في كتابه "المراسيل" في ترجمة (أبي البختري) (ص 51،52) حذيفة في جملة الصحابة الذين لم يسمع منهم (أبو البختري) ، وإنما ذكر فيهم : (أبا سعيد الخدري) ، وكذا نقله عنه الحافظ في "التهذيب" .
نعم ؛ ذكره هذا تبعاً لأصله " تهذيب المزي" فيهم ، فيكون الإسناد منقطعاً موقوفاً ومرفوعاً ، وفي هذا علة أخرى ؛ وهي ضعف ليث بن أبي سليم ، مع مخالفته للأعمش . وبه أعله الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 123) . فمن الغرائب - بعد هذا - قول الحافظ ابن كثير في "التفسير" (1/ 56 و 3/ 293) - بعدما ساق إسناد أحمد - :
"وهذا إسناد جيد حسن" !!
فغفل عن ضعف ليث ، ومخالفته للأعمش ، وعن الانقطاع بين أبي البختري وأبي سعيد !

(166/1)


5159 - ( ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين ، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ، ولكل شيء عماد ، وعماد هذا الدين الفقه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 265 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 20 مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق يزيد بن عياض عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن صفوان إلا يزيد" .
قلت : وهو كذاب ؛ كما قال الهيثمي (1/ 121) . وقصر الحافظ العراقي ؛ فقال في "المغني" (1/ 7) :
"إسناده ضعيف" . وكذلك اقتصر الحافظ المنذري في "الترغيب" (1/ 61) على الإشارة إلى تضعيفه ، وقال :
"رواه الدارقطني ، والبيهقي ، وقال : المحفوظ [أن] هذا اللفظ من قول الزهري" .

(167/1)


5160 - ( تعلموا العلم ، وتعلموا للعلم السكينة والوقار ، وتواضعوا لمن تعلمون منه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 265 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 18 مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق أحمد بن محمد بن ماهان : حدثنا أبي : حدثنا عباد بن كثير عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عباد بن كثير ؛ قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 129-130) :
"متروك الحديث" .

(168/1)


5161 - ( تقعد الملائكة على أبواب المسجد يوم الجمعة ، يكتبون مجيء الناس حتى يخرج الإمام ، فإذا خرج الإمام ؛ طويت الصحف ورفعت الأقلام ؛ فيقول الملائكة بعضها لبعض : ما حبس فلاناً وحبس فلاناً ؟ فتقول الملائكة بعضهم لبعض : اللهم ! إن كان مريضاً فاشفه ، وإن كان ضالاً فاهده ، وإن كان عائلاً فأغنه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 266 :
$ضعيف$
أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1771) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ص 232 - مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق مطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لضعف مطر الوراق ؛ قال الحافظ :
"صدوق كثير الخطأ ، وحديثه عن عطاء ضعيف" .
قلت : ولذلك ؛ لم يحتج به الشيخان ، وإنما أخرج له البخاري تعليقاً ، ومسلم مقروناً .
وقد روي الحديث بأتم منه من حديث ابن عباس ، ولكنه ضعيف جداً ، وهو :

(169/1)


5162 - ( إذا كان يوم الجمعة ؛ دفع إلى الملائكة ألوية الحمد إلى كل مسجد يجمع فيه ، ويحضر جبريل المسجد الحرام ، مع كل ملك كتاب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، معهم أقلام من فضة وقراطيس فضة ، يكتبون الناس على منازلهم ؛ فمن جاء قبل الإمام ؛ كتب : من السابقين ، ومن جاء بعد خروج الإمام ؛ كتب : شهد الخطبة ، ومن جاء حتى تقام الصلاة ، كتب : شهد الجمعة ، فإذا سلم الإمام ؛ تصفح الملك وجوه القوم ، فإذا فقد الملك منهم رجلاً كان فيما خلا من السابقين ؛ قال : يا رب ! إنا فقدنا فلاناً ولسنا ندري ما خلفه اليوم ؛ فإن كنت قبضته فارحمه ، وإن كان مريضاً فاشفه ، وإن كان مسافراً فأحسن صحابته . ويؤمن من معه من الكتاب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 267 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 232) من طريق إسحاق بن المنذر : أخبرنا فرات بن السائب الجزري عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته فرات بن السائب هذا ؛ قال البخاري :
"منكر الحديث" . وقال النسائي والدارقطني :
"متروك" . وقال ابن حبان (2/ 207) :
"كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ، ويأتي بالمعضلات عن الثقات ، لا يجوز الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه ، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاختبار" .
قلت : وإسحاق بن المنذر ؛ لم يذكر فيه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 235) جرحاً ولا تعديلاً .

(170/1)


5163 - ( من أحيا ليلتي العيدين إيماناً واحتساباً ؛ لم يمت قلبه حين تموت القلوب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 268 :
$موضوع$
أخرجه الأصفهاني في "الترغيب" (ص 101 - مصورة الجامعة) من طريق عمر بن هارون البلخي عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته البلخي هذا ؛ فإنه كذاب ؛ كما تقدم مراراً ، فانظر الحديث (288) .
وقد رواه بقية عن ثور بن يزيد ، وقد سبق تخريجه برقم (521) ، وكنت ذكرت هناك أن بقية مدلس ، وأنه لا يبعد أن يكون شيخه الذي أسقطه من أولئك الكذابين .
فأقول الآن : فقد تعين الآن الكذاب الذي يمكن أن يكون بقية تلقاه عنه ثم دلسه ، ألا وهو البلخي هذا .
وخالفهما إبراهيم بن محمد ؛ فقال : قال ثور بن يزيد : عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء موقوفاً به .
أخرجه البيهقي في "الشعب" (3/ 341/ 3711) .
وإبراهيم هذا متهم .

(171/1)


5164 - ( أوحى الله تعالى إلىآدم عليه السلام ؛ أن يا آدم ! حج هذا البيت قبل أن يحدث بك حدث الموت . قال : وما حدث علي يا ربي ؟! قال : ما لا تدري ، وهو الموت . قال : وما الموت ؟ قال : سوف تذوقه . قال : من أستخلف في أهلي ؟ قال : اعرض ذلك على السماوات والأرض والجبال ؛ فعرض على السماوات فأبت ، وعرض على الأرض فأبت ، وعرض على الجبال فأبت ، وقبله ابنه ؛ قاتل أخيه ، فخرج آدم عليه السلام من أرض الهند حاجاً ، فما نزل منزلاً أكل فيه وشرب ؛ إلا صار عمراناً بعده وقرى ، حتى قدم مكة ؛ فاستقبلته الملائكة بالبطحاء ، فقالوا : السلام عليك يا آدم ! بر حجك ، أما إنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام .
- قال أنس رضي الله عنه : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : والبيت يؤمئذ ياقوتة حمراء جوفاء ، لها بابان ، من يطوف يرى من في جوف البيت ، ومن في جوف البيت يرى من يطوف - ؛ فقضى آدم نسكه ؛ فأوحى الله إليه : يا آدم ! قضيت نسكك ؟ قال : نعم يا رب ! قال : فسل حاجتك تعط . قال : حاجتي أن تغفر لي ذنبي وذنب ولدي . قال : أما ذنبك يا آدم ؛ فقد غفرناه حين وقعت بذنبك ، وأما ذنب ولدك ؛ فمن عرفني ، وآمن بي ، وصدق رسلي وكتابي ؛ غفرنا له ذنبه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 269 :
$موضوع$
أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (1/ 434-435/ 1021) من طريق عمران بن عبدالرحيم : أخبرنا عبدالسلام بن مطهر : أخبرنا أبو هرمز عن أنس بن مالك مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته أبو هرمز هذا - واسمه نافع - ، وهو كذاب عند ابن معين ؛ كما تقدم في حديث آخر له موضوع برقم (446) ، واتهمه ابن حبان أيضاً ؛ فقال في "الضعفاء والمتروكين" (2/ 58 - حلب) :
"كان ممن يروي عن أنس ما ليس من حديثه ، كأنه أنس آخر ، ولا أعلم له سماعاً ، لا يجوز الاحتجاج به ، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار" .
ثم ساق له أحاديث كثيرة ، لوائح الوضع على بعضها ظاهرة .
وعمران بن عبدالرحيم ؛ قال السليماني :
"فيه نظر ، هو الذي وضع حديث أبي حنيفة عن مالك رحمهما الله تعالى" .
والحديث أشار المنذري في "الترغيب" (2/ 109) إلى تضعيفه ، فقصر ! ذلك ؛ لما عرفت من حال نافع وعمران ، مع أن آثار الوضع عليه بينة !

(172/1)


5165 - ( ما من عبد ولا أمة يضن بنفقة ينفقها فيما يرضي الله ؛ إلا أنفق أضعافها فيما يسخط الله ، وما من عبد يدع الحج لحاجة عرضت له من حوائج الدنيا ؛ إلا رأى محقه قبل أن يقضي الله له تلك الحاجة - يعني : حجة الإسلام - ، وما من عبد يدع المشي في حاجة أخيه المسلم - قضيت أو لم تقض - ؛ إلا ابتلي بمعونة من مأثم عليه ، ولا يؤجر فيه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 270 :
$منكر$
أخرجه الأصفهاني في "الترغيب والترهيب" (1/ 446/ 1052 - ط) من طريق الحكم بن سليمان بن أبي يزيد الهمذاني عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه عن جده رضي الله عنه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو حمزة الثمالي متفق على ضعفه ، بل تركه الدارقطني وغيره . وقال النسائي :
"ليس بثقة" . وقال ابن حبان (1/ 206) :
"كثير الوهم في الأخبار ، حتى خرج عن حد الاحتجاج به ، مع غلوه في تشيعه" .
والحديث ؛ قال المنذري (2/ 110) - بعدما عزاه للأصبهاني - :
"وفيه نكارة" .

(173/1)


5166 - ( المقام المحمود ، ذاك يوم ينزل الله تعالى على كرسيه ، يئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه به ، وهو كسعة ما بين السماء والأرض ، فيجاء بكم حفاة عراة غرلاً ، فيكون أول من يكسى إبراهيم ، يقول الله : اكسوا خليلي ، فيؤتى بريطتين بيضاوين من رباط الجنة ، ثم أكسى على إثره ، ثم أقوم على يمين الله مقاماً يغبطني الأولون والآخرون ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 271 :
$منكر بهذا التمام$
أخرجه الدارمي (2/ 325) : حدثنا محمد بن الفضل : حدثنا الصعق بن حزن عن علي بن الحكم عن عثمان بن عمير عن أبي وائل عن ابن مسعود عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : قيل له :
ما المقام المحمود ؟ قال : "ذاك ..." الحديث .
وأخرجه أحمد أيضاً (1/ 398) : حدثنا عارم بن الفضل : حدثنا أبو سعيد : حدثنا ابن زيد : حدثنا علي بن الحكم البناني عن عثمان عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن ابن مسعود به نحوه ؛ دون ذكر النزول والكرسي والأطيط والسعة .
قلت : ومع هذا الاختلاف في الإسناد والمتن ؛ فمداره - كما ترى - على محمد ابن الفضل - ولقبه عارم - ، وهو ثقة من رجال الشيخين ؛ لكنه كان اختلط ، فمن الممكن أن يكون هذا الاختلاف منه .
ويمكن أن يكون من عثمان بن عمير ؛ فإنه - مع ضعفه - مختلط مدلس ؛ قال الحافظ :
"ضعيف ، واختلط ، وكان يدلس ، ويغلو في التشيع" . قال ابن حبان (2/ 95) :
"كان ممن اختلط ؛ حتى لا يدري ما يحدث به ، ولا يجوز الاحتجاج بخبره" .
قلت : وقد كنت خرجت حديثين آخرين في الأطيط تحت الحديث (866) ، وذكرت عن الحافظ الذهبي أنه لا يصح فيه شيء ، أحدهما من حديث ابن مسعود من طريق منقطعة ، وذكرت بأني وجدته من طريق موصولة ، فهي هذه . وبينت هناك أنه مما يؤكد بطلان هذا الحديث : أنه صح تفسير المقام المحمود بالشفاعة العظمى ، فراجعه .
وإنما يصح من حديث الترجمة قوله صلي الله عليه وسلم :
"يحشر الناس حفاة عراة غرلاً ، فأول من يكسى إبراهيم عليه السلام" ، ثم قرأ : (كما بدأنا أول خلق نعيده) .
أخرجه أحمد (1/ 223،235،253) ، والبخاري (8/ 353 - فتح) ، ومسلم (8/ 157) ، والترمذي (3167) - وصححه - ، والنسائي (1/ 295) ، وابن حبان (7273،7303) من حديث ابن عباس رضي الله عنه .

(174/1)


5167 - ( أشهدوا هذا الحجر خيراً ؛ فإنه يوم القيامة شافع مشفع ، له لسان وشفتان يشهد لمن استلمه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 272 :
$منكر بهذا اللفظ$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 118/ 1 - زوائده) : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن العلاء الحمصي : حدثنا إسماعيل ابن عياش : أخبرنا الوليد بن عباد عن خالد الحذاء عن عطاء عن عائشة مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن خالد إلا الوليد" .
قلت : وهو مجهول العين ؛ قال ابن عدي (ق 410/ 1) :
"ليس بمستقيم ، ولا يروي عنه غير إسماعيل بن عياش ، والوليد ليس بمعروف" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" على قاعدته المعروفة !
وإسماعيل بن عياش ثقة في الشاميين ، ولا يدرى إذا كان الوليد بن عباد منهم أم لا ؟! وقال المنذري (2/ 123) - وتبعه الهيثمي (3/ 242) - :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورواته ثقات ؛ إلا أن الوليد بن عباد مجهول" !
قلت : وفي إطلاق التوثيق نظر من وجهين :
الأول : ما سبقت الإشارة إليه في ابن عياش .
والآخر : أن شيخ الطبراني لم أجد من وثقه ؛ بل الظاهر أنه من شيوخه المقلين المجهولين ؛ فإنه لم يخرج له في "المعجم الصغير" ، ولم يترجم له ابن عساكر في "تاريخ دمشق" . والله أعلم .
واعلم أن في فضل الحجر الأسود أحاديث صحيحة ؛ لكن ليس فيها : أنه شافع مشفع ، ولا قوله : "أشهدوا هذا الحجر خيراً" ، ومن أجل ذلك خرجته هنا .

(175/1)


5168 - ( إن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهله معانون عليها ، والمنفق عليها كالباسط يديه بالصدقة ، وأبوالها وأرواثها لأهلها عند الله يوم القيامة من مسك الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 274 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 229-230) ، وابن قانع في "المعجم" من طريق سعيد بن سنان عن يزيد بن عبدالله بن عريب عن أبيه عن جده مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لا يروى إلا بهذا الإسناد ، تفرد به سعيد" .
قلت : وهو أبو مهدي الحمصي ؛ قال الحافظ :
"متروك ، رماه الدارقطني وغيره بالوضع" .
ومن فوقه فيهم جهالة ؛ كما أفاده الحافظ في "اللسان" عن الحافظ العلائي . وإليهم أشار الهيثمي بقوله (5/ 259) :
"وفيه من لم أعرفه" . وقال المنذري (2/ 161) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، و "الأوسط" ، وفيه نكارة" .
قلت : وهي في قوله : "وأبوالها ..." إلخ .
وأما ما قبله ؛ فصحيح ثابت من حديث أبي هريرة وأبي كبشة وغيرهما ، أخرجها أبو عوانة في "مستخرجه" (5/ 15،19) وغيره ، وانظر "التعليق الرغيب" (2/ 160،161) .
(فائدة) : قال ابن حجر في "الإصابة" :
"و (عريب) بمهملة ، بوزن عظيم" .
قلت : وساق له - هو وابن عبدالبر من قبله - حديثاً آخر في الخيل من رواية ابنه عبدالله عنه . وقال ابن عبدالبر (3/ 1239) :
"ليس حديثه بالقائم" .

(176/1)


5169 - ( إن لم تغل أمتي ؛ لم يقم لهم عدو أبداً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 275 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 235) قال : حدثنا موسى ابن هارون : حدثنا إسحاق بن راهويه : أنبأنا بقية بن الوليد : حدثني محمد بن عبدالرحمن اليحصبي : حدثني أبي عن حبيب بن مسلمة قال : سمعت أبا ذر يقول : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قال أبو ذر لحبيب بن مسلمة : هل يثبت لكم العدو حلب شاة ؟ قال : نعم ، وثلاث شياه غزر ، قال أبو ذر : غللتم ورب الكعبة ! وقال :
"لا يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به بقية" .
وهو ثقة إذا صرح بالتحديث كما فعل هنا .
لكن عبدالرحمن اليحصبي - وهو ابن عرق الحمصي - ؛ لم يوثقه غير ابن حبان ، ولا روى عنه غير ابنه محمد ؛ كما في "الميزان" ، فهو في عداد المجهولين ، فهو علة هذا الحديث .
فقول المنذربي في "الترغيب" (2/ 186) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد جيد ، ليس فيه ما يقال ؛ إلا تدليس بقية بن الوليد ؛ فقد صرح بالتحديث" !
ونحوه في "المجمع" (5/ 338) !
أقول : فهو مردود ، وهو أثر من آثار اعتدادهما بتوثيق ابن حبان ، الذي نبهنا على تساهله في التوثيق مراراً . ولذلك ؛ لم يعتد الحافظ ابن حجر بتوثيقه لابن عرق هذا ؛ فقال فيه :
"مقبول" ؛ يعني : عند المتابعة ، وإلا ؛ فهو لين الحديث إذا تفرد ؛ كما نبه عليه في المقدمة .
وقد أشار الذهبي إلى جهالته ؛ فقال في "الميزان" :
"وعنه ابنه محمد وحده" . كما أشار إلى تليين توثيق ابن حبان إياه بقوله في "المغني" :
"وثق" .

(177/1)


5170 - ( يا بنية ! قومي ، فاشهدي رزق ربك عز وجل ، ولا تكوني من الغافلين ؛ فإن الله عز وجل يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 276 :
$موضوع$
أخرجه ابن بشران في "الأمالي" (ق 39/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 35/ 1-2) كلاهما من طريق المشمعل بن ملحان القيسي : حدثنا عبدالملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن فاطمة بنت محمد رضي الله عنها قالت :
مر بي رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا مضطجعة متصبحة ، فحركني برجله ، ثم قال : ... فذكره . وقال البيهقي :
"إسناده ضعيف" !
قلت : كيف هذا ؛ وعبدالملك بن هارون متهم بالكذب ؟! فقال يحيى :
"كذاب" . وقال البخاري :
"منكر الحديث" . وقال ابن حبان (2/ 133) :
"كان ممن يضع الحديث ، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة الاعتبار" .
والمشمعل بن ملحان ؛ صدوق يخطىء ؛ كما في "التقريب" .
قلت : وقد خالفه في إسناده إسماعيل بن مبشر بن عبدالله الجوهري عن عبدالملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي قال :
دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم على فاطمة بعد أن صلى الصبح وهي نائمة ... فذكر معناه .
رواه البيهقي .
قلت : وإسماعيل هذا ؛ لم أجد له ترجمة الآن .
والحديث ؛ أشار المنذري في "الترغيب" (3/ 5) لضعفه ؛ وعزاه للبيهقي وحده .

(178/1)


5171 - ( من قال حين يدخل السوق : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ؛ كتب الله له ألفي ألف حسنة ، ومحا عنه ألفي ألف سيئة ، ورفع له ألفي ألف درجة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 278 :
$موضوع$
أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 183) من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته نهشل هذا ؛ قال ابن حبان (3/ 52) :
"كان يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم ، لا يحل كتابه حديثه إلا على جهة التعجب ، كان إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يرميه بالكذب" .
قلت : وقد صح الحديث من رواية ابن عمر وأبيه عمر دون الزيادة في الذكر بعد قوله : " وهو على كل شيء قدير" ، وبلفظ : "ألف ألف ..." في كل الجمل الثلاث ، لكن في حديث ابن عمر : "بنى له بيتاً في الجنة" بدل قوله : "ورفع له ألف ألف درجة" ، وهو رواية في حديث عمر ؛ كما حققته في "التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب" (3/ 5) .

(179/1)


5172 - ( لأن يجعل أحدكم في فيه تراباً ؛ خير له من أن يجعل في فيه ما حرم الله عليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 278 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد (2/ 257) ، وابن أبي الدنيا في "الورع" (ق 167/ 2 و 84/ 117 ط) ، وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 57/ 5763) من طريق محمد بن إسحاق عن سعيد بن يسار مولى الحسن بن علي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً . وقال البيهقي :
"وروى حفص بن عبدالرحمن عن أبي إسحاق عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة ، والأول أولى" .
قلت : في الإسناد الأول محمد بن إسحاق ، وهو مدلس ، وقد عنعنه .
وفي الإسناد الآخر حفص بن عبدالرحمن ، ولم أعرفه ، ولا رأيت من وصله عنه .
وقوله : "عن أبي إسحاق" ؛ لعله وهم منه [أو من بعض النساخ] ؛ فإنهم لم يذكروه في الرواة عن (سعيد بن يسار) ؛ والصواب : "ابن إسحاق" .
إذا عرفت هذا ؛ فقد أخطأ - أو تساهل - في هذا الحديث جماعة ، فلا بأس من بيان ذلك ، فأقول :
1- المنذري ؛ فإنه قال في "الترغيب" (3/ 13/ 12) :
"رواه أحمد بإسناد جيد" !
2- الهيثمي ؛ فقال في "المجمع" (10/ 293) :
"رواه أحمد ، ورجاله رجال "الصحيح" ؛ غير محمد بن إسحاق ؛ وقد وثق" !
قلت : فسكت عن عنعنته ، فاغتر به الجهلة الثلاثة ؛ فحسنوه في تعليقهم على "الترغيب" (2/ 536) .
3- السيوطي في "الجامع الصغير" و "الكبير" (2/ 636) ؛ فإنه غفل عن عزوه لأحمد ، فعزاه للبيهقي فقط ، فكان ذلك مدعاة لوقوع شارحه وغيره في الخطأ كما يأتي .
4- المناوي في "فيض القدير" ؛ فإنه أعله بما ليس بعلة ، فقال - معللاً رواية البيهقي - :
"وفيه إبراهيم بن سعيد ، قال الذهبي : مجهول ، منكر الحديث . ورواه عنه أيضاً أحمد ، وابن منيع ، والديلمي" !
قلت : فيه ما يأتي :
أولاً : إبراهيم بن سعيد ليس هو الذي ضعفه الذهبي ؛ فإن هذا مدني متقدم الطبقة . وأما صاحب هذا الحديث ؛ فهو (إبراهيم بن سعيد الجوهري البغدادي) ، وهو شيخ ابن أبي الدنيا فيه ، يرويه عن يزيد بن هارون : حدثنا محمد بن إسحاق ؛ وهو ثقة من شيوخ مسلم ، وذكروه في شيوخ ابن أبي الدنيا أيضاً . وقال الحافظ فيه :
"من العاشرة" ، وفي الذي قبله :
"من السابعة" . فأين هذا من هذا ؟!
ثانياً : ظاهر كلامه يشعر بأن أحمد رواه عن هذا المجهول ! وهو وهم فاحش أيضاً ، والظاهر أيضاً أنه نقل عزوه لأحمد عن غيره ، ولم يقف هو عليه في "مسنده" ، وإلا ؛ لما وقع منه هذا الخبط والخلط ؛ فإنه رواه فيه عن (يزيد) مباشرة - وهو ابن هارون - شيخه .
ثالثاً : لو كان إبراهيم بن سعيد مجهولاً أو تضعيفاً ؛ فلا يضر ؛ فإنه متابع من الإمام أحمد كما رأيت ، وإنما العلة عنعنة ابن إسحاق كما سبق .
5- أحمد شاكر رحمه الله ؛ فإنه قال في تعليقه على "المسند" (13/ 237) :
"إسناده صحيح" !
وهذا على ما اختاره من الإعراض عن كلام الطاعنين فيه ، وعدم الاعتداد بقاعدة : "الجرح المفسر مقدم على التعديل" ؛ وذلك بسبب أخطائه وإن قلت ، وتدليسه الذي رماه به الإمام أحمد وغيره . فقال الإمام :
"هو كثير التدليس جداً ، قيل له : فإذا قال : "أخبرني" و "حدثني" ؛ فهو ثقة ؟ قال : هو يقول : "أخبرني" ويخالف . فقيل له : أروى عنه يحيى بن سعيد ؟ قال : لا" .
وهذا جرح مفسر ، لا يجوز هدره والإعراض عنه . ولذلك ؛ كان من المقرر عند المتأخرين أن حديثه حسن بشرط التحديث ؛ فتنبه !
هذا أولاً .
ثم قال الشيخ رحمه الله :
"ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" ، ونسبه للبيهقي في "الشعب" فقط . وأعله المناوي براو ضعيف ، فهو من وجه آخر ، غير الذي في (المسند)" !
قلت : وهذا خطأ مبني على خطأ . والمعصوم من عصمه الله !

(180/1)


5173 - ( إني لأعلم أرضاً يقال لها : عمان ؛ ينضح بجانبها - وفي رواية : بناحيتها - البحر ؛ الحجة منها أفضل من حجتين من غيرها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 281 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد (2/ 30) قال : حدثنا يزيد : أخبرنا جرير بن حازم ، وإسحاق بن عيسى قال : حدثنا جرير بن حازم عن الزبير عن الخريت عن الحسن بن هادية قال :
لقيت ابن عمر - قال إسحاق : - فقال لي : ممن أنت ؟ قلت : من أهل عمان . قال : من أهل عمان ؟ قلت : نعم ، قال : أفلا أحدثك ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟! قلت : بلى ! فقال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف رجاله كلهم ثقات ؛ غير الحسن بن هادية ، وقد أورده الحافظ في "التعجيل" لهذا الحديث ، وقال :
"وعنه الزبير بن الخريت (وفي الأصل : الحريث ، وهو تصحيف) ؛ ذكره ابن حبان في (الثقات)" .
وأورده أيضاً في "لسان الميزان" ، وقال :
"قال ابن أبي حاتم عن أبيه : لا أعرفه" .
وأما قول العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على هذا الحديث من "المسند" :
"إسناده صحيح" ! فغير صحيح ؛ لأنه جرى على الاعتداد بتوثيق ابن حبان ، وقد عرف عند العلماء أن توثيق ابن حبان مجروح ؛ لأنه بناه على قاعدة له وحده ، وهي :
أن الرجل إذا روى عنه ثقة ، ولم يعرف عنه جرح ؛ فهو ثقة عنده !
وعلى ذلك بنى كتابه المعروف بـ "الثقات" ، وكذلك تجد فيه كثيراً من المجاهيل عند الجمهور ؛ إنما أورده ابن حبان فيه لرواية ثقة عنده ، ومن العجائب أنه يقول في بعضهم : "روى عنه مهدي بن ميمون ؛ لا أدري من هو ولا ابن من هو ؟!" !! انظر ترجمة أيوب عن أبيه عن كعب بن سور من "اللسان" ، وانظر مقدمته أيضاً (1/ 14) .
وقد وقع الشيخ أحمد شاكر في كثير من الخطيئات في تصحيح أحاديث من "المسند" وغيره ؛ بسبب تقليده لابن حبان في هذه القاعدة الباطلة ؛ كما حققه الحافظ في المقدمة المشار إليها ، وقد حاولت إقناعه بالرجوع عن ذلك حين اجتمعت به في "المدينة الطيبة" على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد أداء فريضة الحج سنة 1368 ، وأوردت له خلاصة كلام الحافظ ، والمثال الذي نقلته عنه آنفاً ، فلم يعتد ذلك ، وصرح بأنه لا ينظر إلى نقله عن ابن حبان بعين الاعتبار ؛ لأنه وقف على خطيئات له فيما ينقله عن بعض الأئمة ، فأردت التبسط معه في الموضوع ؛ فرأيته يضيق صدره بذلك ، فلا أدري أهو من طبعه ؛ أم هو أمر عارض له لمرضه ؛ فإنه كان ملازماً فراشه في الفندق ؟! فأمسكت عن الكلام معه في هذه المسألة ؛ وفي نفسي حسرات من قلة الاستفادة من مثل هذا الفاضل !
ومن المؤسف حقاً ؛ أن ترى جل العلماء الذين لقيتهم في مكة والمدينة ليس عندهم رحابة صدر في البحث ، بل هم يريدون أن يفرضوا آراءهم على من يباحثهم فرضاً ، سواء اقتنعوا بذلك أم لا ، ثم هم يقولون عن أنفسهم : إنهم سلفيون أو سنيون أو من أهل الحديث !
هذا ؛ وقد روي الحديث بلفظ آخر ، ومن الطريق نفسه ؛ إلا أنه عن الخريت عن تابعي آخر ، فوجب سوقه وبيان علته ، وهو :

(181/1)


5174 - ( إني لأعلم أرضاً يقال لها : عمان ؛ ينضح بناجيتها البحر ، بها حي من العرب ، لو أتاهم رسولي ؛ ما رموه بسهم ولا حجر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 283 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد (1/ 44) ، والحارث في "مسنده" (124/ 1 - زوائده) ، وأبو يعلى (1/ 35) ، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (رقم 4،5 - بتحقيقي) - من طريق أبي يعلى وغيره - ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 369) عن جرير بن حازم : أنبأنا الزبير بن الخريت عن أبي لبيد قال :
خرج رجل من (طاحية) مهاجراً يقال له : (بيرح بن أسد) ، فقدم المدينة بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم بأيام ، فرآه عمر رضي الله عنه ، فعلم أنه غريب ، فقال له : من أنت ؟ قال : من أهل (عمان) ؟ قال : نعم ، فأخذ بيده ، فأدخله على أبي بكر رضي الله عنه ، فقال : هذا من الأرض التي سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
والسياق لأحمد . وقال الضياء :
"قال أحمد : إنما هو "سمعت -" . وقال يزيد (يعني : ابن هارون) : "سمعت" بالرفع" .
قلت : ولعل النصب أقرب إلى الصواب . ولفظ العقيلي صريح في ذلك ؛ فإنه قال :
فقال عمر لأبي بكر رضي الله عنهما : ما سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول في أهل عمان ؟ فقال أبو بكر : سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
ولفظ أبي يعلى نحوه . ولذلك ؛ أورده هو والإمام أحمد في (مسند أبي بكر رضي الله عنه) .
وإسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير أبي لبيد - واسمه لمازة بن زبار الأزدي البصري - ، وهو ثقة ؛ لكنه لم يلق أبا بكر ؛ كما قال ابن المديني ؛ بل قال ابن حبان في "الثقات" (1/ 198) :
"يروي عن علي بن أبي طالب ؛ إن كان سمع منه" .
قلت : فعلة الإسناد الانقطاع ، ولعل أبا لبيد تلقاه من طريق (بيرح) صاحب القصة ؛ ولا أعرفه بجرح أو التعديل ؛ فقد أورده الحافظ في فصل : "من أدرك النبي صلي الله عليه ويلم ولم يجتمع به ؛ سواء أسلم في حياته أم بعده" .
ثم ساق له هذا الحديث ؛ وقال :
"قال الرشاطي : قدم المدينة بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم بأيام ، وكان قد رآه . كذا قال" .
وبالجملة ؛ فلم تطمئن النفس لتصحيح هذا الحديث ؛ للانقطاع المذكور . والله سبحانه وتعالى أعلم .
نعم ؛ قد صح الشطر الثاني من الحديث ، رواه مسلم وغيره من طريق أخرى عن أبي برزة الأسلمي مرفوعاً بلفظ :
"لو أنك أتيت أهل عمان ؛ ما سبوك ولا ضربوك" .
وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (2730) .

(182/1)


5175 - ( المؤمنون بعضهم لبعض نصحة وادون ؛ وإن بعدت منازلهم وأبدانهم ، والفجرة بعضهم لبعض غششة متخاونون ؛ وإن اقتربت منازلهم وأبدانهم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 285 :
$موضوع$
أخرجه أبو بكر المعدل في "اثنا عشر مجلساً من الأمالي" (2/ 1) : حدثنا أبو محمد بن حيان : حدثنا إبراهيم بن داود : حدثنا النوفلي بحلب : حدثنا عبيد بن الصلت الحلبي : حدثنا علي بن الحسن الشامي : حدثنا سعيد بن أبي عروبة وخليد بن دعلج عن قتادة عن أنس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد موضوع ؛ آفته الشامي هذا ؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 114) :
"يروي عن مالك وسليمان بن بلال ما ليس من أحاديثهم ، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب" . وقال الدارقطني :
"يكذب ، يروي عن الثقات بواطيل : مالك ، والثوري ، وابن أبي ذئب ، وغيرهم" .
وأبو محمد بن حيان : هو الحافظ المعروف بأبي الشيخ ؛ صاحب كتاب "طبقات الأصبهانيين" وغيره ، وقد أخرج هذا الحديث في "كتاب التوبيخ" ؛ كما في "الترغيب" (3/ 24) ؛ وأشار لضعفه .
وأخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (2/ 990/ 2425) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 448/ 1 و 6/ 114/ 7648 - ط) من طريق أخرى عن علي بن الحسن به . وقال البيهقي :
"في هذا الإسناد ضعف" !
قلت : وهذا تساهله وتسامحه في النقد ! وقلده الثلاثة المعلقون على "ترغيب المنذري" (2/ 563) !

(183/1)


5176 - ( من قال : لا إله إلا الله قبل كل شيء ، ولا إله إلا الله بعد كل شيء ، [ولا إله إلا الله يبقى ربنا ويفنى كل شيء] ؛ عوفي من الهم والحزن ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 286 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 93) : حدثنا محمد ابن زكريا : أخبرنا العباس : أخبرنا أبو هلال عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته محمد بن زكريا هذا - وهو الغلابي - ؛ كما صرح به الطبراني في حديث آخر قبله ؛ قال الدارقطني :
"يضع الحديث" . وساق له الذهبي حديثاً ظاهر الوضع ؛ وقال :
"فهذا من كذب الغلابي" .
قلت : فهو الآفة . ولقد أبعد الهيثمي النجعة ؛ فأعله بمن فوقه ، فقال (10/ 137) :
"رواه الطبراني ، وفيه العباس بن بكار ، وهو ضعيف ، ووثقه ابن حبان" !

(184/1)


5177 - ( مسكين مسكين : رجل ليس له امرأة ؛ وإن كان كثير المال ، ومسكينة مسكينة : امرأة ليس لها زوج ؛ وإن كانت كثيرة المال ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 287 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 162/ 1-2 - زوائده) ، والواحدي في "الوسيط" (3/ 114/ 2) عن خالد بن خداش : أخبرنا محمد بن ثابت العبدي عن هارون بن رئاب عن أبي نجيح مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لم يروه عن هارون إلا محمد" .
قلت : وهو ضعيف ؛ لسوء حفظه ، وقد ترجمه ابن عدي في "الكامل" (ق 329/ 1) ، وساق له أحاديث مما أنكر عليه ؛ ثم ختم ترجمته بقوله :
"وعامة أحاديثه مما لا يتابع عليه" .
وله ترجمة في "التهذيب" ، وجمهور من تكلم فيه ضعفه ، وقد لخص ذلك الحافظ في "التقريب" فقال :
"صدوق ، لين الحديث" .
قلت : فعلى هذا ؛ فالحديث لين ضعيف ، مع أنه مرسل ؛ لأن أبا نجيح تابعي ؛ اسمه يسار .
ومن ذلك تعلم تساهل الهيثمي في قوله (4/ 252) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورجاله ثقات (!) ؛ إلا أن أبا نجيح لا صحبة له" .
ثم رأيت البيهقي قد أخرج الحديث في "الشعب" (2/ 134/ 2) من طريق أخرى عن محمد بن ثابت به . وقال :
"أبو نجيح اسمه يسار ، وهو والد عبدالله بن أبي نجيح ، وهو من التابعين ، والحديث مرسل" .
وأورده المنذري في "الترغيب" (3/ 67) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص بلفظ :
"الدنيا متاع ، ومن خير متاعها امرأة تعين زوجها على الآخرة ، مسكين مسكين ..." الحديث . وقال :
"ذكره رزين ، ولم أره في شيء من أصوله ، وشطره الأخير منكر" .
قلت : شطره الأخير قد عرفت أصله ، وأنه ضعيف .
وأما الشطر الأول ؛ فله أصل صحيح من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :
"الدنيا متاع ، وخير متاع الدنيا : المرأة الصالحة" .
أخرجه مسلم (4/ 178) ، والنسائي (2/ 72-73) ، وابن حبان (4020) ، والبيهقي (7/ 80) ، وأحمد (2/ 168) من طريق شرحبيل بن شريك أنه سمع أبا عبدالرحمن الحبلي يحدث عن عبدالله بن عمرو به .
وأخرجه ابن ماجه (1855) من طريق عبدالرحمن بن زياد بن أنعم عن عبدالله بن يزيد عن عبدالله بن عمرو نحوه .
وابن أنعم ؛ ضعيف من قبل حفظه .

(185/1)


5179 - ( أول ما يوضع في ميزان العبد نفقته على أهله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 289 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 179/ 2 - زوائده) عن عمر ابن يحيى الأبلي : أخبرنا عبدالحميد بن الحسن الهلالي عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن ابن المنكدر إلا عبدالحميد" .
قلت : وهو ضعيف عند الجمهور ؛ كما تقدم تحت الحديث (898) .
وعمر بن يحيى الأبلي ؛ اتهمه ابن عدي بسرقة الحديث .
وقد رواه غيره عن عبدالحميد بلفظ آخر ؛ سبق ذكره وتخريجه هناك .
وقصر الحافظ الهيثمي في الكشف عن علته ؛ فقال (4/ 325) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه من لم أعرفه" !
وأشار المنذري في "الترغيب" (3/ 82) إلى تضعيف الحديث .

(186/1)


5180 - ( من ترك الصلاة متعمداً ؛ فقد كفر جهاراً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 290 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 14/ 1 - زوائده) عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن أبي جعفر إلا هاشم" .
قلت : وأبو جعفر الرازي - واسمه عيسى بن أبي عيسى عبدالله بن ماهان - ؛ ضعيف لسوء حفظه ؛ قال الحافظ :
"صدوق ، سيىء الحفظ ، خصوصاً عن مغيرة" . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 120) :
"كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير ، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إلا فيما وافق الثقات ، ولا يجوز الاعتبار بروايته إلا فيما لم يخالف الأثبات" .
قلت : وقد روى جماعة من الثقات عنه عن الربيع عن أبي العالية عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم حديثاً طويلاً في المعراج ؛ فيه ألفاظ منكرة جداً ؛ كما قال الذهبي ، وذكر نحوه ابن كثير . انظر تعليقي على "الترغيب" (1/ 199) .
وأقول : وهذا الحديث من مناكيره عندي ؛ فإن في الترهيب من ترك الصلاة أحاديث كثيرة صحيحة ، وفي بعضها : "فقد كفر" ؛ فزاد أبو جعفر :
"جهاراً" ؛ فهو منكر بهذه الزيادة . والله أعلم .
ومما يؤكد ذلك : أن يزيد الرقاشي قد رواه عن أنس مرفوعاً به نحوه ، دون الزيادة المنكرة ، ولفظه :
"ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة ؛ فإذا تركها فقد كفر" .
أخرجه ابن ماجه (1080) ، وابن نصر في "كتاب الصلاة" (238/ 1-2) من طرق عنه .
والرقاشي - وإن كان مضعفاً - ؛ فإنه يشهد لحديثه أحاديث تراها في "الترغيب" (1/ 194) ، ولذلك ؛ أوردته في "صحيح الجامع" (5264) .
ومن ذلك ؛ تعلم تساهل المنذري في قوله (1/ 195) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد لا بأس به" !
ونحوه في "مجمع الزوائد" (1/ 295) !

(187/1)


5181 - ( كان إذا سمع النداء قال : اللهم ! رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، صل على محمد عبدك ورسولك ، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة . قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : من قال هذا عند النداء ؛ جعله الله في شفاعتي يوم القيامة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 291 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الدعاء" (2/ 999/ 432) و "الأوسط" (1/ 26/ 2) عن محمد بن أبي السري : حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن صدقة ابن عبدالله عن سليمان بن أبي كريمة عن أبي قرة عطاء بن قرة عن عبدالله ابن ضمرة السلولي : سمعت أبا الدرداء يقول : ... فذكره . وقال :
"لا يروى عن أبي الدرداء إلا بهذا الإسناد ، تفرد به عمرو" .
قلت : وهو التنيسي ؛ ثقة من رجال الشيخين ؛ لكن فوقه علل :
الأولى : عطاء بن قرة ؛ لم يوثقه غير ابن حبان . وقال علي بن المديني :
"شامي ، لا أعرفه" .
الثانية : سليمان بن أبي كريمة ؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 138) عن أبيه :
"ضعيف الحديث" . وقال ابن عدي (ق 156/ 1) - وقد ساق له عدة أحاديث منكرة - :
"وله غير ما ذكرت ، وليس بالكثير ، وعامة أحاديثه مناكير ، ويرويها عنه عمرو ، ولم أر للمتقدمين فيه كلاماً ، وقد تكلموا فيمن هو أمثل منه بكثير ، ولم يتكلموا في سليمان هذا ؛ لأنهم لم يخبروا حديثه" .
الثالثة : صدقة بن عبدالله - وهو السمين - أبو معاوية ، وهو ضعيف ؛ كما جزم به الحافظ في "التقريب" . وبه فقط أعله الهيثمي ، فقال في "المجمع" (1/ 333) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه صدقة بن عبدالله السمين ؛ ضعفه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم ، ووثقه دحيم وأبو حاتم وأحمد بن صالح المصري" !
قلت : وما دام أنهم اختلفوا فيه - وإن كان الراجح قول الأئمة المضعفين له - ؛ فكان الأولى بالهيثمي أن يعله بشيخه سليمان بن أبي كريمة .
والحديث ؛ أخرجه الطبراني في "الكبير" بالإسناد المذكور بنحوه ؛ كما في "الترغيب" (1/ 114) - وأعله بصدقة - . وكذا الهيثمي .
وقد صح الحديث من رواية جابر مرفوعاً بلفظ :
"من قال حين يسمع النداء : اللهم ! رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ! آت محمداً الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة" .
رواه البخاري ، وأصحاب "السنن" ، وغيرهم ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (540) وغيره . وزيادة :
"إنك لا تخلف الميعاد" فيه ؛ شاذة لا تصح كما بينته هناك .
وقد رويت في حديث آخر في إجابة المؤذن فيه زيادات منكرة ، منها هذه ، وهو مخرج برقم (6714) .

(188/1)


5182 - ( ما من مسلم يقول إذا أصبح : الحمد لله ، ربي الله ، لا أشرك به شيئاً ، أشهد أن لا إله إلا الله ؛ إلا ظل يغفر له ذنوبه حتى يمسي ، وإن قالها إذا أمسى ؛ بات يغفر له ذنوبه حتى يصبح ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 293 :
$ضعيف جداً$
أخرجه البزار في "مسنده" (ص 302 - زوائده) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 59) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 33/ 1) كلهم عن سعيد بن عامر عن أبان بن أبي عياش عن الحكم بن حيان المحاربي عن أبان المحاربي - وكان من الوفد الذين وفدوا إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم من عبد القيس - أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
وخالفه الربيع بن بدر فقال : عن أبان عن عمرو بن الحكم عن عمرو بن معدي كرب قال : سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
أخرجه ابن السني (60) .
قلت : وأبان بن أبي عياش متروك .
ومثله الربيع بن بدر .
لكن سعيد بن عامر ثقة ، فالآفة من أبان .
(تنبيه) : لقد ساق الهيثمي في "المجمع" (10/ 116) الحديث عن أبان المحاربي - وكان أحد الوفد ... فذكره كما تقدم ، وقال :
"رواه البزار ، وفيه أبان بن أبي عياش ؛ وهو متروك" . ثم قال - عقبه مباشرة - :
"وعن الحكم بن حيان المحاربي - وكان من الوفد ..." إلخ ، وقال :
"رواه الطبراني ، وفيه أبان بن أبي عياش ؛ وهو متروك" !!
قلت : فقد وهم وهماً فاحشاً ، لزم منه جعل الحكم بن حيان المحاربي من الصحابة الذين وفدوا إلى النبي صلي الله عليه وسلم ! وهذا ما لم يقله أحد من قبله ، والحديث عند الطبراني كما هو عند الآخرين من رواية الحكم عن أبان المحاربي ، وفي ترجمة (أبان) أورده الطبراني ، فالظاهر أنه سقط من قلمه : "أبان المحاربي" حين نقل الحديث من أصله ، فكان هذا الخطأ ، والمعصوم من عصمه الله تعالى !

(189/1)


5183 - ( من اغتسل يوم الجمعة غفرت له ذنوبه وخطاياه ، وإذا أخذ في المشي إلى الجمعة ؛ كان له بكل خطوة عمل عشرين سنة ، فإذا فرغ من صلاة الجمعة ؛ أجيز بعمل مئتي سنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 295 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 50/ 1) : حدثنا جبرون ابن عيسى المقرىء المصري : حدثنا يحيى بن سليمان الحفري المغربي : حدثنا عباد بن عبدالصمد أبو معمر عن أنس بن مالك : سمعت أبا بكر الصديق يقول : ... فذكره مرفوعاً . وقال :
"لا يروى عن أبي بكر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به يحيى" .
قلت : وهو ضعيف ؛ كما تقدم تحت الحديث (316،317) .
وجبرون غير معروف عندي ؛ كما تقدم هناك .
لكن الآفة من عباد بن عبدالصمد ؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 170-171) :
"منكر الحديث جداً ، يروي عن أنس ما ليس من حديثه ، وما أراه سمع منه شيئاً ، فلا يجوز الاحتجاج به فيما وافق الثقات ؛ فكيف إذا انفرد بأوابد ؟! وهو الذي روى عن أنس مرفوعاً : (أمتي على خمس طبقات ...)" ؛ فذكره بتمامه وقد مضى تخريجه والكلام على طرقه برقم (2940) .
والحديث ؛ قال الهيثمي (2/ 174) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه عباد بن عبدالصمد أبو معمر ؛ ضعفه البخاري وابن حبان" .
قلت : والأقرب إلى الصواب أن يقال : ضعفه جداً ... بل إن ابن حبان اتهمه بالوضع ، وقد ذكرت نص عبارته آنفاً . وأما البخاري فقد قال فيه :
"منكر الحديث" . وهذا جرح شديد منه ؛ كما سبق التنبيه عليه مراراً .
ثم إن الحديث رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 50/ 1-2) من طريق إبراهيم بن محمد بن عبيدة : حدثنا أبي : حدثنا الجراح بن مليح : حدثني إبراهيم ابن عبدالحميد عن الضحاك بن حمرة عن أبي نصيرة عن أبي رجاء العطاردي عن عتيق أبي بكر وعن عمران بن حصين الخزاعي مرفوعاً به ؛ إلا أنه قال :
"بكل خطوة عشرون حسنة" مكان :
"بكل خطوة عمل عشرون سنة" ؛ والباقي مثله .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، وفيه علل :
الأولى : الضحاك بن حمرة ؛ مختلف فيه ، وقد ضعفه البخاري جداً ؛ فقال :
"منكر الحديث" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"ضعيف" .
الثانية : إبراهيم بن عبدالحميد ؛ لم أعرفه .
وفي "اللسان" ثلاثة من الرواة بهذا الاسم والنسبة فلعله أحدهم ؛ وثلاثتهم مجهولون .
الثالثة والرابعة : إبراهيم بن محمد بن عبيدة وأبوه ؛ لم أعرفهما .
وقد اقتصر الهيثمي في إعلاله بالأولى ؛ فقال :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، وفيه الضحاك بن حمرة ، ضعفه ابن معين والنسائي ، وذكره ابن حبان في (الثقات)" !!
وقد أخرجه أيضاً البخاري في "الضعفاء" تعليقاً من رواية إسحاق بن راهويه عن بقية : حدثني الضحاك بن حمرة به ؛ إلا أنه ذكره باللفظ الأول :
".. عمل عشرين سنة" .
وكذلك أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 193) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 204/ 1) من طريقين آخرين عن بقية به ؛ إلا أن ابن عدي قال : عن أبي بكر ... لم يذكر عتيقاً .
قلت : فدلت رواية بقية على أن المحفوظ عن الضحاك هو اللفظ الأول :
"عمل عشرين سنة" . واللفظ الآخر عنه :
"عشرون حسنة" ، خطأ عليه من إبراهيم بن عبدالحميد ؛ أو ممن دونه من المجهولين .

(190/1)


5184 - ( كل مال - وإن كان تحت سبع أرضين - ؛ تؤدى زكاته ؛ فليس بكنز ، وكل مال لا تؤدى زكاته - وإن كان طاهراً - ؛ فهو كنز ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 297 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 85/ 1) ، والبيهقي (4/ 82-83) عن سويد بن عبدالعزيز عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لم يروه عن عبيدالله إلا سويد" .
قلت : وهو لين الحديث .
وقد خالفه جماعة من الثقات ؛ فرووه عن عبيدالله به موقوفاً على ابن عمر .
أخرجه البيهقي من طريق ابن نمير عن عبيدالله به . وقال :
"هذا هو الصحيح ؛ موقوف ، وكذلك رواه جماعة عن نافع ، وجماعة عن عبيدالله ابن عمر ، وقد رواه سويد بن عبدالعزيز - وليس بالقوي - عن ابن عمر مرفوعاً" . ثم ساقه عن سويد كما سبق .
ثم رواه من طريق هارون بن زياد المصيصي : حدثنا محمد بن كثير عن سفيان عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً به .
قلت : وهارون هذا شبه مجهول ، لم يوثقه غير ابن حبان ؛ كما في "اللسان" . وأشار البيهقي إلى تليينه بقوله عقبه :
"ليس هذا بمحفوظ ، وإنما المشهور : عن سفيان عن عبيدالله عن نافع عن ابن عمر موقوفاً" .
قلت : وهو الصحيح أيضاً عن ابن دينار ؛ فقال مالك في "الموطأ" (1/ 249) ، ومن طريقه البيهقي : عن عبدالله بن دينار أنه قال : سمعت عبدالله بن عمرو وهو يسأل عن الكنز ما هو ؟ فقال : هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة .
وأما ما أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 12) من طريق عبدالعزيز بن عبدالرحمن البالسي : حدثنا خصيف بن عبدالرحمن عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً بلفظ :
"أيما مال أديت زكاته ؛ فليس بكنز" .
فأقول : هذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته البالسي هذا ؛ اتهمه الإمام أحمد . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 138) :
"يأتي بالمقلوبات عن الثقات فيكثر ؛ والملزقات بالأثبات فيفحش" .

(191/1)


5185 - ( من أنظر معسراً إلى ميسرته ؛ أنظره الله بذنبه إلى توبته ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 299 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 144/ 1) عن الحسين بن علي الصدائي : حدثنا الحكم بن الجارود : حدثنا ابن ابي المتئد - خال ابن عيينة - عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً . وقال :
"لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ، تفرد به الصدائي" .
قلت : وهو صدوق . لكن العلة ممن فوقه ؛ فالحكم بن الجارود ؛ قال أبو حاتم :
"مجهول" .
وابن أبي المتئد وأبوه ؛ لم أعرفهما . وفي "الكنى" للدولابي (2/ 105) :
"وأبو المتئد : نعيم" . ثم روى بإسناده عن يحيى قال :
كان أبو المتئد لا يماكس في شيء يشتريه في الحج ؛ ويقول : أنافي سبيل من سبل الله !

(192/1)


5186 - ( سلك رجلان مفازة : عابد ، والآخر به رهق ، فعطش العابد حتى سقط ؛ فجعل صاحبه ينظر إليه ؛ ومعه ميضأة فيها شيء من ماء ، فجعل ينظر إليه وهو صريع ، فقال : والله ! لئن مات هذا العبد الصالح عطشاً ومعي ماء ؛ لا أصيب من الله خيراً أبداً ، ولئن سقيته مائي لأموتن ، فتوكل على الله وعزم ، فرش عليه من مائه وسقاه فضله ، فقام ، فقطعا المفازة . فيوقف الذي به رهق للحساب ، فيؤمر به إلى النار ، فتسوقه الملائكة ، فيرى العابد ، فيقول : يا فلان ! أما تعرفني ؟ فيقول : ومن أنت ؟ فيقول : أنا فلان الذي آثرتك على نفسي يوم المفازة . فيقول : بلى أعرفك . فيقول للملائكة : قفوا . فيقفون ، فيجيء حتى يقف فيدعو ربه عز وجل ، فيقول : يا رب ! قد عرفت يده عندي ، وكيف آثرني على نفسه ، يا رب ! هبه لي ، فيقول : هو لك ، فيجيء فيأخذ بيد أخيه ، فيدخله الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 300 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 93/ 2) عن الصلت بن مسعود : حدثنا جعفر بن سليمان : حدثنا أبو ظلال : حدثنا أنس بن مالك مرفوعاً به .
قال : فقلت لأبي ظلال : أحدثك أنس عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . وقال الطبراني :
"لم يروه عن أبي ظلال إلا جعفر ، تفرد به الصلت" .
قلت : وهما ثقتان من رجال مسلم . وإنما العلة من أبي ظلال - واسمه هلال القسملي - ؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 85) :
"كان شيخاً مغفلاً ، يروي عن أنس ما ليس من حديثه . لا يجوز الاحتجاج به بحال" .
وكلمات سائر الأئمة تدور على تضعيفه ، اللهم ! إلا ما ذكره الحافظ في "التهذيب" عن البخاري أنه قال فيه :
"مقارب الحديث" ! وهذا ليس نصاً في التوثيق ، ولا سيما وقد قال فيما ذكره الحافظ أيضاً :
"عنده مناكير" . ورواه العقيلي في "الضعفاء" عن البخاري (ص 450) .
إذا عرفت هذا ؛ فلا أدري ما هو عمدة الحافظ المنذري في قوله في "الترغيب" (3/ 50) :
"وأبو ظلال ؛ اسمه : هلال بن سويد - أو ابن أبي سويد - ؛ وثقه البخاري وابن حبان لا غير" .
أما توثيق ابن حبان ؛ فمعدته أن ابن حبان قال في "ثقات التابعين" (1/ 249 - الظاهرية) :
"هلال بن أبي هلال ، يروي عن أنس ، روى عنه يحيى بن المتوكل" .
فهذا ليس فيه أنه أبو ظلال ، فيحتمل أنه غيره عنده على الأقل . ويؤيده أنه أورد أبا ظلال في "الضعفاء" ؛ فقال (3/ 85) :
"هلال بن أبي مالك أبو ظلال القسملي . من أهل البصرة ، واسم أبيه سويد الأزدي الأحمري ، وقد قيل : إنه هلال بن أبي هلال . يروي عن أنس بن مالك . روى عنه جعفر بن سليمان الضبعي ومروان بن معاوية ، كان شيخاً مفغلاً . يروي عن أنس ما ليس من حديثه ، لا يجوز الاحتجاج به بحال" .
قلت : فهذا نص من ابن حبان أن أبا ظلال هو عنده غير هلال بن أبي هلال .
وكذلك فرق بينهما البخاري فيما ذكره الحافظ ، ولم يتبين لي ذلك ، والأقرب أنهما واحد ؛ وهو مقتضى كلام الحافظ المزي . وما رواه يحيى بن المتوكل ليس صريحاً في المغايرة ، وهذا لو كان ابن المتوكل - وهوأبو عقيل - ثقة ، فكيف وهو ضعيف ؟!
وأما توثيق البخاري الذي حكاه المنذري ؛ فلا أعرف له وجهاً ؛ إلا أحد أمرين :
الأول : أن يكون المنذري يرى ما يراه بعض المعاصرين أن سكوت البخاري عن الراوي في "التاريخ الكبير" توثيق له ، وقد ترجم لهلال أبي ظلال في "التاريخ" (4/ 2/ 205) وسكت عنه !
فأقول : وهذا مردود ؛ لأنه من الممكن أن يكون سكوت البخاري عنه لا لكونه ثقة عنده ؛ بل لأمر آخر ؛ كأن يكون غير مستحضر حين كتابته حاله ، وإلا ؛ تناقض توثيقه المظنون مع جرحه المقطوع ؛ فقد وجدت عديداً من الرواة جرحهم في كتابه "الضعفاء الصغير" ؛ ومع ذلك سكت عنهم في "التاريخ الكبير" ، فهذا مثلاً في المجلد الذي بين يدي ، أورد فيه (4/ 2/ 106) :
"نصر بن حماد الوراق ، أبو الحارث البجلي ، عن الربيع بن صبيح" ؛ وسكت عنه ، مع أنه أورده في "الضعفاء" وقال (ص 35) :
"يتكلمون فيه" .
والآخر : أن يكون قول البخاري : "مقارب الحديث" عند المنذري هو بمعنى : ثقة ، وهذا هو الوجه ؛ فقد نقل الترمذي في "سننه" عن البخاري أنه قال في بعض الرواة : "ثقة مقارب الحديث" . ولكنه على كل حال ليس هو كقوله في الراوي : "ثقة" ، بل هو دونه في المرتبة ، ولذلك ؛ نصوا في علم المصطلح على أن قولهم : "مقارب الحديث" كقولهم : "صالح الحديث" و : "شيخ وسط" ، ونحو ذلك ، وذلك في المرتبة الرابعة من مراتب التعديل والتوثيق عندهم .
فإذا كان هذا المعنى هو عمدة المنذري فيما نسبه للبخاري من التوثيق ؛ فلا يخلو الأمر من تساهل . والله أعلم .
وجملة القول : أن أبا ظلال متفق على تضعيفه ؛ إلا البخاري .
ولا يقوي حديثه قول البيهقي بعد إخراجه إياه :
"وهذا الإسناد وإن كان غير قوي ؛ فله شاهد من حديث أنس" .
ذكره المنذري ؛ ثم قال :

(193/1)


"ثم روى بإسناده من طريق علي بن أبي سارة - وهو متروك - عن ثابت البناني عن أنس عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ..." .
قلت : فذكره .
قلنا : لا يقويه لشدة ضعف ابن أبي سارة ؛ كما أشار إلى ذلك المنذري بقوله :
"وهو متروك" .
وقد أخرجه من طريقه : ابن عدي أيضاً (ق 287/ 2) في جملة أحاديث ساقها له ؛ ثم قال :
"وهذه الأحاديث التي ذكرتها له عن ثابت ؛ كلها غير محفوظة ، وله غير ذلك عن ثابت مناكير أيضاً" .
قلت : وقد مضى له حديث آخر (1891) .
ثم إن لحديث الترجمة طريقاً أخرى عن أنس نحوه ، وقد مر برقم (93) .

(193/2)


5187 - ( الأعمال سبعة : عملان موجبان ، وعملان بأمثالهما ، وعمل بعشرة أمثاله ، وعمل بسبع مئة ضعف ، وعمل لا يعلم ثواب عامله إلا الله :
فأما الموجبان ؛ فمن لقي الله عز وجل [يعبده] لا يشرك به شيئاً ؛ وجبت له الجنة ، ومن لقي الله يشرك به شيئاً وجبت له النار .
ومن عمل سيئة ؛ جزي بها ، ومن أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها ؛ جزي مثلها .
ومن عمل حسنة ؛ جزي عشراً .
ومن أنفق ماله في سبيل الله ؛ ضعفت له نفقته : الدرهم بسبع مئة ، والدينار بسبع مئة .
والصيام لا يعلم ثواب عامله إلا الله عز وجل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 304 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 477/ 869) ، والبيهقي في "الشعب" (3/ 295/ 3589) عن أبي عقيل : أنبأنا عمر بن محمد عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لم يروه عن عبدالله بن دينار إلا عمر ، تفرد به أبو عقيل" .
قلت : واسمه يحيى بن المتوكل العمري المديني ، وهو ضعيف اتفاقاً . وقال فيه عمرو بن علي :
"فيه ضعف شديد" . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 116) :
"منكر الحديث ، ينفرد بأشياء ليس لها أصول من حديث النبي عليه الصلاة والسلام ؛ لا يسمعها الممعن في الصناعة إلا لم يرتب أنها معمولة" .
أقول : ولعل هذا القول من ابن حبان هو عمدة الحافظ الهيثمي في قوله فيه :
"وهو كذاب" ، كما كنت نقلته عنه في أول الكتاب ، تحت الحديث (8) ، وإلا ؛ فإني لم أر أحداً أطلق عليه الكذب !
وعمر بن محمد : هو ابن زيد بن عبدالله بن عمر بن الخطاب المدني ، وهو ثقة من رجال الشيخين .
وقد رواه ابن وهب عنه : أن زيداً حدثه قال : لا أعلم إلا أنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
أخرجه البيهقي (3588) هكذا معضلاً .

(194/1)


5188 - ( اغزوا تغنموا ، وصوموا تصحوا ، وسافروا تستغنوا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 305 :
$منكر بهذا السياق$
روي عن أبي هريرة ، وله عنه طريقان :
الأولى : عن زهير بن محمد أبي المنذر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (2/ 92) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (9/ 144/ 4308) من طريق محمد بن سليمان بن أبي داود قال : حدثنا زهير ابن محمد به . وقال الطبراني :
"لم يروه عن سهيل بهذا اللفظ إلا زهير بن محمد" .
قلت : وهو مختلف فيه ، وفصل فيه بعضهم ؛ فوثقه في رواية العراقيين عنه ، وضعفه في رواية الشاميين . وإلى هذا جنح الحافظ في "التقريب" ؛ فقال :
"رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة ، فضعف بسببها ، قال البخاري عن أحمد : كأن زهيراً الذي روى عنه الشاميون آخر ! وقال أبو حاتم : حدث بالشام من حفظه ؛ فكثر غلطه" . وقال العقيلي :
"لا يتابع عليه إلا من وجه فيه لين" .
إذا عرفت هذا ؛ فقول المنذري في "الترغيب" (2/ 60) - وتبعه الهيثمي في "المجمع" (3/ 179) - :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورواته ثقات" !
فهو مما لا يخفى ما فيه من تساهل حين أطلقا التوثيق . واغتر بهما المعلقون الثلاثة على طبعتهم الجديدة لكتاب "الترغيب" ؛ فقالوا (2/ 9/ 1431) :
"حسن ، قال الهيثمي ..." إلخ !!
قلت : ولهم من مثل هذا التحسين - بل التصحيح - الارتجالي الشيء الكثير ؛ وقد نبهت على بعضه فيما تقدم من هذه "السلسلة" أو الأخرى .
ومحمد بن سليمان بن أبي داود : هو حراني شامي ؛ صدوق .
والطريق الأخرى عن أبي هريرة ؛ إسنادها حسن ، وفي بعضهم خلاف ، وليس فيها الجملة الوسطى ، ولفظه :
"سافروا تصحوا ، واغزوا تستغنوا" .
ولذلك ؛ خرجته في "الصحيحة" (3352) .
وقد رويت جملة الصوم عن حسين بن عبدالله بن ضميرة عن أبيه عن جده علي مرفوعاً .
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (2/ 357) في ترجمة ابن ضميرة ؛ وقال :
"وهو ضعيف ، منكر الحديث ، وضعفه بين على حديثه" .
وروى عن أحمد أنه : متروك الحديث .

(195/1)


5189 - ( من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعةً ؛ فكأنما صام السنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 307 :
$منكر بهذا اللفظ$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 103/ 1) : حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن شاذان : حدثنا أبي : حدثنا سعيد بن الصلت : حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي عن يزيد بن خصيفة عن ثوبان عن أبي هريرة مرفوعاً ، وقال :
"لم يروه عن الحسن إلا سعيد ، تفرد به شاذان ، وقال : عن يزيد عن ثوبان ! وإنما هو عن يزيد - يعني : ابن خصيفة - عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان" .
قلت : ولست أدري إذا كان الطبراني يعني أنه عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان مرسلاً ، أم عنه عن أبي هريرة مرفوعاً ؟
فإذا كان الأول فالحديث مرسل ، وإذا كان الآخر فهو موصول ؛ ولكن الطبراني لم يذكر إسناده إلى يزيد بن خصيفة بذلك لينظر فيه ، ولا ساق متنه لنعتبره بغيره ؛ فإن قوله فيه : "متابعة" ؛ منكر عندي لأمرين :
الأول : تفرد سعيد بن الصلت به ؛ فإني لم أعرفه ، وكذا اللذان دونه .
نعم ؛ أورد ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 34) سعيد بن الصلت ؛ فقال :
"مصري ، روى عن سهيل بن بيضاء ؛ مرسل ، وروى عن ابن عباس - يعني : متصلاً - . روى عنه محمد بن إبراهيم التيمي وبكر بن سوادة" .
ولكن هذا ليس صاحب هذا الحديث ؛ لأنه تابعي متقدم على سعيد بن الصلت راوي هذا الحديث .
والآخر : أن الحديث أخرجه البزار في "مسنده" (ص 103 - زوائده) بإسنادين له عن زهير ، قال أحدهما : عنه عن العلاء ، وقال الآخر : عنه عن سهيل ، ثم اتفقا فقالا : عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً به دون زيادة : "متتابعة" .
وكذلك جاء الحديث عن أبي أيوب الأنصاري وغيره من الصحابة ، وقد خرجت أحاديثهم في "الروض النضير" رقم (911) ، وفي "إرواء الغليل" (950) .

(196/1)


5190 - ( من صام رمضان ، وأتبعه ستاً من شوال ؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 309 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 103/ 1) من طريق عمران ابن هارون : حدثنا مسلمة بن علي : حدثنا أبو عبدالله الحمصي عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً . وقال :
"لم يروه إلا أبو عبدالله ، تفرد به مسلمة" .
قلت : وهو متهم ، وسبقت له أحاديث أخرى موضوعة برقم (141،145،151) .
وأبو عبدالله الحمصي ؛ يغلب على ظني أنه محمد بن سعيد الأسدي المصلوب الكذاب الوضاع ؛ فقد غيروا اسمه على نحو مئة اسم ؛ تعمية له ؛ فقيل في كنيته : أبو عبدالرحمن ، وأبو عبدالله ، وأبو قيس ، وقيل في نسبته : الدمشقي ، والأردني ، والطبري . فلا أستبعد أن يقول فيه ذاك المتهم مسلمة : أبو عبدالله الحمصي !
ويحتمل أنه أبو عبدالله الحمصي المسمى : مرزوقاً ؛ فقد أورده الدولابي في "الكنى" هكذا ، وهو من رجال الترمذي ؛ لكنهم لم يذكروا له رواية عن نافع ، بخلاف المصلوب . والله أعلم .
والحديث ؛ أشار إلى تضعيفه المنذري (2/ 75) .
وأعله الهيثمي (3/ 184) بمسلمة الخشني .

(197/1)


5191 - ( كان يعدل صومه بصوم ألف يوم ، يعني : يوم عرفة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 310 :
$منكر$
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 164) ، والطبراني في "الأوسط" (2/ 124/ 2/ 6945 - بترقيمي) عن الوليد بن مسلم قال : حدثنا أبو داود سليمان بن موسى الكوفي : حدثنا دلهم بن صالح عن أبي إسحاق عن مسروق :
أنه دخل على عائشة يوم عرفة ، فقال : اسقوني . فقالت عائشة : يا غلام ! اسقه عسلاً . ثم قالت : وما أنت يا مسروق ! بصائم ؟! قال : لا ؛ إني أخاف أن يكون يوم الأضحى . فقالت عائشة : ليس ذاك ، إنما يوم عرفة يوم يعرف الإمام ، ويوم النحر يوم ينحر الإمام ، أو ما سمعت يا مسروق ! أن رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكرته .
والسياق للطبراني ؛ إلا لفظ الترجمة ؛ فللعقيلي . وقال الطبراني :
"لم يروه عن أبي إسحاق إلا دلهم ، ولا عنه إلا سليمان . تفرد به الوليد" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ومتن منكر ، وهو مسلسل بالعلل :
الأولى : عنعنة أبي إسحاق ؛ فإنه مدلس ، وهو عمرو بن عبدالله السبيعي ، على أنه كان اختلط .
الثانية : دلهم بن صالح ضعيف ؛ كما في "التقريب" وغيره .
وبه أعله الهيثمي ؛ فقال (3/ 190) :
"ضعفه ابن معين وابن حبان" .
ونص كلامه في "الضعفاء" (1/ 294-295) :
"منكر الحديث جداً ، ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات" .
الثالثة : سليمان بن موسى الكوفي ؛ مختلف فيه . وفي ترجمته ساق الحديث العقيلي ؛ وقال :
"لا يتابع على حديثه ، ولا يعرف إلا به" . وقال الحافظ :
"فيه لين" .
الرابعة : عنعنة الوليد بن مسلم ؛ فإنه مدلس أيضاً ؛ ولكنه كان يدلس تدليس التسوية . ثم قال العقيلي عقب الحديث :
"والمعروف في هذا حديث أبي قتادة عن النبي صلي الله عليه وسلم : يعدل صوم عرفة كفارة سنتين" .
قلت : أخرجه مسلم وغيره ، وهو مخرج في "الإرواء" (952) وغيره .
قلت : فقد أشار العقيلي بحديث أبي قتادة إلى نكارة متن حديث الترجمة .
وكأن المنذري لم يتنبه لهذا ، ولا للعلل التي ذكرنا ؛ فقال في "الترغيب" (2/ 76) - محسناً ! - :
"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن ، والبيهقي ، وفي رواية للبيهقي : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم" !!
قلت : فالصواب تعديله بصوم سنتين ، وهو المروي عن ابن عمر من طريقين :
الأولى : عن الفضيل بن ميسرة : حدثني أبو حريز أنه سمع سعيد بن جبير يقول :
سأل رجل عبدالله بن عمر عن صوم يوم عرفة ؟ فقال : كنا ونحن مع رسول الله صلي الله عليه وسلم نعدله صوم سنتين .
قلت : وهذا إسناد حسن في الشواهد والمتابعات ، ورجاله ثقات ؛ غير أبي حريز - وهو عبدالله بن الحسين الأزدي - ؛ قال الحافظ :
"صدوق يخطىء" .
ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" ؛ لكنه قال : سنة .
وكأنه لذلك قال المزي في "التحفة" (5/ 428) :
"وحديثه هذا منكر" .
قلت : وقد وجدت له طريقاً أخرى - وهي الطريق الثانية - ، تؤكد نكارة هذا : أخرجه تمام الرازي في "الفوائد" (ق 241/ 2) من طريق قطبة بن العلاء الغنوي : حدثنا عمر بن ذر عن مجاهد عن عبدالله بن عمر مرفوعاً بلفظ :
"صوم يوم عرفة يعدل سنتين : سنة مقبلة ، وسنة متأخرة" .
وقطبة بن العلاء ضعيف . لكن يشهد لحديثه حديث أبي قتادة المتقدم وما في معناه ، وهو مخرج في "إرواء الغليل" (4/ 108-110) .
ثم رأيت الحديث قد أخرجه البيهقي في "الشعب" (3/ 357-358) باللفظين : لفظ حديث الترجمة ، ولفظه المختصر :
"صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم" .
رواه من طريق سليمان بن أحمد الواسطي : أخبرنا الوليد بن مسلم بإسناده المتقدم .
وسليمان هذا ؛ كذبه يحيى ، وضعفه النسائي وغيره . وبه أعله المناوي !
وفاته أنه قد توبع باللفظ الأول ، فالعلة ممن فوقه .
(تنبيه) : وقع الحديث في عدة نسخ من "الجامع الصغير" باللفظ الثاني معزواً لـ (حب) ، وعليه نسخة "فيض القدير" ؛ خلافاً لنسخة "التيسير" ؛ ففيه (هب) وهذا هو الصواب ؛ وهو الموافق لما في "الجامع الكبير" ؛ فإن (حب) يرمز إلى ابن حبان في "صحيحه" ؛ ولم يخرجه فيه ، و (هب) يرمز إلى البيهقي في "الشعب" ، وقد عرفت أنه أخرجه فيه .

(198/1)


5192 - ( عليك بالبيض : ثلاثة أيام من كل شهر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 313 :
$موضوع بهذا اللفظ$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 107/ 1) من طريق سليمان بن داود الشاذكوني : حدثنا عيسى بن يونس عن بدر بن الخليل عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عمر :
أن رجلاً سأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الصيام ؟ فقال : ... فذكره . وقال :
"لم يروه عن بدر إلا عيسى ، تفرد به سليمان" .
قلت : وهو متروك ، بل صرح ابن معين وغيره بأنه كان يضع الحديث .
وله ترجمة مطولة في "اللسان" ؛ فلا أدري بعد هذا كيف ساغ للمنذري أن يوثقه في "الترغيب" بقوله (2/ 84) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورواته ثقات" ؟!
وكذا قال الهيثمي أيضاً (3/ 196) ! إلا أنه عزاه لـ "كبير الطبراني" أيضاً ، ولم أره فيه من نسخة الظاهرية ! فإن كان فيه ؛ فإني أستبعد أن يكون ليس فيه الشاذكوني ؛ لأن الطبراني نفسه قال : إنه تفرد به .
وفي الحض على صوم ثلاثة أيام من كل شهر أحاديث كثيرة ، ولكن لا يوجد فيما هذا الحض !

(199/1)


5193 - ( من صام الأربعاء والخميس والجمعة ؛ بنى الله له بيتاً في الجنة ، يرى ظاهره من باطنه ، وباطنه من ظاهره ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 314 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 187/ 255) عن شهاب ابن خراش عن صالح بن جبلة عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن ميمون إلا صالح ، تفرد به شهاب" .
قلت : وهو مختلف فيه ؛ فوثقه جماعة ، وضعفه آخرون . وقد لخص ذلك الحافظ ؛ فقال في "التقريب" :
"صدوق يخطىء" . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 362) :
"كان رجلاً صالحاً ، وكان ممن يخطىء كثيراً ، حتى خرج عن حد الاحتجاج به إلا عند الاعتبار" .
ولعل إعلاله بشيخه صالح بن جبلة أولى ؛ فإنه ليس بالمشهور .
أورده ابن حبان في "الثقات" ، وقال الأزدي :
"ضعيف" .
وقد وقفت للحديث على طريق أخرى ، أخرجه السهمي في "تاريخ جرجان" (137) عن محمد بن خالد الحنظلي عن سلم بن سالم عن سعيد عن عبدالجبار عن أبي بكر العنسي عن أبي قبيل المعافري عن أبي هريرة مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ مسلسل بالعلل :
الأولى : أبو بكر العنسي ؛ قال ابن عدي في آخر كتابه (ق 428/ 2) :
"مجهول ، له أحاديث مناكير عن الثقات" .
الثانية : سعيد بن عبدالجبار ، هو الزبيدي الحمصي فيما يغلب على ظني ، وهو ضعيف ، وكان جرير يكذبه .
الثالثة : سلم بن سالم - وهو البلخي - ؛ وهو متروك .
الرابعة : محمد بن خالد الحنظلي ؛ لم أجد له ترجمة .
قلت : ولشدة ضعف هذا الطريق ؛ فإنه لا يصلح شاهداً ومقوياً للطريق الأولى . والله أعلم .
ثم رأيته في "شعب الإيمان" (3/ 397/ 3873) من طريق أبي عتبة : حدثنا بقية عن أبي بكر العنسي به ؛ إلا أنه قال : عن أنس بن مالك . وقال :
"أبو بكر العنسي مجهول ، يأتي بما لا يتابع عليه" .
ورواه الهيثم بن خارجة : حدثنا شهاب بن خراش عن صالح بن جبلة عن ميمون بن مهران عن أبي أمامة به .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 299-300/ 7981) .
وقد روي عن شهاب عن صالح بإسناد آخر نحوه ، وهو الآتي .

(200/1)


5194 - ( من صام الأربعاء والخميس والجمعة ؛ بنى الله له قصراً في الجنة من لؤلؤ وياقوت وزبرجد ، وكتب له براءة من النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 316 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 188/ 256) بإسناد الذي قبله : حدثنا أحمد بن رشدين : حدثنا زهير : حدثنا شهاب عن صالح عن أبي قبيل المصري أنه سمع أنس بن مالك يقول : ... فذكره مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن أنس إلا أبو قبيل ، واسمه حي بن يؤمن" .
قلت : وهو ثقة ؛ لكن العلى من اللذين دونه ، وقد سبق الكلام عليهما في الحديث الذي قبله .
إلا أن دونهما من هو شر منهما ؛ وهو شيخ الطبراني ، وهو أحمد بن محمد ابن الحجاج بن رشدين أبو جعفر المصري ؛ قال ابن عدي :
"كذبوه" .

(201/1)


5195 - ( انظروا إلى هذا الرجل الذي قد نور الله قلبه ، لقد رأيته بين أبوين يغذوانه بأطيب الطعام والشراب ، [ولقد رأيت عليه حلة شراها بمئتي درهم] ، فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون . يعني : مصعب بن عمير ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 316 :
$ضعيف$
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 108) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 230/ 2) عن الحسن بن سفيان : حدثنا إبراهيم الحوراني : حدثنا عبدالعزيز بن عمير [من أهل خرسان ، نزيل دمشق] : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء : حدثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم عن عمر بن الخطاب قال :
نظر النبي صلي الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير مقبلاً ؛ وعليه إهاب كبش قد تنطق به ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : ومن هذا الوجه أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (10/ 192/ 1) من طريق البيهقي وغيره عن الحسن بن سفيان به ، وفيه الزيادة .
أورده في ترجمة عبدالعزيز بن عمير ؛ وكناه بأبي الفقير الخراساني الزاهد ، وذكر في الرواة عنه إبراهيم بن أيوب الحوراني ، وفي شيوخه زيد بن أبي الزرقاء ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ولا وفاة . وأطال في حكاية أقواله وبعض أحواله .
وأورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 391) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ؛ لكن وقع فيه : (عبدالعزيز بن عمر) ! والصواب : (ابن عمير) ؛ كما في "الحلية" و "التاريخ" وغيرهما .
وإبراهيم بن أيوب الحوراني ؛ ترجمه ابن أبي حاتم أيضاً (1/ 1/ 88) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً . وفي "اللسان" :
"ذكره أبو العرب في "الضعفاء" ، ونقل عن أبي الطاهر أحمد بن محمد بن عثمان المقدسي أنه قال : إبراهيم بن أيوب ؛ حوراني ضعيف .
قال أبو العرب : وكان أبو الطاهر من أهل النقد والمعرفة بالحديث بمصر" .
(تنبيه) : عقب هذه الترجمة ترجمة أخرى عند ابن أبي حاتم ، وهي :
"إبراهيم بن أيوب الفرساني الأصبهاني . روى عن سفيان الثوري ... سألت أبي عنه فقال : لا أعرفه" .
وترجمه أبو نعيم أيضاً في "أخبار أصبهان" (1/ 172-173) ، وقال :
"سمع من الثوري والمبارك بن فضالة ..." ؛ وساق له أحاديث .
ومن الواضح أنه أقدم طبقة من الحوراني ، وقد اختلطت الترجمتان في "اللسان" ؛ فصارتا ترجمة واحدة هي ترجمة الحوراني ! والصواب التفريق بينهما كما فعل ابن أبي حاتم . ولعل الخلط المذكور وقع من بعض نساخ "اللسان" ؛ فإن الترجمة الأولى لم تقع في "الميزان" . والله أعلم .

(202/1)


5196 - ( إن في جهنم وادياً ، وفي الوادي بئر يقال له : هبهب ، حقاً على الله أن يسكن فيه كل جبار عنيد ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 318 :
$ضعيف$
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 49) ، وأبو يعلى (4/ 1741) ، وابن عدي (ق 31/ 2) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 200/ 2) ، والحاكم (4/ 596-597) من طريق أزهر بن سنان : أخبرنا محمد بن واسع قال : قلت : لبلال بن أبي بردة : إن أباك حدثني عن جدك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره . وقال الطبراني :
"لا يروى عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد" . وقال الحاكم :
"تفرد به أزهر بن سنان" .
قلت : وهو ضعيف اتفاقاً ، لم يخالف في ذلك إلا ابن عدي ؛ فإنه قال في آخر ترجمته :
"أحاديثه صالحة ، ليس بالمنكر جداً ، وأرجو أنه لا بأس به" !
ولذلك ؛ جزم الحافظ بضعفه في "التقريب" .
وللحديث علة أخرى ، وهي الوقف ، أعله بذلك العقيلي ؛ فإنه ساقه من طريق هشام بن حسان عن محمد بن واسع قال :
بلغني أن في النار جباً يقال له : جب الحزن ... الحديث نحوه . وقال :
"وهذا أولى من حديث أزهر" .

(203/1)


5197 - ( من أرضى سلطاناً بسخط ربه عز وجل ؛ خرج من دين الله تبارك وتعالى ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 319 :
$موضوع$
أخرجه الحاكم (4/ 104) عن عنبسة بن عبدالرحمن عن علاق بن أبي مسلم قال : سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال :
"تفرد به علاق بن أبي مسلم ، والرواة إليه كلهم ثقات" !
قلت : كذا قال ، ووافقه الذهبي ! وهو من أوهامهما الفاحشة ؛ فإن عنبسة بن عبدالرحمن هذا : هو القرشي ؛ كما صرح الذهبي نفسه في ترجمة علاق بن أبي مسلم - ويقال : عبدالملك بن علاق - ؛ قال الذهبي في "الميزان" :
"عن أنس ؛ قال الترمذي : مجهول . وقال الأزدي : متروك الحديث . وقد تفرد عنه عنبسة بن عبدالرحمن القرشي" .
قلت : وقال في ترجمة عنبسة :
"قال البخاري : تركوه ، وروى الترمذي عن البخاري : ذاهب الحديث . وقال أبو حاتم : كان يضع الحديث" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ، رماه أبو حاتم بالوضع" .

(204/1)


5198 - ( إن صلاح ذات البين أعظم من عامة الصلاة والصيام ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 320 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 9/ 2-10/ 2) من طريق عثمان بن عبدالرحمن الطرائفي : أخبرنا إسماعيل بن راشد قال :
كان من حديث ابن ملجم - لعنه الله - وأصحابه ... (قلت : فذكره بطوله ، وفيه قتل ابن ملجم لعلي رضي الله عنه ، ووصية علي قبل موته وفيها) : واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ؛ فإني سمعت أبا القاسم صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف منقطع ؛ فإن إسماعيل بن راشد - على جهالته - لم يدرك علياً رضي الله عنه ؛ فقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ، فقال (1/ 1/ 169) :
"إسماعيل بن راشد السلمي ، وهو إسماعيل بن أبي إسماعيل أخو محمد ابن أبي إسماعيل . روى عن سعيد بن جبير . روى عنه حصين بن عبدالرحمن السلمي ، يعد في الكوفيين" .
وعثمان بن عبدالرحمن الطرائفي ؛ قال الحافظ :
"صدوق ، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل ؛ فضعف بسبب ذلك ، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب ، وقد وثقه ابن معين" .
قلت : فالظاهر أن إسماعيل بن راشد هذا من شيوخ الطرائفي المجهولين ، ولا أستبعد أن يكون في "ثقات ابن حبان" ؛ فقد قال الهيثمي (9/ 145) :
"رواه الطبراني ، وهو مرسل ، وإسناده حسن" !
كذا قال ! والشاهد أن تحسينه لإسناده المرسل لا بد أن يكون بعد أن قد رأى من وثق إسماعيل هذا ، وظني أنه ابن حبان ، والله أعلم .

(205/1)


5199 - ( صمتم يومكم هذا ؟ قالوا : لا ، قال : فأتموا بقية يومكم واقضوه . يعني : يوم عاشوراء ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 321 :
$منكر بهذا التمام$
أخرجه أبو داود (2447) : حدثنا محمد بن المنهال : حدثنا يزيد بن زريع : حدثنا سعيد عن قتادة عن عبدالرحمن بن مسلمة عن عمه :
أن (أسلم) أتت النبي صلي الله عليه وسلم ، فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين ؛ غير عبدالرحمن ابن مسلمة - ويقال : ابن المنهال بن مسلمة ، وقيل غير ذلك - ، وهو مجهول العين ؛ كما يشير إلى ذلك قول الذهبي في "الميزان" :
"تفرد عنه قتادة" .
وبروايته فقط عنه : ترجمه البخاري (3/ 1/ 354) ، وابن أبي حاتم (2/ 2/ 288) ، وابن حبان في "الثقات" (1/ 132 - مخطوطة الظاهرية) ؛ وقد صرح البيهقي بتجهيله كما يأتي ، فلا تغتر بتوثيق ابن حبان إياه ، فهو كثير التوثيق للمجهولين ؛ كما نبهت عليه مراراً ؛ فقال المنذري عقب الحديث في "مختصر السنن" (3/ 326) :
"وأخرجه النسائي ، وذكر البيهقي عبدالرحمن هذا ؛ فقال : وهو مجهول ، و مختلف في اسمه ، ولا يدرى من عمه ؟" !!
وفي هذا التخريج نظر من وجهين :
الأول : إطلاقه العزو للنسائي يوهم أنه في "الصغرى" له ، وليس كذلك ، وإنما أخرجه في "الكبرى" ، كما يأتي .
والآخر : أنه أخرجه بمتن أبي داود ، وليس كذلك أيضاً ؛ فإنه ليس عنده قوله : "واقضوه" . وهو موضع النكارة في الحديث ، وإلا ؛ فسائره صحيح ؛ له شواهد كثيرة في "الصحيحين" وغيرهما ، وقد خرجت طرفاً كبيراً منها في "الصحيحة" (2624) . ولذلك ؛ قال ابن القيم في "تهذيب السنن" (3/ 325) :
"قال عبدالحق : ولا يصح هذا الحديث في القضاء ، قال : ولفظة : "اقضوه" ، تفرد بها أبو داود ؛ ولم يذكرها النسائي" .
وصدق رحمه الله ، وإن كنت لم أر في كتابه "الأحكام الوسطى" (ق 94/ 1) إلا الجملة الأولى منه ، فلعل سائرها في "الأحكام الكبرى" له .
والحديث ؛ أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 221) من طريق أخرى عن محمد بن المنهال به ؛ إلا أنه وقع عنده : "شعبة" مكان : "سعيد" ! وهو وهم من بعض الرواة ؛ كما أشار إلى ذلك ابن التركماني في "الجوهر النقي" .
وقد تابعه جمع عن سعيد بن أبي عروبة ؛ فقال أحمد (5/ 409) : حدثنا روح : حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبدالرحمن بن سلمة الخزاعي ! عن عمه به دون قوله : "واقضوه" .
وأخرجه الطحاوي (1/ 336) ؛ لكن وقع عنده : "شعبة عن قتادة" ! ولعله تحريف مطبعي .
وكذلك تابعه محمد بن بكر ، وبشر - وهو ابن المفضل - ؛ كلاهما عن سعيد به دون الزيادة .
أخرجه النسائي في "الكبرى" (ق 37/ 2) ، وذكر أنه خالفه في إسناده شعبة فقال : عن قتادة عن عبدالرحمن بن المنهال الخزاعي عن عمه به دون الزيادة .
أخرجه النسائي (37/ 1) ، وأحمد (5/ 367-368) كلاهما عن محمد ابن جعفر : حدثنا شعبة : إلا أن أحمد قال : "عبدالرحمن بن المنهال أبو ابن سلمة" .
وتابعه حجاج : حدثني شعبة به ؛ إلا أنه قال : "عبدالرحمن أبي المنهال بن سلمة - وفي مكان آخر : مسلمة - الخزاعي" .
أخرجه أحمد (5/ 29،367-368) .
وتابعهم عبدالرحمن بن زياد : حدثنا شعبة عن قتادة قال : سمعت أبا المنهال يحدث عن عمه به .
أخرجه الطحاوي .
قلت : وهذا الاختلاف في اسم شيخ قتادة في هذا الحديث ؛ ليدل - عند العارفين بهذا العلم الشريف - أنه غير مشهور ولا معروف ، ولذلك ؛ جهله البيهقي كما تقدم ، وضعف حديثه عبدالحق الإشبيلي ، وتبعه على ذلك شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (25/ 118) ، وابن عبدالهادي في "تنقيح التحقيق" ، فقد ذكر الحديث ؛ وقال :
"حديث غريب ، مختلف في إسناده ومتنه ، وفي صحته نظر" .
نقله الزيلعي في "نصب الراية" (2/ 436) ، وأقره .
فالعجب من الحافظ ابن حجر ؛ كيف سكت عليه في "الفتح" (4/ 201) ، بل أشار قبل ذلك (4/ 114) إلى تقويته ؟! فإنه قال في صدد البحث في وجوب القضاء على من لم يبيت النية ، وأن قوله صلي الله عليه وسلم : "فأتموا بقية يومكم" . - كما في الأحاديث الصحيحة - لا ينافي الأمر بالقضاء ، قال :
"بل ورد ذلك صريحاً في حديث أخرجه أبو داود والنسائي ..." فذكره ، وقال :
"وعلى تقدير أن لا يثبت ؛ فلا يتعين ترك الفضاء ..." !
أقول : وكذلك لا يتعين إيجاب القضاء ، بل هذا خلاف الأصل ؛ فإنه ينافي البراءة الأصلية ، فالإيجاب لا بد له من أمر خاص ، وهذا غير موجود إلا في هذا الحديث ، وهو ضعيف السند منكر المتن ؛ كما تقدم بيانه ، فلا تغتر بموقف الحافظ منه ؛ فإنه خلاف ما تقتضيه القواعد العلمية الحديثية !

(206/1)


5200 - ( إنما جعلت الخطبة مكان الركعتين ، فإن لم يدرك الخطبة ؛ فليصل أربعاً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 325 :
$لا أصل له مرفوعاً$
وإنما روي موقوفاً ، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 128) بإسناد صحيح عن يحيى بن ابي كثير قال : حدثت عن عمر بن الخطاب أنه قال : ... فذكره .
ورواه عبدالرزاق أيضاً في "مصنفه" (3/ 237/ 5484) مختصراً .
وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة الواسطة بين يحيى وعمر .
ومثله في الانقطاع : ما أخرجه هو ، وعبدالرزاق (3/ 237/ 5485) عن عمرو بن شعيب عن عمر بن الخطاب قال :
كانت الجمعة أربعاً ، فجعلت ركعتين من أجل الخطبة ، فمن فاتته الخطبة ؛ فليصل أربعاً .
ثم روى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن عون قال :
ذكر لمحمد قول أهل مكة : إذا لم يدرك الخطبة صلى أربعاً ؟ فقال : ليس هذا بشيء .
قلت : ومحمد : هو ابن سيرين التابعي الجليل ، وابن عون ؛ اسمه عبدالله بن عون بن أرطبان ، أبو عون البصري ؛ وهو ثقة ثبت .
ويشير بقوله : "أهل مكة" إلى ما رواه ابن أبي شيبة أيضاً بسند صحيح عن عطاء وطاوس ومجاهد قالوا :
إذا فاتته الخطبة يوم الجمعة ؛ صلى أربعاً .
ورواه عبدالرزاق (3/ 238/ 5486) عن ابن جريج عن عطاء به أتم منه .
واعلم أنه حملني على كتابة هذا التحقيق في أثر عمر المذكور : أنني رأيت الشيخ مهدي حسن الشاه جهانبوري ذكر في كتابه "السيف المجلى على المحلى" (3/ 65) أن الخطبة جزء الصلاة ونصفها كما ورد في الحديث المرفوع والموقوف على عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ما في "كنز العمال" .
فاستغربت ما ذكره من الرفع ، فرجعت إلى المصدر الذي عزاه إليه : "الكنز" ؛ فرأيت قد ذكر فيه (4/ 273/ 5618) هذا الأثر موقوفاً على عمر من قوله من رواية عبدالرزاق وابن أبي شيبة كما خرجناه عنهما ؛ فتيقنت أن الشيخ وهم في رفعه ، وعزوه إلى "الكنز" مرفوعاً .
وله من مثل هذا الوهم في كتابه المذكور الشيء الكثير ، ومن أقربها إلى ما نحن فيه : ما ذكره في (3/ 66) : أن النبي صلي الله عليه وسلم سكت عن الخطبة حتى فرغ من صلاته ؛ كما في "السنن" .
كذا قال ! ومن المعلوم أن المقصود من كلمة "السنن" عند الإطلاق "السنن الأربعة" أو أحدها ، وليس الحديث المذكور في شيء منها مطلقاً ، فإن كان الشيخ يعلم ذلك ؛ فهو تدليس خبيث ، وإن كان لا يعلم ؛ فالأمر كما قيل : أحلاهما مر !
وإنما أخرج الحديث : الدارقطني في "سننه" (ص 169) ، وأعله بالإرسال ؛ فإنه أخرجه من طريق عبيد بن محمد العبدي : حدثنا معتمر عن أبيه عن قتادة عن أنس قال :
دخل رجل - من قيس - المسجد ورسول الله صلي الله عليه وسلم يخطب ، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم : "قم ؛ فاركع ركعتين" ؛ وأمسك عن الخطبة حتى فرغ من صلاته . وقال الدارقطني :
"أسنده هذا الشيخ عبيد بن محمد العبدي عن معتمر عن أبيه عن قتادة عن أنس ، ووهم فيه ، والصواب : عن معتمر عن أبيه مرسل ، كذا رواه أحمد بن حنبل وغيره عن معتمر" . ثم رواه بإسناده عن أحمد مرسلاً .
ثم أخرجه هو ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 110) عن هشيم عن أبي معشر عن محمد بن قيس به نحوه . وقال :
"هذا مرسل لا تقوم به حجة ، وأبو معشر اسمه نجيح ، وهو ضعيف" .
ونقله الزيلعي في "نصب الراية" (2/ 203) وأقره ، ومر عليه محققه الحنفي ، فلم يعلق عليه بشيء ؛ مع أنه خلاف مذهبه ؛ فإنهم أجابوا عن حديث جابر في قوله صلي الله عليه وسلم لسليك : "قم ؛ فصل ركعتين وتجوز فيهما" ؛ أجاب الحنفية عنه بأجوبة مردودة ؛ أحدها : ما دل عليه هذا الحديث المعلول : أن النبي صلي الله عليه وسلم أنصت له حتى فرغ من صلاته !!
وهذا الجواب قد رده الحافظ الزيلعي من جهة أخرى ؛ فإنه قال - جزاه الله خيراً على إنصافه وتجرده عن العصبية المذهبية ؛ خلافاً لجماهيرهم - :
"وهذا الجواب يرده ما في الحديث (يعني : حديث سليك في رواية) : "إذا جاء أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج ؛ فليصل ركعتين" . أخرجه البخاري ومسلم . وأخرجه مسلم في قصة سليك ؛ كما تقدم" .
وإن من عجائب هؤلاء المتعصبة : أنهم يحتجون بالحديث الضعيف على خصومهم لرد أحاديثهم الصحيحة ؛ ثم هم لا يعملون بما احتجوا به : عليهم ؛ فهذا حديث الترجمة مثلاً ، فإنهم لا يقولون بما فيه صراحة : "فإن لم يدرك الخطبة ؛ فليصل أربعاً" ؛ كيف وهم قد ردوا الحديث الصحيح : "من أدرك ركعة من الجمعة ؛ فليصل إليها أخرى" ؟! [انظر "الأجوبة النافعة" (ص 41) ، و "الإرواء" (615)] فقالوا : بل من أدرك الإمام في الجمعة قبل السلام ؛ فإنه يتمها ولا يصليها أربعاً ؛ خلافاً للآثار الصحيحة عن ابن مسعود وابن عمر وغيرهما !
ومن البين الواضح أن من لم يعمل بهذه الآثار والحديث الموافق لها ؛ لا يعمل من باب أولى بحديث الترجمة الذي احتجوا به على مخالفيهم في مجال آخر .

(207/1)


وإليك مثالاً آخر : الحديث المرسل المتقدم ؛ فإنهم لا يعملون به ، بل إنه لا يمكن العمل به ، وذلك من أدلة ضعفه ؛ لأن لازمه أنه كلما دخل داخل يريد أن يصلي التحية ؛ فعلى الخطيب أن يمسك عن خطبته حتى يفرغ !! ولذلك ؛ قال ابن المنير في رد جواب الحنفية المتقدم :
"إن الحديث لو ثبت ؛ لم يسغ على قاعدتهم ؛ لأنه يستلزم جواز قطع الخطبة لأجل الداخل ، والعمل عندهم لا يجوز قطعه بعد الشروع فيه ؛ لا سيما إذا كان واجباً" . نقلته من "فتح الباري" (2/ 409 - طبعة الخطيب) .
ومن أوهام الشيخ مهدي قوله (3/ 29) :
"ألم يقرع بسمع (كذا) ابن حزم قوله صلي الله عليه وسلم : عليكم بالسواد الأعظم ..." !! فجزم بنسبة هذا الحديث إليه صلي الله عليه وسلم ؛ ولا يصح ؛ كما سبق بيانه برقم (2896) .
وكذلك صحح الحديث المتقدم (59) : ".. أصحابي كالنجوم ..." وحديث (87) : "إذا صعد الخطيب المنبر ؛ فلا صلاة ولا كلام" !! تأييداً لمذهبه ، ورداً للأحاديث الصحيحة ؛ كما تقدم بيانه هناك . وحديث السواد الأعظم يحتج به الشيخ على ابن حزم لمخالفته الجمهور في قوله بوجوب غسل الجمعة ،ولا يشعر المسكين أنه حجة عليه - لو صح - في عشرات المسائل بل مئاتها التي خالف الحنفية فيها الجمهور ، في الطهارة والصلاة والعقود وغيرها من أبواب الشريعة ؛ وهو القائل عن نفسه في الكتاب المذكور (2/ 20) :
"وأنا حنفي غال في الحنفية" !! نسأل الله تعالى السلامة من كل بلاء ورزية ، والوفاة على الملة الحنيفية !!
قلت : ومع هذه الأخطاء الفاحشة ، الدالة على عدم معرفة الشيخ بهذا العلم الشريف ؛ يتعصب له الشيخ محمد يوسف البنوري في رسالة "الأستاذ المودودي" (ص 50) فيصفه بأنه :
"أكبر محدث في عصره ، وأفقه رجل في البلاد ..." !!
ولئن صدق الشيخ البنوري في هذا الوصف ؛ فما أرى السبب في مباينة ما في رسالة الشيخ من الأخطاء الكثيرة التي أثبتنا بعضها هنا ؛ إلا أنه ألفها في حالة نفسية متوترة ؛ حيث قال في آخر الجزء الأول منها :
"فرغت من تسويده سنة (1388) من الهجرة ؛ وأنا مريض بمرض الفالج من خمسة أعوام ، عاجز عن القيام والقعود إلا بمعين" .
اللهم ! متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا ، واجعلها الوارث منا ؛ إنك سميع مجيب !!
ومن الأحاديث التي ينبغي تخريجها وبيان الحق فيها - مما تعرض له الشيخ الشاه جهانبوري في رسالته (3/ 24) بكلام يباين أصول علماء الحديث ومصطلحهم - الحديث التالي :

(207/2)


5201 - ( من جاء منكم الجمعة ؛ فليغتسل . فلما كان الشتاء قلنا : يا رسول الله ! أمرتنا بالغسل للجمعة ، وقد جاء الشتاء ونحن نجد البرد ؟ فقال : من اغتسل فبها ونعمت ، ومن لم يغتسل ؛ فلا حرج ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 330 :
$موضوع بهذا التمام$
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 324/ 1) عن الفضل بن المختار عن أبان عن أنس قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره ، في ترجمة الفضل هذا ، وقال :
"عامة حديثه مما لا يتابع عليه ؛ إما إسناداً وإما متناً" .
قلت : وقال فيه أبو حاتم :
"أحاديثه منكرة ، يحدث بالأباطيل" .
قلت : وهو راوي حديث المجرة الموضوع ، وقد مضى برقم (284) .
لكن أبان - وهو ابن أبي عياش - ليس خيراً منه ، بل لعله شر منه ؛ فقد اتفقوا على تركه . وقال شعبة :
"لأن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان" . وقال فيه أحمد :
"كذاب" .
قلت : فهو أو الراوي عنه آفة هذا الحديث ، وقد لفقه من حديثين صحيحين ، محرفاً لأحدهما :
الأول : قوله صلي الله عليه وسلم : "من جاء منكم الجمعة ؛ فليغتسل" ؛ فإنه متفق عليه من حديث عمر وابنه عبدالله وغيرهما بألفاظ متقاربة ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (367) .
والحديث الآخر لفظه : "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ، ومن اغتسل فالغسل أفضل" . هكذا روي عن جمع من الصحابة منهم أنس نفسه ، بأسانيد ثلاثة : عن يزيد الرقاشي ، وثابت البناني ، والحسن البصري ؛ ثلاثتهم عن أنس به .
أخرجه عنهم الطحاوي وغيره ، وطرقه يقوي بعضها بعضاً ، وهي مخرجة في "صحيح أبي داود" أيضاً برقم (380) .
فجاء هذا الكذاب (أبان) ؛ فرواه باللفظ المذكور أعلاه :
"من اغتسل فبها ونعمت ، ومن لم يغتسل فلا حرج" .
فجعل لفظه صريح الدلالة في عدم وجوب غسل الجمعة ! وليس هذا فحسب ، بل إنه ربط بينه وبين الحديث الأول : "من جاء منكم الجمعة ؛ فليغتسل" - وهو ظاهر على وجوب الغسل - ؛ فربط بينهما بجملة الشتاء والسؤال ، بحيث يدل الجواب على أن الحديث الأول منسوخ قطعاً .
ولذلك ؛ استدل به للحنفية الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 88) على أن أحاديث الوجوب منسوخة ! فإنه ساقه من طريق ابن عدي كما سقناه ، ثم عقب عليه بقوله :
"إلا أن هذا سند ضعيف يسد بغيره" !
كذا فيه : "يسد" بالسين المهملة ؛ أي : يصلح ، ولعله : "يشد" بالمعجمة ، وسواء كان هذا أو ذاك ؛ فإن القلب يشهد بأن في العبارة تحريفاً من بعض الناسخين أو غيرهم ، ولعل الأصل :
"ضعيف بمرة" أو نحوه ؛ فإني أكبر الحافظ الزيلعي أن يقتصر على تضعيف هذا الإسناد الهالك بهذا المتن الباطل ، وليس هذا فقط ، بل ويقول فيه :
"يسد (أو يشد) بغيره" !!
إني أستبعد جداً أن يقول هذا ، وهو يعلم أن الشديد الضعف لا يقوى بغيره ، لا سيما إذا كان متنه باطلاً كهذا .
وأما الشيخ مهدي الحنفي الذي سبق ذكره في الحديث المتقدم ؛ فقد نقل عبارة الزيلعي هذه واستدلاله به على النسخ ، وسلم بذلك كله متعقباً عليه بقوله :
"وسيأتي تحقيق الحديث المذكور (يعني : من توضأ يوم الجمعة ...) ؛ فإن بعض طرقه صحيح أو حسن ، والمجموع ينهض حجة للنسخ ؛ فافهم" !!
فانطلى عليه حال إسناد هذا الحديث الهالك والمتن الباطل ، فلم ينبه على شيء من ذلك ؛ وبخاصة الفرق بين متنه ومتن تلك الأحاديث التي يتقوى بها متنها دون متنه ، وهي لا تدل على النسخ المزعوم مطلقاً ، وتجد بيان ذلك في "المحلى" (2/ 14) ، و "الفتح" (2/ 300) .

(208/1)


5202 - ( لا عليكما ، صوما مكانه يوماً آخر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 332 :
$ضعيف$
روي من حديث عائشة ، وله عنها طريقان : أحدهما عن عروة ، والآخر عن عمرة .
1- أما طريق عروة ؛ فله عنه طريقان :
الأولى : عن زميل مولى عروة عن عروة بن الزبير عنها قالت :
أهدي لي ولحفصة طعام ، وكنا صائمتين ، فأفطرنا ، ثم دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقلنا له : يا رسول الله ! إنا أهديت لنا هدية ، فاشتهيناها فأفطرنا ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
أخرجه أبو داود (2457)، والنسائي في "السنن الكبرى" (ق 63/ 2) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 227) ، وابن عدي في "الكامل" (151/ 2) ، والبيهقي (4/ 281) ؛ وقال - تبعاً لابن عدي ، وهذا تبعاً للبخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 450) - :
"لا يعرف لزميل سماع من عروة ، ولا تقوم به الحجة" . ثم قال ابن عدي :
"وحديث عروة عن عائشة معروف بزميل ، وإسناده لا بأس به" !
وهذا منه غريب ؛ إذ كيف يكون إسناده لا بأس به ، وفيه زميل ، وقد قال فيه البخاري : "لا تقوم به الحجة" ، ولم يرو عنه غير يزيد بن الهاد ؟! ففيه إشارة إلى أنه مجهول ، وقد صرح بذلك جمع ، أقدمهم الإمام أحمد فقال :
"لا أدري من هو ؟!" .
وتبعه الخطابي ؛ فقال في "معالم السنن" (3/ 335) :
"إسناده ضعيف ، وزميل مجهول ، ولو ثبت الحديث ؛ أشبه أن يكون إنما أمرهما بذلك استحباباً" .
وتبعه على هذا الحافظ المنذري في "مختصر السنن" . ولذلك ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"مجهول" . ونحوه في "الميزان" ، وقال :
"ومن مناكيره ..." ؛ ثم ساق له هذا الحديث .
ثم قال البيهقي :
"وروي من أوجه أخرى عن عائشة ، لا يصح شيء منها ، وقد بينت ضعفها في (الخلافيات)" .
قلت : وسأبينها في حدود ما اطلعت عليه ، وما توفيقي إلا بالله .
والطريق الأخرى : عن الزهري عن عروة . وله عن الزهري طرق :
الأولى : عن جعفر بن برقان قال : حدثنا الزهري عن عروة عن عائشة به .
أخرجه الترمذي (1/ 142) ، والنسائي (ق 63/ 2) ، والبيهقي (4/ 280) ، وأحمد (6/ 263) ، وأبو يعلى (3/ 1140) كلهم عن كثير بن هشام قال : حدثنا جعفر بن برقان ... وأعلوه بالإرسال ؛ فقال الترمذي عقبه :
"وروى صالح بن أبي الأخضر ، ومحمد بن أبي حفصة هذا الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة مثل هذا . ورواه مالك بن أنس ، ومعمر ، وعبيدالله بن عمر ، وزياد بن سعد وغير واحد من الحفاظ عن الزهري عن عائشة مرسلاً ، ولم يذكروا فيه : عن عروة ، وهو أصح ؛ لأنه روي عن ابن جريج قال : سألت الزهري قلت له : أحدثك عروة عن عائشة ؟ قال : لم أسمع من عروة في هذا شيئاً ، ولكني سمعت في خلافة سليمان بن عبدالملك من نا عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث" . وقال البيهقي :
"هكذا رواه جعفر بن برقان ، وصالح بن أبي الأخضر ، وسفيان بن حسين ؛ عن الزهري ؛ وقد وهموا فيه عن الزهري" .
وكذا قال ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 227) عن أبيه ، والنسائي ؛ كما يأتي في الطريق الثالثة .
وعلة هذه الطريق الأولى - بالإضافة إلى مخالفة الثقات الحفاظ - جعفر هذا ؛ فإنه وإن كان أخرج له مسلم ؛ فهو ضعيف في روايته عن الزهري خاصة ، صرح بذلك جمع من أئمة الجرح ، كأحمد وابن معين وابن عدي وغيرهم ، ويأتي كلام النسائي بذلك قريباً .
الثانية : عن سفيان بن حسين عن الزهري به .
أخرجه النسائي (63/ 2-64/ 1) ؛ وأعله بابن حسين ؛ كما يأتي .
الثالثة : عن صالح بن أبي الأخضر عنه به .
أخرجه ابن صاعد في "مجلسان" (ق 52/ 1) - من طريق روح بن عبادة عنه - ، ورواه النسائي (64/ 1) ، والبيهقي - من طريق سفيان بن عيينة - قالا : سمعنا من صالح بن أبي الأخضر ... فذكره ، قال سفيان : فسألوا الزهري - وأنا شاهد - فقالوا : هو عن عروة ؟ فقال : لا .
وقول سفيان ؛ هذا أخرجه الطحاوي أيضاً في "شرح المعاني" (1/ 354) .
ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه : حدثنا ابن أبي مريم عن ابن عيينة بلفظ :
فقال : لم أسمعه من عروة ، إنما حدثني رجل على باب ... فذكره نحو رواية ابن جريج المتقدمة عند الترمذي .
وقد وصلها هو ، وعبدالرزاق (4/ 276) ، والطحاوي ؛ عنه .
ولعله هو السائل الذي أشار إليه سفيان في قوله المذكور . وقد قال النسائي عقبه :
"الصواب ما روى ابن عيينة عن الزهري ؛ وصالح بن أبي الأخضر ضعيف في الزهري وغير الزهري ، وسفيان بن حسين وجعفر بن برقان ليسا بالقويين في الزهري ، ولا بأس بهما في غير الزهري" . وقال البيهقي :
"فهذان ابن جريج وسفيان بن عيينة شهدا على الزهري - وهما شاهدا عدل - بأنه لم يسمعه من عروة ، فكيف يصح وصل من وصله ؟!
قال أبو عسيى الترمذي : سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث ؟ فقال : لا يصح حديث الزهري عن عروة عن عائشة . وكذلد قال محمد ابن يحيى الذهلي ، واحتج بحكاية ابن جريج وسفيان بن عيينة ، وبإرسال من أرسل الحديث من الأئمة"==

17. السلسلة الضعيفة
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني

الرابعة والخامسة والسادسة : عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن شهاب به .
أخرجه النسائي من طريق يحيى بن أيوب عنه . قال يحيى بن أيوب : وسمعت صالح بن كيسان بمثله . قال النسائي :
"وجدته عندي في موضع آخر : حدثني صالح بن كيسان ويحيى بن سعيد . وهذا أيضاً خطأ مثله" .
قلت : وهو من يحيى بن أيوب - وهو أبو العباس المصري - ، فإنه وإن كان احتج به الشيخان ؛ فقد تكلم فيه بعض الأئمة ؛ لسوء حفظه ومخالفته . بل قال فيه الإمام أحمد :
"يخطىء خطأ كثيراً" .
ويحيى بن سعيد ؛ قد ذكره البيهقي (4/ 279) في زمرة الثقات الحفاظ الذين رووا الحديث عن الزهري منقطعاً ، فدل ذلك على خطأ يحيى بن أيوب عليه حين رواه عنه عن الزهري عن عروة عن عائشة متصلاً . ورواية ابن سعيد المنقطعة قد وصلها البيهقي عنه كما سيأتي .
السابعة : عن عبدالله بن عمر العمري عن ابن شهاب به .
أخرجه الطحاوي (1/ 354) .
والعمري هذا - وهو المكبر - ضعيف إذا تفرد ؛ فكيف إذا خالف الثقات ؟!
وقد قرنه ابن أبي حاتم (1/ 227) مع سفيان بن حسين وجعفر بن برقان المخالفين المتقدمين آنفاً . ومن الثقات الذين خالفهم : أخوه عبيدالله بن عمر العمري الثقة الثبت ؛ فقد ذكره البيهقي في زمرة الثقات الحفاظ الذين أرسلوا الحديث ؛ كما تقدم قريباً ، وكذلك ذكره فيهم الترمذي في كلامه السابق في الطريق الأولى . وقد وصله عنه النسائي .
وما تعقب به ابن التركماني البيهقي في ذكره عبيدالله في تلك الزمرة بقوله :
"قلت : أخرجه أبو عمر من حديث أبي خالد الأحمر عن عبيدالله ويحيى ابن سعيد وحجاج بن أرطأة ؛ كلهم عن الزهري عن عروة أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين ... الحديث" !! فالجواب من وجهين :
الأول : أن أبا خالد الأحمر - واسمه سليمان بن حيان - ، وإن كان ممن أخرج له الشيخان ؛ ففي حفظه أيضاً كلام . ولذلك ؛ قال فيه الحافظ :
"صدوق يخطىء" . فلا عبرة بحديثه إذا خالف الثقات .
والآخر : أن ظاهر إسناده الإرسال أيضاً ؛ لأن قوله : "عن عروة : أن عائشة وحفصة ..." صورته المرسل ؛ كما هو ظاهر ، فيكون أبو خالد قد شذ مرتين :
الأولى : من جهة مخالفة الثقات الحفاظ الذين رووه عن الزهري مرسلاً .
والأخرى : الذين خالفوا هؤلاء ممن سبق ذكرهم ؛ فرووه عنه عن عروة عن عائشة متصلاً !!
2- وأما طريق عمرة ؛ تفرد به جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عنها عن عائشة به .
أخرجه النسائي ، والطحاوي (1/ 355) ، وابن حبان (951 - موارد) . وقال النسائي :
"هذا خطأ" .
قلت : يعني : من جرير ؛ فإن حاله كحال أبي خالد الأحمر وغيره ، وقد بين ذلك البيهقي ؛ فقال :
"وجرير بن حازم وإن كان من الثقات ؛ فهو واهم فيه ، وقد خطأه في ذلك أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني . والمحفوظ : عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن عائشة مرسلاً" .
ثم روى بإسناده عن الأثرم قال : "قلت لأبي عبدالله - يعني : أحمد بن حنبل - تحفظه عن يحيى عن عمرة عن عائشة ... فأنكره ، وقال : من رواه ؟ قلت : جرير بن حازم . فقال : جرير كان يحدث بالتوهم" .
وعن أحمد بن منصور الرمادي قال : "قلت لعلي بن المديني : يا أبا الحسن ! تحفظ عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة ... ؟ فقال لي : من روى هذا ؟ قال : قلت : ابن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد . قال : فضحك ؛ فقال : مثلك يقول مثل هذا ؟! حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن الزهري أن عائشة ..." .
وجملة القول : أن الحديث ضعيف لا يصح ، وأن الصواب فيه عن الزهري مرسلاً ، وأن من قال عنه : عن عروة ، أو قال : عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة ؛ فقد وهم عليهما - بلا شك - وهماً فاحشاً ؛ لمخالفة الحفاظ الثقات أولاً ، وقد تقدم تسمية بعضهم - ومنهم مالك في "الموطأ" (1/ 306/ 50) - ، ولمصادمة ذلك لتصريحه بأنه لم يسمعه من عروة ، وإنما من رجل لم يسمه ، فما لعروة - بله عمرة - بهذا الحديث صلة .
وإنما أفضت في الكشف عن علة الحديث وطرقه ؛ لأني رأيت صنيع ابن التركماني في "الجوهر النقي" قد حشر ما وقع عليه من الطرق موهماً أن الحديث بها ثابت ، ولا غرابة في ذلك ؛ لما هو معروف به من التعصب للمذهب ، وإنما الغرابة أن ابن القيم - بعدما ساق بعض الطرق المذكورة دون أي مناقشة لمفرادتها ، وبيان ما في رواته من الضعف أو الشذوذ والمخالفة لروايات الثقات الأثبات - قال في "تهذيب السنن" (3/ 336) :
"فالذي يغلب على الظن : أن اللفظة محفوظة في الحديث ، وتعليلها - لما ذكر - قد تبين ضعفه" !
وظني أن ابن القيم رحمه الله لو تتبع الطرق ورواتها - وما قاله الزهري نفسه من النفي لسماعه للحديث من عروة - ؛ لما ذهب إلى هذا الذي حكينا عنه ، ولوجد أن الأئمة الذين أعلوا الحديث بالإرسال كانوا على الحق والصواب ، وأن قولهم فيه هو فصل الخطاب .
ثم إن الحديث لو صح ؛ فهو محمول على الاستحباب ؛ كما تقدم عن الخطابي .

(209/2)


ومما يشهد له : قوله صلي الله عليه وسلم لأحد أصحابه - وقد دعي إلى الطعام وهو صائم - :
"أفطر ، وصم مكانه يوماً إن شئت" ؛ وهو حديث ثابت ؛ كما حققته في "آداب الزفاف" (ص 159) ، ثم في "إرواء الغليل" (1952) .

(209/3)


5203 - ( إنا أهل بيت ؛ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً ، حتى يأتي قوم من قبل المشرق ؛ معهم رايات سود ، فيسألون الخير ، فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون ، فيعطون ماسألوا ؛ فلا يقبلونه ، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي ؛ فيملؤها قسطاً ؛ كما ملؤوها جوراً ، فمن أدرك ذلك منكم ؛ فليأتهم ولو حبواً على الثلج ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 340 :
$منكر$
أخرجه ابن ماجه (2/ 518) ، وابن أبي عاصم في "السنة" برقم (1499) ، والعقيلي في "الضعفاء" (4/ 1494) عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله قال :
بينما نحن عند رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ إذ أقبل فتية من بني هاشم ، فلما رآهم النبي صلي الله عليه وسلم ؛ اغرورقت عيناه ، وتغير لونه ، قال : فقلت : ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه ؟! فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، ورجاله ثقات ؛ غير يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم الشيعي - . قال الذهبي :
"أحد علماء الكوفة المشاهير ؛ على سوء حفظه" . وقال الحافظ :
"ضعيف ، كبر فتغير ، وصار يتلقن" . وقال البوصيري في "زوائده" (ق 249/ 1) :
"مختلف فيه ، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة (يعني : شيخ ابن ماجه فيه) ، وأبو يعلى بزيادة ونقص ، لكن لم يتفرد به يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم ؛ فقد رواه الحاكم في "المستدرك" من طريق عمرو بن قيس عن الحكم عن إبراهيم به" !
قلت : ما أحسن البوصيري صنعاً بهذا الاستدراك ؛ فإنه الحديث عند الحاكم (4/ 464) من طريق محمد بن عثمان بن سعيد القرشي : حدثنا يزيد بن محمد الثقفي : حدثنا حنان (الأصل : حبان) بن سدير عن عمرو بن قيس الملائي به .
سكت عنه الحاكم ! وتعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : هذا موضوع" .
أقول : لعل آفته من حنان هذا ؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 299) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، والحافظ في "اللسان" (2/ 367) ، وساق له من مناكيره حديثاً من روايته عن أهل البيت ، وقال :
"قال الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" وفي "العلل" : إنه من شيوخ الشيعة" .
قلت : وهو في "رجال الكشي" ؛ انظر "الفهرس" (ص 108) .
وقد تصحف اسمه في "المستدرك" إلى (حبان) ؛ كما سبقت الإشارة إليه .
وفي "الميزان" : "حبان بن مديد" ؛ وقال :
"قال الأزدري : ليس بالقوي عندهم" .
ثم ساق له هذا الحديث . ووقع في "اللسان" .
"حبان بن مدير" ؛ وعزا الحديث الحاكم ؛ وذكر تعقب الذهبي له بما سبق ، وأقره ؛ ولكنه قال :
"وأنا أخشى أن يكون هذا هو حنان - بفتح المهملة ونونين مخففاً - ، وأبوه (سدير) بفتح السين المهملة بوزن (قدير) ، تصحف اسمه واسم أبيه" .
قلت : والراوي عنه يزيد بن محمد الثقفي ؛ لم أعرفه !
وكذا الراوي عنه : محمد بن عثمان بن سعيد القرشي ! ومن طبقته : محمد ابن عثمان بن سعيد بن عبدالسلام بن أبي السوار المصري ، حدث عن أبي صالح كاتب الليث ؛ قال أبو سعيد بن يونس : لم يكن بثقة ؛ كما في "اللسان" (5/ 279) ، فلعله هو .
ثم إن الحديث قد أنكره جماعة من الأئمة المتقدمين على يزيد بن أبي زياد ؛ فقال وكيع :
"يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله - حديث الرايات - ليس بشيء" . وقال أبو أسامة :
"لو حلف لي خمسين يميناً قسامة ما صدقته" ؛ يعني : في هذا الحديث . وذكر الذهبي عن الإمام أحمد أنه قال فيه مثل قول وكيع المتقدم .

(210/1)


5204 - ( كيف بكم - أيها الناس ! - إذا طغى نساؤكم ، وفسق فتيانكم ؟ قالوا : يا رسول الله ! إن هذا لكائن ؟! قال : نعم ، وأشد منه ، كيف أنتم إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟! قالوا : يا رسول الله ! إن هذا لكائن ؟ قال : وأشد منه ، كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً ، والمعروف منكراً ؟! ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 343 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (ق 301/ 1) : حدثنا محمد بن الفرج : حدثنا محمد بن الزبرقان : حدثنا موسى بن عبيدة قال : أخبرني عمر بن هارون وموسى بن أبي عيسى عن أبي هريرة مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ موسى بن عبيدة - وهو الربذي - ضعيف عند الجمهور ، وبعضهم ضعفه جداً .
والحديث ؛ أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 280-281) ؛ وقال :
"رواه أبو يعلى ، والطبراني في "الأوسط" ؛ إلا أنه قال : "فسق شبابكم" ، وفي إسناد أبي يعلى : موسى بن عبيدة ، وهو متروك ، وفي إسناد الطبراني : جرير ابن المسلم ؛ ولم أعرفه ، والراوي عنه شيخ الطبراني همام بن يحيى ؛ لم أعرفه" !
قلت : جرير هذا روى له الطبراني حديثاً آخر في "المعجم الصغير" (ص 206) ، ونسبه فيه صنعانياً .
وروي من حديث أبي أمامة مرفوعاً بلفظ :
"كيف أنتم إذا طغى نساؤكم ..." الحديث نحوه ، وزاد في آخره :
قالوا : وكائن ذلك يا رسول الله ؟! قال : "نعم ، وأشد منه سيكون ، يقول الله تعالى : بي حلفت ! لأتيحن لهم فتنة يصير الحليم فيهم حيراناً" .
أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 417-418) ، والحافظ عبدالغني المقدسي في "كتاب الأمر بالمعروف" (91-92) عن حماد بن عبدالرحمن الكلبي : حدثنا خالد بن الزبرقان القرشي عن سليم بن حبيب المحاربي عن أبي أمامة ... وقال ابن أبي حاتم :
"قال أبي : هذا حديث منكر ، وحماد ضعيف الحديث" .
قلت : وشيخه خالد بن الزبرقان ؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 332) :
"سمعت أبي يقول : هو منكر الحديث . وغيري يحكي عن أبي أنه قال : صالح الحديث" .
ثم أخرجه المقدسي من حديث ابن مسعود مختصراً . ورجاله ثقات ؛ غير أبي نصر الفضل بن محمد بن سعيد ؛ يرويه عن أبي الشيخ عن أبي يعلى بإسناده الحسن عنه .
غير أني لم أجده في "مسند أبي يعلى" ، ولا في "المجمع" ؛ فلينظر إن كان فيه ؛ فإن كان ابن سعيد هذا معروفاً ؛ فهو حسن ينقل إلى "الصحيحة" ؛ فإني لم أعرف ابن سعيد هذا !
ثم وقفت على إسناد الطبراني ، فوجدت فيه علتين أخريين ، إحداهما واهية جداً ، كما عرفت منه أحد الراويين اللذين لم يعرفهما الهيثمي ، فقال الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 298/ 12/ 9479) : حدثنا همام بن يحيى : حدثنا حريز بن المسلم الصنعاني : حدثنا عبدالمجيد بن عبدالعزيز (الأصل : عبدالمجيد) ابن أبي رواد (الأصل : داود) عن ياسين الزيات عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به . وقال :
"لم يروه عن الأعمش إلا ياسين ، ولا عن ياسين إلا عبدالمجيد ، تفرد به حريز بن المسلم" .
قلت : هو بالحاء المهملة وآخره ؛ زاي كما في "الإكمال" (2/ 85-86) ؛ وكناه بـ (أبي المسلم) ؛ وقال :
"صنعاني ، يروي عن عبدالمجيد بن أبي رواد وغيره . روى عنه إبراهيم بن محمد بن المعمر" .
قلت : وذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 213) ، وقال :
"روى عن سفيان بن عيينة . وعنه أهل اليمن" .
ووقع عند الهيثمي : (جرير) بالجيم ! فلا أدري إذا كان وقع له كذلك في "المعجم" ؛ فلم يعرفه ، أو أنه تحرف على ناسخ "المجمع" ؟! والله أعلم .
وشيخه عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن أبي رواد ؛ قال الحافظ :
"صدوق يخطىء ، وكان مرجئاً ، أفرط ابن حبان فقال : متروك" .
وأقول : الآفة من شيخه ياسين الزيات ؛ فإنه مجمع على ضعفه ، بل هو متروك ؛ كما قال النسائي وغيره . وقال البخاري (4/ 2/ 429) :
"يتكلمون فيه ، منكر الحديث" .
فلا أدري لماذا سكت عنه الهيثمي ، وأعل الحديث بما تقدم ممن لم يعرفه ؟!
ثم رأيت ابن المبارك قد أخرج الحديث في "الزهد" (484/ 1376) ؛ قال : أخبرنا سفيان بن عيينة عن موسى بن أبي عيسى المديني قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
فهذا يعل رواية موسى بن عبيدة المتقدمة عند أبي يعلى ، ويؤكد ضعف ابن عبيدة حين أسنده عن موسى بن أبي عيسى عن أبي هريرة ؛ فإن سفيان بن عيينة ثقة ، وقد رواه عنه مرسلاً .
وموسى بن أبي عيسى المديني - وهو الحناط أبو هارون الغفاري - ، وهو ثقة ؛ لكنهم لم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة ، ولذلك ؛ ذكره الحافظ في الطبقة السادسة ؛ أي : أتباع التابعين ، وفيهم ذكره اب حبان في "ثقاته" (7/ 454) .
وعليه ؛ فهو منقطع بينه وبين أبي هريرة ، بل معضل .
وعمر بن هارون : هو الزرقي الأنصاري المديني ؛ ذكره ابن حبان في "الثقات" ، وقال (5/ 153) :
"يروي عن أبي هريرة . روى عنه يحيى بن حمزة" .
كذا وقع فيه : (يحيى) ! وفي "تاريخ البخاري" و "الجرح والتعديل" :

(211/1)


(عمر) . والله أعلم ؛ وذكرا في ترجمته أنه روى عن أبيه ، وزاد البخاري :
"وروى موسى بن عبيدة : حدثنا عمر بن هارون عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم . فلا أدري هو هذا أم لا ؟" .
وأورده الذهبي في "الميزان" ؛ وقال :
".. عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، لا يعرف ، والخبر منكر" .
وعقب عليه في "اللسان" بقول ابن حبان المذكور آنفاً .
قلت : وعمر هذا وقرينه ؛ لم يعرفهما المعلق على "مسند أبي يعلى" (11/ 304-305) ؛ فقال :
"إسناده ضعيف ؛ لضعف موسى بن عبيدة الربذي ، وقد تركه كثير من أهل العلم ، وشيخه وشيخ شيخه لم أعرفهما" !
والصواب : "وشيخاه لم أعرفهما" ؛ كما يظهر بأدنى تأمل .
ثم رأيت في "تاريخ البخاري" (4/ 2/ 441) ، و "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 323) قد ذكرا من طريق عبدالعزيز الأويسي عن سعيد بن عبدالرحمن عن عبيدالله بن نافع عن ابن عباس الحميري عن أبيه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكر الحديث بطرفه الأول فقط .
قلت : وهذا إسناد مجهول ؛ الحميري هذا وأبوه لا يعرفان إلا في هذا الحديث .
وقد أورده الحافظ في ترجمة الأب من "الإصابة" من طريق ابن أبي حاتم فقط ، ولم يزد !!

(211/2)


5205 - ( كان من دعائه الذي كان يقول : يا كائناً قبل أن يكون شيء ، والمكون لكل شيء ، والكائن بعدما لا يكون شيء ! أسألك بلحظة من لحظاتك الحافظات ، الغافرات الواجبات المنجيات ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 347 :
$موضوع$
أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص 11) من طريق محمد بن سنان القزاز : حدثنا محمد بن الحارث مولى بني هاشم : حدثنا محمد بن عبدالرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته محمد بن عبدالرحمن بن البيلماني ؛ متهم بالوضع ؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 264) :
"حدث عن أبيه بنسخة شبيهاً بمئتي حديث كلها موضوعة ، لا يجوز الاحتجاج به ، ولا ذكره في الكتب إلا على جهة التعجب" .
ثم ساق له بضعة عشر حديثاً ، قد مضى اثنان منها برقم (54،2411) .
ومحمد بن الحارث ضعيف ؛ كما تقدم بيانه تحت الحديث الأول من الحديثين المشار إليهما .
ومثله القزاز ؛ فإنه ضعيف ؛ كما في "التقريب" .
وقد أشار البيهقي إلى تضعيف الحديث بقوله عقبه :
"إن صح" !
وهذا تقصير منه ظاهر ، فكان الأولى أن ينزه كتابه منه ولا يورده فيه !

(212/1)


5206 - ( هذه صفة ربي عز وجل وتقدس علواً كبيراً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 348 :
$منكر$
أخرجه البيهقي في "الأسماء" (ص 279) من طريق مخلد بن أبي عاصم : أخبرنا محمد بن موسى - يعني الحرشي - : أخبرنا عبدالله بن عيسى : أخبرنا داود - يعني : ابن أبي هند - عن عكرمة عن ابن عباس :
أن اليهود جاءت إلى النبي صلي الله عليه وسلم - منهم كعب بن الأشرف ، وحيي بن أخطب - ، فقالوا : يا محمد ! صف لنا ربك الذي بعثك ، فأنزل الله عز وجل : (قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد) : فيخرج منه ، (ولم يولد) : فيخرج من شيء ، (ولم يكن له كفواً أحد) : ولا شبه ، فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ عبدالله بن عيسى متفق على تضعيفه ، وهو الخزاز أبو خلف ؛ قال العقيلي في "الضعفاء" (ص 216) :
"لا يتابع على أكثر حديثه" . وقال ابن عدي (ق 225/ 1-2) :
"يروي عن يونس بن عبيد وداود بن أبي هند ما لا يوافقه عليه الثقات ، وأحاديثه إفرادات كلها ، وليس هو ممن يحتج بحديثه" .
ثم ساق له أحاديث هذا أحدها : أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسين : حدثنا محمد ابن موسى الحرشي به مختصراً ؛ دون حديث الترجمة وتفسير السورة .
والحرشي ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"لين" .
ومخلد بن أبي عاصم ؛ لم أعرفه ، ولعل فيه تحريفاً .
وقد خالفه في متنه محمد بن أحمد بن الحسين - شيخ ابن عدي - فاختصره ؛ كما رأيت ؛ وهو الصواب .
فقد رواه يزيد عن عكرمة مرسلاً به نحوه .
أخرجه ابن جرير في "التفسير" (30/ 221) بسند صحيح عنه .
وهو يزيد بن أبي سعيد النحوي المروزي ، وهو ثقة .
وكذلك أخرجه ابن جرير ، والحاكم (2/ 540) ، والبيهقي (ص 32،279) عن أبي بن كعب قال :
إن المشركين قالوا : يا محمد ! انسب لنا ربك ! فأنزل الله السورة .
صححه الحاكم والذهبي ! وفيه أبو جعفر الرازي ، وهو ضعيف .
لكن لحديثه شواهد تقويه ؛ فراجعها في "الدرالمنثور" .
ولقد كان الباعث على تحرير هذا : أنني رأيت الشيخ عبدالله الحبشي في رسالته "الصراط المستقيم" (ص 29) قد قال :
"أخرجه البيهقي بالإسناد الصحيح عن ابن عباس ..." فذكر الحديث !
فتصحيحه لهذا الإسناد لأكبر دليل على جهل هذا الرجل بهذا العلم ، وقد بلغنا أه صار له أتباع كثر في لبنان ؛ مما ذكرني بالقول المشهور : (إن البغاث بأرضنا يستنسر) !

(213/1)


5207 - ( من قرأ ألف آية في سبيل الله ؛ كتبه الله مع النبين والصديقين والشهداء والصالحين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 350 :
$منكر$
أخرجه أبو يعلى (1489) ، والحاكم (2/ 87) ، وعنه البيهقي في "السنن" (9/ 172) عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ؛ غير زبان ؛ قال أحمد :
"أحاديثه مناكير" . وضعفه ابن حبان جداً ؛ كما بينته في "ضعيف أبي داود" (230) . فقول الحاكم :
"صحيح الإسناد" ! مردود ؛ وإن وافقه الذهبي !

(214/1)


5208 - ( الليل خلق من خلق الله عز وجل عظيم ، لعله أعانك عليه (يعني : الصيد) شيء ؟ انبذها عنك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 351 :
$منكر$
أخرجه أبو داود في "المراسيل" (383) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 241) من طريق جرير عن موسى بن أبي عائشة عن أبي رزين قال :
جاء رجل إلى النبي صلي الله عليه وسلم بصيد ، فقال : إني رميته من الليل فأعياني ، ووجدت سهمي فيه من الغد ، وقد عرفت سهمي ؟ فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد مرسل ؛ أبو رزين هذا : هو مسعود بن مالك الأسدي الكوفي التابعي ، وهو ثقة .
وكذلك سائر رواته ؛ إلا أن جريراً - وهو ابن عبدالحميد الضبي الكوفي - ، وهو ثقة ، لكنه قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه ؛ وفي "التقريب" :
"ثقة صحيح الكتاب ، قيل : كان في آخر عمره يهم من حفظه" .
قلت : وقد خالفه في إسناده من هو أحفظ منه : فقال سفيان - وهو الثوري - : عن موسى بن أبي عائشة عن عبدالله بن أبي رزين عن أبي رزين مرفوعاً به ، نحوه مختصراً ، ليس فيه ذكر الليل والنهار .
أخرجه البيهقي ، وقال :
"وأبو رزين هذا ؛ اسمه مسعود مولى شقيق بن سلمة ، وليس بأبي رزين مولى رسول الله صلي الله عليه وسلم . والحديث مرسل . قال البخاري" .
قلت : وعبدالله بن أبي رزين هذا لا يعرف إلا في هذا لإسناد . وقد قال الذهبي في "الميزان" :
"ذكره ابن حبان في "الثقات" ، لا يدرى من هو ؟" .
قلت : فهو علة هذا الإسناد الصحيح مرسلاً .
وقد وهم المناوي وهماً فاحشاً ؛ فإنه على الرغم من أن السيوطي صرح بقوله : ".. عن أبي رزين مرسلاً" علق عليه بأن أبا رزين هو العقيلي !!
قلت : ولو كان هو العقيلي ؛ لم يكن الحديث مرسلاً ؛ لأنه صحابي معروف ، واسمه لقيط بن صبرة .
ثم إن في الحديث عندي نكارة ؛ فقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال لأبي ثعلبة الخشني :
"إذا رميت الصيد فأدركته بعد ثلاث ليال ، وسهمك فيه ؛ فكله ؛ ما لم ينتن" .
رواه مسلم وغيره ، وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1350) . وفي رواية من حديث عدي بن حاتم :
"إذا عرفت سهمك فيه لم تر فيه أثر غيره ، وتعلم أنه قتله ؛ فكله" .
قلت : فلم يأمر صلي الله عليه وسلم بنبذ الصيد لمجرد احتمال أن يكون قتل بطريق غير شرعي ، كما في حديث الترجمة ، بينما الأمر على خلاف ذلك في الحديث الصحيح ؛ فقد أحال فيه على ظاهر الأمر من نتانة أو مشاركة سبع ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

(215/1)


5209 - ( ............................................) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 353 :

(216/1)


5210 - ( ليدخلن بشفاعة عثمان سبعون ألفاً - كلهم قد استوجبوا النار - الجنة بغير حساب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 353 :
$منكر$
أخرجه ابن عساكر في ترجمة عثمان رضي الله عنه من "التاريخ" (10/ 105/ 2) من طريقين عن عبدالرحمن بن نافع : أخبرنا محمد بن يزيد القرشي : أخبرنا محمد بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً .
ثم من طريق الحسين بن عبيدالله العجلي : أخبرنا مروان بن معاوية الفزاري عن سليمان عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه .
وهذا إسناد ضعيف من الوجهين ؛ ففي الأول : عبدالرحمن بن نافع ؛ ولم أعرفه .
ومثله محمد بن يزيد القرشي ، و [لا] أستبعد أن يكون هو يزيد بن محمد القرشي ، انقلب على الراوي ؛ فقد ذكره في الرواة عن محمد بن عمرو - وهو ابن حلحلة الديلي المدني - الراوي عن عطاء ؛ وهو يزيد بن محمد بن قيس القرشي المطلبي ، وهو ثقة ؛ فإن كان هو ؛ فقد انقلب اسمه على عبدالرحمن بن نافع هذا ، وهو مما يدل على عدم حفظه وضبطه .
وأما الوجه الآخر ؛ فآفته الحسين بن عبيدالله العجلي ؛ قال الدارقطني :
"كان يضع الحديث" .
والحديث ؛ أورده السيوطي من رواية ابن عساكر هذه ؛ فتعقبه المناوي بقوله :
"قضية تصرف المصنف أن ابن عساكر خرجه وسكت عليه ، والأمر بخلافه ، بل قال : روي بإسناد غريب عن ابن عباس رفعه ، وهو منكر . ا هـ . وأقره عليه الذهبي في اختصاره لـ (تاريخه)" !
قلت : ولم أر قول ابن عساكر في الموضع الذي أشرت إليه آنفاً ؛ فلعله ذكر ذلك في موضع آخر .
وإن مما يؤكد نكارته : أن الحديث صح عن غير ما واحد من الصحابة مرفوعاً بنحوه دون ذكر عثمان ، وهو مخرج في "المشكاة" (5601) من حديث عبدالله ابن أبي الجدعاء .
وقد أخرجه الحاكم (3/ 408) - وصححه هو والذهبي - ، وزاد :
قال الحسن : إنه أويس القرني .
ويخالفه ما أخرجه ابن عساكر أيضاً بسند صحيح عن أبي أمامة مرفوعاً بلفظ :
"ليدخلن الجنة - بشفاعة رجل من أمتي - مثل أحد الحيين : ربيعة ومضر" ؛ وزاد :
فكان المشيخة يرون ذلك الرجل عثمان بن عفان .
وجملة القول : أن الحديث - باللفظ المذكور أعلاه - منكر لا يصح . والله تعالى أعلم .

(217/1)


5211 - ( ليدركن الدجال قوماً مثلكم أو خيراً منكم (ثلاث مرات) ، ولن يخزي الله أمة أنا أولها ، وعيسى ابن مريم آخرها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 355 :
$منكر$
أخرجه الحاكم (3/ 41) عن عيسى بن يونس عن صفوان بن عمرو عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه رضي الله عنه قال :
لما اشتد جزع أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم على من قتل يوم (مؤتة) ؛ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال :
"صحيح على شرط الشيخين" !! ورده الذهبي بقوله :
"قلت : ذا مرسل : وهو خبر منكر" .
قلت : وليس رجاله على شرط الشيخين ؛ إلا عيسى بن يونس .
وأما سائرهم ؛ فإنما احتج بهم مسلم وحده . وقال المناوي :
"ورواه ابن أبي شيبة من حديث عبدالرحمن بن جبير بن نفير - أحد التابعين - ؛ قال ابن حجر : وإسناده حسن" .

(218/1)


5212 - ( ما ترون مما تكرهون ؛ فذلك ما تجزون ، يؤخر الخير لأهله في الآخرة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 355 :
$ضعيف$
أخرجه الحاكم (2/ 532-533) عن محمد بن مسلمة الواسطي : حدثنا يزيد بن هارون : أنبأ سفيان بن حسين عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي قال :
بينما أبو بكر الصديق رضي الله عنه يتغدى مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ إذ نزلت هذه الآية : (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره . ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) ؛ فأمسك أبو بكر ، وقال : يا رسول الله ! أكل ما عملنا من سوء رأيناه ؟! فقال : ... فذكره . وقال :
"صحيح الإسناد" ! ورده الذهبي بقوله :
"قلت : مرسل" .
قلت : ومع الإرسال علة أخرى ؛ وهي محمد بن مسلمة الواسطي ؛ فإنه واه ؛ قال الذهبي :
"أتى بخبر باطل اتهم به ، وقال أبو القاسم اللالكائي : ضعيف ... وساق له ابن عدي أحاديث تستنكر ، وقال أبو محمد الخلال : هو ضعيف جداً" .
لكن الظاهر أنه لم يتفرد به ؛ فقد عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 380) لإسحاق بن راهويه ، وعبد بن حميد ، والحاكم ، وابن مردويه عن أسماء . وكذا وقع فيه : "أسماء" ؛ فصار الحديث بذلك موصولاً .
لكن الظاهر أنه سقط من الناسخ أداة الكنية : "أبي" ، وساعد على ذلك أنه لم يكن في أصله وصفه بالرحبي ، وإلا ؛ لصار التحريف هكذا : "أسماء الرحبي" !
فإذا كان الأمر كما ذكرنا ، وكان من مخرجي الحديث إسحاق بن راهويه وعبد ابن حميد - وهما من طبقة الواسطي - ؛ كان ذلك دليلاً واضحاً على أنهما قد تابعاه عليه ، أو على الأقل : على أنه لم يتفرد به ، فالعلة حينئذ إنما هي الإرسال . والله أعلم .
وإن مما يؤيد ما ذكرته من التحريف والسقط : أن السيوطي ذكره في "الجامع الصغير" من رواية الحاكم عن أبي أسماء الرحبي مرسلاً . وكذا في "الجامع الكبير" له .
وقد روي الحديث من طرق أخرى عن أبي بكر الصديق بنحوه ، دون الشطر الثاني منه ؛ فانظر "التعليق الرغيب" (4/ 152/ 54) .

(219/1)


5213 - ( قسم الله العقل على ثلاثة أجزاء ، فمن كن فيه فهو العاقل ، ومن لم تكن فيه فلا عقل له : حسن المعرفة بالله عز وجل ، وحسن الطاعة لله عز وجل ، وحسن الصبر لله عز وجل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 357 :
$موضوع$
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 21) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 172) من طريق سليمان بن عيسى عن ابن جريج عن عطاء عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً . وقال ابن الجوزي :
"ليس من كلام رسول الله صلي الله عليه وسلم ، قال أبو حاتم الرازي : سليمان بن عيسى كذاب ، وقال ابن عدي : يضع الحديث" .
وتابعه من هو مثله ؛ عبدالعزيز بن أبي رجاء : حدثنا ابن جريج به .
أخرجه أبو نعيم أيضاً (3/ 323) ، وقال :
"غريب من حديث عطاء ، لا أعلم عنه راوياً إلا ابن جريج" .
وتعقبه السيوطي في "اللآلي" بقوله (1/ 127) :
"وعبدالعزيز ؛ قال الدارقطني : متروك ، له تصنيف في العقل ؛ موضوع كله" .
وله متابعات أخرى لا وزن لها ، فانظر "اللآلي" و "تنزيه الشريعة" (10/ 175) .

(220/1)


5214 - ( ما يحل لمؤمن أن يشتد إلى أخيه بنظرة تؤذيه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 358 :
$ضعيف$
أخرجه عبدالله بن المبارك في "الزهد" (689) : أخبرنا موسى ابن عبيدة عن حمزة بن عبدة - قال ابن صاعد : كذا في كتابي ، ولا أدري من حمزة ؟ - قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وفيه علتان :
الأولى : الإرسال والجهالة ؛ فإن حمزة لم أعرفه ، وقد أشار يحية بن صاعد إلى جهالته ، ولم أجده في شيء من كتب الرجال التي عندي .
وقد وقع في "الجامع الصغير" و "الكبير" من رواية ابن المبارك : "حمزة بن عبيد" مصغراً ، ولم أجده أيضاً ! وأما قول المناوي :
هو ابن عبدالله بن عمر ، قال الذهبي : ثقة إمام" !! فلا وجه له ؛ فإن حفيد ابن عمر اسمه حمزة بن عبدالله ، وهذا اسمه : حمزة بن عبدة - أو ابن عبيد - ؛ فأين هذا من هذا ؟!
ثم هو - مع جهالته - تابعي ، فحديثه مرسل ، وقد صرح بإرساله السيوطي .
والأخرى : ضعف موسى بن عبيدة - وهو الربذي - ؛ قال الحافظ :
"ضعيف" .

(221/1)


5215 - ( مشيك إلى المسجد ، ورجوعك إلى بيتك في الأجر سواء ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 359 :
$منكر$
أخرجه نعيم بن حماد في "زوائد الزهد" (رقم 10) عن ابن المبارك : أنبأنا أبو بكر بن أبي مريم عن يحيى بن يحيى الغساني قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إساد مرسل ؛ بل معضل ؛ فإنه الغساني هذا لم يذكروا له رواية عن الصحابة ، وهو ثقة .
وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف مختلط .
ونعيم بن حماد نفسه ضعيف أيضاً .
والحديث ؛ عزاه في "الجامع الصغير" لسعيد بن منصور في "سننه" .
وأما في "الكبير" ؛ فعزاه لابن زنجويه . والله أعلم .

(222/1)


5216 - ( من احتجب عن الناس ؛ لم يحجب عن النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 359 :
$ضعيف$
أخرجه ابن منده في "الصحابة" - كما في "أسد الغابة" (2/ 161) - من طريق إدريس بن يونس بن راشد عن عبدالكريم بن مالك الجزري عن عبدة بن رباح عن أبيه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مظلم ؛ رباح لا يعرف إلا في هذا الحديث .
وابنه عبدة بن رباح ؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 89) :
"عبدة بن رباح الغساني روى عن يزيد بن أبي مالك ، وعبادة بن نسي . روى عنه الوليد بن مسلم" .
وإدريس بن يونس ؛ لم أجد من ذكره .

(223/1)


5217 - ( من بلغه حديث فكذب به ؛ فقد كذب ثلاثة : الله ، ورسوله ، والذي حدث به ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 360 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 29/ 1 - مجمع البحرين) : حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد : حدثنا سعيد بن عمرو السكوني : حدثنا بقية بن الوليد عن محفوظ بن مسور عن محمد بن المنكدر عن جابر قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكره . وقال :
"لم يروه عن ابن المنكدر إلا محفوظ ، تفرد به بقية" .
قلت : وبقية بن الوليد مشهور بالتدليس والرواية عن الضعفاء والمجهولين ؛ قال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 191) :
"دخلت حمص ، وأكثر همي شأن بقية ، فتتبعت حديثه ، وكتبت النسخ على الوجه ، وتتبعت ما لم أجد بعلو من رواية القدماء عنه ، فرأيته ثقة مأموناً ، ولكنه كان مدلساً ، سمع من عبيدالله بن عمر وشعبة ومالك أحاديث يسيرة مستقيمة ، ثم سمع عن أقوام كذابين ضعفاء متروكين عن عبيدالله بن عمر وشعبة ومالك ، مثل : المجاشع بن عمرو ، والسري بن عبدالحميد وعمر بن موسى التميمي وأشباههم ، وأقوام لا يعرفون إلا بالكنى ، فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم بالتدليس ما سمع من هؤلاء الضعفاء ؛ فكان يقول : قال عبيدالله بن عمر عن نافع ، و: قال مالك عن نافع كذا ، فحملوا : بقية عن عبيدالله وبقية عن مالك ، وأسقط الواهي بينهما ، فالتزق الموضوع ببقية ، وتخلص الواضع من الوسط" .
ثم ساق له أحاديث عدة من روايته عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ؛ وقال :
"كلها موضوعة" . وقال أحمد وابن معين وغيره :
"إذا حدث عن الثقات - مثل صفوان بن عمرو وغيره - ؛ فاقبلوه ، وأما إذا حدث عن أولئك المجهولين ؛ فلا" . وقال يعقوب :
"ثقة حسن الحديث إذا حدث عن المعروفين ، ويحدث عن قوم متروكي الحديث ، وعن الضعفاء ، ويحيد عن أسمائهم إلى كناهم ، وعن كناهم إلى أسمائهم" !
قلت : وشيخه في هذا الحديث - محفوظ بن مسور - ؛ لم أجد له ترجمة ، والظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين .
وأما قول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 149) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه محفوظ بن ميسور ، ذكره ابن أبي حاتم ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً" !
أقول : فلا أدري وجهه ! فإنه لم يذكر فيه في "من يسمى بمحفوظ" إلا رجلين ، ليس هذا أحدهما ، ولا ذكره أيضاً في "الأفراد" .
ثم إن الذي في "مجمع الزوائد" : "ابن ميسور" مخالف لما نقلته عن "مجمع البحرين" : "ابن مسور" ، وكلاهما للهيثمي . والله أعلم .
ومن هذا البيان ؛ تعلم ما في جزم الشيخ عبدالله الغماري نسبة الحديث إلى النبي صلي الله عليه وسلم من التلبيس على الناس ، والمخالفة لقوله صلي الله عليه وسلم : "من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين" . رواه مسلم وغيره ؛ فقد قال في رسالته "مصباح الزجاجة" (ص 42) :
"فقد ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ..." فذكره ، ونقل ما سبق نقله عن "مجمع الزوائد" ؛ وأقره على ذلك ، ولم يزد عليه ولا حرفاً واحداً !!
ثم رأيت الحديث في "التمهيد" لابن عبدالبر (1/ 152) من طريق أخرى عن بقية بن الوليد به .
وكذلك رواه ابن عساكر في "التاريخ" (7/ 142) .

(224/1)


5218 - ( إن لكل شيء شرفاً ، وإن أشرف المجالس ما استقل به القبلة ، ومن نظر في كتاب أخيه عن غيره أمره ؛ فكأنما ينظر في النار) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 362 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 98/ 1) ، والحاكم (4/ 270) من طريق هشام بن زياد أبي المقدام عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ من أجل أبي المقدام هذا .
وسكت عنه الحاكم ! فتعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : هشام متروك" . وكذا قال الحافظ في "التقريب" .
لكن الشطر الأول منه تابعه عليه مصادف بن زياد المديني ، رواه عنه محمد ابن معاوية - وأثنى عليه خيراً - قال سمعت محمد بن كعب به .
ولكن قال الذهبي عقب ما سبق :
"ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطني ؛ فبطل الحديث" .

(225/1)


5219 - ( ما من ميت يموت ، فيقرأ عنده سورة (يس) ؛ إلا هون الله عز وجل عليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 363 :
$موضوع$
أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (4/ 17) - عن أبي نعيم معلقاً ، وهذا في "أخبار أصبهان" (1/ 188) - ، والروياني في "مسنده" (1/ 13/ 1 - المنتقى منه) عن عبدالحميد بن أبي رواد عن مروان بن سالم عن صفوان ابن عمرو عن شريح عن أبي الدرداء وأبي ذر رفعه .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته مروان هذا ؛ قال الشيخان وأبو حاتم :
"منكر الحديث" . وقال أبو عروبة الحراني :
"يضع الحديث" . وقال الساجي :
"كذاب يضع الحديث" .
قلت : وقد خولف في إسناده ومتنه ؛ فقال الإمام أحمد (5/ 105) : حدثنا أبو المغيرة : حدثنا صفوان : حدثني المشيخة :
أنهم حضروا غضيف بن الحارث الثمالي حين اشتد سوقه ، فقال : هل منكم أحد يقرأ (يس) ؟ قال : فقرأها صالح بن شريح السكوني ، فلما بلغ أربعين منها قبض . قال : فكان المشيخة يقولون : إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها . قال صفوان : وقرأها عيسى بن المعتمر عند ابن معبد .
قلت : صفوان - وهو ابن عمرو السكسكي الحمصي - جل روايته عن التابعين ، فقوله : "حدثني المشيخة" يعني : مشيخة من التابعين ، فعليه ؛ فالحديث مقطوع موقوف عليهم ، رفعه ووصله ذلك الكذاب مروان ، فهذا هو علة هذا الإسناد . وأما قول الهيثمي (2/ 322) :
"رواه أحمد ، وفيه من لم يسم" !
فمن الواضح أنه لم يصنع شيئاً ؛ لأنه يعني بذلك : "المشيخة" ، وهم جماعة من التابعين ، فلو أنهم أسندوه ؛ لكان إسناداً حسناً عندي ، والله أعلم .

(226/1)


5220 - ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ؛ لأحب أن ينكسر فخذه ، ولا يمر بين يديه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 364 :
$منكر$
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 282) : حدثنا أبو أسامة عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر قال : سمعت عبدالحميد بن عبدالرحمن - عامل عمر بن عبدالعزيز - ؛ ومر رجل بين يديه وهو يصلي ، فجبذه حتى كاد يخرق ثيابه ؛ فلما انصرف قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين ؛ إلا أنه مرسل أو معضل ؛ فإن عبدالحميد بن عبدالرحمن - وهو ابن زيد الخطاب القرشي العدوي - ، وإن كان له رواية عن ابن عباس ، فالغالب عليه روايته عن التابعين ، فعلة الحديث الإرسال أو الإعضال .
ولفظه منكر ؛ فإن المحفوظ عن النبي صلي الله عليه وسلم إنما هو بلفظ :
"لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه ؛ لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه" .
وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (698) .

(227/1)


5221 - ( أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة ، فأتوهم وزوروهم ، والذي نفسي بيده ! لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 365 :
$ضعيف$
أخرجه الحاكم (2/ 248) ، وعنه البيهقي في "دلائل النبوة" (ق 78/ 1-2 - حلب) من طريق سليمان بن بلال عن عبدالأعلى بن عبدالله ابن أبي فروة عن قطن بن وهب عن عبيد بن عمير عن أبي هريرة رضي الله عنه :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم حين انصرف من أحد مر على مصعب بن عمير وهو مقتول - على طريقه - ، فوقف عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ودعا له ، ثم قرأ هذه الآية : (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً" ، ثم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : فذكره . وقال الحاكم :
"حديث صحيح على شرط الشيخين" ! ورده الذهبي بقوله :
"كذا قال ! وأنا أحسبه موضوعاً ، وقطن لم يرو له (خ) ، وعبدالأعلى لم يخرجا له" !
قلت : أما أنه موضوع فلا ! كيف وليس فيه ما يخالف الكتاب والسنة ؟! وكون الموتى لا يسمعون لا يلزم منه أن لا يسمع الله منهم من شاء ما شاء متى شاء ، كما أسمع أهل قليب بدر مناداة النبي صلي الله عليه وسلم إياهم بقوله : "هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً ؟" ، فقال عمر رضي الله عنه : إنك لتنادي أجساداً لا أرواح فيها ؟! فقال صلي الله عليه وسلم : "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" !
وأما سائر كلامه فمسلم ، ولكن ذلك لا يستلزم شيئاً من الضعف في الراويين المشار إليهما .
أما قطن ؛ فمع أن مسلماً قد أخرج له ؛ فقد قال فيه أبو حاتم :
"صالح الحديث" . وقال النسائي :
"ليس به بأس" . وذكره ابن حبان في "الثقات" . وقال الحافظ :
"صدوق" .
وأما عبدالأعلى بن عبدالله بن أبي فروة - وهو المدني ؛ مولى آل عثمان - ؛ فقد وثقه ابن معين ، وابن حبان . وقال الحافظ فيه :
"ثقة فقيه" .
نعم ؛ شيخ الحاكم فيه - أبو الحسين عبيدالله بن محمد القطيعي - ؛ لم أعرفه .
هذا ؛ وقد وهم فيه الهيثمي وهماً فاحشاً ؛ فإنه أورد الحديث في "مجمع الزوائد" (6/ 123) عن ابن عمر قال : مر رسول الله صلي الله عليه وسلم على مصعب بن عمير حين رجع من أحد ... الحديث نحوه . وقال :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه عبدالأعلى بن عبدالله بن أبي فروة ؛ وهو متروك" !
وقد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 108) من طريق الطبراني ؛ فقال : حدثنا سليمان بن أحمد : حدثنا عمر بن حفص السدوسي : حدثنا أبو بلال الأشعري : حدثنا يحيى بن العلاء عن عبدالأعلى بن عبدالله بن أبي فروة عن قطن بن وهب عن عبيد بن عمير قال : مر رسول الله صلي الله عليه وسلم ... الحديث .
فلما رأيت هذا ألقي في النفس أن الهيثمي أراد يقول : يحيى بن العلاء متروك ، فسبقه القلم ؛ فقال ما سبق . والله أعلم .
ثم إن هذا قد كشف لي عن خطأ آخر وقع في "المجمع" ؛ وهو جعله الحديث من مسند ابن عمر ، وإنما هو من رواية عبيد بن عمير مرسلاً - وهو الليثي - ، وهو تابعي ثقة .
وقد أخرجه أبو نعيم من طريق أخرى عن حاتم بن إسماعيل عن عبدالأعلى بإسناده عن عبيد بن عمير مرسلاً .
وأخرجه الحاكم (3/ 29) من طريق العطاف بن خالد المخزومي : حدثني عبدالأعلى بن عبدالله بن أبي فروة عن أبيه :
أن النبي صلي الله عليه وسلم زار قبور الشهداء بأحد ، فقال :
"اللهم ! إن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء ، وأنه من زارهم وسلم عليهم إلى يوم القيامة ؛ ردوا عليه" .
قال العطاف : وحدثتني خالتي :
أنها زارت قبور الشهداء ، قالت : وليس معي إلا غلامان يحفظان علي الدابة ، قالت : فسلمت عليهم ، فسمعت رد السلام ، قالوا : والله ! إنا نعرفكم كما يعرف بعضنا بعضاً . قالت : فاقشعررت ، فقلت : يا غلام ! أدن بغلتي ، فركبت . وقال :
"هذا إسناد مدني صحيح" !! ورده الذهبي بقوله :
"قلت : مرسل" .
قلت : والعطاف هذا صدوق يهم ؛ كما في "التقريب" .
وقد أشار البيهقي إلى إعلال الحديث ، فقال عقبه :
"كذا وجدته في كتابي عن أبي هريرة" .
ثم رواه من طريق حاتم بن إسماعيل عن عبدالأعلى بن عبدالله بن أبي فروة عن قطن بن وهب عن عبيد بن عمير عن أبي ذر قال : ... فذكره دون حديث الترجمة . وقال :
"ورواه قتيبة عن حاتم مرسلاً" .
وقال الحافظ ابن رجب في "أهوال القبور" (ق 83/ 2) - بعد ذكر حديث الترجمة - :
"ورواه عمر بن صهبان عن معاذ بن عبدالله عن وهب بن قطن عن عبيد بن عمير مرسلاً . ورواه يحيى بن العلاء عن عبدالأعلى بن أبي فروة عن قطن بن وهب عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم . أخرجه الطبراني . وذكر ابن عمر فيه وهم . وروي عن عبيد بن عمير عن أبي ذر ، ولعل المرسل أشبه .
وبالجملة ؛ فهو إسناد مضطرب ، ومتنه مختص بالشهداء ، وهذا أشبه من حديث بشر بن بكر" .
قلت : يعني : حديثه المتقدم برقم (4493) :

(228/1)


"ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا ، فسلم عليه ؛ إلا عرفه ورد عليه السلام" .

(228/2)


5222 - ( من دعا رجلاً بغير اسمه ؛ لعنته الملائكة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 369 :
$ضعيف$
أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (388) ، وابن قانع في "المعجم" من طريق بقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مريم عن حبيب بن عبيد عن عمير بن سعد قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو بكر بن أبي مريم ضعيف مختلط .
وبقية بن الوليد مدلس .
وقد روي الحديث من طريق أخرى موقوفاً ؛ فقال ابن المبارك في "الزهد" (683) : أخبرنا إسماعيل بن عياش قال :أخبرني أبو سلمة الحمصي عن العلاء ابن سفيان عن أبي مريم الغساني :
أن رجالاً خرجوا من الجند ينتضلون ؛ منهم سعيد بن عامر ، فبينما هم كذلك ؛ إذأصابهم الحر ، فوضع سعيد قلنسوته على رأسه - وكان رجلاً أصلع - ، فلما رمى سعيد صاح به الواصف في شيء ذكره من رميته : يا أصلع ! وهو لا يعرفه ، فقال له سعيد : إن كنت لغنياً عن أن تلعنك الملائكة . فقال رجل منهم : وعم تلعنه الملائكة ؟ قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف أيضاً ؛ وعلته أبو مريم الغساني ، وهو جد أبي بكر ابن أبي مريم الذي في الإسناد السابق ، وهو - وإن كان ذكروه في الصحابة - فلا يثبت ذلك ؛ لأنهم إنما ذكروه من رواية حفيده أبي بكر بن أبي مريم عن أبيه عن جده قال :
أتيت النبي صلي الله عليه وسلم ... فذكروا حديثاً في نزول سورة (مريم) .
فكما أن الحديث لا يثبت بروايته - أعني : الحفيد - فكذلك لا تثبت صحبة جده ؛ ما دام أنها لم ترد من غير طريقه .
على أن العلاء بن سفيان - الذي رواه عن أبي مريم - ليس معروف الحال ؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (3/ 1/ 356) ، وذكر أنه روى عنه أبو بكر بن أبي مريم أيضاً ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .

(229/1)


5223 - ( من ذكرت عنده فلم يصل علي ؛ فقد شقي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 370 :
$ضعيف$
أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (375) من طريق أبي زهير عبدالرحمن بن مغراء عن الفضل بن مبشر قال : سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول : ... فذكره مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ الفضل هذا قد اتفقوا على تضعيفه .
وأما ابن مغراء فمختلف فيه ، وقد مشاه غير واحد في غير روايته عن الأعمش .
وقد صح الحديث بلفظ آخر ؛ فانظره في "الصحيحة" (2337) .

(230/1)


5224 - ( من لم يوتر ؛ فلا صلاة له ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 370 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 13/ 1 - مجمع البحرين) : حدثنا علي بن سعيد : حدثنا عبدالله بن أبي رومان الإسكندراني : حدثنا عيسى بن واقد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
فبلغ ذلك عائشة ، فقالت : من سمع هذا من أبي القاسم صلي الله عليه وسلم ؟ والله ! ما بعد العهد ، وما نسيت ! إنما قال أبو القاسم صلي الله عليه وسلم :
"من جاء بالصلوات الخمس يوم القيامة ، قد حافظ على وضوئها ، ومواقيتها ، وركوعها ، وسجودها ، لم ينقص منها شيئاً ؛ جاء وله عند الله عهد ألا يعذبه ، ومن جاء قد انتقص منهن شيئاً ؛ فليس له عند الله عهد ؛ إن شاء رحمه ، وإن شاء عذبه" . وقال :
"لم يروه عن محمد إلا عيسى ، تفرد به عبدالله" .
قلت : وهو المعافري ؛ قال الذهبي :
"ضعفه غير واحد ، روى حديثاً كذباً" .
قلت : وأنا أظن أنه يشير إلى هذا الحديث ؛ فإنه ظاهر الكذب . وقال الحافظ ابن حجر :
"وهاه الدارقطني ، وقال ابن يونس : وهو ضعيف الحديث ، روى مناكير" .
قلت : وشيخه عيسى بن واقد ؛ لم أجد له ترجمة . وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 293) ؛ فقصر !
وقد روي الحديث بإسناد آخر عن أبي هريرة وعن بريدة بفلظ :
"من لم يوتر ؛ فليس منا" .
وهو ضعيف أيضاً ؛ ولكنه أحسن حالاً من حديث الترجمة ، وقد خرجته في "إرواء الغليل" (417) .

(231/1)


5225 - ( يسمعون ، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا يعني : الموتى إذا سلم عليهم ، ألا ترضى أن يرد عليك بعددهم من الملائكة ؟ ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 372 :
$منكر$
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 369) من طريق محمد بن الأشعث عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال :
قال أبو رزين : يا رسول الله ! إن طريقي على الموتى ، فهل من كلام أتكلم به إذا مررت عليهم ؟ قال : "قل : السلام عليكم يا أهل القبور من المسلمين والمؤمنين ! أنتم لنا سلف ، ونحن لكم تبع ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" . قال أبو رزين : يا رسول الله ! يسمعون ؟ قال : ... فذكره . وقال :
"محمد بن الأشعث مجهول في النسب والرواية ، وحديثه غير محفوظ ، ولا يعرف إلا بهذا الإسناد ، وأما "السلام عليكم ..." ؛ فيروى بغير هذا الإسناد من طريق صالح ، وسائر الحديث غير محفوظ" .
وأقره ابن رجب في "الأهوال" (ق 83/ 1) ، والذهبي في "الميزان" ، وابن حجر في "اللسان" .

(232/1)


5226 - ( الناس رجلان : عالم ومتعلم ، ولا خير فيما سواهما ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 372 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 79/ 1) ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 376) عن سليمان بن داود الشاذكوني : أخبرنا الربيع ابن بدر عن الأعمش عن أبي وائل عن عبدالله - يعني : ابن مسعود - رفعه إلى النبي صلي الله عليه وسلم .
قلت : وهذا إسناد موضوع ؛ آفته الشاذكوني ، كان يكذب في الحديث ؛ كما قال صالح بن محمد الحافظ . وقال البغوي :
"رماه الأئمة بالكذب" .
وشيخه - الربيع بن بدر - متروك . وبه أعله الهيثي ؛ فقصر ! قال (1/ 122) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" ؛ وفي سند "الأوسط" نهشل ابن سعيد ، وفي الآخر الربيع بن بدر ؛ وهما كذابان" !
قلت : ولذلك ؛ تعقبه المناوي بقوله :
"وأقول : في سند "الكبير" - أيضاً - سليمان بن داود الشاذكوني الحافظ ؛ قال الذهبي في "الضعفاء" : كذبه ابن معين ، وقال البخاري : "فيه نظر" . فتعصيب الهيثمي الجناية برأس الربيع وحده تعصب" .
قلت : وإطلاق الهيثمي على الربيع أنه كذاب ، والتسوية بينه وبين نهشل ليس بصواب ؛ لأنني لم أر أحداً أطلق عليه ذلك ، فتعصيب الجناية بتلميذه أولى ؛ كما لا يخفى .
ثم إن الحديث قد سبق تخريجه برقم (2427) وقد روي عن ابن عباس وغيره ، وهو مخرج في "الإرواء" (414) .

(233/1)


5227 - ( نهى أن يبال في الماء الجاري ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 373 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 33 - مصورة الجامعة الإسلامية) : حدثنا أحمد : حدثنا المتوكل بن محمد بن سورة : حدثنا الحارث بن عطية عن الأوزاعي عن أبي الزبير عن جابر قال : ... فذكره مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن الأوزاعي إلا الحارث" .
قلت : وهو مختلف فيه ، وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق يهم" .
لكن فوقه أبو الزبير ، وهو مدلس ، وقد عنعنه .
والمتوكل بن محمد بن سورة ؛ لم أجد له ترجمة ، ولعله في "ثقات ابن حبان" ؛ فقد قال الهيثمي في "المجمع" (1/ 204) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورجاله ثقات" !
وأما المنذري ؛ فقال في "الترغيب" (1/ 84) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، بإسناد جيد" !
كذا قال ! وقد كنت اعتمدت عليه في إيرادي إياه في "صحيح الجامع الصغير" (6690) ؛ بناءً على القاعدة التي جريت عليها فيه ، ونصصت عليها في "مقدمته" (1/ 8،21) ، والآن وقد وقفت على إسناده وانكشفت لي علته ، فليحذف منه ؛ وليطبع في "الضعيف" .
ثم انكشفت لي العلة الحقيقية ، وهي المخالفة في المتن ؛ فقد رواه الليث بن سعد عن أبي الزبير به ؛ إلا أنه قال :
"الراكد" بدل : "الجاري" .
أخرجه مسلم (1/ 162) ، والنسائي (1/ 15) ، وابن حبان (343) ، وأبو عوانة في "صحيحه" (1/ 216) ، وأحمد (3/ 350) . وترجم له أبو عوانة بقوله :
"بيان حظر البول في الماء الراكد ، والدليل على إباحة البول في الماء الجاري" .
وتابعه ابن لهيعة : حدثنا أبو الزبير به .
أخرجه أحمد (3/ 341) .
قلت : فاتفاق الليث وابن لهيعة على روايته بلفظ : "الراكد" ؛ دليل على نكارة لفظ حديث الترجمة ؛ كما تقتضيه قواعد علم مصطلح الحديث .
ثم رأيت في "ثقات ابن حبان" (9/ 198) ما يأتي :
"متوكل بن محمد بن أبي سورة : من أهل المصيصة ؛ يروي عن الأوزاعي . روى عنه يمان بن سعيد اليحصبي وأهل الثغر ، وليس هذا بمتوكل بن أبي السورة صاحب الحارث بن عطية" !!
قلت : فمن هو ؟! لا أردي ، ولعل غيري كذلك لا يدري !
ولم يتنبه المناوي لعلة الحديث التي سبق بيانها ، فاغتر بتجويد المنذري لإسناده ،و توثيق الهيثمي لرجاله ؛ فقال في "التيسير" (1/ 476) :
"وإسناده جيد" !
وقلده في ذلك الغماري - على عادته - في "كنزه" ، فأورده فيه (4195) ، وعلق عليه بقوله :
"للاستقذار لا للتنجيس" !!
فأقول : أثبت العرش ثم انقش !
(تنبيه) : مما يؤخذ على السيد سابق في كتابه النافع "فقه السنة" ؛ كثرة الأحاديث الضعيفة فيه ، وفقدان الدقة العلمية في تخريجها ، كما تراه مفصلاً في كتابي "تمام المنة" ؛ كهذا الحديث ، فقد أورده فيه تحت المقطع (9) من "قضاء الحاجة" ؛ موهماً القراء صحته بقوله :
"قال في "مجمع الزوائد" : رواه الطبراني ، ورجاله ثقات" !
قلت : فاحتصر من كلام "المجمع" قوله : "في الأوسط" ! وهذا اختصار مخل ؛ لأن إطلاق العزو للطبراني يعني : أنه في "معجمه الكبير" ، وكذلك علق عليه بعض طلبة هذا العلم بقوله : "لم أجده في (المعجم الكبير)" ! وصدق فإنه في "الأوسط" ؛ كما تقدم !

(234/1)


5228 - ( نهى أن يشق التمر عما فيه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 376 :
$منكر$
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 191/ 1) عن قيس بن الربيع عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر أنه قال : فذكره مرفوعاً .
ثم أخرجه من طريق داود بن الزبرقان عن عمه أبي حفص الكندي عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر به .
قلت : والإسناد الأول ضعيف ؛ قيس بن الربيع ؛ قال الحافظ :
"صدوق تغير لما كبر ، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه ، فحدث به" .
والآخر ضعيف جداً ؛ فإن داود بن الزبرقان ؛ قال الحافظ :
"متروك ، وكذبه الأزدي" .
وقد أشار البيهقي إلى تضعيف الحديث بأن روى بسنده عن إسحاق بن عبدالله ابن أبي طلحة (زاد في رواية : عن أنس) قال :
أتي النبي صلي الله عليه وسلم بتمر عتيق ، فجعل يفتشه ، يخرج السوس منه . ثم قال عقبه :
"وهذا - مع إرساله - أصح من حديث قيس بن الربيع وداود بن الزبرقان ؛ فإن صح ؛ فالمراد بالأول ما يكون جديداً" .

(235/1)


5229 - ( نهى عن إجابة طعام الفاسقين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 377 :
$ضعيف جداً$
أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 180/ 2-181/ 1) : أخبرنا أبو عبدالرحمن السلمي : أنبأنا محمد بن عبدالله بن المطلب الشيباني - بـ (الكوفة) - : حدثنا عبدالله بن سعد بن يحيى القاضي : حدثنا محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة : حدثنا الفضيل بن عياض : حدثنا هشام بن حسان عن الحسن عن عمران ابن حصين قال : ... فذكره مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، وفيه علل :
الأولى : عنعنة الحسن البصري ؛ فإنه مدلس ؛ مع أنهم اختلفوا في ثبوت سماعه من عمران .
الثانية : ابن أبي سكينة هذا ؛ لم أجد له ترجمة .
الثالثة : أبو عبدالرحمن السلمي ؛ متهم بوضع أحاديث الصوفية . وبه أعله المناوي ، فقال :
"كان يضع الحديث" .
وقال الهيثمي في "المجمع" (4/ 54) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" ، وفيه أبو مروان الواسطي ، ولم أجد من ترجمه" .
قلت : هو يحيى بن أبي زكريا الغساني ، أورده ابن حبان في "المجروحين" (3/ 126) وقال :
"كنيته أبو مروان ؛ يروي عن هشام بن عروة ، كان ممن يروي عن الثقات المقلوبات ، حتى إذا سمعها من الحديث صناعته ؛ لم يشك أنها مقلوبة ، لا يجوز الرواية عنه ؛ لما أكثر من مخالفة الثقات فيما يروي عن الثقات" .
وله ترجمة في "التهذيب" ، وذكر فيه أن من شيوخه هشام بن حسان ، ومن الرواة عنه أيوب بن أبي هند .
ومن طريقه : أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 168/ 376) من رواية عبدالرحيم بن مطرف أبي سفيان السروجي : حدثنا أيوب بن أبي هند : حدثنا [أبو] مروان الواسطي عن هشام بن حسان به .
ومن هذا الوجه : أخرجه في "الأوسط" أيضاً (1/ 133/ 1) و (رقم 436 - مصورتي) ، وقال :
"لا يروى عن عمران إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وأيوب هذا ؛ قال الذهبي في "الميزان" :
"لا يدرى من هو ؟!" .
وذكره ابن حبان في "الثقات" على قاعدته ! وقال أبو حاتم :
"لا أعرفه" . وكذا نقل الأزدي عن ابن معين . وقال الأزدي :
"ضعيف لا يحتج به" .

(236/1)


5230 - ( نهى عن أكل الطعام الحار حتى يسكن ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 379 :
$ضعيف جداً$
أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 194/ 1) : أخبرنا أبو عبدالرحمن السلمي : أنبأنا عبدالله بن محمد بن علي : حدثنا علي بن سعيد العسكري : حدثنا العباس بن أبي طالب : حدثنا أبو المسيب سلم بن سلام الواسطي عن إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن صهيب قال : ... فذكره مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، وفيه علل :
الأولى : أبو بكر بن أبي مريم ؛ ضعيف مختلط .
الثانية : سلم بن سلام ؛ روى عنه جماعة ولم يوثقه أحد ؛ فهو مستور .
الثالثة : أبو عبدالرحمن السلمي ؛ متهم ؛ كما سبق آنفاً .
لكن أخرجه البيهقي أيضاً من طريق يحيى بن أيوب عن الحسن بن هانىء الحضرمي عن عبدالواحد بن معاوية بن حديج :
أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن الطعام الحار حتى يبرد .
لكنه إسناد معضل مظلم ؛ فإن الحسن بن هانىء الحضرمي ؛ أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 40) برواية يحيى هذا عنه عن عبدالواحد ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وما عبدالواحد بن معاوية ؛ فلم يذكره هو ولا غيره فيما اطلعت . والله أعلم .

(237/1)


5231 - ( نهى عن الصلاة في الحمام ، وعن السلام على بادي العورة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 380 :
$موضوع$
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 23) عن إبراهيم بن هدبة قال : حدثني أنس قال : ... فذكره مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته إبراهيم هذا ؛ قال العقيلي :
"يرمى بالكذب" . وقال ابن معين :
"كذاب خبيث" . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 114-115) :
"دجال من الدجاجلة ، وكان رقاصاً بالبصرة ، يدعى إلى الأعراس فيرقص فيها ، فلما كبر جعل يروي عن أنس ، ويضع عليه ، فلا يحل لمسلم أن يكتب حديثه ، ولا يذكره ؛ إلا على وجه التعجب" .
قلت : ومع هذا كله ؛ أورد السيوطي حديثه هذا في "الجامع الصغير" مع زعمه أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع ! وبيض له المناوي ، فلم يتكلم عليه بشيء ، فكأنه لم يقف على إسناده !

(238/1)


5232 - ( نهى عن العب نفساً واحداً ؛ وقال : ذلك شرب الشيطان ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 381 :
$ضعيف$
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 206/ 1) عن ابن وهب : أخبرني ابن لهيعة والليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب مرفوعاً . وقال :
"هذا مرسل" .
قلت : أو معضل ؛ فإن الزهري أكثر حديثه عن التابعين ، ورجاله ثقات .
ثم أخرجه البيهقي من طريق عبدالرزاق - وهذا في "المصنف" (10/ 426/ 19585) - عن معمر عن خالد الحذاء عن عكرمة قال :
لا تشربوا نفساً واحداً ؛ فإنه شراب الشيطان .
وهذا إسناد صحيح ؛ ولكنه مقطوع .

(239/1)


5233 - ( نهى عن فتح التمرة ، وقشر الرطبة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 381 :
$ضعيف جداً$
قال عبدان في "تاريخ الصحابة" : حدثنا محمد بن حسين - ولقبه بنان ؛ بغدادي - : أخبرنا محمد بن عمرو بن جبلة : أخبرنا محمد بن خالد المخزومي : أخبرنا خالد بن عبدالرحمن عن إسحاق صاحب النبي صلي الله عليه وسلم ... فذكره مرفوعاً . كذا في "أسد الغابة" (1/ 68) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، مع انقطاع فيه ، وله علل :
الأولى : إسحاق هذا ؛ لا يعرف إلا بهذا الإسناد غير منسوب ، وقد قال الحافظ في "الإصابة" :
"في إسناد ضعف وانقطاع ، أخرجه أبو موسى" .
الثانية : خالد بن عبدالرحمن ؛ الظاهر أنه خالد بن عبدالرحمن بن خالد ابن سلمة المخزومي المكي ، روى عن سفيان الثوري وطبقته ؛ قال البخاري ، وأبو حاتم :
"ذاهب الحديث" . زاد أبو حاتم :
"تركوا حديثه" . وقال البخاري :
"رماه عمرو بن علي بالوضع" .
الثالثة : محمد بن خالد المخزومي ؛ قال الذهبي :
"عن سفيان الثوري ، قال ابن الجوزي : مجروح" .
قلت : ولعله أخو شيخه خالد بن عبدالرحمن ، فقد عرفت أنه مخزومي أيضاً ، وأنه شاركه في الرواية عن الثوري .
الرابعة : محمد بن حسين ؛ أورده الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/ 224) من رواية خالد بن محمد المؤدب البصري عنه ، وذكر أنه جار ابن إشكاب ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ولا وفاة .

(240/1)


5234 - ( أو ليس الدهر كله غداً ؟ ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 382 :
$ضعيف$
أورده أبو موسى في "الصحابة" من طريق أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عوف بن سراقة عن أخيه قال :
قلت لرسول الله صلي الله عليه وسلم وهو متوجه إلى أحد : إنه قيل لي : إنك تقتل غداً ؟ فقال : ... فذكره . كذا في "الإصابة" في ترجمة (جعال بن سراقة الضمري) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أسامة بن زيد هذا ضعيف ؛ كما في "التقريب" وغيره .
والحديث ؛ عزاه السيوطي في "الجامع" لابن قانع عن ابن سراقة بزيادة :
"ويحك ..." في أوله ، وسكت عنه المناوي !

(241/1)


5235 - ( ويل لأمتي من علماء السوء ، يتخذون هذا العلم تجارة يتبعونها من أمراء زمانهم ربحاً لأنفسهم ، لا أربح الله تجارتهم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 383 :
$ضعيف$
أخرجه الديلمي (4/ 134) عن الحاكم معلقاً : حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد العدل : حدثنا أبو الفضل صالح بن نوح : حدثنا أحمد بن حفص بن عبدالله : حدثني أبي : حدثني إبراهيم بن طهمان : حدثنا الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن أنس رفعه .
قلت : وهذا سند ضعيف ؛ صالح بن نوح لم أعرفه .
وأحمد بن محمد بن أحمد العدل ؛ الظاهر أنه ابن بالويه ، أبو أحمد البالوب النيسابوري ، روى عنه الحاكم ؛ وقال :
"تغير بآخره ، وهو صدوق" .
قلت : فهو علة الحديث ، أو شيخه .
وأما المناوي ؛ فقد أبعد النجعة حين أعله بقوله :
"وفيه إبراهيم بن طهمان ؛ مختلف فيه ، وحجاج بن حجاج ؛ مجهول" !
قلت : لقد توهم المناوي أن الحجاج هذا هو ابن الحجاج الأسلمي ؛ شيخ لشعبة ، فهو الذي قال فيه الذهبي في "الضعفاء" :
"مجهول" .
ولكنه ليس به ؛ وإنما هو حجاج بن حجاج الباهلي الأحول ، من رجال مسلم ؛ قال الذهبي في "الميزان" :
"ثقة ، يروي عنه إبراهيم بن طهمان" .
وأما إبراهيم بن طهمان ؛ فهو من رجال الشيخين ، وقد قال فيه الحافظ في "التقريب" :
"ثقة ، يغرب" .
قلت : فمثله لا يعل به الحديث ؛ إلا إذا ضاقت السبل ، ولم يعثر على علة في إسناده ، وهو منكر كهذا ، فحينئذ يمكن العروج عليه والإعلال به . أما والطريق إليه غير سالمة من العلة كما ذكرنا ؛ فلا وجه لإعلال الحديث به . فتأمل !

(242/1)


5236 - ( ويل للوالي من الرعية ؛ إلا والياً يحوطهم من ورائهم بالنصيحة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 384 :
$ضعيف$
أخرجه الروياني في "مسنده" (ق 165/ 2) عن علي بن عابس : حدثني شيخ ؛ يقال له : أبو بكر - ؛ قال : كان يجالسنا عند عبدالملك بن أبي سليمان - : أخبرنا الحسن قال :
دخل عبيدالله بن زياد على عبدالله بن مغفل قال : حدثني بشيء سمعته من رسول الله صلي الله عليه وسلم ، ولا تحدثني بشيء سمعته من غيره ؛ وإن كان ثقة في نفسك ، فقال : لولا أني سمعته غير مرة ما حدثتك ، سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علي بن عابس متفق على ضعفه ، بل قال ابن حبان (2/ 104-105) :
"كان ممن فحش خطؤه ، وكثر وهمه فيما يرويه ؛ فبطل الاحتجاج به" .
وشيخه أبو بكر لم أعرفه .
والحسن - وهو البصري - مدلس ، وقد ذكره بصيغة التدليس .
ولعل أصل الحديث : ما روى وهب بن كيسان عن ابن مغفل صاحب النبي صلي الله عليه وسلم أنه أنكر من بعض أهل العراق شيئاً - قال : حسبت أنه قال : من سمرة - فأتاه ، فدخل عليه ، فقال : إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"أيما إمام بات غاشاً لرعيته ؛ حرم الله عليه الجنة ، وأدخله النار" .
قال : وهل كنت إلا من حثالة أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟! قال : وهل كان فيهم حثالة ؟! ألم يكونوا شرفاً ومكرمة وخيار من كان معه ؟
أخرجه الروياني (ق 166/ 1) عن محمد بن عجلان عن وهب بن كيسان به .
قلت : وهذا إسناد جيد . وقال المنذري (3/ 141) :
"رواه الطبراني بإسناد حسن" .
وقد صح نحوه من حديث معقل بن يسار ؛ فانظر "الصحيحة" (2631) .
ويأتي له شاهد تحت الحديث الآتي برقم (5642) .

(243/1)


5237 - ( لا تأكلوا البصل النيء ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 386 :
$ضعيف$
أخرجه ابن ماجه (3366) عن عبدالله بن وهب : أخبرني ابن لهيعة عن عثمان بن نعيم عن المغيرة بن نهيك عن دخين الحجري أنه سمع عقبة ابن عامر الجهني يقول : إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لأصحابه : "لا تأكلوا البصل" ، ثم قال كلمة خفية : "النيء" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ عثمان والمغيرة مجهولان ؛ كما قال الحافظ في "التقريب" .
وأما قول البوصيري في "الزوائد" (ق 227/ 1) :
"هذا إسناد ضعيف ؛ لضعف ابن لهيعة" !
فهو ضعيف ، وإن تبعه المناوي ؛ فإنه من رواية عبدالله بن وهب عنه كما رأيت ، وحديثه عنه صحيح ؛ كما نبه على ذلك غير ما واحد من الحفاظ .

(244/1)


5238 - ( ليستغن أحدكم بغنى الله ؛ قالوا : يا رسول الله ! وما غنى الله ؟ قال : غداء يومه ، وعشاء ليلته ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 386 :
$ضعيف$
أخرجه المروزي في "زيادات الزهد" (1167) : أخبرنا أبو النضر عمرو بن حمران قال : حدثنا هشام عن واصل مولى أبي عيينة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لإعضاله ؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ؛ غير عمرو بن حمران ، وهو صالح الحديث ؛ كما قال أبو حاتم .
وهشام : هو ابن حسان ، وهو من أقران واصل مولى أبي عيينة ، وهذا لم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة ، وإنما عن أبي الزبير المكي ونحوه من التابعين ، ولذلك ؛ جعله الحافظ في "التقريب" من الطبقة السادسة ، الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة ، وعليه ؛ فحديثه معضل ؛ كما ذكرنا . فقول السيوطي :
"رواه ابن المبارك عن واصل مرسلاً" ! ليس كما ينبغي .
على أن عزوه إياه لابن المبارك خطأ ظاهر ؛ فإنما رواه المروزي في "زوائده" ؛ كما سبق .
وكأن المناوي لم يقف على إسناده فيه ؛ فإنه لم يعلق على قول السيوطي هذا بشيء ، اللهم إلا قوله :
"واصل في التابعين أسدي ، ورقاشي ، وبصري ، ومهلبي ، وغيرهم ، فتمييزه كان أولى" !
قلت : إنما هو المهلبي منهم ؛ فإنه واصل مولى أبي عيينة ؛ كما صرحت بذلك الرواية نفسها .
ثم إن سائر المذكورين كلهم من الطبقة السادسة أيضاً ؛ دون البصري - واسمه واصل بن عبدالرحمن أبو حرة - ؛ فإنه من كبار الطبقة السابعة ، والأسدي - واسمه واصل بن عبدالأعلى - ؛ فإنه من العاشرة ، فجعله إياهم من التابعين لا يخفى ما فيه .

(245/1)


5239 - ( ليس منا من انتهب ، أو سلب ، أو أشار بالسلب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 388 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني [12/ 84/ 12612] ، والحاكم (2/ 135) ، والضياء في "المختارة" (58/ 193/ 2) عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً . وقال الحاكم :
"حديث صحيح" ! وأقره الذهبي على ما في النسخة المطبوعة !
وأما المناوي ؛ فقد حكى عنه أنه تعقبه بقوله :
"قابوس لين" .
قلت : وهذا هو الصواب اللائق بما قيل في قابوس . ثم قال المناوي :
"وقال الهيثمي : فيه - عند الطبراني - قابوس ، وهو ضعيف . وقال في موضع آخر : فيه أبو الصباح عبدالغفور ، متروك . ا هـ ؛ وكأنهما روايتان" .

(246/1)


5240 - ( ما من مولود إلا وقد ذر عليه من تراب حفرته ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 388 :
$باطل$
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 280) : حدثنا القاضي محمد ابن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي قال : حدثنا محمد بن نعيم قال : حدثنا أبو عاصم : قال حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً .
قال أبو عاصم : ما نجد لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فضيلة مثل هذه ؛ لأن طينتهما من طينة رسول الله صلي الله عليه وسلم . وقال أبو نعيم :
"هذا حديث غريب من حديث ابن عون عن محمد ، لم نكتبه إلا من حديث أبي عاصم النبيل عنه ، وهو أحد الثقات الأعلام من أهل البصرة" !
قلت : نعم ، ولكن يبقى النظر فيمن دونه :
فمحمد بن نعيم لم أعرفه .
وأما الأهوازي ؛ فقد أورده الذهبي في "الميزان" ؛ وقال :
"لقبه سكرة ، قال أبو بكر بن عبدان الشيرازي : أقر بالوضع" .
فالإسناد ساقط بمرة .
وقد روي من حديث ابن مسعود بلفظ :
"ما من مولود إلا وفي سرته من تربته التي ولد منها ، فإذا رد إلى أرذل العمر ؛ رد إلى تربته التي خلق منها حتى يدفن فيها ، وإني وأبا بكر وعمر خلقنا من تربة واحدة ، وفيها ندفن" .
أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 313 و 13/ 40-41) من طريق محمد بن عبدالرحمن البغدادي : حدثنا موسى بن سهل أبو هارون الرازي : حدثنا إسحاق بن الأزرق : حدثنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق الشيباني عن أبي الأحوص الجشمي عن عبدالله بن مسعود به .
أورده في الموضع الأول في ترجمة محمد بن عبدالرحمن البغدادي ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وقال عقب الحديث :
"غريب من حديث الثوري عن الشيباني ، لا أعلم يروى إلا من هذا الوجه ، وقيل : إن محمد بن مهاجر المعروف بأخي حنيف رواه عن إسحاق بن الأزرق" .
وأورده في الموضع الآخر في ترجمة موسى بن سهل ، ولم يذكر فيه أيضاً جرحاً ولا تعديلاً . لكن أورده الذهبي في "الميزان" ؛ وقال :
"... عن إسحاق الأزرق بخبر باطل" ، ثم ساق هذا ؛ ثم قال :
"رواه عنه نكرة مثله" .
وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 328) من طريق أخرى عن أحمد بن سعيد الإخميمي قال : حدثنا محمد بن زكريا النيسابوري قال : حدثنا أحمد بن صالح قال : حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي اليسع عن أبي الأحوص عن عبدالله بن مسعود به . وقال :
"لا يصح ؛ محمد وأحمد مطعون فيهما ، وفيه مجاهيل ؛ منهم أبو اليسع" .
قال السيوطي عقبه في "اللآلي" (1/ 160) :
"قلت : أخرجه ابن عساكر من هذا الطريق فقال ... حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص . ولم أر لمحمد ذكراً في "الميزان" ؛ ولا في "اللسان" ، وورد من طريق آخر ، أخرجه الخطيب ..." ، ثم ساقه كما تقدم ، وقال :
"وقد أورد المؤلف هذا الطريق في "العلل" ، وقد قال الدارقطني : موسى بن سهل ضعيف" .
ثم ساقه من طريق ابن عساكر أيضاً من طريق أبي عبدالله بن باكويه الشيرازي في "جزئه" بسنده عن أحمد بن الحسن بن أبان المصري : حدثنا الضحاك بن مخلد بإسناده المتقدم عن أبي هريرة به .
وسكت عنه هو ، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 373) !
وليس بصواب ؛ فإن ابن أبان هذا كذاب دجال من الدجاجلة ، يضع الحديث على الثقات وضعاً ؛ كما قال ابن حبان (1/ 149-150) . وقال الدارقطني :
"حدثونا عنه ، وهو كذاب" .
ومن طريقه : أخرجه الصابوني في "المئتين" ، وقال :
"حديث غريب" .
وبالجملة ؛ فالحديث باطل من جميع طرقه .
وأما الشواهد التي ذكرها له السيوطي ؛ فهي مع كونها شواهد قاصرة ؛ فهي ما بين موقوف ومقطوع ، وخيرها حديث ابن عمر مرفوعاً :
"دفن بالطينة التي خلق منها" .
فهذا القدر ثابت ؛ لأن له شواهد مرفوعة ، يرتقي بها إلى مرتبة الحسن ، ولذلك ؛ خرجته في "الصحيحة" (1858) .

(247/1)


5241 - ( لا تدعوا الركعتين اللتين قبل صلاة الفجر ؛ فإن فيهما الرغائب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 391 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 203/ 2-204/ 1) ، وابن ثرثال في "سداسياته" (ق 225/ 1) عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ ليث بن أبي سليم ضعيف مختلط .
وأعله الهيثمي بغيره ؛ فقال (2/ 217-218) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه عبدالرحيم بن يحيى ، وهو ضعيف . وروى أحمد منه : "وركعتي الفجر حافظوا عليهما ؛ فإن فيهما الرغائب" . وفيه رجل لم يسم" !
فأقول : عبدالرحيم هذا ليس في طريق ابن ثرثال ، فإعلاله بالليث أولى ؛ كما فعلنا .
وله طريق أخرى ؛ أخرجه الإمام أحمد (2/ 82) من طريق أيوب بن سليمان - وجل من أهل صنعاء - عن ابن عمر مرفوعاً في حديث طويل بلفظ :
"وركعتا الفجر حافظوا عليهما ؛ فإنهما من الفضائل" .
وأيوب هذا ؛ قال فيه الحافظ في "التعجيل" :
"فيه جهالة" .
وتساهل الشيخ أحمد شاكر في "تعليقه على المسند" (7/ 292) ، فصحح حديثه هذا ؛ وعلل ذلك بقوله :
"وإنما صححت حديثه بأنه تابعي مستور ، لم يذكر بجرح ، فحديثه حسن على الأقل ، ثم لم يأت فيه شيء منكر انفرد به ؛ كما سيأتي ، فيكون حديثه هذا صحيحاً" !!
ثم أطال النفس في ذكر الشواهد لحديثه هذا الطويل وتخريجها ، ولكنه بالنسبة لهذه الفقرة الخاصة بالركعتين لم يذكر لها شاهداً إلا حديث الترجمة ، ونقل كلام الهيثمي المتقدم في إعلاله بعبدالرحيم بن يحيى ، وخفي عليه - تبعاً للهيثمي - أن فوقه الليث المختلط .
ولكنه تعقبه في قوله : "وفيه رجل لم يسم" ، وحقق أنه هو أيوب بن سليمان الصنعاني ؛ كما وقع في "المسند" على ما سبق ، ولكنه تحقيق لا طائل تحته ، فسواء سمي أو لم يسم ؛ فهو مجهول العين .
ثم من أين له أنه تابعي ؟! فقد يكون تابع تابعي ! وكونه هو روى عن ابن عمر لا تثبت تابعيته بذلك ؛ ما دام مجهولاً لا يحتج به . فتأمل !

(248/1)


5242 - ( من شرب الخمر سخط الله عليه أربعين صباحاً ، فإن عاد فمثل ذلك ، وما يدريه لعل منيته تكون في تلك الليالي ، فإن عاد سخط الله عليه أربعين صباحاً ، وما يدريه لعل منيته تكون في تلك الليالي ، فإن عاد سخط الله عليه أربعين صباحاً ؛ فهذه عشرون ومئة ليلة ، فإن عاد ؛ فهو في ردغة الخبال يوم القيامة . قيل : وما ردغة الخبال ؟ قال : عرق أهل النار وصديدهم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 393 :
$ضعيف$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ص 308) عن أبي همام : أخبرنا إسماعيل بن عياش عن ثعلبة بن مسلم عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ؛ غير ثعلبة بن مسلم - وهو الخثعمي الشامي - ؛ أورده الذهبي في "الميزان" ، فقال :
"عن أبي بن كعب ، وعنه إسماعيل بن عياش بخبر منكر" .
قلت : ولعله يعني هذا ، وقوله : "عن أبي بن كعب" مستغرب جداً ، وما رأيت أحداً سواه ذكره ، وهو يستلزم أن يكون تابعياً ، وهو بعيد جداً ؛ كما يتبين من شيوخه في "التهذيب" ! وقال في "التقريب" :
"مستور ، من الخامسة" . والله أعلم .
وبالجملة ؛ فهو علة هذا الحديث .
وأبو همام ؛ لم يتبين لي من هو بعد مراجعة "الكنى" للدولابي ، وهذا الباب نفسه من "التهذيب" ، و "اللسان" .
ولعله من الذين أشار إليهم المنذري بقوله في "الترغيب" (3/ 189) :
"رواه الأصبهاني ، وفيه إسماعيل بن عياش ، ومن لا يحضرني حاله" !
قلت : إسماعيل شامي ، وهو ثقة في روايته عن الشاميين ، وهذه منها .
فالعلة من شيخه ثعلبة ، أو من أبي همام هذا . والله أعلم .

(249/1)


5243 - ( من فارق الدنيا وهو سكران ؛ دخل القبر سكران ، وبعث من قبره سكران ، وأمر به إلى النار سكران إلى جبل يقال له : سكران ؛ فيه عين يجري منه القيح والدم ؛ هو طعامهم وشرابهم ما دامت السماوات والأرض ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 394 :
$موضوع$
أخرجه ابن عدي (71/ 1) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ص 309) من طريق أبي هدبة عن الأشعث الحراني عن أنس مرفوعاً . وقال ابن عدي - وقد ذكر لأبي هدبة غير هذا الحديث أيضاً - :
"وهذه الأحاديث مع غيرها [مما رواه ابن عدي] كلها بواطيل ، وهو متروك الحديث ، بين الأمر في الضعف جداً" .
قلت : واسمه إبراهيم بن هدبة ، وهو دجال من الدجاجلة ؛ كما تقدم أكثر من مرة ، فأستغرب من الحافظ المنذري إيراده لحديثه هذا في "الترغيب" (3/ 189) وإن قال :
"رواه الأصبهاني - وأظنه في "مسند أبي يعلى" أيضاً مختصراً - ؛ وفيه نكارة" !
فإن قوله : "وفيه نكارة" ؛ دون ما يستحقه من الحكم عليه بالبطلان ؛ كما فعل ابن عدي .

(250/1)


5244 - ( من أقر بعين مؤمن ؛ أقر الله بعينه يوم القيامة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 395 :
$ضعيف$
أخرجه عبدالله بن المبارك في "الزهد" (685) : أخبرنا يحيى ابن عبدالله عن عبيدالله بن زحر عن بعض أصحابه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مرسل مظلم ؛ مسلسل بالعلل :
الأولى : جهالة صاحب ابن زحر ، وأحسن أحواله أن يكون تابعياً ؛ فهو مرسل ، ويحتمل أن يكون من طبقته ، فيكون معضلاً .
الثانية : ابن زحر - نفسه - ضعيف .
الثالثة : يحيى بن عبدالله ، هكذا وقع غير منسوب ، ولابن المبارك شيخان بهذا الاسم :
أحدهما : البخاري ، ترجمه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 188-189) ، وابن أبي حاتم (4/ 2/ 162) برواية ابن المبارك فقط عنه ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
والآخر : الكندي الأجلح أبو حجية ، ترجمه ابن أبي حاتم أيضاً (4/ 2/ 163) وذكر أنه روى عنه الثوري أيضاً ، وقد روى عنه جمع آخر ، وهو مترجم في "التهذيب" باسم : "الأجلح" - وهو لقبه - ، وهو مختلف فيه . وفي "التقريب" أنه صدوق .

(251/1)


5245 - ( إن الله بعث حبيبي جبريل عليه السلام إلى إبراهيم ، فقال له : يا إبراهيم ! إني لم أتخذك خليلاً على أنك أعبد عبادي ، ولكني اطلعت على قلوب الآدميين ، فلم أجد أسخى من قلبك ، فلذلك ؛ اتخذتك خليلاً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 396 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (2/ 171/ 1) عن عبدالملك بن عبدالملك الصائغ عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً على إرساله ؛ فإن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف جداً ، وهو صاحب حديث توسل آدم بالنبي صلي الله عليه وسلم ، وقد تقدم (25) .
وعبدالملك بن عبدالملك ؛ قال البخاري :
"في حديثه نظر" . وقال البزار :
"ليس بمعروف" .
والحديث ؛ عزاه المنذري في "الترغيب" (3/ 249) لأبي الشيخ في "الثواب" ، والطبراني ، وأشار إلى ضعفه .
ولكني لم أره عند الطبراني ، ولا عزاه إليه السيوطي ، وقد أورده في "الجامع الكبير" (1/ 142/ 2) من رواية أبي الشيخ وحده ، وقد ذكره هو والمنذري من حديث عمر ، فلعله سقط من نسخة "التاريخ" اسم عمر ، ولم أره في "مجمع الزوائد" بعد مزيد البحث عنه ؛ كما أشرت إليه في التعليق على "الترغيب" .

(252/1)


5246 - ( للنار باب يدخل منه إلا من شفى غيظه بسخط الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 397 :
$ضعيف جداً$
أخرجه البزار (2/ 439/ 2055) ، والعقيلي في "الضعفاء" (1/ 83) من طريق قدامة بن محمد بن قدامة : حدثنا إسماعيل بن شيبة - وقال العقيلي : شبيب - الطائفي : حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً . وقال العقيلي في ترجمة إسماعيل هذا :
"أحاديثه مناكير ، ليس فيها شيء محفوظ" . وقال ابن عدي في "الكامل" (1/ 313) :
"لا أعلم له رواية عن غير ابن جريج ، وأحاديثه عن ابن جريج فيها نظر" .
وذكره النسائي في "الضعفاء" ، وقال (284 - هندية) :
"يروي عن ابن جريج ، منكر الحديث ، روى عنه قدامة بن محمد" .
ومن غرائب ابن حبان أنه أورده في "الثقات" ، وقال (8/ 93) :
"روى قدامة بن محمد الخشرمي عنه ، يتقى حديثه من رواية قدامة عنه" !
وذكر قدامة هذا في "الضعفاء والمجروحين" (2/ 219) ، وقال :
"لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد" !
قلت : فكان الأولى به - إذ وثق إسماعيل هذا - أن يذكره برواية ثقة عنه ، لا برواية هذا الضعيف عنده ! مع أنه قد مشاه غيره ؛ كما قال الذهبي ، وقال فيه الحافظ :
"صدوق يخطىء" .
فالعلة من شيخه إسماعيل ، وقد قال فيه الذهبي :
"واه" .
والحديث ؛ عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" للحكيم الترمذي ! فتعقبه المناوي بقوله :
"ظاهر صنيع المصنف أن الحكيم أسنده على عادة المحدثين ، وليس كذلك ، بل قال : "روي عن ابن عباس" ، فكما أن المصنف لم يصب في عزوه إليه - مع كونه لم يسنده - ؛ لم يصب في عدوله عن عزوه لمن أسنده من المشاهير الذين وضع لهم الرموز ، وهو البيهقي ؛ فإنه خرجه باللفظ المزبور عن ابن عباس المذكور ..." .
ثم تكلم على إسناده بنحو ما تقدم مع اختصاره .
وعزاه في "الجامع الكبير" للحاكم في "التاريخ" ، والعقيلي ، وابن عدي عن ابن عباس ! وما أظن عزوه لابن عدي إلا وهماً .

(253/1)


5247 - ( لا ترع أخاك المسلم ؛ فإن روعة المسلم ظلم عظيم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 398 :
$ضعيف$
أخرجه البزار في "مسنده" (ص 211 - زوائده) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 180) عن شعيب بن بيان الصفار قال : حدثنا شعبة عن عاصم بن عبيدالله عن عبدالله بن عامر بن ربيعة عن أبيه :
أن رجلاً أخذ ثوب رجل ؛ فلم يرده ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال العقيلي :
"شعيب يحدث عن الثقات بالمناكير ، وكاد يغلب على حديثه الوهم ، وقد روي هذا الإسناد ، في إسناده لين أيضاً" .
قلت : وقال الجوزجاني :
"له مناكير" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" ! وقال الذهبي :
"صدوق" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق يخطىء" .
وهذا هو الأقرب إلى الصواب إن شاء الله تعالى ، فالأولى إعلال الحديث بعاصم بن عبيدالله ؛ فإنه ضعيف معروف بذلك .
وبه أعله الهيثمي ؛ فقال في "المجمع" (6/ 253) :
"رواه الطبراني ، والبزار ، وفيه عاصم بن عبيدالله ، وهو ضعيف" .
ورواه أبو الشيخ أيضاً في "كتاب التوبيخ" ؛ كما في "الترغيب" (3/ 291) للحافظ المنذري ، وأشار لضعف الحديث .
ثم إن لفظ الحديث عند البزار (1523 - كشف) مختصر :
"إن روعة المسلم ..." ، ولفظ الطبراني :
أن رجلاً أخذ نعل رجل فغيبها وهو يمزح ، فذكر ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم ، فقال : "لا تروعوا المسلم ..." إلخ .
وللحديث شاهد أشار إليه العقيلي آنفاً ، وهو من حديث حسين بن عبدالله الهاشمي : حدثنا عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن عن أبيه عن جده أبي حسن - وكان عقبياً بدرياً - :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان جالساً ومعه نفر من أصحابه ، فقام رجل ونسي نعليه ، فأخذهما آخر ، فوضعهما تحته ، فجاء الرجل فقال : نعلي ؟! فقال القوم : ما رأيناهما ، فقال الرجل : أنبأنا أخذتهما وكنت ألعب ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم :
"فكيف بروعة المؤمن ؟!" ؛ قالها ثلاثاً .
وأخرجه أيضاً البزار (1522 - كشف) قبل الحديث الأول به .
رواه ابن السكن ؛ كما في "الإصابة" . وقال الهيثمي :
"رواه الطبراني ، وفيه حسين بن عبدالله بن عبيدالله الهاشمي ، وهو ضعيف" .
قلت : ولذلك ؛ لين إسناده العقيلي ؛ كما تقدم . وأشار إلى ذلك المنذري بتصديره إياه بقوله : "وروي" .

(254/1)


5248 - ( لا يزال أربعون رجلاً من أمتي ؛ قلوبهم على قلب إبراهيم ، يدفع الله بهم عن أهل الأرض ، يقال لهم : الأبدال ؛ إنهم لم يدركوها بصلاة ، وبصوم ، ولا صدقة . قالوا : فبم أدركوها ؟ قال : بالسخاء والنصيحة للمسلمين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 400 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 76/ 1) : حدثنا أحمد ابن داود المكي : أخبرنا ثابت بن عياش الأحدب : أخبرنا أبو رجاء الكلبي : أخبرنا الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو رجاء الكلبي هو روح بن المسيب ؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 299) :
"كان ممن يروي عن الثقات الموضوعات ، ويقلب الأسانيد ، ويرفع الموقوفات" .
وضعفه غيره ، وهو مترجم في "الميزان" ، و "اللسان" .
ولم يعرفه الهيثمي ؛ فقال في "المجمع" (10/ 63) :
"رواه الطبراني من رواية ثابت بن عياش الأحدب عن أبي رجاء الكلبي ، وكلاهما لم أعرفه ، وبقية رجاله رجال (الصحيح)" !
قلت : أحمد بن داود المكي ليس من رجال "الصحيح" ! ولكن الهيثمي هذه عادته ؛ أنه يقول هذا نحوه ، ولا يعني به شيخ الطبراني أيضاً ، فتنبه .
ثم إن المكي لا أعرفه أيضاً ، كشيخه ثابت . والله أعلم .
وروى مجاشع بن عمرو عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن عبدالله بن زرير عن علي قال :
سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الأبدال ؟ قال :
"هم ستون رجلاً" . قلت : يا رسول الله ! حلهم لي ؟ قال :
"ليسوا بالمتنطعين ، ولا بالمبتدعين ، ولا بالمتعمقين ، لم ينالوا ما نالوه بكثرة صيام ، ولا صلاة ، ولا صدقة ، ولكن بسخاء النفس ، وسلامة القلوب ، والتضحية لأمتهم ، إنهم يا علي ! في أمتي أقل من الكبريت الأحمر" .
أخرجه ابن أبي الدنيا في "الأولياء" (ص 102 رقم 8) .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته مجاشع هذا ؛ فإنه أحد الكذابي ؛ كما قال ابن معين .
ثم روى برقم (58) عن صالح المري قال : سمعت الحسن يقول : ... فذكره مرفوعاً بلفظ :
"إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بكثرة صلاة ، ولا صوم ، ولا صدقة ، ولكن دخلوها برحمة الله ، وسخارة النفس ، وسلامة الصدر" .
قلت : وهذا مرسل ؛ الحسن : هو البصري .
وصالح المري ضعيف .

(255/1)


5249 - ( من عمل عملاً رياءً ؛ لم يكتب لا له ولا عليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 402 :
$موضوع$
أخرجه البزار في "مسنده" (ص 216 - زوائده) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 322/ 1-2) عن محمد بن السائب في قوله تعالى : (فمن كان يرجو لقاء ربه ...) الآية ، قال : حدثني أبو صالح قال :
كان عبدالرحمن بن غنم في مسجد دمشق في نفر من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم فيهم معاذ بن جبل ، فقال عبدالرحمن بن غنم : يا أيها الناس ! إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي ، فقال معاذ : اللهم غفراً ! فقال : يا معاذ ! أما سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"من صام رياءً ؛ فقد أشرك ، ومن تصدق رياءً ؛ فقد أشرك ، ومن صلى رياءً ؛ فقد أشرك" ؟! قال :
بلى ، ولكن رسول الله صلي الله عليه وسلم تلا هذه الآية : (فمن كان يرجو لقاء ربه ...) الآية ، فشق ذلك على القوم واشتد عليهم ، فقال :
"ألا أفرجها عنكم ؟!" ، قالوا : بلى ؛ فرج الله عنك الهم والأذى ! فقال :
"هي مثل الآية التي في (الروم) : (وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله ...) الآية ، من عمل عملاً ..." إلخ - واللفظ للبزار - . وقال الهيثمي عقبه :
"محمد بن السائب : هو الكلبي ؛ كذاب" .
وكذا قال في "المجمع" (8/ 54) .
وأبو صالح : هو باذام مولى أم هانىء ، وهو ضعيف ؛ لكن الحمل فيه على الكلبي ، وكأنه لذلك لم يتعرض لإعلاله به - أيضاً - الهيثمي .
ثم إن حديث الترجمة باطل ظاهر البطلان ؛ فإنه مع مخالفته لصراحة الآية : (ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) ؛ فهو معارض للأحاديث الصحيحة في الترهيب من الرياء في العبادة والموافقة لصراحة الآية ، كقوله صلي الله عليه وسلم : "قال الله تبارك وتعالى : أنبأنا أغنى الأغنياء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري ؛ تركته وشركه" . رواه مسلم (8/ 223) .
بل هو معارض لقوله في الحديث نفسه : "من صام رياءً ؛ فقد أشرك ..." إلخ ؛ إذ كيف يقال فيمن أشرك : "... لا عليه" ؟!
فمن العجيب حقاً أن يلين القول في هذا الحديث الباطل حافظان جليلان :
الأول : مخرجه البيهقي ؛ حيث قال عقبه :
"إن صح" !
والآخر : الحافظ المنذري ؛ فإنه قال (1/ 36) - بعد أن ذكر طرفه الأول من رواية البيهقي - :
"وإسناده ليس بالقائم" !!
وجملة الصيام والصدقة والصلاة التي بعدها : "فقد أشرك" قد جاءت بإسناد خير من هذا ؛ يرويه عبدالحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن شداد بن أوس مرفوعاً .
أخرجه أحمد (4/ 125-126) ، وكذا الطيالسي (1120) ، وأبو الشيخ في "التوبيخ" (191/ 159) ، والحاكم (4/ 329) ، والبيهقي (2/ 321/ 1) ، وسكت عليه الحاكم والذهبي .
وهو إسناد ضعيف يحتمل التحسين . والله أعلم .

(/1)


5250 - ( كل مسلم عليه صلاة ، وكل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة ؛ فهي صلاة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 404 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 135/ 2) : حدثنا عبدالله بن موسى بن أبي عثمان الأنماطي : أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة : أخبرنا حرمي بن عمارة : أخبرنا حازم بن إبراهيم أبو محمد الكوفي :أخبرنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ سماك بن حرب - وإن كان من رجال مسلم - ؛ فقد تكلم فيه الأئمة . وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق ، وروايته عن عكرمة - خاصة - مضطربة ، وقد تغير بآخره ، فكان ربما يلقن" .
وحازم بن إبراهيم : هو البجلي ؛ ترجمه ابن عدي (ق 110/ 2) ؛ ولكنه قال :
"بصري" ، ثم ساق له أحاديث أخرى ، ولم يحك فيه عن أحد جرحاً ولا تعديلاً ، ثم قال :
"وله غير ما ذكرت ، وأرجو أنه لا بأس به" .
وقد وثقه ابن حبان وغيره ؛ كما في "اللسان" .
ومن دونه ثقات من رجال مسلم - على كلام في ابن عمارة - ؛ إلا الأنماطي ، وقد ترجمه الخطيب (10/ 148) برواية جمع عنه ، وقال :
"وما علمت من حاله إلا خيراً" .
وقد تابع حازماً : الوليد بن أبي ثور عن سماك به أتم منه بلفظ :
"ميسم" .
أخرجه أبو يعلى ، والطبراني وغيرهما .
والمحفوظ في الحديث بلفظ : "صدقة" مكان : "صلاة" ؛ كما بينته في "الصحيحة" (577) .

(/1)


5251 - ( لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء ، والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال ، والمتبتلين من الرجال ؛ الذي يقول : لا يتزوج ، والمتبتلات اللائي يقلن ذلك ، وراكب الفلاة وحده . فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى استبان ذلك في وجوههم ، وقال : [و] البائت وحده ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 406 :
$منكر$
أخرجه أحمد (2/ 287،289) - مطولاً ومختصراً ، وهذا هو المطول - ، والبخاري في "التاريخ" (2/ 2/ 362) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 196) من طريق طيب بن محمد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علته جهالة الطيب هذا ؛ فقد قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 498) عن أبيه :
"لا يعرف" .
وتبعه على ذلك الذهبي ؛ فقال في "الميزان" :
"لا يكاد يعرف ، وله ما ينكر" ؛ ثم ساق له هذا الحديث .
وأقره الحافظ في "اللسان" .
وقد أشار الإمام البخاري إلى أنه قد خولف في إسناده ؛ فإنه ذكر عقب الحديث أن عمر بن حبيب الصنعاني روى عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح : حدثني رجل من هذيل :
رأيت عبدالله بن عمر وأقبلت امرأة تمشي مشية الرجال ، فقلت : هذه أم سعيد بنت أبي جميل . قال : سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول :
"ليس منا من الرجال من تشبه بالنساء ، ولا من تشبه بالرجال من النساء" . وقال العقيلي عقبه :
"وهذا أولى" . وقال البخاري :
"وهذا مرسل ، ولا يصح حديث أبي هريرة" .
وقد أشار البخاري - رحمه الله - إلى إعلال الحديث بمخالفة عمرو بن دينار - وهو ثقة حجة - للطيب - المجهول - بروايته عن عطاء عن رجل عن ابن عمر .
فخالفه إسناداً ومتناً ، وذلك دليل على أنه لا يحتج به .
وأما تعقب الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "المسند" (14/ 244) الإمام البخاري بقوله :
"وهذا من البخاري - رحمه الله - تعليل غير قائم ؛ فهذا حديث وذاك حديث ، وما يمتنع أن يروي عطاء هذ وذاك ؟! وما هما بمعنى واحد ، وإن اشتركا في بعض المعنى ، بل أحدهما يؤيد الآخر ويقويه" !!
قلت : يقال له : أثبت العرش ثم انقش ؛ فإن مثل هذا التعقب إنما يصح أن يقال في ثقة روى شيئاً لم يروه الثقة الآخر ، وليس الأمر كذلك هنا ؛ فقد عرفت أن الطيب مجهول ، ولم يوثقه أحد مطلقاً سوى ابن حبان الذي عرف بتوثيقه للمجهولين ، ولكن الشيخ - رحمه الله تعالى - جرى في كتاباته كلها على الاعتداد بتوثيقه ، خلافاً لجماهير العلماء في أصولهم وفروعهم ، فكم من راو وثقه وهو عندهم مجهول ، وكم من حديث صححه ، وهو عندهم معلول ! كل ذلك منه اعتماد على توثيق ابن حبان ! وهذا هو المثال بين يديك .
والحديث ؛ أورده الهيثمي (4/ 251 و 8/ 103) - مطولاً ومختصراً - ، وقال :
"رواه أحمد ، وفيه طيب بن محمد وثقه ابن حبان ، وضعفه العقيلي ، وبقية رجاله رجال (الصحيح)" ، وقال المنذري (4/ 66) :
"رواه أحمد من رواية الطيب بن محمد ، وبقية رواته رواة (الصحيح)" .
(تنبيه) : على ثلاثة أمور :
الأول : حديث الهذلي عن ابن عمر ، هكذا وقع في "التاريخ" : "ابن عمر" بدون الواو ؛ وهكذا نقله عنه الحافظ في "التعجيل" ! وعند العقيلي : "ابن عمرو" بالواو ، وهو الصواب ؛ فقد أخرجه أحمد في (مسند عبدالله بن عمرو) (2/ 220) ووقع فيه : "عبدالله بن عمرو بن العاصي" ، وكذلك نقله عنه المنذري والهيثمي ، وكذلك هو في "الحلية" من روايته عن أحمد .
الثاني : الراوي عن عمرو بن دينار في "التاريخ" : "عمر بن حبيب الصنعاني" ، وفي "العقيلي" : "عمرو بن حوشب الصنعاني" ، وكذا هو في "المسند" ؛ إلا أنه لم يقل : "الصنعاني" ؛ وإنما "رجل صالح" . وأكثر نسخ "المسند" على هذا : "عمرو بن حوشب" ؛ كما حققه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - (11/ 103-104) ، وذكر أن في نسخة (ك) رسماً غير بين ، يمكن أن يقرأ : "معمر" وبهامشها "عمرو" ، وعليها علامة نسخة .
وأقول : لعل أصل الرسم الذي إليه : "عمر" ؛ لأنه موافق لـ "التاريخ" من جهة ، ولأنه مطبق لما في كتب التراجم - كما بينه الشيخ نفسه - من جهة أخرى ، وهو الذي استقر عليه رأيه .
وأرجح أن الصواب : أنه "عمر بن حبيب الصنعاني" ؛ كما في "التاريخ" ؛ لأنه هو الذي ذكروا في ترجمته أنه روى عن عمرو بن دينار ، بينما لم يذكروا ذلك في ترجمة "عمرو بن حوشب" ، وإنما ذكروا أنه روى عن إسماعيل بن أمية فحسب .
الثالث : علمت مما سبق أن بين عطاء وابن عمرو : الرجل من هذيل في رواية البخاري وغيره ؛ إلا أنه قد سقط الرجل من رواية الطبراني ؛ كما أفاده الهيثمي ، وكذلك سقط من رواية أبي نعيم ، وهي من طريق أحمد ! فالظاهر أن ذلك من أوهام بعض النساخ أو الرواة .

(/1)


كما وهم الحافظ على البخاري ؛ فعزا إليه في "التعجيل" أنه روى عن عمرو ابن دينار عن عطاء قال : سمعت ابن عمر ... فذكر الحديث ! وهذا وهم فاحش كنت اعتمدت عليه حين خرجت الحديث في "حجاب المرأة" (ص 66-67) ، والآ تبينت أن ذلك من أوهامه - رحمه الله - ، فمن كان عنده نسخة ؛ فليصححها على ما هنا .

(/2)


5252 - ( نصرت بالصبا ، وكانت عذاباً على من قبلي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 409 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الشافعي في "مسنده" (ص 29) : أخبرنا من لا أتهم : أخبرنا عبدالله بن عبيد عن محمد بن عمرو أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ فإ شيخ الشافعي الذي لم يسمه : هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ؛ فقد قال أبو العباس الأصم - وهو راوي "المسند" قبل هذا الحديث (ص 28) - :
"سمعت الربيع بن سليمان يقول : كان الشافعي رضي الله عنه إذا قال : "أخبرني من لا أتهم" ؛ يريد به إبراهيم بن أبي يحيى ، وإذا قال : "أخبرني الثقة" ؛ يريد به يحيى بن حسان" .
قلت : أما يحيى هذا - وهو التنيسي - ؛ فهو ثقة من رجال الشيخين .
وأما إبراهيم ؛ فهو متروك ، اتهمه غير واحد ؛ كما تقدم مراراً .
وشيخه عبدالله بن عبيد ؛ فلم أعرفه .
ومثله محمد بن عمرو ، ويحتمل أنه الليثي المدني ، أو القرشي المدني ، وهما تابعيان .
ولذلك ؛ ذكر السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير" (5968) .
وأعله الحافظ في "الفتح" (6/ 231) بالانقطاع فقط ، فقصر !
والحديث ؛ في "الصحيحين" من حديث ابن عباس مرفوعاً دون قوله :
"وكانت عذاباً على من قبلي" ، وقال مكانه :
"وأهلكت عاد بالدبور" . وهو مخرج في "الروض النضير" (126) .

(/1)


5253 - ( نهى عن المجر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 410 :
$ضعيف$
أخرجه أبو عبيد في "الغريب" (35/ 1) ، وابن قتيبة في "إصلاح غلط أبي عبيد" (ق 52/ 2) ، والبيهقي (5/ 341) عن موسى بن عبيدة عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً . وقال البيهقي :
"تفرد به - بهذا اللفظ - موسى بن عبيدة ، قال ابن معين : "فأنكر على موسى هذا ، وكان من أسباب تضعيفه" . وقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم : أنه سمعه ينهى عن بيع المجر . فعاد الحديث إلى رواية نافع ، فكأن ابن إسحاق أداه على المعنى . والله أعلم" .
وموسى بن عبيدة ؛ قال الحافظ :
"ضعيف ، ولا سيما في عبدالله بن دينار ، وكان عابداً" .
ومحمد بن إسحاق مدلس ، وقد عنعنه .
(فائدة) : لمجر : أن يباع البعير أو غيره بما في بطن الناقة . قاله أبو عبيد عن أبي زيد .
وقال ابن قتيبة عقبه :
"وفيه قول آخر ؛ رأيت أهل العلم باللغة عليه : أن المجر في الغنم خاصة دون الإبل" .

(/1)


5254 - ( من أهديت له هدية وعنده قوم ؛ فهم شركاؤه فيها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 411 :
$ضعيف$
روي عن ابن عباس ، وعائشة ، والحسن بن علي .
1- أما رواية ابن عباس ؛ فرواه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (97/ 2) : حدثنا أبو نعيم : حدثنا مندل عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عنه مرفوعاً .
وكذلك أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 112/ 2) و "الأوسط" (1/ 151/ 2 - مجمع البحرين) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 351) ، والخطيب في "التاريخ" (4/ 249) ، والبيهقي (6/ 183) ؛ قال الطبراني ، وأبو نعيم :
"لم يروه عن عمرو إلا ابن جريج ، تفرد به مندل ، ولا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد" .
قلت : ومندل - وهو ابن علي العنزي - ضعيف ، ولكنه لم يتفرد به كما قال الطبراني ؛ فقد تابعه عبدالسلام بن عبدالقدوس ؛ لكنه خالفه في تابعي الحديث فقال : حدثني ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس به .
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (255) ، وابن عساكر في "التاريخ" (19/ 78/ 1) ؛ ثم ذكر العقيلي رواية مندل المتقدمة ؛ وقال في عبدالسلام هذا :
"لا يتابع على شيء من حديثه ، وليس ممن يقيم الحديث ، ولا يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلي الله عليه وسلم" .
قلت : وكنيته أبو محمد الكلاعي ، وبكنيته هذه وقع في إسناد ابن عساكر . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 150) :
"يروي الموضوعات ، لا يحل الاحتجاج به بحال" ، ثم ساق له من موضوعاته : "أربع لا يشبعن من أربع ..." ؛ وقد مضى برقم (766) .
وقد روي من وجه آخر عن عمرو بن دينار ؛ وفيه نظر ؛ كما قال البيهقي في "سننه" (6/ 183) ؛ ثم ساقه من طريق محمد بن [أبي] السري : حدثنا عبدالرزاق : أنبأ محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار به . وقال :
"وكذلك رواه أبو الأزهر عن عبدالرزاق . ورواه أحمد بن يوسف عن عبدالرزاق : ... فذكره عن ابن عباس موقوفاً غير مرفوع ؛ وهو أصح" .
قلت : وذلك ؛ لأن أحمد بن يوسف ثقة حافظ ؛ بخلاف أبي الأزهر - واسمه أحمد بن الأزهر - ؛ فإنه وإن كان صدوقاً يحفظ ؛ إلا أنه كان كبر ، فصار كتابه أثبت من حفظه .
وأما ابن أبي السري ؛ فهو ضعيف ؛ له أوهام كثيرة . ولذلك ؛ قال الحافظ في "الفتح" (5/ 167) :
"واختلف على عبدالرزاق في رفعه ووقفه ؛ والمشهور عنه الوقف ، وهو أصح الروايتين عنه" .
قلت : ومدارهما على محمد بن مسلم ؛ كما رأيت ، وهو الطائفي ؛ وهو صدوق يخطىء ؛ كما في "التقريب" . فلعل الاختلاف المذكور منه .
فلا جرم أن الإمام البخاري لما علق الحديث في "صحيحه" ؛ صدره بصيغة التمريض : ويذكر عن ابن عباس : أن جلساءه شركاؤه ، ثم عقب عليه بقوله :
"ولم يصح" .
قلت : وقد ضعف الحديث - أيضاً - الإمام أحمد ؛ فقد ذكره ابن قدامة في "المنتخب" (1/ 195/ 1) من طريق مندل بإسناده المتقدم ، وقال :
"قال علي بن سعيد : سألت أبا عبدالله عن هذا الحديث ؟ فقال : ما أدري من أين جاء هذا الحديث ؟! وهو عندي منكر !" .
2- وأما حديث عائشة ؛ فيرويه الوضاح بن خيثمة قال : حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً مثله .
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (445) ، وقال :
"الوضاح لا يتابع عليه ، ولا يصح في هذا المتن حديث" . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 85) :
"منكر الحديث ، يروي عن الثقات الأشياء المقلوبات التي كأنها معمولة ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ؛ لسوء حفظه ، وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من حديثه ؛ فلا ضير" .
3- وأما حديث الحسن بن علي ؛ فيرويه يحيى بن سعيد الواسطي : أخبرنا يحيى بن العلاء عن طلحة بن عبدالله عن الحسن بن علي مرفوعاً به .
أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 131/ 2) . وأعله الهيثمي (4/ 148) بـ (يحيى بن سعيد) هذا ، فقال :
"وهو ضعيف" !
قلت : ولقد أبعد النجعة ؛ ففوقه (يحيى بن العلاء) ؛ وهو بجلي رازي ، وهو متهم بالكذب ، فتعصيب الجناية به في هذا الحديث أولى من (يحيى بن سعيد) .
ومما سبق ؛ تعلم تساهل أو تسامح الحافظ ابن حجر في اقتصاره على إعلال حديث الحسن وعائشة بقوله :
"وإسنادهما ضعيف أيضاً" !
فإن الحق أن يقال : "... ضعيف جداً" ؛ وذلك ؛ خشية أن يغتر من لا علم عنده بشدة ضعف هذين الإسنادين ؛ فيغتر بقول الحافظ المذكور ؛ فيدعي - بناءً عليه - تقوية الحديث بكثرة الطرق !
ولعل هذا هو السبب في إيراد الدكتور القلعجي هذا الحديث في فهرسه الذي وضعه في آخر "ضعفاء العقيلي" للأحاديث الصحيحة - بزعمه - مما ورد فيه (ص 521) ؛ على رغم قول العقيلي :
"لا يصح في هذا الباب شيء" .
ووافقه الجوزي في "الموضوعات" (3/ 92-93) - بعد أن أعل حديث ابن عباس بطريقيه ، وحديث عائشة بنحو ما تقدم - :
وكذلك وافقه ابن القيم في "المنار" .

(/1)


ولم يستطع السيوطي أن ينقذه من الضعف المستفاد من جميع طرقه ! أما الوضع فنعم . ولذلك ؛ صرح الشيخ القارىء في "الأسرار المرفوعة" بتخطئة ابن الجوزي في حكمه عليه بالوضع ، وهو ظاهر كلام السخاوي في "المقاصد" .
وبناءً عليه مختصره الزرقاني :
"ضعيف" .

(/2)


5255 - ( الحمد لله ؛ ما دخل بطني طعام سخن منذ كذا وكذا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 415 :
$ضعيف$
أخرجه ابن ماجه (4150) ، والبيهقي في "سننه" (7/ 280) كلاهما من طريق سويد بن سعيد : حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال :
أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم يوماً بطعام سخن ، فأكل ، فلما فرغ قال : ... فذكره . وليس عند البيهقي قوله :
"الحمد لله" . وأشار إلى تضعيفه بقوله :
"هذا إن صح يحتمل معنى الأول - يعني : بعد أن يذهب فوره - ، ويحتمل غيره" .
قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير سويد ؛ فإنه - مع كونه من شيوخ مسلم - فقد ضعفوه . قال الحافظ :
"صدوق في نفسه ؛ إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه ، وأفحش فيه ابن معين القول" .
قلت : ومن هنا يظهر لك تساهل البوصيري في "الزوائد" (279/ 2) ؛ حيث قال :
"هذا إسناد حسن ؛ سويد مختلف فيه ، رواه البيهقي في "سننه الكبرى" ... وله شاهد من حديث أسماء بنت أبي بكر . رواه البيهقي" !
قلت : ولعله تبع المنذري في تحسينه ، على أنه أيسر خطأ منه ؛ فإن المنذري قال (4/ 109) :
"رواه ابن ماجه بإسناد حسن ، والبيهقي بإسناد صحيح" !!
ووجه ما ذكرت ظاهر جداً ؛ فإنه غاير بين إسناد ابن ماجه والبيهقي ؛ وهو واحد ؛ فإن مدارهما على سويد بن سعيد ! ومع ذلك حسن وصحح !!
ثم إن في جعله حديث أسماء شاهداً لهذا نظراً لا يخفى ؛ فإن لفظه :
أنها كانت إذا ثردت غطته شيئاً حتى يذهب فوره ، ثم يقول : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"إنه أعظم للبركة" .
فإن هذا أخص من حديث الترجمة . ولذلك ؛ قال البيهقي : يحتمل أنه معناه أو يحتمل غيره ؛ كما تقدم .
وفي إسناده قرة بن عبدالرحمن ، وفيه ضعف .
ومن طريقه : رواه الدارمي (2/ 100) ، وابن أبي الدنيا في "الجوع" (14/ 2) .

(/1)


5256 - ( إذا تاب العبد من ذنوبه ؛ أنسى الله حفظته ذنوبه ، وأنسى ذلك جوارحه ومعالمه من الأرض ؛ حتى يلقى الله يوم القيامة وليس عليه شاهد من الله بذنب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 417 :
$ضعيف$
أخرجه الأصبهاني (201) من طريق أبي صالح العباس بن زياد : أخبرنا سعدان الخطمي عن سعيد عن قتادة عن أنس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ سعدان الخطمي ، والعباس بن زياد ؛ ولم أجد لهما ترجمة .
وكأنه لذلك أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 75) إلى تضعيف الحديث .

(/1)


5257 - ( النادم ينتظر من الله الرحمة ، والمعجب ينتظر المقت ، واعملوا عباد الله ! أن كل عامل سيقدم على عمله ، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى حسن عمله وسوء عمله ، وإنما الأعمال بخواتيمها ، والليل والنهار مطيتان ، فأحسنوا السير عليهما إلى الآخرة ، واحذروا التسويف ؛ فإن الموت يأتي بغتة ، ولا تغترن أحدكم بحلم الله عز وجل ؛ فإن الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله . ثم قرأ رسول الله صلي الله عليه وسلم : (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره . ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 418 :
$ضعيف$
أخرجه الأصبهاني (201) من طريق عبدالله بن إبراهيم الكوفي : أخبرنا ثابت بن محمد قال : سمعت سفيان الثوري يقول : حدثني أبي عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ ثابت بن محمد : هو العابد أبو محمد ؛ قال الحافظ :
"صدوق زاهد ، يخطىء في أحاديث" .
قلت : وتابعه إسحاق بن بشر قال : حدثنا سفيان الثوري به .
أخرجه ابن بشران في "الأمالي" (2/ 126/ 1) .
لكن إسحاق بن بشر متروك ، كذبه ابن المديني وغيره .
وتابعه أيضاً مطرف بن مازن قاضي اليمن عن سفيان الثوري به ، دون قوله : "واعلموا عباد الله ..." إلخ .
أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 355) .
ومطرف هذا ممن لا يفرح به أيضاً ؛ فقد كذبه ابن معين وغيره .
وعبدالله بن إبراهيم الكوفي - الذي في طريق الأصبهاني - ؛ يحتمل أنه الذي في "الميزان" ؛ و"اللسان" :
"عبدالله بن إبراهيم المؤدب ، عن سويد بن سعيد ؛ كذبه الدارقطني" .
قلت : فيحتمل أنه هذا ؛ فإنه من هذه الطبقة . والله أعلم .

(/1)


5258 - ( إن الله تعالى ناجى موسى بمئة ألف وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام ؛ وصايا كلها ، فلما سمع موسى كلام الآدميين ؛ مقتهم مما وقع في مسامعه من كلام الرب ، وكان فيما ناجاه أن قال : يا موسى ! إنه لم يتصنع المتصنعون لي بمثل الزهد في الدنيا ، ولم يتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم ، ولا تعبدني العابدون بمثل البكاء من خيفتي . فقال موسى : يا إله البرية كلها ! ويا مالك يوم الدين ! يا ذا الجلال و الإكرام ! فلماذا أعددت لهم ؟ وماذا جزيتهم ؟ قال : يا موسى ! أما الزاهدون في الدنيا ؛ فإني أبيحهم جنتي ، يتبوؤون حيث يشاؤون ، وأما الورعون عما حرمت عليهم ؛ فإنه ليس من عبد يلقاني يوم القيامة إلا ناقشته الحساب ، وفتشته عما كان في يديه إلا ما كان من الورعين ؛ فإني أستحييهم وأجلهم ، [وأكرمهم] ؛ فأدخلهم الجنة بغير حساب ، وأما البكاؤون من خيفتي ؛ فلهم الرفيق الأعلى ، لا يشاركون فيه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 419 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (4/ 557/ 3949) - والسياق له - وفي "الكبير" أيضاً (12/ 120-121) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 345/ 10527) ، والأصبهاني في "الترغيب" (1/ 225/ 479) من طريق أبي مالك الجنبي عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ، تفرد به أبو مالك الجنبي" .
قلت : واسمه : عمرو بن هاشم ؛ قال الحافظ :
"لين الحديث ، أفرط فيه ابن حبان" .
قلت : فالآفة من شيخه (جويبر) ؛ فإنه ضعيف جداً متروك ، وحديثه عليه لوائح الإسرائيليات .
وتساهل الهيثمي حين قال في "المجمع" (10/ 296) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه جويبر بن سعيد ، وهو ضعيف" !
ثم إنه منقطع بين الضحاك وابن عباس ؛ فإنه لم يسمع منه .
وقد أخرجه الأصبهاني برقم (480) بإسناده عن سعيد الفزاري قال : بلغني أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى عليه السلام ... فذكره نحوه .

(/1)


5259 - ( ألا إن كل جواد في الجنة ؛ حتم على الله ، وأنا به كفيل ، ألا وإن كل بخيل في النار ؛ حتم على الله ، وأنا به كفيل . قالوا : يا رسول الله ! من الجواد ومن البخيل ؟ قال : الجواد من جاد بحقوق الله في ماله ، والبخيل من منع حقوق الله وبخل على ربه ، وليس الجواد من أخذ حراماً وأنفق إسرافاً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 421 :
$منكر$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (1/ 238/ 513 و 2/ 637/ 1525) عن أيوب بن سالم : أخبرنا يوسف بن حماد بن مليكة الصنعاني عن نبيه ابن عمر عن عبدالرزاق عن عبدالوهاب بن حسن الحنفي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ عبدالوهاب بن حسن الحنفي ؛ الظاهر أنه التميمي الذي ترجمه ابن أبي حاتم (3/ 1/ 71) ؛ روى عن شيبان مولى الضحاك ، وعنه محمد بن ميمون ؛ وقال عن أبيه :
"أحاديثه مناكير ، ولا أعرفه" .
وذكره في "اللسان" عن البخاري ؛ أنه قال فيه :
"منكر الحديث" .
ومن دون عبدالرزاق لم أعرفهم .
والحديث ؛ قال المنذري (3/ 248) :
"رواه الأصبهاني ؛ وهو غريب" .
قلت : وفيه عنعنة الحسن البصري ، وجماعة لم أعرفهم .

(/1)


5260 - ( إن من الإيمان أن يحب الرجل [رجلاً] ؛ لا يحبه إلا لله ؛ من غير مال أعطاه ؛ فذلك الإيمان ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 421 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 488) : حدثنا محمد بن جابان : حدثنا محمد بن مهران الجمال : حدثنا محمد بن المعلى عن الجراح بن الضحاك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبدالله مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن أبي إسحاق إلا الجراح" .
قلت : وهو صدوق ، وسائر رجاله ثقات ؛ غير محمد بن جابان ؛ فلم أجد له ترجمة ، وأظنه الذي في "المعجم الصغير" (ص 186) : حدثنا محمد بن حامان الجنديسابوري ... كذا بخطي : "حامان" بالميم بين الألفين ، ولعله تحريف !!
وأبو إسحاق : وهو عمرو بن عبدالله السبيعي ؛ وكان اختلط ، ثم هو - إلى ذلك - مدلس ، وقد عنعن !
والحديث ؛ سكت عليه المنذري (4/ 46) !
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 90) مختصراً موقوفاً بلفظ :
"إن من الإيمان أن يحب الرجل أخاه ؛ لا يحبه إلا الله" . وقال :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفي إسناده إسحاق الدبري ، وهو منقطع بين عبدالرزاق وإسحاق" !!

(/1)


5261 - ( إن الرجل ليؤتى كتابه منشوراً فيقول : يا رب ! فأين حسنات كذا وكذا عملتها ؛ ليست في صحيفتي ؟! فيقول له : محيت باغتيابك الناس ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 422 :
$موضوع$
أخرجه الأصبهاني (584) من طريق الحسن بن دينار عن الخصيب بن جحدر عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته الخصيب أو الحسن ؛ فإنهما متهمان بالكذب :
فالأول : كذبه شعبة ، والقطان ، وابن معين . وقال البخاري ، وابن الجارود :
"كذاب" .
والآخر : كذبه أحمد ، ويحيى . وقال أبو حاتم ، وأبو خيثمة :
"كذاب" .

(/1)


5262 - ( الغيبة والنميمة تحتان الإيمان ؛ كما يعضد الراعي الشجر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 423 :
$موضوع$
أخرجه الأصبهاني (584) من طريق أبي خالد عبدالعزيز بن أبان الأموي : حدثنا عمرو أبو عبدالله الجعفي عن عبيد بن اصطفى (كذا) عن يزيد بن حسن عن أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته الأموي هذا ؛ فقد كذبوه ، قال ابن معين :
"كذب خبيث يضع الحديث" . وقال ابن نمير :
"هو كذاب" .
ومن بينه وبين أبان ؛ لم أعرفهم .

(/1)


5263 - ( إياكم والكبر ؛ فإن الكبر يكون في الرجل وإن عليه العباءة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 424 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 483) : حدثنا أحمد ابن القاسم : حدثنا عمي بن المساور : حدثنا سويد بن عبدالعزيز : حدثنا عبدالله ابن حميد عن طاوس عن عبدالله بن عمر مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن طاوس إلا عبدالله بن حميد ، تفرد به سويد" .
قلت : وهو لين الحديث ؛ كما في "التقريب" ، بل هو واه جداً ؛ كما قال الذهبي في "الميزان" .
وسائر رجاله ثقات .
ومما سبق من التحرير ؛ تعلم تساهل المنذري (4/ 16) - ثم الهيثمي (10/ 226) - في قولهما :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورواته ثقات" !

(/1)


5264 - ( أيها الناس ! استحيوا من الله حق الحياء . فقال رجل : يا رسول الله ! إنا لنستحيي من الله تعالى ! فقال : من كان منكم مستحيياً من الله حق الحياء ؛ فلا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عينيه ، وليحفظ البطن وما وعى ، والرأس وما حوى ، وليذكر الموت والبلى ، وليترك زينة الحياة الدنيا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 424 :
$موضوع بهذا التمام$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 498) عن خالد بن يزيد العمري : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن مسلم بن أبي مريم عن عائشة قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم - على المنبر والناس حوله - : ... فذكره .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته خالد بن يزيد العمري ؛ كذبه أبو حاتم ويحيى . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 284-285) :
"منكر الحديث جداً ، لا يشتغل بذكره ؛ لأنه يروي الموضوعات عن الأثبات" .
قلت : وشيخه هنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ؛ ضعيف .
ومن هذا الوجه : أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 50) دون قوله :
"فلا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عينيه" .
وقد روي الحديث من طرق أخرى عن ابن مسعود وغيره دون الزيادة المذكورة ، وهو بذلك يرتقي إلى مرتبة الحسن ؛ كما بينته في "الروض النضير" (601) ، وإنما أخرجته هنا لهذه الزيادة التي تفرد بها هذا الكذاب .

(/1)


5265 - ( بدموع عينيك ؛ فإن عيناً بكت من خشية الله لا تمسها النار أبداً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 425 :
$موضوع بهذا اللفظ$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (133) عن يوسف بن الغرق عن أيوب الحبطي عن نفيع بن الحارث عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال :
قال رجل : يا رسول الله ! بم أتقي النار ؟ قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد هالك ؛ مسلسل بالمتروكين : نفيع بن الحارث فمن دونه ؛ ثلاثتهم متهمون بالكذب ، فأحدهم آفته .
والحديث معروف من طرق أخرى دون قوله :
(بم أتقي النار ؟ قال : بدموع عينيك) .
وهو مخرج في "المشكاة" (3829) ، و "الترغيب" (2/ 153) .
وإنما أوردته هنا من أجل الزيادة المذكورة .

(/1)


5266 - ( ما من شيء إلا وله توبة ؛ إلا صاحب سوء الخلق ؛ فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 426 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (304) من طريق أبي عمر بن حفص المقرىء الضرير : حدثني عمرو بن جميع عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن إبراهيم التيمي عن أبيه [عن عائشة] مرفوعاً .
وفي رواية له من طريق عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن أبي رواد عن مروان بن سالم عن رجل من أهل الجزيرة عن ميمون بن مهران قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
"ما من ذنب أعظم عند الله عز وجل من سوء الخلق ، وذلك ؛ أن صاحبه لا يخرج من ذنب إلا وقع في ذنب" .
قلت : والطريق الأولى هالكة ؛ لأنها من رواية عمرو بن جميع ، وهو كذاب .
وقريب منها الطريق الأخرى ؛ فإن فيها مروان بن سالم - وهو الجزري - ؛ وهو متروك ، رماه الساجي وغيره بالوضع .
ثم هو مرسل ؛ ميمون بن مهران تابعي .
والرواي عنه لم يسم .

(/1)


5267 - ( من أصلح بين اثنين ؛ أصلح الله أمره ، وأعطاه بكل كلمة تكلم بينهما عتق رقبة ، ورجع مغفوراً له ما تقدم من ذنبه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 427 :
$منكر جداً$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (1/ 106/ 185) من طريق عبيد بن هاشم الجوزجاني : حدثنا محمد بن الأزهر عن أبي فضالة عن موسى بن جابان عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد واه ؛ فيه علل :
الأولى : موسى بن جابان ؛ ليس له ذكر في كتب التراجم المعروفة ، وهذا من الغرائب بمكان ! فقد أورده الأمير ابن ماكولا في "باب جابان .." ، فقال (2/ 11) :
"وموسى بن جابان ، حدث عن لقمان بن عامر ، حدث عنه ميسرة بن عبدربه ، وميسرة غير ثقة ، ولا يعرف موسى بن جابان إلا به" .
وميسرة هذا كذاب معروف ، له ترجمة مطولة في "اللسان" .
الثانية : أبو فضالة ؛ الظاهر أنه (مبارك بن فضالة) ؛ فإنه من هذه الطبقة ، وهو صدوق ؛ ولكنه مدلس ، فأخشى أن يكون تلقاه عن (ميسرة) الكذاب ثم دلسه ؛ لقول الأمير المتقدم في موسى :
"لا يعرف إلا بميسرة" .
الثالثة : محمد بن الأزهر ؛ الظاهر أنه (الجوزجاني) ؛ بقرينة الراوي عنه - الجوزجاني - ، قال الذهبي في "المغني" :
"محمد بن الأزهر الجوزجاني ، عن يحيى القطان ، نهى أحمد عن الكتابة عنه" . وقال ابن عدي في "الكامل" (6/ 132) :
"ليس بالمعروف ، وإذا لم يكن معروفاً ، ويحدث عن الضعفاء ؛ فسبيلهم سبيل واحد ، لا يجب أن يشتغل برواياتهم وحديثهم" .
الرابعة : عبيد بن هاشم الجوزجاني ؛ لم أجد له ترجمة فيما لدي من المصادر . والله أعلم .
والحديث ؛ قال المنذري (3/ 293/ 7) - بعد أن أشار لضعفه - :
"رواه الأصبهاني ، وهو حديث غريب جداً" .

(/1)


5268 - ( من اغتيب عنده أخوه ، فاستطاع نصرته فنصره ؛ نصره الله في الدنيا والآخرة ، فإن لم ينصره ؛ أذله الله في الدنيا والآخرة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 428 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (94/ 2) - من طريق محمد بن سعيد - ، والأصبهاني (580) - من طريق عبدالرزاق - : أنبأنا معمر والثوري جميعاً عن أبان مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ أبان - هذا - هو ابن أبي عياش ، وهو متروك متهم بالكذب .
والحديث ؛ أورده في "الميزان" من رواية ابن عدي من هذا الوجه .
وروى أبو الشيخ الشطر الثاني منه ؛ كما في "الترغيب" (3/ 303) .

(/1)


5269 - ( من تواضع لأخيه المسلم ؛ رفعه الله ، ومن ارتفع عليه ؛ وضعه الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 429 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 272/ 1) من طريق عبدالعظيم ابن حبيب : حدثنا أبو معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن المقبري إلا أبو معشر ؛ تفرد به عبدالعظيم" .
قلت : قال الدارقطني :
"ليس بثقة" .
وأبو معشر ؛ اسمه نجيح بن عبدالرحمن السندي المدني ؛ ضعيف .
والحديث ؛ أشار المنذري في "الترغيب" إلى تضعيفه .
وأعله الهيثمي (8/ 83) بـ (عبدالعظيم) ، فقال :
"وهو ضعيف" !

(/1)


5270 - ( من قل ماله ، وكثر عياله ، وحسنت صلاته ، ولم يغتب المسلمين ؛ جاء يوم القيامة وهو معي كهاتين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 429 :
$موضوع$
أخرجه أبو يعلى (1/ 280) ، والأصبهاني (585) عن مسلمة ابن علي عن عبدالرحمن بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد موضوع ؛ آفته مسلمة بن علي - وهو الخشني - ؛ متروك اتفاقاً ، وقد اتهمه الحاكم وغيره بالوضع ، وقد مضت له أحاديث موضوعة ؛ فانظر الأرقام (141،145،151،476) .
والحديث ؛ أشارالمنذري في "الترغيب" (4/ 94) إلى تضعيفه .

(/1)


5271 - ( من مشى في حاجة أخيه المسلم ؛ كتب الله له بكل خطوة سبعين حسنة ، ومحا عنه سبعين سيئة إلى أن يرجع من حيث فارقهم ؛ فإن قضيت حاجته على يديه ؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، وإن هلك فيما بين ذلك ؛ دخل الجنة بغير حساب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 430 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (292) من طريق ابن أبي عاصم : حدثنا محمد بن بحر الهجيمي : حدثنا عبدالرحمن بن زيد عن أبيه عن الحسن عن أنس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته عبدالرحمن بن زيد - وهو ابن أسلم العدوي مولاهم - ، وهو ضعيف جداً ، وهو صاحب حديث توسل آدم بالنبي صلي الله عليه وسلم ، وقد تقدم برقم (25) .
ثم تبين أن (عبدالرحمن) محرف من (عبدالرحيم) ؛ فقد رأيت الحديث في "مسند أبي يعلى" (5/ 175/ 2789) : حدثنا محمد بن بحر : حدثنا عبدالرحيم بن زيد العمي عن أبيه به .
ومن طريق أبي يعلى : أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/ 199) ، وعنه تلقاه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 173) . وقال :
"حديث لا يصح ؛ قال يحيى : عبدالرحيم بن زيد كذاب ، وأبوه ليس بشيء" .
وأقره السيوطي في "اللآلي" (2/ 88) ، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 129) .
أقول : وإن مما يؤيد أنه (عبدالرحيم بن زيد) أن أباه (زيداً) - وهو (العمي) - ، قد ذكروه في الرواة عن (الحسن) - وهو البصري - ، بخلاف (زيد) - وهو ابن أسلم والد (عبد الرحمن) - ؛ فلم يذكروه في الرواة عنه ، والله تعالى أعلم .
وقد وقع هذا التحريف في مطبوعة "ترغيب الأصبهاني" أيضاً (1/ 481) ، ولم يعلق عليه المخرج بشيء سوى قوله :
"عزاه الهيثمي في "المجمع" (8/ 190) لأبي يعلى ، وفيه عبدالرحيم بن زيد العمي ؛ وهو متروك" !!
ومع أن فيه ما يفلت النظر إلى الاختلاف في تمام اسم (العبد) ؛ ومع ذلك فإنه لم يعلق عليه بشيء !
ثم إن (محمد بن بحر الهجيمي) قد ذكره ابن أبي حاتم ، وقال :
"روى عنه أبو زرعة" .
ومن المعلوم أن أبا زرعة لا يروي إلا عن ثقة عنده . وقد خالفه العقيلي ؛ فقال (4/ 38) :
"منكر الحديث ، كثير الوهم" .
ثم ذكر له حديثاً منكراً ، سيأتي برقم (6542) إن شاء الله تعالى .

(/1)


5272 - ( لا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ؛ ما دامت مائدته موضوعة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 432 :
$ضعيف$
أخرجه أبو نعيم في "الأربعين الصوفية" (56/ 2) ، وكذا أبو عبدالرحمن السلمي (7/ 1) ، والأصبهاني في "الترغيب" (513) من طريق مندل عن عبدالله بن سنان عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، وله علتان :
الأولى : عبدالله بن سنان - وهو الزهري الكوفي - ؛ أورده العقيلي في "الضعفاء" (ص 208) ؛ وروى عن ابن معين أنه قال :
"كوفي ؛ كان ينزل القطيعة ؛ قطيعة الربيع ، ليس حديثه بشيء" . وقال ابن عدي :
"عامة حديثه لا يتابع عليه" .
والأخرى : مندل - وهو ابن علي العنزي - ؛ ضعيف .
والحديث ؛ أشارالمنذري (3/ 243) إلى تضعيفه .
ثم بدا أن عبدالله بن سنان محرف من (سيار) - وهو عبدالله بن سيار ، مولى بني طلحة - ؛ كوفي ، فهو الذي ذكروا أنه روى عن عائشة بنت طلحة ، بخلاف الزهري هذا ؛ فإنهم لم يذكروا له رواية عنها ، وإنما عن محمد بن المنكدر وزيد بن أسلم وهشام بن عروة .
وتأكدت من ذلك حينما رأيت البخاري أورد الحديث في ترجمة عبدالله بن سيار هذا ؛ فقال (3/ 1/ 110) :
"قال فروة : حدثنا القاسم بن مالك عن عبدالله بن سيار مولى عائشة بنت طلحة : سمعت عائشة بنت طلحة ... به" .
ومن هذا يتبين أن العلة الثانية في الحديث غير قادحة ؛ لمتابعة القاسم بن مالك مندلاً .
والقاسم هذا من رجال الشيخين ؛ على لين فيه ؛ كما في "التقريب" .
والراوي عنه - فروة بن أبي المغراء - صدوق من رجال البخاري ؛ لكنه خالف مندلاً فأوقفه .
ثم ازددت تأكداً من أن الحديث هو لابن سيار - وليس لابن سنان - حين رأيت ابن راهويه قد أخرجه في "مسنده" (4/ 108/ 2) من طريق مندل عن عبدالله بن سيار به . والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

(/1)


5273 - ( لا تسبوها ؛ فنعمت الدابة ؛ فإنها أيقظتكم لذكر الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 433 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 276/ 1) عن آدم : حدثنا أبو يوسف القاضي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب قال :
نزلنا منزلاً ، فأذتنا البراغيث ، فسببناها ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال :
"لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد ، تفرد به آدم" .
قلت : وهو ابن أبي إياس ؛ ثقة .
وأبو يوسف القاضي فيه ضعف من قبل حفظه .
لكن الآفة ممن فوقه ؛ فإن الأصبغ بن نباتة متروك رمي بالرفض .
وسعد بن طريف مثله ؛ بل قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 357) :
"كان يضع الحديث على الفور" .

(/1)


5274 - ( لا يصحبنا اليوم من آذى جاره ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 434 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 255/ 1) من طريق يحيى الحماني : حدثنا عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عبدالله بن عمر قال :
خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزاة ، قال : ... فذكره ، فقال رجل من القوم : أنبأنا بلت في أصل حائط جاري ؟! فقال :
"لا تصحبنا اليوم" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ من أجل عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ، وقد عرفت حاله من قريب .
ويحيى الحماني - وهو ابن عبدالحميد - فيه ضعف .
وبه وحده أعله الهيثمي ؛ فقال (8/ 170) :
"وفيه يحيى بن عبدالحميد الحماني ، وهو ضعيف" !
وأشار المنذري (3/ 234-235) إلى تضعيفه ، ثم قال :
"رواه الطبراني ؛ وفيه نكارة" .
وقد وجدت له طريقاً أخرى ؛ فقال ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (82/ 330) : حدثني عبدالله بن أبي بدر : أنبأنا يزيد بن هارون : أنبأنا عبدالملك ابن قدامة عن أبيه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره نحوه .
قلت : وهذا إسناد مرسل ضعيف ؛ عبدالملك بن قدامة ضعيف .
وأبوه - قدامة بن إبراهيم بن محمد بن حاطب الجمحي - تابعي ، روى عنه جمع ؛ وذكره ابن حبان في "الثقات" . وقال الحافظ :
"مقبول" .

(/1)


5275 - ( تنسخ دواوين أهل الأرض في دواوين أهل السماء كل اثنين وخميس ، فيغفر لكل مسلم لا يشرك بالله شيئاً ؛ إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 435 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (9/ 128/ 9274 - ط) و (3/ 271/ 1 - مجمع البحرين) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (273-274) من طريق عبدالصمد بن عبدالعزيز المقرىء : حدثنا عمرو بن أبي قيس عن منصور عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن منصور إلا عمرو ؛ ولا عنه إلا عبدالصمد ، تفرد به محمد بن عمار" .
ثم رواه من طريق سعيد بن بشير عن أبي الزبير عن جابر نحوه .
قلت : في الطريق الأولى : عمرو بن أبي قيس - وهو الرازي الأزرق - ؛ وفيه ضعف ؛ قال الحافظ :
"صدوق له أوهام" .
وعبدالصمد بن عبدالعزيز المقرىء ؛ ذكره البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 105) دون جرح أو تعديل ، وابن حبان في "الثقات" (8/ 415) برواية محمد ابن مسلم بن وارة عنه ، فهو مجهول الحال .
وفي الطريق الأخرى عنعنة أبي الزبير ؛ وضعف سعيد بن بشير .
ثم خرجته بتوسع برقم (6825) .
ومما سبق يتبين تساهل الهيثمي في قوله - في كل من الطريقين (8/ 66) - :
"ورجاله ثقات" !
وكذا قال المنذري في حديث جابر (3/ 282) !

(/1)


5276 - ( السواك مطهرة للفم ، مرضاة للرب ، ومجلاة للبصر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 436 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 35 - الجامعة الإسلامية) من طريق الحارث بن مسلم عن بحر السقا عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن بحر إلا الحارث" .
قلت : والظاهر أنه الرازي المقرىء ، روى عن الثوري وطبقته . قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 88) عن أبيه :
"شيخ ثقة صدوق ، وصليت خلفه" . وعن أبي زرعة قال :
"صدوق ، لا بأس به ، وكان رجلاً صالحاً" .
قلت : وخفي هذا على الذهبي ثم العسقلاني ، فلم يزيدا في ترجمته على قولهما :
"قال السليماني : فيه نظر" !
وعلة الحديث ممن فوقه :
أولاً : بحر السقا - وهو ابن كنيز الباهلي - ؛ متفق على تضعيفه ؛ بل تركه أبو داود ، والدارقطني ، وغيرهما .
ثانياً : جويبر - وهو ابن سعيد الأزدي البلخي - ، وهو أيضاً متروك . وقال الحافظ :
"ضعيف جداً" .
ثالثاً : الضحاك - وهو ابن مزاحم - ؛ لم يلق ابن عباس .
ومع هذه العلل ؛ سكت المنذري (1/ 101) عن الحديث ؛ فلم يضعفه ولو بالإشارة إليه ؛ كما هي غالب عادته !! وأما الهيثمي ؛ فاقتصر على قوله (1/ 220) :
"وفيه بحر بن كنيز السقا ، وقد أجمعوا على ضعفه" !
وإنما أخرجت الحديث هنا ؛ لزيادة : "ومجلاة للبصر" ، وإلا ؛ فهو بدونها صحيح ، وهو مخرج في "المشكاة" (381) ، و"الإرواء" (66) .

(/1)


5277 - ( تخللوا ؛ فإنه نظافة ، والنظافة تدعو إلى الإيمان ، والإيمان مع صاحبه في الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 438 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 35 - الجامعة ، ورقم 7311 - ط) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 183-184) ، والخطيب في "التلخيص" (ق 111/ 2) عن النضر بن هشام الأصبهاني : حدثنا إبراهيم بن حيان بن حكيم بن حنظلة بن سويد بن علقمة بن سعد بن معاذ الأنصاري : حدثني شريك عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لم يروه عن مغيرة إلا شريك ، ولا عنه إلا إبراهيم ، تفرد به النضر" .
قلت : ترجمه أبو نعيم في "الأخبار" (2/ 330) بروايته عن جمع ، وعنه اثنان ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، ولا وفاة ، فهو مجهول الحال .
لكن قال أبو حاتم كما في "الجرح" :
"صدوق" .
فالآفة من شيخه إبراهيم بن حيان ؛ فقد أورده ابن عدي (4/ 1) ، وقال :
"ضعيف جداً ، حدث عن شعبة والحمادين وغيرهم من الثقات بالبواطيل" ؛ ثم ساق له حديثين آخرين ، ثم قال :
"وهذان الحديثان مع أحاديث أخرى يرويها إبراهيم ؛ عامتها موضوعة مناكير" .
والفقرة الوسطى من الحديث ؛ أوردها الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 111) ، وقال :
"رواه الطبراني في "الأوسط" بسند ضعيف جداً" .
قلت : وقد اشتهرت بلفظ :
"بني الدين على النظافة" ! ولم يجد الحفاظ له أصلاً ، وإن أورده الغزالي في "الإحياء" ؛ فقد تعقبه العراقي بقوله :
"لم أجده" . وأقره الحافظ السخاوي في "المقاصد" .
والحديث ؛ أورده المنذري (1/ 103) مصدراً له بحرف : (عن) ! ثم قال :
"رواه الطبراني في "الأوسط" هكذا مرفوعاً ، ووقفه في "الكبير" على ابن مسعود بإسناد حسن ، وهو الأشبه" !
وفيه نظر من وجهين - بل ثلاثة - :
الأول : سكوته عن ضعفه الشديد الذي تقدم بيانه ؛ خلافاً للهيثمي ؛ فإنه لم يسعه إلا أن يكشف عن علته ، فقال :
"... وفيه إبراهيم بن حيان ؛ قال ابن عدي : أحاديثه موضوعة" .
الثاني : أنه أوهم أنه في "الكبير" بلفظ "الأوسط" ! وليس كذلك ؛ فإنه أخرجه في "الكبير" (3/ 28/ 2) من طريق طلحة بن مصرف قال : حدثت عن عبدالله بن مسعود أنه قال :
خللوا الأصابع الخمس ؛ لا يحشوها الله ناراً .
فهذا لفظ غير حديث الترجمة ؛ كما هو ظاهر .
والثالث : أنه منقطع بين طلحة وابن مسعود ، فتحسينه إياه غير حسن .
وقد أشار إلى ذلك الهيثمي بقوله (1/ 236) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ؛ وفيه راو لم يسم ، وبقية رجاله ثقات" .
وقد روي الحديث عن أبي هريرة بلفظ آخر قريب من هذا ، وهو أقرب إلى حديث الغزالي المذكور آنفاً ، وسبق تخريجه برقم (3264) .
(تنبيه) : من أوهام المناوي أنه نقل في "الفيض" قول ابن عدي في راوي حديث الترجمة :
"أحاديثه موضوعة" ، وقول المنذري في إسناد الموقوف :
"إسناده حس ، وهو الأشبه" !!
فخفي عليه الانقطاع المنافي للتحسين ! هذا أولاً .
وثانياً : قال في "التيسير" في حديث الترجمة : "وإسناده حسن" !
فكأن بصره انتقل حين نقله من "الفيض" إلى تحسين المنذري .
ولذلك ؛ تعقبه الشيخ الغماري في "المداوي" (3/ 264) بأن تحسينه إياه باطل ؛ إذ كيف يكون حسناً ؛ وفي سنده من أحاديثه موضوعة ؟!
لكن الغماري بدوره لم يتنبه للانقطاع الذي في سند "الكبير" ولا لمخالفة متنه للمرفوع !!

(/1)


5279 - ( يخرج خلق من أهل النار ، فيمر الرجل بالرجل من أهل الجنة فيقول : يا فلان ! ألا تعرفني ؟! فيقول : ومن أنت ؟ فيقول : أنا الذي استوهبتني وضوءاً ؛ فوهبت لك ؛ فيشفع فيه ، ويمر الرجل فيقول : يا فلان ! أما تعرفني ؟! فيقول : ومن أنت ؟ فيقول : أنا الذي بعثتني في حاجة كذا وكذا ؛ فقضيتها لك ؛ فيشفع له فيشفع فيه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 441 :
$ضعيف$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (290-291) من طريق الفضل بن حماد : أخبرنا مسدد : أخبرنا عبدالله بن داود عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ يزيد الرقاشي - وهو ابن أبان القاص - ضعيف .
وبقية رجاله ثقات رجال البخاري ؛ غير الفضل بن حماد - وهو الواسطي - ؛ قال العقيلي في "الضعفاء" (ص 352) :
"في إسناده نظر" . وقال الذهبي :
"فيه جهالة" .
قلت : لكنه قد توبع ؛ فأخرجه ابن ماجه (3685) من طريق وكيع عن الأعمش به نحوه .
وقد سبق في هذه "السلسلة" (93) . وانظر كذلك (5186) ، و "الترغيب" (2/ 50-51) ، و"المشكاة" (5604) .
وقد روي بإسناد آخر عن أنس ، وهو الآتي بعده :

(/1)


5280 - ( إذا كان يوم القيامة ؛ جمع الله أهل الجنة صفوفاً ، وأهل النار صفوفاً ، قال : فينظر الرجل من صفوف أهل النار إلى الرجل من صفوف أهل الجنة ، فيقول : يا فلان ! أما تذكر يوم صنعت إليك في الديا معروفاً ؟! فيأخذ بيده ، فيقول : يا رب ! إن هذا اصطنع إلي في الدنيا معروفاً ، فيقال له : أدخله الجنة برحمتي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 442 :
$ضعيف$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (290) من طريق الحسين بن علي بن الوليد الفسوي : أخبرنا أحمد بن عمران الأخنسي قال : سمعت أبا بكر بن عياش يحدث عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علته الأخنسي هذا ؛ قال الذهبي :
"قال البخاري : يتكلمون فيه . لكنه سماه محمداً . فقيل : هما واحد . وقال أبو زرعة : كوفي تركوه . وتركه أبو حاتم" .
وذكر له الحافظ في "اللسان" هذا الحديث من تخريج البيهقي في "البعث" ؛ وقال :
"تفرد به أحمد ، وهو خبر منكر بهذا السند" .

(/1)


5281 - ( من أتى كاهناً فصدقه بما يقول ؛ فقد برىء مما أنزل على محمد صلي الله عليه وسلم ، ومن أتاه غير مصدق له ؛ لم يقبل له صلاة أربعين ليلة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 443 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 394) : حدثنا محمد بن الحسن : حدثنا محمد بن [أبي] السري : حدثنا رشدين بن سعد عن جرير بن حازم عن قتادة عن أنس مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن قتادة إلا جرير ، ولا عنه إلا رشدين ، تفرد به محمد بن السري" .
قلت : وهو محمد بن المتوكل بن عبدالرحمن بن حسان الهاشمي مولاهم ، أبو عبدالله بن أبي السري العسقلاني ؛ مختلف فيه . قال الحافظ :
"صدوق عارف ، له أوهام كثيرة" .
قلت : وشيخه رشدين بن سعد ضعيف .
وله أعله المنذري (4/ 52) ، ثم الهيثمي (5/ 118) .
والحديث محفوظ دون الشطر الثاني منه ؛ فهو منكر ، وهو مخرج في "الإرواء" (2006) ، ثم أعيد تخريجه برقم (6523) وفيه فائدة زائدة .

(/1)


5282 - ( لو كان لأحدكم هذه السارية ؛ لكره أن تجدع ، كيف يعمد أحدكم فيجدع صلاته التي هي الله ؟! أتموا صلاتكم ؛ فإن الله لا يقبل إلا تاماً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 443 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 40/ 2) من طريق خالد ابن يزيد العمري : حدثنا عبدالملك بن يحيى بن الزبير عن بلال بن يحيى بن طلحة عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال :
"لم يروه عن بلال إلا عبدالملك ، تفرد به خالد" .
قلت : وهو متفق على تضعيفه ؛ بل كذبه بعضهم . قال الذهبي :
"كذبه أبو حاتم ، ويحيى . قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات" ؛ ثم ذكر له عدة مناكير ، قال في أحدها :
"إنها من بلاياه" .
وساق له الحافظ في "اللسان" آخر ؛ وقال :
"فهذا من وضع خالد" .
وعبدالملك : هو ابن يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير ؛ أورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 375) من رواية الوليد بن مسلم عنه ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وفي ذهني أنه في "ثقات ابن حبان" ، وليس هو تحت يدي الآن لأتحقق منه ، فليراجعه من شاء .
ومن ذلك ؛ تعلم أن المنذري وهم وهماً فاحشاً حين قال (1/ 182) - وتبعه الهيثمي ؛ كما هي عادته (2/ 121) - :
"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن" !!

(/1)


5283 - ( خطوتان : إحداهما أحب الخطا إلى الله ، والأخرى أبغض الخطا إلى الله ، فأما الخطوة التي يحبها الله عز وجل ؛ فرجل نظر إلى خلل في الصف فسده ، وأما التي يبغض الله ؛ فإذا أراد الرجل أن يقوم مد مد رجله اليمنى ، ووضع يده عليها ،وأثبت اليسرى ، ثم قام ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 445 :
$ضعيف$
أخرجه الحاكم (1/ 272) ، وعنه البيهقي (2/ 288) من طريق أحمد بن الفرج : حدثنا بقية بن الوليد : حدثنا يحيى بن سعيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعاً . وقال الحاكم :
"صحيح على شرط مسلم ؛ فقد احتج بقية في الشواهد" ! وأقره المنذري (1/ 175) ! ورده الذهبي بقوله :
"قلت : لا ؛ فإن خالداً عن معاذ منقطع" .
وأقول : وفيه علة أخرى ؛ وهي أحمد بن الفرج ؛ فإنه مع كونه ليس من رجال مسلم مطلقاً - لا في الأصول ، ولا في الشواهد - ؛ فقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة ، حتى كذبه محمد بن عوف الطائي . وقال ابن عدي :
"لا يحتج به" .
ومشاه آخرون .
ثم إن تصحيح الحاكم إياه على شرط مسلم منتقد من جهة أخرى ، ذلك ؛ أنه إذا كان مسلم احتج ببقية في الشواهد ؛ فلا يكون الحديث على شرطه إذا تفرد به بقية ؛ كما هو الشأن هنا ؛ إلا إذا ذكر له الحاكم شاهداً ، وذلك مما لم يفعله ، فخرج الحديث عن كونه على شرط مسلم ! فكيف وأحمد بن الفرج لم يخرج له مطلقاً ؛ كما سبق ؟!
والشطر الثاني من الحديث ؛ قد روي معناه عن ابن عباس ومجاهد :
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 72/ 2) بإسنادين عنهما .
وفي سند الأول : خصيف الجزري ، وهو ضعيف .
وفي الآخر محمد بن علي السلمي عن إبراهيم بن معبد ، ولم أعرفهما .

(/1)


5284 - ( أمرنا أن نصلي من الليل ما قل وكثر ، ونجعل آخر ذلك وتراً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 446 :
$ضعيف$
أخرجه البزار (ص 78 - زوائده) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 61/ 2) من طريق سلام بن أبي خبزة : حدثنا يونس عن الحسن عن سمرة قال : ... فذكره مرفوعاً . وقال البزار :
"تفرد به سلام ، وهو بصري ضعيف قدري" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، وله علتان :
الأولى : عنعنة الحسن البصري .
والأخرى : سلام هذا متروك ؛ قال ابن المديني :
"يضع الحديث" . وقال النسائي :
"متروك" . وقال الدارقطني :
"ضعيف" .
قلت : لكنه قد توبع ؛ فقال ابن نصر في "قيام الليل" (ص 33 - المكتبة الأثرية) : حدثنا محمد بن يحيى : حدثنا صفوان بن عيسى عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن به .
قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات ؛ إن كان إسماعيل بن مسلم هذا هو البصري العبدي ؛ وإن كان هو المكي ؛ فضعيف ، ولم يذكرهما الحافظ المزي في شيوخ صفوان بن عيسى . والله أعلم .
وسواء كان هذا أو ذاك ؛ فعلة عنعنة الحسن لا تزال قائمة .
وللحديث طريق أخرى ؛ فقال البزار : حدثنا خالد بن يوسف : حدثنا أبي : حدثنا جعفر بن سعد عن [خبيب بن] سليمان بن سمرة عن أبيه عن جده سمرة ابن جندب به .
قلت : ولكنها طريق هالكة ؛ خالد بن يوسف ضعيف .
وأبوه يوسف - وهو ابن خالد السمتي - شر منه ، قال الذهبي في ترجمة ابنه خالد :
"أما أبوه ؛ فهالك ، وأما هو ؛ ضعيف" .
ومن فوقهما ليس فيهم ثقة ، وقد تكلمت عليهم في "صحيح أبي داود" تحت الحديث (480) .

(/1)


5285 - ( لا بد من صلاة بليل ، ولو حلب ناقة ، ولو حلب شاة ، وما كان بعد صلاة العشاء الآخرة ؛ فهو من الليل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 447 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 39/ 2) من طريق محمد ابن إسحاق عن عبدالرحمن بن الحارث عن إياس بن معاوية المزني أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : عنعنة ابن إسحاق .
وبها أعله الهيثمي - وأشار إلى ذلك المنذري (1/ 217) - ، فقال الهيثمي (2/ 252) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه محمد بن إسحاق ، وهو مدلس ، وبقية رجاله ثقات" !
قلت : وفاتتهما علة ثانية ؛ وهي :
الأخرى : الإرسال أوالإعضال ، وذلك ؛ لأن المزني هذا ليس صحابياً ؛ كما توهم الطبراني فأورد الحديث في ترجمته من "المعجم" ؛ وتبعه على ذلك المنذري حين لم ينبه على ذلك ، وتبعه الهيثمي ! إلا أن الأول زاد في الإيهام بأن قرن الترضي عليه باسمه فقال :
"وعن إياس بن معاوية المزني رضي الله عنه ..." !
قلت : وإنما هو تابعي صغير ؛ قال الحافظ في "القسم الرابع" من "الإصابة" :
"وقد وهم من جعله صحابياً ، وهو تابعي صغير ، مشهور بذلك ، وهو إياس القاضي المشهور بالذكاء ، مات سنة إحدى وعشرين ومئة ، وقيل : سنة اثنتين وعشرين" .
من أجل ذلك صرح الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 328) بأنه مرسل .
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "التهجد" (1/ 3) : حدثنا إسحاق بن إسماعيل : حدثنا سفيان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره باللفظ الآخر :
"ولو قدر حلب شاة ..." دون ما بعده .
وهذا إسناد صحيح ؛ لكنه مرسل ، رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير إسحاق ابن إسماعيل - وهو الطالقاني - ، وهو ثقة .

(/1)


5286 - ( من قال إذا أصبح وإذا أمسى : حسبي الله لا إله إلا هو ؛ عليه توكلت ، وهو رب العرش العظيم ؛ سبع مرات ؛ كفاه الله ما أهمه ، صادقاً كان أو كاذباً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 449 :
$منكر$
أخرجه أبو داود (5081) - عن يزيد بن محمد الدمشقي - ، وابن عساكر في "التاريخ" (10/ 146/ 2) - من طريق أبي زرعة وإبراهيم بن عبدالله بن صفوان - ثلاثتهم قالوا : حدثنا عبدالرزاق بن عمر بن مسلم - زاد يزيد بن محمد الدمشقي : وكان من ثقات المسلمين من المتعبدين - : أخبرنا مدرك بن أبي سعد (وقال يزيد : ابن سعد ، شيخ ثقة) عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال : ... فذكره موقوفاً عليه .
وخالفهم أحمد بن عبدالله بن عبدالرزاق المقرىء فقال : أخبرنا جدي عبدالرزاق ابن عمر بإسناده المذكور عن أبي الدرداء مرفوعاً .
أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 71) ، وابن عساكر (10/ 157/ 1) من طريقين عنه ؛ إلا أن ابن السني لم يذكر فيه قوله :
"صادقاً كان أو كاذباً" .
وكذلك لم يذكر هذه الزيادة في رواية أبي داود الحافظ ابن كثير في "التفسير" ، والسيوطي في "الدر المنثور" (3/ 297) . ولما ذكرها ابن كثير من رواية ابن عساكر الأولى الموقوفة ؛ قال :
"وهذه زيادة غريبة" . ثم قال في حديث ابن عساكر هذا المرفوع - وفيه الزيادة - .
"وهذا منكر ، والله أعلم" .
وجملة القول في هذا الحديث : أن إسناد الموقوف رجاله ثقات ، بخلاف المرفوع ؛ فإن مداره على أحمد بن عبدالله بن عبدالرزاق المقرىء ، ولم أعرفه ، ولا ذكره ابن الجزري في "غاية النهاية في طبقات القراء" .
ومع ذلك ؛ فقد خالف الثقات الذين أوقفوه ؛ كما رأيت ، فحري بمثله أن يكون ما رفعه منكراً .
وأما قول المنذري في "الترغيب" (1/ 227) :
"رواه أبو داود هكذا موقوفاً ، ورفعه ابن السني وغيره ، وقد يقال : إن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد ، فسبيله سبيل المرفوع" !
فأقول : ذلك من الممكن بالنسبة لأصل الحديث ، بخلاف الزيادة ؛ فإنها غريبة منكرة ؛ كما قال ابن كثير ، وهو ظاهر جداً ؛ إذ لا يعقل أن يؤجر المرء على شيء لا يصدق به ، بل هذا شيء غير معهود في الشرع . والله أعلم .
ثم رأيت الحديث قد روي مرسلاً بلفظ :
"من قال : حسبي الله لا إله إلا هو ، عليه توكلت ، وهو رب العرش العظيم ؛ قال الله عز وجل : لأكفين عبدي ؛ صادقاً كان أو كاذباً" .
أخرجه الطبراني في "الدعاء" (ق 118/ 2) ، وعنه عبدالغني المقدسي في "السنن" (235/ 1) من طريق هشام بن عمار : حدثنا مدرك بن أبي سعد الفزاري عن يونس بن ميسرة بن حلبس قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
وهذا إسناد مرسل ، رجاله ثقات ؛ على ضعف في هشام بن عمار ؛ فإنه كان يتلقن .
فهذه على أخرى في الحديث ؛ وهي الإرسال والاضطراب في متنه . والله سبحانه وتعالى أعلم .
وأما المقدسي فقال :
"هذا حديث مرسل ، ورجاله كلهم ثقات" !

(/1)


5287 - ( يا علي !ألا أعلمك دعاءً إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك ؛ فيستجاب لك بإذن الله ، ويفرج عنك ؛ توضأ وصل ركعتين ، [واحمد الله ، وأثن عليه ، وصل على نبيك ، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات ، ثم قل :
اللهم ! أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين ، اللهم ! كاشف الغم ، مفرج الهم ، مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ! فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها ، رحمةً تغنيني بها عن رحمة من سواك] ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 451 :
$منكر$
أخرجه الأصبهاني (2/ 534/ 1278 - ط) عن إسحاق بن الفيض : أخبرنا المضاء : حدثني عبدالعزيز عن أنس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مظلم :
1- إسحاق بن الفيض ؛ لم أعرفه ، ولم أره في شيء من كتب الرجال التي عندي ، ولا في "تاريخ بغداد" ، ولم يذكره الذهبي ولا العسقلاني فيمن روى عن مضاء . وكذلك صنع قبلهما ابن أبي حاتم الرازي .
2- المضاء : هو ابن الجارود الدينوري ؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 403) عن أبيه :
"شيخ دينوري ، ليس بمشهور ، محله الصدق" .
وعقب عليه الحافظ ابن حجر في "اللسان" بقوله :
"ورأيت له خبراً منكراً ، أخرجه الإمام الرافعي في "تاريخ قزوين" في ترجمة الحسن بن الحسين بن هبةالله ..." .
ثم ساق له حديثاً آخر غير هذا .
3- عبدالعزيز ؛ لم أعرفه أيضاً ! ومن المحتمل أنه عبدالعزيز بن زياد العمي البصري الوزان ، سمع قتادة ؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 382) :
"قال أبي : أثنى عليه عبيدالله بن سعيد أبو قدامة السرخسي خيراً ، وكان عنده حديثان منقطعان ، وهو مجهول" .
وتبعه الذهبي على تجهيله إياه .
ويحتمل أنه غيره ، فقال في "الميزان" :
"عبدالعزيز بن سلمة ؛ شيخ ، عداده في التابعين ؛ مجهول . وكذا عبدالعزيز عن قتادة" .
وبالجملة ؛ فالحديث ضعيف مظلم ، فلا أدري كيف سكت عنه المنذري ؟!
وقبله حديث آخر عنده من رواية ابن أبي أوفى ، وفيه متروك متهم ؛ كما بينته في تعليقي عليه .

(/1)


5288 - ( من كان يؤمن بالله ورسوله ؛ فليؤد زكاة ماله ، ومن كان يؤمن بالله ورسوله ؛ فليقل حقاً أو ليسكت ، ومن كان يؤمن بالله ورسوله ؛ فليكرم ضيفه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 453 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 433-434/ 13561) عن يحيى بن عبدالله البابلتي : أخبرنا أيوب بن نهيك الحلبي قال : سمعت مجاهداً يقول : سمعت ابن عمر يقول : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ وقد مضى به عدة أحاديث ، فانظر رقم (5087) .
وقال الهيثمي (3/ 65) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه يحيى بن عبدالله البابلتي ، وهو ضعيف" !
قلت : وهذا تقصير واضح ؛ فإن فوقه أيوب بن نهيك الحلبي ؛ وهو أسوأ منه حالاً ؛ فإن الحافظ لما ترجم لأيوب في "اللسان" ، وساق له من مناكيره حديثاً آخر غير هذا ، وقد مضى برقم (5087) من رواية يحيى أيضاً عنه ؛ ثم قال عقبه :
"ويحيى ضعيف ؛ لكنه لا يحتمل هذا" .
والحديث ؛ أشار المنذري إلى تضعيفه (1/ 264) .

(/1)


5289 - ( كان مما ينزل على النبي صلي الله عليه وسلم الوحي بالليل ، وينساه بالنهار ، فأنزل الله عز وجل : (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 454 :
$ضعيف$
أخرجه ابن أبي حاتم : أخبرنا أبي : أخبرنا ابن نفيل : أخبر محمد ابن الزبير الحراني عن الحجاج - يعني : الجزري - عن عكرمة عن ابن عباس قال : ... فذكره .
وقال : قال لي أبو جعفر بن نفيل : ليس هو الحجاج بن أرطأة ، هو شيخ لنا جزري .
قلت : وهذا إسناد ضعيف لا يحتج بمثله ، وله علتان :
الأولى : الحجاج هذا : هو الرقي ؛ فقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ، فقال (1/ 2/ 169) :
"سئل أبو زرعة عنه ؟ فقال : لا أعرفه" .
والأخرى : محمد بن الزبير هذا ، وهو إمام مسجد حران ؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 259) :
"سألت أبي عنه ؟ فقال : ليس بالمتين . وسئل أبو زرعة عنه ؟ فقال : في حديثه شيء" . وقال ابن عدي :
"منكر الحديث" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" !

(/1)


5290 - ( كان يصلي قبل الجمعة أربعاً ، وبعدها أربعاً ، يجعل التسليم في آخرهن ركعة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 455 :
$منكر$
أخرجه ابن حبان في "الثقات" - كما في "اللسان" (5/ 245) - ، والطبراني في "معجمه الأوسط" (رقم 1612 - مصورتي) من طريق خليفة : حدثنا محمد بن عبدالرحمن السهمي : حدثنا حصين عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات ؛ غير السهمي هذا ؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 326) عن أبيه :
"ليس بمشهور" .
وذكر له البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 162) حديثاً آخر ، وقال عقبه :
"لا يتابع عليه" . وفي "اللسان" :
"وقال يحيى بن معين : ضعيف . ونقله ابن أبي حاتم ، وذكره ابن حبان في "الثقات" ..." ، ثم ساق له هذا الحديث .
وترجمه ابن عدي ، فروى قول البخاري المتقدم فيه بلفظ :
"لا يتابع في حديثه" ؛ ثم ساق له حديثين آخرين ، أحدهما هذا ؛ لكنه بلفظ آخر ؛ أخرجه (359/ 1) من طريق محمد بن المثنى : أخبرنا محمد بن عبدالرحمن السهمي - بصري - : أخبرنا حصين بن عبدالرحمن عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال :
سألت علي بن أبي طالب عن صلاة رسول الله صلي الله عليه وسلم من النهار بعد المكتوبة ؟ قال : ومن يطيق ذلك ؟! ... فذكره . وقال :
"وهذا رواه عن أبي إسحاق جماعة ، ولمحمد غير ما ذكرت ، وهو عندي لا بأس به" .
قلت : وهذا اللفظ الذي ساقه ابن عدي هو معروف ؛ كما أشار إلى ذلك ابن عدي من رواية جماعة عن أبي إسحاق ، وهو حديث فيه طول : أخرجه الإمام أحمد وغيره ، وفيه :
أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربع ركعات ، وبعد الظهر ركعتين .
وقد أخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (489-490- بتحقيقي) من طرق عن أبي إسحاق به .
فلعل السهمي اضطرب فيه ؛ فرواه مرة هكذر على الصواب ؛ كما رواه الجماعة عن أبي إسحاق ، ومرة رواه كما في حديث الترجمة ، فجعل (الجمعة) مكان (الظهر) ، و (الركعتين بعد الظهر) (أربعاً بعد الجمعة) ، وذلك مما يدل على ضعفه وقلة ضبطه .
على أنه من الممكن أن يكون هذا الاختلاف ليس منه ؛ وإنما من أحد الراويين عنه : خليفة - وهو ابن خياط العصفري - ، ومحمد بن المثنى .
فإن كان كذلك ؛ فرواية الثاني منهما أرجح ؛ لأنه ثقة ثبت ، احتج به الستة ، بخلاف الأول ؛ فإنه صدوق ربما أخطأ ؛ كما في "التقريب" ، ولم يحتج به إلا البخاري .
قلت : وهذا كله يؤكد ما كنت ذهبت إليه تحت الحديث (1001) من الشك في ثبوت حديث الترجمة ، وأن المعروف إنما هو ما رواه الجماعة عن أبي إسحاق بلفظ : "الظهر" ، لا : "الجمعة" .
فمن جود إسناده - كما سبق هناك - أو حسنه - كما فعل أحد المعاصرين المجهولين في رده علي (1/ 15) - ؛ فإنما هو بالنظر إلى ظاهر إسناده ؛ مع تساهل ظاهر في توثيق السهمي ، دون نظر أو علم بالاضطراب في متنه ، أو الاختلاف على السهمي . والله أعلم .
وقد روي الحديث عن ابن مسعود دون قوله : يجعل التسليم ...
وقد مضى برقم (1016) .

(/1)


5291 - ( كلوا ، ولا تكسروا عظماً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 457 :
$منكر$
أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 324) : حدثنا عبدالله ابن محمد بن جعفر - إملاءً وقراءة - قال : حدثنا عبدالرحمن بن حماد قال : حدثنا أبو برة محمد بن أبي هاشم - مولى بني هاشم - بمكة قال : أبو كعب البداح بن سهل الأنصاري عن أبيه سهل بن عبدالرحمن عن أبيه عبدالرحمن بن كعب بن مالك قال :
أتى جابر بن عبدالله رسول الله صلي الله عليه وسلم فسلم عليه ، فرد السلام ، قال : فرأيت وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم متغيراً ، وما أحسب وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم تغير إلا من جوع ، فأتيت منزلي ، فقلت للمرأة : ويحك ! لقد رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فسلمت عليه ، فرد علي السلام ووجهه متغير ، وما أحسب وجهه تغير إلا من الجوع ، فهل عندك من شيء ؟ قالت : والله ! ما لنا إلا هذا لك أن نذبح الداجن وتضعين ما كان عندك ، ثم نحمله إلى رسول الله ؟ قالت : أفعل من ذلك ما أحببت . قال : فذبحت الداجن ، وصنعت ما كان عندها ، وطحنت وخبزت وطبخت ، ثم ثردنا في جفنة لنا ، فوضعت الداجن ، ثم حملتها إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فوضعتها بين يديه ، فقال :
"ما هذا يا جابر !" ، قلت : يا رسول الله ! أتيتك ، فسلمت عليك ، فرأيت وجهك متغيراً ، فظننت أن وجهك لم يتغير إلا من الجوع ، فذبحت داجناً كانت لنا ، ثم حملتها إليك . قال :
"يا جابر ! اذهب ، فاجمع لي قومك" ، قال : فأتيت أحياء العرب ، فلم أزل أجمعهم ، فأتيته بهم . فقال :
"أدخلهم علي أرسالاً" . فكانوا يأكلون منها ، فإذا شبع قوم خرجوا ودخل آخرون ، حتى أكلوا جميعاً ، وفضل في الجفنة شبه ما كان فيها ، وكان يقول : ... (فذكره) .
ثم إن رسول الله صلي الله عليه وسلم جمع العظام في وسط الجفنة ، فوضع يده عليها ، ثم تكلم بكلام لم أسمعه ؛ إلا أني شفتيه تتحركان ، فإذا الشاة قد قامت تنفض أذنيها ، فقال لي :
"خذ شاتك يا جابر ! بارك الله لك فيها" .
فأخذتها ومضيت وإنها لتنازعني أذنها ؛ حتى أتيت بها البيت ، فقالت لي المرأة : ما هذه يا جابر ؟! قلت : والله ! شاتنا التي ذبحناها لرسول الله صلي الله عليه وسلم ، دعا الله فأحياها . قالت : أنا أشهد أنه لرسول الله ، أنا أشهد أنه لرسول الله ، أنا أشهد أنه لرسول الله .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مظلم ؛ سهل بن عبدالرحمن ، وابنه البداح ، ومحمد بن أبي هاشم لم أجد لهم ترجمة في شيء من كتب التراجم التي عندي .
وأما عبدالرحمن بن حماد ؛ فالظاهر أنه أبو سلمة الشعيثي ، له ترجمة في "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 225-226) ، وقال :
"سألت أبي عنه ؟ فقال : ليس بالقوي ، كدت أن أدركه .
وسئل أبو زرعة عنه ؟ فقال : بصري لا بأس به" .
وأما عبدالله بن محمد بن جعفر ؛ فهو الحافظ المشهور بأبي الشيخ ابن حيان ؛ وهو ثقة ؛ يكثر عنه أبو نعيم ، توفي سنة (369) .
وقد ظن الدكتور محمد خليل هراس - رحمه الله - في تعليقه على "الخصائص الكبرى" للسيوطي (2/ 283) أنه غيره ؛ فقال مبيناً حاله :
"قال في "الميزان" : قال ابن المقرىء : رأيتهم يضعفونه وينكرون عليه أشياء . وقال الحاكم عن الدارقطني : كذاب ، ألف كتاب "سنن الشافعي" وفيها نحو مئتي حديث لم يحدث بها الشافعي" !!
قلت : وهذا إنما قاله الذهبي في ترجمة عبدالله بن محمد بن جعفر أبي القاسم القزويني القاضي ، وذكر أنه توفي سنة خمس عشرة وثلاث مئة ، وهو قطعاً ليس شيخ أبي نعيم في هذا الحديث ؛ لأن أبا نعيم لم يدركه ؛ فإنه ولد سنة (336) ؛ أي : بعد وفاة القزويني بإحدى وعشرين سنة ! فلم يبق إلا أنه أبو الشيخ ابن حيان ؛ كما ذكرنا .
ولا غرابة في أن يقع الدكتور الهراس - رحمه الله - في هذا الخطأ ؛ فإنه ليس من العلماء في هذا الشأن ، وإنما الغريب أن يقع فيه م له معرفة به ؛ ألا وهو ابن عراق في "تنزيه الشريعة" ؛ كما كنت بينت ذلك في حديث آخر تقدم برقم (265) .
ونحو ذلك ؛ قول الحافظ ابن حجر في رسالة "من عاش بعد الموت" (ق 18/ 2) :
"وهذا الإسناد لا بأس به ، وهو أصرح ما رأيته في هذا الباب" !
مع أنه قد قال - قبل ذلك مباشرة - :
"أصل هذا الحديث في "الصحيح" باختصار ، وليس فيه قصة إحياء الشاة" .
قلت : فإذا كان كذلك ؛ أفلا تكون القصة منكرة ، أو على الأقل شاذة ؛ لمخالفتها لما رواه الثقات الذين لم يذكروها في حديث جابر ؟!
وقد أخرجه البخاري في "مغازي الصحيح" ، وغيره ؛ كالفريابي في "دلائل النبوة" ، والبيهقي أيضاً (1/ 1/ 131/ 1-136/ 2) ، وأحمد (3/ 377) من طرق عن جابر ؛ دون ذكر إحياء الشاة .
ومن هذا التخريج والتحقيق ؛ يتبين لك خطأ الشيخ حسن مرزوق الميداني (والظاهر أنه المعروف بحبنكة) في تقويته للقصة بقوله :
"وقد ثبت في حديث جابر : أن النبي صلي الله عليه وسلم جمع عظام الداجن بعد الأكل ، فوضع يده عليها ، فإذا الشاة قد قامت تنفض أذنيها" !

(/1)


5293 - ( تعلموا العلم ؛ فإن تعليمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ؛ لأنه معالم الحلال والحرام ، ومنار سبل أهل الجنة ، وهو الأنس في الوحشة ، والصاحب في الغربة ، والمحدث في الخلوة ، والدليل على السراء والضراء ، والسلاح على الأعداء ، والزين عند الأخلاء ؛ يرفع الله به أقواماً ؛ فيجعلهم في الخير قادة وأئمة تقتص آثارهم ، ويقتدى بأفعالهم ، وينتهى إلى رأيهم ، ترغب الملائكة في خلتهم ، وبأجنحتها تمسحهم ، يستغفر لهم كل رطب ويابس ، وحيتان البحر وهوامه ، وسباع البر وأنعامه ؛ لأن العلم حياة القلوب من الجهل ، ومصابيح الأبصار من الظلم ؛ يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار ، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة ، التفكر فيه يعدل الصيام ، ومدارسته تعدل القيام ، به توصل الأرحام ، وبه يعرف الحلال من الحرام ؛ هو إمام العمل والعمل تابعه ، ويلهمه السعداء ، ويحرمه الأشقياء ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 461 :
$موضوع$
أخرجه ابن عبدالبر في "الجامع" (1/ 54-55) من طريق موسى بن محمد بن عطاء القرشي قال : حدثنا عبدالرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن الحسن عن معاذ بن جبل مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد موضوع ، وله آفتان :
الأولى : عبدالرحيم بن زيد العمي ؛ فإنه متروك .
والأخرى : ابن عطاء القرشي هذا : هو الدمياطي البلقاوي المقدسي ؛ قال الذهبي في "الميزان" :
"أحد التلفى" . وقال في "المغني" :
"كذاب ، متهم" . وقال ابن حبان وغيره :
"كان يضع الحديث" . وقال ابن عدي :
"كان يسرق الحديث" .
قلت : وقد رواه المسيب بن شريك عن حميد عن أنس مرفوعاً به .
أخرجه الدواليبي في "فضل العلم" (رقم 3 - نسختي) بإسناده إلى الحسن ابن علي المكتب عن المسيب به .
والحسن بن علي المكتب لم أعرفه .
لكن الآفة من شيخه المسيب ؛ فإنه متروك ! ضرب أحمد ويحيى بن معين وأبو خيثمة على حديثه . وقال الساجي وغيره :
"متروك الحديث" . ونقل الفلاس الإجماع على ذلك .
قلت : فلا يبعد أن يكون البلقاوي سرقه منه ؛ وركب له إسناداً آخر إلى معاذ .
على أن الحسن لم يسمع منه ؛ ولوائح الوضع والتركيب ظاهرة على الحديث .
وأما قول ابن عبدالبر عقبه :
"وهو حديث حسن جداً ؛ ولكن ليس له إسناد قوي ، ورويناه من طرق شتى موقوفاً" !!
قلت : ثم ساق إسناد أحدها ، وفيه أبو عصمة نوح بن أبي مريم ، وهو وضاع ! وقال المنذري في "الترغيب" (1/ 54) عقبه :
"كذا قال - رحمه الله - ! ورفعه غريب جداً" .

(/1)


5294 - ( إن للصلاة المكتوبة عند الله وزناً ؛ من انتقص منها شيئاً حوسب به فيها على ما انتقص ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 463 :
$موضوع$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (4/ 475) من طريق سليمان بن محمد عن أبي بكر بن عبدالله بن أبي سبرة عن عبدالأعلى بن عبدالله بن أبي فروة عن محمد بن عبدالرحمن الأسدي عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد موضوع ؛ آفته أبو بكر هذا ؛ قال أحمد وغيره :
"كان يضع الحديث" . وقال الحاكم :
"يروي الموضوعات عن الأثبات - مثل هشام بن عروة وغيره -" .

(/1)


5295 - ( من قرأ عشر آيات في ليلة ؛ كتب من المصلين ، ولم يكتب من الغافلين ، ومن قرأ خمسين آية ؛ كتب من الحافظين ، ومن قرأ مئة آية ؛ كتب من القانتين ، ومن قرأ ثلاث مئة آية ؛ لم يحاجه القرآن في تلك الليلة ، ويقول ربك عز وجل : لقد نصب عبدي في ، ومن قرأ ألف آية ؛ كان له قنطار ؛ القيراط منه خير من الدنيا وما فيها ، فإذا كان يوم القيامة ؛ قيل له : اقرأ وارق ، فكلما قرأ آية ؛ صعد درجة حتى ينتهي إلى ما معه ، يقول الله عز وجل له : اقبض بيمينك على الخلد ، وبشمالك على النعيم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 464 :
$منكر$
رواه ابن عساكر (15/ 75/ 1) عن أحمد بن المعلى : حدثنا محمد بن تمام (الأصل : ابن خليل) : حدثنا ابن عياش عن يحيى بن الحارث : حدثني القاسم أبو عبدالرحمن عن فضالة بن عبيد وتميم الداري مرفوعاً .
قال : وحدثني محمد بن تمام اللخمي : حدثني منبه عن صدقة - وهو ابن عبدالله - عن يحيى بن الحارث عن القاسم به .
أورده في ترجمة محمد بن تمام اللخمي هذا ؛ وقال فيه :
"من أهل دمشق ، حدث عن منبه بن عثمان . روى عنه ابن المعلى وعلي بن محمد ومحمد بن هارون بن محمد بن بكار بن بلال . قال أبو عبدالله بن منده : مات محمد بن تمام بعد الستين ؛ يعني : ومئتين" .
ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
قلت : فهو من المستورين الذين يستشهد بهم في المتابعات ، ولا يحتج بهم استقلالاً لجهالة حالهم ؛ لا سيما عند المخالفة .
وهنا قد خالفه محمد بن بكير الحضرمي فقال : أخبرنا إسماعيل بن عياش به مختصراً بلفظ :
"من قرأ عشر آيات في ليلة ؛ كتب له قنطار من الأجر ، والقنطار خير من الدنيا وما فيها ، فإذا كان يوم القيامة ..." والباقي مثله .
أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 63/ 1) و "الأوسط" (1/ 62/ 2 - مجمع البحرين) ، وقال :
"لا يروى عن فضالة وتميم إلا بهذا الإسناد ، تفرد به إسماعيل" .
قلت : وهذا إسناد حسن ؛ فإن إسماعيل بن عياش روايته عن الشاميين مقبوله ؛ كما قال المنذري (2/ 221-222) وتبعه الهيثمي (2/ 267) ، وهذه منها .
ومحمد بن بكير الحضرمي - وهو ابن بكير بن واصل - وثقه يعقوب بن شيبة وغيره ؛ كما في "تاريخ بغداد" (2/ 95-96) ، فروايته مقدمة على رواية ابن تمام .

(/1)


5296 - ( من قال إذا أصبح : سبحان الله وبحمده ألف مرة ؛ فقد اشترى نفسه من الله ، وكان في آخر يومه عتيق الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 465 :
$ضعيف$
أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (2/ 831/ 918) ، والطبراني في "الأوسط" (ص 435 - مجمع البحرين ، مصورة الجامعة الإسلامية) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ق 79/ 2) عن الحارث بن أبي الزبير المدني : حدثني أبو يزيد اليمامي عن طاوس بن عبدالله بن طاوس عن أبيه عن جده عن عبدالله بن عباس مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لا يروى عن طاوس إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وهو إسناد مظلم ؛ فإن طاوس بن عبدالله لم أجد له ترجمة ، مع أن الحافظ المزي قد ذكره في الرواة عن أبيه عبدالله !
ومثله أبو يزيد اليمامي .
وأما الحارث بن أبي الزبير ؛ فقال الأزدي :
"ذهب علمه" .
قلت : لكن روى عنه أبو زرعة ، وهو لا يروي إلا عن ثقة ؛ فقد قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 75) :
"حدثنا عنه الحسن بن عرفة وأبو زرعة . سألت أبي عنه ؟ فقال : هو شيخ ؛ بقي حتى أدركه أبو زرعة وأصحابنا وكتبوا عنه" . ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
قلت : فعلة الحديث من اللذين فوقه أو أحدهما .
وقد أشار إلى ذلك الهيثمي بقوله (10/ 114) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ؛ وفيه من لم أعرفه" .
ولذلك ؛ أشار المنذري (1/ 231) إلى تضعيف الحديث ؛ وعزاه للخرائطي أيضاً .
ولم يعزه السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 806) إلا إليه ! وقيده بـ "مكارم الأخلاق" !
واعلم أن هذا العدد (الألف) هو أكثر ما وقفت عليه مما روي في الذكر ، وثمة حديث آخر جاء في التهليل ألف مرة ، ولكنه منكر ، والمحفوظ :
"مئة مرة إذا أصبح ، ومئة مرة إذا أمسى" .
كما هو مبين في "الصحيحة" (2762) .
وأما أكثر من ذلك ؛ فهو من مبتدعات الصوفيين والطرقيين !
وأما حديث : "من قال : لا إله إلا الله سبعين ألفاً ؛ فقد اشترى نفسه من الله تعالى" !
فقد قال الحافظ ابن حجر - وقد سئل عنه - :
"ليس بصحيح ولا حسن ولا ضعيف ، بل هو باطل موضوع ، لا تحل روايته إلا مقروناً ببيان حاله" .
نقله الشيخ محمد بن أحمد نجم الدين الغيطي في "الابتهاج في الكلام على الإسراء والمعراج" (5/ 1) ، ثم علق عليه بقوله :
"لكن ينبغي للشخص أن يفعلها اقتداءً بالسلف (!) ، وامتثالاً لقول من أوصى بها ، وتبركاً بأفعالهم" (!)
كذا قال ! ويعني بـ (السلف) هنا : مشايخ الصوفية ، وبـ (من أوصى بها) : ابن عربي - النكرة - ، كما ذكر هو نفسه قبيل الحديث .
فانظر أيها المسلم ! كيف جعل كلام هؤلاء وفعلهم بمنزلة كلام الله تعالى ، وكلام رسول الله صلي الله عليه وسلم وفعله ؟! والله عز وجل يقول : (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدينا ما لم يأذن به الله" .
وأما ما رواه إبراهيم بن الحكم : حدثني أبي : حدثنا أبان بن أبي عياش ، قال :
من قال : لا إله إلا الله مئتي مرة ؛ بعثه الله يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر .
أخرجه الأصبهاني (ق 256/ 2) !
فهو مع كونه مقطوعاً موقوفاً على أبان بن أبي عياش ؛ فهو نفسه متروك .
وإبراهيم بن الحكم ضعيف .
وأبوه خير منه .

(/1)


5297 - ( من قال حين يصبح - ثلاث مرات - : اللهم ! لك الحمد لا إله إلا أنت ، أنت ربي وأنا عبدك ، آمنت بك مخلصاً لك ديني ، إني أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت ، أتوب إليك من شر عملي ، وأستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها إلا أنت ، فإن مات في ذلك اليوم دخل الجنة .
وإن قال حين يمسي - ثلاث مرات - : اللهم ! لك الحمد لا إله إلا أنت ، أنت ربي وأنا عبدك ، أمسيت على عهدك ووعدك ما استطعت ، أتوب إليك من شر عملي ، وأستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها إلا أنت ، فمات في تلك الليلة دخل الجنة .
ثم كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يحلف على غيره ، يقول : والله ! ما قالها عبد في يوم فيموت في ذلك اليوم ؛ إلا دخل الجنة ، وإن قالها حين يمسي فتوفي في تلك الليلة ؛ دخل الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 468 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 438) : حدثنا بكر : حدثنا عمرو بن هاشم : حدثنا محمد بن شعيب بن شابور : حدثني يحيى بن حارث الذماري عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . ثم قال :
"لم يروه عن يحيى إلا محمد بن شعيب ، تفرد به عمرو بن هاشم" .
قلت : وهو البيروتي ، وهو صدوق يخطىء ؛ كما في "التقريب" .
والراوي عنه - بكر - هو ابن سهل الدمياطي ؛ ضعفه النسائي .
وعلي بن يزيد - وهو الألهاني الدمشقي - مثله في الضعف أو أسوأ .
وبه أعله الهيثمي ، فقال (10/ 114) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" ، وفيه علي بن يزيد الألهاني ، وهو ضعيف" .
ولذلك ؛ أشار المنذري (1/ 231) إلى تضعيف الحديث .

(/1)


5298 - ( جاءني جبريل بدعوات فقال : إذا نزل بك أمر من أمر دنياك ؛ فقدمهن ، ثم سل حاجتك :
يا بديع السماوات والأرض ! يا ذا الجلال والإكرام ! يا صريخ المستصرخين ! يا غياث المستغيثين ! يا كاشف السوء ! يا أرحم الراحمين ! يا مجيب دعوة المضطرين ! يا إله العالمين ! بك أنزل حاجتي ، وأنت أعلم ؛ فاقضها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 469 :
$موضوع$
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (3/ 327) من طريق محمد ابن زكريا البصري : أخبرنا الحكم بن أسلم : أخبرنا أبو بكر بن عياش عن أبي الحصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته محمد بن زكريا هذا - وهو الغلابي - ؛ قال الدارقطني :
"يضع الحديث" .
والحكم بن أسلم صدوق ؛ كما في "الجرح والتعديل" (1/ 2/ 114) .
ومن فوقه من رجال البخاري ؛ على ضعف في أبي بكر بن عياش .
(تنبيه) : قال المنذري في تخريج الحديث (1/ 244) :
"رواه الأصبهاني ، وفي إسناده إسماعيل بن عياش ، وله شواهد كثيرة" !
قلت : فوهم في أمرين :
الأول : أنه أعله بإسماعيل بن عياش ! وإنما هو أبو بكر بن عياش .
والآخر : أنه خفي عليه علته الحقيقية القادحة ؛ وهي الغلابي .
وأما قوله : "وله شواهد كثيرة" .
فالظاهر أنه يشير إلى حديث أنس عند الأصبهاني أيضاً بلفظ آخر ؛ ذكره هو قبل هذا بحديث ، وقد سبق تخريجه برقم (5287) ، وإلى حديث ابن أبي أوفى الذي ذكره قبل حديث أنس ، وهو حديث ضعيف جداً ؛ فيه فائد بن عبدالرحمن ابن أبي الورقاء ؛ وهو متروك ؛ كما قال المنذري نفسه .

(/1)


5299 - ( الساعة التي في يوم الجمعة ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 470 :
$منكر$
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 453) عن هانىء بن خالد قال : حدثنا أبو جعفر الرازي عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد مظلم ، أورده في ترجمة هانىء هذا ؛ وقال :
"بصري . حديثه غير محفوظ ، وليس بمعروف بالنقل ، ولا يتابع عليه ، ولا يعرف إلا به" .
قلت : وشيخه والليث فوقه ؛ كلاهما ضعيف أيضاً .
(تنبيه) : هكذا وقع الحديث في نسخة "الضعفاء" :
"إلى غروب الشمس" . وفي "اللسان" نقلاً عنه بلفظ :
"إلى طلوع الشمس" .
وهذا أقرب إلى الصواب ، ولكني لا أستبعد صحة لفظ النسخة مع سقط في المتن ؛ فقد ذكر المنذري في "الترغيب" (1/ 251-252) عن أبي هريرة أنه قال :
إن ساعة الجمعة : هي من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس .
هكذا ذكره موقوفاً ، ولعله أصل هذا الحديث ؛ وهم أحد رواته في رفعه . والله أعلم .
وأكثر الأحاديث في ساعة الإجابة : أنها في آخر ساعة بعد صلاة العصر ، وما يخالف ذلك من الأحاديث فلا يصح منها شيء . فراجع إن شئت "صحيح الترغيب" (700-703) ، و "ضعيف الترغيب" (428-431) .

(/1)


5300 - ( جهزوا صاحبكم ؛ فإن الفرق فلق كبده ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 471 :
$ضعيف$
أخرجه ابن أبي الدنيا في "الخوف" ، ومن طريقه الحاكم (2/ 494) وعن هذا : البيهقي في "الشعب" (1/ 530/ 936) : حدثني محمد ابن إسحاق بن حمزة البخاري : حدثنا أبي : حدثنا عبدالله بن المبارك : أنبأنا محمد بن مطرف عن أبي حازم أظنه عن سهل بن سعد :
أن فتى من الأنصار دخلته خشية من النار ، فكان يبكي عند ذكر النار ، حتى حبسه ذلك في البيت ، فذكر ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم ، فجاءه في البيت ، فلما دخل عليه ؛ اعتنقه الفتى وخر ميتاً ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال الحاكم :
"صحيح الإسناد" ! ورده الذهبي بقوله :
"هذا البخاري وأبوه ؛ لا يدرى من هما ؟! والخبر شبه موضوع" !
وتعقبه الحافظ ابن حجر في "اللسان" بقوله :
"قلت : بل إسحاق ؛ ذكره ابن حبان في "الثقات" ، فقال : إسحاق بن حمزة بن يوسف بن فروخ أبو محمد - من أهل بخارى - : روى عن أبي حمزة السكري وغنجار . روى عنه أبو بكر بن حريث وأهل بلده . وذكره الخليلي في "الإرشاد" وقال : كان من المكثرين من أصحاب غنجار . روى عنه البخاري ، وإسحاق بن إبراهيم بن عمار ، وعلي بن الحسين البخاريان" .
وأعاده في موضع آخر ، فقال :
"إسحاق بن حمزة الحافظ البخاري ، الراوي عن غنجار . رضيه محمد بن إسماعيل البخاري ، وأثنى عليه ؛ لكنه لم يخرجه في تصانيفه" .
قلت : فالعلة - إذن - من ابنه محمد .
وقد وجدت له طريقاً أخرى عند الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (ص 132 - الجامعة الإسلامية) من طريق ابن أبي الدنيا عن خازم بن جبلة بن أبي نضرة العبدي عن أبي سنان عن الحسن عن حذيفة رضي الله عنه قال : ... فذكره ، وزاد :
"والذي نفسي بيده ! لقد أعاذه الله عز وجل منها . من رجا شيئاً طلبه ، ومن خاف شيئاً هرب منه" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ خازم بن جبلة أورده الحافظ في "اللسان" بروايته عن خارجة بن مصعب ، وقال :
"قال محمد بن مخلد الدوري : لا يكتب حديثه" .
وشيخه أبو سنان ؛ الظاهر أنه عيسى بن سنان القسملي ، وهو لين الحديث ؛ كما في "التقريب" .

(/1)


5301 - ( يا أمة الله ! أسفري ؛ فإن الإسفار من الإسلام ، وإن النقاب من الفجور ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 473 :
$منكر$
أخرجه ابن منده في "المعرفة" (2/ 346/ 2) : أخبرنا محمد بن محمد يعقوب - في كتابه إلينا - : أخبرنا عبدالله بن محمد الوراق البغدادي : أخبرنا يحيى بن أيوب المقابري : حدثني شيخ لبقية بـ (باب الشام) - يقال له : سعيد ابن حميد - عن قريبة بنت منيعة عن أمها :
أنها جاءت إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ! النار النار . فقال : "ما نجواك !" ، فأخبرته بأمرها وهي منتقبة . فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا متن منكر ، وإسناد مظلم ؛ قريبة هذه لم أجد أحداً ترجمها .
بل إن أمها (منيعة) لا تعرف إلا من طريقها ، ولعله لذلك لم يوردها ابن عبدالبر في "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" ، ولا الحافظ في "الإصابة" .
وإنما أوردها ابن الأثير في "أسد الغابة" (5/ 549-550) من رواية ابن منده - هذه - وأبي نعيم ! وبمثل هذا الإسناد لا تثبت الصحبة ، كما لا يخفى على أهل العلم .
وسعيد بن حميد ؛ الظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين ، وقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 1/ 41) ، فقال :
"... الأسدي . روى عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبي اليسر عن النبي صلي الله عليه وسلم : من أنظر معسراً ... روى عنه عيسى بن يونس" .
قلت : فالظاهر أنه هذا ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، فهو مجهول الحال .
وأما عبدالله بن محمد الوراق البغدادي ؛ فأورده الخطيب في "تاريخ بغداد" (10/ 107) برواية ابن المنادي عنه في "كتاب الملاحم" ، ولم يزد ! فهو مجهول أيضاً .
وأما محمد بن محمد بن يعقوب ؛ فالظاهر أنه أبو الحسين النيسابوري المعروف بـ (الحجاجي) ، وهو حافظ ثقة ثبت ، له ترجمة جيدة عند الخطيب (3/ 223-224) .
هذا حال الحديث من حيث إسناده .
وأما متنه ؛ فهو منكر ؛ لأنه مخالف لظاهر قوله صلي الله عليه وسلم :
"لا تنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القفازين" . رواه البخاري وغيره ؛ فإنه يدل على إقرار تنقب المرأة غير المحرمة ، وهذا ما كان عليه كثير من الصحابيات الفاضلات ؛ فإنهن كن ينتقبن ، ويسترن وجوههن في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ، كما شرحت ذلك قديماً في فصل خاص كنت عقدته في كتابي "حجاب المرأة المسلمة" تحت عنوان : "مشروعية ستر الوجه" ؛ فليراجعه من شاء الاطلاع على الآثار الواردة في ذلك (ص 47-51) .

(/1)


5302 - ( إن جهنم لما سيق إليها أهلها ؛ تلقتهم [بعنق] ؛ فلفحتهم لفحة ، فلم تدع لحماً على عظم إلا ألقته على العرقوب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 475 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 473) ، والبيهقي في "البعث" (ص 97- مصورة الجامعة 503) من طريق محمد بن سليمان الأصبهاني عن أبي سنان ضرار بن مرة عن عبدالله بن الهذيل عن أبي هريرة مرفوعاً به . وقال الطبراني :
"تفرد به محمد بن سليمان" .
قلت : وهو ضعيف ؛ كما قال الهيثمي (10/ 389) وغيره .
وقد خالفه محمد بن فضيل ، وسفيان الثوري ؛ فروياه عن أبي سنان به موقوفاً على أبي هريرة ؛ ولم يذكر سفيان أبا هريرة مطلقاً .
ولذلك ؛ قال المنذري في "الترغيب" (4/ 240) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، والبيهقي مرفوعاً ، ورواه غيرهما موقوفاً عليه ؛ وهو أصح" .

(/1)


5303 - ( الشهيد يغفر له في أول دفقة من دمه ، ويزوج حوراوين ، ويشفع في سبعين من أهل بيته .
والمرابط إذا مات في رباطه ؛ كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة ، وغدي عليه وريح برزقه ، ويزوج سبعين حوراء ، وقيل له : قف ؛ فاشفع إلى يفرغ من الحساب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 476 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 188/ 1 و 2/ 227 - مجمع البحرين) : حدثنا بكر بن سهل :أخبرنا عبدالرحمن بن أبي جعفر الدمياطي : حدثنا عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هرية مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن ابن جريج إلا عبدالمجيد ، تفرد به عبدالرحمن" .
قلت : ولم أجد له ترجمة .
وشيخه - عبدالمجيد - تكلموا فيه من قبل حفظه ، وقد مضى له حديث برقم (975) .
وبكر بن سهل ؛ قال الذهبي :
"مقارب الحال ، قال النسائي : ضعيف" .
وبه أعله الهيثمي (5/ 293) ؛ فقصر !
وإنما خرجت الحديث في هذا الكتاب من أجل قوله في آخره :
"وقيل له : قف فاشفع ، إلى أن يفرغ من الحساب" .
وإلا ؛ فسائره ثابت في أحاديث أخرى .
أما الشطر الثاني منه ؛ فقد روي من طريق أخرى عن أبي هريرة نفسه ، وقد مضى تخريجه تحت الحديث المتقدم (4661) .
وأما الشطر الأول ؛ فله شاهد من حديث المقدام بن معدي كرب ، مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 50) .

(/1)


5304 - ( إن الرجل لا يكون مؤمناً حتى يكون قلبه مع لسانه سواءً ، ويكون لسانه مع قلبه سواءً ، ولا يخالف قوله عمله ، ويأمن جاره بوائقه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 477 :
$ضعيف$
أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" (1/ 9/ 1) من طريق أبي عوانة موسى بن يوسف بن موسى القطان الكوفي : أخبرنا سعيد بن أبي الربيع البصري : أخبرني حماد بن بشر بن عبدالله بن جابر العبدي : أخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد فيه نظر ؛ كما قال المنذري في "الترغيب" (1/ 78) ، ولعل وجه ذلك : جهالة حماد بن بشر !
كذا في مسودتي بخط أحد الطلبة في الجامعة الإسلامية ؛ الذي كان يكتب بعض الأحاديث التي أمليها عليه من كتاب الأصبهاني ، فلا أدري أهكذا هو في الأصل ، أم هو خطأ من الكاتب ؟! والأصل لا يمكن الرجوع إليه الآن ؛ فإنه في المدينة ، وأنا في دمشق !
أقول هذا ؛ لأنني لم أجد في الرواة حماد بن بشر ، وإنما حماد بن بشير ، أورده ابن أبي حاتم ، فقال (1/ 2/ 133) :
"... الربعي . بصري ، روى عن عمرو بن عبيد عن الحسن . روى عنه سعيد ابن أبي أيوب ، وحيوة بن شريح" . ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وكذلك صنع البخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 21) ؛ إلا أنه لم يذكر بينه وبين الحسن : عمرو بن عبيد .
وكذلك صنع ابن حبان في "الثقات" (6/ 221) .
قلت : فأنا أظن أنه هو راوي هذا الحديث ؛ فإنه من هذه الطبقة تقريباً ؛ ثم هو بصري كما رأيت ، وكذلك من دونه كلاهما بصري :
أما سعيد بن أبي الربيع البصري ؛ فهو سعيد بن الربيع ، وأداة الكنية : (أبي) مقحمة من الناسخ ؛ فقد ذكره هكذا البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما ؛ وهو أبو زيد الهروي البصري ؛ قال أحمد :
"شيخ ثقة ؛ لم أسمع منه شيئاً ، هو بصري" . وقال أبو حاتم :
"أبو زيد الهروي صدوق" . وقال العجلي :
"بصري ثقة" .
وأما موسى بن يوسف بن موسى القطان الكوفي أبو عوانة ؛ فترجمه ابن أبي حاتم (4/ 1/ 167) برواية ثلاثة من الثقات ، وقال :
"سمعت منه ، وكان صدوقاً" .
وجملة القول : أن علة هذا الإسناد من حماد بن بشر ؛ فإنه إن كان ابن بشير الربعي ؛ فهو غير مشهور ، وتوثيق ابن حبان إياه غير موثوق ؛ لما عرف به تساهله في التوثيق ، وفي سماعه حينئذ من أنس نظر .
وإن كان غيره ؛ فهو غير معروف . والله أعلم .

(/1)


5305 - ( إن أسفل أهل الجنة أجمعين درجة : لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم ، بيد كل واحد صحفتان ، واحدة من ذهب ، والآخرى من فضة ، في كل واحدة لون ليس في الأخرى مثله ، يأكل من آخرها مثل ما يأكل من أولها ، يجد لآخرها من الطيب واللذة مثل الذي يجد لأولها ، ثم يكون ذلك كريح المسك الأذفر ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يمتخطون ، إخواناً على سرر متقابلين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 479 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 480) حدثنا محمد بن موسى الإصطخري : حدثنا الحسن بن كثير : حدثنا يحيى بن سعيد : حدثنا نصر بن يحيى : حدثنا أبي قال : سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد مظلم ؛ محمد بن موسى الإصطخري روى له الطبراني في "الصغير" أيضاً ، ومن المحتمل أنه الذي في "اللسان" :
"محمد بن موسى بن إبراهيم الإصطخري . شيخ مجهول ، روى عن شعيب ابن عمران العسكري خبراً موضوعاً ، كتبته في ترجمة الراوي عنه محمد بن أحمد ابن محمد بن إدريس البكراوي" .
والبكراوي - هذا - لم أجده عنده في "اللسان" . والله أعلم !
والحسن بن كثير لم أعرفه ! وفي "اللسان" ثلاثة كلهم يسمى الحسن بن كثير ، وليس فيهم موثق ، مع احتمال أن يكون ثالثهم هو المقصود هنا - وهو الحسن ابن كثير بن يحيى بن أبي كثير - ، وهو ضعيف .
ثم تأكدت أنه هو في تخريج حديث آخر له يأتي برقم (6900) .
ونصر بن يحيى لم أجده فيما عندي من المصادر .
وأبوه يحيى يحتمل أنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني ؛ فقد ذكروا له رواية عن أنس ؛ ولم يذكر الحافظ المزي ابنه نصراً هذا في جملة الرواة عنه .
ثم رأيته منسوباً في الحديث المشار إليه هكذا : (نصر بن يحيى بن أبي كثير) ؛ فليس بالأنصاري ، وإنما اليمامي ؛ كما في حديث آخر ، ولم أعرفه .
فلا أدري وجه قول المنذري (4/ 250) :
"رواه ابن أبي الدنيا ، والطبراني - واللفظ له - ، ورواته ثقات" ؟!
وتبعه الهيثمي - كعادته - ، فقال (10/ 401) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورجاله ثقات !" !
ولعل الحافظ وثق بتوثيقهما هذا ؛ فقال في "الفتح" (6/ 324) :
"أخرجه الطبراني بإسناد قوي" !
وقد أخرجه المروزي في "زوائد الزهد" (1530) من طريق صالح المري عن يزيد الرقاشي عن أنس به دون قوله :
"إخواناً ..." .
ولعل ابن أبي الدنيا أخرجه من هذه الطريق ؛ فإن ابن القيم عزاه إليه في "حادي الأرواح" (2/ 36) ، وهي ضعيفة أيضاً ؛ فإن كلاً من الرقاشي والمري ضعيف .
ثم رأيته في "صفة الجنة" لابن أبي الدنيا (69/ 206) ؛ لكن دون قوله :
"بيد كل واحد صحفتان ..." إلخ ، ومن الطريق الذي ظننته ، وقد سقط من الإسناد أوله ، مع تحريف في اسم والد (صالح المري) .
ومن طريقه وبتمامه : أخرجه الحسين المروزي في "زوائد زهد ابن المبارك" (536/ 1530) .
وقد صح الطرف الأول منه موقوفاً ؛ يرويه سعيد بن أبي عروبة - في قول الله سبحانه وتعالى : (يطاف عليهم بصحاف من ذهب) - قال قتادة عن أبي أيوب عن عبدالله بن عمرو قال :
ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف غلام ، [كل] غلام على عمل ليس عليه صاحبه .
أخرجه الحسين المروزي في "زوائد الزهد" أيضاً (1580) ، والبيهقي في "البعث" (207/ 412) ، وابن جرير الطبري في "التفسير" (29/ 136) ؛ وإسناده صحيح .
وأبو أيوب : هو الأزدي .
(تنبيه) : عزاه المعلق على "البعث" لابن المبارك بالرقم المذكور ‍‍‍! وهو خطأ ، يقع فيه الناقل بسبب العجلة ، أو الجهل بالفرق بين الأصل - "زهد ابن المبارك" - والزيادة عليه ، وهما زيادتان :
إحداهما : لحسين المروزي ، وهذا يقع فيه الخطأ أكثر ؛ لأنه في تضاعيف أحاديث أصله ، ولا يتنبه له إلا بالنظر في السند .
والآخر : لنعيم بن حماد ، وهو متميز عن الأصل ؛ لأنه ملحق بآخره .
ولعله من الخطأ أيضاً عزو العلامة الزبيدي في "شرح الإحياء" (10/ 541) إياه للحاكم في "المستدرك" وصححه ؛ فإني لم أره فيه . والله أعلم .

(/1)


5306 - ( فخذ عبدالله بن خراش في جهنم مثل أحد ، وضرسه مثل البيضاء . قال أبو هريرة : ولم ذاك يا رسول الله ؟! قال : كان عاقاً لوالديه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 482 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (7/ 438-439/ 6853) : حدثنا محمد بن ياسر الحذاء الدمشقي الجبيلي : حدثنا هشام بن عمار : حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي غنيم الكلاعي عن أبي غسان الضبي قال :
خرجت أمشي مع أبي بظهر الحرة ، فلقيني أبو هريرة فقال : من هذا ؟ قلت : أبي . قال : لا تمش بين يدي أبيك ، ولكن امش خلفه وإلى جنبه ، ولا تدع أحداً يحول بينك وبينه ، ولا تمش فوق إجار أبوك تحته ، ولا تأكل عرقاً أبوك قد نظر إليه ؛ لعله قد اشتهاه . ثم قال : أتعرف عبدالله بن خراش ؟ قلت : لا . قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : "فخذه ..." الحديث ، وقال :
"لم يروه عن أبي غسان إلا أبو غنم ، تفرد به الوليد" .
قلت : الوليد بن مسلم يخشى منه تدليس التسوية ، ولم يصرح بالتحديث بين شيخه أبي غنم الكلاعي وأبي غسان الضبي .
وهذان ممن لم أجد من ترجم لهما .
وهشام بن عمار كان إذا لقن ؛ تلقن .
ومحمد بن ياسر الحذاء الدمشقي ؛ لم أجد له ترجمة ، فلعله في "تاريخ ابن عساكر" .
من أجل ذلك ؛ قال المنذري (4/ 239) :
"رواه الطبراني بإسناد لا يحضرني" . وأما الهيثمي ؛ فقال (8/ 148) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وأبو غسان وأبو غنم - الراوي عنه - لم أعرفهما ، وبقية رجاله ثقات" !

(/1)


5307 - ( ليس منا من حلف بالأمانة ، وليس منا من خان امرأ مسلماً في أهله وخادمه . ومن قال حين يمسي وحين يصبح : اللهم ! إني أشهدك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، وأن محمداً عبدك ورسولك ، أبوء بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي ؛ فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب غيرك ؛ فإن قالها من يومه ذلك حين يصبح فمات من ليلته ؛ مات شهيداً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 483 :
$ضعيف جداً$
أخرجه أبو القاسم الأصفهاني في "الترغيب" (1/ 71) من طريق محمد بن عقبة بن علقمة قال : قال عباد : حدثني ليث بن أبي سليم عن سليمان عن عبدالله بن بريدة الأسلمي عن أبيه عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ فيه علل :
الأولى : ليث بن أبي سليم ؛ وهو حمصي ضعيف ؛ كان اختلط .
الثانية : عباد - وهو ابن كثير الرملي الفلسطيني - ؛ وهو ضعيف .
الثالثة : الراوي عنه - محمد بن عقبة بن علقمة - ؛ قال أبو حاتم وابنه فيه :
"صدوق" . لكن قال ابن حبان في ترجمة أبيه :
"يعتبر حديثه من غير رواية ابنه محمد عنه ؛ لأن محمداً كان يدخل عليه الحديث ويكذب فيه" .
واعتمد هذا الحافظ في "التقريب" ؛ فقال في ترجمة عقبة :
"صدوق ، لكن كان ابنه محمد يدخل عليه ما ليس من حديثه" .
قلت : ثم إن قول محمد بن عقبة في الإسناد : "قال عباد" صيغته صيغة انقطاع ، وهو لم يدرك عباداً ، وإنما يروي عنه أبوه عقبة ، كم ذكروا في ترجمة عباد ، فإما أن يكون سقط من الإسناد قوله : "قال أبي" ، أو أنه هو أسقط الواسطة بينه وبين عباد ، أو أنه بلغه عنه دون أن يكون له إسناد إليه . والله أعلم .

(/1)


5308 - ( إن الله عز وجل ليدرأ بالصدقة سبعين [باباً من] ميتة السوء ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 484 :
$ضعيف$
أخرجه ابن المبارك في "البر والصلة" (رقم 277 - نسختي) : قال : أخبرنا سفيان عن محرز عن يزيد عن أنس بن مالك عن النبي صلي الله عليه وسلم به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : يزيد - وهو ابن أبان الرقاشي - ، وهو ضعيف .
والأخرى : محرز - بسكون المهملة وكسر الراء - ، وهو ابن عبدالله الجزري أبو رجاء ؛ قال الحافظ :
"صدوق يدلس" .
قلت : وقد عنعنه ؛ كما ترى .
ولذلك ؛ جزم الحافظ العراقي (1/ 225) بضعف سنده .
وقد روي الحديث من طريق أخرى عن أنس ، وفيه مدلس أيضاً ، وآخر ضعيف ، وهو مخرج في "الإرواء" (885) ، وهو تحت الطبع ، يسر الله تمامه .

(/1)


5309 - ( ما خلق الله من صباح يعلم ملك في السماء ولا في الأرض ما يصنع الله في ذلك اليوم ، وإن العبد له رزقه ؛ فلو اجتمع عليه الثقلان - الجن والأنس - على أن يصدوا عنه شيئاً من ذلك ؛ ما استطاعوا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 485 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 285-286) من طريق بقية بن الوليد : حدثني أبو صالح القرشي عن صفوان بن سليم عن حكيم بن عثمان عن عبدالله بن مسعود مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ من أجل أبي صالح القرشي ؛ فإني لم أجد من ترجمه ، والظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين الذين أشار إليهم ابن معين حين سئل عن بقية ؟ فقال :
"ثقة إذا حدث عن المعروفين ، ولكن له مشايخ لا يدرى من هم ؟!" .
هذه هي علة الحديث ، وقد ذهل عنها الهيثمي ؛ فقال (4/ 72) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه بقية ، وهو لين الحديث" !
أقول : وبقية لين إذا عنعن في السند ، وهنا قد صرح بالتحديث ؛ كما ترى ، فالعلة من شيخه كما ذكرنا . ولعله لذلك قال المنذري (3/ 8) :
"رواه الطبراني بإسناد لين ، ويشبه أن يكون موقوفاً" .

(/1)


5310 - ( من اصطنع إليكم معروفاً فجازوه ، فإن عجزتم عن مجازاته ؛ فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد شكرتم ؛ فإن الله شاكر يحب الشاكرين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 486 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 261) : حدثنا أحمد ابن عبدالوهاب بن نجدة : حدثنا عبدالوهاب بن الضحاك : حدثنا إسماعيل بن عياش عن الوليد بن عباد عن عرفطة عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته عبدالوهاب بن الضحاك ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ، كذبه أبو حاتم" .
وبه أعله الهيثمي (8/ 181) .
والوليد بن عباد وعرفطة ؛ قال ابن عدي (351) :
"ليسا بمعروفين" .
ذكر ذلك في ترجمة الوليد . وقال فيه :
"لا يحدث عنه غير إسماعيل بن عياش ، ليس بمستقيم" .
والحديث صحيح من رواية أخرى أتم منه بلفظ :
"... حتى تعلموا أن قد كافأتموه" ؛ دون ما بعده .
وهو مخرج في الكتاب الآخر (254) ، وغيره .

(/1)


5311 - ( من دعا بهؤلاء الكلمات الخمس ؛ لم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 487 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 448) : حدثنا مطلب بن شعيب : حدثنا عبدالله بن صالح : حدثنا الليث عن أبي إسحاق الهمداني عن معاوية ابن أبي سفيان . وقال :
"لم يروه عن أبي إسحاق عن معاوية إلا الليث" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : أبو إسحاق الهمداني : هو عمرو بن عبدالله السبيعي ، والسبيع من همدان ، وهو وإن كان ثقة ؛ فقد كان اختلط ، كما كان يدلس ، وقد عنعنه كما ترى .
والأخرى : عبدالله بن صالح - وهو كاتب الليث - فيه ضعف ؛ كما تقدم مراراً .
ومما سبق تعلم أن قول المنذري في "الترغيب" (2/ 274) :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" بإسناد حسن" !
أقول : فهو غير حسن ؛ وإن تبعه الهيثمي (10/ 157) ؛ فإن ذلك من تساهلهما الذي عرفا به ؛ نسأله تعالى الهداية والتوفيق !
ثم رأيت الحديث في "المعجم الكبير" (19/ 361/ 849) و "الدعاء" (2/ 838/ 125) بإسناده في "الأوسط" ، وقد طبع هذا فيما بعد ، وهو فيه (9/ 288/ 8629) .
كما رأيت المعلقين الثلاثة على "الترغيب" في طبعتهم الجديدة البراقة ! قد حسنوا الحديث ؛ تقليداً لمؤلفه وللهيثمي ، مؤكدين بذلك أنهم (إمعة) ؛ لا بحث عندهم ولا تحقيق ؛ إلا مجرد الدعوى والنقيق !

(/1)


5312 - ( من فرج على مسلم كربة ؛ جعل الله تعالى له يوم القيامة شعبتين من نور على الصراط ؛ يستضيء بضوئهما عالم يحصيهم إلا رب العزة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 488 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 259) قال : حدثنا عبدالله ابن أحمد بن أسيد الأصبهاني : أخبرنا العلاء بن مسلمة بن عثمان : حدثنا محمد بن مصعب القرقساني : حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به . وقال :
"لم يروه عن الأوزاعي إلا محمد ، تفرد به العلاء" .
قلت : قال ابن حبان في "المجروحين" (2/ 185) :
"يروي عن العراقيين المقلوبات ، وعن الثقات الموضوعات ، لا يحل الاحتجاج به بحال" . وقال ابن طاهر :
"كان يضع الحديث" .
وشيخه القرقساني ضعيف .
وشيخ الطبراني ؛ له ترجمة في "أخبار أصبهان" لأبي نعيم ، توفي سنة (310) ، وساق له أحاديث هذا أحدها . وقال المنذري (2/ 36) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وهو غريب" !
وهذا جرح لين ، وتساهل بين ! ونحوه قول الهيثمي (8/ 193) :
"رواه ... وفيه العلاء بن مسلمة (الأصل : سلمة) بن عثمان ، وهو ضعيف" !
فإنه متهم بالوضع كما سبق !
ثم رأيت الحافظ الذهبي قد ذكر هذا الحديث في ترجمة الحسين بن الفضل ابن عمير البجلي الكوفي - من رواية الحاكم ؛ أي : في "تاريخ نيسابور" - ، وقال الذهبي :
"حديث باطل ، رواه عن محمد بن مصعب ..." !
وإنما رواه الحسين بن الفضل عن العلاء بن مسلمة عن محمد بن مصعب ، كما في رواية الطبراني هذه ؛ فإني أستبعد أن يكون الحسين سمعه من محمد بن مصعب مباشرة ؛ والله أعلم . وانظر الحديث الآتي (6153) .

(/1)


5313 - ( من قال حين يتحرك من الليل : باسم الله - عشر مرات - ، وسبحان الله عشراً - ، آمنت بالله وكفرت بالطاغوت - عشراً - ؛ وقي كل شيء يتخوفه ، ولم ينبغي لذنب أن يدركه إلى مثلها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 490 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (9/ 9/ 9013) : حدثنا المقدام ابن داود : حدثنا عثمان بن صالح : حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لضعف المقدام بن داود .
وبه أعله الهيثمي (10/ 125) ! وهو قصور ؛ فإن فوقع ابن لهيعة كما ترى ، وهو ضعيف أيضاً ؛ لسوء حفظه .
والحديث ؛ أشار المنذري (1/ 213) إلى تضعيفه ، ووقع فيه :
"كل ذنب" مكان : "كل شيء" ! وهو خطأ غفل عنه المعلقون الثلاثة عليه ؛ لعجزهم عن التحقيق ، مع أنهم رجعوا إلى "مجمع الزوائد" كما يأتي ؛ وهو فيه على الصواب !
قال الهيثمي في "المجمع" (10/ 125) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه (المقدام بن داود) ، وهو ضعيف ، وقال ابن دقيق العيد : "وثق" ، فعلى هذا يكون الحديث حسناً" !
قلت : وفيه ما يلي :
أولاً : ما بناه على قوله : "وثق" ؛ فهو على شفا جرف هار ؛ لأن هذا التوثيق لين ، كما يشير إلى ذلك بالفعل المبني للمجهول ، ولم يوثقه أحد من الأئمة المعروفين ، سوى مسلمة بن قاسم القرطبي بقوله :
"رواياته لا بأس بها" .
ومسلمة هذا نفسه ضعيف ؛ فلا قيمة لتوثيقه ، ولا سيما مع مخالفته للمضعفين له ، ومنهم النسائي الذي قال :
"المقدام ليس بثقة" .
ثانياً : لو سلمنا بما تقدم من البناء ؛ فهو سينهار من جهة أخرى ؛ وهي إغضاؤه الطرف عن ضعف ابن لهيعة .
هذا هو التحقيق الذي يعجز عنه المعلقون المشار إليهم .
وإن مما يدل على ذلك ؛ أنهم نقلوا كلام الهيثمي المتقدم دون قوله : "وقال ابن دقيق العيد ..." إلخ ؛ لأنه ينافي تضعيفهم للحديث ؛ تقليداً منهم لمن ضعفه !!
ورواه الخرائطي في "المكارم" (2/ 914/ 1017) من طريق آخر عن ابن لهيعة موقوفاً .

(/1)


5314 - ( من قال بعد صلاة الصبح - وهو ثان رجله قبل أن يتكلم - : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير - عشر مرات - ؛ كتب له بكل مرة عشر حسنات ، ومحي عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، وكن في يومه ذلك حرزاً من كل مكروه ، وحرزاً من الشيطان الرجيم ، وكان له بكل مرة عتق رقبة من ولد إسماعيل ، عن كل رقبة اثنا عشر ألفاً ، ولم يلحقه يومئذ ذنب إلا الشرك بالله .
ومن قال ذلك بعد صلاة المغرب ؛ كان له مثل ذلك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 492 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 450 - مجمع البحرين) ، و "مسند الشاميين" (ص 5 - مصورة الجامعة) من طريق موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي : حدثنا هانىء بن عبدالرحمن ورديح بن عطية أنهما سمعا إبراهيم بن أبي عبلة قال : سمعت أم الدرداء : سمعت أبا الدرداء يقول : ... فذكره مرفوعاً ، وقال :
"لم يروه عن إبراهيم إلا هانىء ، ورديح تفرد به موسى" .
قلت : قال الذهبي :
"أحد التلفى . كذبه أبو زرعة وأبو حاتم . وقال النسائي : ليس ثقة" . وقال الدارقطني وغيره :
"متروك" . وقال العقيلي في "الضعفاء" :
"يحدث عن الثقات بالبواطيل والموضوعات" . وقال الهيثمي (10/ 108) :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، وفيه موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي ؛ وهو متروك" .
وأما المنذري ؛ فسكت عنه ! أورده عقب حديث آخر في الباب جود إسناده ، ولكنه يختلف عن هذا في اللفظ والمعنى ، وذلك من عيوب كتابه ! والحديث المشار إليه ؛ خرجته في "الصحيحة" (2664) .

(/1)


5315 - ( من مشى في حاجة أخيه المسلم ؛ أظله الله بخمسة وسبعين ألف ملك يدعون له ، ولم يزل يخوض في الرحمة حتى يفرغ ، فإذا فرغ ؛ كتب الله له حجة وعمرة . ومن عاد مريضاً ؛ أظله الله بخمسة وسبعين ألف ملك ، لا يرفع قدماً إلا كتب له حسنة ، ولا يضع قدماً إلا حطت عنه سيئة ، ورفع له بها درجة ، حتى يقعد في مقعده ، فإذا قعد غمرته الرحمة ، ولا يزال كذلك حتى إذا أقبل حيث ينتهي إلى منزله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 493 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (5/ 201/ 4393 - ط) : حدثنا عبدالله بن محمد بن عزيز الموصلي : حدثنا غسان بن الربيع : حدثنا جعفر بن ميسرة عن أبيه عن عبدالله بن عمر وأبي هريرة قالا : ... فذكره موقوفاً عليهما ، وقال :
"لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وهو ضعيف جداً ؛ آفته جعفر بن ميسرة - وهو الأشجعي - ؛ قال البخاري :
"ضعيف . منكر الحديث" . وقال أبو حاتم :
"منكر الحديث جداً" .
وغسان بن الربيع - وهو الأزدي الموصلي - ؛ قال الذهبي :
"كان صالحاً ورعاً ؛ ليس بحجة في الحديث . قال الدارقطني : ضعيف . وقال مرة : صالح" . وقال الحافظ في "اللسان" :
"وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وقال : كان نبيلاً فاضلاً ورعاً . وأخرج حديثه في "صحيحه" عن أبي يعلى عنه" .
قلت : فالعلة من شيخه جعفر كما سبق ، وبه أعله الهيثمي (2/ 299) . وأشار المنذري (4/ 163) إلى تضعيف الحديث ، وقال :
"وليس في أصلي رفعه" .
قلت : وقد رفعه أبو الشيخ ابن حيان ؛ كما ذكر المنذري في مكان آخر (3/ 251) .

(/1)


5316 - ( لا تعجلن إلى شيء تظن أنك إن استعجلت إليه أنك مدركه ، وإن كان الله لم يقدر ذلك ، ولا تستأخرن عن شيء تظن أنك إن استأخرت عنه أنه مرفوع عنك ، وإن كان الله [قد] قدره عليك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 494 :
$ضعيف جداً$
أورده - هكذا بهذا التمام - المنذري في "الترغيب" (3/ 8) من رواية الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، وأشار إلى ضعفه .
وتبعه على ذلك الهيثمي (4/ 71) ، وقال :
"وفيه عبدالوهاب بن مجاهد ، وهو ضعيف" .
قلت : وقد أورده في "مجمع البحرين" أيضاً (3/ 286) من رواية "الأوسط" من طريق عبدالوهاب بن مجاهد عن أبيه عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعاً به مختصراً بلفظ :
"لا تعجلن إلى شيء تظن أنك إن استأخرت عنه أنه مرفوع عنك ، إن كان الله قد قدره عليك" . وقال :
"كذا وقع مختصراً" .
قلت : وهو فاسد المعنى كما يدل عليه السياق الأول ! ولعل ذلك من عبدالوهاب ابن مجاهد نفسه ؛ فإنه ضعيف جداً ؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 146) :
"كان يروي عن أبيه ولم يره ، ويجيب في كل ما يسأل وإن لم يحفظ ، فاستحق الترك ، كان الثوري يرميه بالكذب" . ولذلك ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ، وكذبه الثوري" .
ومما ذكره ابن حبان وغيره ؛ يتبين أن في الإسناد علة أخرى ، ألا وهي الانقطاع بين عبدالوهاب وأبيه مجاهد ، ولعل الهيثمي لم يشر إليها ؛ لأنها دون العلة الأولى في الجرح ! والله أعلم .
ثم وقفت على الحديث في "المعجم الأوسط" للطبراني ، فرأيت الحديث فيه (1/ 193/ 1) بالنص الذي نقلته عن "الترغيب" دون قوله :
"وإن كان الله لم يقدر ذلك" ، وزيادة : "قد" فيه .وقال :
"لم يرو هذا الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا معاوية ، ولا يروى عن معاوية إلا بهذا الإسناد ، تفرد به عبدالوهاب" .

(/1)


5317 - ( يجيء الظالم يوم القيامة ، حتى إذا كان على جسر جهنم بين الظلمة والوعرة ؛ لقيه المظلوم فعرفه وعرف ما ظلمه به ، فما يبرح الذين ظلموا يقتصون من الذين ظلموا ؛ حتى ينزعوا ما في أيديهم من الحسنات ، فإن لم يكن لهم حسنات ؛ رد عليهم من سيئاتهم ، حتى يوردوا الدرك الأسفل من النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 496 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/ 466) : حدثنا محمد بن علي الأحمر الناقد : حدثنا عمار بن طالوت : حدثنا محمد بن أبي عدي عن حسين المعلم عن أيوب عن الجهم بن فضالة الباهلي عن أبي أمامة الباهلي مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن أيوب إلا حسين ، تفرد به محمد بن أبي عدي" .
قلت : وهو ثقة ؛ وكذا من فوقه ؛ إلا الجهم بن فضالة الباهلي ؛ فإنه لم يوثقه غير ابن حبان ، فأورده في "الثقات" (4/ 113) من روايته عن أبي أمامة ، وقال :
"روى قزعة بن سويد عن أبيه عنه" .
وأورده ابن أبي حاتم (1/ 1/ 521) من رواية أيوب وسويد بن حجير عنه ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ؛ فهو مجهول الحال .
فالحديث ضعيف ، لا سيما وفي متنه زيادات لم ترد في الحديث الصحيح بلفظ :
"أتدرون ما المفلس ؟ ..." . وهو مخرج في الكتاب الآخر برقم (847) . وأما قول المنذري (4/ 202) في الحديث :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ؛ ورواته مختلف فيهم" !
فليس بدقيق ؛ لأنه ليس فيهم من هو مختلف فيه ، أي : في توثيقه ، بل كلهم ثقات ؛ إلا من وثقه ابن حبان . وقد أشار إلى ذلك الهيثمي بقوله (10/ 354) :
".. ورجاله وثقوا" .
وأما قول المعلقين الثلاثة على "الترغيب" (4/ 307) :
"حسن بشواهده" !
فهو من جهلهم وغفلتهم ؛ لأن التفصيل الوارد فيه ليس له ولا شاهد واحد ، بل هو مخالف للحديث الصحيح الذي أشرت إليه آنفاً .

(/1)


5318 - ( يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة . فقالت أم سلمة : يا رسول الله ! وا سوأتاه ! ينظر بعضنا إلى بعض ؟! فقال : شغل الناس . قلت : ما شغلهم ؟ قال : نشر الصحائف ؛ فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 497 :
$منكر$
أخرجه ابن أبي الدنيا في "الأهوال" (237/ 233) - : حدثنا عمر بن شبة - ، والطبراني في "الأوسط" (4/ 462) - : حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني - قالا : حدثنا سعيد بن سليمان عن عبدالحميد بن سليمان عن محمد بن أبي موسى عن عطاء بن يسار عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . وقال الطبراني :
"لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد ، تفرد به سعيد" .
ورواه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 236-237/ 747) : قال لنا سعيد ابن سليمان به .
قلت : وهو الواسطي ، وهو ثقة حافظ من رجال الشيخين .
لكن شيخه عبدالحميد بن سليمان - وهو الخزاعي الضرير أخو فليح - اتفقوا على تضعيفه ؛ إلا أحمد ؛ فإنه قال :
"ما كان أرى به بأساً" ! ولذلك ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"ضعيف" . ولم يذكر الذهبي في ترجمته من "الميزان" إلا أقوال من جرحه ، ومنها : قول أبي داود فيه :
"غير ثقة" . إلا أن هذه العبارة تحرفت في طبعة الخانجي ؛ فصارت هكذا :
"وقال أبو داود وغيره : ثقة" !! وقال الذهبي في "المغني" :
"ضعفوه جداً" .
ومن هذا التحقيق ؛ تعلم خطأ الحافظ المنذري في قوله في هذا الحديث (4/ 193) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد صحيح" !
وقلده السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 317) !
ومثله قول الهيثمي في "المجمع" (10/ 333) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" ، ورجاله رجال "الصحيح" ؛ غير محمد بن موسى بن أبي عياش ؛ وهو ثقة" !!
وقد زاد هذا في الوهم شيئين :
الأول : أنه جعل عبدالحميد بن سليمان من رجال "الصحيح" ، وليس كذلك ؛ فإنه لم يرو غير الترمذي وابن ماجه .
والآخر : أنه قال : "محمد بن موسى بن أبي عياش" ! وإنما هو : "محمد ابن أبي موسى" كما تقدم في إسناد "الأوسط" ؛ وكذلك أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 84) إلا أنه قال :
"ويقال : ابن أبي عياش . روى عن عطاء بن يسار . روى عنه عبدالحميد بن سليمان ، وأبو أويس" .
ثم إنني لم أره في "مسند أم سلمة" من "المعجم الكبير" . والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقد خولف (عبدالحميد) في إسناده ومتنه ؛ كما حققته في الكتاب الآخر : "الصحيحة" (3469) ، وبينت أن الحديث حسن لغيره ؛ دون قوله في آخره :
"قلت : ما شغلهم ؟ ..." إلخ .

(/1)


5319 - ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 499 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (7141) وفي "مسند الشاميين" (ص 85) : حدثنا محمد بن عبدالله بن عبدالسلام البيروتي - مكحول - : حدثنا إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي قال : سمعت أبي يحدث عن ثور بن يزيد وغالب بن عبدالله عن مكحول عن ابن غنم عن شداد بن أوس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
قلت : وهذه الطريق ليس فيها أبو بكر بن أبي مريم الضعيف الذي في إسناد أحمد (4/ 124) ، والترمذي (2577) ، والحاكم (1/ 77 و 4/ 325) . ولم يتنبه لذلك صاحبنا السلفي فقال : "رواه أحمد ..." إلخ !
ومن طريق أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن شداد بن أوس . أخرجه الطبراني أيضاً (7143) .
فلعل قول السلفي المذكور كان في الأصل على هذه الطريق ؛ فطبع سهواً على الطريق الأولى ! لكن يعكر عليه أنها تبقى حينئذ بدون تعليق . فتأمل !
وسواء كان هذا أو ذاك ؛ فالسكوت عن هذه الطريق غير لائق ؛ لأنه قد يوهم من لا علم عنده أنه من الممكن أن يقوى بها طريق ابن أبي مريم ! وليس كذلك ؛ لأن فيها من هو شر منه ؛ ألا وهو إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي ؛ قال الدارقطني :
"متروك" . وقال ابن حبان :
"يروي عن أبيه الأشياء الموضوعة ، وأبوه أيضاً لا شيء" .
تحريف خطير في حديث ضعيف ، واستغلال غير شريف !!

(/1)


5320 - ( كان في عماء ، فوقه هواء ، وما تحته هواء ، ثم خلق العرش على الماء ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 500 :
$ضعيف$
أخرجه الطيالسي في "مسنده" (رقم 1093) : حدثا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن أبي رزين قال :
كان النبي صلي الله عليه وسلم يكره أن يسأل ، فإذا سأله أبو رزين أعجبه ، قال : قلت : يا رسول الله ! أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض ؟ فقال : ... فذكره .
قلت : ومن طريق الطيالسي : أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص 376) .
وتابعه جمع عن حماد به .
أخرجه الترمذي (3108) ، وابن ماجه (1/ 77-78) ، وأحمد في "المسند" (4/ 11 و12) وابنه في "السنة" (ص 46) ، والبيهقي أيضاً (ص 406) كلهم عن حماد به إلا أن البيهقي قال :
"ثم خلق العرش ، ثم استوى عليه" . و قال الترمذي :
"حديث حسن" .
قلت : وهذا أولى من قول الذهبي في "العلو" (ص 11 - طبع المنار) :
"رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وإسناده حسن" !
إذ كيف يكون حسن الإسناد وفيه وكيع بن حدس هذا ، وقال البيهقي عقبه :
"تفرد به يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس" .
والذهبي نفسه لما أورده في "الميزان" ؛ قال :
"لا يعرف ، تفرد عنه يعلى بن عطاء" .
قلت : فهو مجهول العين ، وليس مجهول الحال ؛ كما قال ابن القطان فيما نقل عنه في "التهذيب" ، ولا مجهول الصفة ؛ كما زعم الكوثري في تعليقه على "الأسماء" وفي تعليقه على "السيف الصقيل" (ص 96) !
وأما قوله فيه :
"في سنده حماد بن سلمة ؛ مختلط" !
فهو من عدائه للسة وأهلها ، وحماد بن سلمة من أئمتها ، وممن احتج بهم مسلم في "صحيحه" ؛ فضلاً عن أصحاب "السنن" وغيرهم ، وما أحد من الأئمة رماه بالاختلاط ؛ وإنما قال بعضهم : إنه تغير .
فرحم الله ابن المديني حين قال : "من تكلم في حماد بن سلمة ؛ فاتهموه في الدين" .
فالعلة ممن فوقه كما عرفت .
ومنه تعلم خطأ ابن العربي في "العارضة" في قوله :
"إن الحديث صحيح سنداً ومتناً" ! كما نقله عنه الأستاذ الدعاس في تعليقه على "الترمذي" وأقره كما هي عامة عادته في النقل !
أما خطؤه في صحيح السد ؛ فواضح مما تقدم .
وأما تصحيحه لمتنه ؛ فموضع نظر ، وإن حسنه الترمذي كما سبق ! وذلك ؛ لأنني لم أجد له شاهداً إلا قوله :
"وكا عرشه على الماء" ؛ فإنه من القرآن ، وفي حديث عمران بن حصين عند البخاري وغيره :
"وكان الله ولم يكن شيء قبله ، وكان عرشه على الماء" .
وأما سوى ذلك ؛ فلم أجد له شاهداً ، لا سيما وقد اختلفوا في تفسيره ، فلو أنه صح إسناده لوجب التسليم به ؛ كسائر أحاديث الصفات .
(تنبيه) : أورد الحافظ الذهبي هذا الحديث في كتابه "العلو" (ص 98 - طبع الهند ، وص 11 - طبعة المنار) بإسناده إلى حماد بن سلمة ؛ وزاد :
"ثم استوى عليه" .
إلا أنه تحرف لفظه في طبعة المنار ؛ فوقع فيه :
"استولى عليه" !!
وما في الهندية هو الصواب ؛ لأنه موافق لمخطوطة الظاهرية (ق 7/ 1) ، ولأنه مفسر في "العلو" نفسه منرواية إسحاق بن راهويه بلفظ :
"ثم كان العرش ، فارتفع عليه" .
وقد استغل هذا التحريف - جهلاً أو تجاهلاً - أحد جهمية الأزهريين من السوريين في كتاب له - زعم - "هذه عقيدة السلف والخلف في ذات الله تعالى ..." ؛ عقد فيه فصلاً (ص 78) بعنوان :
"التأويل والرسول عليه الصلاة والسلام ..." ؛ ذهب فيه إلى أن النبي صلي الله عليه وسلم أول الاستواء على العرش بالاستيلاء (!) وأنه أشار بذلك إلى أمته باقتفاء أثره بتأويل كل ما يوهم ظاهره التجسيم ، وقال :
"والسؤال هنا : هل يوجد دليل على ما قلته ؟ نعم ؛ ها هو الدليل ، جاء في كتاب "العلو" للذهبي ..." ثم ساق الحديث بنصه المحرف ؛ ثم قال :
"فأنت ترى أن النبي صلي الله عليه وسلم قد أول قوله تعالى : (.... استوى) بقوله : (استولى عليه)" ! قال :
"وبهذا يكون المؤولون قد اقتفوا أثر الرسول عليه الصلاة والسلام بصرف كل لفظ عن ظاهره - يفهم منه التجسيم - إلى لفظ آخر ينفي عنه ذلك" !!!
قلت : وبذلك أعطى سلاحاً للمعتزلة الذي ينكرون كثيراً من صفات الله تعالى - كالسمع والبصر ، وكرؤيته تعالى - بالتأويل الذي يؤدي إلى التعطيل ، قال المؤلف نفسه عنهم (ص 123) :
"بادعاء أن رؤية الله مستحيلة ، فهي تقتضي الجسمية ، والجسمية والجهة عندهم كفر" .
قلت : وهذا ما يصرح به هذا المؤلف الأنوك ! في كثير من المواضع ، فإذن المعتزلة على حق عنده ، بل هو منهم ؛ ولو تظاهر بأنه من أهل السنة والجماعة ! فهو ينكر علو الله على خلقه ، وأن القرآن كلام الله حقيقة ؛ بحجة أن ذلك تجسيم وتشبيه !! ويتظاهر بأنه يؤمن برؤية الله في الآخرة تبعاً للأشاعرة ، ويتجاهل أن ذلك يستلزم التجسيم على مذهبه ؛ وكذا الجهة .
ولكن ذاك السلاح غير ماض ؛ لأنه قائم على حديث لا وجود له إلا في ذهنه ضعيف السند ، فيبادر إلى الإجابة عن ذلك بقوله :
"وسواء أكان الحديث صحيحاً أو ضعيفاً ؛ فلا أقل من أن يحمل على التفسير" !!

(/1)


ما هذا الكلام أيها الأنوك الأحمق ؟!! فما هو الذي يقابل التفسير الذي ينبغي أن يحمل الحديث عليه إذا صح ؟!
وبعبارة أخرى : فالحديث صحيح أو ضعيف ، فإذا كان صحيحاً ، فماذا ؟ وإذا كان ضعيفاً ؛ فماذا ؟!
أليس في كل من الحالين يحمل الحديث على التفسير ؟! ولكن في حالة كونه ضعيفاً ؛ ما قيمة هذا التفسير الذي لم يثبت عنه صلي الله عليه وسلم ؟!
وجملة القول : أن هذا الكلام ركيك جداً ، يدل على عجمة هذا الجهمي ، وليس ذلك في لسانه فقط ، بل وفي تفكيره أيضاً ؛ لأنه في الوقت الذي يقطع بأن هناك دليلاً على أن الرسول أول كما تقدم ، ويكرر ذلك في مواضع أخر ؛ فيقول (ص 80) :
"فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد فسر الاستواء بالاستيلاء ؛ فهذا هو التأويل بعينه" ! إذ إنه يقول هذا الكلام الذي لا يشعر أنه به يهدم ما بنى ؛ لجهله بكون الحديث صحيحاً أو ضعيفاً ، فكيف وقد صرح جازماً بضعفه في مكان ثالث ، فقال (ص 103) :
"وقدمت لك أن الرسول عليه الصلاة والسلام فسر الاستواء بالاستيلاء ؛ حتى وإن كان أثراً ضعيفاً ؛ فيستأنس به في التأويل" !!
إذن ؛ هو ليس بدليل ؛ لأن الدليل لا يستأنس به فقط ، بل ويحتج به ، فكيف جاز له أن يتقول على رسول الله صلي الله عليه وسلم فيقول : "إنه فسر الاستواء بالاستيلاء" ؟! فليتبوأ - إذن - مقعده من النار !
ثم ما فائدة هذا التأويل الذي ذهب إليه الأشاعرة وغيرهم من الجهمية والمعطلة - مع بطلانه في نفسه عندنا - ما داموا هم أنفسهم لا يأخذون به إلا مع تأويله أيضاً ؟! ، ذلك لأنهم قد أورد عليهم أهل السنة حقاً أن تأويل الاستواء بالاستيلاء ؛ معناه : أنه لم يكن مستولياً عليه من قبل ، لا سيما بملاحظة الآية التي فيها : (ثم استوى على العرش) ؛ فإن (ثم) تفيد التراخي كما هو معلوم ، وهذا التأويل مما لا يقول به مسلم ؛ لأنه صريح في أن الله لم يكن مستولياً عليه سابقاً ؛ بل كان مغلوباً على أمره ، ثم استولى عليه ! لا سيما وهم يستشهدون بذاك الشعر :
قد استوى بشر على العراق
بغير سيف ولا دم مهراق !
تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً !
فلما أورد هذا عليهم ؛ انفكوا عنه ؛ فقال بعض متأخريهم - كما نقله هذا الأزهري (ص 25) - :
"ولكن لا يخفى عليك الفرق بين استيلاء المخلوق واستيلاء الخالق" !
وقال الكوثري في تعليقه على "الأسماء" (ص 406،410) :
"ومن حمله على معنى الاستيلاء ؛ حمله عليه بتجريده من معنى المغالبة" !
فأقول : إذا جردتم "الاستيلاء" من معنى المغالبة ؛ فقد أبطلتم تأويلكم من أصله ؛ لأن الاستيلاء يلازمه المغالبة عادة كما تدل عليه البيت المشار إليه ، فإذا كان لا بد من التجريد تمسكاً بالتنزيه ؛ فهلا قلتم كما قال السلف : "استوى : استعلى" ؛ ثم جردتم الاستعلاء من كل ما لا يليق بالله تعالى ؛ كالمكان ، والاستقرار ، ونحو ذلك ، لا سيما وذلك غير لازم من الاستعلاء حتى في المخلوق ؛ فالسماء فوق الأرض ومستعلية عليها ، ومع ذلك فهي غير مستقرة عليها ، ولا هي بحاجة إليها ، فالله تعالى أولى بأن لا يلزم من استعلائه على المخلوقات كلها استقراره عليها ، أو حاجته إليها سبحانه ، وهو الغني عن العالمين .
ومن مثل هذا ؛ يتبين للقارىء اللبيب أن مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم ، وليس العكس ؛ خلافاً لما اشتهر عند المتأخرين من علماء الكلام .

(/2)


5321 - ( تكبيرات ، وتسبيحات ، وتحميدات مئة ؛ حين تريدان أن تناما ، فتبيتان على ألف حسنة ، ومثلها حين تصبحان ، فتقومان على ألف حسنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 507 :
$منكر بهذا التمام$
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 69) ، وكذا أبو داود (2/ 323) - إلا أنه لم يسق لفظه - كلاهما من طريق يزيد بن عبدالله بن الهاد عن محمد بن كعب القرظي عن شبث بن ربعي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال :
قدم على رسول الله صلي الله عليه وسلم بسبي ، فقال علي لفاطمة : ائتي أباك ؛ فسليه خادماً نتقي به العمل ، فأتت أباها حين أمست ، فقال لها :
"ما لك يا بنية ؟!" قالت : لا شيء ، جئت لأسلم عليك ، واستحيت أن تسأله شيئاً ، فلما رجعت قال لها علي : ما فعلت ؟ قالت : لم أسأله شيئاً واستحييت منه .
حتى إذا كانت الليلة القابلة قال لها : ائتي أباك فسليه خادماً تتقين به العمل ، فأتت أباها ، فاستحيت أن تسأله شيئاً .
حتى إذا كانت الليلة الثالثة مساءً ؛ خرجنا جميعاً حتى أتينا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال :
"ما أتى بكما ؟!" . فقال علي : يا رسول الله ! شق علينا العمل ، فأردنا أن تعطينا خادماً نتقي به العمل ! فقال لهما رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"هل أدلكما على خير لكما من حمر النعم ؟" قال علي : يا رسول الله ! نعم . قال : ... فذكره .
فقال علي : فما فاتتني منذ سمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا ليلة صفين ؛ فإني نسيتها ، حتى ذكرتها من آخر الليل فقلتها .
قلت : وهذا إساد ضعيف ، رجاله ثقات ؛ غير شبث بن ربعي ؛ ذكره البخاري في "الضعفاء" ، وقال :
"روى عنه محمد بن كعب ، لا يصح ، ولا نعلمه سمع من شبث" .
ولم يذكروا عنه راوياً آخر سوى سليمان التيمي ؛ فهو غير مشهور .
وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" ؛ ولكنه وصفه بأنه يخطىء .
وهذا أدق وأصح من قول أبي حاتم فيه (2/ 1/ 388) :
"حديثه مستقيم ، لا أعلم به بأساً" !
وذلك لأنه - مع قلة حديثه - قد روى هذا الحديث عن علي ، وقد رواه عنه جمع من الثقات ، فلم يذكروا فيه قوله :
"ومثلها حين تصبحان ..." ؛ فهي زيادة منكرة .
وقد خالفهم في مواطن أخرى ؛ منها قوله :
فأتت أباها حين أمست ، فقال لها ... إلى قوله :
ثم أخرجنا جميعاً حتى أتينا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : "ما أتى بكما ..." ؛ فإنه مخالف لرواية "الصحيحين" من طريق ابن أبي ليلى عن علي بلفظ :
فأتت النبي صلي الله عليه وسلم تسأله خادماً ، فلم تجده ، فذكرت ذلك لعائشة ، فلما جاء أخبرته ، قال : فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبت أقوم فقال : "مكانك" . فجلس بيننا ؛ حتى وجدت برد قدميه على صدري ، فقال :
"ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟!" .
ومنها قوله : "حمر النعم" ؛ فإنه خلاف رواية "الصحيحين" كما ترى !
وقد تكلم الحافظ على الحديث وجمع طرقه وألفاظه - كما هي عادته - ، وذكر رواية شبث هذه مشيراً إلى ما فيها من المخالفة ؛ وقال (11/ 101) :
"فيحتمل أن تكون قصة أخرى" !!
قلت : هذا احتمال بعيد ! ثم إنه إنما يصار إلى مثله فيما ثبت سنده ، وليس الأمر كذلك هنا ؛ لما عرفت من حال شبث هذا ، وأما دعمه لذلك بقوله :
"فقد أخرج أبو داود من طريق أم الحكم أو ضباعة بنت الزبير ؛ أي : ابن عبدالمطلب قالت :
أصاب رسول الله صلي الله عليه وسلم سبياً ، فذهبت أنا وأختي فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم نشكو إليه ما نحن فيه ، وسألناه أن يأمر لنا بشيء من السبي ، فقال :
"سبقكن يتامى بدر ..." . فذكر قصة التسبيح إثر كل صلاة ، ولم يذكر قصة التسبيح عند النوم ، فلعله علم فاطمة في كل مرة أحد الذكرين" !!
قلت : هذه غير تلك قطعاً ، مع ثبوت سندها ؛ فإن فيها ذهاب فاطمة مع أم الحكم - وهي بنت الزبير بن عبدالمطلب ، وقيل : هي ضباعة نفسها - أو مع ضباعة . وفي تلك أنها ذهبت مع علي . وفيها ذكر التسبيح إثر الصلاة ؛ دون التسبيح عند النوم . فتأمل !
ثم إن شبثاً هذا قد قيل في ترجمته أقوال عجيبة ، يدل مجموعها على أنه كان مضطرب البال ، لا يكاد يستقر على حال ، تارة إلى اليمين ، وتارة إلى الشمال ، وقد لخص تلك الأقوال الحافظ ابن حجر في "التقريب" ؛ فقال :
"... مخضرم.
1- كان مؤذ سجاح ثم أسلم .
2- ثم كان ممن أعان على عثمان .
3- ثم صحب علياً .
4- ثم صار من الخوارج عليه .
5- ثم تاب فحضر قتل الحسين .
6- ثم كان ممن طلب بدم الحسين مع المختار .
7- ثم ولي شرطة الكوفة .
8- ثم حضر قتل المختار ، ومات بالكوفة في حدود الثمانين" !
ولم يذكر الحافظ رأيه فيه ومرتبته في الرواية ، وكأن ذلك لهذا الاضطراب الذي شرحه بإيجاز ، والذي يدل على عدم استقرار ذهنه ، وسلامة فكره . والله أعلم .

(/1)


ومثل حديثه هذا في النكارة : ما أورده الحافظ إبراهيم الناجي في "عجالة الإملاء" (ص 85) من رواية عبد بن حميد - في مسند علي - من "مسنده" : أخبرنا يزيد بن هارون : أخبرنا مسلم بن عبيد عن أبي عبدالله عن أبي جعفر مولى علي بن أبي طالب أن علياً قال في يوم : قال نبي الله صلي الله عليه وسلم لفاطمة :
"سبحي حين تنامين ثلاثاً وثلاثين ، واحمدي ثلاثاً وثلاثين ، وكبري أربعاً وثلاثين ، فهذه مئة ، وهي ألف حسنة ؛ من قالها كل ليلة حين ينام ؛ فهي خير له من أن يعتق رقبة كل ليلة ، وكل عرق في جسده يمحى به عنه سيئة ، ويكتب له حسنة" .
قال علي : فما تركتهن منذ سمعت فاطمة قالتها لي ، ولا يوم صفين .
قال الحافظ الناجي :
"وهذا منكر إسناداً ومتناً ، ولا أعرف أبا جعفر مولى علي ، ولا أبا عبدالله الراوي عنه ، إن لم يكونا مصحفين ، والعلم عند الله" .
حديث الكروبيين .

(/2)


5322 - ( ينزل أهل السماء الدنيا - وهم أكثر من أهل الأرض ، ومن الجن والإنس - ، فيقول أهل الأرض : أفيكم ربنا ؟ فيقولون : لا ، وسيأتي ، ثم تشقق السماء الثانية ... (وساق الحديث إلى السماء السابعة ، قال :) فيقولون : أفيكم ربنا ؟ فيقولون : لا ، وسيأتي ، ثم يأتي الرب تبارك وتعالى في الكروبيين ، وهو أكثر من أهل السماوات والأرض ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 512 :
$منكر موقوف$
أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (ص 43) - وهذا السياق له - ، وابن جرير (19/ 5) ، والحاكم (4/ 569-570) من طريق علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية : (يوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً) ؛ قال : ... فذكره . وقال الحاكم :
"رواة هذا الحديث - عن آخرهم - محتج بهم ؛ غير علي بن زيد بن جدعان القرشي ، وهو - وإن كان موقوفاً على ابن عباس - ؛ فإنه عجيب بمرة" .
وأما الذهبي ؛ فعلى خلاف عادته قال :
"قلت : إسناده قوي" !

(/1)


5323 - ( إن الله تعالى لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها ، وإنما زيادة العمر بالذرية الصالحة يرزقها العبد ، فيدعون له من بعده ، فيلحقه دعاؤهم في قبره ، فذلك زيادة العمر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 512 :
$منكر$
أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" من طريق الوليد بن عبدالملك ابن عبيدالله بن مسرح : حدثنا سليمان بن عطاء عن مسلمة بن عبدالله عن عمه أبي مشجعة بن ربعي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
ذكرنا [زيادة العمر] عند رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ فقال : ... فذكره .
نقلته من "تفسير ابن كثير" (7/ 54) ، ووقع فيه أخطاء كثيرة في رجال إسناده ، صححتها من كتب الرجال ، ويبدو لي أن في أول متنه سقطاً لعله قولهم :
قوله تعالى : (وما يعمر من معمر ...) الآية ، أو نحوه .
ثم تحققت من ذلك كما يأتي .
وسكت عن إسناده ابن كثير ، وهو إسناد ضعيف مظلم مسلسل بالمجهولين :
1- أبو مشجعة هذا ؛ لم يذكروا له راوياً غير ابن أخيه مسلمة بن عبدالله ؛ وقال الحافظ :
"مقبول" ؛ يعني : عند المتابعة ، وإلا ؛ فهو لين الحديث .
2- مسلمة بن عبدالله الجهني ؛ قال دحيم :
"لم يرو عنه أحد نعرفه غير الشعيثي" . وقال الحافظ أيضاً :
"مقبول" .
3- سليمان بن عطاء - وهو ابن قيس القرشي - متفق على تضعيفه ، بل قال ابن حبان في "الضعفاء والمجروحين" (1/ 329) :
"روى عن مسلمة بن عبدالله الجهني عن عمه أبي مشجعة بن ربعي أشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات ، فلست أدري ؛ التخليط فيها منه أو من مسلمة ابن عبدالله ؟!" .
وأما الوليد بن عبدالملك ؛ فقال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 10) عن أبيه :
"صدوق" .
وذكر أنه روى عنه أبوه ، وكذا أبو زرعة ، ورواية هذا عنه توثيق منه له ؛ كما هو معروف عنه .
فآفة الحديث ممن فوقه .
وقد أخرجه من طريقه أيضاً : ابن حبان ، وابن عدي (ق 160/ 1) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 190/ 2 - مصورة الجامعة) ؛ وفي روايتهم ما أشرت إليه من السقط في "تفسير ابن كثير" .
وهذا الحديث مما فات السيوطي ؛ فلم يورده في "الجامع الكبير" ، بل ولا في "الدرالمنثور" في تفسير الآية : (وما يعمر من معمر ...) ! وإنما أورد فيها الحديث الآتي بعده ، ولم يورده أيضاً في آخر سورة (المنافقون) في قوله تعالى : (ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون) . وهو بها أليق وألصق ، وهي بمعنى الطرف الأول من الحديث .
وأما سائره ؛ فمنكر لا شاهد له ، بل هو مخالف لبعض الأحاديث الصحيحة المصرحة بأن هناك أسباباً شرعية لإطالة العمر ؛ كقوله صلي الله عليه وسلم :
"من أحب أن يبسط له في رزقه ، وأن ينسأ له في أثره (وفي رواية : أجله) ؛ فليصل رحمه" ؛ أخرجه الشيخان من حديث أنس ، وله شواهد خرجت بعضها في "صحيح أبي داود" (1486) . وكقوله صلي الله عليه وسلم :
"حسن الخلق وحسن الجوار ؛ يعمران الديار ، ويزيدان في الأعمار" . أخرجه أحمد بسند صحيح ؛ كما تراه مبيناً في "الصحيحة" (519) .
وقد يظن بعض الناس أن هذه الأحاديث تخالف الآية السابقة : (ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها ...) ، وغيرها من الآيات والأحاديث التي في معناها !
والحقيقة ؛ أنه لا مخالفة ؛ لأن الأحاديث المذكورة آنفاً إنما تتحدث عن مبدأ الأخذ بالأسباب ، ولا تتحدث عما سبق في علم الله الأزلي من الآجال المحددة ؛ فإن علم الله تعالى لا يتغير ولا يتبدل ؛ تماماً كما هو الشأن في الأعمال الصالحة والطالحة ، والسعادة والشقاوة ، فالآيات والأحاديث التي تأمر بالإيمان والعمل الصالح ، وتنهى عن نقيضهما لا تكاد تحصى ، وفي بعضها يقول الله تعالى : (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) ، وقد ذكر العلماء المحققون أن الباء في هذه الآية ؛ إنما هي باء السببية ، فذلك كله لا ينافي ما سبق في علم الله تعالى من السعادة والشقاوة ، بل إنما هما أمران متلازمان : السعادة مع العمل الصالح ، والشقاوة مع العمل الطالح . وهذا صريح في قوله صلي الله عليه وسلم :
"إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار ، فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة ، فيدخلها" . أخرجه الشيخان وغيرهما ، وهو مخرج في "تخريج السنة" (175-176) .
فانظر كيف أن نهاية الأمر كان مقروناً بالعمل دخول الجنة والنار .
فكما أنه لا يقال : إن العمل ليس سبباً للدخول ؛ فكذلك لا يقال : إن صلة الرحم وغيرها ليست سبباً لطول العمر بحجة أن العمر محدود ؛ فإن الدخول أيضاً محدود : (فريق في الجنة وفريق في السعير) .
وما أحسن وأجمل جواب النبي صلي الله عليه وسلم لما حدث أصحابه بقوله :
"ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة" . فقالوا : أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل ؟! فقال صلي الله عليه وسلم :

(/1)


"اعملوا ؛ فكل ميسر لما خلق له : أما من كان من أهل السعادة ؛ فييسر لعمل أهل السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاوة ؛ فييسر لعمل أهل الشقاوة" . ثم قرأ : (فأما من أعطى واتقى . وصدق بالحسنى . فسنيسره لليسرى) ، إلى قوله : (فسنيسره للعسرى) . أخرجه الشيخان .
وجملة القول : أن الله تبارك وتعالى جعل لكل شيء سبباً ، فالعمل الصالح سبب لدخول الجنة ، والعمل السيىء لدخول النار ، فكذلك جعل بعض الأخلاق الصالحة سبباً لطول العمر . فكما أنه لا منافاة بين العمل وما كتب لصاحبه عند ربه ؛ فكذلك لا منافاة بين الأخلاق الصالحة وما كتب لصاحبها عند ربه ، بل كل ميسر لما خلق له .
وأنت إذا تأملت هذا ؛ نجوت من الاضطراب الذي خاض فيه كثير من العلماء ؛ مما لا يكاد الباحث يخلص منه بنتيجة ظاهرة سوى قيل وقال ، والأمر واضح على ما شرحنا والحمد لله ، وإن شئت أن تقف على كلماتهم في ذلك ؛ فراجع "روح المعاني" للعلامة الآلوسي (7/ 169-170) .

(/2)


5324 - ( من قرأ : (إنا أنزلناه في ليلة القدر) ؛ عدلت بربع القرآن ... ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 516 :
$موضوع$
رواه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 113 - الأثرية) من طريق عمر بن رياح : سمعت يزيد الرقاشي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره . وله عنده تتمة حذفتها ؛ لثبوتها في أحاديث أخرى .
وهذا القدر منه موضوع ؛ لتفرد عمر بن رياح به ؛ قال البخاري في "التاريخ الكبير" (6/ 156/ 2009) :
"قال عمرو بن علي : هو دجال" . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 86) :
"كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب" .
ويزيد الرقاشي ضعيف ؛ كما تقدم مراراً .

(/1)


5325 - ( كنت ردف رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ وأعرابي معه ابنة له حسناء ، فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ رجاء أن يتزوجها . قال : فجعلت ألتفت إليها ، وجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يأخذ برأسي فيلويه ... ) الحديث .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 517 :
$منكر بهذا السياق$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (12/ 97/ 6731) من طريق قبيصة بن عقبة عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ظاهرة الصحة ، وقد جرى على ذلك الحافظ ابن حجر ؛ فقال في "الفتح" (4/ 58 - بولاق) :
"رواه أبو يعلى بإسناد قوي" !
قلت : وهو في نقدي معلول ، فعزمت على بيان ذلك ؛ أداءً للأمانة العلمية ، ولكي لا يغتر به بعض الطلبة ممن لا معرفة عندهم بعلل الحديث ، كما وقع ذلك لبعض الطلاب المعاصرين ممن كتب في حجاب المرأة ، وللمعلق على "مسند أبي يعلى" (12/ 97) ! فأقول :
فيه ثلاث علل :
الأولى : أبو إسحاق - وهو عمرو بن عبدالله السبيعي - ؛ فإنه مع كونه من رجال الشيخين ؛ فإنه مدلس ، وكان اختلط في آخره . قال الحافظ ابن حجر في مقدمة "الفتح" (ص 431) :
"أحد الأعلام الأثبات قبل اختلاطه" .
وقد أورده ابن الصلاح وغيره في جملة المختلطين ، وحكمهم : الاحتجاج بهم بما حدثوا به قبل اختلاطهم ، بخلاف ما حدثوا به بعد اختلاطهم ؛ فلا يحتج به ، ومثله ما لم يتبين أحدث به قبل الاختلاط أم بعده ؟ كما هو الشأن في هذا الحديث ؛ فإني لم أجد من صرح بأن ابنه يونس بن أبي إسحاق سمع منه قبل الاختلاط .
ثم هو - إلى ذلك - قد عنعنه .
الثانية : يونس بن أبي إسحاق ، وإن كان قد احتج به مسلم ؛ فلعل ذلك منه على سبيل الاختيار والانتقاء من حديثه ؛ فقد قال الحافظ فيه في كتابه "تقريب التهذيب" :
"صدوق يهم قليلاً" .
قلت : وقد خالفه في متنه ابنه إسرائيل - كما يأتي - ؛ وهو أوثق منه .
الثالثة : قبيصة بن عقبة ؛ قال الحافظ :
"صدوق ربما خالف" .
واعلم أنه مما لا يخفى علي - والحمد لله - أن مثل هذا الجرح والذي قبله مما لا يسقط صاحبه من مرتبة الاحتجاج بحديثه مطلقاً ! كلا ، ولكن قل من يعلم من المشتغلين بهذا العلم أن مثله مما يعرض صاحبه لنقد حديثه عند مخالفته لمن هو أوثق منه ، فيصير بسبب ذلك حديثه شاذاً ، أو منكراً .
وهذا هو الواقع في هذا الحديث ؛ فقد جاء من طرق دون قوله :
(فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله صلي الله عليه وسلم رجاء أن يتزوجها) !
بل جاء كذلك من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به .
أخرجه أحمد (1/ 213) قال : حدثنا حجين بن المثنى وأبو أحمد (يعني : الزبيري) - المعنى - قالا : حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق به ؛ دون الزيادة .
أما الطريق الثانية ؛ فهي من رواية الحكم بن عتيبة عن ابن عباس به .
أخرجه أحمد أيضاً (1/ 113) ؛ ورجاله ثقات كالذي قبله .
قلت : فاتفاق هذه الطرق الثلاث على خلاف رواية يونس ؛ لدليل واضح على شذوذ ما تفرد به دونهم ، بل وعلى نكارته ؛ فإنه يحتمل أن يكون ذلك من أبي إسحاق نفسه ، حدث به في حالة اختلاطه ؛ فذكرها تارة ، فسمعها منه يونس ،ولم يذكرها تارة ، فلم يذكرها إسرائيل في حديثه عنه ؛ وهذا هو الصواب ؛ لموافقته للطرق الأخرى .
ويؤيده : أن سليمان بن يسار رواه أيضاً عن ابن عباس مثله دون الزيادة ؛ لكنه جعله من مسند ابن عباس ، وذكر أن السائل إنما هي المرأة الخثعمية ، وأنها هي التي كان ينظر الفضل إليها ، وأنها قالت : يا رسول الله ! إن فريضة الله الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً .. .
فتأول الحافظ قولها : "أبي" بأنها لعلها أرادت به جدها ؛ لأن أباها كان معها !
وهذا التأويل لو كان للتوفيق بين حديث "الصحيحين" من جهة وحديث الترجمة من جهة أخرى ؛ لكان لا وجه له عندي ؛ لم ذكرته من المخالفة فيها ، ولك لما كانت الطرق الثلاث متفقة على أن أباها كان معها ؛ كان لا بد من التأويل المذكور . والله أعلم .
ويؤيده أيضاً : أن الحديث قد جاء من حديث علي رضي الله عنه مطولاً ، وفيه قصة الفضل مع الخثعمية ، وليس فيها تلك الزيادة ؛ فثبت أنها منكرة .
(تنبيه) : كان في آخر الحديث :
وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة .
فحذفته مشيراً إلى ذلك بالنقط (...) ، وبقولي : (الحديث) ؛ لأن هذا القدر منه صحيح ، رواه الشيخان وغيرهما ، وهو مخرج في "الإرواء" (رقم 1098) .

(/1)


5326 - ( زينوا أصواتكم بالقرآن ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 521 :
$منكر مقلوب$
تفرد بروايته - هكذا - الخطابي في "معالم السنن" (2/ 138) من طريق الدبري عن عبدالرزاق : أخبرنا معمر عن منصور عن طلحة عن عبدالرحمن بن عوسجة عن البراء أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
قلت : وهو إسناد ضعيف ، ومتن منكر مقلوب ، ولولا أن الخطابي - عفا الله عنا وعنه - أورده مصححاً إياه ، ومحتجاً به على أن اللفظ الذي في "سنن أبي داود" وغيره من طريق الأعمش عن طلحة بلفظ :
"زينوا القرآن بأصواتكم" ، مقلوب عنده ! لولا ذلك لما تكلفت مؤنة الرد عليه ، وبيان خطأ ما ذهب إليه رواية ومعنى .
أما الرواية : فالرد عليه من وجوه :
الأول : أن الإسناد الذي ساقه لا تقوم به حجة ؛ لأنه من رواية الدبري عن عبدالرزاق ؛ فإن الدبري - مع أنه قد تكلم بعضهم فيه ؛ فإنه - ممن سمع من عبدالرزاق بعد اختلاطه ؛ قال ابن الصلاح :
"وجدت فيما روى الطبراني عن الدبري عنه أحاديث استنكرتها جداً ، فأحلت أمرها على ذلك" .
الثاني : أنه خالفه الإمام الحجة ، الإمام أحمد - إسناداً ومتناً - ؛ فقال في "مسنده" (4/ 296) : حدثنا عبدالرزاق : أنبأنا سفيان عن منصور والأعمش عن طلحة بلفظ أبي داود .
فهذا هو المحفوظ عن عبدالرزاق بهذا الإسناد الصحيح عن منصور .
وأحمد ممن سمع من عبدالرزاق قبل اختلاطه .
وقد تابعه عبيدالله بن موسى عن سفيان به .
أخرجه ابن حبان (660 - موارد) ، والدارمي (2/ 274) .
وقد تابع سفيان - وهو الثوري - إبراهيم بن طهمان عن منصور والحكم عن طلحة بن مصرف به .
أخرجه الحاكم (1/ 575) .
وعنده (1/ 571-572) طرق أخرى عن منصور وحده .
الثالث : أن منصوراً قد تابعه الأعمش والحكم كما رأيت .
وتابعهم شعبة عن طلحة به .
أخرجه الطيالسي (738) ، وأحمد (4/ 304) ، والحاكم (1/ 573) .
ولهم عنده متابعون آخرون كثيرون ، وفيما ذكرنا كفاية .
الرابع : أن طلحة - وهو ابن مصرف - قد تابعه جماعة :
منهم زبيد بن الحارث عن عبدالرحمن بن عوسجة به .
أخرجه الحاكم (1/ 575) ، والخطيب (4/ 261) .
الخامس : أن عبدالرحمن بن عوسجة قد تابعه عن البراء : زاذان أبو عمر ، وعدي بن ثابت ، وأوس بن ضمعج .
أخرج أحاديثهم الحاكم باللفظ المحفوظ ؛ إلا أن زاذان زاد فقال :
".. فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً" .
وأخرجه الدارمي (2/ 274) أيضاً ، وتمام في "الفوائد" .
وسنده جيد ؛ كما بينته في "صحيح أبي داود" (1320) وفي الكتاب الآخر (771) .
السادس : أن البراء تابعه جمع من الصحابة باللفظ المحفوظ ، منهم : عائشة وأبو هريرة ، وعبدالله بن مسعود ، وقد خرجت أحاديثهم في "الصحيح" تحت الرقم المذكور آنفاً .
أقول : ففي هذه الطرق والمتابعات والشواهد دلالة قاطعة على أن حديث الترجمة منكر مقلوب ؛ لمخالفة راويه هذه الروايات ، والنكارة تثبت بأقل من ذلك ؛ كما لا يخفى على المشتغلين بهذا العلم الشريف .
فإن قيل : لم يتفرد الدبري بالحديث ؛ فقد قال الحاكم (1/ 572) : حدثنا عبدالله بن سعد : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي : حدثنا عبدالرحمن بن بشر : حدثنا عبدالرزاق : أنبأ معمر والثوري عن الأعمش بإسناده المتقدم بلفظ :
"زينوا أصواتكم بالقرآن" .
فأقول : رجال إسناده ثقات معروفون ؛ غير عبدالله بن سعد ؛ فإني لم أجد له ترجمة فيما لدي من المصادر الآن ، فإن كان ثقة كالذين فوقه ؛ فيكون الوهم من عبدالرزاق نفسه ؛ لاختلاطه كما تقدم ، ولأننا لا ندري أسمع من عبدالرزاق قبل الاختلاط أم بعده ؟ والثاني هو الأقرب ؛ لأن عبدالرزاق مات سنة (211) ، وابن بشر سنة (260) أو (262) ، فبين وفاتيهما قرابة خمسين سنة ، ومعنى هذا أنه سمع منه في آخر حياته ! والله أعلم .
وجملة القول : أن حديث الترجمة هو المقلوب يقيناً ، وهو إما منكر أو شاذ في اصطلاحهم .
هذا من حيث الرواية .
وأما المعنى : فقال الخطابي - في الحديث المحفوظ : "زينوا القرآن بأصواتكم" - :
"معناه : زينوا أصواتكم بالقرآن ! من باب المقلوب كما قالوا : عرضت الناقة على الحوض ؛ أي : عرضت الحوض على الناقة . وكقولهم : إذا طلعت الشعرى واستوى العود على الحرباء ؛ أي : استوى الحرباء على العود" .
ثم روى بإسناده الصحيح عن شعبة قال : نهاني أيوب أن أحدث : "زينوا القرآن بأصواتكم" . ثم قال :
"قلت : ورواه معمر عن منصور عن طلحة ، فقدم الأصوات على القرآن ، وهو الصحيح" ، ثم ساق إسناده إلى الدبري بسنده المتقدم . ثم قال :
"والمعنى : اشغلوا أصواتكم بالقرآن ، والهجوا بقراءته ، واتخذوه شعاراً وزينة" .
والجواب من وجوه :
أولاً : أن القلب المدعى خلاف الأصل ؛ فالواجب التمسك بالأصل ما دام ممكناً ، وهو كذلك هنا عند الجمهور ؛ كما سيأتي .

(/1)


ثانياً : ما رواه عن شعبة أن أيوب نهاه أن يحدث بحديث : "زينوا القرآن ..." ؛ ليس لأنه حديث مقلوب كما يدعي الخطابي ، وإنما خشية أن يتأوله المبتدعة بما يخالفون به السنة ؛ فقد رواه أبو عبيد القاسم بن سلام أيضاً بإسناده الصحيح عن شعبة به ، وقال عقبه :
"وإنما كره أيوب - فيما نرى - أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول الله صلي الله عليه وسلم في الألحان المبتدعة ، فلهذا نهاه أن يحدث به" .
ذكره ابن كثير في "فضائل القرآن" (ص 56) ، ثم قال عقبه :
"قلت : ثم إن شعبة رحمه الله روى الحديث متوكلاً على الله كما روي له ، ولو ترك كل حديث يتأوله مبطل ؛ لترك من السنة شيء كثير ، بل قد تطرقوا إلى تأويل آيات كثيرة من القرآن ، وحملوها على غير محاملها الشرعية المرادة ، وبالله المستعان ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" .
ثالثاً : ما عزاه لغير واحد من أئمة الحديث من أن المعنى : "زينوا أصواتكم بالقرآن" ! فهو - مع أنه لم يسنده إليهم ، ولا سمى واحداً منهم - ؛ فهو مردود بما في "غريب ابن الأثير" ؛ فإنه ذكر هذا المعنى المقلوب (!) ولم يعزه لأحد ، ثم أتبعه بقوله :
"وقيل : أراد بـ (القرآن) : القراءة ، فهو مصدر (قرأ يقرأ قراءة وقرآناً) ؛ أي : زينوا قراءتكم القرآن بأصواتكم ، ويشهد لصحة هذا - وأن القلب لا وجه له - : حديث أبي موسى : أن النبي صلي الله عليه وسلم استمع إلى قراءته فقال : "لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود" ، فقال : لو علمت أنك تستمع ؛ لحبرته لك تحبيراً ؛ أي : حسنت قراءته وزينتها ، ويؤيد ذلك - تأييداً لا شبهة فيه - حديث ابن عباس : أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : "لكل شيء حلية ، وحلية القرآن حسن الصوت" . والله أعلم" .
قلت : حديث ابن عباس هذا ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة ، كما تقدم بيانه برقم (4322) ، فالأولى الاستدلال بالزيادة المتقدمة في بعض طرق حديث البراء المحفوظ بلفظ :
"فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً" .
ويشهد أيضاً لصحة ما تقدم حديث : "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" ؛ فإن المراد به وبأمثاله تحسين الصوت ، وبذلك فسره جماعة من السلف ؛ منهم ابن أبي مليكة ، والراوي عنه بهذا الحديث - وهو عبدالجبار بن الورد - ؛ فإنه قال عقب الحديث :
فقلت لابن أبي مليكة : يا أبا محمد ! أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يحسنه ما استطاع .
أخرجه أبو داود ، وهو في "صحيحه" برقم (1322،1323) . قال ابن كثير عقبه :
"فقد فهم من هذا أن السلف رضي الله عنهم إنما فهموا من التغني بالقرآن إنما هو تحسين الصوت به وتحزينه ؛ كما قال الأئمة رحمهم الله" .
ويشهد له أيضاً حديث أبي هريرة مرفوعاً :
"ما أذن الله بشيء ما أذن (وفي لفظ : كأذنه) لنبي [حسن الصوت (وفي لفظ : حسن الترنم)] ، يتغنى بالقرآن [يجهر به]" .
قال الحافظ في "الفتح" بعد أن ذكر الخلاف في تفسير التغني لغة (9/ 63) :
"ظواهر الأخبار ترجح أن المراد : تحسين الصوت ، ويؤيده قوله : "يجهر به" ؛ فإنها إن كات مرفوعة قامت الحجة به ، وإن كانت غير مرفوعة ؛ فالراوي أعرف بمعنى الخبر من غيره ؛ لا سيما إذا كان فقيهاً . ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم ؛ لأن للتطريب تأثيراً في رقة القلب ، وإجراء الدمع ، وكان بين السلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان ، أما تحسين لصوت ، وتقديم حسن الصوت على غيره ؛ فلا نزاع في ذلك ... ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه ، فلو تغير ؛ قال النووي في "التبيان" : أجمعوا على تحريمه . ولفظه : أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ؛ ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط ، فإن خرج حتى زاد حرفاً أو أخفاه ؛ حرم" .
ثم ذكر (9/ 80) أن ابن أبي داود أخرج من طريق ابن أبي مشجعة قال : كان عمر يقدم الشاب الحسن الصوت ؛ لحسن صوته بين يدي القوم .
ومن طريق أبي عثمان النهدي قال : دخلت دار أبي موسى الأشعري ، فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته . وقال الحافظ :
"سنده صحيح ؛ وهو في "الحلية" لأبي نعيم [1/ 258] .
و(الصنج) - بفتح المهملة وسكون النون بعدها جيم - : هو آلة تتخذ من نحاس ، كالطبقين ، يضرب أحدهما بالآخر .
و(البربط) - بالموحدتين بينهما راء ساكنة ثم طاء مهملة ، بوزن جعفر - : هو آلة تشبه العود ، فارسي معرب .
و(الناي) - بنون بغير همز - : هو المزمار" .
وجملة القول : أن الخطابي أخطأ خطأ فاحشاً في تصحيحه لحديث الترجمة ، وترجيحه إياه على اللفظ الصحيح المخالف له ، مع كثرة طرقه وشواهده ، وتفرد أحد الرواة برواية معارضه ، كما أخطأ في ادعائه أن معنى الحديث على القلب ، والكمال لله تعالى وحده .
فإن قيل : فإن لحديث الترجمة شاهداً من حديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ :
"زينوا أصواتكم بالقرآن ..." ؛ مثل حديث الترجمة . وفي رواية :
"أحسنوا الأصوات بالقرآن" .

(/2)


أوردهما الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 170) ، وقال :
"رواه الطبراني بإسنادين ، وفي إحدهما عبدالله بن خراش ، وثقه ابن حبان وقال : "ربما أخطأ" ، ووثقه البخاري وغيره ، وبقية رجاله رجال (الصحيح)" !
فأقول : كلا الإسنادين ضعيف جداً ؛ فلا يفرح بهما ولا يستشهد بهما مطلقاً ؛ لشدة ضعف رواتهما ؛ فكيف مع المخالفة لأحاديث الثقات ، كما هو الشأن هنا ؟! وإليك البيان :
أما الأول : فأخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 110/ 1) من طريق عبدالله بن خراش عن العوام بن حوشب عن مجاهد عن ابن عباس ... باللفظ الأول .
وهذا إسناد ضعيف ؛ آفته ابن خراش هذا ؛ فإنه مجمع على تضعيفه . ولا ينافي ذلك أن ابن حبان أورده في "الثقات" ، وذلك لأمرين :
الأول : ما عرف عند المحققين في هذا الفن أن ابن حبان متساهل في التوثيق ، ولا سيما وقد قال فيه هو نفسه :
"ربما أخطأ" .
والآخر : أنه معارض لكل من تكلم فيه ، وكلهم جرحوه ، والجرح مقدم على التعديل ، لا سيما إذا كان من الأئمة المشهورين بالنقد والمعرفة بهذا العلم ، كالإمام البخاري وغيره كما يأتي ؛ بخاصة إذا كان المعدل متساهلاً كابن حبان ، وإليك ما قالوا فيه :
1- الإمام البخاري : "منكر الحديث" . قاله في "التاريخ الصغير" (ص 194) و "الكبير" (5/ 80) ، ونقله عنه جمع كما يأتي .
2- أبو حاتم الرازي : "منكر الحديث ، ذاهب الحديث ، ضعيف الحديث" .
3- أبو زرعة : "ليس بشيء ، ضعيف الحديث" . رواه والذي قبله : ابن أبي حاتم (2/ 2/ 46) .
4- النسائي : "ليس بثقة" ؛ قاله في كتابه "الضعفاء والمتروكون" (ص 18) .
5- قال الساجي : "ضعيف الحديث جداً ، ليس بشيء ، كان يضع الحديث" .
6- وقال محمد بن عمار الموصلي : "كذاب" . كما في "التهذيب" وغيره .
7- وأورده العقيلي في "الضعفاء" (201-202) ، وساق له أحاديث منكرة ، وقال عقبها :
"كلها غير محفوظة ، ولا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله" .
8- وقال الحافظ العسقلاني في "التقريب" :
"ضعيف ، وأطلق عليه ابن عمار الكذب" .
قلت : فهذا يبين لك إجماع الأئمة الموثوق بنقدهم على تضعيفه ، ولم ينقل الحافظ أو غيره توثيقه عن أحد من الحفاظ سوى ابن حبان ، وقد عرفت الجواب عنه .
ولذلك ؛ فإني أعتقد أن قول الهيثمي المتقدم فيه :
"ووثقه البخاري وغيره" وهم فاحش ؛ لاسيما بالنسبة للبخاري ؛ فإنه قد جرحه جرحاً شديداً كما يشعر بذلك قوله السابق : "منكر الحديث" ، وقد ذكره في كتابيه المتقدمين ، ورواه عنه العقيلي ، وذكره الحافظ وغيره .
وأما الإسناد الآخر ؛ فقال الطبراني (3/ 170/ 2) : حدثنا أبو يزيد القراطيسي : أخبرنا نعيم بن حماد : أخبرنا عبدة بن سليمان عن سعيد أبي سعد البقال عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس ... باللفظ الآخر .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ مسلسل بالضعفاء والعلل :
الأولى : الانقطاع بين الضحاك وابن عباس ؛ فإنه لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة ؛ كما في "التهذيب" ، بل إنه لم يلق ابن عباس .
الثانية و الثالثة : ضعف وتدليس سعيد - وهو ابن المرزبان البقال - ؛ قال الحافظ :
"ضعيف مدلس" .
الرابعة : نعيم بن حماد ؛ تكلموا فيه ، وقال الحافظ :
"صدوق يخطىء كثيراً" .
لكن هذا لم يتفرد به ؛ فقد تابعه أبو سعيد الأشج : حدثنا عبدة بن سليمان به ، وتابع هذا : مرجى بن رجاء عن سعيد البقال به .
أخرجهما ابن عدي (ق 156/ 1) في ترجمة البقال ، مشيراً إلى أنه هو علة الحديث .

(/3)


5327 - ( ليذكرن الله أقوام في الدنيا على الفرش الممهدة ، يدخلهم الدرجات العلى ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 531 :
$ضعيف$
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2319 - موارد) ، وأبو يعلى في "مسنده" (1/ 309) من طريقين عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً .
وقال الهيثمي (10/ 78) :
"رواه أبو يعلى ، وإسناده حسن" !
قلت : وهذا من تساهله ؛ فإن دراجاً هذا ضعفه الجمهور ، وله ما لا يتابع عليه . فقال أحمد :
"أحاديثه مناكير" ، ولينه . وقال فضلك الرازي :
"ما هو بثقة ولا كرامة" . وقال النسائي :
"منكر الحديث" . و "ليس بالقوي" . وقال أبو حاتم :
"ضعيف" . وكذا قال الدارقطني . وقال مرة :
"متروك" .
ووثقه ابن معين ، وابن المديني . وقال أبو داود :
"مستقيم ؛ إلا عن أبي الهيثم" . وقد ساق له ابن عدي أحاديث ، وقال :
"عامتها لا يتابع عليها" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق ؛ في حديثه عن أبي الهيثم ضعف" .

(/1)


5328 - ( إذا رأيتم من يجهر بالقراءة في النهار ؛ فارموه بالبعر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 532 :
$لا أصل له بهذا اللفظ$
وقد أورده الشيرازي في "المهذب" (2/ 389) من حديث أبي هريرة مرفوعاً ؛ وزاد عقبه :
"ويقول : إن صلاة النهار عجماء" .
وهذا الطرف منه تعقبه النووي بأنه باطل ، وقد سبق نص كلامه فيه حين أوردناه برقم (1014) .
وأما هذا الطرف الذي ذكرته هنا ؛ فلم يتكلم عليه بشيء !
وقد روى معناه : ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 365) عن يحيى بن أبي كثير قال :
قالوا : يا رسول الله ! إن ههنا قوماً يجهرون بالقراءة بالنهار ؟ فقال :
"ارموهم بالبعر" .
وهذا إسناد معضل ؛ فإن يحيى بن أبي كثير يروي عن أبي هريرة وغيره بالواسطة ، فقد سقط من الإسناد رجلان .
وقد ذكر ابن أبي شيبة في الباب آثاراً كثيرة ، ليس فيها شيء مرفوع ، وأصحها وأصرحها : ما رواه بسند صحيح عن ابن عمر :
أنه رأى رجلاً يجهر بالقراءة نهاراً ، فدعاه ، فقال :
إن صلاة النهار لا يجهر فيها ؛ فأسر قراءتك .
وهذا الأثر مما ينبغي الأخذ به ؛ لمطابقته للسنة الثابتة عن النبي صلي الله عليه وسلم في غير ما حديث ، تجد بعضه في "صفة الصلاة" ؛ إلا ما استثني من الصلوات التي جهر فيها صلي الله عليه وسلم ؛ كما سبقت الإشارة إلى ذلك في الحديث المتقدم .

(/1)


5329 - ( يا جبريل ! ما منعك أن لا تأخذ بيدي ؟ قال : إنك أخذت بيد يهودي ؛ فكرهت أن تمس يدي يداً مستها يد كافر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 533 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 158/ 1-2) من طريق عمر بن أبي عمر العبدي عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم استقبل جبريل عليه السلام ، فناوله يده ، فأبى أن يتناولها ، فدعا رسول الله صلي الله عليه وسلم بماء فتوضأ ، ثم ناوله يده ، فتناولها ، فقال : ... فذكره . وقال الطبراني :
"لم يرو هذا الحديث عن هشام إلا عمر" .
قلت : وهو عمر بن رياح العبدي أبو حفص البصري الضرير ، وهو مجمع على ضعفه ؛ كما قال الهيثمي ، بل هو متهم ؛ فقد قال ابن حبان :
"يروي الموضوعات عن الثقات ، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب" . وقال عمرو بن علي الفلاس :
"كان دجالاً" . وقال الساجي :
"يحدث ببواطيل ومناكير" . وقال الذهبي في "الميزان" - بعد أن نقل قول الفلاس وغيره فيه - :
"وله خبر باطل ..." ، ثم ساق هذا .

(/1)


5330 - ( أتؤمن بشجرة المسك وتجدها في كتابكم ؟ قال : نعم . قال : فإن البول والجنابة عرق يسيل من ذوائبهم إلى أقدامهم كالمسك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 534 :
$موضوع بهذا اللفظ$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 200/ 5010) و "الأوسط" أيضاً (2/ 189/ 2) عن يحيى بن راشد : حدثنا عبدالنور ابن عبدالله بن سنان عن هارون بن سعد عن ثمامة بن عقبة قال : سمعت زيد ابن أرقم قال :
كنت جالساً عند النبي صلي الله عليه وسلم ، فقال له رجل من اليهود [يقال له : ثعلبة بن الحارث] : أتزعم أن في الجنة طعاماً وشراباً وأزواجاً ؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم : "نعم" . فقال اليهودي : إنا نجدها طيبة مطيبة ؟ فقال له النبي صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . والزيادة لـ "الأوسط" ، وقال :
"تفرد به عبدالنور بن عبدالله" .
قلت : وهو كذاب ، وقد مضى له حديث آخر من موضوعاته برقم (1845) ، فراجعه .
والحديث ؛ قد رواه الأعمش عن ثمامة بن عقبة به نحوه .
أخرجه أحمد والطبراني وغيرهما .
وليس في هذه الرواية ذكر الذوائب ، ولا اسم اليهودي ، ولا قوله صلي الله عليه وسلم له : "أتؤمن ..." ؛ فراجع - إن شئت - سياقها في "الترغيب" (4/ 258 - المنيرية) ، وهو في "صحيح الترغيب" برقم (3739) .

(/1)


5331 - ( ندمت أن لا أكون طلبت إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ فيجعل الحسن والحسين مؤذنين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 535 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 118/ 1) من طريق نهشل بن سعيد الترمذي عن الضحاك بن مزاحم عن الحارث الأعور عن علي قال : ... فذكره . وقال :
"لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وهو ضعيف جداً ، إن لم يكن موضوعاً ؛ آفته نهشل هذا ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ، وكذبه إسحاق بن راهويه" .
والحارث الأعور ضعيف .
وبه وحده أعله الهيثمي (1/ 326) فقصر ! ومن أجل ذلك خرجته .

(/1)


5332 - ( لا صلاة لمن لا تشهد له ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 536 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 118/ 1) بإسناد الحديث الذي قبله ، وقال فيه ما قال في ذاك ، وقد عرفت أنه ضعيف جداً ، وأن الهيثمي تساهل فيه ، وكذلك فعل في هذا .
لكنه قد روي من حديث ابن مسعود مرفوعاً بلفظ :
"تعلموا ؛ فإنه لا صلاة إلا بتشهد" .
أخرجه الطبراني أيضاً (2/ 149/ 865 - مجمع البحرين - ط) ، وكذا في "الكبير" (3/ 55/ 2) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 203/ 1) من طريق صغدي بن سنان عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله قال :
كان النبي صلي الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ، ويقول : ... فذكره . وقال الطبراني :
"لم يروه عن أبي حمزة إلا صغدي" .
قلت : وهو - كما قال ابن عدي - : "يتبين على حديثه الضعف" .
لكنه قد توبع ؛ فقال البزار في "مسنده" (ص 64 - زوائده) : حدثنا محمد ابن مرداس : حدثنا محبوب بن الحسن : حدثنا أبو حمزة به .
قلت : وهذه متابعة لا بأس بها ؛ فإن محبوباً هذا : هو محمد بن الحسن بن هلال ، مختلف فيه . وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق ، فيه لين" .
والراوي عنه : محمد بن مرداس - وهو الأنصاري البصري - ؛ روى عنه جمع من الثقات والأئمة ، منهم البخاري في "جزء القراءة" ، وذكره ابن حبان في "الثقات" . وأما أبو حاتم ؛ فقال :
"مجهول" !
قلت : فالأولى إعلال الحديث بشيخ صغدي ، وهو أبو حمزة - وهو ميمون القصاب الأعور الكوفي - ؛ كما أشار عبدالحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" (ق 55/ 2) ؛ وقال :
"وهو ضعيف عندهم" . وقال في "زوائد البزار" :
"أبو حمزة : هو ميمون الأعور ، واه" .
قلت : ولعل أصل الحديث موقوف على ابن مسعود ، فرفعه هذا الأعور ؛ لقلة ضبطه وسوء حفظه ؛ فقد ذكره البيهقي (2/ 139) موقوفاً عليه ، فقال :
"وروينا عن ابن مسعود : لا صلاة إلا بتشهد" .
ولم أعرف الآن إسناده .
نعم ؛ أخرج هو ، وعبدالرزاق في "المصنف" (2/ 206/ 3080) ، والبخاري في "التاريخ" (3/ 131/ 443) عن حملة بن عبدالرحمن سمع عمر بن الخطاب قال : ... فذكره موقوفاً عليه .
لكن الحملة هذا ؛ لم يذكر فيه البخاري - وكذا ابن أبي حاتم (1/ 2/ 316) - جرحاً ولا تعديلاً .

(/1)


5333 - ( الدنيا خضرة حلوة ، من اكتسب فيها مالاً من حله ، وأنفقه في حقه ؛ أثابه الله عليه ، وأورده جنته ، ومن اكتسب فيها مالاً من غير حله ، وأنفقه في غير حقه ؛ أحله الله دار الهوان ، ورب متخوض في مال الله ورسوله ؛ له النار يوم القيامة ، يقول الله : (كلما خبت زدناهم سعيراً) ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 538 :
$ضعيف$
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 141/ 1) من طريق أبي عقيل يحيى بن المتوكل عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، ورجاله ثقات ؛ غير يحيى هذا ؛ فإنه ضعيف ؛ كما قال الحافظ في "التقريب" .
وأشار المنذري في "الترغيب" (3/ 14-15) إلى تضعيف الحديث .

(/1)


5334 - ( إن رجلاً كان فيمن قبلكم حمل خمراً ، ثم جعل في كل زق نصفاً ماءً ، ثم باعه ، فلما جمع الثمن ؛ جاء ثعلب فأخذ الكيس ، وصعد الدقل ، فجعل يأخذ ديناراً فيرمي به في السفينة ، ويأخذ ديناراً فيرمي به في الماء ؛ حتى فرغ ما في الكيس ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 538 :
$منكر بهذا اللفظ$
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 110/ 2) و (4/ 333/ 5309 - ط) من طريق أحمد بن ملاعب بن حيان : حدثنا صالح بن إسحاق : حدثنا يحيى بن كثير الباهلي - قال صالح : وكان ثقة ، وكان لا بأس به - : حدثنا هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ صالح بن إسحاق هذا ؛ الظاهر أنه العجلي البصري ، روى عن عبدالوارث بن سعيد ؛ قال الأزدي :
"متروك" ؛ كما في "الميزان" ؛ زاد الحافظ :
"وبقية كلامه : "يتكلمون فيه ..." وساق له حديثاً منكراً . وفي "الثقات" لابن حبان : "صالح بن إسحاق الجرمي ؛ يروي عن يزيد بن زريع والبصريين . روى عنه أحمد بن حيان بن ملاعب" (!) . فالظاهر أنه هو" .
قلت : وتوثيقه لشيخه يحيى بن كثير الباهلي مما لا يوثق به ؛ لأمرين :
الأول : أنه - على ضعفه في نفسه - ليس معروفاً بنقد الرجال .
والآخر : أنه مخالف لجميع من تكلم فيه من الأئمة ، كابن معين وأبي حاتم وغيرهم كثير ؛ فقد أجمعوا على تضعيف يحيى هذا - وهو أبو النضر من أهل البصرة - ، وتجد كلماتهم فيه في "التهذيب" . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 130) :
"شيخ يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد" .
قلت : فكيف به إذا خالف ؛ كما هو الشأن في هذا الحديث ؟! فإنه قد صح من طريق أخرى عن أبي هريرة به نحوه لكن بلفظ :
"قرد" بدل : "ثعلب" .
رواه أحمد والبيهقي وغيرهما ، وهو مخرج عندي في "أحاديث بيوع الموسوعة" .
وله طريق أخرى عن أبي هريرة باللفظ المحفوظ ، وزاد في أوله :
"لا تشربوا اللبن بالماء" .
أخرجه ابن عدي في ترجمة سليمان بن أرقم (ق 154/ 2) ، ومن طريقه البيهقي عن الحسن عن أبي هريرة .
وسليمان هذا ضعيف .

(/1)


5335 - ( أهل المدائن حبس في سبيل الله ؛ فلا تحتكروا عليهم الطعام ، ولا تغلوا عليهم الأسعار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 540 :
$منكر$
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (19/ 131/ 1) من طريق الوليد بن مسلم : حدثني أبو يزيد الدمشقي : حدثني شيخ كان يجلس في المقصورة قال : سمعت سليمان بن حبيب المحاربي يحدث عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مظلم ؛ لجهالة الشيخ الذي لم يسم .
وكذلك الراوي عنه أبو يزيد الدمشقي ؛ فإني لم أعرفه ، بل إن ابن عساكر نفسه لم يعرفه ؛ فإنه لم يترجم له بشيء مطلقاً ؛ سوى أنه ساق له هذا الحديث !
والحديث ؛ أورده المنذري في "الترغيب" (3/ 27) من حديث أبي أمامة بزيادة :
"فإن من احتكر عليهم طعاماً أربعين يوماً ثم تصدق به ؛ لم تكن له كفارة" . وقال :
"ذكره رزين أيضاً ، ولم أجده ، وفيه كارة ظاهرة" .
فأقول : هذه الزيادة قد رويت من حديث معاذ وغيره بإسنادين ، في كل واحد منهما متهم بالكذب ، وقد سبق تخريجهما برقم (858،859) ، فكأن رزيناً لفق من حديث معاذ هذا وحديث الترجمة حديثاً آخر ، وعزاه لحديث أبي أمامة ، وهذا ليس بجيد كما لا يخفى ، وهو يفعل ذلك - مع الأسف - كثيراً ، ومن ذلك الحديث الآتي بعده .
ثم رأيت الطبراني قد أخرج الحديث في "المعجم الكبير" (8/ 116/ 7487) من طريق حماد بن عبدالرحمن : حدثنا خالد بن الزبرقان عن سليمان بن حبيب عن أبي أمامة الباهلي به .
وهذا إسناد ضعيف جداً :
1- حماد بن عبدالرحمن : هو الكلبي ؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه :
"شيخ مجهول ، منكر الحديث ، ضعيف الحديث" . وقال أبو زرعة :
"له أحاديث مناكير" .
وبه أعله الهيثمي (4/ 81) . وقلده المعلقون الثلاثة على طبعتهم الجديدة لكتاب المنذري "الترغيب" (2/ 568) ! وخفيت عليهم جميعاً العلة التالية :
2- خالد بن الزبرقان ؛ قال ابن أبي حاتم :
"سمعت أبي يقول : هو منكر الحديث ، وغيري يحكي عن أبي أنه قال : صالح الحديث" .
وقد جاء الحديث مختصراً جداً من طريق عبدالرحمن بن يزيد بن جابر عن القاسم عن أبي أمامة قال :
نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يحتكر الطعام .
أخرجه الروياني في "مسنده" (2/ 278/ 1199) ، والبيهقي في "الشعب" (7/ 524/ 11212) ، وأشار إليه في "السنن" (6/ 30) .
قلت : وهذا إسناد حسن ، وفي القاسم كلام لا يضر ، وهو ابن عبدالرحمن الدمشقي صاحب أبي أمامة ، وقد ذكروا في ترجمته أنه يقال فيه : إنه كان مولى لجويرية بنت أبي سفيان ، فورث بنو يزيد بن معاوية ولاءه ، فلذلك يقال : مولى بني يزيد بن معاوية .
وقد وقع في "الشعب" : ".. القاسم بن يزيد" كذا ! فلعله قد سقط منه قوله : (مولى) بين القاسم ويزيد . والله أعلم .

(/1)


5336 - ( يحشر الحكارون وقتلة الأنفس إلى جهنم في درجة واحدة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 542 :
$ضعيف$
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 44/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (17/ 229/ 1) عن مهنى بن يحيى السامي : حدثنا بقية عن سعيد ابن عبدالعزيز عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعاً به . وقال ابن عدي :
"لا أعلم رواه عن سعيد بن عبدالعزيز غير بقية ، ولا عن بقية غير مهنى بن يحيى" .
قلت : مهنى ثقة نبيل ؛ كما قال الدارقطني .
وإنما العلة من شيخه بقية ؛ فإنه كان مدلساً ، وقد عنعنه ؛ كما ترى .
على أن سعيد بن عبدالعزيز - وإن كان ثقة جليلاً - ؛ فقد اختلط آخر عمره ، ولا أدري أسمع منه بقية قبل اختلاطه أم بعده ؟
والحديث ؛ أورده المنذري بزيادة :
"ومن دخل في شيء من سعر المسلمين يغليه عليهم ؛ كان حقاً على الله أن يعذبه في معظم النار يوم القيامة" . وقال :
"ذكره رزين أيضاً ، وهو مما انفرد به مهنى بن يحيى عن بقية بن الوليد عن سعيد بن عبدالعزيز عن مكحول عن أبي هريرة ، وفي الحديث نكارة ظاهرة" !
هكذا أورده دون أن يعزوه لأحد من المخرجين وبالزيادة المذكورة ، وهي في حديث آخر أيضاً عند أحمد وغيره عن معقل بن يسار ، وهو في "الترغيب" ؛ وأعله بالجهالة ! وكذلك فعل الهيثمي (4/ 101) !
وإنما علته من الحسن البصري ؛ فإنه لم يصرح بالتحديث ، ولبيان ذلك خرجته فيما سيأتي رقم (6646) .

(/1)


5337 - ( أقل من الذنوب ، يهن عليك الموت ، وأقل من الدين ؛ تعش حراً ، [وانظر في أي نصاب تضع ولدك ؛ فإن العرق دساس] ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 543 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 298/ 1) - والزيادة له - ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 145/ 2) عن عبيدالله بن العباس ابن الربيع الحارثي - من أهل نجران اليمن - : حدثني محمد بن عبدالرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً .
أورده ابن عدي في جملة ما أنكر على محمد بن عبدالرحمن هذا . وقال البيهقي :
"في إسناده ضعف" ! وأشار المنذري (3/ 32) إلى ضعفه !
قلت : بل هو شر من ذلك ؛ فإن ابن البيلماني متهم بالوضع ، وقد مضى له بعض الأحاديث ، فانظر مثلاً (54،820) .

(/1)


5338 - ( يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة ؛ حتى يوقف بين يديه ، فيقال : يا ابن آدم ! فيما أخذت هذا الدين ؟ وفيم ضيعت حقوق الناس ؟! فيقول : يا رب ! إنك تعلم أني أخذته ؛ فلم آكل ، ولم أشرب ، ولم ألبس ، ولم أضيع ، ولكن أتى على يدي إما حرق وإما سرق وإما وضيعة ، فيقول الله عز وجل : صدق عبدي : أنا أحق من قضى عنك اليوم . فيدعو الله بشيء فيضعه في كفة ميزانه ، فترجح حسناته على سيئاته ، فيدخل الجنة بفضل رحمته ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 544 :
$ضعيف$
أخرجه الطيالسي في "مسنده" (1326) ، وعنه ابن عساكر (8/ 36) - عن صدقة بن موسى - ، وأحمد (1/ 197-198) - عن عبدالصمد - ، وهو والبزار (1332 - كشف الأستار) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 141) ، وابن عساكر أيضاً - عن يزيد بن هارون - ، وأبو نعيم أيضاً من طريق الطبراني - عن مسلم بن إبراهيم - كلهم قالوا : عن صدقة بن موسى : حدثنا أبو عمران : حدثني قيس بن زيد عن قاضي المصرين [هو شريح ، والمصران : البصرة والكوفة] عن عبدالرحمن بن أبي بكر مرفوعاً . وقال البزار :
"لا نعلمه عن عبدالرحمن مرفوعاً إلا بهذا الإسناد" . وقال أبو نعيم :
"غريب من حديث شريح ، تفرد به صدقة عن أبي عمران" .
قلت : صدقة - وهو الدقيقي - فيه ضعف ؛ كما يشعر بذلك قول الحافظ :
"صدوق له أوهام" .
وبه أعله الهيثمي ، فقال (4/ 133) :
"رواه أحمد ، والبزار والطبراني في "الكبير" ، وفيه صدقة الدقيقي ، وثقه مسلم بن إبراهيم ، وضعفه جماعة" !
قلت : وهذا يوهم أنه ليس فيه غيره ممن يعل به الحديث ! وليس كذلك ؛ فإن قيس بن زيد أورده الذهبي في "الميزان" ، وقال :
"قال الأزدي : ضعيف" .
وأقره هو والحافظ في "اللسان" ؛ إلا أن هذا زاد فقال :
"روى عنه أبو عمران الجوني ، وأورد له أبو نعيم في "الصحابة" حديثاً مرسلاً ، وقال : هو مجهول ، ولا تصح له صحبة ولا رؤية" .
انظر "المعرفة" (2/ 149/ 2) .
قلت : وأما ابن حبان ، فأورده في "الثقات" (3/ 220) على قاعدته في توثيق المجهولين ، ولم يذكر عنه راوياً غير الجوني !
والظاهر أنه خفيت هذه العلة على المنذري أيضاً ؛ فحسن إسناد الحديث ، مع إيهام خلاف الواقع ، فقال في "الترغيب" (3/ 36) :
"رواه أحمد ، والبزار ، والطبراني ، وأبو نعيم ، وأحد أسانيدهم حسن" !
أما الإيهام ؛ فما أظنه يخفى على من تأمل هذا التخريج والتحقيق ؛ فإنه أوهم أن للحديث أكثر من إسناد واحد ! وليس كذلك ؛ فإن مداره على الدقيقي بإسناده عن قيس بن زيد . فتنبه !
ومن هذه الطريق : أخرجه ابن أبي خيثمة في "التاريخ" (117) .

(/1)


5339 - ( أشكر الناس لله عز وجل : أشكرهم للناس ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 546 :
$ضعيف$
وقد روي من حديث الأشعث بن قيس ، وأسامة بن زيد ، وعبدالله ابن مسعود .
1- أما حديث الأشعث ؛ فيرويه عبدالله بن شريك العامري عن عبدالرحمن ابن عدي الكندي عنه .
أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص 141 برقم 1048) ، وأحمد (5/ 212) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (رقم 648) ، والطبري (مسند عمر - 73/ 120) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة عبدالرحمن بن عدي الكندي ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"مجهول" .
قلت : وأما ابن حبان ؛ فذكره على قاعدته في توثيق المجهولين في كتابه "الثقات" (3/ 160) ؛ إلا أنه وقع عنده : (ابن عثمان) مكان : (ابن عدي) ! وهو خطأ قديم ؛ فإنه كذلك وقع في مخطوطة الظاهرية منه .
وأما قول المنذري في "الترغيب" (2/ 56) - والهيثمي في "المجمع" (8/ 180) - :
"رواه أحمد ، ورجاله ثقات" !
فمن الظاهر أنهما اعتمدا في ذلك على توثيق ابن حبان المذكور ، وقد عرفت ما فيه .
وأزيد على ما تقدم فأقول :
إنه مع جهالة الكندي الراوي عن الأشعث ؛ فقد خالفه في متنه : أبو معشر زياد بن كليب ؛ فقال : عن الأشعث به مرفوعاً بلفظ :
"لا يشكر الله من لا يشكر الناس" .
أخرجه أحمد (5/ 211،212) بإسنادين صحيحين عنه - أعني : أبا معشراً - .
إلا أنه منقطع بينه وبين الأشعث ؛ فإن بين وفاتيهما نحو ثمانين سنة .
لكن لهذا اللفظ شاهد قوي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، كنت خرجته في "الصحيحة" برقم (416) ، فهو المحفوظ عن النبي صلي الله عليه وسلم .
2- وأما حديث أسامة ؛ فيرويه عبدالمنعم بن نعيم : حدثنا الجريري عن أبي عثمان النهدي عنه به .
أخرجه الطبراني في "الكبير" (425) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته ابن نعيم هذا ؛ قال الحافظ :
"متروك" . وهذا أصح وأدق من قول الهيثمي فيه :
"ضعيف" ؛ فإنه ضعيف جداً ؛ كما يدلك على ذلك قول الحافظ هذا ، وهو تابع في ذلك للإمام الدارقطني . ونحوه قول النسائي :
"ليس بثقة" . وأشد من ذلك قول الإمام البخاري :
"منكر الحديث" .
وكذا قال أبو حاتم .
ومما ذكرنا ؛ تعلم تساهل الذهبي في قوله في "المغني في الضعفاء والمتروكين" :
"ضعفه الدارقطني وغيره" !
(تنبيه) : حديث أسامة هذا ؛ عزاه السيوطي في "الجامع" للطبراني ، والبيهقي في "شعب الإيمان" ؛ فقال المناوي في شرحه :
"وفيه عندهما أبو نعيم ؛ أورده الذهبي في "الضعفاء" ، وقال : ضعفه الدارقطني وغيره . ا هـ ؛ وبه أعل الهيثمي خبر الطبراني" !
فقوله : "أبو نعيم" خطأ ! والصواب : (ابن نعيم) ، أو (عبدالمنعم بن نعيم) .
3- وأما حديث ابن مسعود ؛ فعزاه السيوطي لابن عدي ، ولم يتكلم المناوي عليه بشيء ، ولا وقفت عليه الآن لننظر فيه ، ثم قال المناوي :
"رمز المصنف لصحته ، ولعله من الصحيح لغيره" !
قلت : بل هو ضعيف ؛ والصحيح اللفظ الآخر كما تقدم بيانه .

(/1)


5340 - ( أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك - يعني : الجهاد - ، وقليل منكن من يفعله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 548 :
$ضعيف$
أخرجه البزار في "مسنده" (رقم 1474 - كشف الأستار عن زوائد البزار) من طريق مندل عن رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال :
جاءت امرأة إلى النبي صلي الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ! أنا وافدة النساء إليك ، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال ؛ فإن نصبوا أجروا ، وإن قتلوا كانوا أحياءً عند ربهم يرزقون ، ونحن معشر النساء نقوم عليهم ، فما لنا من ذلك ؟ قال : فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال :
"لا نعلمه يروى عن النبي صلي الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، ورشدين حدث عنه جماعة" !
قلت : وما فائدة ذلك ، وهو ممن أجمعوا على ضعفه ؟! بل قال فيه البخاري في "التاريخ الصغير" (ص 163) :
"منكر الحديث" . وحكاه عنه في "التهذيب" . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 302) :
"كثير المناكير ، يروي عن أبيه أشياء ليس تشبه حديث الأثبات عنه ، كان الغالب عليه الوهم والخطأ ، حتى خرج عن حد الاحتجاج به" .
ثم ساق له هذا الحديث من طريق جبارة بن مغلس : حدثنا مندل بن علي به أتم منه .
ولذلك ؛ جزم الهيثمي في "المجمع" (4/ 305،306) بأنه ضعيف ، وكذا الحافظ في "التقريب" .
ومندل ضعيف أيضاً .
فاقتصار الهيثمي في إعلال الحديث عليه قصور ، وبخاصة في الموضع الثاني المشار إليه ؛ فإنه ذكره فيه من رواية الطبراني ، وهذا قد أخرجه في "المعجم الكبير" (3/ 149/ 2-150/ 1) من طريق يحيى بن العلاء عن رشدين بن كريب به مطولاً مثل رواية ابن حبان .
ويحيى بن العلاء وضاع ؛ كما تقدم غير مرة ، فالسكوت عنه غير جيد .
وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى عن ابن عباس ، وشاهداً من حديث أسماء بنت يزيد بن السكن .
أما الطريق ؛ فيرويه هشام بن يوسف - وهو الصنعاني - عن القاسم بن فياض عن خلاد بن عبدالرحمن بن جبيرة عن سعيد بن المسيب : سمع ابن عباس قال : ... فذكره مختصراً جداً ، ولفظه :
قالت امرأة : يا رسول الله ! ما جزاء غزو المرأة ؟ قال :
"طاعة الزوج ، واعتراف بحقه" .
أخرجه الطبراني (3/ 93/ 2) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علته القاسم بن فياض ؛ لم تثبت عدالته . وقال ابن المديني :
"مجهول ، ولم يرو عنه غير هشام" .
وضعفه آخرون .
ووثقه أبو داود فقط .
وتناقض فيه ابن حبان ، فذكره في "الثقات" ! ثم ذكره في "الضعفاء" (2/ 213) ، وقال :
"كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير ، فلما كثر ذلك في روايته ؛ بطل الاحتجاج بخبره" ! ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه :
"ليس بشيء" .
وهذه الطريق مما فات الهيثمي ؛ فلم يتعرض لها بذكر ؛ مع أنها على شرطه !
وأما الشاهد ؛ فيرويه العباس بن وليد بن مزيد قال : حدثنا أبو سعيد الساحلي - وهو عبدالله بن سعيد بن مسلم بن عبيد ؛ وهو أبو نصيرة - عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت :
أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو جالس مع أصحابه ، فقلت : يا رسول الله ! إني وافدة النساء إليك ، إنه ليس من امرأة سمعت بمخرجي إليك إلا وهي على مثل رأيي ، وإن الله تبارك وتعالى بعثك إلى الرجال والنساء ؛ فآمنا بك وبالهدى الذي جئت به ، وإن الله قد فضلكم علينا - معشر الرجال - بالجماعة والجمعة ، وعيادة المرضى ، واتباع الجنائز ، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله ، وإن أحدكم إذا خرج غازياً أو حاجاً أو معتمراً ؛ حفظنا أموالكم ، وغزلنا أثوابكم ، وربينا لكم أولادكم ، وإنا - معشر النساء - مقصورات محصورات قواعد بيوتكم (أفما نشارككم في هذا الأجر) ؟ فأقبل رسول الله صلي الله عليه وسلم على أصحابه بوجهه كله فقال :
"سمعتم بمثل مقالة هذه المرأة ؟" ، قالوا : ما ظننا أن أحداً من النساء تهتدي إلى مثل ما اهتدت إليه هذه المرأة ! فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"اعلمي - وأعلمي من وراءك من النساء - أن حسن تبعل المرأة لزوجها ، واتباعها موفقته ومرضاته ؛ يعدل ذلك كله" .
فانطلقت تهلل وتكبر وتحمد الله عز وجل استبشاراً .
أخرجه أسلم بن سهل الواسطي المعروف بـ (بحشل) في "تاريخ واسط" (ص 83-84) تحت باب "من روى عن أسماء بنت يزيد بن السكن" قال : حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي : حدثنا العباس ...

(/1)


قلت : ومن هذا الباب استشعرت بصواب ما سبق إلى وهلي أول ما اطلعت على إسناده ، وهو أن فيه سقطاً بين أبي سعيد الساحلي وأسماء بنت يزيد ، ذلك ؛ لأنه لا يمكن للساحلي - وقد سمع منه العباس بن الوليد المتوفى سنة (269) - أن يكون روى عن أسماء هذه ، فلا بد أن يكون بينه وبينها واسطة ؛ إذا فرضنا سلامة الإسناد من الانقطاع ، فتابعت البحث ، فتأكدت من ذلك حين وجدت ابن الأثير في "أسد الغابة" قد أورد الحديث في ترجمة أسماء من رواية مسلم بن عبيد عنها ، وهذا الرجل موجود في إسناد (بحشل) ، فغلب على ظني أن ما وقع في "تاريخه" : "... بن مسلم بن عبيد" خطأ مطبعي صوابه : "... عن مسلم بن عبيد" ، فيكون هو المعني بـ (الباب) .
ثم تيقنت ذلك بالرجوع إلى "تاريخ دمشق" للحافظ ابن عساكر ، فبدأت بترجمة أبي سعيد الساحلي ، فرأيته يقول فيها (19/ 33/ 2) ما لفظه :
"اسمه أخطل بن المؤمل ، ويقال : عبدالله بن سعيد . تقدم ذكره في حرف الألف" .
ثم رجعت إلى هناك ، وإذا به يقول (2/ 305/ 2) :
"أخطل بن المؤمل أبو سعيد الجبيلي ، حدث عن مسلم بن عبيد ، روى عنه العباس بن الوليد البيروتي" .
ثم ساق الحديث بإسناده إلى محمد بن يعقوب : أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد (الأصل : يزيد ! وهو خطأ) : أخبرني أبو سعيد الساحلي - واسمه الأخطل بن المؤمل الجبيلي - : أخبرنا مسلم بن عبيد عن أسماء بنت يزيد الأنصارية - من بني عبد الأشهل - : أنها أتت النبي صلي الله عليه وسلم ... الحديث بطوله . ثم قال :
"قال ابن منده : رواه أبو حاتم الرازاي عن العباس بن الوليد بن مزيد ، وفرق ابن منده بين أسماء هذه وبين أسماء بنت يزيد بن السكن" .
قلت : وخطؤوه في ذلك ، كما بينه ابن الأثير ، والحافظ في "الإصابة" .
ورواية بحشل هذه صريحة في أنها ابنة يزيد بن السكن .
ثم قال ابن عساكر :
"غريب ، لم نكتبه إلا من حديث العباس" .
ثم رواه بإسناد آخر عن العباس به ؛ إلا أنه قال : "حدثني أبو سعيد الأخطل ابن المؤمل الساحلي من أهل جبيل ، وكان من أصحاب الحديث" !
ثم لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
قلت : فهو من المستورين .
فما ذكره أبو العباس بن أبي الغنائم عقب الحديث قال : قال عبداللطيف بن يورنداز :
"هذا حديث حسن الإسناد" !
ينافيه استغراب ابن عساكر إياه ، وهو الأقرب لحال الساحلي هذا .
ومن طريقه : رواه ابن عساكر أيضاً في مكان آخر من "التاريخ" (9/ 182/ 2) ، والحافظ ابن حجر في "المسلسلات" (ق 64/ 2-65/ 1) .

(/2)


5341 - ( إن المرأة إذا خرجت من بيتها ؛ وزوجها كاره لذلك ؛ لعنها كل ملك في السماء ، وكل شيء مرت عليه - غير الجن والإنس - حتى ترجع ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 554 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 170/ 1-2 مجمع البحرين) من طريق سويد بن عبدالعزيز عن محمد بن زيد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . وقال :
"لم يروه عن عمرو إلا محمد ، تفرد به سويد" .
قلت : وهو ضعيف جداً ؛ قال أحمد :
"متروك الحديث" . وقال ابن معين ، والنسائي :
"ليس بثقة" .
وضعفه غيرهم ؛ منهم ابن حبان ؛ إلا أنه اضطرب كلامه فيه ، فضعفه جداً في أول ترجمته ، ثم لينه في آخرها ، فقال في "الضعفاء" (1/ 350-351) :
"كان كثير الخطأ ، فاحش الوهم ، يجيء في أخباره من المقلوبات أشياء تتخايل إلى من سمعها أنها علمت عمداً" . ثم قال :
"والذي عندي في سويد : تنكب ما خالف الثقات من حديثه ، والاعتبار بما روى مما لم يخالف الأثبات ، والاحتجاج بما وافق الثقات ، وهو ممن أستخير الله فيه ؛ لأنه يقرب من الثقات" !
وقد أشار الذهبي في "الميزان" إلى هذا التناقض ؛ ورد تليينه إياه ؛ فقال :
"وقد هرت (أي : طعن) ابن حبان سويداً ، ثم آخر شيء قال : "وهو ممن أستخير الله فيه ؛ لأنه يقرب من الثقات" . قلت : لا ، ولا كرامة ، بل هو واه جداً" .
ولخص الحافظ في "التهذيب" كلام ابن حبان بفقرتيه ، فظهر فيه التناقض دون أن يشير أنه من ابن حبان ، فقال :
"وضعفه ابن حبان جداً ، وأورد له أحاديث مناكير ، ثم قال : وهو ممن أستخير الله فيه ؛ لأنه يقرب من الثقات" !
والحديث ؛ قال الهيثمي (4/ 313) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه سويد بن عبدالعزيز ، وهو متروك ، وقد وثقه دحيم وغيره ، وبقية رجاله ثقات" . وقال المنذري (3/ 79/ 35) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورواته ثقات ؛ إلا سويد بن عبدالعزيز" .
وترجمه في آخر الكتاب بتضعيف الجمهور إياه وتوثيق (دحيم) ، ولم يقل : "وغيره" ؛ فأصاب .

(/1)


5342 - ( من كفل يتيماً - له - ذو قرابة ، أو لا قرابة له ؛ فأنا وهو في الجنة كهاتين - وضم إصبعيه - ، ومن سعى على ثلاث بنات ؛ فهو في الجنة ، وكان له كأجر مجاهد في سبيل الله صائماً قائماً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 556 :
$ضعيف$
أخرجه البزار في "مسنده" (1909،1912 - كشف الأستار) : حدثنا إسحاق بن سليمان البغدادي : حدثنا بيان بن حمران : حدثنا المفضل بن فضالة - أخو مبارك بن فضالة - عن ليث عن أبي رزين عن أبي هريرة مرفوعاً به . وقال :
"لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ، والمفضل بصري مشهور ، وهم إخوة ثلاثة" !
قلت : وهو إسناد ضعيف مظلم ، مسلسل بالمجهولين والضعفاء ، وإليك البيان :
1- إسحاق بن سليمان البغدادي ؛ أورده الخطيب (6/ 365) من رواية البزار وحده عنه ، وساق له حديثاً آخر من طريق البزار ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، فهو مجهول العين .
2- بيان بن حمران ؛ ذكره الخطيب أيضاً بحديث آخر ، ثم روى (7/ 111) عن الدارقطني أنه قال :
"بيان بن حمران المدائني ؛ روى عن مفضل بن فضالة البصري - أخي مبارك - ، وعمر بن موسى الوجيهي . روى عنه ابنه محمد بن بيان ، ورزق الله بن مهران ، وإسحاق بن إسماعيل السقطي" ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، فهو مجهول الحال .
3- المفضل بن فضالة ؛ ضعفه ابن معين وجمع .
وشذ ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" ! ولذلك ؛ جزم الحافظ في "التقريب" بأنه ضعيف .
4- ليث - وهو ابن أبي سليم - ؛ أجمعوا على تضعيفه أو كادوا . وقال الحافظ :
"صدوق ، اختلط أخيراً ، ولم يتميز حديثه ، فترك" .
وبه - فقط - أعل المنذري الحديث في "الترغيب" (3/ 84) ؛ فقصر !
وتبعه على ذلك - الهيثمي - كعادته ؛ إلا أنه وصف ابن أبي سليم بما ليس فيه ؛ فقال (8/ 157،162) :
"رواه البزار ، وفيه ليث بن أبي سليم ، وهو مدلس" !
وأقره على ذلك الشيخ حبيب الأعظمي - كعادته - في تعليقه على "الكشف" (2/ 384،386) !
وقد رأيت الشيخ الهيثمي يكرر هذا الوصف كثيراً في "مجمعه" ، وكنت أتعجب منه وأتساءل في نفسي : هل وجد الشيخ هذا الوصف منقولاً في بعض الكتب التي لم نطلع عليها ، أم هو الوهم ؟! وكان ذلك يمنعني من الجزم بوهمه ، حتى رأيت الحافظ ابن حجر قد تعقبه في "زوائد البزار" - له - ؛ فقد نقل فيه (ص 297) عنه أنه قال في حديث آخر في فضل التسبيح :
"وليث بن أبي سليم ثقة ، ولكنه مدلس" ! فتعقبه الحافظ فقال :
"قلت : ما علمت أحداً صرح بأنه ثقة ، ولا من وصفه بالتدليس قبل الشيخ" .
وراجع "مجمع الزوائد" (10/ 93-94) مع التعليق عليه ؛ فإن المعلق غير كلام الهيثمي ، فجعل مكان قوله "مدلس" : "اختلط" ، غير منتبه أن ذلك تكرر من الهيثمي ، بحيث إن هذا التغيير لا يطابق المعهود منه ! والله أعلم .
(تنبيه) : قوله : "ذو قرابة" كذا وقع في "كشف الأستار" في الموضعين منه ؛ برفع "ذو" ، وكذلك نقله المنذري ثم الهيثمي عن البزار .
وتوهم المعلق عليه - الشيخ الأعظمي - أن ذلك خطأ من حيث الإعراب ، فجعله منصوباً : "ذا" !
والرفع له وجه معروف في اللغة ؛ وذلك بتقدير : "هو ذو" ، وما كان كذلك لم يجز تغييره ، بل يثبت كما هو في الأصل ، ثم يعلق عليه بما يراه المعلق صواباً أو خطأ ، كما هو مبين في علم المصطلح .
ثم إن الطرف الأول من الحديث صحيح ، جاء من طريق أخرى عن أبي هريرة ، سبق تخريجه في "الصحيحة" ، وله شاهد خرجته تحته ، وآخر خرجته هناك برقم (800) .
هذا ؛ ولليث فيه إسناد آخر ، بلفظ آخر أشبه بالصواب ؛ رواه عن محمد بن المنكدر عن أم ذرة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين - وجمع بي السبابة والوسطى - ، والساعي على اليتيم والأرملة والمسكين ؛ كالمجاهد في سبيل الله والصائم القائم لا يفتر" .
أخرجه أبو يعلى (3/ 1191) ، والطبراني أيضاً في "الأوسط" - كما في "المجمع" (8/ 160) - وقال :
"وفيه ليث بن أبي سليم ، وهو مدلس ، وبقية رجاله ثقات" !
كذا قال ! وقد عرفت مما تقدم أن ليثاً ليس بمدلس ، وإنما هو مختلط ؛ إلا أن حديثه هذا له شاهد بالشطر الثاني من حديث أبي هريرة في "الصحيحين" ، و "المسند" (2/ 361) ؛ لكن ليس فيه ذكر اليتيم ، وصححه الترمذي (1/ 356) .
وأما الشطر الأول ؛ فسبقت الإشارة إلى صحته وموضع تخريجه آنفاً .

(/1)


5343 - ( من كفل يتيماً له أو لغيره ؛ وجبت له الجنة ؛ إلا أن يكون عمل عملاً لا يغفر ، ومن ذهبت كريمتاه ؛ وجبت له الجنة ؛ إلا أن يكون عمل عملاً لا يغفر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 559 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 136/ 2) عن إسماعيل ابن عيسى العطار : أخبرنا داود بن الزبرقان عن أبي سفيان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً . وقال :
"أبو سفيان : هو - عندي - سعيد بن مسروق . والله أعلم" .
قلت : يعني : والد سفيان الثوري ، وهو ثقة من رجال الشيخين .
لكن الراوي عنه - داود بن الزبرقان - ضعيف جداً ؛ قال الحافظ :
"متروك ؛ كذبه الأزدي" .
وقال الهيثمي في "المجمع" (8/ 162) :
"رواه الطبراني ، وفيه داود بن الزبرقان ، وهو متروك" .
وتابعه على الشطر الأول منه : حنش عن عكرمة بلفظ :
"من قبض يتيماً من بين مسلمين إلى طعامه وشرابه ؛ أدخله الله الجنة ألبتة ؛ إلا أن يعمل ذنباً لا يغفر له" .
أخرجه الترمذي (1/ 349) ، والحارث بن أبي أسامة في "زوائده" (108/ 1) ، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (2/ 655/ 702) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 125/ 2) . وقال الترمذي :
"حنش : هو حسين بن قيس ؛ وهو أبو علي الرحبي ، وهو ضعيف عند أهل الحديث" .
قلت : وهو متروك ؛ كما في "التقريب" .
(تنبيه) : ذكر المنذري في "الترغيب" (3/ 230) هذا الحديث من رواية الترمذي وحده ؛ وقال :
"وقال : حديث حسن صحيح" !
وهذا من أوهامه رحمه الله ؛ فإنما قال الترمذي هذا التصحيح في حديث سهل بن سعد في فضل كافل اليتيم ، وهو أول حديث في الباب عند المنذري ؛ فاقتضى التنبيه .
ثم وجدت للحديث شاهداً ، ولكنه واه ؛ من رواية المسيب بن شريك قال : حدثنا الهيثم بن سعيد قال : حدثنا عبدالله بن تميم بن طرفة عن أبيه عن عدي مرفوعاً ؛ دون الاستثناء .
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 26/ 5477) ، وقال :
"لم يسند عبدالله بن تميم بن طرفة حديثاً غير هذا ، ولا يروى هذا الحديث عن عدي بن حاتم إلا بهذا الإسناد ، تفرد به القاسم بن سعيد بن المسيب بن شريك" .
قلت : كذا وقع في الأصل هنا ، وفي الإسناد أيضاً : "القاسم بن سعيد بن المسيب ..." ؛ ولم أجد للقاسم هذا ترجمة ! لكني رأيت الحافظ الهيثمي قال في "المجمع" - عقب الحديث (8/ 162) - :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه المسيب بن شريك ، وهو متروك" .
قلت : ففيه إشعار بأن نسختنا من "الأوسط" تحرف فيها : "عن المسيب .." إلى : "ابن المسيب" .
والمسيب هذا ؛ له ترجمة سيئة في "الميزان" ، و "اللسان" ؛ حتى قال فيه الفلاس :
"متروك الحديث ، قد أجمع أهل العلم على ترك حديثه" .
وعبدالله بن تميم ؛ وكذا وقع أيضاً في الأصل :
"عبدالله" مكبراً ! ووقع في الرواة عن تميم بن طرفة من "تهذيب المزي" : "عبيدالله" مصغراً .
ولم أجد له ترجمة ؛ لا مكبراً ولا مصغراً ، ويبدو أنه مجهول قليل الرواية ، ليس له إلا هذا الحديث كما تقدم عن الطبراني . وفي كلام المزي إشارة إلى ذلك ، حيث قال - بعدما ذكر روايته عن أبيه تميم - :
"إن كان محفوظاً" . والله أعلم .

(/1)


5344 - ( إن يوم الجمعة يوم عيد [وذكر] ، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم ، [ولكن اجعلوه يوم ذكر] ؛ إلا أن تصوموا قبله أو بعده ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 562 :
$منكر$
أخرجه الطحاوي (1/ 339) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (رقم 2163،2166) ، والحاكم (1/ 437) ، وأحمد (2/ 303،532) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (8/ 406/ 2 - مخطوطة الظاهرية وص 429-430 - مطبوعة المجمع - حرف العين) من طرق عن معاوية بن صالح عن أبي بشر عن عامر بن لدين الأشعري أنه سمع أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . وقال الحاكم :
"صحيح الإسناد ؛ إلا أن أبا بشر هذا لم أقف على اسمه ، وليس ببيان بن بشر ، وبجعفر بن أبي وحشية" ! وتعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : أبو بشر مجهول" .
قلت : ولم يورده في "الميزان" ، وهو من رجال "التهذيب" ؛ خلافاً لما كنت أشرت إليه في "الإرواء" (4/ 117) ! وقال الحافظ في "التقريب" :
"مقبول" .
وذكر ابن عساكر - والزيادتان له - في ترجمة عامر أنه أبو بشر القنسريني ! ثم أفرده بالترجمة في "الكنى" ، فقال (ق 80/ 1 - مصورة باريس) :
"يقال : إنه من أهل قنسرين ، حدث عن عامر بن لدين الأشعري ، ومكحول ، وعمر بن عبدالعزيز . روى عنه معاوية بن صالح الحمصي ؛ وراشد بن سعد ، وسعيد بن عبدالعزيز . مات سنة ثلاثين ومئة في خلافة مروان بن محمد" .
وإنما حكمت على الحديث بالنكارة ؛ لأن ما فيه من النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم قد صح من طرق عن أبي هريرة ، كنت أشرت إليها في تخريج حديثه هذا - الصحيح - في "إرواء الغليل" (رقم 959) ؛ وليس في شيء منها ما رواه أبو بشر هذا من العيد والذكر ، أضف إلى ذلك جهالته . والله أعلم .
(تنبيه) : قد أخرج الحديث : البزار في "مسنده" (1069 - كشف الأستار) من طريق أسد بن موسى : حدثنا معاوية بن صالح به ؛ إلا أنه قال : عن عامر بن لدي الأشعري قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
فأسقط منه أبا هريرة ، فصار السماع لابن لدين منه صلي الله عليه وسلم !
وقد جزم الحافظ وغيره بأنه خطأ ، وأن الصواب رواية الجماعة ، وأنه من مسند أبي هريرة .
وأنا أظن أن الخطأ من أسد بن موسى ؛ لأنه خالف الجماعة ، ولأن فيه بعض الكلام ؛ كما تراه في "التهذيب" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق يغرب ؛ وفيه نصب" .
ولم يتنبه لهذا : البزار ، ولا المنذري ، ولا الهيثمي وغيرهم ! فقال البزار عقبه :
"لا نعلم أسند عامر بن لدين إلا هذا" !
وانطلى الأمر على المعلق عليه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي ، فنقل عن الهيثمي قوله في "مجمع الزوائد" (3/ 199) :
"رواه البزار ، وإسناده حسن" !
وسكت عليه كما هو شأنه في كل ما ينقله عنه في تعليقه على هذا الكتاب !
والهيثمي قلد في ذلك الحافظ المنذري في "الترغيب" (2/ 87) ، وهكذا يتتابع الناس في الخطأ .
وزاد في ذلك المنذري ؛ فإنه أورده من رواية ابن خزيمة المتقدمة عقب حديث أبي هريرة الصحيح المشار إليه آنفاً ، فأوهم صحتها ، ثم بعد حديثين ساقه من رواية ابن لدين المسندة إلى النبي صلي الله عليه وسلم وقال :
"رواه البزار بإسناد حسن" !
فأوهم أنها رواية أخرى غير رواية ابن خزيمة ، وأنها تزداد بها قوة على قوة ! وهما في الحقيقة رواية واحدة وضعيفة من أصلها كما سلف بيانه . والله المستعان .
وقد تعقبه الحافظ إبراهيم الناجي في "عجالة الإملاء" بما ذكرنا من السقط .
وقد نقلت كلامه في تعليقي على "ضعيف الترغيب" (637) ؛ وهو تحت الطبع مع مقابله : "صحيح الترغيب" يسر الله تمام طبعهما .
ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن أبي هريرة دون جملة الذكر ، فتأكدت من نكارتها ؛ يرويه عبدالملك بن عمير عن رجل من بني الحارث بن كعب - يقال له : أبو الأوبر - قال :
كنت قاعداً عند أبي هريرة ؛ إذ جاءه رجل فقال : إنك نهيت الناس عن الصيام يوم الجمعة ؟ قال : ما نهيت الناس أن يصوموا يوم الجمعة ، ولكني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"لا تصوموا يوم الجمعة ؛ فإنه يوم عيد ؛ إلا أن تصلوه بأيام" .
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3601 - الإحسان) من طريق جرير عن عبدالملك بن عمير به .
وهذا إسناد ظاهره الصحة ، لكن جرير - وهو ابن عبدالحميد - تكلم في حفظه في آخر عمره .
وقد خالفه شعبة ؛ فقال الطيالسي في "مسنده" (2595) : حدثنا شعبة عن عبدالملك به ؛ إلا أنه لم يذكر :
"فإنه يوم عيد" .
وكذلك أخرجه أحمد (2/ 458) : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة به .
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 339) من طريق أخرى عن شعبة به .
وتابعه شريك - وهو ابن عبدالله - : عند الطحاوي ، وأحمد (2/ 526) .
وأبو عوانة : عند أحمد (2/ 422) .

(/1)


قلت : فاتفاق هؤلاء الثقات الثلاثة - على مخالفة جرير في هذه الزيادة - دليل واضح على أنها غير محفوظة ؛ فهي شاذة . ويؤكد ذلك عدم ورودها في الطرق التي سبقت الإشارة إليها آنفاً عن أبي هريرة .

(/2)


5345 - ( من مشى في حاجة أخيه ؛ كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين ، ومن اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله ؛ جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق ، كل خندق أبعد ما بين الخافقين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 566 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 191/ 1 - مصورة الجامعة الإسلامية ، ورقم 7462 - نسختي وترقيمي) ، والبيهقي في "الشعب" (3/ 424/ 3965) من طريق أحمد بن خالد الخلال : أخبرنا الحسن بن بشر قال : وجدت في كتاب أبي : حدثنا عبدالعزيز بن أبي رواد عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره .
ومن هذا الوجه : أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 89-90) ، والخطيب في "التاريخ" (4/ 126-127) ، وقال :
"غريب ؛ لا أعلم رواه عن عطاء غير ابن أبي رواد" !
قلت : وهذا يشعر بأن من دونه قد توبع ! وليس كذلك كما يفيده قول الطبراني عقبه :
"لم يرو هذا الحديث عن عبدالعزيز بن أبي رواد إلا بشر بن سلم البجلي ، تفرد به ابنه" .
قلت : ابنه - الحسن بن بشر - من شيوخ البخاري ، وقد تكلم في حفظه ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق يخطىء" .
لكن العلة من أبيه بشر ؛ فقد قال فيه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 358) عن أبيه :
"منكر الحديث" .
وأقره الحافظ في "اللسان" .
قلت : ومما يدل على ذلك : ما عند أبي نعيم والخطيب في أول هذا الحديث بلفظ :
عن ابن عباس أنه كان معتكفاً في مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فأتاه رجل ، فسلم عليه ، ثم جلس ، فقال له ابن عباس : يا فلان ! أراك مكتئباً حزيناً . قال : نعم ؛ يا ابن عم رسول الله ! لفلان علي حق ولاء ، وحرمة صحب هذا القبر ؛ ما أقدر عليه ! قال ابن عباس : أفلا أكلمه [لك] ؟ قال : إن أحببت ! فانتعل ابن عباس ، ثم خرج من المسجد ، فقال له الرجل : أنسيت ما كنت فيه ؟ قال : لا ، ولكني سمعت صاحب هذا القبر - والعهد به قريب ؛ فدمعت عيناه - وهو يقول : ... فذكره .
وبهذا اللفظ والتمام : أورده المنذري في "الترغيب" (2/ 99) من رواية البيهقي .
وموضع النكارة فيه ؛ قول الرجل :
وحرمة صاحب هذا القبر ! فإن فيه الحلف بغير الله عز وجل ، وهو شرك ؛ كما جاء في الأحاديث الصحيحة .
ولئن جوزنا خفاء ذلك على الرجل ؛ فليس بجائز أن يخفى على ابن عباس ، وإذا كان كذلك ؛ فكيف يعقل أن يسكت ابن عباس عن هذا المنكر ولا ينهاه عنه ؟!
نعم ؛ قد روي الحديث من طريق أخرى عن عبدالعزيز بن أبي رواد ، بلفظ آخر يختلف عن لفظ بشر بن مسلم ؛ فقد رواه الوليد بن صالح عن أبي محمد الخراساني عن عبدالعزيز بن أبي رواد ؛ بلفظ :
"من مشى مع أخيه في حاجة فناصحه في الله ؛ جعل الله بينه وبين النار يوم القيامة سبعة خنادق ، [بين الخندق] والخندق كما بين السماء والأرض" .
أخرجه ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" (ص 79-80 - مجموعة الرسائل) - والزيادة له - ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 200) - والسياق له - ، وقال :
"غريب من حديث عبدالعزيز ، لم نكتبه إلا من حديث الوليد بن صالح" .
قلت : وهو ثقة من رجال الشيخين .
لكن شيخه - أبو محمد الخراساني - ليس كذلك ؛ فقد قال فيه ابن حجر في (كنى) "اللسان" - تبعاً لابن أبي حاتم عن أبيه - :
"مجهول" .
فهو علة هذا اللفظ .
وقد روي بلفظ ثالث من طريق أخرى عن ابن عباس في حديث طويل فيه :
".. ولأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته ؛ أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين" ؛ وأشار بإصبعيه .
أخرجه الحاكم (4/ 269-270) عن محمد بن معاوية : حدثنا مصادف بن زياد المديني - قال : وأثنى عليه خيراً - عن محمد بن كعب القرظي قال : قال ابن عباس ...
ثم ساقه من طريق أبي المقدام هشام بن زياد : حدثنا محمد بن كعب القرظي به نحوه . ثم قال الحاكم :
"قد اتفق هشام بن زياد النصري ، ومصادف بن زياد المديني على روايته عن محمد بن كعب القرظي . والله أعلم" !
فتعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : هشام متروك ، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطني ، فبطل الحديث" .
قلت : وهذه الطريق مع أنها أضعف الطرق ؛ فإن لفظه له شاهد نحوه من حديث ابن عمر ؛ خرجته في "الصحيحة" (906) .
وجملة القول : أن الحديث ضعيف ؛ لضعف في بعض رواته ، وجهالة في غيرهم ، واضطرابهم في متنه ، والنكارة التي فيه .
وقد ضعفه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (2/ 185) .
وخالفه تلميذه الهيثمي ، فقال (8/ 192) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وإسناده جيد" !
وكأنه لم يستحضر حال بشر بن سلم ، وإلا ؛ لما جاز له أن يجود إسناده . والله أعلم .

(/1)


5346 - ( دخلت الجنة ؛ فسمعت فيها خشفة بين يدي ، فقلت : ما هذا ؟ قال : بلال . قال : فمضيت ؛ فإذا أكثر أهل الجة فقراء المهاجرين وذراري المسلمين ، ولم أر أحداً أقل من الأغنياء والنساء . قيل لي : أما الأغنياء ؛ فهم ههنا بالباب يحاسبون ويمحصون . وأما النساء ؛ فألهاهن الأحمران : الذهب والحرير . قال : ثم خرجنا من أحد أبواب الجنة الثمانية ، فلما كنت عند الباب ؛ أتيت بكفة فوضعت فيها ، ووضعت أمتي في كفة ؛ فرجحت بها ، ثم أتي بأبي بكر رضي الله عنه ، فوضع في كفة ، وجيء بجميع أمتي في كفة فوضعوا ، فرجح أبو بكر رضي الله عنه ، وجيء بعمر فوضع في كفة ، وجيء بجميع أمتي فوضعوا ؛ فرجح عمر رضي الله عنه . وعرضت أمتي رجلاً رجلاً ، فجعلوا يمرون ، فاستبطأت عبدالرحمن بن عوف ، ثم جاء بعد الإياس ، فقلت : عبدالرحمن ! فقال : بأبي وأمي يا رسول الله ! والذي بعثك بالحق ! ما خلصت إليك حتى ظنت أني لا أنظر إليك أبداً إلا بعد المشيبات ! قال : وما ذاك ؟ قال : من كثرة مالي ؛ أحاسب وأمحص ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 570 :
$منكر جداً$
أخرجه أحمد (5/ 259) : حدثنا الهذيل بن ميمون الكوفي الجعفي - كان يجلس في مسجد المدينة ، يعني : مدينة أبي جعفر ، قال عبدالله : هذا شيخ قديم كوفي - عن مطرح بن يزيد عن عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ مسلسل بمن ليس بثقة ؛ سوى القاسم - وهو ابن عبدالرحمن أبو عبدالرحمن الدمشقي - ؛ فقد وثق . وغلا فيه ابن حبان - فقال (2/ 212) :
"كان ممن يروي عن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم المعضلات ، ويأتي عن الثقات بالأشياء المقلوبات ؛ حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها" !!
ووثقه غيره . وذكر البخاري أن ما ينكر من حديثه ؛ إنما هو من الرواة الضعفاء عنه .
والمتقرر فيه : أنه حسن الحديث ؛ فالعلة هنا ممن دونه :
أولاً : علي بن يزيد - وهو الألهاني - ضعيف .
ثانياً : عبيدالله بن زحر مثله في الضعف ، أو ذاك شر منه ، وقال ابن حبان فيه (2/ 62) :
"منكر الحديث جداً ، يروي الموضوعات عن الأثبات ، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات ، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيدالله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبدالرحمن ؛ لا يكون متن ذلك الخبر إلا مما عملت أيديهم ، فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة ، بل التنكب عن رواية عبيدالله بن زحر على الأحوال أولى" .
ثالثاً : مطرح بن يزيد ضعيف اتفاقاً .
رابعاً : الهذيل بن ميمون الكوفي غير معروف فيما يبدو إلا في هذه الرواية ؛ فإن الحافظ لما أورده في "التعجيل" ؛ لم يزد في ترجمته على قول عبدالله بن أحمد المذكور في الإسناد ، ولعله الذي في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 113) :
"هذيل بن ميمون . روى عن الأحوص بن حكيم . روى عنه يحيى بن أيوب البغدادي المعروف بـ (الزاهد) . سألت أبي عنه ؟ فقال : لا أعرفه ، لا أعلمه روى عنه غير يحيى بن أيوب الزاهد" .
قلت : وهو المقابري ؛ وهو من شيوخ أحمد ، وبين وفاتيهما سبع سنوات ، فلا أستبعد أن يكون هذا الذي سمع منه يحيى : هو الكوفي الذي سمع منه الإمام أحمد ، فيكون مجهول الحال . والله أعلم .
والحديث ؛ قال الهيثمي (9/ 59) :
"رواه أحمد ؛ والطبراني بنحوه باختصار ، وفيهما مطرح بن يزيد ، وعلي بن يزيد الألهاني ، وكلاهما مجمع على ضعفه . ومما يدلك على ضعف هذا أن عبدالرحمن بن عوف أحد أصحاب بدر ، والحديبية ، وأحد العشرة ، وهو أفضل الصحابة والحمد لله" .
ولم يستحضر المنذري أن الحديث في "المسند" ، و"الطبراني" ! فقد ذكر طرفه الأول في كتاب "اللباس" من "الترغيب والترهيب" (3/ 105) ؛ ثم قال :
"رواه أبو الشيخ ابن حيان وغيره من طريق عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عنه" !
قلت : وصدره بلفظة : (عن) ؛ فلم يصب ؛ لما فيه من إيهام قوته ؛ كما بينته في مقدمة "صحيح الترغيب" و "ضعيف الترغيب" !!

(/1)


5347 - ( ما أنعم الله على عبد نعمة ، فعلم أنها من عند الله ؛ إلا كتب الله له شكرها قبل أن يحمده عليها . وما أذنب عبد ذنباً ، فندم عليه ؛ إلا كتب الله له مغفرة قبل أن يستغفره . وما اشترى عبد ثوباً بدينار أو نصف دينار ، فلبسه ، فحمد الله عليه ؛ إلا لم يبلغ ركبتيه حتى يغفر الله له ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 573 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الحاكم (1/ 514) من طريق محمد بن جامع العطار : حدثنا السكن بن أبي السكن البرجمي : حدثنا الوليد بن أبي هشام عن القاسم ابن محمد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . وقال :
"هذا حديث لا أعلم في إسناده أحداً ذكر بجرح" !
كذا قال ! وقد ردوه عليه تلويحاً وتصريحاً :
فقال المنذري في "الترغيب" (3/ 101) :
"رواه ابن أبي الدنيا ، والحاكم ، والبيهقي . وقال الحاكم : "رواته ؛ لا أعلم فيهم مجروحاً" ! كذا قال" . وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك" :
"قلت : بلى ؛ قال ابن عدي : محمد بن جامع العطار لا يتابع على أحاديثه" .
قلت : وقد اتفقوا على تضعيفه ، بل قال ابن عبدالبر :
"متروك الحديث" .
ونحوه قول أبي زرعة ؛ فقال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 223) :
"سئل أبو زرعة عنه ؟ فقال : ليس بصدوق ، ما حدثت عنه شيئاً ، ولم يقرأ علينا حديثه" .
وشذ ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" !
قلت : والوليد بن أبي هشام ؛ قال الحافظ :
"مستور" .
لكنه عند ابن أبي الدنيا في "الشكر" (ص 12) ، وكذا البيهقي في "الشعب" (4/ 92/ 4379-4380) من طريق هشام بن زياد عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد به .
بيد أن هشاماً هذا - وهو أبو المقدام - متروك ؛ كما هو في "التقريب" .

(/1)


5348 - ( عليكم بقيام الليل ؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم ، ومقربة لكم إلى الله عز وجل ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم ، ومطردة للداء عن الجسد ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 574 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 317/ 6154) من طريق عبدالرحمن بن سليمان بن أبي الجون عن الأعمش عن أبي العلاء عن سلمان الفارسي رضي الله عنه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : جهالة أبي العلاء هذا ؛ قال الذهبي في ترجمة ابن أبي الجون :
"لا أعرفه" .
وأشار إلى ذلك الحافظ في ترجمته من (كنى) "اللسان" .
والأخرى : ابن أبي الجون هذا ، وهو مختلف فيه ؛ كما تراه في "التهذيب" ، و "مجمع الزوائد" (2/ 251) .
وأشار إلى ذلك المنذري في "الترغيب" (1/ 216) ، وأكد ذلك بقوله في ترجمته في آخر كتابه :
"صويلح" .
وفاته - هو والهيثمي - العلة الأولى ، وإعلاله به أولى .
والحديث ؛ أخرجه ابن عدي وابن عساكر ؛ كما في "الإرواء" ، فراجعه .
وقد جاء من طريق أخرى دون قوله :
"ومطردة للداء عن الجسد" .
وهو أقوى من هذا ، وله بعض الشواهد مذكورة هناك .

(/1)


5349 - ( من قال إذا أصبح وإذا أمسى : اللهم ! أنت خلقتني ، وأنت تهديني ، وأنت تطعمني وتسقيني ، وأنت تميتني وأنت تحييني ؛ لم يسأل إلا أعطاه الله إياه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 575 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم 1003 - نسختي) : حدثنا أحمد قال : أخبرنا عبدالرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم قال : أخبرنا محمد بن حمران قال : أخبرنا أبو روح عن الحسن قال : قال سمرة بن جندب :
ألا أحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلي الله عليه وسلم مراراً ، ومن أبي بكر مراراً ، ومن عمر مراراً ؟! قلت : بلى . قال : ... فذكره . قال :
فلقيت عبدالله بن سلام ، فقلت : ألا أحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلي الله عليه وسلم مراراً ، ومن أبي بكر مراراً ، ومن عمر مراراً ؟! قال : بلى . فحدثته بهذا الحديث ، فقال : بأبي وأمي رسول الله صلي الله عليه وسلم ! هؤلاء الكلمات كان الله عز وجل أعطاهن موسى عليه السلام ، فكان يدعو بهن في كل يوم سبع مرات ، فلا يسأل الله عز وجل شيئاً إلا أعطاه إياه .
قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات .
وأبو روح ؛ الظاهر أنه سلام بن مسكين البصري ؛ فإنهم ذكروه في الرواة عن الحسن البصري .
وأما أحمد - شيخ الطبراني - ؛ فالظاهر أنه الذي قبله بأحاديث ، ابتداءً من الحديث (978) ؛ فإنه قال فيه : حدثنا أبو عبدالله أحمد بن صباح الأيلي بمصر ... ثم ساق له أحاديث كثيرة يقول في أول كل واحد منها : "حدثنا أحمد ..." لا ينسبه ، وكذلك يفعل في شيوخه الآخرين ، ينسبه في حديثه الأول ، ثم يقتصر على اسمه فقط دون أبيه في سائر أحاديثه اختصاراً .
و (الأيلي) مهملة في الأصل ، فإن كان الباء الموحدة (الأبلي) فهو بضمها وتشديد اللام ؛ ونسبة إلى (أبلة) : بلدة قديمة على أربعة فراسخ من البصرة ، وهي اليوم من البصرة ، قاله ابن الجزري في "اللباب" ، وإن كان بالمثناة من تحت : (الأيلي) ؛ فهو بفتح الألف وسكون المثناة ؛ نسبة إلى (أيلة) : بلدة على ساحل بحر القلزم (الأحمر) مما يلي ديار مصر ؛ ولعلها المعروفة اليوم بـ (إيلات) ، التي احتلها اليهود من خليج العقبة .
وسواءً كان هذا أو ذاك ؛ فإني لم أجد له ترجمة فيما عندي من كتب الرجال !
ومن شيوخ الطبراني في "المعجم الصغير" : أحمد بن محمد الصباح أبو عبدالله البصري ، روى له بإسناده حديثاً آخر عن النعمان بن بشير مرفوعاً :
"إن الله كتب كتاباً ؛ فهو عنده على العرش .." الحديث (رقم 886 - الروض النضير) ، فيحتمل أن يكون هو هذا ، ولكني لم أجده أيضاً ، فإن ثبت أنه ثقة ضابط ؛ فالحديث ثابت ، وإلا ؛ فلا ، وأما قول المنذري في "الترغيب" (1/ 232) - وتبعه الهيثمي - كعادته - في "المجمع" (10/ 118) - :
"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن" !
فالظاهر أنه قائم على إغماض النظر عن شيخ الطبراني ، وهو أمر نعرفه عن الهيثمي ، وقد رأيته صرح في بعض المواطن - ولا يحضرني الآن مكانه - أن شيوخ الطبراني الذين لم يوردهم الذهبي في "الميزان" على الستر أو العدالة ، أو كما قال !
وهذا مذهب فيه تساهل كبير ، كما لا يخفى على من تشبع بأقوال أهل هذا العلم ونقاده .
ثم استدركت فقلت : الحسن : هو البصري كما تقدم ؛ وهو مدلس ، ولم يصرح بالتحديث !

(/1)


5350 - ( إذا طلعت الشمس من مطلعها كهيأتها لصلاة العصر حين تغرب من مغربها ؛ فصلى رجل ركعتين وأربع سجدات ؛ كتب له أجر ذلك اليوم - وحسبته قال - ؛ وكفر عنه خطيئته وإثمه - وأحسبه قال - ، فإن مات من يومه دخل الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 577 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 226/ 7790) من طريقين عن ميمون بن زيد عن ليث بن أبي سليم عن ثابت بن عجلان عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : ضعف ليث واختلاطه ؛ كما تقدم مراراً .
والأخرى : ميمون بن زيد ؛ أورده الذهبي في "ديوان الضعفاء" ، وقال :
"قال الأزدي : فيه ضعف" . وأما في "الميزان" و "المغني" ؛ فقال :
"لينه أبو حاتم" .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 226) - بعد أن عزاه لـ "المعجم" - :
"وفيه ميمون بن زيد ؛ قال الذهبي : "لينه أبو حاتم" . وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وقال : "يخطىء" . وبقية رجاله موثقون ؛ إلا أن فيهم ليث بن أبي سليم ؛ وفيه كلام" !
قلت : لقد ألان القول في ليث ؛ بحيث أشعر أنه قد وثق ، ولعله تبع في ذلك المنذري ؛ فإنه قال في "الترغيب" (1/ 237) :
"رواه الطبراني ، وإسناده مقارب ، وليس في رواته من ترك حديثه ، ولا أجمع على ضعفه" !
قلت : وهذا من تساهله الذي غلب عليه في الكتاب المذكور ، ولذلك صدر هذا الحديث بلفظة : (عن) ؛ المشعر بعدم ضعفه عنده !
فإن الحديث ضعيف لا يشترط فيه أن يكون فيه من أجمع على ضعفه ؛ بل يكفي - عند المحققين - أن يكون الراجح فيه الضعف لسبب من الأسباب الجارحة ؛ وما أكثرها ! ولذلك قالوا : الجرح مقدم على التعديل ؛ على التفصيل المعروف .
وليث ؛ سبب جرحه سوء حفظه واختلاطه .
على أن الإجماع الذي زعمه معارض بإجماع قبله ؛ كما كنت علقته على "ضعيف الترغيب والترهيب" (1/ 167) رداً لقول المنذري المذكور ، فليراجعه من شاء .

(/1)


5351 - ( يكفيك من الدنيا ما سد جوعتك ، ووارى عورتك ، وإن كان لك بيت يظلك ؛ فذاك ، وإن كانت لك دابة ؛ فبخ ! ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 579 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 9497 - مصورتي) من طريق الحسن بن عمارة عن عدي بن ثابت عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان قال :
قلت : يا رسول الله ! ما يكفيني من الدنيا ؟ فقال :
"ما سد جوعتك ..." الحديث . وقال :
"لم يروه عن عدي بن ثابت إلا الحسن بن عمارة" .
قلت : وهو متروك ؛ كما قال الهيثمي (10/ 254) بعد أن عزاه لـ "أوسط الطبراني" .
وأشار المنذري (3/ 111) لتضعيف الحديث ؛ إلا أنه أطلق العزو للطبراني ، فأوهم أنه في "المعجم الكبير" ؛ وليس فيه !

(/1)


5352 - ( ما من أحد يلبس ثوباً ليباهي به ؛ لينظر الناس إليه ؛ إلا لم ينظر الله إليه حتى ينزعه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 580 :
$ضعيف جداً$
رواه الطبراني (23/ 283/ 618) ، والسلفي في "معجم السفر" (ق 85/ 2) ، وابن عساكر (13/ 211/ 2) عن عبدالخالق بن زيد ابن واقد عن أبيه عن محمد بن عبدالملك بن مروان عن أبيه عن أم سلمة مرفوعاً .
قلت : وهذا سند ضعيف جداً ؛ آفته عبدالخالق بن زيد ؛ قال النسائي :
"ليس بثقة" . وقال البخاري :
"منكر الحديث" . وضعفه غيرهما .
وقال ابن حبان في "الضعفاء والمتروكين" (2/ 149) :
"يروي المناكير عن المشاهير ؛ التي إذا سمعها المستمع شهد أنها مقلوبة أو معمولة ، لا يجوز الاحتجاج به" .
والحديث ؛ أشار المنذري (3/ 111) إلى تضعيفه !
وأعله الهيثمي (5/ 135) بابن زيد هذا .

(/1)


5353 - ( ألا أحدثكم عن الخضر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ! قال : بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل ؛ أبصره رجل مكاتب . فقال : تصدق علي بارك الله فيك ! فقال الخضر : آمنت بالله ، ما شاء الله من أمر يكون ، ما عندي شيء أعطيكه . فقال المسكين : أسألك بوجه الله ! لما تصدقت علي ؛ فإني نظرت السيماء ( وفي رواية : سيماء الخير) في وجهك ، ورجوت البركة عندك ! فقال الخضر : آمنت بالله ، ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتتبيعني ! فقال المسكين : وهل يستقيم هذا ؟! قال : نعم ، الحق أقول ؛ لقد سألتني بأمر عظيم ، أما إني لا أخيبك بوجه ربي ؛ يعني ! قال : فقدم إلى السوق فباعه بأربع مئة درهم ، فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء ، فقال له : إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي ، فأوصني بعمل ؟ قال : أكره أن أشق عليك ؛ إنك شيخ كبير . قال : ليس يشق علي . قال : فقم وانقل هذه الحجارة ، وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم . فخرج الرجل لبعض حاجته ؛ ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة ! قال : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه . قال : ثم عرض للرجل سفر ، فقال : إني أحسبك أميناً ، فاخلفني في أهلي خلافة حسة . قال : فأوصني بعمل . قال : إني أكره أن أشق عليك . قال : ليس يشق علي . قال : فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك . قال : فمضى الرجل لسفره . [قال :] فرجع الرجل وقد شيد بناءه ! فقال : أسألك بوجه الله ! ما سبيلك وما أمرك ؟ قال : سألتني بوجه الله ، ووجه الله أوقعني في العبودية . فقال الخضر : سأخبرك من أنا ؟ أنا الخضر الذي سمعت به ؛ سألني [رجل] مسكين صدقة ، فلم يكن عندي شيء أعطيه ، فسألني بوجه الله ، فأمكنته من رقبتي ، فباعني . وأخبرك أنه من سئل بوجه الله ، فرد سائله وهو يقدر ؛ وقف يوم القيامة [ليس على وجهه] جلد ولا لحم ؛ إلا عظم يتقعقع . فقال الرجل : آمنت بالله ، شققت عليك يا نبي الله ! ولم أعلم . قال : لا بأس ؛ أحسنت وأبقيت . فقال الرجل : بأبي أنت وأمي يا نبي الله ! احكم في أهلي ومالي بما أراك الله ، أو أخيرك ؛ فأخلي سبيلك ؟ فقال : أحب أن تخلي سبيلي ؛ فأعبد ربي . فخلى سبيله . فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ؛ ثم نجاني منها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 582 :
$ضعيف$
أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 357) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 132-134/ 7530) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 287) من طريق سليمان بن عبيدالله الحطاب : حدثنا بقية بن الوليد : حدثنا محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لأصحابه : ... فذكره .
والطبراي أيضاً ، وفي "مسند الشاميين" (ص 163) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (5/ 319/ 2) عن محمد بن الفضل بن عمران الكندي : حدثنا بقية عن محمد بن زياد الألهاني به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف من الطريقين عن بقية :
أما الأولى ؛ فلضعف سليمان بن عبيدالله ؛ قال النسائي :
"ليس بالقوي" . وقال ابن معين :
"ليس بشيء" .
وذكره العقيلي في "الضعفاء" .
ولا ينافي ضعفه قول أبي حاتم فيه :
"صدوق ، ما رأيت إلا خيراً" !
لاحتمال أنه يعني أنه ليس بمتهم ، وذلك لا ينافي الضعف الناشىء من سوء الحفظ ، والذي يستلزم النظر في حديثه ، بل هذا ما صرح به ابنه في مقدمة "الجرح والتعديل" (1/ 37) ، فراجعه إن شئت .
وأما توثيق ابن حبان ؛ فقد عرف تساهله في التوثيق ؛ فلا إشكال . ولذلك ؛ قال الحافظ في "التقريب" - ملخصاً للأقوال المتقدمة فيه - :
"صدوق ، ليس بالقوي" .
قلت : فمثله لا يحتج به ؛ فلا يقبل منه تصريح بقية بالتحديث فيه . وعلى ذلك جرى من قبلنا من النقاد ؛ فقال الذهبي في ترجمة بقية من "الميزان" :
"ومن مناكير بقية : حدثنا محمد بن زياد عن أبي أمامة مرفوعاً : بينما الخضر يمشي في سوق لبني إسرائيل ... الحديث بطوله . هذا الحديث قال ابن جوصا : سألت محمد بن عوف عنه ؟ فقال : هذا موضوع . فسألت أبا زرعة عنه ؟ فقال : حديث منكر . قال ابن عدي : لا أعلم رواه عن بقية غير سليمان بن عبيدالله الرقي ، وقد ادعاه عبدالوهاب بن ضحاك العرضي ، وهو متهم ، وأما سليمان ؛ فقال فيه ابن معين : ليس بشيء . فسلم عنه بقية" .
قلت : وقد فاته الطريق الأخرى عند الطبراني ؛ أعني : محمد بن الفضل بن عمران الكندي ، ولكني لم أجد له ترجمة ، مع أنه لم يذكر تحديث بقية ، وكذلك سليمان الرقي لم يذكر ذلك عند الطبراني ، فكأنه أحال بها على رواية الكندي ، ومن أجل ذلك لم يتعرض لذكر التحديث من تكلم على رواية الطبراني ، فقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 103) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، ورجاله موثقون ؛ إلا أن فيه بقية بن الوليد وهو مدلس ؛ ولكنه ثقة" . وأعاده بنحوه في مكان آخر (8/ 213) . وقال المنذري في "الترغيب" (2/ 18) :

(/1)


"رواه الطبراني وغير الطبراني ، وحسن بعض مشايخنا إسناده ، وفيه بعد . والله أعلم" .
قلت : وصدره بلفظة : (روي) إشارة منه إلى ضعف الحديث المطابق لاستبعاده تحسين بعض مشايخه إياه ؛ فأجاد كما قال الحافظ الناجي في "عجالة الإملاء" (114-115) ، وإن كان العهد به تصديره لأحاديث بقية بلفظة : (عن) كما حققته في مقدمتي لكتابي "صحيح الترغيب والترهيب" وفي "ضعيفه" أيضاً ، فلعل ذلك لضعف سليمان ، وجهالة ابن عمران الكندي .
وقد أشار إليها الحافظ ابن كثير في "البداية" ؛ فإنه ساق الحديث بطوله من رواية أبي نعيم الأصبهاني : حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني ... فساقه من الطريقين المتقدمين ، ثم قال (1/ 330) :
"وهذا حديث رفعه خطأ ، والأشبه أن يكون موقوفاً ، وفي رجاله من لا يعرف . والله أعلم" .
وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة (الخضر) من "الإصابة" - بعد أن ساقه من رواية الطبراني أيضاً - :
"قلت : وسند الحديث حسن ؛ لولا عنعنة بقية ، ولو ثبت لكان نصاً أن الخضر نبي لحكاية النبي صلي الله عليه وسلم قول الرجل : "يا نبي الله !" ، وتقريره على ذلك" .
قلت : وهذا صريح في أن الحافظ لم يقف على تحديث بقية المتقدم ، وإلا ؛ لجزم بحسنه .
والحق أنه ضعيف ؛ لما عرفت من حال المصرح بالتحديث . والله أعلم .
ونبوة الخضر ليست بحاجة في إثباتها إلى مثل هذا الحديث ؛ بعد قوله تعالى في القرآ حكاية عن الخضر : (وما فعلته عن أمري) ، وغير ذلك من الأدلة المعروفة .

(/2)


5354 - ( إن الملائكة كانت تصافح عمران بن حصين حتى اكتوى ؛ فتنحت ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 585 :
$منكر$
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (4/ 288) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 107/ 203) من طريقين عن قتادة : أن الملائكة ... الحديث .
قلت : إسناد مرسل ؛ فإن قتادة لم يسمع من صحابي غير أنس رضي الله عنه .
والمحفوظ عن عمران أن الملائكة كانت تسلم عليه . فقد روى مطرف عنه أنه قال :
كان يسلم علي حتى اكتويت ؛ فتركت ، ثم تركت الكي ؛ فعاد .
أخرجه مسلم (4/ 48) - واللفظ له - ، وابن سعد (4/ 289 و 7/ 11) ، والحاكم (3/ 472) ؛ ولفظهما - والسياق لابن سعد - :
قال مطرف : أرسل إلي عمران بن حصين في مرضه فقال :
إنه كانت تسلم علي - يعني : الملائكة - ؛ فإن عشت فاكتم علي ، وإن مت ؛ فحدث به إن شئت .
وإسناده صحيح .

(/1)


5355 - ( فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره : مئة ألف صلاة ، وفي مسجدي : ألف صلاة ، وفي مسجد بيت المقدس : خمس مئة صلاة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 586 :
$ضعيف بطرفه الأخير$
أخرجه البزار في "مسنده" (422 - كشف الأستار) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1/ 248) من طريق سعيد بن سالم القداح عن سعيد بن بشير عن إسماعيل بن عبيدالله عن أم الدرداء قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره ، وقال البزار :
"لا نعلمه يروى بهذا اللفظ مرفوعاً إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وهو إسناد ضعيف ؛ كما يأتي بيانه .
وقد عزا الحافظ المنذري إليه أنه حسن إسناده ، فقال في "الترغيب" (2/ 137) :
"رواه البزار ، وقال : "إسناده حسن" . كذا قال !" !
فلا أدري أهو وهم من المنذري ، أم أسقط ذكره من قلم الهيثمي في "كشف الأستار" ؛ كما سقط منه عزوه في "مجمع الزوائد" (4/ 7) إلى البزار ؟! وإنما عزاه للطبراني في "الكبير" بنحوه . وقد عزاه إليه المنذري أيضاً . ثم قال الهيثمي :
"ورجاله ثقات ، وفي بعضهم كلام ، وهو حديث حسن" !
قلت : بل هو حديث منكر ؛ فإن آخره مخالف لحديث أبي ذر الصحيح بلفظ :
"صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه" ؛ يعني : بيت المقدس .
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 8395 - مصورتي) ، والحاكم (4/ 509) . وقال :
"صحيح الإسناد" . ووافقه الذهبي . وقال الطبراني :
"لم يروه عن قتادة إلا الحجاج وسعيد بن بشير ؛ تفرد به عن الحجاج : إبراهيم ابن طهمان ، وتفرد به عن سعيد : محمد بن سليمان بن أبي داود" !
قلت : بل تابعه الوليد بن مسلم : حدثا سعيد بن بشير به .
أخرجه الطحاوي في "المشكل" (1/ 248) .
قلت : فهذا الحديث الصحيح يفيد أن الصلاة في بيت المقدس بمئتي صلاة وخمسين صلاة ؛ لأن الصلاة في مسجده صلي الله عليه وسلم بألف صلاة كما في غير ما حديث ، وهذا خلاف ما في هذا الحديث الضعيف .
وعلته : ضعف سعيد بن سالم القداح وشيخه ، وكأنه لذلك أشار المنذري فيما تقدم إلى رده لتحسين البزار لإسناده . وأيده في ذلك الحافظ إبراهيم الناجي الحلبي في كتابه "عجالة الإملاء" بقوله (135/ 1) :
"وهو كما قال المصنف ؛ إذ فيه سعيد بن سالم القداح ، وقد ضعفوه ، ورواه عن سعيد بن بشير ، وله ترجمة في آخر هذا الكتاب "الترغيب" في الرواة المختلف فيهم" .
قلت : وقال شيخه الحافظ ابن حجر فيه - أعني : ابن بشير هذا - :
"ضعيف" .
فمن غرائب المنذري التي جرى عليها في "ترغيبه" : أن يصدر الأحاديث الضعيفة بلفظ : "عن" المشعر بأنه غير ضعيف ، بل أنه صحيح أو حسن أو قريب منهما ! ومن ذلك هذا الحديث ؛ فقد صدره بـ : (عن) مع انتقاده لقول البزار فيه : "حسن" ؛ كما تقدم !
فإن قيل : لعله فعل ذلك لشاهده الذي ذكره بعد أربعة أحاديث من حديث جابر مرفوعاً به مطولاً ، لكن ليس فيه موضع الشاهد منه ، وقال :
"رواه البيهقي ، ورواه أيضاً هو وغيره من حديث ابن عمر بنحوه" !
فقد أورده السيوطي أيضاً في "الجامع الكبير" دون الشاهد ، وقال :
"رواه البيهقي في "الشعب" - وضعفه - ، وابن عساكر عن ابن عمر" .
ولم يعزه للبيهقي عن جابر بهذا اللفظ ، وإنما أورده قبل ذلك بأحاديث بلفظ :
"صلاة في المسجد الحرام مئة ألف صلاة ..." الحديث بلفظ حديث الترجمة تماماً . وقال في تخريجه :
"رواه البيهقي في "الشعب" ، والخطيب في "المتفق والمفترق" عن جابر ، وفيه إبراهيم بن أبي حية ؛ واه" .
يعي : أنه ضعيف جداً ، وعليه ؛ فلا يصلح شاهداً ؛ كما هو معلوم من علم المصطلح . وأنا أظن أن المنذري لما عزاه من حديث جابر للبيهقي ؛ يعني : هذا اللفظ : وأما اللفظ الذي ساقه هو ؛ فإنما هو لفظ حديث ابن عمر ؛ فقد وجدته كذلك في "أخبار أصبهان" لأبي نعيم ، وإسناده ضعيف جداً ؛ كما تقدم بيانه برقم (831) .
وأنكر من حديث الترجمة : ما أخرجه ابن ماجه في حديث لأنس بن مالك مرفوعاً بلفظ :
".. وصلاة في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة" !
فصارت الصلاة في الأقصى أفضل من الصلاة في المسجد النبوي ! وقد صدره المنذري أيضاً بـ : (عن) ! مع قوله في تخريجه (1/ 136) :
"رواه ابن ماجه ، ورواته ثقات ؛ إلا أن أبا الخطاب الدمشقي لا تحضرني الآن ترجمته ..." !
والحقيقة أنه مجهول ؛ كما صرح بذلك الحافظ في "التقريب" .
ونحوه قول الذهبي في "الميزان" :
"ليس بالمشهور" ، ثم ساق له هذا الحديث ، وقال :
"هذا منكر جداً" .
ونقل الناجي (134/ 2) مثله عن العلائي وغيره .
وقريب منه : حديث ميمونة بنت سعد مرفوعاً :
"إن الصلاة في المسجد الأقصى كألف صلاة فيما سواه" .
أخرجه ابن ماجه وغيره .
وهو منكر جداً ؛ كما قال الذهبي أيضاً ، وبيانه في كتابي "ضعيف أبي داود" رقم (68) ، وفي تعليقي على "الأحكام الوسطى" لعبدالحق الإشبيلي رقم (832) .

(/1)


واعلم أنه كان من الممكن الجمع بين هذه الأحاديث المتناقضة في فضل الصلاة في المسجد الأقصى : بأن يؤخذ بالزائد فالزائد . وعلى ذلك جرى الإمام الطحاوي ! ولكن هذا إنما يصار إليه حينما تكون الأحاديث كلها من قسم المقبول ، وليس الأمر كذلك ؛ كما تبين لك من هذا التخريج ، والله تعالى هو الحق لا رب سواه .

(/2)


5356 - ( إن هذه الآية : (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية) ؛ نزلت في النفقات على الخيل في سبيل الله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 590 :
$موضوع$
آفته سعيد بن سنان الحمصي ؛ كما سيأتي في الحديث الآتي .
وغفل عنه الهيثمي هنا - كما غفل عنه هناك - ؛ فقد أورده في تفسير (البقرة) ، وقال (6/ 324) :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، ويزيد بن عبدالله وأبوه لا يعرفان" !
والحديث ؛ أورده الذهبي فيما أنكر على سعيد بن سنان .

(/1)


5357 - ( إن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهلها معانون عليها ، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة ، وأبوالها وأرواثها لأهلها عند الله يوم القيامة من مسك الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 590 :
$موضوع بهذا التمام$
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" في ترجمة أحمد بن عبدالرحمن بن عقال الحراني ، فقال (رقم 1058 - مصورتي) : حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو جعفر (النفيلي) قال : أخبرنا سعيد بن سنان عن يزيد بن عبدالله بن عريب عن أبيه عن جده قال : ... فذكره . وقال :
"لا يروى إلا بهذا الإسناد ، تفرد به سعيد بن سنان" .
قلت : وهو أبو مهدي الحمصي ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع" .
قلت : ولست أشك أن قوله في آخر الحديث :
"من مسك الجنة" إنما هو من وضعه ، وإلا ؛ فسائر الحديث ثابت صحيح من حديث غير واحد من الصحابة ، تراها في "الترغيب والترهيب" (2/ 160-161) . وقد أشار إلى ذلك المنذري بقوله :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، وفيه نكارة" .
وإن من غرائب الحافظ الهيثمي قوله في إعلال الحديث (5/ 259) :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، وفيه من لم أعرفه" !
يشير إلى يزيد بن عبدالله وأبيه ؛ فإنهما لا ذكر لهما في شيء من كتب الرجال .
فخفي عليه حال سعيد بن سنان ، أو فاته إعلال الحديث به ، و هو آفته !
ثم إن شيخ الطبراني ضعيف أيضاً ؛ قال أبو عروبة :
"ليس بمؤتمن على دينه" . وقال ابن عدي :
"هو ممن يكتب حديثه" .

(/1)


5358 - ( من سره أن لا يجد الشيطان عنده طعاماً ولا مقيلاً ؛ فليسلم إذا دخل بيته ، وليسم على طعامه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 592 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/ 294/ 6102) في أحاديث ساقها بإسناد واحد من طريق خلف بن عبدالحميد السرخسي : حدثنا أبو الصباح عبدالغفور بن سعيد الأنصاري عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان مرفوعاً به .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته عبدالغفور هذا ؛ قال ابن حبان في "الضعفاء والمتروكين" :
"كان ممن يضع الحديث على الثقات : كعب وغيره ، لا يحل كتابة حديثه ولا ذكره إلا على جهة التعجب" .
وأشار إلى هذا المعنى الإمام البخاري بقوله :
"تركوه" . وقال في "التاريخ الصغير" :
"سكتوا عنه" .
وبه أعله الهيثمي (8/ 38) .
والراوي عنه مجهول ؛ قال أحمد :
"لا أعرفه" .
والحديث ؛ اقتصر المنذري في "الترغيب" (3/ 116) على الإشارة إلى تضعيفه ، وهو قصور ظاهر .
والذي صح عنه صلي الله عليه وسلم في هذا الباب : إنما هو ذكر الله عند دخول البيت وعند الطعام ، وواضح أن المراد التسمية في كل منهما ؛ انظر "الترغيب والترهيب" حديث جابر عند مسلم وغيره .
وفي السلام عند دخول البيت حديث آخر ، تراه مخرجاً في "المشكاة" (727) و "الترغيب" (2/ 262) .

(/1)


5359 - ( الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل ؛ فإنها كانت إذا رزقها الله شيئاً وسئلت عنه ؟ قالت : (هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 593 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى من طريق عبدالله بن صالح : حدثنا عبدالله بن لهيعة عن محمد بن المنكدر عن جابر :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أقام أياماً لم يطعم طعاماً ، حتى شق ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه ، فلم يجد عند واحدة منهن شيئاً ! فأتى فاطمة فقال :
"يا بنية ! هل عندك شيء آكله ؛ فإني جائع ؟" .
قالت : لا والله - بأبي أنت وأمي - ! فلما خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم ، فأخذته منها ، فوضعته في جفنة لها ، وقالت :
والله ! لأوثرن بهذا رسول الله صلي الله عليه وسلم على نفسي ومن عندي ، وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبعة طعام ، فبعثت حسناً أو حسيناً إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فرجع إليها ، فقالت : بأبي أنت وأمي ؛ قد أتى الله بشيء فخبأته لك . قال :
"هلمي يا بنية !" .
قالت : فأتيته بالجفنة ، فكشفت عنها ؛ فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً ، فلما نظرت إليها بهت وعرفت أنها بركة من الله ، فحمدت الله ، وصليت على نبيه ، وقدمته إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فلما رآه حمد الله ، وقال :
"من أين لك هذا يا بنية ؟!" .
قالت : يا أبت ! (هو من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب) ! فحمد الله ، وقال : ... فذكر الحديث .
فبعث رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى علي ، ثم آكل رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وأكل علي ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين ، وجميع أزواج النبي صلي الله عليه وسلم ، وأهل بيته حتى شبعوا جميعاً ، قالت : وبقيت الجفنة كما هي . قالت : فأوسعت ببقيتها على جميع الجيران ؛ وجعل الله فيها بركة وخيراً كثيراً .
ذكره ابن كثير في "التفسير" (1/ 360) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، سكت عنه ابن كثير ؛ لأنه ساق إسناده ، وهذه عادته وعادة المحدثين : إذا ساقوا إسناد الحديث ؛ فقد برئت ذمتهم وارتفعت المسؤولية عنهم إذا كان الحديث إسناده ضعيفاً أو موضوعاً .
وقد غفل عن هذه الحقيقة العلمية من قام باختصار "تفسير ابن كثير" وغيرهم ، فيتوهمون أن سكوت ابن كثير عن الحديث معناه أن الحديث ثابت عنده ! وليس كذلك ؛ وبخاصة إذا ساق إسناده ؛ كما بينت ذلك في غير ما موضع .
وهذا الحديث من هذا القبيل ؛ فإن في إسناده عبدالله بن صالح عن عبدالله ابن لهيعة ، وكلاهما ضعيف .
ولجهل الشيخ الصابوني بهذا العلم الشريف ، وبتلك الحقيقة العلمية ؛ فقد أورد هذا الحديث مصححاً له في "مختصره" (1/ 280) ، ثم نقل عزو الحافظ ابن كثير لأبي يعلى من "تفسير ابن كثير" إلى حاشية "مختصره" ؛ موهماً القراء أنه من تخريجه ! فما أحراه بقول النبي صلي الله عليه وسلم :
"المتشبع بما لم يعط ؛ كلابس ثوبي زور" !
ثم إن الحديث - مع ضعف إسناده - ؛ ففي متنه نكارة في نقدي ؛ مثل قوله : "فإني جائع" ؛ لأنه غير معروف مثله عنه صلي الله عليه وسلم فيما أذكر !
ومن ذلك قول فاطمة رضي الله عنها لأبيها مرتين :
بأبي أنت وأمي !
فإنه ممجوج مرفوض ؛ كما هو ظاهر لا يحتاج إلى بيان !
ونحوه قولها بعد أن حمدت الله :
وصليت على نبيه .
فإنه ليس معهوداً أيضاً قرن الصلاة على النبي مع حمد الله تعالى في مثل هذه المناسبة ! والله أعلم .

(/1)


5360 - ( نعم السواك الزيتون ؛ من شجرة مباركة ، يطيب الفم ، ويذهب بالحفر ، هو سواكي ، وسواك الأنبياء قبلي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 595 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 670 - مصورتي) : حدثنا أحمد قال : أخبرنا معلل قال : أخبرنا محمد بن محصن عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبدالرحمن بن غنم الأشعري عن معاذ بن جبل مرفوعاً به . وقال :
"لم يروه عن إبراهيم إلا محمد" .
قلت : وهو العكاشي ؛ نسب إلى جده الأعلى ؛ فإنه محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن عكاشة بن محصن الأسدي ؛ كذبوه ؛ كما في "التقريب" . وقال الذهبي :
"ليس بثقة ، قال الدارقطني : متروك يضع" .
قلت : فهو علة هذا الحديث .
وخفي ذلك على الهيثمي ؛ فأعله بالذي دونه ، فقال (2/ 100) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه معلل بن محمد ؛ ولم أجد من ذكره" !
قلت : كذا قال ! وتبعه الشيخ محمد بن سليمان المغربي في "جمع الفوائد" (1/ 91) ؛ ثم المعلق عليه ، دون أن ينتبهوا إلى ما فيه من الوهم :
أولاً : الغفلة عن آفته الحقيقية ؛ وهي العكاشي كما ذكرنا . وقد تنبه لها الهيثمي في حديث آخر ، أخرجه الطبراني قبيل هذا بالسند نفسه ، وهو حديث :
"اتخذوا الديك الأبيض ..." . فقال الهيثمي (5/ 117) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه محمد بن محصن العكاشي ، وهو كذاب" ، وقد مضى برقم (1695) . ولم أره في "كتاب الطب" من "جمع الفوائد" للمغربي ، وهو مؤخر فيه عن موضعه في "مجمع الهيثمي" ، فلا أدري أسقط من قلمه ، أم أودعه في كتاب آخر عنده ؟! والله أعلم .
ثانياً : قوله : "معلل بن محمد" خطأ ! والصواب : "معلل بن نفيل" ؛ كذلك وقع في إسناد حديث آخر ساقه قبل هذا الحديث بحديث ، وكذلك وقع في حديث آخر عنده (632) وفي أحاديث أخرى بعده (652-655) ، ونسبه في الأول منها فقال : "الحراني" .
وبعد كتابة ما سبق ؛ رجعت إلى "مجمع البحرين" للهيثمي (1/ 34/ 2) ، فوجدته قد ساق الحديث بالإسناد المذكور تحته ؛ إلا أنه وقع فيه : ".. معلل بن محمد بن محصن عن إبراهيم ... لم يروه عن إبراهيم إلا محمد" !
فانكشف لي سبب الوهمين السابقين من الهيثمي . وبيانه : أنه لما نقل الحديث من "المعجم الأوسط" ، أدخل راوياً في آخر ، فبدل أن يكتب : "معلل : أخبرنا محمد بن محصن" كتب : "معلل بن محمد بن محصن" !
ولما نقل الحديث من "مجمع البحرين" إلى "مجمع الفوائد" وتكلم على إسناده ؛ وقع منه ما وقع من الوهمين المشار إليهما ! والمعصوم من عصمه الله .

(/1)


5361 - ( من فصل في سبيل الله ، فمات أو قتل ؛ فهو شهيد ، أو وقصه فرسه أو بعيره ، أو لدغته هامة ، أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله ؛ فإنه شهيد ، وإن له الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 597 :
$ضعيف$
أخرجه أبو داود (1/ 391) : حدثنا عبدالوهاب بن نجدة : حدثنا بقية بن الوليد عن ابن ثوبان عن أبيه يرد إلى مكحول إلى عبدالرحمن بن غنم الأشعري أن أبا مالك الأشعري قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
وتابعه عبيد بن شريك : حدثنا عبدالوهاب بن نجدة به .
أخرجه البيهقي في "السنن" (9/ 166) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله موثقون ؛ إلا أن مكحولاً رمي بالتدليس .
أما بقية ؛ فهو مشهور بذلك ، وقد قال غير واحد من الأئمة :
"كان يدلس عن المتروكين" .
ولذلك ؛ فهو من الثقات الذين لا يحتج بحديثهم ما عنعن ، وهذا منه .
نعم ؛ قد خالف أبا داود وعبيد بن شريك : محمد بن محمد بن سليمان ، فقال : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي : حدثنا بقية بن الوليد : حدثنا عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان به .
فصرح بتحديث بقية .
أخرجه الحاكم (2/ 78) ، وقال :
"صحيح على شرط مسلم" !
فتعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : ابن ثوبان لم يحتج به مسلم ؛ وليس بذاك ، وبقية ثقة ، وعبدالرحمن ابن غنم لم يدركه مكحول فيما أظن" !
قلت : بين وفاتيهما قرابة أربعين سنة ؛ لأن ابن غنم توفي سنة (78) ، ومكحول توفي سنة (112) في قول ، وسنة (118) في قول آخر ، ولم يذكروا سنة ولادته ، حتى يمكن القول بمعاصرته إياه ، ولكن ثبوت المعاصرة إنما تفيد في الراوي الذي لم يعرف بتدليس ، ومكحول ليس كذلك ؛ كما سبق .
وابن ثوبان - وإن كان فيه كلام - فالراجح أنه حسن الحديث .
وأما بقية ؛ فقد عرفت حاله ، وإنما وثقه الذهبي لتصريحه بالتحديث في رواية الحاكم ، وهو الذي غرني قديماً حينما خرجت الحديث في "أحكام الجنائز" (ص 37) ، وقلت عقبه :
"وصححه الحاكم ، وإنما هو حسن فقط" .
فلم يتنبه الذهبي - كما لم أتنبه أنا يومئذ - لكون التصريح بتحديث بقية شاذ - بل منكر - ؛ لأمرين :
الأول : مخالفة محمد بن محمد بن سليمان لأبي داود وعبيد بن شريك كما سبق ؛ فإنهما عنعناه عنه .
والآخر : أن محمداً هذا - وهو الباغندي - مع كونه من الحفاظ ؛ فقد تكلم فيه بعضهم كلاماً سيئاً حتى اتهم بالكذب ! والذهبي نفسه قال في ترجمته من "الميزان" :
"كان مدلساً ، وفيه شيء . قال ابن عدي : أرجو أنه كان لا يتعمد الكذب . وقال الإسماعيلي : لا أتهمه ، ولكنه خبيث التدليس" .
قلت : فمثله لا يحتج به عند التفرد ، فكيف مع المخالفة ؟!
ثم وجدت له مخالفاً ثالثاً ثقة : فقال الطبراني في "الكبير" (1/ 167/ 1) : حدثنا خير بن عرفة المصري : أخبرنا حيوة بن شريح الحمصي : أخبرنا بقية بن الوليد عن ابن ثوبان به .

(/1)


5362 - ( يا عائشة ! اتخذت الدنيا بطنك ؟! أكثر من أكلة كل يوم سرف ، والله لا يحب المسرفين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 600 :
$موضوع$
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 161/ 2) من طريق العلاء بن مسلمة الرواس (الأصل : سلمة الروامي) : حدثني خالد بن نجيح المصري : حدثنا عبدالله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة قالت :
رآني رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا آكل في يوم مرتين فقال : ... فذكره . وقال :
"في إسناده ضعف" !
كذا قال ! وأقره العراقي في "تخريج الإحياء" (3/ 78) !
وفيه تساهل كبير ؛ فإنما يصح مثل هذا القول فيما لو كان السند إلى ابن لهيعة ثابتاً ، وأنى له ذلك ؟! وفيه آفتان :
الأولى : خالد بن نجيح المصري ؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 355) عن أبيه :
"هو كذاب ، كان يفتعل الأحاديث ويضعها في كتب ابن أبي مريم وأبي صالح ، وهذه الأحاديث التي أنكرت على أبي صالح ؛ يتوهم أنها من فعله" .
الأخرى : العلاء بن مسلمة الرواس ؛ قال ابن حبان (2/ 185) :
"يروي عن العراقيين المقلوبات ، وعن الثقات الموضوعات" . وقال ابن طاهر :
"كان يضع الحديث" .
نعم ؛ قد رواه البيهقي (2/ 158/ 1-2) بإسناد آخر عن ابن لهيعة نحوه ؛ هو خير من هذا :
أخرجه من طريق يحيى بن عثمان المصري : حدثني أبي عن ابن لهيعة ... فذكره بلفظ :
"يا عائشة ! أما تحبين أن يكون لك شغل إلا في جوفك ؟! الأكل في اليوم مرتين من الإسراف ، والله لا يحب المسرفين" .
(تنبيه) : كنت خرجت هذا الحديث فيما تقدم برقم (257) نقلاً عن "الإحياء" و "تخريجه" ، وعن "الترغيب" للمنذري ، وكان ذلك قبل أن نطلع على إسناده في "شعب البيهقي" ، فلما وقفت عليه فيه ؛ بادرت إلى تخريجه ،وبيان الفرق بين إسناديه ولفظيه ، فتبين الآن أنه ليس عند البيهقي لفظ : "إياك والسرف" ، الذي جاء في "الإحياء" ، وعزاه العراقي للبيهقي ، فاقتضى التنبيه .

(/1)


5363 - ( ثلاثة لا تقبل لهم شهادة أن لا إله إلا الله : الراكب والمركوب ، والراكبة والمركوبة ، والإمام الجائر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 601 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 3256) : حدثنا بكر : قال : أخبرنا أبو عطاء بلال بن عمرو عن صالح بن أبي صالح عن عمر بن راشد عن عبدالرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن ابن حرملة إلا عمر بن راشد ، ولا عن عمر إلا صالح بن أبي صالح ، تفرد به أبو عطاء" .
قلت : ولم أجد من ترجمه ، ولم يذكره الدولابي في "الكنى" .
ومثله صالح بن أبي صالح ، وفي "التهذيب" بهذا الاسم جمع ، ولكنهم من التابعين ، وهو دونهم كما ترى .
وأما عمر بن راشد ؛ فهو المدني الجاري ، يروي عن مالك وابن عجلان وطبقتهما . قال أبو حاتم :
"وجدت حديثه كذباً وزوراً" . وقال الحاكم ، وأبو نعيم :
"يروي عن مالك أحاديث موضوعة" .
وبه أعل الحديث الهيثمي ، فقال في "المجمع" (4/ 282) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه عمر بن راشد المدني الجاري ؛ وهو كذاب" .
وأما المنذري ؛ فقد اكتفى بالإشارة إلى ضعفه (3/ 138) ‍‍!
وهذا من تساهله الذي شرحت القول عنه في مقدمة "صحيح الترغيب" و "ضعيفه" ، وهو تحت الطبع .

(/1)


5364 - ( من ولي أمة من أمتي - قلت أو كثرت - ، فلم يعدل فيهم ؛ كبه الله على وجهه في النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 602 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 6773 - مصورتي) من طريق هشام بن عمار : حدثنا عبدالعزيز بن الحصين عن عمار الدهني : حدثني إبراهيم بن [يزيد] معقل بن يسار عن أبيها معقل أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره . وقال :
"لم يرو هذا الحديث عن عمار الدهني إلا عبدالعزيز بن الحصين ، تفرد به هشام" .
قلت : عبدالعزيز هذا واه ؛ كما قال المنذري في "الترغيب" (3/ 139) .
وقد خولف في إسناده ؛ فقال عبيدالله بن موسى : حدثنا إسرائيل عن عامر الدهني عن أبيه عن أم معقل عن أبيها قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
أخرجه الحاكم (4/ 90-91) ، وقال :
"هذه أم معقل بنت معقل بن سنان الأشجعي ، وهو صحيح الإسناد" ! ووافقه الذهبي !
قلت : لم أر من ذكر أم معقل هذه ، وأخشى أن يكون محرفاً من (ابنة معقل) كما في الإسناد الأول ، وليس اعتمادي عليه فيما ذهبت إليه فحسب ؛ فقد روى الإمام أحمد (4/ 25) : حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت إسماعيل البصري يحدث عن ابنة معقل بن يسار عن أبيها معقل قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"ليس من والي أمة - قلت أو كثرت - لا يعدل فيها ؛ إلا كبه الله تبارك وتعالى على وجهه في النار" .
لكني لم أعرف إسماعيل البصري ! وفي طبقته جماعة ؛ فيهم الثقة والضعيف والمجهول . وذكر الحافظ في ترجمة (ابنة معقل) من "التعجيل" أنه روى عنها إسماعيل الأودي ، ولم يذكره السمعاني في هذه النسبة (الأودي) ، وقد رواه عنه الطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 221/ 514) ، ونسبه في رواية ثانية (517) فقال : (الكندي) ، وفي أخرى (518) : (الأزرق) .
ومثله ابنة معقل هذه ؛ فإن الحافظ لم يذكر راوياً عنها غير إسماعيل المذكور .
وقد تابعها أخوها عبدالرحمن بن معقل بن يسار عن أبيه بلفظ :
"أيما وال ولي شيئاً من أمر المسلمين ، فلم ينصح لهم كنصحه لنفسه ؛ كبه الله على وجهه يوم القيامة في النار" .
أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (ص 94) بإسناد جيد عنه ؛ كما بينته في "الروض النضير" (رقم 868) .
وأما عبدالرحمن هذا ؛ فقد قلت هناك : إني لم أجد من ذكره ! وأقول الآن :
لعله عبدالرحمن بن عبدالله بن معقل بن يسار ؛ فقد ذكره هكذا ابن أبي حاتم (2/ 2/ 252) ، وكذا ابن حبان في "الثقات" (3/ 154 - طبع الهند) ، وذكرا أنه روى عن عمر أو ابن عمر . وروى عنه قرة بن خالد السدوسي .
وعليه ؛ يكون قد نسب في هذه الرواية إلى جده معقل ، فهو تابعي مستور .
وجملة القول : أن الحديث لم يثبت عندي بهذا اللفظ ؛ لاضطراب الرواة في الراوي عن معقل ؛ هل هو عبدالرحمن أو ابنة معقل ؟ وسواء كان هذا أو ذاك فكلاهما مجهول .
ولو أن الحديث جاء بإسنادين ثابتين عنهما ؛ لكان احتمال تقوية الحديث بمجموع روايتيهما وارداً ، فكيف وقد جاء من طرق أخرى عن معقل رضي الله عنه في "الصحيحين" وغيرهما بغير هذا اللفظ ، فراجعها إن شئت في "الأحاديث الصحيحة" (1754،2631) .

(/1)


5365 - ( لا تنكحوا القرابة القريبة ؛ فإن الولد يخلق ضاوياً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 605 :
$لا أصل له مرفوعاً$
وقد اشتهر اليوم عند متفقهة هذا الزمن ودكاترته ، الذين لا يتقون الله في طلابهم ، فيلقون عليهم من الأقوال والآراء ما لا حجة عليه ولا برهان ، ومن الأحاديث ما لا سنام له ولا خطام ، وما لا أصل له من كلامه عليه الصلاة والسلام ، كهذا الحديث ؛ فإني سئلت عنه مراراً من بعض طلابهم ؟ فقد قال الحافظ ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (ق 118/ 1) :
"غريب . قال ابن الصلاح : لم أجد له أصلاً" .
ولعله غرهم أن ابن الأثير أورده في "النهاية" في مادة (ضوا) ، جاهلين أنه لا يتقيد فيه بما ثبت من الحديث ؛ لأن غرضه شرح الغريب منه ، ثبت أو لم يثبت ، وكم من حديث فيه لا يعرف له أصل في كتب الحديث ؛ فضلاً عن الأحاديث الضعيفة ! مثله في ذلك مثل الغزالي في "الإحياء" ، بل هذا أهل لينتقد أكثر من ذاك ؛ لأن كتابه كتاب هداية وتربية وتوجيه ، فلا يجوز إيراد الأحاديث الضعيفة فيه والواهية ، ولذلك ؛ بالغ العلماء في انتقاده والرد عليه ، ولعله هو عمدة ابن الأثير في حديث الترجمة ؛ فقد أورده الغزالي في "إحيائه" (2/ 38) في جملة أحاديث صرح بنسبتها إلى النبي صلي الله عليه وسلم ، وكلها منكرة ! بين ذلك العراقي في "تخريجه" إياه ، فقال - بعد أن نقل عن ابن الصلاح أنه لا أصل له ، وأقره - :
"قلت : إنما يعرف من قول عمر أنه قال لآل السائب : قد أضويتم ؛ فانكحوا في النوابغ .
وراه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" وقال : معناه : تزوجوا الغرائب . قال : ويقال : أغربوا ولا تضووا" .
قلت : فهذا صريح من الحافظ الحربي أن الجملة الأخيرة : "أغربوا ولا تضووا" ليس حديثاً ، فلا تغتر بإيهام ابن الأثير أنه حديث !

(/1)


5366 - ( نعم ؛ ما لم تقم على باب سدة ، أو تأتي أميراً تسأله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 606 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 2769) - بإسناد صحيح - عن خالد بن حارث قال : حدثني طريف بن عيسى العنبري قال : أخبرنا يوسف بن عبدالحميد قال : لقيت ثوبان مولى رسول الله صلي الله عليه وسلم فحدثنا :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم دعا لأهله ، فذكر علياً وفاطمة وغيرهما . فقلت : يا رسول الله ! من أهل البيت أنا ؟ قال : ... فذكره . وقال :
"لم يرو هذا الحديث ن طريف إلا خالد" .
قلت : وهو ثقة ثبت من رجال الشيخين .
وإنما العلة ممن فوقه ؛ فإن طريفاً هذا وشيخه يوسف ليسا بمعروفين ؛ فقد أوردهما ابن أبي حاتم (2/ 1/ 494) و (4/ 2/ 226) بهذه الرواية ، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً .
وكذلك فعل البخاري في "التاريخ" ، وابن حبان في "الثقات" ؛ فإنه أورد يوسف هذا في طبقة التابعين من كتابه "الثقات" (3/ 296) بهذه الرواية أيضاً .
والظن به أنه أورد طريفاً أيضاً في طبقة أتباع التابعين منهم ، ولكن المجلد الخاص بها ما علمنا أنه طبع بعد ، ومخطوطة الظاهرية منه محجوزة الآن في قسم التصوير من المجمع العلمي بدمشق لتصويره ، فلعلنا نتمكن من مراجعته بعد إن شاء الله تعالى .
وإن مما يؤيد ظني المذكور ؛ قول المنذري في "الترغيب" (3/ 151) - وتبعه الهيثمي في "المجمع" (9/ 173) - :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورواته ثقات" !
قلت : وهذا من تساهلهما الذي عرفا به ؛ إذ إنهما جريا في كتابيهما على الاعتداد بما تفرد ابن حبان بتوثيقه من الرواة ، مع تساهله في ذلك عند المحققين من العلماء ؛ كما سبق التنبيه على ذلك مراراً .
ثم رأيت طريفاً المذكور في "الثقات" (8/ 327) من رواية خالد بن الحارث عنه ؛ فهو مجهول كشيخه يوسف .

(/1)


5367 - ( من مشى مع ظالم ليعينه - وهو يعلم أنه ظالم - ؛ فقد خرج من الإسلام ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 607 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 32/ 2) : حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي : حدثني أبي : أخبرنا عمرو بن الحارث عن عبدالله بن سالم عن الزبيدي : أخبرنا عياش بن مؤنس أن أبا الحسن نمران بن مخمر حدثه أن أوس بن شرحبيل - أحد بني المجمع - حدثه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مظلم :
أولاً : أوس بن شرحبيل ؛ قيل : له صحبة : وأنكر ذلك ابن حبان كما يأتي .
وقيل فيه : شرحبيل بن أوس ، على القلب . أورده البخاري في "التاريخ" هكذا (2/ 2/ 250) . وقال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 337) :
"وهو أشبه ، له صحبة" .
وجوز ابن شاهين أنهما اثنان . وقال البغوي :
"والأصح عندي : شرحبيل" .
ورجح الحافظ المغايرة .
ثانياً : أبو الحسن نمران بن مخمر ؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 497) برواية جمع عنه ؛ أحدهم حريز بن عثمان عنه .
وجاء في "تعجيل المنفعة" أنه ذكره ابن حبان في "الثقات" . ولم أره في "التابعين" منه ، فلعله أورده في "أتباعهم" ؛ ولا تطوله الآن يدي .
ثالثاً : عياش بن مؤنس . أورده ابن أبي حاتم (3/ 2/ 5) فقال :
"عياش بن مؤنس أبو معاذ . روى عن شداد بن شرحبيل الأنصاري . وسمع منه (!) نمران بن مخمر ، وروى عنه حبيب بن صالح" !
هكذا قال ! جعله تابعياً يروي عنه نمران بن مخمر ، وظاهر كلامه في ترجمة نمران أنه تابعي أيضاً .
وقد عكس ذلك ابن حبان فأصاب ؛ فقال في "الثقات" في (التابعين) أيضاً (3/ 207) :
"عياش بن مؤنس ، يروي عن نمران بن مخمر عن شرحبيل بن أوس - ويقال : إن له صحبة ، وما أراه بمحفوظ - . روى عنه محمد بن الوليد الزبيدي" .
وهكذا أورده البخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 47) :
"عياش بن مؤنس ، سمع نمران . روى عنه محمد بن الوليد الزبيدي" .
قلت : ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وكذلك صنع ابن أبي حاتم كما رأيت ؛ فهو مجهول العين ، أو مجهول الحال ؛ إن صح أنه سمع منه حبيب بن صالح أيضاً .
وأما عمرو بن إسحاق - شيخ الطبراني - ؛ فلم أقف له على ترجمة ، ولا في "تاريخ دمشق" لابن عساكر !
وأما أبوه إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي ؛ فضعيف ، بل كذبه بعضهم .
لكن قال البخاري في ترجمة شرحبيل : "وقال عمرو بن الحارث ..." فذكره ، فلا أدري إذا كان عنده من طريق أخرى عن عمرو أم لا .
وسواء كان هذا أو ذاك ؛ فالعلة من عياش بن مؤنس ؛ لجهالته كما علمت . ولذلك ؛ أشار المنذري في "الترغيب" (3/ 153) إلى تضعيف الحديث ، وقال :
"وهو حديث غريب" . وقال الهيثمي في "المجمع" :
".. وفيه عياش بن مؤنس ، ولم أجد من ترجمة (!) ؛ وبقية رجاله وثقوا" !

(/1)


5368 - ( لعن الله سبعة من خلقه من فوق سبع سماواته ، وردد لعنته على واحد منهم ثلاثاً ، ولعن كل واحد منهم لعنة تكفيه ، قال :
ملعون من عمل عمل قوم لوط ، ملعون من عمل عمل قوم لوط ، ملعون من عمل عمل قوم لوط .
ملعون من ذبح لغير الله .
ملعون من أتى شيئاً من البهائم .
ملعون من عق والديه .
ملعون من جمع بين المرأة وابنتها .
ملعون من غير حدود الأرض .
ملعون من ادعى إلى غير مواليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 610 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 8492 - ط) ، وأبو بكر الشافعي في "الفوائد" (73/ 254/ 2) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 341/ 1) من طرق عن أبي مصعب الزهري : حدثني محرر بن هارون - رجل من قريش - عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً .
وتابعه عبدالله بن عمر بن الرماح - عند ابن عدي - ، وبشر بن الحكم بن حبيب بن مهران - عند البيهقي في "الشعب" (2/ 132/ 2) - ؛ كلاهما عن محرر بن هارون به .
وخالف أبو عتبة أحمد بن الفرج فقال : حدثنا ابن أبي فديك : حدثنا هارون التيمي عن الأعرج به .
أخرجه الحاكم (4/ 356) ، وسكت عنه ! وتعقبه الذهبي ، فقال :
"قلت : هارون ضعفوه" .
قلت : هو هارون بن هارون بن عبدالله بن محرر بن الهدير القرشي التيمي ، فهو أخو محرر بن هارون ، وكلاهما ضعيف جداً .
لكن أبو عتبة أحمد بن الفرج ضعيف ، فلا يحتج به عند التفرد ، فكيف عند المخالفة ؟
ولم يتنبه لهذا المنذري ؛ فقال (3/ 198) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورجاله رجال "الصحيح" ؛ إلا محرز بن هارون التيمي ، ويقال : (محرر) بالإهمال .
ورواه الحاكم من رواية هارون أخي محرر ، وقال : "صحيح الإسناد" . وكلاهما واه ؛ ولكن محرز قد حسن له الترمذي ، ومشاه بعضهم ، وهو أصلح حالاً من أخيه هارون" !
قلت : إن كان لا بد من المفاضلة بينهما ؛ فالعكس هو الصواب ، كما يشير إلى ذلك قول الحافظ ابن حجر في الأول :
"محرر - براءين ؛ وزن محمد ؛ على الصحيح - ابن هارون بن عبدالله التيمي - متروك" .
وقال في أخيه :
"ضعيف" .
ولكني أرى أنهما في شدة الضعف سواء ؛ فالأول قد قال فيه البخاري وغيره :
"منكر الحديث" . وقال ابن حبان (3/ 20) :
"كان ممن يروي عن الأعرج ما ليس من حديثه ، وعن غيره ما ليس من حديث الأثبات ، لا تحل الرواية عنه ، ولا الاحتجاج به" .
وقال في أخيه هارون (3/ 94) :
"كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ، لا يجوز الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار لأهل الصناعة فقط" .
وضعفه غيره .
لكن الحديث قد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ آخر ، وفيه ذكر السبعة غير :
".. ملعون من جمع بين امرأة وابنتها" ، وذكر مكانه :
"لعن الله من كمه أعمى عن الطريق" .
وهو مخرج في "الصحيحة" (3462) .

(/1)


5369 - ( يا معشر المسلمين ! اتقوا الله وصلوا أرحامكم ؛ فإنه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم . وإياكم والبغي ؛ فإنه ليس من عقوبة أسرع من عقوبة بغي . وإياكم وعقوق الوالدين ؛ فإن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام ، والله ! لا يجدها عاق ، ولا قاطع رحم ، ولا شيخ زان ، ولا جار إزاره خيلاء ، إنما الكبرياء لرب العالمين . والكذب كله إثم ؛ إلا ما نفعت به مؤمناً ، ودفعت به عن دين . وإن في الجنة لسوقاً ما يباع فيها ولا يشترى ، ليس فيها إلا الصور ، فمن أحب صورة من رجل أو امرأة ؛ دخل فيها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 613 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم 5794) ، ومن طريقه أبو نعيم في "صفة الجنة" (2/ 42/ 195) : حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن طريف البجلي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا محمد بن كثير الكوفي قال : أخبرنا جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين عن جابر بن عبدالله قال :
خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم ونحن مجتمعون ، فقال : ... فذكره . وقال :
"لا يروى هذا الحديث عن جابر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به أحمد بن محمد ابن طريف" .
قلت : ولم أجد له ترجمة فيما لدي من كتب الرجال ؛ وقد ذكره في "التهذيب" في الرواة عن أبيه محمد بن طريف ، وكناه بأبي زيد ، وكنية أبيه : أبو جعفر الكوفي ، وهو من شيوخ مسلم الثقات .
لكن محمد بن كثير الكوفي متهم ؛ قال البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 217) :
"منكر الحديث" . وقال ابن حبان (2/ 287) :
"كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات ، التي إذا سمعها من الحديث صناعته ؛ علم أنها معمولة أو مقلوبة ، لا يحتج به بحال" . وفي "ميزان الذهبي" :
"قال أحمد : خرقنا حديثه . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال ابن المديني : كتبنا عنه عجائب ، وخططت على حديثه . ومشاه ابن معين" .
قلت : وساق له ابن عدي في "الكامل" (6/ 255-256) أحاديث منكرة جداً ، تدل على سوء حاله ، وقال :
"وهو منكر الحديث عن كل من يروي عنه ، والبلاء منه" .
ومن هذه الأحاديث : ما أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 76) بلفظ :
"من عطس أو تجشأ ، أو سمع عطسة أو جشاءً ، فقال : الحمد لله على كل حال من الأحوال ؛ صرف الله عنه سبعين داءً ، أهونها الجذام" .
ولعله يأتي إن شاء الله تعالى .
قلت : وبه أعل الهيثمي حديث الترجمة ، فقال (5/ 125) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه محمد بن كثير الكوفي ، وهو ضعيف جداً" .
وفيه علة ثالثة ، وهي جابر الجعفي ؛ فإنه ضعيف ، بل قد كذبه بعضهم .
وقد أعله به أيضاً الهيثمي في مكان آخر ، فقال (8/ 149) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" من طريق محمد بن كثير عن جابر الجعفي ، وكلاهما ضعيف جداً" .
وأشار المنذري في "الترغيب" إلى تضعيف الحديث في موضعين منه بقوله في أوله :
"وروي عن جابر .." (3/ 99،221-222) .
والحديث ؛ أورده السيوطي في "الجامع الكبير" بتقديم وتأخير ، وقال :
"رواه ابن عساكر [6/ 223] عن محمد بن الفرات الجرمي عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي . ومحمد كذبه أحمد وغيره ، وقال (د) : روى أحاديث موضوعة" .
واعلم أنه قد صح من الحديث ما يتعلق بثواب صلة الرحم ، وعقوبة البغي وقطيعة الرحم ، روي ذلك من طرق ؛ خرجتها في "الصحيحة" (978) .
والفقرة الأخيرة منه في سوق الجنة ؛ قد روي بإسناد خير من هذا ؛ ولكنه ضعيف لا يصح ؛ كما سبق بيانه برقم (1982) في المجلد الرابع .

(/1)


5370 - ( أربعة يصبحون في غضب الله ، ويسمون في سخط الله . قلت : ومن هم يا رسول الله ؟! قال : المتشبهون من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال ، والذي يأتي البهيمة ، والذي تأتيه الرجال ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 615 :
$ضعيف$
أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 110) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 306/ 1) ، وعنه البيهقي في "الشعب" (2/ 121/ 1) و (4/ 356/ 5385) ، والطبراني في "الأوسط" (رقم 7001) من طريق دحيم : حدثنا ابن أبي فديك عن محمد بن سلام الخزاعي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً .
أورده البخاري في ترجمة ابن سلام الخزاعي هذا ، وقال :
"لا يتابع عليه" . وقال ابن عدي :
"وهذا الذي أنكره البخاري لا أعلم رواه عن محمد بن سلام غير ابن أبي فديك" .
وكذا قال الطبراني أن ابن أبي فديك تفرد به عن ابن سلام . وقال أبو حاتم :
"مجهول" . وقال الذهبي :
"لا يعرف" .
قلت : وأما أبوه سلام الخزاعي ؛ فلعله سلام بن أبي مطيع - واسمه سعد - الخزاعي ؛ المترجم في "التهذيب" برواية الشيخين عنه . وبروايته هو عن قتادة وهشام ابن عروة ؛ وغيرهما . فإن يكن هو ؛ فمعنى ذلك أن في الإسناد انقطاعاً ؛ لأنه من أتباع التابعين ، ولذلك ؛ لم يذكروا له رواية عن الصحابة . وقال الحافظ في "التقريب" :
"ثقة صاحب سنة ، في روايته عن قتادة ضعف ، من السابعة ، مات سنة أربع وستين (ومئة) ، وقيل بعدها" .

(/1)


5371 - ( يا أيها الناس ! قتيل قتل وأنا فيكم ولا يعلم من قتله ؟! لو اجمتع أهل السماء والأرض على قتل امرىء ؛ لعذبهم الله ؛ إلا أن يفعل ما يشاء . وفي رواية : إلا أن لا يشاء ذلك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 616 :
$منكر بهذا التمام$
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (ق 258/ 1) ، والبيهقي في "السنن" (8/ 32) وفي "الشعب" (4/ 347/ 5351) من طرق عن عطاء بن مسلم الخفاف عن العلاء بن المسيب عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس قال :
قتل قتيل على عهد النبي صلي الله عليه وسلم لم يعلم من قتله ؟ فصعد النبي صلي الله عليه وسلم المنبر فقال : ... فذكره . والسياق لـ "الشعب" ، والرواية الأخرى لابن عدي . وقال :
"عطاء بن مسلم ؛ في أحاديثه بعض ما ينكر عليه" .
قلت : وقد بين سبب ذلك ابن أبي حاتم ، فقال (3/ 1/ 336) عن أبيه :
"كان شيخاً صالحاً يشبه بيوسف بن أسباط ، وكان دفن كتبه ، وليس بقوي ؛ فلا يثبت حديثه" . ولذلك ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق يخطىء كثيراً" .
قلت : ومما يدل على ضعفه : اضطرابه في متن هذا الحديث ؛ فهو تارة يذكر الزيادة التي في آخره :
"إلا أن لا يشاء ذلك" ؛ وهي من رواية الحسن بن حماد الحضرمي وإبراهيم ابن موسى الرازي - وكلاهما ثقة - .
وتارة لا يذكرها ؛ كما في رواية للبيهقي من طريق علي بن قادم عنه - وهو ثقة أيضاً - ، وتابعه محمد بن مهران الجمال - وهو ثقة حافظ - ، فرواه عنه بدونها أيضاً ؛ إلا أنه قال :
"بلا عدد ولا حساب" .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 172/ 2) .
ويؤكد نكارة هذه الزيادة أمور :
أولاً : أن الحديث قد جاء عن جمع من الصحابة بأسانيد قوية بألفاظ متقاربة ، ليس في شيء منها هذه الزيادة ، وقد خرجت بعضها في "الروض النضير" تحت الحديث (925) ، وأخرج الكثير منها الحافظ المنذري في "الترغيب" (3/ 202) ؛ فليراجعه من شاء الوقوف عليها ، أو في كتابي "صحيح الترغيب والترهيب" .
ثانياً : أن الحديث قد روي بهذه القصة عن أبي سعيد الخدري قال :
قتل قتيل على عهد النبي صلي الله عليه وسلم ، فصعد المنبر ... الحديث نحوه دون الزيادة .
أخرجه البزار (ص 236 - زوائده) ، والحاكم (4/ 352) من طريق داود ابن عبدالحميد : حدثنا عمرو بن قيس الملائي عن عطية عنه ، وزاد :
"والذي نفسي بيده ! لا يبغضنا - أهل البيت - أحد ؛ إلا كبه الله في النار" . وقال البزار :
"أحاديث داود عن عمرو ؛ لا نعلم أحداً تابعه عليها ، وهو ضعيف ، وعطية كذلك" .
وسكت عنه الحاكم ! وتعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : خبر واه" . وقال الهيثمي (5/ 296) :
"رواه البزار ، وفيه داود بن عبدالحميد ، وغير من الضعفاء" .
لكن أخرجه الترمذي (1/ 262) من طريق يزيد الرقاشي : حدثنا أبو الحكم البجلي قال : سمعت أبا سعيد الخدري وأبا هريرة يذكران عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكر الحديث دون الزيادة . وقال :
"حديث غريب" .
قلت : أي : ضعيف ؛ لضعف يزيد الرقاشي .
وقد تابعه أبو حمزة الأعور عن أبي الحكم البجلي عن أبي هريرة وحده .
أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 117/ 2) .
وأبو حمزة هذا ؛ اسمه ميمون القصاب ، وهو ضعيف أيضاً .
لكن العله يتقوى أحدهما بالآخر ؛ فيكون الحديث حسناً بهما ، وهو صحيح قطعاً بالشواهد التي سبقت الإشارة إليها .
ثالثاً : أن الحديث لو كان عند ابن عباس بهذه الزيادة ؛ لم يذهب - إن شاء الله - إلى أن القاتل لا توبة له ، وقد صح هذا عنه من طرق ؛ كما تراه مخرجاً في "الصحيحة" برقم (2697) .
من أجل ما سبق من البيان والتحقيق ؛ لم يحسن المنذري صنعاً حين أورد حديث الترجمة في "الترغيب" (3/ 202) من رواية البيهقي ساكتاً عليه ! والله المستعان .

(/1)


5372 - ( من سره أن يمد له في عمره ، ويوسع له في رزقه ، ويدفع عنه ميتة السوء ؛ فليتق الله ، وليصل رحمه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 619 :
$ضعيف بهذا التمام$
أخرجه عبدالله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/ 143) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 224/ 1) ، والطبراني في "الأوسط" (3165) ، وابن بشران في "الأمالي" (2/ 132/ 1) ، والحاكم (4/ 160) ، والضياء في "المختارة" (1/ 188-189) من طريق معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو إسحاق - وهو السبيعي - كان اختلط ، ومعمر ليس ممن روى عنه قبل الاختلاط ، ثم - هو إلى اختلاطه - مدلس ، وقد عنعنه عند جميع من خرجه .
وكذلك رواه أبو حفص الأبار عن منصور عن أبي إسحاق عن عاصم به .
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (7024) .
نعم ؛ إنه قد توبع ؛ فقد أخرجه البزار في "مسنده" (1879) من طريق عبدالحميد بن عبدالعزيز بن أبي رواد : حدثنا ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة به ، دون قوله :
"ويدفع عنه ميتة السوء" . وقال البزار :
"قد روي هذا مرفوعاً من وجوه ، وأعلى من روى ذلك علي ، وقد روي عن علي من طريق آخر ، ولا أحسب ابن جريج سمع هذا من حبيب ، ولا رواه غيره" .
قلت : فلا غناء في هذه المتابعة ، وذلك ؛ لوجوه :
الأول : ما أشار إليه البزار من الانقطاع بين ابن جريج وحبيب ، وليس ذلك لأنه لم يعاصره ؛ فإن بين وفاتيهما نحو ثلاثين سنة فقط ، ويوم مات ابن جريج كان قد جاوز السبعين ، وإنما لأنه كان يدلس ، وهو معروف بذلك .
الثاني : الانقطاع أيضاً بين حبيب بن أبي ثابت وعاصم بن ضمرة ؛ فإنه موصوف بالتدليس أيضاً ، وقد عنعنه ، ولعله لذلك قال أبو داود :
"ليس لحبيب عن عاصم بن ضمرة شيء يصح" .
الثالث : ضعف عبدالمجيد بن عبدالعزيز ؛ مع كونه من رجال مسلم ؛ قال الحافظ :
"صدوق يخطىء ، وكان مرجئاً ، أفرط ابن حبان فقال : متروك" .
الرابع : أنه ليس في هذه المتابعة تلك الزيادة :
".. ميتة السوء" ! وإنما خرجت الحديث هنا من أجلها ، وإلا ؛ فالحديث بدونها صحيح ؛ قد جاء عن جمع من الصحابة ؛ كما أشار إلى ذلك البزار فيما تقدم عنه ، وقد خرجت بعضها في "الصحيحة" (276) ، وفي "صحيح أبي داود" (1486) .
ومما سبق من التحقيق ؛ تعلم ما في قول المنذري من التساهل والإجمال ؛ إذ قال (3/ 223) :
"رواه عبدالله بن أحمد في "زوائده" ، والبزار بإسناد جيد ، والحاكم" !
ومثله قول الهيثمي (8/ 153) - وأقره الأعظمي في تعليقه على "كشف الأستار" - :
"رواه عبدالله بن أحمد ، والبزار ، والطبراني في "الأوسط" ، ورجال البزار رجال "الصحيح" ؛ غير عاصم بن ضمرة ، وهو ثقة" ! وما ذكرته من التساهل والإجمال ظاهر ؛ لأنه لو سلمنا بجودة إسناد البزار وثقة رجاله كلهم ؛ لم يفد ذلك في حديث الترجمة شيئاً ؛ لما ذكرنا أن فيه الزيادة ، وهي ليست عند البزار !
وقد وجدت لها شاهداً ؛ ولكنه مما لا غناء فيه أيضاً ؛ لما فيه من الضعف الشديد ، وهو ما أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1014) من طريق صالح المري عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعاً بلفظ :
"إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بها في العمر ، ويدفع بها ميتة السوء ، ويدفع الله بها المكروه والمحذور" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، وفيه علتان :
الأولى : صالح المري - وهو ابن بشير الزاهد - ضعيف جداً ؛ قال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 372) :
"كان يروي الشيء الذي سمعه من ثابت والحسن على التوهم ، فيجعله عن أنس عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فظهر في روايته الموضوعات التي يرويها عن الأثبات ، فاستحق الترك" .
ولذلك ؛ قال البخاري وغيره :
"منكر الحديث" . وقال النسائي :
"متروك" .
وضعفه الآخرون . وبه أعله الهيثمي ، فقال (8/ 151) :
"رواه أبو يعلى ، وفيه صالح المري ، وهو ضعيف" .
والأخرى : الرقاشي ؛ وهو ضعيف ؛ كما في "التقريب" .
وقد تركه بعضهم ، فهو قريب من صالح المري ، فانظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" .
ولذلك ؛ أشار المنذري في "الترغيب" (3/ 223-224) إلى تضعيف الحديث .
وفي (أن الصدقة تمنع ميتة السوء) طريق أخرى عن الرقاشي ، وأحاديث أخرى شديدة الضعف أيضاً ، وهي مخرجة في "إرواء الغليل" برقم (885) .

(/1)


5373 - ( ما قعد يتيم مع قوم على قصعتهم ؛ فيقرب قصعتهم شيطان ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 623 :
$موضوع$
أخرجه الحارث بن أبي أسامة (ق 108/ 2 - زوائد مسنده) ، و الطبراني في "الأوسط" (7307) عن يزيد بن هارون : حدثنا الحسن بن واصل : حدثني الأسود بن عبدالرحمن العدوي عن هصان بن كاهل عن أبي موسى الأشعري مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لا يروى عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد ، تفرد به يزيد بن هارون" .
ومن هذا الوجه : أخرجه الخطيب البغدادي في "الموضح" (2/ 16) في ترجمة الحسن بن واصل . وقال :
"وهو الحسن بن دينار" .
قلت : وهو متروك ؛ كذبه غير واحد ؛ قال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 232) .
"يحدث الموضوعات عن الأثبات ، ويخالف الثقات في الروايات ، حتى يسبق إلى القلب أنه كان يتعمد لها ، تركه ابن المبارك ووكيع ، وأما أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ؛ فكانا يكذبانه .." ؛ ثم ساق له أحاديث ؛ هذا أحدها ، وقال :
"باطل لا أصل له" .
ولذلك ؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (آخر الصدقات) .
وقعقع حوله السيوطي في "اللآلي" ؛ فلم يصنع شيئاً كغالب عادته ! وقد أقره في "الجامع الكبير" .
وتساهل بعضهم فحسنه ! فقال المنذري (3/ 230) :
"حديث غريب ، رواه الطبراني في "الأوسط" ، والأصبهاني ؛ كلاهما من رواية الحسن بن واصل ، وكان شيخنا أبو الحسن رحمه الله يقول : هو حديث حسن" !
قلت : ولعله أراد (حسن) لغة لا اصطلاحاً .
وقلده الهيثمي ؛ بل زاد عليه ضغثاً على إبالة ؛ فقال (8/ 160) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ؛ وفيه الحسن بن واصل ، وهو الحسن بن دينار ، وهو ضعيف لسوء حفظه ، وهو حديث حسن" !

(/1)


5374 - ( أنا أول من يفتح باب الجنة ؛ إلا أني تأتي امرأة تبادرني ، فأقول لها : ما لك ، ومن أنت ؟! فتقول : أنا امرأة قعدت على أيتام لي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 624 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1569-1570) عن عبدالسلام بن عجلان الهجيمي : أخبرنا أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ؛ غير عبدالسلام هذا ؛ قال الذهبي في "الميزان" :
"قال أبو حاتم : يكتب حديثه . وتوقف غيره في الاحتجاج به" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" ! ولكنه قال :
"يخطىء ويخالف" .
قلت : ومن كان كذلك ؛ فحري أن لا يحتج به ، ولا سيما ولم يوثقه أحد غيره ، فقول المنذري (3/ 231) :
"رواه أبو يعلى ، وإسناده حسن" !
غير حسن .
ومن طريقه عبدالسلام المذكور : أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 71) ؛ لكن وقع فيه : "عن أبي يزيد المدني" مكان : "أخبرنا أبو عثمان النهدي" ! ولعله من سوء حفظ عبدالسلام نفسه . والله أعلم .
وأما قول الهيثمي في "المجمع" (8/ 162) :
"رواه أبو يعلى ، وفيه عبدالسلام بن عجلان ، وثقه أبو حاتم (كذا) ، وابن حبان ، وقال : يخطىء ويخالف . وبقية رجاله ثقات" !!
قلت : فقوله : "وثقه أبو حاتم" خطأ ؛ لأن أبا حاتم إنما قال فيه :
"شيخ يكتب حديثه" .
وهذا ليس يعني أنه ثقة عنده ، بل هو دونه ؛ كما في "درجات رواة الحديث" عنده (1/ 37) ، أي : في المرتبة الثالثة ؛ قال :
"وإذا قيل : "شيخ" ؛ فهو بالمنزلة الثالثة ، يكتب حديثه وينظر فيه ؛ إلا أنه دون الثانية" .
ولذلك ؛ قال الذهبي في "الميزان" (2/ 385) :
"قوله : "هو شيخ" ؛ ليس هو عبارة جرح ، ولكنها أيضاً ما هي عبارة توثيق ، وبالاستقراء يلوح لك أنه ليس بحجة . ومن ذلك قوله : "يكتب حديثه" ؛ أي : ليس هو بحجة" .
ولذلك ؛ رأيت الحافظ لما ترجم في "التهذيب" لـ (العباس بن الفضل المدني) بسماع أبي حاتم منه وقوله : "شيخ" ، وبذكر ابن حبان إياه في "الثقات" [8/ 511] ؛ لم يوثقه في "التقريب" ، بل قال فيه :
"مقبول" . فخذها فائدة قد لا تراها في مكان آخر .
وإن مما يدل على ضعف عبدالسلام هذا ، وأنه لا يحتج به : اضطرابه في إسناده ومتنه :
أما الإسناد ؛ فقد جعل (أبا يزيد المدني) مكان (أبي عثمان النهدي) عند الخرائطي ، كما تقدم .
وأما المتن ؛ فلفظه عنده :
"حرم الله على كل آدمي الجنة يدخلها قبلي ؛ غير أني أنظر عن يميني ؛ فإذا امرأة تبادرني إلى باب الجنة ، فأقول : ما لهذه تبادرني ؟ فيقال لي : يا محمد ! هذه امرأة كانت حسناء جملاء ، وكان عليها يتامى لها ، فصبرت عليهن حتى بلغ أمرهن الذي بلغ ، فشكر الله لها ذلك" . (2/ 646 - "المكارم" - الطبعة الجديدة) .
إذا عرفت هذا ؛ فمن الخطأ - الناشىء من قلة التحقيق - قول المعلق على "مسند أبي يعلى" (12/ 7) :
"إسناده جيد" !
لا سيما وقد نقل عن البوصيري أنه ضعف إسناده بـ (عبدالسلام) هذا في "إتحاف الخيرة" (2/ 139) !
وما نقله من توثيق ابن شاهين إياه ؛ ففيه نظر ؛ لمخالفته لقول أبي حاتم ، ونسبة ابن حبان - على تساهله - إياه إلى الخطأ والمخالفة .
يضاف إلى ذلك أننا قد لمسنا في توثيقات ابن شاهين من التساهل ما عرف به غيره ، وإذا رجعت إلى ترجمته في "التذكرة" و "السير" ؛ رأيت فيه كلاماً كم حيث معرفته بالرجال ، فراجع لكي تتحقق مما نقول ، ولا تكن ممن يعرف الحق بالرجال !

(/1)


5375 - ( إن الله تعالى يقول : يا عبادي ! كلكم مذنب إلا من عافيت ؛ فاستغفروني أغفر لكم ، وكلكم فقير إلا من أغنيت ، إني جواد ماجد واجد ؛ أفعل ما أشاء ، عطائي كلام ، وعذابي كلام ؛ إذا أردت شيئاً فإنما أقول له : كن فيكون ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 627 :
$ضعيف$
أخرجه أحمد (5/ 177) من طريق شهر عن عبدالرحمن بن غنم عن أبي ذر رضي الله عنه مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لسوء حفظ شهر - وهو ابن حوشب - ، وقال في "التقريب" :
"صدوق ، كثير الإرسال والأوهام" .
وقد كان الداعي إلى تخريجه : أنني سافرت سفرة اضطرارية إلى الإمارات العربية ، فكنت في دعوة غداء عند بعض المحبين في الله في (أبو ظبي) يوم الجمعة 9 محرم سنة 1402 هـ ، وفي المجلس شاب يماني سلفي يدعى بـ (عبدالماجد) ، فسأل أحد الحاضرين : هل (الماجد) من أسماء الله تعالى ؟ فقلت : لا أعلمه إلا في رواية الترمذي للحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة :
"إن لله تسعة وتسعين اسماً ، مئة إلا واحداً ، من أحصاها دخل الجنة" ، فزاد الترمذي فيه سرد الأسماء ، وفيها هذا الاسم (الماجد) ! لكن العلماء ضعفوا هذه الزيادة ، وهي في "المشكاة" (2288) ، مع بيان ضعفها .
فذكر أحد الحاضرين أنه رأى هذا الاسم في حديث آخر في "مختصر تفسير ابن كثير" للشيخ الصابوني ، فطلبته ، فرأيته قد ساقه محذوف السند كعادته ، غير مشير إلى ضعفه ؛ لأنه من الجمهور الذي لا علم عنده بالصناعة هذه ؛ بل هو يستكثر بما ليس عنده ؛ فإن الحديث يكون في الأصل "تفسير ابن كثير" مخرجاً معزواً لبعض أصحاب الحديث المؤلفين ، فيختصر التخريج من "مختصره" ، ويجعله في أسفل حاشيته ، يوهم القراء أن التخريج له ، وليس له منه إلا التزوير ، كما يشير إلى ذلك قوله صلي الله عليه وسلم :
"من تشبع بما لم يعط ؛ فهو كلابس ثوبي زور" .
ولو أنه فعل ذلك مرة أو مرتين لما تعرضنا له بذكر ، ولكنه جعل ذلك ديدنة ومنهاجاً ؛ فإنه جعل كل التخريجات التي في الأصل في حاشية "مختصره" ! والله تعالى هو المستعان .
ثم إن الحديث في "المسند" بأتم مما ذكر أعلاه تبعاً للمختصر . وأصله في "صحيح مسلم" من طريق أخرى عن أبي ذر بلفظ :
"قال الله تعالى : يا عبادي ! إني حرمت الظلم على نفسي ..." الحديث بطوله ، وليس فيه مما في حديث الترجمة إلا الاستغفار .
أخرجه مسلم (8/ 17) . وهو رواية أحمد (5/ 160) .

(/1)


5376 - ( لو أن الجن والإنس والشياطين والملائكة منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفاً واحداً ما أحاطوا بالله أبداً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 629 :
$ضعيف$
رواه ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة : حدثنا منجاب بن الحارث : أنبأنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلي الله عليه وسلم : في قوله تعالى : (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) ؛ قال : ... فذكره .
كذا في "مجموع الفتاوى" (16/ 438-439) ؛ وسكت عن إسناده .
وهو ظاهر الوهن ؛ لضعف عطية وبشر بن عمارة . بل قال ابن تيمية :
"له شواهد ، مثل ما في "الصحاح" في تفسير قوله تعالى : (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه) ؛ قال ابن عباس :
ما السماوات السبع ومن فيهن في يد الرحمن ؛ إلا كخردلة في يد أحدكم .
ومعلوم أن العرش لا يبلغ هذا ؛ فإن له حملة وله حول ، قال تعالى : (الذين يحملون العرش ومن حوله)" !

(/1)


5377 - ( إن أول هذه الأمة خيارهم ، وآخرهم شرارهم ؛ مختلفين متفرقين ، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ؛ فليأته منيته وهو يأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 630 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (10517) : حدثنا عبدان ابن أحمد : حدثنا خليفة بن خياط وماهر بن نوح قالا : حدثنا المفضل بن معروف : حدثنا عون بن أبي راشد عن عبدالرحمن بن عبد رب الكعبة عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات معروفون ؛ غير المفضل هذا ، فقال الهيثمي في "المجمع" (8/ 184) :
".. ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات" !
قلت : وحق له أن لا يعرفه ؛ فإنه محرف من (الفضل) ؛ فإنه هكذا على الصواب أورده المزي في الرواة عن عون بن أبي راشد من "التهذيب" ، وكذلك السمعاني في نسبة (القطعي) : بضم القاف وفتح الطاء وكسر العين المهملتين ، وقال :
"يروي عن بشر بن حرب الندبي" . وقد أورده العقيلي في "الضعفاء" ، وقال :
"كان قليل الضبط ، يخالف في حديثه" ؛ ثم ساق له هذا الحديث .
ثم ساقه من رواية زيد بن وهب ومن رواية الشعبي ؛ كلاهما عن عبدالرحمن عن عبدالله بن عمرو . ثم قال :
"هذه الرواية أولى" . قال الحافظ في "اللسان" :
"والحديث من طريق الأعمش عن زيد : في "مسلم" بطوله ، وعند (د،س) ، وطريق الشعبي أيضاً عند مسلم" !
قلت : هو عنده في أول "الإمارة" ، وليس فيه الشطر الأول من المتن ، وقال : "فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ؛ فلتأته منيته وهو يؤمن بالله ..." ، الحديث نحوه . وهو مخرج في الكتاب الآخر : "الصحيحة" (241) .
وجملة القول : أن الطرف الأول من الحديث منكر ؛ لمخالفة الفضل بن معروف في لفظه لرواية زيد بن وهب والشعبي عن عبدالرحمن بن عبد رب الكعبة : إسناداً ومتناً . والله أعلم .

(/1)


5378 - ( كان يقول - بعد التكبير وبعد أن يقول : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً - : اللهم! لك الحمد ، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، أنت الحق ... ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 631 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (10993) عن جنادة بن سلم عن عبيدالله بن عمر عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علته جنادة هذا ؛ ضعفه أبو زرعة . وقال أبو حاتم :
"ما أقربه أن يترك ؛ عمد إلى أحاديث موسى بن عقبة ؛ فحدث بها عن عبيدالله بن عمر" .
وأما ابن حبان ؛ فوثقه ! فلا يلتفت إليه . ولذلك ؛ قال الذهبي في "الكاشف" :
"ضعف" .
وإن مما يدل على ضعفه : أن الحديث رواه مالك عن أبي الزبير به دون ذكر دعاء التوجه في أوله .
ومن طريق مالك : أخرجه مسلم (2/ 184) .
وتابعه سليمان الأحول ، وقيس بن سعد : عند مسلم ، والطبراني (10987،11012) وغيرهما .
وكذلك هو في "صحيح البخاري" (رقم 582 - مختصره) .
ولم يتنبه للفرق بين رواية جنادة - هذه الضعيفة - ورواية الشيخين وغيرها - المخالفة لها - : صاحبنا الشيخ حمدي السلفي ، فلم يعلق عليها بشيء يبين ضعفها ، بل إنه أوهم صحتها بإحالته بها على رواية الشيخين المتقدمة ! ولذلك ؛ رأينا بيان ذلك .

(/1)


5379 - ( كان [صلي الله عليه وسلم] إذا استفتح الصلاة قال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً ، وما أنا من المشركين .
سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك .
إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له ، وبذلك أمرت ، وأنا من المسلمين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 632 :
$ضعيف$
أخرجه أبو محمد الجوهري في "مجلسان من الأمالي" (ق 68/ 2) ، والطبراني في "المعجم الكبير" رقم (13324) عن عبدالله بن عامر الأسلمي عن محمد بن المنكدر عن عبدالله بن عمر قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علته الأسلمي هذا ؛ ضعفه أحمد وجماعة . وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (2/ 107) ، وقال :
"هو ضعيف" .
وكذا قال الحافظ في "التقريب" .
وساق له الذهبي هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه .

(/1)


5380 - ( قرأ رسول الله صلي الله عليه وسلم : (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق . خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك) ؛ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار ، فيدخلهم الجنة ؛ فعل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 633 :
$موضوع$
قال ابن القيم في "حادي الأرواح" (2/ 179) :
"وقال ابن مردويه في "تفسيره" : حدثنا سليمان بن أحمد : حدثنا جبير ابن عرفة : حدثنا يزيد بن مروان الخلال : حدثنا أبو خليد : حدثنا سفيان - يعني : الثوري - عن عمرو بن دينار عن جابر قال : ... فذكره" .
وسكت عنه ، وتبعه الصنعاني في "رفع الأستار" (ص 85) ، ولكنه لم يسق إسناده ؛ فما أحسن !
ولذلك ؛ رأيت أنه لا بد من أن أكشف عن حاله ؛ فأقول :
إن إسناده هالك ، والمتهم به الخلال هذا ؛ فقد أورده الذهبي في "الميزان" ، وقال :
"قال يحيى بن معين : كذاب . وقال عثمان الدارمي : قد أدركته ، وهو ضعيف قريب مما قال يحيى" .
وشيخه أبو خليد : اسمه عتبة بن حماد الدمشقي ، وهو صدوق ؛ كما في "التقريب" .
وأما شيخ الطبراني سليمان بن أحمد : جبير بن عرفة ؛ فلم أجد له ترجمة الآن .

(/1)


5381 - ( إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي ثم ماتوا عليها ، وهو في الباب الأول من جهنم ، لا تسود وجوههم ولا تزرق عيونهم ، ولا يغلون بالأغلال ، ولا يقرنون مع الشياطين ، ولا يضربون بالمقامع ، ولا يطرحون في الأدراك ، منهم من يمكث فيها ساعة ثم يخرج ، ومنهم من يمكث فيها يوماً ثم يخرج ، ومنهم من يمكث فيها شهراً ثم يخرج ، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج ، وأطولهم مكثاً فيها : مثل الدنيا منذ يوم خلقت إلى يوم أفنيت ، وذلك سبعة آلاف سنة ... وذكر بقية الحديث ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 634 :
$موضوع$
أورده السيوطي في أول رسالة : "الكشف عن مجازة هذه الأمة الألف" ، فقال :
قال الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" : حدثنا صالح بن أحمد بن أبي محمد : حدثنا يعلى (كذا) ابن هلال عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وسكت عنه السيوطي ، وتبعه العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في رسالته القيمة : "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار" (ص 6 مخطوطة المكتب الإسلامي) ؛ وأنا في صدد تحقيقها إن شاء الله تعالى ، ولذلك ؛ وجدتني مندفعاً إلى تحقيق القول فيه ، وشكر الله للحافظ السيوطي حيث ساق إسناده من "النوادر" الذي لا نعرف له وجوداً في عالم المخطوطات ؛ بله المطبوعات ، وإذا كان ذلك يبرر له أن يسكت عنه - كما جرى عليه عرف المحدثين - ؛ فما عذر العلامة الصنعاني في السكوت عليه ، وفيه ما يأتي بيانه ؟!
أول ما يبدو لنا من الضعف في هذا الإسناد ؛ إنما هو في شخص ليث - وهو ابن أبي سليم الحمصي الكوفي - ، وهو معروف بالضعف عند جماهير العلماء قديماً وحديثاً ، فمثله لا يخفى حاله على الإمام الصنعاني ! فالظاهر أنه لم يقف على إسناده ؛ لكن كا عليه أن يشعر القارىء بذلك ؛ كما هو منصوص عليه في علم المصطلح ، لكي لا يغتر أحد بسكوته عليه .
لكن قد بدا لي - بعد إمعان النظر في هذا الإسناد والمتن - أنه موضوع من الناحيتين :
أما الإسناد ؛ فلأنه لا يوجد في الرواة من اسمه يعلى بن هلال ، وتذكرت أن فيهم المعلى بن هلال ، وفيه كلام ، فرجعت إلى "الميزان" للذهبي ، فوجدته قد نقل تكذيبه عن غير واحد من الأئمة ، وساق له أحاديث تدل على حاله ؛ منها حديث :
"التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء" ، يرويه المعلى بن هلال عن ليث عن مجاهد ، وقد كنت خرجته فيما تقدم (916) ، فتيقنت أنه هو صاحب هذا الحديث ، وأن اسمه تحرف إلى (يعلى) على السيوطي أو غيره .
وأما المتن ؛ فلقوله فيه : "لا تسود وجوههم" ؛ فإنه مخالف للأحاديث الصحيحة التي فيها : "أن الله يقول لملائكته : أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ؛ فيخرجون منها قد اسودوا ..." الحديث .
أخرجه الشيخان ، وابن أبي عاصم في "السنة" (842 - بتحقيقي) ، وابن حبان (2599) بنحوه .

(/1)


5382 - ( الحقب الواحد : ثلاثون ألف سنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 636 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7957) من طريق جعفر ابن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (لا بثين فيها أحقاباً) : "الحقب ..." .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته جعفر هذا ؛ فإنه متهم بالوضع ، وقال الحافظ في "التقريب" :
"متروك الحديث" .
قلت : وقد سبق له بعض الموضوعات كالحديث (345،607) .
وبه أعل هذا الحديث الهيثمي في "المجمع" (7/ 133) ؛ لكنه سهل القول فيه ، فقال :
"هو ضعيف" !
وهو متردد الرأي فيه ؛ فتارة يقتصر على تضعيفه ، وتارة يكذبه ، وتارة يتركه .
والحديث ؛ أورده ابن كثير في تفسير الآية المذكورة ؛ من رواية ابن أبي حاتم من الوجه المذكور ؛ لكن بلفظ :
"ألف ألف سنة" !
كذا وقع فيه "ألف ألف" مكررة ، فلا أدري أهكذا رواية ابن أبي حاتم ، أم هو خطأ من الناسخ أو الطابع لابن كثير ، فليراجع له "الدر المنثور" للترجيح . ثم قال ابن كثير :
"وهذا حديث منكر جداً ، والقاسم والراوي عنه جعفر بن الزبير كلاهما متروك" .
كذا قال ! ولا دخل للقاسم في هذا الحديث ؛ فإن المعتمد فيه أنه حسن الحديث إذا كان الراوي عنه ثقة .
(تنبيه) : كان الداعي إلى تخريج هذا الحديث : أنني لما أقمت مضطراً في بيروت أواخر سنة 1401 منفياً من عمان إلى دمشق بتاريخ 19 شوال من السنة المذكورة ؛ قضيت وقت غربتي في تحقيق كتاب "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار" للعلامة الصنعاني ؛ فرأيت فيه هذا الحديث منقولاً عن "حادي الأرواح" لابن القيم (2/ 216) بلفظ :
"الحقب : خمسون ألف سنة" ! وقال الصنعاني مفسراً :
"و (الأحقاب) جمع ، وأقله ثلاثة ، يعني : مئة ألف سنة وخمسين ألف سنة" .
فتبينت منه أن الذي في "الحادي" المطبوع ليس خطأ من الطابع ؛ وإنما هو من ابن القيم نفسه ، أو من نسخته التي نقل عنها من "المعجم" ؛ بدليل نقل الصنعاني عنه وتفسيره إياه !
هذا من جهة .
ومن جهة أخرى ؛ لما رأيت الإمامين ابن القيم والصنعاني سكتا عن الحديث ، وكان لا بد من التعليق عليه لبيان مرتبته من الثبوت ؛ فكان هذا التخريج الذي يدلك على تساهل أفاضل العلماء في هذا المجال - فضلاً عمن دونهم فضلاً وعلماً - ! والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
وروى الحاكم (2/ 512) عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود في قوله تعالى : (لابثين فيها أحقاباً) قال :
الحقب : ثمانون سنة . وقال :
"صحيح الإسناد" ! ووافقه الذهبي ! وأقره السيوطي في "الدر" (6/ 307) ! وأقول : أبو بلج : هذا اسمه يحيى بن سليم ؛ قال الحافظ :
"صدوق ربما أخطأ" .
فمثله حسن الحديث .
لكن قد سقط من "المستدرك" ما دونه من المسند ، فلا أدري ما حاله ؟
وروى البزار (4/ 186/ 3503) عن سليمان بن مسلم قال : سألت سليمان التيمي : هل يخرج من النار أحد ؟ فقال : حدثني نافع عن ابن عمر مرفوعاً :
"والله ! لا يخرج من النار أحد ؛ حتى يمكث فيها أحقاباً" . قال :
والحقب : بضع وثمانون سنة ، كل سنة ثلاث مئة وستون يوماً مما تعدون .
وذكره الهيثمي في "المجمع" (10/ 395) ، وقال :
"وفيه سليمان بن مسلم الخشاب ، وهو ضعيف جداً" .
وسكت عنه ابن كثير في "التفسير" ؛ فإن سليمان هذا ؛ قال ابن حبان :
"لا تحل الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار" ؛ كما في "الميزان" للحافظ الذهبي ، وساق له حديثين - هذا أحدهما - ، ثم قال :
"قلت : وهما موضوعان في نقدي" .
وأقره الحافظ العسقلاني في "اللسان" ، ونقل عن ابن عدي أنه قال فيهما :
"هما منكران جداً" .
ثم رأيت لحديث ابن مسعود شاهداً من رواية الحجاج بن نصير : حدثنا همام عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة به .
أخرجه البزار (3/ 2278) ، وقال :
"لا نعلم أحداً رفعه إلا الحجاج ، وغيره يوقفه" .
قلت : وهو ضعيف كان يقبل التلقين ؛ كما قال الحافظ في "التقريب" .
وبه أعله الهيثمي ؛ لكنه قال (3/ 78) :
"وثقه ابن حبان ، وقال : يخطىء ويهم . وضعفه جماعة ، وبقية رجاله ثقات" .
قلت : فيبدو لي - والله أعلم - أن الحديث بهذا اللفظ المختصر حسن بمجموع الطريقين . والله أعلم .

(/1)


5383 - ( إن آخر رجل يدخل الجنة : رجل يتقلب على الصراط ظهراً لبطن ؛ كالغلام يضربه أبوه وهو يفر منه ، يعجز عنه عمله أن يسعى ، فيقول : يا رب ! بلغ بي الجنة ونجني من النار ، فيوحي الله تعالى إليه : عبدي ! إن أنا نجيتك من النار وأدخلتك الجنة ؛ أتعترف لي بذنوبك وخطاياك ؟ فيقول العبد : نعم يا رب ! وعزتك وجلالك ! لئن نجيتني من النار ؛ لأعترفن لك بذنوبي وخطاياي . فيجوز الجسر ، ويقول العبد فيما بينه وبين نفسه : لئن اعترفت له بذنوبي وخطاياي ليردني إلى النار ، فيوحي الله إليه : عبدي ! اعترف لي بذنوبك وخطاياك أغفرها لك ، فيوحي الله إليه : عبدي ! اعترف لي بذنوبك وخطاياك أغفرها لك ، وأدخلك الجنة ! فيقول العبد : لا وعزتك ! ما أذنبت ذنباً قط ، ولا أخطأت خطيئة قط ، فيوحي الله إليه : عبدي ! إن لي عليك بينة ، فيلتفت العبد يميناً وشمالاً ، فلا يرى أحداً ، فيقول : يا رب ! أرني بينتك ! فيستنطق الله جلده بالمحقرات ، فإذا رأى ذلك العبد ؛ يقول : يا رب ! عندي - وعزتك ! - العظائم المضمرات ! فيوحي الله عز وجل إليه : عبدي ! أنا أعرف بها منك ، اعترف لي بها أغفرها لك ، وأدخلك الجنة ! ثم ضحك رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ،
يقول : هذا أدنى أهل الجنة منزلة ؛ فكيف بالذي فوقه ؟! ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 640 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7669) من طريق أبي فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي : حدثني أبي عن أبيه : حدثني أبو يحيى الكلاعي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ مسلسل بالعلل ؛ يزيد بن سنان الرهاوي وابنه محمد ؛ ضعيفان .
وأما أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد ؛ فقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ؛ ولم يزد فيه على قوله :
"كتب إلى أبي وإلي" !
فالظاهر أنه مجهول .
والحديث ؛ سكت عنه ابن القيم في "حادي الأرواح" (2/ 218-219) ! وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 402) :
"رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفهم ، وضعفاء فيهم توثيق لين" .

(/1)


5384 - ( لما مرض رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ جاءه جبريل عليه السلام فقال : يا محمد ! أرسلني الله عز وجل إليك ؛ تكريماً لك ، وتشريفاً لك ، وخاصة لك ، أسألك عما هو أعلم به منك : يقول : كيف تجدك ؟ قال : أجدني - يا جبريل - مغموماً ، وأجدني - يا جبريل - ؛ مكروباً . ثم جاءه اليوم الثاني ، فقال ذلك له ، فرد عليه النبي صلي الله عليه وسلم كما رد عليه أول يوم . ثم جاءه اليوم الثالث ، فقال له كما قال أول يوم ، ورد عليه كما رد . وجاء معه ملك يقال له : إسماعيل على مئة ألف ملك ، كل ملك منهم على مئة ألف ملك ؛ فاستأذن فسأل عنه ؛ ثم قال جبريل : هذا ملك الموت ؛ يستأذن عليك ، ما استأذن على آدمي قبلك ولا يستأذن على آدمي بعدك . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ائذن له . فأذن له ، فسلم عليه ، ثم قال : يا محمد ! إن الله عز وجل أرسلني إليك ، فإن أمرتني أن أقبض روحك قبضته ، وإن أمرتني أن أتركه تركته . قال : أو تفعل يا ملك الموت ؟! قال : نعم ؛ بذلك أمرت ، وأمرت أن أطيعك ! قال : فنظر النبي صلي الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام ، فقال جبريل : يا محمد ! إن الله عز وجل اشتاق إلى لقائك . فقال النبي صلي الله عليه وسلم لملك الموت :
امض لما أمرت به . فقبض روحه . فلما توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم وجاءت التعزية ؛ سمعوا صوتاً من ناحية البيت : سلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ! إن في الله عزاءً من كل مصيبة ؛ وخلفاً من كل هالك ، ودركاً من كل ما فات ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا : فإنما المصاب من حرم الثواب ! فقال علي عليه السلام : أتدرون من هذا ؟ هذا الخضر عليه السلام ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 642 :
$موضوع$
أخرجه الإمام الشافعي في "السنن" عن القاسم بن عبدالله بن عمر بن حفص عن جعفر بن محمد عن أبي أن رجالاً من قريش دخلوا على أبيه علي بن الحسين فقال : ألا أحدثكم عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ قالوا : بلى ، فحدثنا عن أبي القاسم صلي الله عليه وسلم . قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً على إرساله ، آفته : القاسم هذا - وهو العمري المدني - ؛ قال الإمام أحمد :
"ليس بشيء ، كان يكذب ويضع الحديث" .
وكذبه ابن معين أيضاً . ولهذا ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ، رماه أحمد بالكذب" .
قلت : وقد تابعه من هو مثله ، ولعل أحدهما سرقه من الآخر ؛ فأخرجه الطبراني في "الكبير" (2890) من طريق عبدالجبار بن العلاء : حدثنا عبدالله ابن ميمون القداح : حدثنا جعفر بن محمد به ؛ إلا أنه أسنده فقال : عن أبيه عن علي بن حسين قال : سمعت أبي يقول : ... فذكره .
قلت : والقداح هذا ؛ قال أبو حاتم :
"متروك" . وقال البخاري :
"ذاهب الحديث . وقال ابن حبان :
"لا يجوز أن يحتج به" . وفي "التقريب" :
"منكر الحديث ، متروك" .
وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (9/ 35) .
ثم سرقه منهما كذاب آخر وغاير في الإسناد ؛ إلا وهو أبو الوليد المخزومي ؛ فقال : حدثنا أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال : ... فذكره مختصراً بلفظ :
عزتهم الملائكة ؛ يسمعون الحس ولا يرون الشخص ، فقالت : ... فذكره .
أخرجه الحاكم (3/ 57) ، وقال :
"صحيح الإسناد" ! ووافقه الذهبي !!
وهذا من أوهامهما الفاحشة ! ومن الظاهر أنهما لم يعرفا أبا الوليد المخزومي هذا ، وقد أورده الذهبي في كنى "الميزان" ، وقال :
"هو خالد بن إسماعيل ؛ الكذاب" .
ثم ترجمه هناك في الأسماء ، فقال :
"قال ابن عدي : كان يضع الحديث على الثقات . وقال الدارقطني : متروك . وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال" .
ثم رواه أحد المتروكين بسند آخر - وهو عباد بن عبدالصمد - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
لما قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ أحدق به أصحابه ، فبكوا حوله واجتمعوا ، فدخل رجل أصهب اللحية ؛ جسيم صبيح فتخطى رقابهم فبكى ، ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال :
إن في الله عزاءً من كل مصيبة ... الحديث ، فقال بعضهم لبعض : تعرفون الرجل ؟ فقال أبو بكر وعلي : نعم ؛ هذا أخو رسول الله صلي الله عليه وسلم : الخضر عليه السلام .
أخرجه الحاكم (3/ 58) ؛ وقال :
"هذا شاهد لما تقدم ، وإن كان عباد بن عبدالصمد ليس من شرط هذا الكتاب" ! ووافقه الذهبي !
وأقول : لا يستشهد به أيضاً لشدة ضعفه ؛ أورده الذهبي نفسه في "الميزان" ، وقال :
"بصري واه . قال البخاري : منكر الحديث . ووهاه ابن حبان وقال : له عن أنس نسخة أكثرها موضوعة . وقال أبو حاتم : ضعيف جداً" ، ثم ساق له أحاديث قال في أحدها :
"يشبه وضع القصاص" . وقال في آخر :
"وهذا إفك بين" .

(/1)


وإذا عرفت هذا الحديث وشدة ضعفها ؛ فمن الغريب اعتماد شيخ الإسلام ابن تيمية على الطريق الأولى في ميله في فتوى له إلى القول بحياة الخضر في حياته صلي الله عليه وسلم ! فقد سئل عنها في استفتاء له ، فأجاب بقوله :
"وأما حياته ؛ فهو حي ، والحديث المذكور : "لو كان حياً لزارني" ؛ لا أصل له ، ولا يعرف له إسناد ، بل المروي في "مسند الشافعي" وغيره : أنه اجتمع بالنبي صلي الله عليه وسلم ، ومن قال : إنه لم يجتمع بالنبي صلي الله عليه وسلم ؛ فقد قال ما لا علم له به ؛ فإنه من العلم الذي لا يحاط به ..." !!
قلت : وهذه الفتوى كأنها كانت منه قبل أن يتمكن من العلم الصحيح ؛ فإن أكثر فتاوته على خلافها ، وأن الخضر مات ، وأنه لو أدرك النبي صلي الله عليه وسلم لوجب عليه أن يأتيه وينصره ، كما بينت ذلك من كلامه في مقدمتي لكتاب "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار" للإمام الصنعاني ، وهو تحت الطبع .
وقوله : "إنه اجتمع بالنبي صلي الله عليه وسلم" ! كأنه يعني : بعد وفاته معزياً به . وهذا هو الذي رواه الشافعي وغيره كما رأيت . وسكوته عن إسناده - بل واحتجاجه به على حياته ، ورده على من قال بوفاته ونسبته إلى القول بغير علم - من شطط القول ، لا سيما وهو ممن يشمله رده !!

(/2)


5385 - ( إنه يسمع الآن خفق نعالكم ؛ أتاه منكر ونكير ، أعينهما مثل قدور النحاس ، وأنيابهما مثل صياصي البقر ، وأصواتهما مثل الرعد ، فليجلسانه ، فيسألانه : ما كان يعبد ؟ ومن كان نبيه ؟ فإن كان ممن يعبد الله ؛ قال : كنت أعبد الله ، ونبيي محمد صلي الله عليه وسلم ؛ جاء بالبينات ، فآمنا به واتبعناه ، فذلك قول الله : (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، فيقال له : على اليقين حييت ، وعليه مت ، وعليه تبعث ، ثم يفتح له باب إلى الجة ، ويوسع له في حفرته .
وإن كان من أهل الشك ؛ قال : لا أدري ! سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ، فيقال له : على الشك حييت ، وعليه مت ، وعليه تبعث ، ثم يفتح له باب إلى النار ، ويسلط عليه عقارب وتنانين ، لو نفخ أحدهم في الدنيا ما أنبتت شيئاً ؛ تنهشه ، وتؤمر الأرض فتضم ؛ حتى تختلف أضلاعه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 646 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4766) من طريق ابن لهيعة عن موسى بن جبير الحذاء أنه سمع أبا أمامة بن سهل بن حنيف ومحمد بن عبدالرحمن بن ثوبان يحدثان عن أبي هريرة قال :
شهدنا جنازة مع نبي الله صلي الله عليه وسلم ، فلما فرغ من دفنها وانصرف الناس ؛ قال نبي الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره ، وقال :
"لم يروه إلا موسى بن جبير ، تفرد به ابن لهيعة" .
قلت : وهو ضعيف لسوء حفظه . وقال المنذري في "الترغيب" (4/ 187) :
"ابن لهيعة حديثه حسن في المتابعات ، وأما ما تفرد به ؛ فقليل من يحتج به" .
قلت : وشيخه موسى بن جبير الحذاء ؛ لم يوثقه أحد غير ابن حبان ، ومع ذلك فقد قال فيه :
"كان يخطىء ويخالف" . ولهذا ؛ قال ابن القطان :
"لا يعرف حاله" . وأشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب" :
"مقبول" . يعني : عند المتابعة ، وإلا ؛ فهو ضعيف لين الحديث . وهو في هذا الحديث قد جاء بأمور تفرد بها دون الثقات ؛ كذكر العقارب والتنين ... إلخ . فالحديث بهذه الزيادة منكر . والله أعلم .

(/1)


5386 - ( يا أبا رزين ! إن مسلم إذا زار أخاه المسلم ؛ شيعه سبعون ألف ملك ؛ يصلون عليه ، يقولون : اللهم ! كما وصله فيك ؛ فصله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 647 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 8485) من طريق عمرو بن الحصين : أخبرنا محمد بن عبدالله بن علاثة : أخبرنا عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن مالك بن يخامر عن لقيط بن عامر أبي رزين العقيلي قال : ... فذكره مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن عطاء الخراساني إلا ابنه عثمان ، ولا عن عثمان إلا ابن علاثة ، تفرد به عمرو بن الحصين" .
قلت : وهو متروك متهم ؛ كما تقدم مراراً .
وبه أعله الهيثمي ، فقال في "المجمع" (8/ 173) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه عمرو بن الحصين ، وهو متروك" .
قلت : وابن علاثة صدوق يخطىء .
وعثمان بن عطاء الخراساني ضعيف .
وأبو عطاء - وهو ابن أبي مسلم الخراساني - صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس ؛ كما في "التقريب" .

(/1)


5387 - ( إن في الجنة غرفاً ، يرى ظواهرها من بواطنها ، وبواطنها من ظواهرها ، أعدها الله للمتحابين فيه ، والمتزاورين فيه ؛ والمتباذلين فيه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 648 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 3049) من طريق إسماعيل بن سيف قال : أخبرنا عوين بن عمرو القيسي - أخو رباح بن عمرو - قال : أخبرنا سعيد الجريري عن عبدالله بن بريدة عن أبيه مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن سعيد إلا عوين ، تفرد به إسماعيل" .
قلت : ضعفه البزار . وقال ابن عدي :
"كان يسرق الحديث ، روى عن الثقات أحاديث غير محفوظة" .
وأما ابن حبان ؛ فأورده في "الثقات" ، وقال :
"مستقيم الحديث إذا حدث عن ثقة" !
قلت : وشيخه عوين - ويقال : عون - ليس بثقة ؛قال ابن معين :
"لا شيء" . وقال البخاري :
"منكر الحديث ، مجهول" . وقال العقيلي في "الضعفاء" :
"لا يتابع على حديثه" .
والحديث ؛ أشار المنذري إلى تضعيفه (3/ 240) ! وهو قصور .
ومثله - بل وأولى منه بالتقصير - قول الهيثمي (10/ 278) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه إسماعيل بن سيف ، وهو ضعيف" !
قلت : شيخه أسوأ حالاً منه كما رأيت ، فتضعيفه به أولى .
وقد صح الحديث في : "من أطعم الطعام ، وأفشى السلام ، وصلى بالليل والناس نيام" ، ورد من حديث ابن عمرو ، وأبي مالك الأشعري ، فانظرهما - إن شئت - في "صحيح الترغيب" .
وفي فضل المتحابين في الله وسائر المذكورين في الحديث أحاديث كثيرة ؛ عن معاذ بن جبل ، وعبادة بن الصامت ، وعمرو بن عبسة ، وأبي هريرة ، وغيرهم ، وهي مخرجة في "التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب" (4/ 46-48) .

(/1)


5388 - ( من زار أخاه المؤمن ؛ خاض في رياض الجنة حتى يرجع ، ومن عاد أخاه المؤمن ؛ خاض في رياض الجنة حتى يرجع ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 649 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (7389) عن عبدالأعلى ابن أبي المساور : حدثنا عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال :
أتينا صفوان بن عسال فقال : أزائرين ؟ قلنا : نعم . فقال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته ابن أبي المساور ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ، كذبه ابن معين" .
وأما الهيثمي ؛ فألان القول فيه ، فقال (2/ 298) :
"ضعيف" !
وكأنه تبع في ذلك المنذري الذي أشار (3/ 240) إلى تضعيف الحديث فقط !

(/1)


5389 - ( نعم الإدام الخل ، هلاكاً بالقوم أن يحتقروا ما قدم إليهم ، وهلاك بالرجل أن يحتقر ما في بيته أن يقدمه إلى أصحابه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 650 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم : 5198) ، (6/ 30/ 5062 - ط) : حدثنا محمد بن النضر الأزدي قال : أخبرنا يزيد بن عبدالرحمن المعني : قال : حدثنا عبدالرحمن بن محمد المحاربي عن عبدالواحد بن أيمن عن أبيه قال :
نزل بجابر بن عبدالله ضيف له ، فجاءهم بخبز وخل ، فقال : كلوا ؛ فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . وقال :
"لم يروه عن عبدالواحد بن أيمن إلا المحاربي" .
قلت : قال الحافظ في "التقريب" :
"لا بأس به ، وكان يدلس" .
قلت : وقد عنعنه كما ترى ، فلولا ذلك ؛ لكان الإسناد جيداً ؛ فإن رجاله كلهم ثقات معروفون ؛ غير يزيد بن عبدالرحمن المعني ، فقال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 278) :
"سمع منه أبي وروى عنه ، وقال : صدوق" .
ولعل المنذري أشار إلى هذا الإسناد بقوله في "الترغيب" (3/ 244) :
"رواه أحمد ، والطبراني ، وأبو يعلى ... وبعض أسانيدهم حسن" .
ذلك ؛ أن إسناد أحمد لا يحتمل التحسين عندي ؛ فإنه قال : حدثنا أسباط ابن محمد : حدثنا عبيدالله بن الوليد الوصافي عن عبدالله بن عبيد بن عمير قال :
دخل على جابر نفر من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ؛ فقدم إليهم خبزاً وخلاً ، وقال : كلوا ... إلخ .
ومن هذا الوجه رواه البيهقي (7/ 279) .
فإن الوصافي هذا ضعيف ؛ كما قال الحافظ .
لكنه لم يتفرد به ؛ فقد أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2/ 537،589) من طريق إبراهيم بن عيينة عن أبي طالب القاضي عن محارب بن دثار عن جابر به نحوه . وقال المنذري في "الترغيب" (3/ 244) :
"رواه أحمد والطبراني وأبو يعلى ، وبعض أسانيدهم حسن ، و "نعم الإدام الخل" في "الصحيح" . ولعل قوله : "إنه هلاك بالرجل ..." إلخ من كلام جابر ؛ مدرج غير مرفوع . والله أعلم" . وقال الهيثمي (8/ 180) :
"رواه أحمد ، والطبراني في "الأوسط" ، وأبو يعلى ، وفي إسناد أبي يعلى أبو طالب القاص ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله وثقوا" !
قلت : أبو طالب هذا : هو يحيى بن يعقوب بن مدرك بن سعد الأنصاري القاضي ؛ خال أبي يوسف ؛ كما في "الكنى" للدولابي (2/ 16) ؛ ثم ساق له هذا الحديث من طريق أبي تميلة عنه عن محارب به ؛ دون قوله :
"هلاكاً بالقوم ..." .
ويحيى بن يعقوب ؛ أورده البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 2/ 312-313) ، وقال :
"منكر الحديث ، عداده في الكوفيين" .
ورواه عنه ابن عدي في "الكامل" (ق 423/ 2) . وقال الذهبي في كنى "الميزان" :
"فيه لين ، غمزه أبو أحمد الحاكم" .
وأما ابن حبان ؛ فأورده في "الثقات" ، ومع ذلك قال فيه :
"وكان يخطىء" !
قلت : فلا تطمئن النفس لهذه الزيادة التي زادها على قوله صلي الله عليه وسلم : "نعم الإدام الخل" .
لا سيما ولم يتفق عليه فيها ؛ فهذا أبو تميلة - واسمه يحيى بن واضح الأنصاري ؛ وهو ثقة - لم يذكرها عنه كما رأيت ؛ خلافاً لإبراهيم بن عيينة ، وهو صدوق يهم ؛ كما في "التقريب" ، فإن كان حفظه عن أبي طالب ؛ فالعلة منه ؛ أعني : أبا طالب ، وهو شديد الضعف ؛ كما أشار إلى ذلك البخاري في قوله المتقدم فيه :
"منكر الحديث" .
وأما أصل الحديث : "نعم الإدام الخل" ؛ فقد صح عن جابر وغيره من طرق ؛ خرجت بعضها في "الصحيحة" (2220) .

(/1)


5390 - ( رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يكبر أيام التشريق [من صلاة الظهر] حتى يخرج من منى ، يكبر في دبر كل صلاة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 653 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7229،7230) و "الأوسط" (7417) عن سليمان بن داود الشاذكوني : حدثنا عبدالواحد بن عبدالله الأنصاري : حدثنا شرقي بن القطامي عن عمرو بن قيس عن محل بن وداعة عن شريح بن أبرهة قال : ... فذكره . وقال :
"لا يروي هذا الحديث عن شريح بن أبرهة إلا بهذا الإسناد ، تفرد به شرقي ابن القطامي" .
قلت : وهو ضعيف ؛ كما قال الهيثمي (3/ 264) .
وعبدالواحد بن عبدالله الأنصاري ؛ لم أعرفه .
لكن الشاذكوني ؛ كذبه ابن معين وغيره .

(/1)


5391 - ( من أغلق بابه دون جاره مخافة على أهله وماله ؛ فليس ذلك بمؤمن ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 654 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الخرائطي في "مساوي الأخلاق" (ق 36/ 1- مصورة الجامعة الإسلامية) من طريق سويد بن عبدالعزيز : حدثنا عثمان بن عطاء عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره ، وزاد :
"وليس بمؤمن من لا يأمن جاره بوائقه" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ مسلسل بالعلل :
الأولى : سويد بن عبدالعزيز ؛ قال الذهبي :
"واه جداً" .
الثانية : عثمان بن عطاء - وهو ابن أبي مسلم الخراساني - ضعيف ؛ كما قال العسقلاني وغيره .
الثالثة : أبوه عطاء ؛ قال الحافظ :
"صدوق ، يهم كثيراً ، ويرسل ويدلس" .
وأما الزيادة ؛ فهي صحيحة ؛ لورودها من طرق عن جمع من الصحابة ، وقد خرجت بعضها في "الصحيحة" تحت الحديث (549) .
(تنبيه) : أورد المنذري الحديث في "الترغيب" (3/ 236) بزيادة :
"أتدري ما حق الجار ؟ ..." الحديث . وقال :
"رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" . وأشار إلى ضعفه ! والذي رأيته في "مكارم الأخلاق" المطبوعة (ص 40) أوله : "أتدري ..." إلخ ؛ ليس في أوله حديث الترجمة ، وقد سبق تخريجه برقم (2587) ، وإسنادهما واحد ، فلا أدري أوهم المنذري فجعلهما حديثاً واحداً ، أم هو رواية في "المكارم" المطبوعة ؟! وظني أن فيها خرماً ، أو أن المنذري استجاز جعلهما حديثاً واحداً ؛ لما رأى وحدة سندهما ! والله أعلم .

(/1)


5392 - ( صلاة المرابط تعدل خمس مئة صلاة ؛ ونفقة الدينار والدرهم فيه أفضل من سبع مئة دينار ينفقه في غيره ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 655 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (101/ 2) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (ص 245) من طريق أبي الشيخ ، وهذا عن ابن أبي عاصم ، والبيهقي في "الشعب" (4/ 43/ 4295) بسنده عن جميع ابن ثوب عن خالد بن معدان عن أبي أمامة به مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته جميع - بالفتح ؛ ويقال : بالضم - ؛ وهو ضعيف جداً ؛ كما يفيده قول البخاري فيه :
"منكر الحديث" .
وكذا قال الدارقطني وغيره . وقال النسائي :
"متروك الحديث" .
والحديث ؛ أورده المنذري (2/ 152) من رواية البيهقي ، وأشار إلى تضعيفه ، وأتبعه بقوله :
"وروى أبو الشيخ وغيره من حديث أنس : "إن الصلاة بأرض الرباط بألفي ألف صلاة" . وفيه نكارة" .

(/1)


5393 - ( إن فيهم - يعني : قريشاً - لخصالاً أربعة (!) : إنهم لأصلح الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة عند مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرة ، وأمنعهم من ظلم الملوك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 656 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 207 - نسختي) : حدثنا أحمد بن رشدين قال : أخبرنا عبدالملك بن شعيب بن الليث قال : أخبرنا عبدالله بن وهب قال : أخبرنا الليث بن سعد قال : حدثني موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال : قال المستورد الفهري : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول - وذكر قريشاً - : ... فذكره . وقال :
"تفرد به عبدالملك بن شعيب بن الليث" .
قلت : هو ثقة من رجال مسلم ، وكذلك من فوقه .
لكن الراوي عنه أحمد بن رشدين - وهو أحمد بن محمد بن الحجاج المصري - ؛ قال ابن عدي - كما في "الميزان" - :
"كذبوه ، وأنكرت عليه أشياء" .
ثم ذكر الذهبي أحاديث أنكرت عليه من أباطيله . وكان ينبغي أن يذكر هذا الحديث منها ؛ لمخالفة ابن رشدين للإمام مسلم في "صحيحه" ؛ فإنه قال (8/ 176) : حدثنا عبدالملك بن شعيب بن الليث : حدثني عبدالله بن وهب ... فساقه إلى المستورد القرشي قال - عند عمرو بن العاص - : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"تقوم الساعة والروم أكثر الناس" .
فقال له عمرو : أبصر ما تقول ! قال : أقول ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم .
قال : لئن قلت ذلك ؛ إن فيهم لخصالاً أربعاً ... فذكرها ؛ كما في حديث الترجمة ؛ إلا أنه قال : "لأحلم" مكان : "لأصلح" . وزاد : "وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف ، وخامسة حسنة جميلة : وأمنعهم من ظلم الملوك" .
ومن هذا يتبين أن الحديث عند عبدالملك موقوف على عمرو بن العاص ، جعله ابن رشدين مرفوعاً من رواية المستورد عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قاله في قريش !
وذلك من أكاذيبه أو أخطائه .
وخفي هذا على الهيثمي ؛ فقال في "المجمع" (10/ 26-27) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه أحمد بن رشدين ، وهو ضعيف ، وبقية رجاله رجال (الصحيح)" !

(/1)


5394 - ( من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في مبلغ بر ، أو إدخال سرور ؛ رفعه الله في الدرجات العلى من الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 657 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم - 3518) من طريق إدريس ابن يونس الحراني قال : أخبرنا يحيى بن عمر بن صباح قال : حدثنا سليمان بن وهب عن إبراهيم بن أبي عبلة عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء مرفوعاً به . وقال :
"لم يروه عن إبراهيم إلا سليمان ، ولا عن سليمان إلا يحيى ، تفرد به إدريس ابن يونس" .
قلت : قال ابن القطان :
"لا يعرف حاله" .
ويحيى بن عمر بن صباح ؛ لعله الذي في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 174) :
"يحيى بن عمر الليثي ، روى عن العلاء بن عبدالكريم ، ومسكين أبي فاطمة ، و ... روى عنه عبدالله بن أحمد الدورقي . قال أبي : لا أعرفه" .
قلت : ولعل آفة الحديث شيخه سليمان بن وهب ؛ فقد أخرجه أبو الفضل بن طاهر في "الكلام على أحاديث الشهاب" من طريق أخرى عنه به ؛ قال :
"سليمان بن وهب : هو النخعي . ووهب جده ، وهو سليمان بن عمرو" .
قلت : وهو معروف بالكذب والوضع ، وقد تقدمت له أحاديث .
والحديث ؛ سكت عنه المنذري (3/ 252) ثم الهيثمي (8/ 192) !
وعزاه الأول لـ "كبير الطبراني" أيضاً .
وقد روي نحوه من حديث عائشة وابن عمر بإسنادين واهيين جداً ، وسيأتي تخريجهما برقم (5771) .
ثم رأيته في "الترغيب" للأصبهاني (1/ 482-483) من طريق عبدالوهاب ابن الضحاك : حدثنا إسماعيل بن عياش عن شريح بن عبيد عن أبي الدرداء به .
وعبدالوهاب هذا متروك .

(/1)


5395 - ( رباط يوم في سبيل الله كصيام شهر وقيامه ، ومن مات مرابطاً ؛ جرى عليه عمله الذي كان يعمل ، وأمن الفتان ، ويبعث يوم القيامة شهيداً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 659 :
$منكر بذكر (الشهيد)$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6179) : حدثنا بكر بن سهل : حدثنا شعيب بن يحيى عن نافع بن يزيد قال : أخبرني معاوية ابن يزيد بن شرحبيل أن عبدالله بن الوليد مولى المغيرة حدثه أنه سمع ابن أبي زكريا يحدث عن شرحبيل بن السمط :
أنه رأى سلمان الفارسي وهو مرابط بساحل حمص ، فقال : ما لك على هذا ؟ قال : مرابط . قال سلمان : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ بكر بن سهل ضعيف ؛ كما قال النسائي وغيره .
ومعاوية بن يزيد بن شرحبيل ، وشيخه عبدالله بن الوليد مولى المغيرة ؛ لم أعرفهما .
ولعل الهيثمي أرادهما بقوله في "مجمع الزوائد" (5/ 290) :
"رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفهم" .
وسائر الرواة معروفون .
وابن أبي زكريا اسمه عبدالله الخزاعي ، وهو ثقة ، وقد توبع كما يأتي .
وفي "الجرح والتعديل" (4/ 1/ 388) :
"معاوية بن يزيد بن أبي الزرقاء البغدادي ، روى عن عبدالرحمن بن محمد المحاربي" .
فيحتمل أن يكون هو ابن شرحبيل ؛ فإنه من هذه الطبقة . والله أعلم .
والحديث ؛ أخرجه أحمد (5/ 440،441) من طريقين آخرين عن ابن أبي زكريا به ؛ دون قوله :
".. ويبعث يوم القيامة شهيداً" .
فهي زيادة منكرة ؛ لتفرد الطبراني بها في هذا الطريق المظلم .
ومما يؤكد ذلك : أنه تابعه جمع من الثقات عن شرحبيل بن السمط به ؛ دون الزيادة .
أخرجه مسلم (6/ 51) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 101-102) ، والحاكم (2/ 80) ، والطبراني أيضاً (6177،6178،6180) .
ثم رواه الطبراني (6077،6134) من طريقين آخرين عن سلمان به نحوه ، دون الزيادة ؛ فهي زيادة باطلة .

(/1)


5396 - ( يقول الله عز وجل : من عادى لي ولياً ؛ فقد ناصبني بالمحاربة ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ؛ كترددي عن الموت المؤمن ؛ يكره الموت وأكره مساءته .
وربما سألني وليي المؤمن الغنى ؛ فأصرفه من الغنى إلى الفقر ، ولو صرفته إلى الغنى ؛ لكان شراً له .
إن الله عز وجل قال : وعزتي ، وجلالي ، وعلوي ، وبهائي ، وجمالي ؛ وارتفاع مكاني ! لا يؤثر عبد هواي على هوى نفسه ؛ إلا أثبت أجله عند بصره ، وضمنت السماء والأرض رزقه ، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 661 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12719) : حدثنا عبيد بن كثير التمار : حدثنا محمد بن الجنيد : حدثنا عياض بن سعيد الثمالي عن عيسى بن مسلم القرشي عن عمرو بن عبدالله بن هند الجملي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً مظلم ؛ فإن ما بين ابن عباس والشيخ التمار ؛ لم أجد لهم ترجمة ، وقال الهيثمي (10/ 270) :
"رواه الطبراني ، وفيه جماعة لم أعرفهم" .
قلت : الشيخ التمار متروك الحديث ؛ كما قال الأزدي والدارقطني . وقال ابن حبان :
"أدخلت عليه نسخة مقلوبة" .
قلت : فهو آفة الحديث ؛ فما كان للهيثمي أن يغفل عنه !

(/1)


5397 - ( يا جارية ! هذه صفة المؤمنين حقاً ، لو كان أبوك (يعني : حاتماً الطائي) مسلماً ؛ لترحمنا عليه ! خلوا عنها ؛ فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق ، والله يحب مكارم الأخلاق ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 661 :
$موضوع$
أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (باب وفد طيىء - من المجلد الثاني - مخطوطة الأوقاف الحلبية) ، وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (4/ 32/ 1 و 19/ 223/ 1) عن أبي سعيد عبيد بن كثير بن عبدالواحد الكوفي : حدثنا ضرار بن صرد قال : حدثنا عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن عبدالرحمن بن جندب عن كميل بن زياد النخعي قال : قال علي ابن أبي طالب :
لما أتي بسبايا طيىء وقفت جارية [حمراء ، لعساء ، دلفاء ، عيطاء ، شماء الأنف ، معتدلة القامة والهامة ، درماء الكعبين ، خدلة الساقين ، لفاء الفخذين ؛ خميصة الخصرين ، ضامرة الكشحين ، مصقولة المتنين .
قال : فلما رأيتها أعجبت بها ، وقلت : لأطلبن إلى رسول الله [أن] يجعلها في فيئي ، فلما تكلمت ؛ أنسيت جمالها من فصاحتها] ؛ فقالت : يا محمد ! إن رأيت أن تخلي عنا ، ولا تشمت بنا أحياء العرب ؛ فإني ابنة سيد قومي ، وإن أبي كان يحمي الذمار ، ويفك العاني ، ويشبع الجائع ، ويكسو العاري ، ويقري الضيف ، ويطعم الطعام ، ويفشي السلام ، ولم يرد طالب حاجة قط ! أنبأنا ابنة حاتم طيىء . فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
فقام أبو بردة بن نيار فقال : يا رسول الله ! تحب مكارم الأخلاق ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"والذي نفسي بيده ! لا يدخل أحد الجنة إلا بحسن الخلق" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، وله علل :
الأولى : جهالة عبدالرحمن بن جندب ؛ أورده الحافظ في "اللسان" ، وقال :
"مجهول" .
الثانية : أبو حمزة الثمالي - واسمه ثابت بن أبي صفية - ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"ضعيف رافضي" .
الثالثة : ضرار بن صرد ؛ قال الحافظ :
"صدوق له أوهام" .
الرابعة : عبيد بن كثير - وهو التمار ، شيخ الطبراني في الحديث المتقدم قبله - ، وهو ضعيف جداً كما عرفته .
وقد أشار إلى ذلك الحافظ ابن كثير بقوله عقب الحديث :
"هذا حديث حسن المتن ، غريب الإسناد جداً ، عزيز المخرج" !
وأما تحسينه لمتنه ؛ فالظاهر أنه يعني : الحسن اللغوي ، لا الاصطلاحي ؛ أي : من حيث المعنى ، ولعله عنى المقدار المرفوع منه فقط ، وإلا ؛ فيد الصنع والوضع ظاهرة فيه عندي ، لا سيما في وصف علي رضي الله عنه للجارية ، كما لو كان رآها عارية أمام النبي صلي الله عليه وسلم ! وإلا ؛ فمن أين له أن يصفها بقوله :
(خدلة الساقين) ؛ أي : ممتلئة الساقين ؟! بل قوله :
(لفاء الفخذين) ؛ أي : سمينتهما ، بحيث تدانيا من السمن ؟! وقوله :
(خميصة الخصرين) ؛ أي : ضامرة الخصرين ؟! وقوله :
(ضامرة الكشحين) ؛ وكأنه تفسير لما قبله ؛ فإن الكشح ما بين الخاصرة والضلوع ؟! وقوله :
(مصقولة المتنين) ؛ أي : ناعمة المنكبين ؟!
ومعنى (حمراء) : البيضاء أو الشقراء ، ومنه الحديث الموضوع :
"خذوا نصف دينكم عن الحميراء" ؟! وقوله :
(لعساء) ؛ أي : باطن شفتها أسود ؟! وقوله :
(دلفاء) ؛ أي : تمشي رويداً ، وتقارب الخطى من سمنها ؟! وقوله :
(عيطاء) ؛ أي : طويلة العنق ؟! وقوله :
(درماء الكعبين) ؛ أي : غطاهما اللحم والشحم ، حتى لم يبن لهما حجم ؟!
ثم رأيت الحافظ ابن حجر قد ساق الحديث في "تخريج المختصر" (ق 45/ 1-2) من طريق البيهقي به ؛ واقتصر على تضعيفه بقوله :
"هذا حديث غريب ، أخرجه الحاكم في "الإكليل" هكذا ، والبيهقي في "الدلائل" من طريقه ..." !
ولم يبين علله !!

(/1)


5398 - ( إذا رأيت من أخيك ثلاث خصال ؛ فارجه : الحياء ، والأمانة ، والصدق . وإذا لم ترها منه ؛ فلا ترجه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 664 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن عدي في مقدمة "الكامل" (ص 252 - طبع بغداد) من طريق أبي زهير قال : حدثنا رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً . وقال :
"لم نكتبه إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وهو ضعيف جداً ؛ رشدين هذا ؛ قال أحمد ، والبخاري :
"منكر الحديث" .
وضعفه جماعة . وقال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 302) :
"كثير المناكير ، يروي عن أبيه أشياء ليست حديث الأثبات عنه ، كان الغالب عليه الوهم والخطأ" .
والحديث ؛ عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" للديلمي أيضاً .
وقد ذكر المعلق على "ابن عدي" - الأستاذ السامرائي - أنه في "مسند الفردوس" (مخطوط ورقة 23 - تسديد القوس) .
ونقل عن العلائي أنه قال في رشدين : "ضعيف" . لكن وقع في نقله : (راشد) ، وكذلك وقع في المقدمة ! وهو من الأخطاء المطبعية الكثيرة والكثيرة جداً ، التي وقعت في مطبوعته هذه ، والظاهر أنه لم يقم هو بنفسه على تصحيح تجاربها . والله أعلم .

(/1)


5399 - ( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال ، فيغفرها الله لهم ، ويضعها على اليهود والنصارى ... فيما أحسب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 665 :
$شاذ$
أخرجه مسلم (8/ 105) من طريق شداد أبي طلحة الراسبي عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... فذكره . قال أبو روح : لا أدري ممن الشك ؟!
أورده شاهداً لما ساقه من قبل من ثلاثة طرق عن أبي بردة بلفظ :
"إذا كان يوم القيامة ؛ دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً ، فيقول : هذا فكاكك من النار" .
هذا لفظ طلحة بن يحيى عن أبي بردة . ولفظ عون وسعيد بن أبي بردة :
"لا يموت رجل إلا أدخل الله مكانه النار يهودياً أو نصرانياً" .
قلت : وهذا أخرجه أحمد (4/ 391،398) - عنهما - ، والطيالسي (499) - عن سعيد وحده - . وتابعهما عمارة القرشي : عند أحمد (4/ 407) .
وأما لفظ طلحة بن يحيى ؛ فأخرجه أحمد أيضاً (4/ 410) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 80) .
وقد تابعه عليه بريد - وهو ابن عبدالله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري - : عند أحمد (4/ 402) .
وتابعه أيضاً محمد بن المنكدر ، ومعاوية بن إسحاق : عنده (4/ 407-408) .
وعبدالملك بن عمير : عند ابن عساكر بنحوه ، وتقدم لفظه في "الصحيحة" برقم (1381) .
قلت : وطلحة بن يحيى وإن كان فيه كلام من قبل حفظه ؛ حتى قال الحافظ فيه :
"صدوق يخطىء" !
فحديثه قوي بهذه المتابعات الكثيرة ، لا سيما وله شاهد من حديث أنس ، ذكرته تحت الرقم المذكور ، فالحديث بهذين اللفظين صحيح .
وأما اللفظ الأول ؛ فهو منكر أو شاذ على الأقل ؛ لأنه تفرد به الراسبي ، وهو وإن كان وثقه أحمد وغيره ؛ فقد ضعفه شيخه عبدالصمد بن عبدالوارث . وقال العقيلي :
"له غير حديث لا يتابع عليه" . وقال ابن حبان :
"ربما أخطأ" . وقال الدارقطني :
"يعتبر به" . وقال الحاكم أبو أحمد :
"ليس بالقوي عندهم" .
قلت : فهذه الأقوال تدل على أن الرجل لم يكن قوياً في حفظه ، وإن كان صدوقاً في نفسه . ولذلك ؛ لم يخرج له مسلم إلا في الشواهد ؛ كهذا الحديث . وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق يخطىء" .
فمثله حديثه مرشح للتقوية بالشاهد والمتابعة ، أو للضعف بالمخالفة كحديث الترجمة .
وبها أعله البيهقي ، فقال في "شعب الإيمان" (1/ 266-267) - بعد أن ساق الحديث الصحيح من الطرق الثلاث عند مسلم وأتبعه بحديث الترجمة - :
"فهذا حديث شك فيه [بعض] رواته ، وشداد أبو طلحة ممن تكلم أهل العلم بالحديث فيه ، وإن كان مسلم استشهد به في كتابه ؛ فليس هو ممن يقبل منه ما يخالف فيه ، والذين خالفوه في لفظ الحديث عدد ، وهو واحد ، وكل واحد ممن خالفه أحفظ منه ، فلا معنى للاشتغال بتأويل ما رواه ، مع خلاف ظاهر ما رواه الأصول الصحيحة الممهدة في أن لا تزر وازرة وزر أخرى . والله أعلم" .
قلت : وهذا منه رحمه الله في غاية التحقيق ، وإليه يرجع الفضل في تنبهي لهذه العلة ، بعد أن كنت أوردت الحديث في "صحيح الجامع" برقم (7891) اعتماداً مني على الإمام مسلم ، وليس بتحقيقي ؛ اتباعاً للقاعدة الغالبة : أن ما أخرجه الشيخان أو أحدهما ؛ فقد جاوز القنطرة ، لا سيما والعمر أقصر ، والوقت أضيق من التوجه إلى نقد "الصحيحين" ؛ للتعرف على الأحاديث القليلة التي يمكن أن تكون معلولة عند العارفين بهذا العلم . بينما مجال نقد أحاديث غيرهما من كتب السنة واسع جداً .
وهذا ما جريت عليه في كل مؤلفاتي ؛ إلا في بعض الأحوال النادرة ، مما جرني إليه البحث والتحقيق ، أو نبهني على ذلك بعض من سبقني من أهل العلم والتوفيق ، كهذا الحديث ، والحمد لله وحده .
من أجل ذلك - وتعاوناً على البر والتقوى - أرجو من كل من كان عنده نسخة من "ضعيف الجامع الصغير" أن ينقل إليه هذا الحديث ، والله تعالى أسأل أن يغفر لنا خطايانا ، وأن لا يؤاخذنا بما نسينا أو أخطأنا ؛ إنه سميع مجيب !
هذا ؛ وممن لم يتنبه لعلة هذا الحديث الإمام النووي رحمه الله ؛ فإنه تأوله توفيقاً بينه وبين الأصول التي أشار إليها البيهقي رحمه الله تعالى ؛ ولا حاجة إلى ذلك كما سبق .
وأما كون الكافر في النار مكان المسلم فيها . وفكاكاً له منها ؛ فقد جاء بيانه في قوله صلي الله عليه وسلم :
"ما منكم من أحد إلا له منزلان : منزل في الجنة ، ومنزل في النار ، فإذا مات فدخل النار ؛ ورث أهل الجنة منزله ، فذلك قوله تعالى : (أولئك هم الوارثون)" .
وهو مخرج في "الصحيحة" (2279) .
ونحوه في "صحيح البخاري" (6569) ، وهو من حديث أبي هريرة .
وبه احتج البيهقي على ما ذكرنا من المعنى ، فقال عقبه :
"ويشبه أن يكون هذا الحديث تفسيراً لحديث الفداء ، فالكافر إذا أورث على المؤمن مقعده من الجنة ، والمؤمن إذا أورث على الكافر مقعده من النار ؛ يصير في التقدير كأنه فدى المؤمن بالكافر . والله أعلم" .
ونحوه في "شرح مسلم" للنووي ؛ فراجعه إن شئت .

(/1)


(فائدة) : قد أطال الإمام البخاري الكلام في إعلال حديث الفداء الصحيح هذا بذكر طرقه عن أبي بردة عن أبيه - وقد ذكرت آنفاً بعضها - ، ثم ختم ذلك بقوله (1/ 1/ 37-39) :
"والخبر عن النبي صلي الله عليه وسلم في الشفاعة ، وأن قوماً يعذبون ثم يخرجون : أكثر وأبين وأشهر" !
ولست أرى فيما ذكره ما يصح أن يعل الحديث به ؛ لأنه ليس صريحاً في نفي العذاب عن كل مؤمن ، حتى على الرواية التي صدر بها كلامه بلفظ :
إن أمتي أمة مرحومة ، جعل عذابها بأيديها في الدنيا" ، وقد خرجته في "الصحيحة" (959) ! ولذلك ؛ قال البيهقي في الرد عليه - بعد أن ذكر خلاصة كلامه - :
"والحديث قد صح عند مسلم وغيره رحمهم الله من الأوجه التي أشرنا إليها وغيرها ، ووجهه ما ذكرناه ، وذلك لا ينافي حديث الشفاعة ؛ فإن حديث الفداء - وإن ورد مورد العموم في كل مؤمن - فيحتمل أن يكون المراد به كل مؤمن قد صارت ذنوبه مكفرة بما أصابه من البلايا في حياته ، ففي بعض ألفاظه :
"إن أمتي أمة مرحومة ، جعل الله عذابها بأيديها ، فإذا كان يوم القيامة ؛ دفع الله إلى رجل من المسلمين رجلاً من أهل الأديان ؛ فكان فداءه من النار" . وحديث الشفاعة يكون فيمن لم تصر ذنوبه مكفرة في حياته . ويحتمل أن يكون هذا القول لهم في حديث الفداء بعد الشفاعة . والله أعلم" .

(/2)


5400 - ( شهر رمضان شهر أمتي ، ترمض فيه ذنوبهم ، فإذا صامه عبد مسلم ، ولم يكذب ، ولم يغتب ، وفطره طيب ؛ خرج من ذنوبه كما تخرج الحية من سلخها ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 670 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (ص 228) عن الحاكم معلقاً عليه بسنده إلى عصام بن طليق عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، وفيه علتان :
الأولى : أبو هارون العبدي متروك ، وتقدم مراراً .
والأخرى : عصام بن طليق ، وهو ضعيف ؛ كما في "التقريب" . وقال ابن معين :
"ليس بشيء" .
والحديث ؛ أورده المنذري في "الترغيب" من رواية أبي الشيخ ، وأشار إلى تضعيفه ، ولفظه :
"إن شهر رمضان شهر أمتي ، يمرض مريضهم فيعودونه ، فإذا صام مسلم لم يكذب ، ولم يغتب ، وفطره طيب ، سعى إلى العتمات محافظاً على فرائضه ؛ خرج من ذنوبه كما تخرج الحية من سلخها" .
وتعقبه الحافظ إبراهيم الناجي في "عجالة الإملاء" (124/ 1) بما خلاصته : أن عزوه لأبي الشيخ وهم ، وإنما هو في "مسند الفردوس" وغيره .
قلت : قد سقت الحديث بلفظ "المسند" . وبمقابلته باللفظ المعزو لأبي الشيخ ؛ يظهر أن بينهما فرقاً جلياً ؛ فإن في كل منهما من الزيادة ما ليس في الآخر ، فإن ثبت الوهم - وهذا ما أستبعده - ؛ فهو وهم في المتن أيضاً . والله أعلم .
ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى ؛ يرويه محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامي : حدثنا الوليد بن مسلم الدمشقي عن عمرو بن محمد الأصبهاني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري به . وقال : ... الحديث بطوله .
أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 28) في ترجمة (عمرو بن محمد الأصبهاني) ، وقال :
"يروي عن زيد بن أسلم ، وأراه صحفه بعض الرواة ، وهو عندي (عمر بن محمد بن صبهان)" .
قلت : وهذا ؛ قال الذهبي في "المغني" :
"ساقط . قال أبو زرعة : واه" .
والآفة : من الراوي عنه (محمد بن إبراهيم الشامي) ؛ فإنه كذاب ؛ كما قال الدارقطني ، ولعله الذي صحف اسم شيخ شيخه عمداً ! وقال الحاكم :
"روى عن الوليد بن مسلم وسويد بن عبدالعزيز أحاديث موضوعة" . وقال ابن حبان :
"يضع الحديث على الشاميين" .
ورأيت الحديث في "الدر المنثور" (1/ 188) برواية أبي الشيخ مثل لفظ "الترغيب" ؛ ومن الظاهر أنه نقله منه !

(/1)


5401 - ( يا جبريل ! ما لي أراك متغير اللون ؟! فقال :
ما جئتك حتى أمر الله عز وجل بمفاتيح النار . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
يا جبريل ! صف لي النار ، وانعت لي جهنم ! فقال جبريل :
إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت ، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداءً مظلمة ، لا يضيء شررها ، ولا يطفأ لهبها . والذي بعثك بالحق ! لو أن قدر ثقب إبرة فتح من جهنم ؛ لمات من في الأرض كلهم جميعاً من حره . والذي بعثك بالحق ! لو أن ثوباً من ثياب النار علق بين السماء والأرض ؛ لمات من في الأرض جميعاً من حره . والذي بعثك بالحق ! لو أن خازناً من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا ، فنظروا إليه ؛ لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه . والذي بعثك بالحق ! لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا ؛ لا رفضت وما تقارت حتى تنتهي إلى السفلى . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
حسبي يا جبريل ! لا ينصدع قلبي فأموت . قال : فنظر رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي . فقال :
تبكي يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت به ؟! قال :
وما لي لا أبكي ! أن أحق بالبكاء ؛ لعلي أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها ، وما أدري لعلي أبتلى بمثل ما ابتلي به إبليس ؛ فقد كان من الملائكة . وما يدريني لعلي أبتلى بمثل ما ابتلي به هاروت وماروت . قال : فبكى رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وبكى جبريل عليه السلام ، فما زالا يبكيان حتى نوديا أن : يا جبريل ! ويا محمد ! إن الله عز وجل قد أمنكما أن تعصياه .
فارتفع جبريل عليه السلام ، وخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ فمر بقوم من الأنصار يضحكون ويلعبون ؛ فقال :
أتضحكون ووراءكم جهنم ؟! فلو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ، ولما أسغتم الطعام والشراب ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل .
فنودي : يا محمد ! لا تقنط عبادي ، إنما بعثتك ميسراً ، ولم أبعثك معسراً . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : سددوا وقاربوا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 674 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 2750 - مصورتي) من طريق الحكم بن مروان الكوفي قال : أخبرنا سلام الطويل عن الأجلح بن عبدالله الكندي عن عدي بن عدي الكندي قال : قال عمر بن الخطاب :
جاء جبريل إلى النبي صلي الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه ، فقام إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقال : ... فذكره . وقال :
"لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به سلام" .
قلت : قال الهيثمي (10/ 387) :
"وهو مجمع على ضعفه" .
قلت : بل اتهمه بعضهم بالكذب . بل قال ابن حبان (1/ 339) :
"يروي عن الثقات الموضوعات كأنه كان المتعمد لها" . وقال الحاكم :
"روى أحاديث موضوعة" .
قلت : وهذا في نقدي من موضوعاته ؛ فإن قوله عن إبليس :
"كان من الملائكة" ؛ مخالف لقوله تعالى : (كان من الجن ففسق عن أمر ربه) .
ولا يصح تفسير الآية بأن المراد الملائكة وأنه أطلق عليهم (الجن) ؛ لأنهم لا يرون ؛ لأن القرآن والسنة مصرحان بأن إبليس خلق من نار ، والحديث يصرح بأن الملائكة خلقت من نور .
وكذلك ذكره فيه هاروت وماروت ، فيه إشارة إلى قصتهما المعروفة مع الزهرة ، وهي من الإسرائيليات الباطلة التي لا يصح نسبتها إلى النبي صلي الله عليه وسلم ؛ كما تقدم برقم (170،912،913) .

(/1)


5402 - ( إن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلي الله عليه وسلم حزيناً لا يرفع رأسه ، فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم :
ما لي أراك - يا جبريل - حزيناً ؟! قال :
إني رأيت لفحة من جهنم ؛ فلم يرجع إلي روحي بعد ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 675 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 5472) عن محمد ابن علي بن خلف العطار قال : أخبرنا محمد بن علي بن عبدالله بن محمد بن عمر ابن علي قال : حدثني أبي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به ، وقال :
"لم يروه عن زيد بن أسلم إلا علي بن عبدالله ، تفرد به محمد بن علي بن خلف" .
قلت : هو متهم ؛ قال ابن عدي :
"عنده عجائب ، وهو منكر الحديث" .
وأما الخطيب ؛ فذكر توثيقه في "التاريخ" (3/ 57) عن محمد بن منصور !
وأما محمد بن علي بن عبدالله ... فلم أجد له ترجمة .
وكذا أبوه .
لكني وجدت في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 194) :
"علي بن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب . روى عنه داود ابن عبدالله بن أبي الكرام الجعفري . سمعت أبي يقول : سمعت داود الجعفري يقول : قال لي علي بن عبيدالله - وكان أبصر الناس بالطب - وفي نسخة : بالطلب -" .
قلت : فلعله هذا .
وعلى كل حال ؛ فهو مجهول .

(/1)


5403 - ( ينشىء الله سحابة لأهل النار ، فيقال : يا أهل النار ! أي شيء تطلبون ؟ فيذكرون سحابة الدنيا ، فيقولون : يا ربنا ! الشراب . فتمطرهم أغلالاً تزيد في أغلالهم ، وسلاسل تزيد في سلاسلهم ، وجمراً تلتهب عليهم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 676 :
$ضعيف$
أخرجه ابن أبي الدنيا في "الأهوال" (ق 143/ 2) ، والطبراني في "الأوسط" (4115 - ط) ، وابن عدي (6/ 394) من طريق منصور بن عمار (وقال الطبراني : ابن عباد . وهو تصحيف) قال : أخبرنا بشير بن طلحة عن خالد بن دريك عن يعلى بن منية رفع الحديث إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ... فذكره ، ولم يذكر ابن أبي الدنيا الرفع - والسياق للطبراني - وقال :
"لا يروى عن يعلى إلا بهذا الإساد ، تفرد به منصور" .
قلت : وهو ضعيف ؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 176) عن أبيه :
"ليس بالقوي ، صاحب مواعظ" . وقال ابن عدي :
"منكر الحديث" .
وبشير بن طلحة ؛ قال أحمد :
"ليس به بأس" .
وخالد بن دريك : هو الشامي ، ثقة ؛ لكنه عن يعلى بن منية مرسل .
فالحديث له علتان ؛ بل ثلاث :
الإرسال ، وضعف ابن عمار ، واضطرابه في رفعه ووقفه .
وقد أشار إلى هذه العلة الأخيرة الحافظ المنذري ، فقال (4/ 232) :
"رواه الطبراني ، وقد روي موقوفاً عليه ، وهو أصح" .
وأما الهيثمي ؛ فقال (10/ 390) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه من فيه ضعف قليل ، ومن لم أعرفه" !

(/1)


5404 - ( الرفق يمن ، والخرق شؤم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 677 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4243) عن إسماعيل ابن توبة القزويني قال : أخبرنا محمد بن الحسن عن المعلى بن عرفان عن أبي وائل عن عبدالله بن مسعود مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن المعلى إلا محمد ، تفرد به إسماعيل" .
قلت : وهو صدوق .
وشيخه محمد بن الحسن - وهو الفقيه الشيباني تلميذ أبي حنيفة - لينه النسائي من قبل حفظه .
فالآفة من المعلى بن عرفان ؛ فإنه منكر الحديث ؛ كما قال البخاري . وقال النسائي :
"متروك الحديث" .
وبه أعله الهيثمي ، فقال (8/ 19) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه المعلى بن عرفان ، وهو متروك" .
قلت : وقد روي من حديث عائشة رضي الله عنها ، وقد مضى الكلام عليه برقم (3889) .

(/1)


5405 - ( لما فتح الله على نبيه صلي الله عليه وسلم خيبر ؛ أصابه من سهمه أربعة أزواج نعال ، وأربعة أزواج خفاف ، وعشر أواقي ذهب وفضة ، وحمار أسود . قال : فكلم النبي صلي الله عليه وسلم الحمار ، فقال له : ما اسمك ؟ قال : يزيد ابن شهاب ، أخرج الله من نسل جدي ستين حماراً ، كلهم لم يركبهم إلا نبي ، ولم يبق من نسل جدي غيري ، ولا من الأنبياء غيرك ، أتوقعك أن تركبني ، وكنت قبلك لرجل من اليهود ، وكنت أعثر به عمداً ، وكان يجيع بطني ويضرب ظهري ، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم : قد سميتك يعفوراً ، يا يعفور ! قال : لبيك . قال : أتشتهي الإناث ؟ قال : لا ، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يركبه في حاجته ؛ فإذا نزل عنه بعث به إلى باب الرجل ، فيأتي الباب فيقرعه برأسه ، فإذا خرج إليه صاحب الدار ؛ وأمأ إليه أن : أجب رسول الله صلي الله عليه وسلم . قال : فلما قبض النبي عليه الصلاة والسلام ؛ جاء إلى بئر كانت لأبي الهيثم بن التيهان ؛ فتردى فيها ، فصارت قبره ؛ جزعاً منه على رسول الله صلي الله عليه وسلم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 679 :
$موضوع$
أورده ابن حبان في "الضعفاء والمجروحين" (3/ 308) في ترجمة محمد بن مزيد أبي جعفر مولى بني هاشم عن أبي حذيفة موسى بن مسعود عن عبدالله بن حبيب الهذلي عن أبي عبدالرحمن السلمي عن أبي منظور - وكانت له صحبة - قال : ... فذكره . وقال عقبه :
"وهذا حديث لا أصل له ، وإسناده ليس بشيء ، ولا يجوز الاحتجاج بهذا الشيخ" .
وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 294) ، وقال :
"هذا حديث موضوع ، فلعن الله واضعه ؛ فإنه لم يقصد إلا القدح في الإسلام والاستهزاء به !" .
ثم نقل كلام ابن حبان المذكور آنفاً ، وأقروه عليه ، كالحافظ الذهبي في "الميزان" ، والعسقلاني في "اللسان" ، وفي "الفتح" (كتاب الجهاد) .
وقد خفي حال أبي جعفر هذا على الخطيب البغدادي ، فترجمه في "التاريخ" (3/ 287-288) دون أن يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً !

(/1)


5406 - ( دخل رجل على أهله ، فلما رأى ما بهم من الحاجة ؛ خرج إلى البرية ، فلما رأت امرأته ؛ قامت إلى الرحى فوضعتها ، وإلى التنور فسجرته ، ثم قالت : اللهم ارزقنا ! فنظرت ؛ فإذا الجفنة قد امتلأت ، قال : وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئاً . قال : فرجع الزوج قال : أصبتم بعدي شيئاً ؟ قالت امرأته : نعم ؛ من ربنا ؛ فأم إلى الرحى [فرفعها] ؛ فذكر ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم ؟! فقال :
أما إنه لو لم يرفعها ؛ لم تزل تدور إلى يوم القيامة .
شهدت النبي صلي الله عليه وسلم وهو يقول :
والله ! لأن يأتي أحدكم صبيراً ، ثم يحمله ؛ يبيعه فيستعف منه ؛ خير له من أن يأتي رجلاً يسأله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 680 :
$......$
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/ 513) قال : حدثنا ابن عامر : أنبأنا أبو بكر عن هشام عن محمد عن أبي هريرة قال : ... فذكره .
ثم قال (2/ 421) : حدثنا هاشم بن القاسم قال : حدثنا عبدالحميد - يعني : ابن بهرام - قال : حدثنا شهر بن حوشب قال : قال أبو هريرة :
بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي لا يقدران على شيء ؛ فجاء الرجل من سفره ، فدخل على امرأته جائعاً قد أصابته مسبغة شديدة ، فقال لامرأته : أعندك شيء ؟ قالت : نعم ؛ أبشر أتاك رزق الله ! فاستحثها فقال : ويحك ! ابتغي إن كان عندك شيء ، قالت : نعم ، هنية نرجو رحمة الله ، حتى إذا طال عليه الطوى قال : ويحك ! قومي فابتغي إن كان عندك خبز فأتيني به ؛ فإني قد بلغت وجهدت ! فقالت : نعم ، الآن ينضج التنور فلا تعجل ، فلما إذ سكت عنها ساعة ، وتحينت أيضاً أن يقول لها ؛ قالت هي من عند نفسها : لو قمت فنظرت إلى تنوري ، فقامت فوجدت تنورها ملآن جنوب الغنم ، ورحييها تطحنان ، فقامت إلى الرحى ، فنفضتها وأخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم . قال أبو هريرة :
فوالذي نفس أبي القاسم بيده - عن قول محمد صلي الله عليه وسلم - ! :
"لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها ؛ لطحنتها إلى يوم القيامة" .

(/1)


5407 - ( كان يعلق أصابعه ؛ ثلاثاً ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 681 :
$شاذ$
أخرجه الترمذي في "الشمائل" (رقم 140) : حدثنا محمد بن بشار : حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن ابن لكعب بن مالك عن أبيه به .
قلت : وهو إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين .
وابن كعب بن مالك : هو إما عبدالله ، أو عبدالرحمن ، وبالأخير جزم بعض الرواة كما يأتي .
وأيهما كان ؛ فهو ثقة من رجالهما ، وعلى هذا ؛ فالإسناد صحيح .
لكن المتن شاذ ؛ لأن ابن بشار قد خولف فيه ؛ فقال الإمام أحمد (3/ 454) : حدثنا عبدالرحمن به . فذكره بلفظ :
رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يلعق أصابعه الثلاث من الطعام .
وهكذا أخرجه مسلم (2032) عن شيوخه الثلاثة : أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب ومحمد بن حاتم قالوا : حدثنا ابن مهدي به .
وقال ابن أبي شيبة في روايته : عن عبدالرحمن بن كعب عن أبيه .
قلت : فاتفاق هؤلاء الحفاظ على هذا اللفظ : (الثلاث) ؛ يدل على وهم وشذوذ ابن بشار بروايته بلفظ : (ثلاثاً) .
ولعل الترمذي قد أشار إلى ذلك بقوله عقب حديث الترجمة :
"وروى غير محمد بن بشار هذا الحديث قال : (يلعق أصابعه الثلاث)" .
ويؤيده : ما أخرجه هو (143) ، ومسلم ، وأبو داود (3848) ، والدارمي (2/ 97) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلي الله عليه وسلم" (ص 194 و 195) ، والبيهقي (7/ 278) ، وأحمد أيضاً (6/ 386) من طرق عن هشام بن عروة عن عبدالرحمن ابن سعد المدني عن ابن كعب بن مالك عن أبيه قال :
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع ، ويلعق يده قبل أن يمسحها .
والأحاديث في اللعق والأمر به كثيرة ، وقد خرجت بعضها في "إرواء الغليل" (1969) .
وأما تثليث اللعق ؛ فلا أعلم فيه حديثاً غير هذا ، وقد عرفت أنه خطأ ، وأن المحفوظ الأكل بالأصابع الثلاثة .

(/1)


5408 - ( كان يتختم في يمينه ويقول : اليمين أحق بالزينة من الشمال ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 682 :
$ضعيف$
أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلي الله عليه وسلم" (ص 125) عن محمد بن إسحاق بن يزيد الأنطاكي : أخبرنا الفريابي المقدسي : أخبرنا الحسن بن مخلد عن المفضل بن فضالة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : الحسن بن مخلد ؛ قال الأزدي :
"روى عن علي بن مسهر مناكير" .
والأخرى : محمد بن إسحاق بن يزيد الأنطاكي ؛ في "الميزان" :
"حدث بدمياط عن الهيثم بن جميل ، تكلم فيه" . قال الحافظ :
"وقال مسلمة بن قاسم : مجهول" .
وأما المفضل بن فضالة ؛ فإن كان البصري فضعيف ، وإن كان المصري فثقة .
وقوله : "واليمين أحق بالزينة" ؛ قد روي في آخر حديث أنس بلفظ :
"تختموا بالعقيق ؛ فإنه ينفي الفقر ، واليمين أحق بالزينة" .
وقد تكلمت عليه فيما سبق برقم (227) .

(/1)


5409 - ( كان يتختم في يمينه ، وقبض والخاتم في يمينه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 683 :
$ضعيف جداً$
أخرجه أبو الشيخ (ص 125) من طريق عبيد بن القاسم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ، ورجاله ثقات ؛ غير عبيد هذا - وهو الأسدي الكوفي - ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ، كذبه ابن معين ، واتهمه أبو داود بالوضع" .
قلت : وإنما أوردت هذا والذي قبله ؛ للشطر الثاني من كل منهما .
وإلا ؛ فالشطر الأول صحيح ثابت في "الصحيحين" وغيرهما عن جمع من الصحابة ، قد خرجت بعضها في "إرواء الغليل" (رقم 820) .

(/1)


5410 - ( كان عليه الصلاة والسلام قبل الإسراء والمعراج يصلي ركعتين صباحاً ، وركعتين مساءً ؛ كما كان يفعل النبي إبراهيم عليه السلام . رواه البخاري ) !
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 684 :
$لا أصل له$
كذا رأيته في كتاب "التربية الإسلامية للصف الخامس الابتدائي" (ص - 44) تأليف عبدالحميد السائح ، عبدالعزيز الخياط ، عز الدين الخطيب التميمي ، يوسف العظم ، زهير كحالة .
هكذا جاء في طرة الكتاب من الطبعة الثانية عشرة ! طبع مطابع الجمعية العلمية الملكية بعمان .
قلت : وهذا حديث لا أصل له ؛ كما كنت بينته في كتابي "دفاع عن الحديث النبوي" في الرد على "فقه الدكتور البوطي" (ص 42) الذي ذكر فيه عن النبي صلي الله عليه وسلم مثل ما ذكر هؤلاء المؤلفون مما تراه أعلاه ، ولعلهم قلدوه في ذلك ! ولكنهم زادوا عليه قولهم :
"رواه البخاري" !
وهذا كذب على الإمام البخاري ؛ فإنه لم يرو شيئاً من هذا ؛ لا هو ولا غيره من أئمة السنة والحديث . ولهذا ؛ قلت في ردي على الدكتور البوطي :
"أقول : لا أعرف لهذا الحديث إسناداً ؛ فإن كان الدكتور قد وقف عليه ؛ فليذكر لنا مصدره لندرسه ، وما إخاله يصح . نعم ؛ ذكر ابن سيد الناس في "عيون الأثر" (1/ 91) عن مقاتل بن سليمان :
"وفرض الله أول الاسلام الصلاة ركعتين بالغداة ، وركعتين بالعشي ، ثم فرض الخمس ليلة المعراج" . ثم ذكر نحوه عن الحربي (1/ 149) ، ونقل عن ابن عبدالبر ؛ أنه قال :
"لا يوجد هذا في أثر صحيح" .
ثم أشار ابن سيد الناس (1/ 152) إلى تضعيف قول الحربي .
قلت : ومقاتل بن سليمان متروك شديد الضعف ، قال الحافظ :
"كذبوه وهجروه ، ورمي بالتجسيم" .
قلت : فمثله لا يكون حديثه إلا موضوعاً . هذا لو وصله وأسنده ، فكيف به وقد أرسله وأعضله ؟!
فيا للعجب من هؤلاء الأساتذة الخمسة ؛ ألم يكن فيهم رجل واحد يتنبه لهذا الخطأ الفاحش المزدوج ، يحول بينهم وبين الوقوع في الكذب - لغة - على الإمام البخاري ، بل وعلى النبي صلي الله عليه وسلم ؟!
ومن هذا القبيل : ما وقع في كتاب "الدعوة الإسلامية فريضة شرعية وضرورة بشرية" (ص 34) ما نصه - بعد أن ساق سورة (العصر) - :
"ولذلك ؛ وصف رسول الله صلي الله عليه وسلم سورة العصر بأنها تعدل ثلث القرآن" . "صحيح البخاري" الجزء (6/ 233)" !!
كذا قال مؤلفه الدكتور ! وهذا يشبه ما قبله في الكذب المخالف للواقع ، بل هو فيه أغرق ؛ لأنه ذكر الجزء والصفحة ، ولا شيء منه هناك !

(/1)


5411 - ( كان يحب القثاء ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 686 :
$ضعيف$
أخرجه الترمذي في "الشمائل" (رقم 203) قال : حدثنا محمد ابن حميد الرازي : حدثنا إبراهيم بن المختار عن محمد بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت :
بعثني معاذ بن عفراء بقناع من رطب وعليه أجر من قثاء زغب ، وكان صلي الله عليه وسلم يحب القثاء ، فأتيته وعنده حلية قد قدمت عليه من البحرين ، فملأ يده منها ، فأعطانيه .
ثم أخرجه هو (رقم 204،349) ، وأحمد (6/ 359) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلي الله عليه وسلم" (ص 215) من طريق شريك عن عبدالله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت :
أتيت النبي صلي الله عليه وسلم بقناع من رطب وأجر زغب ، فأعطاني ملء كفه حلياً ، أو قالت : ذهباً .
قلت : والإسناد الأول ضعيف مسلسل بالعلل :
أولاً : أبو عبيدة بن محمد وثق توثيقاً ليناً . وإلى ذلك أشار الذهبي في "الكاشف" بقوله :
"وثق" . والحافظ في "التقريب" بقوله :
"مقبول" .
ثانياً : عنعنة محمد بن إسحاق ؛ فإنه كان مدلساً .
ثالثاً : إبراهيم بن المختار ؛ فإنه ضعيف ؛ كما في المصدرين السابقين .
رابعاً : محمد بن حميد الرازي ضعيف .
لكنهما لم ينفردا به في الجملة ؛ فقد تابعهما يونس عن محمد بن إسحاق به مختصراً جداً بلفظ :
كان يعجبه القثاء .
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم - 6723) ، وقال :
"تفرد به يونس بن بكير" !
كذا قال ! وقد وفاته متابعة إبراهيم بن المختار المتقدمة .
كما فاته متابعة شريك في الطريق الثانية ؛ لكن ليس فيه حديث الترجمة .
وشريك - وهو ابن عبدالله القاضي - فيه ضعف من قبل حفظه .
لكن لعل حديثه يتقوى بالطريق الأخرى ؛ ولا عكس ؛ لأن في الأولى من الزيادة ما ليس في الأخرى . والله أعلم .

(/1)


5412 - ( كان يأكل متكئاً ، فنزل عليه جبريل عليه السلام ، فقال : انظروا إلى هذا العبد كيف يأكل متكئاً ؟!
قال : فجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 688 :
$ضعيف$
أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4/ 275) من طريق ابن لهيعة عن عبيدالله بن أبي جعفر عن إسماعيل الأعور قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مرسل ؛ إسماعيل : هو ابن عبدالرحمن بن أبي كريمة السدي أبو محمد القرشي مولاهم الكوفي الأعور ، وهو السدي الأكبر ؛ وهو من رجال مسلم ؛ وفيه ضعف .
وابن لهيعة معروف بالضعف وسوء الحفظ .
وله شاهد يرويه بقية بن الوليد قال : حدثني الزبيدي قال : حدثني الزهري عن أحمد بن عبدالله بن عباس قال : كان ابن عمر (!) رضي الله عنهما يحدث :
أن الله عز وجل أرسل إلى نبيه صلي لله عليه وسلم ملكاً من الملائكة ومعه جبرئيل عليه السلام ، فقال الملك : إن الله عز وجل يخيرك بين أن تكون عبداً نبياً ، وبين أن تكون ملكاً . فالتفت رسول الله صلي الله عليه وسلم : "لا ، بل أكون عبداً نبياً" . فما أكل بعد ذلك طعاماً متكئاً .
أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 16-17) من طريق أحمد بن شعيب النسائي بسنده الصحيح عن بقية به . وقال :
"قال لنا أحمد بن شعيب : لا نعلم أحمد بن عبدالله هذا إلا أحمد بن محمد بن عبدالله بن عباس ، كأن الزهري نسبه إلى جده ، لا نعلم له سماعاً من جده" !
قلت : كذا وقع في الأصل هنا وفيما تقدم : "أحمد بن عبدالله" ! وما أراه إلا محرفاً : من "محمد بن عبدالله" ؛ فقد أورد الحديث الحافظ المزي في "التحفة" (5/ 232) في ترجمة محمد بن عبدالله بن العباس عن أبيه ابن عباس ، ثم ساق الحديث من رواية النسائي في "الوليمة" يعني : من "سننه الكبري" ؛ وهو في جزء صغير منه ، محفوظ في مكتبة الظاهرية بدمشق - حرسها الله تعالى - لا تطوله يدي ؛ فإني أكتب هذا وأنا في عمان بعد هجرتي إليها في أول رمضان سنة (1400) . وقال الحافظ المزي :
"ذكره أبو القاسم (يعني : ابن عساكر) في ترجمة محمد بن علي بن عبدالله ابن عباس عن جده ،وقال في آخره : "كذا قال : محمد بن عبدالله" ، وإنما هو : محمد بن علي بن عبدالله . كذا قال أبو القاسم ! والصواب : (محمد بن عبدالله) ؛ كما جاء في الرواية . وكذلك ذكره البخاري في "التاريخ" (ج 1 ق 1 ص 124) فيمن اسمه (محمد بن عبدالله) . وكذلك ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه فيمن اسمه محمد بن عبدالله" .
وكذلك أورده الحافظ في "الفتح - كتاب الأطعمة" ، لكنه في "النكت الظراف" تعقب الحافظ المزي في تعقبه المتقدم على ابن عساكر ؛ فقال :
"قلت : ذكره الذهلي في "علل حديث الزهري" عن يزيد بن عبدربه عن بقية في ترجمة محمد بن علي بن عبدالله بن عباس ، ووقع في السند (محمد ابن عبدالله بن عباس) . فالذهلي سلف ابن عساكر في دعوى أن "علياً" سقط بين "محمد" و "عبدالله" . وذكر شيخي في "شرح الترمذي" : أن أبا الشيخ أخرجه من الوجه الذي أخرجه منه النسائي ، فوقع عنده في السند : "محمد بن علي بن عبدالله بن عباس" . وكذلك رويناه في "فوائد أبي محمد بن صاعد" من طريق عبدالله بن سالم عن الزبيدي . ورواه معمر عن الزهري قال : بلغنا أن النبي صلي الله عليه وسلم جاءه ... فذكر الحديث . وقيل : إن هذا أرجح طريق ، والله أعلم" .
قلت : إذا عرفت هذا ؛ تبين لك أن الرواة اختلفوا على الزهري في إسناد الحديث على وجوه ؛ أهمها :
أ- عنه عن محمد بن عبدالله بن عباس .
ب- عنه عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس .
وعليه ؛ فما وقع في إسناد الطحاوي : "أحمد بن عبدالله" خطأ مطبعي على الغالب . وقوله عن النسائي :
"... إلا أحمد بن محمد بن عبدالله بن عباس" خطأ آخر ! ولعل الأصل : "ولا نعلم محمد بن عبدالله هذا إلا محمد بن علي بن عبدالله بن عباس" ؛ بدليل ما تقدم . والله أعلم .
وأيضاً ؛ فقوله في إسناد الحديث : "كان ابن عمر" خطأ ثالث ، والصواب : "كان ابن عباس" ؛ كما نقله الحافظان المزي والعسقلاني عن النسائي .
ولم يتنبه لهذا : الشيخ حسن النعماني المعلق على "المشكل" ، فذكر في التعليق أن الرواية عن ابن عمر لا عن ابن عباس !
وجملة القول : أن هذا الشاهد ضعيف ؛ لأنه إن كان عن محمد بن عبدالله ابن عباس ؛ فهو مجهول لم يوثقه أحد ، وإن كان عن ابن أخيه محمد بن علي بن عبدالله بن عباس ؛ فإنه منقطع ؛ كما أشار إلى ذلك الطحاوي بقوله :
"لا نعلم له سماعاً من جده" .
ثم إنه لو صح الحديث ؛ لكان نصاً في تفسير قوله صلي الله عليه وسلم :
"إني لا آكل متكئاً" . رواه البخاري وغيره ؛ كما تراه مخرجاً في "مختصر الشمائل" (رقم 124،125) ، و"الإرواء" (1966) ؛ فقد اختلفوا في تفسير الاتكاء فيه على أقوال تراها في "الفتح" ، وقد ذكر أن ابن الجوزي جزم بأنه الميل على أحد الشقين ، ولم يلتفت لإنكار الخطابي ذلك .
قلت : وهو الذي يتبادر لي هنا . والله أعلم .

(/1)


5413 - ( رجب شهر عظيم ، يضاعف الله فيه الحسنات ؛ فمن صام يوماً من رجب ؛ فكأنما صام سنة ، ومن صام منه سبعة أيام ؛ غلقت عنه سبعة أبواب جهنم ، ومن صام منه ثمانية أيام ؛ فتحت له ثمانية أبواب الجنة ، ومن صام منه عشرة أيام ؛ لم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه ، ومن صام منه خمسة عشر يوماً ؛ نادى مناد في السماء : قد غفر لك ما مضى ، فاستأنف العمل ، ومن زاد ؛ زاده الله عز وجل . وفي رجب حمل الله نوحاً في السفينة ، فصام رجب ، وأمر من معه أن يصوموا ؛ فجرت بهم السفينة ستة أشهر ، آخر ذلك يوم عاشوراء ؛ أهبط على الجودي ، فصام نوح ومن معه والوحش ؛ شكراً لله عز وجل . وفي يوم عاشوراء أفلق الله البحر لبني إسرائيل . وفي يوم عاشوراء تاب الله عز وجل على آدم صلي الله عليه وسلم وعلى مدينة يونس ، وفيه ولد إبراهيم صلي الله عليه وسلم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 691 :
$موضوع$
أخرجه الطبراي في "المعجم الكبير" (5538) من طريق عثمان ابن مطر الشيباني عن عبدالغفور - يعني : ابن سعيد - عن عبدالعزيز بن سعيد عن أبيه - قال عثمان : وكانت لأبيه صحبة - قال : ... فذكره مرفوعاً .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته عثمان بن مطر ؛ قال ابن حبان (2/ 99) :
"يروي الموضوعات عن الأثبات" .
وشيخه عبدالغفور ؛ قريب منه . وبه أعله الهيثمي ، فقال (3/ 188) :
"وهو متروك" .
قلت : وقال ابن حبان (2/ 148) :
"كان ممن يضع الحديث على الثقات على كعب وغيره ، لا يحل كتابة حديثه ولا الذكر عنه إلا على جهة الاعتبار" .
وقوله في إسناد الطبراني :
"يعني : ابن سعيد" ! خطأ لا أدري ممن هو ؟! فإنه عبدالغفور بن عبدالعزيز أبو الصباح الواسطي ؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 55) - بعد أن ساق نسبه هكذا - :
"روى عن أبيه عن جده عن النبي صلي الله عليه وسلم ، روى عنه عثمان بن مطر الشيباني" .
وقال الحافظ في ترجمة سعيد الشامي - والد عبدالعزيز - من "الإصابة" :
"جاءت عنه أحاديث من رواية ولده عنه . تفرد بها عبدالغفور أبو الصباح بن عبدالعزيز عن أبيه عبدالعزيز عن أبيه سعيد ..." ؛ ثم ساق بعضها .
وعبدالعزيز بن سعيد والد عبدالغفور ؛ لم أجد من ترجمه .

(/1)


5414 - ( كان شديد البياض ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 693 :
$منكر$
قال ابن كثير في "السيرة" من "البداية" (6/ 17) : وقال يعقوب ابن سفيان : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء : حدثني عمرو بن الحارث : حدثني عبدالله بن سالم عن الزبيدي : أخبرني محمد بن مسلم عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يصف رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقال : ... فذكره . وقال :
"وهذا إسناد حسن ، ولم يخرجوه" !
كذا قال !
وأقول : وأنى له الحسن ، وإسحاق هذا ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق يهم كثيراً ، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب" ؟!
ومحمد بن مسلم : هو الإمام الزهري .
ثم إن الحديث منكر ؛ فقد جاءت أحاديث كثيرة عن غير ما واحد من الصحابة في وصف النبي صلي الله عليه وسلم بأنه كان أبيض ، وفي بعضها :
أنه كا مشرباً بحمرة . وفي غيرها :
أبيض ليس بالأبهق ، وهو الكريه البياض كلون الجص ، يريد أنه كان نير البياض ؛ كما في "النهاية" ، وليس في شيء منها أنه كان شديد البياض ، وقد ذكر طائفة منها ابن كثير نفسه ، وروى بعضها الترمذي في "الشمائل" ؛ فانظر كتابي "مختصر الشمائل" (رقم 1،5،10،12) .

(/1)


5415 - ( من لم يستحي مما قال أو قيل له ؛ فهو لغير رشدة ، حملته أمه على غير طهر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 694 :
$موضوع$
أخرجه الطبراني في "الكبير" (7236) : حدثنا محمد بن خالد الراسبي : حدثنا أبو ميسرة النهاوندي : حدثنا الوليد بن مسلمة الحراني : حدثنا عبيدالله ابن عبدالله بن عمرو بن شويفع عن أبيه عن جده شويفع مرفوعاً .
قلت : سكت عنه صاحبنا السلفي ؛ فلم يعلق عليه بشيء ، وهو موضوع ؛ آفته الوليد بن مسلمة هذا - وهو الطبري - ؛ قال الحافظ في "الإصابة" :
"تفرد به الوليد ، وهو ضعيف ، نسبوه إلى وضع الحديث" .
وله ترجمة سيئة في "الميزان" ، و"اللسان" .
وأبو ميسرة النهاوندي : اسمه أحمد بن عبدالله بن ميسرة ؛ قال ابن عدي :
"يحدث عن الثقات بالمناكير ، ويسرق حديث الناس" . وقال ابن حبان :
"لا يحل الاحتجاج به" .

(/1)


5416 - ( من جلب طعاماً إلى مصر من أمصار المسلمين ، فباعه بسعر يومه ؛ كان له عند الله أجر شهيد في سبيل الله عز وجل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 694 :
$ضعيف$
رواه الخطيب في "تاريخه" (13/ 442) بسند صحيح عن الوليد ابن صالح : حدثنا عيسى بن يونس : حدثنا أبو عمرو البصري عن فرقد عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبدالله مرفوعاً .
وهذا سند ضعيف ؛ فرقد هذا : هو ابن يعقوب السبخي ، وهو لين الحديث كثير الخطأ ؛ كما في "التقريب" .
وأبو عمرو البصري لم أعرفه .
وأما الوليد بن صالح ؛ فوثقه أبو حاتم وغيره ، وله ترجمة في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 7) ، و"تاريخ بغداد" ، وفي ترجمته ساق الحديث .
وقد خالفه عبدالوهاب بن نجدة الحوطي ، فقال : حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن إبراهيم به .
أخرجه تمام الرازي في "الفوائد" (رقم 129) ، والجرجاني في "تاريخ جرجان" (ص 44،356) ، والإسماعيلي في "المعجم" (59/ 2) من طرق عن إبراهيم بن فيل البالسي : حدثنا عبدالوهاب به .
وهذا إسناد ظاهره الصحة ؛ فإن رجاله كلهم ثقات .
فقد أسقط ابن نجدة : أبا عمرو البصري وفرقداً بين عيسى وإبراهيم ، وجعل مكانهما الأعمش .
وهو ثقة ؛ لكنه موصوف بالتدليس ، فأخشى أن يكون بينه وبين إبراهيم فرقد هذا . ولذلك ؛ فإني أتوقف عن تصحيح الحديث إلى أن يثبت سماعه إياه من إبراهيم .
والحديث ؛ عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 240/ 1) للديلمي فقط ! وكذلك فعل في رسالته : "أبواب السعادة في أسباب الشهادة" (رقم 45 - مصر) .
وعزاه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 189) لابن مردويه في "التفسير" بسند ضعيف .
وانظر : "أبشر ؛ فإن الجالب إلى سوقنا كالمجاهد ..." .

(/1)


5417 - ( من سعى على امرأته وولده وما ملكت يمينه ، يقيم فيهم أمر الله ، ويطعمهم من حلال ؛ كان حقاً على الله أن يجعله مع الشهداء في درجاتهم .. ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 696 :
$باطل$
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 353 - مخطوطة الظاهرية) عن الفضل بن عطاء عن الفضل بن شعيب عن منظور عن أبي معاذ عن أبي كاهل رفعه في حديث طويل ؛ هذا قطعة منه . وقال :
"إسناده مجهول ، فيه نظر ، لا يعرف إلا من هذا الوجه" . وقال الذهبي في ترجمة الفضل بن عطاء هذا :
"سنده مظلم ، والمتن باطل" .
وأقره الحافظ في "اللسان" . وقال ابن عبدالبر في ترجمة أبي كاهل :
"له حديث منكر طويل ، فلم أذكره" .
وأقره الحافظ في "الإصابة" ، وعزاه لأبي أحمد - يعني : ابن عدي - ، وابن السكن أيضاً ، وقال هذا الأخير :
"إسناده مجهول" .
وأما السيوطي ؛ فعزاه في "أبواب السعادة في أسباب الشهادة" (رقم 46 - مصر) للطبراني فقط في "الكبير" ، ونقل عن الذهبي قوله : "إسناده مظلم" فقط دون ما بعده : "والمتن باطل" !

(/1)


5418 - ( الثوم من طيبات الرزق ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 697 :
$مقطوع ضعيف$
أخرجه الترمذي (1812 - حمص) : حدثنا محمد بن حميد : حدثنا زيد الحباب عن أبي خلدة عن أبي العالية قال : ... فذكره موقوفاً عليه .
قلت : ومع وقفه لا يصح الإسناد إليه ؛ لأن محمد بن حميد - وهو الرازي - مع حفظه ؛ فقد ضعفوه .
وإنما حملني على تخريج هذا المقطوع - خلافاً لعادتي - : أنني رأيت أحد المعلقين على رسالة "موضوعات الصغاني" قد وهم وهماً فاحشاً في هذا ، فقال (ص 60) :
".. فقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : "الثوم من طيبات الرزق" . وهذا الحديث أخرجه الترمذي في "جامعه" ، كتاب الأطعمة ، باب ما جاء في الرخصة في أكل الثوم : "تحفة الأحوذي" (5/ 530) عن أبي العالية بسند صحيح" !!
هذا كلامه بالحرف الواحد ! فهو ينقله مقطوعاً ، ويصيره مرفوعاً ، فعلى ماذا يدل هذا التناقض ؟! أقل ما يقال : إنه لم يفهم هذا العلم بعد ، فلا يجوز لمثله أن يتولى فن التخريج والتحقيق إلا بعد أن يمضي عليه زمن يشعر هو في نفسه بأنه قد استوى عوده ، ويشهد له من له سابقة في هذا المجال ، ولهذا أنصح دائماً إخواننا الناشئين في هذا العلم أن لا يتسرعوا بنشر ما يخرجونه أو يحققونه ، وإنما يحتفظون بذلك لأنفسهم إلى أن ينضجوا فيه .
والحق والحق أقول : إن من فتن هذا الزمان حب الظهور وحشر النفس في زمرة المؤلفين ، وخاصة في علم الحديث الذي عرف الناس قدره أخيراً بعد أن أهملوه قروناً ، ولكنهم لم يقدروه حق قدره ، وتوهموا أن المرء بمجرد أن يحسن الرجوع إلى بعض المصادر من مصادره والنقل منها ؛ صار بإمكانه أن يعلق وأن يؤلف ! نسأل الله السلامة من العجب والغرور !!

(/1)


5419 - ( لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها ، وعلى أبواب بيت المقدس وما حولها ، لا يضرهم خذلان من خذلهم ، ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 698 :
$ضعيف بهذا السياق$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (ق 301/ 1 - النسخة القديمة 4/ 1519 - النسخة الحديثة الهندية) ، وتمام في "الفوائد" (ق 279/ 2) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/ 413/ 2) عن إسماعيل بن عياش الحمصي عن الوليد بن عباد عن عامر الأحول عن أبي صالح الخولاني عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ كما كنت بينته في "تخريج فضائل الشام ودمشق" (الحديث التاسع والعشرون) ، فلا داعي لإعادة الكلام ، وإنما ذكرته في هذه "السلسلة" لأمور ، أهمها اثنان :
الأول : زيادة مصادر في التخريج .
والآخر : التأكد أو التحقق من أن إسناد الحديث عند أبي يعلى يدور على الوليد بن عباد ؛ فقد كان كلام الهيثمي على الحديث شككني في ذلك ؛ لأنه لما عزاه في مكان للطبراني ؛ أعله بجهالة الوليد هذا ، ولما عزاه في مكان آخر لأبي يعلى قال :
"ورجاله ثقات" ! وتساءلت هناك : هل إسناد أبي يعلى من الوجه المذكور أم لا .. ؟ ولم أكن وقفت يومئذ على إسناد أبي يعلى ، فلما تفضل الله علي بالوقوف عليه ؛ بادرت إلى إزالة الشك ، والتحقق من أن الإسناد واحد ، وأن توثيق الهيثمي لرجال أبي يعلى إنما هو اعتماد منه على توثيق ابن حبان للوليد المذكور في سند الطبراني أيضاً ، وذلك مما يفعله الهيثمي كثيراً ، وهو من تساهله المعروف لدى العارفين بهذا العلم الشريف !
واعلم أن أصل الحديث صحيح ؛ بل متواتر ، جاء عن جمع من الصحابة ، منهم أبو هريرة دون ذكر أبواب دمشق وبيت المقدس ، خرجت الكثير الطيب منها في "الصحيحة" فانظر "صحيح الجامع" (7164-7173) .
وقد رويت هذه الزيادة بلفظ :
قالوا : وأين هم ؟ قال : "بيت المقدس ، وأكناف بين المقدس" ! لكن في إسنادها جهالة ؛ كما بينته في "الصحيحة" تحت الحديث (1957) .
نعم ؛ صح عن معاذ موقوفاً عليه بلفظ : وهم أهل الشام .
انظر الحديث (1958) من "الصحيحة" .

(/1)


5420 - ( لا تسبو الدنيا ؛ فنعم مطية المؤمن ، عليها يبلغ الخير ، وبها ينجو من الشر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 699 :
$موضوع$
رواه الهيثم بن كليب في "السند" (47/ 1) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 12/ 2) ، والضياء المقدسي في "جزء من حديث أبي نصر العكبري وغيره" (183/ 1) عن إسماعيل بن أبان : أخبرنا السري بن إسماعيل عن عامر عن مسروق عن عبدالله مرفوعاً . وقال ابن عدي :
"وإسماعيل بن أبان الغنوي ؛ عامة رواياته مما لا يتابع عليه ؛ إما إسناداً وإما متناً . قال ابن معين : كذاب . وقال البخاري : متروك الحديث . تركه أحمد . وقال أحمد : كتبنا عنه هشام بن عروة وغيره ، ثم حدث - أحاديث في الخضرة - أحاديث موضوعة ، أراه عن فطر أو غيره ، فتركناه" .
قلت : وهذا الحديث ذكره الذهبي في ترجمته من مناكيره . وقال ابن حبان في "المجروحين" (1/ 128) :
"كان يضع الحديث على الثقات . قال ابن معين : وضع على سفيان أحاديث لم تكن" .
قلت : وشيخه السري بن إسماعيل ليس خيراً منه ؛ أورده ابن حبان أيضاً في "المجروحين" (1/ 355) ، وقال :
"كان يقلب الأسانيد ، ويرفع المراسيل ؛ قال يحيى القطان : استبان لي كذبه في مجلس واحد . وكان يحيى بن معين شديد الحمل عليه" .
قلت : وهو من الأحاديث التي سود بها المدعو : (عز الدين بليق اللبناني) كتابه "منهاج الصالحين" ، فأورده فيه (ص 117/ رقم 68) من رواية الديلمي ، وأشار في مقدمته (ص 7) أنه استبعد عنه الأحاديث الضعيفة والموضوعة !
والواقع يشهد أنه بخلاف ذلك ؛ وهذا مثال من أمثلة كثيرة ، قد نتعرض لذكر بعضها .

(/1)


5421 - ( من أحب أن يكون أعز الناس ؛ فليتق الله ، ومن أحب أن يكون أقوى الناس ؛ فليتوكل على الله ، ومن أحب أن يكون أغنى الناس ؛ فليكن بما في يد الله أغنى منه بما في يده ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 701 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن أبي الدنيا في "القناعة" (2/ 3/ 1) قال : حدثنا سليمان بن منصور : حدثنا أبو المطرف المغيرة بن مطرف عن أبي المقدام عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس مرفوعاً .
ورواه القضاعي في "مسند الشهاب" (30/ 1) من طريق عباد بن عباد عن هشام بن زياد عن محمد بن كعب به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته أبو المقدام هشام بن زياد ، وهو ضعيف بمرة ؛ فقد أورده الذهبي في "الميزان" ، وحكى تضعيفه عن جمع من الأئمة دون خلاف بينهم . ولذلك ؛ قال في "الكاشف" :
"ضعفوه" .
وبعضهم ضعفه أشد التضعيف ؛ فقال ابن حبان في "المجروحين" :
"كان يروي الموضوعات عن الثقات ، والمقلوبات عن الأثبات ، حتى يسبق إلى قلب المستمع أنه كان المتعمد لها" . وقال الحافظ في "التقريب" - تبعاً لقول النسائي فيه - :
"متروك" .
ومن طريقه : رواه عبدالله بن أحمد في زوائد "الزهد" (ص 295) ، وابن أبي حاتم - كما في "تفسير ابن كثير" (4/ 54) - وسكت عليه ؛ لأنه ساق إسناده ، فبرئت بذلك ذمته ، وجهل ذلك الحلبيان اللذان اختصرا "التفسير" ؛ فأورداه في "مختصريهما" ؛ مع أنهما صرحا في مقدمتيهما أنهما التزما أن لا يوردا إلا الأحاديث الصحيحة ! فأخلا بذلك في كثير من الأحاديث ، وقد تقدم التنبيه على بعضها .

(/1)


5422 - ( قال ربكم : وعزتي وجلالي ! لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله ، ولأنتقمن ممن رأى مظلوماً فقدر أن ينصره فلم يفعل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 702 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة : حدثني أبي عن أبيه قال : كتب إلي المهدي بعهدي ، وأمرني أن أصلب في الحكم ، وقال في كتابه : حدثني أبي عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعاً به .
ومن طريقه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 44) .
ومن هذا الوجه : أخرجه أيضاً أبو الشيخ ابن حيان - كما في "الترغيب" (3/ 148) - ، وأبو أحمد الحاكم في "الكنى" (ق 49/ 1) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (9/ 466/ 1 و 15/ 274/ 1 و 18/ 31/ 2) .
أورده أبو نعيم في ترجمة والد المهدي أبي جعفر المنصور ، وقال :
"روى عنه ابنه المهدي أحاديث" . ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وكذلك فعل الخطيب في "تاريخ بغداد" (10/ 53-61) ، وقد أطال في ترجمته ، الأمر الذي يدل أنه كان غير معروف حاله في الرواية عندهم .
ومثله ابنه المهدي - واسمه محمد - ترجمه الخطيب (5/ 391-401) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً . وفي ظني أنه هو وأباه المقصودان بقول الهيثمي في "المجمع" (7/ 267) :
"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" ، وفيه من لم أعرفهم" .
وقد أعله المنذري بعلتين أخريين :
الأولى : أحمد بن محمد ؛ شيخ الطبراني ؛ قال :
"فيه نظر" !
والأخرى : قال :
"وجد المهدي : هو محمد بن علي بن عبدالله بن عباس ، وروايته عن ابن عباس مرسلة" !
قلت : والجواب عن الأولى : أنه قد تابعه أبو الحارث محمد بن مصعب الدمشقي ومحمد بن الحسن بن فيل وغيرهما عند ابن عساكر في المجلد (18) .
وأما الأخرى : فالذي يظهر لي أن الجد هنا إنما هو علي بن عبدالله بن عباس لا ابنه محمد ؛ فإن المهدي هو محمد بن عبدالله المنصور بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس . فقول المهدي : "حدثني أبي" صريح في أنه يعني : المنصور . وقوله : "عن أبيه" إنما يعني أبا المنصور محمد بن علي . فقوله : "عن جده" إنما يعني - إذن - علي بن عبدالله بن عباس ، وهذا ظاهر ، والله أعلم .
(تنبيه) : هذا الحديث مما عزاه مؤلف "منهاج الصالحين" لرواية الإمام أحمد برقم (583) ! وهو من أخطائه الفاحشة التي طف بها كتابه ، وأنا الآن في صدد تتبعها والكشف عنها ؛ تحذيراً وتذكيراً .

(/1)


5423 - ( يا سلمان ! ما من مسلم يدخل على أخيه المسلم ، فيلقي له وسادةً إكراماً له ؛ إلا غفر الله له ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 704 :
$ضعيف جداً$
أخرجه ابن حبان في "المجروحين" (2/ 124-125) ، وأبو الشيخ في "الأخلاق" (ص 266) ، والطبراني في "الكبير" (6068) ، والحاكم (3/ 599) من طريق عمران بن خالد الخزاعي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال :
دخل سلمان الفارسي على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهو متكىء على وسادة ، فألقاها له ، فقال سلمان : صدق الله ورسوله ! فقال عمر : حدثنا يا أبا عبدالله ! قال :
دخلت على رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو متكىء على وسادة ؛ فألقاها إلي ، ثم قال لي : ... فذكره .
قلت : أورده ابن حبان في ترجمة عمران هذا ، وقال :
"روى عنه أهل البصرة العجائب ، وما لا يشبه حديث الثقات ، فلا يجوز الاحتجاج به" .
وأما الحاكم ؛ فسكت عنه ! وبيض له الذهبي في "تلخيصه" !
ولكنه قال في "الميزان" :
"وهذا خبر ساقط" .
قلت : ومن هذا الوجه : رواه الطبراني في "الصغير" أيضاً (ص 157 - هندية) بلفظ مقلوب أوله ؛ فقال :
دخل عمر بن الخطاب على سلمان ... والباقي مثله !
وأورده الهيثمي بروايتي الطبراني ؛ وقال عقب كل واحدة منهما :
"وفيه عمران بن خالد الخزاعي ، وهو ضعيف" !
وهذا الحديث مما سود به مؤلف "منهاج الصالحين" كتابه هذا (1138) ، وقد زعم أنه استبعد عنه الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، وقد استدركت عليه أكثر من ثلاث مئة حديث من النوعين .
ثم رواه الطبراني (6188) من طريق سويد بن عبدالعزيز عن أبي عبدالله النجراني عن القاسم أبي عبدالرحمن قال : قال سلمان الفارسي : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"إذا زار أحدكم أخاه ، فألقى له شيئاً يقيه من التراب ؛ وقاه الله عذاب النار" .
قلت : وسويد هذا واه جداً .
ولم يورده الهيثمي (8/ 174) عقب الروايتين السابقتين ، وكأنه استغنى بهما عن هذا ! والله أعلم .

(/1)


5424 - ( استوصوا بالكهول خيراً ، وارحموا الشباب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 705 :
$موضوع$
أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (1/ 1/ 49 - مختصره) من طريق عثمان بن عبدالله القرشي : حدثنا عبدالعزيز بن أبي حازم عن أبيه عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قلت : قال الحافظ عقبه :
"قلت : عثمان متروك" .
قلت : وهو عثمان بن عبدالله الأموي ؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 102) :
"يروي عن الليث ومالك وابن لهيعة ، ويضع عليهم الحديث ، لا يحل كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار" .
وكلمات سائر الأئمة تدور كلها حول اتهامه بالوضع .
وقد أطال ابن حجر ترجمته في "لسان الميزان" ؛ فليراجعه من شاء .

(/1)


5425 - ( من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه ؛ فكأنما ينظر في النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 706 :
$ضعيف جداً$
رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (ق 40/ 1) ، والحاكم (4/ 270) من طريق أبي المقدام هشام بن زياد عن محمد بن كعب عن ابن عباس مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته هشام هذا ؛ فإنه متروك ؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" ، والذهبي من قبل في "التلخيص" .
وقد تابعه - عند الحاكم - محمد بن معاوية : حدثنا مصادف بن زياد المديني قال : سمعت محمد بن كعب به مختصراً بلفظ :
"لا ينظر أحد منكم في كتاب أخيه إلا بإذنه" .
سكت الحاكم عن الحديث من الوجهين ! فتعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : هشام متروك ، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطني ، فبطل الحديث" .
ولذلك ؛ قال الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص 229) :
"طرقه واهية" .

(/1)


5426 - ( لا تظهر الشماتة لأخيك ؛ فيرحمه الله ويبتليك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 707 :
$ضعيف$
أخرجه الترمذي (2508) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 186) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (9/ 96) ، وكذا المخلص في "الفوائد المنتقاة" (7/ ) ، وأبو الحسن الحربي في "الأمالي" (247/ 1) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (158/ 2) ، والماليني في "الأربعين" (42/ 2) ، والطبراني في "المنتقى منه" (81/ 2) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 310/ 1) ، والخطيب أيضاً في "الموضح" (2/ 5) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (5/ 177/ 2) ، وأبو جعفر الطوسي في "الأمالي" (ص 20) ، و ابن حبان في "المجروحين" (2/ 213-214) من طريق عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمداني والقاسم بن أمية الحذاء كلاهما عن حفص بن غياث عن برد بن سنان عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً به . وقال أبو نعيم :
"غريب من حديث برد ومكحول ، لم نكتبه إلا من حديث حفص بن غياث النخعي" . وقال الترمذي :
"هذا حديث حسن غريب ، ومكحول قد سمع من واثلة بن الأسقع" !
قلت : وقد خالفه ابن حبان ، فقال :
"وهذا لا أصل له من كلام رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ القاسم بن أمية شيخ يروي عن حفص بن غياث المناكير الكثيرة ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد" .
قلت : وهذا الإعلال رده الحافظ ابن حجر في "التهذيب" بقوله :
"كذا قال ! وشهادة أبي زرعة وأبي حاتم له أنه صدوق أولى من تضعيف ابن حبان" .
وسبقه إلى هذا المعنى الذهبي في "الميزان" .
ولذلك ؛ لا تطمئن النفس لهذا الإعلال ، وإن تبعه عليه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 224) ! على أن السيوطي قد رده من جهة أخرى ، وهي أن القاسم هذا قد تابعه آخران سماهما ، فانظر "اللآلي" (4/ 428) .
ولذلك ؛ أورده الحافظ ابن حجر في جملة الأحاديث التي حكم القزويني بوضعها ، ورد ذلك عليه ، وهي مطبوعة في آخر "المشكاة" (3/ 311- بتحقيقي) ، ولكنه لم يحقق القول فيه على خلاف عادته ؛ فإنه ادعى أن الترمذي إنما حسنه لاعتضاده بشاهد ساقه الترمذي له بمعناه ! ومع أن هذا لا يصلح في الشواهد ؛ لأن فيه متهماً بالكذب ؛ كما تقدم نقله عند تخريج حديثه برقم (178) ؛ لأن الترمذي قد وصف حديث الترجمة بأنه :
"حسن غريب" ، وما يحسنه لشواهده إنما يقول فيه :
"حسن" فقط ؛ كما صرح بذلك في آخر كتابه "السنن" .
فالصواب أنه حسنه لذاته ؛ لثقة رجاله ، واتصال إسناده عنده . أما الثقة ؛ فلا مجال للنظر فيها لما سبق ، وإنما النظر في الاتصال المذكور ؛ فإن تصريحه بسماع مكحول من واثلة قد خالفه فيه شيخه البخاري ؛ فقال : إنه لم يسمع منه .
ولا يشك عارف بهذا الفن أنه أعلم منه بعلل الحديث ورجاله ، ولا سيما أنه وافقه على ذلك أبو حاتم الرازي ، فأخشى أن يكون الترمذي اعتمد في ذلك على رواية لا تثبت ؛ فقد جاء في "التهذيب" ما نصه :
"قال أبو حاتم : قلت لأبي مسهر : هل سمع مكحول من أحد من الصحابة ؟! قال : من أنس . قلت : قيل : سمع من أبي هند ؟ قال : من رواه ؟ قلت : حيوة عن أبي صخرة عن مكحول : أنه سمع أبا هند . فكأنه لم يلتفت إلى ذلك . فقلت له : فواثلة بن الأسقع ؟ فقال : من يرويه ؟ قلت : حدثنا أبو صالح : حدثني معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول قال : دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة ! فكأنه أومى برأسه" .
قلت : فهذا لو صح عن مكحول ؛ ثبت سماعه منه ، ولكن في الطريق إليه ما يدفعه ؛ فأبو صالح - وهو عبدالله بن صالح المصري - كثير الغلط ؛ كما قال الحافظ في "التقريب" .
والعلاء بن الحارث كان اختلط ، ولهذا لم يعتد به أبو حاتم ، وهو الراوي له ، فنفى سماعه منه ؛ كما تقدم .
وأيضاً ؛ لو ثبت سماعه منه في الجملة ؛ لم يلزم ثبوت سماعه لهذا الحديث منه ؛ لأن ابن حبان رماه بالتدليس .
نعم ؛ إن صح ما في رواية الشهاب القضاعي من طريق أبي يعلى الساجي : أخبرنا القاسم بن أمية الحذاء قال : سمعت حفص بن غياث يقول : سمعت برداً يقول : سمعت مكحولاً يقول : سمعت واثلة يقول ...
قلت : ففي هذا الإسناد التصريح بسماع مكحول .
والساجي - واسمه زكريا بن يحيى - أحد الأثبات ؛ كما قال الذهبي .
لكن لا أدري ما حال الذين دون الساجي ؛ فإن الكناشة التي عندي لم أكتبهم فيها يوم نسخت الأحاديث فيها من أصولها المحفوظة في المكتبة الظاهرية ، ولا سبيل الآن إلى الرجوع إلى الأصل ؛ لأني أكتب هذا التحقيق وأنا في عمان .
وعلى كل حال ؛ فأنا في شك كبير في ثبوت سماعه في هذه الطريق ؛ لمخالفتها لسائر طرق الحديث عند كل من ذكرنا من المخرجين .
والخلاصة : أن علة الحديث عندي : الانقطاع بين مكحول وواثلة . والله أعلم .
بقي شيء واحد ؛ وهو أن السيوطي ذكر له شاهداً من حديث ابن عباس ، وضعفه بإبراهيم بن الحكم بن أبان .
وقد ضعفه البخاري جداً ؛ فلا يستشهد به ، والله أعلم .

(/1)


5427 - ( من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله ؛ فلينظر كيف منزلة الله عنده ؛ فإن الله تعالى ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 710 :
$ضعيف$
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2/ 512،575) ، ومن طريقه ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 81) ، والبزار في "مسنده" (ص 295 - زوائد ابن حجر) ، والحاكم (1/ 494-495) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 321) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (2/ 268/ 2) من طريق عمر بن عبدالله مولى غفرة قال : سمعت أيوب بن خالد بن صفوان الأنصاري يقول : قال جابر بن عبدالله : ... فذكره مرفوعاً ، وزادوا في أوله :
"يا أيها الناس ! إن لله سرايا من الملائكة ، تحل وتقف على مجالس الذكر في الأرض ، فارتعوا في رياض الجنة ؟" . قالوا : أين رياض الجنة ؟ قال : "مجالس الذكر ؛ فاغدوا وروحوا في ذكر الله وذكروه أنفسكم ، من كان ..." وقال الحاكم :
"صحيح الإسناد" ! ورده الذهبي بقوله :
"قلت : عمر ضعيف" . وفي ترجمته أورد الحديث ، وقال :
"كان يقلب الأخبار ، ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ، لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره إلا على سبيل الاعتبار" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"ضعيف" . وقال الهيثمي في "المجمع" :
"رواه أبو يعلى ، والبزار ، والطبراني في "الأوسط" ، وفيه عمر مولى غفرة ؛ وقد وثقه غير واحد ، وضعفه جماعة ، وبقية رجالهم رجال (الصحيح)" .
ونحوه في "الترغيب" (3/ 234) ؛ إلا أنه قال :
"والحديث حسن . والله أعلم" !
قلت : وهو تساهل منه ! وقد ذكره الذهبي فيما أنكر على عمر ، مع تصريحه بضعفه آنفاً . والله أعلم .
ثم رأيت الحديث قد رواه الإمام أحمد في "الزهد" (ص 242) من طريق غيلان يحدث عن مطرف (وهو ابن الشخير) قال : سمعته يقول :
من أحب أن يعلم ما له عند الله ؛ فلينظر ما لله عنده .
وإسناده صحيح مقطوع .
وغيلان : هو ابن جرير البصري .
فلعل أصل الحديث موقوف ، رفعه ذاك الضعيف . والله أعلم .
والحديث ؛ أورده شارح "الطحاوية" في بحث الفوقية ، ولم يصرح بأنه مرفوع ؛ فإنه قال :
"جاء في الأثر ..." فذكره ؛ لكنه قال : "في قلبه" مكان : "عنده" ! و : "من قلبه" مكان : "من نفسه" !
وكنت لما خرجت الشرح المذكور علقت عليه بقولي :
"لا أعرفه" .
وها قد عرفته فيما بعد مقطوعاً صحيحاً بطرفه الأول ، وبتمامه مرفوعاً ضعيفاً ، فبادرت إلى نشره ، مع الشكر لمن كان السبب إلى إرشادي إلى وجوده في "المستدرك" ، كما أشرت بذلك في الطبعة التاسعة من الشرح المذكور (ص 290) .
وأما مخرجه الشيخ شعيب الأرناؤوط فقد علق عليه (ص 389 - طبع مؤسسة الرسالة) بقوله :
"أطلق المؤلف كلمة (الأثر) على المأثور من كلام السلف ؛ كما هو في اصطلاح الفقهاء ؛ فإن النص الذي أورده ليس بحديث" !
كذا قال ! وهذا من تهوره وادعاء ما لم يحط به علمه ، فهلا وقف عند قولي : "لا أعرفه" ، أو ما هو بمعناه مثل قولهم : "لم أجده" ،أو "لم أقف عليه" ؟!

(/1)


5428 - ( لا فقر أشد من الجهل ، ولا مال أعود من العقل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا استظهار أوفق من المشاورة ، ولا عقل كالتدبير ، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا ورع كالكف ، ولا عبادة كالتفكر ، ولا إيمان كالحياء والصبر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 713 :
$موضوع$
رواه الطبراي في "المعجم الكبير" (2688) ، وابن حبان في "المجروحين" (2/ 306-307) من طريق عثمان بن سعيد الزيات : حدثنا محمد ابن عبدالله أبو رجاء الحبطي التستري : حدثنا شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعاً . وقال الطبراني :
"لم يروه عن شعبة إلا الحبطي ، تفرد به عثمان بن سعيد الزيات ، ولا يروى عن علي رضي الله عنه إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وهو موضوع ؛ آفته الحبطي هذا ؛ قال الهيثمي (10/ 283) :
"كذاب" . وهو معنى قول ابن حبان في الحبطي هذا :
"يروي عن شعبة ما ليس من حديثه ، ممن يأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات" .
وهو من الأحاديث التي سود بها المدعو (عز الدين بليق) كتابه الذي سماه "منهاج الصالحين" (رقم 1575) . ومن مصائبه أنه عزاه لابن ماجه أيضاً ، فكأنه قلد في ذلك الشيخ العجلوني في "كشف الخفاء" !
وقد أخطأ هذا خطأ آخر ، فقال :
"رواه ابن ماجه ، والطبراني عن أبي ذر ، وفي الباب عن علي بن أبي طالب" !!
ووجه الخطأ : أنه جعل حديث الترجمة لأبي ذر عند ابن ماجه ، وإنما هو لعلي عند الطبراني ،ولأبي ذر - لدى الأول - جملة العقل واللتان بعدها ، وقد رويت من طرق أخرى عن غيره من الصحابة ؛ وكلها ضعيفة ، وقد سبق تخريجها رقم (1910) .
ثم إن في الحديث علة أخرى ، وهي الحارث - وهو ابن عبدالله الأعور - ؛ فيه لين ؛ كما قال الذهبي في "الكاشف" .
ولأبي نعيم في "الحلية" (2/ 36) الجملة الأولى والثانية . وللقضاعي (ق 71/ 1) أكثره .
وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" (914) مختصراً من رواية أبي بكر بن كامل في "معجمه" وابن النجار عن الحارث عن علي !

(/1)


5429 - ( أول شيء كتب الله عز وجل في اللوح المحفوظ : بسم الله الرحمن الرحيم ، إنه من استسلم لقضائي ، ورضي بحكمي ، وصبر علي بلائي ؛ بعثته يوم القيامة مع الصديقين ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 714 :
$موضوع$
أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" عن إسماعيل بن بشر : حدثنا حماد بن قريش : حدثنا سليمان بن عمرو عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
قال الحافظ في "الغرائب الملتقطة" (1/ 1/ 3) :
"قلت : جويبر ضعيف ، والضحاك لم يسمع من ابن عباس . والراوي عنه تالف . وفي السند أيضاً ..." ! كذا بياض بخط الحافظ .
قلت : والتالف : هو سليمان بن عمرو ، وهو أبو داود النخعي الكذاب ؛ كما وصفه الذهبي ، وذكر أن أحمد قال :
"كان يضع الحديث" . وقال يحيى :
"كان أكذب الناس" . وفي "اللسان" :
"قال ابن المديني : كان من الدجالين . وقال ابن راهويه : لا أدري في الدنيا أكذب منه" ! قال الحافظ ابن حجر :
"قلت : الكلام فيه لا يحصر ؛ فقد كذبه ونسبه إلى الوضع من المتقدمين والمتأخرين ممن نقل كلامهم في الجرح والعدالة فوق الثلاثين نفساً" .
قلت : وهو من أقبح الأحاديث التي شان بها الكاتب بليق كتابه "المنهاج" (1612) !

(/1)


5430 - ( يؤتى بحسنات العبد وسيئاته ، فيقتص بعضها ببعض ، فإن بقيت حسنة ؛ وسع الله له في الجنة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 715 :
$ضعيف$
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 113) ، والطبري في "التفسير" (26/ 12) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (12832) من طريق الحكم بن أبان العدني عن الغطريف أبي هارون عن جابر بن زيد عن ابن عباس مرفوعاً به - زاد غير البخاري - عن الروح الأمين قال - زاد الطبراني - : قال الرب عز وجل ... فذكره .
أورده البخاري في ترجمة (الغطريف) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وكذلك فعل ابن أبي حاتم ، وذكر أنه يماني ؛ فهو مجهول .
وأما قول الهيثمي في "المجمع" (10/ 218) :
"رواه الطبراني ، وإسناده جيد" !
قلت : فالظاهر أنه - أعني : الغطريف - وثقه ابن حبان ؛ فإن الهيثمي كثير الاعتماد على توثيقه ، وقد أشار إلى ذلك في مكان آخر ، فقال (10/ 355) :
"رواه البزار [3456] ، ورجاله وثقوا ، على ضعف في بعضهم" .
والبعض الذي أشار إليه : هو الحكم بن أبان ؛ فقد قال الحافظ فيه :
"صدوق عابد ، وله أوهام" .
ثم رأيت الحافظ ابن كثير قد أورد الحديث في "التفسير" (4/ 158) من رواية ابن جرير وابن أبي حاتم من هذا الوجه ؛ وقال :
"وهو حديث غريب ، وإسناده جيد لا بأس به" !!

(/1)


5431 - ( ما من شيء أحب إلى الله من شاب تائب ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 716 :
$ضعيف$
رواه ابن عدي (207/ 2) ، وابن عساكر في "التوبة" (4/ 1) عن غسان بن عبيد : حدثنا أبو عاتكة طريف بن سليمان عن أنس مرفوعاً . وقال ابن عدي :
"طريف بن سليمان أبو عاتكة ؛ عامة ما يرويه عن أنس لا يتابعه عليه أحد من الثقات" . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 382) :
"منكر الحديث جداً" . وقال البخاري :
"منكر الحديث" .
وغسان بن عبيد فيه ضعف .
وأخرجه الديلمي (4/ 20) من طريق أحمد بن محمد بن غالب عن أنس مرفوعاً .
وابن غالب هذا : هو غلام خليل الزاهد ، وهو متروك .
والحديث ؛ أورده السيوطي من رواية أبي المظفر السمعاني في "أماليه" عن سلمان ، وله عنده تتمة .

(/1)


5432 - ( سبعة من السنة في الصبي يوم السابع : يسمى ، ويختن ، ويماط عنه الأذى ، ويثقب أذنه ، ويعق عنه ، ويحلق رأسه ، ويلطخ بدم عقيقته ، ويتصدق بوزن شعره في رأسه ذهباً أو فضة ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 717 :
$منكر بهذا التمام$
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم 552 - بترقيمي) عن رواد بن الجراح عن عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عباس قال : سبعة ... الحديث . وقال :
"لم يروه عن عبدالملك إلا رواد" .
قلت : وهو ضعيف ؛ لاختلاطه واختلاف العلماء فيه ؛ فمنهم من وثقه ، ومنهم من ضعفه ، ومنهم من بالغ في تضعيفه ؛ كالدارقطني فقال :
"متروك" . ولخص أقوالهم الحافظ ابن حجر ، فقال في "التقريب" :
"صدوق ، اختلط بآخره فترك ، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد" .
قلت : فالعجب منه كيف احتج به لشرعية ثقب أذن الصبي ، وقال - عقبه - :
"وهو يستدرك على قول بعض الشارحين : لا مستند لأصحابنا في قولهم : إنه سنة" !
قلت : وكيف يجوز إثبات السنة بمثل هذا الإسناد الواهي ؟! ولا سيما وفي متنه جملة مستنكرة ، وهي أنه يلطخ رأسه بدم عقيقته ؛ فإن هذا التلطيخ كان في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام أمر النبي صلي الله عليه وسلم أن يجعل مكان الدم خلوقاً ، وقد ذكر الحافظ نفسه في "الفتح" بعض الأحاديث الواردة في ذلك (9/ 594) ، وخرجت أنا بعضها في "الإرواء" (4/ 388-389) ؛ فليراجعها من شاء .
هذا ؛ ولعل الحافظ لم يتيسر له الرجوع إلى سند الحديث ؛ فاعتمد على قول شيخه الهيثمي في "المجمع" (4/ 59) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، ورجاله ثقات" !
وهذا مع كونه غير مسلم - لما فيه من إهمال الجرح المفسر بالاختلاط عمداً أو سهواً - ؛ فإنه لا يعني أن الإسناد قوي ، كما سبق التنبيه عليه مراراً .
ومن المحتمل أن ذلك كان بسبب العجلة . ومما يشعر بذلك : أنه لم يسق الحديث بتمامه ، بل طرفه الأول ، ثم موضع الشاهد منه ، فقال :
"فذكر السابع منها : وثقب أذنه" . فهذا خطأ ظاهر فإنه الرابع منها ، ولا تعليل له إلا العجلة ، والله أعلم .

(/1)


5433 - ( إنك لم تدع لنا شيئاً ، قال الله : (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) ، فرددناها عليك ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 719 :
$منكر$
أخرجه أحمد في "الزهد" - كما في "الدر المنثور" (2/ 188) - ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (6114) ، والخطيب (14/ 44) أيضاً ، وابن جرير في "التفسير" (5/ 120) من طريق هشام بن لاحق عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال :
جاء رجل إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله ! فقال :
"وعليك [السلام] ورحمة الله" . ثم جاء آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ! ورحمة الله .
فقال : "وعليك [السلام] ورحمة الله وبركاته" .
ثم جاء آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ! ورحمة الله وبركاته . فقال له : "وعليك" .
فقال له الرجل : يا نبي الله ! بأبي أنت وأمي ؛ أتاك فلان وفلان ، فسلما عليك ، فرددت عليهما أكثر مما رددت علي ؟! فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات ؛ غير هشام بن لاحق ؛ قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/ 33) - بعد أن عزاه للطبراني - :
"وفيه هشام بن لاحق ؛ قواه النسائي ، وترك أحمد حديثه ، وبقية رجاله رجال (الصحيح)" !
قلت : وأورده ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 90-91) ، وقال :
"منكر الحديث ، يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ، لا يجوز الاحتجاج به لما أكثر من المقلوبات عن أقوام ثقات" .
قلت : وعزاه السيوطي لابن المنذر أيضاً ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه بسند حسن !
كذا قال ! وفيه تساهل ظاهر ؛ فإن هشاماً هذا لم يوثقه - غير النسائي - إلا ابن عدي ؛ فقال :
"أحاديثه حسان ، أرجو أنه لا بأس به" .
وتناقض فيه ابن حبان ، فأورده في "الثقات" أيضاً ، فقال :
"روى عن عاصم . وعنه أحمد بن هشام بن بهرام نسخة ، في القلب من بعضها" !
ذكره في "اللسان" . وفيه أن العقيلي ذكره في "الضعفاء" ، وقال هو والساجي :
"قال البخاري : هو مضطرب الحديث ، عنده مناكير ، أنكر شبابة أحاديثه" . قال الساجي :
"وهو لا يتابع" .
قلت : فقد ضعفه الجمهور ، وقولهم مقدم على قول من وثقه ؛ لأنه جرح مفسر ، حتى في كلام ابن حبان في "الثقات" ، فهو يلتقي مع طعنه فيه في "الضعفاء" ؛ ويتحصل من مجموع كلمتيه أن الرجل صدوق في نفسه ؛ لكنه يخطىء ، فهو لذلك بكتاب "الضعفاء" أليق . وقال ابن الجوزي في "العلل" (2/ 231) :
"لا يصح . قال أحمد : تركت حديث هشام بن لاحق . قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به" .
وأقره الحافظ في "تخريج الكشاف" (ص 46) .
ثم إن قول الهيثمي المتقدم :
"وبقية رجاله رجال (الصحيح)" ! فهو غير صحيح ؛ لأن الراوي عن هشام - عند الطبراني - عبدالله بن أحمد بن حنبل ؛ وإن كان ثقة ؛ فليس من رجال "الصحيح" ؛ فإنه لم يرو عنه من الستة إلا النسائي !
وللحديث شاهد من حديث نافع أبي هرمز عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه .
أخرجه الطبراني في "الكبير" (12007) وفي "الأوسط" أيضاً ؛ كما في "المجمع" ؛ وقال :
"وفيه نافع بن هرمز ، وهو ضعيف جداً" .
قلت : فمثله لا يستشهد به .
وأما الحديث الذي رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم 771 - بترقيمي) في ترجمة (أحمد بن يحيى الحلواني) بسنده الصحيح عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لها :
"يا عائشة ! هذا جبريل يقرأ عليك السلام" .
فقالت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته . فذهبت تزيد ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم :
"إلى هذا انتهى السلام" ، فقال : " (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت) " . وقال الطبراني :
"لم يروه عن العلاء بن المسيب إلا عباد بن العوام" .
قلت : وهو ثقة من رجال الشيخين ، وكذلك من فوقه .
إلا أن العلاء بن المسيب قد تكلم فيه من قبل حفظه ، حتى قال الحاكم :
"له أوهام في الإسناد والمتن" . وأشر إلى ذلك الحافظ في "التقريب" بقوله :
"ثقة ربما وهم" .
قلت : وأنا أظن أن قوله في هذا الحديث : فذهبت تزيد ... إلخ ؛ غير محفوظ فيه ؛ لأنه قد جاء من طرق عن عائشة رضي الله عنها بدونها .
كذلك أخرجه البخاري (3768،6249،6253) ، ومسلم (7/ 139) ، والنسائي في "عشرة النساء" ، والدارمي (2/ 277) ، وابن سعد (8/ 67-68،79) ، وأحمد (6/ 146،150،208،224) من طرق كثيرة عن عائشة دون الزيادة .
فهي شاذة في نقدي . والله سبحانه تعالى أعلم .
ولعل سبب الوهم : أنه جاء في بعض الآثار ما يشبه هذه الزيادة ، فاشتبه الأمر على الراوي ، ودخل عليه رواية في أخرى ، وهي ما رواه مالك في "الموطأ" (3/ 132) عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه قال :

(/1)


كنت جالساً عند عبدالله بن عباس ، فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ ثم زاد شيئاً مع ذلك أيضاً ، قال ابن عباس - وهو يومئذ قد ذهب بصره - : من هذا ؟ قالوا : هذا اليماني الذي يغشاك ، فعرفوه إياه . قال : فقال ابن عباس :
إن السلام انتهى إلى بركة .
قلت : وإسناده صحيح .
ونحوه : ما رواه مالك أيضاً (3/ 133-134) عن يحيى بن سعيد :
أن رجلاً سلم على عبدالله بن عمر ، فقال : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، والغاديات والرائحات ! فقال له عبدالله بن عمر : وعليك آنفاً ! كأنه كره ذلك .
قلت : وإسناده منقطع بين يحيى وابن عمر .
لكن أخرجه البيهقي في "الشعب" من طريق عبدالله بن بابيه قال :
جاء رجل إلى ابن عمر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته . فقال : حسبك إلى : "وبركاته" ؛ انتهى إلى : "وبركاته" .
ومن طريق زهرة بن معبد قال : قال عمر : انتهى السلام إلى "وبركاته" .
ورجاله ثقات ؛ كما قال الحافظ في "الفتح" (11/ 6 - السلفية) ، ولم يتعرض بذكر للإسناد إلى عبدالله بن بابيه - ويقال : ابن باباه - ، وهو ثقة .
ولا يخفى أن أثر ابن عمر هذا لو صح لا يشهد - كأثر ابن عباس - لحديث الترجمة ، وذلك لأمرين :
1- أن الحديث مرفوع ، والأثر موقوف .
2- أن الحديث في رد السلام ، والأثر في إلقائه .
ويؤيد ذلك : أنه ثبت عن ابن عمر وغيره من السلف ما يخالف هذا الحديث الضعيف : فروى البخاري في "الأدب المفرد" (ص 49 - دار الكتب العلمية) عن عمرو بن شعيب عن سالم مولى ابن عمر قال :
كان ابن عمر إذا سلم عليه ، فرد ؛ زاد ، فأتيته وهو جالس ، فقلت : السلام عليكم . فقال : السلام عليكم ورحمة الله . ثم أتيته مرة أخرى فقلت : السلام عليكم ورحمة الله . قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . ثم أتيته مرة ثالثة فقلت : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وطيب صلواته .
قلت : ورجاله ثقات معروفون ؛ غير سالم هذا ، وقد وقع في "الأدب" - كما ترى - أنه مولى ابن عمر ، وكذلك وقع في "الفتح" نقلاً عنه !
ويبدو أنه خطأ قديم ؛ فإنه في كتب الرجال : أنه مولى عبدالله بن عمرو ، منها "التاريخ الكبير" للبخاري نفسه ، ويبدو أنه مجهول ؛ لأنه لم يذكروا راوياً عنه غير ابن شعيب هذا . وأما ابن حبان : فذكره في "الثقات" على قاعدته المعروفة ، ولكن ذلك لا يمنع من الاستشهاد به ؛ كما لا يخفى على الخبراء بهذا العلم الشريف .
ثم روى في "الأدب المفرد" (ص 147،165) عن زيد بن ثابت : أنه كتب إلى معاوية - والظاهر أنه جواب كتاب من معاوية إليه - :
"والسلام عليك - أمير المؤمنين ! - ورحمة الله وبركاته ومغفرته" ، زاد في الموضع الأول : "وطيب صلواته" .
قلت : إسناده صحيح . وسكت عنه الحافظ وعن الذي قبله . وذكر عن ابن دقيق العيد أنه نقل عن أبي الوليد بن رشد أنه يؤخذ من قوله تعالى : (فحيوا بأحسن منها) الجواز في الزيادة على البركة إذا انتهى إليها المبتدىء .
ثم ذكر بعض الأحاديث المرفوعة الصريحة في ذلك ، ثم قال :
"وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت ؛ قوي ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على (وبركاته)" .
ومن تلك الأحاديث الصريحة : ما ذكره من رواية البيهقي في "الشعب" - بسند ضعيف - من حديث زيد بن أرقم :
كنا إذا سلم علينا النبي صلي الله عليه وسلم قلنا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته .
قلت : وفاته أنه أخرجه البخاري أيضاً في "التاريخ" ؛ كما كنت خرجته في "الصحيحة" (1449) ، وذهبت هناك إلى تجويد إسناده ؛ لأنه ليس في رجاله من ينظر فيه غير إبراهيم بن المختار الرازي ، وهو وإن كان مختلفاً فيه ؛ فقد اعتمدت على قول أبي حاتم فيه :
"صالح الحديث" ؛ مع تشدده المعروف في التوثيق ، لا سيما وقد وافقه على ذلك أبو داود ، وهو مقتضى توثيق ابن شاهين وابن حبان إياه ؛ إلا أن هذا قال :
"يتقى حديثه من رواية ابن حميد عنه" .
وهذا ليس من روايته عنه ، بل من رواية محمد بن سعيد بن الأصبهاني عنه ، كما ذكرته هناك ؛ خلافاً لأحد الطلبة الأفاضل الذي كتب إلى يرجح أنه محمد ابن حميد ؛ دون أيما دليل سوى أن كلاً منهما روى عن إبراهيم بن المختار ، غير ملتفت إلى أن الأول من شيوخ البخاري يقيناً ، والآخر لم يذكره أحد في شيوخه أو أنه روى عنه ، مع تصريحهم بأنه تركه . وهذا ظاهره أنه حدث عنه مطلقاً لعلمه بشدة ضعفه ، أو أنه تبين له ذلك بعد أن سمع منه . وأما أنه حدث عنه وصار من جملة شيوخه ثم تركه ؛ فهذا مما لا يفهمه أحد له معرفة بهذا العلم ؛ إلا أن ينص أحد أنه كان من شيوخه ثم تركه ، فهذا ما لم يقله أحد ؛ خلافاً لما رمى إليه المشار إليه بقوله :
"والبخاري قد أتى ابن (كذا بالضم ولعله سبق قلم) حميد ثم تركه" !

(/2)


وجملة القول : أن الحديث ضعيف الإسناد منكر المتن ؛ لمخالفته لظاهر آية رد التحية بأحسن منها ، والأحاديث والآثار الموافقة لها . والله تعالى أعلم .
ثم إن حديث الترجمة ؛ قد أورده ابن علان في "شرح الأذكار" (5/ 291) ؛ وقال - ولعله نقله عن "نتائج الأفكار" للحافظ ابن حجر - :
"أخرجه أحمد في "الزهد" ، ولم يخرجه في "المسند" ؛ لضعف هشام بن لاحق عنده ، وقد وثقه غيره" .
قلت : وقد سبق بيان أن الراجح التضعيف ، لا سيما وقد تركه الإمام أحمد ؛ كم تقدم نقله عن جمع من الأئمة . ومع ذلك ؛ فإنه لم يعجب الكاتب المشار إليه آنفاً ؛ فإنه أخذ يحاول التشكيك في ثبوت ذلك عن الإمام أحمد في مقال له آخر ، أرسله إلي بعد كتابه الأول ، فقال :
"ولم أجد هذا القول مستفيضاً عن أحمد" !!
وهذا مما يدل الواقف على كلامه ونقده للأحاديث على أنه ناشىء في هذا المجال ؛ - وهذا أقل ما يمكن أن يقال - ، وإلا ؛ فمتى كان شرطاً في قبول قول الإمام أن يكون مستفيضاً ؟! ألا ترى أنه يمكن لمخالفه أن يعارضه بقوله هذا فيما مال هو إليه من الاعتماد على قول أحمد الآخر :
"لم يكن به بأس" ؟! أليس في ذلك كله مخالفة صريحة لقول العلماء :
"الجرح مقدم على التعديل" بشرطه المعروف ؟! وهل يمكن لأحد اليوم أن يصنف أقوال أئمة الجرح والتعديل من حيث روايتها عنهم ، فيقول : هذا القول آحاد عن فلان ! وهذا مستفيض عنه أو عن غيره ! وهذا متواتر ؟!
وللمشار إليه من مثل هذا النقد المخالف للعلماء أمور أخرى حول هذا الحديث وغيره ، لا نطيل الكلام ببيان فسادها .
وقد كنت كتبت إليه بشيء من ذلك في الرد على كتابته الأولى إلي ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك قريباً ، لذلك ؛ لم أنشط للرد عليه في مقاله الآخر ، لا سيما وقد تجاهل فيه ردي عليه المومى إليه ولو بكلمة واحدة ، مع إعراضه عن كلام الحافظ الذي كنت نقلته إليه ؛ ذهب فيه إلى شرعية الزيادة على ".. وبركاته" في رد السلام خلافاً للكاتب ؛ فإنه أصر على عدم مشروعيتها في مقال آخر ! فإنه بعد أن تكلم على حديث الترجمة بما عنده من علم ؛ كشفت آنفاً عن بعضه ! أخذ يسوق شواهد له تقويه بزعمه ، تدل المبتدىء في هذا العلم أنه لم يصل فيه بعد إلى مقامه ! فإنه بعد أن ساق حديث عائشة الذي بينت آنفاً شذوذه ؛ أتبعه ببعض الآثار عن الصحابة ، منها أثر ابن عباس وابن عمر المتقدمين ، وهي لا تشهد للحديث مطلقاً ؛ لأنها في رد الزيادة على ".. وبركاته" في ابتداء السلام ، والحديث إنما هو في رده ؛ كما لا يخفى على البصير .
وبدهي جداً : أن يخفى على مثله ما هو أدق من ذلك على الباحثين ؛ فقد نقل من "شرح ابن علان للأذكار" (5/ 292) قول الحافظ في حديث عائشة المتقدم :
"هذا حديث حسن غريب جداً ، قد أخرج لرواته في "الصحيح" ؛ إلا أن ابن المسيب لم يسمع من عائشة" .
فعقب عليه بقوله :
"وما أدري ما وجه قوله : "ابن المسيب لم يسمع من عائشة" ؟! فلينظر "الأوسط" أو "مجمع البحرين" ..." !!
قلت : فخفي عليه أن (ابن المسيب) هذا ليس هو سعيد بن المسيب التابعي الجليل ، وإنما هو العلاء بن المسيب ، وهو علة الحديث ؛ كما تقدم منقولاً من مصورة "المعجم الأوسط" ، فهو معذور أن يخفى ذلك عليه ؛ لأن كل مراجعه إنما هي من المطبوعات ، فبالأولى أن يخفى عليه خطأ الحافظ في إعلاله بالانقطاع !
وكأنه لم يتنبه - الحافظ - لقول العلاء بن المسيب : "عن أبيه" ، أو أنه لم يقع ذلك في نسخته من "الأوسط" ، والظاهر الأول ، وإلا ؛ لأعله شيخه الهيثمي بالانقطاع لظهوره . والله أعلم .
والحقيقة : أن العلة إنما هي المخالفة والشذوذ من العلاء كما سبق بيانه ، وقد أشار إلى ذلك الحافظ في تمام كلامه السابق ، ولأمر ما لم ينقله الكاتب ! فقال الحافظ :
"وسيأتي حديثها بدون هذه الزيادة في (باب الحكم السلام)" .
يشير إلى رواية الشيخين المتقدمة من طرق .
ثم تبين لي أن في متن حديث الترجمة نكارة تؤكد ضعفه ، وهي قوله في الرد على الرجل الأخير الذي انتهى سلامه إلى "وبركاته" :
"وعليك" ؛ وقوله في آخر الحديث :
"فرددناها عليك" ؛ فإن السياق يقتضي أن يرد عليه بالمثل ؛ أي : إلى قوله : "وبركاته" ، وكون الرجل لم يدع مجالاً للزيادة عليه لا يستلزم أن يكون الرد بـ : "وعليك" ؛ لأنه دون المثل ، كما هو ظاهر من الآية الكريمة : (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) . قال الحسن البصري في تفسيرها :
إذا سلم عليك أخوك المسلم فقال : السلام عليك ؛ فقل : السلام عليكم ورحمة الله ، (أو ردوها) : يقول : إن لم تقل له : السلام عليك ورحمة الله ؛ فرد عليه كما قال : السلام عليكم ؛ كما سلم ، ولا تقل : وعليك .
أخرجه البيهقي من طريق المبارك بن فضالة عنه ؛ كما في "الدر" (2/ 188) .
ولهذا ؛ قال الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 456) - وتبعه صديق حسن خان في "نيل المرام" (ص 161) - :

(/3)


"ومعنى قوله : (أو ردوها) : الاقتصار على مثل اللفظ الذي جاء به المبتدىء ، فإذا قال : السلام عليكم ؛ قال المجيب : وعليكم السلام" .
قلت : فثبت أن قوله في الحديث : "وعليك" منكر ؛ لأنه دون الرد بالمثل ، بله الرد بالأحسن .
فالحديث ضعيف سنداً ومتناً . هذا ما ظهر لي ؛ (وفوق كل ذي علم عليم) .

(/4)


5434 - ( إن محرم الحلال كمحلل الحرام ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 730 :
$ضعيف$
أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 103) ، وأبو بكر النيسابوري في "الفوائد" (142/ 1) ، والقاسم السرقسطي في "الدلائل" (2/ 146/ 2) ، وأبو بكر اليزدي في "مجلس له" (68/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (82/ 2) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري عن يحيى بن عباد بن حارثة الليثي أن أباه أخبره : أنه كان يصحب عبدالله بن عمر في الحج والعمرة ، فقال : قال لي ابن عمر : إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
أورده ابن حبان في ترجمة إبراهيم هذا ، وقال فيه :
"كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل" . ثم روى عنه ابن معين أنه قال فيه :
"ليس بشيء" . ثم قال عقب الحديث :
"وهذا من قول ابن عمر محفوظ ، فأما من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ فلا" .
قلت : ويحيى بن عباد بن حارثة الليثي وأبوه : أوردها ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 77-78 و 4/ 2/ 172) ، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً .
وأما ابن حبان ؛ فذكر عباداً في "الثقات" دون ابنه ! والله أعلم .
وجملة القول : أن هذا الإسناد ضعيف ؛ لضعف إبراهيم ، وجهالة شيخه يحيى ابن عباد وأبيه عباد .
لكن للحديث إسناد آخر ؛ فقال الطبراني في "المعجم الأوسط" (8148 - بترقيمي) : حدثنا موسى بن هارون : حدثنا أبو موسى الأنصاري : حدثنا عاصم بن عبدالعزيز الأشجعي عن الحارث بن عبدالرحمن بن أبي ذباب عن عبيدالله ابن عبدالله بن عمر عن أبيه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد زعم الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 176) أن رجاله رجال "الصحيح" ! وهو من أوهامه رحمه الله ؛ فإن من دون الحارث - باستثناء الأنصاري - ليسوا من رجال "الصحيح" .
وفي الأشجعي وشيخه الحارث ضعف ؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ في كل منهما :
"صدوق يهم" .
والأشجعي أضعف ؛ فإنه ضعفه الأكثر . بل قال فيه البخاري :
"فيه نظر" .
فالظاهر أنه هو علة هذا الإسناد . وقد أورده ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 308) من هذا الوجه ، وقال :
"قال أبي : هذا حديث منكر" .
قلت : وقد صح موقوفاً على عبدالله بن مسعود ؛ فأخرجه عبدالرزاق في "المصنف" (20573) ، وعنه الطبراني في "المعجم الكبير" (8852) ، والبغوي في "حديث علي بن الجعد" (9/ 113/ 1) من طرق عن أبي إسحاق عن عبدالرحمن بن يزيد عن ابن مسعود به . وقال الهيثمي (1/ 177) :
"ورجاله رجال (الصحيح)" .
وفي رواية للطبراني (8853) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق قال :
كنت جالساً عند عبدالرحمن بن عبدالله ، فأتاه رجل يسأله عن ابنه القاسم ؟ فقال : غدا إلى الكناسة يطلب الضباب . فقال : أتأكله ؟ فقال عبدالرحمن : ومن حرمه ؟! سمعت عبدالله بن مسعود يقول : ... فذكره . قال الهيثمي أيضاً (4/ 39) :
"ورجاله رجال (الصحيح)" .
قلت : وهو كما قال ؛ إلا أن أبا إسحاق هذا - وهو السبيعي - كان اختلط .
لكنه لم يتفرد به ؛ فقد أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10/ 17/ 2) من طريق المسعودي عن سماك بن حرب عن عبدالرحمن بن عبدالله عن أبيه قال : ... فذكره .
ثم روى ابن عساكر عن الحافظ أحمد العجلي قال :
"عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود ؛ يقال : إنه لم يسمع من أبيه إلا حرفاً واحداً ..." . ثم ذكر هذا الحديث .
وكأنه يشير إلى رواية الطبراني المتقدمة من طريق إسرائيل ؛ فإنها صريحة في سماع عبدالرحمن من أبيه ابن مسعود .

(/1)


5435 - ( يسلم الرجال على النساء ، ولا يسلم النساء على الرجال ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 733 :
$موضوع$
أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (243) ، وابن حبان في "الضعفاء" (1/ 190) من طريق بشر بن عون : حدثنا بكار بن تميم عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً .
أورده ابن حبان في ترجمة بشر هذا ، وقال :
"له نسخة فيها مئة حديث ؛ كلها موضوعة ، لا يجوز الاحتجاج به بحال .." ، ثم ساق له بهذا الإسناد أحاديث هذا أحدها .
وأورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/ 234) ، وقال :
"لا يصح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم . وقال أبو حاتم الرازي : بشر وبكار مجهولان" .
والحديث ؛ عزاه الحافظ في "الفتح" (11/ 34) لأبي نعيم (!) في "عمل يوم وليلة" ، وقال :
"وسنده واه ، ومن حديث عمرو بن بن حريث مثله موقوفاً عليه ، وسنده جيد" !
ذكره تحت شرح (باب : تسليم الرجال على النساء ، والنساء على الرجال) ، وحكى خلاف العلماء في ذلك ، وانتهى من ذلك إلى الجواز إذا أمنت الفتنة ، وهو الراجح ؛ لثبوت سلام النبي صلي الله عليه وسلم على النساء .
وكذلك صح سلام الصحابة على العجوز التي كانت تقدم إليهم أصول السلق مطبوخاً مع الطحين بعد صلاة الجمعة .
رواه البخاري في "صحيحه" (6248) .
وروى في "الأدب المفرد" (1046) بسند حسن عن الحسن (وهو البصري) قال :
كن النساء يسلمن على الرجال .

(/1)


5436 - ( رأس هذا الأمر الإسلام ، ومن أسلم سلم ، وعمودة الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ، لا يناله إلا أفضلهم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 734 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 55/ 96) من طريق عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن معاذ بن جبل مرفوعاً .
ثم رواه (8/ 266/ 7885) من طريق أخرى عن عثمان به مختصراً ؛ دون ما قبل الذروة .. ولم يذكر معاذاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ علي بن يزيد - وهو الألهاني - ضعيف .
وبه أعله الهيثمي (5/ 274) .
ونحوه عثمان بن أبي العاتكة . وقال الحافظ في "التقريب" :
"ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني" .
بيد أنه قد خالفه في متن الحديث وإسناده : أبو عبدالرحيم - وهو الحراني خالد بن أبي يزيد الثقة - ؛ فقال : عن أبي عبدالملك عن القاسم عن فضالة بن عبيد الأنصاري قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :
"الإسلام ثلاثة أبيات : سفلى ، وعليا ، وغرفة .
فأما السفلى ؛ فالإسلام ؛ دخل عليه عامة المسلمين ، فلا يسأل أحد منهم إلا قال : أنا مسلم .
وأما العليا ؛ فتفاضل أعمالهم ؛ بعض المسلمين أفضل من بعض .
وأما الغرفة العليا ؛ فالجهاد في سبيل الله ، لا ينالها إلا أفضلهم" .
أخرجه الطبراني في "الكبير" (18/ 318/ 822) . وقال الهيثمي :
"وأبو عبدالملك لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات" !
قلت : هو علي بن يزيد الألهاني ، وأبو عبدالملك كنيته ، وهو صاحب القاسم ، وقد عرفت ضعفه مما تقدم .
ومما يؤكد ذلك : اضطرابه في متن الحديث وسنده .
أما المتن ؛ فظاهر .
وأما السند ؛ فرواه عثمان عنه عن القاسم عن أبي أمامة عن معاذ .
ورواه أبو عبدالرحيم عنه عن القاسم عن فضالة .
وهو عن معاذ معروف من طرق عنه مختصراً ومطولاً .
وقد رواه شعبة عن الحكم قال : سمعت عروة بن النزال يحدث عن معاذ بن جبل قال : ... فذكر حديثه الطويل الذي أوله :
"لقد سألت عن عظيم ..." الحديث ، وفي آخره :
"وهل يكب الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟!" .
ورواه الترمذي وغيره من طريق أخرى عن معاذ ، وهو مخرج في "الإرواء" (413) .
وأما طريق شعبة هذه ؛ فأخرجه ابن أبي شيبة في أول كتاب "الإيمان" رقم (1) ، وأحمد (5/ 337) ، والطبراني في "الكبير" (20/ 147/ 304) من طرق عن شعبة به نحو حديث الترمذي ، وفيه حديث الترجمة دون قوله :
"لا يناله إلا أفضلهم" .
ورجاله ثقات ؛ إلا أن عروة بن النزال فيه جهالة ، مع انقطاع ؛ بينه أحمد (5/ 233) من رواية روح عن شعبة :
قال شعبة : فقلت له : سمعه من معاذ ؟ قال : لم يسمعه منه وقد أدركه .
وجملة القول : أن الحديث بهذه الزيادة :
"لا يناله إلا أفضلهم" ؛ ضعيف لا يصح ؛ لتفرد الألهاني به ، واضطرابه في سنده ومتنه . والله سبحانه وتعالى أعلم .

(/1)


5437 - ( سألت جبريل عليه الصلاة والسلام عن هذه الآية : (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) ؛ من الذي لم يشأ الله أن يصعقهم ؟ قال :
هم الشهداء ، يتقلدون أسيافهم حول عرشه ، تتلقاهم الملائكة يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت ، [أزمتها الدر [الأبيض] ، برحال [الذهب ، أعنتها] السندس والإستبرق] ، نمارها ألين من الحرير ، مد خطاها مد أبصار الرجال ، يسيرون في الجنة [على خيول] ، يقولون عند طول النزهة : انطلقوا بنا إلى ربنا ؛ لننظر كيف يقضي بين خلقه ؟ يضحك إليهم إلهي ، وإذا ضحك إلى عبد في موطن ؛ فلا حساب عليه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 737 :
$منكر بهذا التمام$
قال في "الدر المنثور" (5/ 336) :
"أخرجه أبو يعلى ، والدارقطني في "الأفراد" ، وابن المنذر ، والحاكم - وصححه - ، وابن مردويه ، والبيهقي في "البعث" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ... (فذكره)" .
قلت : وفي عزوه بهذا التمام للحاكم نظر ؛ فإنه إنما أخرجه في "المستدرك" (2/ 253) دون قوله : "يتقلدون أسيافهم .." إلخ ؛ عن أبي أسامة عن عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة . وقال :
"صحيح الإسناد" . وأقره المنذري في "الترغيب" (2/ 199) .
وأما الذهبي ؛ فزاد في "التلخيص" :
".. على شرط البخاري ومسلم" .
قلت : وهو الصواب ؛ فإن رجاله كلهم على شرطهما .
وعمر هذا : هو ابن محمد بن زيد بن عبدالله بن عمر بن الخطاب المدني ؛ نزيل عسقلان ، ولم يعرفه الحافظ ابن كثير كما يأتي . ثم قال المنذري :
"ورواه ابن أبي الدنيا من طريق إسماعيل بن عياش أطول منه ؛ وقال فيه : (هم الشهداء ، يبعثهم الله متقلدين أسيافهم حول عرشه ...)" !
قلت : وإسماعيل بن عياش - وهو الحمصي الشامي - مختلف فيه . والذي استقر عليه رأي الحفاظ النقاد فيه : أنه ثقة فيما يرويه عن الشاميين ، ضعيف فيما يرويه عن غيرهم ، ولذلك ؛ كان الواجب على المنذري أن يسمي لنا شيخه فيه !
وقد وقفت عليه بواسطة "تفسير ابن كثير" ؛ فإنه - جزاه الله خيراً - ذكر إسناد أبي يعلى ، فقال :
"وقال أبو يعلى : حدثنا يحيى بن معين : حدثنا أبو اليمان : حدثنا إسماعيل ابن عياش عن عمر بن محمد ..." فذكره كما تقدم في إسناد الحاكم . ثم قال :
"رجاله كلهم ثقات ؛ إلا شيخ إسماعيل بن عياش ؛ فإنه غير معروف . والله سبحانه وتعالى أعلم" !
وأقول : بل هو معروف ؛ فإنه من ذرية عمر بن الخطاب كما تقدم ؛ فقد ذكر الحافظ المزي - شيخ ابن كثير - في ترجمة عمر بن محمد هذا أنه روى عن زيد بن أسلم ، وعنه جماعة منهم إسماعيل بن عياش فهو علة تلك الزيادة التي لم يروها الحاكم ؛ لأن شيخه عمر هذا مدني كما تقدم ،وقد عرفت من ترجمته آنفاً أنه ضعيف فيما يرويه عن المدنيين وغيرهم .
وقد يقول قائل : قد ذكرت آنفاً أن عمر هذا كان نزيل (عسقلان) ؛ وهي من بلاد الشام ، فيمكن أن يكون إسماعيل سمعه منه فيها ، وأنه حفظه عنه ؟!
فأقول : هذا ممكن ، ولكن لا بد له من مرجح ، وهذا مفقود ، وحينئذ يبقى حكم هذه الزيادة على الضعف ، حتى يتبين المرجح ؛ كشأن المختلط الذي لم يعلم أحدث بالحديث قبل الاختلاط أم بعده ؟ فهو على الضعف حتى يتبين أنه حدث به قبل الاختلاط .
على أنه يترجح عندي ضعف هذه الزيادة من جهة أخرى ؛ وهي مخالفة إسماعيل لأبي أسامة - واسمه حماد بن أسامة - ، وهو ثقة ثبت ، ولم يروها كما تقدم من تخريج الحاكم . ويبعد جداً أن يكون حدث بها عمر بن محمد ، ولا يحفظها أبو أسامة عنه ، ويحفظها إسماعيل ، مع ما فيه من القال والقيل ! ولذلك ؛ فإن هذه الزيادة منكرة عندي ،بخلاف ما قبلها ، ولذلك ؛ لم أوردها مع حديث الحاكم في "صحيح الترغيب" (2/ 147/ 1378) ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
(تنبيه) : قد عزا الحديث لأبي يعلى الحافظ ابن حجر أيضاً في "المطالب العالية" (3/ 365/ 3721) ، وذكر الشيخ الأعظمي في تعليقه عليه : أن البوصيري قد سكت عليه ! وقد كشفنا لك عن علته بفضل الله وتوفيقه .
ولم أره في "مجمع الزوائد" للهيثمي ، ولا عزاه المنذري لأبي يعلى كما تقدم ! فلعله في بعض النسخ منه . والله أعلم .
ثم إن متن الحديث قد نقلته من "تفسير ابن كثير" ، والزيادات التي بين المعكوفات [] ؛ إنما هي من "الترغيب" ، وبعضها من "الدر" . ووقع فيه : "البرهة" مكان : "النزهة" ! ولعله تصحيف .
ثم رأيت الحافظ قد ساق إسناد أبي يعلى في "المطالب العالية المسندة" (2/ 45/ 2) كما ساقه ابن كثير .
وقد رواه آخرون عن إسماعيل ، وعن محمد بن عمر ؛ دون قوله :
"تتلقاهم الملائكة ..." . وتقدم برقم (3685) .

(/1)


5438 - ( إن جبريل أتى رسول الله صلي الله عليه وسلم - حين قبض سعد بن معاذ [من جرح أصابه يوم الخندق] - من جوف الليل معتجراً بعمامة من إستبرق ، فقال : يا محمد ! من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش ؟ قال : فقام رسول الله صلي الله عليه وسلم سريعاً يجر ثوبه إلى سعد ، فوجده قد مات ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 740 :
$ضعيف$
أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" (3/ 271) : حدثني معاذ بن رفاعة الزرقي قال : حدثني من شئت من رجال قومي : إن جبريل ... الحديث .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة شيخ معاذ بن رفاعة .
على أن هذا نفسه فيه نظر ؛ فإنه لم يوثقه غير ابن حبان ، وحكى أبو الفتح الأزدي عن عباس الدوري عن ابن معين أنه قال فيه :
"ضعيف" . قال الأزدي :
"ولا يحتج بحديثه" ؛ كما في "التهذيب" .
وقد روى عنه جمع ، ولم يذكر فيه البخاري في "التاريخ" ، وابن أبي حاتم في كتابه جرحاً ولا تعديلاً ، فهو مجهول الحال ؛ إن لم يكن ضعيفاً .
وأما الحافظ ؛ فقال :
"صدوق" !
وبيض له الذهبي في "الكاشف" .
وقد خولف ابن إسحاق في إسناده ومتنه ؛ فقال يزيد بن الهاد : عن معاذ بن رفاعة عن جابر بن عبدالله قال : ... فذكره مختصراً نحوه ، ولفظه :
جاء جبريل إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : من هذا العبد الصالح الذي مات ؛ فتحت له أبواب السماء ، وتحرك له العرش ؟
قال : فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ فإذا سعد بن معاذ .
أخرجه البيهقي في "الدلائل" - كما في "السيرة" لابن كثير (3/ 245) - ، رواه عن شيخه الحاكم ، وقد أخرجه هذا في "المستدرك" (3/ 206) مختصراً نحوه ؛ ليس فيه ذكر جبريل عليه السلام ، فصار الحديث من قول النبي صلي الله عليه وسلم ، وليس من قول جبريل .
وكذلك رواه الإمام أحمد (3/ 327) ، والنسائي في "الكبرى" - كما في "تحفة الأشراف" (2/ 379) - ، وعزاه إليه الذهبي أيضاً في "سير أعلام النبلاء" (1/ 293) ؛ لكن ذكره بلفظ البيهقي الذي فيه ذكر جبريل ، وكأنه من أوهامه ؛ إذا صح ما في "التحفة" ! وتبعه على الوهم المعلق عليه ؛ فعزاه لأحمد والحاكم ، وقد عرفت أن روايتهما كرواية النسائي !
وجملة القول : أن حديث الترجمة ضعيف عندي ؛ للجهالة ، والضعف الذي في بعض رواته ، ومخالفة ابن إسحاق لابن الهاد في إسناده ومتنه .
وقد وجدت له طريقاً أخرى ، ولكنها واهية أيضاً ، فلا يستشهد بها ؛ يرويه أبو قرة محمد بن حميد : حدثنا سعيد بن تليد : حدثنا محمد بن فضالة عن أبي طاهر عبدالملك بن محمد بن أبي بكر عن عمه عبدالله بن أبي بكر قال :
مات سعد بن معاذ من جرح أصابه يوم الخندق شهيداً ، قال : فلبغني أن جبريل عليه السلام نزل في جنازته معتجراً .. الحديث مثله .
أخرجه ابن عبدالبر في ترجمة (سعد بن معاذ) من "الاستيعاب" .
قلت : وهذا إسناد مظلم ؛ فإنه مع كونه بلاغاً من عبدالله بن أبي بكر ، وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري التابعي ؛ فيما يظهر لي ؛ فإن في الطريق إليه جمعاً لا يحتج بهم :
الأول : عبدالملك بن محمد بن أبي بكر - وهو الحزمي - ؛ أورده البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 431) ، وابن أبي حاتم (2/ 2/ 369) من رواية ابن وهب عنه ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
ويحتمل عندي أنه الذي في "الميزان" و "اللسان" :
"عبدالملك بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :
"ليس في القبلة وضوء" .
وعنه بقية . قال الدارقطني : عبدالملك ضعيف" .
قلت : وهو من طبقة الحزمي هذا ، وحديثه في القبلة في "سنن الدارقطني" (1/ 136) معلقاً .
الثاني : محمد بن فضالة ؛ لم أعرفه ، ويحتمل - على بعد - أنه الذي في "الميزان" و "لسانه" :
"محمد بن فضالة بن الصقر ، شيخ شامي . حدث عن هشام بن عمار . قال أبو أحمد الحاكم : فيه نظر" .
وإنما استبعدت أن يكون هو هذا ؛ لأمرين :
الأول : أنه متقدم الطبقة على هذا .
والآخر : أني أخشى أن يكون اسم (محمد) محرفاً من (المفضل) ؛ فقد جاء في ترجمة (سعيد بن تليد) من "التهذيب" أنه روى عن المفضل بن فضالة ، وهو المصري ؛ فإن يكن هو ؛ فهو ثقة . والله أعلم .
والثالث : أبو قرة محمد بن حميد - وهو ابن هشام الرعيني - ؛ ذكره الحافظ المزي فيمن روى عن سعيد بن تليد ، ولم أجد له ترجمة .
واعلم أن الكلام على هذا الحديث وإيراده هنا في هذا الكتاب ؛ إنما هو من أجل ما فيه من ذكر جبريل واعتجاره بعمامة الإستبرق .
وإلا ؛ فجملة : "اهتز العرش" منه صحيحة ، جاءت من وجوه كثيرة متواترة ؛ كما قال ابن عبدالبر ، والذهبي ، وبعضها في "الصحيحين" ، فانظر : ترجمة سعد في "سير النبلاء" ، و "فتح الباري" (7/ 123-124) ، و "الصحيحة" (1288) ، و "الإرواء" (3/ 166-167) ، و "مختصر الشمائل" (31/ 16) ، و "الظلال" (1/ 247-248) .

(/1)


5439 - ( سئلت اليهود عن موسى ؟ فأكثروا [فيه] وزادوا ونقصوا ؛ حتى كفروا . وسئلت النصارى عن عيسى ؟ فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا ؛ حتى كفروا .
وإنه سيفشو عني أحاديث ، فما أتاكم من حديثي ؛ فأقرأوا كتاب الله واعتبروه ، فما وافق كتاب الله ؛ فأنا قلته ، وما لم يوافق كتاب الله ؛ فلم أقله ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 744 :
$منكر$
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 316/ 13224) : حدثنا علي بن سعيد الرازي : حدثنا الزبير بن محمد بن الزبير الرهاوي : حدثنا قتادة ابن الفضيل عن أبي حاضر عن الوضين عن سالم بن عبدالله عن عبدالله بن عمر مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مظلم مسلسل بالعلل :
1- الوضين : هو ابن عطاء الدمشقي ؛ قال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق سيىء الحفظ ، ورمي بالقدر . من السادسة" .
2- أبو حاضر ؛ أورده ابن أبي حاتم في "الكنى" (4/ 2/ 362) برواية قتادة بن الفضيل عنه ، وقال عن أبيه :
"مجهول" .
وكذا في "الميزان" و "اللسان" .
ثم أوردوا ثلاثتهم في "الأسماء" ، فقالوا - واللفظ للأول - :
"عبدالملك بن عبدربه بن زيتون أبو حاضر . روى عن رجل عن ابن عباس . روى عنه عيسى بن يونس" .
ونحوه في "التاريخ الكبير" للبخاري (3/ 1/ 424) ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وأما الذهبي ؛ فقال :
"عبدالملك بن عبدربه الطائي عن خلف بن خليفة وغيره ، منكر الحديث ، وله عن الوليد بن مسلم خبر موضوع ، وله عن شعيب بن صفوان" !
قلت : والظاهر أن هذا غير الذي ترجم له ابن أبي حاتم والبخاري ؛ فإنه متأخر عنه ، وليس هو - بالتالي - أبا حاضر هذا الذي روى عن الوضين ؛ للسبب نفسه .
ولكن هل هو ابن زيتون أبو حاضر ؟
صنيع ابن أبي حاتم يدل على الفرق بينهما ؛ بترجمته لكل منهما .
وخالفه الحافظ المزي ؛ فذكره في شيوخ قتادةة بن الفضيل ، وفي الرواة عن الوضين : عبدالملك بن عبدربه أبو حاضر . فالله أعلم .
وقد تبعه على ذلك الهيثمي ، فأعل الحديث به ؛ فقال في "مجمع الزوائد" (1/ 170) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه أبو حاضر عبدالملك بن عبدربه ، وهو منكر الحديث" !
ولكنه لفق بين ما ذهب إليه المزي ، وبين قول الذهبي في الطائي : "منكر الحديث" . وقد عرفت أن أبا حاضر هذا غير الطائي ، وأنه مجهول ؛ كما قال أبو حاتم ، وتبعه الذهبي والعسقلاني ؛ فهو غير عبدالملك بن عبدربه الطائي الذي قال فيه الذهبي : "منكر الحديث" . والله أعلم .
3- قتادة بن الفضيل ؛ قال أبو حاتم :
"شيخ" .
وذكره ابن حبان في "الثقات" .
وروى عنه جمع ، ومع ذلك قال فيه الحافظ :
"مقبول" ! يعني : عند المتابعة ، وإلا ؛ فلين الحديث .
4- الزبير بن محمد الرهاوي ؛ قد ذكروه في الرواة عن قتادة بن الفضيل ، ولكني لم أجد له ترجمة .
والشطر الثاني من الحديث ؛ قد نص كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أنه من وضع الزنادقة ، وقد ذكرت طرفاً منه في الرد على "منهاج الصالحين" للمدعو (عز الدين بليق) ، رقم الحديث (247) .

(/1)


5440 - ( يا معاذ ! إذا كان في الشتاء ؛ فغلس بالفجر ، وأطل القراءة قدر ما يطيق الناس ولا تملهم . وإذا كان الصيف فأسفر بالفجر ؛ فإن الليل قصير ، والناس ينامون ، فأمهلهم حتى يدركوا ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 746 :
$موضوع$
أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلي الله عليه وسلم" (ص 75 - النهضة) ، وعنه البغوي في "شرح السنة" (2/ 198/ 356) ، والديلمي في "مسنده" (3/ 282-283) من طريق يوسف بن أسباط : حدثنا المنهال بن الجراح عن عبادة ابن نسي عن عبدالرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال :
بعثني رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى اليمن فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد موضوع ، ومتن منكر ، والمتهم به : المنهال بن الجراح - وهو الجراح بن المنهال أبو العطوف - ، قلب اسمه يوسف بن أسباط الضعيف وغيره . وقد أورده - أعني : الجراح هذا - ابن حبان في "الضعفاء" ، وقال (1/ 218) :
"كنيته أبو العطوف ، وبه يعرف ، وكان رجل سوء ؛ يشرب الخمر ، ويكذب في الحديث" . وقال الدارقطني :
"متروك" .
وضعفه آخرون .
ثم إن الحديث مخالف للأحاديث الصحيحة المتفقة على أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلي الفجر بغلس ؛ وهي مخرجة في "الإرواء" (1/ 278-281) :
وقد تابعه على الشطر الأول منه محمد بن سعيد عن عبادة بن نسي به في حديث له طويل .
أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (10/ 618) .
ومحمد بن سعيد هذا : هو الشامي المصلوب في الزندقة ، كذبوه . وقال ابن عساكر :
"وقد روي هذا من وجه آخر أتم من هذا ، بإسناد أشبه منه" .
ثم ساقه من طريق البغوي : حدثني السري بن يحيى أبو عبيدة التميمي : أخبرنا سهل بن يوسف عن أبيه عن عبيد بن صخر بن لوذان الأنصاري السلمي - وكان فيمن بعثه النبي صلي الله عليه وسلم مع عمال اليمن - ، فقال : ... فذكر الحديث بطوله ، وفيه الحديث بشطريه .
وقد قال الحافظ في ترجمة (عبيد) هذا من "الإصابة" :
"ذكره البغوي وغيره في الصحابة ، وقال ابن السكن : يقال : له صحبة ، ولم يصح إسناد حديثه .
وأخرج هو ، والبغوي ، والطبري من طريق سيف بن عمر عن سهل بن يوسف عن أبيه عن عبيد ..." .
قلت : فذكر طرفه الأول من الحديث الطويل .
وفي إسناد هؤلاء الثلاثة (سيف بن عمر) ، وليس له ذكر في رواية ابن عساكر عن البغوي ؛ فإما أن يكون رواية أخرى للبغوي ، لم تتيسر للحافظ ، أو أنه لم يقف عليها ، أو أن في إسنادها عند ابن عساكر شيئاً من الخطأ أو السقط . والله أعلم .
وعلى كل حال ؛ ففي الإسناد عندهم جميعاً : (يوسف) والد (سهل) - وهو يوسف بن سهل بن مالك الأنصاري - ، كذا ساقه المزي في ترجمة (سيف بن عمر) ، وقد ذكر في شيوخه : ابنه هذا (سهلاً) ، وهو ثقة ؛ بخلاف أبيه (يوسف بن سهل) ؛ فإني لم أجد له ترجمة فيما عندي من المراجع ، حتى ولا في "ثقات ابن حبان" !
وأما (سيف بن عمر) ؛ فمعروف ؛ لكنه متهم بالوضع ؛ قال الذهبي في "المغني" :
"له تواليف ، متروك باتفاق" .
بخلاف السري بن يحيى ؛ فإنه صدوق ؛ كما قال ابن أبي حاتم .
وذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 302) .

(/1)


5441 - ( إن الله عز وجل يقول :
أنتقم ممن أبغض بمن أبغض ، ثم أصير كلاً إلى النار ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 749 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم 3500 - بترقيمي) عن أحمد بن بكر البالسي قال : أخبرنا عروة بن مروان الرقي قال : أخبرنا معتمر بن سليمان عن الحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن ابن المنكدر إلا الحجاج ، ولا عن الحجاج إلا معتمر ، تفرد به عروة بن مروان" .
قلت : وهو ضعيف ؛ قال الدارقطني :
"كان أمياً ، ليس بالقوي في الحديث" .
والحجاج بن أرطاة مدلس ، وقد عنعنه .
والبالسي ضعيف ؛ كما قال الدارقطني . وقال ابن عدي :
"روى مناكير عن الثقات" . وأما الأزدي ؛ فقال :
"كان يضع الحديث" .
وفي مقابله ابن حبان ؛ فإنه ذكره في "الثقات" ؛ ولكنه قال :
"كان يخطىء" .
وبه وحده أعله الهيثمي ، فقال في "المجمع" (7/ 289) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه أحمد بن بكر البالسي ، وهو ضعيف" !
قلت : وإعلاله بمن فوقه ممن ذكرنا أولى ؛ فإن كلام الطبراني يشعر أنه لم يتفرد به . والله أعلم .

(/1)


5442 - ( قال ربكم : ابن آدم ! أنزلت عليك سبع آيات ، ثلاث لي ، وثلاث لك ، وواحدة بيني وبينك : فأما التي لي ؛ فـ (الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين) ، [والتي بيني وبينك] : (إياك نعبد وإياك نستعين) ؛ منك العبادة وعلي العون لك . وأما التي لك : (اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم . غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 750 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 6547 - بترقيمي) من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي ابن كعب قال :
قرأ رسول الله صلي الله عليه وسلم فاتحة الكتاب ؛ ثم قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته ابن أرقم هذا ؛ فإنه متروك ؛ كما قال الذهبي في "الكاشف" ، والهيثمي في "المجمع" (2/ 112) ، وبه أعله .
ثم إن في متنه نكارة ؛ فقد صح بلفظ :
"قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ؛ ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : (الحمد لله رب العالمين) قال الله : حمدني عبدي ..." الحديث . رواه مسلم ، وأبو عوانة في "صحيحيهما" وغيرهما ، وهو مخرج في "الإرواء" (502) .
(تنبيه) : ما بين المعكوفتين سقط من الأصل ، ويظهر أنه سقط قديم ؛ فإنه كذلك في "المجمع" برواية "الأوسط" ، وقد استدركته من "الدر المنثور" (1/ 6) ، و "الجامع الكبير" (1/ 599) ؛ لكن وقع فيه : (طب) ؛ أي : الطبراني في "الكبيرط ! والظاهر أنه خطأ من الناسخ ؛ فإنه ليس فيه .

(/1)


5443 - ( كان يقول عند الكرب : لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب العرش الكريم ، اللهم ! اصرف [عني] شره . وفي رواية : شر فلان ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 751 :
$منكر بزيادة الصرف$
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص 103 - التازية) من طريق عبدالملك بن الخطاب بن عبيدالله بن أبي بكرة قال : حدثني راشد أبو محمد عن عبدالله بن الحارث قال : سمعت ابن عباس يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان :
الأولى : راشد هذا - وهو ابن نجيح الحماني - قال أبو حاتم :
"صالح الحديث" .
وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وقال :
"ربما أخطأ" . ولخص هذا الحافظ ، فقال :
"صدوق ، ربما أخطأ" .
والأخرى : عبدالملك بن الخطاب ؛ ذكره ابن حبان في "الثقات" . وقال ابن القطان :
"حاله مجهولة" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"مقبول" .
قلت : فهو العلة .
ولا يقويه أنه رواه الطبراني في "الكبير" (10/ 386/ 10772) عن خالد ابن يوسف السمتي : حدثنا أبي عن راشد بن نجيح (الأصل : ابن أبي نجيح !) به . والزيادة له ؛ وكذا الرواية .
وهذا إسناد أشد ضعفاً من الذي قبله ، وآفته يوسف هذا ؛ فقال الذهبي في ترجمة ابنه خالد :
"أما أبوه فهالك ، وأما هو فضعيف" .
والحديث صحيح محفوظ من طريق أخرى عن ابن عباس به ، دون قوله :
"اللهم ! اصرف عني شره .." .
فقد أخرجه البخاري (6346،7426) ، وفي "المفرد" أيضاً ؛ ومسلم (8/ 85) ، والترمذي (3431) - وصححه - ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (414/ 652-653) ، وابن ماجه (3883) ، والطيالسي (2651) ، وأحمد (1/ 228،254،339،356) ، وابن أبي شيبة (10/ 196/ 9204) ، و الطبراني في "الكبير" (12/ 158) وفي "الدعاء" (2/ 1274/ 1023،1024) من طريق أبي العالية عن ابن عباس به دون الزيادة .
فهي منكرة .
فيتعجب من الحافظ كيف سكت عليها في "الفتح" (11/ 147) ؛ وقد ذكرها من طريق "الأدب المفرد" ؟! وزاد أحمد والطبراني والنسائي :
ثم يدعو .
وسنده صحيح .

(/1)


5444 - ( بينا أنا جالس ؛ إذ جاء جبريل ، فوكز بين كتفي ، فقمت إلى شجرة مثل وكري الطير ، فقعد في إحداهما ، وقعدت في الأخرى ، فسمت فارتفعت ؛ حتى سدت الخافقين ؛ وأنا أقلب بصري ، ولو شئت أن أمس السماء لمسست ، فنظرت إلى جبريل كأنه حلس لاطىء ، فعرفت فضل علمه بالله علي ، وفتح لي بابين من أبواب الجنة ، ورأيت النور الأعظم ، وإذا دون الحجاب رفرف الدر والياقوت ، فأوحى إلي ما شاء أن يوحي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 753 :
$ضعيف$
أخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" (ص 209-210- مكتبة الكليات الأزهرية) ، وابن سعد في "الطبقات" (1/ 171) ، والبزار في "مسنده" (1/ 47/ 58) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 99/ 59 - مجمع البحرين) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/ 316) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/ 109 - هندية) من طريق الحارث بن عبيد الإيادي عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك مرفوعاً . وقال أبو نعيم مضعفاً :
"غريب ، لم نكتبه إلا من حديث أبي عمران ، تفرد به الحارث بن عبيد أبو قدامة" .
قلت : قال الذهبي في "الكاشف" :
"ليس بالقوي ، وضعفه ابن معين" . وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق يخطىء" .
قلت : ولم يصرح أحد بتوثيقه .
ومع ذلك ؛ رجح الشيخ أحمد شاكر رحمه الله توثيقه ، وقد رددت عليه في "شرح الطحاوية" (ص 348 - الطبعة السادسة) .
ومما يؤكد ضعفه : أنه خالفه حماد بن سلمة ؛ فقال : أخبرنا أبو عمران الجوني عن محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب التميمي - زاد بعضهم - عن أبيه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره .
أخرجه البيهقي هكذا بالزيادة ، وعلقه قبيل ذلك بدونها . وهكذا رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 194) ، وكذا ابن المبارك في "الزهد" ، والحسن بن سفيان في "مسنده" - كما في "اللسان" - ، وقال :
"وجزم البخاري وابن أبي حاتم والعسكري وابن حبان [يعني في "الثقات" (3/ 234)] بأنه مرسل" .
وذكره نحوه في ترجمة محمد بن عمير هذا من "الإصابة" ، وقال :
"قال ابن منده : ذكر في الصحابة ، ولا يعرف له صحبة ولا رؤية" . ثم قال الحافظ :
"وأما أبوه : فلا أدري هل له إدراك أم لا ؟ فإني لم أجد أحداً ممن صنف في الصحابة ذكره ، وأخلق به أن يكون أدرك العهد النبوي" !
وأقول : نعم ؛ لو صح ذكره في الإسناد ؛ ولكن الظاهر أنه شاذ لا يصح ؛ كما يشعر بذلك إعلال الأئمة إياه بالإرسال ، وعدم ذكره في روايتهم - إلا البيهقي - على ما في ثبوتها في كتابه من الشك كما سبقت الإشارة إليه . والله سبحانه وتعالى أعلم .

(/1)


5445 - ( اعمم ولا تخص ؛ فإن بين الخصوص والعموم كما بين السماء والأرض ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 755 :
$ضعيف$
أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (2/ 1/ 14) من طريق الدارقطني عن محمد بن إسماعيل الصائغ عن علي بن جرير الخراساني عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن علي قال :
مر رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا أقول : اللهم ! ارحمني ، فضرب بيده بين كتفي فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون ؛ مترجمون في "التهذيب" ؛ غير علي بن جرير الخراساني ؛ والظاهر أنه الذي في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 178) :
"علي بن جرير الباوردي ، روى عنه .. (بياض) . سئل أبي عنه ؟ فقال : صدوق" .
فإن (الباوردي) نسبة إلى (أبيورد) ؛ وهو بلد بـ (خراسان) ، كما في "معجم البلدان" وغيره ، ولم أجد له ترجمة في غير المصدر المذكور ، وهي غير كافية ؛ لجهالة من روى عنه ، فهو شبه المجهول عندي ، لا سيما وقد خولف في إسناده .
فأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (3/ 130) من طريق العيشي : حدثنا حماد بن سلمة : حدثنا ثابت عن عمرو بن شعيب :
أن النبي صلي الله عليه وسلم أتى على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقد خرج لصلاة الفجر ؛ وعلي يقول : اللهم ! اغفر لي وارحمني ، اللهم ! تب علي . فضرب النبي صلي الله عليه وسلم على منكبه ، وقال : ... فذكره ، دون قوله :
"ولا تخص" .
وكذا رواه أبو داود في "المراسيل" ؛ كما ذكره البيهقي عقبه ، وهو في النسخة المطبوعة من "المراسيل" (ص 11-12) ؛ لكنها مختصرة من الأسانيد وبعض المتون ؛ كما تبين لنا بالمراجعة ، فلم نعرف هل هو من طريق العيشي هذا أم غيره ؟!
وبالجملة ؛ فالصواب في الحديث أنه مرسل عمرو بن شعيب ، أخطأ الخراساني في وصله عن علي ؛ لأن العيشي - وهو عبيدالله بن محمد - ثقة اتفاقاً .
ثم إن المتن منكر مخالف لكثير من الأحاديث الصحيحة التي وردت عن النبي صلي الله عليه وسلم في أدعيته ؛ فإنها بصيغة الإفراد ، حتى في الصلاة . ومنها قوله صلي الله عليه وسلم بين السجدتين :
"اللهم ! اغفر لي ، وارحمني ، واجبرني ، وارفعني ، واهدني ، وارزقني" .
انظر كتابي "صفة الصلاة" ، والرد على (عز الدين بليق) ؛ وقد أورد هذا الحديث في كتابه الذي سماه "منهاج الصالحين" ! وإنما هو منهاجه هو ؛ لجهله بالشريعة ، وكثرة الأحاديث الضعيفة فيه والموضوعة والمنكرة ، وقد جاوزت الأربع مئة حديث في ردي المشار إليه ، وهذا منها برقم (168) .
وقد أورده السيوطي في "الجامع الكبير" (1/ 124) من رواية الديلمي وأبي داود والبيهقي مرفوعاً .
ثم ذكره (3/ 160) في مسند علي من رواية الديلمي كما تقدم ! ومعلوم أن ما عزاه إليه ضعيف ، يكفي ، مجرد العزو إليه عن بيان ضعفه ؛ كما نص عليه في المقدمة .

(/1)


5446 - ( دثر مكان البيت ، فلم يحج هود ولا صالح ؛ حتى بوأه الله لإبراهيم ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 757 :
$ضعيف جداً$
أخرجه أبو إسحاق الحربي في "المناسك" (ص 482) من طريق إبراهيم بن محمد بن عبدالعزيز الزهري عن أبيه عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت : دثر ... إلخ . قال عروة : قلت لعائشة : عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ قالت : عن رسول الله .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ إبراهيم وأبوه محمد متروكان ، مترجمان في "الميزان" ، و "اللسان" ، وغيرهما .
ومحمد هذا : هو الذي بمشورته جلد الإمام مالك ؛ كما هو مصرح به في "التاريخ الكبير" للبخاري (1/ 1/ 167) ، و"الصغير" أيضاً (ص 190) ، و"الضعفاء" لابن حبان (2/ 264) وغيرها .
لكن وقع مثله في ترجمة ابنه إبراهيم من "الميزان" و "اللسان" !
فالظاهر أنه خطأ . والله أعلم .
والحديث ؛ أورده الذهبي - ثم العسقلاني - في مناكير إبراهيم هذا .

(/1)


5447 - ( لا تكن فتاناً ، ولا مختالاً ، ولا تاجراً إلا تاجر خير ؛ فإن أولئك المسبوقون في العمل ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 758 :
$ضعيف$
أخرجه الطيالسي في "مسنده" (رقم 96) : حدثنا شعبة عن الحكم عن رجل من أهل البصرة - ويكنونه أهل البصرة : أبو المودع ، وأهل الكوفة يكنونه بـ :أبي محمد ، وكان من هذيل - عن علي بن أبي طالب مرفوعاً به . وفيه قصة .
وأخرجه أحمد (1/ 87) من طريقين آخرين عن شعبة به ؛ إلا أنه قال في الطريق الأخرى منهما : (مورع) - بالراء - بدل (مودع) - بالراء أيضاً - .
وكذلك أعاده أحمد (1/ 139) من الطريق الأخرى .
ثم رواه عبدالله من طريق حجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة عن أبي محمد الهذلي عن علي .
قلت : وأبو محمد هذا - أو أبو المودع ، أو أبو المورع ، وقيل : أبو المروع - ؛ قال الحسيني :
"مجهول" ؛ كما في "التعجيل" ؛ وقال الذهبي في كنيته الأولى والثالثة :
"لا يعرف" .
قلت : وذلك ؛ لأنه لم يرو عنه غير الحكم بن عتيبة .
وأما قول الهيثمي في "المجمع" (5/ 173) - بعدما عزاه لأحمد وابنه - :
"ولم أجد من وثقه ، وقد روى عنه جماعة" .
فهو خطأ ، قلده فيه الشيخ المناوي في "الجامع الأزهر" (3/ 107/ 1) ؛ يتبين ذلك لكل من رجع إلى ترجمته في "تعجيل المنفعة" .
هذا ؛ ويغلب على ظني أنه ثعلبة بن يزيد المترجم في "التهذيب" ؛ فقد رأيت الحديث في "طبقات الأصبهانيين" لأبي الشيخ (ص 233- ظاهرية) من طريق أبان بن تغلب عن الحكم بن عتيبة عن ثعلبة بن يزيد عن علي بن أبي طالب به دون الاستثناء .
وكذا رواه الطحاوي في "المشكل" (3/ 15) بالاستثناء .
ويؤيد ذلك : أن ثعلبة هذا كوفي يروي عن علي ، وعنه الحكم وغيره ؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 207) :
"كان غالياً في التشيع ، لا يحتج بأخباره التي ينفرد بها عن علي" .
ثم تناقض فأورده في "الثقات" (4/ 98 - دائرة المعارف) من روايته عن علي ، وعنه حبيب بن أبي ثابت ! وقال الحافظ المزي في "التهذيب" (4/ 399 - الرسالة) :
"قال البخاري : في حديثه نظر ، لا يتابع في حديثه . روى له النسائي في "مسند علي" وقال : ثقة" .
واعلم أن الشيخ أحمد شاكر رحمه الله قد حسن إسناد الحديث في تعليقه على "المسند" (2/ 69) ؛ مع أنه نقل قول الذهبي المتقدم في أبي محمد :
"لا يعرف" ! ولكنه عقب عليه بقوله :
"وأنا أرى أن التابعين على الستر والثقة حتى نجد خلافهما" !!
قلت : وعلى هذا جرى في كثير من أحاديث "المسند" ! وهو توسع غير محمود عندي ؛ لأن النفس لا تطمئن لكون التابعي أياً كان على الستر والثقة ؛ لأننا نخشى في روايته غير اتهامه في نفسه ، وهو احتمال أن يكون ضعيفاً في حفظه ، فلو أنه اشترط إلى ذلك أن يكون معروفاً برواية جمع من الثقات عنه ، ولم يتبين في حديثه ما يضعف به من الخطأ والمخالفة للثقات ؛ لكان مقبولاً . والله أعلم .
ثم رأيت الحديث قد أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (1/ 39/ 90) من طريق أبان بن تغلب به ؛ إلا أنه قال : ثعلبة بن يزيد ، أو يزيد بن ثعلبة ... وذكر الاستثناء ، ثم قال :
"وهذا خبر - عندنا - صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح ، وذلك ؛ أنه خبر لا يعرف لبعض ما فيه مخرج عن علي عن النبي صلي الله عليه وسلم يصح إلا من هذا الوجه . وأخرى : أن في إسناده شكاً فيمن حدث عن علي رحمة الله عليه ؛ أثعلبة بن يزيد هو أم يزيد بن ثعلبة ؟ والثالثة : أن الذي فيه من ذكر (التاجر) إنما روي عن علي موقوفاً عليه من كلامه غير مرفوع إلى النبي صلي الله عليه وسلم ، وبخلاف اللفظ الذي فيه" !
ثم ساق عدة روايات موقوفة على علي رضي الله عنه ، وأتبعها بقوله :
"وقد وافق علياً رحمة الله عليه في روايته عن رسول الله صلي الله عليه وسلم بذم التجارة جماعة من الصحابة ، نذكر ما صح عندنا من ذلك سنده" .
ثم ساق عدة أحاديث في أن التجار هم الفجار إلا من بر وصدق ، ونحو ذلك ، وبعضها مخرج في "الصحيحة" (366) .
ولكن إن كان هذا يشهد لما في حديث الترجمة من ذكر التاجر ؛ فإنه لم يجب عن الأمر الآخر الذي أورده هو على نفسه ؛ وهو الشك في الراوي عن علي : ثعلبة ابن يزيد أو العكس ؟! فإن كان الأول ؛ فقد عرفت البخاري وغيره فيه ، وإن كان الآخر فمن هو ؟ ولا نعلم في الرواة من يسمى يزيد بن ثعلبة .
ولا يخفى أن الطبري رحمه الله لا تتم دعواه إلا بعد أن يجيب عن الشك المذكور بترجيح أحد طرفيه ، ثم بيان أن الذي رجحه ثقة عند المحدثين ! وهذا ما لم يفعله ، فنحن على الضعف الذي ظهر لنا ، حتى يتبين لنا ما يضطرنا إلى الانتقال إلى ما ذهب إليه الإمام الطبري من الصحة . والله أعلم .
(تنبيه) : قوله : "المسبوقون" ! كذا في رواية الطيالسي وأحمد في الموضع الأول . وفي الرواية الأخرى له وابنه عبدالله :
"المسوفون" ؛ وكذا في رواية ثعلبة عند الطحاوي ؛ خلافاً لرواية الطبري عنه ؛ فإنها باللفظ الأول .

(/1)


وهذا الاختلاف مما قد يزيد في ضعف الحديث ؛ لأنه يدل على أن راويه لم يضبطه . والعلم عند الله تعالى .

(/2)


5448 - ( (يمحو الله ما يشاء) ؛ إلا الشقاوة ، والسعادة ، والحياة ، والموت ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 762 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (رقم 9626 - مصورتي) من طريق محمد بن جابر عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر قال : سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول : ... فذكره . وقال :
"لم يروه عن ابن أبي ليلى إلا محمد بن جابر ، ولا رواه عن نافع إلا ابن أبي ليلى" .
قلت : وهو محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى الكوفي الفقيه ، وهو صدوق سيىء الحفظ جداً ؛ كما قال الحافظ في "التقريب" .
ونحوه الراوي عنه : محمد بن جابر - وهو الحنفي اليمامي - ؛ قال الحافظ أيضاً :
"صدوق ، ذهبت كتبه ؛ فساء حفظه وخلط كثيراً ، وعمي فصار يلقن ، ورجحه أبو حاتم على ابن لهيعة" .
وبه وحده أعله الهيثمي ، فقال في "المجمع" (7/ 43) :
"وهو ضعيف من غير تعمد كذب" .
ولذلك ؛ جزم السيوطي في "الدر المنثور" (4/ 66) بأن سنده ضعيف ، وعزاه لابن مردويه أيضاً .
وتبعه على ذلك الشوكاني في "فتح القدير" (3/ 85) .
ويحتمل عندي احتمالاً قوياً أن أصل الحديث الموقوف على ابن عباس ؛ أخطأ في إسناده ورفعه : محمد بن جابر عن ابن أبي ليلى ؛ فقد خالفه سفيان وغيره من الثقات فرووه عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به موقوفاً .
أخرجه ابن جرير في "التفسير" (16/ 478 - شاكر) . ونسبه السيوطي لعبدالرزاق أيضاً ، والفريابي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "الشعب" .
وقد رواه ابن جرير عن مجاهد أيضاً مقطوعاً . وسنده صحيح .
وكأنه تلقاه عن ابن عباس رضي الله عنه فإنه من تلامذته .
وثبت خلافه عن عمر وغيره ، فروى ابن جرير (16/ 181-182) من طريق أبي حكيمة عن أبي عثمان النهدي :
أن عمر بن الخطاب قال - وهو يطوف بالبيت ويبكي - : اللهم ! إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنباً ؛ فامحه ؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب ، فاجعله سعادة ومغفرة .
ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 63) في ترجمة عصمة أبي حكيمة هذا . وقد قال فيه ابن أبي حاتم (3/ 2/ 20) عن أبيه :
"محله الصدق" .
وذكره ابن حبان في "الثقات" .
والظاهر أنه قد توبع ؛ فقد رواه ابن جرير من طريق معتمر عن أبيه عن أبي حكيمة عن أبي عثمان ، وأحسبني قد سمعته من أبي عثمان مثله .
وأبو المعتمر : اسمه سليمان بن طرخان التيمي ، وهو ثقة من رجال الشيخين .
ثم روى ابن جرير من طريق شريك عن هلال بن حميد عن عبدالله بن عكيم عن عبدالله أنه كان يقول :
اللهم ! إن كنت كتبتني في السعداء ؛ فأثبتني في السعداء ؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب .
ورجاله ثقات ؛ لولا ضعف حفظ شريك ؛ لكنه يتقوى بطريق حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول :
اللهم ! إن كنت كتبتني في أهل الشقاوة ؛ فامحني ، وأثبتني في أهل السعادة .
رواه ابن جرير ، والطبراني في "الكبير" (8847) .
ورجاله ثقات رجال مسلم إلا أن أبا قلابة لم يدرك ابن مسعود ؛ كما قال الهيثمي (10/ 185) ، ولكنه شاهد قوي للطريق الموصولة قبله . والله أعلم .
ولعل الواسطة بينهما أبو وائل شقيق بن سلمة ؛ فقد روى الأعمش عنه :
أنه كان يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات .
رواه ابن جرير بسند صحيح عنه .
وكان أبو وائل من أعلم أهل الكوفة بحديث ابن مسعود .
واعلم أن المفسرين اختلفوا اختلافاً كثيراً في تفسير آيتي (الرعد) : (لكل أجل كتاب . يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) على أقوال كثيرة ، استوعبها الشوكاني في "الفتح" ، وذكر بعضها ابن جرير ، ثم ابن كثير ، واختار هذا ما هو أقرب للسياق ؛ فقال :
"أي : لكل كتاب أجل ، يعني : لكل كتاب أنزله الله من السماء مدة مضروبة عند الله ، ومقدار معين ، فلهذا : (يمحو الله ما يشاء) : منها : (ويثبت) ؛ يعني : حتى نسخت كلها بالقرآن الذي أنزله الله على رسوله صلوات الله وسلامه عليه" .
فالمحو والإثبات فيهما خاص بالأحكام في الكتب المتقدمة أو في الشريعة المحمدية ، ينسخ منها ما يشاء ، ويثبت ما يشاء . وهو يلتقي مع ما رواه ابن جرير (16/ 485) وغيره بسند فيه ضعف عن ابن عباس : (يمحو الله ما يشاء) ، قال :
من القرآن ؛ يقول : يبدل الله ما يشاء فينسخه ، ويثبت ما يشاء فلا يبدله . (وعنده أم الكتاب) ، يقول : وجملة ذلك عنده في أم الكتاب ، الناسخ والمنسوخ ، وما يبدل ، كل ذلك في كتاب .
وقد وجدت ما يقويه من رواية عكرمة عن ابن عباس ، من وجهين عن عكرمة :
الأول : رواه يزيد النحوي عنه ابن عباس ؛ في قوله :
(ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) ، وقال : (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل ...) الآية ، وقال : (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ؛ فأول ما نسخ من القرآن القبلة ... الحديث .
رواه النسائي أواخر "الطلاق" ، وأبو داود مختصراً .

(/1)


وإسناده حسن ؛ كما هو مبين في "الإرواء" (7/ 161/ 2080) .
والآخر : رواه سليمان التيمي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ في قول الله عز وجل :
(يمحو الله ما يشاء) ، قال : من أحد الكتابين ؛ هما كتابان يمحو الله ما يشاء من أحدهما ويثبت . (وعنده أم الكتاب) ؛ أي : جملة الكتاب .
رواه ابن جرير (16/ 480،481) ، والحاكم (2/ 349) . وقال :
"صحيح غريب" . ووافقه الذهبي .
قلت : وفي رواية لابن جرير (16/ 491) من طريق علي عن ابن عباس :
(وعنده أم الكتاب) ، يقول : وجملة ذلك عنده في أم الكتاب ؛ الناسخ والمنسوخ ،، وما يبدل وما يثبت ، كل ذلك في كتاب .
وفي سنده انقطاع وضعف .
ثم اعلم أنه - وإن كان المحو والإثبات في الآية خاصاً بالأحكام الشرعية ؛ كما تقدم - ؛ فليس في الشرع ما ينفيهما في غيرها ، بل إن ظواهر بعض النصوص تدل على خلاف ذلك ؛ كمثل قوله صلي الله عليه وسلم :
"لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر" ؛ وهو حديث حسن مخرج في "الصحيحة" (154) . وقوله صلي الله عليه وسلم :
"من أحب أن يبسط له في رزقه ، وأن ينسأ له في أثره (وفي بعض الطرق : في آجله) ؛ فليصل رحمه" . متفق عليه ، وهو مخرج في المصدر السابق برقم (276) .
وقد صح عن ابن عباس أنه قال :
لا ينفع الحذر من القدر ، ولكن الله يمحو بالدعاء ما يشاء من القدر .
أخرجه الحاكم (2/ 350) . وقال :
"صحيح الإسناد" . ووافقه الذهبي .
إذا عرفت ما تقدم ؛ فاعلم أن المحو المذكور والزيادة في الرزق والعمر ؛ إنما هو بالنسبة للقضاء أو القدر المعلق ، وأما القضاء المبرم المطابق للعلم الإلهي ؛ فلا محو ولا تغيير ، كما كنت شرحت ذلك في تعليقي على "مختصر مسلم" للمنذري (ص 470) ؛ فراجعه فإنه هام !
ثم رأيت القرطبي قد أشار إلى ذلك في تفسيره "الجامع" ، فقال (5/ 332) :
"والعقيدة : أنه لا تبديل لقضاء الله ، وهذا المحو والإثبات مما سبق به القضاء ، وقد تقدم أن من القضاء ما يكون واقعاً محتوماً - وهو الثابت - ، ومنه ما يكون مصروفاً بأسباب - وهو الممحو - والله أعلم . قال الغزنوي :
وعندي : أن ما في اللوح خرج عن الغيب ؛ لإحاطة بعض الملائكة ، فيحتمل التبديل ؛ لأن إحاطة الخلق بجميع علم الله محال ، وما في علمه من تقدير الأشياء لا يبدل" .
وإذا عرفت هذا ؛ سهل عليك فهم كثير من النصوص المرفوعة والآثار الموقوفة ، وقد تقدم بعضها ، وتخلصت من الوقوع في تأويلها . والله الهادي .
ثم وقفت على كلام جيد لشيخ الإسلام ابن تيمية ، يؤيده ما ذهبت إليه في "مجموع الفتاوى" (8/ 516-518،540،541) و (14/ 488-492) ، فراجعه ؛ فإنه مهم !

(/2)


5449 - ( (يمحو الله ما يشاء ويثبت) ؛ قال : يمحو من الرزق ويزيد فيه ، ويمحو من الأجل ويزيد فيه ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 768 :
$ضعيف جداً$
رواه ابن سعد في "الطبقات" (3/ 574) : أخبرنا عفان ابن مسلم قال : أخبرنا همام بن يحيى عن الكلبي في قوله : (يمحو الله ما يشاء ويثبت) قال : ... فذكره . فقلت : من حدثك ؟ قال : حدثني أبو صالح عن جابر بن عبدالله بن رئاب الأنصاري عن النبي صلي الله عليه وسلم .
ورواه ابن جرير (16/ 484-485) من طريق أخرى عن عفان به .
وهذا إسناد ضعيف جداً ، إن لم يكن موضوعاً ؛ آفته الكلبي هذا ؛ فإنه سبئي متهم بالكذب ، بل قد اعترف هو بذلك .
فروى ابن حبان (2/ 254) : أخبرنا عبدالملك بن محمد قال : حدثنا عمر ابن شبة قال : حدثنا أبو عاصم قال : قال لي سفيان الثوري : قال لي الكلبي :
ما سمعته مني عن أبي صالح عن ابن عباس ؛ فهو كذب .
ورجال هذا الإسناد ثقات ؛ على ضعف في عبدالملك هذا - وهو الرقاشي - ، وليس لفظه صريحاً بالاعتراف المذكور ، لا سيما وقد رواه ابن أبي حاتم (3/ 271) :أخبرنا عمر بن شبة بلفظ : زعم لي سفيان الثوري قال : قال لنا الكلبي :
ما حدثت عني عن أبي صالح عن ابن عباس ؛ فهو كذب ؛ فلا تروه .
وهذا إسناد صحيح ؛ فهو يحتمل أن الكذب من أبي صالح ؛ وهو المسمى (باذام) أو (باذان) مولى أم هانىء وهو صاحب التفسير الذي رواه عن ابن عباس ، ورواه عنه الكلبي هذا ؛ كما في "طبقات ابن سعد" (6/ 296) ، وهو ضعيف ، أو أشد . انظر "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (رقم 225) ، فكأن الكلبي يتهم بذلك أبا صالح نفسه ! ويرجح هذا رواية أخرى عند ابن حبان أيضاً (2/ 255) بإسناده المتقدم بلفظ :
.. عن سفيان قال : قال لي الكلبي : قال لي أبو صالح : كل ما حدثتك فهو كذب .
ويقويه رواية يحيى بن سعيد عن سفيان قال : قال لي الكلبي : قال لي أبو صالح : كل شيء حدثتك ؛ فهو كذب .
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 1/ 101) : قال لنا علي : حدثنا يحيى بن سعيد .
وكذلك رواه في "التاريخ الصغير" (ص 158) .
وهذا إسناد صحيح غاية ؛ فهو أصح من الأول ، لا سيما والرواية الأخرى منه بمعناه ؛ فهو المعتمد .
وقد سقط من رواية "الميزان" (تحقيق البجاوي) قوله : "قال لي أبو صالح" ؛ فصارت العبارة فيه :
كل ما حدثتك عن أبي صالح ؛ فهو كذب !
والخلاصة : أن القائل : "كل شيء حدثتك فهو كذب" ؛ إنما هو أبو صالح ؛ وليس هو الكلبي ، وإنما هو الراوي لذلك عن أبي صالح ، ولذلك ؛ حذر من التحديث بذلك بقوله للثوري :
فلا تروه .
ومن البداهة في مكان : أن أبا صالح - على ضعفه - لا يدان بذلك ؛ لوهاء الكلبي ؛ فتنبه ، ولا تتورط بما وقع في "الميزان" ؛ كما وقع لي فيما تقدم من الكلام على الحديث (111) من هذه "السلسلة" ، والمعصوم من عصمه الله تعالى !
وجملة القول : أن حديث الترجمة ضعيف جداً ؛ لأن مداره على الكلبي عن أبي صالح ، وقد عرفت وهاءهما الشديد . ولهذا ؛ لم يحسن السيوطي بسكوته على الحديث في "الدر المنثور" (4/ 66) ؛ لا سيما وقد وقع فيه :
... عن الكلبي رضي الله عنه ! فأوهم أن الكلبي صحابي ! وإنما هو من صغار التابعين ، والترضي خاص بالصحابة عرفاً . وأما أتباعهم فيترحم عليهم ؛ وما أدري إذا كان الكلبي السبئي يستحق الترحم عليه ؟!
(تنبيه) : قد ذكر أبو السعود في "تفسيره" من الأقوال التي قيلت في تفسير آية (يمحو الله ما يشاء ...) قول :
"يمحو الأجل أو السعادة والشقاوة" ، ثم قال :
"وبه قال ابن مسعود ، وابن عمر رضي الله عنهم ، والقائلون به يتضرعون إلى الله أن يجعلهم سعداء ، وهذا رواه جابر عن النبي عليه الصلاة والسلام" !!
ففيه ثلاثة أخطاء :
الأول : قوله : "وابن عمر" ! . صوابه "عمر" ؛ كما تقدم في الحديث الذي قبله .
الثاني : قوله : "رواه جابر" ؛ فليس لجابر إلا حديث الترجمة .
الثالث : أطلق العزو لجابر ؛ فأوهم أنه جابر بن عبدالله بن عمرو - لأنه المتبادر عند الإطلاق - ، وليس به ، وإنما هو جابر بن عبدالله بن رئاب كما تقدم ، وكلاهما أنصاري ؛ فتنبه !

(/1)


5450 - ( يا أبا بكر ! برد أمرنا وصلح ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 771 :
$ضعيف جداً$
رواه ابن أبي خيثمة في "التاريخ" (ص 21 - مصورة الجامعة الإسلامية) ، وابن عبدالبر في "التمهيد" (24/ 73) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 28/ 2) ، والخطابي في "غريب الحديث" (ق 33/ 1- ظاهرية و 1/ 180-181- جامعة أو القرى) عن الحسين بن حريث : حدثنا أوس ابن عبدالله بن بريدة : حدثني الحسين بن واقد عن عبدالله بن بريدة عن أبيه :
أن النبي صلي الله عليه وسلم لما توجه نحو المدينة ؛ خرج بريدة الأسلمي في سبعين راكباً من أهل بيته من بني سهم ، فيتلقى نبي الله صلي الله عليه وسلم ليلاً . فقال له :
"من أنت ؟" . قال : بريدة . فالتفت إلى أبي بكر ، وقال :
"يا أبا بكر ! برد أمرنا وصلح" . ثم قال :
"ممن ؟" . قال : من أسلم . قال لأبي بكر : "سلمنا" . ثم قال :
"ممن ؟" . قال : من بني سهم . قال :
"خرج سهمك" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ أوس هذا متروك ؛ كما قال الدارقطني . ونحوه قول البخاري :
"فيه نظر" .
وله طريق أخرى ، ولكنها واهية أيضاً ؛ لأنها من رواية عبدالعزيز بن عمران : حدثنا أفلح بن سعيد عن سليمان بن فروة عن أبيه عن بريدة الأسلمي به مختصراً ؛ قال :
لما أقبل رسول الله صلي الله عليه وسلم في مهاجره ؛ لقي ركباً ، فقال :
"يا أبا بكر ! سل القوم ممن هم ؟" . قالوا : من أسلم . قال :
"سلمت يا أبا بكر ! سلهم من أي أسلم ؟" . قالوا : من بني سهم . قال :
"ارم بسهمك يا أبا بكر !" .
أخرجه البزار في "مسنده" (2/ 301-302- كشف الأستار) ، وقال :
"لا نعلم رواه إلا بريدة ، ولا نعلم له إلا هذا الطريق" !
كذا قال ! والطريق الأولى ترد عليه . وقد أعل هذه الهيثمي في "المجمع" (6/ 55) بقوله :
"وعبدالعزيز بن عمران الزهري متروك" .
(تنبيه) : كان الداعي إلى تخريج الحديث : أنني شرعت قريباً في أواسط شهر الله المحرم سنة (1404) في اختصار كتاب ابن قيم الجوزية : "تحفة المودود في أحكام المولود" ، فمر بي هذا الحديث ، وقد عزاه في موضع لابن أبي خيثمة ، وفي آخر لأبي عمر بن عبدالبر في "الاستذكار" ؛ ساكتاً عليه فيهما ، فتذكرت أن شيخه ابن تيمية كان قد ذكر طرفاً منه في كتابه "الكلم الطيب" الذي كنت حققته وخرجت أحاديثه ، ثم طبعته سنة (1385) في المكتب الإسلامي ، ذكره مع أحاديث أخرى (ص 125-127) قائلاً :
"هذه الأحاديث في (الصحاح)" .
فعلقت عليه يومئذ بأنني لم أعثر عليه ، وأبديت شكي في كونه في "الصحاح" ! والآن تأكدت من خطأ عزوه إليها ، وتبينت أن إسناد الحديث ضعيف جداً : والله تعالى هو الموفق الهادي .
واعلم أن ابن أبي خيثمة : هو الحافظ أحمد بن زهير بن حرب النسائي البغدادي صاحب "التاريخ الكبير" ، فالظاهر أن ابن القيم منه نقله ، ومن طريقه : أخرجه ابن عبدالبر في "الاستذكار" ؛ فقد رأيته أخرجه في "الاستيعاب" أيضاً في ترجمة بريدة بن الحصيب رضي الله عنه من رواية قاسم بن أصبغ قال : أخبرنا أحمد بن زهير : قال : أخبرنا حسين بن حريث عن الحسين بن واقد به ، وزاد في أوله :
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يتطير ، ولكن يتفاءل ، فركب بريدة في سبعين راكباً ...
وهكذا أورده ابن القيم أيضاً في "مفتاح دار السعادة" - من رواية "الاستذكار" - :
"الحسين بن حريث عن الحسين بن واقد" ؛ ليس بينهما (أوس بن عبدالله) المتروك ! وكأنه سقط من بعض النساخ ، بدليل أنه زاد فيه - أعني : "الاستذكار" - عقب الحديث :
"قال أحمد بن زهير : قال لنا أبو عمار [قلت : هو الحسين بن حريث] : سمعت أوساً يحدث هذا الحديث بعد ذلك عن أخيه سهل بن عبدالله عن أبيه عبدالله بن بريدة ، فأعدت ثلاثاً : من حدثك ؟ قال : سهل أخي" .
قلت : فهذا صريح في أن ابن حريث سمع الحديث أولاً من أوس يحدث به عن ابن واقد ، ثم سمعه بعد منه عن أخيه سهل بن عبدالله ، وهو متروك أيضاً .
فهذا يدلنا على أمرين :
الأول : أن مدار الحديث عند ابن عبدالبر في كتابيه على أوس .
والآخر : أن أوساً كان يضطرب في إسناده : فمرة يرويه عن ابن واقد - وهو صدوق - ، وأخرى عن أخيه سهل المتروك .
ويؤيد الأول : أن السيوطي أورد الزيادة التي عند ابن عبدالبر في كتابه "الجامع الصغير" من رواية الحكيم ، والبغوي عن بريدة .
فقال المناوي في "شرحه" عليه :
"ورواه عنه قاسم بن أصبغ ، وسكت عليه عبدالحق مصححاً له . قال ابن القطان : وما مثله يصحح ؛ فإن فيه أوس بن عبدالله بن بريدة ، منكر الحديث" .
وقد عرفت أن الحديث عند ابن عبدالبر من طريق قاسم بن أصبغ ؛ ففيه إذن أوس بن عبدالله ؛ وهو متروك .

(/1)


وقد خفي هذا على محقق "الوابل الصيب" لابن القيم - الشيخ إسماعيل الأنصاري - ؛ فإنه مع كونه لم يفصح عن درجته ؛ خلافاً لما نص عليه في مقدمته ؛ فإنه تكلف جداً في تأويل عزو ابن تيمية الحديث هذا لـ "الصحاح" كما تقدم ، وقد تبعه ابن القيم في "الوابل" ! بل وأوهم الشيخ القراء بأنه صحيح ، فقال :
"فيمكن أن يكون مرادهما بكونه في "الصحاح" : أنه في الأحاديث الصحيحة ؛ لأن عبارة "في الصحيح" قد تطلق على الصحيح المقابل للحسن والضعيف ، كما تطلق على ما في بعض الكتب التي التزم مؤلفوها فيها الصحة" !!
قلت : الإطلاق الآخر هو المتبادر والمعروف عند علماء الحديث .
وأما الأول ؛ فغير معهود إلا نادراً جداً ، ولقرينة قوية ، وإلا ؛ كان تدليساً وتضليلاً ، وليس هنا في كلام الشيخين أية قرينة ، بل القرينة فيه تؤكد أنه بالمعنى المعروف ؛ فإن الأحاديث التي أورداها في فصل "الفأل والطيرة" ، كلها في "الصحاح" بالمعنى المعهود ؛ فهذا يبعد أن يكونا أراد بذلك المعنى النادر .
ثم هب أن هذا هو المراد ؛ فهل الحديث صحيح الإسناد ، حتى يؤول كلامهما بذاك التكلف البارد ؟! نسأل الله تعالى أن يلهمنا الصدع بالحق ، وأن لا تأخذنا في ذلك لومة لائم ، ولا جلالة عالم .
ثم إن مما يؤكد ضعف هذا الحديث : أن أوس بن عبدالله قد خالفه في متنه قتادة - الإمام الثقة - فرواه عن عبدالله بن بريدة عن أبيه مرفوعاً بلفظ آخر ، تراه مخرجاً في الكتاب الآخر : "الصحيحة" (762) ، فليراجعه من شاء .

(/2)


5451 - ( إنه سيولد لك بعدي ولد ، فسمه باسمي وكنه بكنيتي . قاله لعلي ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 776 :
$منكر بهذا اللفظ$
أورده ابن القيم في "تحفة المودود" (ص 83-84- الهندية العربية) ساكتاً عليه ، فقال : وقال ابن أبي خثيمة في "تاريخه" : حدثنا ابن الأصبهاني : حدثنا علي بن هاشم عن فطر عن منذر عن ابن الحنفية قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره ، وزاد :
فكانت رخصة من رسول الله صلي الله عليه وسلم لعلي .
قلت : ورجاله ثقات ؛ على كلام في علي بن هاشم - وهو ابن البريد - ، وهو صدوق ، ولكنه شيعي ، وقد تكلم بعضهم فيه من قبل حفظه ، فقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 110) :
"كان غالياً في التشيع ؛ مم يروي المناكير عن المشاهير ؛ حتى كثر ذلك في رواياته ، مع ما يقلب من الأسانيد" .
وجرى على ظاهر إسناده : الأخ عبدالقادر أرناؤوط ؛ فقال في تعليقه على "التحفة" (ص 143 - دار البيان) :
"وإسناده حسن" !
فلم يتنبه لكون ابن البريد قد خالفه الثقات في لفظه ، على ما فيه من ضعف في حفظه كما تقدم ، وهم :
1- أبو أسامة حماد بن أسامة ؛ قال : عن فطر به ، ولفظه :
قال علي للنبي صلي الله عليه وسلم : إن ولد لي غلام بعدك ؛ أسميه باسمك ، وأكنيه بكنيتك ؟ قال :
"نعم" .
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8/ 668) : حدثنا أبو أسامة به .
ومن طريقه : أخرجه أبو داود (4967) ، وعن هذا البيهقي (9/ 309) .
2- وكيع بن الجراح ؛ قال : حدثنا فطر به ، وزاد :
فكانت رخصة من رسول الله صلي الله عليه وسلم لعلي .
أخرجه أحمد (1/ 95) : حدثنا وكيع به .
3 و 4- قال ابن سعد في "الطبقات" (5/ 91) : أخبرنا الفضل بن دكين وإسحاق بن يوسف الأزرق قالا : حدثنا فطر بن خليفة به .
والفضل بن دكين : كنيته أبو نعيم .
ومن طريقه : أخرجه البيهقي ، وكذا الحاكم (4/ 478) ، وقال :
"صحيح على شرط الشيخين" ! ووافقه الذهبي .
وأقول : إنما هو على شرط البخاري وحده ؛ فإن فطر بن خليفة لم يخرج له مسلم شيئاً ؛ علي أن البخاري روى له مقروناً .
5- أبو غسان ؛ قرنه الحاكم بأبي نعيم .
6- يحيى بن سعيد القطان : حدثنا فطر بن خليفة به .
أخرجه الترمذي (2846) ، وقال :
"هذا حديث صحيح" .
7- إبراهيم ؛ وهو ابن موسى ، أبو إسحاق الفراء الرازي .
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (843) .
قلت : فهؤلاء سبعة ثقات حفاظ قد خالفوا علي بن هاشم في لفظه ؛ فلم يرفعوه إلى النبي صلي الله عليه وسلم ، فلوأن واحداً منهم فقط خالفه ؛ لكان كافياً في الحكم على لفظه بالنكارة ، فكيف بهم مجتمعين ؟!
وإنما يقع المرء في مثل هذا الخطأ : من فوقه عند الظاهر السند ، دون إفراغ الجهد في تتبع الطرق والأسانيد والألفاظ ، والنظر فيها بعين الناقد البصير ! وهذا ما يفعله الجم الغفير من المشتغلين بالتخريج في العصر الحاضر ، بل وفيما قبله أيضاً .
واعلم أن الزيادة المتقدمة قد اتفق من ذكرنا من الثقات على ذكرها في الحديث دون الأول منهم ، وهي صريحة في أنها رخصة خاصة بعلي رضي الله عنه ، فلا يعارضها قوله صلي الله عليه وسلم :
"تسموا باسمي ، ولا تكنوا بكنيتي" . متفق عليه . وقد قال الحافظ في "الفتح" (10/ 573) :
"روينا هذه الرخصة في "أمالي الجوهري" . وأخرجها ابن عساكر في الترجمة النبوية من طريقه ، وسندها قوي" .
وقد عزا الحديث لابن ماجه أيضاً ، وهو وهم ! وتقوية الحافظ لسند الحديث فيه إشعار بأنه لم يرتض إعلال البيهقي إياه بالانقطاع . وقد رد عليه ابن التركماني في "الجوهر النقي" بما يوضح أن لا انقطاع فيه .
فإن قال قائل : ألا يقوي حديث الترجمة ما رواه ابن سعد (5/ 91-92) : أخبرنا محمد بن الصلت وخالد بن مخلد قالا : حدثنا الربيع بن المنذر الثوري عن أبيه قال :
وقع بين علي وطلحة كلام ، فقال له طلحة : لا كجرأتك على رسول الله صلي الله عليه وسلم ! سميت باسمه ، وكنيت بكنيته ، وقد نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يجمعهما أحد من أمته بعده ؟ فقال علي : إن الجريء من اجترأ على الله وعلى رسوله ، اذهب يا فلان ! فادع فلاناً وفلاناً - لنفر من قريش - ، قال : فجاءوا فقال : بم تشهدون ؟ قالوا : نشهد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :
"إنه سيولد لك بعدي غلام ، فقد نحلته اسمي وكنيتي ، ولا تحل لأحد من أمتي بعده" ؟
والجواب : لا ؛ لأسباب :
الأول : أن الربيع بن المنذر الثوري لا يعرف حاله ؛ فقد ترجمه البخاري في "التاريخ الكبير" ، وابن أبي حاتم ، فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .
الثاني : أنه منقطع بين منذر الثوري وعلي رضي الله عنه .
ويؤكد ذلك : أن الحاكم أخرجه في "علوم الحديث" (ص 190) من طريق أخرى عن ابن الصلت قال فيه : عن أبيه - أظنه - عن ابن الحنفية .
الثالث : أن لفظه مخالف أيضاً للفظ المحفوظ عن فطر بن خليفة برواية الثقات عنه كما تقدم ، وكذلك هو مخالف للفظ ابن الصلت عند الحاكم ؛ فإنه قال : ==

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. رائع

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. =============== . ...