روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

ب ميك

المدون

 

الأحد، 5 يونيو 2022

مجلد 4. و5. السلسلة الضعيفة محمد ناصر الدين الألباني

 

4. : مجلد 4. السلسلة الضعيفة محمد ناصر الدين الألباني

888 - " مصر كنانة الله في أرضه ، ما طلبها عدو إلا أهلكه الله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 291 ) :
لا أصل له . أورده السخاوي في " المقاصد " ( 1029 ) و قال : " لم أره بهذا
اللفظ في مصر ، و لكن عند أبي محمد الحسن بن زولاق في " فضائل مصر " له بمعناه
، و لفظه : " مصر خزائن الأرض كلها ، من يردها بسوء قصمه الله " . و عزاه
المقريزي في " الخطط " لبعض الكتب الإلهية " . قلت : و ابن زولاق هذا لا أعرف
عنه شيئا ، و لا عن كتبه ، و هل هو على طريقة المحدثين في سوق الأحاديث
بالأسانيد أم هو على طريقة المتأخرين في ذكر الأحاديث تعليقا بدون إسناد ؟ فإذا
كان الأول ، فلا أدري لماذا سكت عليه الحافظ السخاوي ، و لقد كان من الواجب
عليه أن يسوق إسناده على الأقل ليمكن النظر فيه و الحكم على الحديث به ، و إن
كان يغلب على الظن أنه لا يصح ، بل هو مأخوذ من بعض أهل الكتاب كما أشار إلى
ذلك المقريزي ، فهو مثل حديث : " الشام كنانتي .... " و قد تقدم برقم ( 15 ) . 


889 - " الجيزة روضة من رياض الجنة ، و مصر خزائن الله في الأرض " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 292 ) :
موضوع . أخرجه أبو نعيم في " نسخة نبيط بن شريط " ( ق 158 / 2 ) عن أحمد بن
إبراهيم بن نبيط بن شريط أبي جعفر الأشجعي قال : حدثني أبي إسحاق بن إبراهيم بن
نبيط قال : حدثني أبي إبراهيم بن نبيط عن جده نبيط بن شريط مرفوعا . و
أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 87 ) من طريق أبي نعيم ، ثم
قال : " قال في " الميزان " : أحمد هذا حدث عن أبيه عن جده بنسخة فيها بلايا ،
منها هذا الحديث ، لا يحل الاحتجاج به فإنه كذاب " . و أقره ابن عراق في
" تنزيه الشريعة " ( 2 / 57 ) ، و ذكر العجلوني هذا الحديث في " كشف الخفاء " (
ص 212 ) و قال : " قال في " اللآلي " : كذب " . و الله أعلم .

(2/388)


890 - " من لم يكثر ذكر الله تعالى قد برىء من الإيمان " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 292 ) :
موضوع . قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 231 ) : " رواه الطبراني في "
الأوسط " و " الصغير " من حديث أبي هريرة ، و هو حديث غريب " . و قال
الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 79 ) : " رواه الطبراني في " الصغير ، و " الأوسط
" عن شيخه محمد بن سهل بن المهاجر عن مؤمل بن إسماعيل ، و في " الميزان " : "
محمد بن سهل عن مؤمل بن إسماعيل يروي الموضوعات " . فإن كان هو ابن المهاجر فهو
ضعيف ، و إن كان غيره فالحديث حسن " ! قلت : و علق عليه الحافظ ابن حجر بما نصه
: " بل هو موضوع على الحالين ، و المجهول إذا انفرد ( الأصل إذ ) لم يكن حديثه
حسنا بحال " . و هذا كلام جيد . و ما قاله الذهبي في " الميزان " في ابن سهل
هذا أقره عليه الحافظ في " اللسان " . و زاد عليه أنه ساق له هذا الحديث ، و هو
ظاهر الوضع . مما ينبغي أن يعلم أن الحديث لم يروه الطبراني في " الصغير " بهذا
اللفظ ، خلافا لما يوهمه صنيع المنذري ثم الهيثمي ، بل بلفظ : " من أكثر ذكر
الله فقد بريء من النفاق " . ص ( 203 ) و فرق ظاهر بين اللفظين ، و إن كان
مدارهما على إسناد واحد عند الطبراني ، يرويهما عن شيخ واحد هو محمد بن سهل هذا
المتهم ، و لكنه لم ينفرد باللفظ الثاني ، فقد أخرجه أبو محمد المخلدي في
" الفوائد المنتخبة " ( 3 / 1 / 2 ) و محمد بن الحسن الأزدي في " أحاديث منتقاة
" ( ق 2 / 1 - 2 ) و أبو موسى المديني في " اللطائف " ( ق 81 / 2 ) من طرق أخرى
عن مؤمل بن إسماعيل به ، فبرئت عهدة ابن سهل من هذا اللفظ الثاني ، و انحصرت
التهمة به في اللفظ الأول . و علة اللفظ الثاني هو هذا الذي دارت عليه الطرق :
مؤمل ابن إسماعيل فإنه ضعيف لسوء حفظه و كثرة خطإه ، قال أبو حاتم : " صدوق
شديد في السنة كثير الخطأ " . و قال البخاري : " منكر الحديث " . و قال أبو
زرعة : " في حديثه خطأ كثير " ، و من هذا التحقيق يتلخلص أن الحديث بلفظه الأول
موضوع ، كما قال الحافظ بن حجر ، و بلفظه الثاني ضعيف . و لقد أحسن السيوطي
صنعا حيث أورده في " الجامع الصغير " من رواية " صغير الطبراني " دون اللفظ
الآخر ، و الله الموفق . و في باب ذكر الله تعالى و الإكثار منه و فضله أحاديث
كثير مجموعة في " الترغيب " و غيره تغني عن مثل هذا الحديث .

(2/389)


891 - " كان بلال إذا أراد أن يقيم الصلاة قالا : السلام عليك أيها النبي و رحمة الله
و بركاته ، يرحمك الله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 293 ) :
موضوع . رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 27 / 1 - مجمع البحرين ) :
حدثنا مقدام بن داود : حدثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة : حدثنا كامل أبو
العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة به . و قال : " لم يروه عن كامل إلا عبد
الله " . قلت : و هذا موضوع ، آفته ابن المغيرة هذا ، فقد ساق له الذهبي أحاديث
و قال : " هذه موضوعات " . و مقدام بن داود ليس بثقة كما قال النسائي : و في
" مجمع الزوائد " ( 2 / 75 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه عبد الله
بن محمد بن المغيرة ، و هو ضعيف " . قلت : و هذا إعلال قاصر من جهتين : الأولى
: أنه ألان القول في تضعيف ابن المغيرة و قد عرفت أنه صاحب موضوعات ، و قد قال
النسائي : " روى عن الثوري و مالك بن مغول أحاديث كانا أتقى لله من أن يحدثا
بها " . الأخرى : أنه عصب التهمة بابن المغيرة مع أن الراوي عنه المقدام مثله
أو قريب منه . و هذا الحديث كأنه الأصل لتلك البدعة الفاشية التي رأيناها في
حلب و إدلب و غيرها من بلاد الشمال ، و هي الصلاة و السلام على النبي صلى الله
تعالى عليه و آله وسلم جهرا قبيل الإقامة . و هي كالبدعة الأخرى و هي الجهر بها
عقب الأذان كما بينه العلماء المحققون - و ذكرناه في الرسالة الأولى من " تسديد
الإصابة " . على أن الظاهر من الحديث - لو صح - أن بلالا كان يدخل على النبي
صلى الله تعالى عليه و آله وسلم و هو في حجرته ليخبره بأنه يريد أن يقيم حتى
يخرج عليه الصلاة و السلام فيقيم بلال ، أو لعله لا يسمع الإقامة فيخبر بها .
( تنبيه ) : إن العلماء إذا أنكروا مثل هذه البدعة ، فلا يتبادرن إلى ذهن أحد
أنهم ينكرون أصل مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ! بل إنما ينكرون
وضعها في مكان لم يضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، أو أن تقترن بصفات
و هيئات لم يشرعها الله على لسان نبيه ، كما صح عن ابن عمر رضي الله عنه أن
رجلا عطس فقال : الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه
وسلم . فقال ابن عمر : و أنا أقول : الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، و لكن ما هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
! قل : الحمد لله رب العالمين أو قال : على كل حال . فانظر كيف أنكر ابن عمر
رضي الله عنه وضع الصلاة بجانب الحمد بحجة أنه صلى الله عليه وسلم لم يصنع ذلك
، مع تصريحه بأنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم دفعا لما عسى أن يرد على
خاطر أحد أنه أنكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم جملة ! كما يتوهم البعض
الجهلة حينما يرون أنصار السنة ينكرون هذه البدعة و أمثالها ، فيرمونهم بأنهم
ينكرون الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه و آله وسلم ، هداهم الله تعالى إلى
اتباع السنة .

(2/390)


892 - " من أحب أن يحيا حياتي ، و يموت موتتي ، و يسكن جنة الخلد التي وعدني ربي عز
وجل ، غرس قضبانها بيديه ، فليتول علي بن أبي طالب ، فإنه لن يخرجكم من هدى ، و
لن يدخلكم في ضلالة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 294 ) :

موضوع . رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 349 - 350 و 350 ) و الحاكم ( 3
/ 128 ) و كذا الطبراني في " الكبير " و ابن شاهين في " شرح السنة " ( 18 / 65
/ 2 ) من طرق عن يحيى بن يعلى الأسلمي قال : حدثنا عمار بن رزيق عن أبي إسحاق
عن زياد بن مطرف عن زيد بن أرقم - زاد الطبراني : و ربما لم يذكر زيد بن أرقم
- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال أبو نعيم : " غريب
من حديث أبي إسحاق ، تفرد به يحيى " . قلت : و هو شيعي ضعيف ، قال ابن معين
: " ليس بشيء " . و قال البخاري : " مضطرب الحديث " . و قال ابن أبي حاتم ( 4 /
2 / 196 ) عن أبيه : " ليس بالقوي ، ضعيف الحديث " . و الحديث قال الهيثمي في "
المجمع " ( 9 / 108 ) : " رواه الطبراني ، و فيه يحيى بن يعلى الأسلمي ، و هو
ضعيف " . قلت : و أما الحاكم فقال : " صحيح الإسناد " ! فرده الذهبي بقوله : "
قلت : أنى له الصحة و القاسم متروك ، و شيخه ( يعني الأسلمي ) ضعيف ، و اللفظ
ركيك ، فهو إلى الوضع أقرب " . و أقول : القاسم - و هو ابن شيبة - لم يتفرد ،
بل تابعه راويان آخران عند أبي نعيم فالحمل فيه على الأسلمي وحده دونه . نعم
للحديث عندي علتان أخريان : الأولى : أبو إسحاق ، و هو السبيعي فقد كان اختلط
مع تدليسه ، و قد عنعنه . الأخرى الاضطراب في إسناده منه أو من الأسلمي ، فإنه
يجعله تارة من مسند زيد بن أرقم و تارة من مسند زياد بن مطرف ، و قد رواه عنه
مطين و الباوردي و ابن جرير و ابن شاهين في " الصحابة " كما ذكر الحافظ ابن حجر
في " الإصابة " و قال : " قال ابن منده : " لا يصح " . قلت : في إسناده يحيى بن
يعلى المحاربي ، و هو واه " . قلت : و قوله " المحاربي " سبق قلم منه ، و إنما
هو الأسلمي كما سبق و يأتي . ( تنبيه ) لقد كان الباعث على تخريج هذا الحديث و
نقده و الكشف عن علته ، أسباب عدة ، منها أنني رأيت الشيخ المدعو بعبد الحسين
الموسوي الشيعي قد خرج الحديث في " مرجعاته " ( ص 27 ) تخريجا أوهم به القراء
أنه صحيح كعادته في أمثاله ، و استغل في سبيل ذلك خطأ قلميا وقع للحافظ ابن حجر
رحمه الله ، فبادرت إلى الكشف عن إسناده ، و بيان ضعفه ، ثم الرد على الإيهام
المشار إليه ، و كان ذلك منه على وجهين ، فأنا أذكرهما ، معقبا على كل منهما
ببيان ما فيه فأقول : الأول : أنه ساق الحديث من رواية مطين و من ذكرنا معه
نقلا عن الحافظ من رواية زياد بن مطرف ، و صدره برقم ( 38 ) . ثم قال : " و
مثله حديث زيد بن أرقم .... " فذكره ، و رقم له بـ ( 39 ) ، ثم علق عليهما
مبينا مصادر كل منهما ، فأوهم بذلك أنهما حديثان متغايران إسنادا ! و الحقيقة
خلاف ذلك ، فإن كلا منهما مدار إسناده على الأسلمي ، كما سبق بيانه ، غاية ما
في الأمر أن الراوي كان يرويه تارة عن زياد بن مطرف عن زيد بن أرقم ، و تارة لا
يذكر فيه زيد بن أرقم ، و يوقفه على زياد ابن مطرف و هو يؤكد ضعف الحديث
لاضطرابه في إسناده كما سبق . و الآخر أنه حكى تصحيح الحاكم للحديث دون أن
يتبعه بيان علته ، أو على الأقل دون أن ينقل كلام الذهبي في نقده . و زاد في
إيهام صحته أنه نقل عن الحافظ قوله في " الإصابة " : " قلت : في إسناده يحيى بن
يعلى المحاربي و هو واه " . فتعقبه عبد الحسين ( ! ) بقوله : " أقول هذا غريب
من مثل العسقلاني ، فإن يحيى بن يعلى المحاربي ثقة بالاتفاق ، و قد أخرج له
البخاري ... و مسلم ... " . فأقول : أغرب من هذا الغريب أن يدير عبد الحسين
كلامه في توهيمه الحافظ في توهينه للمحاربي ، و هو يعلم أن المقصود بهذا
التوهين إنما هو الأسلمي و ليس المحاربي ، لأن هذا مع كونه من رجال الشيخين ،
فقد وثقه الحافظ نفسه في " التقريب " و في الوقت نفسه ضعف الأسلمي ، فقد قال في
ترجمة الأول : " يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي الكوفي ثقة ، من صغار التاسعة
مات سنة ست عشرة " . و قال بعده بترجمة : " يحيى بن يعلى الأسلمي الكوفي شيعي
ضعيف ، من التاسعة " . و كيف يعقل أن يقصد الحافظ تضعيف المحاربي المذكور و هو
متفق على توثيقه ، و من رجال " صحيح البخاري " الذي استمر الحافظ في خدمته و
شرحه و ترجمة رجاله قرابة ربع قرن من الزمان ؟! كل ما في الأمر أن الحافظ في "
الإصابة " أراد أن يقول " ... الأسلمي و هو واه " ، فقال واهما : " المحاربي و
هو واه " ! . فاستغل الشيعي هذا الوهم أسوأ الاستغلال ، فبدل أن ينبه أن الوهم
ليس في التوهين ، و إنما في كتب " المحاربي مكان الأسلمي " ، أخذ يوهم القراء
عكس ذلك و هو أن راوي الحديث إنما هو المحاربي الثقة و ليس هو الأسلمي الواهي !
فهل في صنيعه هذا ما يؤيد من زكاه في ترجمته في أول الكتاب بقوله : " و مؤلفاته
كلها تمتاز بدقة الملاحظة .... و أمانة النقل " . أين أمانة النقل يا هذا و هو
ينقل الحديث من " المستدرك " و هو يرى فيه يحيى بن يعلى موصوفا بأنه " الأسلمي
" فيتجاهل ذلك ، و يستغل خطأ الحافظ ليوهم القراء أنه المحاربي الثقة ، و أين
أمانته أيضا و هو لا ينقل نقد الذهبي و الهيثمي للحديث بالأسلمي هذا ؟! فضلا عن
أن الذهبي أعله بمن هو أشد ضعفا من هذا كما رأيت ، و لذلك ضعفه السيوطي في
" الجامع الكبير " على قلة عنايته فيه بالتضعيف فقال : " و هو واه " . و كذلك
وقع في " كنز العمال " برقم ( 2578 ) . و منه نقل الشيعي الحديث ، دون أن ينقل
تضعيفه هذا مع الحديث ، فأين الأمانة المزعومة أين ؟! ( تنبيه ) أورد الحافظ بن
حجر الحديث في ترجمة زياد بن بن مطرف في القسم الأول من " الصحابة " و هذا
القسم خاص كما قال في مقدمته : " فيمن وردت صحبته بطريق الرواية عنه أو عن غيره
، سواء كانت الطريق صحيحة أو حسنة أو ضعيفة ، أو وقع ذكره بما يدل على الصحبة
بأي طريق كان ، و قد كنت أولا - رتبت هذا القسم الواحد على ثلاثة أقسام ، ثم
بدا لي أن أجعله قسما واحدا ، و أميز ذلك في كل ترجمة " . قلت : فلا يستفاد إذن
من إيراد الحافظ للصحابي في هذا القسم أن صحبته ثابتة ما دام أنه قد نص على ضعف
إسناد الحديث الذي صرح فيه بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم و هو هذا الحديث
، ثم لم يتبعه بما يدل على ثبوت صحبته من طريق أخرى ، و هذا ما أفصح بنفيه
الذهبي في " التجريد " بقوله : ( 1 / 199 ) : " زياد بن مطرف ، ذكره مطين في
الصحابة ، و لم يصح " . و إذا عرفت هذا فهو بأن يذكر في المجهولين من التابعين
، أولى من أن يذكر في الصحابة المكرمين و عليه فهو علة ثالثة في الحديث . و مع
هذه العلل كلها في الحديث يريدنا الشيعي أن نؤمن بصحته عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم غير عابئ بقوله صلى الله عليه وسلم : " من حدث عني بحديث و هو يرى
أنه كذب فهو أحد الكاذبين " . رواه مسلم في مقدمة " صحيحه " . فالله المستعان
. و كتاب " المرجعات " للشيعي المذكور محشو بالأحاديث الضعيفة و الموضوعة في
فضل علي رضي الله عنه ، مع كثير من الجهل بهذا العلم الشريف ، و التدليس على
القراء و التضليل عن الحق الواقع ، بل و الكذب الصريح ، مما لا يكاد القارىء
الكريم يخطر في باله أن أحدا من المؤلفين يحترم نفسه يقع في مثله ، من أجل ذلك
قويت الهمة في تخريج تلك الأحاديث - على كثرتها - و بيان عللها و ضعفها ، مع
الكشف عما في كلامه عليها من التدليس و التضليل ، و ذلك مما سيأتي بإذن الله
تعالى برقم ( 4881 - 4975 ) .

(2/391)


893 - " من سره أن يحيا حياتي و يموت ميتتي ، و يتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها
الله بيده ، ثم قال لها : " كوني فكانت " فليتول علي بن أبي طالب من بعدي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 297 ) :

موضوع . رواه أبو نعيم ( 1 / 86 و 4 / 174 ) من طريق محمد بن زكريا الغلابي
: حدثنا بشر بن مهران : حدثنا شريك عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة
مرفوعا ، و قال : " تفرد به بشر بن شريك " . قلت : هو ابن عبد الله القاضي و هو
ضعيف لسوء حفظه . و بشر بن مهران قال ابن أبي حاتم : " ترك أبي حديثه " . قال
الذهبي : " قد روى عنه محمد بن زكريا الغلابي ، لكن الغلابي متهم " . قلت : ثم
ساق هذا الحديث . و الغلابي قال فيه الدارقطني : " يضع الحديث " . فهو آفته . و
الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 387 ) من طرق أخرى ، و أقره
السيوطي في " اللآلي " ( 1 / 368 - 369 ) ، و زاد عليه طريقين آخرين أعلهما ،
هذا أحدهما و قال : " الغلابي متهم " . و قد روي بلفظ أتم منه ، و هو : " من
سره أن يحيا حياتي ، و يموت مماتي ، و يسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من
بعدي ، و ليوال وليه ، و ليقتد بالأئمة من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي
، رزقوا فهما و علما ، و ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ،
لا أنالهم الله شفاعتي " .

(2/392)


894 - " من سره أن يحيا حياتي ، و يموت مماتي ، و يسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال
عليا من بعدي ، و ليوال وليه ، و ليقتد بالأئمة من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا
من طينتي ، رزقوا فهما و علما ، و ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم
صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 298 ) :
موضوع . أخرجه أبو نعيم ( 1 / 86 ) من طريق محمد بن جعفر بن عبد الرحيم :
حدثنا أحمد بن محمد بن زيد بن سليم : حدثنا عبد الرحمن بن عمران بن أبي ليلى -
أخو محمد بن عمران - : حدثنا يعقوب بن موسى الهاشمي عن ابن أبي رواد عن إسماعيل
بن أمية عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا . و قال : " و هو غريب " . قلت : و
هذا إسناد مظلم كل من دون أبي رواد مجهولون ، لم أجد من ذكرهم ، غير أنه يترجح
عندي أن أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم إنما هو ابن مسلم الأنصاري الأطرابلسي
المعروف بابن الحناجر ، قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 73 ) : " كتبنا عنه و هو
صدوق " . و له ترجمة في " تاريخ ابن عساكر " ( 2 / ق 113 - 114 / 1 ) . و أما
سائرهم فلم أعرفهم فأحدهم هو الذي اختلق هذا الحديث الظاهر البطلان و التركيب ،
و فضل علي رضي الله عنه أشهر من أن يستدل عليه بمثل هذه الموضوعات ، التي يتشبث
الشيعة بها ، و يسودون كتبهم بالعشرات من أمثالها ، مجادلين بها في إثبات حقيقة
لم يبق اليوم أحد يجحدها ، و هي فضيلة علي رضي الله عنه . ثم الحديث عزاه في
" الجامع الكبير " ( 2 / 253 / 1 ) للرافعي أيضا عن ابن عباس ، ثم رأيت ابن
عساكر أخرجه في " تاريخ دمشق " ( 12 / 120 / 2 ) من طريق أبي نعيم ثم قال عقبه
: " هذا حديث منكر ، و فيه غير واحد من المجهولين " . قلت : و كيف لا يكون
منكرا و فيه مثل ذاك الدعاء ! " لا أنالهم الله شفاعتي " الذي لا يعهد مثله عن
النبي صلى الله عليه وسلم ، و لا يتناسب مع خلقه صلى الله عليه وسلم و رأفته و
رحمته بأمته . و هذا الحديث من الأحاديث التي أوردها صاحب " المرجعات " عبد
الحسين الموسوي نقلا عن كنز العمال ( 6 / 155 و 217 - 218 ) موهما أنه في مسند
الإمام أحمد ، معرضا عن تضعيف صاحب الكنز إياه تبعا للسيوطي ! . و كم في هذا
الكتاب " المراجعات " من أحاديث موضوعات ، يحاول الشيعي أن يوهم القراء صحتها و
هو في ذلك لا يكاد يراعي قواعد علم الحديث حتى التي هي على مذهبهم ! إذ ليست
الغاية عنده التثبت مما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في فضل علي رضي الله عنه ،
بل حشر كل ما روي فيه ! و علي رضي الله عنه كغيره من الخلفاء الراشدين و
الصحابة الكاملين أسمى مقاما من أن يمدحوا بما لم يصح عن رسول الله صلى الله
تعالى عليه و آله وسلم . و لو أن أهل السنة و الشيعة اتفقوا على وضع قواعد في "
مصطلح الحديث " يكون التحاكم إليها عند الاختلاف في مفردات الروايات ، ثم
اعتمدوا جميعا على ما صح منها ، لو أنهم فعلوا ذلك لكان هناك أمل في التقارب و
التفاهم في أمهات المسائل المختلف فيها بينهم ، أما و الخلاف لا يزال قائما في
القواعد و الأصول على أشده فهيهات هيهات أن يمكن التقارب و التفاهم معهم ، بل
كل محاولة في سبيل ذلك فاشلة . و الله المستعان .

(2/393)


895 - " لا تسبوا عليا ، فإنه ممسوس في ذات الله تعالى " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 299 ) :
ضعيف جدا . رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 68 ) : حدثنا سليمان بن أحمد
: حدثنا هارون بن سليمان المصري : حدثنا سعد بن بشر الكوفي حدثنا عبد الرحيم بن
سليمان عن يزيد بن أبي زياد عن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه مرفوعا . قلت
: و هذا سند واه جدا ، مسلسل بعلل عدة : الأولى : إسحاق بن كعب فإنه " مجهول
الحال " كما قال ابن القطان و الحافظ . الثانية : يزيد بن أبي زياد و هو
الدمشقي ، قال الحافظ : " متروك " . الثالثة : سعد بن بشر الكوفي لم أعرفه ، و
أخشى أن يكون وقع في اسمه تحريف ، فقد أورد الحديث الهيثمي في " مجمع الزوائد "
( 9 / 130 ) و قال : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " و فيه سفيان
بن بشر أو بشير ، متأخر ، ليس هو الذي روى عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، و لم
أعرفه ، و بقية رجاله وثقوا ، و في بعضهم ضعف " . الرابعة : هارون بن سليمان
المصري لم أجد من ذكره . و مما سبق تعلم تقصير الهيثمي في الكلام عليه ، و
الإفصاح عن علله التي تقضي على الحديث بالضعف الشديد ، إن سلم من الوضع الذي
يشهد به القلب ، و الله أعلم .

(2/394)


896 - " جددوا إيمانكم ، قيل : يا رسول الله و كيف نجدد إيماننا ؟ قال : أكثروا من
قول : لا إله إلا الله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 300 ) :
ضعيف . أخرجه الحاكم ( 4 / 256 ) و أحمد ( 2 ، 359 ) من طريق صدقة بن موسى
السلمي الدقيقي : حدثنا محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة مرفوعا
، و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " ! و رده الذهبي بقوله : " قلت : صدقة ضعفوه
" . قلت : و شتير نكرة كما في " الميزان " ، فقول المنذري في " الترغيب " ( 2 /
239 ) : " رواه أحمد و الطبراني ، و إسناد أحمد حسن " ليس بحسن ، و كذا قول
الهيثمي (10 / 82 ) : " رواه أحمد و الطبراني و رجال أحمد ثقات " . و في موضع
آخر ( 1 / 52 ) : " رواه أحمد و إسناده جيد ، و فيه سمير بن نهار وثقه ابن حبان
" . فقد تبين منه أن توثيقه في الموضع الأول لبعض رجاله إنما عمدته في ذلك
توثيق ابن حبان ، و قد بينا في " ردنا على الشيخ الحبشي " و في غيره أن توثيق
ابن حبان مما لا ينبغي الاعتماد عليه ، لأن من قاعدته فيه توثيق المجهولين !

(2/395)


897 - " أعظم الناس هما المؤمن الذي يهتم بأمر دنياه و آخرته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 300 ) :
ضعيف . رواه ابن ماجه ( 2 / 2143 ) و ابن أبي الدنيا في " الهم و الحزن " (
74 / 2 ) عن إسماعيل بن بهرام : حدثنا الحسن بن محمد بن عثمان - زوج بنت الشعبي
- : حدثنا سفيان عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعا ، و قال
ابن ماجه : " غريب ، تفرد به إسماعيل " . قلت : و هو صدوق كما في " التقريب "
لكن شيخه الحسن محمد بن عثمان لم يوثقه أحد ، و قال الأزدي : " منكر الحديث " .
و يزيد الرقاشي ضعيف كما في " التقريب " و قال المناوي في " الفيض " : " قال في
" الميزان " عن النسائي و غيره : متروك ، و عن شعبة : لأن أزني أحب إلي من أن
أحدث عنه ! انتهى . و رواه عن أنس أيضا البخاري في " الضعفاء " فكان ينبغي
للمصنف ذكره للتقوية ، و به يصير حسنا لغيره " ! قلت : بل لا يزال الحديث واهيا
، لأن البخاري رواه في " الضعفاء " من هذا الوجه كما في " الميزان " ، فلا أدري
كيف غفل المناوي عن هذا ؟ و لئن كان علم ذلك و حسنه ، فالأمر أدهى و أمر ، لأن
إخراج البخاري للطريق الواهي لاسيما في " الضعفاء " لا يقويه كما هو بدهي .

(2/396)


898 - " كل معروف صدقة ، و ما أنفق الرجل في نفسه و أهله كتب له صدقة ، و ما وقى به
المرء عرضه كتب له به صدقة ، و ما أنفق المؤمن من نفقة فإن خلفها على الله ،
فالله ضامن إلا ما كان في بنيان ، أو معصية ، فقلت لمحمد بن المنكدر : و ما وقى
به الرجل عرضه ؟ قال : ما يعطي الشاعر و ذا اللسان المتقى " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 301 ) :
ضعيف . أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 117 / 2 ) و ابن عدي
( 249 / 2 ) و الدارقطني ( ص 300 ) و الحاكم ( 2 / 50 ) و البغوي في " شرح
السنة " ( 1 / 188 / 1 ) و الثعلبي في " تفسيره " ( 3 / 145 / 1 ) من طرق عن
عبد الحميد بن الحسن الهلالي : حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا . و
قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : عبد الحميد ضعفه
الجمهور " . قلت : أنه كان يخطىء حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد ، كما
قال ابن حبان ( 2 / 135 - 136 ) و قال الساجي : " ضعيف يحدث بمناكير " . قلت :
فهذا جرح مفسر ، فهو مقدم على توثيق ابن معين له ، مع تفرده به . و نقل المناوي
عن الذهبي أنه قال في " الميزان " : " غريب جدا " . قلت : لكن الجملتان
الأوليان من الحديث صحيحتان ، لأن لهما شواهد كثيرة في الصحيحين و غيرهما ، و
إنما أوردناه هنا للزيادة التي بعدهما ، و قد ساق لها الحاكم شاهدا بلفظ آخر و
لكنه موضوع و هو : " من استطاع منكم أن يقي دينه و عرضه بماله فليفعل " .

(2/397)


899 - " من استطاع منكم أن يقي دينه و عرضه بماله فليفعل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 301 ) :
موضوع . أخرجه الحاكم ( 2 / 50 ) عن حامد بن آدم : حدثنا أبو عصمة نوح ، عن
عبد الرحمن بن بديل عن أنس بن مالك مرفوعا . ذكره الحاكم شاهدا .. للحديث
الذي قبله و قال : " ليس من شرط هذا الكتاب " . و تعقبه الذهبي بقوله : " قلت :
أبو عصمة هالك " . قلت : و هو نوح بن أبي مريم الجامع ، كذاب وضاع مشهور ، و قد
قيل فيه : " جمع كل شيء إلا الصدق " ! و الراوي عنه حامد بن آدم كذبه ابن عدي و
غيره ، و قال ابن معين : " كذاب لعنه الله " . و عده السليماني فيمن اشتهر بوضع
الحديث . قلت : و مع هذا كله فقد سود السيوطي " جامعه " بهذا الحديث !

(2/398)


900 - " إني لأعلم أنك لا تضر و لا تنفع ، و لكن هكذا فعل أبي إبراهيم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 302 ) :
منكر . أخرجه ابن قانع في " حديث مجاعة بن الزبير أبي عبيدة " ( ق 72 / 2
) : حدثنا أبو عبيدة عن القاسم بن عبد الرحمن عن منصور بن السود عن جابر بن
عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة هرول ، و مشى
أربعا ، و استلم ، ثم بكى و قال : فذكره . قلت : و هذا سند ضعيف أبو عبيدة هذا
ضعيف ، و الحديث منكر رفعه ، و الصحيح أنه من قول عمر بن الخطاب كما هو مشهور
في " الصحيحين " و غيرهما دون قوله " و لكن ... " و قال بدلها : " و لولا أني
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك " . و قد ذكره السيوطي في "
الجامع الكبير " ( 3 / 118 / 1 ) عن عمر مرفوعا ، و عن أبي بكر موقوفا ، و قال
: " رواه ابن أبي شيبة و الدارقطني في " العلل " " ، و سكت على إسناده كما هي
عادته ، و ما أراه يصح ، و الله أعلم .

(2/399)


901 - " خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين : صلاتهم و صيامهم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 302 ) :
موضوع . رواه ابن ماجه رقم ( 712 ) عن بقية عن مروان بن سالم عن عبد العزيز
بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا . قلت : قال البوصيري في " الزوائد
" ( ق 47 / 2 ) : " هذا إسناد ضعيف ، لتدليس بقية بن الوليد " . قلت : شيخه
مروان شر منه ، قال فيه البخاري و غيره : " منكر الحديث " . و قال أبو عروبة
الحراني : " يضع الحديث " ، و قال ابن حبان ( 2 / 317 ) : " كان ممن يروي عن
المشاهير المناكير ، و يأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات " .

(2/400)


902 - " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله و الصلاة علي فهو أقطع أبتر ، مسحوق من
كل بركة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 303 ) :
موضوع . رواه السبكي في " طبقات الشافعية الكبرى " ( 1 / 8 ) من طريق
إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي
هريرة مرفوعا . و قال ( 1 / 10 ) : " لا يثبت " . قلت : بل هو موضوع بهذا
السياق ، و آفته إسماعيل هذا ، قال الدارقطني : " متروك الحديث " . قلت و قد
روي الحديث من طريق أخرى عن الزهري به دون ذكر الصلاة ، و دون قوله " أبتر ....
" و هو ضعيف الإسناد كما حققته في " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
" ( رقم 1 و 2 ) .

(2/401)


903 - " إذا توضأتم فأشربوا أعينكم الماء ، و لا تنفضوا أيديكم من الماء ، فإنها
مراوح الشيطان " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 303 ) :

موضوع . أخرجه ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 36 رقم 73 ) و ابن حبان في
" المجروحين " ( 1 / 194 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 40 / 1 ) من طريق البختري
بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال ابن أبي حاتم : " سألت أبي
عنه ؟ فقال : هذا حديث منكر ، و البختري ضعيف الحديث ، و أبوه مجهول " . و كذا
قال ابن عدي أن الحديث منكر . قلت : و البختري هذا متهم ، قال أبو نعيم : " روى
عن أبيه عن أبي هريرة موضوعات " ، و كذا قال الحاكم و النقاش ، و قال ابن حبان
: " روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب ، كان يسرق الحديث ، و ربما قلبه
" . قلت : و حديثه هذا من الأدلة على ذلك ، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم ما
يقطع كل عارف بهديه صلى الله عليه وسلم في طهوره أنه لم يكن يفعل بمقتضى هذا
الحديث ، بل صح عنه ما يخالفه في شطره الثاني ، فقد أخرج الشيخان و غيرهما عن
ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم
غسلا فسترته بثوب ، و صب على يديه فغسلها ، ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه ،
فضرب بيده الأرض فمسحها ، ثم غسلها ، فمضمض و استنشق ، و غسل وجهه و ذراعيه ،
ثم صب على رأسه ، و أفاض على جسده ، ثم تنحى فغسل قدميه ، فناولته ثوبا ، فلم
يأخذه ، فانطلق و هو ينفض يديه . و من تراجم البخاري لهذا الحديث : " باب نقض
اليدين من الغسل عن الجنابة " . قال الحافظ : " استدل به على جواز نقض ماء
الغسل و الوضوء ، و هو ظاهر قال : و فيه حديث ضعيف أورده الرافعي و غيره " ، ثم
ذكر هذا ثم قال : " قال ابن الصلاح : " لم أجده " . و تبعه النووي ، و قد أخرجه
ابن حبان في " الضعفاء " و ابن أبي حاتم في " العلل " من حديث أبي هريرة ، و لو
لم يعارضه هذا الحديث الصحيح لم يكن صالحا لأن يحتج به " . و قال ابن عدي في "
الكامل " في ترجمة البختري ( ق 140 / 1 ) : " روى عن أبيه عن أبي هريرة قدر
عشرين حديثا ، عامتها مناكير ، فمنها : أشربوا أعينكم الماء " . و قال الذهبي :
" هذا أنكرها " . إذا عرفت هذا فمن العجائب قول بعضهم : أن الأولى ترك النفض
لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم " ! فاحتج بالحديث
الضعيف ! و تأول بعضهم من أجله الحديث الصحيح الذي ذكرته فحمل النقض المذكور
فيه على تحريك اليدين في المشي ، حكاه القاضي عياض و رده بقوله : " و هو تأول
بعيد " . فتعقبه الشيخ علي القاري في " المرقاة " بقوله ( 1 / 325 ) : " قلت :
و إن كان التأويل بعيدا فالحمل عليه جمعا بين الحديثين أولى من الحمل على ترك
الأولى " ! قلت : و كأنه خفي عليه ضعف هذا الحديث و إلا فمثله لا يخفى عليه أنه
لا يسوغ تأويل النص الصحيح من أجل الضعيف ، فهذا من آثار الأحاديث الضعيفة و
الجهل بها ، فتأمل . و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " ( ج 1 / 50 /
1 ) بهذا السياق من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي هريرة . و أورده
فيه ( 1 / 101 / 2 ) و في " الصغير " بلفظ " أشربوا أعينكم الماء عند الوضوء ،
و لا تنفضوا ... " الحديث من رواية أبي يعلى و ابن عدي ، و زاد في " الكبير " :
" و ابن عساكر " و قال فيه : " و البختري ضعفه أبو حاتم ، و تركه غيره " ثم ذكر
قول ابن عدي المتقدم أن الحديث من مناكيره .

(2/402)


904 - " نسخ الأضحى كل ذبح و صوم رمضان كل صوم و الغسل من الجنابة كل غسل ، و الزكاة
كل صدقة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 304 ) :
ضعيف جدا . رواه الدارقطني في " سننه " ( ص 543 ) من طريق الهيثم بن سهل :
المسيب بن شريك : أخبرنا عبيد المكتب عن عامر عن مسروق عن علي مرفوعا ، و
قال : " خالفه المسيب بن واضح عن المسيب - هو ابن شريك - و كلاهما ضعيفان ، و
المسيب ابن شريك متروك " . ثم ساقه من طريق ابن واضح : أخبرنا المسيب بن شريك
عن عتبة بن يقظان عن الشعبي عن مسروق به و قال : " عتبة بن يقظان متروك أيضا "
. و رواه البيهقي ( 9 / 261 - 262 ) عن ابن شريك بالوجهين ، و نقل عن الدارقطني
ما سبق من التضعيف الشديد ، و أقره عليه ، و نقل الزيلعي في " نصب الراية " ( 4
/ 208 ) عنه أنه قال : إسناده ضعيف بمرة " . و أقره عليه . و من آثار هذا
الحديث السيئة أنه صرف جما غفيرا من هذه الأمة ، عن سنة صحيحة مشهورة ، ألا و
هي العقيقة ، و هي الذبح عن المولود في اليوم السابع ، عن الغلام شاتين و عن
الأنثى شاة واحدة ، و قد جاء في ذلك أحاديث كثيرة تراجع في كتاب " تحفة الودود
في أحكام المولود " للعلامة ابن القيم ، أجتزئ هنا بإيراد واحد منها و هو قوله
صلى الله عليه وسلم : " مع الغلام عقيقه ، فأهريقوا عنه دما " . رواه البخاري (
9 / 486 ) و غيره من حديث سلمان بن عامر الضبي مرفوعا . لقد ترك العمل بهذا
الحديث الصحيح و غيره مما في الباب حتى لا تكاد تسمع في هذه البلاد و غيرها أن
أحدا من أهل العلم و الفضل - دع غيرهم - يقوم بهذه السنة ! و لو أنهم تركوها
إهمالا كما أهملوا كثيرا من السنن الأخرى لربما هانت المصيبة ، و لكن بعضهم
تركها إنكارا لمشروعيتها ! لا لشيء إلا لهذا الحديث الواهي ! فقد استدل به بعض
الحنفية على نسخ مشروعية العقيقة ! فإلى الله المشتكى من غفلة الناس عن
الأحاديث الصحيحة ، و تمسكهم بالأحاديث الواهية و الضعيفة .

(2/403)


905 - " كان إذا أتي بطعام أكل مما يليه ، و إذا أتي بالتمر جالت يده " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 305 ) :
موضوع . رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 106 / 1 ) و ابن حبان ( 2 /
165 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 254 / 2 ) و أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى
الله عليه وسلم " ( ص 222 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 11 / 95 ) و اللفظ
له من طريق عبيد بن القاسم : أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا
. قلت : و هذا سند موضوع ، آفته عبيد هذا و هو ابن أخت سفيان الثوري كذبه ابن
معين . و قال صالح جزرة : " يضع الحديث " . و كذا قال أبو داود كما في "
الميزان " . ثم ساق له أحاديث هذا أحدها و قال ابن حبان : " كان يروي عن هشام
بنسخة موضوعة لا يحل كتابة حديثه إلا على وجه التعجب " : و الحديث مما سود به
السيوطي كتابه " الجامع الصغير " أورده فيه من رواية الخطيب فقط ! و تعقبه
المناوي فأجاد قائلا : " و ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه و سكت عليه و
هو تلبيس فاحش ، فقد تعقبه بما نصه : قال أبو علي ( صالح بن محمد جزرة ) : هذا
كذب و عبيد بن أخت سفيان كان يضع الحديث ، و له أحاديث مناكير ا هـ كلامه " .
أورده الهيثمي ( 5 / 27 ) و قال : " رواه البزار و فيه خالد بن إسماعيل و هو
متروك " . قلت : و الشطر الثاني منه رواه أبو الشيخ من طريق رجل من بني ثور عن
هشام بن عروة به . و هذا الرجل الذي لم يسم هو عبيد بن القاسم الكذاب المذكور
في الطريق الأولى لأنه ابن أخت سفيان الثوري كما سبق ، و هذا من الأدلة الكثيرة
على عدم الاحتجاج بحديث المجهولين لاحتمال أن يكونوا من الضعفاء ، أو الكذابين
، فلا يجوز الاحتجاج بهم حتى ينكشف حقيقة أمرهم . و لعل ما يتداوله أهل الشام
فيما بينهم و هم يتفكهون : " كل شيء بحشمة إلا التوت " أصله هذا الحديث الموضوع
! و له شاهد ضعيف من قوله صلى الله عليه وسلم ، سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى
برقم ( 1127 ) .

(2/404)


906 - " كرسيه موضع قدمه ، و العرش لا يقدر قدره " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 306 ) :
ضعيف . رواه الضياء في " المختارة " ( 252 / 1 - 2 ) عن شجاع بن مخلد
الفلاس عن أبي عاصم عن سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله *( وسع كرسيه
السموات و الأرض )* قال : فذكره . و رواه من طرق أخرى عن أبي عاصم به موقوفا
على ابن عباس و قال : " إنه الأولى " . و الموقوف أخرجه الطبراني في " معجمه
الكبير " ( ج 3 ) و قد فاتني موضعه منه ، و غالب الظن أنه بين الورقة ( 150 و
الورقة 170 ) و قال الهيثمي ( 6 / 323 ) : " و رجاله رجال الصحيح " . و كذلك
أخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في " العرش " ( 114 / 2 ) و الحاكم ( 2 / 282
) عن أبي عاصم به موقوفا و قال : " صحيح على شرط الشيخين " و وافقه الذهبي . و
رواه ابن مردويه من طريق شجاع بن مخلد به مرفوعا كما في " تفسير ابن كثير " و
قال : " و هو غلط . و رواه ابن مردويه من طريق الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي و
هو متروك عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا و لا يصح أيضا " . و روى ابن
أبي شيبة أيضا ( 114 / 1 - 2 ) و ابن جرير في تفسيره ( 5 / 398 طبع ... ) و
البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 290 - هند ) عن عمارة بن عمير عن أبي موسى
قال : " الكرسي موضع القدمين ، و له أطيط كأطيط الرجل " . قلت : و إسناده صحيح
إن كان عمارة بن عمير سمع من أبي موسى ، فإنه يروي عنه بواسطة ابنه إبراهيم بن
أبي موسى الأشعري ، و لكنه موقوف ، و لا يصح في الأطيط حديث مرفوع ، كما تقدم
تحت رقم ( 866 ) ، و انظر تفسير ابن كثير ( 2 / 13 - 14 طبع المنار ) .

(2/405)


907 - " أعتقوا عنه ، يعتق الله بكل عضو منه ، عضوا منه من النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 307 ) :
ضعيف . رواه أبو داود ( 2964 ) و عنه الخطيب في " الفقيه و المتفقه " ( 2 /
45 - طبع الرياض ) و الطحاوي في " المشكل " ( 1 / 315 ) و الحاكم ( 2 / 212 ) و
عنه البيهقي ( 8 / 132 - 133 و 133 ) و أحمد ( 3 / 471 ) عن ضمرة بن ربيعة عن
إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريف بن الديلمي قال : " أتينا واثلة بن الأسقع
فقلنا له : حدثنا حديثا ليس فيه زيادة و لا نقصان ، فغضب و قال : إن أحدكم
ليقرأ و مصحفه معلق في بيته فيزيد و ينقص ! قلنا : إنما أردنا حديثا سمعته من
النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب
لنا أوجب - يعني النار - بالقتل ، فقال : فذكره . ثم رواه الطحاوي ( 1 / 314 )
و أحمد ( 4 / 107 ) من طريق عبد الله بن المبارك ، و الخطيب من طريق يحيى بن
حمزة ، كلاهما عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الغريق بن عياش به مختصرا بلفظ : أتى
النبي صلى الله عليه وسلم نفر من بني سليم ، فقالوا : إن صاحبا لنا أوجب ، قال
: " فليعتق رقبة ، يفدي الله بكل عضو منها عضوا منه من النار " . ثم رواه أحمد
( 3 / 490 ) من طريق أبي علاثة قال : حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن واثلة بن
الأسقع به . و أسقط من الإسناد الغريق هذا . و ابن علاثة فيه ضعف . قلت و
الإسناد ضعيف من أجل الغريق فإنه لم يرو عنه غير إبراهيم بن أبي عبلة ، و لم
يوثقه غير ابن حبان ( 1 / 183 ) . قال الحافظ في " التهذيب " : " و قال ابن حزم
: مجهول . و ذكره بالعين المهملة " . قلت : و كذلك وقع في " مستدرك الحاكم " و
قال : " عريف هذا لقب عبد الله بن الديلمي ، حدثنا بصحة ما ذكرته أبو إسحاق
إبراهيم ابن فراس الفقيه : حدثنا بكر بن سهل الدمياطي : حدثنا عبد الله بن يوسف
التنيسي : حدثنا عبد الله بن سالم : حدثني إبراهيم بن أبي عبلة قال : كنت جالسا
بـ ( ريحاء ) فمر بي واثلة بن الأسقع متوكئا على عبد الله بن الديلمي ، فأجلسه
، ثم جاء إلي فقال : عجب ما حدثني هذا الشيخ ، يعني واثلة ، قلت : ما حدثك ؟
فقال : حدثني : كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأتاه
نفر من بني سليم فقالوا .... " . قلت : فذكر الحديث مثل رواية ضمرة ثم قال
الحاكم : " فصار الحديث بهذه الروايات صحيحا على شرط الشيخين " . قلت : و وافقه
الذهبي ، و ليس كذلك لأمرين : الأول : أن هذه الرواية التي ساقها مستدلا على
صحة ما ذكر ، فيها الدمياطي و هو ضعيف . لكنه قد توبع فقال الطحاوي ( 1 / 316 )
: حدثنا علي بن عبد الرحمن : حدثنا عبد الله بن يوسف الدمشقي : حدثنا عبد الله
بن سالم به . و علي بن عبد الرحمن هو المعروف بـ ( علان ) المصري ، قال ابن أبي
حاتم ( 3 / 1 / 195 ) : " صدوق " . و تابعه إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : حدثنا
عبد الله بن يوسف به . أخرجه ابن حبان ( 1206 ) . ثم رواه الطحاوي من طريق
الوليد بن مسلم : حدثني مالك بن أنس و غيره عن إبراهيم بن أبي عبلة أنه حدثهم
عن عبد الله بن الديلمي عن واثلة نحو حديث ابن المبارك . قلت : فهذا كله يصحح
ما ذكره الحاكم أن الغريف لقب لعبد الله بن الديلمي ، أو على الأصح يدل على أن
اسم الغريف عبد الله ، و هي فائدة لا تجدها في كتب الرجال ، و لكن هل يصير
الحديث بذلك صحيحا ؟ ذلك ما سترى الجواب عنه فيما يأتي . الأمر الثاني : أن عبد
الله بن الديلمي المذكور في هذه الروايات ليس هو الذي عناه الحاكم : عبد الله
بن فيروز الديلمي أبو بشر و هو الذي وثقه ابن معين و العجلي و غيرهما ، و روى
له أصحاب السنن إلا الترمذي ، بل هو ابن أخي هذا ، فقد تقدم في بعض الرويات أنه
الغريف بن عياش ، و في أخرى عند الطحاوي و الخطيب " الغريف بن عياش بن فيروز
الديلمي " ، و لذلك قال في ترجمة أبي بشر من " التهذيب " : " هو أخو الضحاك بن
فيروز و عم الغريف بن عياش بن فيروز " . فإذا ثبت أنه عبد الله بن عياش بن
فيروز و هو غير عبد الله بن فيروز ، وجب أن نتطلب معرفة حاله ، و إذا عرفت مما
سبق في ترجمته أنه مجهول ، نستنتج من ذلك أن الحديث ضعيف لا يصح و أن الحاكم و
الذهبي وهما في تصحيحهما إياه ، لاسيما و قد صححاه على شرط الشيخين ، و العصمة
لله وحده . و في الحديث علة أخرى ، و هي الاضطراب في متنه ، ففي رواية ضمرة و
عبد الله بن سالم : " أعتقوا عنه " ، و في رواية ابن المبارك و مالك : " فليعتق
رقبة " . و تابعهما عليها يحيى بن حمزة و هانىء بن عبد الرحمن عند الطحاوي ، و
لفظ هانىء : " مروه فليعتق رقبة " . فهذه الرواية أرجح لاتفاق هؤلاء الأربعة
عليها ، و فيهم مالك و ابن المبارك و هما في التثبت و الحفظ على ما هما عليه ،
كما قال الطحاوي . ثم ذكر أن الرواية الأولى تعارض القرآن فقال : " و وجدنا
كتاب الله قد دفع مثل هذا المعنى عن ذوي الذنوب ، و هو قوله تعالى في الجزاء عن
كفارة الصيد المقتول في الإحرام في ( سورة المائدة ) على ما ذكر فيها ، ثم
أعقبه بقوله : *( ليذوق وبال أمره )* فأخبر أنه جعل الكفارة في الصيد في
الإحرام على قاتله ليذوق وبال قتله ، فمثل ذلك على كل كفارة عن ذنب ، إنما يراد
بها ذوق المذنب وبالها ، و في ذلك ما يمنع تكفير غيره عنه في ذلك بعتاق عنه أو
بغيره " . ثم ختم الطحاوي كلامه على الحديث بأن ذكر وجها للتوفيق بين الروايتين
لا أرى فائدة من حكايته ، لسببين : الأول : أن الحديث من أصله ضعيف . الثاني :
أنه لو صح فإحدى الروايتين خطأ قطعا ، لأن الحادثة واحدة لم تكرر ، و بالتالي
فاللفظ الذي نطق به عليه السلام واحد ، اختلف الرواة في تحديده ، فلابد من
المصير إلى الترجيح ، و قد فعلنا ، و ذلك يغني عن محاولة التوفيق ، و الله أعلم
. ( تنبيه ) : الحديث سكت عليه المنذري في " مختصر السنن " ( 5 / 424 ) و قال :
" أخرجه النسائي " . و الظاهر أنه يعني في " الكبرى " له فإني لم أجده في "
الصغرى " ، و لا عزاه إليه النابلسي في " ذخائر المواريث " ( 2 / 125 - 126 ) ،
و عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " ( 1 / 107 / 1 ) لأبي داود و ابن حبان و
الطبراني في " الكبير " و الحاكم و البيهقي . هذا و قد يستدل بالحديث من يقول
بوصول ثواب العمل إلى غير عامله إذا وهبه له ، و هو خلاف قوله تعالى *( و أن
ليس للإنسان إلا ما سعى )* و ما في معناه من الأحاديث و لو صح هذا الحديث لكان
من جملة المخصصات للآية ، و قد حقق الإمام الشوكاني القول في هذا الموضوع و ذكر
ما وقف عليه من المخصصات المشار إليها ، فراجعه في " نيل الأوطار " ( 3 / 333 -
336 ) ، مع فصل " ما ينتفع به الميت " من كتابي " أحكام الجنائز " ( ص 168 -
178 ) .

(2/406)


908 - " إن عيسى بن مريم كان يقول : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم
، فإن القلب القاسي بعيد من الله ، و لكن لا تعلمون ، و لا تنظروا في ذنوب
الناس كأنكم أرباب ، و انظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد ، فإنما الناس مبتلى و
معافى ، فارحموا أهل البلاء ، و احمدوا الله على العافية " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 309 ) :

لا أصل له مرفوعا . و إنما أورده الإمام مالك في " الموطأ " ( 2 / 986 / 8
) بدون إسناد أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان يقوله . و ليس من عادتي أن أورد مثل
هذا الكلام لأن راويه لم يعزه إلى النبي صلى الله عليه وسلم و لكني رأيت
الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي كتب تحت هذا الكلام في نسخة " الموطأ " التي قام
هو على تصحيحها و تخريج أحاديثها ما نصه : " مرسل ، و قد وصله العلاء بن عبد
الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة ، أخرجه مسلم في : 45 - كتاب البر و
الصلة و الآداب ، 20 - باب تحريم الغيبة ، حديث 7 " . و لما وقف على هذا بعض من
لا علم عنده ، نقل هذا الكلام المنسوب إلى عيسى عليه السلام في كتاب له ، و
عزاه للموطأ و مسلم ! فلما وقفت عليه ( قبل أن يطبع كتابه ، و خير له أن لا
يطبعه لكثرة أوهامه ) استنكرت عزوه لمسلم أشد الاستنكار ، و لما نبهته على ذلك
احتج بتخريج فؤاد عبد الباقي - و هو يظنه لبالغ جهله بهذا العلم أنه من تخريج
الإمام مالك نفسه ! - فأكدت له أنه خطأ ، ثم رأيت من الواجب أن أنبه عليه هنا ،
كي لا يغتر به آخرون ، فيقعون في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من
حيث لا يريدون و لا يشعرون . و قد تبين لي فور رجوعي إلى تخريج عبد الباقي أن
الخطأ - فيما أظن - ليس منه مباشرة ، بل من الطابع ، فإن هذا التخريج كان حقه
أن يوضع في الباب الذي يلي كلام عيسى عليه السلام ، ففيه أورد مالك حديثا مرسلا
في الغيبة ، و هو الذي وصله مسلم في الباب الذي ذكره فؤاد عبد الباقي ، فيبدو
أن التخريج كان مكتوبا في ورقة مفصولة عن الحديث ، فسها الطابع و طبعه تحت كلام
عيسى عليه السلام ، فكان هذا الخطأ الفاحش ، و بقي حديث الغيبة بدون تخريج ، ثم
لا أدري إذا كان الأستاذ فؤاد أشرف على تصحيح الكتاب بنفسه و هو يطبع ، فذهل عن
هذه الخطيئة ، أو وكل أمر التصحيح إلى من لا علم عنده بالحديث إطلاقا ، فبدهي
أن تنطلي عليه الخطيئة ، و العصمة لله وحده . نعم قد روي الحديث مرفوعا مختصرا
، و إسناده ضعيف كما سيأتي بيانه برقم ( 920 ) .

(2/407)


909 - " يا عم ! والله لو وضعوا الشمس في يميني ، و القمر في يساري ، على أن أترك هذا
الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 310 ) :

ضعيف . أخرجه ابن إسحاق في " المغازي " ( 1 / 284 - 285 سيرة ابن هشام ) :
حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث : أن قريشا حين قالوا لأبي
طالب هذه المقالة <1> بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا ابن
أخي إن قومك قد جاؤني فقالوا لي كذا و كذا ، للذي كانوا قالوا له ، فأبق علي و
على نفسك ، و لا تحملني من الأمر ما لا أطيق ، قال : فظن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء ..... و مسلمه ، و أنه قد ضعف عن نصرته و
القيام معه ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قال : ثم
استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام فلما ولى ناداه أبو طالب :
أقبل يا ابن أخي ! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اذهب يا ابن
أخي فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا . قلت : و هذا إسناد ضعيف معضل ،
يعقوب بن عتبة هذا من ثقات أتباع التابعين ، مات سنة ثمان و عشرين و مائة . و
قد وجدت للحديث طريقا أخرى بسند حسن لكن بلفظ : " ما أنا بأقدر على أن أدع لكم
ذلك ، على أن تستشعلوا لي منها شعلة يعني الشمس " . و قد خرجته في " الأحاديث
الصحيحة " رقم ( 92 ) .
-----------------------------------------------------------
[1] يعني قولهم - كما ذكره في السيرة قبيل هذا الحديث : " يا أبا طالب إن لك
سنا و شرفا و منزلة فينا و إنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا و إنا لا
نصبر على هذا من شتم آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله و إياك في ذلك حتى يهلك أحد
الفريقين " . اهـ .

(2/408)


910 - " يا جبريل صف لي النار ، و انعت لي جهنم ، فقال جبريل : إن الله تبارك و تعالى
أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ، ثم أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى
احمرت ، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة ، لا يضيء
شررها ، و لا يطفأ لهبها ، و الذي بعثك بالحق لو أن خازنا من خزنة جهنم برز إلى
أهل الدنيا فنظروا إليه لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه ، و من نتن ريحه ، و
الذي بعثك بالحق لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه
وضعت على جبال الدنيا لارفضت و ما تقارت حتى تنتهي إلى الأرض السفلى ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسبي يا جبريل لا يتصدع قلبي ، فأموت ، قال :
فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل و هو يبكي ، فقال : تبكي يا جبريل
و أنت من الله بالمكان الذي أنت به ، فقال : مالي لا أبكي ؟ أنا أحق بالبكاء !
لعلي ابتلى بما ابتلي به إبليس ، فقد كان من الملائكة ، و ما أدري لعلي ابتلي
مثل ما ابتلي به هاروت و ماروت ، قال : فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم و
بكى جبريل عليه السلام ، فما زالا يبكيان حتى نوديا : أن يا جبريل و يا محمد إن
الله عز وجل قد أمنكما أن تعصياه ، فارتفع جبريل عليه السلام ، و خرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم فمر بقوم من الأنصار يضحكون و يلعبون ، فقال : أتضحكون و
وراءكم جهنم ؟! لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا ، و لما أسغتم
الطعام و الشراب ، و لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل .. فنودي : يا
محمد ! لا تقنط عبادي ، إنما بعثتك ميسرا و لم أبعثك معسرا فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : سددوا و قاربوا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 311 ) :

موضوع . أخرجه الطبراني في " الأوسط " بسنده عن عمر بن الخطاب قال : "
جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه ،
فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا جبريل : مالي أراك متغير
اللون ؟ فقال : ما جئتك حتى أمر الله بمفاتيح النار ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : يا جبريل صف لي النار . الحديث ، أورده المنذري في " الترغيب و
الترهيب " ( 4 / 225 - 226 ) و أشار لضعفه أو وضعه ، و قد بين علته الهيثمي في
" المجمع " فقال ( 10 / 387 ) : " و فيه سلام الطويل و هو مجمع على ضعفه " .
قلت : و ذلك لأنه كان كذابا كما قال ابن خراش ، و قال ابن حبان : ( 1 / 335 -
336 ) : " روى عن الثقات الموضوعات ، كأنه كان المعتمد لها " . و قال الحاكم -
على تساهله - : " روى أحاديث موضوعة " . قلت : و هذا منها بلا شك فإن التركيب و
الصنع عليه ظاهر ، ثم إن فيه ما هو مخالف للقرآن الكريم في موضعين منه : الأول
: قوله في إبليس : " كان من الملائكة " و الله عز وجل يقول فيه : *( كان من
الجن ففسق عن أمر ربه )* ، و ما يروى عن ابن عباس في تفسير قوله : *( من الجن
)* أي من خزان الجنان ، و أن إبليس كان من الملائكة ، فمما لا يصح إسناده عنه ،
و مما يبطله أنه خلق من نار كما ثبت في القرآن الكريم ، و الملائكة خلقت من نور
كما في " صحيح مسلم " عن عائشة مرفوعا ، فكيف يصح أن يكون منهم خلقة ، و إنما
دخل معهم في الأمر بالسجود لآدم عليه السلام لأنه كان قد تشبه بهم و تعبد و
تنسك ، كما قال الحافظ ابن كثير ، و قد صح عن الحسن البصري أنه قال : " ما كان
إبليس من الملائكة طرفة عين قط و إنه لأصل الجن ، كما أن آدم عليه السلام أصل
البشر " . الموضع الثاني : قوله : " ابتلي به هاروت و ماروت " . فإن فيه إشارة
إلى ما ذكر في بعض كتب التفسير أنهما أنزلا إلى الأرض ، و أنهما شربا الخمر و
زنيا و قتلا النفس بغير ، فهذا مخالف لقول الله تعالى في حق الملائكة : *( لا
يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون )*، و لم يرد ما يشهد لما ذكر ، إلا في
بعض الإسرائيليات التي لا ينبغي أن يوثق بها ، و إلا في حديث مرفوع ، قد يتوهم
- بل أوهم - بعضهم صحته ، و هو منكر بل باطل كما سبق تحقيقه برقم 170 ، و يأتي
بعد حديث من وجه آخر .

(2/409)


911 - " اللهم اجعلني صبورا ، اللهم اجعلني شكورا ، اللهم اجعلني في عيني صغيرا و في
أعين الناس كبيرا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 313 ) :
منكر . رواه الديلمي في " مسند الفردوس " ( 1 / 2 / 191 ) و ذكره ابن أبي
حاتم في " العلل " ( 2 / 184 ) كلاهما من طريق عقبة بن عبد الله الأصم عن ابن
بريدة عن أبيه : " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : علمني دعوة
، فقال : .. فذكره ، و قال ابن أبي حاتم عن أبيه : " هذا حديث منكر لا يعرف ، و
عقبة لين الحديث " . و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 181 ) من
دعائه صلى الله عليه وسلم لا من تعليمه و قال : " رواه البزار ، و فيه عقبة بن
عبد الله الأصم ، و هو ضعيف ، و حسن البزار حديثه " . قلت : لعل تحسين البزار
لحديثه يعني حديثا خاصا غير هذا ، و أراد الحسن المعنوي لا الاصطلاحي ، فقد قال
هو نفسه في عقبة هذا : " غير حافظ ، و إن روى عنه جماعة فليس بالقوي " . و قال
ابن حبان ( 2 / 188 ) : " كان ممن ينفرد بالمناكير عن الثقات المشاهير ، حتى
إذا سمعها من الحديث صناعته شهد لها بالوضع " .

(2/410)


912 - " إن الملائكة قالت : يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا و الذنوب ؟ قال :
إني ابتليتهم و عافيتكم ، قالوا لو كنا مكانهم ما عصيناك ، قال فاختاروا ملكين
منكم ، فلم يألوا أن يختاروا ، فاختاروا هاروت و ماروت ، فنزلا ، فألقى الله
تعالى عليهما الشبق ، قلت : و ما الشبق ؟ قال : الشهوة ، قال : فنزلا ، فجاءت
امرأة يقال لها الزهرة ، فوقعت في قلوبهما ، فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه
ما في نفسه ، فرجع إليها ، ثم جاء الآخر ، فقال : هل وقع في نفسك ما وقع في
قلبي ؟ قال : نعم ، فطلباها نفسها ، فقالت : لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي
تعرجان به إلى السماء و تهبطان ، فأبيا ، ثم سألاها أيضا فأبت ، ففعلا فلما
استطيرت طمسها الله كوكبا و قطع أجنحتها ، ثم سألا التوبة من ربهما ، فخيرهما ،
فقال : إن شئتما رددتكم إلى ما كنتما عليه ، فإذا كان يوم القيامة عذبتكما ، و
إن شئتما عذبتكما في الدنيا فإذا كان يوم القيامة رددتكما إلى ما كنتما عليه
، فقال أحدهما لصاحبه : أن عذاب الدنيا ينقطع و يزول ، فاختارا عذاب الدنيا على
الآخرة ، فأوحى الله إليهما أن ائتيا بابل ، فانطلقا إلى بابل فخسف بهما ، فهما
منكوسان بين السماء و الأرض معذبان إلى يوم القيامة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 313 ) :
باطل مرفوعا . رواه الخطيب في تاريخه ( 8 / 42 - 43 ) و كذا ابن جرير في
تفسيره ( 2 / 364 ) من طريق الحسين : سنيد بن داود : حدثنا الفرج بن فضالة عن
معاوية بن صالح عن نافع قال : سافرت مع ابن عمر ، فلما كان آخر الليل قال :
يا نافع طلعت الحمراء ؟ قلت : لا ( مرتين أو ثلاثة ) ، ثم قلت : قد طلعت ، قال
: لا مرحبا بها و أهلا ، قلت : سبحان الله ، نجم سامع مطيع ؟ قال : ما قلت لك
إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لي رسول الله صلى الله عليه
وسلم : فذكره بتمامه ، لكن ليس عند ابن جرير : " فنزلا .... " إلخ ، و قال
الحافظ ابن كثير في " تفسيره " ( 1 / 255 ) : " غريب جدا " . قلت : و آفته
الفرج بن فضالة أو الراوي عنه سنيد ، فإنهما ضعيفان كما في " التقريب " ، و
الحديث أصله موقوف خطأ في رفعه أحدهما ، و الدليل على ذلك ما أخرجه ابن أبي
حاتم بسند صحيح عن مجاهد قال : كنت نازلا على عبد الله بن عمر في سفر ، فلما
كان ذات ليلة قال لغلامه ( الظاهر أنه نافع ) : انظر هل طلعت الحمراء ؟ لا
مرحبا بها و لا أهلا ، و لا حباها الله ، هي صاحبة الملكين ، قالت الملائكة ،
يا رب كيف تدع عصاة بني آدم .... ؟ قال : إني ابتليتهم ... الحديث نحوه ، قال
ابن كثير : " و هذا إسناد جيد و هو أصح من حديث معاوية بن صالح هذا ، ثم هو مما
أخذه ابن عمر عن كعب الأحبار كما تقدم بالسند الصحيح عنه في الحديث الذي قبله
بحديث ، و الله أعلم ، ثم قال ابن كثير : " و قد روي في قصة هاروت و ماروت عن
جماعة من التابعين كمجاهد و السدي و الحسن البصري و قتادة و أبي العالية و
الزهري و الربيع بن أنس و مقاتل بن حيان و غيرهم ، و قصها خلق من المفسرين من
المتقدمين و المتأخرين ، و حاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل إذ
ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا
ينطق عن الهوى . و ظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط و لا إطناب فيها ،
فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أورده الله تعالى ، و الله أعلم بحقيقة
الحال " . قلت : و قد زعمت امرأة من أهل دومة الجندل أنها رأتهما معلقين
بأرجلهما ببابل ، و أنها تعلمت منهم السحر ، و هما في هذه الحالة ، في قصة
طويلة حكتها لعائشة رضي الله تعالى عنها ، رواها ابن جرير في " تفسيره " ( 2 /
366 - 367 ) بإسناد حسن عن عائشة ، و لكن المرأة مجهولة فلا يوثق بخبرها ، و قد
قال ابن كثير ( 1 / 260 ) : " إنه أثر غريب و سياق عجيب " . و قد اكتفيت
بالإشارة إليه ، فمن شاء الوقوف على سياقه بتمامه فليرجع إليه . و مما يتصل بما
سبق الحديث الآتي : " لعن الله الزهرة ، فإنها هي التي فتنت الملكين : هاروت و
ماروت " .

(2/411)


913 - " لعن الله الزهرة ، فإنها هي التي فتنت الملكين : هاروت و ماروت " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 315 ) :

موضوع . رواه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 648 ) و ابن منده في "
تفسيره " كما في " تفسير ابن كثير " ( 1 / 256 ) من طريق جابر عن أبي الطفيل عن
علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . و قال الحافظ
ابن كثير : " لا يصح ، و هو منكر جدا " . قلت : و آفته جابر و هو ابن يزيد
الجعفي و هو متهم بالكذب ، و كان يؤمن برجعة علي و يقول : إنه دابة الأرض
المذكورة في القرآن ! و الحديث أورده السيوطي في " الدر المنثور " ( 1 / 97 ) و
كذا في " الجامع الصغير " من رواية ابن راهويه و ابن منده ، و بيض له المناوي
فلم يتعقبه بالشيء ، و من العجيب ، أن السيوطي لم يورده في " الجامع الكبير " و
هو كان أحق به !

(2/412)


914 - " أرشدوا أخاكم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 315 ) :

ضعيف . رواه الحاكم ( 2 / 439 ) عن سعد بن عبد الله بن سعد عن أبيه عن
أبي الدرداء رضي الله عنه قال : " سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قرأ
فلحن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره ، و قال : " صحيح
الإسناد " ، و وافقه الذهبي . و أقول : كلا ، فإن عبد الله بن سعد والد سعد و
هو الأيلي غير معروف ، و لم يترجموا له ، مع أنهم ترجموا لابنه ، و لم يذكروا
له رواية عن أبيه ، و الله أعلم .

(2/413)


915 - " إن العبد ليموت والداه أو أحدهما و إنه لعاق ، فلا يزال يدعو لهما حتى يكتب
عند الله بارا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 316 ) :
ضعيف . أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 88 ) من طريق لاحق بن
الحسين بسنده عن إسماعيل بن محمد بن جحادة عن أبيه عن أنس مرفوعا قال
: " لا أصل له ، لاحق كذاب يضع " . و تعقبه السيوطي في " اللآلىء المصنوعة " (
2 / 297 ) بأن له طريق آخر ، أخرجه البيهقي في " الشعب " قال : أنبأنا أبو عبد
الرحمن السلمي ... عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن جحادة عن أنس بن
مالك به و قال السيوطي : " و يحيى بن عقبة ضعيف " . قلت : بل هو شر من ذلك فقد
قال أبو حاتم : " يفتعل الحديث " . و قال ابن حبان : " يروي الموضوعات عن
الأثبات " . و قال ابن معين : " كذاب خبيث عدو الله " . و قد أورده ابن عراق في
" الوضاعين " من مقدمة كتابه " تنزيه الشريعة " ثم نسي ذلك فتابع السيوطي في
تعقبه على ابن الجوزي ! و أورد الحديث من أجل ذلك في " الفصل الثاني " ( 2 /
297 ) . قلت : و أبو عبد الرحمن السلمي متهم أيضا ، فالسند هالك ، لكن قال
السيوطي بعد ذلك : " و قال ابن أبي الدنيا في " كتاب القبور " : حدثني خالد بن
خداش : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون
عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الرجل ليموت .... " الحديث . قال خالد : فحدثت حماد بن زيد فأعجب بذلك
، أخرجه البيهقي و قال : هذا على إرساله أصح من الأول . و قال العراقي في "
تخريج الإحياء " : " هذا مرسل صحيح الإسناد " . قلت : كلا ، فإن خالد بن خداش
مخدوش ! قال الذهبي في " الميزان " : " وثق و قال أبو حاتم و غيره ، صدوق ، و
قال ابن معين ينفرد عن حماد بأحاديث ، و قال ابن المديني و زكريا الساجي : ضعيف
" . ثم ساق الذهبي له حديث : " لا يولد مولود بعد ستمائة لله فيه حاجة " و قال
: " منكر " . قلت : فالإسناد على إرساله ضعيف من أجله ، فالحديث لا يصح بوجه من
الوجوه ، و الله أعلم .

(2/414)


916 - " لا جمعة و لا تشريق إلا في مصر جامع " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 317 ) :
لا أصل له مرفوعا . فيما علمت . إلا قول أبي يوسف في " كتاب الآثار " له
رقم ( 296 ) : " و زعم أبو حنيفة أنه بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
.... " فذكره مرفوعا ، و هذا وهم ، و إليه أشار أبو يوسف بقوله : " و زعم أبو
حنيفة " مع أنه إمام ، على أنه معضل ، و قد أشار إلى ما ذكرنا الحافظ الزيلعي
في " نصب الراية " بقوله ( 2 / 159 ) : " غريب مرفوعا ، و إنما وجدناه موقوفا
على علي " . و أوهم الحافظ ابن حجر أنه مرفوع ، فقال في " التلخيص " ( 132 ) "
حديث علي : لا جمعة و لا تشريق إلا في مصر ، ضعفه أحمد " . و قال النووي في "
المجموع " ( 4 / 488 ) : " ضعيف جدا " . كذا قالا ، و لم يذكرا من خرجه ، و لا
إسناده لينظر فيه ، و ما أظنه إلا وهما منهما ، و مما يؤيد ذلك أن الإمام أحمد
إنما ضعف الموقوف على علي ، و أما المرفوع فما ذكره ، و لا أعتقد أنه سمع به !
. قال إسحاق بن منصور المروزي في " مسائله عن الإمام أحمد " ( ص 219 ) : " ذكرت
له قول علي : " لا جمعة و لا تشريق إلا في مصر جامع " ؟ قال : الأعمش لم يسمعه
من سعد " . قلت : سعد هذا هو ابن عبيدة ، و قد أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف
" ( 1 / 204 / 1 ) : " أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد
الرحمن السلمي عن علي قال : فذكره . و رواه علي بن الجعد الجوهري في " حديثه "
( 12 / 178 / 1 ) من طريق أبي جعفر الرازي عن الأعمش به ، و أعله أحمد
بالانقطاع بين الأعمش و سعد بن عبيدة . قلت : لكن لم يتفرد به الأعمش ، بل
تابعه طلحة و هو ابن مصرف عند ابن أبي شيبة ، و زبيد اليامي عند الطحاوي في
" مشكل الآثار " ( 2 / 54 ) و البيهقي أيضا في " السنن " ( 3 / 179 ) كلاهما عن
سعد بن عبيدة به . و سعد بن عبيدة ثقة من رجال الستة ، و مثله أبو عبد الرحمن
السلمي فالسند صحيح موقوفا ، و صححه ابن حزم في " المحلى " ( 5 / 53 ) و هو
مقتضى كلام أبي جعفر الطحاوي ، و لكنه قال : " لم يقله علي رضي الله عنه رأيا ،
إذ كان مثله لا يقال بالرأي ، و إنما قاله بتوقيف عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ! كذا قال ، و فيه نظر واضح ، فإن القلب يشهد أن ذلك يقال بالرأي و
الاجتهاد ، و لذلك ظلت المسألة من موارد النزاع ، و قد صح خلافه عن عمر بن
الخطاب أفيقال : إنه توقيف أيضا مع أنه هو الصواب ؟! فروى ابن أبي شيبة في باب
من كان يرى الجمعة في القرى و غيرها ، من طريق أبي رافع عن أبي هريرة أنهم
كتبوا إلى عمر يسألونه عن الجمعة ، فكتب : " جمعوا حيثما كنتم " . قلت : و
إسناده صحيح على شرط الشيخين ، و أبو رافع هذا اسمه نفيع بن رافع الصائغ المدني
، و احتج بهذا الأثر الإمام أحمد على تضعيف أثر علي و زاد : " و أول جمعة جمعت
بالمدينة ، جمع بهم مصعب بن عمير ، فذبح لهم شاة ، فكفتهم ، و كانوا أربعين ، و
ليس ثم أحكام تجري " . قال إسحاق المروزي : " قلت له : أليس ترى في قرى مرو لو
جمعوا ؟ قال : نعم " . ثم روى ابن أبي شيبة ( 1 / 204 / 2 ) بسند صحيح عن مالك
قال : " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في هذه المياه بين مكة و المدينة
يجمعون " . و روى البخاري ( 2 / 316 بشرح الفتح ) و أبو داود ( 1068 ) و غيرهما
عن ابن عباس قال : لجمعة جمعت بـ ( جوثاء ) ، قرية من قرى البحرين ، و في رواية
: قرية من قرى عبد القيس " . و ترجم له البخاري و أبو داود بـ " باب الجمعة في
القرى " . قال الحافظ : " و وجه الدلالة منه أن الظاهر أن عبد القيس لم يجمعوا
إلا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لما عرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد
بالأمور الشرعية في زمن نزول الوحي ، و لأنه لو كان ذلك لا يجوز لنزل فيه
القرآن ، كما استدل جابر و أبو سعيد على جواز العزل بأنهم فعلوه و القرآن ينزل
، فلم ينهوا عنه " . قلت : و في هذه الآثار السلفية عن عمر و مالك و أحمد من
الاهتمام العظيم اللائق بهذه الشعيرة الإسلامية الخالدة : صلاة الجمعة حيث
أمروا بأدائها و المحافظة عليها حتى في القرى و ما دونها من أماكن التجمع ، و
هذا - دون أثر علي - هو الذي يتفق مع عمومات النصوص الشرعية و إطلاقها ، و بالغ
التحذير من تركها و هي معروفة ، و حسبي الآن أن أذكر بآية من القرآن : *( يا
أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا
البيع )* ، و صلاة الظهر بعدها ينافي تمامها : *( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في
الأرض و ابتغوا من فضل الله )* . و لما سافرت في رمضان سنة 1396 إلى بريطانيا
سرني جدا أنني رأيت المسلمين في لندن يقيمون صلاة الجمعة و العيد أيضا ، و
بعضهم يصلون الجمعة في بيوت اشتروها أو استأجروها و جعلوها ( مصليات ) يصلون
فيها الصلوات الخمس و الجمعات ، فقلت في نفسي : لقد أحسن هؤلاء بالمحافظة على
هذه العبادة العظيمة هنا في بلاد الكفر ، و لو تعصبوا لمذهبهم و جلهم من
الحنفية - لعطلوها و صلوها ظهرا ! فازددت يقينا بأنه لا سبيل إلى نشر الإسلام و
المحافظة عليه إلا بالاستسلام لنصوص الكتاب و السنة ، و اتباع السلف الصالح ،
المستلزم الخروج عن الجمود المذهبي إلى فسيح دائرة الإسلام ، الذي بنصوصه التي
لا تبلى يصلح لكل زمان و مكان ، و ليس بالتعصب المذهبي ، و الله ولي التوفيق .

(2/415)


917 - " أخروهن من حيث أخرهن الله . يعني النساء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 319 ) :
لا أصل له مرفوعا . و قد أشار إلى ذلك الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " (
2 / 36 ) بقوله : " حديث غريب مرفوعا . و هو في " مصنف عبد الرزاق "- <1> موقوف
على ابن مسعود فقال : أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن
ابن مسعود قال : كان الرجال و النساء في بني إسرائيل يصلون جميعا ، فكانت
المرأة ( لها الخليل ) تلبس القالبين فتقوم عليهما ، تقول بهما لخليلها ، فألقي
عليهن الحيض ، فكان ابن مسعود يقول : أخروهن من حيث أخرهن الله . قيل : فما
القالبان ؟ قال : أرجل من خشب يتخذها النساء يتشرفن الرجال في المساجد ، و من
طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في ( معجمه ) " . قلت : و رواه الطبراني في "
المعجم الكبير " ( 3 / 36 / 2 ) من طريق زائدة أيضا عن الأعمش به ، إلا أنه لم
يذكر أبا معمر في سنده . ثم ذكر الزيلعي أن بعض الجهال ( كذا ) من فقهاء
الحنفية كان يعزوه إلى " مسند رزين " و " دلائل النبوة " للبيهقي . قال : " و
قد تتبعته فلم أجده فيه لا مرفوعا و لا موقوفا " . و أفحش من هذا الخطأ أن
بعضهم عزاه للصحيحين كما نبه عليه الزركشي ، و نقله السخاوي ( 41 ) و غيره عنه
، و نقل الشيخ علي القاريء في " الموضوعات " عن ابن الهمام أنه قال في شرح
الهداية " : لا يثبت رفعه ، فضلا عن شهرته ، و الصحيح أنه موقوف على ابن مسعود
كما في " كشف الخفاء " ( 1 / 67 ) . قلت : و الموقوف صحيح الإسناد ، و لكن لا
يحتج به لوقفه ، و الظاهر أن القصة من الإسرائيليات . و من العجائب أن الحنفية
أقاموا على هذا الحديث مسألة فقهية خالفوا فيها جماهير العلماء ، فقالوا : إن
المرأة إذا وقفت بجانب الرجل أو تقدمت عليه في الصلاة أفسدت عليه صلاته ، و أما
المرأة فصلاتها صحيحة ، مع أنها هي المعتدية ! بل ذهب بعضهم إلى إبطال الصلاة و
لو كانت على السدة فوقه محاذية له ! و قد استدلوا على ذلك بالأمر في هذا الحديث
بتأخيرهن ، و لا يدل على ما ذهبوا إليه البتة ، و ذلك من وجوه : أولا : أن
الحديث موقوف فلا حجة فيه كما سبق . ثانيا : أن الأمر و إن كان يفيد الوجوب فهو
لا يقتضي فساد الصلاة ، بل الإثم كما سيأتي عن الحافظ . ثالثا : أنه لو اقتضى
فساد الصلاة فإنما ذلك إذا خالف الرجل الأمر و لم يؤخر المرأة أو لم يتقدم
عليها ، أما إذا دخل في الصلاة ثم اعتدت المرأة و وقفت بجانبه ، أو تقدمت عليه
، فلا يدل على بطلان صلاته بوجه من الوجوه ، بل لو قيل ببطلان صلاة المرأة في
هذه الحالة لم يبعد ، لو كان صح رفع الحديث ، و مع ذلك فهم لا يقولون ببطلان
صلاتها ! و هذا من غرائب أقوال الحنفية التي لا يشهد لصحتها أثر و لا نظر ! نعم
من السنة أن تتأخر المرأة في الصلاة عن الرجال كما روى البخاري و غيره عن أنس
بن مالك قال : " صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، أنا و يتيم في بيتنا خلف
النبي صلى الله عليه وسلم و أمي أم سليم خلفنا " . قال الحافظ في " شرحه " ( 2
/ 177 ) : " و فيه أن المرأة لا تصف مع الرجل ، و أصله ما يخشى من الافتتان بها
، فإذا خالفت أجزأت صلاتها عند الجمهور . و عن الحنفية : تفسد صلاة الرجل دون
المرأة ، و هو عجيب ، و في توجيهه تعسف ، حيث قال قائلهم ، دليله قول ابن مسعود
هذا ، و الأمر للوجوب ، و حيث ظرف مكان ، و لا مكان يجب تأخرهن فيه إلا مكان
الصلاة ، فإذا حاذت الرجل فسدت صلاة الرجل ، لأنه ترك ما أمر به من تأخيرها ! و
حكاية هذا تغني عن تكلف جوابه . و الله المستعان ، فقد ثبت النهي عن الصلاة في
الثوب المغصوب ، و أمر لابسه أن ينزعه ، فلو خالف فصلى فيه و لم ينزعه أثم و
أجزأته صلاته ، فلم لا يقال في الرجل الذي حاذته المرأة ذلك ، و أوضح منه لو
كان لباب المسجد صفة مملوكة فصلى فيها شخص بغير إذنه مع اقتداره على أن ينتقل
عنها إلى أرض المسجد بخطوة واحدة صحت صلاته و أثم ، و كذلك الرجل مع المرأة
التي حاذته ، و لاسيما إن جاءت بعد أن دخل في الصلاة فصلت بجنبه " .
-----------------------------------------------------------
[1] ( ج 3 / 149 رقم 5115 - طبع المكتب الإسلامي ) ، و الزيادة منه ، مع تصحيح
بعض الألفاظ . . اهـ .
1

(2/416)


918 - " التوكؤ على عصا من أخلاق الأنبياء ، كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عصا
يتوكأ عليها ، و يأمرنا بالتوكؤ عليها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 316 ) :

موضوع . رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 259 ) و
ابن عدي في " الكامل " ( ق 330 / 1 ) من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن المعلى بن
هلال عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال : " التوكؤ ... " الحديث . أورده ابن
عدي في ترجمة المعلى هذا و قال : " هو في عداد من يضع الحديث " . و عثمان بن
عبد الرحمن هو الحراني الطرائفي ، و هو صدوق ، أكثر الرواية عن الضعفاء و
المجاهيل ، و ضعف بسبب ذلك حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب و قد وثقه ابن معين كما
في " التقريب " .

(2/417)


919 - " ما قال عبد لا إله إلا الله مخلصا إلا صعدت لا يردها حجاب ، فإذا وصلت إلى
الله عز وجل نظر إلى قائلها ، و حق على الله أن لا ينظر إلى موحد إلا رحمه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 320 ) :

منكر . رواه ابن بشران في " الأمالي " (70 / 1 و 108 / 2 ) عن علي بن
الحسين بن يزيد الصدائي : حدثنا أبي حدثنا الوليد بن القاسم عن يزيد بن كيسان
عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا . و من طريق ابن بشران رواه الخطيب في
ترجمة علي بن الحسين هذا ( 11 / 394 ) و ذكر أن وفاته كانت سنة ( 286 ) و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و أنه روى عنه أبو بكر الشافعي و أبو علي أحمد بن
الفضل بن خزيمة . قلت : و قد خالفه في متنه الإمام الترمذي فرواه عن الحسين بن
يزيد به ، بلفظ : " .... إلا فتحت له أبواب السماء حتى تقضي إلى العرش ، ما
اجتنبت الكبائر " . قلت : فهذا يدل على ضعف علي بن الحسين عندي ، لمخالفته
الترمزي في لفظ حديثه على قلة روايته ، و لذلك أوردت الحديث بلفظ الترمذي في
" الأحاديث الصحيحة " و " المشكاة " ( 2314 ) . و الحديث عزاه السيوطي في
" الجامع الكبير " ( 2 / 175 / 2 ) للخطيب وحده .

(2/418)


920 - " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب
، و إن أبعد الناس من الله القلب القاسي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 321 ) :

ضعيف . أخرجه الترمذي ( 2 / 66 ) و الواحدي في " الوسيط " ( 1 / 27 / 2 ) و
أبو جعفر الطوسي الفقيه الشيعي في " الأمالي ( ص 2 ) و البيهقي في " شعب
الإيمان " ( 2 / 65 / 1 - 2 ) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن حاطب عن عبد الله
بن دينار عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ، و
قال الترمذي : " حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم " . قلت : و هو
ابن عبد الله بن الحارث بن حاطب الجمحي ، ترجمه ابن أبي حاتم ( 1 / 110 / 1 ) و
لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و أورده الذهبي في " الميزان " و ساق له هذا
الحديث من غرائبه ، و قال : " ما علمت فيه جرحا " . قلت : فقد يقال فهل علمت
فيه توثيقا ؟ فإن عدم الجرح لا يستلزم التوثيق كما لا يخفى ، و لذلك فالأحسن في
الإفصاح عن حاله قول ابن القطان : " لا يعرف حاله " . و أما ابن حبان فذكره في
" الثقات " على قاعدته ! و اغتر به الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فصحح إسناده في "
عمدة التفسير " ( 1 / 168 ) . و الحديث رواه الإمام مالك في " الموطأ " ( 2 /
986 / 8 ) أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان يقول : فذكره بأتم منه من قول عيسى
عليه السلام ، و قد مضى قريبا ( 908 ) . و هذا هو اللائق بمثل هذا الكلام أن
يكون مما يرويه أهل الكتاب عن عيسى عليه الصلاة و السلام ، و ليس من حديث نبينا
محمد صلى الله عليه و آله وسلم . ( تنبيه ) : هذا الحديث لم يورده السيوطي في "
الجامع الكبير " مع أنه ذكره في " الزيادة على الجامع الصغير " ، و وقع لبعض
الأفاضل فيه و هم فاحش ، سبق بيانه هناك .

(2/419)


921 - " إذا انتهى أحدكم إلى الصف و قد تم ، فليجبذ إليه رجلا يقيمه إلى جنبه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 321 ) :

ضعيف . رواه الطبراني في " الأوسط " ( 33 / 1 - مجمع البحرين ) عن حفص بن
عمر الربالي : حدثنا بشر بن إبراهيم : حدثني الحجاج بن حسان عن عكرمة عن ابن
عباس مرفوعا . و قال : " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد تفرد به بشر "
. قلت : و هو الأنصاري المفلوج ، قال ابن عدي : " و هو عندي ممن يضع الحديث " .
و قال بن حبان ( 1 / 180 ) : " كان يضع الحديث على الثقات " . قلت : فقول
الهيثمي 2 / 96 ) : " و هو ضعيف جدا " فيه تساهل ظاهر ، و أسوأ منه سكوت
الحافظ عنه في " بلوغ المرام " ( 2 / 25 - بشرح السبل ) مع أنه قال في
" التلخيص " ( 2 / 37 ) : " إسناده واه " . و قد خالفه في إسناده يزيد بن هارون
الثقة الحافظ فرواه عن الحجاج بن حسان عن مقاتل بن حيان مرسلا نحوه . رواه
البيهقي ( 3 / 105 ) . و قد روي من طريق أخرى عن عكرمة عن ابن عباس موصولا به
نحوه ، و ليس فيه الجبذ ، بل قال له : " أعد صلاتك " . قلت : و هو بهذا اللفظ
صحيح لأن له شواهد كثيرة من حديث وابصة بن معبد و غيره و قد تكلمت عليها و
تتبعت طرقها في " إرواء الغليل " ( 534 ) و للحديث شاهد واه من رواية وابصة
بلفظ : " ألا دخلت في الصف ، أو جذبت رجلا صلى معك ؟! أعد صلاتك " .

(2/420)


922 - " ألا دخلت في الصف ، أو جذبت رجلا صلى معك ؟! أعد صلاتك " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 322 ) :

ضعيف جدا . أخرجه ابن الأعرابي في " المعجم " و أبو الشيخ في " تاريخ
أصبهان " و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " من طريق يحيى بن عبدويه : حدثنا قيس
بن الربيع عن السدي عن زيد بن وهب عن وابصة بن معبد : " أن رجلا صلى خلف الصف
وحده ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ، فذكره . قلت : و لكن إسناده واه
جدا ، فلا يصلح للشهادة ، فإن قيسا ضعيف ، و ابن عبدويه أشد ضعفا منه ، كما
بينته في المصدر المشار إليه آنفا ، فأغنى عن الإعادة ، فإعلال الحافظ إياه
بقيس وحده قصور . و أفاد أن الطبراني أخرجه أيضا في " الأوسط " فرفعه السري بن
إسماعيل و هو متروك ، و أما الهيثمي فعزاه لأبي يعلى من طريق السري هذا و هو في
" مسنده " ( 2 / 445 ) . ( فائدة ) : إذا ثبت ضعف الحديث فلا يصح حينئذ القول
بمشروعية جذب الرجل من الصف ليصف معه ، لأنه تشريع بدون نص صحيح ، و هذا لا
يجوز ، بل الواجب أن ينضم إلى الصف إذا أمكن و إلا صلى وحده ، و صلاته صحيحة ،
لأنه ( لا يكلف الله نفس إلا وسعها ) ، و حديث الأمر بالإعادة محمول على ما إذا
قصر في الواجب و هو الإنضمام في الصف و سد الفرج و أما إذا لم يجد فرجة ، فليس
بمقصر ، فلا يعقل أن يحكم على صلاته بالبطلان في هذه الحالة ، و هذا هو اختيار
شيخ الإسلام ابن تيمية ، فقال في الاختيارات " ( ص 42 ) : " و تصح صلاة الفذ
لعذر ، و قاله الحنفية ، و إذا لم يجد إلا موقفا خلف الصف ، فالأفضل أن يقف
وحده و لا يجذب من يصافه ، لما في الجذب من التصرف في المجذوب ، فإن كان
المجذوب يطيعه ، فأيهما أفضل له و للمجذوب ؟ الاصطفاف مع بقاء فرجة ، أو وقوف
المتأخر وحده ؟ و كذلك لو حضر اثنان ، و في الصف فرجة ، فأيهما أفضل وقوفهما
جميعا أو سد أحدهما الفرجة ، و ينفرد الآخر ؟ الراجح الاصطفاف مع بقاء الفرجة
، لأن سد الفرجة مستحب ، و الاصطفاف واجب " . قلت : كيف يكون سد الفرج مستحبا
فقط ، و رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح : " من وصل صفا
وصله الله ، و من قطع صفا قطعه الله " ! <1> فالحق أن سد الفرج واجب ما أمكن ،
و إلا وقف وحده لما سبق . و الله أعلم . ( تنبيه ) : هذا الحديث لم يورده
السيوطي في " الجامع الكبير " البتة !! .
-----------------------------------------------------------
[1] انظر المشكاة ( 1102 ) . اهـ .

(2/421)


924 - " إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها صيام و لا صلاة ، و لا حج ، و لا جهاد ، إلا
الغموم و الهموم في طلب العلم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 325 ) :

ضعيف . رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 287 ) عن أحمد بن علي بن
زيد الدينوري : حدثنا يزيد بن شريح بن مسلم الخوارزمي : حدثنا علي بن الحسين بن
واقد : حدثني أبي : حدثنا أبو غالب عن أبي أمامة مرفوعا . قلت : و هذا سند
ضعيف ، أحمد بن علي و يزيد بن شريح لم أجد من ترجمهما . و من فوقهما ثقات
معرفون و فيهم كلام يسير لا يضر . و هذا الحديث مما فات السيوطي فلم يورده في "
الجامع الكبير " : بله " الصغير " !

(2/422)


925 - " إن لله ملائكة و هم الكروبيون ، من شحمة أذن أحدهم إلى ترقوقته مسيرة سبعمائة
عام للطائر السريع في انحطاطه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 323 ) :

ضعيف جدا . رواه ابن عساكر ( 12 / 231 / 2 ) عن محمد بن أبي السري : أخبرنا
عمرو بن أبي سلمة عن صدقة بن عبد الله القرشي عن موسى بن عقبة عن محمد بن
المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا و قال : " روى إبراهيم بن طهمان عن
موسى بن عقبة شيئا من هذا " . قلت : و هذا سند واه جدا ، و له علتان : الأولى
: محمد بن أبي السري ، و هو متهم . و الأخرى : صدقة هذا و هو الدمشقي السمين و
هو ضعيف ، و وقع في السند " القرشي ، و لم ترد هذه النسبة في ترجمته من
" التهذيب " ، فلعله تحرف على الناسخ نسبته " الدمشقي " بالقرشي ، و الله أعلم
. و قد خالفه إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة به بلفظ : " أذن لي أن أحدث عن
ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش ، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة
سبعمائة سنة " . و هو بهذا اللفظ صحيح كما قد بينته في " الأحاديث الصحيحة "
رقم ( 151 ) .

(2/423)


925 - " يا أيها الناس إن الرب واحد ، و الأب واحد ، و ليست العربية بأحدكم من أب و
لا أم ، و إنما هي اللسان ، فمن تكلم بالعربية فهو عربي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 325 ) :

ضعيف جدا . رواه ابن عساكر ( 3 / 203 / 2 ) عن العلاء بن سالم : أخبرنا قرة
بن عيسى الواسطي : أخبرنا أبو بكر الذهلي عن مالك بن أنس الزهري عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن قال : جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي و صهيب الرومي
و بلال الحبشي ، فقال : هذا الأوس و الخزرج قد قاموا بنصرة هذا الرجل فما بال
هذا ؟ فقام إليه معاذ بن جبل فأخذ بتلبيبه ، ثم أتى به النبي صلى الله عليه
وسلم فأخبره بمقالته ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم قائما يجر ردائه حتى دخل
المسجد ثم نودي : أن الصلاة جامعة ، و قال : ( ذكره ) ، فقام معاذ بن جبل و هو
آخذ بتلبيبه ، قال : فما تأمرنا بهذا المنافق يا رسول الله ؟ قال : دعه إلى
النار ، فكان قيس ممن ارتد في الردة ، فقتل . قلت و هذا سند ضعيف جدا أبو بكر
الذهلي ( كذا الأصل ، و الصواب الهذلي ) و هو متروك كما قال الدارقطني و
النسائي و غيرهما و كذبه غندر . ثم رأيت الحديث في موضع آخر من " تاريخ ابن
عساكر " ( 8 / 190 - 191 ) من هذا الوجه " و فيه " الهذلي على الصواب . و قال :
" هذا حديث مرسل ، و هو مع إرساله غريب ، تفرد به أبو بكر سلمى بن عبد الله
الهذلي البصري ، و لم يروه عنه إلا قرة " . قلت : و لم أجد من ترجمه ، فهذه علة
أخرى . و مثله الراوي عنه : العلاء . و على الصواب ذكره ابن تيمية في
" الاقتضاء " ( 169 - طبع الأنصار ) من رواية السلفي ، ثم قال ابن تيمية
: " هذا الحديث ضعيف ، و كأنه مركب على مالك ، لكن معناه ليس ببعيد ، بل هو
صحيح من بعض الوجوه " .

(2/424)


926 - " إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصلاة و لا الصيام و لا الحج و لا العمرة
. قال : فما يكفرها يا رسول الله ؟ قال : الهموم في طلب المعيشة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 324 ) :
موضوع . رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 134 / 1 ) و عنه أبو نعيم في "
الحلية " ( 6 / 235 ) و الخطيب في " التلخيص " ( 61 / 2 ) و ابن عساكر ( 15 /
332 / 1 ) عن محمد بن سلام المصري : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير : حدثنا
مالك بن أنس عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال
الطبراني : " لم يروه عن مالك إلا يحيى ، تفرد به محمد " . و قال الخطيب
: " روى عن يحيى بن بكير حديثا منكرا " . ثم ساقه ، و قال ابن عساكر : " غريب
جدا " . قلت : اتهمه الذهبي بهذا الحديث فقال : " حدث عن يحيى بن بكير عن مالك
بخبر موضوع " . قلت : و هو هذا ، قال الحافظ في " اللسان " : " و الخبر المذكور
عن أبي هريرة رفعه ، قلت : فذكره من رواية الطبراني ثم قال : و أخرجه الدارقطني
في " الغرائب من طريقين آخرين عن محمد بن سلام ، قال : الحمل فيه على محمد بن
سلام الحمراوي البزار " . قلت : و قد أغرب ابن الملقن في " الخلاصة " ( 171 / 1
) حيث عزى الحديث للخطيب فقط في كتابه " تلخيص المتشابه " من حديث يحيى بن بكير
... " . و وجه الإغراب أنه عزاه للخطيب فأوهم أنه لم يروه من هو أعلى طبقة منه
، ثم هو لم يذكر من السند ما هو موضع العلة منه ، بل طوى صفحا عنها ، و ذكر من
السند من هم فوقها ، مما لا فائدة من ذكره مطلقا ، اللهم إلا إيهام أن ما لم
يذكره من السند ليس فيهم من ينظر فيه ! و الحديث عزاه السيوطي في " الجامع
الكبير " ( 1 / 219 / 1 ) لابن عساكر فقط ! و قال : " و فيه محمد بن يوسف بن
يعقوب الرقي ضعيف " . قلت : بل هو كذاب وضاع ، قال الدارقطني : " وضع من
الأحاديث ما لا يضبط " . قلت : لكنه لم يرد له ذكر في إسناد الحديث هذا عند من
ذكرنا . ثم إن الحديث عزاه السيوطي للخطيب في " المتفق و المفترق " عن أبي عبيد
عن أنس . قال الأزدي : " أبو عبيد رضي الله عنه (!) عن أنس لا شيء " . و روي
بلفظ آخر و هو : " إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها صيام و لا صلاة ، و لا حج ، و
لا جهاد ، إلا الغموم و الهموم في طلب العلم " .

(2/425)


928 - " كان يخر على ركبتيه ، و لا يتكىء " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 328 ) :
ضعيف . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 497 - موارد ) من طريق معاذ بن
محمد بن معاذ بن أبي بن كعب عن أبيه عن جده عن أبي بن كعب عن النبي صلى
الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا سند ضعيف مسلسل بالمجهولين ، قال ابن
المديني : " لا نعرف محمد بن معاذ هذا ، و لا أباه ، و لا جده في الرواية ، و
هذا إسناد مجهول " . كذا في " الميزان " و " اللسان " . و قال الحافظ في ترجمة
محمد هذا من " التقريب " . " مجهول " . و قال في ابنه معاذ : " مقبول " . قلت
: و أما ابن حبان فأوردهم في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين ، ثم
أخرج حديثهم في صحيحه كما ترى ، فلا تغتر بذلك ، فإنه قد شذ في ذلك عن التعريف
الذي اتفق عليه جماهير المحدثين في الحديث الصحيح و هو : " ما رواه عدل ، ضابط
، عن مثله " . فأين العدالة ، و أين الضبط في مثل هؤلاء المجهولين . لاسيما و
قد رووا منكرا من الحديث خالفوا به الصحيح الثابت عنه صلى الله عليه وسلم من
غير طريق كما سيأتي بيانه . و لقد بدا لي شيء جديد يؤكد شذوذ ابن حبان المذكور
، ذلك أنني حصلت نسخة من كتابه القيم " المجروحين " في موسم حج السنة الماضية (
1496 ) فلم أر له فيه راويا واحدا جرحه بالجهالة حتى الآن فهذا يؤكد أن الجهالة
عنده ليست جرحا ! هذا ، و في معناه حديث وائل بن حجر قال : " رأيت النبي صلى
الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه ، و إذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه "
. أخرجه أبو داود ( 1 / 134 ) و النسائي ( 1 / 165 ) و الترمذي ( 2 / 56 ) و
الطحاوي ( 1 / 150 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 487 - موارد ) و الدارقطني
( 131 - 132 ) و الحاكم ( 1 / 226 ) و عنه البيهقي ( 2 / 98 ) كلهم من طريق
يزيد بن هارون : أخبرنا شريك <1> عن عاصم بن كليب عن أبيه عنه . قلت : و هذا
سند ضعيف ، و قد اختلفوا فيه ، فقال الترمذي عقبه : " هذا حديث حسن غريب ، لا
نعرف أحدا رواه مثل هذا عن شريك " . و قال الحاكم : " احتج مسلم بشريك " ! و
وافقه الذهبي ! و ليس كما قالا ، على ما يأتي بيانه ، و قال ابن القيم في
" الزاد " ( 1 / 79 ) و قد ذكر الحديث : " هو الصحيح " ، و خالفهم الدارقطني
فقال عقبه : " تفرد به يزيد عن شريك ، و لم يحدث به عاصم بن كليب غير شريك ، و
شريك ليس بالقوي فيما يتفرد به " . و خالفهم أيضا البخاري ثم البيهقي فقال هذا
في " سننه " ( 2 / 99 ) : " هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي ، و إنما تابعه
همام من هذا الوجه مرسلا ، هكذا ذكره البخاري و غيره من الحفاظ المتقدمين رحمهم
الله تعالى " . و هذا هو الحق الذي لا يشك فيه كل من أنصف ، و أعطى البحث حقه
من التحقيق العلمي ، أن هذا الإسناد ضعيف ، و له علتان : الأولى : تفرد شريك به
. و الأخرى : المخالفة . و قد سمعت آنفا الدارقطني يقول في شريك : إنه ليس
بالقوي فيما يتفرد به ، و في " التقريب " : " صدوق ، يخطىء كثيرا ، تغير حفظه
منذ ولي القضاء بالكوفة " . قلت : فمثله لا يحتج به إذا تفرد فكيف إذا خالف كما
يأتي بيانه ، و قول الحاكم و الذهبي : " احتج به مسلم " من أوهامهما ، فإنما
أخرج له مسلم في المتابعات كما صرح بذلك المنذري في خاتمة " الترغيب و الترهيب
" . و كثيرا ما يقع الحاكم في مثل هذا الوهم و يتبعه عليه الذهبي على خلاف ما
يظن به ، فيصححان أحاديث شريك على شرط مسلم ، و هي لا تستحق التحسين فضلا عن
التصحيح ، فكيف على شرط مسلم ؟ ! فليتنبه لهذا من أراد البصيرة في دينه ، و
أحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم . و أما المخالفة التي سبقت الإشارة إليها فهي
من جهتين : المتن و السند . فأما المتن ، فقد روى الحديث جماعة من الثقات عن
عاصم بن كليب به ، فذكروا صفة صلاته صلى الله عليه وسلم بأتم مما ذكره شريك عن
عاصم ، و مع ذلك فلم يذكروا كيفية السجود و النهوض عنه إطلاقا كما أخرجه أبو
داود و النسائي و أحمد و غيرهم عن زائدة و ابن عيينة و شجاع بن الوليد كلهم عن
عاصم به <2> . فدل ذلك على أن ذكر الكيفية في حديث عاصم منكر لتفرد شريك به دون
الثقات . و أما المخالفة في السند ، فهو أن هماما قال : حدثنا شقيق أبو الليث
قال : حدثني عاصم بن كليب عن أبيه . " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد
وقعت ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه " . أخرجه أبو داود و البيهقي و قال : "
قال عفان : و هذا الحديث غريب " <3> . قلت : فقد خالف شريكا شقيق فأرسله ، و
لكن شفيقا هذا ليس خيرا من شريك ، فإنه مجهول لا يعرف ، كما قال الذهبي و غيره
. و لهمام فيه إسناد آخر ، و لكنه معلول أيضا ، فقال : حدثنا محمد بن جحادة عن
عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " كان إذا
دخل في الصلاة رفع يديه ... فلما أراد أن يسجد وقعت ركبتاه على الأرض قبل أن
تقع كفاه ... فإذا نهض ، نهض على ركبتيه ، و اعتمد على فخذيه " . أخرجه أبو
داود و البيهقي <4> و علته الانقطاع ، فقال النووي في " المجموع شرح المهذب " (
3 / 446 ) : " حديث ضعيف لأن عبد الجبار بن وائل اتفق الحفاظ على أنه لم يسمع
من أبيه شيئا ، و لم يدركه " . و في الباب حديث آخر معلول أيضا ، رواه أبو
العلاء بن إسماعيل العطار : حدثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس قال
: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه " .
أخرجه الدارقطني ( 132 ) و الحاكم ( 1 / 226 ) و عنه البيهقي ( 2 / 99 ) و
الحازمي في " الاعتبار " ( 55 ) و ابن حزم في " المحلى " ( 4 / 129 ) و الضياء
المقدسي في " الأحاديث المختارة " . و قال الدارقطني و البيهقي : " تفرد به
العلاء بن إسماعيل " . قلت : و هو مجهول كما قال ابن القيم في " الزاد " ( 1 /
81 ) و من قبله البيهقي كما في " التلخيص " لابن حجر ، و قال ابن أبي حاتم في "
العلل " ( 1 / 188 ) عن أبيه : " هذا حديث منكر " . قلت : و أما قول الحاكم و
الذهبي : " حديث صحيح على شرط الشيخين " فغفلة كبيرة منهما عن حال العلاء هذا
، مع كونه ليس من رجال الشيخين ! و قال الحافظ في ترجمته من " اللسان " : " و
قد خالفه عمر بن حفص بن غياث ، و هذا من أثبت الناس في أبيه ، فرواه عن أبيه عن
الأعمش عن إبراهيم عن علقمة و غيره عن عمر موقوفا عليه ، و هذا هو المحفوظ " .
قلت : أخرجه الطحاوي ( 1 / 151 ) بالسند المذكور عن إبراهيم عن أصحاب عبد الله
علقمة و الأسود فقالا : حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما
يخر البعير ، وضع ركبتيه قبل يديه . و سنده صحيح . قلت : و قد صرح الأعمش عنده
بالتحديث ، و رواه عبد الرزاق ( 2955 ) نحوه . و في هذا الأثر تنبيه هام ، و هو
أن البعير يبرك على ركبتيه ، يعني اللتين في مقدمتيه ، و إذا كان كذلك لزم أن
لا يبرك المصلي على ركبتيه كما يبرك البعير ، لما ثبت في أحاديث كثيرة من النهي
عن بروك كبروك الجمل ، و جاء في بعضها توضيح ذلك من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ
: " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ، و ليضع يديه قبل ركبتيه " . رواه
أبو داود بسند جيد ، و في رواية عن أبي هريرة بلفظ : " كان النبي صلى الله عليه
وسلم إذا سجد بدأ بوضع يديه قبل ركبتيه " . أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (
1 / 149 ) هو الذي قبله بالسند المشار إليه آنفا ، و روى له شاهدا من حديث ابن
عمر من فعله و فعل النبي صلى الله عليه وسلم . و سنده صحيح ، و صححه الحاكم و
الذهبي . فهذه الأحاديث الثابتة تدل على نكارة الأحاديث المتقدمة جميعها ، و
مما يدل على ضعف بعضها من جهة ما فيها من الزيادة في هيئة القيام إلى الركعة
الثانية ، حديث أبي قلابة قال : " كان مالك بن الحويرث يأتينا فيقول : ألا
أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيصلى في غير وقت الصلاة ، فإذا
رفع رأسه من السجدة الثانية في أول ركعة استوى قاعدا ، ثم قام فاعتمد على الأرض
" . أخرجه الإمام الشفاعي في " الأم " ( 1 / 101 ) و النسائي ( 1 / 173 ) و
البيهقي ( 2 / 124 - 135 ) بإسناد صحيح على شرط الشيخين ، و قد أخرجه البخاري (
2 / 241 ) من طريق أخرى عن أبي قلابة نحوه . ففيه دلالة صريحة على أن السنة في
القيام إلى الركعة الثانية إنما هو الاعتماد ، أي باليد ، لأنه افتعال من
العماد ، و المراد به الإتكاء و هو باليد كما في " الفتح " قال : " و روى عبد
الرزاق عن ابن عمر أنه كان يقوم إذا رفع رأسه من السجدة معتمدا على يديه قبل أن
يرفعهما " ، قلت : و فيه عنده ( 2964 ، 2969 ) العمري و هو ضعيف ، لكن الاعتماد
فيه شاهد قوي سأذكره بإذن الله تحت الحديث الآتي برقم ( 967 ) . فقد ثبت مما
تقدم أن السنة الصحيحة إنما هو الاعتماد على اليدين في الهوي إلى السجود و في
القيام منه ، خلافا لما دلت عليه هذه الأحاديث الضعيفة ، فكان ذلك دليلا آخر
على ضعفها .

-----------------------------------------------------------
[1] وقع في " الموارد " " إسرائيل " بدل " شريك " ، و هو خطأ من الناسخ و ليس
من الطابع ، فقد رجعت إلى الأصل المخطوط في المكتبة المحمودية في المدينة
المنورة فرأيته في ( ق 35 / 1 ) : " إسرائيل " كما في المطبوعة عنه . فتنبه .
[2] " صحيح أبي داود " ( 714 - 718 )
[3] " ضعيف أبي داود " ( 121 ) .
[4] المصدر نفسه ( 151 ) . اهـ .

(2/426)


929 - " لا يشربن أحد منكم قائما ، فمن نسي فليستقىء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 326 ) :
منكر بهذا اللفظ . أخرجه مسلم في " صحيحه " ( 6 / 110 - 111 ) من طريق عمر
بن حمزة : أخبرني أبو غطفان المري أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و عمر هذا و إن احتج به مسلم فقد ضعفه
الإمام أحمد و ابن معين و النسائي و غيرهم ، و لذلك أورده الذهبي في " الميزان
" و ذكره في " الضعفاء " و قال : " ضعفه ابن معين لنكارة حديثه " . و قال
الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " . قلت : و قد صح النهي عن الشرب قائما في غير
ما حديث ، عن غير واحد من الصحابة ، و منهم أبو هريرة ، لكن بغير هذا اللفظ ، و
فيه الأمر بالاستقاء ، لكن ليس فيه ذكر النسيان ، فهذا هو المستنكر من الحديث
، و إلا فسائره محفوظ . و لذلك أوردته في " الأحاديث الصحيحة " تحت رقم ( 177 )
.

(2/427)


929 - " من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها ، فعل به كذا و كذا من النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 332 ) :
ضعيف . رواه أبو داود ( 249 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 35 / 2 ) و
عنه ابن ماجه ( 599 ) و الدارمي ( 1 / 192 ) و البيهقي ( 1 / 175 ) و أحمد ( 1
/ 94 و 101 ) و ابنه في " زوائده عليه " ( 1 / 133 ) من طرق عن حماد بن سلمة
: حدثنا عطاء بن السائب عن زاذان عن علي بن أبي طالب مرفوعا به . قال علي
: فمن ثم عاديت شعري ، و كان يجزه . قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 52 ) : " و
إسناده صحيح ، فإنه من رواية عطاء بن السائب و قد سمع منه حماد بن سلمة قبل
الاختلاط ، لكن قيل : إن الصواب وقفه على علي " . و قال الشوكاني في " نيل
الأوطار " ( 1 / 239 ) عقب كلام الحافظ هذا : " و قال النووي ، ضعيف ، و عطاء
قد ضعفه ، قبل اختلاطه ، و لحماد أوهام ، و في إسناده أيضا زاذان و فيه خلاف "
. و قال الصنعاني في " سبل السلام " ( 1 / 127 ) مستدركا على الحافظ : " و لكن
قال ابن كثير في " الإرشاد " : إن حديث علي هذا من رواية عطاء بن السائب و هو
سيء الحفظ ، و قال النووي : إنه حديث ضعيف " . قلت : و سبب اختلاف الأئمة في
تصحيحه و تضعيفه أن عطاء بن السائب اختلط في آخر عمره ، فمن روى عنه قبل
اختلاطه فروايته عنه صحيحة ، و من روى عنه بعد اختلاطه فروايته عنه ضعيفة ، و
حديث علي هذا اختلفوا هل رواه قبل الاختلاط أو بعده ، فلذا اختلفوا في تصحيحه و
تضعيفه ، و الحق الوقف على تصحيحه و تضعيفه حتى يتبين الحال فيه " . قلت : و
هذا هو الصواب بلا ريب كما يأتي بيانه . و يتلخص مما تقدم أن الحديث أعل بأربع
علل : الأولى : الخلاف في زاذان . الثانية : أن حماد له أوهاما . الثالثة : أن
عطاء بن السائب ضعف مطلقا ، بعد الاختلاط و قبله . الرابعة : أنه صحيح الرواية
قبل الاختلاط ، و لكن لا يدرى هل روى هذا الحديث قبل الاختلاط أم بعده . و إذ
الأمر كذلك ، فلابد من تحقيق القول في هذه العلل كلها ، و النظر إليها من زاوية
علم الحديث و مصطلحه ، و تراجم رواته ، و وزنها بميزانها الذي هو القسطاس
المستقيم ، فأقول : 1 - هذا الخلاف لا يضر في زاذان فقد وثقه الجمهور من الأئمة
الفحول ، الذين عليهم العمدة في باب الجرح و التعديل ، و حسبك منهم يحيى بن
معين ، فقد قال فيه : " ثقة لا يسأل عن مثله " . و وثقه أيضا أبو سعد و ابن عدي
و العجلي و الخطيب ، و كذا ابن حبان ، و لكنه قال : " كان يخطىء كثيرا " ! قلت
: و هذا من أفراده و تناقضه ، إذ لو كان يخطىء كثيرا لم يكن ثقة ! و لعل قول
ابن حبان هذا هو عمدة قول الحاكم أبي أحمد فيه : " ليس بالمتين عندهم " . و لا
نعلم أحدا تكلم فيه غير هذين ، و هو كلام مردود لأنه غير مدعم بالدليل ، مع
مخالفته لتوثيق من سمينا من الأئمة ، و بالإضافة إلى ذلك فقد احتج به مسلم ، و
أشار الذهبي في أول ترجمته إلى أن حديثه صحيح ، و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق " . 2 - و هذا التعليل واه كالذي قبله ، فإن حماد بن سلمة إمام من أئمة
المسلمين ثقة حجة ما في ذلك شك و لا ريب ، و لا يخرجه من ذلك أن له أوهاما ، و
إلا فمن الذي ليس له أوهام ؟ ! و لو كان الراوي الثقة يرد حديثه لمجرد أوهام له
، لما سلم لنا إلا القليل من جماهير الثقات من رجال الصحيحين فضلا عن غيرهما .
و لذلك جرى علماء الحديث سلفا و خلفا - و منهم النووي - على الاحتجاج بحديث
حماد بن سلمة إلا إذا ثبت وهمه ، و هيهات أن يثبت هنا ، على أنه قد روي له
متابع ، و إن كان السند بذلك واهيا كما يأتي . 3 - إن هذا التضعيف لا حجة عليه
، فإن المعروف عند الأئمة أن عطاء بن السائب ثقة في نفسه ، لم يصرح أحد منهم
بتضعيفه مطلقا ، و إنما وصفوه بأنه اختلط في آخر عمره ، فمن عرف من الرواة عنه
أنه سمع منه قبل الاختلاط فحديثه عنه صحيح ، و إلا فلا ، أنظر " تهذيب التهذيب
" و غيره . 4 - و هذا التعليل أو الإعلال - كما هو الأصح - هو الذي يمكن التمسك
به في تضعيف هذا الحديث ، فإنه ليس لدينا ما يصح أن يعتمد عليه في ترجيح أنه
حدث به قبل الاختلاط ، و جزم الحافظ ابن حجر رحمه الله بأن حماد بن سلمة قد سمع
منه قبل الاختلاط ، لا يصح أن يكون مرجحا ، ذلك لأن حمادا هذا قد سمع منه بعد
الاختلاط أيضا ، كما ذكر ذلك الحافظ نفسه في " التهذيب " ، فقد قال في آخر
ترجمة عطاء بعد أن نقل أقوال العلماء في اختلاطه و فيمن روى عنه في هذه الحالة
و قبلها : " فيحصل لنا من مجموع كلامهم أن سفيان الثوري و شعبة و زهير و زائدة
و حماد بن زيد و أيوب عنه صحيح ، و من عداهم يتوقف فيهم ، إلا حماد بن سلمة
فاختلف قولهم ، و الظاهر أنه سمع منه مرتين ، يعني قبل الاختلاط و بعده " . و
قال قبيل ذلك : " فاستفدنا من هذه القصة أن رواية وهيب و حماد ( يعني ابن سلمة
) و أبي عوانة عنه في جملة ما يدخل في الاختلاط " . قلت : و هذا تحقيق دقيق يجب
أن لا ينساه - كما وقع للحافظ نفسه - من يريد أن يكون من أهل التحقيق ، و لازم
ذلك أن لا يصحح حديث حماد بن سلمة عن عطاء لاحتمال أن يكون سمعه منه في حالة
الاختلاط ، فلقد أصاب الصنعاني كبد الحقيقة حين قال بعدما تقدم نقله عنه : " و
الحق الوقف عن تصحيحه و تضعيفه حتى يتبين الحال فيه " . نعم لو صح ما أشرنا
إليه من المتابعة لصح الحديث ، و لكن هيهات ! فقال أبو الحسن أحمد بن محمد بن
عمران المعروف بـ ( ابن الجندي ) في " الفوائد الحسان الغرائب " ( 8 / 1 ) :
حدثنا علي بن محمد بن عبيد : أخبرنا عيسى بن جعفر الوراق قال : أنبأنا عفان ،
قال : أنبأنا شعبة و حماد ، أو قال : شعبة و حماد حدثانا عن عطاء بن السائب به
. قلت : و هذا سند ظاهره الصحة ، فإن رجاله من شيخ الجندي فمن فوقه كلهم ثقات
من رجال الصحيح غير عيسى بن جعفر الوراق فإنه صدوق و له ترجمة في " تاريخ بغداد
" ( 11 / 168 - 169 ) ، و علي بن محمد بن عبيد ثقة حافظ ترجمه الخطيب أيضا
ترجمة طيبة ( 12 / 73 - 74 ) و لكن علة الحديث من صاحب " الفوائد " و هو ابن
الجندي ، فقد ترجمه الخطيب بقوله ( 5 / 77 ) : " كان يضعف في روايته ، و يطعن
عليه في مذهبه ، سألت الأزهري عنه ؟ فقال : ليس بشيء " . و قال الحافظ في "
اللسان " : " و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " في فضل علي حديثا بسند ،
رجاله ثقات إلا الجندي : فقال : هذا موضوع ، و لا يتعدى الجندي " <1> . قلت : و
مما يؤيد ضعف هذا الرجل ، أنه روى الحديث عن طريق عفان - و هو ابن مسلم - عن
شعبة ، و قد رواه الإمام أحمد عن عفان - و هو شيخه فيه - فلم يذكر شعبة فيه ! و
كذلك رواه البيهقي من طريق أخرى عن عفان ، و كذلك رواه الآخرون عن غير عفان و
هم جماعة عن حماد وحده ، فدل ذلك على أن ذكر شعبة في هذا السند منكر ، تفرد به
ابن الجندي هذا ، و لولا ذلك لكانت متابعة قوية من شعبة لحماد ، و لصح بذلك
الحديث ، و لكن هيهات هيهات !! و قد ثبت في غير ما حديث صحيح أنه لا يجب على
المرأة أن تنقض شعرها في غسل الجنابة ، فالرجل مثلها إن كان له شعر مضفور كما
هو معروف من عادة بعض العرب قديما ، و اليوم أيضا عند بعض القبائل . و أما في
الحيض فيجب نقضه ، هذا هو الأرجح الذي تقتضيه الأحاديث الواردة في هذا الباب
، فانظر " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( رقم 188 ) ، و ما يأتي تحت الحديث ( 937
) .
-----------------------------------------------------------
[1] " الموضوعات " لابن الجوزي ( 1 / 368 - 379 ) . اهـ .

(2/428)


930 - " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم ، و الناس يمرون
بين يديه ، ليس بينه و بين الكعبة سترة . ( و في رواية ) : طاف بالبيت سبعا ،
ثم صلى ركعتين بحذائه في حاشية المقام ، و ليس بينه و بين الطواف أحد " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 326 ) :
ضعيف . أخرجه أحمد ( 6 / 399 ) و السياق له و عنه أبو داود ( 1 / 315 ) و
الأزرقي في " أخبار مكة " ( ص 305 ) و البيهقي في " سننه الكبرى " ( 1 / 273 )
عن سفيان بن عيينة قال : حدثنا كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة سمع بعض
أهله يحدث عن جده به . قلت و هذا سند ضعيف لجهالة الواسطة بين كثير و جده . و
فيه علة أخرى و هي الاختلاف في إسناده ، فقد رواه سفيان مرة عن كثير ، هكذا ، و
قال مرة أخرى : حدثني كثير بن كثير عمن سمع جده ، و قال سفيان : و كان ابن جريج
أنبأ عنه قال : حدثنا كثير عن أبيه فسألته ؟ فقال : ليس من أبي سمعته و لكن من
بعض أهلي عن جدي ! قلت : و رواية ابن جريج أخرجها النسائي ( 1 / 123 و 2 / 40
) و ابن ماجه ( 4958 ) و هي الرواية الثانية و هي رواية لأحمد و ابن حبان ( 415
- موارد ) و كذا البيهقي و قال : " و قد قيل عن ابن جريج عن كثير عن أبيه قال :
حدثني أعيان بني المطلب عن المطلب ، و رواية ابن عيينة أحفظ " . قلت : و يحتمل
عندي أن يكون الاختلاف من نفس كثير بن كثير ، بل لعل هذا أولى من نسبة الوهم
إلى ابن جريج لأن كثيرا ينزل عن ابن جريج في العدالة و الضبط كثيرا ! و مما
يؤيد الاحتمال المذكور أنه قد تابع ابن جريج زهير بن محمد العنبري عند ابن حبان
( 414 ) . و أي الأمرين كان فالحديث ضعيف لجهالة الواسطة كما سبق . ثم رأيت
الحديث في " فوائد محمد بن بشر الزبيري " ( 28 / 1 ) من طريق سالم بن عبد الله
، رجل من أهل البصرة عن كثير بن كثير أن المطلب بن أبي وداعة رأى النبي صلى
الله عليه وسلم خرج من الكعبة و قام بحيال الركن الأسود فصلى ركعتين ، و الناس
يمرون بين يديه : النساء و الرجال " . فهذا اختلاف آخر يؤكد ضعف الحديث . و إذا
عرفت ذلك فقد استدل بعضهم بالحديث على جواز المرور بين يدي المصلي في مسجد مكة
خاصة ، و بعضهم أطلق ، و من تراجم النسائي للحديث " باب الرخصة في ذلك " يعني
المرور بين يدي المصلي و سترته ، و لا يخفى عليك فساد هذا الاستدلال ، و ذلك
لوجوه : الأول : ضعف الحديث . الثاني : مخالفته لعموم الأحاديث التي توجب على
المصلي أن يصلي إلى سترة و هي معروفة ، و كذا الأحاديث التي تنهى عن المرور
كقوله صلى الله عليه وسلم : " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن
يقف أربعين خيرا من أن يمر بين يديه " . رواه البخاري و مسلم و هو مخرج في
" صحيح أبي داود " ( 698 ) . الثالث : أن الحديث ليس فيه التصريح بأن الناس
كانوا يمرون بينه صلى الله عليه وسلم و بين موضع سجوده ، فإن هذا هو المقصود من
المرور المنهي عنه على الراجح من أقوال العلماء . و لذلك قال السندي في
" حاشيته على النسائي " : " ظاهره أنه لا حاجة إلى السترة في مكة . و به قيل ،
و من لا يقول به ، يحمله على أن الطائفين كانوا يمرون وراء موضع السجود ، أو
وراء ما يقع فيه نظر الخاشع " . و لقد لمست أثر هذا الحديث الضعيف في مكة حينما
حججت لأول مرة سنة ( 1369 ) ، فقد دخلتها ليلا فطفت سبعا ، ثم جئت المقام ،
فافتتحت الصلاة ، فما كدت أشرع فيها حتى وجدت نفسي في جهاد مستمر مع المارة
بيني و بين موضع سجودي ، فما أكاد أنتهي من صد أحدهم عملا بأمره صلى الله عليه
وسلم حتى يأتي آخر " فأصده و هكذا !! و لقد اغتاظ أحدهم من صدي هذا فوقف قريبا
مني حتى انتهيت من الصلاة ، ثم أقبل علي منكرا ، فلما احتججت عليه بالأحاديث
الواردة في النهي عن المرور ، و الآمرة بدفع المار ، أجاب بأن مكة مستثناة من
ذلك ، فرددت عليه ، و اشتد النزاع بيني و بينه ، فطلبت الرجوع في حله إلى أهل
العلم ، فلما اتصلنا بهم إذا هم مختلفون ! و احتج بعضهم بهذا الحديث ، فطلبت
إثبات صحته فلم يستطيعوا ، فكان ذلك من أسباب تخريج هذا الحديث ، و بيان علته
. فتأمل فيما ذكرته يتبين لك خطر الأحاديث الضعيفة و أثرها السيئ في الأمة . ثم
وقفت بعد ذلك على بعض الآثار الصحيحة عن غير واحد تؤيد ما دلت عليه الأحاديث
الصحيحة ، و أنها تشمل المرور في مسجد مكة ، فإليك ما تيسر لي الوقوف عليه منها
: 1 - عن صالح بن كيسان قال : رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة و لا يدع أحدا يمر
بين يديه ، رواه أبو زرعة في " تاريخ دمشق " ( 91 / 1 ) و ابن عساكر ( 8 / 106
/ 2 ) بسند صحيح . 2 - عن يحيى بن أبي كثير قال : رأيت أنس بن مالك دخل المسجد
الحرام ، فركز شيئا ، أو هيأ شيئا يصلي إليه . رواه ابن سعد في " الطبقات " ( 7
/ 18 ) بسند صحيح . ( تنبيه على وهم نبيه ) : اعلم أن لفظ رواية ابن ماجه لهذا
الحديث : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذي
بالركن ، فصلى ركعتين .... " . و قد ذكر العلامة ابن الهمام في " فتح القدير "
هذه الرواية ، لكن تحرف عليه قوله " سبعه " إلى " سعيه " ! فاستدل به على
استحباب صلاة ركعتين بعد السعي ، و هي بدعة محدثة لا أصل لها في السنة كما نبه
على ذلك غير واحد من الأئمة كأبي شامة و غيره كما ذكرته في ذيل " حجة النبي صلى
الله عليه وسلم " الطبعة الثانية ، و كذلك في رسالتي الجديدة " مناسك الحج و
العمرة في الكتاب و السنة و آثار السلف " فقرة ( 69 ) .

(2/429)


931 - " ما رفع أحد صوته بغناء ، إلا بعث الله عز وجل إليه شيطانين يجلسان على منكبيه
يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 335 ) :
ضعيف جدا . رواه ابن أبي الدنيا في " ذم الملاهي " ( 165 / 1 ) عن عبيد
الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا . قلت : و هذا
سند ضعيف جدا ، علته علي بن يزيد و هو الآلهاني أبو عبيد الله بن زحر . أما
الآلهاني ، فقال البخاري : " منكر الحديث " . و قال النسائي : " ليس بثقة " . و
قال أبو زرعة : " ليس بالقوي " . و قال الدارقطني : " متروك " . و أما ابن زحر
، فقال أبو مسهر : " صاحب كل معضلة ، و إن ذلك على حديثه لبين " . و قال ابن
المديني : " منكر الحديث " . و قال ابن حبان ( 2 / 63 ) : " يروي الموضوعات على
الأثبات ، و إذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات ، و إذا اجتمع في إسناد خبر
عبيد الله ، و علي بن يزيد و القاسم أبو عبد الرحمن لم يكن ذلك الخبر إلا مما
عملته أيديهم " ! قلت : القاسم أبو عبد الرحمن خير منهما ، و ليس هو محلا
للتهمة إن شاء الله تعالى ، بل الراجح فيه عند المحققين أنه حسن الحديث ،
فالعلة في هذا الحديث ممن دونه . و الله أعلم . و الحديث عزاه الحافظ العراقي
في " تخريج الإحياء " ( 6 / 165 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية ) للطبراني
أيضا في " الكبير " و قال : " و هو ضعيف " . و قال تلميذه الهيثمي في " مجمع
الزوائد " ( 8 / 119 - 120 ) : " رواه الطبراني بأسانيد ، و رجال أحدها وثقوا و
ضعفوا " ! كذا قال ، و كأنه يشير بذلك إلى رجال هذا الإسناد ، و هو واه جدا كما
بينا . و الله أعلم .

(2/430)


932 - " من أفطر ( يعني في السفر ) فرخصة ، و من صام فالصوم أفضل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 336 ) :

ضعيف شاذ . رواه أبو حفص الكناني في " الأمالي " ( 1 / 10 / 1 ) : حدثنا
محمد بن هارون الحضرمي : حدثنا أبو هاشم زياد بن أيوب : حدثنا معاوية الضرير :
أخبرنا عاصم الأحول عن أنس بن مالك قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن الصوم في السفر ؟ قال : فقال : فذكره . قلت : و هذا سند رجاله كلهم
ثقات على شرط البخاري ، غير الحضرمي ، و هو ثقة كما قال الدارقطني و غيره ، و
له ترجمة جيدة في " تاريخ بغداد " ، فظاهر الإسناد الصحة ، و قد اغتررت به برهة
يسيرة من الزمن ، ثم بدا لي أنه معلول بالوقف ، فقد قال ابن أبي شيبة في
" المصنف " ( 2 / 149 / 2 ) : حدثنا أبو معاوية و مروان بن معاوية عن عاصم قال
: سئل أنس عن الصوم في السفر ؟ فقال : فذكره بالحرف الواحد هكذا موقوفا على أنس
. قلت : و هذا هو الصواب ، لأن أبا معاوية - و اسمه محمد بن حازم - و إن كان
ثقة و أحفظ الناس لحديث الأعمش ، فهو قد يهم في حديث غيره كما قال الحافظ في "
التقريب " ، فمثله يحتج به إذا لم يخالف ، أو لم يختلف عليه كما وقع في هذا
الإسناد ، فأبو هاشم زياد بن أيوب رفعه ، و ابن أبي شيبة أوقفه ، و لابد من
مرجح ، و هو أعني ابن أبي شيبة قد قرن مع أبي معاوية مروان بن معاوية و هو ثقة
حافظ كما في " التقريب " فأوقفه أيضا ، و لم يختلف عليه فيه ، فروايته أولى ،
لاسيما مع موافقة إحدى الروايتين عن أبي معاوية له ، و هذا ظاهر لا يخفى إن شاء
الله تعالى . و مما يرجح أن الحديث موقوف على أنس و ليس بمرفوع ، ما روى ابن
أبي شيبة أيضا : قال مروان بن معاوية : عن عاصم عن ابن سيرين قال : كان عثمان
بن أبي العاص يقول في ذلك مثل قول أنس بن مالك . قلت : و هذا سند صحيح أيضا
موقوفا . فتبين أن الصواب في هذا الحديث الوقف ، و أنه شاذ مرفوعا ، و لعل هذا
هو السر في عدم وروده في شيء من كتب " السنن " و " المسانيد " و غيرها ، ككتب
التخريجات ، مثل " نصب الراية " للزيلعي ، و " تلخيص الحبير " للعسقلاني ، و
نحوها . و قد اختلف العلماء ، في صوم رمضان في السفر على أقوال معروفة ، و لا
شك أن الإفطار فيه رخصة ، و الأخذ بها أحب إلينا إذا كان المفطر لا يتحرج من
القضاء ، و إلا فالأحب لدينا حينئذ الصيام ، و الله أعلم . و من شاء التوسع في
هذه المسألة فليراجع " نيل الأوطار " ، أو غيره من كتب أهل العلم و التحقيق .

(2/431)


933 - " سارعوا إلى تعليم العلم و السنة و القرآن ، و اقتبسوهن من صادق ، من قبل أن
يخرج أقوام في أمتي من بعدي يدعونكم إلى تأسيس البدعة و الضلالة ، فوالذي نفسي
بيده لباب من العلم من صادق خير لكم من الذهب و الفضة تنفقونها في سبيل الله
تعالى بغير هدى من الله ، من مشى في تعليم العلم و السنة و القرآن فعمل بما أمر
الله و سن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا عمل بذلك فله بكل خطوة يخطوها
حسنة ، و تحط عنه سيئة ، و ترفع له درجة في الجنة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 337 ) :

موضوع . رواه الخطيب في " تلخيص المتشابه " ( 2 / 51 / 2 ) عن محمد بن
عبيدة المروزى : حدثنا حسان بن إبراهيم : حدثنا سعيد بن مسروق الثوري : حدثنا
يزيد بن حيان : حدثنا زيد بن أرقم قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : فذكره
مرفوعا . قلت : و هذا حديث موضوع ، و لوائح الوضع عليه ظاهرة ، و آفته محمد بن
عبيدة المروزي . قال الذهبي : " قال ابن ماكولا : صاحب مناكير " . و أورد قبله
" محمد بن عبيدة عن ( بياض في الأصل ) وضع أحاديث ، قاله أبو سعيد النقاش " .
قال الحافظ في " اللسان " : " و أنا أظنه الذي بعده " . قلت : يعني المروزي
المذكور . و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " و " الكبير " من رواية
الرافعي في " تاريخه " عن جابر بلفظ : " سارعوا في طلب العلم ، فالحديث من صادق
خير من الدنيا و ما عليها من ذهب و فضة " . قلت : و سكت عليه المناوي .

(2/432)


934 - " لا تبل قائما " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 337 ) :
ضعيف . رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 135 ) عن هشام بن يوسف عن ابن جريج عن
نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و
هذا سند ظاهره الصحة ، فإن رجاله ثقات ، لكنه معلول بعنعنة ابن جريج فإنه كان
مدلسا ، و قد تبين أنه تلقاه عن بعض الضعفاء ، فقال الترمذي في " سننه " ( 1 /
17 ) : " و حديث عمر إنما روي من حديث عبد الكريم بن أبي المخارق عن نافع عن
ابن عمر عن عمر قال : رآني النبي صلى الله عليه وسلم و أنا أبول قائما فقال
: " يا عمر لا تبل قائما " . فما بلت قائما بعده " . قال الترمذي : " و إنما
رفع هذا الحديث عبد الكريم بن أبي المخارق و هو ضعيف عند أهل الحديث ، ضعفه أبو
أيوب السختياني " . قلت : و قد أخرجه ابن ماجه ( 1 / 130 ) و تمام في " الفوائد
" ( ق 123 / 2 ) و البيهقي في " السنن الكبرى " ( 1 / 102 ) عن عبد الرزاق
حدثنا ابن جريج عن عبد الكريم أبي أمية به . و عبد الكريم أبو أمية هو ابن أبي
المخارق ، قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 23 / 2 ) : خبر عبيد الله بن عمر
العمري الثقة المأمون المجمع على تثبته ، و لا يغتر بتصحيح ابن حبان هذا الخبر
، فإنه قال بعده : أخاف أن يكون ابن جريج لم يسمعه من نافع . و قد صح ظنه ، فإن
ابن جريج إنما سمعه من ابن المخارق كما ثبت من رواية ابن ماجه و الحاكم في "
المستدرك " ، و اعتذر عن تخريجه بأنه إنما أخرجه في المتابعات ، و حديث عبيد
الله العمري أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه و البزار في مسنده " . قلت : و
لم أعرف حديث عبيد الله الذي أشار إليه ، و " المصنف " لا أطوله الآن ، فإني
أكتب هذا و أنا في المدينة المنورة ، و هو في المكتبة الظاهرية بدمشق ، لكن
الظاهر أنه يعني مثل حديث عبد الله بن دينار أنه رأى عبد الله بن عمر بال قائما
. أخرجه البيهقي ( 1 / 102 ) و قال : " و هذا يضعف حديث عبد الكريم ، و قد
روينا البول قائما عن عمر و علي و سهل بن سعد و أنس بن مالك " . و إذا عرفت ضعف
الحديث فلا شيء في البول قائما إذا أمن الرشاش ، و قد قال الحافظ في " الفتح "
: " و لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عنه شيء " . ثم وقفت على
حديث عبيد الله العمري في " مصنف ابن أبي شيبة " ( 1 / 124 - طبع الهند ) و
" مسند البزار " ( ص 31 - زوائده ) ، فإذا هو لا يعارض حديث الترجمة - كما ادعى
البوصيري - فإنه رواه عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال : " ما بلت قائما منذ
أسلمت " . و إسناده صحيح . فالأولى المعارضة بأثر عبد الله بن دينار المتقدم عن
ابن عمر ، على اعتبار أنه هو الذي روى الحديث عنه كما هو ظاهر ، ثم بما روى ابن
أبي شيبة أيضا قبيل الموضع المشار إلى صفحته آنفا من طريق أخرى عن زيد قال
: " رأيت عمر بال قائما " . و زيد هو ابن وهب الكوفي و هو ثقة كسائر من دونه ،
فالإسناد صحيح أيضا ، و لعل هذا وقع من عمر رضي الله عنه بعد قوله المتقدم ، و
بعد ما تبين له أنه لا شيء في البول قائما .

(2/433)


935 - " خيار أمتي في كل قرن خمسمائة ، و الأبدال أربعون ، فلا الخمسمائة ينقصون ، و
لا الأربعون ، كلما مات رجل أبدل الله عز وجل من الخمسمائة مكانه ، و أدخل من
الأربعين مكانه ، قالوا : يا رسول الله ! دلنا على أعمالهم ، قال : يعفون عمن
ظلمهم ، و يحسنون إلى من أساء إليهم ، و يتواسون فيما آتاهم الله عز وجل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 339 ) :

موضوع . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 8 ) من طريق الطبراني ، و عنه
ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 151 ) : عن سعيد بن زيدون : حدثنا عبد الله
بن هارون الصوري : حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا .
قلت : و هذا سند مظلم ، سعيد بن أبي { زيدون } و عبد الله بن هارون لم أعرفهم ،
إلا أن الثاني منهما أورده الذهبي في " الميزان " و قال : " عن الأوزاعي لا
يعرف ، و الخبر كذب في أخلاق الأبدال " . قلت : و هو هذا ، و أقره الحافظ ابن
حجر في " اللسان " . و الحديث أورده السيوطي في الجامع الصغير " فأساء ، لاسيما
و قد وقع في بعض النسخ مرموزا له بالحسن ! و اغتر بذلك بعض المتأخرين <1> فقال
: " حديث حسن " ! و أما المناوي فقد تنبه لعلته ، فقال بعد نقل كلام الذهبي
السابق : " و من ثم حكم ابن الجوزي بوضعه ، و وافقه عليها المؤلف في " مختصر
الموضوعات " فأقره و لم يتعقبه " . و اعلم أن أحاديث الأبدال لا يصح منها شيء ،
و كلها معلولة ، و بعضها أشد ضعفا من بعض ، و أنا ذاكر لك بعضها ، و كاشف عن
عللها ، إن شاء الله تبارك و تعالى .

(2/434)


936 - " الأبدال في هذه الأمة ثلاثون ، مثل إبراهيم خليل الرحمن عز وجل ، كلما مات
رجل أبدل الله تبارك و تعالى مكانه رجلا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 340 ) :

منكر . رواه الإمام أحمد ( 5 / 322 ) و الهيثم بن كليب في " مسنده " ( 159
/ 1 - 2 ) و الخلال في " كرامات الأولياء " ( ق 1 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار
أصبهان " ( 1 / 180 ) و عنه ابن عساكر في " التاريخ " ( 1 / 67 / 2 ) عن الحسن
بن ذكوان عن عبد الواحد بن قيس عن عبادة بن الصامت مرفوعا ، و قال أحمد
عقبه : " هو حديث منكر " . قلت : و فيه علتان : الأولى : عبد الواحد بن قيس
، مختلف فيه ، فوثقه ابن معين في رواية و أبو زرعة . و قال ابن معين في رواية
أخرى : لم يكن بذاك و لا قريب ، و قال أبو حاتم : ليس بالقوي ، و كذا قال صالح
بن محمد البغدادي و زاد : " روى عن أبي هريرة و لم يسمع منه " . و قال الذهبي
: " لم يلق أبا هريرة ، إنما روايته عنه مرسلة ، إنما أدرك عروة و نافعا
" . قلت : فعلى هذا فهو لم يدرك عبادة بن الصامت ، فالسند مع ضعفه منقطع !
الثانية : الحسن بن ذكوان مختلف فيه أيضا ، و قد ضعفه الجمهور ، و قال أحمد :
" أحاديثه أباطيل " . و قال ابن معين : " كان صاحب أوابد " . و قال ابن حجر في
" التقريب " : " صدوق يخطىء و كان يدلس " . و رمز له بأنه من رجال البخاري .
قلت : و قد عنعن هنا . و مما تقدم تعلم ما في قول الهيثمي من الإيهام فقال في
" مجمع الزوائد " ( 10 / 62 ) و قلده السيوطي في " الحاوي " ( 2 / 461 ) رواه
أحمد و رجاله رجال الصحيح ، غير عبد الواحد بن قيس ، و قد وثقه العجلي و أبو
زرعة ، و ضعفه غيرهما " . و لم يذكر السيوطي : " و ضعفه غيرهما " ! فقد أوهم
شيئين : الأول : أن لا انقطاع بين عبد الواحد و عبادة و ليس كذلك كما بينا .
الثاني : أن الحسن بن ذكوان ثقة ، لوصفه إياه بأنه من رجال الصحيح ، و سكوته
عما قيل فيه من التضعيف ، و الوصف بالتدليس ! قلت : و بهذا التحقيق يتبين لك
خطأ قول السيوطي في " اللآلي " ( 2 / 332 ) : " و سنده حسن " ! و قول ابن عراق
( 2 / 307 - طبع مصر ) : " و سنده صحيح " ! و قد روي الحديث عن عبادة بلفظ آخر
و هو : " لا يزال في أمتي ثلاثون ، بهم تقوم الأرض ، و بهم تمطرون ، و بهم
تنصرون " . قلت : و هو ضعيف أيضا فيه من لا يعرف ، فقد قال الهيثمي ( 10 / 63 )
: " رواه الطبراني من طريق عمرو البزار عن عنبسة الخواص و كلاهما لم أعرفه ، و
بقية رجاله رجال الصحيح " . و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من
رواية الطبراني أيضا عن عبادة بلفظ : " الأبدال في أمتي ثلاثون ... " فلعل ما
نقلته عن " المجمع " محرف عنه . و قال الشارح المناوي : " قال المصنف : سنده
صحيح " ! و لم يتعقبه المناوي بشيء ! و كأنه لم يقف على كلام الهيثمي فيه ، و
لا على إسناد ، و قد ساق السيوطي في " الحاوي " ( 2 / 461 ) فقال : قال
الطبراني في " الكبير " : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثني محمد بن
الفرج : حدثنا زيد بن الحباب : أخبرني عمر البزار عن عبيسة الخواص عن قتادة عن
أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت .... فذكره بلفظ " الجامع الصغير "
. قلت : كذا في نقله : " عمر " بدون الواو ، " عبيسة " ، و لعل هذا الثاني
تحريف ، و أما الأول فمحتمل ، فإن في شيوخ زيد بن الحباب عن المزي في " تهذيبه
" ( 1 / 227 / 1 ) عمر بن عبد الله بن أبي خثعم اليمامي ، و عمرو بن عبد الله
بن وهب النخعي ، و عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعد بن يربوع المخزومي ، فإن
كان الأول - بدون الواو - فهو ضعيف جدا ، و إن كان أحد الآخرين فهو ثقة ، و لكن
لم يصفوا جميعا بـ ( البزار ) . فالله أعلم من هو منهم ، أو هو غيرهم و على كل
حال فتصحيح مثل هذا الإسناد لا وجه له مطلقا ، و لا أدري من أين نقل المناوي
تصحيح السيوطي له ، و هو مرموز له في بعض نسخ " الجامع " بالحسن ، و للذي قبله
بالصحة !! على أن رموز الجمع لا يوثق بها لأسباب ذكرتها في مقدمة كتابي " صحيح
الجامع الصغير " و ضعيف الجامع الصغير " ، و هو مطبوعان ، فليرجع إليهما من شاء
. و أخرج ابن عساكر في " التاريخ " ( 1 / 277 ) من طريق الطبراني و غيره عن
عمرو بن واقد عن يزيد بن أبي مالك عن شهر بن حوشب قال : " لما فتحت مصر سبوا
أهل الشام ، فأخرج عوف بن مالك رأسه من برنسه ثم قال : يا أهل مصر ! أنا عوف بن
مالك ، لا تسبوا أهل الشام فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فيهم
الأبدال و بهم ينصرون و بهم ترزقون " . قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، شهر بن
حوشب سيء الحفظ ، و عمرو بن واقد متروك كما في " التقريب " . و قال الهيثمي : "
رواه الطبراني " و فيه عمرو بن واقد ، و قد ضعفه جمهور الأئمة ، و وثقه محمد بن
المبارك الصوري ، و شهر اختلفوا فيه ، و بقية رجاله ثقات " . قلت : و روي
الحديث عن علي مرفوعا بلفظ آخر ، سيأتي تخريجه إن شاء الله برقم ( 2993 ) .

(2/435)


937 - " إذا اغتسلت المرأة من حيضها ، نقضت شعرها ، و غسلت بالخطمي و الأشنان ، و إذا
اغتسلت من الجنابة لم تنقض رأسها ، و لم تغسل بالخطمي و الأشنان " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 342 ) :
ضعيف . أخرجه الخطيب في " تلخيص المتشابه " ( 2 / 34 / 1 ) و البيهقي في
" السنن الكبرى " ( 1 / 182 ) من طريقين عن مسلم بن صبيح : حدثنا حماد بن سلمة
عن ثابت عن أنس مرفوعا . و من هذا الوجه رواه الدارقطني أيضا في " الأفراد
" كما في نصب الراية " ( 1 / 80 ) . و قال الخطيب : " قال علي بن عمر ( يعني
الدارقطني ) : هذا حديث غريب من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس ، تفرد به
مسلم بن صبيح عن حماد و لم نكتبه إلا من هذا الوجه " . قلت : و هو ضعيف لتفرد
ابن صبيح به ، و هو في عداد المجهولين ، فإني لم أجد من ترجمه ، و قد يشتبه
بمسلم بن صبيح الهمداني الذي أخرج له الستة ، و ليس به ، فإن هذا متأخر ، من
طبقة شيوخ الإمام أحمد ، و ذاك الهمداني تابعي يروي عن ابن عباس و غيره ، و هو
معروف ثقة ، و له ترجمة في " التهذيب " للحافظ ابن حجر ، و كان يحسن به أن يورد
بعده مسلم بن صبيح هذا المجهول تميزا له عن الذي قبله ، كما هي عادته في أمثاله
، و لكنه لم يفعل ، و الله أعلم ، ثم قد ميزه في " تبصير المنتبه " ( 3 / 833 )
و لم يذكره بعدالة أو جرح ، و قيده بضم الصاد المهملة . و قد أخرجه الضياء
المقدسي في " الأحاديث المختارة " ( ق 23 / 2 - مسند أنس ) من طريق الطبراني و
هذا في " المعجم الكبير " ( 1 / 37 / 2 ) قال حدثنا أحمد بن داود المكي : حدثنا
سلمة بن صبيح اليحمدي حدثنا حماد بن سلمة به . كذا سماه ابن داود " سلمة " بدل
مسلم " ، و ليس هو تصحيفا ، فقد قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 273 ) :
" رواه الطبراني في " الكبير " ، و فيه سلمة بن صبيح اليحمدي و لم أجد من ذكره
" . قلت : و لعل " سلمة " وهم من ابن داود فإني لا أعرفه أيضا ، و قد خالفه
عثمان بن خرزاذ و هو ثقة ، أخرجه الخطيب . و أيهما كان فالرجل مجهول لا يعرف ،
فهو علة الحديث ، و خفي هذا على الصنعاني فقال في " السبل " ( 1 / 138 ) بعد أن
عزاه لمن ذكرنا : " فهذا الحديث مع إخراج الضياء له ، و هو يشترط الصحة فيما
يخرجه ، يثمر الظن في العمل به " . قلت : و هذا مسلم بالنسبة لمن لم يقف على
إسناده ، و أما من وقف عليه فقد يختلف الحكم بالنسبة له ، و يرى خلاف ما ذهب
الضياء إليه ، و عول عليه ، كما هو الشأن في هذا الحديث ، و رواية مسلم بن صبيح
، و هو من الأدلة الكثيرة على أن الضياء رحمه الله متساهل في التصحيح كالحاكم
، و إن كان هو أحسن حالا منه كما شهد بذلك ابن تيمية رحمه الله . و الحديث سكت
عليه الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 1 / 217 ) فأوهم سلامته من العلة ، فاقتضى
التنويه بها ، و تحقيق الكلام على الحديث ، و الله سبحانه هو الموفق . و قد
استدل الصنعاني بالحديث على أن نقض الشعر من المرأة الحائض في غسلها ليس واجبا
عليها ، بل هو على الندب لذكر الخطمي و الأشنان فيه ، قال : " إذ لا قائل
بوجوبهما فهو قرينة على الندب " . قلت : و إذا عرفت ضعف الحديث فالاستدلال به
على ما ذكره الصنعاني غير صحيح ، لاسيما و قد ثبت من حديث عائشة أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال لها في الحيض : " انقضي شعرك و اغتسلي " . و لهذا كان أقرب
المذاهب إلى الصواب التفريق بين غسل الحيض فيجب فيه النقض ، و بين غسل الجنابة
فلا يجب ، كما بيت ذلك في الكلام على حديث عائشة هذا في " الأحاديث الصحيحة "
رقم ( 188 ) .

(2/436)


938 - " لا تضربوا إماءكم على كسر إنائكم ، فإن لها آجالا كآجال الناس " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 343 ) :
كذب . رواه أبو نعيم في " الحلية " (10 / 26 ) : حدثنا أبو دلف عبد العزيز
بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن دلف العجلي : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن
الدعاء : حدثنا جعفر بن عاصم : حدثنا أحمد بن أبي الحواري : حدثنا عباس بن
الوليد قال : حدثني علي بن المديني عن حماد بن زيد عن مالك بن دينار عن الحسن
عن كعب بن عجرة مرفوعا . قلت : و هذا سند واه جدا ، و فيه علل : أولا : أبو
دلف هذا ، أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 10 / 465 ) و لم يذكر فيه جرحا و
لا تعديلا . ثانيا : يعقوب بن عبد الرحمن الدعاء و هو أبو يوسف الجصاص ، قال
الخطيب ( 12 / 294 ) : " في حديثه وهم كثير ، قال أبو محمد بن غلام الزهري
: ليس بالمرضي ، مات سنة ( 331 ) " . ثالثا : جعفر بن عاصم لم أجد له ترجمة
. رابعا : عنعنة الحسن و هو البصري ، فقد كان يدلس . قلت : و بقية رجال الإسناد
ثقات معرفون مترجم لهم في " التهذيب " و عباس بن الوليد هو ابن مزيد أبو الفضل
البيروني مات سنة ( 270 ) ، و قد روى عنه جماعة ، و كتب عنه أحمد بن أبي
الحواري و هو أكبر منه ، توفي سنة ( 246 ) فهو من رواية الأكابر عن الصاغر
. هذا ما تبين لي فيه و أما المناوي فقال في هذا الحديث : " أورده في " الميزان
" في ترجمة العباس بن الوليد الشرقي ، و قال : ذكره الخطيب في " الملخص " <1>
فقال : روى عن ابن المديني حديثا منكرا ، رواه عنه أحمد بن أبي الحواري من حديث
كعب بن عجرة مرفوعا ، ثم ساق هذا بعينه " . قلت : و لم أجد هذا الترجمة في "
الميزان " للذهبي ، و لا في " الضعفاء " له ، و لا في " لسان الميزان " للحافظ
بن حجر ، فالله أعلم من أين وقع ذلك للمناوي . و الحديث أورده ابن أبي حاتم في
" العلل " ( 2 / 295 - 296 ) بسنده عن ابن أبي الزرقاء عن ميمون بن مهران قال :
فذكره موقوفا عليه و قال : " قال أبي هذه الحكاية كذب " . قلت : و فيه وهب بن
داود قال الخطيب : " لم يكن بثقة " . و فيه أيضا من لم أعرفه .
-----------------------------------------------------------
[1] كذا ، و لعل الصواب " التلخيص " . اهـ .

(2/437)


939 - " استاكوا و تنظفوا ، و أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 344 ) :
ضعيف . رواه ابن أبي شيبة ( 1 / 63 / 1 ) : وكيع قال : حدثنا سفيان عن موسى
بن أبي عائشة عن سليمان بن سعد مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف ، رجاله كلهم
ثقات غير سليمان بن سعد و هو تابعي مجهول ، أورده ابن أبي حاتم في " الجرح و
التعديل " ( 2 / 1 / 118 ) فقال : " روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مرسل
، روى عنه موسى بن أبي عائشة " . قلت : و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و قد
أخطأ بعض الضعفاء فسماه سليمان بن صرد ، و أسنده ، لأن ابن صرد هذا صحابي ! و
هو إسماعيل بن عمرو البجلي : فقال : حدثنا الحسن بن صالح عن موسى بن أبي عائشة
عن سليمان بن صرد مرفوعا به . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 59 / 2 -
زوائد المعجمين ) و قال : " لا يروى عن سليمان إلا بهذا الإسناد " . قلت : و هو
ضعيف لأن البجلي هذا ضعفه غير واحد كما قال الذهبي في " الضعفاء " . و قال
الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 2 / 240 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ، و
فيه إسماعيل بن عمرو البجلي ، ضعفه أبو حاتم و الدارقطني و ابن عدي ، و وثقه
ابن حبان و إذا عرفت الفرق بين رواية ابن أبي شيبة و الطبراني يتبن لك خطأ عزو
السيوطي في " الجامع " الحديث إلى المذكورين من رواية سليمان بن صرد ثم خطأ
رمزه له بالحسن ، و قد فات الأمر الأول على المناوي فلم يتنبه له ، أما الآخر ،
فقد تعقبه بقول الهيثمي الذي ذكرته ثم قال : " و به يعرف ما في رمز المصنف
لحسنه إلا أن يراد أنه حسن لغيره " . و هذا الكلام يشعر بأن المناوي لم يطلع
على سند الحديث عند ابن أبي شيبة فإنه عنده من غير طريق البجلي ، و لكن ذلك لا
يقوي حديثه بل يضعفه ، للمخالفة التي سبق بيانها .

(2/438)


940 - " " كان يستاك عرضا ، و لا يستاك طولا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 346 ) :
ضعيف جدا . رواه أبو نعيم في " كتاب السواك " من حديث عائشة مرفوعا .
قال الحافظ ( 23 ) : " و في إسناده عبد الله بن حكيم و هو متروك " . و قال ابن
حبان ( 2 / 27 ) : " كان يضع الحديث على الثقات ، و يروي عن مالك و الثوري و
مسعر ما ليس من أحاديثهم ".

(2/441)


940 - " إذا شربتم فاشربوا مصا ، و إذا استكتم فاستاكوا عرضا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 345 ) :
ضعيف . رواه البيهقي ( 1 / 40 ) من طريق أبي داود في " مراسيله " عن هيثم
عن محمد بن خالد القرشي عن عطاء بن أبي رباح قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم . قلت : و هذا سند ضعيف لإرساله ، و عنعنة هشيم ، فإنه مدلس ، و
جهالة القرشي هذا ، و من ثم رمز له السيوطي بالضعف ، فأصاب ، و تعقبه المناوي
بقوله فما أصاب : " رمز لضعفه اغترارا بقول ابن القطان : " فيه محمد بن خالد لا
يعرف " و فاته أن الحافظ ابن حجر رده على ابن القطان بأن محمد هذا وثقه ابن
معين و ابن حبان " . و هذا تعقب واه جاءه من التقليد و الاستسلام لرد الحافظ
ابن حجر دون تبصر ، و هو في كتابه " التلخيص " ( ص 23 ) كما نقله المناوي ، و
فاته أن الجواد قد يكبو ، فإن توثيق ابن معين المذكور مما لم يذكره أحد ، حتى و
لا الحافظ نفسه في " التهذيب " ، فأخشى أن يكون وهما منه ، و يؤيده أنه صرح في
" تقريب التهذيب " أن القرشي هذا " مجهول " فوافق في ذلك قول ابن القطان : " لا
يعرف " ، و كذلك قال الذهبي في " الميزان " فمع اتفاق هؤلاء على تجهيله ، هل
يعقل أن يكون توثيق ابن معين له ثابتا عنه ؟! ثم لو سلمنا جدلا ثبوت ذلك عنه ،
فهل يسلم السند من العلتين الأوليين : التدليس و الإرسال ؟! و بذلك يتبين أن لا
وجه لذلك التعقب على السيوطي ، بل هو من تعصب المناوي عليه ، عفا الله عنا و
عنهم . و روي في الاستياك عرضا حديثا آخر ، و هو بلفظ : " كان يستاك عرضا ، و
يشرب مصا ، و يقول : هو أهنأ و أمرأ و أبرأ " .

(2/439)


940 - " كان يستاك عرضا ، و يشرب مصا ، و يقول : هو أهنأ و أمرأ و أبرأ " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 345 ) :
ضعيف . رواه ابن حبان في " المجروحين " ( 1 / 199 ) و الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 1 / 123 / 1 - 2 ) و ابن شاهين في " الخامس من الأفراد " ( 31 - 32
) و البيهقي في " سننه " ( 1 / 40 ) و ابن عساكر ( 4 / 63 / 2 ) عن اليمان بن
عدي حدثنا ثبيت بن كثير الضبي عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن
بهز مرفوعا ، و قال ابن شاهين : " حديث غريب الإسناد ، حسن المتن ، و بهز لا
أعرف له نسبا و لا أعرف له غير هذا الحديث " . قلت : و علته ثبيت هذا و هو ضعيف
، كما قال الهيثمي ( 2 / 100 ) بعدما عزاه للطبراني وحده ، و تناقض فيه ابن
حبان ، فذكره في " الثقات " و ذكره في " الضعفاء " أيضا و قال : " منكر الحديث
على قلته ، لا يجوز الاحتجاج به " . و قال ابن عدي : " غير معروف " . و قال
الحافظ في " التلخيص " ( ص 23 ) : " و هو ضعيف ، و اليمان بن عدي أضعف منه
" . قلت : و قد تابعه ضعيف مثله إلا أنه خالفه في إسناده ، و هو علي بن ربيعة
القرشي المدني فقال : عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن ربيعة بن أكثم به ،
فجعل ربيعة هذا بدل " بهز " . أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 10 / 110
/ 2 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( 295 ) و البيهقي ، و قال العقيلي : " و لا
يصح ، علي بن ربيعة القرشي مجهول بالنقل ، حديثه غير محفوظ ، و لا يتابعه إلا
من هو دونه " . قلت : يشير إلى ثبيت بن كثير ، و القرشي هذا قال ابن أبي حاتم (
3 / 1 / 185 ) عن أبيه : هو مثل يزيد بن عياض في الضعف " . و يزيد هذا ضعيف
الحديث ، منكر الحديث عند أبي حاتم ، و غيره يكذبه ، و قال الحافظ في " التلخيص
" ( ص 23 ) بعدما عزاه للعقيلي و البيهقي : " إسناده ضعيف جدا " ثم ذكر
الاختلاف الذي ذكرته ، ثم قال ابن عبد البر : " ربيعة قتل بخيبر فلم يدركه سعيد
، و قال في " التمهيد " : لا يصحان من جهة الإسناد " . و لم يحرر المناوي القول
في هذين الطريقتين فظن أن أحدهما يقوي الآخر ، فصرح أن الحديث صار بذلك حسنا !
و في الباب حديث آخر ، و هو : " كان يستاك عرضا ، و لا يستاك طولا " .

(2/440)


943 - " كان يرفع يده إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 346 ) :
باطل موضوع . رواه البيهقي في " الخلافيات " من حديث محمد بن غالب حدثنا
محمد البرتي <1> حدثنا عبد الله بن عون الخراز <2> : حدثنا مالك عن الزهري عن
سالم عن ابن عمر مرفوعا . قلت : و هذا سند ظاهره الجودة ، و قد اغتر به بعض
الحنفية ، فقال الحافظ مغلطاي : " لا بأس بسنده " . و لا أدري كيف يقول ذلك مثل
هذا الحافظ مع اشتهار الحديث في " الصحيحين " و " السنن الأربعة " و " المسانيد
" عن مالك بإسناده المذكور عن ابن عمر برفع اليدين في الركوع أيضا ، لاسيما و
قد نبه على ذلك مخرجه البيهقي و شيخه الحاكم فقالا : " هذا باطل موضوع لا يجوز
أن يذكر إلى على سبيل التعجب و القدح فيه ، و قد روينا بالأسانيد الزاهرة عن
مالك خلاف هذا " . نقلت هذا و سند الحديث و قول مغلطاي من " ما تمس إليه الحاجة
لمن يطالع سنن ابن ماجه " للشيخ محمد عبد الرشيد النعماني ( ص 48 - 49 ) و هو
متعصب جدا للحنفية على أهل الحديث ، و لا يعبأ بقواعدهم العلمية ، و مما يدلك
على هذا تعقبه لقول الحافظين المذكورين و حكمهما على الحديث بالبطلان ، فقال :
" قلت : تضعيف الحديث لا يثبت بمجرد الحكم ، و إنما يثبت ببيان وجوه الطعن ، و
حديث ابن عمر هذا رجاله رجال الصحيح ، فما أرى له ضعفا بعد ذلك ، اللهم إلا أن
يكون الراوي عن مالك مطعونا ، لكن الأصل العدم ، فهذا الحديث عندي صحيح لا
محالة " ! قلت : هذا الكلام يدل على أحد شيئين : إما أن الرجل لا يعبأ بما هو
مقرر عند المحدثين من القواعد ، أو أنه جاهل بها ، و غالب الظن أنه الأول ،
فمثله مما لا أظن يبلغ به الجهل إلى أن لا يعلم تعريف الحديث الصحيح عندهم ، و
هو " ما رواه عدل ضابط عن مثله عن مثله إلى منتهاه و لا يكون شاذا و لا معلا "
، و إذا كان الأمر كذلك فقوله " .... لا يثبت بمجرد الحكم .... " جهل منه أو
تجاهل بشرط من شروط الحديث الصحيح ، و هو عدم الشذوذ و قد أشار الحاكم و
البيهقي إلى أن الحديث لم يسلم من الشذوذ و ذلك قولهما : " فقد روينا بالأسانيد
الزاهرة عن مالك خلاف هذا " . قلت : فالحاكم و البيهقي لم يحكما على الحديث
بالبطلان بمجرد الدعوى كما زعم النعماني ، بل قرنا ذلك بالدليل لمن يريد أن
يفهم ، و هو الشذوذ ، على أن هناك أدلة أخرى تؤيد الحكم المذكور على ما يأتي
بيانه إن شاء الله تعالى . و لو لم يكن ثمة دليل على بطلان الحديث إلا وروده في
كتاب الإمام مالك " الموطأ " ( 1 / 97 ) على خلاف هذا اللفظ لكفى ، فكيف و قد
رواه جمع كثير من المصنفين و الرواة عن مالك على خلافه ؟ فأخرجه البخاري ( 3 /
174 ) و أبو عوانة في " صحيحه ( 2 / 91 ) و النسائي ( 1 / 140 و 161 - 162 ) و
الدارمي ( 1 / 285 ) و الشافعي ( رقم 199 ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 /
131 ) و أحمد ( 4674 و 5279 ) من طرق كثيرة عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد
الله عن أبيه . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه
، إذا افتتح الصلاة ، و إذا كبر للركوع ، و إذا رفع رأسه من الركوع ، رفعهما
كذلك " . الحديث و السياق للبخاري عنه . و الواقع أن الحديث بهذا اللفظ المخالف
لهذا الحديث الباطل متواتر عن مالك رحمه الله ، فقد سرد ابن عبد البر أسماء من
رواه عن مالك من الرواة فجاء عددهم نحو الثلاثين ! و قد وافقه جماعة من الثقات
في روايته عن ابن شهاب به . أخرجه البخاري ( 2 / 175 و 176 ) و مسلم ( 2 / 6 و
7 ) و أبو عوانة ( 2 / 90 ) أبو داود ( 1 / 114 ) ) و الترمذي ( 2 / 35 ) و ابن
ماجه ( 1 / 281 ) و الطحاوي و الدارقطني ( ص 108 ) و كذا الشافعي ( 198 ) و
أحمد ( 5081 و 4540 و 6345 ) من طرق كثيرة عن ابن شهاب به . و تابع الزهري جابر
و هو الجعفي قال : " رأيت سالم بن عبد الله رفع يديه حذاء منكبيه في الصلاة
ثلاث مرات ، حين افتتح الصلاة ، و حين ركع ، و حين رفع رأسه ، قال جابر ! فسألت
سالما عن ذلك ؟ فقال سالم رأيت ابن عمر يفعل ذلك ، و قال ابن عمر رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك " . رواه الطحاوي و أحمد ( 5054 ) ، و الجعفي
ضعيف ، لكن سكت على الحديث الطحاوي و كأن ذلك لطرقه . و تابع سالما نافع مولى
ابن عمر : أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر و رفع يديه ، و إذا ركع رفع
يديه و إذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه ، و إذا قام من الركعتين رفع يديه ،
و رفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه البخاري في " صحيحه " (
2 / 176 ) و في " رفع اليدين " ( ص 14 ) و أبو داود ( 1 / 118 ) و البيهقي ( 2
/ 136 ) عن عبيد الله عنه ، و رواه مالك ( 1 / 98 - 99 ) عن نافع به دون قوله
" و إذا ركع رفع يديه " و دون الرفع عند القيام ، و من طريقه رواه الشافعي و
أبو داود و تابعه أيوب عن نافع به المرفوع فقط ، دون الرفع عند القيام . أخرجه
البخاري في " جزئه " ( 17 ) و البيهقي ( 2 / 24 و 70 ) و أحمد ( 5762 ) و تابعه
صالح بن كيسان عن نافع به أخرجه أحمد ( 6164 ) . و تابع سالما أيضا محارب بن
دثار قال : " رأيت ابن عمر يرفع يديه كلما ركع ، و كلما رفع رأسه من الركوع ،
قال : فقلت له : ما هذا ؟ قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم : إذا قام في
الركعتين كبر و رفع يديه " . أخرجه أحمد ( 6328 ) بإسناد صحيح . إذا عرف هذا
فهذه الروايات و الطرق الصحيحة عن ابن عمر رضي الله عنه تدل على بطلان هذا
الحديث من وجوه : الأول ما أشار إليه الحاكم و البيهقي من مخالفة راويه عن
مالك لجميع من رواه عنه من الثقات على خلاف هذا الحديث و إثبات الرفع الذي نفاه
، لاسيما و قد بلغ عددهم مبلغ التواتر كما سبق ، و مخالفة الفرد لأقل منهم
بكثير يجعل حديثه شاذ مردودا عند أهل العلم ، فكيف و هم جمع غفير ؟ ! الثاني :
أن مالكا رحمه الله لو كان عنده علم بهذا الحديث المنسوب إليه لرواه في كتابه
" الموطأ " و عمل به ، و كل من الأمرين منفي ، أما الأول ، فلما سبق بيانه أنه
روى فيه الحديث المخالف له بسنده هذا . و الآخر أنه عمل بخلافه ، و قال
بمشروعية الرفع بعد الرفع في تكبيرة الإحرام كما حكاه عنه الترمذي في " سننه "
( 2 / 37 ) و لم يحك عنه خلافه ، و نقل الخطابي و القرطبي أنه آخر قولي مالك و
أصححها كما في " الفتح " ( 2 / 174 ) . الثالث : أن ابن عمر رضي الله عنه كان
يحافظ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم : على الرفع المذكور كما سبق ذلك عنه
صريحا ، فلو كان هذا الحديث ثابتا عنه لما رفع و هو من أحرص أصحابه صلى الله
عليه وسلم على اتباعه كما هو معلوم ، كيف لا و قد صح عنه أنه كان إذا رأى رجلا
لا يرفع يديه إذا ركع و إذا رفع رماه بالحصى ! أخرجه البخاري في " رفع اليدين "
( ص 8 ) و عبد الله بن الإمام أحمد في " مسائله عن أبيه " و الدارقطني ( 108
) بسند صحيح عنه <3> . الرابع : أن الذي روى هذا الحديث عن ابن عمر إنما هو
سالم ابنه - فيما زعموا - و من الثابت عنه أنه كان يرفع يديه أيضا كما حكاه
الترمذي أيضا عنه ، و سبق ذلك في بعض الروايات عنه - فلو كان هذا الحديث مما
رواه عن أبيه حقا لم خالفه أصلا ، كما هو ظاهر . فدل ذلك كله على صحة قول
الحاكم و البيهقي في الحديث : إنه باطل ، و أن قول الشيخ النعماني : " فهذا
الحديث عندي صحيح لا محالة " محال ! و مما سبق تعلم بطلان قول الشيخ المذكور
عقب جملته المذكورة : " و غاية ما يقال فيه : أن ابن عمر رأى النبي صلى الله
عليه وسلم حينا يرفع ، فأخبر عن تلك الحالة ، و أحيانا لا يرفع ، و أخبر عن تلك
الحالة ، و ليس في كل من حديثه ما يفيد الدوام و الاستمرار على شيء معين منهما
، و لفظ : " كان " لا يفيد الدوام إلا على سبيل الغالب " . قلت : و هذا الجمع
بين الروايتين ، باطل أيضا ، لأن الشرط في الجمع إنما هو ثبوت الروايتين ، أما
و إحداهما صحيحة ، و الأخرى باطلة ، فلا يجوز الجمع حينئذ ، و كيف يعقل أن
الراوي الواحد يقول مرة : كان لا يرفع ، و أخرى : كان يرفع ، و لا يجمع هو نفسه
بينهما في عبارة واحدة و لو مرة واحدة ؟ هذا مما لا نعرف له مثيلا في شيء من
الأحاديث ! و إنما يقال مثل هذا الجمع في روايتين صحيحتين عن صحابيين مختلفين ،
مثل حديث ابن عمر هذا في الرفع و حديث ابن مسعود بمعنى هذا الحديث الباطل عن
ابن عمر . فإن قال قائل : قد عرفنا بطلان هذا الحديث من الوجوه السابقة ، فممن
العلة فيه ؟ هل هي من عبد الله بن عون الخراز الذي رواه عن مالك أم ممن دونه !
و الجواب : أنه ليس في إسناده من يمكن الظن بأن الخطأ منه غير محمد بن غالب ، و
هو الملقب بـ ( تمتام ) فإنه و إن كان الدارقطني وثقه ، فقد قال : " إلا أنه
يخطىء ، و كان وهم في أحاديث " . و قال ابن المناوي : " كتب عنه الناس ، ثم رغب
أكثرهم عنه لخصال شنيعة في الحديث و غيره " . فالظاهر أنه هو الذي أخطأ في هذا
الحديث ، فلعله من الأحاديث التي أشار إليها الدارقطني . و أما شيخه البرتي فهو
ثقة ثبت حجة كما قال الخطيب ( 5 / 61 ) ، و كذا شيخ هذا و هو الخراز ثقة من
رجال مسلم ، فانحصرت الشبهة في ( تمتام ) . و الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] الأصل " البراني " و الصواب ما أثبته و هو بكسر الباء الموحدة و سكون الراء
ثم مثناة فوقية نسبة إلى ( برت ) قرية بنواحي بغداد .
[2] الأصل " الخزار " و التصويب من " التقريب " .
[3] و أما ما رواه الطحاوي ( 1 / 133 ) من طريق بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد
قال صليت خلف ابن عمر فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة
، فهو شاذ أيضا للخلاف المعروف في أبي بكر بن عياش . اهـ .

(2/442)


944 - " نهى أن يبول الرجل و فرجه باد إلى الشمس و القمر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 350 ) :
باطل . رواه الحكيم الترمذي في " كتاب المناهي " عن عباد بن كثير عن عثمان
الأعرج عن الحسن : حدثني سبعة رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم :
أبو هريرة ، و جابر ، و عبد الله بن عمرو و عمران بن حصين و معقل بن يسار و عبد
الله بن عمر و أنس بن مالك يزيد بعضهم على بعض في الحديث أن النبي صلى الله
عليه وسلم نهى .... قلت : فذكر حديثا طويلا جدا في النواهي ، ساقه في " تنزيه
الشريعة " بتمامه في نحو خمس صفحات ! ( 2 / 397 - 401 ) ، و ذكر الحافظ ابن حجر
في كتابه " التلخيص " ( 37 ) قطعة من أوله ، هذا بعضه و قال : " و هو حديث باطل
لا أصل له ، بل هو من اختلاق عباد " . و تبعه السيوطي في " ذيل الأحاديث
الموضوعة " ( ص 199 ) ، ثم ابن عراق و قال : " و ذكر النووي في " شرحه على
المهذب " من هذا الحديث النهي عن استقبال الشمس و القمر ، و قال : حديث باطل لا
يعرف " . قلت : و من الغرائب أن يذكر هذا الحكم الوارد في هذا الحديث الباطل في
بعض كتب الحنابلة مثل " المقنع " لابن قدامة ( 1 / 25 - 26 ) و " منار السبيل
" لابن ضويان ( 1 / 19 ) ، و قال هذا معللا : " تكريما لهما " ! و في حاشية
الأول منهما : " لأنه روي أن معهما ملائكة ، و أن أسماء الله مكتوبة عليها
" ! قلت : و هذا التعليل مما لا أعرف له أصلا في السنة ، و كم كنت أود أن لا
يذكر مثل هذا الحكم و تعليله في مثل مذهب الإمام أحمد رحمه الله الذي هو أقرب
المذاهب إلى السنة ، و لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه ، فقد أصاب مذهبه من بعض
أتباعه نحو ما أصاب المذاهب الأخرى من الملحقات و البدعات . و لذلك كان لزاما
على جميع الأتباع الرجوع إلى السنة الصحيحة ، و هذا لا سبيل إليه إلا بدراسة
هذا العلم الشريف ، و لعلهم يفعلون . و مما يبطل هذا الحكم حديث أبي أيوب
الأنصاري مرفوعا : " لا تستقبلوا القبلة و لا تستدبروها بغائط أو بول و لكن
شرقوا أو غربوا " . أخرجه الشيخان و أصحاب السنن و غيرهم ، و هو مخرج في " صحيح
أبي داود " ( رقم 7 ) ، و ذلك أن قوله : " و لكن شرقوا أو غربوا " صريح في جواز
استقبال القمرين و استدبارهما إذ لابد أن يكونا في الشرق أو الغرب غالبا . و
يبطله أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : الشمس و القمر ثوران مكوران في النار يوم
القيامة " . أخرجه الطحاوي و البخاري مختصرا كما بينته في " الأحاديث الصحيحة "
( 123 ) . قلت : فهذا يبطل تعليل ابن ضويان ، فإن إلقاءهما في النار و إن لم
يكن تعذيبا لهما ، فليس من باب إكرامهما كما هو ظاهر لا يخفى !

(2/443)


945 - " كان يصلي بعد العصر ، و ينهى عنها ، و يواصل و ينهى عن الوصال " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 351 ) :
منكر . رواه أبو داود ( 1 / 201 ) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن عمرو عن
عطاء عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
.... الحديث . قلت : و هذا سند ضعيف رجاله ثقات كلهم ، لكن ابن إسحاق مدلس و قد
عنعنه ، و قد صح ما يعارض حديثه هذا ، و هو ما أخرجه أحمد ( 6 / 125 ) عن
المقدام بن شريح عن أبيه قال : " سألت عائشة عن الصلاة بعد العصر ؟ فقالت : صل
، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومك أهل اليمن عن الصلاة إذا طلعت
الشمس " . قلت : و سنده صحيح على شرط مسلم . و وجه المعارضة واضح منه ، و هو
قولها " صل " فلو كان عندها علم بالنهي الذى رواه ابن إسحاق عنها لما أفتت
بخلافه إن شاء الله تعالى ، بل لقد ثبت عنها أنها كانت تصلي بعد صلاة العصر
ركعتين ، أخرجه البخاري ( 3 / 82 ) و مسلم ( 2 / 210 ) . فهذا كله يدل على خطأ
حديث ابن إسحاق و نكارته . و هذا من جهة الصلاة ، و أما من حيث الوصال ، فالنهي
عنه صحيح ثابت في الصحيحين و غيرهما عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم . ثم إن الحديث يخالف من جهة ثانية حديث أم سلمة المشار إليه ، فإن فيه
: " فقالت أم سلمة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما ( تعني
الركعتين بعد العصر ) ثم رأيته يصليهما ، أما حين صلاهما فإنه صلى العصر ثم دخل
و عندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاهما ، فأرسلت إليه الجارية ، فقلت
: قومي بجنبه فقولي له : تقول أم سلمة : يا رسول الله إني أسمعك تنهى عن هاتين
الركعتين ، و أراك تصليهما ، فإن أشار بيده ، فاستأخري عنه ، قال : ففعلت
الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه ، فلما انصرف ، قال : يا بنت أبي أمية ! سألت
عن الركعتين بعد العصر ، إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني
عن الكعتين اللتين بعد الظهر ، فهما هاتان " . و وجه المخالفة هو أن النهي عن
الصلاة بعد العصر في الحديث متأخر عن صلاته صلى الله عليه وسلم بعدها ، و في
حديث أم سلمة أن النهي متقدم و صلاته بعده متأخر ، و هذا مما لا يفسح المجال
لادعاء نسخ صلاة الركعتين بعد العصر ، بل إن صلاته صلى الله عليه وسلم إياهما
دليل عن تخصيص النهي السابق بغيرهما ، فالحديث دليل واضح على مشروعية قضاء
الفائتة لعذر ، و لو كانت نافلة بعد العصر ، و هو أرجح المذاهب ، كما هو مذكور
في المبسوطات . و الحديث سكت عليه الحافظ في " الفتح " ( 2 / 51 ) و تبعه
الصنعاني في " سبل السلام " ( 1 / 171 ) ثم الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 3 /
24 ) و سكوتهم الموهم صحته هو الذي حملني على تحرير القول فيه و الكشف عن علته
، و الله الموفق . ثم رأيت ابن حزم ذكره ( 2 / 265 ) من طريق أبي داود و لم
يضعفه ، بل صنيعه يشعر بصحته عنده ، فإنه أجاب عنه ( 2 / 268 ) بما يتعلق به من
جهة دلالته و وفق بينه و بين ما يعارضه من جواز الركعتين بعد العصر عنده ، و لو
كان ضعيف لضعفه و ما قصر ، و لكنه قد قصر ! و رأيت أبا الطيب الشهير بشمس الحق
العظيم آبادي قد تنبه في كتابه " إعلام أهل العصر ، بأحكام ركعتي الفجر " ( ص
55 ) لعلة أخرى في الحديث فقال : " و هذا معارض بما أخرجه مسلم و النسائي و
غيرهما عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن عائشة أنها قالت : وهم عمر ، إنما نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس و غروبها ، فإنما مفاد كلامه
في رواية ذكوان ( يعني في حديث ابن إسحاق ) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن
الصلاة بعد العصر ، و مفاد كلامها في رواية طاووس أن النهي يتعلق بطلوع الشمس و
غروبها ، لا يرفع صلاة الفجر و العصر " . قلت : و هذه معارضة أخرى تضاف إلى
المعارضتين السابقتين ، و هي مما تزيد الحديث ضعفا على ضعف .

(2/444)


946 - " قدم علي مال فشغلني عن الركعتين كنت أركعهم بعد الظهر ، فصليتهما الآن ، فقلت
: يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا ؟ قال : لا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 353 ) :
منكر . رواه أحمد ( 6 / 315 ) الطحاوي ( 1 / 180 ) و ابن حبان في " صحيحه "
( 623 ) عن يزيد بن هارون قال : أخبرنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان
عن أم سلمة قالت : " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ، ثم دخل بيتي
فصلى ركعتين ، فقلت : يا رسول الله صليت صلاة لم تكن تصليهما ، فقال : فذكره
. و هذا سند ظاهره الصحة ، و لكنه معلول ، فقال ابن حزم في " المحلى " ( 2 /
271 ) : " حديث منكر ، لأنه ليس هو في كتب حماد بن سلمة ، و أيضا فإنه منقطع لم
يسمعه ذكوان من أم سلمة ، برهان ذلك أن أبا الوليد الطيالسي روى هذا الخبر عن
حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن عائشة عن أم سلمة أن " النبي صلى
الله عليه وسلم صلى في بيتها ركعتين بعد العصر فقلت : ما هاتان الركعتان ؟ قال
: كنت أصليهما بعد الظهر ، و جاءني مال فشغلني ، فصليتهما الآن " ، فهذه هي
الرواية المتصلة و ليس فيها : " أفنقضيهما نحن ؟ قال : لا " ، فصح أن هذه
الزيادة لم يسمعها ذكوان من أم سلمة ، و لا ندري عمن أخذها ، فسقطت " . قلت : و
رواية أبو الوليد عبد الملك بن إبراهيم التي علقها ابن حزم وصلها الطحاوي ( 1 /
178 ) . و تابع أب الوليد عبد الملك بن إبراهيم الجدي : حدثنا حماد بن سلمة به
دون الزيادة . أخرجه البيهقي ( 2 / 475 ) . و نقل الحافظ في " التلخيص " ( 70 )
عنه أنه ضعف الحديث بهذه الزيادة ، و نص كلام البيهقي و هو في كتابه " المعرفة
" كما نقله صاحب " إعلام أهل العصر " ( ص 55 ) : " و معلوم عند أهل العلم
بالحديث أن هذا الحديث يرويه حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن عائشة
عن أم سلمة دون هذه الزيادة ، فذكوان إنما حمل الحديث عن عائشة ، و عائشة حملته
عن أم سلمة ، ثم كانت ترويه مرة عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و ترسله
أخرى ، و كانت ترى مداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما ، و كانت تحكي عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه أثبتهما ، قالت : " و كان إذا صلى صلاة أثبتها "
. و قالت : " ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين عندي بعد العصر قط "
، و كانت تروي أنه " كان يصليهما في بيوت نسائه و لا يصليهما في المسجد مخافة
أن يثقل على أمته ، و كان يحب ما خفف عنهم " فهذه الأخبار تشير إلى اختصاصه
بإثباتهما ، لا إلى أصل القضاء . هذا و طاووس يروي أنها قالت : " وهم عمر ،
إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس و غروبها " . و
كأنها لما رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم أثبتهما بعد العصر ذهبت في النهي
هذا المذهب ، و لو كان عندها ما يروون عنها في رواية ذكوان و غيره من الزيادة
في حديث القضاء لما وقع هذا الاشتباه ، فدل على خطأ تلك اللفظة ، و قد روي عن
محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يصلي بعد العصر و ينهى عنها ، و يواصل ، و ينهى عن الوصال " . و هذا يرجع إلى
استدامته لهما لا أصل القضاء " . قلت : و التأويل فرع التصحيح ، و حديث محمد بن
عمرو هذا لا يصح إسناده كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله ، فتنبه .

(2/445)


947 - " استقبلوا بمقعدتي القبلة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 354 ) :
منكر . أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 1 / 143 ) و ابن ماجه (
1 / 136 ) و الطحاوي ( 2 / 336 ) و الدارقطني ( 22 ) و الطيالسي ( 1 / 46 - من
ترتيبه ) و أحمد ( 6 / 137 و 219 ) و ابن عساكر ( 5 / 537 / 1 ) من طريق موسى و
وكيع و بهز و يحيى بن إسحاق و أسد بن موسى خمستهم عن حماد بن سلمة عن خالد
الحذاء عن خالد بن أبي الصلت عن عراك ابن مالك عن ( و قال موسى سمعت ) عائشة
قالت : " ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يكرهون أن يستقبلوا
بفروجهم القبلة ، فقال : أراهم قد فعلوها ؟ ! ( و في لفظ : أو قد فعلوها ؟ ! )
استقبلوا .... " الحديث . قلت : و هذا سند ضعيف و فيه علل كثيرة : الأولى :
الاختلاف على حماد بن سلمة . الثانية : الاختلاف على خالد الحذاء و هو ابن
مهران . الثالثة : جهالة خالد بن أبي الصلت . الرابعة : مخالفته للثقة .الخامسة
: الانقطاع بين عراك و عائشة . السادسة : النكارة في المتن . العلة الأولى
الاختلاف على حماد بن سلمة ، فرواه الخمسة الذين سميناهم عنه خالد الحذاء عن
خالد بن أبي الصلت عن عراك عنها ، و خالفهم أبو كامل اسمه الفضيل بن حسين فقال
: حدثنا حماد عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت أن عراك بن مالك حدث عن عمر
بن عبد العزيز أن عائشة قالت ... الحديث ، فأدخل عمر بن عبد العزيز . أخرجه
أحمد ( 6 / 227 ) . و خالفهم يزيد بن هارون ، فقال : أنبأنا حماد عن خالد
الحذاء عن خالد بن أبي الصلت قال : كنا عند عمر بن عبد العزيز ، فذكروا الرجل
يجلس على الخلاء فيستقبل القبلة ، فكرهوا ذلك ، فحدث عن عراك بن مالك عن عائشة
، فجعل عمر بن عبد العزيز بين ابن أبي الصلت و عراك . أخرجه أحمد ( 6 / 239
) : حدثنا يزيد به . و خالفه علي بن شيبة فقال : حدثنا يزيد ابن هارن ... فساق
سنده مثل رواية الخمسة عن حماد إلا أنه زاد في الإسناد فقال : " فحدث عراك عن
عروة بن الزبير عنها ، فأدخل بينه و بينها عروة بن الزبير ! أخرجه الطحاوي ( 2
/ 336 ) . قلت : فهذا اختلاف شديد على حماد ، و لعل الأرجح الوجه الأول
، لاتفاق الجماعة عليه ، مع احتمال أن يكون حماد نفسه مصدر الاختلاف ، فقد كان
يخطىء أحيانا . الثانية و هي الاختلاف على خالد الحذاء فهو على وجوه : الأول
: قال أبو عوانة و يحيى بن مطر و القاسم بن مطيب ثلاثتهم عن خالد الحذاء عن
عراك بن مالك عن عائشة . أخرجه الدارقطني . الثاني : عن عبد الوهاب الثقفي عن
خالد عن رجل عن عراك عنها فزاد رجلا بين الحذاء و عراك أخرجه أحمد ( 6 / 183 )
و الدارقطني . و تابعه وهيب عن خالد به . رواه البخاري في " التاريخ الكبير " (
2 / 1 / 143 ) . الثالث : عن علي بن عاصم : حدثنا خالد الحذاء عن خالد بن أبي
الصلت قال : كنت عند عمر بن عبد العزيز في خلافته و عنده عراك بن مالك ، فقال
عمر : ما استقبلت القبلة و لا استدبرتها ببول و لا غائط منذ كذا و كذا ، فقال
عراك : حدثتني عائشة .... أخرجه الدارقطني و أحمد ( 6 / 184 ) و البيهقي ( 1 /
92 - 93 ) و قال : " تابعه حماد بن سلمة عن خالد الحذاء في إقامة إسناده " .
قلت : يعني رواية حماد المتقدمة من رواية الجماعة عنه ، و إلا فقد اختلفوا عليه
كما سبق بيانه ، و قال الدارقطني : " هذا أضبط إسناد ، و زاد فيه خالد بن أبي
الصلت ، و هو الصواب " . قلت : و تابعه عبد العزيز بن المغيرة عن خالد الحذاء
به ، لكنه لم يصرح بسماع عراك من عائشة أخرجه أبو الحسن القطان في " زيادته على
ابن ماجه " ( 1 / 136 ) . قلت : و هذا الوجه من الاختلاف على خالد الحذاء أرجح
لاتفاق علي بن عاصم - على ضعف فيه لسوء حفظه - و عبد العزيز بن المغيرة عليه ،
و متابعة حماد بن سلمة لهما في رواية الجماعة عنه كما تقدم . فهذا الاضطراب في
إسناد الحديث و إن كان من الممكن ترجيح الوجه الأخير منه كما ذكرنا ، فإنه
لشدته لا يزال يبقى في النفس منه شيء ، و على التسليم بهذا الترجيح يظهر فيه
علة أخرى و هي : الثالثة : جهالة خالد بن أبي الصلت ، و ذلك أنه لم يكن مشهورا
بالعدالة ، و لا معروفا بالضبط ، عند علماء الجرح و التعديل ، فأورده ابن أبي
حاتم ( 1 / 336 - 337 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، بل صرح الإمام أحمد
بجهالته فقال : " ليس معروفا " . و قال عبد الحق الإشبيلي : " ضعيف " . و لعله
يعني بسبب جهالته . و قال الذهبي في " الميزان " و قد ساق له هذا الحديث : " لا
يكاد يعرف ، تفرد عنه خالد الحذاء ، و هذا منكر ، و ذكره ابن حبان في " الثقات
" ، و ما علمت أحد تعرض إلى لينه ، و لكن الخبر منكر " . قلت : و لعل الذهبي
أراد بقوله : " و ما علمت ... " يعني من القدامى ، و إلا فقد ضعفه عبد الحق كما
سبق ، و أما توثيق ابن حبان إياه ، فمما لا يقام له وزن - و إن اغتر به بعض
المتقدمين و المعاصرين كما يأتي - لما عرف أنه متساهل في التوثيق ، و قد بينت
ذلك في " الرد على التعقيب الحثيث " ، و هذا إذا انفرد بالتوثيق و لم يخالف ،
فكيف إذا خالف ؟ و قال ابن حزم في " المحلى " ( 1 / 196 ) : " حديث ساقط و خالد
بن أبي الصلت مجهول لا يدرى من هو ؟ " . و في " التهذيب " : " و تعقب ابن مفوز
كلام ابن حزم فقال : هو مشهور بالرواية ، معروف ، بحمل العلم ، و لكن حديثه
معلول " . قلت : و هذا القدر من الوصف لا يقتضي أن يكون الموصوف ثقة ضابطا إلا
عند بعض المتساهلين ، فكم من المعروفين بحمل العلم و الرواية لا يحتج بهم إما
للجهالة بضبطهم و حفظهم أو لظهور ضعفهم ، و لذلك نجد الحافظ ابن حجر الذي من
كتابه " التهذيب " نقلت التعقب المذكور لم يتبنه ، فلم يوثقه في " التقريب " بل
قال فيه : " مقبول " أي عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث ، كما نص عليه في
المقدمة . إذا عرفت ذلك ، فمن كان حاله ما ذكرنا من الجهالة فحري بحديثه أن لا
يحتج به ، و هذا إذا لم يخالف الثقات ، فكيف مع المخالفة ؟! و هذه علة أخرى و
هي : الرابعة : مخالفة ابن أبي الصلت للثقة ، و هو جعفر بن ربيعة ، فقد رواه عن
عراك عن عروة عن عائشة أنها كانت تنكر قولهم ، لا تستقبل القبلة . أخرجه
البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 1 / 143 ) و ابن أبي حاتم في " العلل " (
1 / 29 ) و ابن عساكر ( 5 / 237 / 1 ) . و قال البخاري : " و هذا أصح ". و كذا
قال ابن عساكر . و قال ابن أبي حاتم : " سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة عن
خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت ... ( قلت : فذكره ، ثم قال : ) قال أبي :
فلم أزل أقفو أثر هذا الحديث ، حتى كتبت بمصر عن .... جعفر بن ربيعة عن عراك بن
مالك عن عروة عن عائشة موقوف ، و هذا أشبه " . قلت : و لا يشك حديثي أن ترجيح
هؤلاء الأئمة الثلاثة وقف الحديث هو الصواب ، ذلك لأن الذي أوقفه إنما هو جعفر
بن عراك ، و هو ثقة اتفاقا ، و قد احتج به الشيخان ، بينما الذي خالفه و هو
خالد بن أبي الصلت لم يوثقه أحد من الأئمة المعروفين و الموثوق بتوثيقهم ، و لو
سلمنا . لا أن توثيق ابن حبان المتقدم مما يعتد به فهل من المعقول أن ترجح
رواية من وثقه هو وحده .... آخرون على رواية من وثقه الجماعة من الأئمة ، و
احتج به الشيخان ؟ ! و إذا تبين لك ما ذكرنا تعرف سقوط تعقب البوصيري للإمام
البخاري بقوله في " الزوائد " ( ق 25 / 1 ) : " و هذا الذي علل به البخاري ليس
بقادح ، فالإسناد الأول حسن <1> ، رجاله ثقات معرفون ، و قد أخطأ من زعم أن
خالد بن أبي الصلت مجهول ، و أقوى ما أعل به هذا الخبر أن عراكا لم يسمع من
عائشة ، نقلوه عن الإمام أحمد ، و قد ثبت سماعه منها عند مسلم " . قلت : و
الجواب على هذا من وجوه : الأول : أن المخالفة التي أعل البخاري الحديث بها لم
يجب عنها البوصيري بشيء عنها أصلا ، إلا مجرد الدعوى " ليس بقادح " ! مع أنه
ساق كلامه للرد عليه ، فانصرف عنه إلى الرد على غيره ! و ذلك دليل على ضعف رده
و سلامة الحجة عند المردود عليه ! الثاني : أن رجال الإسناد كلهم ثقات رجال
مسلم غير ابن أبي الصلت فإن كان ثقة فلماذا اقتصر البوصيري على تحسين الإسناد و
لم يصححه ؟ ! أليس في هذا وحده ما يدل على أن في ابن أبي الصلت شيئا يمنع حتى
الموثقين له من تصحيح حديثه ! فما هو هذا الشيء ؟ ليس هو إلا عدم الاطمئنان
لتوثيق ابن حبان ، و إن تظاهروا بالاعتداد بتوثيقه ! الثالث : جزمه بخطإ من جهل
ابن أبي الصلت مردود عليه بما سبق بيانه في العلة ( الثالثة ) ، فأغنى عن
الإعادة . الرابع : دعواه أن الانقطاع الذي ذكره هو أقوى ما أعل به الحديث ،
ليس مسلما عندي ، بل الأقوى هو المخالفة التي لم يستطع الإجابة عنها ، ثم
الجهالة . الخامس : أن رده للانقطاع بقوله : " ثبت سماعه منه عند مسلم " ، خطأ
مبني على خطأ ، و ذلك أنه ليس عند مسلم ما زعمه من سماع عراك من عائشة ، و ما
علمت أحدا سبقه إلى هذا الزعم ، و إنما ذكر الشيخ ابن دقيق العيد أن مسلما أخرج
في " صحيحه " حديث عراك عن عائشة : " جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها ... "
الحديث <2> ، نقله الزيلعي في " نصب الراية " ( 2 / 107 ) ، و ليس فيه السماع
المدعى كما ترى . السادس : أنه لو فرضنا أن عراكا سمع من عائشة بعض الأحاديث ،
فلا يلزم من ذلك أنه سمع منها كل حديث يروى من طريقه عنها ، لاحتمال عدم ثبوت
السند بذلك عنه ، كما هو الشأن في هذا الحديث ، و هذه علة أخرى فيه و هي :
الخامسة : الانقطاع بين عراك و عائشة ، و الدليل على ذلك مجموع أمرين : 1 - أن
أكثر الروايات التي سبق ذكرها لم يقع فيها تصريح عراك بالسماع من عائشة ، و
إنما وقع في رواية علي بن عاصم و هو ضعيف الحفظ كما سبق ، و قول الشيخ أحمد
شاكر في تعليقه على " المحلى " ( 1 / 197 ) و قد تابعه على ذلك حماد بن سلمة
فارتفعت شبهة الغلط " ، ليس مسلما ، لأن هذه المتابعة مشكوك في ثبوتها ، فإن كل
ما رواه عن حماد لم يصرح بالسماع سوى موسى و هو التبوذكي ، و أما الثقات
الآخرون فرووه معنعنا ، و هم وكيع ابن الجراح و بهز بن أسد و يحيى ابن إسحاق و
أسد بن موسى و يزيد بن هارون في رواية عنه ، و عبد العزيز بن المغيرة ، كلهم
قالوا : " عن عائشة " و روايتهم أرجح من رواية الفرد و لو كان ثقة ، مع أنه
يمكن أن تكون المخالفة ليست منه بل من حماد نفسه ، لما سبق ذكره من أنه كان
يخطىء أحيانا ، فكان في الغالب يرويه معنعنا ، فحفظ ذلك منه الجماعة ، و نادرا
يرويه بالسماع فحفظ ذلك منه موسى ، و هذا اضطراب من حماد نفسه ، كما كان يضطرب
في إسناده على ما سبق بيانه . و مما يرجح رواية العنعنة ، رواية جماعة آخرين
لها مثل أبي عوانة و يحيى بن مطر و القاسم بن مطيب و عبد الوهاب الثقفي و وهيب
عن خالد الحذاء على خلاف بينهم و بين الجماعة الأولى كلهم أجمعوا على روايته
بالعنعنة . فهؤلاء عشرة أشخاص و زيادة رووه بالعنعنة فلا يشك كل من وقف عليها
أنها هي الصواب ، و أن رواية السماع منكرة أو شاذة ، و قد صرح بهذا الإمام أحمد
فقال إبراهيم بن الحارث : " أنكر أحمد قول من قال : عن عراك سمعت عائشة ، و قال
: عراك من أين سمع من عائشة " . و قال أبو طالب عن أحمد : " إنما هو عراك عن
عروة عن عائشة ، و لم يسمع عراك منها " و ذكر ابن أبي حاتم في " المراسيل " ( ص
103 - 104 - طبع بغداد ) بعد أن ساق الحديث أن الإمام أحمد قال : " مرسل ، عراك
بن مالك من أين سمع عن عائشة ، إنما يروي عن عروة ، هذا خطأ ، ثم قال : من يروي
هذا ؟ قلت : حماد بن سلمة عن خالد الحذاء ، فقال : قال غير واحد : عن خالد
الحذاء ليس فيه سمعت و قال غير واحد أيضا عن حماد بن سلمة ليس فيه سمعت " . فقد
أشار الإمام أحمد رحمه الله إلى أن ذكر السماع غير محفوظ عن حماد من جهة ، و لا
عن خالد الحذاء من جهة أخرى ، و ذلك ما فصلناه آنفا . و لو أن الذين خالفوا
الإمام أحمد و رجحوا رواية السماع تأملوا في كلامه ثم تتبعوا الروايات التي
ذكرناها لما أقدموا إن شاء الله على مخالفته ، لأن الحجة الواضحة معه ، و لكنه
رحمه الله اكتفى بالإشارة إليها و قد فصلناه لك تفصيلا لا يدع مجالا للشك في
خطإ المخالفين ، و قال موسى بن هارون : " لا نعلم لعراك سماعا من عائشة " . و
ليس من السهل في نظر الباحث المحقق تخطئة هذين الإمامين ، كما فعل المعلق على "
المحلى " ، و من قبله البوصيري بمجرد ذكر السماع في بعض الروايات مع شذوذها ،
ثم هي كلها مدارها على خالد بن أبي الصلت الذي لا دليل عندنا على ثقته و ضبطه
كما سبق ، و ما يدرينا و لعل هذا الاختلاف عنه في السماع و العنعنة إنما هو منه
، و ذلك دليل على تردده و عدم حفظه ، و يؤيد هذا ما يأتي : ، و هو : الأمر
الثاني : أن جعفر بن ربيعة قد خالف خالد بن أبي الصلت ، فأدخل بين عراك و عائشة
عروة ، كما تقدم و هو أرجح من وجهين : أولا : أن جعفر بن أبي ربيعة أوثق من ابن
أبي الصلت كما تقدم بيانه . ثانيا : أن روايته موافقة لبعض الروايات عن خالد و
هي رواية يزيد بن هارون عن حماد ابن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت
عن عراك عن عروة بن الزبير عنها . أخرجه الطحاوي كما تقدم ، فهذا يؤكد وهم ابن
أبي الصلت أو بعض من دونه في ذكر السماع من عراك لعائشة . و قد خالف جعفر خالدا
في موضع آخر من السند و هو أنه أوقفه و لم يذكر فيه رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، و قد سبق بيان ذلك في العلة ( الرابعة ) . العلة السادسة : النكارة . و
قد بقي الكلام على العلة الأخيرة و هي السادسة ، و هي النكارة في المتن ، و
بيان ذلك في ما يأتي : من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نهى أصحابه
عن استقبال القبلة و استدبارها ببول أو غائط نهيا عاما لم يقيده بالصحراء ،
فإذا روي في حديث ما كهذا الذي نحن في صدد الكلام عليه أن الصحابة كرهوا
استقبال القبلة ، فما يكون ذلك منهم إلا اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
اتباعا يستحقون عليه الأجر و المثوبة ، لأنهم على أقل الدرجات مجتهدون مخطئون
مأجرون أجرا واحدا ، و سبب خطئهم عملهم بالنص على عمومه ، أو عملهم بالمنسوخ
الذي لم يعرفوا نسخه ، و أي الأمرين فرض ، فلا يعقل أن ينكر النبي صلى الله
عليه وسلم على أصحابه طاعتهم إياه فيما كان نهاهم عنه قبل أن يبلغهم النص
المخصص أو الناسخ ، كيف و هو المعروف بتلطفه مع أصحابه في تأديبهم و تعليمهم ،
كما يدل على ذلك سيرته الشريفة معهم ، كحديث الأعرابي الذي بال في المسجد ، و
حديث معاوية بن الحكم السلمي الذي تكلم في الصلاة جاهلا ، و غير ذلك مما هو
معروف ، فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم نكارا شديدا مع أنهم
فعلوا أشياء لم يسبق أن جوزها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم و أما في هذا
الحديث فهو ينكر عليهم أشد الإنكار عملهم ، و ما هو ؟ كراهيتهم لاستقبال القبلة
، التي كانوا تلقوها عنه صلى الله عليه وسلم ، فهل يتفق هذا الإنكار مع هديه
صلى الله عليه وسلم في التلطف في الإنكار ؟ كلا ثم كلا ، بل لو أراد صلى الله
عليه وسلم أن يبدل شيئا من الحكم السابق أو أن ينسخه من أصله لقال لهم كما قال
في أمثاله : " كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها ، و كنت نهيتكم عن
الانتباذ في الأوعية فانتبذوا ، و كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي ألا
فادخروها " . أخرجه مسلم و غيره و هو مخرج في " الصحيحة " ( 2048 ) . فلو أن
قوما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم استمروا على العمل بهذا النهي لعدم
بلوغ الرخصة إليهم ، أفكان ينكر صلى الله عليه وسلم عليهم أم يكتفي بتعليمهم ؟
لا شك أن الجواب إنما هو تعليمهم فقط ، فكذلك الأمر في كراهة الاستقبال ، كان
يكتفي معهم بتعليمهم ، و أما أن ينكر عليهم بقوله " أو قد فعلوها " فإنه شيء
ثقيل لا أكاد أتخيل صدوره منه صلى الله عليه وسلم ، و قد أراحنا الله تعالى من
التصديق به بعد أن علمنا ثبوته بالطريق التي أقام الحجة بها على عباده في
تعريفهم بتفاصيل شريعته ، و أعني الإسناد . و اعلم أن كلامنا هذا إنما هو قائم
على أساس ما ذهب إليه بعض العلماء من الاستدلال بالحديث على نسخ النهي عن
استقبال القبلة ، و أما على افتراض أنه كان قبل النهي عن استقبال القبلة فلا
يرد الاستنكار المذكور ، و عليه حمل ابن حزم الحديث على فرض صحته فقال ( 1 /
197 - 198 ) : " ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة ، لأن نصه يبين أنه إنما كان قبل
النهي ، لأن من الباطل المحال أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن
استقبال القبلة بالبول و الغائط ، ثم ينكر عليهم طاعته في ذلك المجال ، هذا ما
لا يظنه مسلم و لا ذو عقل ، و في هذا الخبر إنكار ذلك عليهم ، لو صح لكان
منسوخا بلا شك " . قلت : لكن يرد على هذا الافتراض أنه يبعد أن يكره الصحابة
شيئا دون توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ، و افتراض ثبوت ذلك عنهم
فيه إساءة الظن بهم و أنهم يشرعون بآرائهم ، و هذا ما لا يجوز أن نظنه بهم ، و
لذلك فالحديث كيف ما أول فهو منكر عندي . و الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] سبقه إلى تحسينه النووي ، ثم تبعهما الصنعاني في " سبل السلام " ( 1 / 116
) و في " العدة شرح العمدة " ( 1 / 131 ) أيضا لكنه عقب ذلك بقوله " إلا أنه
أشار البخاري في تاريخه إلى أن فيه علة " .
[2] و هو في مسلم ( 8 / 38 ) و تمامه " فأطعمتها ثلاث تمرات ، فأعطت كل واحدة
منها تمرة ، و رفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها التمرة التي كانت
تريد أن تأكلها بينهما ، فأعجبني شأنها قد ذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال : إن الله قد أوجب لها الجنة ، أو أعتقها من النار " .

(2/446)


948 - " إنما هو بمنزلة المخاط و البزاق ، و إنما يكفيك أن تمسحه بخرقة ، أو إذخرة .
( يعني المني ) " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 360 ) :
منكر مرفوعا . رواه الدارقطني ( 46 ) و البيهقي ( 2 / 418 ) من طريق إسحاق
بن يوسف الأزرق : أخبرنا شريك عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عباس
قال : " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المني يصيب الثوب ؟ قال : " فذكره ، و
قال الدارقطني : " لم يروه غير إسحاق الأزرق عن شريك ( يعني مرفوعا ) ، محمد بن
عبد الرحمن هو ابن أبي ليلى ثقة في حفظ شيء " . و قال البيهقي : " و رواه وكيع
عن ابن أبي ليلى موقوفا على ابن عباس ، و هو الصحيح " . قلت : و هذا وصله
الدارقطني : حدثنا محمد بن مخلد : أخبرنا الحساني : أخبرنا وكيع به . و يرجح
هذا أنه ورد موقوفا من طريقين آخرين عن عطاء ، فقال الشافعي في " سننه " ( 1 /
24 ) : أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار و ابن جريج كلاهما يخبره عن عطاء عن ابن
عباس رضي الله عنه أنه قال في المني يصيب الثوب ، قال : " أمطه عنك - قال
أحدهما - بعود أو إذخرة ، فإنما هو بمنزلة البصاق و المخاط " . قلت : و هذا سند
صحيح على شرط الشيخين ، و قد أخرجه البيهقي من طريق الشافعي ثم قال : " هذا
صحيح عن ابن عباس من قوله ، و قد روي مرفوعا ، و لا يصح رفعه ". قلت : و جملة
القول أن المرفوع فيه ثلاث علل : الأولى : ضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى
كما أشار إلى ذلك الدارقطني بقوله " في حفظه شيء " على تسامح منه في التعبير !
الثانية : ضعف شريك أيضا و هو ابن عبد الله القاضي ، و أستغرب من الدارقطني
سكوته عنه هنا ، مع أنه قال فيه و قد ساق له حديث وضع الركبتين قبل اليدين عند
الهوي للسجود : " و شريك ليس بالقوي فيما تفرد به " . ( انظر الحديث المتقدم
929 ) . الثالثة : تفرد إسحاق الأزرق بروايته عن شريك مرفوعا ، و هو - أعني
الأزرق - و إن كان ثقة ، فقد خالفه وكيع و هو أوثق منه ، و لذلك رجح روايته
البيهقي كما تقدم ، لكن يبدو لي أن الراجح صحة الروايتين معا عن شريك ،
الموقوفة و المرفوعة ، و أن هذا الاختلاف إنما هو من شريك أو شيخه ابن أبي ليلى
، لما عرفت من سوء حفظهما ، فهذا الإعلال أولى من تخطئة إسحاق الأزرق الثقة ، و
هذا أولى من نصب الخلاف بين الثقتين كما فعل البيهقي من جهة ، و ابن الجوزي من
جهة أخرى ، أما البيهقي فقد رجح رواية وكيع على إسحاق ، و عكس ذلك ابن الجوزي
فقال بعد أن ذكر قول الدارقطني " لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك " : " قلنا
إسحاق إمام مخرج عنه في " الصحيحين " ، و رفعه زيادة ، و الزيادة من الثقة
مقبولة ، و من وقفه لم يحفظ " . كذا قال : و قد عرفت أن الصواب تصحيح الروايتين
و أن كلا من الثقتين حفظ ما سمع من شريك ، و أن هذا أو شيخه هو الذي كان يضطرب
في رواية الحديث عن عطاء ، فتارة يرفعه ، و تارة يوقفه ، فسمع الأزرق منه الرفع
، و سمع وكيع منه الوقف ، و كل روى ما سمع ، و كل ثقة . و من العجيب أن ابن
الجوزي يتغافل عن العلتين الأوليين ، و يجادل في العلة الثالثة ، و قد عرفت ما
في كلامه فيها ، و لو سلم له ذلك ، فلم يسلم الحديث من العلتين ، و أعجب من ذلك
أن العلة الأولى قد نبه عليها الدارقطني في جملته التي ذكرنا عنه في أول هذا
التحقيق ، فلما نقلها ابن الجوزي عنه اقتصر منها على الشطر الأول الذي فيه
إعلال الحديث بالوقف ، و لم يذكر الشطر الثاني الذي فيه الإشارة إلى العلة
الأولى و هي ضعف ابن أبي ليلى ! و هذا شيء لا يليق بأهل التحقيق و العلم . و من
الأوهام حول هذا الحديث قول الإمام الصنعاني - في " العدة على شرح العمدة " ( 1
/ 404 ) : " ثبت عنه ( يعني ابن عباس ) مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال : إنه بمنزلة البصاق و المخاط .... أخرجه الدارقطني من حديث إسحاق بن
يوسف الأزرق : حدثنا شريك .... " . ثم أعاده قائلا ( 1 / 405 ) : " و إسناده
صحيح كما قال ابن القيم في ( بدائع الفوائد ) " <1> . قلت : و هذا هو السبب
الذي دفعني إلى كتابة هذا التحقيق حول هذا الحديث ، و بيان أن رفعه وهم و إن
كان ما تضمنه من الحكم على المني بالطهارة هو الصواب ، و حسبنا في ذلك جزم ابن
عباس رضي الله عنه بأنه بمنزلة المخاط و البصاق ، و لا يعرف له مخالف من
الصحابة ، و لا ما يعارضه من الكتاب و السنة ، و قد حقق القول في المسألة ابن
قيم الجوزية في المصدر السابق تحت عنوان " مناظرة بين فقيهين في طهارة المني و
نجاسته " ( 3 / 119 - 126 ) و هو بحث هام جدا في غاية التحقيق .
-----------------------------------------------------------
[1] البدائع ( 3 / 123 ) . اهـ .

(2/447)


949 - " كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر بالهاجرة فقال لنا :
أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 362 ) :
ضعيف بهذا السياق . أخرجه ابن ماجة ( 1 / 232 ) و ابن أبي حاتم في " العلل
" ( رقم 376 و 378 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 269 - موارد ) و الطحاوي في "
شرح المعاني " ( 1 / 111 ) و البيهقي ( 1 / 439 ) و أحمد ( 4 / 250 ) من طريق
إسحاق بن يوسف الأزرق عن شريك عن بيان بن بشر عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة
بن شعبة قال : فذكره . قلت : و هذا سند ضعيف ، علته شريك و هو بن عبد الله
القاضي و هو ضعيف لسوء حفظه كما تقدم آنفا ، و قال الحافظ في " التقريب " : "
صدوق يخطيء كثيرا ، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة " . قلت : و من ذلك تعلم
أن قول الحافظ في " الفتح " ( 2 / 13 ) : " رجاله ثقات ، رواه أحمد و ابن ماجه
و صححه ابن حبان " ، وهم أو تساهل منه ، و إن قلده فيه الصنعاني في " العدة " (
2 / 485 ) ، و أشد منه في الوهم قول البوصيري في " الزوائد " ( ق 46 / 1 ) : "
إسناده صحيح ، و رجاله ثقات " !! و ليت شعري كيف يكون ثقة صحيح الإسناد و فيه
من كان يخطيء كثيرا ، و هو معروف بذلك لدى أهل العلم ؟! و لاسيما و قد اضطرب في
إسناد هذا الحديث ، فرواه مرة هكذا ، و مرة قال : " عن عمارة بن القعقاع عن أبي
زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله " . رواه على الوجهين أبو
حاتم الرازي ، فقال ابنه ( 1 / 136 / 378 ) : " سمعت أبي يقول : سألت يحيى بن
معين و قلت له : حدثنا أحمد بن حنبل بحديث إسحاق الأزرق عن شريك عن بيان ... (
قلت : فذكره ثم قال : ) و ذكرته للحسن بن شاذان الواسطي فحدثنا به ، و حدثنا
أيضا عن إسحاق عن شريك عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم : بمثله ؟ قال يحيى : ليس له أصل إني <1> نظرت في كتاب
إسحاق فليس فيه هذا . قلت لأبي : فما قولك في حديث عمارة بن القعقاع عن أبي
زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : الذي أنكره يحيى ؟ قال هو
عندي صحيح و حدثنا به أحمد ابن حنبل بالحديثين جميعا عن إسحاق الأزرق . قلت
لأبي : فما بال يحيى نظر في كتاب إسحاق فلم يجده ؟ قال : كيف ؟ نظر في كتابه
كله ؟ ! إنما نظر في بعض و ربما كان في موضع آخر " . فقد حكم أبو حاتم على
الحديث بالصحة من رواية شريك بسنده عن أبي هريرة خلافا لما يوهمه صنيع الحافظ
في " التلخيص " ( 67 ) أنه صحح حديث المغيرة ، و السياق المذكور من كلام أبي
حاتم يشهد لما ذكرنا . و يؤيده أن أبا حاتم أعل الطريق الأولى . فقد قال ابن
أبي حاتم ( 1 / 136 / 376 ) بعد أن ساقها : " و رواه أبو عوانة عن طارق عن قيس
قال : سمعت عمر بن الخطاب قال : أبردوا بالصلاة . قال ابن أبي حاتم عن أبيه : "
أخاف أن يكون هذا الحديث ( يعني الموقوف على عمر ) يدفع ذاك الحديث . قلت :
فأيهما أشبه ؟ قال : كأنه هذا ، يعني حديث عمر قال أبي في موضع آخر : لو كان
عند قيس عن المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج أن يفتقر إلى أن يحدث
عن عمر موقوفا " . و قد ذكر الحافظ في " التلخيص " عن ابن معين نحو ما ذكر ابن
أبي حاتم عن أبيه فقال : " و أعله ابن معين بما روى أبو عوانة عن طارق عن قيس
عن عمر موقوفا . و قال : لو كان عند قيس عن المغيرة مرفوعا لم يفتقر إلى أن
يحدث به عن عمر موقوفا ، و قوى ذلك عنده أن أبا عوانة أثبت من شريك " . قلت : و
هذا هو الذي تقتضيه القواعد العلمية أن الحديث معلول بتفرد شريك به و مخالفته
لمن هو أثبت منه ، فلا وجه عندي لتصحيح الحديث كما فعل أبو حاتم ، و قال الحافظ
قبيل ما نقلنا عنه آنفا ! " و ذكر الميموني عن أحمد أنه رجح صحته " و في " طرح
الترتيب " للحافظ العراقي ( 2 / 154 ) : " و ذكر الخلال عن الميموني أنهم
ذاكروا أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - حديث المغيرة بن شعبة ، فقال :
أسانيد جياد ، قال و في رواية غير الميموني : و كان آخر الأمرين من رسول الله
صلى الله عليه وسلم الإبراد " . فهذا النقل عن الإمام أحمد غريب عندي لقوله "
أسانيد جياد " مع أنه ليس له إلا إسناد واحد كما يفيده قول الحافظ ابن حجر : "
تفرد به إسحاق الأزرق عن شريك ... " و قال البيهقي عقب الحديث : " قال أبو عيسى
الترمذي ... فيما بلغني عنه - : سألت محمدا يعني البخاري - عن هذا الحديث ؟
فعده محفوظا ، و قال : رواه غير شريك عن بيان عن قيس عن المغيرة قال : كنا نصلي
الظهر بالهاجرة ، فقيل لنا : أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم ، رواه
أبو عيسى عن عمر بن إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن بيان كما قال البخاري " . قلت
: عمر بن إسماعيل ضعيف جدا ، قال بن معين : كذاب خبيث رجل سوء ، و قال النسائي
: " ليس بثقة ، متروك الحديث " . و أبوه فيه ضعف ، فمثل هذه الطريق لا يقوى
طريق شريك لشدة ضعفها ، فلا أدري ما وجه عد البخاري الحديث محفوظا ، فإن كان
بالنظر إلى الطريق الأولى فقد عرفت ضعفها و تفرد شريك بها ، و إن كان من أجل
هذه الطريق فهي ضعيفة جدا . و خلاصة القول : أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة
عندي ، لتفرد الضعيف به ، و عدم وجود شاهد معتبر له . ثم إن الكلام عليه إنما
هو بالنظر لوروده بهذا السياق الذي يدل على أن صلاته صلى الله عليه وسلم
بالهاجرة منسوخ بقوله : أبردوا .. و هو ظاهر الدلالة على ذلك ، و به أحتج
الطحاوي و غيره على النسخ فإذا تبين ضعفه سقط الاحتجاج به و أما إذا نظرنا إلى
الحديث نظرة أخرى و هي أنه تضمن أمرين اثنين : صلاته صلى الله عليه وسلم
بالهاجرة ، و أمره بالإبراد دون أن نربط بينهما بهذا السياق الذي يمنع من فعل
أي الأمرين و يضطرنا إلى القول بالنسخ . أقول إذا نظرنا إليه هذه النظرة
فالحديث صحيح أما الأمر الأول فقد ورد من حديث جابر قال : " كان النبي صلى الله
عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة " . أخرجه البخاري ( 2 / 33 ) و مسلم ( 2 / 119
) و غيرهما . و أما الأمر بالإبراد . فقد ورد في " الصحيحين " و غيرهما من طرق
عن أبي هريرة و عن أبي سعيد أيضا ، و ابن عمر . فإذا عرف هذا . فقد اختلف
العلماء في الجمع بين الأمرين . فذهب الطحاوي و غيره إلا أن الأول منسوخ . و قد
عرفت ضعف دليله ، و ذهب الجمهور إلى أن الأمر بالإبراد أمر استحباب ، فيجوز
التعجيل به . و الإبراد أفضل ، و ذهب بعض الأئمة إلى تخصيص ذلك بالجماعة دون
المنفرد ، و بما إذا كانوا ينتابون مسجدا من بعد ، فلو كانوا مجتمعين ، أو
كانوا يمشون في كن فالأفضل في حقهم التعجيل ، و الحق التسوية ، و أنه لا فرق
بين جماعة و جماعة ، و لا بينهما و بين الفرد ، فالكل يستحب لهم الإبراد ، لأن
التأذي بالحر الذي يتسبب عنه ذهاب الخشوع ، يستوي فيه المنفرد و غيره كما قال
الشوكاني ( 1 / 265 ) . و أما تخصيص ذلك بالبلد الحار ، فهو الظاهر من التعليل
في قوله " فإن شدة الحر من فيح جهنم " . و يشهد له من فعله صلى الله عليه وسلم
حديث أنس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة
، و إذا اشتد الحر أبرد بالصلاة " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1162
) و النسائي ( 1 / 87 ) و الطحاوي ( 1 / 111 ) ، و له عنده شاهد من حديث أبي
مسعود بسند حسن . ( تنبيه ) : قال الحافظ في " التلخيص " في تخريج حديث المغيرة
: " و في رواية للخلال : و كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم
الإبراد " . و تلقى هذا عنه الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 1 / 265 ) دون أن
يعزوه إليه كما هو الغالب عليه من عادته ! ثم بنى على ذلك قوله في الصفحة التي
قبل المشار إليها : " فرواية الخلال من أعظم الأدلة الدالة على النسخ " . قلت :
لكن الظاهر مما نقله الحافظ العراقي عن الخلال فيما سبق ذكره في هذا البحث أن
هذه الرواية ليست من حديث المغيرة ، و إنما هي من قول الإمام أحمد رحمه الله ،
و قد صرح بهذا الحافظ في " الفتح " ( 2 / 13 ) فقال : " و نقل الخلال عن أحمد
أنه قال : هذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم " . و كذا قال
الصنعاني في " العدة " ( 2 / 485 ) دون أن يعزوه للحافظ أيضا !

-----------------------------------------------------------
[1] قلت : الأصل ( إنما ) و لعل الصواب ما أثبتنا . اهـ .

(2/448)


950 - " قال الله تبارك و تعالى : إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ، و لم
يستطل على خلقي ، و لم يبت مصرا على معصيتي ، و قطع نهاره في ذكري ، و رحم
المسكين و ابن السبيل ، و الأرملة ، و رحم المصاب ، ذلك نوره كنور الشمس
، أكلؤه بعزتي ، و أستحفظه ملائكتي ، و أجعل له في الظلمة نورا ، و في الجهالة
حلما ، و مثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 365 ) :
ضعيف . رواه البزار ( ص 65 - زوائده ) و ابن حبان في " المجروحين " ( 2 /
35 ) عن عبد الله بن واقد الحراني عن حنظلة بن أبي سفيان عن طاووس عن ابن
عباس مرفوعا . قلت : و عبد الله بن واقد كان متعففا صالحا متفقها برأي أبي
حنيفة حافظا له . و لم يكن حافظا للحديث ، فضعف حديثه و ترك . كذا في " الأحكام
الكبرى " ( 57 / 1 - 2 ) لعبد الحق الإشبيلي . و قال في " المجمع " ( 2 / 147 )
: " رواه البزار و فيه عبد الله بن واقد الحراني ضعفه النسائي ، و البخاري ، و
إبراهيم الجوزجاني ، و ابن معين في رواية ، و وثقه في رواية ، و وثقه أحمد ، و
قال : كان يتحرى الصدق و أنكر على من تكلم فيه ، و أثنى عليه خيرا ، و بقية
رجاله ثقات " . و كذا قال في " الترغيب " ( 1 / 176 ) أن بقية رواته ثقات ، و
أشار إلى أن في ابن واقد هذا ضعفا ، و لم يسق فيه كلاما للأئمة ، و جمهور
الأئمة على تضعيفه ، و أحمد و إن أثنى عليه خيرا فقد نسبه للخطإ و التدليس ، و
قال : " لعله كبر و اختلط " . لكنه لم ينفرد به ، فأخرجه الحسن بن علي الجوهري
في " مجلس من الأمالي " ( ق 69 / 2 ) من طريق ابن نمير : حدثنا ابن كثير ، عن
عبد الله بن طاووس عن أبيه به . قلت : لكن ابن كثير و اسمه محمد بن كثير البصري
السلمي القصاب ، قال ابن المديني : " ذاهب الحديث " . و قال البخاري و الساجي :
" منكر الحديث " ، و ضعفه آخرون . و روي من حديث علي مرفوعا نحوه ، و زاد في
آخره : " لا يتسنى ثمارها ، و لا يتغير حالها " . رواه ابن عساكر في " مدح
التواضع " ( ق 90 / 1 - 2 ) و قال : " قال الدارقطني : غريب تفرد به الدينوري .
قلت : يعني أبا جعفر محمد بن عبد العزيز بن المبارك الدينوري ، قال الذهبي : "
منكر الحديث ، ضعيف ، ذكره ابن عدي ، و ذكر له مناكير ، و كان ليس بثقة يأتي
ببلايا " . ثم ساق له حديثين من بلاياه و موضوعاته ، و أقره الحافظ في " اللسان
" و قال : " و أورد له ابن عدي أحاديث قال في بعضها : باطل بهذا الإسناد ، ثم
قال : و له غير ما ذكرت من المناكير " .

(2/449)


951 - " كان إذا أمن أمن من خلفه حتى إن للمسجد ضجة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 366 ) :

لا أصل له بهذا اللفظ فيما نعلم . و قد نص على ذلك الحفاظ فقال الحافظ ابن
حجر في " التلخيص " ( ص 90 ) : " لم أره بهذا اللفظ ، لكن روى معناه ابن ماجه
من حديث بشر بن رافع " ( ثم ذكر الحديث الآتي ) ثم قال : " تنبيه : قال ابن
الصلاح في الكلام على " الوسيط " : هذا الحديث أورده الغزالي هكذا تبعا لإمام
الحرمين ، فإنه أورده في " نهايته " كذلك ، و هو غير صحيح مرفوعا ، و إنما رواه
الشافعي من حديث عطاء قال : " كنت أسمع الأئمة ابن الزبير فمن بعده يقولون آمين
حتى إن للمسجد للجة " . و قال النووي مثل ذلك ، و زاد هذا غلط منهما ، و كأنه و
ابن الصلاح أرادا لفظ الحديث و الحق معهما ، لكن سياق ابن ماجه يعطي بعض معناه
كما أسلفناه " . قلت : ما سلف من كلامه ينص على أن سياق ابن ماجه يعطي معناه
كله لا بعضه ، فليتأمل فإن السياق المشار إليه يحتمل بعض المعنى أو كله ، أما
البعض فهو جهر الإمام وحده ، و هو صريح في ذلك ، و أما الكل ، فهو هذا مع جهر
المؤتمين لقوله فيه " فيرتج بها المسجد " ، فإن هذا يحتمل أن الارتجاج سببه
تأمين الرسول صلى الله عليه وسلم و هو صريح الحديث ، و يحتمل أنه بسبب تأمين
المؤتمين معه ، و هو محتمل ، و هذا هو لفظ ابن ماجه : " كان إذا تلا *( غير
المغضوب عليهم و لا الضالين )* قال : آمين ، حتى يسمع من يليه من الصف الأول (
فيرتج بها المسجد ) " .

(2/450)


952 - " كان إذا تلا *( غير المغضوب عليهم و لا الضالين )* قال : آمين ، حتى يسمع من
يليه من الصف الأول ( فيرتج بها المسجد ) " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 367 ) :
ضعيف . أخرجه أبو داود ( 1 / 148 ) و السياق له و ابن ماجه ( 1 / 281 ) و
الزيادة له ، كلاهما من طريق بشر بن رافع عن أبي عبد الله بن عم أبي هريرة عن
أبي هريرة مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف ، و قول الحافظ أبو زرعة ابن
العراقي في " طرح التثريب " ( 2 / 268 ) : " و إسناده جيد " غير جيد ، يبينه ما
يأتيك من النصوص ، فقال الحافظ في " التلخيص " ( 90 ) : " و بشر بن رافع ضعيف ،
و ابن عم أبي هريرة ، قيل : لا يعرف ، و قد وثقه ابن حبان " . و قال البوصيري
في " الزوائد " ( ق 56 / 1 ) : " هذا إسناد ضعيف ، أبو عبد الله لا يعرف حاله ،
و بشر ضعفه أحمد ، و قال ابن حبان : يروي الموضوعات " . قلت : و تمام كلام ابن
حبان ( 1 / 179 ) : " كأنه كان المتعمد لها " . و من أوهام الشوكاني رحمه الله
أنه قال في هذا الحديث بعد أن ذكره المجد ابن تيمية بلفظ أبي داود و لفظ ابن
ماجه ( 2 / 188 ) قال الشوكاني : " أخرجه أيضا الدارقطني ، و قال : إسناده حسن
، و الحاكم ، و قال : صحيح على شرطهما " و البيهقي و قال : حسن صحيح " ! و
هؤلاء إنما أخرجوا الشطر الأول من الحديث بلفظ : " كان إذا فرغ من قراءة أم
القرآن رفع صوته فقال : آمين " ، فليس فيه تسميع من يليه من الصف .... الخ ،
فهذا اللفظ لا يحتمل ما يحتمله لفظ ابن ماجه من تأمين المؤتمين أيضا حتى يرتج
بها المسجد ، فثبت الفرق بين اللفظين ، و لم يجز عزو الأول منهما إلى من أخرج
الآخر ، كما هو ظاهر . على أن هذا اللفظ إسناده ضعيف أيضا ، فإن فيه عندهم
جميعا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي و هو المعروف بابن زبريق و هو ضعيف ،
قال أبو حاتم : " شيخ لا بأس به " و أثنى عليه ابن معين خيرا ، و قال النسائي :
" ليس بثقة " . و قال محمد بن عوف : " ما أشك أن إسحاق بن زبريق يكذب " . لكن
هذا اللفظ معناه صحيح ، فإن له شاهدا من حديث وائل بن حجر بسند صحيح . و أما
اللفظ الأول فلا أعرف ما يشهد له من السنة إلا ما رواه الشافعي في " مسنده " (
1 / 76 ) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء قال : " كنت أسمع الأئمة و
ذكر ابن الزبير و من بعده يقولون آمين ، و يقول من خلفهم آمين ، حتى أن للمسجد
للجة " . سكت عليه الحافظ كما سبق قريبا ، و فيه علتان : الأولى : ضعف مسلم بن
خالد و هو الزنجي ، قال الحافظ : صدوق ، كثير الأوهام " . الثانية : عنعنة ابن
جريج ، فإنه كان مدلسا ، و لعله تلقاه عن خال بن أبي أنوف فقد رواه عن عطاء
بلفظ : " أدركت مائتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد
( يعني الحرام ) إذا قال الإمام *( و لا الضالين )* رفعوا أصواتهم بآمين ، ( و
في رواية ) : سمعت لهم رجة بآمين " . أخرجه ابن حبان في " الثقات " ( 2 / 74
) و البيهقي ( 2 / 59 ) و الرواية الأخرى له . و خالد هذا ترجمه ابن أبي حاتم (
1 / 2 / 355 - 356 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و أورده ابن حبان في "
الثقات " و في ترجمته ساق له هذا الأثر ، و توثيق ابن حبان فيه تساهل معروف ، و
لذلك فإني غير مطمئن لصحة روايته ، فإن كان ابن جريج أخذه عنه فالطريق واحدة ،
و إلا فلا ندري عمن تلقاه ابن جريج ، و يبدو أن الإمام الشافعي نفسه لم يطمئن
أيضا لصحة روايته هذه ، فقد ذهب إلى خلافها ، قال في " الأم " ( 1 / 95 ) :
" فإذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن قال آمين ، و رفع بها صوته ، ليقتدي به
من كان خلفه ، فإذا قالها قالوها و أسمعوا أنفسهم ، و لا أحب أن يجهروا بها "
. فلو أن هذا الأثر ثابت عن أولئك الصحابة عند الشافعي لما أحب خلاف فعلهم إن
شاء الله و لذلك فالأقرب إلى الصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه الشافعي أن
يجهر الإمام دون المؤتمين . و الله أعلم . ثم رأيت البخاري قد علق أثر ابن
الزبير المذكور بصيغة الجزم ، فقال الحافظ في " الفتح " ( 2 / 208 ) : " وصله
عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء ، قال و يعني ابن جريج ، قلت له : أكان ابن
الزبير يؤمن على أثر أم القرآن ؟ قال : نعم ، و يؤمن من وراءه حتى أن للمسجد
للجة ، ثم قال : إنما آمين دعاء " . قلت : و هو في " مصنف عبد الرزاق " برقم (
2640 ج 2 ) و من طريقه ابن حزم في " المحلى " ( 3 / 364 ) . فقد صرح ابن جريج
في هذه الرواية أنه تلقى ذلك عن عطاء مباشرة ، فأمنا بذلك تدليسه ، و ثبت بذلك
هذا الأثر عن ابن الزبير ، و قد صح نحوه عن أبي هريرة ، فقال أبو رافع : " إن
أبا هريرة كان يؤذن لمروان بن الحكم ، فاشترط أن لا يسبقه بـ *( الضالين ) *
حتى يعلم أنه قد دخل الصف ، فكان إذا قال مروان : *( و لا الضالين )* قال أبو
هريرة : آمين يمد بها صوته ، و قال : إذا وافق تأمين أهل الأرض تأمين أهل
السماء غفر لهم " . أخرجه البيهقي ( 2 / 59 ) و إسناده صحيح . فإذا لم يثبت عن
غير أبي هريرة و ابن الزبير من الصحابة خلاف الجهر الذي صح عنهما ، فالقلب
يطمئن للأخذ بذلك أيضا ، و لا أعلم الآن أثرا يخالف ذلك ، و الله أعلم .

(2/451)


953 - " إذا نام العبد في سجوده باهى الله عز وجل به ملائكته ، قال : انظروا إلى عبدي
، روحه عندي و جسده في طاعتي ! " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 369 ) :
ضعيف . رواه تمام في " الفوائد " ( ق 263 / 2 ) و عنه ابن عساكر ( 11 / 444
/ 1 ) عن داود بن الزبرقان عن سليمان التيمي عن أنس مرفوعا . قلت : و هذا
سند ضعيف جدا ، داود بن الزبرقان قال الحافظ في " التقريب " : " متروك ، و كذبه
الأزدي " . قال ابن حبان ( 1 / 287 ) : " يأتي عن الثقات بما ليس من أحاديثهم "
. قلت : و من طريقه رواه البيهقي أيضا في " الخلافيات " كما في " تلخيص الحبير
" ( ص 44 ) و اقتصر هناك على قوله في داود هذا : إنه ضعيف : و قال : " و روي من
وجه آخر عن أبان عن أنس ، و أبان متروك " . و روي من حديث أبي هريرة مرفوعا
.أخرجه ابن سمعون في " الأمالي " ( 172 / 1 ) عن حجاج بن نصير : أخبرنا المبارك
بن فضالة عن الحسن عن أبي هريرة . قلت : و هذا سند ضعيف ، و فيه ثلاث علل : 1 -
حجاج بن نصير ، قال الحافظ : " ضعيف كان يقبل التلقين " . 2 - المبارك بن فضالة
ضعيف أيضا ، قال الحافظ : " صدوق ، يدلس و يسوي " . 3 - الحسن و هو البصري ،
فإنه على جلالته كان يدلس ، و من طريقة الأئمة النقاد إعلال الحديث بعنعة الحسن
البصري ، فانظر " اللآلي المصنوعة " للسيوطي ( 2 / 389 ) ، على أنه اختلف في
ثبوت سماعه من أبي هريرة . لكن ذكر الحافظ في " التلخيص " أنه رواه ابن شاهين
في " الناسخ و المنسوخ " من حديث المبارك بن فضالة ، فإن كان عنده غير طريق
الحجاج بن نصير ، فقد ذهبت العلة الأولى و بقيت الثانية و الثالثة . ثم قال
الحافظ : " و ذكره الدارقطني في " العلل " من حديث عباد بن راشد كلاهما ( يعني
المبارك و عبادا ) عن الحسن عن أبي هريرة ، قال الدارقطني : و قيل : عن الحسن :
بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : و الحسن لم يسمع من أبي هريرة " .
قلت : و عباد بن راشد صدوق له أوهام ، فمتابعته للمبارك تذهب بالعلة الثانية ،
فيبقى في الحديث العلة الثالثة ، و بها أعل الحديث ابن حزم في " المحلى " فقال
( 1 / 228 ) : " و هذا لا شيء ، أنه مرسل ، لم يخبر الحسن ممن سمعه " . ثم قال
الحافظ : " و مرسل الحسن ، أخرجه في " الزهد " ، و روى ابن شاهين عن أبي سعيد
معناه ، و إسناده ضعيف " . قلت : و سنده في " الزهد " ( 20 / 81 / 1 ) صحيح ،
فراجع الإسناد إلى أنه من مرسل الحسن البصري فهو علته . و الحديث على ضعفه قد
استدل به من ذهب إلى نوم الساجد - و ألحقوا به الراكع - لا ينقض الوضوء ، قال
ابن حزم : " لو صح لم يكن في إسقاط الوضوء عنه " . و هو كما قال ، و قال
الصنعاني في " سبل السلام " ( 1 / 92 ) : " و من استدل به قالوا : سماه ساجدا و
هو نائم ، و لا سجود إلا بطهارة ، و أجيب بأنه سماه باعتبار أول أمره ، أو
باعتبار هيئته " . و قد ذكر الصنعاني اختلاف العلماء ، في هذا المسألة ، و جمع
الأقوال فيها فبلغت ثمانية ، الصواب منها القول الأول و هو أن النوم ناقض مطلقا
على كل حال قليلا كان أو كثيرا ، و نصره ابن حزم بأدلة قوية فراجعه ، و مثل هذا
الحديث في الضعف و الدلالة الحديث الآتي : " من استحق النوم وجب عليه الوضوء "
.

(2/452)


954 - " من استحق النوم وجب عليه الوضوء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 370 ) :
شاذ لا يصح . رواه الحافظ ابن المظفر في " غرائب شعبة " ( 148 / 2 ) :
حدثنا أبو الفضل العباس بن إبراهيم : حدثنا أبو غسان مالك بن الخليل : حدثنا
محمد بن عباد الهنائي : حدثنا شعبة عن الجريري عن خالد بن غلاق - و لا أعلمه
إلا عن أبي هريرة مرفوعا : قلت : و هذا سند رجاله كلهم ثقات : أبو الفضل
العباس بن إبراهيم له ترجمة في " تاريخ الخطيب ( 12 / 151 - 152 ) و قال : " و
كان ثقة " . و سائرهم من رجال " التهذيب " . لكن قوله : " لا أعلمه إلا .... "
فيه بعض الشك في رفعه ، و يقوي الشك أن الهنائي خولف في رفعه ، فقال علي بن
الجعد : أنبأنا شعبة فذكره موقوفا ، أخرجه البغوي في " الجعديات " ( 7 / 69 / 1
) و من طريقه البيهقي ( 1 / 119 ) و علي بن الجعد ثقة ثبت ، و قد تابعه الثقات
، فقال : ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 39 / 2 ) : حدثنا هشيم و ابن علية
عن الجريري عن خالد بن غلاق القيسي عن أبي هريرة قال : فذكره موقفا عليه ، و
لعله الصواب ، و زاد ابن علية ، قال الجريري : فسألنا عن استحقاق النوم
. فقالوا : " إذا وضع جنبه " . قلت : فاتفاق هؤلاء الثلاثة الثقات على وقفه
يجعل رواية الهنائي شاذة ، و لذلك قال البيهقي : " و قد روي مرفوعا و لا يصح
رفعه " . و قال الحافظ في " التلخيص " ( 43 ) بعد أن ذكره من طريق البيهقي :
" و روي موقوفا ، و إسناده صحيح ، و رواه في " الخلافيات " من طريق آخر عن أبي
هريرة و أعله بالربيع بن بدر عند ابن عدي ، و كذا قال الدارقطني في " العلل "
أن وقفه أصح " . قلت : و يشهد لوقفه أن البيهقي رواه ( 1 / 122 - 123 ) من طريق
أخرى عن يزيد ابن قسيط أنه سمع أبا هريرة يقول : " ليس على المحتبي النائم ، و
لا على القائم النائم ، و لا على الساجد النائم وضوء حتى يضطجع ، فإذا اضطجع
توضأ " ، و قال : " و هذا موقوف " . قلت : و إسناده جيد كما قال الحافظ في "
التلخيص " . لكن الراجح أن العمل على خلافه كما تقدم في آخر الحديث الذي قبله .

(2/453)


955 - " يا معاذ إذا كان في الشتاء فغلس بالفجر ، و أطل القراءة قدر ما يطيق الناس و
لا تملهم ، و إذا كان الصيف فأسفر بالفجر ، فإن الليل قصير ، و الناس ينامون ،
فأمهلهم حتى يداركوا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 371 ) :
موضوع . رواه البغوي في " شرح السنة " ( 1 / 52 / 1 ) من طريق أبي الشيخ و
هذا في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 76 و 80 ) عن يوسف بن أسباط :
المنهال بن الجراح عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل
قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال : فذكره . قلت : و
هذا سند ضعيف جدا بل موضوع ، آفته المنهال بن الجراح ، و هو الجراح بن المنهال
، انقلب على يوسف بن أسباط ، و كذلك قلبه محمد بن إسحاق كما ذكر الحافظ في "
اللسان " و هو متفق على تضعيفه ، و قال البخاري و مسلم : " منكر الحديث " . و
قال النسائي و الدارقطني : " متروك " ، و قال ابن حبان ( 1 / 213 ) : " كان
يكذب في الحديث و يشرب الخمر " . و ذكره البرقي في " باب من اتهم بالكذب " . و
مما يؤكد كذبه في هذا الحديث أنه خلاف ما جرى عليه رسول الله صلى الله عليه
وسلم من التغليس بصلاة الفجر دون تفريق بين الشتاء و الصيف ، كما تدل على ذلك
الأحاديث الصحيحة فأكتفي بذكر واحد منها ، و هو حديث أبي مسعود البدري " أن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح مرة بغلس ، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها ، ثم
كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات ، و لم يعد إلى أن يسفر " . رواه أبو داود
بسند حسن كما قال النووي و ابن حبان في " صحيحه " ( 273 ) و صححه الحاكم و
الخطابي و الذهبي و غيرهم كما بينته في " صحيح أبي داود " ( رقم 417 ) . و
العمل بهذا الحديث هو الذي عليه جماهير العلماء ، من الصحابة و التابعين و
الأئمة المجتهدين ، و منهم الإمام أحمد أن التعجيل بصلاة الفجر أفضل ، لكن ذكر
ابن قدامة في " المقنع " ( 1 / 105 ) رواية أخرى عن الإمام أحمد : " إن أسفر
المأمومون فالأفضل الإسفار " ، و احتج له في الشرح بحديث معاذ هذا ، و عزاه
لأبي سعيد الأموي في مغازيه !

(2/454)


956 - " إذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره ، فلا ينظرن إلى شيء من عورته ، فإن أسفل من
سرته إلى ركبتيه من عورته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 372 ) :
ضعيف مضطرب . يرويه سوار بن داود أبو حمزة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
، فرواه هكذا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي و عبد الله بن بكر السهمي - المعنى
واحد - قالا : حدثنا سوار به . أخرجه الإمام أحمد ( رقم 6756 ) عنهما معا هكذا
، و أخرجه الدارقطني ( 85 ) و عنه البيهقي ( 2 / 228 - 229 ) و الخطيب في "
تاريخ بغداد " ( 2 / 278 ) و كذا العقيلي في " الضعفاء ( 173 - 174 ) عن السهمي
وحده . و تابعهما وكيع عن سوار لكنه قلب اسمه فقال : " داود بن سوار " بلفظ : "
إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره ، فلا ينظر إلى ما دون السرة و فوق الركبة "
. أخرجه أبو داود ( 1 / 185 - 186 - عون ) و قال : وهم وكيع في اسمه ، و روى عن
أبو داود الطيالسي هذا الحديث فقال : حدثنا أبو حمزة سوار الصيرفي " . و خالفهم
النضر بن شميل فقال : أنبأنا أبو حمزة الصيرفي و هو سوار بن داود به بلفظ : "
إذا زوج أحدكم عبده : أمته أو أجيره ، فلا تنظر الأمة إلى شيء من عورته ، فإن
ما تحت السرة إلى الركبة من العورة " . أخرجه الدارقطني و عنه البيهقي . فهذه
الرواية على خلاف الروايات السابقة فإنها صريحة في أن المنهي عنه النظر إنما هي
الأمة ، و أن ضمير " عورته " راجع إلى " أحدكم " و المقصود به السيد ، و هذه
الرواية أرجح عندي لسببين : الأول : أنها أوضح في المعنى من الأولى لأنها لا
تحتمل إلا معنى واحدا ، بخلاف الأولى ، فإنها تحتمل معنيين : أحدهما يتفق مع
معنى هذه ، و الآخر يختلف عنه تمام الاختلاف ، و هو الظاهر من المعنيين ، و هو
أن المنهي عن النظر إنما هو السيد ، و أن ضمير " عورته " راجع إلى العبد أو
الأجير أي الأمة ، و لهذا استدل بعض العلماء بهذه الرواية على أن عورة الأمة
كعورة الرجل ما بين السرة و الركبة ، قال : " و يريد به ( يعني بقوله : عبده أو
أجيره ) الأمة ، فإن العبد و الأجير لا يختلف حاله بالتزويج و عدمه " <1> لكن
المعنى الأول أرجح بدليل هذه الرواية التي لا تقبل غيره و يؤيده السبب الآتي و
هو : الآخر : أن الليث بن أبي سليم قد تابع سوارا في روايته عن عمرو به ، و
لفظه : " إذا زوج أحدكم أمته أو عبده أو أجيره ، فلا تنظر إلى عورته ، و العورة
ما بين السرة و الركبة " . أخرجه البيهقي ( 2 / 229 ) عن الخليل بن مرة عن
الليث . و هذا السند إلى عمرو ، و إن كان ضعيفا ، فإنه لا بأس به في الشواهد و
المتابعات ، و هذا صريح في المعنى الأول لا يحتمل غيره أيضا ، لكن روي الحديث
بلفظ آخر ، لا يحتمل إلا المعنى الآخر ، و هو من طريق الوليد : حدثنا الأوزاعي
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ : " إذا زوج أحدكم عبده أو أمته
( أو أجيره ) فلا ينظرن إلى عورتها " . كذا قال " عورتها " . أخرجه البيهقي ( 2
/ 226 ) ، و الوليد هو ابن مسلم و هو يدلس تدليس التسوية ، و قد عنعن بين
الأوزاعي و عمرو ، ثم هو لو صح ، فليس فيه تعيين العورة من الأمة ، و لذلك قال
البيهقي بعد أن أتبع هذه الرواية برواية وكيع المتقدمة : " و هذه الرواية إذا
قرنت برواية الأوزاعي دلنا على أن المراد بالحديث نهي السيد عن النظر إلى
عورتها إذا زوجها ، و أن عورة الأمة ما بين السرة و الركبة ، و سائر طرق هذا
الحديث يدل ، و بعضها ينص على ( أن ) المراد به نهي الأمة عن النظر إلى عورة
السيد ، بعد ما زوجت ، أو نهي الخادم من العبد و الأجير عن النظر إلى عورة
السيد بعدما بلغا النكاح ، فيكون الخبر واردا في بيان مقدار العورة من الرجل ،
لا في بيان مقدارها من الأمة " . و جملة القول أن الحديث اضطرب فيه سوار ، فلا
يطمئن القلب إلى ترجيح رواية من روايتيه و إن كنا نميل إلى الرواية التي وافقه
عليها الليث بن أبي سليم و إن كان ضعيف ، فإن اتفاق ضعيفين على لفظ من لفظين
، أولى بالترجيح من اللفظ الآخر الذي تفرد به أحدهما ، هذا لو اتفق الرواة عنه
فيه ، فكيف و قد اختلفوا ، و البيهقي ، و إن مال إلى أن الحديث ورد في عورة
الرجل لا الأمة ، فقد جزم بضعفه للاختلاف الذي ذكرنا ، فقال : " فأما حديث عمرو
بن شعيب فقد اختلف في متنه ، فلا ينبغي أن يعتمد عليه في عورة الأمة و إن كان
يصلح الاستدلال به و سائر ما يأتي عليه معه في عورة الرجل ، و بالله التوفيق "
. و إذا عرفت ذلك ، فمن الغرائب أن تتبنى بعض المذاهب هذا الحديث فتقول : بأن
الأمة عورتها عورة الرجل ! و يرتب على ذلك جواز النظر إليها بل هذا ما صرح به
بعضهم ، فقالوا : فيجوز للأجنبي النظر إلى شعر الأمة و ذراعها و ساقها و صدرها
و ثديها " ! ذكره الجصاص في " أحكام القرآن " ( 3 / 390 ) ، و لا يخفى ما في
ذلك من فتح باب الفساد ، مع مخالفة عمومات النصوص التي توجب على النساء إطلاقا
التستر ، و على الرجال غض البصر انظر كتابنا " حجاب المرأة المسلمة " ( 22 - 25
) .
-----------------------------------------------------------
[1] انظر الحاشية على " المقنع " ( 1 / 110 ) . اهـ .

(2/455)


957 - " إن الله عز وجل قد رفع لي الدنيا ، فأنا أنظر إليها و إلى ما هو كائن فيها
إلى يوم القيامة كأنما أنظر إلى كفي هذه ، جليانا من أمر الله عز وجل جلاه
لنبيه كما جلاه للنبيين قبله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 374 ) :
ضعيف جدا . رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 101 ) من طريق الطبراني :
حدثنا بكر بن سهل : حدثنا نعيم بن حماد : حدثنا بقية عن سعيد بن سنان : حدثنا
أبو الزاهرية عن كثير بن مرة عن ابن عمر مرفوعا . قلت : و هذا إسناد واه
فيه أربع علل : 1 - سعيد بن سنان متروك ، و رماه الدارقطني و غيره بالوضع . 2 -
و بقية مدلس و قد عنعنه . 3 - و نعيم بن حماد ضعيف . 4 - و بكر بن سهل ضعيف
أيضا . و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 287 ) و قال : " رواه
الطبراني ، و رجاله وثقوا على ضعف كثير في سعيد بن سنان الرهاوي " .

(2/456)


958 - " كان لا يمس من وجهي شيئا و أنا صائمة ، قالته عائشة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 374 ) :
منكر . رواه ابن حبان في صحيحه ( 904 ) : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع
حدثنا عثمان بن أبي ( شيبة : حدثنا وكيع عن ) <1> زكريا بن أبي زائدة عن العباس
بن ذريح عن الشعبي عن محمد بن الأشعث عن عائشة قالت : فذكره مرفوعا إلى
النبي صلى الله عليه وسلم و قد رواه الإمام أحمد ( 6 / 162 ) فقال : حدثنا وكيع
عن زكريا به ... مثله ، يعني مثل حديث ساقه قبله فقال : حدثنا يحيى بن زكريا
حدثني أبي عن صالح الأسدي عن الشعبي عن محمد بن الأشعث ابن قيس عن عائشة أم
المؤمنين قالت : " ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع من شيء من وجهي و
هو صائم " . قلت : و في هذا السياق مخالفتان : الأولى في السند ، و الأخرى في
المتن . أما المخالفة في السند ، فهي أنه جعل مكان العباس بن ذريح ، صالحا
الأسدي ، و هو صالح بن أبي صالح الأسدي ، و هو مجهول كما يشير إلى ذلك الذهبي
بقوله : " تفرد عنه زكريا بن أبي زائدة " . و قد قيل : عنه عن محمد بن الأشعث
عن عائشة بإسقاط الشعبي من بينهما ، أخرجه النسائي و قال : " إنه خطأ ، و
الصواب الأول " كما في " تهذيب التهذيب " . و أخرجه النسائي في " العشرة " من "
الكبرى " ( ق 84 / 1 ) من طريق زياد بن أيوب قال حدثنا ابن أبي زائدة قال :
أخبرني أبي صالح الأسدي عن الشعبي به ، فهذا يرجح رواية أحمد عن وكيع ، و يدل
على أن رواية ابن حبان شاذة . ثم رأيتها في " مصنف ابن أبي شيبة " ( 3 / 60 )
عن وكيع مثل رواية أحمد . و أما الاختلاف في المتن فظاهر بأدنى تأمل ، و ذلك أن
يحيى بن زكريا ، جعل المتن نفي امتناعه صلى الله عليه وسلم من تقبيل وجه عائشة
و هو صائم ، بينما جعله وكيع - في رواية ابن حبان - نفي تقبيله صلى الله عليه
وسلم لها و هي صائمة ! فإذا كان لفظ رواية وكيع عند أحمد ، مثل لفظ رواية يحيى
بن زكريا كما يدل عليه إحالة أحمد عليه بقوله : " مثله " كما سبقت الإشارة إليه
، إذا كان الأمر كذلك كانت رواية وكيع عند ابن حبان شاذة لمخالفتها ، لروايته
عند أحمد و رواية يحيى بن زكريا ، و يؤكد هذا موافقة لفظ زياد بن أيوب عند
النسائي للفظ أحمد . و سواء كان الأمر كما ذكرنا أو لم يكن ، فإننا نقطع بأن
هذه الرواية شاذة بل منكرة ، لمخالفتها للحديث الثابت بالسند الصحيح عن عائشة
أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبلها و هما صائمان ، فقال الإمام أحمد ( 6 / 162
) : حدثنا يحيى بن زكريا قال : أخبرني أبي عن سعد بن إبراهيم عن رجل من قريش من
بني تميم يقال له طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت : " تناولني رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فقلت : إني صائمة ، فقال : و أنا صائم " . و هذا سند صحيح ، و
قد رواه جماعة من الثقات عن سعد بن إبراهيم به نحوه كما بينته في " الأحاديث
الصحيحة " فانظر " كان يقبلني ... " ( رقم 219 ) . و علة حديث الترجمة إنما هي
تفرد محمد بن الأشعث بهما ، و هن في عداد مجهولي الحال . فقد أورده البخاري في
" التاريخ الكبير " ( 1 / 1 / 16 ) و ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 206 ) و لم يذكرا
فيه جرحا و لا تعديلا ، نعم ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 3 / 231 ) و روى عنه
جمع من الثقات ، فمثله حسن الحديث عندي إذا لم يخالف ، و لكن لما كان قد تفرد
بهذا الحديث و خالف فيه الثقة و هو طلحة بن عبد الله بن عثمان القرشي الذي أثبت
أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة و هي صائمة ، كان الحديث بسبب هذه
المخالفة شاذا بل منكرا و قد اتق الشيخان على إخراج حديثها بلفظ : " كان يقبل و
هو صائم " و ليس فيه بيان أنها كانت صائمة أيضا كما في حديث القرشي عنها و قد
خفي هذا على بعض أهل العلم ، كما خفي عليه حال هذا الحديث المنكر ، فقال
الصنعاني في " سبل السلام " ( 2 / 218 ) : " تنبيه " : قولها : " و هو صائم "
لا يدل على أنه قبلها و هي صائمة فقد أخرج ابن حبان بإسناده ( عنها ) أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان لا يمس وجهها و هي صائمة ، و قال : ليس بين الخبرين
تضاد ، إنه كان يملك إربه ، و نبه بفعله ذلك على جواز هذا الفعل لمن هو بمثابة
حاله ، و ترك استعماله إذا كانت المرأة صائمة ، علما منه بما ركب في النساء من
الضعف عند الأشياء التي ترد عليهن ، انتهى " . فقد فات ابن حبان حديث القرشي
المشار إليه ، و تبعه عليه الصنعاني ، و ذهل هذا عن علة حديث ابن حبان ! و تبعه
على ذلك الشوكاني ( 4 / 180 ) . و لكن هذا لم يفته حديث القرشي ، بل ذكره من
طريق النسائي ، فالعجب منه كيف ذكر الحديثين دون أن يذكر التوفيق بينهما ، و
الراجح من المرجوح منهما . فهذا هو الذي حملني على تحرير القول في نكارة هذا
الحديث ، و الله ولي التوفيق . ثم إني لما رأيت الحديث في " المصنف " و وجدت
متنه بلفظ : " كان لا يمتنع من وجهي و أنا صائمة " ، تيقنت شذوذ لفظ ابن حبان ،
كما تبينت أنه لا علاقة لابن الأشعث به ، و إنما هو من ابن حبان نفسه أو من
شيخه عمران ، و الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] سقطت هذه الزيادة من النسخة المطبوعة ، فاستدركتها من أصلها المخطوط
المحفوظ في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة ( ق 68 / 1 ) بعد أن ضيعت
وقتا كثيرا في معرفة عثمان بناء على ما وقع في المطبوعة ! و أما فهرس الخطأ
فيها ، فقد جاء التصويب فيه خطأ أيضا ! . اهـ .

(2/457)


959 - " الوضوء مما خرج و ليس مما دخل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 376 ) :
منكر . رواه ابن عدي ( 194 / 2 ) و الدارقطني ( ص 55 ) و البيهقي ( 1 / 116
) عن الفضل بن المختار عن ابن أبي ذئب عن شعبة - يعني - مولى ابن عباس عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال البيهقي : " لا يثبت " .
قلت : و له ثلاث علل : الأولى : الفضل بن المختار ، و هو أبو سهل البصري و هو
متروك ، قال أبو حاتم : " أحاديثه منكرة ، يحدث بالأباطيل " . و قال ابن عدي :
" عامة أحاديثه منكرة لا يتابع عليها " . و ساق له الذهبي أحاديث ، قال في واحد
منها : يشبه أن يكون موضوعا " ، و في الأخرى ، " هذه أباطيل و عجائب " !
الثانية : شعبة مولى ابن عباس ، و هو صدوق سيء الحفظ ، كما في " التقريب " . و
قال في " التلخيص " ( ص 43 ) : " و في إسناده الفضل بن المختار ، و هو ضعيف جدا
، و فيه شعبة مولى ابن عباس و هو ضعيف ، و قال ابن عدي : الأصل في هذا الحديث
أنه موقوف ، و قال البيهقي : لا يثبت مرفوعا ، و رواه سعيد بن منصور موقوفا من
طريق الأعمش عن أبي ظبيان عنه ، و رواه الطبراني من حديث أبي أمامة ، و إسناده
أضعف من الأول و من حديث ابن مسعود موقوفا " . قلت : فقد أشار الحافظ إلى أن في
الحديث علة أخرى و هي : الثالثة : و هي الوقف ، فإن شعبة المذكور علاوة على
كونه ضعيفا ، فقد خالفه الثقة أبو ظبيان و هو حصين بن جندب الجهني فقال : عن
ابن عباس في الحجامة للصائم قال : " الفطر مما دخل ، و ليس مما خرج ، و الوضوء
مما خرج و ليس مما دخل " . رواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان .
ذكره الحافظ في " الفتح " ( 4 / 141 ) و قد علقه البخاري في " صحيحه " مجزوما
به مقتصرا على الشطر الأول منه " و قد وصله أيضا البيهقي في " سننه " ( 1 / 116
و 4 / 261 ) من طريق أخرى عن وكيع به ، و هذا سند صحيح موقوف ، فهو الصواب كما
أشار إلى ذلك ابن عدي ثم البيهقي ثم الحافظ . و أما حديث أبي أمامة الذي أشار
إليه الحافظ في كلامه السابق فهو الآتي عقبه . ( تنبيه ) : ذكر الشوكاني حديث
الترجمة هذا بلفظ : الفطر مما دخل ، و الوضوء مما خرج " و قال : " أخرجه
البخاري تعليقا ، و وصله البيهقي و الدارقطني و ابن أبي شيبة " . ثم ضعفه
بالفضل بن المختار ، و شعبة مولى ابن عباس . أقول : و في هذا التخريج على
إيجازه أوهام لابد من التنبيه عليها . الأول : أن الحديث عند البخاري و ابن أبي
شيبة موقوف و ليس بمرفوع كما تقدم . الثاني : أن إسنادهما صحيح و ليس بضعيف .
الثالث : أن البخاري لم يخرجه بتمامه ، بل الشطر الأول منه فقط ، كما سبق منا
التنصيص عليه . و قد وقع في بعض هذه الأوهام الصنعاني قبل الشوكاني ! فإنه ذكر
الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مجزوما به بلفظ : " الفطر مما دخل
و ليس مما خرج " . ثم قال في تخريجه : " علقه البخاري عن ابن عباس ، و وصله عنه
ابن أبي شيبة " . فوهم الوهم الأول ، و زاد وهما آخر ، و هو أن المرفوع صحيح
لجزمه به و عدم ذكر علته ، فهذا و ذاك هو الذي حملني على تحقيق القول في هذا
الحديث لكيلا يغتر بكلامهما من لا علم عنده بأوهامهما . هذا و للحديث شاهد من
رواية أبي أمامة ، و لكنه ضعيف جدا و هو : " إنما الوضوء علينا مما خرج ، و ليس
علينا مما دخل " .

(2/458)


960 - " إنما الوضوء علينا مما خرج ، و ليس علينا مما دخل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 378 ) :
ضعيف جدا . رواه الطبراني في " الكبير " عن أبي أمامة قال : دخل رسول
الله صلى الله عليه وسلم على صفية بنت عبد المطلب فغرفت له ، أو فقربت له علقا
فوضعته بين يديه ، ثم غرفت أو قربت آخر فوضعته بين يديه فأكل ، ثم أتى المؤذن
فقال : الوضوء الوضوء ، فقال " فذكره . قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 152 )
: " و فيه عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد ، و هما ضعيفان لا يحل الاحتجاج
بهما " . قلت : و لذلك قال الحافظ فيما سبق نقله عنه في الكلام على الحديث الذي
قبله . " إنه أشد ضعفا منه " .

(2/459)


961 - " إنما الإفطار مما دخل ، و ليس مما خرج " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 378 ) :
ضعيف . أخرجه أبو يعلى في " مسنده " : حدثنا أحمد بن منيع : حدثنا مروان بن
معاوية عن رزين البكري قال : حدثنا مولاة لنا يقال لها : سلمى من بكر بن وائل
أنها سمعت عائشة تقول : " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :
يا عائشة هل من كسرة ؟ فأتيته بقرص ، فوضعه في فيه و قال : يا عائشة هل دخل
بطني منه شيء ؟ كذلك قبلة الصائم ، إنما الإفطار .... " . قلت : و هذا سند ضعيف
، من أجل سلمى هذه ، فإنها لا تعرف كما في " التقريب " ، و رزين البكري إن كان
هو الجهني فثقة ، و إلا فمجهول . و قد أشار إلى ذلك الهيثمي في " المجمع " ( 3
/ 167 ) قال : " رواه أبو يعلى و فيه من لم أعرفه " . و الصواب في الحديث أنه
موقوف على ابن عباس كما سبق بيانه قبل حديث .

(2/460)


962 - " ما فضلكم أبو بكر بكثرة صيام و لا صلاة ، و لكن بشيء وقر في صدره " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 378 ) :
لا أصل له مرفوعا . قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 30 و
105 طبعة الحلبي ) : " رواه الترمذي الحكيم في " النوادر " من قول بكر بن عبد
الله المزني ، و لم أجده مرفوعا " . و أقره الحافظ السخاوي في " المقاصد
الحسنة " ( رقم 970 ) . و من المؤسف أن يسمع هذا الحديث من بعض الوعاظ في
المسجد النبوي ، سمعته منه في أواسط شهر شوال سنة 1382 هـ مصرحا بصحته ، و قد
حاولت الاتصال به بعد فراغه من الوعظ ، و استدللت على المنزل الذي كان حل فيه ،
ثم عرض لي ما حال بيني و بين ذلك ، ثم سافر في اليوم الثاني ، فعسى أن يطلع على
هذه الكلمة ، فتكون له و لغيره تذكرة ، *( و الذكرى تنفع المؤمنين )* .

(2/461)


963 - " كان يخطب يوم الجمعة ، و يوم الفطر ، و يوم الأضحى على المنبر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 379 ) :
ضعيف . قال الهيثمي ( 2 / 183 ) و قد ذكره من حديث ابن عباس : " رواه
الطبراني في " الكبير " و فيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، ضعفه
أحمد و ابن المديني و البخاري و النسائي ، و بقية رجاله موثقون " . قلت : و قال
الحافظ في الحسين هذا : " ضعيف " . قلت : و مما يدل على ضعفه روايته مثل هذا
الحديث ، فإن من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يصلي الفطر و
الأضحى في المصلى ، و لم يكن ثمة منبر يرقى عليه ، و لا كان كان يخرج منبره
، من المسجد إليه ، و إنما كان يخطبهم قائما على الأرض ، كما ثبت في " الصحيحين
" و غيرهما من حديث جابر ، و أول من أخرج المنبر إلى المصلى مروان بن الحكم
، فأنكر عليه أبو سعيد الخدري كما في " الصحيحين " عنه قال : " كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم الفطر و يوم الأضحى بالمصلى ، فأول شيء يبدأ به الصلاة
، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس .... فلم يزل الناس على ذلك ، حتى خرجت مع مروان
، و هو أمير المدينة في أضحى أو فطر ، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن
الصلت ، فإذا مروان فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي ، فجبذت بثوبه ... "
الحديث انظر " فتح الباري " ( 2 / 359 ) . و أما الحديث الذي رواه المطلب بن
عبد الله بن حنطب عن جابر قال : " شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأضحى
بالمصلى ، فلما صلى و قضى خطبته نزل عن منبره ، فأتى بكبش فذبحه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بيده و قال : بسم الله ، و الله أكبر ، هذا عني ، و عمن لم يضح
من أمتي " . أخرجه أبو داود ( 2 / 5 ) و الدارقطني ( 544 ) و أحمد ( 3 / 362 )
. قلت : فهذا معلول بالانقطاع بين المطلب و جابر ، فقد قال أبو حاتم : " المطلب
لم يسمع من جابر و لم يدرك أحدا من الصحابة إلا سهل بن سعد و من في طبقته " . و
قال مرة : " يشبه أنه أدركه " يعني جابرا . فإن صح هذا فعلته عنعنة المطلب ،
فإنه مدلس قال الحافظ : " صدوق كثير التدليس و الإرسال " . قلت : فمثله لا يحتج
به لاسيما و الحديث في الصحيحين من طريق أخرى عن جابر و ليس فيه ذكر المنبر كما
تقدم .

(2/462)


964 - " كان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها و هو على المنبر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 380 ) :
لا أصل له بهذه الزيادة و " و هو على المنبر " . فيما أعلم و قد أورده هكذا
الزرقاني في " شرح المواهب الدنية " ( 7 / 394 ) من رواية أبي داود و الصنعاني
في " سبل السلام " ( 2 / 65 ) من روايته من حديث البراء بلفظ : " كان إذا خطب
يعتمد على عنزة له " . و الذي رأيته في " سنن أبي داود " ( 1 / 178 ) من طريق
أبي جناب عن يزيد بن البراء عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نوول يوم
العيد قوسا فخطب عليه ، و كذا رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه
وسلم " ( ص 146 ) و ابن أبي شيبة ( 2 / 158 ) و رواه أحمد ( 4 / 282 ) مطولا و
كذا الطبراني و صححه ابن السكن فيما ذكره الحافظ في " التلخيص " ( 137 ) ، و
فيه نظر فإن أبا جناب و اسمه يحيى بن أبي حية ضعيف ، قال الحافظ في " التقريب "
: " ضعفوه لكثرة تدليسه " . فأنت ترى أنه ليس في الحديث أن ذلك كان على المنبر
، و يوم الجمعة ، بل هو صريح في يوم العيد دون المنبر ، و لم يكن صلى الله عليه
وسلم يخطب فيه على المنبر ، لأنه كان يصلي في المصلى ، و لذلك لم يصح التعقب به
- كما فعل الزرقاني تبعا لأصله : القسطلاني - على ابن القيم في قوله في " زاد
المعاد " ( 1 / 166 ) : " و لم يكن يأخذ بيده سيفا و لا غيره ، و إنما كان
يعتمد على عصا ، و لم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف ، و ما يظنه بعض الجهال أنه
كان يعتمد على السيف دائما ، و أن ذلك إشارة إلى الدين قام بالسيف فمن فرط جهله
، فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف و لا قوس و لا غيره ،
و لا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفا ألبتة ، و إنما كان يعتمد على عصا أو قوس "
. فقوله " قبل أن يتخذ المنبر " صواب لا غبار عليه ، و إن نظر فيه القسطلاني و
تعقبه الزرقاني كما أشرنا آنفا ، و ذلك قوله في شرحه : " كيف و في أبي داود :
كان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها و هو على المنبر " ! فقد علمت مما سبق أن
هذا لا أصل له عند أبي داود ، بل و لا عند غيره من أهل السنن الأربعة و غيرهم ،
فقد تتبعت الحديث فيما أمكنني من المصادر ، فوجدته روي عن جماعة من الصحابة ، و
هم الحكم بن حزن الكلفي و عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عباس و سعد القرظ
المؤذن ، و عن عطاء مرسلا ، و ليس في شيء منها ما ذكره الزرقاني ، و إليك ألفاظ
أحاديثهم ما تخريجها : 1 - عن الحكم بن حزن قال : " شهدنا الجمعة مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على عصا أو قوس ، فحمد الله ، و أثنى عليه
.. " الحديث . أخرجه أبو داود ( 1 / 172 ) بسند حسن و كذا البيهقي ( 3 / 206 )
و أحمد و ابنه في " زوائد المسند " ( 4 / 212 ) ، قال الحافظ في " التلخيص " (
137 ) : " و إسناده حسن ، فيه شهاب بن خراش ، و قد اختلف فيه ، و الأكثر وثقوه
و قد صححه ابن السكن و ابن خزيمة " . 2 - عن عبد الله بن الزبير ." أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يخطب بمخصرة في يده " . أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (
1 / 377 ) و أبو الشيخ ( 155 ) بسند رجاله ثقات ، غير أن فيه ابن لهيعة ، سيء
الحفظ . 3 - عن عبد الله بن عباس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يخطبهم يوم الجمعة في السفر ، متوكئا على قوس قائما " . رواه أبو الشيخ ( 146 )
بسند واه جدا ، فيه الحسن بن عمارة و هو متروك . 4 - عن سعد القرظ المؤذن " أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب في الحرب خطب على قوس ، و إذا خطب في
الجمعة خطب على عصا " . أخرجه البيهقي ( 3 / 206 ) ، و فيه عبد الرحمن بن سعد
بن عمار و هو ضعيف . 5 - عن عطاء يرويه عنه ابن جريج قال : " قلت لعطاء : أكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على عصا إذا خطب ؟ قال : نعم ، كان يعتمد
عليها اعتمادا " . أخرجه الشافعي في " الأم " ( 1 / 177 ) و في " المسند " ( 1
/ 163 ) و البيهقي من طريقين عن ابن جريج به ، فهو إسناد مرسل صحيح ، و أما قول
الحافظ : " رواه الشافعي عن إبراهيم عن ليث بن أبي سليم عن عطاء مرسلا ، و ليث
ضعيف " . فوهم منه تبعه عليه الشوكاني ( 3 / 228 ) ، فليس الحديث عنده بهذا
الإسناد ، ثم لو كان كذلك فهو ضعيف جدا ، لأن إبراهيم - و هو ابن أبي يحيى
الأسلمي - أشد ضعفا من الليث ، فإنه متهم بالكذب . و جملة القول : أنه لم يرد
في حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتمد على العصا أو القوس و هو على المنبر
، فلا يصح الاعتراض على ابن القيم في قوله : أنه لا يحفظ عن النبي صلى الله
عليه وسلم بعد اتخاذه المنبر أنه كان يرقاه بسيف و لا قوس و غير ، بل الظاهر من
تلك الأحاديث الاعتماد على القوس إذا خطب على الأرض ، و الله أعلم . فإن قيل :
في حديث الحكم بن حزن المتقدم أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة
متوكئا على عصا أو قوس ، و قد ذكروا في ترجمته أنه أسلم عام الفتح ، أي سنة
ثمان ، و أن المنبر عمل به سنة سبع فتكون خطبته صلى الله عليه وسلم المذكورة
على المنبر ، ضرورة أنه رآه يخطب بعد أن اتخذ له المنبر ، و هذا ظاهر مع تذكر
أنه لا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة في غير مسجده صلى الله
عليه وسلم . قلت : الاستنتاج صحيح لو أن المتقدمين المذكورين ثابتان ، و ليس
كذلك ، أما الأولى : و هي أن الحكم أسلم عام الفتح ، فهذا لم أر من ذكره ممن
ألف في تراحم الصحابة و غيرهم ، و إنما ذكره الصنعاني في " سبل السلام " ( 2 /
65 ) عند الكلام على حديثه المتقدم ، فقال : " قال ابن عبد البر : إنه أسلم عام
الفتح ، و قيل : يوم اليمامة ، و أبوه حزن بن أبي وهب المخزومي " . و قد رجعت
إلى كتاب " الاستيعاب " لابن عبد البر ، فلم أره ذكر ذلك . ثم عدت إلى الكتب
الأخرى مثل " أسد الغابة " لابن الأثير و " تجريده " للذهبي ، و " الإصابة " و
" تهذيب التهذيب " للعسقلاني ، فلم أجدهم زادوا على ما في " الاستيعاب " ! فلو
كان لذلك أصل عند ابن عبد البر لما خفي عليهم جميعا ، و لما أغفلوه ، لاسيما ،
و ترجمته عندهم جرداء ليس فيها إلا أنه روى هذا الحديث الواحد ! <1> ثم إن في
حديثه ما قد يمكن أن يؤخذ منه أن إسلامه قد كان متقدما على عام الفتح فإنه قال
: " وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة أو تاسع تسعة ، فقلنا :
يا رسول الله زرنالك فادع الله لنا بخير ، فأمر بنا ، أو أمر لنا بشيء من التمر
، و الشأن إذا ذاك دون ، فأقمنا أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم .... " الحديث . فقوله : " و الشأن إذا ذاك دون " يشعر بأنه قدم عليه
صلى الله عليه وسلم و الزمان زمان فقر و ضيق في العيش ، و ليس هذا الوصف بالذي
ينطبق على زمان فتح مكة كما هو ظاهر ، فإنه زمن فتح و نصر و خيرات و بركات ،
فالذي يبدو لي أنه أسلم في أوائل قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة ، و الله
أعلم . و قول الصنعاني : " و أبوه حزن بن أبي وهب المخزومي خطأ آخر ، لا أدري
كيف وقع له هذا و الذي قبله فإن حزن بن أبي وهب مخزومي و ليس كلفيا ، و هو سعيد
بن المسيب بن حزن . و أما المقدمة الأخرى و هي أن المنبر عمل به صلى الله عليه
وسلم سنة سبع ، فهذا مما لا أعلم عليه دليلا إلا جزم ابن سعد بذلك ، و لكن
الحافظ ابن حجر لم يسلم به و نظر فيه لأمرين ، أصححهما أنه خلاف ما دل عليه
حديث ابن عمر : " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن قال له تميم الداري :
ألا أتخذ لك منبرا يا رسول الله يجمع أو يحمل عظامك ؟ قال : بلى ، فاتخذ له
منبرا مرقاتين " . أخرجه أبو داود ( 1 / 170 ) بسند جيد كما قال الحافظ ( 2 /
318 ) . و تميم الداري إنما كان إسلامه سنة تسع فدل على أن المنبر إنما اتخذ في
هذه السنة لا قبلها ، و لكن قال الحافظ : " و فيه نظر أيضا لما ورد في حديث
الإفك في " الصحيحين " عن عائشة قالت : " فثار الحيان الأوس و الخزرج حتى كادوا
أن يقتلوا . و رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فخفضهم حتى سكتوا " .
فإن حمل على التجوز في ذكر المنبر ، و إلا فهو أصح مما مضى " . و يشير الحافظ
بهذا إلى أن قصة الإفك وقعت في غزوة المريسيع سنة أربع أو خمس على قولين ، و
رجح الحافظ ( 7 / 345 ) الثاني ، و عليه فقد كان المنبر موجودا في السنة
الخامسة ، فهو يعارض ما دل عليه حديث تميم فلابد من التوفيق بينهما ، و ذلك
يحمل ذكر المنبر في حديث الإفك على التجوز كما ذكره الحافظ . و الله أعلم . و
سواء ثبت هذا الجمع أو لم يثبت ، فيكفي في الدلالة على عدم صحة ذلك الاستنتاج
ثبوت ضعف المقدمة الأولى و هي كون الحكم بن حزن أسلم سنة ثمان ، و الله أعلم .
-----------------------------------------------------------

[1] ثم إنه كلفي ، نسبة إلى كلفة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ،
فليس مخزوميا . اهـ .

(2/463)


965 - " إذا دخل النور القلب انفسح و انشرح ، قالوا : فهل لذلك إمارة يعرف بها ؟ قال
: الإنابة إلى دار الخلود ، و التنحي عن دار الغرور ، و الاستعداد للموت قبل
الموت " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 383 ) :
ضعيف . روي من حديث عبد الله بن مسعود و عبد الله بن عباس ، و من حديث
الحسن البصري ، و أبي جعفر المدائني كلاهما مرسلا . 1 - أما حديث ابن مسعود ،
فله ثلاث طرق : الأولى : عن سعيد بن عبد الملك بن واقد الحراني : حدثنا محمد بن
مسلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة
عنه . أخرجه ابن جرير ( 12 / 100 / 13855 ) . قلت : و هذا سند ضعيف و فيه
علتان : أ - ضعف الحراني هذا ، ضعفه الدارقطني و غيره . ب - الانقطاع بين أبي
عبيدة و أبيه عبد الله بن مسعود فإنه لم يسمع منه . الثانية : عن عدي بن الفضل
، عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن
ابن مسعود . أخرجه الحاكم ( 4 / 311 ) ساكتا عنه ، و تعقبه الذهبي بقوله : "
عدي ساقط " . قلت : قال ابن معين و أبو حاتم : " متروك الحديث " . قلت : و شيخه
المسعودي كان اختلط ، و اسم جده عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي . الثالثة
: عن محبوب بن الحسن الهاشمي عن يونس عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة عن عبد
الله بن مسعود به نحوه . أخرجه ابن جرير ( رقم 13857 ) . قلت : و هذا سند ضعيف
، محبوب هذا - و هو لقبه و اسمه محمد - مختلف فيه ، قال ابن معين : ليس به بأس
، و قال أبو حاتم : ليس بالقوي ، و قال النسائي : ضعيف . و ذكره ابن حبان في "
الثقات " ، و روى له البخاري متابعة . و أما الراوي عنه يونس فهو ابن عبيد ،
ثقة من رجال الشيخين ، و هو أكبر سنا من المسعودي فهو من رواية الأكابر عن
الأصاغر . و أما ابن عتبة فهو المسعودي الذي في السند الذي قبله ، و قد أشكل
هذا على الأستاذ الأديب محمود محمد شاكر في تعليقه على تفسير ابن جرير من جهة
أنهم لم يذكروا في الرواة عنه يونس بي عبيد ، مع كونه في طبقة شيوخ المسعودي ،
فلو كان يونس روى عنه لذكر مثل ذلك في ترجمة عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة .
ثم رجح أن الصواب " عن يونس عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عتبة " . و هو
عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي ، و ليس هو والد عبد الرحمن كما هو ظاهر من
نسبهما ، قال الأستاذ مبررا لترجيحه : " و هو الذي يروي عن عمه " عبد الله بن
مسعود " و ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم و رآه و مات سنة ( 74 ) ، فهو
الخليق أن يروي عن يونس بن عبيد " . قلت : هكذا قال ، و أنا أرى أن ذلك بعيد عن
الصواب لوجوه : أولا : أن الإشكال من أصله غير وارد ، لأنه إنما يمكن القول به
على فرض صحة السند بذلك ، أما و هو ضعيف من أجل محبوب ، فلا إشكال لأنه يمكن أن
يقال حينئذ : أخطأ محبوب في تسمية شيخ يونس ، و لا ضرورة بعد ذلك إلى محاولة
الكشف عن خطإه و بيان الصواب فيه بمجرد الظن كما صنع الأستاذ . ثانيا : إن
حضرته في سبيل الخلاص من إشكال ، و قع في إشكال آخر و هو تصويبه أنه من رواية
يونس بن عبيد عن عبد الله بن عتبة الذي توفي سنة ( 74 ) . و قد ذكر هو نفسه أن
يونس ابن عبيد مات سنة ( 140 ) و الصواب أنه مات قبل ذلك بسنة ، و على ذلك
فتبين وفاتيهما ( 65 ) سنة ، فكم كان سن يونس حين وفاة ابن عتبة ؟ ذلك مما لم
يصرحوا به ، و لكن يمكن استنتاج ذلك من قول حميد بن الأسود " كان أسن من ابن
عون بسنة " . و إذا رجعنا إلى ترجمة ابن عون و اسمه عبد الله وجدنا أن مولده
كان سنة ( 66 ) فإن مولد يونس يكون سنة ( 65 ) فإذا طرحنا هذا من ( 74 ) سنة
وفاة ابن عتبة عرفنا أن سن يونس حين وفاة ابن عتبة إنما هو تسع سنين ، فهل يمكن
لمن كان في مثل هذه السن أن يتلقى العلم عن الشيوخ و يحفظه ؟ لسنا نشك أن ذلك
ممكن ، و لكنه بلا ريب شيء نادر ، فادعاء وقوع مثله مما لا تطمئن النفس إليه
إلا إن جاء ذلك بالسند الصحيح فيما نحن فيه ، و هيهات ، فإنه لو ثبت أن يونس بن
عبيد روى عن ابن عتبة لذكروا ذلك في ترجمته ، لأنه يكون إسنادا عاليا ، لا يغفل
مثله عادة لو صح ، و قد ذكروا فيها كثيرا من شيوخه من التابعين ، أقدمهم وفاة
حصين بن أبي الحر ، عاش إلى قرب التسعين و إبراهيم التيمي مات سنة ( 92 ) فهما
أكبر شيوخه و ابن عتبة أكبر منهما بستة عشر عاما و أكثر ، فلو كان من شيوخه
لذكروه فيهم إن شاء الله تعالى . ثالثا : قد كشفت الطريق التي قبل هذه أن راوي
الحديث إنما هو عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، فهي متفقة من هذه الطريق في
تسمية الراوي به ، و لكن اختلفتا في الرواية عنه ، فالأولى قالت : عنه عن
القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود ، فوصلته و هذه قالت عنه عن ابن
مسعود ، فأعضلته ، و أسقطت من السند راويين ، و لا شك أن هذه الطريق على ضعفها
أقرب إلى الصواب من التي قبلها . و جملة القول أن هذه الطريق ضعيفة أيضا
لإعضالها و ضعف محبوب راويها . و الحديث قال السيوطي في " الدر المنثور " ( 3 /
44 ) : " أخرجه ابن أبي شيبة و ابن أبي الدنيا و ابن جرير و أبو الشيخ و ابن
مردويه و الحاكم و البيهقي في " الشعب " من طرق عن ابن مسعود مرفوعا " . و قال
الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 82 ) : " رواه الحاكم و البيهقي في
" الزهد " من حديث ابن مسعود " . ثم سكت عليه ! و ما كان يحسن به ذلك لما عرفت
من شدة ضعف إسناده . 2 - و أما حديث ابن عباس ، فيرويه حفص بن عمر العدني :
حدثنا الحسن بن أبان عن عكرمة عنه مرفوعا نحوه . أخرجه ابن أبي حاتم في "
تفسيره " ( 3 / 108 / 1 ) <1> و هذا سند ضعيف و له علتان . الأولى : الحكم بن
أبان ضعيف الحفظ ، و في التقريب " : " صدوق له أوهام " . و الأخرى : حفص بن عمر
العدني ، ضعيف جدا ، قال ابن معين و النسائي : " ليس بثقة " . و قال العقيلي
: " يحدث بالأباطيل " . و قال الدارقطني : " متروك " . قلت : فهو آفة الحديث .
و قد فات هذا الإسناد جماعة من الحفاظ المخرجين ، فلم يذكروه و لا أشاروا إليه
البتة ، كالحافظ ابن كثير و السيوطي و غيرهما ، فالحمد لله الذي يسر لي طريق
الوقوف عليه و معرفة حاله . 3 - و أما حديث الحسن البصري ، فلم أقف على إسناده
، و إنما ذكره السيوطي من تخريج ابن أبي الدنيا في " كتاب ذكر الموت " عنه
مرسلا نحوه ، و هو لم يتكلم على إسناده كما هي عادته ، و ذلك من عيوب كتابه
الحافل بالأحاديث و الآثار . 4 - و أما حديث أبي جعفر المدائني ، فأخرجه ابن
جرير ( 13852 و 13853 ) و ابن أبي حاتم من طرق عن عمرو بن مرة عن أبي جعفر قال
: قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره نحوه . ثم رواه ابن أبي حاتم من طريق
عمرو بن قيس عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن المسور <2> قال : تلا رسول الله صلى
الله عليه وسلم .... الحديث نحوه . و رواه ابن جرير ( 13856 ) عن خالد بن أبي
كريمة عن عبد الله بن المسور به . قلت : و هذا سند مرسل هالك ، فإن أبا جعفر
هذا هو عبد الله بن المسور كما في ... عمرو بن قيس عن عمرو ، و رواية ابن أبي
كريمة كلاهما عن عبد الله بن المسور ، و قد ذكر الذهبي في كنى " الميزان " : "
أبو جعفر الهاشمي المسوري هو عبد الله بن المسور ، و هو أبو جعفر المدائني " .
و قد ذكروا في ترجمته من " الأسماء " : " قال أحمد و غيره : أحاديثه موضوعة ، و
قال ابن المديني : كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و لا يضع
إلا ما فيه أدب أو زهد ، فيقال له في ذلك ، فيقول : إن فيه أجرا ! و قال
النسائي : " كذاب " . و قال إسحاق بن راهويه : " كان معروفا عند أهل العلم بوضع
الحديث ، و روايته إنما هي عن التابعين ، و لم يلق أحدا من الصحابة " . و
الحديث قال في " الدر " : " أخرجه سعيد بن منصور و ابن جرير و ابن أبي حاتم و
البيهقي في " الأسماء و الصفات " عن عبد الله بن مسعود " . و عزاه الحافظ ابن
كثير في " تفسيره " ...... وحده ! و هو أول طرق هذا الحديث عنده من ثلاث طرق و
الطريق الثاني ... عن أبي عبيدة عن <3> ابن مسعود ، و الثالثة طريق عبد الرحمن
بن عبد الله <4> بن عتبة عنه ، ثم ختمها بقول له : " فهذه طرق لهذا الحديث
مرسلة و متصلة ، يشد بعضها بعضا " . قلت : و هذا من أوهامه رحمه الله تعالى ،
فإن طريقه الأولى معضلة مع كذب الذي أعضله ! و الثانية منقطعة ، مع ضعف أحد
رواته ، و الثالثة معضلة أيضا مع ضعف أحد رواته فأين الطريق المتصلة ؟ ! و قد
زدنا عليه طريقين آخرين إحداهما عن الحسن و هو مرسلة أيضا ، و الأخرى عن ابن
عباس ، و هي الوحيدة في الاتصال ، و لكن فيها متروك كما سبق بيانه . و جملة
القول : أن هذا الحديث ضعيف لا يطمئن القلب لثبوته عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم لشدة الضعف الذي في جميع طرقه ، و بعضها أشد ضعفا من بعض ، فليس فيها ما
ضعفه يسير يمكن أن ينجبر ، خلافا لما ذهب إليه ابن كثير ، و إن قلده في ذلك
جماعة ممن ألفوا في التفسير ، كالشوكاني في " فتح القدير " ( 2 / 154 ) ، و
صديق حسن خان في " فتح البيان " ( 2 / 217 ) ، و جزم الآلوسي في " روح المعاني
بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم ، و من قبله ابن القيم في " الفوائد " ( ص 27 -
طبع دار مصر ) ، و عزاه للترمذي ! فجاء بوهم آخر ، و العصمة لله وحده .
-----------------------------------------------------------
[1] يوجد منه مجلدان في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة .
[2] تصحف اسمه في تفسير ابن كثير فصار " عبد الله بن مسعود " ! .
[3] وقع في تفسير ابن كثير " بن " بدل " عن " ! .
[4] وقع فيه " عبيد " بدل " عبد الله " ! . اهـ .

(2/464)


966 - " من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط ، فكأنما جلس على جمرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 387 ) :
منكر بهذا اللفظ . أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 297 ) عن ابن
وهب و سليمان بن داود ( و هو الطيالسي ) كلاهما عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن
كعب عن أبي هريرة مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، فإن ابن أبي حميد
هذا قال البخاري : " منكر الحديث " . و قال النسائي : " ليس بثقة " ، و لهذا
قال الحافظ في " الفتح " ( 3 / 174 ) بعد أن ذكر الحديث . " إسناده ضعيف " . و
قد رواه عنه أبو داود الطيالسي في مسنده " بلفظ آخر فقال : ( 1 / 168 - ترتيبه
) : حدثنا محمد بن أبي حميد عن محمد بن كعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " لأن يجلس أحدكم على جمرة خير له من أن يجلس على قبر "
. قال أبو هريرة : يعني يجلس لغائط أو بول . قلت : و هذا التفسير للجلوس و إن
كان باطلا في نفسه كما سيأتي ، فهو بالنظر لكونه منسوبا لأبي هريرة أقرب من
رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في رواية الطحاوي و هو أخرجها كما رأيت
من طريق ابن وهب عن ابن أبي حميد ، ثم من طريق الطيالسي عنه بلفظ ابن وهب
مغايرا للفظه في " المسند " . و هذا أقرب أيضا ، لأنه روى الحديث المرفوع عن
الجادة كما رواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " لأن
يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر " .
رواه مسلم ( 3 / 62 ) و أصحاب السنن إلا الترمذي و الطحاوي و غيرهم عن أبي صالح
عن أبي هريرة مرفوعا ، فهذا هو المحفوظ عن أبي هريرة بالسند الصحيح عنه <1> ،
فرواية ابن أبي حميد منكرة لمخالفتها لرواية الثقة ، أما على رواية الطحاوي
فظاهر ، و أما على رواية الطيالسي التي فيها التفسير الباطل ، فلأنها تضمنت
زيادة على رواية الثقة من ضعيف فلا تقبل اتفاقا ، و أيضا ، فقد ثبت عن أبي
هريرة عمله بالحديث على ظاهره ، فروى الشافعي في " الأم " ( 1 / 246 ) و ابن
أبي شيبة في " المصنف " ( 4 / 137 ) عن محمد بن أبي يحيى عن أبيه قال : " كنت
أتتبع أبا هريرة في الجنائز ، فكان يتخطى القبور ، قال : " لأن يجلس ... " فذكر
الحديث موقوفا ، و سنده جيد <2> فدل هذا على بطلان ما روى ابن أبي حميد عن أبي
هريرة من تفسير الجلوس على القبر بالبول و التغوط عليه ، لأن أبا هريرة استدل
بالحديث على تخطيه للقبور و عدم وطئها ، فدل على أنه هو المراد ، و هو الذي لا
يظهر من الحديث سواه ، و من الغرائب أن يتأوله بعض العلماء الكبار بالجلوس
للغائط و أغرب منه أن يحتج الطحاوي لذلك باللغة ، فيقول : " و ذلك جائز في
اللغة ، يقال : جلس فلان للغائط ، و جلس فلان للبول " !! . و ما أدري والله كيف
يصدر مثل هذا الكلام من مثل هذا الإمام ، فإن الجلوس الذي ورد النهي عنه في
الأحاديث مطلق ، فهل في اللغة " جلس فلان " بمعنى تغوط أو بال ؟ ! فما معنى
قوله إذن : يقال جلس فلان للغائط ..... " فمن نفى هذا و ما علاقته بالجلوس
المطلق ؟ ! و لذلك جزم العلماء المحققون كابن حزم و النووي و العسقلاني ببطلان
ذلك التأويل ، فمن شاء الاطلاع على ذلك فليراجع " المحلى " ( 5 / 136 ) و " فتح
الباري " ( 3 / 174 ) . و إن من شؤم الأحاديث الضعيفة أن يستدل بها بعض أهل
العلم على تأويل الأحاديث الصحيحة كهذا الحديث ، فقد احتج به الطحاوي لذلك
التأويل الباطل ! و احتج أيضا بحديث آخر فقال : " حدثنا سليمان بن شعيب قال :
حدثنا الخصيب قال : حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عثمان بن حكيم عن أبي أمامة
أن زيد بن ثابت قال : هلم يا ابن أخي أخبرك إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم
عن الجلوس على القبور لحدث : غائط أو بول " . قلت : و هذا سند رجاله ثقات
معرفون غير عمرو بن علي ، فلم أعرفه ، و لم أجد في هذه الطبقة من اسمه عمرو بن
علي ، و يغلب على الظن أن واو ( عمرو ) زيادة من بعض النساخ ، و أن الصواب
( عمر بن علي ) <3> و هو عمرو بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي و هو ثقة و لكنه
كان يدلس تدليسا عجيبا يعرف بتدليس السكوت قال ابن سعد كان يدلس تدليسا شديدا
يقول : سمعت و حدثنا ، ثم يسكت فيقول : هشام بن عروة و الأعمش " . قلت : و مثل
هذا التدليس حري بحديث صاحبه أن يتوقف عن الاحتجاج به و لو صرح بالتحديث خشية
أن يكون سكت بعد قوله حدثنا ، و لا يفترض في كل الرواة الآخذين عنه أن يكونوا
قد تنبهوا لتدليسه هذا ، و كأنه لهذا الذي أوضحنا ، اقتصر الحافظ في " الفتح "
( 3 / 174 ) على قوله " و رجال إسناده ثقات " و لم يصححه ، بينما رأيناه قد صرح
بتصحيح إسناد الحديث من طريق أخرى عن عثمان بن حكيم بنحوه و قد علقه البخاري
عنه فقال : " و قال عثمان بن حكيم : أخذ بيدي خارجة ، فأجلسني على قبر ، و
أخبرني عن عمه يزيد بن ثابت قال : إنما كره ذلك لمن أحدث عليه " . فقال الحافظ
: " وصله مسدد في " مسنده الكبير " و بين فيه سبب إخبار خارجة لحكيم بذلك و
لفظه : حدثنا عيسى بن يونس : حدثنا عثمان بن حكيم : حدثنا عبد الله بن سرجس و
أبو سلمة بن عبد الرحمن أنهما سمعا أبا هريرة يقول : لأن أجلس على جمرة فتحرق
ما دون لحمي حتى تفضي إلي أحب إلي من أن أجلس على قبر ، قال عثمان : فرأيت
خارجة بن زيد في المقابر ، فذكرت له ذلك فأخذ بيدي ... الحديث . و هذا إسناد
صحيح " . ففي هذا الإسناد الصحيح لم يصرح الراوي برفع ذلك إلى النبي صلى الله
عليه وسلم بخلاف السند الذي قلبه المعلول ، أقول هذا ، و أنا على ذكر أن قول
الصحابي " نهى عن كذا " في حكم المرفوع ، و لكن هذا شيء ، و قوله : " إنما نهى
عن كذا " شيء آخر ، ففي هذا القول شيئان : الأول النهي ، و هو في حكم المرفوع ،
و الآخر و هو تعليل النهي فهو موقوف و لا يزم من كون الأول مرفوعا أن يكون
الأخر كذلك ، لجواز أنه قاله باجتهاد من عنده لا بتوقيف له من النبي صلى الله
عليه وسلم ، و يؤيد هذا ورود النهي عن الاتكاء على القبر الذي هو دون الجلوس
عليه فقال الحافظ : " و يؤيد قول الجمهور ما أخرجه أحمد من حديث عمرو بن حزم
الأنصاري مرفوعا " لا تقعدوا على القبور " . و في رواية له عنه : " رآني رسول
الله صلى الله عليه وسلم و أنا متكئ على قبر فقال : " لا تؤذ صاحب القبر " .
إسناده صحيح ، و هو دال على أن المراد بالجلوس القعود على حقيقته " . قلت : و
هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( 209 - 210 ) .
-----------------------------------------------------------
[1] و تابعه سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة نحوه ، أخرجه ابن عدي ( 60
/ 2 ) و الخطيب ( 11 / 252 ) و كذا أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 207 ) لكن فيه
الجارود بن يزيد متروك و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 209 ) .
[2] و سيأتي له طريق أخرى بإسناد صححه الحافظ .
[3] ثم تأكدت من ذلك ، حينما رأيت الحافظ المزي قد ذكر في " التهذيب " عثمان بن
حكيم في شيوخ عمر بن علي هذا . اهـ .

(2/465)


967 - " نهى أن يعتمد الرجل على يده إذا نهض في الصلاة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 389 ) :
منكر . أخرجه أبو داود ( 1 / 157 ) حدثنا أحمد بن حنبل ، و أحمد بن محمد بن
شبويه ، و محمد بن رافع ، و محمد بن عبد الملك الغزال قالوا : حدثنا عبد الرزاق
عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر قال : " نهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم - قال أحمد بن حنبل - أن يجلس في الصلاة و هو معتمد على يده -
قال ابن شبويه : أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة ، و قال ابن رافع : نهى أن
يصلي الرجل و هو معتمد على يده و ذكره في باب الرفع من السجود ، و قال ابن عبد
الملك : نهى أن يعتمد الرجل على يده إذا نهض في الصلاة " . قلت : فقد اختلف في
لفظ هذا الحديث على عبد الرزاق كما ترى من أربعة وجوه : الأول : رواية أحمد
بلفظ " نهى أن يجلس الرجل في الصلاة و هو معتمد على يده " . الثاني : رواية ابن
شبويه بلفظ : نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة . الثالث : رواية ابن رافع
: نهى أن يصلي الرجل و هو معتمد على يده . الرابع : رواية عبد الملك باللفظ
المذكور أعلاه . و من البين الواضح أن الحديث واحد لأن الطريق واحد ، و إنما
تعددت الطرق من بعد عبد الرزاق ، و اختلفوا عليه ، و إذا كان كذلك ، فينبغي
النظر في الراجح من هذه الوجوه المختلفة ، لأن في بعضها معارضة للبعض الآخر ، و
هو الوجه الأول و الرابع ، فإن الأول صريح في أن النهي عن الاعتماد في الصلاة
في الجلوس ، و ذلك يكون في التشهد أو بين السجدتين ، و الآخر صريح في أن النهي
عن الاعتماد إنما هو إذا نهض في الصلاة و ذلك من التشهد الأول في المعنى ، فلا
تعارض بينهما ، كما أنه لا تعارض بينهما من جهة و بين الوجهين الآخرين من جهة
أخرى ، لأنهما مجملان بالنسبة إلى الوجهين الآخرين ، يقبلان التفسير بأحدهما
فبأيهما يفسران ؟ هذا هو موضع البحث و التحقيق . و مما لا شك فيه أن الوجه
الأول هو الراجح ، و ذلك ظاهر من النظر في الراوي له عن عبد الرزاق ، و هو
الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، فإنه من الأئمة المشهورين بالحفظ و الضبط و
الإتقان ، فلا يقوم أمامه أيا كان من الثقات عند المخالفة ، لاسيما إذا كان فيه
كلام مثل راوي الوجه الآخر محمد بن عبد الملك الغزال هذا ، فإنه و إن وثقه
النسائي و غيره ، فقد قال مسلمة : " ثقة كثير الخطأ " . قلت : فمثله لا يحتج به
إذا خالفه الثقة ، فكيف إذا كان المخالف له إماما ثبتا كالإمام أحمد بن حنبل
؟ ! فكيف إذا توبع فيه الإمام أحمد ، و بقي الغزال فريدا غريبا ، فقد أخرج أحمد
الحديث في " مسنده " ( رقم 6347 ) هكذا كما رواه عنه أبو داود ، و تابعه إسحاق
بن إبراهيم الدبري راوي " مصنف عبد الرزاق " عنه ، فقد أورد الحديث فيه ( 2 /
197 / 3054 ) بلفظ أحمد إلا أنه قال : " يديه " ، و ترجم له بقوله : " باب
الرجل يجلس معتمدا على يديه في الصلاة " و كذلك رواه البيهقي في " سننه " ( 2 /
135 ) من طريق " المسند " و من طريق أبي داود عن أحمد مقرونا مع شيوخ أبي داود
الآخرين في هذا الحديث و ساق ألفاظهم كما فعل أبو داود . ثم قال في رواية أحمد
: " و هذا أبين الروايات ، و رواية غير ابن عبد الملك لا تخالفه ، و إن كان
أبين منها ، و رواية ابن عبد الملك وهم ، و الذي يدل على أن رواية أحمد بن حنبل
هي المراد بالحديث أن هشام بن يوسف رواه عن معمر كذلك " . ثم ساق من طريق
الحاكم ، و هذا في " المستدرك " ( 1 / 272 ) عن إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن
يوسف عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه
وسلم نهى رجلا و هو جالس معتمدا على يده اليسرى في الصلاة و قال : إنها صلاة
اليهود " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " ، و وافقه الذهبي ، و هو
كما قالا . و يدل على ذلك أيضا رواية هشام بن سعد قال : عن نافع عن ابن عمر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا ساقطا يده في الصلاة فقال : " لا تجلس
هكذا ، إنما هذه جلسة الذين يعذبون " . أخرجه أحمد ( 5972 ) بسند جيد و رواه
أبو داود و البيهقي من طرق أخرى عن هشام به موقوفا ، و الرفع زيادة من ثقة فهي
مقبولة ، لاسيما و طريق إسماعيل بن أمية أقوى من هذه و لم يختلف عليه في رفعه .
فتبين مما سبق أن الحديث عن ابن عمر في النهي عن الاعتماد في الجلوس في الصلاة
و هذا هو المحفوظ ، و أن رواية الغزال إياه في النهي عن الاعتماد إذا نهض شاذ
بل منكر ، لمخالفته لروايات الثقات على سوء حفظه . ( تنبيه ) : قد وقعت بعض
الأوهام حول هذا الحديث لبعض العلماء ، فرأيت من النصيحة التنبيه عليها : أولا
: قال النووي في " المجموع " ( 3 / 445 ) مبينا علة الحديث : " إنه من رواية
محمد بن عبد الملك الغزال و هو مجهول " ! و قد عرفت أنه ليس بمجهول ، بل هو ثقة
سيء الحفظ . ثانيا : نقل صاحب " عون المعبود " ( 1 / 376 ) عن السيد عبد الله
الأمير أنه قال : إن محمد ابن عبد الملك هذا هو محمد بن عبد الملك بن مروان
الواسطي قال فيه في " التقريب " : " صدوق " . و أقره عليه ، و هو وهم منهما
، فإن محمد بن عبد الملك هذا هو الغزال كما صرح بذلك أبو داود في روايته كما
تقدم ، و قد نبه على هذا الوهم الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى . ثالثا :
احتج بهذا الحديث الحنفية و الحنابلة على أن المصلي لا يعتمد على يديه عند
النهوض من السجدة الثانية في الوتر من الصلاة ، و أغرب من ذلك أن يتابعهم عليه
العلامة ابن القيم في كتابه المفرد في " الصلاة " ! و ذكر في " زاد المعاد "
أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يعتمد على الأرض بيديه ! و ليس له في النفي
مستند صحيح كما بينته في " التعلقات الجياد " ( 1 / 38 ) بل هو معارض لظاهر
حديث مالك بن الحويرث أنه كان يقول : ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله
عليه وسلم فصلى في غير وقت الصلاة ، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول
الركعة استوى قاعدا ، ثم قام فاعتمد على الأرض . أخرجه النسائي ( 1 / 173 ) و
الشافعي في " الأم " ( 1 / 101 ) و البيهقي ( 2 / 124 و 135 ) بإسناد صحيح على
شرط الشيخين ، و هو عند البخاري ( 2 / 241 ) نحوه . أقول : فظاهر قوله " فاعتمد
على الأرض " أي بيديه عند النهوض ، و قد قال السيد عبد الله الأمير " و عند
الشافعي : و اعتمد بيديه على الأرض " . و لكني لم أجد هذه الزيادة " بيديه
" عند الشافعي و لا عند غيره ، و إن كان معناها هو المتبادر من الاعتماد ، و في
" الفتح " : قيل يستفاد من الاعتماد أن يكون باليد ، لأنه افتعال من العماد ، و
المراد به الاتكاء ، و هو باليد ، و روى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه كان يقوم
إذا رفع رأسه من السجدة معتمدا عى يديه قبل أن يرفعهما " . قلت : تقدم بيان ضعف
إسناده تحت الحديث ( 929 ) لكني وجدت له شاهدا قويا موقوفا و مرفوعا يرويه حماد
بن سلمة عن الأزرق بن قيس قال : رأيت ابن عمر إذا قام من الركعتين اعتمد على
الأرض بيديه ، فقلت لولده و جلسائه : لعله يفعل هذا من الكبر ؟ قالوا لا و لكن
هكذا يكون ، أخرجه البيهقي ( 2 / 135 ) . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات
كلهم . فقوله : " هكذا يكون " صريح في أن ابن عمر كان يفعل ذلك اتباعا لسنة
الصلاة ، و ليس لسن أو ضعف ، و قد جاء عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
. فأخرجه أبو إسحاق الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 98 / ... ) عن الأزرق بن
قيس : رأيت ابن عمر يعجن <1> في الصلاة : يعتمد على يديه في الصلاة إذا قام ،
فقلت له : ؟ فقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . قلت : و إسناده
حسن ، و هو هكذا : حدثنا عبيد الله ( الأصل : عبد الله و هو خطأ من الناسخ ) بن
عمر حدثنا يونس بن بكير عن الهيثم بن عطية عن قيس بن الأزرق بن قيس به . قلت
: و ابنا قيس ثقتان من رجال الصحيح . و الهيثم هو ابن عمران الدمشقي ، أورده
ابن حبان في " الثقات " ( 2 / 296 ) و قال : " يروي عن عطية بن قيس ، روى عنه
الهيثم بن خارجة " . و أورده ابن حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 82 -
83 ) و قال : " روى عنه محمد بن وهب بن عطية ، و هشام بن عمار ، و سليمان بن
شرحبيل " . قلت : و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، لكن رواية هؤلاء الثقات
الثلاثة عنه و يضم إليهم رابع و هو الهيثم بن خارجة ، و خامس و هو يونس بن بكير
، مما يجعل النفس تطمئن لحديثه لأنه لو كان في شيء من الضعف لتبين في رواية أحد
هؤلاء الثقات عنه ، و لعرفه أهل الحديث كابني حبان و أبي حاتم زد على ذلك أنه
قد توبع على روايته هذه كما تقدم قريبا من حديث حماد بن سلمة نحوه . و الله
أعلم . و أما يونس بن بكير و عبيد الله بن عمر ، فثقتان من رجال مسلم ، و الآخر
روى له البخاري أيضا و هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ، و وقع في
" التهذيب " ( ابن عمرو ) بزيادة الواو و هو خطأ مطبعي ، و قد ذكر الخطيب في
الرواة عنه من ترجمته ( 10 / 320 ) إبراهيم الحربي هذا . و جملة القول : أن
الاعتماد على اليدين عند القيام سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و
ذلك مما يؤكد ضعف هذا الحديث في النهي عن الاعتماد ، و كذا الحديث الآتي بعده
. ( تنبيه ) : لقد خفي حديث ابن عمر هذا المرفوع على الحفاظ الجامعين المصنفين
كابن الصلاح و النووي و العسقلاني و غيرهم ، فقد ، فقد جاء في " تلخيص الحبير "
( 1 / 260 ) ما نصه : " حديث ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
إذا قام في صلاته وضع يده على الأرض كما يضع العاجن ، قال ابن الصلاح في كلامه
على " الوسيط " : هذا الحديث لا يصح ، و لا يعرف ، و لا يجوز أن يحتج به ، و
قال النووي في " شرح المهذب " : هذا حديث ضعيف ، أو باطل لا أصل له ، و قال في
" التنقيح " : ضعيف باطل " . هذه هي كلماتهم كما نقلها الحافظ العسقلاني عنهم ،
دون أن يتعقبهم بشيء ، اللهم إلا بأثر ابن عمر الذي عزاه في " الفتح " لعبد
الرزاق ، فإنه عزاه هنا للطبراني في " الأوسط " ، فلم يقف على هذا الحديث
المرفوع صراحة ، مصداقا للقول المشهور : كم ترك الأول للآخر . فالحمد لله على
توفيقه ، و أسأله المزيد من فضله .
-----------------------------------------------------------
[1] أي يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يعجن العجين . " نهاية " . اهـ .

(2/466)


968 - " من السنة في الصلاة المكتوبة إذا نهض الرجل في الركعتين الأوليين أن لا يعتمد
على الأرض إلا أن يكون شيخا كبيرا لا يستطيع " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 393 ) :
ضعيف . أخرجه البيهقي في " سننه " ( 2 / 136 ) و الضياء في " المختارة " (
1 / 260 ) عن عبد الرحمن بن إسحاق عن زياد بن زياد السوائي عن أبي جحيفة عن
علي رضي الله عنه قال : فذكره . قلت : و هذا سند ضعيف ، علته عبد الرحمن هذا
، قال الذهبي : " ضعفوه " . و قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " . قلت : و
هو راوي حديث علي في وضع اليدين في الصلاة تحت السرة ، رواه بهذا السند الواهي
، فإن زياد بن زياد هذا مجهول كما قال الحافظ تبعا لابن أبي حاتم . ( تنبيه ) :
هذا الحديث . و إن كان في " المختارة " فهو مضروب عليه مع حديث وضع اليدين
المشار إليه بخط أفقي ، مما يشعر بأن المصنف عدل عنه ، و هو اللائق به ، فإن
إيراد مثل هذا الحديث بهذا الإسناد مما لا يتفق في شيء مع " الأحاديث المختارة
" .

(2/467)


969 - " أولا يجد أحدكم ثلاثة أحجار : حجرين للصفحتين و حجرا للمسربة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 393 ) :

ضعيف . أخرجه الدارقطني ( 21 ) و البيهقي ( 1 / 114 ) من طريق أبي بن
العباس بن سهل الساعدي قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الاستطابة فقال ... " . و قال الدارقطني : " إسناده حسن " . و أقره البيهقي و
تبعهما ابن القيم فقال في " إعلام الموقعين " ( 3 / 487 ) : " حديث حسن " . قلت
: و في ذلك نظر عندي ، فإن أبيا هذا و قد تفرد بهذا الحديث مجروح ، و لم يوثقه
أحد ، بل كل من عرف كلامه فيه ضعفه ، فقال ابن معين : " ضعيف " . و قال أحمد :
" منكر الحديث " . و قال البخاري : " ليس بالقوي " . كذا قال النسائي ، و قال
العقيلي : " له أحاديث لا يتابع على شيء منها : ( حجران للصفحتين و حجر للمسربة
) " . و أورده ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 290 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
و أما قول الذهبي في " الميزان " : " قلت : أبي و إن لم يكن بالثبت فهو حسن
الحديث " . فهذا مما لا وجه له عندي بعد ثبوت تضعيفه ممن ذكرنا من الأئمة ، و
لعله استأنس بتخريج البخاري له ، و لا مستأنس له فيه ، بعد تصريح البخاري نفسه
بأنه ليس بالقوي ، لاسيما و هو لم يخرج له إلا حديثا واحدا ليس فيه تحريم و لا
تحليل ، و لا كبير شيء ، و إنما هو في ذكر خيل النبي صلى الله عليه وسلم ، و
لفظه كان للنبي صلى الله عليه وسلم فرس يقال له اللحيف " . و مع ذلك فلم يتفرد
به بل تابعه أخوه عبد المهيمن بن عباس عند ابن منده كما ذكر الحافظ في " الفتح
" ( 6 / 44 - 45 ) ، و كأن الذهبي تراجع عن ذلك حين أورد أبيا هذا في " الضعفاء
" و قال : " ضعفه ابن معين و قال أحمد : منكر الحديث " ، و قال الحافظ في "
التقريب " : " فيه ضعف ، ماله في البخاري غير حديث واحد " . ( تنبيه ) وقع
للصنعاني في " سبل السلام " ( 1 / 177 ) وهم عجيب حول هذا الحديث فقال في شرح
حديث سلمان في النهي عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار : " و قد ورد كيفية
استعمال الثلاثة في حديث ابن عباس : حجران للصفحتين و حجر للمسربة - و هي بسين
مهملة و راء مضمومة أو مفتوحة مجرى الحدث من الدبر " . فتصحف عليه " أبي بن
عباس " بـ " ابن عباس " ! ثم سقط عنه باقي السند و أنهم من مسند سهيل بن سعد
الساعدي ! ثم إنه جزم بورود الحديث ، و ليس بجيد ، و الظاهر أنه قلد الدارقطني
أو غيره فقد رأيت الحديث - بعد كتابة ما تقدم - في " تلخيص الحبير " ( ص 41 ) :
" قال المصنف - يعني الرافعي - هو حديث ثابت رواه الدارقطني و حسنه و البيهقي و
العقيلي في " الضعفاء " من رواية أبي بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده قال
: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... قال الحازمي : لا يروى إلا من هذا
الوجه ، و قال العقيلي : لا يتابع على شيء من أحاديثه ، يعني أبيا ، و قد ضعفه
ابن معين و أحمد و غيرهما ، و أخرج له البخاري حديثا واحدا في غير حكم " . و
الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 211 ) و قال : " رواه الطبراني في
" الكبير " و فيه عتيق بن يعقوب الزبيري قال أبو زرعة أنه حفظ " الموطأ " في
حياة مالك " . قلت : و هذا قد وثقه الدارقطني و ابن حبان ، و هو الراوي لهذا
الحديث عن أبي بن العباس ، فالتعلق عليه في إعلال الحديث دون شيخه أبي لا يخفى
ما فيه .

(2/468)


970 - " إذا فرغ الرجل من صلاته فقال : رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا ، و بالقرآن
إماما ، كان حقا على الله عز وجل أن يرضيه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 395 ) :

موضوع . عزاه في " الجامع الكبير " ( 1 / 68 / 1 ) لأبي نصر السجزي في
" الإبانة " عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده رضي الله عنهم و قال : " غريب
" . قلت بل هو موضوع ، فقد وقفت على إسناده ، أخرجه الحافظ عبد الغني المقدسي
في " الثالث و التسعين " ( 43 / 2 ) من طريق السجزي بسنده عن زيد بن الحريش
: حدثنا عمرو بن خالد عن أبي عقيل الدورقي عن هشام بن عروة به . قلت : و هذا
سند موضوع ، آفته عمرو بن خالد و هو أبو خالد القرشي ، قال أحمد و ابن معين و
غيرهما : " كذاب " . و قال إسحاق بن راهويه و أبو زرعة : " كان يضع الحديث
" . و نحوه في " المجروحين " ( 2 / 74 - 75 ) لابن حبان . و زيد بن الحريش هو
الأهوازي ، قال ابن القطان : " مجهول الحال " .

(2/469)


971 - " اللهم إن عبدك عليا احتبس نفسه على نبيك ، فرد عليه شرقها ، ( و في رواية
) : اللهم إنه كان في طاعتك و طاعة رسولك فاردد عليه الشمس ، قالت أسماء ،
فرأيتها غربت ، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 395 ) :

موضوع . أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 9 ) من طريق أحمد بن صالح
: حدثنا ابن أبي فديك : حدثني محمد بن موسى عن عون بن محمد عن أمه أم جعفر عن
أسماء بنت عميس : " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بـ ( الصهباء ) ،
ثم أرسل عليا عليه السلام في حاجة ، فرجع و قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم
العصر ، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر علي ( فنام ) ، فلم يحركه
حتى غابت الشمس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( فذكره باللفظ الأول و زاد
) : قالت أسماء : فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال ، و على الأرض ، ثم قام علي
فتوضأ و صلى العصر ، ثم غابت ، و ذلك في ( الصهباء ) " . قال الطحاوي : " محمد
بن موسى هو المدني المعروف بـ ( الفطري ) ، و هو محمود في روايته ، و عون بن
محمد ، هو عون بن محمد بن علي بن أبي طالب ، و أمه هي أم جعفر ابنة محمد بن
جعفر بن أبي طالب " . و أقول : و هذا سند ضعيف مجهول ، و كلام الطحاوي عليه لا
يفيد صحته ، بل لعله يشير إلى تضعيفه ، فإنه سكت عن حال عون بن محمد و أمه
، بينما وثق الفطري هذا ، فلو كان يجد سبيلا إلى توثيقهما لوثقهما كما فعل
بالفطري ، فسكوته عنهما في مثل هذا المقام مما يشعر أنهما عنده مجهولان ، و هذا
هو الذي ينتهي إليه الباحث ، فإن الأول منهما ، أورده ابن أبي حاتم ( 3 / 1 /
386 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " (
2 / 228 ) على قاعدته في توثيق المجهولين ! و أما أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر
بن أبي طالب ، فهي من رواة ابن ماجه ، أخرج لها حديثا واحدا في " الجنائز "
( رقم 1611 ) و قد أعله الحافظ البوصيري بأن في إسناده مجهولتين إحداهما أم عون
هذه ، و قد ذكرها الحافظ في " التهذيب " دون توثيق أو تجريح ، و قال في "
التقريب " : " مقبولة " يعني عند المتابعة ، و إلا فهي لينة الحديث عنده . قلت
: و قد توبعت من فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ، و هي ثقة فاضلة ، إلا
أن الطريق إليها لا يصح ، أخرجه الطحاوي ( 2 / 8 ) و الطبراني في " الكبير " من
طريق الفضيل بن مرزوق عن إبراهيم بن الحسن عن فاطمة بنت الحسين عن أسماء بنت
عميس قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ، و رأسه في حجر علي
، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صليت يا
علي ؟ قال : لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... " فذكر الرواية
الثانية ، قال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 297 ) بعد أن ساق هذه الرواية و
التي قبلها ، و منه نقلت الزيادة فيها : " رواه كله الطبراني بأسانيد ، و رجال
أحدها رجال الصحيح غير إبراهيم بن حسن و هو ثقة وثقه ابن حبان ، و فاطمة بنت
علي بن أبي طالب لم أعرفها " . قلت : بل هي معروفة ، فهي فاطمة بنت الحسين بن
علي بن أبي طالب كما تقدم ، و الظاهر أنها وقعت في معجم الطبراني منسوبة إلى
جدها علي بن أبي طالب ، و لذلك لم يعرفها الهيثمي ، و الله أعلم . أما قوله في
" إبراهيم بن حسن " أنه ثقة ، ففيه تساهل لا يخفى على أهل العلم ، لأنه لم
يوثقه غير ابن حبان كما عرفت ، و هو قد أشار إلى أن توثيقه إياه إنما بناه على
توثيق ابن حبان ، و إذا كان هذا معروف بالتساهل في التوثيق فمن اعتمد عليه وحده
فيه فقد تساهل ، و قد أورد إبراهيم هذا ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 92 ) و لم يذكر
فيه جرحا و لا تعديلا ، و هو في أول المجلد الثاني من " كتاب الثقات " لابن
حبان . ثم إن فضيل بن مرزوق و إن كان من رجال مسلم فإنه مختلف فيه ، و قد أشار
إلى ذلك الحافظ بقوله في " التقريب " : " صدوق يهم " ، و قال فيه شيخ الإسلام
ابن تيمية في كلام له طويل على هذا الحديث في " منهاج السنة " ( 4 / 189 ) : "
و هو معروف بالخطأ على الثقات ، و إن كان لا يتعمد الكذب ، قال فيه ابن حبان :
" يخطىء على الثقات ، و يروي عن عطية الموضوعات " . و قال فيه أبو حاتم الرازي
: " لا يحتج به " . و قال فيه يحيى بن معين مرة : " هو ضعيف " و هذا لا يناقضه
قول أحمد بن حنبل فيه : " لا أعلم إلا خيرا " ، و قول سفيان : " هو ثقة " ،
فإنه ليس ممن يتعمد الكذب و لكنه يخطىء ، و إذا روى له مسلم ما تابعه عليه غيره
، لم يلزم أن يروي ما انفرد به مع أنه لم يعرف سماعه عن إبراهيم و لا سماع
إبراهيم من فاطمة ، و لا سماع فاطمة من أسماء ، و لابد في ثبوت هذا الحديث من
أن يعلم أن كلا من هؤلاء عدل ضابط ، و أنه سمع من الآخر ، و ليس هذا معلوما " .
قلت : ثم إن في هذه الطريق ما يخالف الطريق الأولى ، ففيها أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان يقظانا يوحى إليه حينما كان واضعا رأسه في حجر علي رضي الله عنه
، و في الأولى أنه كان نائما ، و هذا تناقض يدل على أن هذه القصة غير محفوظة ،
كما قال ابن تيمية ( 4 / 184 ) . و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " و
قال ( 1 / 356 ) " موضوع بلا شك ، و قال الجوزقاني : هذا حديث منكر مضطرب " .
ثم أعله بالفضيل هذا فقط ، و فاته جهالة إبراهيم ، و لم يتعقبه السيوطي في هذا
، و إنما تعقبه في تضعيف الفضيل ، فقال في " اللآلىء " ( 1 / 174 - الطبعة
الأولى ) : " ثقة صدوق ، و احتج به مسلم في " صحيحه " و أخرج له الأربعة " . و
هذا ليس بشيء ، و قد عرفت الجواب عن ذلك مما سبق ، ثم ساق له السيوطي طرقا أخرى
كلها معلولة ، و أما قول الحافظ في " الفتح " ( 6 / 155 ) : " و قد أخطأ ابن
الجوزي بإيراده له في " الموضوعات " ، و كذا ابن تيمية في كتاب " الرد على
الروافض " في زعمه وضعه و الله أعلم " . فهو مع عدم تصريحه بصحة إسناده ، فقد
يوهم من لا علم عنده أنه صحيح عنده ! و هو إنما يعني أنه غير موضوع فقط ، و ذلك
لا ينفي أنه ضعيف كما هو ظاهر ، و ابن تيمية رحمه الله لم يحكم على الحديث
بالوضع من جهة إسناده ، و إنما من جهة متنه ، أما الإسناد ، فقد اقتصر على
تضعيفه ، فإنه ساقه من حديث أسماء و علي بن أبي طالب و أبي سعيد الخدري و أبي
هريرة ، ثم بين الضعف الذي في أسانيدها ، و كلها تدور على رجال لا يعرفون
بعدالة و لا ضبط ، و في بعضها من هو متروك منكر الحديث جدا ، و أما حكمه على
الحديث بالوضع متنا ، فقد ذكر في ذلك كلاما متينا جدا ، لا يسع من وقف عليه ،
إلا أن يجزم بوضعه ، و أرى أنه لابد من نقله و لو ملخصا ليكون القارئ على بينة
من الأمر فقال رحمه الله : " و حديث رد الشمس لعلي ، قد ذكره طائفة كالطحاوي و
القاضي عياض و غيرهما ، و عدوا ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن
المحققون من أهل العلم و المعرفة بالحديث ، يعلمون أن هذا الحديث كذب موضوع ،
كما ذكره ابن الجوزي في ( الموضوعات ) " . ثم ذكر حديث " الصحيحين " في حديث
الشمس لنبي من الأنبياء ، و هو يوشع بن نون ، كما في رواية لأحمد و الطحاوي
بسند جيد كما بينته في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " رقم ( 202 ) ثم قال : " فإن
قيل : فهذه الأمة أفضل من بني إسرائيل ، فإذا كانت قد ردت ليوشع فما المانع أن
ترد لفضلاء هذه الأمة ؟ فيقال : يوشع لم ترد له الشمس ، و لكن تأخر غروبها و
طول له النهار و هذا قد لا يظهر للناس ، فإن طول النهار و قصره لا يدرك ، و نحن
إنما علمنا وقوفها ليوشع بخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، و أيضا لا مانع من
طول ذلك ، و لو شاء الله لفعل ذلك ، لكن يوشع كان محتاجا إلى ذلك لأن القتال
كان محرما عليه بعد غروب الشمس ، لأجل ما حرم الله عليهم من العمل ليلة السبت و
يوم السبت و أما أمة محمد فلا حاجة لهم إلى ذلك ، و لا منفعة لهم فيه ، فإن
الذي فاتته العصر إن كان مفرطا لم يسقط ذنبه إلا التوبة ، و مع التوبة لا يحتاج
إلى رد ، و إن لم يكن مفرطا كالنائم و الناسي فلا ملام عليه في الصلاة بعد
الغروب . و أيضا فبنفس غروب الشمس خرج الوقت المضروب للصلاة ، فالمصلي بعد ذلك
لا يكون مصليا في الوقت الشرعي و لو عادت الشمس ، و قول الله تعالى *( فسبح
بحمد ربك قبل طلوع الشمس و قبل غروبها )* يتناول الغروب المعروف ، فعلى العبد
أن يصلي قبل هذا الغروب و إن طلعت ثم غربت . و الأحكام المتعلقة بغروب الشمس
حصلت بذلك الغروب ، فالصائم يفطر و لو عادت بعد ذلك لم يبطل صومه ، مع أن هذه
الصورة لا تقع لأحد ، و لا وقعت لأحد ، فتقديرها تقدير ما لا وجود له . و أيضا
فالنبي صلى الله عليه وسلم فاتته صلاة العصر يوم الخندق ، فصلاها قضاء هو و
كثير من أصحابه ، و لم يسأل الله رد الشمس ، و في " الصحيح " أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال لأصحابه ، بعد ذلك لما أرسلهم إلى بني قريظة ، " لا يصلين أحد
العصر إلا في بني قريظة " ، فلما أدركتهم الصلاة في الطريق ، قال بعضهم : لم
يرد من تفويت الصلاة ، فصلوا في الطريق ، فقالت طائفة : لا نصلي إلا في بني
قريظة ، فلم يعنف واحدة من الطائفتين ، فهؤلاء الذين كانوا مع النبي صلى الله
عليه وسلم صلوا العصر بعد غروب الشمس و ليس علي بأفضل من النبي صلى الله عليه
وسلم ، فإذا صلاها هو و أصحابه معه بعد الغروب ، فعلي و أصحابه أولى بذلك ، فإن
كانت الصلاة بعد الغروب لا تجزي أو ناقصة تحتاج إلى رد الشمس كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم أولى برد الشمس ، و إن كانت كاملة مجزئة فلا حاجة إلى ردها . و
أيضا فمثل هذه القضية من الأمور العظام الخارجة عن العادة التي تتوفر الهمم و
الدواعي على نقلها ، فإذا لم ينقلها إلا الواحد و الاثنان ، علم كذبهم في ذلك
. و انشقاق القمر كان بالليل وقت نوم الناس ، و مع هذا فقد رواه الصحابة من غير
وجه ، و أخرجوه في " الصحاح " و " السنن " و " المسانيد " من غير وجه ، و نزل
به القرآن ، فكيف ترد الشمس التي تكون بالنهار ، و لا يشتهر ذلك ، و لا ينقله
أهل العلم نقل مثله ؟ ! و لا يعرف قط أن الشمس رجعت بعد غروبها ، و إن كان كثير
من الفلاسفة و الطبيعين و بعض أهل الكلام ينكر انشقاق القمر و ما يشبه ذلك ،
فليس الكلام في هذا المقام ، لكن الغرض أن هذا من أعظم خوارق العادات في الفلك
، و كثير من الناس ينكر إمكانه ، فلو وقع لكان ظهوره و نقله أعظم من ظهور ما
دونه و نقله ، فكيف يقبل و حديثه ليس له إسناد مشهور ، فإن هذا يوجب العلم
اليقيني بأنه كذب لم يقع . و إن كانت الشمس احتجبت بغيم ثم ارتفع سحابها ، فهذا
من الأمور المعتادة ، و لعلهم ظنوا أنها غربت ثم كشف الغمام عنها ، و هذا إن
كان قد وقع ففيه أن الله بين له بقاء الوقت حتى يصلي فيه ، و مثل هذا يجري
لكثير من الناس " . ثم قال ابن تيمية رحمه الله تعالى : " ثم تفويت الصلاة بمثل
هذا إما أن يكون جائزا ، و إما أن لا يكون ، فإن كان جائزا لم يكن على علي رضي
الله عنه إثم إذا صلى العصر بعد الغروب ، و ليس علي أفضل من النبي صلى الله
عليه وسلم ، و قد نام صلى الله عليه وسلم و معه علي و سائر الصحابة عن الفجر
حتى طلعت الشمس ، و لم ترجع لهم إلى الشرق . و إن كان التفويت محرما فتفويت
العصر من الكبائر ، و قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من فاتته صلاة العصر
فكأنما وتر أهله و ماله " . و علي كان يعلم أنها الوسطى و هي صلاة العصر ، و هو
قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في " الصحيحين " أنه قال : " شغلونا عن
الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس ملأ الله أجوافهم و بيوتهم نارا " . و
هذا كان في الخندق ، و هذه القصة كانت في خيبر كما في بعض الروايات ، و خيبر
بعد الخندق ، فعلي أجل قدرا من أن يفعل مثل هذه الكبيرة و يقره عليها جبريل و
رسول الله ، و من فعل هذا كان من مثالبه لا من مناقبه ، و قد نزه الله عليا عن
ذلك ثم فاتت لم يسقط الإثم عنه بعود الشمس . و أيضا فإذا كانت هذه القصة في
خيبر في البرية قدام العسكر ، و المسلمون أكثر من ألف و أربعمائة ، كان هذا مما
يراه العسكر و يشاهدونه ، و مثل هذا مما تتوفر الهمم و الدواعي على نقله ،
فيمتنع أن ينفرد بنقله الواحد و الاثنان ، فلو نقله الصحابة لنقله منهم أهل
العلم ، كما نقلوا أمثاله ، لم ينقله المجهولون الذين لا يعرف ضبطهم و عدالتهم
، و ليس في جميع أسانيد هذا الحديث إسناد واحد يثبت ، تعلم عدالة ناقليه و
ضبطهم ، و لا يعلم اتصال إسناده ، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر
: " لأعطين الراية رجلا يحب الله و رسوله ، و يحبه الله و رسوله " ، فنقل ذلك
غير واحد من الصحابة و أحاديثهم في " الصحاح " و " السنن " و " المسانيد " ، و
هذا الحديث ليس في شيء من كتب الحديث المعتمدة ، و لا رواه أهل الحديث و لا أهل
" السنن " و لا " المسانيد " ، بل اتفقوا على تركه ، و الإعراض عنه ، فكيف في
شيء من كتب الحديث المعتمدة . ( قال ) : و هذا مما يوجب القطع بأن هذا من الكذب
المختلق . ( قال ) : و قد صنف جماعة من علماء الحديث في فضائل علي كالإمام أحمد
و أبي نعيم و الترمذي و النسائي و أبي عمر بن عبد البر ، و ذكروا فيها أحاديث
كثيرة ضعيفة ، و لم يذكروا هذا ! لأن الكذب ظاهر عليه بخلاف غيره " . ثم ختم
شيخ الإسلام بحثه القيم بقوله : " و سائر علماء المسلمين يودون أن يكون مثل هذا
صحيحا لما فيه من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم : و فضيلة علي عند الذين
يحبونه و يتولونه ، و لكنهم لا يستجيزون التصديق بالكذب فردوه ديانة ، و الله
أعلم " . و قد مال إلى ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الحديث تلميذاه
الحافظان الكبيران ابن كثير و الذهبي ، فقال الأول منهما بعد أن ساق حديث حبس
الشمس ليوشع عليه السلام ( 1 / 323 ) من " تاريخه " : " و فيه أن هذا كان من
خصائص يوشع عليه السلام ، فيدل على ضعف الحديث الذي رويناه أن الشمس رجعت حتى
صلى علي بن أبي طالب صلاة العصر ، بعد ما فاتته بسبب نوم النبي صلى الله عليه
وسلم على ركبته ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردها عليه حتى يصلي
العصر فرجعت ، و قد صححه أحمد بن صالح المصري ، و لكنه منكر ليس في شيء من "
الصحاح " و الحسان " ، و هو مما تتوفر الدواعي على نقله ، و تفردت بنقله امرأة
من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها . و الله أعلم " . و قال الذهبي في " تلخيص
الموضوعات " : " أسانيد حديث رد الشمس لعلي ساقطة ليست بصحيحة ، و اعترض بما صح
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن الشمس لم تحبس إلا ليوشع بن
نون ، ليالي سار إلى بيت المقدس " . و قال شيعي : إنما نفى عليه السلام وقوفها
، و حديثنا فيه الطلوع بعد المغيب فلا تضاد بينهما . قلت : لو ردت لعلي لكان
ردها يوم الخندق للنبي صلى الله عليه وسلم أولى ، فإنه حزن و تألم و دعا على
المشركين لذلك . ثم نقول : لو ردت لعلي لكان بمجرد دعاء النبي صلى الله عليه
وسلم و لكن لما غابت خرج وقت العصر و دخل وقت المغرب ، و أفطر الصائمون ، و صلى
المسلمون المغرب ، فلو ردت الشمس للزم تخبيط الأمة في صومها و صلاتها ، و لم
يكن في ردها فائدة لعلي ، إذ رجوعها لا يعيد العصر أداء . ثم هذه الحادثة
العظيمة لو وقعت لاشتهرت و توفرت الهمم و الدواعي على نقلها . إذ هي في نقض
العادات جارية مجرى طوفان نوح ، و انشقاق القمر " . هذا كله كلام الذهبي نقلته
من " تنزيه الشريعة " لابن عراق ( 1 / 379 ) و هو كلام قوي سبق جله في كلام ابن
تيمية ، و قد حاول المذكور رده من بعض الوجوه فلم يفلح ، و لو أردنا أن ننقل
كلامه في ذلك مع التعقيب عليه لطال المقال جدا ، و لكن نقدم إليك مثالا واحدا
من كلامه مما يدل على باقيه ، قال : " و قوله : و رجوعها لا يعيد العصر أداء .
جوابه : إن في " تذكرة القرطبي " ما يقتضي أنها وقعت أداء ، قال رحمه الله :
فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا ، و أنه لا يتجدد الوقت لما ردها عليه الصلاة و
السلام " . و الجواب على هذا من وجوه : أولا : أن يقال : أثبت العرش ثم انقش .
ثانيا : لو كان الرجوع نافعا و يتجدد الوقت به لكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم أحق و أولى به في غزوة الخندق ، لاسيما و معه علي رضي الله عنه و سائر
أصحابه صلى الله عليه وسلم كما تقدم عن ابن تيمية رحمه الله تعالى . ثالثا : هب
أن في ذلك نفعا ، و لكنه على كل حال هو نفع كمال - و ليس ضروريا ، بدليل عدم
رجوع الشمس له صلى الله عليه وسلم في الغزوة المذكورة ، فإذا كان كذلك فما قيمة
هذا النفع تجاه ذلك الضرر الكبير الذي يصيب المسلمين بسبب تخبيطهم في صلاتهم و
و صومهم كما سبق عن الذهبي ؟ ! و جملة القول : أن العقل إذا تأمل فيما سبق من
كلام هؤلاء الحفاظ على هذا الحديث من جهة متنه ، و علم قبل ذلك أنه ليس له
إسناد يحتج به ، تيقن أن الحديث كذب موضوع لا أصل له .

(2/470)


972 - " أمر صلى الله عليه وسلم الشمس أن تتأخر ساعة من النهار ، فتأخرت ساعة من
النهار " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 401 ) :

ضعيف . أخرجه أبو الحسن شاذان الفضلي في " جزئه في طرق حديث رد الشمس لعلي
رضي الله عنه " من طريق محفوظ بن بحر : حدثنا الوليد بن عبد الواحد : حدثنا
معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله مرفوعا . ذكره
السيوطي في " اللآلىء " كشاهد لحديث أسماء بنت عميس الذي قبله ثم قال : " و
أخرجه الطبراني في " الأوسط " من طريق الوليد بن عبد الواحد به ، و قال : لم
يروه عن أبي الزبير إلا معقل و لا عنه إلا الوليد " . و سكت عليه السيوطي ، و
قال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 297 ) ، و تبعه الحافظ في " الفتح " ( 6 / 155
) : رواه الطبراني في " الأوسط " ، و إسناده حسن " ! و هذا عجيب من هذين
الحافظين ، إذ كيف يكون الإسناد المذكور حسنا و فيه العلل الآتية : أولا : أبو
الزبير مدلس معروف بذلك و قد عنعنه و قد وصفه بذلك الحافظ نفسه في " التقريب "
، و في " طبقات المدلسين " ، و قال الذهبي في ترجمته من " الميزان " بعد أن ذكر
أنه عند العلماء ممن يدلس : " و في صحيح مسلم عدة أحاديث مما يوضح فيها أبو
الزبير السماع من جابر ، و لا هي من طريق الليث عنه ، ففي القلب منها شيء " .
فإذا كان هذا حال ما أخرجه مسلم معنعنا ، فماذا يقال فيما لم يخرجه هو و لا
غيره من سائر الكتب الستة ، و لا أصحاب المسانيد كهذا الحديث ؟! ثانيا : الوليد
بن عبد الواحد ، مجهول لا يعرف و لم يرد له ذكر في شيء من كتب الرجال المعروفة
، كـ " التهذيب " و " التقريب " و " الميزان " و " اللسان " و " التعجيل " و "
الجرح و التعديل " و " تاريخ بغداد " ، و قد تفرد بهذا الحديث كما سبق عن
الطبراني فكيف يحسن إسناد حديثه ؟! ثالثا : محفوظ بن بحر ، قال ابن عدي في
" الكامل " ( ق 399 - 400 ) : " سمعت أبا عروبة يقول : كان يكذب " ، ثم قال : "
له أحاديث يوصلها و غيره يرسلها ، و أحاديث يرفعها و غيره يوقفها على الثقات "
. قلت : و غالب الظن أن رواية الطبراني تدور عليه أيضا ، و يؤسفني أن السيوطي
لم يسق إسناده بكامله ، كما تقدم ، فإن كان الأمر كما ظننت فالإسناد موضوع ، و
إن كان على خلافه فهو ضعيف في أحسن أحواله ، لتحقق العلتين الأوليين فيه . و من
ذلك يتبين خطأ الهيثمي و العسقلاني في تحسينهما إياه و كذا سكوت السيوطي عليه ،
و الموفق الله تبارك و تعالى . ( تنبيه ) : قد جاءت أحاديث و آثار في رد الشمس
لطائفة من الأنبياء ، و لا يصح من ذلك شيء إلا ما في الصحيحين و غيرهما أن
الشمس حبست ليوشع عليه السلام ، قد بينت ذلك في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " رقم
( 202 ) .

(2/471)


973 - " لو بني هذا المسجد إلى صنعاء كان مسجدي " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 402 ) :

ضعيف جدا . رواه أبو زيد عمر بن شبة النميري في كتاب " أخبار المدينة "
حدثنا محمد بن يحيى عن سعد بن سعيد عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ، كذا في " الرد على الإخنائي " ( 126 )
. قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، آفته أخو سعد بن سعيد و اسمه عبد الله بن سعيد بن
أبي سعيد المقبري و هو متروك متهم بالكذب ، و أخوه سعد لين الحديث ، و قد أشار
إلى تضعيف الحديث ابن النجار في " تاريخ المدينة " المسمى بـ " الدرر الثمينة "
( ص 370 ) بقوله : " و روي عن أبي هريرة أنه قال : ... فذكره . و الظاهر أن أصل
الحديث موقوف رفعه هذا المتهم ، فقد رواه عمر بن شبة من طريقين مرسلين عن عمر
قال : " لو مد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحليفة لكان منه " . هذا
لفظه من الطريق الأولى و لفظه من الطريق الأخرى : " لو زدنا فيه حتى بلغ
الجبانة كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و جاءه الله بعامر " . ثم إن
معناه صحيح ، يشهد له عمل السلف به حين زاد عمر و عثمان في مسجده صلى الله عليه
وسلم من جهة القبلة ، فكان يقف الإمام في الزيادة ، و رواه الصحابة في الصف
الأول ، فما كانوا يتأخرون إلى المسجد القديم كما يفعل بعض الناس اليوم ! قال
شيخ الإسلام ابن تيمية في الكتاب السابق ( ص 125 ) : " و قد جاءت الآثار بأن
حكم الزيادة في مسجده صلى الله عليه وسلم حكم المزيد ، تضعف فيه الصلاة بألف
صلاة ، كما أن المسجد الحرام حكم الزيادة فيه حكم المزيد ، فيجوز الطواف فيه ،
و الطواف لا يكون إلا في المسجد لا خارجا منه ، و لهذا اتفق الصحابة على أنهم
يصلون في الصف الأول من الزيادة التي زادها عمر ثم عثمان ، و على ذلك عمل
المسلمين كلهم ، فلولا أن حكمه حكم مسجده ، لكانت تلك الصلاة في غير مسجده و
يأمرون بذلك " ثم قال : " و هذا هو الذي يدل عليه كلام الأئمة المتقدمين و
عملهم ، فإنهم قالوا : إن صلاة الفرض خلف الإمام أفضل ، و هذا الذي قاله هو
الذي جاءت به السنة ، و كذلك كان الأمر على عهد عمر و عثمان رضي الله عنهما
، فإن كلاهما زاد من قبلي المسجد ، فكان مقامه في الصلوات الخمس في الزيادة ، و
كذلك مقام الصف الأول الذي هو أفضل ما يقام فيه بالسنة و الإجماع ، و إذا كان
كذلك ، فيمتنع أن تكون الصلاة في غير مسجده أفضل منها في مسجده ، و إن يكون
الخلفاء و الصفوف الأول كانوا يصلون في غير مسجده ، و ما بلغني عن أحد من السلف
خلاف هذا لكن رأيت بعض المتأخرين قد ذكر أن الزيادة ليست من مسجده ، و ما علمت
له في ذلك سلفا من العلماء " . و قد روي الحديث بلفظ آخر و هو : " لو زدنا في
مسجدنا ، و أشار بيده إلى القبلة " .

(2/472)


974 - " لو زدنا في مسجدنا ، و أشار بيده إلى القبلة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 403 ) :

ضعيف جدا . رواه ابن النجار في " تاريخ المدينة " ( 369 ) من طريق محمد بن
الحسن بن زبالة : حدثني محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن مصعب بن
ثابت عن مسلم بن خباب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما و هو في
مصلاه ( فذكره ) . فلما توفي صلى الله عليه وسلم و ولي عمر بن الخطاب رضي الله
عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( فذكره ) فأجلسوا رجلا في موضع
مصلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم رفعوا يد الرجل و خفضوها حتى رأوا ذلك نحوا
ما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم رفع يده ثم مد ، و وضعوا طرفه بيد الرجل ثم
مدوه فلم يزالوا يقدمونه و يؤخرونه حتى رأوا أن ذلك شبيه بما أشار رسول الله
صلى الله عليه وسلم من الزيادة ، فقدم عمر القبلة ، فكان موضع جدار عمر في موضع
عيدان المقصورة . قلت : و هذا سند واه جدا ، ابن زبالة اتهموه بالكذب كما في
" التقريب " ، و قال ابن حبان ( 2 / 271 ) : " كان ممن يسرق الحديث ، و يروي عن
الثقات ما لم يسمع منهم من غير تدليس عنهم " .

(2/473)


975 - " حياتي خير لكم ، تحدثون و يحدث لكم ، و وفاتي خير لكم ، تعرض علي أعمالكم ،
فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، و ما رأيت من شر استغفرت الله لكم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 404 ) :

ضعيف . رواه الحافظ أبو بكر البزار في " مسنده " : حدثنا يوسف بن موسى :
حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن سفيان عن عبد الله بن السائب عن
زاذان عن عبد الله هو ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن
لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام " . قال : و قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " حياتي خير لكم ... " ، ثم قال البزار : " لم نعرف آخره يروى عن
عبد الله إلا من هذا الوجه " . ذكره الحافظ ابن كثير في " البداية " ( 5 / 275
) ثم قال : " قلت و أما أوله و هو قوله عليه السلام : " إن لله ملائكة سياحين
يبلغوني عن أمتي السلام " ، فقد رواه النسائي من طرق متعددة عن سفيان الثوري و
عن الأعمش كلاهما عن عبد الله بن السائب به " . قلت الحديث عند النسائي في
" سننه " ( 1 / 189 ) كما ذكر الحافظ من طرق عديدة عن سفيان عن عبد الله بن
السائب ، لكن ليس عنده و عن الأعمش ، و إنما رواه من طريقه أيضا الطبراني في
" المعجم الكبير " ( 3 / 81 / 2 ) . و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 205
) و ابن عساكر ( 9 / 189 / 2 ) . قلت : فاتفاق جماعة من الثقات على رواية
الحديث عن سفيان دون آخر الحديث " حياتي .... " ، ثم متابعة الأعمش له على ذلك
مما يدل عندي على شذوذ هذه الزيادة ، لتفرد عبد المجيد بن عبد العزيز بها
، لاسيما و هو متكلم فيه من قبل حفظه ، مع أنه من رجال مسلم و قد وثقه جماعة و
ضعفه آخرون و بين ...... ، فقال الخليلي : " ثقة ، لكنه أخطأ في أحاديث ، و قال
النسائي : " ليس بالقوي ، يكتب حديثه " . و قال ابن عبد البر : " روى عن مالك
أحاديث أخطأ فيها " . و قال ابن حبان في " المجروحين " ( 2 / 152 ) : " منكر
الحديث جدا ، يقلب الأخبار ، و يروي المناكير عن المشاهير ، فاستحق الترك " .
قلت : و لهذا قال فيه الحافظ في " التقريب : " صدوق يخطىء " . و إذا عرفت ما
تقدم فقول الحافظ الهيثمي في " المجمع " ( 6 / 24 ) : " رواه البزار ، و رجاله
رجال الصحيح " . فهو يوهم أنه ليس فيه من هو متكلم فيه ! و لعل السيوطي اغتر
بهذا حين قال في " الخصائص الكبرى " ( 2 / 281 ) : " سنده صحيح " . و لهذا فإني
أقول : إن الحافظ العراقي - شيخ الهيثمي - كان أدق في التعبير عن حقيقة إسناد
البزار حين قال عنه في " تخريج الإحياء " ( 4 / 128 ) : " و رجاله رجال الصحيح
، إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد و إن أخرج له مسلم ، و وثقه ابن معين و
النسائي ، فقد ضعفه بعضهم " . قلت : و أما قوله هو أو ابنه في " طرح التثريب في
شرح التقريب " ( 3 / 297 ) : " إسناده جيد " . فهو غير جيد عندي ، و كان يكون
ذلك لولا مخالفة عبد المجيد للثقات على ما سبق بيانه ، فهي علة الحديث ، و إن
كنت لم أجد من نبه عليها ، أو لفت النظر إليها ، إلا أن يكون الحافظ بن كثير في
كلمته التي نقلتها عن كتابه " البداية " ، و الله أعلم . نعم ، قد صح إسناد هذا
الحديث عن بكر بن عبد الله المزني مرسلا ، و له عنه ثلاث طرق : الأولى عن غالب
القطان عنه . أخرجه إسماعيل القاضي في " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه
وسلم " ( رقم 25 بتحقيقي ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 2 / 2 / 2 ) . و رجاله
كلهم ثقات رجال الشيخين . الثانية : عن كثير أبي الفضل عنه . أخرجه إسماعيل
أيضا ( رقم 26 ) ، و رجاله ثقات رجال مسلم غير كثير ، و اسم أبيه يسار و هو
معروف كما بينه الحافظ في " اللسان " ردا على قول ابن القطان فيه : " حاله غير
معروفة " . الثالثة : عن جسر بن فرقد عنه . أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "
مسنده " ( 230 من بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ) ، و جسر ضعيف . قلت :
فلعل هذا الحديث الذي رواه عبد المجيد موصولا عن ابن مسعود أصله هذا المرسل عن
بكر ، أخطأ فيه عبد المجيد فوصله عن ابن مسعود ملحقا إياه بحديثه الأول عنه . و
الله أعلم . و قد وقفت عليه من حديث أنس ، و له عنه طريقان : الأولى : عن أبي
سعيد الحسن بن علي بن زكريا بن صالح العدوي البصري : حدثنا خراش عن أنس مرفوعا
مختصرا نحوه و فيه " تعرض علي أعمالكم عشية الاثنين و الخميس " . أخرجه ابن عدي
( 124 / 2 ) و أبو منصور الجرباذقاني في " الثاني من عروس الأجزاء " ( ق / 139
/ 2 ) و عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي في " جزء له " ( 2 / 2 ) و عزاه
الحافظ العراقي ( 4 / 128 ) للحارث بن أبي أسامة في " مسنده " بإسناد ضعيف ، أي
بهذا الإسناد كما بينه المناوي في " فيض القدير " بعد أن نقل عنه تضعيفه إياه
بقوله : أي و ذلك لأن فيه خراش بن عبد الله ساقط عدم ، و ما أتى به غير أبي
سعيد العدوي الكذاب ، و قال ابن حبان : لا يحل كتب حديثه إلا للاعتبار ، ثم ساق
له أخبارا هذا منها " . قلت : فالإسناد موضوع ، فلا يفرح به . الثانية : عن
يحيى بن خدام : حدثنا محمد بن عبد الملك بن زياد أبو سلمة الأنصاري : حدثنا
مالك بن دينار عن أنس به نحوه و فيه : " تعرض علي أعمالكم كل خميس " . أخرجه
أبو طاهر المخلص في " الثاني من العاشر من حديثه " ( ق 212 / 2 ) : حدثنا يحيى
( يعني ابن محمد بن صاعد ) : حدثنا يحيى بن خدام به . قلت : و هذا موضوع أيضا
آفته الأنصاري هذا قال العقيلي : " منكر الحديث " ، و قال ابن حبان : " منكر
الحديث جدا ، يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم ، لا يجوز الاحتجاج به " . و قال
ابن طاهر : " كذاب و له طامات " . و قال الحاكم أبو عبد الله : " يروي أحاديث
موضوعة " . و الراوي عنه يحيى بن خدام روى عنه جماعة من الثقات ، و ذكره ابن
حبان في " الثقات " . و قال الحاكم أبو أحمد في ترجمة الأنصاري المذكور : " روى
عن يحيى بن خدام عن مالك بن دينار أحاديث منكرة ، فالله تعالى أعلم الحمل فيه
على أبي سلمة أو على ابن خدام " . و جملة القول أن الحديث ضعيف بجميع طرقه ، و
خيرها حديث بكر بن عبد الله المزني و هو مرسل ، و هو من أقسام الحديث الضعيف
عند المحدثين ، ثم حديث ابن مسعود ، و هو خطأ ، و شرها حديث أنس بطريقيه .

(2/474)


976 - " إني لأفعل ذلك أنا و هذه ثم نغتسل ، يعني الجماع بدون إنزال " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 406 ) :

ضعيف مرفوعا . أخرجه مسلم ( 1 / 187 ) و البيهقي ( 1 / 164 ) من طريق ابن
وهب : أخبرني عياض بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن أم كلثوم
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " إن رجلا سأل رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل ، هل عليهما الغسل ؟ و عائشة جالسة
، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فذكره . قلت و هذا إسناد ضعيف و له
علتان : الأولى : عنعنة أبي الزبير فقد كان مدلسا ، قال الحافظ في " التقريب "
: " صدوق ، إلا أنه يدلس " . و قال الذهبي في " الميزان " : " و في صحيح مسلم
عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر ، و لا هي من طريق
الليث عنه ، ففي القلب منها شيء " . قلت : ثم ذكر لذلك بعض الأمثلة ، و هذا
منها عندي . الثانية : ضعف عياض بن عبد الله و هو ابن عبد الرحمن الفهري المدني
، و قد اختلفوا فيه فقال البخاري : " منكر الحديث " . و هذا منه إشارة إلى أنه
شديد الضعف كما هو معروف عنه ، و قال أبو حاتم : ليس بالقوي ، و ذكره ابن حبان
في " الثقات " . و قال الساجي : " روى عنه ابن وهب أحاديث فيها نظر " . قلت : و
هذا من روايته عنه كما ترى ، و قال ابن معين : ضعيف الحديث ، و قال ابن شاهين
في " الثقات " : و قال أبو صالح : ثبت ، له بالمدينة شأن كبير في حديثه شيء "
. قلت : و لخص هذه النقول الحافظ في " التقريب " بقوله : " فيه لين " ، و أشار
الذهبي في " الميزان " إلى تضعيف قول من وثقه بقوله في ترجمته : " وثق ! و قال
أبو حاتم ، ليس بالقوي " . و لذلك أورده في " كتاب الضعفاء " و حكى فيه قول أبي
حاتم المذكور ، و بالجملة ، فالرجل ضعيف لا يحتج به إذا انفرد و لو لم يخالف
، فكيف و قد خالفه من مثله في الضعف فرواه موقوفا على عائشة ، ألا و هو أشعث بن
سوار فقال : عن أبي الزبير به عن عائشة قالت : " فعلناه مرة فاغتسلنا ، يعني
الذي يجامع و لا ينزل " . أخرجه أحمد ( 6 / 68 / 110 ) و أبو يعلى ( 223 / 2 )
. و أشعث هذا ضعيف كما في " التقريب " . و أخرج له مسلم متابعة ، فروايته أرجح
عندي من رواية عياض ، لأن لها شاهدا من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن القاسم عن
أبيه عن عائشة رضي الله عنها " أنها سئلت عن الرجل يجامع و لا ينزل ؟ فقالت
: فعلت أنا و رسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا منه جميعا " . أخرجه أبو
يعلى في " مسنده " ( 233 / 1 ) و ابن الجارود في " المنتقى " ( رقم 93 ) و غيره
بسند صحيح كما بينته في زوائده على " الصحيحين " برقم ( 54 ) الذي أنا في صدد
تأليفه ، أرجو الله أن يسهل لي إتمامه . قلت : فهذا هو اللائق بهذا الحديث أن
يكون موقوفا ، و أما رفعه فلا يصح ، و الله أعلم . ثم رأيت الحديث في " المدونة
" ( 1 / 29 - 30 ) هكذا : ابن وهب عن عياض بن عبد الله القرشي و ابن لهيعة عن
أبي الزبير عن جابر . فزال بذلك تفرد عياض به ، و انحصرت العلة في عنعنة أبي
الزبير مع المخالفة .

(2/475)


977 - " إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 408 ) :

ضعيف مرفوعا . أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار ( 1 / 231 ) : حدثنا
ابن أبي داود قال : حدثنا المقدمي : قال : حدثني عمر بن علي قال : حدثنا ابن
عجلان عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره
. قلت و هذا إسناد ظاهره الصحة ، و لذلك قال الحافظ في " الفتح " ( 2 / 214 )
إنه حسن ، و لكنه معلول ، و علته خفية جدا ، فإن الرجال كلهم ثقات ، و المقدمي
اسمه محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم مولى ثقيف وثقه أبو زرعة و قال
أبو حاتم : " صالح الحديث محله الصدق " كما في " الجرح و التعديل " ( 3 / 2 /
213 ) . و عمر بن علي هو عم المقدمي ، و هو علة الحديث فإنه و إن كان ثقة محتجا
به في " الصحيحين " فقد كان يدلس تدليسا سيئا جدا ، قال ابن سعد : " كان ثقة ،
و كان يدلس تدليسا شديدا ، يقول سمعت و حدثنا ، ثم يسكت ، فيقول : هشام بن عروة
، و الأعمش ! " ، و قال أحمد : " كان يدلس ، سمعته يقول : " حجاج ، و سمعته " .
يعني حديثا آخر ، قال أحمد : كذا كان يدلس ! " ، و قال أبو حاتم : " محله الصدق
، و لولا تدليسه لحكمنا له إذا جاء بزيادة ، غير أنا نخاف أن يكون أخذه عن غير
ثقة " . قلت : و أنا أخشى أن يكون دلس في هذا الحديث عن بعض الضعفاء حيث زاد
الرفع ، و المعروف أنه موقوف ، فقال ابن أبي شيبة ( 1 / 99 / 2 ) : " أخبرنا
أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان به موقوفا بلفظ : " لا تكبر حتى تأخذ مقامك
من الصف " ، ثم قال : " أخبرنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عجلان به بلفظ : " إذا
دخلت و الإمام راكع ، فلا تركع حتى تأخذ مقامك من الصف " . و مما يضعف هذا
الحديث سواء المرفوع منه و الموقوف أنه قد صح ما يخالفه مرفوعا عن النبي صلى
الله عليه وسلم و موقوفا على جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، و قد بينت ذلك
في " الأحاديث الصحيحة " تحت ( رقم 229 ) بلفظ : " إذا دخل أحدكم المسجد و
الناس ركوع فليركع حين يدخل ثم يدب راكعا حتى يدخل في الصف فإن ذلك السنة " .
فهذا الحديث و إسناده صحيح كما بينته هناك هو العمدة في هذا الباب و قد عمل به
كبار الأصحاب كما أثبته هناك .

(2/476)


978 - " أعلنوا هذا النكاح و اجعلوه في المساجد ، و اضربوا عليه بالدفوف " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 409 ) :

ضعيف بهذا التمام . أخرجه الترمذي ( 1 / 202 ) و البيهقي ( 7 / 290 ) من
طريق عيسى بن ميمون الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا . و قال
الترمذي : " حديث غريب حسن ، و عيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث " . و
قال البيهقي : " عيسى بن ميمون ضعيف " . و كذا قال الحافظ في " التقريب " . و
روى ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 3 / 1 / 287 ) و ابن حبان ( 2 / 116
) عن عبد الرحمن بن مهدي قال : " استعديت على عيسى بن ميمون في هذه الأحاديث عن
القاسم بن محمد في النكاح و غيره فقال : لا أعود " . و عن ابن معين قال : "
عيسى بن ميمون صاحب القاسم عن عائشة ، ليس بشيء " . و عن أبي حاتم قال : " هو
متروك الحديث " . قلت : تابعه ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد به
دون قوله : " و اجعلوه في المساجد " . أخرجه ابن ماجه ( 1895 ) و البيهقي و أبو
نعيم في " الحلية " ( 3 / 265 ) من طريق خالد بن إلياس عن ربيعة ، و قال أبو
نعيم : " تفرد به خالد بن إلياس " . و قال البيهقي : و قال في " الزوائد " : "
هو ضعيف " . " اتفقوا على ضعفه ، بل نسبه ابن حبان و الحاكم و أبو سعيد النقاش
إلى الوضع " . ( تنبيه ) زاد البيهقي في الرواية الأولى : " و ليولم أحدكم ، و
لو بشاة ، فإذا خطب أحدكم و قد خضب بالسواد فليعلمها و لا يغرنها " . و قد عزاه
بهذه الزيادة الصنعاني ( 3 / 154 ) للترمذي و هو وهم ، فليس عنده و لا عند ابن
ماجه مثل هذه الزيادة ، و قال المناوي في " فيض القدير " : " جزم البيهقي بصحته
( ! ) قال ابن الجوزي ضعيف جدا ، و قال ابن حجر في " الفتح " : سنده ضعيف ، و
قال الزيلعي في " تخريج أحاديث الهداية " : ضعيف " . قلت : قوله : " بصحته "
أظنه محرفا " بضعفه " ، فقد عرفت أن البيهقي ضعفه بعيسى ابن ميمون . و أما
تحسين الترمذي للحديث فإنما هو باعتبار الفقرة الأولى منه ، فإن لها شاهدا من
حديث عبد الله بن الزبير مرفوعا ، و الترمذي إنما أورده في " باب ما جاء في
إعلان النكاح " . و أما الجملة التي بعدها فإني لم أجد لها شاهدا فهي لذلك
منكرة . و قد خرجت شواهد الفقرة الأولى في " آداب الزفاف " ( ص 97 ) و " إرواء
الغليل " ( 2053 ) .

(2/477)


979 - " من أدى إلى أمتي حديث يقيم به سنة ، أو يثلم به بدعة ، فله الجنة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 410 ) :

موضوع . رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 10 / 44 ) و الخطيب في " شرف
أصحاب الحديث " ( 2 / 57 / 1 ) و كذا ابن شاذان في " المشيخة الصغيرة " ( رقم
46 من نسختي ) و أبو القاسم القشيري في " الأربعين " ( ق 150 - 151 ) و السلفي
في " أربعينه " ( 10 / 2 ) و عنه ابن عساكر في " أربعين السلفي " ( 9 / 2 ) و
ابن البناء في " الرد على المبتدعة " ( 2 / 2 ) و عفيف الدين في " فضل العلم "
( ق 124 - 125 ) و محمد بن طولون في " الأربعين " ( 14 / 1 ) من طريق عبد
الرحيم بن حبيب و العلاء بن مسلمة بعضهم عن الأول ، و أكثرهم عن الآخر كلاهما
عن إسماعيل بن يحيى التيمي عن سفيان الثوري عن ليث عن طاووس عن ابن عباس
مرفوعا . قلت : و هذا إسناد موضوع آفته إسماعيل هذا ، قال الذهبي : " حدث عن
ابن جريج و مسعر بالأباطيل ، قال صالح جزرة : كان يضع الحديث ، و قال الأزدي
ركن من أركان الكذب لا تحل الرواية عنه ، و قال ابن عدي : عامة ما يرويه بواطيل
. و قال أبو علي النيسابوري و الدارقطني و الحاكم : كذاب " . قلت : و قد تلقاه
عنه كذابان مثله ! أحدهما العلاء بن مسلمة ، قال ابن حبان ( 2 / 174 ) : " يروي
الموضوعات عن الثقات " و قال ابن طاهر : " كان يضع الحديث " . و الآخر عبد
الرحيم بن حبيب ، قال ابن معين : ليس بشيء ، و قال ابن حبان ( 2 / 154 ) :
" كان يضع الحديث على الثقات وضعا ، لعله وضع أكثر من خمسمائة حديث على رسول
الله صلى الله عليه وسلم " . و قال أبو نعيم الأصبهاني : " روى عن ابن عيينة و
بقية الموضوعات " . و الحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " ! و
عزاه لحلية أبي نعيم فقط ! و تعقبه المناوي في " فيض القدير " بقوله : " و فيه
عبد الرحيم ( الأصل عبد الرحمن و هو خطأ ) بن حبيب أورده الذهبي في " الضعفاء "
و قال : " متهم بالوضع " ، و إسماعيل بن يحيى التيمي قال - أعني الذهبي - كذاب
يضع " . و قد اغتر بالسيوطي بعض المتأخرين من المغاربة ، فأورده في كتابه
" لبانة القاري من صحيح البخاري " و ذكره في مقدمته محتجا به و جازما بنسبته
إلى النبي صلى الله عليه وسلم !

(2/478)


980 - " إذا أكلتم فاخلعوا نعالكم ، فإنه أروح لأقدامكم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 411 ) :

ضعيف جدا . رواه الدارمي ( 2 / 108 ) و أبو سعيد الأشج في " حديثه " ( 214
/ 1 ) و الحاكم ( 4 / 119 ) و كذا أبو القاسم الصفار في " الأربعين في شعب
الإيمان " كما في " المنتقى منه " للضياء المقدسي ( 48 / 2 ) و " المنتخب منه
" لأبي الفتح الجويني ( 74 / 1 ) و الديلمي في " مسند الفردوس " ( 1 / 1 / 102
- مختصره ) عن موسى بن محمد عن أبيه عن أنس مرفوعا . و قال الحاكم : " حديث
صحيح الإسناد ! و رده الذهبي بقوله : " قلت أحسبه موضوعا ، و إسناده مظلم ، و
موسى تركه الدارقطني " . و أقول : هو موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي
أبو محمد المدني ، متفق على تضعيفه ، و ضعفه طائفة تضعيفا شديدا ، فقال البخاري
: " عنده مناكير " . و قال أبو داود : " لا يكتب حديثه " و قال أبو حاتم : "
ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، و أحاديث عقبة بن خالد عنه من جناية موسى ، ليس
لعقبة فيها جرم " . قلت : و هذا الحديث من رواية عقبة عنه ، فهو من جناية موسى
، و في تعبير أبي حاتم هذا توهين شديد له كما لا يخفى . و الحديث أورده الهيثمي
في " المجمع " ( 5 / 23 ) و قال : " رواه البزار و أبو يعلى و الطبراني في "
الأوسط " ، و رجال الطبراني ثقات إلا أن عقبة بن خالد السكوني لم أجد له من
محمد بن الحارث سماعا " . قلت : محمد بن الحارث والد موسى لكنه نسب إلى جده ،
فإنه محمد بن إبراهيم بن الحارث كما عرفت من ترجمة ابنه ، و الحديث من رواية
الولد عن أبيه ، كذلك أخرجه الحاكم و غيره كما تقدم عن عقبة بن خالد عن موسى بن
محمد عن أبيه ، فالظاهر أنه سقط من إسناد الطبراني أو من ناسخ كتابه قوله " عن
أبيه " فصار الحديث منقطعا بين عقبة و محمد بن الحارث ، و الله أعلم . و لفظ
رواية أبي يعلى و إسناده خلاف ما سبق كما يتبين مما يأتي : " إذا قرب لأحدكم
طعامه و في رجليه نعلان فلينتزع نعليه ، فإنه أروح للقدمين ، و هو من السنة
" . قال المناوي : " و فيه معاذ بن سعد ، قال الذهبي : مجهول ، و داود بن
الزبرقان ، قال أبو داود : متروك ، و البخاري : مقارب " . قلت : ثم وقفت على
إسناد أبي يعلى في " مسنده " قال ( 3 / 1036 ) : حدثنا معاذ بن شعبة : أخبرنا
داود بن الزبرقان عن أبي الهيثم عن إبراهيم التيمي عن أنس مرفوعا به ، و بهذا
الإسناد أخرجه البزار أيضا ( ص 159 - زوائده ) قلت : و معاذ بن شعبة هو أبو
سهيل البصري ، روى عن عباد بن العوام و عثمان بن مطر ، روى عن موسى بن إسحاق
الأنصاري ، كما في " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 251 ) و لم يذكر فيه جرحا و
لا تعديلا ، و منه تبين أنه تصحف اسم أبيه ( شعبة ) إلى ( سعد ) على المناوي ،
فنقل عن الذهبي أنه قال : " معاذ بن سعد مجهول " . و هذا إنما هو الذي يروي عن
جنادة بن أبي أمية ، فهو تابعي مجهول من الطبقة الرابعة عند الحافظ !

(2/479)


981 - " من كانت له حمولة تأوي إلى شبع ( و ري ) ، فليصم رمضان حيث أدركه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 412 ) :

ضعيف . أخرجه أبو داود ( 1 / 378 ) و أحمد ( 3 / 476 و 5 / 7 ) و العقيلي
في " الضعفاء ( ص 259 ) من طرق عن عبد الصمد بن حبيب بن عبد الله الأزدي
: حدثني حبيب بن عبد الله قال : سمعت سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي يحدث
عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ، و قال العقيلي - و
الزيادة له - : " لا يتابع عليه ، و لا يعرف إلا به " . يعني عبد الصمد هذا ، و
قد أورده البخاري في " الضعفاء " أيضا و قال ( ص 24 ) : " لين الحديث ، ضعفه
أحمد " . و قال المنذري في " مختصر السنن " ( 3 / 290 ) : " قال ابن معين : ليس
به بأس ، و قال أبو حاتم الرازي : يكتب حديثه ، و ليس بالمتروك ، و قال : يحول
من : " كتاب الضعفاء " - ثم ذكر ما نقلناه عن البخاري ثم قال - و قال البخاري
أيضا : منكر الحديث ، ذاهب الحديث ، و لم يعد البخاري هذا الحديث شيئا " . قلت
: و فيه علة أخرى ، و هي جهالة ابنه حبيب بن عبد الله ، قال الذهبي في
" الميزان " و العسقلاني في " التقريب " : " مجهول " . و الحديث أورده الحافظ
شمس الدين ابن عبد الهادي في رسالته " الأحاديث الضعيفة و الموضوعة " ( ق 217 /
2 ) في جملة أحاديث من " ما يذكره بعض الفقهاء و الأصوليين أو المحدثين محتجا
به أو غير محتج به مما ليس له إسناد ، أو له إسناد و لا يحتج بمثله النقاد من
أهل العلم " . ثم ساق أحاديث كثيرة هذا أحدها .

(2/480)


982 - " لا تكون لأحد بعدك مهرا . قاله للذي زوجه المرأة على سورة من القرآن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 413 ) :

منكر . أخرجه سعيد بن منصور من مرسل أبي النعمان الأزدي قال : " زوج
رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة على سورة من القرآن ، و قال : فذكره ، قال
الحافظ في " الفتح " ( 9 / 174 ) : " و هذا مع إرساله فيه من لا يعرف " . قلت :
هو أبو النعمان هذا ، و الظاهر أنه الذي في " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 449
) " أبو النعمان روى عن أبي وقاص عن زيد بن أرقم ، و روى عن سلمان ، و روى عنه
على ابن عبد الأعلى ، قال أبي مجهول " . و الحديث في الصحيحين و غيرهما من حديث
سهل بن سعد الساعدي قال : " إني لفي القوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ
قامت امرأة فقالت : يا رسول الله إنها قد وهبت نفسها لك ، فر فيها رأيك ، فلم
يجبها شيئا ، ثم قامت الثالثة ، فقالت إنها وهبت نفسها لك فر فيها رأيك فقام
رجل فقال : يا رسول الله أنكحنيها ، قال : هل عندك من شيء ؟ قال : لا ، قال :
اذهب فاطلب و لو خاتم من حديد ، فذهب يطلب ، ثم جاء فقال : ما وجدت شيئا و لا
خاتما من حديد ، قال : هل معك من القرآن شيء ؟ قال : نعم ، سورة كذا و سورة كذا
، قال : اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن " . و كذلك رواه مالك و النسائي و
الترمذي و البيهقي ( 7 / 242 ) دون قوله : " لا تكون لأحد بعدك " ، و لقد وهم
صاحب " الروض المربع " من كتب الحنابلة وهما فاحشا ، فعزا الحديث بلفظ سعيد بن
منصور المرسل إلى البخاري ! فقد تبين أن البخاري ليس عنده هذه الزيادة و لا عند
غيره ممن ذكرنا ، فدل ذلك على أنها زيادة منكرة لتفرد هذا الطريق الواهي بها
دون سائر طرق الحديث و شواهده و هي كثيرة قد أخرجها الحافظ رحمه الله في "
الفتح " ( 9 / 168 ) فليراجعها من شاء ، و قد روي الحديث عن ابن مسعود بزيادة
أخرى منكرة أيضا و هو : " قد أنكحتكها على أن تقرئها و تعلمها ، و إذا رزقك
الله عوضتها " .

(2/481)


983 - " قد أنكحتكها على أن تقرئها و تعلمها ، و إذا رزقك الله عوضتها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 413 ) :
منكر . رواه الدارقطني في " سننه " ( 394 ) و من طريقه البيهقي ( 7 / 243 )
عن عتبة بن السكن : أخبرنا الأوزاعي : أخبرني محمد بن عبد الله بن أبي طلحة
: حدثني زياد بن زياد : حدثني عبد الله بن سخبرة عن ابن مسعود : " أن امرأة
أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله رأ في رأيك .... " الحديث
نحو حديث سهيل الصحيح المذكور قبله ، و فيه : " قال : فهل تقرأ من القرآن شيئا
؟ قال : نعم سورة البقرة و سورة المفصل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
.... " فذكره و قال الدارقطني : " تفرد به عن عتبة و هو متروك الحديث " . و قال
البيهقي : " عتبة بن السكن منسوب إلى الوضع ، و هذا باطل لا أصل له " . قلت : و
من أحاديث هذا المتهم : " كان يستحب أن يصلي بعد نصف النهار حين ترتفع الشمس
أربع ركعات ، فقالت عائشة : يا رسول الله أراك تستحب الصلاة في هذه الساعة
؟ قال : يفتح فيه أبواب السماء ، و ينظر الله تبارك و تعالى إلى خلقه ، و هي
صلاة كان يحافظ عليها آدم و نوح و إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام " .

(2/482)


984 - " كان يستحب أن يصلي بعد نصف النهار حين ترتفع الشمس أربع ركعات ، فقالت عائشة
: يا رسول الله أراك تستحب الصلاة في هذه الساعة ؟ قال : يفتح فيه أبواب السماء
، و ينظر الله تبارك و تعالى إلى خلقه ، و هي صلاة كان يحافظ عليها آدم و نوح و
إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 414 ) :
ضعيف جدا . رواه الخطيب في " التلخيص " ( 88 / 1 - 2 ) عن عتبة بن السكن
الحمصي : حدثنا الأوزاعي : حدثنا صالح بن جبير : حدثني أبو أسماء الرحبي :
حدثني ثوبان مرفوعا و قال : " تفرد به عتبة بن السكن عن الأوزاعي " . قلت :
و قد عرفت من الحديث السابق أن ابن السكن هذا متهم بالوضع . و الحديث قال
الهيثمي في " المجمع " ( 2 / 219 ) : " رواه البزار ، و فيه عتبة بن السكن ،
قال الدارقطني : متروك ، و قد ذكره ابن حبان في " الثقات " و قال : يخطىء و
يخالف " . قلت : و لذلك أشار المنذري في " الترغيب " ( 1 / 203 ) إلى ضعفه .
قلت : و ليس عند البزار قوله " حين ترتفع الشمس " ، و هو يدفع دلالة الحديث على
ما ترجم له المنذري و هو : " الترغيب في الصلاة قبل الظهر و بعدها " فتأمل .

(2/483)


985 - " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر فلا صلاة له " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 414 ) :

منكر . رواه ابن أبي حاتم في " تفسيره " : حدثنا محمد بن هارون المخرمي
الفلاس : حدثنا عبد الرحمن بن نافع أبو زياد : حدثنا عمر بن أبي عثمان : حدثنا
الحسن عن عمران بن حصين قال : " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله
تعالى : *( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر )* ؟ قال : " فذكره . ذكره ابن
كثير ( 2 / 414 ) و ابن عروة في " الكواكب الدراري " ( 83 / 1 - 2 / 1 ) . قلت
: و هذا سند ضعيف ، و فيه علتان : الأولى : الانقطاع بين الحسن و هو البصري و
عمران بن الحصين ، فإنهم اختلفوا في سماعه منه فإن ثبت ، فعلته عنعنة الحسن
فإنه مدلس معروف بذلك . و الأخرى جهالة عمر بن أبي عثمان ، أورده ابن أبي حاتم
في " الجرح و التعديل " ( 3 / 1 / 123 ) و قال " سمع طاووسا قوله ، روى عنه
يحيى بن سعيد " .

(2/484)


986 - " إذا خلع أحدكم نعليه في الصلاة ، فلا يجعلهما بين يديه فيأتم بهما ، و لا من
خلفه ، فيأتم بهما أخوه المسلم و لكن ليجعلهما بين رجليه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 415 ) :

ضعيف جدا . أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 195 ) من طريق أبي
سعيد الشقري عن زياد الجصاص عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي
صلى الله عليه وسلم و قال : " لا يروى عن أبي بكرة إلا بهذا الإسناد " . قلت :
و هو ضعيف جدا ، فإن زيادا هذا و هو ابن أبي زياد الجصاص قال الذهبي في "
الميزان " : " قال ابن معين و ابن المديني : ليس بشيء ، و قال أبو زرعة : واه ،
و قال النسائي و الدارقطني : متروك ، و أما ابن حبان فقال في " الثقات " : ربما
يهم ، قلت بل هو مجمع على ضعفه " . قلت : و الراوي عنه أبو سعيد الشقري و اسمه
المسيب بن شريك مثله في الضعف أو أشد ، فقد قال فيه أحمد : " ترك الناس حديثه "
. و ضعفه البخاري جدا فقال : " سكتوا عنه " . و قال مسلم و جماعة : " متروك " .
و قال الفلاس : " متروك الحديث ، قد أجمع أهل العلم على ترك حديثه " . و قال
الساجي : " متروك الحديث ، يحدث بمناكير " . و الحديث أورده الهيثمي في "
المجمع " ( 2 / 55 ) بلفظ : " إذا صلى أحدكم فخلع نعليه ، فلا يخلعهما عن يمينه
فيأثم ، و لا من خلفه فيأتم بهما صاحبه ، و لكن ليخلعهما بين ركبتيه " . و قال
: " رواه الطبراني في الكبير ، و فيه زياد الجصاص ضعفه ابن معين و ابن المديني
و غيرهما ، و ذكره ابن حبان في " الثقات " " . كذا قال ، و قد عرفت مما سبق أن
ابن حبان قد خالف في هذا التوثيق إجماع الأئمة الذين ضعفوه ، فلا يعتد بتوثيقه
! و الحديث قد روي من طريق أخرى و هو : " إذا صليت فصل في نعليك ، فإن لم تفعل
فضعهما تحت قدميك ، و لا تضعهما عن يمينك ، و لا عن يسارك فتؤذي الملائكة و
الناس ، و إذا وضعتهما بين يديك كأنما بين يديك قبلة " .

(2/485)


987 - " إذا صليت فصل في نعليك ، فإن لم تفعل فضعهما تحت قدميك ، و لا تضعهما عن
يمينك ، و لا عن يسارك فتؤذي الملائكة و الناس ، و إذا وضعتهما بين يديك كأنما
بين يديك قبلة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 416 ) :

منكر . رواه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 9 / 448 - 449 ) عن أبي خالد
إبراهيم بن سالم حدثنا عبد الله بن عمران البصري عن أبي عمران الجوني عن أبي
برزة الأسلمي عن ابن عباس مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف علته إبراهيم هذا
، قال الذهبي في " الميزان " : " قال ابن عدي : له مناكير " . ثم ساق له الذهبي
حديثين منكرين ، ثم قال : " و سئل أبو حاتم عن عبد الله بن عمران ؟ فقال : شيخ
" . و روي الحديث من طريق ثالث و هو : " ألزم نعليك قدميك ، فإن خلعتهما
فاجعلهما بين رجليك ، و لا تجعلهما عن يمينك ، و لا عن يمين صاحبك ، و لا وراءك
فتؤذي من خلفك " .

(2/486)


988 - " ألزم نعليك قدميك ، فإن خلعتهما فاجعلهما بين رجليك ، و لا تجعلهما عن يمينك
، و لا عن يمين صاحبك ، و لا وراءك فتؤذي من خلفك " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 416 ) :

ضعيف جدا . رواه ابن ماجه ( 1 / 437 - 438 ) عن عبد الله بن سعيد بن أبي
سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا . و هذا سند ضعيف جدا ، لأن عبد الله هذا
متروك كما في " التقريب " لابن حجر ، و " الضعفاء " للذهبي و لفظه : " تركوه "
و سلفه في ذلك البخاري و قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 89 / 1 ) : " هذا
إسناده ضعيف ، عبد الله بن سعيد متفق على تضعيفه " . قلت : و مما يؤكد ضعفه أنه
قد خالفه في متن هذا الحديث ثقتان فروياه عن أبيه سعيد بن أبي سعيد بلفظ : "
إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحدا ، ليجعلهما بين رجليه ، أو ليصل
فيهما " . و إسناده صحيح ، و قد خرجته في " صحيح أبي داود " ( رقم 662 ) .

(2/487)


989 - " يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة ، و حد يقام في الأرض أزكى فيها من
مطر أربعين يوما " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 416 ) :

ضعيف . رواه سمويه في " الفوائد " ( 37 / 2 ) : حدثنا أحمد بن يونس :
أخبرني سعد أبو غيلان الشيباني قال : سمعت عفان بن جبير الطائي عن أبي حريز
الأزدي أو حريز عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا و رواه الطبراني ( 3 / 140 / 1
) من طريق أخرى عن أحمد بن يونس به إلا أنه لم يقل في سنده " أو حريز " . قلت
: و هذا سند ضعيف مسلسل بجماعة لا يعرفون من سعد إلى أبي حريز غير أن سعدا لم
يتفرد به ، فقد رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 182 / 1 ، 144 / 1 ) من طريق
زريق بن السحت : أخبرنا جعفر بن عون : أخبرنا عفان بن جبير الطائي عن عكرمة به
و قال : " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد " . قلت : و مداره على عفان بن
جبير هذا ، و قد أورده ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 30 ) و لم يذكر فيه جرحا و
تعديلا ، و لعل ابن حبان أورده في " الثقات " ! و الظاهر أنه قد اختلف عليه
فرواه زريق هذا عن جعفر بن عون عنه عن عكرمة به . و خالفه سعد أبو غيلان فرواه
عنه عن أبي حريز أو حريز عن عكرمة به ، فزاد في السند أبا حريز أو حريز ، و
يبدو أن حريزا مجهول ، فإن ابن أبي حاتم لم يذكر في ترجمته أكثر من قوله :
" كوفي ، كان أبوه أبا حريز عبد الله بن الحسين قاضي سجستان " . و له ترجمة
طويلة في " اللسان " و أفاد أنه كان من شيوخ الشيعة و أنه كوفي أزدي . و أما
أبوه عبد الله بن الحسين فصدوق يخطىء كما في " التقريب " . و أما سعد أبو غيلان
فأورده ابن أبي حاتم أيضا ( 2 / 1 / 99 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و
أما زريق الذي في الوجه الثاني فلم أجد له ترجمة . و أما جعفر بن عون فثقة من
رجال الشيخين . و جملة القول أن إسناد الحديث ضعيف لتفرد عفان بن جبير به ، كما
أشار إلى ذلك الطبراني و هو مجهول ، و للاختلاف عليه في إسناده كما عرفت ، فقول
المنذري في " الترغيب " ( 3 / 135 ) ثم العراقي في " تخريج الإحياء ( 1 / 155 )
: " رواه الطبراني في الكبير و الأوسط ، و إسناد الكبير حسن " . ففيه نظر كبير
، لما عرفت من تسلسل إسناد الكبير بالمجهولين . نعم الشطر الثاني من الحديث حسن
لأن له شاهدا من حديث أبي هريرة ، و لذلك أوردته في " الأحاديث الصحيحة " ( رقم
231 ) .

(2/488)


990 - " من لم يذر المخابرة فليؤذن بحرب من الله و رسوله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 417 ) :

ضعيف . أخرجه أبو داود ( 2 / 235 - طبع الحلبي ) و من طريقه البيهقي في
" سننه " ( 6 / 128 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 9 / 236 ) من طريق عبد الله
بن رجاء : أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزبير عن جابر قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره و قال أبو نعيم : " غريب من حديث أبي
الزبير ، تفرد به ابن خثيم بهذا اللفظ ، و عبد الله بن رجاء هو المكي ، ليس
بالعراقي البصري " . قلت و هو ثقة من رجال مسلم و أصله من البصرة قال ابن سعد :
" كان ثقة كثير الحديث ، و كان من أهل البصرة ، فانتقل إلى مكة فنزلها إلى أن
مات بها " . و أما العراقي البصري فهو الغداني و ليس مكيا و هو مع كونه ممن
احتج بهم البخاري في " صحيحه " ففيه كلام كثير ، و قد ظن المناوي في " فيض
القدير " أنه هو راوي هذا الحديث فأعله به فقال : " و فيه عبد الله بن رجاء ،
أورده الذهبي في " ذيل الضعفاء " و قال : صدوق ، قال الفلاس : كثير الغلط و
التصحيف " . و هذا هو الغداني كما صرح به الذهبي نفسه في ترجمته ، و ليس هو
صاحب هذا الحديث كما صرح بذلك أبو نعيم فيما نقلته عنه آنفا ، و كذلك أبو داود
حيث قال في روايته : " حدثنا ابن رجاء يعني المكي " . و الغداني ليس مكيا كما
ذكرنا ، فلا أدري كيف خفي هذا على المناوي . و إنما علة الحديث أبو الزبير و
اسمه محمد بن مسلم بن تدرس ، فإنه و إن كان ثقة و من رجال مسلم ، فهو مدلس و قد
عنعنه و قد قال الذهبي في ترجمته من " الميزان " : " و في صحيح مسلم عدة أحاديث
مما لم يوضح فيها ابن الزبير السماع عن جابر و لا من طريق الليث عنه ، ففي
القلب منها شيء " . قلت : فلا يطمئن القلب لصحة هذا الحديث مع هذه العنعنة
، لاسيما و هو ليس في " صحيح مسلم " . ( تنبيه ) عزاه السيوطي في " الجامع
الصغير " لأبي داود و الحاكم ، و لم أجده في " مستدركه " في المواضع التي يظن
وجوده فيها ، فالله أعلم . ثم وجدته فيه بواسطة الفهرس الذي أنا في صدد وضعه له
، يسر الله لي إتمامه ، أخرجه في " التفسير " ( 2 / 285 - 286 ) من طريق ابن
رجاء المكي به . ( فائدة ) : المخابرة هي المزارعة ، و في القاموس : " المزارعة
المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها ، و يكون البذر من مالكها ، و قال : و
المخابرة أن يزرع على النصف و نحوه " . و قد صح النهي عن المخابرة من طرق أخرى
عن جابر رضي الله عنه عند مسلم ( 5 / 18 و 19 ) و غيره ، و لكنه محمول على
الوجه المؤدي إلى الغرر و الجهالة ، لا على كرائها مطلقا حتى بالذهب و الفضة
لثبوت جواز ما لا غرر فيه في أحاديث كثيرة و تفصيل ذلك في المطولات مثل " نيل
الأوطار " و " فتح الباري " و غيرهما .

(2/489)


991 - " من صلى صلاة مكتوبة مع الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب في سكتاته ، و من انتهى
إلى أم القرآن فقد أجزأه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 418 ) :

ضعيف جدا . رواه الدارقطني في " سننه " ( ص 120 ) و الحاكم ( 1 / 238 ) و
البيهقي في " جزء القراءة " ( ص 54 ) عن فيض بن إسحاق الرقي : أخبرنا محمد بن
عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن عطاء عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، ابن عمير هذا متروك
كما قال الدارقطني و النسائي ، و قال البخاري : " منكر الحديث " . و قال
البيهقي عقب الحديث : " لا يحتج به " و قال الدارقطني : " ضعيف " . قلت : و
هذا الحديث يخالف المعروف من مذهب أبي هريرة رضي الله عنه ، و ذلك أن مفهومه أن
القراءة في غير سكتات الإمام - أعني حالة جهره - لا تشرع ، و الثابت عن أبي
هريرة مشروعية القراءة إطلاقا ، و هو ما أخرجه مسلم ( 2 / 9 ) و غيره عن أبي
هريرة مرفوعا : " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ( ثلاثا ) غير
تمام " . فقيل لأبي هريرة : إنا نكون وراء الإمام ؟ فقال : اقرأ بها في نفسك ،
فهذا كالنص عنه في أنه أمر المؤتم بالقرأة وراء الإمام و لو كان يجهر ، لكن قد
يقال : أن لا مخالفة ، و ذلك بحمل المطلق على القراءة في سكتات الإمام ، فإنه
ثبت عن أبي هريرة أمره بها كما تقدم تحت الحديث ( 546 ) و ذلك من الأدلة على
خطأ رفع حديث الترجمة . ثم إن ما ذهب إليه أبو هريرة من القراءة في الجهرية
وراء الإمام ، له في الصحابة موافقون و مخالفون ، فمن الأول ما أخرجه البيهقي (
2 / 167 ) و غيره عن يزيد بن شريك أنه سأل عمر عن القراءة خلف الإمام ؟ فقال :
اقرأ بفاتحة الكتاب . قلت : و إن كنت أنت ؟ قال : و إن كنت أنا ، قلت : و إن
جهرت به ؟ قال و إن جهرت ، و سنده صحيح . ثم ذكر البيهقي في الموافقين جماعة من
الصحابة و في ذلك نظر من جهة السند و المعنى لا ضرورة بنا إلى استقصاء القول في
ذلك بعد أن ذكرنا ثبوته عن أبي هريرة و عمر . و أما المخالفون فيأتي ذكر بعضهم
في الحديث الآتي .

(2/490)


992 - " إذا كنت مع الإمام فاقرأ بأم القرآن قبله إذا سكت " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 419 ) :

ضعيف . رواه البيهقي في " جزء القراءة " ( ص 54 ) من طريق المثنى بن الصباح
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : فذكره . ثم رواه من طريق ابن لهيعة أخبرنا عمرو بن شعيب به نحوه . ثم
رواه الدارقطني ( 121 ) من طريق محمد بن عبد الوهاب : أخبرنا محمد بن عبد الله
بن عبيد بن عمير عن عمرو بن شعيب به . و خالفه فيض بن إسحاق الرقي فرواه عن ابن
عبيد هذا بإسناد آخر نحوه فانظر الحديث المتقدم . ثم قال البيهقي : " و محمد بن
عبد الله بن عبيد بن عمير ، و إن كان غير محتج به ، و كذا من تقدم ممن رواه عن
عمرو بن شعيب ، فلقراءة المأموم فاتحة الكتاب في سكتة الإمام شواهد صحيحة عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده خبرا عن فعلهم ، و عن أبي هريرة و غيره من فتواهم
، و نحن نذكرها إن شاء الله تعالى في ذكر أقاويل الصحابة " . قلت : ابن عمير
هذا متروك شديد الضعف كما مضى قريبا ، فلا يستشهد به و نحوه المثنى بن الصباح ،
فقد ضعفه الجمهور من الأئمة ، و قال النسائي و ابن الجنيد : " متروك الحديث " و
قال النسائي في موضع آخر : " ليس بثقة " . و قال الساجي : " ضعيف الحديث جدا ،
حدث بمناكير يطول ذكرها ، و كان عابدا يهم " . قلت : و أيضا فإنه كان ممن اختلط
في آخر عمره كما قال ابن حبان . و أما ابن لهيعة ، فهو معروف بالضعف ، ، لأنه
خلط بعد احتراق كتبه ، فيحتمل أن يكون هذا من تخاليطه ، و مع الاحتمال يسقط
الاستدلال . و أما الشواهد التي أشار إليها البيهقي فعلى فرض التسليم بصحتها ،
فهي موقوفة ، فلا يصح الاستشهاد بها على صحة المرفوع ، لاسيما و الآثار في هذا
الباب عن الصحابة مختلفة ، فقد روى البيهقي في " سننه " ( 2 / 163 ) بسند صحيح
عن أبي الدرداء أنه قال : " لا أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم " . و روى
هو ( 2 / 160 ) و غيره بسند صحيح أيضا عن جابر قال : " من صلى ركعة لم يقرأ
فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام " . و عن ابن عمر أنه كان يقول : " من
صلى وراء الإمام كفاه قراءة الإمام " . و سنده صحيح أيضا ، و عن ابن مسعود أنه
سئل عن القراءة خلف الإمام ؟ قال : أنصت ، فإن في الصلاة شغلا و يكفيك الإمام .
رواه الطحاوي ( 1 / 129 ) و البيهقي ( 2 / 160 ) و غيرهما بسند صحيح . قلت :
فهذه آثار كثيرة قوية تعارض الآثار المخالفة لها مما أشار إليه البيهقي و ذكرنا
بعضها آنفا ، فإذا استشهد بها لصحة هذا الحديث ، فلمخافة أن يستشهد بهذه الآثار
على ضعفه ، و الحق أنه لا يجوز تقوية الحديث و لا تضعيفه بآثار متعارضة فتأمل
. و الذي نراه أقرب إلى الصواب في هذه المسألة مشروعية القراءة وراء الإمام في
السرية دون الجهرية ، إلا إن وجد سكتات الإمام ، و ليس هناك حديث صريح لم يدخله
التخصيص يوجب القراءة في الجهرية ، و ليس هذا موضع تفصيل القول في ذلك فاكتفينا
بالإشارة .

(2/491)


993 - " من قرأ خلف الإمام فلا صلاة له " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 420 ) :
باطل . رواه ابن حبان في " المجروحين " ( 1 / 151 - 152 ) و عنه ابن الجوزي
في " العلل المتناهية " : حدثني إبراهيم بن سعيد القشيري عن أحمد بن علي بن
سلمان المروزي عن ( سعيد بن ) عبد الرحمن المخزومي عن سفيان بن عيينة عن ابن
طاووس عن أبيه عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ابن
حبان في ترجمة المروزي هذا : " هذا الحديث لا أصل له ، و أحمد بن علي بن سلمان
لا ينبغي أن يشتغل بحديثه " . و نقله الزيلعي في " نصب الراية " ( 2 / 19 ) و
الحافظ في " اللسان " و لم يعلق عليه بشيء و ابن سلمان هذا ترجمه الخطيب أيضا (
4 / 303 ) و قال : " قرأت بخط الدارقطني - و حدثنيه أحمد بن محمد العتيقي عنه -
قال : أحمد بن علي بن سلمان المروزي متروك يضع الحديث " . قلت : و قد روي
موقوفا على زيد بإسناد خير من هذا ، أخرجه البيهقي في " سننه " ( 2 / 163 ) من
طريق الحسين بن حفص عن سفيان عن عمر بن محمد عن موسى بن سعد عن ابن زيد بن ثابت
عن أبيه زيد بن ثابت قال : فذكره موقوفا . قلت : و هذا سند رجاله ثقات غير ابن
زيد بن ثابت ، فلم أعرفه ، و الظاهر أنه سعد والد موسى المذكور في هذا الإسناد
فإنه موسى بن سعد بن زيد بن ثابت ، فإن كان هو ، فهو مجهول لا يعرف في شيء من
كتب الرجال ، و لا ذكر في الرواة عن أبيه ، و قد روى عن أبيه أخواه خارجة و
سلمان كما في " التهذيب " و لم يذكر معهما سعدا هذا . و الله أعلم . و قد أشار
البيهقي إلى تضعيف هذا السند فقال : " و هذا إن صح بهذا اللفظ - و فيه نظر -
فمحمول على الجهر بالقراءة ، و الله تعالى أعلم . و قد خالفه عبد الله بن
الوليد العدني فرواه عن سفيان عن عمر بن محمد عن موسى بن سعد عن زيد لم يذكر
أباه في إسناده . قال البخاري : لا يعرف بهذا الإسناد سماع بعضهم من بعض و لا
يصح مثله " . قلت : و العدني هذا قال الحافظ : صدوق ربما أخطأ ، و لم يحتج به
مسلم ، بخلاف الحسين بن حفص فإنه صدوق احتج به مسلم ، فروايته أرجح ، و فيها
المجهول كما عرفت فلا يصح الحديث لا مرفوعا و لا موقوفا و الموقوف أشبه . نعم
أخرج البيهقي بسند صحيح عن عطاء بن يسار أنه سأل زيد بن ثابت عن القراءة مع
الإمام فقال : لا أقرأ مع الإمام في شيء ، و قال : " أخرجه مسلم ، و هو محمول
على الجهر بالقراءة مع الإمام ، و الله أعلم " . قلت : هذا حمل بعيد جدا ، و
إنما يحمل على مثله التوفيق بين الأثر و المذهب ! و إلا فكيف يؤول بمثل هذا
التأويل الباطل الذي إنما يقول البعض مثله إذا كان هناك من يرى مشروعية جهر
المؤتم بالقراءة وراء الإمام ، فهل من قائل بذلك حتى يضطر زيد رضي الله عنه إلى
إبطاله ؟ ! اللهم لا ، و لكنه التعصب للمذهب عفانا الله منه ، و إن مما يؤكد
بطلانه أن الإمام الطحاوي رواه ( 1 / 129 ) من الطريق المذكور عن زيد بلفظ
: " لا تقرأ خلف الإمام في شيء من الصلوات " ! و أما عزوه لمسلم ففيه نظر ،
فإني لم أجد عنده ، و الله أعلم .

(2/492)


994 - " من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا . قيل : يا رسول الله و
هل لها من عينين ؟ قال : ألم تسمع إلى قول الله عز وجل : *( إذا رأتهم من مكان
بعيد سمعوا لها تغيظا و زفيرا )* ، فأمسك القوم أن يسألوه ، فأنكر ذلك من شأنهم
، و قال : ما لكم لا تسألوني ؟ قالوا : يا رسول الله سمعناك تقول من تقول علي
ما لم أقل ... و نحن لا نحفظ الحديث كما سمعناه ، نقدم حرفا و نؤخر حرفا ، و
نزيد حرفا و ننقص حرفا ، قال : ليس ذلك أردت ، إنما قلت : من تقول علي مالم أقل
يريد عيبي و شين الإسلام ، أو شيني و عيب الإسلام " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 421 ) :

موضوع . أخرجه الخطيب في " الكفاية " ( ص 200 ) بسند صحيح عن علي بن مسلم
الطوسي قال : حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن أصبغ بن زيد عن خالد بن كثير عن
خالد بن دريك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد ضعيف و إن كان رجاله كلهم
ثقات ، فإنه منقطع بين ابن دريك و الرجل ، فإنه لم يدرك أحدا من الصحابة ، و
لذلك أورده ابن حبان في أتباع التابعين . ثم رأيت الحافظ ابن كثير قد ساق
إسناده في " تفسيره " ( 3 / 310 ) من رواية ابن أبي حاتم و ابن جرير من طريقين
آخرين عن محمد بن يزيد الواسطي بسنده المذكور عن خالد بن دريك ( قال : ) بإسناد
عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . فهذا صريح في الانقطاع بين ابن
دريك و الرجل لقوله " بإسناده " و هذا يقتضي أن يكون بينه و بين الرجل راو واحد
على الأقل ، و هو مجهول لم يسم ، فهو علة الحديث . ثم إن في آخره ما يشعر بأن
التقول عليه لا بأس به إذا لم يكن في شين الإسلام و عيب النبي صلى الله عليه
وسلم ، فكأنه من وضع الكرامية الذين كانوا يرون جواز الكذب على النبي صلى الله
عليه وسلم في الترغيب و الترهيب و فضائل الأعمال ، فإذا أنكر ذلك عليهم بقوله
صلى الله عليه وسلم " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " قالوا : نحن
ما كذبنا عليه إنما نكذب له ! . و قد روي الحديث من طريق أخرى لا يصح أيضا ،
رواه أبو نعيم في " المستخرج على صحيح مسلم " ( 1 / 9 / 1 ) عن محمد بن الفضل
بن عطية عن الأحوص بن حكيم عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا به مع تقديم و تأخير و
قال : " هذا حديث لا أصل له فيما أعلم ، و الحمل فيه على محمد بن الفضل بن عطية
لاتفاق أكثر الناس على إسقاط حديثه " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 148
) بعد أن عزاه للطبراني في " الكبير " : " و فيه الأحوص بن حكيم ضعفه النسائي و
غيره ، و وثقه العجلي و يحيى بن سعيد القطان في رواية ، و رواه عن الأحوص محمد
بن الفضل بن عطية ضعيف " . قلت : بل هو شر من ذلك كما أشار إليه أبو نعيم في
كلمته السابقة ، و قال الحافظ في " التقريب " : " كذبوه " . و قال الذهبي في "
الضعفاء " : " متروك باتفاق " . و الحديث أخرجه ابن منده أيضا في " معرفة
الصحابة " ( 2 / 282 / 2 ) .

(2/493)


995 - " خذوا للرأس ماء جديدا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 423 ) :

ضعيف جدا . رواه الطبراني ( 1 / 214 / 2 ) عن دهثم بن قران عن نمران بن
جارية عن أبيه مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف جدا دهثم قال الحافظ ابن حجر :
" متروك " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 234 ) : " رواه الطبراني في
" الكبير " و فيه دهثم بن قران ضعفه جماعة ، و ذكره ابن حبان في الثقات " . قلت
: و ذكره ابن حبان في " الضعفاء " أيضا و قال ( 1 / 290 ) : " كان ممن يتفرد
بالمناكير عن المشاهير ، و يروي عن الثقات أشياء لا أصول لها ، قال ابن معين :
لا يكتب حديث " . قلت : و هذا معناه أنه متروك كما قال الحافظ ، و هو قول ابن
الجنيد ، و مثله قول أحمد : " متروك الحديث " . و قال النسائي : " ليس بثقة " .
و نمران بن جارية مجهول لا يعرف كما قال الذهبي و العسقلاني . و نحو هذا الحديث
في المعنى ما أخرجه البيهقي ( 1 / 65 ) من طريق الهيثم بن خارجة : حدثنا عبد
الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث عن حبان بن واسع الأنصاري أن أباه
حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ،
فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه ، و قال : " و هذا إسناد صحيح ، و
كذلك روي عن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص و حرملة بن يحيى عن ابن وهب ، و رواه
مسلم بن الحجاج في " الصحيح " عن هارون بن معروف و هارون بن سعيد الأيلي و أبي
الطاهر عن ابن وهب بإسناد صحيح أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ -
فذكر وضوءه ، قال - و مسح برأسه بماء غير فضل يديه ، و لم يذكر الأذنين ، و هذا
أصح من الذي قبله " . و تعقبه ابن التركماني فقال : " قلت : ذكر صاحب الإمام
أنه رأى في رواية ابن المقرىء عن حرملة عن ابن وهب بهذا الإسناد و فيه : و مسح
بماء غير فضل يديه لم يذكر الأذنين " . قلت : فقد اختلف في هذا الحديث على ابن
وهب ، فالهيثم بن خارجة و ابن مقلاص و حرملة بن يحيى - و العهدة في ذلك على
البيهقي - رووه عنه باللفظ الأول الذي فيه أخذ الماء الجديد لأذنيه . و خالفهم
ابن معروف و ابن سعيد الأيلي و أبو الطاهر ، فرووه عنه باللفظ الآخر الذي فيه
أخذ الماء لرأسه لم يذكر الأذنين ، و قد صرح البيهقي بأنه أصح كما سبق ، و معنى
ذلك أن اللفظ الأول شاذ ، و قد صرح بشذوذه الحافظ بن حجر في " بلوغ المرام " ،
و لا شك في ذلك عندي لأن أبا الطاهر و سائر الثلاثة قد تابعهم ثلاثة آخرون ، و
هم حجاج بن إبراهيم الأزرق ، و ابن أخي بن وهب - و اسمه أحمد بن عبد الرحمن بن
وهب ، أخرجه عنهما أبو عوانة في " صحيحه " ( 1 / 249 ) ، و سريج بن النعمان عند
أحمد ( 4 / 41 ) و لا ريب أن اتفاق الستة على الرواية أولى بالترجيح من رواية
الثلاثة عند المخالفة ، و يؤيد ذلك أن عبد الله بن لهيعة قد رواه عن حبان بن
واسع مثل رواية الستة ، أخرجه الدارمي ( 1 / 180 ) و أحمد ( 4 / 39 - 42 ) ، و
ابن لهيعة و إن كان ضعيفا ، فإن رواية العبادلة الثلاثة عنه صحيحة ، كما نص على
ذلك غير واحد من الأئمة ، و هذا مما رواه عنه عبد الله بن المبارك عند الإمام
أحمد في رواية ، و هو أحد العبادلة الثلاثة ، فهو شاهد قوي لرواية الجماعة يؤكد
شذوذ رواية الثلاثة و عليه فلا يصلح شاهدا لهذا الحديث الشديد الضعف ، و لا
نعلم في الباب غيره ، على أنها لو كانت محفوظة لم تصلح شاهدا له لأنه أمر ، و
هو بظاهره يفيد الوجوب بخلاف الفعل كما هو ظاهر . إذا عرفت هذا ، فقد اختلف
العلماء في مسح الأذنين هل يؤخذ لهما ماء جديد أم يمسحان ببقية ما مسح به الرأس
؟ فذهب إلى الأول أحمد و الشافعي ، قال الصنعاني ( 1 / 70 ) : " و حديث البيهقي
هذا هو دليل ظاهر " ، و قال في مكان آخر ( 1 / 65 ) : " و الأحاديث قد وردت
بهذا و هذا " . قلت : و فيما قاله نظر ، فإنه ليس في الباب ما يمكن الاعتماد
عليه إلا حديث البيهقي و قد أشار هو إلى شذوذه ، و صرح بذلك الحافظ كما سبق
، فلا يحتج به ، و يؤيد ذلك أن الأحاديث التي ورد فيها مسح الرأس و الأذنين لم
يذكر أحد أنه صلى الله عليه وسلم أخذ ماء جديدا ، و لو أنه فعل ذلك لنقل و
يقويه ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : " الأذنان من الرأس " . قال الصنعاني ( 1
/ 71 ) " و هو و إن كان في أسانيده مقال ، إلا أن كثرة طرقه يشد بعضها بعضا
" . قلت : بل له طريق صحيح و قد سقته و غيره في " الأحاديث الصحيحة " ( رقم 36
) . و خلاصة القول : أنه لا يوجد في السنة ما يوجب أخذ ماء جديد للأذنين
فيمسحهما بماء الرأس ، كما يجوز أن يمسح الرأس بماء يديه الباقي عليهما بعد
غسلهما ، لحديث الربيع بنت معوذ : " أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من
فضل ماء كان في يده " . أخرجه أبو داود و غيره بسند حسن كما بينته في " صحيح
أبي داود " ( 121 ) و هو مم يؤكد ضعف حديث الترجمة ، و بالله تعالى التوفيق .

(2/494)


996 - " كان يحب أن يفطر على ثلاث تمرات ، أو شيء لم تصبه النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 424 ) :

ضعيف جدا . رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 251 ) و أبو يعلى في " مسنده "
( 163 / 1 ) و اللفظ له و عنه الضياء في " المختارة " ( 49 / 1 ) كلاهما عن أبي
ثابت عبد الواحد بن ثابت عن أنس مرفوعا . قلت : و هذا سند ضعيف جدا عبد
الواحد قال البخاري : " منكر الحديث " . و قال العقيلي : " لا يتابع على هذا
الحديث " . و ذكره الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 155 ) و قال : " رواه أبو يعلى
و فيه عبد الواحد بن ثابت و هو ضعيف " . قلت : و قد أخرجه أبو داود و الترمذي و
غيرهما من طريق أخرى عن ثابت عن أنس به أتم منه دون قوله : " أو شيء لم تصبه
النار " . فهي زيادة منكرة لتفرد هذا الضعيف بها مخالفا للثقة ، و هو ثابت هذا
و هو البناني و لفظ حديثه : " كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي ، فإن لم تكن
رطبات فعلى تمرات ، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء " . و قال الترمذي : " حديث
حسن غريب " . و قد خرجت هذا في " الإرواء " بتفصيل فراجعه برقم ( 904 ) .

(2/495)


997 - " ولدت في زمن الملك العادل " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 425 ) :

باطل لا أصل له . قال البيهقي في " شعب الإيمان ( 2 / 97 / 1 ) بعد أن ذكر
كلاما جيدا للحليمي في " شعبه " : " و تكلم في بطلان ما يرويه بعض الجهال عن
نبينا صلى الله عليه وسلم : " ولدت في زمن الملك العادل " . يعني أنوشروان . و
كان شيخنا أبو عبد الله الحافظ ( يعني الحاكم صاحب " المستدرك " ) قد تكلم أيضا
في بطلان هذا الحديث ، ثم رأى بعض الصالحين رسول الله صلى الله عليه وسلم في
المنام ، فحكى له ما قال أبو عبد الله ، فصدقه في تكذيب هذا الحديث و إبطاله ،
و قال : ما قلته قط " .
قلت : و المنامات و إن كان لا يحتج بها ، فذلك لا يمنع من الاستئناس بها فيما
وافق نقد العلماء و تحقيقهم كما لا يخفى على أهل العلم و النهى .

(2/496)


998 - " بكى شعيب النبي صلى الله عليه وسلم من حب الله عز وجل حتى عمي ، فرد الله
إليه بصره ، و أوحى إليه : يا شعيب ما هذا البكاء ؟ !أشوقا إلى الجنة أم خوفا
من النار ؟ قال : إلهي و سيدي أنت تعلم ما أبكي شوقا إلى جنتك و لا خوفا من
النار ، و لكني اعتقدت حبك بقلبي ، فإذا أنا نظرت إليك فما أبالي ما الذي صنع
بي ، فأوحى الله عز وجل إليه : يا شعيب إن يك ذلك حقا فهنيئا لك لقائي يا شعيب
! و لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 425 ) :

ضعيف جدا . رواه الخطيب في " تاريخه " ( 6 / 315 ) : أخبرنا أبو سعد - من
حفظه - : حدثنا أبي حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق الرملي : حدثنا أبو
الوليد هشام بن عمار حدثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعيد عن خالد بن معدان
عن شداد بن أوس مرفوعا . أورده في ترجمة أبي سعد هذا و سماه إسماعيل بن علي
بن الحسن بن البندار الواعظ الأستراباذي و قال : " قدم علينا بغداد حاجا و سمعت
منه بها حديث واحدا مسندا منكرا ، و لم يكن موثوقا به في الرواية " . ثم ساق
هذا الحديث . و رواه ابن عساكر ( 2 / 432 / 2 ) من طريق الخطيب ، ثم قال : "
رواه الواحدي عن أبي الفتح محمد بن علي الكوفي عن علي بن الحسن بن بندار كما
رواه ابنه إسماعيل عنه فقد برئ من عهدته ، و الخطيب إنما ذكره لأنه حمل فيه على
إسماعيل " . ثم ساقه ( 8 / 35 / 1 ) بسنده عن الواحدي به . قلت : فانحصرت
التهمة في علي بن الحسن والد إسماعيل هذا قال الذهبي : " اتهمه محمد بن طاهر "
. و قال ابن النجار : " ضعيف " . و قال أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي :
" روى عن الجارود الذي كان يروي عن يونس بن عبد الأعلى و طبقته ، فروى علي هذا
عنه عن هشام بن عمار ، فكذب عليه ما لم يكن هو يجترئ أن يقوله ، لا تحل الرواية
عنه إلا على وجه التعجب " .
و محمد بن إسحاق الرملي لا يعرف إلا في هذا السند ، و قد ساق له ابن عساكر في
ترجمته ( 15 / 35 / 1 ) حديثا آخر عن هذا الشيخ ابن عمار ، و لم يذكر فيه جرحا
و لا تعديلا . و مما ينكر في هذا الحديث قوله : " ما أبكي شوقا إلى جنتك ، و لا
خوفا من النار " ! فإنها فلسفة صوفية ، اشتهرت بها رابعة العدوية ، إن صح ذلك
عنها ، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها : " رب ! ما عبدتك طمعا في جنتك و
لا خوفا من نارك " . و هذا كلام لا يصدر إلا ممن لم يعرف الله تبارك و تعالى حق
معرفته ، و لا شعر بعظمته و جلاله ، و لا بجوده و كرمه ، و إلا لتعبده طمعا
فيما عنده من نعيم مقيم ، و من ذلك رؤيته تبارك و تعالى و خوفا مما أعده للعصاة
و الكفار من الجحيم و العذاب الأليم ، و من ذلك حرمانهم النظر إليه كما قال :
*( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )* ، و لذلك كان الأنبياء عليهم الصلاة و
السلام - و هم العارفون بالله حقا - لا يناجونه بمثل هذه الكلمة الخيالية ، بل
يعبدونه طمعا في جنته - و كيف لا و فيها أعلى ما تسمو إليه النفس المؤمنة ، و
هو النظر إليه سبحانه ، و رهبة من ناره ، و لم لا و ذلك يستلزم حرمانهم من ذلك
، و لهذا قال تعالى بعد ذكر نخبة من الأنبياء : *( إنهم كانوا يسارعون في
الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا و كانوا لنا خاشعين )* ، و لذلك كان نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم أخشى الناس لله ، كما ثبت في غير ما حديث صحيح عنه . هذه
كلمة سريعة حول تلك الجملة العدوية ، التي افتتن بها كثير من الخاصة فضلا عن
العامة ، و هي في الواقع *( كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء )* ، و كنت قرأت
حولها بحثا فياضا ممتعا في " تفسير العلامة ابن باديس " فليراجعه من شاء زيادة
بيان .

(2/497)


999 - " إن القبلة لا تنقض الوضوء ، و لا تفطر الصائم " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 427 ) :

ضعيف . أخرجه إسحاق بن راهويه في " مسنده " ( 4 / 77 / 2 مصورة الجامعة
الإسلامية ) قال : أخبرنا بقية بن الوليد : حدثني عبد الملك بن محمد عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها و هو صائم و
قال : فذكر الحديث و قال : " يا حميراء إن في ديننا لسعة " قال إسحاق : " أخشى
أن يكون غلطا " . قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و رجاله ثقات غير عبد الملك بن محمد
، أورده الذهبي في " الميزان " لهذا الحديث مختصرا بلفظ الدارقطني الآتي ، و
قال : " و عنه بقية بـ ( عن ) ، قال الدارقطني : ضعيف " . و كذا في " اللسان
" لكن لم يقع فيه : بـ ( عن ) " . و المقصود بهذا الحرف أن بقية روى عنه معنعنا
، و يشير بذلك إلى رواية الدارقطني للحديث في " سننه " ( ص 50 ) قال : و ذكر
ابن أبي داود قال : أخبرنا ابن المصفى : حدثنا بقية عن عبد الملك بن محمد به
مختصرا بلفظ : " ليس في القبلة وضوء " . و قد خفيت على الذهبي رواية إسحاق هذه
التي صرح فيها بقية بالتحديث ، و لعله لذلك لم يذكر الحافظ في " اللسان " قوله
: " بـ ( عن ) " . و الله أعلم . و الحديث أورده الزيلعي في " نصب الراية " ( 1
/ 73 ) من رواية ابن راهويه كما ذكرته ، دون قول إسحاق : " أخشى أن يكون غلطا
" و سكت عليه و لم يكشف عن علته و تبعه على ذلك الحافظ في " الدراية " ( ص 20
) و كان ذلك من دواعي تخريج الحديث هنا و بيان علته و إن كان معنى الحديث صحيحا
كما يأتي في الذي بعده ، ففي هذا الحديث - و مثله كثير - لأكبر دليل على جهل من
يزعم أنه ما من حديث إلا و تكلم عليه المحدثون تصحيحا و تضعيفا ! ثم إن قول
إسحاق : " أخشى أن يكون غلطا " . فالذي يظهر لي - و الله أعلم - أنه يعني أن
الحديث بطرفيه محفوظ من حديث عائشة رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم فعلا
منه ، لا قولا ، فكان يقبل بعض نسائه ثم يصلي و لا يتوضأ ، كما يأتي في الحديث
الذي بعده ، كما كان يقبلها و هو صائم . <1> فأخطأ الراوي ، فجعل ذلك كله من
قوله صلى الله عليه وسلم . و هو منكر غير معروف . و الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] أخرجه الشيخان و غيرهما ، و هو مخرج في " الصحيحة ( 219 - 221 ) و
" الإرواء " ( 916 ) . اهـ .

(2/498)


1000 - " توضأ وضوءا حسنا ، ثم قم فصل ، قاله لمن قبل امرأة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 428 ) :

ضعيف . أخرجه الترمذي ( 4 / 128 - تحفة ) و الدارقطني في " سننه " ( 49 ) و
الحاكم ( 1 / 135 ) و البيهقي ( 1 / 125 ) و أحمد ( 5 / 244 ) من طرق عن عبد
الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل : " أنه كان قاعدا
عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل و قال : يا رسول الله ما تقول في رجل
أصاب امرأة لا تحل له ، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا و قد أصابه
منها ، إلا أنه لم يجامعها ؟ فقال : توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل ، قال : فأنزل
الله تعالى هذه الآية *( أقم الصلاة طرفي النهار و زلفا من الليل )* الآية
، فقال : أهي له خاصة أم للمسلمين عامة ؟ فقال : بل للمسلمين عامة " . و قال
الترمذي : " هذا حديث ليس إسناده بمتصل ، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من
معاذ بن جبل ، و معاذ مات في خلافة عمر و قتل عمر و عبد الرحمن بن أبي ليلى
غلام صغير ابن ست سنين ، و قد روى عن عمر و رآه . و روى شعبة هذا الحديث عن عبد
الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا
" . قلت : و بهذا أعله البيهقي أيضا فقال عقبه : " و فيه إرسال ، عبد الرحمن بن
أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل " . و أما الدارقطني فقال عقبه : " صحيح " . و
وافقه الحاكم ، و سكت عنه الذهبي . و الصواب أن الحديث منقطع كما جزم به
الترمذي و البيهقي ، فهو ضعيف الإسناد . و قد جاءت هذه القصة عن جماعة من
الصحابة في " الصحيحين " و " السنن " و " المسند " و غيرها من طرق و أسانيد
متعددة ، و ليس في شيء منها أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء و الصلاة ، فدل
ذلك على أن الحديث منكر بهذه الزيادة . و الله أعلم . و أما قول أبي موسى
المديني في " اللطائف " ( ق 66 / 2 ) بعد أن ساق الحديث من طريق أحمد : " هذا
حديث مشهور ، له طرق " . فكأنه يعني أصل الحديث ، فإنه هو الذي له طرق ، و أما
بهذه الزيادة فهو غريب ، و منقطع كما عرفت ، و الله أعلم . إذا تبين هذا فلا
يحسن الاستدلال بالحديث على أن لمس النساء ينقض الوضوء ، كما فعل ابن الجوزي في
" التحقيق " ( 1 / 113 ) و ذلك لأمور : أولا : أن الحديث ضعيف لا تنهض به حجة
. ثانيا : أنه لو صح سنده ، فليس فيه أن الأمر بالوضوء إنما كان من أجل اللمس
، بل ليس فيه أن الرجل كان متوضئا قبل الأمر حتى يقال : انتفض باللمس ! بل
يحتمل أن الأمر إنما كان من أجل المعصية تحقيقا للحديث الآخر الصحيح بلفظ :
" ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ و يصلي ركعتين إلا غفر له " . أخرجه أصحاب السنن
و غيرهم و صححه جمع ، كما بينته في " تخريج المختارة " ( رقم 7 ) . ثالثا : هب
أن الأمر إنما كان من أجل اللمس ، فيحتمل أنه من أجل لمس خاص ، لأن الحالة التي
وصفها ، هي مظنة خروج المذي الذي هو ناقض للوضوء ، لا من أجل مطلق اللمس ، و مع
الاحتمال يسقط الاستدلال . و الحق أن لمس المرأة و كذا تقبيلها لا ينقض الوضوء
، سواء كان بشهوة أو بغير شهوة ، و ذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك ، بل ثبت
أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي و لا يتوضأ . أخرجه أبو
داود و غيره ، و له عشرة طرق ، بعضها صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " (
رقم 170 - 173 ) و تقبيل المرأة إنما يكون مقرونا بالشهوة عادة ، و الله أعلم
.

(2/499)


1001 - " كان يركع قبل الجمعة أربعا ، و بعدها أربعا لا يفصل بينهن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/45 ) :

باطل .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/172/1 ) عن بقية بن الوليد ، عن مبشر
ابن عبيد عن الحجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن ابن عباس مرفوعا .
و رواه ابن ماجه في سننه ( 1/347 ) من هذا الوجه دون قوله : " و بعدها أربعا "
و قال الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/206 ) :
سنده واه جدا ، فمبشر بن عبيد معدود في الوضاعين ، و حجاج و عطية ضعيفان .
و قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 72/1 ) :
هذا إسناد مسلسل بالضعفاء ، عطية متفق على تضعيفه ، و حجاج مدلس ، و مبشر بن
عبيد كذاب ، و بقية بن الوليد يدلس تدليس التسوية ، و صلاته صلى الله عليه وسلم
بين الأذان و الإقامة يوم الجمعة متعذر ; لأنه كان بينهما الخطبة ، فلا صلاة
حينئذ بينهما ، نعم بعد إحداث عثمان للأذان على الزوراء ، يمكن أن يصلي سنة
الجمعة قبل خروج الإمام للخطبة .
قلت : و لكنه لم يرد إطلاقا أنه كان بين أذان عثمان و الخطبة وقت لصلاة أربع
ركعات سنة الجمعة المزعومة ، و لا ورد أيضا أنهم كانوا يصلونها في عهده رضي
الله عنه ، فبطل الاحتمال المذكور ، على أنه لو ثبت وجود مثل هذا الوقت ، لم
يدل ذلك على جواز إحداث عبادة لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم ، بخلاف إحداث
عثمان للأذان ، فإنه كان من باب المصالح المرسلة ، كما حققت ذلك كله في رسالتنا
الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة ، فليراجعها من شاء ، فإن فيها
تحقيقا لكثير من المسائل المتعلقة بصلاة الجمعة ، و كأنه لما سبق ذكره حكم بعض
الأئمة على هذا الحديث بالبطلان ، فقال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري "
( 2/341 ) : سنده واه ; قال النووي في الخلاصة : إنه حديث باطل .
و قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1/170 ) :
هذا الحديث فيه عدة بلايا ، ثم أطال في بيان ذلك بما خلاصته ما نقلناه عن
البوصيري من العلل الأربع ، و من العجيب أن يخفى ذلك على الحافظ الهيثمي ، فإنه
قال في " المجمع " ( 2/195 ) :
واه الطبراني في " الكبير " ، و فيه الحجاج بن أرطاة و عطية العوفي و كلاهما
فيه كلام ، ففاته ذكر العلتين الأخريين ، لا سيما التي سببها مبشر بن عبيد
الكذاب الوضاع ، ثم تلطف جدا في تضعيف الحجاج و عطية ، فأوهم أن الضعف في إسناد
الحديث يسير ، و ليس بشديد ، فكان من نتائج ذلك أن جاء من بعده صاحب " جمع
الفوائد " فلخص كلام الهيثمي بقوله فيه ( 1/268 ) :
للكبير بلين ! ، فأفصح بذلك عما يدل عليه كلام الهيثمي مما أشرنا إليه من الضعف
اليسير ، و ذلك خطأ منه جر إلى خطأ أوضح بسبب التقليد ، و عدم الرجوع في
التحقيق إلى الأصول ، و إلى أقوال الأئمة الفحول ، والله المستعان .
و أما قول المناوي في " فيض القدير " بعد أن نقل عن الحافظين العراقي و ابن حجر
أنهما قالا في حديث ابن ماجه : سنده ضعيف جدا ، و بعد أن بين وجه ذلك بنحو ما
سبق ، قال متعقبا على السيوطي :
قد أساء التصرف حيث عدل لهذا الطريق المعلول ، و اقتصر عليه ، مع وروده من طريق
مقبول ، فقد رواه الخلعي في فوائده من حديث علي كرم الله وجهه ، قال الحافظ
الزين العراقي : إسناده جيد .
فأقول : إنني في شك من ثبوت ذلك عن علي ، و إن كان العراقي قد تابعه على هذا
القول تلميذه البوصيري ، و قد وجدت في كلام هذا ما فتح الطريق علي لتحقيق شكي
المشار إليه ، فقد قال في " الزوائد " ( ق 72/1 ) بعد أن أعل إسناد ابن ماجه
على ما نقلته عنه :
رواه أبو الحسن الخلعي في " فوائده " بإسناد جيد ، من طريق أبي إسحاق عن عاصم
عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و هكذا قال أبو زرعة في " شرح التقريب "
( 3/42 ) ، و الظاهر أن البوصيري نقله عنه .
قلت : و المعروف من هذه الطريق عن علي بلفظ :
" كان يصلي قبل الظهر أربع ركعات " ، هكذا أخرجه أحمد و غيره ، فهو المحفوظ
والله أعلم .
و لئن صح ما عند الخلعي فهو محمول على ما قبل الأذان و صعود النبي صلى الله
عليه وسلم على المنبر لفقدان المحل كما تقدم بيانه ، والله ولي التوفيق .
و كتاب الخلعي المذكور منه أجزاء مخطوطة في المكتبة الظاهرية ، و ليس في شيء
منها هذا الحديث لننظر في إسناده ، ثم وقفت عليه عند غيره ، فتأكدت مما ذهبت
إليه هنا أنه غير معروف ، فانظر الحديث الآتي برقم ( 5290 ) إن شاء الله تعالى
، و قد روي الحديث عن ابن مسعود أيضا ، و سنده ضعيف منكر ، كما يأتي بيانه بلفظ
: " كان يصلي قبل الجمعة أربعا .... " . رقم ( 1016 ) .

(2/500)


1002 - " كان يسبح بالحصى " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/47 ) :

موضوع .
رواه أبو القاسم الجرجاني في " تاريخ جرجان " ( 68 ) من طريق صالح بن علي
النوفلي : حدثنا عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي : حدثنا ابن المبارك عن
سفيان الثوري عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا .
قلت : و هذا موضوع ، آفته القدامي - نسبة إلى قدامة بن مظعون - و هو متهم ، قال
الذهبي في " الميزان " : أحد الضعفاء ، أتى عن مالك بمصائب .
ثم ذكر بعض مصائبه !
و في " اللسان " : ضعفه ابن عدي و الدارقطني .
و قال ابن حبان : يقلب الأخبار ، لعله قلب على مالك أكثر من مائة و خمسين حديثا
، و روى عن إبراهيم بن سعد نسخة أكثرها مقلوب ، و قال الحاكم و النقاش : روى
عن مالك أحاديث موضوعة ، و قال أبو نعيم : روى المناكير .
قلت : و صالح بن علي النوفلي لم أجد من ترجمه ، و هذا الحديث يخالف ما ثبت عن
عبد الله بن عمرو ، قال :
" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه " .
أخرجه أبو داود ( 1/235 ) بسند صحيح ، و حسنه النووي في " الأذكار " ( ص 23 ) ،
و كذا الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " ( ق 18/1 ) ، و عزاه الأول للنسائي
، و هو عنده ( 1/198 ) ضمن حديث ، و كذلك أخرجه في عمل اليوم و الليلة ( 819 )
، و ثبت عند أبي داود أيضا و غيره ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن
يعقدن بالأنامل و قال : " فإنهن مسؤولات مستنطقات " ، و صححه الحاكم و الذهبي .
فهذا هو السنة في عد الذكر المشروع عده ، إنما هو باليد ، و باليمنى فقط ،
فالعد باليسرى أو باليدين معا ، أو بالحصى كل ذلك خلاف السنة ، و لم يصح في
العد بالحصى فضلا عن السبحة شيء ، خلافا لما يفهم من " نيل الأوطار " و " السنن
و المبتدعات " و غيرهما ، و قد بسطت القول في ذلك في رسالتنا " الرد على
التعقيب الحثيث " ، فليرجع إليها من شاء التوسع في ذلك ، و استرواح بعض
المعاصرين إلى الاستدلال بعموم حديث " الأنامل " و غيره غفلة منه ، لأنه عموم
لم يجر العمل به ، و تجاهل منه لحديث العقدة باليمين ، لا يليق بمن كان من أهل
العلم ، فتنبه و لا تكن من الغافلين .

(3/1)


1003 - " بل لنا خاصة . يعني فسخ الحج إلى العمرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/49 ) :

ضعيف .
أخرجه أصحاب " السنن " إلا الترمذي و الدارمي و الدارقطني و البيهقي و أحمد
( 3/468 ) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه
قال :
قلت : يا رسول الله ! فسخ الحج لنا خاصة ؟ أم للناس عامة ؟ قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، فإن الحارث هذا لم يوثقه أحد ، بل أشار الإمام أحمد إلى
أنه ليس بمعروف ، و ضعف حديثه هذا كما يأتي .
و قال الحافظ في " التقريب " :
مقبول ، يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث ، كما نص عليه في المقدمة .
و أما ما نقله الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 4/280 ) عن الحافظ أنه قال في
الحارث هذا : من ثقات التابعين ، فإن صح هذا عنه ، فهو من أوهامه ، لأنه لو كان
ثقة عنده لوثقه في " التقريب " ، و لذكر من وثقه في أصله " التهذيب " ،
و كل ذلك لم يكن ، بل قال أبو داود في " المسائل " ( ص 302 ) :
قلت لأحمد : حديث بلال بن الحارث في فسخ الحج ؟ قال : و من بلال بن الحارث أو
الحارث بن بلال ؟ ! و من روى عنه ؟ ! ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة ،
و هذا أبو موسى يفتي به في خلافة أبي بكر ، و صدر خلافة عمر .
و قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1/288 ) :
و أما حديث بلال بن الحارث ، فلا يكتب ; و لا يعارض بمثله تلك الأساطين الثابتة
، قال عبد الله بن أحمد : كان أبي يرى للمهل بالحج أن يفسخ حجه إن طاف بالبيت و
بين الصفا و المروة ، و قال في المتعة : هو آخر الأمرين من رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، و قال صلى الله عليه وسلم : " اجعلوا حجكم عمرة " <1> ، قال
عبد الله : فقلت لأبي : فحديث بلال بن الحارث في فسخ الحج ؟ يعني قوله : " لنا
خاصة " قال : لا أقول به ، لا يعرف هذا الرجل ( قلت : يعني ابنه الحارث ) ، هذا
حديث ليس إسناده بالمعروف ، ليس حديث بلال بن الحارث عندي بثبت .
قال ابن القيم :
و مما يدل على صحة قول الإمام ، و أن هذا الحديث لا يصح ، أن النبي صلى الله
عليه وسلم أخبر عن تلك المتعة التي أمرهم أن يفسخوا حجهم إليها أنها لأبد الأبد
، فكيف يثبت عنه بعد هذا أنها لهم خاصة ؟ ! هذا من أمحل المحال ، و كيف يأمرهم
بالفسخ ، و يقول : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " <2> ، ثم يثبت عنه
أن ذلك مختص بالصحابة ، دون من بعدهم ؟ فنحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحارث
هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو غلط عليه .
و أما ما رواه مسلم في " صحيحه " و أصحاب " السنن " و غيرهم عن أبي ذر أن
المتعة في الحج كانت لهم خاصة ، فهذا مع كونه موقوفا ، إن أريد به أصل المتعة ،
فهذا لا يقول به أحد من المسلمين ، بل المسلمون متفقون على جوازها إلى يوم
القيامة ، و لذلك قال الإمام أحمد :
رحم الله أبا ذر هي في كتاب الرحمن : *( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج )* .
و إن أريد به متعة فسخ الحج ، احتمل ثلاثة وجوه من التأويل ، ذكرها ابن القيم ،
فليراجعها من شاء ، فإن غرضنا هنا التنبيه على ضعف هذا الحديث الذي يحتج به من
لا يذهب إلى أفضلية متعة الحج و يرى الإفراد أو القران أفضل ، مع أن ذلك خلاف
الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة استقصاها ابن القيم في " الزاد
" فلتطلب من هناك .
و قال ابن حزم في " المحلى " ( 7/108 ) :
و الحارث بن بلال مجهول ، و لم يخرج أحد هذا الخبر في صحيح الحديث ، و قد صح
خلافه بيقين ، كما أوردنا من طريق جابر بن عبد الله أن سراقة بن مالك قال
لرسول الله إذ أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة : يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد
؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" بل لأبد الأبد " . رواه مسلم " .
و بهذه المناسبة أقول : من المشهور الاستدلال في رد دلالة حديث جابر هذا و ما
في معناه على أفضلية التمتع ، بل وجوبه بما ثبت عن عمر و عثمان من النهي عن
متعة الحج ، بل ثبت عن عمر أنه كان يضرب على ذلك ، و روي مثله عن عثمان <3> ،
حتى صار ذلك فتنة لكثير من الناس و صادا لهم عن الأخذ بحديث جابر المذكور
و غيره ، و يدعمون ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء
الراشدين " ، و قوله : " اقتدوا باللذين من بعدي ، أبي بكر و عمر " ، و نحن
نجيب عن هذا الاستدلال غيرة على السنة المحمدية من وجوه :
الأول : أن هذين الحديثين لا يراد بهما قطعا اتباع أحد الخلفاء الراشدين في
حالة كونه مخالفا لسنته صلى الله عليه وسلم باجتهاده ، لا قصدا لمخالفتها ،
حاشاه من ذلك ، و من أمثلة هذا ما صح عن عمر رضي الله عنه أنه كان ينهى من لا
يجد الماء أن يتيمم و يصلي <4> !! و إتمام عثمان الصلاة في منى مع أن السنة
الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم قصرها كما هو ثابت مشهور ، فلا يشك عاقل ،
أنهما لا يتبعان في مثل هذه الأمثلة المخالفة للسنة ، فينبغي أن يكون الأمر
هكذا في نهيهما عن المتعة للقطع بثبوت أمره صلى الله عليه وسلم بها .
لا يقال : لعل عندهما علما بالنهي عنها ، و لذلك نهيا عنها ، لأننا نقول :
قد ثبت من طرق أن نهيهما إنما كان عن رأي و اجتهاد حادث ، فقد روى مسلم ( 4/46
) و أحمد ( 1/50 ) عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل : رويدك
ببعض فتياك ، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد ، حتى لقيه بعد
، فسأله ، فقال عمر : قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله و أصحابه ،
و لكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم .
و رواه البيهقي أيضا ( 5/20 ) .
و هذا التعليل من عمر رضي الله عنه إشارة منه إلى أن المتعة التي نهى عنها هي
التي فيها التحلل بالعمرة إلى الحج كما هو ظاهر ، و لكن قد صح عنه تعليل آخر
يشمل فيه متعة القران أيضا فقال جابر رضي الله عنه :
تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قام عمر قال :
إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، و إن القرآن قد أنزل منازله ، فأتمموا
الحج و العمرة لله كما أمركم الله ، فافصلوا حجكم من عمرتكم ; فإنه أتم لحجتكم
، و أتم لعمرتكم .
أخرجه مسلم و البيهقي ( 5/21 ) .
فثبت مما ذكرنا أن عمر رضي الله عنه تأول آية من القرآن بما خالف به سنته
صلى الله عليه وسلم فأمر بالإفراد ، و هو صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، و نهى
عمر عن المتعة ، و هو صلى الله عليه وسلم أمر بها ، و لهذا يجب أن يكون موقفنا
من عمر هنا كموقفنا منه في نهيه الجنب الذي لا يجد الماء أن يتيمم و يصلي ،
و لا فرق .
الثاني : أن عمر رضي الله عنه ، قد ورد عنه ما يمكن أن يؤخذ منه أنه رجع عن
نهيه عن المتعة ، فروى أحمد ( 5/143 ) بند صحيح عن الحسن أن عمر رضي الله عنه
أراد أن ينهى عن متعة الحج ، فقال له أبي : ليس ذاك لك ، قد تمتعنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و لم ينهنا عن ذلك ، فأضرب عن ذلك عمر .
قلت : الحسن - و هو البصري - لم يسمع من أبي ، و لا من عمر ، كما قال الهيثمي (
3/236 ) ، و لولا ذاك لكان سنده إلى عمر صحيحا ، لكن قد جاء ما يشهد له ، فروى
الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1/375 ) بسند صحيح عن ابن عباس قال :
" يقولون : إن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ، قال عمر رضي الله عنه : لو
اعتمرت في عام مرتين ثم حججت لجعلتها مع حجتي " .
رواه من طريق عبد الرحمن بن زياد قال : حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال : سمعت
طاووسا يحدث عن ابن عباس .
قلت : و هذا سند جيد رجاله ثقات معروفون ، غير عبد الرحمن بن زياد و هو الرصاصي
، قال أبو حاتم : صدوق ، و قال أبو زرعة : لا بأس به ، و لم يتفرد به ، فقد
أخرجه الطحاوي أيضا من طريق أخرى عن سفيان عن سلمة بإسناده عنه قال : قال عمر :
فذكر مثله ، و سنده جيد أيضا ، و قد صححه ابن حزم فقال ( 7/107 ) في صدد الرد
على القائلين بمفضولية المتعة ، المحتجين على ذلك بنهي عمر عنها :
هذا خالفه الحنفيون و المالكيون و الشافعيون ; لأنهم متفقون على إباحة متعة
الحج ، و قد صح عن عمر الرجوع إلى القول بها في الحج ، روينا من طريق شعبة عن
سلمة بن كهيل عن طاووس عن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب : لو اعتمرت في سنة
مرتين ثم حججت لجعلت مع حجتي عمرة ، و رويناه أيضا من طريق سفيان عن سلمة بن
كهيل به ، و رويناه أيضا من طرق ، فقد رجع عمر رضي الله عنه إلى القول بالمتعة
اتباعا للسنة ، و ذلك هو الظن به ، رضي الله عنه ، فكان ذلك من جملة الأدلة
الدالة على ضعف حديث الترجمة ، و الحمد لله رب العالمين .
*--------------------------------------------------------------------------*

[1] انظر كتابي " حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها جابر رضي الله عنه "
. اهـ .

[2] انظر المصدر السابق . اهـ .

[3] انظر المحلى ( 7/107 ) . اهـ .

[4] أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " . فانظر كتابي " مختصر صحيح الإمام البخاري
" رقم ( 191 ) و " صحيح مسلم " ( 1/193 ) . اهـ .
4

(3/2)


1004 - " إذا دخلت على مريض فمره أن يدعو لك ، فإن دعاءه كدعاء الملائكة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/53 ) :

ضعيف جدا .
رواه ابن ماجه ( 1/440 ) : حدثنا جعفر بن مسافر : حدثني كثير بن هشام : حدثنا
جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن عمر بن الخطاب قال : قال لي النبي
صلى الله عليه وسلم . فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، و له علتان :
الأولى : الانقطاع بين ميمون و عمر ، و به أعلوه ، فقال البوصيري في " الزوائد
" ( ق 90/1 ) :
هذا الإسناد رجاله ثقات <1> ، إلا أنه منقطع ، قال العلائي في " المراسيل " ،
و المزي في " التهذيب " : إن رواية ميمون بن مهران عن عمر مرسلة .
و قال المنذري في " الترغيب " ( 4/164 ) :
و رواته ثقات مشهورون ، إلا أن ميمون بن مهران لم يسمع من عمر ، و تبعه الحافظ
في " الفتح " فقال ( 10/99 ) :
أخرجه ابن ماجه بسند حسن لكن فيه انقطاع ، و غفلوا جميعا عن العلة الأخرى ،
و هي : الثانية : و هي أن راويه عن جعفر بن برقان ليس هو كثير بن هشام كما هو
ظاهر هذا الإسناد ، بل بينهما رجل متهم ، بين ذلك الحسن بن عرفة فقال : حدثنا
كثير بن هشام الجزري عن عيسى بن إبراهيم الهاشمي عن جعفر بن برقان عن ميمون بن
مهران به ، أخرجه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( ص 178 ) .
و عيسى هذا قال فيه البخاري و النسائي :
منكر الحديث ، و قال أبو حاتم : متروك الحديث ، فلعله سقط من رواية جعفر بن
مسافر وهما منه ، فقد قال فيه الحافظ :
صدوق ربما أخطأ ، ثم رجعت إلى " التهذيب " فرأيته قد تنبه لهذه العلة ، فقال
متعقبا لقول النووي الذي نقلته عنه آنفا :
فمشى على ظاهر السند ، و علته أن الحسن بن عرفة رواه عن كثير ، فأدخل بينه
و بين جعفر رجلا ضعيفا جدا ، و هو عيسى بن إبراهيم الهاشمي . كذلك أخرجه ابن
السني و البيهقي من طريق الحسن ، فكأن جعفرا كان يدلس تدليس التسوية ، إلا أني
وجدت في نسختي من ابن ماجه تصريح كثير بتحديث جعفر له ، فلعل كثيرا عنعنه فرواه
جعفر عنه بالتصريح ، لاعتقاده أن الصيغتين سواء من غير المدلس ، لكن ما وقفت
على كلام أحد وصفه بالتدليس ، فإن كان الأمر كما ظننت أولا ، و إلا فيسلم جعفر
من التسوية و يثبت التدليس في كثير ، والله أعلم .
قلت : لكن أحدا لم يصف أيضا بالتدليس كثيرا هذا ، فالأقرب أن جعفرا وهم في سنده
; فأسقط عيسى منه كما سبق مني ، فإنه موصوف بالوهم كما عرفت من " تقريب "
الحافظ ، و سلفه في ذلك ابن حبان ، فإنه قال فيه في " الثقات " :
كتب عن ابن عيينة ، ربما أخطأ .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هكذا في نسختنا من " الزوائد " ، و نقل السدي عنه أنه قال : إسناده صحيح
، و رجاله ثقات إلا أنه ... " و ما في نسختنا أقرب إلى المعروف في استعمالاتهم
. اهـ .
1

(3/3)


1005 - " اكشف الباس ، رب الناس ! عن ثابت بن قيس بن شماس " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/55 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 2 / 337 - طبع الحلبي ) و ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 1418 -
موارد ) عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن جده عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس و هو مريض ، فقال :
فذكره ، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ، ثم نفث عليه بماء فصبه عليه ،
و لفظ ابن حبان : فجعله في قدح فيه ماء فصبه عليه " ، لم يذكر النفث .
قلت : و هذا سند ضعيف علته يوسف بن محمد ، و قلبه بعض الرواة فقال : محمد بن
يوسف ، قال أبو داود : و الصواب الأول .
قلت : و هو مجهول العين ، أورده ابن أبي حاتم ( 4/228 ) و لم يذكر فيه جرحا
و لا تعديلا ، و قال الذهبي في " الميزان " : لا يعرف حاله ، روى عنه عمرو بن
يحيى بن عمارة .
قلت : الصواب عدم ذكر لفظ ( حاله ) ، فإنه إذا كان لم يرو عنه غير عمرو هذا فهو
مجهول العين كما قلنا ، و ليس مجهول الحال كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث .
و أما الحافظ فقال في " التقريب " : مقبول ، يعني عند المتابعة و إلا فلين
الحديث كما نص عليه في المقدمة .
و اعلم أننا إنما أوردنا هذا الحديث لما في آخره من جعل البطحان ( و هو الحصا
الصغار ) في القدح إلخ ، فإنه غريب منكر ، و أما الدعاء " اكشف الباس رب
الناس " ، فهو ثابت من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ : " كان يعود بعض أهله ،
يمسح بيده اليمنى و يقول : اللهم رب الناس ، أذهب الباس ، و اشفه أنت الشافي ،
لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما " .
أخرجه الشيخان و غيرهما ، و له فيهما و في " المسند " طرق ( 6/44 ، 45 ، 50 ،
108 ، 109 ، 114 ، 115 ، 120 ، 124 ، 125 ، 127 ، 131 ، 208 ، 260 ، 278 ،
280 ) .

(3/4)


1006 - " نعم العبد صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/56 ) :

لا أصل له .
قال السخاوي في " الفتاوي الحديثية " ( 12/2 ) : قد اشتهر في كلام الأولين
و أصحاب المعاني و العربية من حديث عمر بن الخطاب و ذكر الشيخ بهاء الدين
السبكي أنه لم يظفر به في شيء من الكتب ، و كذا قال جمع من أهل اللغة ، ثم رأيت
بخط شيخنا رحمه الله أنه ظفر به في " مشكل الحديث " لأبي محمد بن قتيبة ، لكن
لم يذكر له ابن قتيبة إسنادا ، و قال : أراد أن صهيبا إنما لم يعص الله حياء
لا مخافة عذابه ، انتهى .
و قد وقعت على معنى ذلك من قول عمر <1> رضي الله عنه ، إلا أنه في حق سالم مولى
أبي حذيفة ، فروى أبو نعيم في " الحلية " من طريق عبد الله بن الأرقم :
حضرت عمر عند وفاته مع ابن عباس و المسور بن مخرمة ، فقال : رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : إن سالما شديد الحب لله عز وجل ، لو كان لا يخاف ما
عصاه ، و سنده ضعيف .
قلت : بل هو موضوع ; لأنه في " الحلية " ( 1/177 ) معلق من طريق محمد بن إسحاق
عن الجراح بن منهال عن حبيب بن نجيح عن عبد الرحمن بن غنم قال :
قدمت المدينة في زمان عثمان ، فأتيت عبد الله بن الأرقم فقال : حضرت عمر رضي
الله عنه عند وفاته مع ابن عباس و المسور بن مخرمة ، فقال عمر : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره ، فلقيت ابن عباس فذكرت ذلك له ، فقال : صدق ،
انطلق بنا إلى المسور بن مخرمة حتى يحدثك به ، فجئنا المسور ، فقلت : إن
عبد الله بن الأرقم حدثني بهذا الحديث ، قال : حسبك لا تسل عنه بعد عبد الله بن
الأرقم .
قلت : فهذا إسناد هالك ، مسلسل بالعلل :
الأولى : أنه معلق غير متصل .
الثانية : أن محمد بن إسحاق مدلس و قد عنعنه .
الثالثة : أن الجراح بن المنهال متهم بالكذب ، و كنيته أبو العطوف ، قال
البخاري و مسلم : منكر الحديث .
و قال النسائي و الدارقطني : متروك .
و قال ابن حبان : كان يكذب في الحديث ، و يشرب الخمر .
الرابعة : جهالة حبيب بن نجيح ، قال أبو حاتم ( 1/2/110 ) :
مجهول ، و لا يعتبر برواية أبي العطوف عنه ، يعني لضعف أبي العطوف .
و كذا قال الذهبي في " الميزان " : مجهول .
و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كذا الأصل و الظاهر أن الصواب " حديث عمر " لأنه مرفوع كما سترى . اهـ .
1

(3/5)


1007 - " أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح ، فهو لها ، و ما
كان بعد عصمة النكاح ، فهو لمن أعطيه ، و أحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته
" .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/58 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 2129 ) و النسائي ( 2/88 - 89 ) و ابن ماجه ( 1955 )
و البيهقي ( 7/248 ) و أحمد ( 2/182 ) عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ; لأن ابن جريج مدلس و قد عنعنه .
و قد تابعه مدلس آخر و هو الحجاج بن أرطاة فقال : عن عمرو بن شعيب به و لفظه :
ما استحل به فرج المرأة من مهر أو عدة ، فهو لها ، و ما أكرم به أبوها أو أخوها
أو وليها بعد عقدة النكاح ، فهو له ، و أحق ما أكرم الرجل به ابنته أو أخته .
أخرجه البيهقي .
تنبيه : استدل بعضهم بهذا الحديث على أنه يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه
شيئا من المال ! و هو لو صح كان دليلا ظاهرا على أنه لو اشترط ذلك لم يكن المال
له بل للمرأة ، قال الخطابي :
هذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر ، و قد اعتاد كثير من الآباء
مثل هذا الشرط ، و أنا و إن كنت لا أستحضر الآن ما يدل على تحريمه ، و لكني أرى
- و العلم عند الله تعالى - أنه لا يخلو من شيء ، فقد صح أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، و لا أظن مسلما سليم الفطرة ،
لا يرى أن مثل هذا الشرط ينافي مكارم الأخلاق ، كيف لا ، و كثيرا ما يكون سببا
للمتاجرة بالمرأة إلى أن يحظى الأب أو الولي بالشرط الأوفر ، و الحظ الأكبر ،
و إلا أعضلها ! و هذا لا يجوز لنهي القرآن عنه .

(3/6)


1008 - " لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما ، يعني أبا بكر و عمر رضي الله عنهما " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/59 ) :

ضعيف .
رواه أحمد ( 4/227 ) عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر و عمر : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، شهر ضعيف لسوء حفظه ، و أعله الهيثمي في " المجمع "
( 9/53 ) بعلة أخرى فقال :
رواه أحمد و رجاله ثقات ، إلا أن ابن غنم لم يسمع من النبي صلى الله عليه
وسلم .
و لا يخفى ما في قوله : " و رجاله ثقات " من البعد عن الصواب ، فإن شهرا لا يصح
أن يوصف بكونه ثقة ، و فيه الكلام المعروف عن جماعة من الأئمة .
و لا يتقوى الحديث بحديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي
بكر و عمر :
الحمد لله الذي أيدني بكما ، و لولا أنكما تختلفان علي ما خالفتكما " .
قال الهيثمي ( 9/52 ) :
رواه الطبراني في الأوسط ، و فيه حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك و هو متروك .
قلت : و قد كذبه غير واحد ، و ذكر له الذهبي حديثين موضوعين عن مالك ! و لذلك
فلا يصح الاستشهاد به لكن الشطر الأول من حديث حبيب هذا أخرجه الحاكم ( 3/74 )
عن عاصم بن عمر أخي عبيد الله عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن إبراهيم بن
الحارث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي أروى الدوسي قال :
كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فاطلع أبو بكر و عمر رضي الله عنهما
، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الحمد لله الذي أيدني بكما ، و قال : صحيح الإسناد ، و رده الذهبي بقوله :
قلت : عاصم واه .

(3/7)


1009 - " الشريك شفيع ، و الشفعة في كل شيء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/60 ) :

منكر .
أخرجه الترمذي ( 2/294 ) و الطحاوي ( 2/268 ) و الدارقطني ( 519 ) و الطبراني
في " الكبير " ( 3/115/1 ) و عنه الضياء في " المختارة " ( 62/289/2 )
و البيهقي ( 6/109 ) من طريق أبي حمزة السكري عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي
مليكة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره و قال
الترمذي :
هذا حديث غريب ، لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي حمزة السكري ، و قد روى غير
واحد هذا الحديث عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله
عليه وسلم مرسلا ، و هذا أصح " .
و قال الدارقطني :
خالفه شعبة و إسرائيل و عمرو بن أبي قيس و أبو بكر بن عياش ; فرووه عن
عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة مرسلا ، و هو الصواب ، و وهم أبو حمزة في
إسناده .
و كذا قال البيهقي : أن الصواب مرسل .
قلت : و اسم أبي حمزة محمد بن ميمون ، و هو ثقة فاضل محتج به في " الصحيحين "
كما في " التقريب " ، لكن فيه كلام يسير ، فقال النسائي :
" لا بأس به إلا أنه كان قد فقد بصره في آخر عمره ، فمن كتب عنه قبل ذلك فحديثه
جيد " .
و ذكره ابن القطان الفاسي فيمن اختلط كما في " التهذيب " ، و قال أبو حاتم :
" لا يحتج به " كما في " الميزان " .
قلت : فمثله يحتج به إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف ، و أما مع المخالفة فلا ،
فإذ قد خالف في هذا الحديث فزاد في السند ابن عباس و وصله خلافا للثقات الآخرين
الذين أرسلوه ، دل ذلك على وهمه كما جزم به الدارقطني ، و أشار إليه الترمذي ،
و أن الصواب في الحديث أنه مرسل ، فهو على ذلك ضعيف لا يحتج به .
و قد روي عن أبي حمزة على وجه آخر ، رواه البيهقي من طريق عبدان عنه عن محمد بن
عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا . و قال :
" و محمد هذا هو العرزمي ، متروك الحديث . و قد روي بإسناد آخر ضعيف عن ابن
عباس موصولا " .
ثم ساقه باللفظ الآتي عقب هذا ، و قد أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 281/2 )
عن أبي حمزة عن العرزمي به ، و قال :
" لا أعلم رواه عن محمد بن عبيد الله غير أبي حمزة . و قوله : " و الشفعة في كل
شيء " منكر . و محمد بن عبيد الله العرزمي عامة رواياته غير محفوظة " .
قلت : و مما يؤيد نكارة هذا الحديث عن ابن عباس أن الطحاوي روى ( 2/269 ) من
طريق معن بن عيسى عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عباس قال :
" لا شفعة في الحيوان " .
احتج به الطحاوي على أن قوله في حديث الباب : " الشفعة في كل شيء " ، ليس على
عمومه يشمل الحيوان و غيره . قال :
" و إنما معناه الشفعة في الدور و العقار و الأرضين ، و الدليل على ذلك ما قد
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، حدثنا أحمد بن داود قال : حدثنا يعقوب قال :
حدثنا معن بن عيسى ... " .
قلت : و إسناد هذا الموقوف جيد ، رجاله كلهم ثقات معروفون ، غير أحمد بن داود
هذا و هو ابن موسى الدوسي أبو عبد الله وثقه ابن يونس كما في " كشف الأستار "
عن " المغاني " .
و الحديث قال الحافظ في " الفتح " ( 4/345 ) :
" رواه البيهقي ، و رجاله ثقات ، إلا أنه أعل بالإرسال ، و أخرج له الطحاوي
شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته " .
و نقله هكذا الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 5/283 ) و لكنه - كما هي عادته - لم
يعزه إلى الحافظ ! و كذلك صنع صديق خان في " الروضة الندية " ( 2/127 ) إلا أنه
وقع عنده بلفظ " بإسناد لا بأس به " . بدل " لا بأس برواته " و شتان ما بين
العبارتين ، فإن الأولى نص في تقوية الإسناد ، بخلاف الأخرى ، فإنها نص في
تقوية رواته ، و لا تلازم بين الأمرين ، كما لا يخفى على الخبير بعلم مصطلح
الحديث ، و ذلك لأن للحديث ، أو الإسناد الصحيح شروطا أربعة : عدالة الرواة
و ضبطهم ، و اتصاله ، و سلامته من شذوذ أو علة ، فإذا قال المحدث في سند ما : "
رجاله لا بأس بهم " أو ثقات " أو " رجال الصحيح " ، و نحو ذلك ، فهو نص في تحقق
الشرط الأول فيه ، و أما الشروط الأخرى فمسكوت عنها ، و إنما يفعل ذلك بعض
المحدثين في الغالب لعدم علمه بتوفر هذه الشروط الأخرى فيه ، أو لعلمه بتخلف
أحدها ، مثل السلامة من الانقطاع أو التدليس أو نحو ذلك من العلل المانعة من
إطلاق القول بصحته <1> ، و هذا هو حال إسناد هذا الشاهد ، فإن فيه علة لا تسمح
بتصحيحه مع كون رجاله ثقاتا ، فإنه عند الطحاوي ( 2/369 ) من طريق يوسف بن عدي
قال : حدثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال :
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء " . فأول علة تبدو
للناظر لأول وهلة في هذا السند هو عنعنة ابن جريج ، فإنه كان يدلس بشهادة غير
واحد من الأئمة المتقدمين و المتأخرين ، بل قال الدارقطني : " تجنب تدليس ابن
جريج فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل إبراهيم بن أبي
يحيى و موسى بن عبيدة و غيرهما " و وصفه بالتدليس الذهبي و العسقلاني و غيرهما
. على أنه يمكن للباحث في طرق هذا الحديث أن يكشف عن علة أخرى في هذا السند ،
و ذلك أن جماعة من الثقات الأثبات رووه عن عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن
أبي الزبير عن جابر به ، بلفظ :
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم ، ربعة أو حائط
، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فن شاء أخذ ، و إن شاء ترك ، فإن باع فلم
يؤذنه فهو أحق به " .
أخرجه مسلم ( 5/57 ) و النسائي ( 2/234 ) و الدارمي ( 2/273 - 274 ) و الطحاوي
( 2/265 ) و ابن الجارود ( رقم 642 ) و الدارقطني ( 520 ) و البيهقي ( 6/101 )
كلهم عن الجماعة به .
و قد صرح ابن جريج بالسماع من أبي الزبير ، و هذا من جابر في رواية الطحاوي ،
و هو رواية لمسلم . فهذا هو المحفوظ عن ابن إدريس عن ابن جريج ، إنما هو عن أبي
الزبير ليس عن عطاء .
و قد تابعه إسماعيل بن إبراهيم - و هو ابن علية - عن ابن جريج به .
أخرجه النسائي ( 2/229 ) و صرح عنده ابن جريج بالتحديث و أحمد ( 3/316 ) و عنه
أبو داود ( 2/256 ) و البيهقي .
و من الملاحظ في هذا اللفظ أن طرفه الأول موافق تماما لرواية يوسف بن عدي عن
ابن جريج المتقدمة ; إلا في حرف واحد و هو قوله : " في كل شرك " ، فإن لفظه في
الرواية المشار إليها " في كل شيء " ، فأخشى أن يكون تصحف على بعض رواتها .
و يؤيده تمام الحديث في الرواية المحفوظة " لم يقسم ... " فإنه يدل على أن
الحديث ليس فيه هذا العموم الذي أفادته تلك الرواية ، بل يدل على أنه خاص بغير
المنقول من دار أو بستان أو أرض ، قال الحافظ في " الفتح " ( 4/345 ) :
" و قد تضمن هذا الحديث ثبوت الشفعة في المشاع ، و صدره يشعر بثبوتها في
المنقولات ، و سياقه يشعر باختصاصها بالعقار ، و بما فيه العقار " .
فثبت مما تقدم أن هذا الشاهد عن جابر لا يصلح شاهدا لحديث ابن عباس لثبوت خطأ
الراوي في قوله : " شيء " بدل : " شرك " ، فهو شاذ ، و مقابله هو المحفوظ .
على أنه يمكن أن يقال : لو سلمنا جدلا بأن هذا اللفظ محفوظ ، فإن مما لا شك فيه
أنه مختصر من الرواية المحفوظة كما تقدم ، فلابد أن يضم إليه تمام الحديث الذي
رواه الثقات ، و عند ذلك يتبين أن عموم هذا اللفظ ليس بمراد ، و أن اختصار
الحديث من الراوي اختصار مخل بالمعنى .
و يؤيد ذلك أن الحديث ورد من طريق أخرى عن جابر بهذا التمام ، فقال أحمد :
( 3/296 ) :
حدثنا عبد الرزاق : أنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن
عبد الله قال :
إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مال لم يقسم ، فإذا وقعت
الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة .
و من طريق أحمد أخرجه أبو داود ( 2/256 ) و عنه البيهقي ( 6/102 - 103 ) ثم
أخرجه هذا من طريق أخرى عن عبد الرزاق به ، إلا أنه قال : " كل ما لم يقسم " .
و هكذا وقع عند أبي داود من طريق أحمد ، و يرجح هذا أن البخاري أخرجه من طريق
عبد الواحد بن زياد عن معمر به ، لكن وقع في مكان آخر عند البخاري من هذا الوجه
( 4/323 ) بلفظ : " كل مال " مثل رواية أحمد ، إلا أن كلام الحافظ في شرحه يشعر
بأن اللفظ إنما هو باللفظ الذي قبله " كل ما لم يقسم " فالظاهر أن خلافه خطأ
على عبد الواحد من بعض الرواة أو النساخ ، نعم أخرجه البخاري من طريق أخرى عن
عبد الرزاق بلفظ أحمد ، " كل مال " و رجح الحافظ هذا اللفظ بأن إسحاق بن راهويه
قد رواه عن عبد الرزاق بلفظ " قضى بالشفعة في الأموال ما لم تقسم " ، والله
أعلم .
فلو أن بعض الرواة اقتصر من هذا الحديث على قوله : " قضى بالشفعة في الأموال "
لأوهم العموم الذي أوهمته رواية الطحاوي الشاذة ، فالحمد لله الذي حفظ لنا
أحاديث نبينا كاملة غير منقوصة ، و جعلها بيانا للقرآن و ألزمنا العمل بها كما
ألزمنا العمل به .
تنبيه : عرفت مما سبق ضعف حديث ابن عباس و شاهده من حديث جابر ، فلا تغتر بما
يدل عليه كلام الصنعاني في " سبل السلام " من الميل إلى تصحيحه ، بعد أن عرفت
الحق فيه ، لا سيما و هو قد اغتر بقول الحافظ في حديث جابر في " البلوغ " : " و
رجاله ثقات " ، فإنه مثل قوله في " الفتح " كما تقدم : " لا بأس برواته "
، و قد سبق تفصيل الكلام في المراد بمثل هذا القول ، و أنه لا يستلزم الصحة ،
فلا يفيد إعادة الكلام فيه ، و إنما الغرض الآن أن الصنعاني قد خلط عجيبا في
كلامه على حديث ابن عباس هذا ، فإنه قال عقب حديث جابر عند الطحاوي :
و مثله عن ابن عباس عند الترمذي مرفوعا : الشفعة في كل شيء ، و إن قيل : إن
رفعه خطأ ، فقد ثبت إرساله عن ابن عباس ، و هو شاهد لرفعه ، على أن مرسل
الصحابي إذا صحت عنه الرواية حجة ، هكذا قال ! و قد علمت أن الخلاف ليس في رفعه
و وقفه ، و إنما في إرساله و وصله ، فكأنه أطلق على الوصل الرفع ، فلئن كان ذلك
، فما معنى قوله : ثبت إرساله عن ابن عباس ، على أن مرسل الصحابي حجة .. لا شك
أن هذا كلام مضطرب لا يتحصل منه على شيء !
و أما اللفظ الآخر الذي سبقت الإشارة إليه فهو :
" الشفعة في العبيد ، و في كل شيء " .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و راجع لزيادة البيان مقدمتي لكتابي " صحيح الترغيب و الترهيب " ، و " ضعيف
الترغيب " . اهـ .

(3/8)


1010 - " الشفعة في العبيد ، و في كل شيء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/65 ) :

ضعيف جدا .
رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 3/18/2 ) و عنه ابن عساكر ( 13/185/2 )
و ابن عدي في " الكامل " ( ق 243/2 ) و البيهقي ( 6/110 ) من طرق ، عن عمر بن
هارون البلخي عن شعبة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس مرفوعا ، و قال ابن عدي : و هذا الحديث يعرف بعفان البلخي عن عمر
ابن هارون ، و وثب عليه ابن حميد ، رواه عن عمر بن هارون ، و كان وثابا .
كذا قال ، و هو عند البيهقي من طريقين آخرين عن ابن هارون ، و عند الشافعي من
طريق ثالثة عنه فلم ينفرد به عفان البلخي ، فالصواب ما يقوله البيهقي : تفرد به
عمر بن هارون البلخي عن شعبة و هو ضعيف لا يحتج به .
قلت : بل هو متروك شديد الضعف ، قال الذهبي في " الضعفاء " : تركوه .
و قال الحافظ في " التقريب " : متروك و كان حافظا .

(3/9)


1011 - " من كذب علي متعمدا ، ليضل به الناس ، فليتبوأ مقعده من النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/66 ) :

منكر بهذه الزيادة .
و قد رويت من حديث عبد الله بن مسعود و البراء بن عازب و عمرو بن حريث و عمرو
ابن عبسة .
1 - أما حديث ابن مسعود ، فمداره على طلحة بن مصرف ، يرويه عنه الحسن بن عمارة
و الأعمش .
أما حديث ابن عمارة ، فأخرجه الطبراني في جزء " طرق حديث من كذب علي متعمدا "
( ق 35/1 ) بسنده عنه عن طلحة بن مصرف عن أبي عمار عن عمرو بن شرحبيل عن
عبد الله ابن مسعود مرفوعا .
و هذا سند رجاله ثقات غير الحسن بن عمارة فهو متروك متهم بالكذب .
أما حديث الأعمش ، فقد رواه جماعة ، و اختلفوا عليه في سنده و متنه على وجوه :
الأول : سفيان الثوري ، فقال : عن الأعمش عن طلحة به ، مثل رواية الحسن بن
عمارة متنا و سندا ، إلا أنه قال : عن عمرو بن شرحبيل عن رجل من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم ، أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1/174 ) : حدثنا أحمد
ابن شعيب حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان به .
قلت : و هذا سند رجاله كلهم ثقات ، فظاهره الصحة ، لكن فيه هذا الاختلاف الذي
نحن في صدد بيانه ، و ما سيأتي ذكره .
الثاني : يونس بن بكير ، فقال : عن الأعمش عن طلحة به مثل رواية الحسن سندا
و متنا ، إلا أنه أسقط منه ( أبي عمار ) ، أخرجه الطحاوي و الطبراني ( 35/1 ) ،
و رجاله ثقات أيضا ، و فيه ما سبق ، و ليس عند الطبراني الزيادة ، و رواه
البزار كالطحاوي ، قال الهيثمي ( 1/144 ) : و رجاله رجال الصحيح .
الثالث : أبو معاوية ، فقال : عن الأعمش به ، مثل رواية الحسن إسنادا ، إلا أنه
جعله من مسند علي لا من مسند ابن مسعود ، و خالف في المتن فلم يذكر فيه الزيادة
أخرجه الطبراني في جزئه ( 32/2 ) من طريق يحيى بن طلحة اليربوعي قال : أخبرنا
أبو معاوية به ، لكن اليربوعي هذا لين الحديث كما في " التقريب " .
و قد خالفه محمد بن العلاء فقال : حدثنا الأعمش به مثله إلا أنه لم يذكر ابن
مسعود فأرسله ، رواه الطحاوي .
و مما سبق يتبين أن أصح روايات هؤلاء الثلاثة رواية سفيان الثوري ، لأنه أوثقهم
و أضبطهم و أحفظهم ، و عليه يمكن أن يقال : إن إسناد الحديث من هذا الوجه صحيح
و لا يضره الاختلاف المذكور لأنه مرجوح .
قلت : و كان ينبغي أن يقال هذا ، لولا أن هناك شيئين يقفان في سبيل ذلك :
الأول : أن الأعمش موصوف بالتدليس ، و قد عنعنه في جميع الروايات عنه ، فذلك
يمنع من تصحيح هذا الحديث ، و إن كان العلماء المتأخرون قد مشوا أحاديثه
المعنعنة إلا إذا بدا لهم ما يمنع من ذلك ، و هذا الحديث من هذا القبيل ، فإن
فيه ما يأتي ، و هو :
الثاني : أن الحديث قد صح عن ابن مسعود من طرق ليس في شيء منها تلك الزيادة ،
فأخرجه الترمذي ( 2/110 ) و الطحاوي ( 1/167 ) و الطيالسي ( 362 ) و أحمد
( 1/402 ، 405 ، 454 ) و الطبراني ( 34/1 ) كلهم عن زر ، و الطيالسي ( 342 )
و أحمد ( 1/389 ، 401 ، 436 ) و الطبراني ( 34/2 ) عن عبد الرحمن بن عبد الله
ابن مسعود ، و الطبراني أيضا عن أبي وائل و مسروق ، كلهم عن ابن مسعود مرفوعا
به دون الزيادة .
قلت : فهذا كله يدل على أن هذه الزيادة غير محفوظة عن ابن مسعود رضي الله عنه ،
بل هي شاذة أو منكرة ، و قد قال الطحاوي عقب رواية يونس بن بكير المتقدمة :
و هذا حديث منكر ، و ليس أحد يرفعه بهذا اللفظ غير يونس بن بكير ، و طلحة بن
مصرف ليس في سنه ما يدرك عمرو بن شرحبيل ، لقدم وفاته .
كذا قال ، و قد عرفت أن سفيان الثوري قد رفعه بهذا اللفظ ، و جود إسناده ، فذكر
بين طلحة بن مصرف و عمرو بن شرحبيل أبا عمار و اسمه عريب - بفتح المهملة - ابن
حميد الدهني ، و هو ثقة ، فالسند متصل مرفوع ، و إنما علته الحقيقية العنعنة
و المخالفة كما سبق بيانه ، و قد أعله غير الطحاوي بنحو إعلاله ، فقال الحافظ
في " الفتح " ( 1/178 ) بعد أن ذكر الحديث من رواية البزار ، و ذكر أن الزيادة
لا تثبت : اختلف في وصله و إرساله ، و رجح الدارقطني و الحاكم إرساله ، و أخرجه
الدارمي من حديث يعلى بن مرة بسند ضعيف .
قلت : لم أقف على أحد أرسله غير أبي معاوية من رواية محمد بن العلاء عنه عند
الطحاوي كما تقدم ، و أبو معاوية - و اسمه محمد بن خازم - و إن كان أحفظ الناس
لحديث الأعمش كما قال الحافظ في " التقريب " فقد خالفه سفيان الثوري و هو الثقة
الحافظ الإمام ، و تابعه يونس بن بكير ، و هو من رجال مسلم لكنه يخطيء ،
فروايتهما أرجح من رواية أبي معاوية ، لأنهما أكثر عددا ، لا سيما و معهما
زيادة ، و الزيادة من الثقة مقبولة ، والله أعلم .
و جملة القول : أن هذه الزيادة لا تثبت في حديث ابن مسعود ، و العلة : العنعنة
و المخالفة في نقدي ، و الإرسال في رأي الطحاوي و الدارقطني و الحاكم ، و قال
عبد الحق في " الأحكام " ( 153 ) : لا تصح .
و قد روي الحديث عن طلحة بن مصرف بإسناد آخر و هو :
2 - و أما حديث البراء بن عازب ، فيرويه محمد بن عبيد الله العرزمي عن طلحة بن
مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عنه ، أخرجه الطبراني في جزئه ( 39/2 ) .
قلت : و علته العرزمي هذا فإنه ضعيف جدا ، و هذا معنى قول الحافظ فيه : متروك .
3 - و أما حديث عمرو بن حريث ، فيرويه عمر بن صبح عن خالد بن ميمون عن
عبد الكريم بن أبي المخارق عن عامر بن عبد الواحد عنه ، أخرجه الطبراني في جزئه
أيضا ( 42/2 ) .
قلت : و فيه علتان :
الأولى : عمر بن صبح هذا ، قال الحافظ : متروك ، كذبه ابن راهويه .
الثانية : عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف ، و به أعله الهيثمي فقال في " مجمع
الزوائد " ( 1/146 ) : رواه الطبراني في " الكبير " ، و فيه عبد الكريم بن أبي
المخارق و هو ضعيف .
قلت : ربط العلة به وحده ليس من الإنصاف في شيء ، و في الطريق إليه ذاك الكذاب
عمر بن صبح ، إلا أن يقال : إنه ليس في طريق الطبراني في " الكبير " ، لكني
أستبعد هذا لأنه لو كان كذلك لذكر في جزئه الخاص بهذا الحديث و طرقه هذه الطريق
السالمة من ذاك الكذاب ، أو على الأقل لجمع بينهما ، كما رأيناه فعل في أحاديث
أخرى ، كحديث ابن مسعود على ما تقدم نقله عنه .
4 - و أما حديث عمرو بن عبسة ، فأورده الهيثمي و قال : رواه الطبراني في
" الكبير " ، و إسناده حسن .
قلت : لكن الزيادة فيه لم تتفق عليها نسخ " المجمع " ، بل تفردت بها النسخة
الهندية ، كما في هامش الكتاب ، و يترجح عندي عدم ثبوتها ، لأن الطبراني قد
أخرج الحديث في جزئه ( 43/1 ) و ليس فيه أيضا هذه الزيادة .
ثم إن قوله : و إسناده حسن نظرا ، فإن فيه محمد بن أبي النوار ، أورده ابن أبي
حاتم ( 4/1/111 ) و ذكر أنه روى عنه ثلاثة من الثقات ، و لم يحك فيه جرحا
و لا تعديلا ، و هذا من شيوخه بريد بن أبي مريم ، ثم ذكر ابن أبي حاتم عقبه
ترجمة أخرى ، فقال : محمد بن أبي النوار سمع حبان السلمي - صاحب الدفينة ، سمع
ابن عمر - سمعت أبي يقول : لا أعرفه .
فقد فرق بينهما أبو حاتم ، و في " اللسان " : قال النباتي : جمعهما البخاري
و هو أشبه ، والله أعلم .
( تنبيه ) : سبق فيما نقلته عن الحافظ ابن حجر ( ص 20 ) أن الحديث رواه الدارمي
عن يعلى بن مرة ، و قد رجعت إلى " سنن الدارمي " ، فوجدت الحديث فيه ( 1/76 )
كما ذكر الحافظ ، لكن ليس فيه تلك الزيادة ! فلا أدري أذلك من اختلاف نسخ
" السنن " ، أم أن الحافظ وهم ، و قد يؤيد الثاني أن الطبراني أخرجه ( 44/2 )
عن يعلى كما أخرجه الدارمي بدون الزيادة ، و من الممكن أن يقال : إنه لا وهم
فيه ، و إنما تساهل في إطلاق العزو إليه ، والله أعلم .
ثم إن الحديث لو صح بهذه الزيادة فليست اللام فيه للعلة ، بل للصيرورة كما فسر
قوله تعالى : *( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس )* ، و المعنى أن
مآل أمره إلى الإضلال ، أو هو من تخصيص بعض أفراد العموم بالذكر فلا مفهوم له
كقوله تعالى : *( و لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة )* ; *( و لا تقتلوا
أولادكم من إملاق )* ، فإن قتل الأولاد و مضاعفة الربا و الإضلال في هذه الآيات
إنما هو لتأكيد الأمر فيها ، لا لاختصاص الحكم كما قال الحافظ رحمه الله
و غيره .
( فائدة ) : لقد اشتهر عند العلماء أن هذا الحديث متواتر بدون الزيادة طبعا ،
و قد اعتنى جماعة من الحفاظ بجمع طرقه ، قال الحافظ : فأول من وقفت على كلامه
في ذلك علي بن المديني ، و تبعه يعقوب بن شيبة فقال : روي هذا الحديث من عشرين
وجها عن الصحابة من الحجازيين و غيرهم ، ثم إبراهيم الحربي و أبو بكر البزار ،
فقال كل منهما : إنه أورده من حديث أربعين من الصحابة ، و جمع طرقه في ذلك
العصر أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ; فزاد قليلا ، و قال أبو بكر الصيرفي
شارح " رسالة الشافعي " : رواه ستون نفسا من الصحابة ، و جمع طرقه الطبراني
فزاد قليلا .
قلت : و قد وقفت و الحمد لله على كتاب الطبراني في ذلك كما سبقت الإشارة إليه ،
و قد رأيت أن أسوق أسماء رواتها من الصحابة رضي الله عنهم ، مع الإشارة إلى عدد
الطرق عن كل واحد منهم بجانب الاسم ، و هناك آخرون منهم ساق الطبراني أحاديثهم
لدلالتها على التحذير من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم و لكنها أحاديث
أخرى ، و لذلك لم أسق أسماءهم فليعلم ذلك .
1 - أبو أمامة الباهلي 3
2 - أبو بكر الصديق 2
3 - أبو ذر الغفاري 1
4 - أبو سعيد الخدري 5
5 - أبو عبيدة بن الجراح 1
6 - أبو قتادة الأنصاري 3
7 - أبو قرصافة : جندرة بن خيشنة 1
8 - أبو موسى الأشعري 1
9 - أبو موسى الغافقي 1
10 - أبو هريرة 11
11 - أسامة بن زيد بن حارثة 1
12 - أنس بن مالك 15
13 - البراء بن عازب 1
14 - بريدة بن الحصيب 1
15 - جابر بن حابس العبدي 1
16 - جابر بن عبد الله 3
17 - خالد بن عرفطة 1
18 - رافع بن خديج 1
19 - الزبير بن العوام 1
20 - زيد بن أرقم 1
21 - السائب بن يزيد 1
22 - سعد بن المدحاس 1
23 - سعيد بن زيد بن عمرو 1
24 - سلمان الفارسي 1
25 - سلمة بن الأكوع 1
26 - صهيب بن سنان 1
27 - طارق بن أشيم 1
28 - طلحة بن عبيد الله 1
29 - عائشة بنت أبي بكر 2
30 - عبد الله بن الحارث 1
31 - عبد الله بن الزبير 1
32 - عبد الله بن زغب 1
33 - عبد الله بن عباس 1
34 - عبد الله بن عمر 3
35 - عبد الله بن عمرو بن العاص 5
36 - عبد الله بن مسعود 5
37 - عتبة بن غزوان 1
38 - عثمان بن عفان 3
39 - العرس بن عميرة الكندي 1
40 - عقبة بن عامر 2
41 - علي بن أبي طالب 7
42 - عمار بن ياسر 1
43 - عمر بن الخطاب 3
44 - عمران بن الحصين 1
45 - عمرو بن حريث 1
46 - عمرو بن عبسة 1
47 - عمرو بن مرة الجهني 1
48 - قيس بن سعد بن عبادة 1
49 - كعب بن قسطة 1
50 - معاذ بن جبل 1
51 - معاوية بن أبي سفيان 2
52 - المغيرة بن شعبة 2
53 - نبيط بن شريط 1
54 - يعلى بن مرة 1

و قد لاحظت أن جميع هؤلاء الصحابة الذين رووا هذا الحديث " من كذب علي متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار " ، قد ثبت في حديثهم لفظة " متعمدا " حاشا أفرادا منهم
و هو أصحاب الأرقام ( 6 ، 7 ، 11 ، 22 ، 25 ، 28 ، 31 ) و هي ثابتة في
" الصحيحين " و غيرهما في حديث طائفة ممن رواها عند الطبراني ، فهي إذن متواترة
فيه نحو تواتره ، فهي ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم يقينا خلافا لمن زعم بجهله
البالغ أنها من وضع بعض المحدثين ! كما كنت ذكرت في مقدمة هذه السلسلة ( 1/11 )
و إن مما يحسن ذكره بهذه المناسبة أن البيهقي نقل عن الحاكم و وافقه ، أن
الحديث جاء من رواية العشرة المبشرين بالجنة ، قال : و ليس في الدنيا حديث أجمع
العشرة على روايته غيره .
قال الحافظ : فقد تعقبه غير واحد ، لكن الطرق عنهم موجودة فيما جمعه ابن الجوزي
( يعني في مقدمة كتاب " الموضوعات " ) و من بعده ، و الثابت منها ما قدمت ذكره
فمن الصحاح : علي و الزبير ، و من الحسان : طلحة و سعد و سعيد و أبو عبيدة ، و
من الضعيف المتماسك طريق عثمان و بقيتها ضعيف ساقط .
قلت : قد عرفت من الكشف السابق أن لحديث عثمان رضي الله عنه ثلاث طرق ثم إن
أحدها صحيح ، و الآخر حسن ، و قد أخرجهما الطحاوي أيضا ( 1/165 - 166 ) ،
فحديثه من الصحيح أيضا .

(3/10)


1012 - " تحية البيت الطواف " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/73 ) :

لا أعلم له أصلا .
و إن اشتهر على الألسنة ، و أورده صاحب " الهداية " من الحنفية بلفظ :
" من أتى البيت فليحيه بالطواف " .
و قد أشار الحافظ الزيلعي في تخريجه إلى أنه لا أصل له ، بقوله ( 2/51 ) :
غريب جدا ، و أفصح عن ذلك الحافظ ابن حجر فقال في " الدراية " ( ص 192 ) :
لم أجده .
قلت : و لا أعلم في السنة القولية أو العملية ما يشهد لمعناه ، بل إن عموم
الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضا ،
و القول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه ، فلا يقبل إلا بعد ثبوته
و هيهات ، لا سيما و قد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام
الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم ، فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة ،
*( و ما جعل عليكم في الدين من حرج )* .
و إن مما ينبغي التنبه له أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لغير المحرم ، و إلا
فالسنة في حقه أن يبدأ بالطواف ثم بالركعتين بعده ، انظر بدع الحج و العمرة في
رسالتي " مناسك الحج و العمرة " ، رقم البدعة ( 37 ) .

(3/11)


1013 - " إذا رميتم و ذبحتم و حلقتم حل لكم كل شيء إلا النساء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/74 ) :

منكر .
رواه الطبري في " تفسيره " ( ج4 رقم 3960 ) ، و الدارقطني في " سننه " ( 279 )
عن عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة
قالت :
" سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : متى يحل المحرم ؟ فقالت : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " فذكره ، ثم قال : قال ( يعني الحجاج ) :
و ذكر الزهري عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
قلت : و هذا إسناد كما قال الحافظ في " بلوغ المرام " ، فيه ضعف ، و علته
الحجاج و هو ابن أرطاة و هو مدلس و قد عنعنه ، و بالإضافة إلى ذلك فقد اختلفوا
عليه في متنه ، فقال عبد الرحيم عنه هكذا ، و خالفه يزيد - و هو ابن هارون -
فقال : أخبرنا الحجاج عن أبي بكر بن محمد به دون قوله : " و ذبحتم " .
أخرجه الطحاوي ( 1/419 ) و أحمد ( 6/143 ) و البيهقي ( 5/136 ) و أبو بكر
الشافعي في " الفوائد " ( 6/64/2 ) .
و خالفهما عبد الواحد بن زياد فقال : حدثنا الحجاج عن الزهري به ، دون قوله :
" و ذبحتم و حلقتم " .
أخرجه أبو داود ( 1/310 - التازية ) و الطحاوي ، و قال أبو داود :
هذا حديث ضعيف ، الحجاج لم ير الزهري .
قلت : و هؤلاء الذين رووا الحديث عنه كلهم ثقات ، فالحمل في هذا الاختلاف في
متنه ليس عليهم ، بل على الحجاج نفسه ، و قد أشار إلى هذا البيهقي فقال عقبه :
و هذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة ، و إنما الحديث عن عمرة عن عائشة رضي الله
عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه سائر الناس عن عائشة .
قلت : و كأنه يشير إلى حديثها :
طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين أحرم ، و لحله حين أحل ، قبل
أن يفيض .
أخرجه الشيخان و غيرهما من طرق كثيرة عنها ، و قد تجمع عندي منها ثلاثة عشر
طريقا خرجتها في كتابي " الحج الكبير " ، لكن ليس منها طريق عمرة هذه ، والله
أعلم .
و في حديث عائشة هذا ما يشهد لبعض حديث الحجاج في رواية عنها بلفظ :
" .... و حين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت .
و هذا القدر منه له شاهد من حديث ابن عباس أوردته في " الأحاديث الصحيحة "
( رقم ـ 239 ) ، فيتلخص من ذلك أن للحديث أصلا ثابتا ، لكن دون ذكر الذبح
و الحلق فيه ، فهو بهذه الزيادة منكر ، والله أعلم .

(3/12)


1014 - " ليتقه الصائم ، يعني الكحل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/75 ) :

منكر .
أخرجه أبو داود ( 1/373 ) و البيهقي ( 4/262 ) عن عبد الرحمن بن النعمان بن
معبد بن هوذة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالإثمد
المروح عند النوم ، و قال : فذكره ، و اللفظ لأبي داود ، و لفظ البيهقي :
" لا تكتحل بالنهار و أنت صائم ، اكتحل ليلا ، الإثمد يجلو البصر ، و ينبت
الشعر " ، و أشار البيهقي لتضعيفه بقوله :
و قد روي في النهي عنه نهارا و هو صائم حديث أخرجه البخاري في التاريخ
و قال أبو داود عقبه : قال لي يحيى بن معين : هو حديث منكر .
و ذكر مثله في " المسائل " ( ص 298 ) عن الإمام أحمد أيضا .
قلت : و له علتان :
الأولى : ضعف عبد الرحمن بن النعمان ، و به أعله المنذري ، فقال في
" مختصر السنن " ( 3/260 ) :
قال يحيى بن معين : ضعيف ، و قال أبو حاتم الرازي : صدوق .
قال الذهبي بعد أن ذكر هذين القولين المتعارضين فيه :
و قد روى عن سعد بن إسحاق العجري فقلب اسمه أولا فقال : إسحاق بن سعد بن كعب ،
ثم غلط في الحديث فقال : عن أبيه عن جده ، فضعفه راجح .
قلت : و لذلك أورده في " الضعفاء " أيضا ، و لكنه قال :
مختلف فيه ، فلا يترك ، يعني أنه ليس شديد الضعف ، و قد أشار إلى هذا الحافظ في
" التقريب " فقال :
صدوق ، ربما غلط ، و قد فاتت المنذري علة أخرى و هي :
الثانية : جهالة أبيه النعمان بن معبد ، و قد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن
تيمية في رسالة " الصيام " فقال ( ص 49 بتحقيقنا ) عقب ما سبق عن المنذري :
لكن من الذي يعرف أباه و عدالته و حفظه ؟ ! ، و لهذا قال الذهبي فيه :
غير معروف ، و قال الحافظ : مجهول .
قلت : و من ذلك تعلم ما في قول المجد ابن تيمية في " المنتقي " :
و في إسناده مقال قريب ، ثم أعله بعبد الرحمن فقط كما فعل المنذري تماما !
و قد ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه كان يكتحل و هو صائم .
أخرجه أبو داود بسند حسن .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( 189 ) : لا بأس به .
و في معناه أحاديث مرفوعة لا يصح منها شيء كما قال الترمذي و غيره ، و لكنها
موافقة للبراءة الأصلية ، فلا ينقل عنها إلا بناقل صحيح ، و هذا مما لا وجود له
، و قد اختلف العلماء في الكحل للصائم ، و كذا الحقنة و نحوها ، قال شيخ
الإسلام ابن تيمية في المصدر السابق ( ص 47 ) :
فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك ، فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى
معرفته الخاص و العام ، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله و رسوله في الصيام
و يفسد الصوم بها ، لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه ، و لو ذكر ذلك لعلمه
الصحابة و بلغوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه ، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن
النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثا صحيحا مسندا و لا مرسلا ، علم أنه لم
يذكر شيئا من ذلك ، و الحديث المروي في الكحل ضعيف ، رواه أبو داود ، و لم يروه
غيره و لا هو في مسند أحمد و لا سائر الكتب .
ثم ساق هذا الحديث ، ثم قال :
و الذين قالوا : إن هذه الأمور تفطر ، لم يكن معهم حجة عن النبي صلى الله عليه
وسلم و إنما ذكروا ذلك بما رأوه من القياس ، و أقوى ما احتجوا به قوله
صلى الله عليه وسلم : " و بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ، قالوا : فدل
ذلك على أن ما وصل إلى الدماغ يفطر الصائم إذا كان بفعله ، و على القياس : كل
ما وصل إلى جوفه بفعله من حقنة و غيرها سواء كان ذلك في موضع الطعام و الغذاء
أو غيره من حشو جوفه ، و الذين استثنوا الكحل قالوا : العين ليست كالقبل
و الدبر ، و لكن هي تشرب الكحل كما يشرب الجسم الدهن و الماء ، ثم قال :
و إذا كان عمدتهم هذه الأقيسة و نحوها لم يجز إفساد الصوم بمثل هذه الأقيسة
لوجوه :
أحدها : أن القياس و إن كان حجة إذا اعتبرت شروط صحته ، فقد قلنا في " الأصول "
: إن الأحكام الشرعية بينتها النصوص أيضا ، و إن دل القياس الصحيح على مثل ما
دل عليه النص دلالة خفية ، فإذا علمنا أن الرسول لم يحرم الشيء و لم يوجبه ،
علمنا أنه ليس بحرام و لا واجب ، و أن القياس المثبت لوجوبه و تحريمه فاسد .
و نحن نعلم أنه ليس في الكتاب و السنة ما يدل على الإفطار بهذه الأشياء فعلمنا
أنها ليست مفطرة .
الثاني : أن الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لابد أن يبينها الرسول
صلى الله عليه وسلم بيانا عاما ، و لابد أن تنقلها الأمة ، فإذا انتفى هذا ،
علم أن هذا ليس من دينه ، و هذا كما يعلم أنه لم يفرض صيام شهر غير رمضان ،
و لا حج بيت غير البيت الحرام ، و لا صلاة مكتوبة غير الخمس ، و لم يوجب الغسل
في مباشرة المرأة بلا إنزال ، و لا أوجب الوضوء من الفزع العظيم ، و إن كان في
مظنته خروج الخارج ، و لا سن الركعتين بعد الطواف بين الصفا و المروة ، كما سن
الركعتين بعد الطواف بالبيت .
و بهذه الطرق يعلم أيضا أنه لم يوجب الوضوء من لمس النساء ، و لا من النجاسات
الخارجة من غير السبيلين ، فإنه لم ينقل أحد عنه صلى الله عليه وسلم بإسناد
يثبت مثله أنه أمر بذلك ، مع العلم بأن الناس كانوا و لا يزالون يحتجمون
و يتقيؤون ؟ و يجرحون في الجهاد و غير ذلك ، و قد قطع عرق بعض أصحابه ليخرج منه
الدم و هو الفصاد ، و لم ينقل عنه مسلم أنه أمر أصحابه بالتوضؤ من ذلك " ( قال
) :
" فإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى ، لابد أن يبينها الرسول صلى الله
عليه وسلم بيانا عاما ، و لابد أن تنقل الأمة ذلك ، فمعلوم أن الكحل و نحوه مما
تعم به البلوى ، كما تعم بالدهن و الاغتسال و البخور و الطيب . فلو كان هذا مما
يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بين الإفطار بغيره . فلما لم يبين ذلك
، علم أنه من جنس الطيب و البخور و الدهن . و البخور قد يتصاعد إلى الأنف
و يدخل في الدماغ ، و ينعقد أجساما ، و الدهن يشربه البدن و يدخل إلى داخله ،
و يتقوى به الإنسان ، و كذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة ، فلما لم ينه الصائم عن
ذلك ، دل على جواز تطيبه و تبخره و ادهانه ، و كذلك اكتحاله .
الوجه الثالث : إثبات التفطير بالقياس يحتاج إلى أن يكون القياس صحيحا و ذلك
إما قياس على بابه الجامع ، و إما بإلغاء الفارق ، و إما أن يدل دليل على العلة
في الأصل معد لها إلى الفرع ، و إما أن يعلم أن لا فارق بينهما من الأوصاف
المعتبرة في الشرع ، و هذا القياس هنا منتف . و ذلك أنه ليس في الأدلة ما يقتضي
أن المفطر الذي جعله الله و رسوله مفطرا هو ما كان واصلا إلى دماغ أو بدن أو ما
كان داخلا من منفذ أو واصلا إلى الجوف ، و نحو ذلك من المعاني التي يجعلها
أصحاب هذه الأقاويل هي مناط الحكم عند الله و رسوله .
الوجه الرابع : إن القياس إنما يصح إذا لم يدل كلام الشارع على علة الحكم إذا
سبرنا أوصاف الأصل ، فلم يكن فيها ما يصلح للعلة إلا الوصف المعين ، ( قال ) :
فإذا كان في الأصل وصفان مناسبان لم يجز أن يقول بالحكم بهذا دون هذا ، و معلوم
أن النص و الإجماع أثبتا الفطر بالأكل و الشرب و الجماع و الحيض ، و النبي
صلى الله عليه وسلم قد نهى المتوضئ عن المبالغة في الاستنشاق إذا كان صائما ، و
قياسهم على الاستنشاق أقوى حججهم كما تقدم ، و هو قياس ضعيف لأن من نشق الماء
بمنخريه ينزل الماء إلى حلقه ، و إلى جوفه ، فحصل له بذلك ما يحصل للشارب بفم ،
و يغذي بدنه من ذلك الماء ، و يزول العطش ، و يطبخ الطعام في معدته كما يحصل
بشرب الماء فلو لم يرد النص بذلك ، لعلم بالعقل أن هذا من جنس الشرب ، فإنهما
لا يفترقان إلا في دخول الماء من الفم ، و ذلك غير معتبر ، بل دخول الماء إلى
الفم وحده لا يفطر ، فليس هو مفطرا و لا جزءا من المفطر لعدم تأثيره ، بل هو
طريق إلى الفطر و ليس كذلك الكحل و الحقنة ، فإن الكحل لا يغذي ألبتة ، و لا
يدخل أحدا كحلا إلى جوفه لا من أنفه و لا من فمه ، و كذلك الحقنة لا تغذي ، بل
تستفرغ ما في البدن ، كما لو شم شيئا من المسهلات ، أو فزع فزعا أوجب استطلاق
جوفه ، و هي لا تصل إلى المعدة .
فإذا كانت هذه المعاني و غيرها موجودة في الأصل الثابت بالنص و الإجماع ،
فدعواهم أن الشارع علق الحكم بما ذكروه من الأوصاف ، معارض بهذه الأوصاف ،
و المعارضة تبطل كل نوع من الأقيسة ، إن لم يتبين أن الوصف الذي ادعوه هو العلة
دون هذا .
الوجه الخامس : أنه ثبت بالنص و الإجماع منع الصائم من الأكل و الشرب و الجماع
، و قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الشيطان يجري من ابن
آدم مجرى الدم " <1> . و لا ريب أن الدم يتولد من الطعام و الشراب . و إذا أكل
و شرب اتسعت مجاري الشياطين ، و إذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات ،
و إلى ترك المنكرات ، فهذه المناسبة ظاهرة في منع الصائم من الأكل و الشرب ،
و الحكم ثابت على وقفه ، و كلام الشارع قد دل على اعتبار هذا الوصف و تأثيره ،
و هذا منتف في الحقنة و الكحل و غير ذلك .
فإن قيل : بل الكحل قد ينزل إلى الجوف و يستحيل دما ؟
قيل : هذا كما قد يقال في البخار الذي يصعد من الأنف إلى الدماغ فيستحيل دما ،
و كالدهن الذي يشربه الجسم . و الممنوع منه إنما هو ما يصل إلى المعدة فيستحيل
دما و يتوزع على البدن .
الوجه السادس : و نجعل هذا وجها سادسا ( الأصل خامسا ) فنقيس الكحل و الحقنة
و نحو ذلك على البخور و الدهن و نحو ذلك ، لجامع ما يشتركان فيه ، مع أن ذلك
ليس مما يتغذى به البدن و يستحيل في المعدة دما . و هذا الوصف هو الذي أوجب أن
لا تكون هذه الأمور مفطرة . و هذا موجود في محل النزاع " .
هذا كله من كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مع شيء من الاختصار ، آثرت نقله على
ما فيه من بسط و تطويل ، لما فيه من الفوائد و التحقيقات التي لا توجد عند غيره
، فجزاه الله خيرا .
و منه يتبين أن الصواب أن الكحل لا يفطر الصائم ، فهو بالنسبة إليه كالسواك
يجوز أن يتعاطاه في أي وقت شاء ، خلافا لما دل عليه هذا الحديث الضعيف الذي كان
سببا مباشرا لصرف كثير من الناس عن الأخذ بالصواب الذي دل عليه التحقيق العلمي
، و لذلك عنيت ببيان حال إسناده ، و مخالفته للفقه الصحيح ، والله الموفق .
و مما سبق يمكننا أن نأخذ حكم ما كثر السؤال عنه في هذا العصر ، و طال النزاع
فيه . ألا و هو حكم الحقنة ( الإبرة ) في العضل أو العرق ، فالذي نرجحه أنه لا
يفطر شيء من ذلك ، إلا ما كان المقصود منه تغذية المريض ، فهذه وحدها هي التي
تفطر والله أعلم .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] قلت : هذا حديث صحيح ، أخرجه الشيخان من حديث أنس و صفية رضي الله عنهما ،
هكذا ، و قد ذكره ابن تيمية في مكان آخر من رسالته في " الصيام " ( ص 75 )
بزيادة : " فضيقوا مجاريه بالجوع و الصوم " ، و لا أصل لها من شيء من كتب السنة
التي وقفت عليها ، و إنما هي في " كتاب الإحياء " للغزالي فقط كما نبهت عليه في
التعليق على الرسالة المذكورة . اهـ .

(3/13)


1015 - " من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر و العصر ، و المغرب و العشاء الآخرة
و الصبح بمنى ، ثم يغدوا إلى عرفة فيقيل حيث قضي له ، حتى إذا زالت الشمس خطب
الناس ، ثم صلى الظهر و العصر جميعا ، ثم وقف بعرفات حتى تغرب الشمس فإذا رمى
الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء و الطيب حتى يزور " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/81 ) :

ضعيف .
أخرجه الحاكم ( 1/461 ) ، و عنه البيهقي ( 5/122 ) عن إبراهيم بن عبد الله :
أنبأ يزيد بن هارون : أنبأ يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن
الزبير قال : من سنة الحج .. إلخ ، و قال الحاكم :
حديث على شرط الشيخين ، و وافقه الذهبي .
قلت : و فيه نظر ، فإن يزيد بن هارون و إن كان على شرطهما فليس هو من شيوخهما ،
و إنما يرويان عنه بواسطة أحمد و إسحاق و نحوهما ، و إبراهيم بن عبد الله
الراوي للحديث عن يزيد فضلا عن كونه ليس من شيوخهما ، فهو غير معروف ، بل لم
أجد له ترجمة تذكر ، فقد أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 5/120 ) فقال :
إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي ، قدم بغداد سنة 244 و حدث بها عن يزيد
ابن هارون و سرور بن المغيرة روى عنه عبد الله بن محمد بن ناجية و يحيى بن
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، فهو مجهول الحال ، فلا يحتج بحديثه ، على
أنه قد خولف في بعض متنه ، فروى الطحاوي ( 1/421 ) من طريق عبد الله بن صالح ،
قال : حدثني الليث قال : حدثني ابن الهاد عن يحيى بن سعيد به مختصرا بلفظ :
سمعت عبد الله بن الزبير يقول :
إذا رمى الجمرة الكبرى ، فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء حتى يطوف بالبيت فلم
يذكر الطيب ، فهذا هو الأصح ، لأنه الموافق لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها
أنها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم حين رمى جمرة العقبة كما تقدم في آخر
الحديث ( 1013 ) .
أقول : هذا أصح ، و إن كان عبد الله بن صالح فيه ضعف من قبل حفظه ، فإن من
البدهي أن ما وافق السنة الصحيحة من الروايات عند الاختلاف ، أولى مما خالفها
منها .
تنبيه : إنما أوردت هذا في الأحاديث الضعيفة " مع أن ظاهره الوقف فليس من
الأحاديث ; لما تقرر في مصطلح الحديث أن قول الصحابي : " من السنة كذا " في حكم
المرفوع ، و عبد الله بن الزبير صحابي معروف ، و قد خفي هذا على الشوكاني في
نيل الأوطار ، فإنه أورد هذا الحديث فيما استدل به المانعون من الطيب بعد الرمي
، ثم أجاب عنه ( 5/61 ) بما ملخصه :
إنه أثر موقوف لا يصلح للمعارضة ، و على فرض كونه مرفوعا فهو أيضا لا يعتد به
بجانب الأحاديث المثبتة لحل الطيب .
قلت : و الجواب الصحيح عنه أنه و إن كان ظاهره الرفع فهو لا يصلح للمعارضة
المذكورة لوجهين :
الأول : أنه ضعيف السند كما سبق بيانه .
الثاني : أنه لو صح سنده فهو عند التعارض مرجوح من حيث الدلالة ، لأنه و إن كان
ظاهرا في الرفع فليس نصا فيه بخلاف حديث عائشة المشار إليه فإنه صريح في ذلك .
والله أعلم .

(3/14)


1016 - " كان يصلي قبل الجمعة أربعا ، و بعدها أربعا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/82 ) :

منكر .
رواه الطبراني في " معجمه الأوسط " ( رقم - 4116 - مصورتي ) : حدثنا علي بن
سعيد الرازي : حدثنا سليمان بن عمرو بن خالد الرقي : حدثنا عتاب بن بشير عن
خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا ، و قال الطبراني :
لم يرو هذا الحديث عن خصيف إلا عتاب بن بشير .
قلت : سكت عليه الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/206 ) ، و قال الحافظ في
" الدراية " ( ص 133 ) :
و في سنده ضعف .
قلت : و فيه خمس علل :
الأولى : الانقطاع بين ابن مسعود و ابنه أبي عبيدة ; فإنه لم يسمع منه ، كما
صرح بذلك أبو عبيدة نفسه على ما هو مذكور في ترجمته ، و قد حاول بعض من ألف في
مصطلح الحديث من حنفية هذا العصر أن يثبت سماعه منه دون جدوى !
الثانية : ضعف خصيف ، و هو ابن عبد الرحمن الجزري الحراني ، قال الحافظ في
" التقريب " : صدوق سيء الحفظ ، خلط بآخره .
الثالثة : عتاب بن بشير ، مختلف فيه ، قال ابن معين : ثقة ، و قال مرة : ضعيف ،
و قال النسائي : ليس بذاك في الحديث ، و قال أحمد : أرجو أن لا يكون به بأس ،
روى بآخرة أحاديث منكرة ، و ما أرى إلا أنها من قبل خصيف .
قلت : و هذا الحديث من روايته عنه ، فهو من مناكيره ، و يؤيد ذلك أنه ورد
موقوفا على ابن مسعود ، من طريقين عنه ، فقال عبد الرزاق في " مصنفه " ( 5524 )
: عن معمر عن قتادة :
إن ابن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات ، و بعدها أربعا .
قلت : و هذا سند صحيح لولا أن قتادة لم يسمع من ابن مسعود كما قال الهيثمي
( 2/195 ) ، ثم قال عبد الرزاق ( 5525 ) : عن الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي
عبد الرحمن السلمي قال :
كان عبد الله يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا و بعدها أربعا .
قلت : و هذا سند صحيح لا علة فيه ، و عطاء بن السائب و إن كان اختلط ; فالثوري
قد روى عنه قبل الاختلاط .
الرابعة : سليمان بن عمرو لم أجد من وثقه ، و لكن كتب عنه أبو حاتم كما قال
ابنه في " الجرح و التعديل " ( 2/1/132 ) .
فثبت مما تقدم أن رفع هذا الحديث منكر ، و أن الصواب فيه الوقف . والله أعلم .
الخامسة : و هي العلة الحقيقية ، و هي خطأ عتاب بن بشير في رفعه ، فإنه مع
الضعف الذي في حفظه قد خالفه محمد بن فضيل فقال : عن خصيف به موقوفا على ابن
مسعود .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2/131 و 133 ) .
و ابن فضيل ثقة من رجال الشيخين ، و مع ضعف الحديث فلا دليل فيه على مشروعية ما
يسمونه بسنة الجمعة القبلية كما سبق بيانه في الحديث ( 1001 ) ، فراجعه فإنه
بمعنى هذا .
تنبيه : وقع إسناد الحديث في " نصب الراية " ( 2/206 ) هكذا : حدثنا علي بن
إسماعيل الرازي : أنبأ سليمان بن عمر بن خالد الرقي . و الصواب ما تقدم نقلا عن
" المعجم الأوسط " .
و قد روي الحديث عن أبي هريرة أيضا ، و هو :
" كان يصلي قبل الجمعة ركعتين ، و بعدها ركعتين " .

(3/15)


1017 - " كان يصلي قبل الجمعة ركعتين ، و بعدها ركعتين " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/84 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه الخطيب ( 6/365 ) من طريق الطبراني عن البزار : حدثنا إسحاق بن سليمان
البغدادي : حدثنا الحسن بن قتيبة : حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي .... و قال الطبراني :
لم يروه عن سفيان إلا الحسن بن قتيبة .
قلت : قال الذهبي ردا لقول ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به " :
" بل هو هالك ، قال الدارقطني : متروك الحديث ، و قال أبو حاتم : ضعيف ، و قال
الأزدي : واهي الحديث ، و قال العقيلي : كثير الوهم " .
و الحديث ذكره الحافظ في " الفتح " ( 2/341 ) بهذا اللفظ إلا أنه قال :
" و بعدها أربعا " و قال :
" رواه البزار ، و في إسناده ضعف " .
و لم يورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " أصلا ، و لا في " كشف الأستار عن زوائد
البزار " للهيثمي ، و لا في " زوائد البزار على مسند أحمد " للحافظ العسقلاني
، والله أعلم .
و في الحديث علة أخرى و هي جهالة إسحاق بن سليمان ، فقد أورده الخطيب لهذا
الحديث ، و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .

(3/16)


1018 - " تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم ، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه ، أفشى
الله عليه ضيعته ، و جعل فقره بين عينيه ، و من كانت الآخرة أكبر همه جمع الله
له أموره ، و جعل غناه قلبه ، و ما أقبل عبد بقلبه ، إلى الله تعالى إلا جعل
الله عز وجل قلوب المؤمنين تفد عليه بالود و الرحمة ، و كان الله إليه بكل خير
أسرع " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/85 ) :

موضوع .
رواه ابن الأعرابي في " معجمه " ( 177 - 178 ) و عنه القضاعي في " مسند الشهاب
" ( 58/2 ) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم - 5157 - مصورتي ) و البيهقي
في " الزهد " ( 98/2 ) و السمعاني في " الفوائد المنتقاة " ( 2/2 ) و كذا أبو
نعيم في " الحلية " ( 1/227 ) عن جنيد بن العلاء بن أبي وهرة عن محمد بن سعيد
عن إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا ، و قال
أبو نعيم تبعا للطبراني :
تفرد به جنيد بن العلاء عن محمد بن سعيد .
قلت : جنيد هذا مختلف فيه ، فقال أبو حاتم : صالح الحديث ، و قال ابن حبان :
ينبغي مجانبة حديثه ، كان يدلس ، ثم تناقض فذكره في " الثقات " أيضا ! و قال
البزار :
" ليس به بأس " .
قلت : فآفة الحديث من شيخه محمد بن سعيد و هو ابن حسان المصلوب ، و هو كذاب ،
صلب في الزندقة كما قال الذهبي في " الضعفاء " ، و في ترجمته ساق الذهبي له هذا
الحديث ، و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10/248 ) :
رواه الطبراني في الكبير و الأوسط ، و فيه محمد بن سعيد بن حسان المصلوب و هو
كذاب .
و عزاه المنذري في " الترغيب " ( 4/82 ) للطبراني في " معجميه " ، و البيهقي في
" الزهد " ، و أشار إلى تضعيفه .

(3/17)


1019 - " من كشف خمار امرأة و نظر إليها فقد وجب الصداق ، دخل بها أو لم يدخل بها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/86 ) :

ضعيف .
أخرجه الدارقطني في " سننه " ( 419 ) من طريق ابن لهيعة : أخبرنا أبو الأسود عن
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، لإرساله ، و لضعف ابن لهيعة ، و من طريقه علقه البيهقي
( 7/256 ) و قال :
و هذا منقطع ، و بعض رواته غير محتج به .
يعني ابن لهيعة ، لكن قد أخرجه هو من طريق عبد الله بن صالح : حدثني الليث :
حدثني عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن يزيد عن محمد بن
ثوبان بلفظ :
من كشف امرأة فنظر إلى عورتها فقد وجب الصداق .
و هذا سند رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن صالح فمن رجال البخاري
وحده ، و فيه ضعف ، لكنه قد توبع ، فقال ابن التركماني في " الجوهر النقي " :
أخرجه أبو داود في " مراسيله " عن قتيبة عن الليث بالسند المذكور ، و هو على
شرط الصحيح ، ليس فيه إلا الإرسال " .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 311 ) :
رواه أبو داود في " المراسيل " من طريق ابن ثوبان و رجاله ثقات .
قلت : فهو ضعيف لإرساله ، و قد صح موقوفا ، فأخرجه الدارقطني و عنه البيهقي من
طريق عبد الله بن نمير : حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال :
" إذا أجيف الباب ، و أرخيت الستور ، فقد وجب المهر .
و رجاله كلهم ثقات معروفون رجال مسلم غير علي بن عبد الله بن مبشر شيخ
الدارقطني فلم أجد له ترجمة ، و لكنه أخرجه و هو و البيهقي من طريق أخرى عن عمر
و قرن معه البيهقي عليا رضي الله عنهما ، فهو عن عمر ثابت ، و له عند الدارقطني
طريق أخرى ثم أخرجه الدارقطني من طريق ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن
ابن عمر مثله .
قلت : و سنده صحيح .
و هو في " الموطأ " ( 2/65 ) بإسنادين منقطعين عن عمر و زيد بن ثابت .
و جملة القول أن الحديث ضعيف مرفوعا ، صحيح موقوفا ، و لا يقال : فالموقوف شاهد
للمرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي ، لأمرين :
الأول : أنه مخالف لقوله تعالى : *( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم
لهن فريضة فنصف ما فرضتم .. )* فهي بإطلاقها تشمل التي خلا بها ، و ما أحسن ما
قال شريح : " لم أسمع الله تعالى ذكر في كتابه بابا و لا سترا ، إذا زعم أنه لم
يمسها فلها نصف الصداق " <1> .
الثاني : أنه قد صح خلافه موقوفا ، فروى الشافعي ( 2/325 ) : أخبرنا مسلم عن
ابن جريج عن ليث بن أبي سليم عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في
الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها و لا يمسها ثم يطلقها : ليس لها إلا نصف الصداق
لأن الله يقول : *( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم لهن فريضة )* .
و من طريق الشافعي رواه البيهقي ( 7/254 ) .
قلت : و هذا سند ضعيف ، لكن قد جاء من طريق أخرى عن طاووس ، أخرجه البيهقي من
طريق سعيد بن منصور : حدثنا هشيم : أنبأ الليث عن طاووس عن ابن عباس أنه كان
يقول في رجل أدخلت عليه امرأته ثم طلقها فزعم أنه لم يمسها ، قال : عليه نصف
الصداق .
قلت : و هذا سند صحيح فبه يتقوى السند الذي قبله ، و الآتي بعده عن علي بن أبي
طلحة ، بخلاف ما نقله ابن كثير ( 1/288 - 289 ) عن البيهقي أنه قال في الطريق
الأولى :
و ليث و إن كان غير محتج به ، فقد رويناه من حديث ابن أبي طلحة عن ابن عباس ،
فهو مقوله :
و هذا معناه أنه يرى أن الليث في رواية هشيم عنه هو ابن أبي سليم أيضا ، لكن
الحافظ المزي لم يذكر في ترجمة ابن أبي سليم أنه روى عنه هشيم ، و إنما عن
الليث عن سعد ، والله أعلم .
ثم أخرج البيهقي عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس في قوله تعالى : *( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن .. )* الآية فهو
الرجل يتزوج المرأة و قد سمى لها صداقا ، ثم يطلقها من قبل أن يمسها ، و المس
الجماع ، لها نصف الصداق ، و ليس لها أكثر من ذلك .
قلت : و هذا ضعيف منقطع ، ثم روى عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود قال :
لها نصف الصداق ، و إن جلس بي رجليها ، و قال :
و فيه انقطاع بين الشعبي و ابن مسعود ، فإذا كانت المسألة مما اختلف فيه
الصحابة ، فالواجب حينئذ الرجوع إلى النص ،
و الآية مؤيدة لما ذهب إليه ابن عباس على خلاف هذا الحديث ، و هو مذهب الشافعي
في " الأم " ( 5/215 ) ، و هو الحق إن شاء الله تعالى .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] تفسير القرطبي ( 3/205 ) ، و هو عند البيهقي بسند صحيح عنه نحوه . اهـ .

(3/18)


1020 - " أيما امرأة خرجت من غير أمر زوجها كانت في سخط الله حتى ترجع إلى بيتها أو
يرضى عنها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/88 ) :

موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 6/200 - 201 ) من طريق أبي نعيم الحافظ
بسنده عن إبراهيم بن هدبة : حدثنا أنس مرفوعا .
ذكره في ترجمة إبراهيم هذا و قال : حدث عن أنس بالأباطيل ، ثم ساق له أحاديث
هذا أحدها ، ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه :
كذاب خبيث ، و عن علي بن ثابت أنه قال :
هو أكذب من حماري هذا ، و قال الذهبي :
حدث ببغداد و غيرها بالبواطيل ، قال أبو حاتم و غيره : كذاب .
و في " اللسان " :
و قال ابن حبان : دجال من الدجاجلة ، و قال العقيلي و الخليلي : يرمى بالكذب .
قلت : و مع هذا كله فقد سود السيوطي " جامعه الصغير " بهذا الحديث من رواية
الخطيب ، و تعقبه المناوي في " فيض القدير " بقوله و أجاد :
و قضية كلام المصنف أن الخطيب خرجه و أقره ، و هو تلبيس فاحش فإنه تعقبه
بقوله : قال أحمد بن حنبل : إبراهيم بن هدبة لا شيء ، في أحاديثه مناكير ثم
ذكر قول ابن معين المتقدم فيه و غيره ثم قال : و قال الذهبي في " الضعفاء " :
هو كذاب ، فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب ، و ليته إذ ذكره بين حاله ! .
قلت : و هذا حق ، و لكن المناوي عفا الله عنه كأنه ينتقد السيوطي حبا للنقد
، و ليس لفائدة القراء و النصح و إلا كيف يجوز لنفسه أن يسكت عن الحديث مطلقا
فلا يصفه و لو بالضعف في كتابه الآخر " التيسير بشرح الجامع الصغير " و هو قد
ألفه بعد " الفيض " كما ذكر ذلك في المقدمة ! أليس في صنيعه هذا كتمان للعلم
يؤاخذ عليه أكثر من مؤاخذته هو للسيوطي ؟ و كنت أود أن أقول : لعل ذلك وقع منه
سهوا ، و لكن حال بيني و بين ذلك أنني رأيت له من مثله أشياء كثيرة ، سيأتي
التنبيه على بعضها إن شاء الله .
تنبيه : هدبة هنا بالباء الموحدة كما في " المؤتلف و المختلف " للشيخ
عبد الغني بن سعيد الأزدي الحافظ ، و هكذا وقع في " تاريخ بغداد " و " الميزان
" و " اللسان " بالباء الموحدة ، و وقع في " فيض القدير " " هدية " بالمثناة
التحتية ، و هو تصحيف .

(3/19)


1021 - " من زارني بعد موتي ، فكأنما زارني في حياتي " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/89 ) :

باطل .
رواه الدارقطني في " سننه " ( ص 279 - 280 ) عن هارون أبي قزعة عن
رجل من آل حاطب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و هكذا رواه المحاملي و الساجي كما في " اللسان " .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و له علتان :
الأولى : الرجل الذي لم يسم ، فهو مجهول .
و الثانية : ضعف هارون أبي قزعة ، ضعفه يعقوب بن شيبة ، و ذكره العقيلي
و الساجي و ابن الجارود في " الضعفاء " ، و قال البخاري : لا يتابع عليه .
ثم ساق له هذا الحديث ، لكنه لم يذكر فيه حاطبا ، فهو مرسل ، و قد أشار إلى ذلك
الأزدي بقوله :
هارون أبو قزعة يروي عن رجل من آل حاطب المراسيل .
قلت : فهذه علة ثالثة ، و هي الاختلاف و الاضطراب على هارون في إسناده <1> ،
فبعضهم يوصله ، و بعضهم يرسله ، و قد اضطرب في متنه أيضا ، و بين ذلك كله
الحافظ بن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ( ص 100 ) ; فليرجع إليه من شاء
التفصيل ، و بالجملة فالحديث واهي الإسناد ، و قد روي بإسناد آخر مثله في الضعف
أو أشد من حديث ابن عمر ، و سبق الكلام عليه مفصلا برقم ( 47 ) ، و اختلف
حافظان جليلان في أيهما أجود إسنادا ، على عجرهما و بجرهما ! فقال شيخ الإسلام
: أجودهما حديث ابن عمر ، و قال الذهبي : أجودهما حديث حاطب هذا ، و عزاه لابن
عساكر كما في " المقاصد " ( 413 ) ، و إذا قابلت إسناد أحدهما بالآخر ، و تأملت
ما فيهما من العلل ، تبين لك أن الصواب قول الذهبي ، لأن هذا الحديث ليس فيه
متهم بالكذب بخلاف حديث ابن عمر ; فإن فيه من اتهم بالكذب و وضع الحديث ، كما
بينته هناك ، و إذا عرفت هذا ، فقول السخاوي في " المقاصد " بعد حديث ابن عمر
المشار إليه ، و نقله عن ابن خزيمة و البيهقي أنهما ضعفاه :
و كذا قال الذهبي : طرقه كلها لينة ، لكن يتقوى بعضها ببعض ، لأن ما في رواتها
متهم بالكذب .
قلت : فهذا التعليل باطل ، لما ذكرنا من وجود المتهم في طريق ابن عمر ، و عليه
فالتقوية المشار إليها باطلة أيضا ، فتنبه .
و أما متن الحديث فهو كذب ظاهر ، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
تعالى ، و نقلنا كلامه في ذلك عند حديث ابن عمر المشار إليه ، فلا نعيده .
و مما سبق تعلم أن ما جاء في بعض كتب التربية الدينية التي تدرس في سورية تحت
عنوان : زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم :
أن هذا الحديث رواه الدارقطني و ابن السكن و الطبراني و غيرهم بروايات مختلفة
تبلغ درجة القبول ، لم يصدر عن بحث علمي في إسناده ، و لا نظر دقيق في متنه ،
الذي جعل من زار قبره صلى الله عليه وسلم ، بمنزلة من زاره في حياته ، و نال
شرف صحبته ، التي من فضائلها ما تحدث عنه صلى الله عليه وسلم بقوله :
" لا تسبوا أصحابي فوالذي نفس محمد بيده ، لو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما
بلغ مد أحدهم و لا نصيفه " ! .
فمن كان بينه و بين هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم هذا البون الشاسع في الفضل
و التفاوت ، كيف يعقل أن يجعله صلى الله عليه وسلم مثل واحد منهم ، بمجرد زيارة
قبره صلى الله عليه وسلم ، و هي لا تعدو أن تكون من المستحبات ؟ !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كما اضطرب الرواة في إسناد هذا الحديث على ما عرفت ، اضطربوا أيضا في ضبط
اسم راويه هارون أبي قزعة ، فقيل فيه هكذا ، و قيل : هارون بن قزعة ، و قيل :
هارون بن أبي قزعة ، كما في التعليق المغني ، قول : و لعل الصواب الوجه الأول ،
فقد قال ابن عدي في " الكامل " ( 7/2588 ) :
و هارون أبو قزعة لم ينسب . اهـ .

(3/20)


1022 - " يا عمر ! ههنا تسكب العبرات " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/91 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه ابن ماجه ( 2/221 ـ 222 ) و الحاكم ( 1/454 ) عن محمد بن عون عن نافع عن
ابن عمر قال :
" استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر ، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا ،
ثم التفت ، فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكي ، فقال : فذكره ، و قال الحاكم :
صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي .
قلت : و ذلك من أوهامهما ، فإن محمد بن عون هذا و هو الخراساني متفق على تضعيفه
، بل هو ضعيف جدا ، و قد أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء " و قال :
قال النسائي : متروك ، و في " الميزان " و زاد :
و قال البخاري : منكر الحديث ، و قال ابن معين : ليس بشيء .
ثم ساق له الذهبي هذا الحديث مشيرا إلى أنه مما أنكر عليه ، و الظاهر أنه
الحديث الذي عناه أبو حاتم بقوله :
ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، روى عن نافع حديثا ليس له أصل .
ذكره ابن أبي حاتم ( 4/1/47 ) ، و ساق له في " التهذيب " هذا الحديث ثم قال :
و كأنه الحديث الذي أشار إليه أبو حاتم .
و قال الحافظ في " التقريب " : متروك .

(3/21)


1023 - " البحر هو جهنم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/92 ) :

ضعيف .
أخرجه أحمد ( 4/223 ) و البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1/1/71 و 4/2/414 )
و الحاكم ( 4/596 ) و البيهقي ( 4/334 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/1
) من طريق أبي عاصم قال : حدثنا عبد الله بن أمية قال : حدثني محمد بن حيي قال
: حدثني صفوان بن يعلى عن أبيه مرفوعا به . و زادوا :
" فقالوا ليعلى ؟ فقال : ألا ترون أن الله عز وجل يقول : *( نارا أحاط بهم
سرادقها )* ، قال : لا والذي نفس يعلى بيده لا أدخلها ( و في رواية : لا أدخله
) أبد حتى أعرض على الله عز وجل ، و لا يصيبني منها ( و في الأخرى : منه ) قطرة
حتى ألقى الله عز وجل " . و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد ، و معناه أن البحر صعب كأنه جهنم " . و وافقه الذهبي .
و ليس كذلك ، فإن محمد بن حيي هذا أورده البخاري و ابن أبي حاتم ( 3/2/239 )
برواية ابن أمية هذا فقط عنه ، و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا ، فهو مجهول
العين ، و نقل المناوي عن الذهبي أنه قال في " المهذب " :
" لا أعرفه " .
قلت : فكان حقه أن يورده في " الميزان " و لم يفعل ، و لم يستدركه عليه ابن حجر
في " اللسان " ، و إنما أورده في " التعجيل " كما أورده ابن أبي حاتم و قال :
" و ذكره ابن حبان في ( الثقات ) " .
قلت : و ابن حبان متساهل في التوثيق كما هو معروف .

(3/22)


1024 - " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن ، فإذا التفت قال له الرب :
يا ابن آدم إلى من تلتفت ؟ ! إلى من [ هو ] خير لك مني ؟ ! ابن آدم أقبل على
صلاتك فأنا خير لك ممن تلتفت إليه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/93 ) :

ضعيف جدا .
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 24 ) و البزار في " مسنده " ( 553 - كشف
الأستار ) عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن عطاء قال سمعت أبا هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ، و السياق للعقيلي ، و لفظ البزار :
" بين يدي الرحمن " .
و روى العقيلي عن ابن معين أنه قال :
إبراهيم هذا ليس بشيء ، و عن البخاري أنه قال : سكتوا عنه ، و قال أحمد
و النسائي : متروك الحديث ، و قال ابن معين : ليس بثقة .
و من هذه الطريق رواه الواحدي في " الوسيط " ( 3/86/1 ) ، و الحديث أورده في
" المجمع " ( 2/80 ) و " الترغيب " ( 1/191 ) من رواية البزار ، و ضعفاه ،
و أورده ابن القيم في " الصواعق المرسلة " ( 2/39 ) بلفظ العقيلي ، ساكتا عليه
، و ليس بجيد ، و لذلك أوردته لأبين حقيقة حاله .
و رواه البزار ( 552 ) من حديث جابر نحوه من رواية الفضل بن عيسى الرقاشي عن
محمد بن المنكدر عن جابر ، و الفضل هذا منكر الحديث كما قال الحافظ في
" التقريب " .

(3/23)


1025 - " بل ائتمروا بالمعروف ، و تناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، و هوى
متبعا ، و إعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بنفسك و دع عنك العوام ، فإن من
ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيهن مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين
رجلا يعملون مثل عمله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/94 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 2/437 ) و الترمذي ( 4/99 - تحفة ) و ابن ماجه ( 2/487 )
و ابن جرير في " تفسيره " ( 10/145 و 146 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 2/64 -
65 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1850 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 18/7/2
) من طرق عن عتبة بن أبي حكيم قال : حدثني عمرو بن جارية اللخمي قال : حدثني
أبو أمية الشعباني قال : سألت أبا ثعلبة الخشني فقلت : يا أبا ثعلبة كيف
تقول في هذه الآية : *( عليكم أنفسكم )* ؟ قال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا
، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره .
و قال الترمذي : حديث حسن غريب .
كذا قال ، و فيه عندي نظر ، فإن عمرو بن جارية و أبا أمية لم يوثقهما أحد من
الأئمة المتقدمين ، غير ابن حبان ، و هو متساهل في التوثيق كما هو معروف عند
أهل العلم ، و لذلك لم يوثقهما الحافظ في " التقريب " ، و إنما قال في كل منهما
: " مقبول " يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث كما نص عليه في " المقدمة "
من " التقريب " .
ثم إن عتبة بن أبي حكيم فيه خلاف من قبل حفظه ، و قال الحافظ فيه :
صدوق يخطىء كثيرا ، فلا تطمئن النفس لتحسين إسناد هذا الحديث ، لا سيما
و المعروف في تفسير الآية يخالفه في الظاهر ، و هو ما أخرجه أصحاب السنن و أحمد
و ابن حبان في " صحيحه " ( 1837 ) و غيرهم بسند صحيح عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه أنه قام فحمد الله ، ثم قال : يا أيها الناس ! إنكم تقرأون هذه الآية
: *( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )* ، و إنكم
تضعونها على غير موضعها ، و إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" إن الناس إذا رأوا المنكر و لا يغيرونه يوشك أن يعمهم بعقابه " .
و قد خرجته في " الصحيحة " ( 1564 ) .
لكن لجملة " أيام الصبر " شواهد خرجتها في " الصحيحة " أيضا ، فانظر تحت
الحديثين ( 494 و 957 ) .
تنبيه : مع كل هذه العلل في هذا الحديث فقد صححه الشيخ الغماري في " كنزه "
و كأنه قلد في ذلك الترمذي دون أي بحث أو تحقيق ، أو أنه هواه الذي ينبئك عنه
تعليقه عليه الذي يستغله المتهاونون بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ;
و المخالف للآية السابقة ، والله المستعان .

(3/24)


1026 - " يا صاحب الحبل ألقه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/95 ) :

ضعيف .
ذكره ابن حزم في " المحلى " فقال ( 7/259 ) :
روينا من طريق وكيع عن ابن أبي ذئب عن صالح بن أبي حسان : " أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم رأى محرما محتزما بحبل فقال .. " فذكره ، و قال :
مرسل لا حجة فيه .
قلت : و هو كما قال ، و رجاله ثقات ، غير صالح بن أبي حسان فهو مختلف فيه ،
فقال البخاري : ثقة ، و قال النسائي : مجهول ، و قال أبو حاتم : ضعيف الحديث .
و في " التقريب " : صدوق من الخامسة .
قلت : و مع ضعف هذا الحديث ، فقد روي ما يخالفه ، و هو بلفظ :
رخص عليه السلام في الهميان للمحرم ، ذكره ابن حزم ( 7/259 ) فقال :
روينا من طريق عبد الرزاق عن الأسلمي عمن سمع صالحا مولى التوأمة أنه سمع ابن
عباس يقول ، فذكره مضعفا له .
قلت : و هو ظاهر الضعف ، فإن صالحا هذا ضعيف ، و الراوي عنه مجهول لم يسم .
و الأسلمي أظنه الواقدي و هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي و هو متروك .
قلت : و الصواب فيه الوقف ، فقد أخرج الدارقطني ( 261 ) و البيهقي ( 5/69 ) من
طريق شريك عن أبي إسحاق عن عطاء و سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :
" رخص للمحرم في الخاتم و الهميان " .
و شريك سيىء الحفظ ، لكنه لم يتفرد به ، فقد ذكره ابن حزم من طريق وكيع عن
سفيان عن حميد الأعرج عن عطاء عن ابن عباس قال في الهميان للمحرم :
لا بأس به .
قلت : و هذا إسناد جيد موقوف ، و قد علقه البخاري ( 3/309 ) عن عطاء ، و وصله
الدارقطني من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن عطاء مثله .
قلت : و هذا سند صحيح ، و لهذا قال الحافظ في " الفتح " :
و هو أصح من الأول ، يعني من رواية شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن ابن عباس ، و
هو كما قال ، لما عرفت من حال شريك فمخالفته لسفيان لا تقبل ، لكن خفيت على
الحافظ طريق حميد الأعرج عن عطاء عن ابن عباس التي ذكرنا ، فالصواب أنه صحيح عن
كل من ابن عباس ، و عطاء ، و هذا إنما تلقاه عنه ، و قد ورد نحوه عن عائشة أيضا
أنها سئلت عن الهميان للمحرم ؟ فقالت : و ما بأس ؟ ليستوثق من نفقته .
أخرجه البيهقي بسند صحيح عنها ، و رواه سعيد بن منصور بلفظ :
إنها كانت ترخص في الهميان يشده المحرم على حقويه ، و في المنطقة أيضا .
نقله ابن حزم عنه ، و سنده صحيح على شرط الشيخين .
و خلاصة القول : أن حديث ابن عباس هذا المخالف لحديث الترجمة ضعيف مرفوعا ،
صحيح موقوفا ، و فيه دليل على جواز شد الهميان و المنطقة للمحرم ، قال الحافظ :
قال ابن عبد البر : أجاز ذلك فقهاء الأمصار ، و أجازوا عقده إذا لم يمكن إدخال
بعضه في بعض ، و لم ينقل عن أحد كراهته إلا عن ابن عمر ، و عنه جوازه .
و قد ذهب إلى جواز ذلك كله ابن حزم قال ( 7/259 ) :
لأنه لم ينه عن شيء مما ذكرنا قرآن و لا سنة ، *( و ما كان ربك نسيا )* .

(3/25)


1027 - " حريم البئر البدي خمسة و عشرون ذراعا ، و حريم البئر العادية خمسون ذراعا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/97 ) :

ضعيف .
أخرجه الدارقطني ( ص 518 ) من طريق الحسن بن أبي جعفر ، عن معمر عن الزهري عن
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و من طريق محمد
ابن يوسف بن موسى المقريء بسنده إلى إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري به ، و قال
: الصحيح من الحديث أنه مرسل عن ابن المسيب ، و من أسنده فقد وهم .
قلت : و في الطريق الأولى الحسن بن أبي جعفر ، و هو ضعيف كما قال الزيلعي
( 4/293 ) ، و في الطريق الأخرى محمد بن يوسف المقريء ، قال الحافظ في "
التلخيص " ( 256 ) :
و هو متهم بالوضع ، و أطلق عليه ذلك الدارقطني و غيره .
قلت : و لذلك جزم البيهقي بضعف الحديث ، فقال بعد أن علقه من هذين الطريقين
موصولا : و هو ضعيف .
و قد روي من طريق ثالثة عن الزهري به ، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان
( 1/309 ) و الحاكم في " المستدرك " ( 4/97 ) من طريق عمر بن قيس المكي عن
الزهري .
قلت : و سكت عليه الحاكم ثم الذهبي فأساءا ، لأن عمر هذا متروك كما في "
التقريب " و قال في " التلخيص " : فيه ضعف .
قلت : و في هذا التعبير تساهل لا يخفى ، و قال الزيلعي بعد أن ذكره من طريق
الحاكم :
و سكت عنه ، قال عبد الحق في " أحكامه " : و المراسيل أشبه " .
قلت : و لا يشك في هذا من شم رائحة الحديث ، فإن الطرق كلها واهية عن الزهري به
موصولا ، مع مخالفتها لروايات الثقات الذين أرسلوه عن الزهري ، منهم إسماعيل بن
أمية عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرفوعا به .
أخرجه الحاكم و كذا أبو داود في " مراسيله " .
و أخرجه البيهقي من طريق يونس عن الزهري به إلا أنه أوقفه على ابن المسيب ، كما
في النسخة المطبوعة من " البيهقي " ، و أما الحافظ في " التلخيص " ، فقد نقل
عنه أنه رواه من هذه الطريق عن ابن المسيب مرسلا .
تنبيه : عزى الصنعاني في " سبل السلام " ( 3/78 ) هذا الحديث لأحمد عن
أبي هريرة ، و هو وهم منه ، فإن الحديث عنده ( 2/494 ) عنه بلفظ آخر و هو :
" حريم البئر أربعون ذراعا من حواليها كلها لأعطان الإبل و الغنم " .
و هو بهذا اللفظ حسن عندي كما بينته في السلسلة الأخرى ( رقم : 251 ) .

(3/26)


1028 - " من اكتحل فليوتر ، من فعل فقد أحسن ، و من لا فلا حرج ، و من استجمر فليوتر ،
من فعل فقد أحسن ، و من لا فلا حرج ، و من أكل مما تخلل فليلفظ ، و ما لاك
بلسانه فليبتلع ، من فعل فقد أحسن ، و من لا فلا حرج ، و من أتى الغائط فليستتر
، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستدبره فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني
آدم ، من فعل فقد أحسن ، و من لا فلا حرج " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/99 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 1/6 ـ 7 ) و الدارمي ( 1/169 ـ 170 ) و ابن ماجه ( 1/140 ـ
141 ) و الطحاوي ( 1/72 ) و ابن حبان ( 132 ) مختصرا و البيهقي ( 1/94 و 104 )
و أحمد ( 2/371 ) من طريق الحصين الحبراني عن أبي سعيد ـ زاد بعضهم : الخير عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به ، و قال أبو داود :
أبو سعيد الخير هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : هو كما قال على ما هو الراجح في التحقيق كما بينته في " ضعيف سنن أبي
داود " ( رقم 9 ) ، لكن الراوي عنه الحصين الحبراني مجهول كما قال الحافظ في "
التلخيص " ( ص 37 ) و كذا في " التقريب " له ، و في " الخلاصة " للخزرجي .
و قال الذهبي : لا يعرف ، و أما توثيق ابن حبان إياه ، فمما لا يعول عليه لما
عرف من قاعدته في توثيق المجهولين ، كما فصلت القول عليه في " الرد على التعقيب
الحثيث " و لهذا لم يعرج الأئمة المذكورون على توثيقه ، و لم يعتمدوا عليه في
هذا و لا في عشرات بل مئات من مثله وثقهم هو وحده ، و حكموا عليهم بالجهالة ، و
لذلك وجدنا البيهقي أشار إلى تضعيف هذا الحديث بقوله عقبه :
و هذا إن صح ، فإنما أراد والله أعلم وترا يكون بعد ثلاث .
و إنما حمله على هذا التأويل أحاديث كثيرة تدل على وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار
، و النهي عن الاستنجاء بأقل من ذلك كحديث سلمان رضي الله عنه قال :
" ... و نهانا صلى الله عليه وسلم أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار " .
رواه مسلم و غيره .
فلو صح قوله في هذا الحديث : " و من استجمر فليوتر ، من فعل فقد أحسن ، و من لا
فلا حرج " ، وجب تأويله بما ذكره البيهقي ، و لكني أقول : لا حاجة بنا إلى مثل
هذا التأويل بعدما تبين لنا ضعفه و تفرد ذاك المجهول به .
و إذا عرفت هذا ، فلا تغتر بقول النووي في " المجموع " ( 2/55 ) :
هذا حديث حسن ! و لا بقول الحافظ نفسه في " الفتح " ( 1/206 ) :
إسناده حسن ، و لا بما نقله الصنعاني في " سبل السلام " عن " البدر المنير أنه
قال : حديث صحيح ، صححه جماعة ، منهم ابن حبان و الحاكم و النووي .
لا تغتر بأقوال هؤلاء الأفاضل هنا جميعا ، فإنهم ما أمعنوا النظر في سند الحديث
، بل لعل جمهورهم اغتروا بسكوت أبي داود عنه ، و إلا فقل لي بربك كيف يتفق
تحسينه مع تلك الجهالة التي صرح بها من سبق ذكره من النقاد : الذهبي
و العسقلاني و الخزرجي ؟ بل كيف يتمشى تصريح ابن حجر بذلك مع تصريحه بحسن
إسناده لولا الوهم ، أو المتابعة للغير بدون النظر في الإسناد ؟ ! و من ذلك قول
المؤلف <1> " معارف السنن شرح سنن الترمذي " ( 1/115 ) :
و هو حديث صحيح رجاله ثقات كما قال البدر العيني .
فإن هذا التصحيح ، إنما هو قائم على أن رجاله ثقات ، و قد تقدم أن أحدهم و هو
حصين الحبراني لم يوثقه غير ابن حبان ، و أنه لا يعتد بتوثيقه عند تفرده به ،
لا سيما مع عدم التفات أولئك النقاد إليه و تصريحهم بتساهل من وثقه .
فمن الغرائب و الابتعاد عن الإنصاف العلمي التشبث بهذا الحديث الضعيف المخير
بين الإيتار و عدمه لرد ما دل عليه حديث سلمان و غيره مما سبق الإشارة إليه من
عدم إجزاء أقل من ثلاثة أحجار ، مع إمكان التوفيق بينهما بحمل هذا لو صح على
إيتار بعد الثلاثة كما تقدم ، و أما قول ابن التركماني ردا لهذا الحمل : لو صح
ذلك لزم منه أن يكون الوتر بعد الثلاث مستحبا أمره عليه السلام به على مقتضى
هذا الدليل ، و عندهم لو حصل النقاء بعد الثلاث فالزيادة عليها ليست مستحبة ،
بل هي بدعة .
فجوابنا عليه : نعم هي بدعة عند حصول النقاء بالثلاثة أحجار ، فنحمل هذا الحديث
على الإيتار عند عدم حصول النقاء بذلك ، بمعنى أنه إذا حصل النقاء بالحجر
الرابع فالإيثار بعده على الخيار مع استحبابه ، بخلاف ما إذا حصل النقاء
بالحجرين فيجب الثالث لحديث سلمان و ما في معناه . وبالله التوفيق .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هو الشيخ الفاضل محمد بن يوسف الحسيني البنوري ، و قد أهداه إلي بتاريخ
14/12/1383 هـ بواسطة أحد طلابنا في الجامعة الإسلامية ، جزاه الله خيرا . اهـ
.

(3/27)


1029 - " أما إنما لا تزيدك إلا وهنا ، انبذها عنك ، فإنك لو مت و هي عليك ما أفلحت
أبدا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/101 ) :

ضعيف .
أخرجه الإمام أحمد ( 5/445 ) : حدثنا خلف بن الوليد : حدثنا المبارك عن الحسن
قال : أخبرني عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل
حلقة أراه قال : من صفر - فقال : ويحك ما هذه ؟ قال : من الواهنة قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف و له علتان :
الأولى : عنعنة المبارك و هو ابن فضالة فقد كان مدلسا ، وصفه بذلك جماعة من
الأئمة المتقدمين ، قال يحيى بن سعيد :
لم أقبل منه شيئا ، إلا شيئا يقول فيه : حدثنا .
و قال ابن مهدي : كنا نتبع من حديث مبارك ما قال فيه : حدثنا الحسن .
و مع ذلك فقد قال فيه الدارقطني :
لين ، كثير الخطأ ، يعتبر به ، و ذكر نحوه ابن حبان و الساجي .
الثانية : الانقطاع بين الحسن و عمران بن حصين ، فإنه لم يسمع منه كما جزم بذلك
ابن المديني و أبو حاتم و ابن معين ، قال الأولان :
لم يسمع منه ، و ليس يصح ذلك من وجه يثبت .
و قد أشار بذلك إلى مثل رواية المبارك هذه ، فإن صرح فيها كما ترى بأن الحسن
قال : أخبرني عمران بن حصين ، و في " المسند " ( 5/440 ) حديثان آخران من
هذا الوجه مع التصريح المذكور ، و قد أشار الإمام أحمد أيضا إلى تضعيف ذلك فقال
: قال بعضهم عن الحسن : حدثني عمران بن حصين إنكارا على من قال ذلك ، بل إنه
صرح بذلك في رواية أبي طالب عنه قال :
كان مبارك بن فضالة يرفع حديثا كثيرا ، و يقول في غير حديث عن الحسن : قال :
حدثنا عمران بن حصين ، و أصحاب الحسن لا يقولون ذلك ، قال في " التهذيب " :
يعني أنه يصرح بسماع الحسن منه ، و أصحاب الحسن يذكرونه عنه بالعنعنة .
قلت : قد تتبعت أصحاب الحسن و ما رووه عنه عن عمران في " مسند الإمام أحمد "
الجزء الرابع ، فوجدتهم جميعا قد ذكروا العنعنة ، و هم :
1 - أبو الأشهب ( ص 246 ) و هو جعفر بن حبان و ( 436 ) .
2 - قتادة ( 427 و 428 و 435 و 436 و 437 و 442 و 445 و 446 ) .
3 - أبو قزعة ( 429 ) .
4 - يونس ( 430 و 431 و 444 و 445 ) .
5 - منصور ( 430 ) .
6 - علي بن زيد بن جدعان ( 430 و 432 و 444 و 445 ) .
7 - حميد ( 438 و 439 و 440 و 443 و 445 ) .
8 - خالد الحذاء ( 439 ) .
9 - هشام ( 441 ) .
10 - خيثمة ( 439 و 445 ) .
11 - محمد بن الزبير ( 439 و 443 ) .
12 - سماك ( 445 و 446 ) .
كل هؤلاء - و هم ثقات جميعا باستثناء رقم ( 6 و 11 ) - رووا عن الحسن عن عمران
أحاديث بالعنعنة لم يصرحوا فيها بسماع الحسن من عمران ، بل في رواية لقتادة أن
الحسن حدثهم عن هياج بن عمران البرجمي عن عمران بن حصين بحديث : " كان يحث في
خطبته على الصدقة ، و ينهى عن المثلة " ، فأدخل بينهما هياجا ، و هو مجهول كما
قال ابن المديني و صدقه الذهبي .
نعم وقع في رواية زائدة عن هشام تصريحه بسماع الحسن من عمران ، فقال زائدة : عن
هشام قال : زعم الحسن أن عمران بن حصين حدثه قال : .. فذكر حديث تعريسه
صلى الله عليه وسلم في سفره و نومه عن صلاة الفجر .
و هذه الرواية صريحة في سماعه من عمران ، و لم أجد أحدا تعرض لذكرها في هذا
الصدد ، و لكني أعتقد أنها رواية شاذة ، فإن زائدة - و هو ابن قدامة - ، و إن
كان ثقة فقد خالفه جماعة منهم يزيد بن هارون و روح بن عبادة فروياه عن هشام عن
الحسن عن عمران به ، فعنعناه على الجادة .
أخرجه أحمد ( 4/441 ) ، و هكذا أخرجه ( 5/431 ) من طريق يونس عن الحسن عن عمران
به ، و وقع التصريح المذكور في رواية شريك بن عبد الله عن منصور عن خيثمة عن
الحسن قال : كنت أمشي مع عمران بن حصين ... رواه أحمد ( 4/436 ) ، و هذه رواية
منكرة لأن شريكا سييء الحفظ معروف بذلك ، و قد خولف ، فرواه الأعمش عن خيثمة
عن الحسن عن عمران به معنعنا ، أخرجه أحمد ( 4/439 و 445 ) .
و خلاصة القول أنه لم يثبت برواية صحيحة سماع الحسن من عمران ، و قول المبارك
في هذا الحديث عن الحسن : قال : أخبرني عمران ، مما لا يثبت ذلك لما عرفت من
الضعف و التدليس الذي وصف به المبارك هذا .
و إن مما يؤكد ذلك أن وكيعا قد روى هذا الحديث عن المبارك عن الحسن عن عمران به
معنعنا مختصرا .
أخرجه ابن ماجه ( 2/361 ) .
و كذا رواه أبو الوليد الطيالسي : حدثنا مبارك به .
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1410 ) و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 18/172/391 ) ، و كذلك رواه أبو عامر صالح بن رستم عن الحسن عن عمران به .
أخرجه ابن حبان ( 1411 ) و الحاكم ( 4/216 ) و قال :
" صحيح الإسناد " ، و وافقه الذهبي !
قلت : و في ذلك ما لا يخفى من البعد عن التحقيق العلمي الذي ذكرناه آنفا ،
و أيضا فإن أبا عامر هذا كثير الخطأ كما في " التقريب " فأتى لحديثه الصحة ؟ !
و مثله قول البوصيري في " الزوائد " :
إسناده حسن لأن مبارك هذا هو ابن فضالة .
ذكره السندي ، و نحوه قول الهيثمي في " المجمع " ( 5/103 ) :
رواه أحمد و الطبراني و قال : إن مت و هي عليك وكلت إليها ، قال : و في رواية
موقوفة : " انبذها عنك ، فإنك لو مت و أنت ترى أنها تنفعك لمت على غير الفطرة "
، و فيه مبارك بن فضالة ، و هو ثقة ، و فيه ضعف ، و بقية رجاله ثقات !
قلت : لو كان ثقة اتفاقا و بدون ضعف لم يفرح بحديثه ما دام مدلسا ، و قد عنعنه
كما عرفت مما سبق ، فكن رجلا يعرف الرجال بالحق ، لا الحق بالرجال .
و من ذلك قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في " كتاب التوحيد " :
رواه أحمد بسند لا بأس به ! فقد عرفت ما فيه من البأس الذي بيناه في شرح
علتي الحديث ، و يمكن أن نستنبط من تخريج الهيثمي السابق للحديث علة ثالثة و هي
الوقف ، و هو الأشبه عندي ، و إن كان في إسنادها عند الطبراني ( رقم 414 ) محمد
بن خالد بن عبد الله : حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن ، موقوفا . فقد قال الحافظ
في ابن خالد هذا : ضعيف ، والله أعلم .

(3/28)


1030 - " إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء ، فمن استطاع منكم أن
يطيل غرته فليفعل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/104 ) :

مدرج الشطر الآخر .
و إنما يصح مرفوعا شطره الأول ، و أما الشطر الآخر : " فمن استطاع .. " فهو من
قول أبي هريرة أدرجه بعض الرواة في المرفوع ، و إليك البيان :
أخرجه البخاري ( 1/190 ) و البيهقي ( 1/57 ) و أحمد ( 2/400 ) عن خالد بن يزيد
عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر أنه قال :
رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد ، و عليه سراويل من تحت قميصه ، فنزع سراويله
، ثم توضأ ، و غسل وجهه و يديه ، و رفع في عضديه الوضوء ، و رجليه ، فرفع في
ساقيه ، ثم قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره و السياق
لأحمد ، و ليس عند البخاري ذكر السراويل و القميص و لا غسل الوجه
و الرجلين ، ثم أخرجه مسلم ( 1/149 ) و البيهقي أيضا من طريق عمرو بن الحارث عن
سعيد بن أبي هلال به .
أنه رأى أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه و يديه حتى كاد يبلغ المنكبين ، ثم غسل
رجليه حتى رفع إلى الساقين ، الحديث مثله ، و ابن أبي هلال مختلط عند الإمام
أحمد ، لكنه توبع ، فقد أخرجه مسلم و كذا أبو عوانة في " صحيحه " ( 1/243 )
و البيهقي ( 1/77 ) من طريق سليمان بن بلال : حدثني عمارة بن غزية الأنصاري عن
نعيم بن عبد الله المجمر قال :
" رأيت أبا هريرة يتوضأ ، فغسل وجهه فأسبغ الوضوء ، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع
<1> في العضد ، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد ، ثم مسح رأسه ، ثم غسل رجله
اليمنى حتى أشرع في الساق ، ثم رجله اليسرى حتى أشرع في الساق ، ثم قال : هكذا
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ، و قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء ، فمن استطاع منكم
فليطل غرته و تحجيله ، و قد تابعه ابن لهيعة عن عمارة بن غزية به نحوه ، و فيه
: و كان إذا غسل ذراعيه كاد أن يبلغ نصف العضد ، و رجليه إلى نصف الساق ، فقال
له في ذلك ، فقال : إني أريد أن أطيل غرتي ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء ، و لا يأتي أحد
من الأمم كذلك .
أخرجه الطحاوي ( 1/24 ) و رجاله ثقات ، غير أن ابن لهيعة سييء الحفظ ، و لكن لا
بأس به في المتابعات و الشواهد .
ثم أخرجه أحمد ( 2/334 و 523 ) من طريق فليح بن سليمان عن نعيم بن عبد الله به
بلفظ : أنه رقى إلى أبي هريرة على ظهر المسجد ، فوجده يتوضأ ، فرفع في عضديه ،
ثم أقبل علي فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره بلفظ :
" إن أمتي يوم القيامة هم الغر المحجلون ... " إلا أنه زاد : فقال نعيم : لا
أدري قوله : " من استطاع أن يطيل غرته فليفعل " من قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم أو من قول أبي هريرة !
قلت : و فليح بن سليمان و إن احتج به الشيخان ففيه ضعف من قبل حفظه ، فإن كان
قد حفظه ، فقد دلنا على أن هذه الجملة في آخر الحديث : " من استطاع ... " قد شك
نعيم في كونها من قوله صلى الله عليه وسلم ، و قد قال الحافظ في " الفتح "
( 1/190 ) :
و لم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة و هم عشرة ، و
لا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه ، والله أعلم .
قلت : و قد فات الحافظ رواية ليث عن كعب عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فذكره بهذه الجملة .
أخرجه أحمد ( 2/362 ) ، لكن ليث و هو ابن أبي سليم ضعيف لاختلاطه ، و قد حكم
غير واحد من الحفاظ على هذه الجملة أنها مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة ،
فقال الحافظ المنذري في " الترغيب " ( 1/92 ) :
و قد قيل : إن قوله : من استطاع إلى آخره ، إنما هو مدرج من كلام أبي هريرة
موقوف عليه ، ذكره غير واحد من الحفاظ ، والله أعلم .
قلت : و ممن ذهب إلى أنها مدرجة من العلماء المحققين شيخ الإسلام ابن تيمية
و تلميذه ابن القيم ، فقال هذا في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " ( 1/316 )
: فهذه الزيادة مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله
عليه وسلم ، بين ذلك غير واحد من الحفاظ ، و كان شيخنا يقول : هذه اللفظة لا
يمكن أن تكون من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الغرة لا تكون في
اليد ، لا تكون إلا في الوجه ، و إطالته غير ممكنة ، إذ تدخل في الرأس فلا تسمى
تلك غرة .
قلت : و كلام الحافظ المتقدم يشعر بأنه يرى كونها مدرجة ، و ممن صرح بذلك
تلميذه إبراهيم الناجي في نقده لكتاب " الترغيب " ، المسمى بـ " العجالة
المتيسرة " ( ص 30 ) ، و هو الظاهر مما ذكره الحافظ من الطرق ، و من المعنى
الذي سبق في كلام ابن تيمية .
و من الطرق المشار إليها ما روى يحيى بن أيوب البجلي عن أبي زرعة قال :
دخلت على أبي هريرة و هو يتوضأ إلى منكبيه ، و إلى ركبتيه ، فقلت له : ألا
تكتفي بما فرض الله عليك من هذا ؟ قال : بلى ، و لكني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : مبلغ الحلية مبلغ الوضوء ، فأحببت أن يزيدني في حليتي .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1/40 ) و علقه أبو عوانة في " صحيحه "
( 1/243 ) ، و إسناده جيد ، و له طريق أخرى عند مسلم و غيره عن أبي حازم قال :
كنت خلف أبي هريرة و هو يتوضأ للصلاة ، فكان يمد يده حتى يبلغ إبطه ، فقلت له :
يا أبا هريرة ما هذا الوضوء ؟ فقال : يا بني فروخ ! أنتم ههنا ؟ لو علمت أنكم
ههنا ما توضأت هذا الوضوء ، سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول : تبلغ الحلية
من المؤمن حيث يبلغ الوضوء .
قلت : فليس هذه الطريق تلك الجملة " فمن استطاع ... " و لو كانت في حديث النبي
صلى الله عليه وسلم لأوردها أبو هريرة محتجا بها على أبي زرعة و أبي حازم
اللذين أظهرا له ارتيابهما من مد يده إلى إبطه ، و لما كان به حاجة إلى أن يلجأ
إلى الاستنباط الذي قد يخطيء و قد يصيب ، ثم هو لو كان صوابا لم يكن في الإقناع
في قوة النص كما هو ظاهر ، فإن قيل : فقد احتج أبو هريرة رضي الله عنه بالنص في
بعض الطرق المتقدمة و ذلك قوله عقب الوضوء : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يتوضأ .
و الجواب : أن هذه الطريق ليس فيها ذكر الإبط ، و غاية ما فيها أنه أشرع في
العضد و الساق ، و هذا من إسباغ الوضوء المشروع ، و ليس زيادة على وضوئه
صلى الله عليه وسلم ، بخلاف الغسل إلى الإبط و المنكب ، فإن من المقطوع به أنه
زيادة على وضوئه صلى الله عليه وسلم لعدم ورود ذلك عنه في حديث مرفوع ، بل روي
من طرق عن غير واحد من الصحابة ما يشهد لما في هذه الطريق ، أحسنها إسنادا حديث
عثمان رضي الله عنه قال : هلموا أتوضأ لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم
فغسل وجهه و يديه إلى المرفقين حتى مس أطراف العضد . الحديث ، رواه الدارقطني (
31 ) بسند قال الصنعاني في " السب " ( 1/60 ) : حسن ، و هو كما قال لولا عنعنة
محمد بن إسحاق ، فإنه مدلس .
على أن قوله في تلك الطريق : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ
أخشى أن تكون شاذة لأنه تفرد بها عمارة بن غزية دون من اتبعه على أصل الحديث عن
نعيم المجمر ، و دون كل من تابع نعيما عليه عن أبي هريرة ، والله أعلم .
و من التحقيق السابق يتبين للقراء أن قول الحافظ في " الفتح " ( 1/190 - 191 )
عقب إعلاله لتلك الزيادة بالإدراج ، و بعد أن ذكر رواية عمرو بن الحارث
المتقدمة و رواية عمارة بن غزية أيضا :
و اختلف العلماء في القدر المستحب من التطويل في التحجيل ، فقيل : إلى المنكب و
الركبة ، و قد ثبت عن أبي هريرة رواية و رأيا ، و عن ابن عمر من فعله أخرجه ابن
أبي شيبة و أبو عبيد بإسناد حسن .
فأقول : قد تبين من تحقيقنا السابق أن ذلك لم يثبت عن أبي هريرة رواية ، و إنما
رأيا ، والذي ثبت عنه رواية ، فإنما هو الإشراع في العضد و الساق ، كما سبق
بيانه ، فتنبه و لا تقلد الحافظ في قوله هذا كما فعل الصنعاني ( 1/60 ) ، بعد
أن جاءك البيان .
ثم إن قوله في أثر ابن عمر المذكور : ... " بإسناد حسن فيه نظر عندي و ذلك أن
إسناده عند ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1/39 ) هكذا : حدثنا وكيع عن العمري
عن نافع عن ابن عمر أنه كان ربما بلغ بالوضوء إبطه في الصيف .
قلت : فهذا إسناد ضعيف من أجل العمري و هذا هو المكبر و اسمه عبد الله بن عمر
ابن حفص بن عاصم ، قال الحافظ نفسه في " التقريب " : ضعيف ، و لذلك لم يحسنه في
" التلخيص " ، بل سكت عليه ثم قال عقبه ( ص 32 ) :
رواه أبو عبيد بإسناد أصح من هذا فقال : حدثنا عبد الله بن صالح : حدثنا الليث
عن محمد بن عجلان عن نافع ، و أعجب من هذا أن أبا هريرة يرفعه إلى النبي صلى
الله عليه وسلم في رواية مسلم .
قلت : عبد الله بن صالح هو كاتب الليث المصري ، و هو ضعيف أيضا ، أورده الذهبي
في " الضعفاء " فقال :
قال أحمد : كان متماسكا ثم فسد ، و أما ابن معين فكان حسن الرأي فيه ، و قال
أبو حاتم : أرى أن الأحاديث التي أنكرت عليه مما افتعل خالد بن نجيح ، و كان
يصحبه ، و لم يكن أبو صالح ممن يكذب ، كان رجلا صالحا ، و قال النسائي : ليس
بثقة ، و قال الحافظ في " التقريب " :
صدوق كثير الخطأ ، ثبت في كتابه ، و كانت فيه غفلة .
قلت : فمثله لا يحتج بحديثه لاحتمال أن يكون مما أدخله عليه و افتعله خالد بن
نجيح ، و كان كذابا ، ففي ثبوت الإطالة المذكورة عن ابن عمر من فعله ، وقفة
عندي ، والله أعلم .
و ممن روى هذا الحديث بدون هذه الزيادة المدرجة عبد الله بن بسر المازني رضي
الله عنه مرفوعا بلفظ :
" أمتي يوم القيامة غر من السجود محجلون من الوضوء " .
أخرجه الترمذي ( 1/118 ) و صححه و أحمد ( 4/189 ) و لفظه أتم ، و سنده صحيح ،
و رجاله ثقات .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] معناه أدخل الغسل فيهما . قاله النووي . اهـ .

(3/29)


1031 - " يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم خيرا في الطهور ، فما طهوركم هذا ؟
قالوا : نتوضأ للصلاة ، و نغتسل من الجنابة ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : فهل مع ذلك غيره ؟ قالوا : لا ، غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن
يستنجى بالماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو ذاك فعليكموه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/109 ) :

ضعيف بهذا اللفظ .
أخرجه ابن الجارود في " المنتقي " ( رقم 40 ) و الدارقطني ( 23 ) و البيهقي
( 1/105 ) من طرق عن محمد بن شعيب بن شابور : حدثني عتبة بن أبي حكيم الهمداني
عن طلحة بن نافع أنه حدثه قال : حدثني أبو أيوب و جابر بن عبد الله
و أنس بن مالك الأنصاري أن هذه الآية لما نزلت *( فيه رجال يحبون أن
يتطهروا و الله يحب المتطهرين )* ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره
، و قال الدارقطني :
عتبة بن أبي حكيم ليس بالقوي .
قلت : هو ممن اختلفوا فيه ، فوثقه بعض الأئمة ، و ضعفه آخرون ، و لذلك قال
الذهبي فيه :
هو متوسط حسن الحديث .
و كلام الحافظ فيه يشعر أنه ضعيف عنده فقال في " التقريب " :
صدوق يخطىء كثيرا .
و أما النووي و الزيلعي فقد مشياه ، و قويا حديثه فقال الأول في " المجموع "
( 2/99 ) : إسناد صحيح إلا أن فيه عتبة بن أبي حكيم ، و قد اختلفوا في توثيقه ،
فوثقه الجمهور ، و لم يبين من ضعفه سبب ضعفه ، و الجرح لا يقبل إلا مفسرا ،
فيظهر الاحتجاج بهذه الرواية .
قلت : و في هذا الكلام نظر من وجهين :
الأول : قوله : وثقه الجمهور ، فإن هذا يوهم أن الذين ضعفوه قلة ، و ليس كذلك ،
فقد تتبعت أسماءهم فوجدتهم ثمانية من الأئمة ، و هم :
1 - أحمد بن حنبل ، كان يوهنه قليلا .
2 - يحيى بن معين ، قال مرة : ضعيف الحديث ، و قال أخرى : والله الذي لا إله
إلا هو لمنكر الحديث .
3 - محمد بن عوف الطائي : ضعيف .
4 - الجوزجاني : غير محمود في الحديث ، يروي عن أبي سفيان حديثا يجمع فيه جماعة
من الصحابة ، لم نجد منها عند الأعمش و لا غيره مجموعة .
5 - النسائي : ضعيف ، و قال مرة : ليس بالقوي .
6 - ابن حبان : يعتبر حديثه من غير رواية بقية عنه .
7 - الدارقطني : ليس بالقوي ، كما تقدم .
8 - البيهقي : غير قوي ، كما يأتي .
و تتبعت أيضا أسما الموثقين فوجدتهم ثمانية أيضا و هم :
1 - مروان بن محمد الطاطري : ثقة .
2 - ابن معين : ثقة .
3 - أبو حاتم الرازي : صالح .
4 - دحيم : لا أعلمه إلا مستقيم الحديث .
5 - أبو زرعة الدمشقي ، ذكره في " الثقات " .
6 - ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به .
7 - الطبراني : كان من ثقات المسلمين .
8 - ابن حبان ، ذكره في " الثقات " .
هذا كل ما وقفت عليه من الأئمة الذين تكلموا في عتبة هذا توثيقا و تجريحا ،
و من الظاهر أن عدد الموثقين مثل عدد المضعفين سواء ، و بذلك يتبين خطأ القول
بأنه وثقه الجمهور ، و لو قيل : ضعفه الجمهور لكان أقرب إلى الصواب ، و إليك
البيان : لقد رأينا اسم ابن معين و ابن حبان قد ذكرا في كل من القائمتين ،
الموثقين و المضعفين ، و ما ذلك إلا لاختلاف اجتهاد الناقد في الراوي ، فقد
يوثقه ، ثم يتبين له جرح يستلزم جرحه به فيجرحه ، و هذا الموقف هو الواجب
بالنسبة لكل ناقد عارف ناصح ، و حينئذ فهل يقدم قول الإمام الموثق أم قوله
الجارح ؟ لا شك أن الثاني هو المقدم بالنسبة إليه ، لأنه بالضرورة هو لا يجرح
إلا و قد تبين له أن في الراوي ما يستحق الجرح به ، فهو بالنسبة إليه جرح مفسر
فهو إذن مقدم على التوثيق ، و عليه يعتبر توثيقه قولا مجروحا مرجوعا عنه ،
فيسقط إذن من القائمة الأولى اسم ابن معين و ابن حبان كموثقين و ينزل عددهم من
الثمانية إلى الستة ! ثم إننا إذا نظرنا مرة أخرى في القائمة المذكورة لوجدنا
فيهم أبا حاتم الرازي و قوله : صالح ، و هذا و إن كان توثيقا في اعتبار
المحدثين ، و لكنه ليس كذلك بالنظر إلى اصطلاح أبي حاتم نفسه ، فقد ذكر ابنه في
مقدمة الجزء الأول من " الجرح و التعديل " ( ص 27 ) ما نصه :
و وجدت الألفاظ في الجرح و التعديل على مراتب شتى ، فإذا قيل للواحد : إنه ثقة
، أو متقن ، أو ثبت ، فهو ممن يحتج بحديثه ، و إذا قيل : إنه صدوق ، أو محله
الصدق ، أو لا بأس به ، فهو ممن يكتب حديثه ، و ينظر فيه ، و هي المنزلة
الثانية و إذا قيل : شيخ فهو بالمنزلة الثالثة ، يكتب حديثه و ينظر فيه ، إلا
أنه دون الثانية ، و إذا قيل : صالح الحديث ، فإنه يكتب حديثه للاعتبار ، و إذا
أجابوا في الرجل بلين الحديث ، فهو ممن يكتب حديثه و ينظر فيه اعتبارا .
فهذا نص منه على أن كلمة صالح الحديث مثل قولهم : لين الحديث يكتب حديثه
للاعتبار و الشواهد ، و معنى ذلك أنه لا يحتج به ، فهذه العبارة من ألفاظ
التجريح لا التعديل عند أبي حاتم ، خلافا لما يدل عليه كلام السيوطي في
" التدريب " ( 233 - 234 ) ، و على هذا فيرفع اسم أبي حاتم أيضا من قائمة
الموثقين إلى قائمة المضعفين ، و يصير عددهم خمسة ، و عدد أولئك تسعة ، و إذا
ضممنا إليهم قول البيهقي : إنه غير قوي كما يأتي ، صاروا عشرة .
ثم إن قول ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ليس نصا في التوثيق ، و لئن سلم فهو
أدنى درجة في مراتب التعديل ، أو أول مرتبة من مراتب التجريح ، مثل قوله : ما
أعلم به بأسا كما في " التدريب " ( ص 234 ) .
و مما سبق يتبين بوضوح أن الجمهور على تضعيف عتبة بن أبي حكيم ، و أن ضعفه مفسر
مبين ، فضعفه هو الذي ينبغي اعتماده في ترجمته ، و قد لخص ذلك كله الحافظ ابن
حجر في كلمته المتقدمة : صدوق يخطىء كثيرا ، فهذا جرح مفسر ، فمن أين جاء به
الحافظ لولا بعض الكلمات التي سبق بيانها من بعض الأئمة ؟
و من ذلك كله تعلم أن إسناد الحديث ضعيف ، و أن قول الزيلعي فيه ( 1/219 ) :
و سنده حسن غير حسن ، لأنه بناه على أقوال بعض من سبق ذكرهم في الموثقين فقال :
و عتبة بن أبي حكيم فيه مقال ، فقال أبو حاتم : صالح الحديث ، و قال ابن عدي :
أرجو أنه لا بأس به ، و ضعفه النسائي ، و عن ابن معين فيه روايتان :
و لذلك أيضا ضعف الحديث ابن التركماني ، فإن البيهقي على الرغم من أنه لم يصرح
بتقويته ، و إنما سكت عليه ، لم يرض ذلك منه ابن التركماني ، فتعقبه بقوله :
قلت : في سنده عتبة بن أبي حكيم ضعفه ابن معين و النسائي ، و قال إبراهيم بن
يعقوب السعدي : غير محمود الحديث ، و قال البيهقي في باب الركعتين بعد الوتر :
غير قوي .
و قال البوصيري في " الزوائد " ( 28/1 ) :
هذا إسناد ضعيف ، عتبة بن أبي حكيم ضعيف ، و طلحة لم يدرك أبا أيوب .
قلت : و مما يدل على ضعف عتبة أنه اضطرب في رواية متن هذا الحديث و ضبطه ،
فرواه محمد بن شعيب عنه باللفظ المتقدم :
غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء .
و رواه صدقة بن خالد عنه بلفظ :
قالوا : نتوضأ للصلاة و نغتسل من الجنابة و نستنجي بالماء .
أخرجه ابن ماجه ( 1/146 - 147 ) و الحاكم ( 2/334 - 335 ) و الضياء المقدسي في
" الأحاديث المختارة " ( 2/140 ) و قال الحاكم :
صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي !
كذا قالا ، و قد عرفت مما سبق أن الصواب أنه ضعيف الإسناد ، و الغرض الآن أن
نبين أن عتبة كان يضطرب في ضبط هذا الحديث ، فتارة يرويه باللفظ الأول ، و تارة
باللفظ الآخر ، و ليس هذا الاضطراب من الراويين عنه محمد بن شعيب و صدقة بن
خالد فإنهما ثقتان اتفاقا ، فتعين أنه من عتبة نفسه .
و اللفظ الآخر هو الراجح عندنا ، بل هو في نفسه صحيح ثابت ، لأمرين :
الأول : أنه روي كذلك من طريق أخرى عن أبي أيوب وحده .
و الآخر : أن له شواهد كثيرة من حديث أبي هريرة و ابن عباس و عويمر بن ساعدة .
و قد خرجتها في " صحيح أبي داود " ( رقم 34 ) ثم في " الإرواء " ( 45 ) .
و أما الطريق فأخرجه الحاكم ( 1/188 ) من رواية واصل بن السائب الرقاشي عن عطاء
ابن أبي رباح و ابن سورة عن عمه أبي أيوب قال : قالوا : يا رسول الله من هؤلاء
الذين *( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ، و الله يحب المتطهرين )* ؟ قال : كانوا
يستنجون بالماء .
ذكره الحاكم شاهدا لحديث ابن عباس المشار إليه ، و الرقاشي ضعيف كما في
" التقريب " فيعتبر به ، و لا يحتج بما يتفرد به .
فإن قيل : فما الفرق بين اللفظين حتى احتيج إلى ترجيح أحدهما على الآخر ؟
فالجواب : هو أن اللفظ المرجوح فإن فيه القيد المذكور و هو بظاهره يدل على أنهم
كانوا يستنجون بالماء بعد استنجائهم بالحجارة ، ذلك لأنه من غير الجائز أن
يمدحوا و يثني الله عليهم لو فرض أنهم كانوا يقومون قبل الاستنجاء بها ، هذا
بعيد جدا ، فإذن الحديث بهذا اللفظ دليل على استحباب الجمع بين الماء و الحجارة
في الاستنجاء فهو حينئذ يمكن اعتباره شاهدا لحديث ابن عباس الذي أخرجه البزار
بلفظ : فقالوا : " إنا نتبع الحجراة بالماء " .
و هو ضعيف الإسناد كما صرح به الحافظ في " التلخيص " و " البلوغ " و بينه
الزيلعي في " نصب الراية " ( 1/218 ) ، بل هو منكر عندي لمخالفته لجميع طرق
الحديث بذكر الحجارة فيه ، بل بالغ النووي فقال في " الخلاصة " كما نقله
الزيلعي : و أما ما اشتهر في كتب التفسير و الفقه من جمعهم بين الأحجار
و الماء فباطل لا يعرف ، و ذكر معنى هذا في " المجموع " أيضا ، و لكنه استنبط
معناه من لفظ الحديث هذا ، فقال بعد أن ذكره بلفظيه مع حديث أبي هريرة و عويمر
بن ساعدة : فهذا الذي ذكرته من طرق الحديث هو المعروف في كتب الحديث أنهم كانوا
يستنجون بالماء ، و ليس فيها ذكر الجمع بين الماء و الأحجار ، و أما قول المصنف
: قالوا : نتبع الحجارة الماء ، فكذا يقوله أصحابنا و غيرهم في كتب الفقه و
التفسير فليس له أصل في كتب الحديث ، و كذا قال الشيخ أبو حامد في التعليق : إن
أصحابنا رووه ، قال : و لا أعرفه ، فإذا عرف أنه ليس له أصل من جهة الرواية ،
فيمكن تصحيحه من جهة الاستنباط ، لأن الاستنجاء بالحجر كان معلوما عندهم يفعله
جميعهم ، و أما الاستنجاء بالماء فهو الذي انفردوا به ، فلهذا ذكر و لم يذكر
الحجر لأنه مشترك بينهم و بين غيرهم ، و لكونه معلوما فإن المقصود بيان فضلهم
الذي أثنى الله عليهم بسببه ، و يؤيد هذا قولهم : إذا خرج أحدنا من الغائط أحب
أن يستنجي بالماء ، فهذا يدل على أن استنجاءهم بالماء كان بعد خروجهم من الخلاء
، و العادة جارية بأنه لا يخرج من الخلاء إلا بعد التمسح بماء أو حجر . و هكذا
المستحب أن يستنجي بالحجر في موضع قضاء الحاجة ، و يؤخر الماء إلى أن ينتقل إلى
موضع آخر ، والله أعلم " .
و جوابنا عن هذا الاستنباط أنه غير مسلم ، و بيانه من وجهين :
الأول : أن أي حكم شرعي يستنبط من نص شرعي ، فلابد لهاذ أن يكون ثابت الإسناد ،
و قد بينت فيما سبق أن هذا النص ضعيف الإسناد منكر المتن ، فلا يصح حينئذ
الاستنباط منه .
الآخر : هب أن النص المشار إليه ثابت الإسناد ، فالاستنباط المذكور لا نسلم
بصحته ، لأن الحجارة لم تذكر فيه و لو إشارة ، و أخذ ذلك من مجرد ثناء الله
تعالى عليهم بضميمة أن الاستنجاء بها كان معروفا لديهم غير لازم ، لأن الثناء
المشار إليه يتحقق و يصدق عليهم بأي شيء فاضل تفرد به الأنصار دون غيرهم ،
و إذا كان من المسلم حينئذ فضلا أنهم كانوا يفعلون ذلك الذي لا يفعله بل و لا
يعرفه غيرهم إلا أهل الكتاب ، و منهم تلقاه الأنصار كما في بعض الروايات
الثابتة .
فإن قيل : ما ذكرته الآن ينافي ما تقدم من قولك : إن الحديث يدل بظاهره على
الجمع المذكور . فأقول : نعم ، و لكن هذا الظاهر ليس هناك ما يلزمنا الجمود
عنده ، لأنه لم يجر العمل به من النبي صلى الله عليه وسلم و لا من أحد من
الصحابة ، ألا ترى إلى قول النووي في آخر كلامه السابق :
و هكذا المستحب أن يستنجى بالحجر في موضع قضاء الحاجة ، و يؤخر الماء إلى أن
ينتقل إلى موضع آخر .
فهل يستطيع أحد أن يدعي أن النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه كانوا يفعلون ذلك
؟ ! و حينئذ فلابد من تأويل النص المذكور بما لا يتنافى مع ما هو المعروف من
الاستنجاء بالماء في مكان قضاء الحاجة ، و ذلك بأن نفسر قولهم - إن صح - : "
إذا خرج من الغائط أي أراد الخروج ، و مثل هذا التفسير معروف في كثير من
الأحاديث ، مثل حديث أنس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل
الخلاء قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث و الخبائث " ، و قد اتفقوا على أن
المعنى : كان إذا أراد دخول الخلاء ، و مثله قول الله تبارك و تعالى : *( فإذا
قرأت القرآن فاستعذ بالله )* ، أي أردت قراءة القرآن ، و نحو ذلك كثير .
و خلاصة القول : أن الحديث بهذا اللفظ ضعيف الإسناد منكر المتن ، و قد ترتب
عليه استنباط حكم نقطع بأنه لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا
أصحابه ، ألا و هو الاستنجاء بالحجارة أولا ، ثم بالماء في مكان آخر ، بل
الراجح عندي أنه لا يشرع الجمع بينهما و لو في المكان الأول ، لأنه لم ينقل
أيضا عنه صلى الله عليه وسلم ، و لما فيه من التكلف ، فبأيهما استنجى حصلت
السنة ، فإن تيسر الأمران معا بلا كلفة فلا مانع من ذلك لما فيه من تنزيه اليد
عن الرائحة الكريهة . والله أعلم .
تنبيه : إن الذي دفعني إلى تحرير القول في هذا الحديث هو أنني رأيت بعض من ألف
في شرح الترمذي من حنفية الهند <1> نقل كلام النووي في الاستنباط المذكور
و ذكر أنه صحح إسناد الحديث ، و أقر كل ذلك فأحببت أن أبين حقيقة الأمر ، عسى
أن ينتفع به من قد يقف عليه ، ثم رأيته ذكر كلاما آخر عقب الحديث فيه أشياء
تستحق التنبيه عليه ، فرأيت من الواجب بيان ذلك أيضا ، قال ( 1/133 ) :
ثم إن أحاديث الجمع قد أخرجها الهيثمي في " زوائده " بأسانيد فيها كلام
للمحدثين ، و بوب عليها ( باب الجمع بين الماء و الحجارة ) ، و أخرج فيه حديث
ابن ساعدة و ابن عباس و ابن سلام و غيرهم ، و فيها الجمع ، و ليس فيها رواية لم
يتكلم فيها ، و مع هذا ليس فيها حديث صريح غير حديث ابن عباس ، و أجود ما يحكى
في الباب أثر علي بن أبي طالب : إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعرا و أنتم
تثلطون ثلطا ، فأتبعوا الحجارة الماء ، أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه "
و عبد الرزاق في " مصنفه " و البيهقي في " سننه " بطرق عديدة ، و هو أثر جيد
كما يقول الإمام الزيلعي في " نصب الراية " و كذا أخرجه البيهقي رواية عن عائشة
من طريق قتادة في الباب .
قلت : و في هذا الكلام تدليسات عجيبة و بعض أوهام فاحشة :
أولا : يسمى الأحاديث المشار إليها و قد تقدمت بـ " أحاديث الجمع " مع أنها
ليست كذلك إلا على استنباط النووي الواهي ، فهو يقلده في ذلك و يبالغ حتى سماها
بهذه التسمية المغلوطة ، و لا يقتصر على هذا ، بل يؤكد ذلك بقوله : و فيها
الجمع ، ثم لكي لا يمكن المخالف من نقده يعود فيقول : و مع هذا ليس فيها حديث
صريح غير حديث ابن عباس يعني صريحا في الجمع .
ثانيا : ثم يزعم أن تلك الأحاديث التي فيها الجمع ! ليس فيها حديث صريح في
الجمع ! بوب الهيثمي عليها " باب الجمع بين الماء و الحجارة " ، و هذا خلاف
الواقع فإنه إنما بوب عليها بقوله : " باب الاستنجاء بالماء " انظر الجزء الأول
ص 212 من " مجمع الزوائد " ، و إنما بوب الهيثمي بما ذكر الحنفي لحديث ابن عباس
وحده الذي تفرد بروايته البزار و سبق أن ضعفناه نقلا عن الحافظ ، و قال الهيثمي
نفسه عقبه :
رواه البزار و فيه محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري ضعفه البخاري و النسائي و
غيرهما ، و هو الذي أشار بجلد مالك .
ثالثا : قوله : ( بطرق عديدة ) . فيه تدليس خبيث ، فإنه لا يروى إلا من طريق
واحدة ، هي طريق عبد الملك بن عمير عن علي ، و إنما له طرق عديدة عن عبد الملك
هذا ، و شتان بين الأمرين ، فإنه على قوله لاشك في ثبوت هذا الأثر عن علي
و جودته ، لطرقه المزعومة ، و أما على ما هو الواقع من طريقه الوحيدة ، فالثبوت
محتمل و إن كان الراجح عندنا خلافه ، و بيانه فيما يأتي :
رابعا : قوله : و هو أثر جيد ، أقول : بل هو غير جيد ، و إن كان صرح بذلك
الزيلعي ، فإنه معلول بالانقطاع بين علي و عبد الملك ، و بالاختلاط و ذلك أن
عبد الملك هذا ، و إن كان من رجال الشيخين ، فقد تكلم فيه من قبل حفظه ،
و ذكروا له رؤية لعلي رضي الله عنه ، و لم يذكروا له سماعا ، ثم هو على ذلك
مدلس ، وصفه به ابن حبان ، و لذا أورده الذهبي في " الضعفاء " فقال :
قال أحمد : مضطرب الحديث ، و قال ابن معين : مختلط و قال أبو حاتم : ليس بحافظ
و وثقه جماعة ، و قال الحافظ في " التقريب " :
ثقة فقيه ، تغير حفظه ، و ربما دلس .
قلت : فإن كان قد حفظه ، فلم يسمعه من علي ، فإنه ذكره بصيغة تشعر بذلك ، فإنه
قال في جميع الطرق عنه : قال : قال علي .. ، و من المعلوم أن المدلس إذا لم
يصرح بالتحديث فلا يحتج بحديثه ، فمن أين تأتي الجودة إذن لهذا الأثر ؟
خامسا : قوله عقب أثر علي المذكور : و كذا أخرجه البيهقي رواية عن عائشة من
طريق قتادة في الباب .
قلت : و هذا تدليس آخر فإن حديث قتادة في الباب عند البيهقي ( 1/106 ) عن معاذة
عن عائشة أنها قالت :
" مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثر الغائط و البول ، فإني أستحييهم ، و كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله " .
ثم رواه من طريق أخرى نحوه بلفظ : " فأمرتهن أن يستنجين بالماء " و هو مخرج في
" الإرواء " ( 42 ) .
فأنت ترى أنه ليس فيه ذكر للحجارة إطلاقا ، فكيف جاز له أن يجعله مثل أثر علي
في الجمع بين الماء و الحجارة ؟ لا يقال : لعله اغتر بإيراد البيهقي له في "
باب الجمع في الاستنجاء بين المسح بالأحجار و الغسل بالماء " ، لأننا نقول : إن
ذلك خطأ أو تساهل من البيهقي لا يجوز لمن يدعي التحقيق انتصارا لمذهبه أن يقلد
من أخطأ مثل هذا الخطأ البين ، لا سيما إذا كان مخالفا له في المذاهب ، و خاصة
إذا نبه على ذلك من كان موافقا له في المذهب ، ألا و هو الشيخ ابن التركماني ،
فإنه تعقب البيهقي لإيراده في هذا الباب حديث عتبة المتقدم و حديث عائشة هذا ،
فقال في كل منهما : ليس في الحديث ذكر المسح بالأحجار فهو غير مطابق للباب .
فلا أدري كيف استجاز المومى إليه تجاهل هذه الحقيقة ؟
و كم في كتابه من أمور كثيرة لو تتبعها الباحث لملأت مجلدا ضخما بل مجلدات ،
و لكن ذلك يحتاج إلى وقت و فراغ ، و هيهات ذلك هيهات ، و لكن لعلنا ننبه على
شيء من ذلك كلما سنحت لنا الفرصة ، فإنه قد قيل منذ القديم : " ما لا يدرك كله
، لا يترك جله أو كله " .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هو الشيخ محمد يوسف البنوري في " معارف السنن " ( 1/131 - 132 ) . اهـ .

(3/30)


1032 - " من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة و سعيا على أهله ، و تعطفا على جاره
، بعثه الله يوم القيامة ، و وجهه مثل القمر ليلة البدر ، و من طلبها حلالا
متكاثرا بها مفاخرا لقي الله و هو عليه غضبان " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/119 ) :

ضعيف .
رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 2/110 و 8/215 ) من طريق الحجاج بن فرافصة عن
مكحول عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال :
غريب من حديث مكحول ، لا أعلم له راويا عنه إلا الحجاج .
قلت : و هو ضعيف لسوء حفظه ، أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
قال أبو زرعة : ليس بالقوي .
و قال الحافظ في " التقريب :
صدوق عابد ، يهم .
قلت : و فيه علة أخرى و هي الانقطاع بين مكحول و أبي هريرة ، فإنه لم يسمع منه
كما قال البزار .

(3/31)


1033 - " كان سليمان نبي الله عليه السلام إذا قام في مصلاه رأى شجرة ثابتة بين يديه ،
فيقول : ما اسمك ؟ فتقول : كذا ، فيقول : لأي شيء أنت ؟ فتقول : لكذا و كذا ،
فإن كانت لدواء كتب ، و إن كان لغرس غرست ، فبينما هو يصلي يوما إذ رأى شجرة
ثابتة بين يديه ، فقال ؟ ما اسمك ؟ قالت : الخرنوب ، قال : لأي شيء أنت ؟ قالت
: لخراب هذا البيت ، قال سليمان عليه السلام : اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم
الإنس أن الجن لا تعلم الغيب ، قال : فتحتها عصا فتوكأ [ حولا ميتا و الجن تعمل
] ، قال : فأكلها الأرضة فسقط ، فخر ، فوجوده ميتا حولا ، فتبينت الإنس أن الجن
لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين ، و كان ابن عباس يقرؤها
هكذا ، فشكرت الجن الأرضة ، فكانت تأتيها بالماء حيث كانت .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/120 ) :

ضعيف مرفوعا .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 12281 ) و الحاكم ( 4/197 ـ 198 و 402 )
و الضياء المقدسي في " المختارة " ( 61/249/1 ) و ابن جرير و ابن أبي حاتم كما
في " ابن كثير " ( 3/529 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 7/300/1 ) من طريق
إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله
عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و قال الحاكم :
صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي .
قلت : و فيه نظر من وجهين :
الأول : أن عطاء بن السائب كان اختلط ، و ليس ابن طهمان ممن روى عنه قبل
الاختلاط ، و قد خالفه جرير فقال : عن عطاء بن السائب به موقوفا على ابن عباس .
أخرجه الحاكم ( 2/423 ) و صححه أيضا و وافقه الذهبي .
الثاني : أن عطاء قد خولف في رفعه ، فقد رواه سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير به
موقوفا على ابن عباس أيضا .
أخرجه الحاكم ( 4/198 ) و ابن عساكر من طريق الأحوص بن جواب الضبي : حدثنا
عبد الجبار بن عباس الهمداني عن سلمة بن كهيل به .
قلت : و هذا سند صحيح لا علة فيه ، و هو يشهد أن أصل الحديث موقوف كما رواه
جرير عن عطاء ، و هو الصواب ، و هو الذي رجحه الحافظ ابن كثير مع أنه لم يقف
على رواية جرير هذه الموقوفة ، و لا على رواية سلمة بن كهيل المؤيدة لها ، فكيف
به لو وقف عليهما ؟ فقال رحمه الله :
و في رفعه غرابة و نكارة ، و الأقرب أن يكون موقوفا ، و عطاء بن أبي مسلم
الخراساني <1> له غرابات ، و في بعض حديثه نكارة ، ثم ذكره موقوفا من وجه آخر
عن ابن عباس ، و عن ابن مسعود أيضا ثم قال :
هذا الأثر والله أعلم إنما هو مما تلقي من علماء أهل الكتاب ، و هي وقف ، لا
يصدق منه إلا ما وافق الحق ، و لا يكذب منها إلا ما خالف الحق ، و الباقي لا
يصدق و لا يكذب .
قلت : و من النوع الذي خالف الحق الحديث الآتي :
وقع في نفس موسى : هل ينام الله تعالى ذكره ؟ فأرسل الله إليه ملكا ، فأرقه
ثلاثا ، ثم أعطاه قارورتين ، في كل يد قارورة ، و أمره أن يحتفظ بهما ، قال :
فجعل ينام ، و تكاد يداه تلتقيان ، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى ، ثم نام
نومة فاصطفقت يداه ، و انكسرت القارورتان ، قال : ضرب الله مثلا أن الله لو كان
ينام لم تستمسك السموات و الأرض .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كذا الأصل ، و لعله سبق قلم من ابن كثير ، و إلا فالحديث من رواية عطاء بن
السائب كما ترى ، و ليس لعطاء بن أبي مسلم الخراساني فيه ذكر . اهـ .

(3/32)


1034 - " وقع في نفس موسى : هل ينام الله تعالى ذكره ؟ فأرسل الله إليه ملكا ، فأرقه
ثلاثا ، ثم أعطاه قارورتين ، في كل يد قارورة ، و أمره أن يحتفظ بهما ، قال :
فجعل ينام ، و تكاد يداه تلتقيان ، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى ، ثم نام
نومة فاصطفقت يداه ، و انكسرت القارورتان ، قال : ضرب الله مثلا أن الله لو كان
ينام لم تستمسك السموات و الأرض " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/121 ) :

منكر .
أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( رقم 5780 ج5 ) : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل
قال : حدثنا هشام بن يوسف عن أمية بن شبل عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن
أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى صلى الله
عليه وسلم على المنبر قال : فذكره .
و أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 17/190/2 ) عن إسحاق به ، ثم قال :
تابعه يحيى بن معين عن هشام ، و رواه معمر عن الحكم فجعله من قول عكرمة .
قلت : ثم ساقه هو و ابن جرير ( 5779 ) من طريق عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر
قال : أخبرني الحكم بن أبان عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله : *( لا تأخذه سنة
و لا نوم )* أن موسى سأل الملائكة : هل ينام الله ؟ فأوحى الله إلى الملائكة
و أمرهم أن يؤرقوه ثلاثا .. الحديث مثله .
قلت : و آفة هذا الحديث عندي الحكم بن أبان هذا ، و هو العدني فإنه و إن كان
وثقه جماعة كابن معين و غيره ، فقد قال ابن المبارك : ارم به ، و ذكره ابن حبان
في " الثقات " و قال :
ربما أخطأ ، و قال الحافظ في " التقريب " :
صدوق عابد و له أوهام .
قلت : فالظاهر من مجموع كلام الأئمة فيه ما أشار إليه الحافظ : أنه كان ثقة في
نفسه ، و لكنه كان يخطىء أحيانا بسبب شيء في حفظه ، و لعله أتي من كثرة عبادته
و غلوه فيها ، كما هو المعهود في أمثاله من الصالحين ! فقد روى ابن أبي حاتم
( 1/2/113 ) بسند صحيح عن ابن عيينة قال : قدم علينا يوسف بن يعقوب قاض كان
لأهل اليمن و كان يذكر منه صلاح <1> فسألته عن الحكم بن أبان فقال : ذاك سيد
أهل اليمن ، كان يصلي من الليل ، فإذا غلبته عيناه نزل إلى البحر ، فقام في
الماء يسبح مع دواب البحر !
قلت : فمثل هذه العبادة و الغلو فيها حري بصاحبها أن لا يظل محتفظا بذاكرته
التي متعه الله بها و الاستفادة منها بضبط الحديث و حفظه !
و إن اضطرابه في هذا الحديث لمن أقوى الأدلة على عدم ضبطه لحديثه ، فهو تارة
يرويه عن عكرمة عن أبي هريرة مرفوعا ، و تارة عن عكرمة من قوله لا يتعداه ،
و هذا هو اللائق بمثل هذا الحديث أن يكون موقوفا على عكرمة و هو تلقاه من بعض
أهل الكتاب ، فهو من الإسرائيليات التي لا يجب علينا التصديق بها ، بل هو مما
يجب الجهر بتكذيبه و بيان بطلانه ، كيف لا ; و فيه أن موسى كليم الله يجهل تنزه
الله تبارك و تعالى عن السهو و النوم فيتساءل في نفسه : هل ينام الله ؟ ؟ !
و هل هذا إلا كما لو قال قائل : هل يأكل الله تبارك و تعالى ؟ هل كذا ، هل كذا
، و غير ذلك مما لا يخفى بطلانه على أقل مسلم ! و لهذا صرح بضعف هذا الحديث غير
واحد من العلماء ، فقال القرطبي في " تفسيره " ( 1/273 ) :
و لا يصح هذا الحديث ، ضعفه غير واحد ، منهم البيهقي .
و قال الذهبي في ترجمة أمية بن شبل :
يماني ، له حديث منكر ، رواه عن الحكم بن أبان بن عكرمة عن أبي هريرة مرفوعا
قال : وقع ... الحديث ، رواه عنه هشام بن يوسف و خالفه معمر عن الحكم عن عكرمة
قوله ، و هو أقرب ، و لا يسوغ أن يكون هذا وقع في نفس موسى عليه السلام ،
و إنما روي أن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام عن ذلك .
و أقره الحافظ في " اللسان " .
و قال الحافظ ابن كثير بعد أن ساق رواية معمر الموقوفة على عكرمة ( 1/308 ) :
و هو من أخبار بني إسرائيل ، و هو مما يعلم أن موسى لا يخفى عليه مثل هذا من
أمر الله عز وجل ، و أنه منزه عنه ، و أغرب من هذا كله الحديث الذي رواه ابن
جرير : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قلت : فساقه مرفوعا كما تقدم ، ثم قال :
و هذا حديث غريب جدا ، و الأظهر أنه إسرائيلي لا مرفوع ، والله أعلم " .
ثم ذكر من رواية ابن أبي حاتم بسنده عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس : " أن بني إسرائيل قالوا : يا موسى هل ينام ربك ؟ قال : اتقوا الله ،
فناداه الله عز وجل : يا موسى سألوك هل ينام ربك ، فخذ زجاجتين في يديك فقم
الليل ، ففعل موسى فلما ذهب من الليل ثلث نعس ، فوقع لركبتيه ، ثم انتعش
فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا ، فقال : يا موسى
لو كنت أنام لسقطت السموات و الأرض فهلكت كما هلكت الزجاجتان في يديك ، فأنزل
الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم آية الكرسي .
قلت : و هذا هو الأشبه بهذه القصة أن تكون من سؤال بني إسرائيل لموسى ، لا من
سؤال موسى لربه تبارك و تعالى ، و مثل هذا ليس غريبا من قوم قالوا لموسى :
*( أرنا الله جهرة )* ! على أن في سنده جعفر بن أبي المغيرة ، وثقه أحمد و ابن
حبان ، لكن قال ابن منده :
ليس بالقوي في سعيد بن جبير ، والله أعلم .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] ترجمه ابن أبي حاتم ( 4/2/233 ) و ذكر عن أبيه أنه قال : " لا أعرفه ، هو
شيخ مجهول " . و قال الذهبي عقبه : " قلت : كان قاضي صنعاء و مفتيها ، و هو
صدوق إن شاء الله " . و أقره الحافظ في " اللسان " قلت : و قد توبع على هذا
الخبر ، فراجع له " الحلية " ( 10/141 ) . اهـ .

(3/33)


1035 - " تفترق أمتى على بضع و سبعين فرقة ، كلها في الجنة ، إلا فرقة واحدة و هي
الزنادقة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/124 ) :

موضوع بهذا اللفظ .
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 4/201 ـ بيروت ) و من طريقه ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 1/267 ) من طريق معاذ بن ياسين الزيات : حدثنا الأبرد بن
الأشرس عن يحيى بن سعيد عن أنس مرفوعا .
ثم رواه هو و الديلمي ( 2/1/41 ) من طريق نعيم بن حماد : حدثنا يحيى بن اليمان
عن ياسين الزيات عن سعد بن سعيد الأنصاري عن أنس به .
و رواه ابن الجوزي عن الدارقطني من طريق عثمان بن عفان القرشي : حدثنا
أبو إسماعيل الأبلي حفص بن عمر عن مسعر عن سعد بن سعيد به .
ثم قال ابن الجوزي :
قال العلماء : وضعه الأبرد ، و سرقه ياسين الزيات ، فقلب إسناده و خلط ، و سرقه
عثمان بن عفان و هو متروك ، و حفص كذاب ، و الحديث المعروف : " واحدة في الجنة
، و هي الجماعة " .
و نقله السيوطي في " اللآليء " ( 1/128 ) و أقره ، و كذا أقره ابن عراق في "
تنزيه الشريعة " ( 1/310 ) و الشوكاني في " الفوائد المجموعة " ( 502 ) و غيرهم
و أقول : في الطريق الأولى معاذ بن ياسين ، قال العقيلي :
مجهول ، و حديثه غير محفوظ .
قلت : يعني هذا الحديث ثم قال :
هذا حديث لا يرجع منه إلى صحة ، و ليس له أصل من حديث يحيى بن سعيد و لا من
حديث سعد .
قلت : و شيخه الأبرد بن الأشرس شر منه ، قال الذهبي :
قال ابن خزيمة : كذاب وضاع ، قلت : حديثه : تفترق أمتي .... فذكره ، و زاد
الحافظ في " اللسان " :
و هذا من الاختصار المجحف المفسد للمعنى ، و ذلك أن المشهور في الحديث : كلها
في النار ، فقال هذا !
قلت : و في الطريق الثانية ثلاثة من الضعفاء على نسق واحد ، نعيم و يحيى
و ياسين ، و ذا شرهم ، فقد قال البخاري فيه : منكر الحديث .
و قال النسائي و ابن الجنيد : متروك .
و قال ابن حبان : يروي الموضوعات .
قلت : فهو المتهم بهذا ، و لعله سرقه من الأبرد كما سبق في كلام ابن الجوزي ،
فقد ذكر الحافظ في ترجمته من " اللسان " أن له طريقا أخرى عنه ، رواه الحسن بن
عرفة عنه عن يحيى بن سعيد ، فقد اضطرب فيه ، قال الحافظ :
فقال تارة عن يحيى بن سعيد ، و تارة عن سعد بن سعيد ، و هذا اضطراب شديد سندا
و متنا ، و المحفوظ في المتن : " تفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلها في
النار إلا واحدة ، قالوا : و ما تلك الفرقة ؟ قال : ما أنا عليه اليوم و أصحابي
" و هذا من أمثلة مقلوب المتن " .
قلت : و هذا المتن المحفوظ قد ورد عن جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك رضي
الله عنه ، و قد وجدت له عنه وحده سبع طرق ، خرجتها في " سلسلة الأحاديث
الصحيحة " بلفظ : " افترقت اليهود ... " ، و خرجته هناك من حديث أبي هريرة
و معاوية و أنس و عوف بن مالك رضي الله عنهم برقم ( 203 و 204 و 1492 ) ، و ذلك
مما يؤكد بطلان الحديث بهذا اللفظ الذي تفرد به أولئك الضعفاء ، و خاصة ياسين
الزيات هذا ، فقد خالفه من هو خير منه : عبد الله بن سفيان ، فرواه عن يحيى بن
سعيد عن أنس باللفظ المحفوظ كما بينته هناك .
و في الطريق الثالثة : عثمان بن عفان القرشي و هو السجستاني قال ابن خزيمة :
أشهد أنه كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و مثله شيخه حفص بن عمر الأبلي ، قال العقيلي في " الضعفاء " ( 1/275 ) :
يروي عن شعبة و مسعر و مالك بن مغول و الأئمة ; البواطيل .
و قال أبو حاتم : كان شيخا كذابا .

(3/34)


1036 - " القرآن ذلول ذو وجوه ، فاحملوه على أحسن وجوهه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/127 ) :

ضعيف جدا .
رواه الدارقطني ( ص 485 ) عن زكريا بن عطية : أخبرنا سعيد بن خالد : حدثني محمد
ابن عثمان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، و فيه علل ثلاث :
الأولى : جهالة محمد بن عثمان قال ابن أبي حاتم ( 4/1/24 ) :
سمعت أبي يقول : هو مجهول .
الثانية : سعيد بن خالد لم أعرفه .
الثالثة : زكريا بن عطية قال ابن أبي حاتم ( 1/2/599 ) :
سألت أبي عنه فقال : منكر الحديث .
و قال العقيلي :
هو مجهول .

(3/35)


1037 - " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه ، و ليغسله ثلاث مرات " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/127 ) :

منكر بلفظ ( ثلاث ) .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " : حدثنا أحمد بن الحسن الكرخي - من كتابه - حدثنا
الحسين الكرابيسي : حدثنا إسحاق الأزرق : حدثنا عبد الملك عن عطاء عن
أبي هريرة <1> قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ، ثم أخرجه
عن عمر بن شبة : حدثنا إسحاق الأزرق به موقوفا ، و قال :
لم يرفعه غير الكرابيسي ، و الكرابيسي لم أجد حديثا منكرا غير هذا ، و إنما حمل
عليه أحمد بن حنبل من جهة اللفظ بالقرآن ، فأما في الحديث فلم أر به بأسا
ذكره ابن التركماني في " الجوهر النقي " ( 1/241 ـ 242 ) ثم تلميذه الزيلعي في
" نصب الراية " ( 1/131 ) و زاد هذا :
و رواه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " ( 1/333 ) من طريق ابن عدي ثم قال :
هذا حديث لا يصح ، لم يرفعه غير الكرابيسي ، و هو ممن لا يحتج بحديثه ، انتهى .
و قال البيهقي في " كتاب المعرفة " : حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن
أبي هريرة في غسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاث مرات ، تفرد به عبد الملك من بين
أصحاب عطاء ، ثم عطاء من بين أصحاب أبي هريرة ، و الحفاظ الثقات من أصحاب عطاء
و أصحاب أبي هريرة يروونه " سبع مرات " ، و عبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه
الثقات ، و لمخالفته أهل الحفظ و الثقة في بعض رواياته تركه شعبة بن الحجاج ،
و لم يحتج به البخاري في " صحيحه " و قد اختلف عليه في هذا الحديث ، فمنهم من
يرويه عنه مرفوعا ، و منهم من يرويه عنه من قول أبي هريرة ، و منهم من يرويه
عنه من فعله ، قال : و قد اعتمد الطحاوي الرواية الموقوفة في نسخ حديث السبع ،
و أن أبا هريرة لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه ! و كيف يجوز
ترك رواية الحفاظ الأثبات من أوجه كثيرة لا يكون مثلها غلطا ، برواية واحد قد
عرف بمخالفته الحفاظ في بعض حديثه ؟ .
قلت : الحق أن عبد الملك ثقة مأمون كما قال الترمذي ، و قد احتج به مسلم ، و لا
نعلم لمن ضعفه حجة يمكن الاعتماد عليها ، و قد وثقه جماعات من الأئمة الكبار
فراجع كلماتهم فيه في " التهذيب " ، و من أحسنهم و أعدلهم قولا فيه أبو حاتم
و ابن حبان ، فقد ذكره في " كتاب الثقات " و قال :
ربما أخطأ ، و كان من خيار أهل الكوفة و حفاظهم ، و الغالب على من يحفظ و يحدث
أن يهم ، و ليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت ، صحت عنه السنة بأوهام يهم فيها ،
و الأولى فيه قبول ما يروي بتثبت ، و ترك ما صح أنه وهم فيه ، ما لم يفحش ، فمن
غلب خطؤه على صوابه استحق الترك .
قلت : و قد تبين للعلماء أنه أخطأ في هذا الحديث في ثلاثة مواضع :
الأول : رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، و الوقف فيه أرجح .
الثاني : روايته بلفظ " ثلاث " ، و إنما هو بلفظ " سبع " .
الثالث : لم يذكر فيه الترتيب ، و هو ثابت ، إلا أن الخطأ الأول يترجح عندي أنه
من بعض الرواة عنه و إليك البيان :
أما الأول : فقد رواه الكرابيسي عن إسحاق الأزرق عن عبد الملك بسنده مرفوعا كما
تقدم ، و قال ابن عدي :
لم يرفعه غير الكرابيسي .
قلت : و الكرابيسي هذا و إن كنا نقطع أنه وهم في رفع هذا الحديث عن إسحاق
الأزرق كما يشير إلى ذلك كلام ابن عدي المذكور فإنا لم نجد فيها ذكروه فيه من
أقوال الأئمة ما يمكن جرحه به ، إلا قول ابن الجوزي هنا : لا يحتج بحديثه ، فإن
كان يعني جملة حديثه كما هو ظاهر عبارته ، فهو جرح غير مقبول من مثله ، لأنه
مما لم يسبق إليه من أحد من الأئمة المتقدمين ، و لأنه جرح مبهم غير مفسر ، و
ما كان كذلك فلا يعتد به ، كما هو مقرر في " المصطلح " ، و إن كان يعني بذلك
حديثه هذا ، فهو كما قال ، فإذن الرجل في نفسه ثقة ، و الأصل في مثله أن يحتج
بحديثه ، إلا ما ثبت وهمه فيه فيرد ، و من الثابت أنه وهم في هذا الحديث ، فقد
رواه عمر بن شبة عن إسحاق الأزرق موقوفا كما سبق ، و عمر بن شبة ثقة مثل
الكرابيسي أو خير منه ، فقد صرح جماعة من الأئمة بتوثيقه كالدارقطني و الخطيب
و غيرهما و لم يتكلم فيه أحد بسوء ، و تترجح روايته على رواية الكرابيسي
بمتابعة سعدان بن نصر إياه ، و اسمه سعيد و الغالب عليه سعدان ، قال أبو حاتم :
صدوق ، و وثقه الدارقطني ، و أخرج متابعته هذه في " السنن " ( ص 24 ) .
و إن مما يؤيد أن رفعه وهم ، و أنه ليس من عبد الملك أنه رواه عبد السلام بن
حرب عند الطحاوي ( 1/13 ) و أسباط بن محمد عند الدارقطني كلاهما عن عبد الملك
عن عطاء عن أبي هريرة موقوفا ، و قال الدارقطني :
هذا موقوف ، و لم يروه هكذا غير عبد الملك عن عطاء ، و عبد السلام بن حرب
و أسباط بن محمد ثقتان حجتان ، فإذا انضم إليهما إسحاق الأزرق و هو ثقة أيضا ،
من رواية عمر بن شبة و سعدان عنه تبين بوضوح أن المحفوظ في هذه الطريق الوقف ،
و أن رفعه من الكرابيسي عن الأزرق وهم منه عليه ، فلا تغتر بعد هذا البيان بقول
أحد المتأخرين في كتابه " معارف السنن " ( 1/325 ) :
و بالجملة هذا المرفوع صحيح أو حسن ، فإن ذلك منه جري على ظاهر حال رجال إسناده
و هو كونهم ثقاتا ، دون اكتراث منه إلى ضرورة توفر بقية شروط الحديث الصحيح فيه
التي منها أن لا يشذ و لا يعل ! و ما يحمله على ذلك إلا الانتصار للمذهب ، و لو
على حساب الحديث الصحيح ! نسأل الله السلامة ، ثم وقفت على عجيبة أخرى من
التعصب ، فإن المؤلف المشار إليه بعد تلك الكلمة أحال فيما سماه بـ " البحث
الشافي " إلى مصادر لبعض الحنفية المتعصبة ، منها " البحر الرائق " لابن نجيم
المصري ، فلما رجعت إليه فإذا به يخالف المؤلف المشار إليه فيما ذهب إليه من
التصحيح ، فإنه سلم بضعف هذا الحديث المرفوع ، و لكن قواه بالحديث الموقوف !!
و تفصيل هذه العجيبة أنه قال ما معناه :
روي عن أبي هريرة فعلا و قولا ، مرفوعا و موقوفا من طريقين : الأولى طريق
الدارقطني الموقوفة ، و الأخرى المرفوعة هذه .
و وجهها أن ما سماه بالطريقين مدارهما على عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن
أبي هريرة ، فهي طريق واحدة ، و إنما بعض الرواة وهم على عبد الملك فرفعه كما
سبق تحقيقه ، فالطريق إذا واحدة و بناء على هذا التقسيم الخيالي قال ابن نجيم :
و من المعلوم أن الحكم بالضعف و الصحة إنما هو في الظاهر ، أما في نفس الأمر
فيجوز صحة ما حكم بضعفه ظاهرا ، و ثبوت كون مذهب أبي هريرة ذلك ; قرينة تفيد أن
هذا مما أجاده الراوي المضعف ، و حينئذ يعارض حديث السبع يعني المتفق على صحته
! و يقدم عليه !
قلت : و لا يخفى بطلان هذا الكلام على ذي إنصاف و علم ، و أما المتعصب الهالك
في تعصبه فلا تفيده الأدلة و لو أتيته بك آية ! و بيان ما ذكرت من البطلان من
وجوه : يأتي ذكرها فيما بعد لأني أريد أن أتابع الكلام على الخطأين الآخرين
فأقول : و أما الموضع الثاني ، و هو أن عبد الملك رواه عن عطاء عن أبي هريرة
موقوفا بلفظ " ثلاث " ، فقد خالفه حماد بن زيد عن أيوب عن محمد و هو ابن سيرين
عن أبي هريرة قال في الكلب يلغ في الإناء ; قال : يهراق و يغسل سبع مرات .
أخرجه الدارقطني ( ص 24 ) و قال :
صحيح موقوف .
و علقه البيهقي ( 1/242 ) عن حماد ، ثم قال : و في ذلك دلالة على خطأ رواية عبد
الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة في الثلاث ، و عبد الملك لا يقبل منه
ما يخالف فيه الثقات .
و قال الحافظ في " الفتح " ( 1/222 ) .
و رواية من روى عنه موافقة فتياه لروايته أرجح من رواية من روى عنه مخالفتها من
حيث الإسناد ، و من حيث النظر ، أما النظر فظاهر ، و أما الإسناد ، فالموافقة
وردت من رواية حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عنه ، و هذا من أصح الأسانيد ،
و أما المخالفة فمن رواية عبد الملك ... و هو دون الأول في القوة بكثير .
قلت : و لعله مما يؤيد أرجحية رواية حماد بن زيد عن أيوب أنه قد رواه هشام بن
حسان عن محمد بن سيرين مثله .
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 3/268 ) و سنده صحيح ، و لا يخالفه أنه
أخرجه أيضا من طريق معتمر بن سليمان قال : سمعت أيوب يحدث عن محمد عن أبي هريرة
مرفوعا به .
لأن الراوي قد يرفع الحديث تارة و يوقفه أخرى فهو صحيح مرفوعا و موقوفا .
و أما الموضع الثالث : فقد ثبت في حديث هشام بن حسان المتقدم ذكر التراب بلفظ :
" طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب " .
و هذا أولى من حديث عبد الملك عن عطاء لوجوه :
الأول : أن إسناده أصح من إسناد عبد الملك كما سبق في كلام الحافظ .
الثاني : أنه قد جاء مرفوعا من طريق هشام به .
أخرجه مسلم و أبو عوانة في " صحيحيهما " و غيرهما كما بينته في " صحيح أبي داود
" ( رقم 64 ) .
و جاء ذكر التراب مع التسبيع من طريقين آخرين عن أبي هريرة .
أخرجهما الدارقطني و قال في أحدهما : هذا صحيح ، و هو كما قال .
و له طريق رابعة عند البزار ذكرتها في المصدر السابق .
الثالث : أن له شاهدا من حديث عبد الله بن مغفل مرفوعا بلفظ :
" إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات ، و عفروه الثامنة في التراب " .
و هو حديث صحيح ، أخرجه مسلم و أبو عوانة في " صحيحيهما " و ابن الجارود في
" المنتقى " ( رقم 53 ) و غيرهم ، و قال ابن منده :
إسناد مجمع على صحته ، انظر " صحيح أبي داود " ( رقم 67 ) .
و أما التسبيع وحده فله طرق كثيرة جدا عن أبي هريرة تكاد تكون متواترة ، فقد
أخرج مسلم و أبو عوانة أربعا منها ، و سبق أربع أخرى في التتريب فهي ثمان ،
فإذا انضم إليها حديث عبد الله بن عمر عند ابن ماجه ( 1/149 ) بسند صحيح ،
و حديث عبد الله بن مغفل المذكور آنفا ، فالمجموع عشر طرق عن ثلاثة من الأصحاب
، فهل يبقى بعد هذا البيان أدنى شك لدى أي منصف في كون حديث أبي هريرة في
التثليث شاذا ، بل منكرا كما وصفه ابن عدي ، بل باطلا كما هو ظاهر ؟ !
و خلاصة القول : إن الذي روي عن أبي هريرة مرفوعا و موقوفا من التثليث مع ترك
ذكر التتريب لا يصح من قبل إسناده ، بل هو باطل لمخالفته ما ثبت عنه يقينا
مرفوعا من التسبيع و التتريب ، مع ثبوت ذلك عنه موقوفا ، فهو الذي يجب الاعتماد
عليه في هذه المسألة لا سيما و قد شهد له حديث عبد الله بن مغفل و حديث
عبد الله بن عمر ، و إن من عجائب الحنفية أيضا أنهم استجازوا معارضة كل هذه
الطرق عن أبي هريرة ، و الشواهد المذكورة بطريق عبد الملك بن أبي سليمان عن
عطاء عن أبي هريرة و هي وحيدة استجازوا ذلك إحسانا منهم للظن به رضي الله عنه ،
و هو غير ثابت عنه ! ، و غفلوا عن أن ذلك يستلزم إساءة الظن به بالنظر إلى
الروايات الثابتة عنه بالتسبيع ، و بمن وافقه من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
!!
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] وقع في مطبوعة " الكامل " ( 2/776 - تحقيق لجنة من المختصين ! ) : " الزهري
" مكان " أبي هريرة " ! و كم في هذه المطبوعة من أخطاء لا تعد و لا تحصى ! .
اهـ .

(3/36)


1038 - " لكم ( يعني الجن ) كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما
، و كل بعرة علف لدوابكم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/133 ) :

أخرجه مسلم ( 2/36 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( رقم 82 ) و البيهقي ( 1/108 ـ
109 ) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن داود عن عامر قال :
سألت علقمة : هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن
؟ قال فقال علقمة : أنا سألت ابن مسعود فقلت : هل شهد أحد منكم مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ؟ قال : لا ، و لكنا كنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه ، فالتمسناه في الأودية و الشعاب ، فقلنا
: استطير أو اغتيل ، قال : فبتنا بشر ليلة بات بها قوم ، فلما أصبحنا إذا هو
جاء من قبل ( حراء ) ، قال : فقلنا : يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك ،
فبتنا بشر ليلة بات بها قوم ، فقال : أتاني داعي الجن فذهبت معه ، فقرأت عليهم
القرآن ، قال : فانطلق بنا فأرانا آثارهم و آثار نيرانهم .
و سألوه الزاد ، فقال : فذكره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلا
تستنجوا بهما ، فإنهما طعام إخوانكم من الجن " .
قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات ، و لكنه معلول بعلتين :
الأولى : إن قوله : " و سألوه الزاد ... " إلخ مدرج في الحديث ليس من مسند ابن
مسعود بل هو عن الشعبي قال : و سألوه الزاد إلخ ، فهو مرسل ، كما بينه البيهقي
بقوله عقبه :
رواه مسلم في " الصحيح " هكذا ، و رواه عن علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن
داود بن أبي هند بهذا الإسناد إلى قوله : و آثار نيرانهم ، قال الشعبي :
و سألوه الزاد ، و كانوا من جن الجزيرة ، إلى آخر الحديث من قول الشعبي مفصلا
من حديث عبد الله .
قلت : هكذا هو في " الصحيح " عقب رواية عبد الأعلى المتقدمة ، و هكذا رواه
الترمذي في " سننه " ( 4/183 ) قال : حدثنا علي بن حجر به ، إلا أنه قال :
" كل عظم لم يذكر اسم الله عليه " كما يأتي بيانه في " العلة الأخرى " و كذلك
رواه البيهقي بسندين له عن علي بن حجر به ، إلا أنه لم يسق لفظه ، و إنما أحال
فيه على لفظ عبد الأعلى فكأنه عنده بلفظه : " كل عظم ذكر ... " . ثم قال :
و رواه محمد بن أبي عدي عن داود إلى قوله : " و آثار نيرانهم " ، ثم قال : قال
داود : و لا أدري في حديث علقمة أو في حديث عامر أنهم سألوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم تلك الليلة الزاد فذكره .
ثم ساق البيهقي إسناده إلى محمد بن أبي عدي به ، ثم قال :
و رواه جماعة عن داود مدرجا في الحديث من غير شك .
و رواية إسماعيل بن علية قد أخرجها الإمام أحمد أيضا مقرونا مع رواية غيره من
الثقات فقال : ( 4149 ) : حدثنا إسماعيل : أخبرنا داود و ابن أبي زائدة -
المعنى - قالا : حدثنا داود به مثل رواية إسماعيل عند مسلم .
و تابعهما يزيد بن زريع قال : حدثنا داود بن أبي هند به .
أخرجه أبو عوانة في " صحيحه " ( 1/219 ) ، و أخرجه الطيالسي أيضا في " مسنده "
( 1/47 ) لكنه أدرجه في الحديث و لم يفصله عنه ! و قد قرن بروايته وهيب بن خالد
ثم أخرجه مسلم من طريق عبد الله بن إدريس عن داود به إلى قوله : " و آثار
نيرانهم " ، و لم يذكر ما بعده إطلاقا .
و جملة القول : إن أصحاب داود بن أبي هند اختلفوا عليه في هذه الزيادة على وجوه
: الأول : أنها من مسند ابن مسعود ، كذلك رواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى و وهيب
ابن خالد ، و كذا يزيد بن زريع و عبد الوهاب بن عطاء في إحدى الروايتين عنهما .
الثاني : أنها من مرسل الشعبي ، و ليس من مسند ابن مسعود ، جزم بذلك عن داود
إسماعيل بن علية و ابن أبي زائدة ، و يزيد بن زريع في الرواية الأخرى عنه .
و يمكن أن يلحق بهؤلاء عبد الله بن إدريس فإنه لم يذكرها أصلا كما سبق ، و لو
كانت عنده من مسند ابن مسعود لذكرها إن شاء الله تعالى .
الثالث : أن داود شك في كونها من مسند ابن مسعود ، أو من مرسل الشعبي ، كذلك
رواه عنه محمد بن أبي عدي و عبد الوهاب بن عطاء في الرواية الأخرى عنه .
و لا يخفى على الخبير بهذا العلم الشريف أن هذا الاختلاف إنما يدل على أن
المختلف عليه و هو داود بن أبي هند لم يضبط هذا الحديث و لم يحفظه جيدا ،
و لذلك اضطرب فيه على الوجوه الثلاثة التي بينتها ، و لا يمكن أن يكون ذلك من
الرواة عنه لأنهم جميعا ثقات ، فكل روى ما سمع منه ، و إذا كان كذلك فالاضطراب
دليل على ضعف الحديث كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث لأنه يشعر بأن راويه لم
يحفظه ، هذا ما تحرر لدي أخيرا ، و أما الدارقطني فقد أعله بالإرسال فقال كما
في " شرح مسلم " للنووي :
انتهى حديث ابن مسعود عند قوله : " فأرانا آثارهم و آثار نيرانهم " ، و ما بعده
من قول الشعبي ، كذا رواه أصحاب داود الراوي عن الشعبي : ابن علية و ابن زريع ،
و ابن أبي زائدة و ابن إدريس و غيرهم . هكذا قال الدارقطني و غيره ،
و معنى قوله : إنه من كلام الشعبي أنه ليس مرويا عن ابن مسعود بهذا الحديث ،
و إلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام إلا بتوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
قلت : قول الشعبي : " و سألوه الزاد ... " صريح في رفعه إلى النبي صلى الله
عليه وسلم فلا داعي لقول النووي : " فالشعبي لا يقول ... " إلخ . فإن مثل هذا
إنما يقال فيما ظاهره الوقف كما لا يخفى .
العلة الأخرى : الاضطراب في متنه أيضا على داود ، فعبد الأعلى يقول عنه :
كل عظم ذكر اسم الله عليه " و تابعه على ذلك إسماعيل بن علية و ابن أبي زائدة
عند أحمد و عبد الوهاب بن عطاء عند الطحاوي .
و خالف هؤلاء وهيب بن خالد و يزيد بن زريع عند الطيالسي و عند أبي عوانة عن
يزيد وحده فقالا : " كل عظم لم يذكر اسم الله عليه " .
و اختلفوا على إسماعيل بن علية فرواه أحمد عنه كما سبق ، و تابعه علي بن حجر عن
إسماعيل عند مسلم ، و خالفه الترمذي فقال : حدثنا علي بن حجر به باللفظ الثاني
: " لم يذكر .. " .
و هذا الاختلاف على داود في ضبط متن الحديث مما يؤكد ضعفه ، و أن داود لم يكن
قد حفظه .
ثم رجعت إلى ترجمته من " التهذيب " فوجدت بعض الأئمة قد صرحوا بهذا الذي ذكرته
فيه ، فقال ابن حبان :
كان من خيار أهل البصرة ، من المتقنين في الروايات ، إلا أنه كان يهم إذا حدث
من حفظه .
و قال أحمد :
" كان كثير الاضطراب و الخلاف " .
قلت : و اضطراب داود في هذا الحديث من أقوى الأدلة على هذا الذي قاله فيه
الإمام أحمد ، فرحمه الله ، و جزاه خيرا ، ما كان أعلمه بأحوال الرجال !
و خلاصة الكلام في هذا الحديث أنه ضعيف للاضطراب في سنده و متنه ، و لم أجد له
شاهدا نقويه به ، بل هو مخالف بظاهره لحديث أبي هريرة : " أنه كان يحمل مع
النبي صلى الله عليه وسلم إداوة لوضوئه و حاجته ، فبينما هو يتبعه بها ، فقال :
من هذا ؟ فقال : أنا أبو هريرة فقال : ابغني أحجارا أستنفض بها ، و لا تأتني
بعظم و لا بروثة " فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي ، حتى وضعت إلى جنبه ، ثم
انصرفت ، حتى إذا فرغ مشيت معه ، فقلت : ما بال العظم و الروثة ؟ قال : هما من
طعام الجن ، و إنه أتاني وفد جن نصيبين - و نعم الجن - فسألوني الزاد ، فدعوت
الله أن لا يمروا بعظم و لا روثة إلا وجدوا عليها طعما ، و في لفظ : طعاما " .
أخرجه البخاري ( 7/136 ) و الطحاوي ( 1/74 ) و البيهقي ( 1/107 - 108 ) .
قلت : و وجه المخالفة أن ظاهره أن العظم و الروثة زاد و طعام للجن أنفسهم ،
و ليس شيء من ذلك لدوابهم ، و التوفيق بينه و بين حديث ابن مسعود بحمل الطعام
فيه على طعام الدواب كما فعل الحافظ في " الفتح " و تبعه الصنعاني في " سبل
السلام " ( 1/123 ) ، لا بأس به لو ثبت حديث ابن مسعود بإسناد آخر بلفظ يغاير
بظاهره اللفظ السابق ، و هو :
أولئك جن نصيبين سألوني المتاع - و المتاع الزاد - فمتعتهم بكل عظم حائل ، أو
بعرة أو روثة ، فقلت : يا رسول الله ، و ما يغني ذلك عنهم ؟ قال : إنهم لن
يجدوا عظما ، إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل ، و لا روثة إلا وجدوا فيها حبها يوم
أكلت ، فلا يستنقين أحد منكم إذا خرج من الخلاء بعظم و لا بعرة و لا روثة .
أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( 26/32 ـ طبع البابي الحلبي ) عن يحيى بن أبي
كثير عن عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي أنه قال لابن مسعود : حدثت أنك كنت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن ، قال : أجل ، قال : فكيف كان ؟
فذكر الحديث كله ، و ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم خط عليه خطا و قال : لا
تبرح منها ، فذكر أن مثل العجاجة السوداء غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فذعر ثلاث مرات ، حتى إذا كان قريبا من الصبح ، أتاني رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : أنمت ؟ قلت : لا والله ، و لقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حتى
سمعتك تقرعهم بعصاك تقول : اجلسوا ، قال : لو خرجت لم آمن أن يختطفك بعضهم ، ثم
قال : هل رأيت شيئا ؟ قال : نعم رأيت رجالا سودا مستشعري ثياب بيض ، قال :
فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، رجاله كلهم ثقات معروفون ، غير عبد الله بن عمرو بن
غيلان الثقفي ، أورده ابن أبي حاتم ( 2/2/117 ) و قال :
روى عن جابر بن عبد الله ، روى عنه قتادة و أبو بشر جعفر بن إياس .
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و مثله يورده ابن حبان في " الثقات " ، و لست
بطائله الآن حتى أتأكد من أنه أورده أولا . و قد ذكر الحافظ في ترجمة أبيه من "
التهذيب " أنه كان من كبار رجال معاوية ، و كان أميرا له على البصرة .
ثم رأيته في " الثقات " ( 7/51 ) ، ذكره فيمن روى عن التابعين ، فقال : يروي عن
كعب ، و عنه قتادة ، و حقه أن يورده في التابعين لتصريحه في هذا الحديث أنه لقي
ابن مسعود و سمع منه ، و فيه أنه رواه عنه يحيى بن أبي كثير ، فقد روى عنه
ثلاثة من الثقات ، فمثله يحسن بعضهم حديثه ، و لا أقل من أن يستشهد به ، فلعله
لذلك لما ذكره ابن كثير في " تفسيره " ( 4/165 ) من طريق ابن جرير سكت عليه .
و ذكره الزيلعي في " نصب الراية " ( 1/144 ـ 145 ) من رواية أبي نعيم في
" دلائل النبوة " عن الطبراني بسنده إلى معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع
أبا سلام يقول : حدثني عمرو بن غيلان الثقفي قال :
أتيت عبد الله بن مسعود فقلت له : حدثت أنك كنت مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليلة وفد الجن ... الحديث ، و عزاه الصنعاني في " السبل " و تبعه الشوكاني
في " النيل " ( 1/85 ) لأبي عبد الله الحاكم في " دلائل النبوة " فإن عنى
" دلائل النبوة " من " المستدرك " فليس فيه ، والله أعلم .
و رواه الدارقطني في " سننه " ( ص 29 ) من وجه آخر عن معاوية بن سلام به مختصرا
إلا أنه قال : فلان بن غيلان و قال :
مجهول ، قيل : اسمه عمرو ، و قيل : عبد الله بن عمرو بن غيلان .
و به أعله الزيلعي ، فقال عقب رواية الطبراني :
و في سنده رجل لم يسم ، و لا يخفى أن هذا القول غير مستقيم بالنسبة لرواية
الطبراني ، فلو عزاه للدارقطني ثم ذكره عقبه لأصاب .
و للحديث طريق أخرى ، يرويه أبو فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث المخزومي
عن عبد الله بن مسعود به ، نحوه و فيه :
قد زودتهم الرجعة ، و ما وجدوا من روث وجدوه شعيرا ، و ما وجدوه عظم وجدوه
كاسيا ، أخرجه أحمد ( رقم 3481 ) ، و أبو زيد هذا قال الذهبي :
لا يعرف ، قال البخاري في " الضعفاء " : لا يصح حديثه - يعني هذا - و قال أبو
أحمد الحاكم : رجل مجهول ، قلت : ما له سوى حديث واحد .
قلت : يعني هذا ، و هو مخرج في " ضعيف أبي داود " ( رقم 10 ) زيادة على ما هنا
و قد جاء مختصرا من طريق عبد الله بن الديلمي عن ابن مسعود قال :
قدم وفد من الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد ! انه أمتك
أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة ، فإن الله جعل لنا فيها رزقا ، قال : فنهى
النبي صلى الله عليه وسلم .
أخرجه أبو داود و غيره بسند صحيح ، و هو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم ( 29 )
و من طريق موسى بن علي بن رباح قال : سمعت أبي يقول : عن ابن مسعود أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ليلة الجن و معه عظم حائل ، و بعرة ، و فحمة
، فقال :
" لا تستنجين بشيء من هذا إذا خرجت إلى الخلاء " .
أخرجه أحمد ( 1/457 ) و الدارقطني ( 1/56/7 ) و البيهقي ( 1/109 ـ 110 )
و أعلاه بعدم ثبوت سماع علي من ابن مسعود ، و رده عليه ابن التركماني في
" الجوهر النقي " فراجعه .
و رواه عبد الله بن صالح : حدثني موسى بن علي به أتم منه .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 9158 - بترقيمي ) و قال :
لم يرو علي بن رباح عن ابن مسعود حديثا غير هذا .
قلت : و هو ثقة كابنه ، فإن كان سمعه من ابن مسعود فهو صحيح من الوجه الأول .
و أما عبد الله بن صالح ، ففيه ضعف ، و به أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد "
( 1/210 ) .
و بالجملة فالحديث مشهور عن ابن مسعود كما قال الحافظ في " التلخيص " ( 1/109 )
، فهو صحيح عنه قطعا ، لكن في بعض طرقه ما ليس في البعض الآخر ، و قد تبين من
مجموع ما أخرجنا منها أن رواية مسلم المتقدمة عن داود بن أبي هند صحيحة بتمامها
إلا قوله في حديث الترجمة : " علف لدوابكم " و جملة : " اسم الله " على وجهيها
، لخلوها عن شاهد ، و اضطراب داود في ذلك وصلا و إرسالا . و من أجل ذلك خرجته
هنا ، والله سبحانه و تعالى أعلم .

(3/37)


1039 - " التوبة تجب ما قبلها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/141 ) :

لا أعرف له أصلا .
خلافا لما يشعره صنيع الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى : *( فأولئك يدخلون
الجنة و لا يظلمون شيئا )* ، قال ( 3/129 ) : و ذلك لأن التوبة تجب ما قبلها ،
و في الحديث الآخر : " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " .
فقوله : الحديث الآخر يعطي أن الذي قبله حديث ، فهو في تعبيره الحديث الأول ،
و لذلك تورط بكلامه هذا الشيخ الرفاعي فأورده في فهرس " الحديث الشريف " ! من
" مختصره " ( 2/619 ) ، و ليس هذا فقط بل و وضع بجانبه قوله : صح !! و كذلك
فعل في الحديث الآخر ، و هذا الخطب فيه سهل ، فإنه معروف في بعض كتب السنة ،
و قد حسنته في " صحيح الجامع الصغير " ( 3005 ) بخلاف هذا فإني لا أعرف له أصلا
البتة ، و مع ذلك فقد صححه المذكور ، هداه الله .
و في ظني أن الحديث التبس أمره على ابن كثير و مختصره بالحديث الصحيح : " إن
الإسلام يجب ما كان قبله ، و إن الهجرة تجب ما كان قبلها " زاد في رواية :
" و إن الحج يهدم ما كان قبله " ، و هو مخرج في " الإرواء " ( 1280 ) .

(3/38)


1040 - " كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام المصلي يصلي ، لم يعد
بصر أحدهم موضع قدميه ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان الناس
إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع جبينه ، فتوفي أبو بكر ، و كان عمر ،
فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي ، لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة ، و كان عثمان
ابن عفان ، فكانت الفتنة ، فتلفت الناس يمينا و شمالا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/141 ) :

منكر .
أخرجه ابن ماجه ( 1/501 - 502 ) و الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 9258 -
مصورتي ) عن محمد بن إبراهيم بن المطلب بن السائب بن أبي وداعة السهمي : حدثني
موسى بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي : حدثني مصعب بن عبد الله عن أم سلمة
بنت أبي أمية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : فذكره ، و قال
الطبراني : لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد .
قلت : و هو ضعيف ، و له علتان :
الأولى : موسى بن عبد الله بن أبي أمية ، أشار الذهبي إلى جهالته بقوله :
تفرد عنه محمد بن إبراهيم بن المطلب .
و صرح بذلك الحافظ في " التقريب " فقال : مجهول .
و هذا معنى قول المنذري في " الترغيب " ( 1/192 ) :
رواه ابن ماجه بإسناد حسن ، إلا أن موسى بن عبد الله لم يخرج له من الستة غير
ابن ماجه ، و لا يحضرني فيه جرح و لا تعديل .
و نقله عنه البوصيري : محمد بن إبراهيم هذا ، فيه جهالة ، فإنه لم يرو عنه سوى
اثنين ، و لم يوثقه أحد غير ابن حبان ، و لذلك لم يوثقه الحافظ ، بل قال فيه :
مقبول ، يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث ، كما نص عليه في المقدمة ، و
قد تفرد بهذا الحديث و لا يعرف إلا من طريقه ، فهو غير مقبول .
فتبين مما سبق أن الحديث منكر إسنادا ، و هو منكر أيضا متنا عندي ، و بيان هذا
من وجهين :
الأول : أنه يدل على أن السنة أن ينظر القائم في صلاته موضع قدميه ، و هذا خلاف
المعروف الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا صلى طأطأ رأسه ، و رمى
ببصره نحو الأرض ، و في حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة ما خلف
بصره موضع سجوده حتى خرج منها <1> .
و الآخر : أنه دل على أن الصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم قد خالفوا سنته
صلى الله عليه وسلم إلى شيء آخر ، و هذا مستبعد جدا عن الصحابة إن لم يكن
مستحيلا عادة ، والله أعلم .
تنبيه : إيراد الحافظ المنذري هذا الحديث في " الترغيب و الترهيب " مما لا
يتناسب مع موضوع كتابه ، لأنه ليس فيه شيء من معنى " الترغيب و الترهيب " و قد
نص هو في المقدمة على أنه لم يذكر فيه ما كان من أفعال النبي صلى الله عليه
وسلم المجردة عن زيادة نوع من موضوع كتابه إلا نادرا ، في ضمن باب أو نحوه .
فهذا من النادر ، اللهم إلا أن يكون أورده من أجل ما في آخره من تلفت الناس
يمينا و شمالا بعد الفتنة ، و حينئذ فليس له علاقة بالترهيب المرفوع ، فتأمل .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] انظر " صفة الصلاة " ( ص 58 الطبعة الثالثة ) ، قال السندي مشيرا إلى هذه
المخالفة " لكن مختار كثير من الفقهاء أنه ينظر إلى موضع سجوده " . اهـ .

(3/39)


1041 - " من قال حين يصبح أو يمسي : اللهم إني أصبحت أشهدك و أشهد حملة عرشك و ملائكتك
، و جميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت ، و أن محمدا عبدك و رسولك أعتق
الله ربعه من النار ، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه ، و من قالها ثلاثا أعتق
الله ثلاثة أرباعه ، فإن قالها أربعا أعتقه الله من النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/143 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 2/612 ) عن عبد الرحمن بن عبد المجيد عن هشام بن الغاز بن
ربيعة عن مكحول الدمشقي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و له علتان :
الأولى : عبد الرحمن بن عبد المجيد لا يعرف كما في " الميزان " و قال الحافظ في
" التقريب " : مجهول .
الأخرى : أنهم اختلفوا في سماع مكحول من أنس ، فأثبته أبو مسهر ، و نفاه
البخاري ، فإن ثبت سماعه منه فالعلة عنعنة مكحول فقد قال ابن حبان : ربما دلس .
و للحديث طريق أخرى عن أنس ، فقال البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 1201 ) :
حدثنا إسحاق قال : حدثنا بقية عن مسلم بن زياد مولى ميمونة زوج النبي صلى الله
عليه وسلم قال : سمعت أنس بن مالك قال : فذكره .
و كذلك رواه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 68 ) عن النسائي ،
و هذا في " العمل " أيضا رقم ( 9 ) : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم به ، إلا أنه وقع
فيه : بقية بن الوليد : حدثني مسلم بن زياد .
فصرح بقية بالتحديث ، و ما أراه محفوظا ، و لعله خطأ من بعض النساخ ، فإن
الطريق مدارها كما ترى على إسحاق بن إبراهيم ، و هو ابن راهويه ، فالبخاري قال
في روايته : ( عن ) ، و هو الصواب ، فقد أخرجه أبو داود ( 2/615 ) و الترمذي
( 4/258 ) <1> من طريقين آخرين صحيحين عن بقية عن مسلم بن زياد به نحوه و زاد
بعد قوله : " لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك " .
و هي عند النسائي أيضا ، و قالا بدل قوله : " أعتق الله ربعه ... " " إلا غفر
الله له ما أصاب في يومه ذلك ، و إن قالها حين يمسي غفر الله له ما أصاب في تلك
الليلة من ذنب " .
فلهذه الطريق علتان أيضا :
إحداهما : عنعنة بقية ، فإنه كان معروفا بالتدليس .
و الأخرى : جهالة مسلم بن زياد هذا ، قال ابن القطان : حاله مجهول .
و قال الحافظ في " التقريب " : مقبول ، يعني عند المتابعة ، و إلا فلين
الحديث كما تقدم مرارا .
و لا يقال : ينبغي أن يكون هنا مقبولا لمتابعة مكحول إياه ، لأننا نقول : يمنع
من ذلك أمور :
الأول : أن مكحولا قد رمي بالتدليس و رواه بالعنعنة كما سبق ، فيحتمل أن يكون
بينه و بين أنس مسلم بن زياد هذا أو غيره فيرجع الطريقان حينئذ إلى كونهما من
طريق واحدة ، لا يعرف تابعيها عينا أو حالا ، فمن جود إسناده أو حسنه لعله لم
يتنبه لهذا .
الثاني : أن الطريق إلى مسلم بن زياد لا تصح لعنعنة بقية كما عرفت .
الثالث : أنهم اختلفوا عليه في لفظ الحديث ، فإسحاق رواه عنه مثل رواية مكحول ،
و الطريقان الآخران روياه عنه بلفظ : " إلا غفر الله له ... " كما تقدم ، فهذا
اضطراب يدل على أن الحديث غير محفوظ ، و كأنه من أجل ذلك كله ، لم يصححه
الترمذي ، بل ضعفه بقوله : حديث غريب .
و أما ما نقله المنذري في " الترغيب " ( 1/227 ) عن الترمذي أنه قال :
حديث حسن ، فهو وهم أو نسخة ، و مثله و أغرب منه نقل ابن تيمية في " الكلم
الطيب " ( ص 11 ) عنه : حديث حسن صحيح ! .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و أخرجه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " ( 10/119 ) و قال :
و فيه بقية و هو مدلس . اهـ .

(3/40)


1042 - " كان إذا سمع صوت الرعد و الصواعق قال : اللهم لا تقتلنا بغضبك ، و لا تهلكنا
بعذابك ، و عافنا قبل ذلك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " (3/146 ) :

ضعيف .
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 271 ) و الترمذي ( 4/245 ) و ابن
السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 298 ) و كذا النسائي ( 927 و 928 )
و الحاكم ( 4/286 ) و البيهقي ( 3/362 ) و أحمد ( 2/100 - 101 ) كلهم عن طريق
أبي مطر عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا ، و قال الترمذي :
حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
و أما الحاكم فقال : صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي !
و نقل ابن علان شارح " الأذكار " ( 4/284 ) عن ابن الجزري أنه قال في " تصحيح
المصابيح " : و رواه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " و الحاكم و إسناده جيد
، و له طرق ، و عن الحافظ أنه قال - يعني في " تخريج الأذكار " - متعقبا على
النووي تضعيفه للحديث :
أخرجه أحمد و أخرجه الحاكم من طرق متعددة ( بينها الحافظ ثم قال : ) فالعجب من
الشيخ يطلق الضعف على هذا و هو متماسك ، و يسكت عن حديث ابن مسعود أي السابق
فيما يقول إذا انقض الكوكب و قد تفرد به من اتهم بالكذب <1> .
قلت : لا شك أن سكوت النووي رحمه الله عن الحديث المشار إليه ، مما لا يحسن من
مثله ، غير أن إطلاقه التضعيف على هذا الحديث فهو مما لا غبار عليه ، ذلك لأن
مداره عندهم جميعا على أبي مطر هذا ، و هو كما قال الذهبي نفسه في " الميزان "
: لا يدرى من هو ، و مثله قول الحافظ في التقريب : مجهول .
فأنى لحديث مثله الصحة أو الجودة أو التماسك ؟ !
و أما الطرق المتعددة التي عزاها الحافظ للحاكم ، فلا أدري أين أخرجها من كتابه
" المستدرك " ، فإنه لم يذكر في المكان الذي سبقت الإشارة إليه إلا طريق أبي
مطر الوحيدة هذه ، و من المؤسف أن الشارح ابن علان اكتفى بقوله : بينها الحافظ
و لم يبين ذلك لنطلع عليه ، فإني في شك كبير أن يكون للحديث طرق متعددة خاصة في
" مستدرك الحاكم " ، فإني قد بحثت عنه في عدة مواضع مظنونة منه ، فلم أعثر عليه
إلا في الموضع الذي سبقت الإشارة إليه ، و هو في " كتاب الأدب " منه ، والله
أعلم .
ثم رجعت إلى فهرسي الذي وضعته لـ " المستدرك " أخيرا فلم يدلني إلا على الموضع
المشار إليه ، والله أعلم .
تنبيه : لقد اغتر المناوي في " الفيض " بكلام ابن حجر الذي نقله ابن علان ، و
لذلك قال في " التيسير " : و بعض أسانيده صحيح ، و بعضها ضعيف ، و قلده في ذلك
الشيخ الغماري في " الكنز الثمين " فأورده فيه برقم ( 2671 ) ، و قد زعم في
مقدمته : أنه جرد فيه الأحاديث الثابتة في " الجامع الصغير " !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] انظر " مجمع الزوائد " ( 10/138 ) و " المعجم الأوسط " ( 7869 ) . اهـ .

(3/41)


1043 - " قولي لها تتكلم ، فإنه لا حج لمن لم يتكلم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/147 ) :

ضعيف .
أخرجه ابن حزم في " المحلى " ( 7/196 ) من طريق عبد السلام بن عبد الله بن جابر
الأحمسي عن أبيه عن زينب بنت جابر الأحمسية : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال لها في امرأة حجت معها مصمتة : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و علته عبد الله بن جابر الأحمسي و ابنه عبد السلام .
قال ابن القطان : لا يعرف هو و لا ابنه ، و ليس له إلا حديث واحد ، و لا روى
عنه إلا ابنه ، نقله في " الميزان " .

(3/42)


1044 - " كان يرفع يديه عند التكبير في كل صلاة و على الجنائز " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/148 ) :

ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم ـ 8584 مصورتي ) عن عباد بن صهيب : حدثنا
عبد الله بن محرر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا ، و قال :
لم يرو هذه اللفظة : و على الجنائز إلا ابن محرر ، تفرد بها عباد .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، آفته عباد بن صهيب و عبد الله بن محرر متروكان ،
و أما قول الهيثمي في " المجمع " ( 3/32 ) :
رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه عبد الله بن محرر و هو مجهول .
قلت : فهذا سهو منه رحمه الله ، فإن ابن محرر هذا معروف ، و لكن بالضعف الشديد
، قال فيه البخاري : منكر الحديث .
و قال الدارقطني و جماعته :
متروك الحديث ، انظر " تهذيب التهذيب " .
ثم إن اقتصاره عليه في إعلال الحديث يوهم أنه ليس فيه علة أخرى ، و ليس كذلك ،
فإن عباد بن صهيب متروك أيضا كما سبق ، و له ترجمة في " لسان الميزان " .
و من ذلك تعلم أن قول الحافظ في " التلخيص " ( ص 171 ) بعد أن ذكر قول الطبراني
المتقدم : لم يرو هذه اللفظة إلا ابن محرر تفرد بها عبادة :
و هما ضعيفان ، و قوله في " الفتح " ( 3/148 ) :
إسناده ضعيف .
قلت : في ذلك كله تسامح كبير ، فإن حقه أن يقول : ضعيفان جدا ، و ضعيف جدا ،
و مما يشهد لذلك قوله في " التقريب " :
عبد الله بن محرر متروك .
ثم رد الحافظ على الطبراني نفيه المذكور بأن الدارقطني رواه من طريق أخرى بلفظ
آخر و هو :
" كان إذا صلى على الجنازة رفع يديه في كل تكبيرة ، و إذا انصرف سلم " .

(3/43)


1045 - " كان إذا صلى على الجنازة رقع يديه في كل تكبيرة ، و إذا انصرف سلم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/149 ) :

شاذ .
قال الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/285 ) :
أخرجه الدارقطني في " علله " عن عمر بن شبة <1> : حدثنا يزيد بن هارون : أنبأ
يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر ، و خالفه جماعة ، فرووه عن يزيد بن هارون
موقوفا ، و هو الصواب .
و أقره الزيلعي ثم الحافظ في " التلخيص " ( ص 171 ) ، و هو الحق إن شاء الله
تعالى ، فإن رواية الجماعة الذين أشار إليهم الدارقطني ، و المفروض أنهم جميعا
ثقات ، و إلا لما رجح روايتهم فهؤلاء مجتمعين أحفظ و أضبط دون ما ريب من ابن
شبة وحده ، لا سيما و قد ذكروا له حديثا أخطأ فيه كما هو مبين في " التهذيب " ،
و كأن هذا مما حمل الحافظ في " التقريب " على أن يقتصر في ترجمته على قوله فيه
: صدوق ، فأورده في المرتبة الرابعة و هي الأخيرة عنده من مراتب التعديل ، أي
أنه حسن الحديث ، لأن المرتبة الثالثة من وصفه بقوله : ثقة ، أو متقن ، أو ثبت
، أو عدل ، و هذه خاصة بمن كان صحيح الحديث ، أما المرتبة الخامسة ، فهي لمن
قصر عن درجة الرابعة قليلا ، و إليه الإشارة بـ صدوق سيىء الحفظ ، أو صدوق
يهم ، أو له أوهام ، أو يخطىء ، أو تغير بآخره ، و هذه لمن كان ضعيف الحديث
أو قريبا منه .
و مما يؤيد رواية الجماعة عن يزيد بن هارون ، أنه تابعه جماعة من الثقات بعضهم
متابعة تامة ، و بعضهم متابعة قاصرة ، و هاك بيانها :
1 - قال البخاري في " رفع اليدين " ( ص 33 ـ طبعة الإمام ) : قال أحمد بن يونس
: حدثنا زهير : حدثنا يحيى بن سعيد به .
و هذا سند صحيح غاية على شرط الشيخين ، و زهير هو ابن معاوية بن خديج قال في
" التقريب " : ثقة ثبت ، و أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس ينسب
إلى جده ، و هو كما قال الحافظ : ثقة حافظ ، و هو من شيوخ البخاري فهو إسناد
موصول ، و إن كان في صورة المعلق كما هو مقرر في " مصطلح الحديث " .
2 - قال ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4/112 ) : حدثنا ابن فضيل عن يحيى به .
و هذا سند صحيح أيضا على شرطهما ، و متابعة تامة أيضا قوية من ابن فضيل و اسمه
محمد وثقه ابن معين و جماعة .
3 - قال عبد الله بن إدريس : سمعت عبيد الله <2> عن نافع به ، أخرجه ابن
أبي شيبة و البخاري في " رفع اليدين " و البيهقي في " السنن الكبرى " ( 4/44 )
من طرق عن إدريس به .
قلت : و هذا سند صحيح أيضا على شرطهما ، رجاله كلهم ثقات أثبات ، و عبيد الله
هو ابن عمر المصغر ، و هو ثقة ، و أما أخوه عبد الله بن عمر المكبر فهو ضعيف
لسوء حفظه .
4 - قال البخاري : حدثنا محمد بن عرعرة : حدثنا جرير بن حازم قال : سمعت نافعا
به نحوه .
قلت : و هذا سند صحيح أيضا ، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري في " صحيحه " .
فهذه أربع طرق صحيحة ، كلها متفقة على رواية الحديث عن نافع عن ابن عمر موقوفا
عليه ، فإذا ضمت إلى رواية الجماعة عن يزيد بن هارون كان ذلك دليلا قاطعا إن
شاء الله تعالى على التصويب روايتهم الموقوفة ، و تخطئة رواية ابن شبة المرفوعة
و هذا بين ظاهر ، والله الموفق لا رب سواه .
فائدة : قال ابن حزم رحمه الله تعالى ( 5/128 ) :
و أما رفع الأيدي ، فإنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع في شيء
من تكبير الجنازة إلا في أول تكبيرة فقط <3> ، فلا يجوز فعل ذلك ، لأنه عمل في
الصلاة لم يأت به نص ، و إنما جاء عنه عليه السلام أنه كبر و رفع يديه في كل
خفض و رفع ، و ليس فيها رفع و لا خفض ، و العجب من قول أبي حنيفة برفع الأيدي
في كل تكبيرة في صلاة الجنازة ، و لم يأت قط عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
و منعه رفع الأيدي في كل خفض و رفع في سائر الصلوات ، و قد صح عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، و قد نقل تعجب ابن حزم هذا من أبي حنيفة بعض مقلديه في
تعليقه على " نصب الراية " و اعترض عليه بقوله :
قلت : هذه النسبة منه أعجب .
و أقول : لا عجب ، فإن قول أبي حنيفة هذا ثابت عنه ، منقول في كثير من كتب
أتباعه ، مثل حاشية ابن عابدين و غيره ، و عليه عمل أئمة بلخ من الحنفيين ،
و إن كان عمل الأحناف اليوم على خلافه ، و عليه جرت كتب المتون ، و هذا هو الذي
غر المشار إليه على الاعتراض على ابن حزم و الرد عليه ، و هو به أولى .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] في الأصل " شيبة " في الموضعين و التصحيح من " التلخيص " و كتب الرجال .
اهـ .

[2] هكذا وقع عند البيهقي " عبيد " مصغر ، و وقع عند الآخرين " عبد " مكبرا
و الراجح عندي الأول ، لأمرين : أولا : أنه هو المذكور في شيوخ ابن إدريس ،
و الثاني أنه وقع كذلك في " الفتح " ( 3/148 ) معزوا لجزء البخاري . اهـ .

[3] انظر لهذا كتابنا " أحكام الجنائز " طبع المكتب الإسلامي ( ص 115 - 116 ) .
اهـ .

(3/44)


1046 - " مسح رأسه ، و أمسك مسبحتيه لأذنيه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/151 ) :

لا أصل له .
و إن أورده الشيخ الشيرازي في " المهذب " ، في بعض نسخه ، فإنه لم يورده في نسخ
أخرى منه متعمدة ، و ذلك أنه أمر بالضرب عليه ، لما تبين له أنه لا أصل له ،
فقال النووي في شرحه عليه ( 1/411 ) :
هو موجود في نسخ المهذب المشهورة ، و ليس موجودا في بعض النسخ المعتمدة و هو
حديث ضعيف ، أو باطل لا يعرف ، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : و هنا نكتة خفيت
على أهل العناية بـ " المهذب " و هي أن مصنفه رجع عن الاستدلال بهذا الحديث ،
و أسقطه من " المهذب " ، فلم يفد ذلك بعد انتشار الكتاب ، قال : وجدت بخط بعض
تلامذته في هذه المسألة من تعليقه في الخلاف في الحاشية عند استدلاله بهذا
الحديث : قال الشيخ : ليس له أصل في السنن ، فيجب أن تضربوا عليه في " المهذب "
فإني صنفته من عشر سنين و ما عرفته ، قال أبو عمرو بن الصلاح : و بلغني أن هذا
الحديث مضروب عليه في أصل المصنف الذي هو بخطه ، و يغني عن هذا ، حديث عبد الله
ابن زيد أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ، فأخذ لأذنيه ماء خلاف
الماء الذي أخذ لرأسه ، حديث حسن رواه البيهقي ، و قال : إسناده صحيح .
قلت : هو كما قال البيهقي : إسناده صحيح ، لكنه شاذ ، و قد أشار إلى ذلك
البيهقي نفسه ، فإنه لما أخرجه ( 1/65 ) من طريق الهيثم بن خارجة : حدثنا
عبد الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث عن حبان بن واسع الأنصاري : أن
أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد يذكر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكره و قال : و هذا إسناد صحيح أتبعه بقوله :
و كذلك روي عن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص و حرملة بن يحيى عن ابن وهب
و رواه مسلم بن الحجاج في " الصحيح " عن هارون بن معروف و هارون بن سعيد الأيلي
و أبي الطاهر عن ابن وهب بإسناد صحيح أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتوضأ ، فذكر وضوءه قال : و مسح رأسه بماء غير فضل يديه ، و لم يذكر الأذنين ثم
قال : و هذا أصح من الذي قبله .
فأشار بهذا إلى شذوذ الرواية الأولى كما ذكرنا آنفا ، و قد صرح الحافظ بمعنى
ذلك بقوله في " بلوغ المرام " ، فإنه ذكر الرواية الأولى من رواية البيهقي . ثم
ذكر لفظ مسلم ثم أعقبه بقوله :
و هو المحفوظ ، و لا ينافيه ما سبق في كلام البيهقي أن الهيثم بن خارجة لم
يتفرد به ، بل تابعه ابن مقلاص و حرملة بن يحيى ، ذلك لأن الرواية عنهما لم تصح
، كما يشير إليه كلام البيهقي و هو قوله : روي و لعل ذلك من أجل أنه من رواية
محمد بن أحمد ابن أبي عبيد الله عنهما ، أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 1/151
) و قال :
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إذا سلم من ابن أبي عبيد الله هذا ، فقد احتجا
جميعا بجميع رواته ، و وافقه الذهبي ، و لم يتعرض لابن أبي عبيد الله هذا
و أظنه الذي في " الميزان " :
محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الجبار العامري ، عن الربيع و ابن عبد الحكم و
بحر بن نصر ، و عنه الضراب و ابن منده و ابن جميع ، قال ابن يونس : كان يكذب ،
و حدث بنسخة موضوعة ، توفي سنة ثلاث و أربعين و ثلاثمائة .
فإن كان هو فما في " المستدرك " : " ابن أبي عبيد الله " محرف من " ابن
عبد الله " .
بيد أنه لم يتفرد به عن حرملة ، فقد خرجه الحاكم أيضا من طريق أخرى قوية في
الظاهر ، فقال : حدثناه أبو الوليد الفقيه غير مرة : حدثنا الحسن بن سفيان :
حدثنا حرملة بن يحيى : حدثنا ابن وهب به ، لكن قال الحافظ في " التلخيص "
( ص 33 ) :
رواه الحاكم بإسناد ظاهر الصحة .
ثم ذكر رواية الهيثم بن خارجة المتقدمة و تصحيح البيهقي لإسنادها ثم تعقبه
بقوله :
لكن ذكر الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في " الإمام " أنه رأى في رواية ابن
المقري عن ابن قتيبة عن حرملة بهذا الإسناد ، و لفظه : " و مسح رأسه بماء غير
فضل يديه " ، و لم يذكر الأذنين .
قلت : و كذا هو في " صحيح ابن حبان " عن ابن سلم عن حرملة ، و كذا رواه الترمذي
عن علي بن خشرم عن ابن وهب .
قلت : و فاته أنه عند مسلم أيضا ( 1/146 ) من طريق جماعة آخرين عن ابن وهب كما
تقدم في كلام البيهقي ، و لم يفته ذلك في " بلوغ المرام " كما تقدم ، و اغتر
بصنيعه في " التلخيص " الصنعاني فقال في " سبل السلام " ( 1/70 ) :
و لم يذكر في " التلخيص " أنه أخرجه مسلم ، و لا رأيناه في مسلم !
و أخرجه أبو داود أيضا من طريق أبي الطاهر ، و أبو عوانة في " صحيحه " ( 1/249
) و أحمد ( 4/41 ) من طريقين آخرين عن ابن وهب به .
و تابعه حجاج بن إبراهيم الأزرق عن عمرو بن الحارث عند أبي عوانة .
و تابعه ابن لهيعة عن حبان بن واسع عند أحمد ( 4/39 و 40 ـ 42 ) .
و ابن لهيعة صحيح الحديث إذا كان من رواية أحد العبادلة عنه ، و هذا منها ، فإن
عبد الله بن المبارك ممن رووه عنه .
و جملة القول أن حديث عبد الله بن زيد هذا قد رواه ثلاثة من الثقات عن عمرو بن
الحارث :
أ - حرملة .
ب - ابن وهب .
ج - حجاج الأزرق .
و ثلاثتهم قالوا في روايتهم عنه : " و مسح رأسه بماء غير فضل يديه " ، إلا في
بعض الروايات عن الأول فقال : " فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه " .
فهذا الاختلاف إما أن يكون من الرواة أنفسهم أو من حرملة ذاته ، و أيهما كان ،
فالرواية التي وافق فيها الثقات أولى بالترجيح و القبول من التي خالفهم فيها ،
لا سيما و قد تأيدت برواية ابن لهيعة المذكورة ، فهذا كأنه يؤيد ما ذهب إليه
الحافظ أن حديث " أخذ ماء جديدا للأذنين " غير محفوظ ، و يرد قول النووي أنه
حديث حسن ، و قد كنت وقعت في خطأ أفحش منه ; فقلت في " سلسلة الأحاديث الصحيحة
" ( الطبعة الأولى ) عند الكلام على الحديث ( 36 ) : و هو حديث صحيح كما بينته
في " صحيح سنن أبي داود " ( رقم 111 ) .
و الذي بينت صحته هناك إنما هو لفظ مسلم : " و مسح رأسه بماء غير فضل يده " .
لذلك فإني أهتبل هذه الفرصة و أعلن أنه خطأ مني رجعت عنه فمن كان وقف عليه
فليصححه ، و أستغفر الله من كل خطأ و ذنب .
و يعود الفضل لتنبهي لهذا الخطأ إلى أحد طلابنا المجتهدين الأذكياء في السنة
الثالثة من الجامعة الإسلامية ، فإنه كتب إلي بتاريخ 16/5/84 هـ ) يستفسر عن
التوفيق بين تصحيحي للحديث المذكور ، و تضعيفي إياه في درس الحديث في السنة
الأولى من الجامعة . فكتبت إليه أبي هذا الخطأ ، و أؤكد له ضعفه و أشكره على
اهتمامه بالتحقيق العلمي ، و جزاه الله خيرا ، و قد كنت نوهت بذلك في التعليق
على " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 1/56 ـ طبع المكتب الإسلامي " .

(3/45)


1047 - " كان لا ينزل منزلا إلا ودعه بركعتين " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/155 ) :

ضعيف .
أخرجه ابن خزيمة ( 1260 ) و عنه الحاكم ( 1/315 ـ 316 و 2/101 ) و زاهر الشحامي
في " السباعيات " ( ج 7/18/2 ) عن عبد السلام بن هاشم : حدثنا عثمان بن سعد
الكاتب ، و كانت له مروءة و عقل عن أنس بن مالك قال : فذكره مرفوعا .
و قال الحاكم :
حديث صحيح ، و عثمان بن سعد الكاتب ممن يجمع حديثه في البصريين .
و تعقبه الذهبي في الموضع الأول بقوله :
قلت : ذكر أبو حفص الفلاس عبد السلام هذا فقال : لا أقطع على أحد بالكذب إلا
عليه ، و قال في الموضع الآخر :
قلت : لا ، فإن عبد السلام كذبه الفلاس ، و عثمان لين .
قلت : و عثمان هذا متفق على تضعيفه ، و قال الحافظ ابن حجر في " التقريب " :
ضعيف ، فلا أدري بعد هذا وجه ما نقله المناوي عنه فقال :
و قال ابن حجر : حسن غريب ، و قول الحاكم : صحيح ، غلطوه فيه .
قلت : و كذلك تحسينه إياه ينبغي أن يكون خطأ ، ما دام أنه غريب ، و فيه ذلك
الراوي الضعيف ، و أما إعلال الذهبي إياه بعبد السلام أيضا ، فهو باعتبار هذه
الطريق ، و قد وجدت له متابعا عند الحاكم ( 1/446 ) من طريق أبي قلابة
عبد الملك بن محمد : حدثنا ابن عاصم : حدثنا عثمان بن سعد به ، و قال الحافظ
عقبه : صحيح على شرط البخاري ، و رده الذهبي بقوله :
كذا قال ، و عثمان ضعيف ما احتج به البخاري .
و من هذا الوجه أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 5/253 ) إلا أنه جعل يحيى
ابن كثير " بدل " أبو عاصم " و كلاهما ثقة ، و ابن كثير هو العنبري البصري ،
و لعل هذا الاختلاف من أبي قلابة ، فإنه كان تغير حفظه ، والله أعلم .
و الحديث أخرجه أبو يعلى أيضا و البزار و الطبراني في " الأوسط " من طريق ابن
سعد .
و يشبه هذا الحديث حديث آخر أشد ضعفا منه و هو :
" كان إذا نزل منزلا في سفر ، أو دخل بيته لم يجلس حتى يركع ركعتين " .

(3/46)


1048 - " كان إذا نزل منزلا في سفر ، أو دخل بيته لم يجلس حتى يركع ركعتين " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/156 ) :

ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 18/300/770 ) عن محمد بن عمر الواقدي :
حدثنا حارثة بن أبي عمران بسنده عن فضالة بن عبيد به .
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 2/283 ) :
و فيه الواقدي ، و قد وثقه مصعب الزبيري و غيره ، و ضعفه جماعة كثيرون من
الأئمة .
و الحديث رمز له السيوطي بالضعف في بعض نسخ " الجامع الصغير " ، و قال المناوي
: سكت المصنف عليه فلم يرمز إليه ، فأوهم أنه لا بأس بسنده ، و ليس كذلك ، فقد
قال الحافظ ابن حجر في " أماليه " : سنده واه هكذا قال ، و قال شيخه الزين
العراقي في شرح الترمذي : ( فيه الواقدي ) .
قلت : و هو متروك كما تقدم مرارا .
ثم إن شيخه حارثة مجهول كما قال أبو حاتم و الذهبي .

(3/47)


1049 - " كان إذا استلم الحجر قال : اللهم إيمانا بك ، و تصديقا بكتابك ، و اتباعا سنة
نبيك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/156 ) :

موقوف ضعيف .
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم - 488 - مصورتي ) عن أبي إسحاق عن
الحارث عن علي أنه كان : فذكره .
قلت : و هذا سند واه ، من أجل الحارث و هو الأعور و هو ضعيف .
ثم أخرجه ( رقم - 5617 و 5971 ) من طريق عون بن سلام : حدثنا محمد بن مهاجر عن
نافع قال :
كان ابن عمر إذا استلم الحجر قال : فذكره . و زاد في آخره :
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : و هذا سند ضعيف أيضا ، و علته محمد بن مهاجر و هو القرشي الكوفي ، قال
الذهبي : لا يعرف .
و قال ابن حجر : لين .
و وهم الهيثمي في " المجمع " فقال ( 3/240 ) :
رواه الطبراني في " الأوسط " ، و رجاله رجال ( الصحيح ) .
و وجه الوهم أن محمد بن مهاجر هذا ليس من رجال الصحيح ، و لم يخرج له من الستة
سوى النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ، ثم هو ضعيف كما عرفت . و الظاهر أن
الهيثمي توهم أنه محمد بن مهاجر بن أبي مسلم الشامي ، فإنه من رجال مسلم ،
و هو ثقة و من طبقة هذا ، و لكنه ليس به ، و ليس من شيوخه نافع ، و لا من
الرواة عنه عون بن سلام ، بخلاف الأول ، كما يتبين للباحث في ترجمة الرجلين في
" تهذيب التهذيب " .

(3/48)


1050 - " الأضحية لصاحبها بكل شعرة حسنة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/157 ) :

موضوع .
ذكره الترمذي في " سننه " معلقا بدون إسناد ، و مشيرا إلى تضعيفه بقوله ( 1/282
) :
و يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره .
قلت : و أصله ما أخرجه ابن ماجه ( 3127 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 316/2 ـ
317/1 ) و الحاكم ( 2/389 ) و البيهقي في " سننه " ( 9/261 ) من طريق عائذ الله
عن أبي داود عن زيد بن أرقم قال :
" قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ما هذه الأضاحي ؟ قال
: سنة أبيكم إبراهيم ، قالوا : فما لنا فيها يا رسول الله ؟ قال : بكل شعرة
حسنة ، قال : فالصوف يا رسول الله ؟ قال : بكل شعرة من الصوف حسنة " .
أورده ابن عدي في ترجمة عائذ الله هذا و قال :
لا يصح حديثه ، و روى هذا عن البخاري أيضا ، ثم ساق هذا الحديث .
و أما الحاكم فقال عفى الله عنا و عنه :
صحيح الإسناد ! و رده الذهبي بقوله :
قلت : عائذ الله قال أبو حاتم : منكر الحديث .
قلت : و هذا يوهم أنه سالم ممن فوقه ، و ليس كذلك فإن أبا داود هذا مطعون فيه
أيضا ، بل هو أولى بتعصيب الجناية به من الراوي عنه ، لأنه متهم بالكذب ، بل إن
الذهبي نفسه قال عنه في ترجمة عائذ الله : يضع .
و قال ابن حبان في " الضعفاء " ( 3/55 ) :
يروي عن الثقات الموضوعات توهما ، لا يجوز الاحتجاج به ، هو الذي روى عن زيد
ابن أرقم .. فذكر هذا الحديث .
و قال الحافظ المنذري في " الترغيب " ( 2/101 ـ 102 ) معقبا على الحاكم :
بل واهية ، عائذ الله هو المجاشعي ، و أبو داود هو نفيع بن الحارث الأعمى
و كلاهما ساقط .
و قال البوصيري في " الزوائد " :
في إسناده أبو داود و اسمه نفيع بن الحارث و هو متروك ، و اتهم بوضع الحديث .

(3/49)


1051 - " من حمل سلعته فقد برىء من الكبر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/158 ) :

موضوع .
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1/165 ) و القضاعي ( 32/2 ) عن مسلم بن
عيسى الصفار قال : أخبرنا أبي قال : أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر
مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، مسلم هذا قال الدارقطني : متروك . و اتهمه الذهبي
في " تلخيص المستدرك " بوضع الحديث .
و له شاهد لا يفرح به ، أخرجه ابن عدي في الكامل ( ق 240/2 ) من طريق عمر بن
موسى عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا .
أورده في ترجمة عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي ، و روى عن يحيى أنه قال :
شامي و ليس بثقة .
و عن البخاري : منكر الحديث ، ثم ساق له أحاديث كثيرة ثم قال :
و له غير ما ذكرت من الحديث كثير ، و كل ما أمليت لا يتابعه الثقات عليه ،
و ما لم أذكره كذلك ، و هو بين الأمر في الضعفاء ، و هو في عداد من يضع الحديث
متنا و سندا .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " الشعب " عن
أبي أمامة ، و تعقبه المناوي بقوله :
قضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي و أقره ، و الأمر بخلافه ، بل تعقبه بقوله
: في إسناده ضعف ، و ذلك لأن فيه سويد بن سعيد ، و هو ضعيف عن بقية و هو مدلس
عن عمرو بن موسى الدمشقي ، قال في " الميزان " : لا يعتمد عليه و لا يعرف
و لعله الوجيهي .
قلت : و في هذا التعقب نظر من وجوه :
أولا : تعصيب الجناية بسويد بن سعيد أيضا لا وجه له ، لأنه قد تابعه يحيى بن
عثمان عند ابن عدي ، و هو الحمصي ، صدوق عابد .
ثانيا : قوله : " عمرو " بالواو لا وجود له في الرواة ، فلعل الواو زيادة من
قلم بعض النساخ أو الطابع .
ثالثا : ليس في " الميزان " عمر أو عمرو بن موسى الدمشقي موصوفا بقوله :
لا يعتمد عليه .. إلخ ، و إنما فيه : عمر بن موسى الأنصاري الكوفي ، قال
الدارقطني : متروك الحديث ، قلت : كأنه الوجيهي ، و قد قال في ترجمة الوجيهي
و وهم من عده كوفيا لأنه يروي أيضا عن الحكم بن عتيبة و قتادة .
رابعا : عمر بن موسى الدمشقي هو الوجيهي قطعا ، ففي ترجمته ذكر ابن عدي هذا
الحديث ، و وصفه يحيى بأنه شامي و في " الميزان " أنه دمشقي .
خامسا : قول البيهقي : " في إسناده ضعف " فيه تساهل كبير ، فإن مثل هذا إنما
يقال في إسناد حديث فيه راو غير متهم ، أما و هذا فيه ذلك الوجيهي الوضاع فلا
ينبغي تليين القول فيه ، كما لا يخفى على المحققين من أهل المعرفة بهذا العلم
الشريف .
ثم إن الطريق الأولى لهذا الحديث مما فات السيوطي فلم يخرجه ، و لا استدركه
عليه المناوي في شرحه ، مصداقا لقول القائل : كم ترك الأول للآخر ، و ردا على
بعض المغرورين القائلين : إن علم الحديث قد نضج بل و احترق ، هداهم الله سواء
السبيل ، ثم لعل ذلك الصفار المتهم بالوضع سرق هذا الحديث من الوجيهي و ركب
عليه إسنادا غير إسناده ! قاتل الله الوضاعين و قبح فعلهم .

(3/50)


1052 - " لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياما لا يرى جبريل ، فحزن حزنا شديدا حتى كان
يغدو إلى ( ثبير ) مرة ، و إلى ( حراء ) مرة ، يريد أن يلقي بنفسه منه ، فبينا
هو كذلك عامدا لبعض تلك الجبال ، إذ سمع صوتا من السماء فوقف صعقا للصوت ، ثم
رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء و الأرض متربعا عليه يقول : يا محمد
أنت رسول الله حقا ، و أنا جبريل ، قال : فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
و قد أقر الله عينه ، و ربط جأشه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/160 ) :

ضعيف .
رواه ابن سعد في " الطبقات " ( 1/1/130 ـ 131 ) : أخبرنا محمد بن عمر ; قال :
حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن
ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الوحي .. إلخ .
قلت : و هذا سند واه جدا ، محمد بن عمر هو الواقدي و هو متهم بالكذب على علمه
بالمغازي و السير <1> ، و شيخه إبراهيم بن محمد بن أبي موسى لم أعرفه ، و لكني
أظن أن جده أبي موسى محرف من أبي يحيى ، فإن كان كذلك فهو معروف و لكن بالكذب ،
و هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق المدني ، كذبه جماعة .
و يرجح أنه هو ; كونه من هذه الطبقة و كون الواقدي الراوي عنه أسلميا مدنيا
أيضا ، و قد قال النسائي في آخر كتابه " الضعفاء و المتروكون " ( ص 57 ) :
" و الكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة :
1 - ابن أبي يحيى بالمدينة .
2 - و الواقدي ببغداد .
3 - و مقاتل بن سليمان بخراسان .
4 - و محمد بن سعيد بالشام ، يعرف بالمصلوب .
فهذا الإسناد من أسقط إسناد في الدنيا ، و لكن قد جاء الحديث من طريق أخرى من
حديث عائشة في صحيح البخاري و غيره ، بيد أن له علة خفية ، فلابد من بيانها
فأخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 22 ـ ترتيب الفارسي ) من طريق ابن
أبي السري :
حدثنا عبد الرزاق : أنبأنا معمر عن الزهري : أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة
قالت : أول ما بدىء برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة
يراها في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب له الخلاء ،
فكان يأتي حراء فيتحنث فيه ... حتى فجأة الحق و هو في غار حراء ، فجاءه الملك
فيه فقال : اقرأ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقلت : ما أنا بقارىء
... الحديث إلى قوله : قال ( يعني ورقة ) : نعم لم يأت أحد قط بما جئت به إلا
عودي ، و إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة أن توفي و فتر
الوحي فترة ، و زاد : حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا
لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منها تبدى
له جبريل ، فقال له جبريل ، فقال له : يا محمد ! إنك رسول الله حقا ، فيسكن
لذلك جأشه و تقر نفسه فيرجع ، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا
أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل ، فيقول له مثل ذلك .
و ابن أبي السري هو محمد بن المتوكل و هو ضعيف حتى اتهمه بعضهم ، و قد خولف في
إسناده فقال الإمام أحمد في " مسنده " ( 6/232 ـ 233 ) : حدثنا عبد الرزاق به .
إلا أنه قال :
حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا خزنا غدا منه .. إلخ ، فزاد
هنا في قصة التردي قوله :
" فيما بلغنا " .
و هكذا أخرجه البخاري في أول " التعبير " من " صحيحه " ( 12/311 ـ 317 ) من
طريق عبد الله بن محمد و هو أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبد الرزاق به بهذه
الزيادة ، و أخرجه مسلم ( 1/97 ـ 98 ) من طريق محمد بن رافع : حدثنا عبد الرزاق
به ، إلا أنه لم يسق لفظه ، و إنما أحال فيه على لفظ قبله من رواية يونس عن ابن
شهاب ، و ليس فيه عنده قصة التردي مطلقا ، و هذه الرواية عند البخاري أيضا في
" التفسير " ( 8/549 ـ 554 ) ليس فيها القصة ، فعزو الحافظ ابن كثير في تفسيره
الحديث بهذه الزيادة للشيخين فيه نظر بين ، نعم قد جاءت القصة في الرواية
المذكورة عند أبي عوانة في " مستخرجه " ( 1/110 ـ 111 ) : حدثنا يونس بن
عبد الأعلى قال : أنبأنا ابن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد به ، و فيه قوله :
" فيما بلغنا " ، فهذه الرواية مثل رواية أحمد و ابن أبي شيبة عن عبد الرزاق
تؤكد أن إسقاط ابن أبي السري من الحديث قوله : " فيما بلغنا " خطأ منه ترتب
عليه أن اندرجت القصة في رواية الزهري عن عائشة ، فصارت بذلك موصولة ، و هي في
حقيقة الأمر معضلة ، لأنها من بلاغات الزهري ، فلا تصح شاهدا لحديث الترجمة
المذكورة أعلاه ، قال الحافظ ابن حجر بعد أن بين أن هذه الزيادة خاصة برواية
معمر ، و فاته أنها في رواية يونس بن يزيد أيضا عند أبي عوانة ، قال :
ثم إن القائل : " فيما بلغنا " هو الزهري ، و معنى الكلام أن في جملة ما وصل
إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة ، و هو من بلاغات
الزهري ، و ليس موصولا ، و قال الكرماني : هذا هو الظاهر و يحتمل أن يكون بلغه
بالإسناد المذكور ، و وقع عند ابن مردويه في " التفسير " من طريق محمد بن كثير
عن معمر بإسقاط قوله : " فيما بلغنا " ، و لفظه " فترة حزن النبي صلى الله عليه
وسلم منها حزنا غدا منه " إلخ ، فصار كله مدرجا على رواية الزهري و عن عروة عن
عائشة ، و الأول هو المعتمد .
و أشار إلى كلام الحافظ هذا الشيخ القسطلاني في شرحه على البخاري في " التفسير
" و اعتمده ، و محمد بن كثير هذا هو الصنعاني المصيصي قال الحافظ في " التقريب
" : صدوق كثير الغلط .
و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : ضعفه أحمد .
قلت : فمثله لا يحتج به ، إذا لم يخالف ، فكيف مع المخالفة ، فكيف و من خالفهم
ثقتان عبد الرزاق و يونس بن يزيد ، و معهما زيادة ؟ !
و خلاصة القول أن هذا الحديث ضعيف لا يصح لا عن ابن عباس و لا عن عائشة ،
و لذلك نبهت في تعليقي على كتابي " مختصر صحيح البخاري " ( 1/5 ) على أن بلاغ
الزهري هذا ليس على شرط البخاري كي لا يغتر أحد من القراء بصحته لكونه في "
الصحيح " . والله الموفق .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] انظر ترجمته بالتفصيل في " تاريخ الخطيب " ( 3/1 - 20 ) . اهـ .

(3/51)==

مج 5. السلسلة الضعيفة محمد ناصر الدين الألباني

1053 - " السجود على سبعة أعضاء : اليدين ، و القدمين ، و الركبتين و الجبهة ، و رفع
الأيدي إذا رأيت البيت ، و على الصفا و المروة ، و بعرفة ، و بجمع ، و عند رمي
الجمار ، و إذا أقيمت الصلاة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/163 ) :

منكر بذكر رفع الأيدي .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/155/1 ) : حدثنا أحمد بن شعيب
أبو عبد الرحمن النسائي : حدثنا عمرو بن يزيد أبو بريد الجرمي : أخبرنا سيف بن
عبيد الله : أخبرنا ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
و عن الطبراني رواه الضياء في " المختارة " ( 61/249/2 ) .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و علته عطاء بن السائب و كان اختلط ، فلا يحتج بحديثه
إلا ما رواه الثقات عنه قبل اختلاطه و هم : سفيان الثوري ، و شعبة ، و زهير بن
معاوية ، و زائدة بن قدامة ، و حماد بن زيد ، و أيوب السختياني ، و وهيب ، كما
يستفاد من مجموع كلام الأئمة فيه على ما لخصه ابن حجر في " التهذيب " و فاته
وهيب فلم يذكره في جملة هؤلاء الثقات ! و على كل حال فليس منهم ورقاء و هو ابن
عمر راوي هذا الحديث عنه ، فيتوقف عن الاحتجاج بحديثه كما هو مقرر في " المصطلح
" و يعامل معاملة الحديث الضعيف حتى يثبت ، و هيهات ، فقد جاء الحديث من طريق
طاووس عن ابن عباس مرفوعا بالشطر الأول منه ، رواه الشيخان و غيرهما ، و هو
مخرج في " الإرواء " ( 310 ) .
فالشطر الثاني منكر عندي لتفرد عطاء به ، و قد أعله الهيثمي في " المجمع " فقال
( 3/238 ) :
و فيه عطاء بن السائب و قد اختلط .
و تعقبه المعلق على " نصب الراية " فقال ( 1/390 ) :
قلت : ورقاء من أقران شعبة ، و سماع شعبة عن عطاء بن السائب قديم صحيح على أنه
قال ابن حبان : اختلط بآخره ، و لم يفحش حتى يستحق أن يعدل به عن مسلك العدول .
قلت : و هذا التعقب لا غناء فيه ، لأنه لا يلزم من كون ورقاء من أقران شعبة أن
يكون سمع من عطاء قديما كما سمع منه شعبة ، ألا ترى أن في جملة من روى عن عطاء
إسماعيل بن أبي خالد و هو من طبقة عطاء نفسه ، بل أورده الحافظ ابن حجر في
الطبقة الرابعة من التابعين ، بينما ذكر ابن السائب في الطبقة الخامسة ، فهو
إذن من أقران عطاء و ليس من أقران شعبة ، و مع ذلك لم يذكروه فيمن روى عن عطاء
قبل الاختلاط ، و مثله سليمان التيمي ، فهذا يبين أن السماع من المختلط قبل
اختلاطه ليس لازما لكل من كان علاي الطبقة ، كما أن العكس ; و هو عدم السماع ;
ليس لازما لمن كان نازل الطبقة ، و إنما الأمر يعود إلى معرفة واقع الراوي هل
سمع منه قديما أم لا ، خلافا لما توهمه المعلق المشار إليه .
و مما يؤيد ذلك أن بعض الرواة يسمع من المختلط قبل الاختلاط و بعده و من هؤلاء
حماد بن سلمة ، فإنه سمع من عطاء في الحالتين كما استظهره الحافظ في " التهذيب
" ، و لذلك فلا يجوز الاحتجاج أيضا بحديثه عنه خلافا لبعض العلماء المحدثين
المعاصرين ، والله يغفر لنا و له .
و أما ما نقله ذلك المعلق عن ابن حبان ، فهو رأي لابن حبان خاصة دون سائر
الأئمة الذين حرصوا أشد الحرص على معرفة الرواة الذين سمعوا منه قبل الاختلاط ،
و الذين سمعوا منه بعده ، ليميزوا صحيح حديثه من سقيمه ، و إلا كان ذلك حرصا لا
طائل تحته ، إذا كان حديثه كله صحيحا ، أضف إلى ذلك أن في " المصطلح " نوعا
خاصا من علوم الحديث و هو " معرفة من اختلط في آخر عمره " و قد ذكروا منهم
جماعة أحدهم عطاء و قالوا فيهم :
فمن سمع من هؤلاء قبل اختلاطهم قبلت روايتهم ، و من سمع بعد ذلك أو شك في ذلك
لم تقبل <1> .
و الحديث رواه الطبراني أيضا في " الأوسط " ( 1678 ، 1679 ) و كذا في " حديثه
عن النسائي " ( ق 314/2 ) بسنده هذا ، و لكنه فصل بين الشطر الأول منه و الآخر
، جعلهما حديثين ثم قال :
لم يرو هذين الحديثين عن عطاء بن السائب إلا ورقاء ، و لا ورقاء إلا سيف تفرد
به أبو بريد .
و عمرو بن يزيد أبو بريد : صدوق ، و مثله سيف بن عبيد الله إلا إنه ربما خالف ،
كما في " التقريب " .
و قد خالفه ابن فضيل فقال : عن عطاء به موقوفا على ابن عباس و هذا أصح .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1/77/2 ) .
و الحديث بظاهره يدل على أن الأيدي لا ترفع في غير هذه المواطن ، و هذه الدلالة
غير معتبرة عند الحنفية لأنها بطريق المفهوم ، لكن قد روي الحديث بلفظ آخر يدل
بمنطوقه على ما دل عليه هذا بمفهومه ، فوجب علينا بيان حاله ، فأقول :
لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن : حين تفتتح الصلاة ، و حين يدخل المسجد
الحرام فينظر إلى البيت ، و حين يقوم على المروة ، و حين يقف مع الناس عشية
عرفة ، و بجمع ، و المقامين حين يرمي الجمرة .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] " اختصار علوم الحديث " للحافظ ابن كثير ( ص 274 ) . اهـ .

(3/52)


1054 - " لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن : حين تفتتح الصلاة ، و حين يدخل المسجد
الحرام فينظر إلى البيت ، و حين يقوم على المروة ، و حين يقف مع الناس عشية
عرفة ، و بجمع ، و المقامين حين يرمي الجمرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/166 ) :

باطل بهذا اللفظ .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/146/2 ) : حدثنا محمد بن عثمان بن
أبي شيبة : نا محمد بن عمران بن أبي ليلى : حدثني أبي : نا ابن أبي ليلى عن
الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف من أجل ابن أبي ليلى و هو محمد بن عبد الرحمن ، فإنه سيىء
الحفظ ، و رواه البزار في " مسنده " ( رقم 519 ـ كشف الأستار ) من طريقه بلفظ :
" ترفع الأيدي .. " ، دون " لا " النافية و قال :
رواه جماعة فوقفوه ، و ابن أبي ليلى ليس بالحافظ ، إنما قال : " ترفع الأيدي "
، و لم يقل : لا ترفع إلا في هذه المواضع .
و أقره عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " ( ق 102/1 ) و قال :
رواه غير واحد موقوفا ، و ابن أبي ليلى لم يكن حافظا .
و قال الحافظ في ترجمته من " التقريب " :
صدوق سيىء الحفظ جدا .
و كذا قال الذهبي في " الضعفاء " ، إلا أنه لم يقل : " جدا " ، و ذلك لا يخرج
حديثه من رتبة الضعف المطلق ، و إنما من رتبة الضعف الشديد كما هو ظاهر ، و أما
قول الهيثمي في " المجمع " ( 3/238 ) :
في إسناده محمد بن أبي ليلى و هو سيىء الحفظ ، و حديثه حسن إن شاء الله تعالى .
فهو غير مستقيم ، لأن السيئ الحفظ حديثه من قسم المردود كما هو مقرر في
" المصطلح " و خصوصا في " شرح النخبة " للحافظ ابن حجر ، و هذا إن كان يعني
بقوله : حديثه جملة ، كما هو الظاهر ، و إن كان يعني هذا الحديث بخصوصه فما هو
الذي جعله حسنا ؟ و هو ليس له شاهد يقويه ، ثم إنه يستحيل أن يكون هذا الحديث
حسنا ، و قد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم رفعه يديه عند الركوع
و الرفع منه ، و رفع يديه في الدعاء في الاستسقاء و غيره ، و قد كفانا بسط
الكلام في رد هذا الحديث الحافظ الزيلعي الحنفي في " نصب الراية " ( 1/389 ـ
392 ) ، و بين أنه لا يصح مرفوعا و لا موقوفا ، فراجعه ، ثم إن في إسناد
الطبراني محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، و فيه كلام كثير ، فلا يحتج به عند
المخالفة على الأقل ، كما هو الشأن هنا ، إذ زاد ( لا ) في أوله خلافا لرواية
البزار ، و هي أصح ، إذ ليس فيها إلا ابن أبي ليلى ، و يؤيد ذلك أنه أخرجه
الشافعي ( 2/38/1023 ) من طريق سعيد بن سالم عن ابن جريج قال : حدثت عن مقسم به
بلفظ :
" ترفع الأيدي في الصلاة ... " فذكر هذه السبع و زاد : " و على الميت " .
بيد أنه سند ضعيف ، لانقطاعه بين ابن جريج و مقسم ، و لعل الواسطة بينهما هو
ابن أبي ليلى نفسه .
و سعيد بن سالم فيه ضعف من قبل حفظه ، لكنه قد توبع ، فقد أخرجه البيهقي في
" السنن " ( 5/72 ـ 73 ) من طريق الشافعي ، ثم قال :
و بمعناه رواه شعيب بن إسحاق عن ابن جريج عن مقسم ، و هو منقطع لم يسمع ابن
جريج من مقسم ، و رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن
عباس ، و عن نافع عن ابن عمر ، مرة موقوفا عليهما ، و مرة مرفوعا إلى النبي
صلى الله عليه وسلم دون ذكر الميت : و ابن أبي ليلى هذا غير قوي في الحديث .

(3/53)


1055 - " من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا ، و من تزوجها لمالها لم يزده الله
إلا فقرا ، و من تزوجها لحسنها لم يزده الله إلا دناءة ، و من تزوج امراة لم
يتزوجها إلا ليغض بصره أو ليحصن فرجه و يصل رحمه بارك الله له فيها ، و بارك
لها فيه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/168 ) :

ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم 2527 ) عن عبد السلام بن عبد القدوس عن
إبراهيم بن أبي عبلة قال : سمعت أنس بن مالك يقول : فذكره مرفوعا و قال :
لم يروه عن إبراهيم إلا عبد السلام .
قلت : و هو ضعيف جدا ضعفه أبو حاتم و قال أبو داود : عبد القدوس ليس بشيء
و ابنه شر منه ، و قال ابن حبان في " الضعفاء " ( 2/150 ـ 151 ) :
يروي الموضوعات ، و روى عن إبراهيم بن أبي عبلة .
قلت : فذكر هذا الحديث ، فاقتصار الهيثمي ( 4/254 ) على قوله : و هو ضعيف قصور
أو ذهول ، و كذلك أشار المنذري في " الترغيب " ( 3/70 ) إلى أنه ضعيف !

(3/54)


1056 - " من ترك الكذب و هو باطل بني له قصر في ربض الجنة ، و من ترك المراء و هو محق
بني له في وسطها ، و من حسن خلقه بني له في أعلاها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/168 ) :

منكر بهذا السياق .
أخرجه الترمذي في " سننه " ( 1/359 ـ بولاق ) و ابن ماجه ( رقم 51 ) و الخرائطي
في " مكارم الأخلاق " ( ص 8 ) و ابن عدي ( 170/2 ) عن سلمة بن وردان الليثي عن
أنس بن مالك مرفوعا به ، و قال الترمذي :
هذا حديث حسن ، لا نعرفه إلا من حديث سلمة بن وردان عن أنس .
قلت : و هو ضعيف عند جمهور الأئمة ، و لذلك جزم بضعفه الحافظ في " التقريب "
و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
ضعفه الدارقطني و غيره .
قلت : و ممن ضعفه الحاكم فقال : حديثه عن أنس مناكير أكثرها .
قلت : فأنى لحديثه هذا الحسن و هو عن أنس ، و قد تفرد به كما يشير إلى ذلك
الترمذي نفسه ، لا سيما و قد روي الحديث عن أبي أمامة و معاذ بن جبل بسندين
يقوي أحدهما الآخر بلفظ مغاير لهذا الحديث في فقرته الأولى و الثانية ، مما يدل
على أن سلمة قد انقلب عليه الحديث ، فراجع بيان ذلك في " سلسلة الأحاديث
الصحيحة " ( رقم ـ 273 ) .
و من المهم هنا التنبيه على أوهام وقعت للحافظ المنذري في هذا الحديث فقال في
" الترغيب " ( 1/80 ) :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من
ترك المراء و هو مبطل بني له بيت في ربض الجنة ، و من تركه و هو محق بني له في
وسطها .. " رواه أبو داود و الترمذي و اللفظ له و ابن ماجه و البيهقي ، و قال
الترمذي : حديث حسن .
و الأوهام التي فيه :
أولا : أن الحديث بهذا السياق ليس من حديث أبي أمامة ، و إنما من حديث أنس .
ثانيا : أنه ليس عند أبي داود من حديث أنس ، و إنما من حديث أبي أمامة ، و قد
ذكره المنذري في مكان آخر من كتابه ( 3/257 ـ 258 ) على الصواب .
ثالثا : ليس في حديث أنس ذكر " المراء " في الفقرة الأولى منه ، بل فيه " الكذب
" ، و إنما هو في الفقرة الثانية منه كما رأيت ، بخلاف حديث أبي أمامة فهو على
العكس من ذلك بلفظ :
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا ، و بيت في وسط
الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحا .. " .
و توضيح ذلك في المكان المشار إليه من " الأحاديث الصحيحة " .
فكأن الحافظ المنذري رحمه الله اختلط عليه حديث أنس بحديث أبي أمامة فكان من
ذلك حديث آخر لا وجود له في الدنيا ! و المعصوم من عصمه الله تعالى .

(3/55)


1057 - " رخص في الشرب من أفواه الأداوي " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/170 ) :

منكر .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/139/1 ) قال : حدثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي : أخبرنا عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد : أخبرنا أبو معاوية
عن هشام ابن حسان عن ابن عباس قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، رجاله كلهم ثقات معروفون غير عبد الله بن يحيى بن
الربيع بن أبي راشد فلم أجد له ترجمة ، و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5/78 ) :
رواه الطبراني ، و فيه محمد بن عبد الله بن يحيى بن أبي راشد و لم أعرفه ،
و بقية رجاله رجال الصحيح ، هكذا وقع في النسخة محمد بن عبد الله ، و أظنه خطأ
من الهيثمي انتقل نظره حين النقل من عبد الله بن يحيى إلى الراوي عنه محمد فكتب
: محمد بن عبد الله ، والله أعلم .
و مما يؤيد ضعف هذا الحديث أنه ثبت من رواية خالد الحذاء عن ابن عباس قال : "
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء " .
أخرجه البخاري ( 4/37 ـ طبع أوربا ) و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 142/1 ) و غيرهما .
و أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة أيضا و أبي سعيد الخدري .
فلا يجوز الشرب من فم السقاء كما لا يجوز الشرب قائما ، إلا لعذر كما في حديث
كبشة قالت :
" دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائما ، فقمت
إلى فيها فقطعته " .
أخرجه الترمذي ( 1/345 ) و قال :
حديث حسن صحيح .
فهذا و نحوه محمول على العذر .

(3/56)


1058 - " كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بيده اليمنى ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله
الرحمن الرحيم ، اللهم أذهب عني الهم و الحزن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/171 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه ابن السني في " اليوم و الليلة " ( رقم 110 ) و ابن سمعون في " الأمالي "
( ق 176/2 ) عن سلام المدائني عن زيد العمي عن معاوية عن قرة عن أنس بن مالك
رضي الله عنه قال : فذكره مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، و المتهم به سلام المدائني و هو الطويل و هو كذاب
كما تقدم مرارا ، و زيد العمي ضعيف .
و له عن أنس طريق أخرى : عن جبارة : حدثنا عن أنس مرفوعا .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 275/1 ) في جملة أحاديث لكثير هذا و هو ابن
سليم و قال :
و هذه الروايات عن أنس ، عامتها غير محفوظة .
قلت : و كثير ضعيف و مثله جبارة و هو ابن المغلس ، بل لعله أشد ضعفا منه ، فقد
رماه بعضهم بالكذب .
و بالجملة فالحديث ضعيف جدا .
تنبيه : تقدم الحديث برقم ( 660 ) ، فهممت بحذفه من هنا اكتفاء بما مضى ،
و لكني وجدت فيه فوائد أخرى لم تذكر هناك ، فأبقيت عليه .
و قد روي بلفظ أتم منه و هو :
" كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بكفه اليمنى ثم أمرها على وجهه حتى يأتي بها على
لحيته و يقول : بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن
الرحيم ، اللهم أذهب عني الغم و الحزن و الهم ، اللهم بحمدك انصرفت ، و بذنبي
اعترفت ، أعوذ لك من شر ما اقترفت ، و أعوذ بك من جهد بلاء الدنيا ، و من عذاب
الآخرة " .

(3/57)


1059 - " كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بكفه اليمنى ثم أمرها على وجهه حتى يأتي بها على
لحيته و يقول : بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن
الرحيم ، اللهم أذهب عني الغم و الحزن و الهم ، اللهم بحمدك انصرفت ، و بذنبي
اعترفت ، أعوذ لك من شر ما اقترفت ، و أعوذ بك من جهد بلاء الدنيا ، و من عذاب
الآخرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/172 ) :

موضوع .
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/104 ) عن داود بن المحبر : حدثنا العباس
ابن رزين السلمي عن خلاس بن عمرو عن ثابت البناني عن أنس بن مالك مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، المتهم به داود هذا و هو صاحب كتاب " العقل " و هو
كذاب كما تقدم غير مرة فانظر الحديث ( 1 و 224 ) .
و العباس بن رزين السلمي لم أعرفه .

(3/58)


1060 - " لا تزوجوا النساء لحسنهن ، فعسى حسنهن أن يرديهن ، و لا تزوجوهن لأموالهن أن
تطغيهن ، و لن تزوجوهن على الدين ، و لأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/172 ) :

ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 1859 ) و البيهقي ( 7/80 ) عن الإفريقي عن عبد الله بن يزيد
عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف من الإفريقي ، و قد مضى في أول السلسلة ، و قال
البوصيري في " الزوائد " ( ق 117/1 ) ما ملخصه :
هذا إسناد ضعيف ، فيه الإفريقي و اسمه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني
و هو ضعيف ، و عنه رواه ابن أبي عمر و عبد بن حميد في " مسنديهما " ، و كذا
رواه سعيد بن منصور ، و له شاهد في " الصحيحين " و غيرهما من حديث أبي هريرة
و أما ما نقله السندي في " حاشيته " ، و تبعه محمد فؤاد عبد الباقي عن
" الزوائد " أنه قال بعد تضعيفه للإفريقي :
و الحديث رواه ابن حبان في " صحيحه " بإسناد آخر .
فهذا ليس في نسختنا من " الزوائد " ، و هو يوهم أن الحديث بهذا المتن عند ابن
حبان و عن ابن عمرو ، و ليس كذلك ، و إنما عنده حديث أبي سعيد الخدري : " تنكح
المرأة على مالها ... " الحديث نحو حديث أبي هريرة الذي اعتبره البوصيري شاهدا
لهذا و ليس كذلك ، لأنه لا يشهد إلا لجملة التزوج على الدين ، فإنه بلفظ :
" تنكح المرأة لأربع : لمالها و لحسبها ، و لجمالها ، و لدينها ، فاظفر بذات
الدين تربت يداك " .
أخرجه الشيخان و أصحاب السنن إلا الترمذي و البيهقي و غيرهم ، و هو مخرج في
" الإرواء " ( 1783 ) ، و " غاية المرام " ( 222 ) .
و في حديث أبي سعيد : " و خلقها " بدل الحسب ، و قال :
" فعليك بذات الدين و الخلق تربت يمينك " .
أخرجه ابن حبان ( 1231 ) و الحاكم ( 2/161 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف "
( 7/49/2 ) و قال الحاكم :
صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي ، و إنما هو حسن فقط .

(3/59)


1061 - " النفقة كلها في سبيل الله إلا البناء ; فلا خير فيه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/173 ) :

ضعيف .
أخرجه الترمذي ( 2/79 ) ، و ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " ( 2/21/2 ) و ابن
مخلد العطار في جزء من " الأمالي " ( 98/2 ) و ابن عدي ( 151/1 ) من طريقين عن
زافر بن سليمان عن إسرائيل عن شبيب بن بشر عن أنس بن مالك مرفوعا ، و قال
الترمذي : هذا حديث غريب .
قلت : يعني ضعيف ، و ذلك لأن شبيب بن بشر صدوق يخطىء ، و زافر كثير الأوهام كما
في " التقريب " ، و أعله المناوي بعلة ثالثة و هي محمد بن حميد الرازي شيخ
الترمذي ، قال البخاري : فيه نظر ، و كذبه أبو زرعة .
قلت : لكن تابعه الحسن بن عرفة عند العطار و هو ثقة ، فزالت الشبهة منه
و انحصرت فيمن فوقه ممن ذكرنا ، ثم قال المناوي :
و به يعرف ما في رمز المصنف ( يعني السيوطي ) لحسنه .
قلت : و قد أشار المنذري في " الترغيب " ( 3/57 ) إلى ضعفه ، و هو الصواب ،
و لكن يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم : " يؤجر الرجل في نفقته كلها إلا في
التراب " .
و هو مخرج في التعليق على " المشكاة " برقم ( 5182 ) التحقيق الثاني .

(3/60)


1062 - " ما جاء من الله فهو الحق ، و ما جاء مني فهو السنة ، و ما جاء من أصحابي فهو
سعة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/174 ) :

ضعيف جدا .
رواه ابن عدي ( 93/1 ) : حدثنا الحسن بن صالح بن حاتم بن وردان : حدثنا سعد بن
سعيد عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا و قال :
و هذا الحديث منكر ، و إنما جاء عن شيخ ليس بمعروف و هو صالح بن جميل ، فظن
الحسن ( يعني ابن علي العدوي ) أنه صالح بن حاتم و هو صدوق فألزقه عليه العدوي
هذا ، و عامة ما حدث به إلا القليل موضوعات .
ثم أورده في ترجمة سعد بن سعيد المقبري ( 174/1 ) من طريق صالح بن جميل الزيات
: حدثنا سعد بن سعيد به ، و قال :
لا أعلم يرويه عن سعد بن سعيد بهذا الإسناد غير صالح بن جميل الزيات هذا ،
و سعد بن سعيد عامة ما يرويه غير محفوظ .
قلت : و أخو سعد بن سعيد أسمع عبد الله ، قال يحيى بن سعيد : استبان كذبه و قال
الذهبي : ساقط بمرة .
قلت : فهو آفة الحديث ، و به أعله عبد الحق في " الأحكام " رقم ( 137 ) و إن
كان فيه العلتان الأخريان : جهالة صالح بن جميل ، و ضعف سعد بن سعيد .

(3/61)


1063 - " ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال : بيت يسكنه ، و ثوب يواري عورته ،
و جلف الخبز و الماء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/175 ) :

منكر .
رواه الترمذي ( 2/55 ) و ابن أبي الدنيا في " المجموع " ( 9/1 ) و في
" ذم الدنيا " ( 10/1 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 7/1 ) و ابن
السني في " القناعة " ( 243/1 ) و الحاكم ( 4/312 ) و الضياء في " المختارة "
( 1/120 ـ 121 ) و رقم ( 310 ـ 312 ـ تحقيقي ) عن حريث بن السائب : حدثنا الحسن
: حدثنا حمران عن عثمان مرفوعا .
و كذا رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 5/144/2 ) و قال الترمذي :
حديث حسن صحيح .
و صححه الحاكم أيضا و وافقه الذهبي !! و أقرهما المناوي !
كذا قالوا ! و حريث هذا مختلف فيه ، فقال ابن معين : ثقة . و قال أبو حاتم : ما
به بأس . و قال الساجي : ضعيف . و قال أحمد : روى حديث منكرا عن الحسن عن حمران
عن عثمان . يعني هذا . و ذكر أن قتادة خالفه فقال : عن الحسن عن حمران عن رجل
من أهل الكتاب ، قال أحمد : حدثنا روح : حدثنا سعيد يعني عن قتادة به .
قلت : فثبت أن الحديث من الإسرائيليات أخطأ الحريث هذا في رفعه .
و قد روي بلفظ :
" كل شيء فضل عن ظل بيت ، و جلف الخبز ، و ثوب يواري عورة الرجل ، و الماء لم
يكن لابن آدم فيه حق " .
رواه الطيالسي ( 83 ) و عنه أبو نعيم في " الحلية " ( 1/61 ) و أحمد ( 1/62 )
و في " الزهد " ( ص 21 ) و الطبراني ( 1/8/2 ) و أبو بكر ابن السني في
" القناعة " ( 243/2 ) و أبو علي الصواف في " الفوائد " ( 3/167/2 ) و عنه أبو
نعيم في " الفوائد " ( 5/216/1 ) عن حريث بن السائب قال : سمعت الحسن يقول :
حدثنا حمران عن عثمان مرفوعا .
و ذكر ابن قدامة في " المنتخب " ( 10/1/2 ) عن حنبل قال :
سألت أبا عبد الله ( يعني الإمام أحمد ) عن حريث بن السائب قال : ما كان به
بأس إلا أنه روى حديثا منكرا عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و ليس هو
عن النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني هذا الحديث .
قلت : و ذكر الضياء عن الدارقطني أنه سئل عن الحديث فقال :
وهم فيه حريث ، و الصواب عن الحسن بن حمران عن بعض أهل الكتاب .
و قد خفيت هذه العلة على من صححه بالإضافة إلى الضعف الذي ذكرته في الحديث ،
و العجب من المناوي ، فإنه لم يكتف بإقراره لتصحيح الحاكم و الذهبي ، بل زاد
على ذلك في " التيسير " فقال : و إسناده صحيح ، و اغتر بذلك صاحب ما سماه بـ
" الكنز الثمين " فأورده فيه برقم ( 3192 ) و قد ادعى أن كل ما فيه ثابت كما
تقدم ، و الواقع يشهد أنه لم يستطع الوفاء بذلك كالسيوطي في " جامعه " ، و إن
كان كتابه أنظف منه ، و سيأتي التنبيه على بعض ما وقع فيه من الضعيف كلما تيسر
لي ذلك .

(3/62)


1064 - " ما من مسلم ينظر إلى امرأة أول نظرة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد
حلاوتها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/176 ) :

ضعيف جدا .
رواه أحمد ( 5/264 ) و الروياني في " مسنده " ( 30/218/2 ) و الأصبهاني في "
الترغيب " ( 292/2 ) عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن
أبي أمامة مرفوعا .
قلت : و هذا سند واه جدا ، قال ابن حبان ( 2/62 ـ 63 ) :
" عبيد الله بن زحر منكر الحديث جدا ، يروي الموضوعات عن الأثبات ، و إذا روى
عن علي بن يزيد أتى بالطامات ، و إذا اجتمع في إسناد خبر عبد الله و علي بن
يزيد و القاسم أبو عبد الرحمن ، لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم .
و قال الذهبي في " الضعفاء " :
له صحيفة غرائب ، عن علي بن يزيد ، ليس بحجة .
و قال في ترجمة " علي بن يزيد " و هو الألهاني :
قال النسائي و الدارقطني : متروك .
و قد أشار المنذري في " الترغيب " ( 3/63 ) إلى تضعيف هذا الحديث و قال :
رواه أحمد و الطبراني و البيهقي ، و قال : إن صح .

(3/63)


1065 - " النظرة سهم من سهام إبليس من تركها خوفا من الله آتاه الله إيمانا يجد حلاوته
في قلبه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/177 ) :

ضعيف جدا .
رواه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 21/1 ) عن إسحاق بن سيار النصيبي قال :
أخبرنا إسحاق بن عبد الواحد الموصلي عن هشيم عن عبد الرحمن بن إسحاق عن محارب
ابن دثار عن صلة بن زفر عن حذيفة مرفوعا .
ثم رواه من طريق إبراهيم يعني ابن سليمان قال : أخبرنا أرطاة بن حبيب قال :
أخبرنا هشيم عن عبد الرحمن بن إسحاق عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعا .
و رواه الحاكم ( 4/313 ـ 314 ) من طريق إسحاق بن عبد الواحد القرشي :
حدثنا هشيم به ، و قال : صحيح الإسناد ، و رده الذهبي بقوله :
إسحاق واه ، و عبد الرحمن هو الواسطي ضعفوه .
و قال المنذري ( 3/63 ) :
خرجه الطبراني و الحاكم من رواية عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي و هو واه .
قلت : فهو آفة الحديث لسلامة الطريق الأخرى عند القضاعي من إسحاق بن عبد الواحد
و الواسطي ضعيف جدا ، و اتفقوا على تضعيفه كما قال النووي و غيره .

(3/64)


1066 - " أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا و الآخرة : قلب شاكر ، و لسان ذاكر
و بدن على البلاء صابر ، و زوجة لا تبغيه خونا في نفسها و لا ماله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/178 ) :

ضعيف .
أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب الشكر " ( 5/2 ) : حدثنا محمود بن غيلان
المروزي : أخبرنا المؤمل بن إسماعيل : أخبرنا حماد بن سلمة : أخبرنا حميد
الطويل عن طلق بن حبيب عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
فذكره .
و هكذا أخرجه الطبراني أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة "
( 283/2 ) ، ثم أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( و رقم 7351 ) بإسناده
المتقدم إلا أنه وقع فيه " موسى " بدل " المؤمل " ، و كذا وقع في " زوائد
المعجمين " ( 1/163/1 ) و هو خطأ لا شك فيه ، لا أدري ممن هو ؟ و لعله من بعض
النساخ القدامى ، فقد تورط به جماعة ، فحكموا على إسناد " الأوسط " بغير ما
حكموا به على " الكبير " كما سيأتي ، و هو هو ! فإن شيخه فيهما واحد ، و هو
الجنديسابوري ، و شيخ هذا كذلك ، و هو ابن غيلان المروزي ، و قد رواه عنه ابن
أبي الدنيا كما رواه في " الكبير " فكان ذلك من المرجحات لروايته على رواية
" الأوسط " و يؤيد ذلك أمران :
الأول : أن الحسن بن سفيان قال : حدثنا محمود بن غيلان به .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3/65 ) و في " الأربعين الصوفية " ( 58/2 ) :
حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان : حدثنا الحسن بن سفيان به .
و من طريق أبي نعيم رواه الضياء أيضا في " المختارة " .
و الآخر : أن ابن غيلان قد توبع عليه ، فقال ابن أبي الدنيا في " كتاب الصبر "
( ق 43/2 ) : حدثنا محمود بن غيلان و الحسن بن الصباح قالا : حدثنا المؤمل بن
إسماعيل به .
قلت : و في هذا رد على الطبراني ، فإنه قال :
لم يروه عن طلق إلا حميد ، و لا عنه إلا حماد ، و لا عنه إلا مؤمل و في الأصل
موسى ، و قد عرفت خطأه ، تفرد به محمود .
فقد تابعه الحسن بن الصباح ، و كأنه لذلك لم يذكر أبو نعيم هذا التفرد و إنما
تفرد المؤمل ، فقال :
غريب من حديث طلق ، لم يروه متصلا مرفوعا ، إلا مؤمل عن حماد .
قلت : و هو ضعيف لكثرة خطئه ، و قد وصفه بكثرة الخطأ الإمام البخاري و الساجي
و ابن سعد و الدارقطني ، و قال ابن نصر :
إذا تفرد بحديث ، وجب أن يتوقف ، و يثبت فيه ، لأنه كان سيىء الحفظ ، كثير
الغلط .
و لخص ذلك الحافظ في " التقريب " فقال : صدوق سيء الحفظ .
قلت : فمؤمل بن إسماعيل هذا هو علة هذا الحديث ، و قد تفرد به كما حققناه في
هذا التخريج بما لم نسبق إليه و الفضل لله عز وجل ، فاسمع الآن ما قاله العلماء
، مما وصل إليه علمهم ، و هم على كل حال مجزيون خيرا إن شاء الله تعالى ، قال
الحافظ المنذري في " الترغيب " ( 3/67 ) :
رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " ، و إسنادهما جيد .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4/273 ) :
رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " ، و رجال الأوسط رجال الصحيح " .
كذا قالا ; ظنا منهما أن المؤمل بن إسماعيل لم يتفرد به ، و أنه تابعه موسى بن
إسماعيل ، في رواية " الأوسط " ، و لو صح ذلك ، لكان الإسناد جيدا ، رجاله رجال
الصحيح ، لأن موسى بن إسماعيل و هو التبوذكي ثقة محتج به في " الصحيحين "
و لكنه لا يصح ذلك ، لأن الرواية المشار إليها خطأ من بعض النساخ كما سبق
تحقيقه ، و اغتر بكلام المنذري و الهيثمي بعض ما جاء بعدهما ، فقد أورده
السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني في " الكبير " و البيهقي في
" الشعب " و رمز لحسنه ! و نقل المناوي كلامهما المتقدم ، أعني المنذري
و الهيثمي ، ثم قال :
و بذلك يعرف أن إهمال المؤلف الطريق الصحيح ، و إيثاره الضعيف من سوء التصرف
هذا و قد رمز لحسنه ! ، و أكد كلامه هذا و لخصه في " التيسير " بقوله :
و بعض أسانيد الطبراني جيد ! ، و قلده الشيخ الغماري فأورد الحديث في " كنزه "
( 342 ) ! ، فتأمل كيف يقع الخطأ من الفرد ، ثم يغفل عنه الجماعة و يتتابعون
و هم لا يشعرون ، ذلك ليصدق قول القائل : كم ترك الأول للآخر ، و يظل البحث
العلمي مستمرا ، و لولا ذلك لجمدت القرائح ، و انقطع الخير عن الأمة .
ثم إن للحديث طريقا أخرى ، و لكنها واهية جدا ، أخرجه أبو نعيم في " تاريخ
أصبهان " ( 2/167 ) عن هشام بن عبيد الله الرازي : حدثنا الربيع بن بدر : حدثنا
أبو مسعود : حدثني أنس بن مالك مرفوعا به .
قلت : و هذا إسناد واه جدا :
1 - هشام بن عبيد الله الرازي فيه ضعف .
2 - الربيع بن بدر ، متروك شديد الضعف .
3 - أبو مسعود هذا لم أعرفه .

(3/65)


1067 - " صلاة الجمعة بالمدينة كألف صلاة فيما سواها ، [ و صيام شهر رمضان في المدينة
كصيام ألف شهر فيما سواها ] " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/180 ) :

موضوع بهذا اللفظ .
رواه ابن الجوزي في " منهاج القاصدين " ( 1/57/2 ) و في " العلل الواهية "
( 2/86 ـ 87 ) و ابن النجار في " الدرر الثمينة في تاريخ المدينة " ( 337 ) عن
عمر بن أبي بكر الموصلي عن القاسم بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن نافع عن
ابن عمر مرفوعا ، و قال ابن الجوزي : لا يصح .
قلت : و هذا سند مظلم مسلسل بمن هو متروك و كذاب :
الأول : كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، قال الشافعي :
ركن من أركان الكذب .
الثاني : القاسم بن عبد الله و هو العمري المدني ، قال أحمد :
كان يضع الحديث .
الثالث : عمر بن أبي بكر الموصلي ، قال أبو حاتم :
متروك الحديث ، ذاهب الحديث ، و أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية
البيهقي في " الشعب " بزيادة في أوله : " صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما
سواه إلا المسجد الحرام " ، و تعقبه شارحه المناوي بقوله :
ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه ، و الأمر بخلافه ، فإنه عقبه بالقدح في
سنده ، فقال : هذا إسناد ضعيف بمرة ، انتهى بلفظه ، فحذف المصنف له من سوء
الصنيع .
قلت : و قد كان من أحسن الصنيع أن يحذف السيوطي هذا الحديث من كتابه أصلا ،
فإنه قد تعهد في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع ، و لكنه لم يوفق
كثيرا في تنفيذ ما تعهد به ، غفر الله لنا و له ، فإن هذا الحديث فيه متروك
و وضاع و كذاب ، كما شرحناه لك بما لا تجده في كتاب ، فالحمد لله الذي بنعمته
تتم الصالحات .
و لقد كان صنيع السيوطي في كتابه الآخر " الجامع الكبير " ، أقرب إلى الصواب
فإنه قال فيه ( 2/61/2 ) :
رواه البيهقي و ضعفه ، و ابن عساكر .
فذكره التضعيف هنا و حذفه إياه من " الجامع الصغير " هو بلا شك من سوء الصنيع
كما قال المناوي ، و لو عكس لكان أقرب إلى الصواب ، و إنما الصواب حقا أن يحكي
التضعيف هنا و هناك ، ليسد بذلك الطريق على بعض المتأولين أو المغرضين و
الخاطئين ، ألا ترى أنه قد وضع في آخر الحديث من نسخة " الجامع الصغير " التي
عليها شرح المناوي ، فضلا عن غيرها حرف ( ح ) الرامز إلى أن الحديث حسن ؟ ! فلو
أنه ذكر التضعيف المذكور لما تجرأ أحد أن يرمز له بالحسن ، لأنه حينئذ يناقض
التصريح بالتضعيف ، فتأمل .
و أما الزيادة التي زادها البيهقي ، فهي صحيحة ثابتة من حديث ابن عمر في " صحيح
مسلم " و من حديث أبي هريرة في " الصحيحين " ، و في الباب عن جابر
و أبي الدرداء و غيرهما ، و قد خرجتهما في " إرواء الغليل " ( رقم 1114 ـ 1115
) .

(3/66)


1068 - " أحفوا الشوارب و أعفوا اللحى ، و انتفوا الذي في الآناف " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/182 ) :

ضعيف .
رواه ابن عدي ( 102/1 ) عن حفص بن واقد اليربوعي : حدثنا إسماعيل بن مسلم عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا و قال بعد أن ساق لحفص هذا أحاديث أخرى :
و هذه الأحاديث أنكر ما رأيت لحفص بن واقد ، و هذا الحديث قد رواه غير حفص بن
واقد عنه .
قلت : فالآفة من إسماعيل بن مسلم ، و الظاهر أنه المكي البصري الذي يكثر من
الرواية عن الحسن البصري و هو ضعيف لسوء حفظه ، و الشطر الأول من الحديث صحيح
ثابت من طريق جماعة من الصحابة ، و الشطر الثاني منه لم نره إلا من هذه الطريق
و هي واهية ، و قد عزاه السيوطي لابن عدي و البيهقي فتعقبه المناوي بقوله :
ظاهر صنيعه يوهم أن مخرجيه خرجاه و سكتا عليه ، و الأمر بخلافه ، بل تعقبه
البيهقي بقوله : قال الإمام أحمد : هذا اللفظ الأخير غريب ، و في ثبوته نظر .
انتهى .

(3/67)


1069 - " سيأتيكم عني أحاديث مختلفة ، فما جاءكم موافقا لكتاب الله و لسنتي فهو مني ،
و ما جاءكم مخالفا لكتاب الله و لسنتي فليس مني " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/182 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 200/2 ) و الدارقطني ( 513 ) و الخطيب في
" الكفاية في علم الرواية " ( 430 ) عن صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن
أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به .
و قال ابن عدي و قد ذكر له أحاديث غير هذا :
و هذه الأحاديث عن عبد العزيز غير محفوظة ، إنما يرويها عنه صالح بن موسى ،
قال ابن معين : ليس بشيء ، و قال البخاري : منكر الحديث ، و قال النسائي :
متروك الحديث .
و في " الضعفاء " للذهبي : ضعفوه .
و في " التقريب " : متروك .

(3/68)


1070 - " من سره أن ينظر إلى رجل قد أتى الردم فلينظر إلى هذا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/183 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه البزار في " مسنده " ( رقم 2089 ) قال : حدثنا عمرو بن مالك : أنبأ محمد
ابن حمران : حدثنا عبد الملك بن نعامة الحنفي : عن يوسف بن أبي مريم الحنفي قال
: بينا أنا قاعد مع أبي بكرة ، إذ جاء رجل فسلم عليه ، فقال : أما تعرفني ؟
فقال له أبو بكرة : من أنت ؟ قال : تعلم رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبره أنه رأى الردم ؟ فقال أبو بكرة : أنت هو ؟ قال نعم ، قال : اجلس حدثنا ،
قال : انطلقت حتى انطلقت إلى أرض ليس لأهلها إلا الحديد يعلمونه ، فدخلت بيتا ،
فاستلقيت فيه على ظهري ، و جعلت رجلي إلى جداره ، فلما كان عند غروب الشمس سمعت
صوتا لم أسمع مثله فرعبت فجلست ، فقال لي رب البيت : لا تذعرن فإن هذا لا يضرك
، هذا صوت قوم ينصرفون هذه الساعة من عند هذا السد ، قال : فيسرك أن تراه ؟ قلت
: نعم ، قال : فغدوت إليه ، فإذا لنة من حديد ، كل واحدة مثل الصخرة ، و إذا
كأنه البرد المحبر ، و إذا مسامير مثل الجذوع ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخبرته ، فقال : صفه لي ، فقلت : كأنه البرد المحبرة ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره ، قال أبو بكرة : صدق .
و قال البزار :
لا نعلم أحدا رواه إلا أبو بكرة و لا له إلا هذا الطريق .
قلت : و هو ضعيف جدا ، فيه ضعف و جهالة .
أما الضعف فهو من قبل عمرو بن مالك و هو الراسبي ترك التحديث عنه أبو حاتم
و أبو زرعة ، و قال ابن عدي في " الكامل " ( ق 285/2 ) :
منكر الحديث عن الثقات ، و يسرق الحديث .
و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ، و لكنه قال :
يغرب و يخطىء .
قلت : فإذا كان من شأنه أنه يخطىء ، فإيراده في كتابه " الضعفاء " أولى به من
" الثقات " كما لا يخفى ، و أما الجهالة ، فهو أن عبد الملك بن نعامة الحنفي لم
أجد من ذكره ، و مثله شيخه يوسف بن أبي مريم الحنفي ، إلا أنه قد أورده ابن
أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4/1/232 ) ، و لكنه بيض له ! و قد أشار إلى
ما سبق الحافظ الهيثمي بقوله في " المجمع " ( 8/134 ) :
رواه البزار عن شيخه عمرو بن مالك ، تركه أبو زرعة و أبو حاتم ، و وثقه ابن
حبان و قال : يخطىء و يغرب ، و فيه من لم أعرفه .

(3/69)


1071 - " يعاد الوضوء من الرعاف السائل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/184 ) :

موضوع .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 427/2 ) عن يغنم بن سالم : حدثنا أنس بن
مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ، و قال :
يغنم يروي عن أنس مناكير ، و أحاديثه عامتها غير محفوظة .
و قال ابن حبان :
كان يضع على أنس بن مالك .
و قال ابن يونس :
حدث عن أنس فكذب .
و قال عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " ( رقم 244 ) :
يغنم منكر الحديث ضعيفه .

(3/70)


1072 - " امسح برأس اليتيم هكذا إلى مقدم رأسه ، و من له أب هكذا إلى مؤخر رأسه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/185 ) :

موضوع .
رواه البخاري في " التاريخ " ( 1/1/97 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 381 )
و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 15/197/1 ) من طريق الخطيب و هذا في " تاريخه
" ( 5/291 ) عن سلمة بن حيان العتكي : حدثنا صالح الناجي قال : كنت عند محمد بن
سليمان أمير البصرة فقال : حدثني أبي عن جدي الأكبر - يعني ابن عباس -
مرفوعا .
أورده في ترجمة محمد بن سليمان هذا و قالا ، أعني الخطيب و ابن عساكر :
لا يحفظ له غيره .
و قال البخاري :
منقطع يعني بين محمد بن سليمان ، و هو ابن علي بن عبد الله بن عباس ، و بين
ابن عباس ، و قال العقيلي فيه :
ليس يعرف بالنقل و حديثه هذا غير محفوظ و لا يعرف إلا به .
و قال الذهبي عقب الحديث :
هذا موضوع ، و أقره الحافظ في " اللسان " .
و الانقطاع الذي أشار إليه البخاري إنما هو بالنظر إلى هذا الإسناد ، و إلا فقد
رواه محمد بن مرزوق و إبراهيم بن مسلم بن رشيد قالا : حدثنا صالح الناجي به إلا
أنه قال : حدثنا محمد بن سليمان عن أبيه عن جده عن ابن عباس ، و هذا موصول .
أخرجه البزار في " مسنده " ( 1913 ـ كشف الأستار ) ، و قال :
لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، و لا نعلم
[ له ] إسنادا غير هذا الإسناد ، و إنما كتبناه لأنا لم نحفظه إلا من هذا الوجه
و في لفظ لابن عساكر :
" الصبي الذي له أب يمسح رأسه إلى الخلف ، و اليتيم يمسح رأسه إلى قدام " .
و لفظ العقيلي :
" يمسح اليتيم هكذا : و وصفه صالح من أوسط رأسه إلى جبهته و من له أب فهكذا
و وصف صالح من جبهته إلى وسط رأسه " .
أورده الهيثمي في " المجمع " ( 8/163 ) من رواية " الأوسط " ، و الظاهر أنه سقط
ذكر البزار قبله من الطابع أو الناسخ و قال :
و فيه محمد بن سليمان و قد ذكروا هذا من مناكير حديثه .
تنبيه على وهم نبيه :
لقد تصحف هذا الحديث على الحافظ عبد الحق الإشبيلي ، فإنه أورده في " باب
التيمم " من كتابه " الحكام " ( رقم 538 ـ منسوختي ) من طريق العقيلي بلفظ :
" يمسح المتيمم هكذا .. " !
و هذا من أغرب تصحيف وقفت عليه ، لا سيما من مثل هذا الحافظ ، و لست أدري كيف
خفي هذا عليه مع أن معناه أكبر منبه عليه إذ لا قائل بالتيمم على الرأس ؟ لا
سيما و تمام الحديث يؤكد ذلك : " و من له أب فهكذا .. " ! فجل من لا يسهو و لا
ينسى ، ثم إن الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الخطيب و ابن
عساكر ، و كأنه خفي عليه شهادة الحافظين المتقدمين : الذهبي و العسقلاني بوضعه
، و القلب يشهد بذلك ، والله المستعان .
و في مسح رأس اليتيم حديث آخر من رواية أبي هريرة و غيره ، و هو مخرج في
الصحيحة ( 854 ) .

(3/71)


1073 - " الصلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة ، و الصلاة في مسجدي عشرة آلاف صلاة ،
و الصلاة في مسجد الراباطات ألف صلاة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/187 ) :

موضوع .
رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 8/46 ) عن عبد الرحيم بن حبيب : حدثنا داود بن
عجلان : حدثنا إبراهيم بن أدهم عن مقاتل بن حيان عن أنس مرفوعا ، و قال
أبو نعيم :
لم نكتبه إلا من حديث عبد الرحيم عن داود .
قلت : و كلاهما متهم .
أما داود فقال ابن حبان :
يروي عن أبي عقال عن أنس المناكير الكثيرة و الأشياء الموضوعة " ، قال الحاكم
و النقاش :
روى عن أبي عقال أحاديث موضوعة .
و أما عبد الرحيم بن حبيب ، فقال ابن حبان :
لعله وضع أكثر من مائة حديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و قال أبو نعيم :
روى عن ابن عيينة و بقية الموضوعات .
قلت : و مع هذا فقد تجرأ السيوطي أو غفل فسود بهذا الحديث " الجامع الصغير " من
رواية أبي نعيم وحده و لم يتعقبه المناوي بشيء غير أنه قال :
إسناده ضعيف .
فكأنه لم يقف على سنده فاكتفى بتضعيفه بناء على قاعدة : إن ما تفرد به أبو نعيم
فهو ضعيف !
و مما يستنكر في هذا الحديث قوله : إن الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم
بعشرة آلاف ، و الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الكثيرة الصحيحة
أنها بألف صلاة و قد سقت هذه الأحاديث و خرجتها في " الثمر المستطاب في فقه
السنة و الكتاب " ، ثم في " الإرواء " ( 971 و 1129 ) .

(3/72)


1074 - " خذ هذا الدم فادفنه من الدواب و الطير ، أو قال : الناس و الدواب " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/188 ) :

ضعيف .
أخرجه المحاملي في آخر مجلس من " الأمالي " ( ق 229/1 ) و ابن حيويه الخزاز في
" حديثه " ( 1/2 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 41/1 ) ، و البيهقي في " السنن
الكبرى " ( 7/67 ) و السياق له من طريق بريه بن عمر بن سفينة عن أبيه ( سقط من
" السنن " : عن أبيه ) عن جده قال :
احتجم النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لي : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و له علتان :
لا يعرف ، و قال أبو زرعة : صدوق ، و قال البخاري : إسناده مجهول .
و أورده العقيلي في " الضعفاء " ( ص 282 ) و قال :
حديثه غير محفوظ ، و لا يعرف إلا به .
و الآخرى : ابنه بريه مصغرا ، و اسمه إبراهيم ، أورده العقيلي أيضا ( ص 61 )
و قال :
لا يتابع على حديثه ، و قال ابن عدي :
له أحاديث يسيرة غير ما ذكرت ، و لم أجد للمتكلمين في الرجال لأحد منهم فيه
كلاما ، و أحاديثه لا يتابعه عليها الثقات ، و أرجو أنه لا بأس به .
و قال الذهبي في " الميزان " :
ضعفه الدارقطني ، و قال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به .
و قال أيضا :
و تفرد بريه عن أبيه بمناكير .
و الحديث ضعفه عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " ( رقم 576 ـ من نسختي و تحقيقي
) ، و سكت عليه الحافظ في " التلخيص " ( ص 10 ) فلم يجد .

(3/73)


1075 - " ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة ، و لا يرفع لهم إلى السماء حسنة : العبد الآنق
حتى يرجع إلى مواليه فيضع يده في أيديهم ، و المرأة الساخط عليها زوجها حتى
يرضى و السكران حتى يصحو " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/189 ) :

ضعيف .
رواه ابن عدي في " الكامل " ( ق 149/1 ) و ابن خزيمة ( 940 ) و ابن حبان في
" صحيحه " ( 1297 ) و ابن عساكر ( 12/5/1 ) عن هشام بن عمار : حدثنا الوليد بن
مسلم : حدثنا زهير بن محمد عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا به .
ذكره ابن عدي في ترجمة زهير هذا ، و قال عقبه :
رواه ابن مصفا أيضا عن الوليد .
قلت و خالفهما في إسناده موسى بن أيوب و هو أبو عمران النصيبي الأنطاكي فقال :
حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر به
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم ـ 9385 ) و قال :
لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد .
قلت : و أنا أظن أن هذا الاضطراب و الاختلاف في إسناده إنما هو من زهير بن
محمد نفسه و هو الخراساني الشامي ، فإن الراوي عنه الوليد بن مسلم ثقة ، و كذلك
الرواة عنه كلهم ثقات ، و هم شاميون جميعا ، و قد قال الحافظ في ترجمته من
" التقريب " :
سكن الشام ثم الحجاز ، رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة ، فضعف بسببها ، قال
البخاري عن أحمد : كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر ، و قال أبو حاتم :
حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه .
و قال الذهبي في " الضعفاء " :
ثقة فيه لين .
و الحديث قال المنذري في " الترغيب " ( 3/78 ـ 79 ) :
رواه الطبراني في " الأوسط " من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل ، و ابن خزيمة
و ابن حبان في " صحيحيهما " من رواية زهير بن محمد .
قلت : و هذا التخريج يوهم أن الطبراني ليس في روايته زهير بن محمد و هو خلاف
الواقع ، فإن زهيرا في رواية الجميع ، إلا أن شيخه عند الطبراني هو ابن عقيل ،
و عند ابن حبان و كذا ابن خزيمة محمد بن المنكدر و ذلك من اضطراب زهير كما بينا
و ذكر المناوي في " شرحيه " عن الذهبي أنه قال في " المهذب " :
هذا من مناكير زهير .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4/31 ) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه محمد بن عقيل ، و حديثه حسن و فيه ضعف
و بقية رجاله ثقات .
كذا قال ، و علة الحديث لين زهير و اضطرابه في سنده ، و لولا ذلك لكان الحديث
ثابتا ، و لبيان هذه الحقيقة التي قد لا تجدها في غير هذا المكان كتبنا ما سبق
، والله هو الموفق ، و الحديث مما أورده الغماري في " كنزه " خلافا لشرطه !

(3/74)


1076 - " على كل ميسم من الإنسان صلاة ، فقال رجل من القوم : هذا شديد و من يطيق هذا ؟
قال : أمر بالمعروف و نهي عن المنكر صلاة ، و إن حملا عن الضعيف صلاة ، و إن كل
خطوة يخطوها أحدكم إلى صلاة صلاة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/190 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( ق 129/2 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1497 )
و أبو الحسن محمد بن محمد البزار البغدادي في " جزء من حديثه " ( ق 174/1 )
و ابن مردويه في " ثلاثة مجالس من الأمالي " ( ق 191/2 ) من طرق عن سماك عن
عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، لأن سماكا ، و إن كان من رجال مسلم ففيه ضعف من قبل
حفظه ، و خصوصا في روايته عن عكرمة ، قال الحافظ في " التقريب " :
صدوق ، و روايته عن عكرمة خاصة مضطربة ، و قد تغير بآخره ، فكان ربما يلقن
و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " بهذا اللفظ ، ثم قال ( 3/104 ) :
رواه أبو يعلى و البزار و الطبراني في " الكبير " و " الصغير " بنحوه ، و زاد
فيها : " و يجزي من ذلك كله ركعتا الضحى " ، و رجال أبي يعلى رجال الصحيح .
قلنا : و لنا على هذا الكلام ملاحظات :
الأولى : أن قوله : و رجال أبي يعلى رجال الصحيح ، يوهم أنهم ثقات جميعا ،
و ليس كذلك ، لحال رواية سماك عن عكرمة ، كما بينا .
الثانية : أن قوله في رواية الطبراني : " بنحوه " ، يشعر بأن الحديث عنده
بتمامه في المعنى ، و إنما هو عنده مختصر جدا و لفظه :
" على كل سلامي من بني آدم في كل يوم صدقة ، و يجزي من ذلك كله ركعتا الضحى " .
فكان الأولى أن يقول : مختصرا مكان بنحوه .
و الحديث قال المنذري في " الترغيب " ( 1/126 ) :
رواه ابن خزيمة في " صحيحه " .
قلت : و أشار المنذري إلى أنه حديث صحيح أو حسن أو قريب من أحدهما بتصدير إياه
بلفظة " عن " و اغتر به مؤلف " الكنز " فأورده فيه ( 2167 ) !
فالحديث ضعيف الإسناد ، ضعيف المتن بهذا اللفظ " صلاة " ، و هو صحيح بلفظ
" صدقة " من حديث أبي ذر و غيره عند مسلم و غيره ، فاقتضى التنبيه على ذلك ،
و هو مخرج في " الصحيحة " ( برقم 577 ) و قبله أحاديث أخرى بمعناه ، فراجعها إن
شئت ، ثم إن الهيثمي أورد الحديث بلفظ : " يصبح على كل .. " .
و ليس في نسختنا من " مسند أبي يعلى " لفظ يصبح ، و لا في شيء من المصادر
الأخرى التي عزونا الحديث إليها ، نعم هو في حديث أبي ذر الذي أشرنا إليه .
و وقع في " المجمع " : مسلم بدل ميسم و هو خطأ مطبعي .

(3/75)


1077 - " من قال : جزى الله عنا محمدا صلى الله عليه وسلم بما هو أهله ، أتعب سبعين
كاتبا ألف صباح " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/192 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3/124/2 ) و عنه أبو نعيم في " الحلية "
( 3/206 ) و ابن شاهين في " الترغيب و الترهيب " ( ق 260/1 ) و أبو نعيم أيضا
في " أخبار أصبهان " ( 2/230 ) من طرق عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و قال أبو نعيم :
حديث غريب من حديث عكرمة ، و جعفر ، و معاوية ، تفرد به هانىء .
قلت : و هو ضعيف جدا ، قال ابن حبان :
كان تدخل عليه المناكير ، و كثرت ، فلا يجوز الاحتجاج به بحال ، فمن مناكيره
... " .
قلت : ثم ساق له أحاديث هذا أحدها ، و أورده ابن أبي حاتم ( 4/2/102 ) و لم
يذكر فيه جرحا ، و لكنه قال :
سألت أبي عنه فقال : أدركته و لم أسمع منه ، و في نسخة : " و لم أكتب عنه "
و هي الموافقة لما نقله الحافظ في " اللسان " عن أبي حاتم .
قلت : و كأن أبا حاتم رحمه الله يشير إلى أنه أعرض عنه و تركه ، والله أعلم .

(3/76)


1078 - " يا عجبا كل العجب للشاك في قدرة الله و هو يرى خلقه ، بل عجبا كل العجب
للمكذب بالنشأة الأخرى و هو يرى الأولى ، و يا عجبا كل العجب للمكذب بنشور
الموت و هو يموت كل يوم و في كل ليلة و يحيى ، و يا عجبا كل العجب للمصدق بدار
الخلود و هو يسعى لدار الغرور ، و يا عجبا كل العجب للمختال الفخور ، و إنما
خلق من نطفة ، ثم يعود جيفة و هو بين ذلك لا يدري ما يفعل به " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/193 ) :

موضوع .
رواه القضاعي ( 49/1 ـ 2 ) عن موسى الصغير عن عمرو بن مرة عن
أبي جعفر عبد الله بن مسور الهاشمي مرفوعا .
قلت : و هذا حديث موضوع ، آفته عبد الله بن مسور هذا ، و هو من أتباع التابعين
كذاب وضاع ، رماه بذلك جماعة من الأئمة كأحمد و البخاري و النسائي و غيرهم ،
و كان يفتعل ذلك حسبة ! قال ابن المديني :
كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و لا يضع إلا ما فيه أدب أو
زهد ، فيقال له في ذلك ؟ فيقول : إن فيه أجرا !
قلت : و هذا الحديث من اختلاقه ، فإن علامات الوضع عليه لائحة ، قبحه الله
و قبح أمثاله من الكذابين الذين شوهوا جمال حديث النبي صلى الله عليه وسلم ،
بما أدخلوا فيه من الغرائب و الأباطيل .
و قد جاء هذا الحديث في كتاب " المنازل و الديار " ( ص 102 ) من المخطوطة التي
قام بطبعها المكتب الإسلامي في دمشق .

(3/77)


1079 - " آمرك بالوالدين خيرا ، قال : والذي بعثك بالحق نبيا لأجاهدن ، و لأتركهما !
قال : أنت أعلم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/193 ) :

منكر بهذا السياق .
أخرجه أحمد ( 2/172 ) من طريق ابن لهيعة : حدثني حيي بن عبد الله أن أبا
عبد الله أن أبا عبد الرحمن حدثه أن عبد الله بن عمرو قال :
" إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن أفضل الأعمال ؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة ، ثم قال : مه ؟ قال : الصلاة ، ثم قال
: مه ؟ قال : الصلاة ، ثلاث مرات ، قال : فلما غلب عليه ، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : الجهاد في سبيل الله ، قال الرجل : فإن لي والدين ، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، ابن لهيعة ضعيف سيىء الحفظ .
و المحفوظ في هذا الحديث من طرق أخرى عن ابن عمرو بلفظ :
" فقال : أحي والدك ، قال : نعم ، قال : ففيهما فجاهد " .
أخرجه الشيخان و غيرهما ، و قد ذكرت طرقه و شواهده في " إرواء الغليل "
( رقم 1199 ) ، فقوله في هذا الحديث :
" أنت أعلم " مخالف لقوله : " ففيهما فجاهد " فهو منكر بهذا اللفظ ، والله أعلم
ثم رأيت الحديث قد أخرجه ابن حبان ( 258 ) من طريق ابن وهب : أخبرني حيي بن
عبد الله فإنه مختلف فيه ، قال ابن معين :
ليس به بأس ، و قال ابن عدي :
أرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة ، و قال أحمد :
أحاديثه مناكير ، و قال البخاري :
فيه نظر ، و قال النسائي : ليس بالقوي .
قلت : فمثله لا يحتج به عند المخالفة ، والله أعلم .

(3/78)


1080 - " ليست بشجرة نبات ، إنما هم بنو فلان ، إذا ملكوا جاروا ، و إذا ائتمنوا خانوا
، ثم ضرب بيده على ظهر العباس ، قال : فيخرج الله من ظهرك يا عم ! رجلا يكون
هلاكم على يديه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/194 ) :

موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخه " ( 3/343 ) عن محمد بن زكريا الغلابي : حدثنا
عبد الله بن الضحاك الهدادي : حدثني هشام بن محمد الكلبي أنه كان عند المعتصم
في أول أيام المأمون حين قدم المأمون بغداد ، فذكر قوما بسوء السيرة فقلت له :
أيها الأمير ! إن الله تعالى أمهلهم فطغوا ، و حلم عنهم فبغوا ، فقال لي :
حدثني أبي الرشيد عن جدي المهدي عن أبيه المنصور عن أبيه محمد بن علي عن
علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى قوم من بني فلان يتبخترون في مشيهم ،
فعرف الغضب في وجهه ، ثم قرأ : *( و الشجرة الملعونة في القرآن )* ، فقيل له :
أي الشجر هي يا رسول الله حتى نجتثها ؟ فقال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد موضوع فيه آفات :
أولا : المنصور و غيره من الملوك العباسيين لا يعرف حالهم في الحديث .
ثانيا : هشام بن محمد الكلبي ، قال الذهبي في " الضعفاء " :
تركوه كأبيه ، و كان رافضيا .
ثالثا : عبد الله بن الضحاك الهدادي ، لم أجد له ترجمة ، و لم يورده السمعاني
في هذه النسبة ( الهدادي ) .
رابعا : محمد بن زكريا الغلابي أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
قال الدارقطني : كان يضع الحديث .
و ساق له الذهبي في " الميزان " حديثا في فضل الحسين رضي الله عنه ، ثم قال :
فهذا كذب من الغلابي .
قلت : و هذا الحديث كذلك ، فهو الذي اختلقه ، أو الكلبي الرافضي ، فإنه ظاهر
البطلان ، لما تضمنه من تحريف الكلم عن مواضعه ، و تأويل قوله تعالى :
*( و الشجرة الملعونة في القرآن )* بأن المراد بها بنو أمية ، و إنما هي شجرة
الزقوم كما في " صحيح البخاري " عن ابن عباس رضي الله عنه :
*( و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس )* قال : هي رؤيا عين أريها
رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، *( و الشجرة الملعونة )* شجرة
الزقوم .
و مثل هذا الحديث في البطلان ; ما روى ابن جرير الطبري قال :
حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة : حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد :
حدثني أبي عن جدي قال :
" رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القرود ،
فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات ، قال : و أنزل الله في ذلك *( و ما جعلنا
الرؤيا التي أريناك إلا فتنة )* الآية " .
و هذا السند ضعيف جدا كما قال الحافظ ابن كثير :
فإن محمد بن الحسن بن زبالة متروك ، و شيخه أيضا ضعيف بالكلية ، و لهذا اختار
ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء ، و أن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم ،
قال : لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك ، أي في الرؤيا و الشجرة .
هذا حال هذين الحديثين في الضعف بل البطلان ، و مع ذلك ، فإننا لا نزال نرى بعض
الشيعة في العصر الحاضر يروون مثل هذه الأحاديث ، و يحتجون بها على تكفير
معاوية رضي الله عنه مثل المعلق على كتاب " أصول الكافي " للكليني المتعبد لغير
الله ، المسمى بعبد الحسين المظفر ، فإنه كتب ; بل سود صفحتين كاملتين في لعن
معاوية و تكفيره ، و أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بموته على غير السنة ،
و أنه أمر بقتله ، ساق ( ص 23 ـ 24 ) في تأييد ذلك ما شاء له هواه من الآثار
الموضوعة و الأحاديث الباطلة ، منها هذان الحديثان الباطلان ، و لذلك بادرت إلى
بيان حالهما نصحا لناس ، و غالب الظن أن عبد الحسين هذا لا يعلم حال إسنادهما ،
و لئن علم فما يمنعه ذلك من الاحتجاج بهما مع بطلانهما لأن الغاية عند أمثاله
تبرر الوسيلة ، و الغاية لعن معاوية و تكفيره و لو بالاعتماد على الأحاديث
الموضوعة ، و الشيعة قد عرفوا بذلك منذ زمن بعيد كما بينه شيخ الإسلام ابن
تيمية في كتبه .
و إنما رجحت أنه لا يعلم ذلك لأنني رأيت تعليقاته تدل على ذلك ، فها هو - مثلا
- يقول في أول تعليق له على الكتاب و قد قال راويه عن الكليني : أخبرنا أبو
جعفر محمد بن يعقوب الكليني :
الذي يقول : أخبرنا هو أحد رواة " الكافي " .. أو القائل هو المصنف رحمه الله
على عادة كثير من المؤلفين القدماء !
فأين هذه العادة المزعومة ، و هل يعقل في المؤلف الكليني مثلا ، أن يقول عن
نفسه : أخبرنا الكليني ؟ ! ذلك مبلغه من العلم ، و حق لمن ينصب العداء لأصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم و ناشري الإسلام في الأرض ، أن يكون في تلك
المنزلة من العلم !

(3/79)


1081 - " من عمل بالمقاييس فقد هلك و أهلك ، و من أفتى الناس بغير علم ، و هو لا يعلم
الناسخ و المنسوخ ، و المحكم من المتشابه ، فقد هلك و أهلك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/197 ) :

باطل .
رواه الكليني الشيعي في " أصول الكافي " ( رقم 104 ـ طبعة النجف ) ، قال : علي
ابن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن داود بن فرقد عمن حدثه عن ابن شبرمة
قال : ما ذكرت حديثا سمعته من جعفر بن محمد عليه السلام إلا كاد أن يتصدع قلبي
، قال : حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ابن شبرمة :
و أقسم بالله ما كذب أبوه على جده ، و لا جده على رسول الله صلى الله عليه وسلم
، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : قال المعلق عليه عبد الحسين المظفر الشيعي :
ضعيف إسناده .
يعني من أجل شيخ داود بن فرقد ، فإنه لم يسم .
قلت : و ليس هذا فقط ، فإن كل من دونه مجاهيل لا يعرفون لا عندنا و لا عندهم .
فهذا داود بن فرقد أورده الطوسي في " الفهرست " و لم يزد في ترجمته على قوله
( رقم 274 ) : له كتاب ! ، و يونس هو ابن عبد الرحمن مولى آل يقطن ، قال الطوسي
( 789 ) : له كتب كثيرة ، أكثر من ثلاثين كتابا ، قال أبو جعفر بن بابويه :
سمعت ابن الوليد رحمه الله يقول : كتب يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات
كلها صحيحة يعتمد عليها ، إلا ما ينفرد به محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس ، و لم
يروه غيره فإنه لا يعتمد عليه ، و لا يفتى به " .
و أما محمد بن عيسى فهو ابن عبيد اليقطيني ، فقد عرفت شيئا من حاله عندهم من
الترجمة السابقة ، و قال الطوسي في ترجمته ( 601 ) :
ضعيف ، استثناه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه عن رجال " نوادر الحكمة "
و قال : لا أروي ما يختص برواياته ، و قيل : إنه كان يذهب مذهب الغلاة .
و أما علي بن إبراهيم فهو ابن هاشم القمي قال الطوسي ( 370 ) :
له كتب ، منها كتاب التفسير و ... و ... أخبرنا بجميعها جماعة و محمد بن علي
ماجيلو به عن علي بن إبراهيم إلا حديثا واحدا استثناه من " كتاب الشرائع " في
تحريم لحم البعير ، و قال : لا أرويه لأنه محال !
و أورده الذهبي في " الميزان " و قال :
رافضي جلد ، له تفسير فيه مصائب .
و أقره الحافظ ابن حجر في " اللسان " .
و أما الكليني مؤلف " الأصول " فهو إمام عندهم ، و قد ترجمه الطوسي فقال ( 591
) :
يكنى أبا جعفر ، ثقة عارف بالأخبار ، له كتب منها كتاب " الكافي " يشتمل على
ثلاثين كتاب أوله كتاب العقل .. و آخره " كتاب الروضة " ، توفي سنة ثمان
و عشرين و ثلاثمائة .
قلت : و هو من رجال " لسان الميزان " و لم يوثقه ، فكأنه مستور عنده ، و كذلك
صنع الذهبي في " سير النبلاء " فقال ( 10/124 ـ من المصورة ) :
شيخ الشيعة و عالم الإمامية صاحب التصانيف ، و كان ببغداد و بها توفي سنة 328 و
كتابه " الكافي " ينقسم إلى قسمين " أصول الكافي " و " فروع الكافي " و قد طبع
كل منهما أكثر من مرة ، و طبع الأول مع تعليقات عليه و تخريج بقلم
عبد الحسين المظفر في النجف سنة ( 1376 ) ، وقفت على الجزء الأول و الثاني منه
فيهما ( 211 ) حديثا ، غالبه غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
و كتابهم هذا " الكافي " له المنزلة الأولى من بين كتب الحديث الأربعة المعروفة
عندهم ، حتى لقد ذكر عبد الحسين المذكور في مقدمة التعليق ( ص 13 ) أنه ورد فيه
كما قيل عن إمامنا المنتظر عجل الله فرجه ( ! ) : " الكافي كاف لشيعتنا " و من
المشهور عنهم أنه بمنزلة " صحيح البخاري " عندنا ! بل صرح لي أحد دعاتهم و هو
الشيخ طالب الرفاعي النجفي أنه أصح عندهم من البخاري !!
و ذكر أيضا في المقدمة المذكورة أن أحاديثه بلغت زهاء سبعة عشر ألف حديث ! و في
هذا العدد من المبالغة و التهويل على من درس أحاديث الكتاب و أمعن النظر في
متونها ، فقد تتبعت أحاديث الجزأين المذكورين البالغ عددها ( 211 ) ، فوجدت
غالبا موقوفا على علي رضي الله عنه و بعض أهل بيته ، كأبي عبد الله زين
العابدين و أبي جعفر الباقر رضي الله عنهم أجمعين ، و المرفوع منها نحو ثلاثة
و عشرين حديثا خمسة منها في الجزء الأول ، و الباقي في الثاني ، أي بنسبة عشرة
في المائة تقريبا ، و إليك أرقامها : ( 9 و 11 و 15 و 25 و 28 و 35 و 39 و 44
و 50 و 57 و 80 و 87 و 104 و 107 و 108 و 115 و 119 و 127 و 159 و 161 و 190
و 199 ) .
و لتعلم أيها القارئ الكريم مدى صحة قولهم أن هذا الكتاب أصح من " صحيح البخاري
" أو على الأقل هو مثله عندهم ، أذكر لك الحقيقة الآتية :
و هي أن هذا العدد من الأحاديث المرفوعة ، لا يثبت إسناد شيء منها لضعف رجالها
، و انقطاع إسنادها ، كما بينه المعلق عليه نفسه في تعليقه على كل حديث منها ،
حاشا الأحاديث ( 57 ، 80 ، 199 ) ، فقد قواها ، و هي مع ذلك لا تثبت أمام النقد
لا لعلمي النزيه ! و خذ هذه الشهادة الآتية ، التي تبين لك بوضوح حقيقة ذلك
القول ، و هي من المعلق عبد الحسين فقد قال بعد ما ذكر عناية الشيعة بالكتاب
شرحا و اختصارا
و نقدا ( ص 19 ) :
و كفاك لتعرف مدى العناية بنقده أنهم أحصوا ما يشتمل عليه من الأحاديث ، فكان
مجموعها ( 16.199 ) حديثا ، ثم أحصوا ما فيه من أنواع الأحاديث من جهة التوثيق
و التصحيح ، فعدوا الأخبار الصحيحة فكانت ( 5073 ) أي أقل من الثلث ، و عدوا
الأخبار الضعيفة ، فكانت ( 9485 ) أي أكثر من النصف ، و ذلك عدا الموثق و القوي
و المرسل ، فانظر إلى أي مدى بلغ نقده !
فأقول : بخ بخ لكتابهم " الصحيح " و أكثر من نصف أحاديثه يعني المرفوعة
و الموقوفة على أئمتهم غير صحيح ! يشهد بذلك أشد الناس تعصبا له ، و دفاعا عنه
! *( و شاهد شاهد من أهلها )* .
و أنا إنما قدمت لك هذا الحديث ، كمثال على تلك الأحاديث الضعيفة سندا ، لتعلم
أن فيها ما يقطع المبتدئ بهذا العلم الشريف ببطلانها متنا ، فإن الألفاظ التي
وردت فيه " الناسخ و المنسوخ و المحكم و المتشابه " هي كالألفاظ الأخرى التي
اصطلح عليها أهل العلم ، مثل " العام و الخاص ، و المطلق و المقيد " و نحوها
مما أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، لهي أكبر دليل على أنه حديث باطل
موضوع ، لم يقله صلى الله عليه وسلم ، و لا حدث به جعفر بن محمد عن أبيه رضي
الله عنهما ، و لا رواه ابن شبرمة ، فإنه ثقة فقيه ، و هو أتقى من أن يروي
الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و إنما هو من اختلاق بعض من دونه من
الشيعة من الضعفاء و المجهولين ، و فيهم بعض الغلاة و الرافضة كما تقدم .
و كأن واضع هذا الحديث عامله الله بما يستحق وضعه ليمهد به لقبول الطعن في أبي
حنيفة الإمام رحمه الله تعالى باعتباره أنه يكثر من استعمال القياس ، فقد روى
الكليني في كتابه ( رقم 166 و 170 ) بإسنادين له عن أبي الحسن موسى بن جعفر
الكاظم أنه قال :
لعن الله أبا حنيفة كان يقول : قال علي ، و قلت أنا ، و قالت الصحابة ، و قلت ،
و قد حسن أحد إسناديه المعلق عليه عبد الحسين ، و هو غير حسن لأن الكليني رواه
عن شيخه علي بن إبراهيم و هو القمي الذي روى حديث تحريم لحم البعير الذي حكم
الطوسي الشيعي عليه بأنه محال كما سبق في ترجمته قريبا ( ص 198 ) ، و هذا يرويه
عن أبيه إبراهيم و هو ابن هاشم القمي ، و هو مجهول الحال أورده الطوسي في "
الفهرست " ( رقم 6 ) ثم الحافظ في " اللسان " و لم يذكرا فيه توثيقا .
و هذا يرويه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم .
و محمد بن حكيم مجهول العين ، ليس له ذكر عندنا أصلا ، و لما أورده الطوسي برقم
( 633 و 666 ) لم يزد على قوله :
له كتاب ! بمثل هذا السند يروي الشيعة عن أئمة أهل البيت الطعن بل اللعن في
أئمة المسلمين ، فإذا أنكرنا أن يصدر ذلك عن أحد من عامة أهل البيت فضلا عن
أئمتهم ، قالوا : بلى ذلك مروي عندنا عنهم ، فإذا قلنا : *( هاتوا برهانكم إن
كنتم صادقين )* وجموا ! و ليس ذلك غريبا منهم ، ما داموا أنهم لا يتورعون عن
الجهر بتكفير معاوية رضي الله عنه ، كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله ، و لا
عن تفسيق كبار الصحابة كأبي بكر و عمر و عائشة رضي الله عنهم ، و قد سمعت ذلك
من بعضهم ، ثم هم مع ذلك كله يتظاهرون بالدعوة إلى التفاهم و التقارب ، فهلا
تركوا للصلح مجالا ؟ !

(3/80)


1082 - " من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد ، و من أنكر نزول عيسى بن
مريم فقد كفر ، و من أنكر خروج الدجال فقد كفر ، و من لم يؤمن بالقدر خيره
و شره فقد كفر ، فإن جبريل عليه السلام أخبرني بأن الله تعالى يقول : من لم
يؤمن بالقدر خيره و شره فليتخذ ربا غيري " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/201 ) :

باطل .
رواه أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " ( 265/1 - 2 ) : حدثنا محمد
ابن الحسن بن علي حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد : حدثنا إسماعيل
ابن أبي إدريس : حدثنا مالك بن أنس : حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا
قلت : و هذا حديث باطل ، المتهم به شيخ الكلاباذي محمد بن الحسن ، أو شيخه
الحسين بن محمد بن أحمد ، فقد جاء في " الميزان " :
محمد بن الحسن بن علي بن راشد الأنصاري ، عن وراق الحميدي ، فذكر حديثا
موضوعا في الدعاء عند الملتزم ، و أقره الحافظ في " اللسان " و زاد عليه فقال
: و وجدت في " كتاب معاني الأخبار " للكلاباذي خبرا موضوعا .
ثم ذكره بإسناد كما نقلناه عنه ، إلا أنه وقع فيه عنده تحريف في بعض الأسماء ،
و قال عقبه مشيرا إلى الأنصاري هذا الذي ترجمه الذهبي :
و قد غلب على ظني أنه هذا ، و شيخه ما عرفته بعد البحث عنه .
و قال في ترجمة شيخه الحسين بن محمد بن أحمد :
عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك بخبر باطل مضى ذكره قفي ترجمة محمد بن الحسن
ابن علي بن راشد .
و قوله : " مضى " سبق قلم منه رحمه الله ، و الصواب : " يأتي " كما هو ظاهر ،
و قول المصحح في تعليقه على " اللسان " :
هكذا في الأصل ، و لكن كيف يمكن مضيه من قبل ، و لم يأت إلى الآن من اسمه
محمد ؟ ! فلعله تصحيف اسم آخر .
و أقول : لا تصحيف ، و لو رجع إلى ترجمة محمد بن الحسن ، لوجد فيها الحديث
المشار إليه ، و لعلم أن الخطأ في قوله " مضى " ، والله أعلم .
و اعلم أن الإيمان بكل ما ذكر في هذا الحديث من خروج المهدي ، و نزول عيسى ،
و بالقدر خيره و شره ، كل ذلك واجب الإيمان به ، لثبوته في الكتاب و السنة ،
و لكن ليس هناك نص في أن " من أنكر ذلك فقد كفر " ، و من أجل هذا أوردت الحديث
و بينت وضعه ، و هو ظاهر الوضع ، و كأنه من وضع بعض المحدثين أو غيره من الجهلة
، وضعه ليقيم به الحجة على منكري ذلك من ذوي الأهواء و المعتزلة ، و لن تقوم
الحجة على أحد بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم و الافتراء على الله
تعالى ، فقاتل الله الوضاعين ما أجرأهم على الله عز وجل .
و التكفير ليس بالأمر السهل ، نعم من أنكر ما ثبت من الدين بالضرورة بعدما قامت
الحجة عليه ، فهو الكافر الذي يتحقق فيه حقيقة معنى كفر ، و أما من أنكر شيئا
لعدم ثبوته عنده ، أو لشبهة من حيث المعنى ، فهو ضال ، و ليس بكافر مرتد عن
الدين شأنه في ذلك شأن من ينكر أي حديث صحيح عند أهل العلم ، والله أعلم .

(3/81)


1083 - " إذا حدثتم عني حديثا يوافق الحق فخذوا به ، حدثت به أو لم أحدث به " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/203 ) :

موضوع .
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 9 ) و الهروي في " ذم الكلام " ( 4/78/2 )
و ابن حزم في " الأحكام " ( 2/78 ) من طريق أشعث بن براز عن قتادة عن عبد الله
ابن شقيق عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال العقيلي :
ليس بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إسناد يصح ، و للأشعث هذا غير
حديث منكر .
و قال ابن حزم عقبه : كذاب ساقط ، و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من
طريق العقيلي و ذكر كلامه المتقدم و زاد :
و قال يحيى : هذا الحديث وضعته الزنادقة ، و قال الخطابي : لا أصل له ، و روي
من حديث يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث عن ثوبان ، و يزيد مجهول ، و أبو الأشعث
لا يروي عن ثوبان .
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 1/213 ) بقوله :
قلت : هذا الطريق أخرجه ( هنا بياض في الأصل ) و قول المؤلف أن يزيد مجهول
مردود ، فإنه له ترجمة في " الميزان " و قد ضعفه الأكثر ، و قال ابن عدي : أرجو
أنه لا بأس به ، و قال أبو مسهر : كان يزيد بن ربيعة فقيها غير متهم ، ما ينكر
عليه أنه أدرك أبا الأشعث ، و لكن أخشى عليه سوء الحفظ و الوهم ، و قوله : إن
أبا الأشعث لا يروي عن ثوبان مردود ، فقد روى أبو النضر : حدثنا يزيد بن ربيعة
: حدثنا أبو الأشعث الصنعاني قال : سمعت ثوبان يحدث عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال : " قبل الجبار فيثني رجله على الجسر " . الحديث .
قلت : في " الميزان " جملة حذفها السيوطي ، و ليس ذلك بجيد ، لا سيما و هي
تخالف ما يتجه إليه من تمشية حال يزيد هذا ، فقال الذهبي :
و قال الجوزجاني : أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة ، و أما ابن عدي فقال : أرجو
أنه لا بأس به ، و فيه إشعار بأن الذهبي لم يتبن قول ابن عدي هذا ، و يؤيده أنه
أورد المترجم في " الضعفاء " و قال :
قال البخاري : أحاديثه منكرة ، و قال النسائي : متروك .
و قد ساق له في " الميزان " أحاديث مما أنكر عليه ، هذا أحدها ، ثم قال فيه :
منكر جدا .
ثم ذكر السيوطي للحديثين ثلاث طرق أخرى عن أبي هريرة أحدها واه جدا ، و الثاني
معلول ، و الثالث ضعيف مع أنه أخطأ في سنده فلابد من سوقها لبيان حقيقة أمرها .

(3/82)


1084 - " لا أعرفن ما يحدث أحدكم عني الحديث ، و هو متكيء على أريكته فيقول : أقرأ
قرآنا ! ما قيل من قول حسن فأنا قلته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/204 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه ابن ماجه ( 21 ) : حدثنا علي بن المنذر : حدثنا محمد بن الفضيل : حدثنا
المقبري عن جده عن أبي هريرة مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد واه جدا ، رجاله كلهم ثقات غير المقبري ، و هو عبد الله بن
سعيد بن أبي سعيد المقبري ، قال البخاري :
تركوه ، و كذا قال الذهبي في " الضعفاء " .
نحوه قول الحافظ في " التقريب " :
متروك ، و قال يحيى بن سعيد :
جلست إليه مجلسا فعرفت فيه الكذب .
قلت : و هذا الحديث لم يورده البوصيري في " الزوائد " مع أنه على شرطه ، فكأنه
ذهل عنه ، و لذلك لم يتكلم عليه أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجه !
و لا محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه عليه ! و ذكره السيوطي في " اللآليء
المصنوعة " ( 1/314 ) شاهدا لحديث ابن بزار المتقدم ، و تبعه على ذلك ابن عراق
في " تنزيه الشريعة " ( 1/624 ) ساكتين عليه ، و لا يخفى أن حديث مثل هذا
المتهم بالكذب لا يصح شاهدا ، إنما يصلح لذلك العدل السيئ الحفظ الذي لم يكثر
خطؤه و لم يتهم ، كما هو معلوم في " المصطلح " .
و جد المقبري هو ابن سعيد كما سبق و هو ثقة ، و قد روى عن أبيه سعيد بن أبي
سعيد بإسناد أصلح من هذا و هو معلوم ، و هو :
إذا حدثتم عني بحديث تعرفونه و لا تنكرونه ، قلته أو لم أقله فصدقوا به ، فإني
أقول ما يعرف و لا ينكر ، و إذا حدثتم بحديث تنكرونه و لا تعرفونه ، فكذبوا به
، فإني لا أقول ما ينكر ، و لا يعرف .

(3/83)


1085 - " إذا حدثتم عني بحديث تعرفونه و لا تنكرونه ، قلته أو لم أقله فصدقوا به ،
فإني أقول ما يعرف و لا ينكر ، و إذا حدثتم بحديث تنكرونه ولا تعرفونه ، فكذبوا
به ، فإني لا أقول ما ينكر ، و لا يعرف " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/205 ) :

ضعيف .
أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 9/218/1 ) و الدارقطني في " سننه "
( ص 513 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 11/391 ) و الهروي في " ذم الكلام "
( 4/78/2 ) و كذا أحمد كما في " المنتخب " ( 10/199/2 ) لابن قدامة ، و ليس هو
في " المسند " كلهم عن يحيى بن آدم : حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد
المقبري ( زاد الدارقطني و الخطيب : عن أبيه ) عن أبي هريرة مرفوعا به .
و قال الهروي : لا أعرف علة هذا الحديث ، فإن رواته كلهم ثقات ، و الإسناد متصل
.
قلت : قد عرف علته و كشف عنها الإمام البخاري رحمه الله تعالى ، ثم أبو حاتم
الرازي ، فقال الأول في " التاريخ الكبير " ( 2/1/434 ) :
و قال ابن طهمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" ما سمعتم عني من حديث تعرفونه فصدقوه " ، و قال يحيى : عن أبي هريرة و هو وهم
ليس فيه أبو هريرة ، يعني أن الصواب في الحديث الإرسال ، فهو علة الحديث .
فإن قيل : كيف هذا و يحيى بن آدم ثقة حافظ محتج به في " الصحيحين " ، و قد وصله
بذكر أبي هريرة فهي زيادة من ثقة فيجب قبولها ؟ ، فأقول : نعم هو ثقة كما ذكرنا
، و لكن هذا مقيد بما إذا لم يخالف من هو أوثق منه و أحفظ ، أو الأكثر منه عددا
، و في صنيع البخاري السابق ما يشعرنا بذلك ، و قد أفصح عنه بعض المحدثين فقال
ابن شاهين في " الثقات " :
قال يحيى بن أبي شيبة : ثقة صدوق ثبت حجة ما لم يخالف من هو فوقه مثل وكيع و قد
خالف هنا ابن طهمان و اسمه إبراهيم كما سبق ، و هو ثقة محتج به في " الصحيحين "
، و لا أقول إنه فوق يحيى ، و لكن معه جماعة من الثقات تابعوه على إرساله ،
و ذلك ما أعل به الحديث الإمام أبو حاتم ، فقال ابنه في " العلل " ( 2/310/3445
) : سمعت أبي و حدثنا عن بسام بن خالد عن شعيب بن إسحاق عن ابن أبي ذئب عن سعيد
المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا بلغكم عني حديث حسن يحسن بي أن أقوله فأنا قلته ، و إذا بلغكم عني حديث
لا يحسن بي أن أقوله فليس مني و لم أقله " .
قال أبي : هذا حديث منكر ، الثقات لا يرفعونه .
يعني لا يجاوزون به المقبري ، و لا يذكرون في إسناده أبا هريرة ، و إنما تأولت
كلامه بهذا لأمرين :
الأول : ليوافق كلام البخاري المتقدم فإنه صريح في ذلك .
و الآخر : أن تفسير كلامه على ظاهره مما لا يعقل قصده من مثله ، لأنه و الحالة
هذه لا طائل من إعلاله بالوقف ، فإن صيغته تنبىء عن أن الحديث مرفوع معنى ، صدر
ممن كلامه تشريع ، و لأن المعنى حينئذ أن أبا هريرة رضي الله عنه قال هذا
الكلام و صح ذلك عنه ! فهل يعقل أن يقول هذا مسلم فضلا عن هذا الإمام ؟ !
فإن قيل : فقد تابع يحيى بن آدم على وصله شعيب بن إسحاق هذا و هو ثقة محتج به
في " الصحيحين " أيضا ، فلم لا يرجح الوصل على الإرسال ؟
قلت : ذلك لأن الطريق إلى شعيب غير صحيح ، فإن بسام بن خالد الراوي عنه غير
معروف ، فقد أورده الذهبي في " الميزان " ثم العسقلاني في " اللسان " ، و لم
يزيدا في ترجمته على أن ساقا له هذا الحديث من طريق ابن أبي حاتم و كلام أبيه
فيه ! و أما قول الشيخ المحقق العلامة المعلمي اليماني فيما علقه على " الفوائد
المجموعة " للشوكاني ( ص 280 ) في بسام هذا : صوابه : هشام ، فكان يمكن أن يكون
كذلك لولا أن الذهبي و العسقلاني نقلاه كما وقع في المطبوعة من " العلل " إلا
أن يقال : إن نسخة الشيخين المذكورين فيها خطأ ، و هو بعيد جدا .

(3/84)


1086 - " لا أعرفن أحدا منكم أتاه عني حديث و هو متكيء في أريكته فيقول : اتلوا به
علي قرآنا ! ما جاءكم عني من خير قلته أو لم أقله فأنا أقوله ، و ما أتاكم من
شر فإني لا أقول الشر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/207 ) :

ضعيف .
أخرجه أحمد ( 2/483 ) و البزار ( رقم 126 كشف الأستار ) عن أبي معشر عن سعيد عن
أبي هريرة مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف من أجل أبي معشر ، و اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي ،
قال الحافظ في " التقريب " :
ضعيف ، أسن و اختلط .
و قال عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " ( 7/2 ) :
لم يكن قويا في الحديث .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 1/154 ) : رواه أحمد و البزار ، و فيه أبو معشر
نجيح ضعفه أحمد و غيره ، و قد وثق " .
قلت : و قد تابعه المقبري ، و هو عبد الله بن سعيد ، أخرجه ابن ماجه
( رقم 21 ) نحوه و هو متهم ، و قد تقدم حديثه قريبا برقم ( 1084 ) .
تنبيه : أورد السيوطي هذا الحديث في " اللآليء " ( 1/213 - 214 ) من رواية أحمد
بإسناد آخر له عن أبي هريرة ، و ذلك من أوهام السيوطي رحمه الله ، تبعه
الشوكاني في " الفوائد المجموعة " ( ص 279 ) و لم يتنبه له ابن عراق في " تنزيه
الشريعة " ( 1/264 ) ، فإنه لا أصل له بالإسناد المشار إليه ، لا في " المسند "
، و لا في غيره ، و إنما روى أحمد ( 2/366 ) به حديثا آخر متنه :
" المؤمن القوي خير و أفضل و أحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، و في كل خير .. "
الحديث و هو صحيح مخرج في " ظلال الجنة " ( 356 ) .
و جملة القول : أن هذه الأحاديث الأربعة عن أبي هريرة ليس فيها شيء يصح ، و هي
تدور على ثلاث طرق عنه ، فالأوليان منها ليس لها إلا إسناد واحد ، و فيها متهم
و متروك ، و الأخرى لها ثلاثة أسانيد ، تدور كلها على سعيد بن أبي سعيد المقبري
و هي كلها ضعيفة و بعضها أشد ضعفا من بعض كما سبق بيانه ، و لهذا قال الشوكاني
في " الفوائد " عقب هذه الطرق ( 281 ) :
و بالجملة ، فهذا الحديث بشواهده لم تسكن إليه نفسي ، مع أنه لم يكن في إسناد
أحمد ، و لا في إسناد ابن ماجه من يتهم بالوضع ، فالله أعلم ، و إني أظن أن ابن
الجوزي قد وفق للصواب بذكره في موضوعاته .
قلت : و ما ذكره في إسناد ابن ماجه غير مسلم ، فإن فيه عبد الله بن سعيد بن أبي
سعيد المقبري و هو متهم كما تقدم .
و أقول : و من الممكن إعلال الطريق الخرى بسعيد بن أبي سعيد نفسه ، فإنه و إن
كان ثقة و من رجال الشيخين فقد كان اختلط كما ذكر غير واحد من الأئمة منهم ابن
سعد و يعقوب بن شيبة ، و كذا ابن حبان فقال في كتابه " الثقات " ( 1/63 ) :
و كان اختلط قبل أن يموت بأربع سنين .
و قول الذهبي :
شاخ و وقع في الهرم و لم يختلط .
فلا أدري ما وجهه بعد أن ثبت اختلاطه من ذكرنا من العلماء و المثبت مقدم على
النافي ؟ ! و كذلك قوله :
ما أحسب أن أحدا أخذ عنه في الاختلاط ، فإن ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل فلم
يحمل عنه ، فهذا مما لا دليل عليه إلا الظن ، و الحق أن مثل سعيد هذا ينتقى
حديثه ، فلا يقبل كله ، و لا يطرح كله ، و ما أظن الشيخين أخرجا له إلا على هذا
النهج ، إن كان ثبت عندهما اختلاطه .
و قد روي الحديث عن غير أبي هريرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، و لكن
طرقها مما لا تقوم الحجة بها أيضا ، و إليك بيانها :
إنها تكون بعدي رواة يروون عني الحديث ، فاعرضوا حديثهم على القرآن ، فما وافق
القرآن فخذوا به ، و ما لم يوافق القرآن فلا تأخذوا به .

(3/85)


1087 - " إنها تكون بعدي رواة يروون عني الحديث ، فاعرضوا حديثهم على القرآن ، فما
وافق القرآن فخذوا به ، و ما لم يوافق القرآن فلا تأخذوا به " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/209 ) :

ضعيف .
أخرجه الدارقطني ( 513 ) و الهروي في " ذم الكلام " ( 78/2 ) عن أبي بكر بن
عياش عن عاصم عن زر بن حبيش عن علي بن أبي طالب مرفوعا ، و أعله الدارقطني
فقال : هذا وهم ، و الصواب عن عاصم عن زيد ، عن علي بن الحسين مرسلا عن النبي
صلى الله عليه وسلم .
قلت : و أبو بكر بن عياش و إن كان من رجال البخاري ففي حفظه ضعف ، و لهذا قال
الحافظ في " التقريب " :
ثقة عابد ، إلا أنه لما كبر ساء حفظه ، و كتابه صحيح .

(3/86)


1088 - " سيفشو عني أحاديث ، فما أتاكم من حديثي فاقرأوا كتاب الله ، و اعتبروه ، فما
وافق كتاب الله فأنا قلته ، و ما لم يوافق كتاب الله فلم أقله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/209 ) :

ضعيف .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/194/2 ) : حدثنا علي بن سعيد الرازي :
أخبرنا الزبير بن محمد بن الزبير الرهاوي : أخبرنا قتادة بن الفضيل عن أبي حاضر
عن الوضين بن سالم عن عبد الله عن عبد الله بن عمر مرفوعا به .
قلت : و هذا سند ضعيف و فيه علل :
الأولى : الوضين بن عطاء فإنه سيىء الحفظ .
الثانية : قتادة بن الفضيل ، قال الحافظ في " التقريب " :
مقبول ، يعني عند المتابعة .
الثالثة : أبو حاضر هذا أورده الذهبي في " الميزان " ثم الحافظ في " اللسان "
في " باب الكنى " و لم يسمياه ، و قالا :
عن الوضين بن عطاء ، مجهول .
قلت : فليس هو المسمى عثمان بن حاضر المترجم في " التهذيب " ، فإنه تابعي يروي
عن العبادلة و غيرهم ، و لا هو المسمى عبد الملك بن عبد ربه بن زيتون الذي
أورده ابن حبان في " الثقات " ( 2/173 ) و قال :
يروي عن رجل عن ابن عباس ، عداده في أهل الشام ، روى عنه أهلها ، كنيته
أبو حاضر .
و كذا في " الجرح و التعديل " ( 2/2/359 ) إلا أنه قال :
روى عنه عيسى بن يونس .
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
و أما قول الهيثمي في " المجمع " ( 1/170 ) :
رواه الطبراني في " الكبير " و فيه أبو حاضر عبد الملك بن عبد ربه و هو منكر
الحديث .
ففيه نظر ، فقد علمت أن أبا حاضر هذا من أتباع التابعين ، و أما الترجم فهو من
أتباع أتباعهم ، ثم هو قد أخذ قوله : منكر الحديث من " الميزان "
و " اللسان " ، و هما ذكراه في ترجمة " عبد الملك به عبد ربه الطائي " ، فهل
الطائي هذا هو أبو حاضر عبد الملك ؟ ذلك ما لا أظنه ، والله أعلم .
الرابعة : الزبير بن محمد الرهاوي ، فإني لم أجد له ترجمة .

(3/87)


1089 - " ستبلغكم عني أحاديث ، فاعرضوها على القرآن ، فما وافق القرآن فالزموه ، و ما
خالف القرآن فارفضوه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/210 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه الهروي في " ذم الكلام " ( 78/2 ) عن صالح المري : حدثنا الحسن قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف مرسل ، الحسن هو البصري .
و صالح المري هو ابن بشير و هو ضعيف جدا ، أورده الذهبي في " الضعفاء " :
قال النسائي و غيره : متروك .
و قال الحافظ في " التقريب " : ضعيف .

(3/88)


1090 - " ما حدثتم عني مما تعرفونه فخذوه ، و ما حدثتم عني مما تنكرونه ، فلا تأخذوا
به ، فإني لا أقول المنكر ، و لست من أهله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/211 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه الخطيب في " الكفاية " ( 430 ) عن سليم أبي مسلم المكي و هو ابن مسلم عن
يونس بن يزيد عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، آفته سليم المكي و هو الخشاب ، قال ابن معين :
جهني خبيث .
و قال النسائي : متروك الحديث .
و قال أحمد : لا يساوي حديثه شيئا .

(3/89)


1091 - " من حج بمال حرام فقال : لبيك اللهم لبيك ، قال الله عز وجل له : لا لبيك و لا
سعديك ، و حجك مردود عليك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/211 ) :

ضعيف .
رواه ابن مردويه في " ثلاثة مجالس من الأمالي " ( 192/1 - 2 ) و من طريقه
الأصبهاني في " الترغيب " ( ص 274 ـ مصورة الجامعة الإسلامية ) و ابن الجوزي في
" منهاج القاصدين " ( 1/59/1 ) عن الدجين بن ثابت اليربوعي : أخبرنا أسلم مولى
عمر ابن الخطاب عن عمر بن الخطاب مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، الدجين هذا أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
لا يحتج به .
و قال في " الميزان " :
قال ابن معين : ليس حديثه بشيء ، و قال أبو حاتم و أبو زرعة : ضعيف ، و قال
النسائي : ليس بثقة ، و قال الدارقطني و غيره : ليس بالقوي .
و ذكر المنذري في " الترغيب " ( 2/114 ) أن الأصبهاني رواه يعني في " الترغيب "
من حديث أسلم مولى عمر بن الخطاب مرسلا .
ذكره عقب الحديث الآتي و أشار إلى تضعيفهما .

(3/90)


1092 - " من أم هذا البيت من الكسب الحرام ، شخص في غير طاعة الله ، فإذا أهل و وضع
رجله في الغرز أو الركاب و انبعثت به راحلته قال : لبيك اللهم لبيك ، ناداه
مناد من السماء : لا لبيك و لا سعديك ، كسبك حرام ، و زادك حرام ، فارجع مأزورا
غير مأجور ، و أبشر بما يسوؤك ، و إذا خرج الرجل حاجا بمال حلال ، و وضع رجله
في الركاب ، و انبعثت به راحلته قال : لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء
: لبيك و سعديك ، قد أجبتك ، راحلتك حلال ، و ثيابك حلال ، و زادك حلال ، فارجع
مأجورا غير مأزور ، و أبشر بما يسرك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/212 ) :

ضعيف جدا .
رواه البزار في " مسنده " ( رقم ـ 1079 ) من طريق سليمان بن داود : حدثنا يحيى
ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به و قال :
الضعف بين على أحاديث سليمان و لا يتابعه عليها أحد ، و هو ليس بالقوي !
و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 3/210 ) :
رواه البزار و فيه سليمان بن داود اليمامي و هو ضعيف " .
قلت : بل هو ضعيف جدا ، قال الذهبي في " الميزان " :
قال ابن معين : ليس بشيء ، و قال البخاري : منكر الحديث ، و قد مر معنا أن
البخاري قال : من قلت فيه : منكر الحديث ، فلا تحل رواية حديثه ، و قال ابن
حبان : ضعيف ، و قال آخر : متروك .
و قال في " الضعفاء " : ضعفوه .
و الحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 2/114 ) عن أبي هريرة بنحوه مع تقديم
الحاج بالمال الحلال على الحاج بالمال الحرام ، و قال :
رواه الطبراني في ( الأوسط ) ، و أشار إلى ضعفه .
قلت : و هو عنده ( رقم ـ 5361 ) من طريق اليمامي المذكور .

(3/91)


1093 - " يأتي على الناس زمان يحج أغنياء أمتي للنزهة ، و أوساطهم للتجارة و قراؤهم
للرياء و السمعة ، و فقراؤهم للمسألة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/213 ) :

ضعيف .
أخرجه الخطيب ( 10/296 ) و من طريقه ابن الجوزي في " منهاج القاصدين " ( 1/64/1
ـ 2 ) : حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن السرخسي ـ قدم علينا الحج ـ قال
: حدثنا إسماعيل بن جميع ، قال : حدثنا مغيث بن أحمد عن فرقد السبخي ، كذا و في
" المنهاج " مغيث بن أحمد البلخي قال حدثني سليمان بن عبد الرحمن عن مخلد بن
عبد الرحمن الأندلسي عن محمد بن عطاء الدلهي ليس في " المنهاج " الدلهي عن جعفر
ابن سليمان قال : حدثنا ثابت عن أنس بن مالك مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد مظلم ، كل من دون جعفر بن سليمان لم أجد له ترجمة ، سوى شيخ
الخطيب عبد الرحمن بن الحسن ، فإنه أورده في " تاريخه " و ساق له هذا الحديث ،
و لم يزد ! و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " ( 3/76/1 9 من رواية
الخطيب و الديلمي .

(3/92)


1094 - " إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/213 ) :

ضعيف .
رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " ( 97/1 ) : أخبرنا أنيس أخبرنا إسماعيل
ابن إبراهيم الترجماني حدثنا داود بن الزبرقان عن سعيد عن قتادة عن زرارة بن
أبي أوفى عن عمران بن حصين .
و من طريق أبي سعيد رواه القضاعي ( 85/1 ) و قال : أنيس أبو عمرو المستملي .
و رواه ابن الجوزي في " منهاج القاصدين " ( 1/187/1 ) من طريق ابن أبي الدنيا ،
و ابن عدي ( 128/2 ) و من طريقه البيهقي في " السنن " ( 10/199 ) من طريق أخرى
عن الترجماني به ، و قال :
تفرد برفعه داود بن الزبرقان ، قال ابن عدي :
و عامة ما يرويه مما لا يتابعه أحد عليه .
قلت : و هو ضعيف جدا ، قال أبو داود :
ضعيف ترك حديثه .
و قال النسائي : ليس بثقة .
و قال الجوزجاني : كذاب .
و في " التقريب " : متروك ، و كذبه الأزدي .
قلت : و قد خولف في إسناده ، فأخرجه البيهقي من طريق عبد الوهاب بن عطاء : أنبأ
سعيد هو ابن أبي عروبة عن قتادة عن مطرف عن عمران أنه قال : فذكره موقوفا عليه
و قال : هذا هو الصحيح موقوف .
قلت : و كذلك رواه شعبة عن قتادة به موقوفا عليه ، و لفظه : قال مطرف بن
عبد الله بن الشخير : صحبت عمران بن حصين إلى البصرة فما أتى علينا يوم إلا
أنشدنا فيه الشعر ، و قال : فذكره .
رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 885 ) ، و قال ابن الجوزي :
و رواه أبو عوانة عن قتادة عن مطرف فوقفه ، و هو الأشبه .
قلت : و رواه البيهقي بسند صحيح عن عمر بن الخطاب موقوفا عليه ، و الغزالي مع
تساهله فقد أورد الحديث في " الإحياء " ( 9/44 ) طبع لجنة نشر الثقافة
الإسلامية موقوفا عن عمر و غيره .
ثم رأيته مرفوعا من طريق أخرى ، فقال ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " 0
322 ) : أخبرنا محمد بن جرير الطبري : حدثنا الفضل بن سهل الأعرج : حدثنا
سعيد بن أوس : حدثنا شعبة <1> عن قتادة به مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات معروفون غير الفضل بن سهل الأعرج ، قال ابن
أبي حاتم ( 3/2/63 ) : سئل أبي عنه فقال : صدوق .
لكن سعيدا هذا ، قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه ، فلا يطمئن القلب لمخالفته
لمثل شعبة و من معه ممن أوقفه .
و الحديث مما سود به الشيخ نسيب الرفاعي كتابه الذي سماه " تيسير العلي القدير
لاختصار تفسير ابن كثير ، فإنه رغم تنصيصه في مقدمته أنه التزم فيه أن لا
يورد فيه الأحاديث الضعيفة التي وقعت في أصله : " تفسير ابن كثير " ، فقد ذكر
في كتابه هذا عشرات الأحاديث الضعيفة و المنكرة ، و سيأتي التنبيه على بعضها إن
شاء الله تعالى ، و هذا أحدها ( 3/465 ) ، و تقدم بعض آخر منها .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كذا الأصل ، و أظنه تصحيفا ، و الصواب " سعيد " و هو ابن أبي عروبة ، فإنه
الذي في شيوخ سعيد بن أوس . اهـ .

(3/93)


1095 - " يا بلال ! غن الغزل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/215 ) :

باطل لا أصل له .
و لعله في بعض كتب الأدب التي تروي ما هب و دب من مثل كتاب أبي الفرج الأصبهاني
" الأغاني " ! فقد أورد هذا الحديث مؤلفوا كتاب " التربية الموسيقية " ( ص 65 -
طبع سنة 1964 ـ 1965 ) دون أن يعزوه إلى كتاب !

(3/94)


1096 - " إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا : اللهم اجعلها مغنما ، و لا
تجعلها مغرما " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/216 ) :

موضوع .
رواه ابن ماجه ( رقم 1797 ) و ابن عساكر ( 7/225/2 ) عن البختري متفق على ضعفه
.
و قال المناوي في " فيض القدير " :
قال في الأصل : و ضعف ، و ذلك لأن فيه سويد بن سعيد قال أحمد : متروك .
قلت : إنما علة الحديث البختري هذا ، فإنه عند ابن عساكر من طريق أخرى عنه
فانتفت التهمة عن الوليد و سعيد و انحصرت في البختري و هو متهم ، فقد قال أبو
نعيم : روى عنه أبيه عن أبي هريرة موضوعات .
و كذا قال الحاكم و النقاش ، و قال ابن حبان :
ضعيف ذاهب ، لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد و ليس بعدل ، فقد روى عن أبيه عن
أبي هريرة نسخة فيها عجائب .
و قال الأزدي : كذاب ساقط .

(3/95)


1097 - " إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/216 ) :

ضعيف .
أخرجه الإمام أحمد ، قال ( 2/541 ) : حدثنا عصام بن خالد : حدثنا حريز ، و في
الأصل : جرير و هو تصحيف عن شبيب أبي روح أن أعرابيا أتى أبا هريرة فقال :
يا أبا هريرة ! حدثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر الحديث فقال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" ألا إن الإيمان يمان ، و الحكمة يمانية ، و أجد نفس ربكم من قبل اليمن ،
و قال المغيرة <1> : من قبل المغرب ) ، ألا إن الكفر و الفسوق و قسوة القلب
في الفدادين أصحاب الشعر و الوبر ، الذين يغتالهم الشياطين على أعجاز الإبل " .
و أورده الهيثمي في " المجمع " ( 10/56 ) من رواية أحمد إلى قوله : " من قبل
اليمن " ثم قال :
" و رجاله رجال الصحيح غير شبيب و هو ثقة " . و مثله قول شيخه الحافظ العراقي
في " تخريج الإحياء " ( 1/92 ) :
" رواه أحمد ، و رجاله ثقات " .
قلت : في النفس من شبيب شيء ، فإنه يصرح بتوثيقه أحد غير ابن حبان ( 1/86 ) ،
و قول أبي داود : " شيوخ حريز كلهم ثقات " ليس نصا في توثيقه لشبيب بالذات ،
لاحتمال أن أبا داود لم يعلم أو لم يخطر في باله حين قال ذلك أن شبيبا من شيوخ
حريز ، و قد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 2/1/358 ) و لم يحك
فيه جرحا و لا توثيقا ، و لعله لذلك قال ابن القطان :
" شبيب لا تعرف له عدالة " .
و أيضا فقد روى الحديث جماعة من التابعين الثقات عن أبي هريرة لم يذكر أحد منهم
فيه هذه الجملة " و أجد نفس ربكم من قبل اليمن " ، أخرجه كما ذكرنا الشيخان في
" صحيحيهما " و أحمد ( 2/235 و 252 و 258 و 267 و 269 و 277 و 372 و 380 و 407
و 425 و 457 و 474 و 480 و 484 و 488 و 502 و 541 ) فهي عندى منكرة ، أو على
الأقل شاذة .
( تنبيه ) : أورد الحديث الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " و قال ( 1/217 ) :
" قال العراقي : لم أجد له أصلا " !
قلت : ينافي ما نقلته عن كتابه " التخريج " فالله أعلم بصحة نقل العجلوني عنه .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] لم أدر من المغيرة هذا ؟ و ليس له ذكر في سند الحديث . اهـ .
1

(3/96)


1098 - " ليس الإيمان بالتمني و لا بالتحلي ، و لكن ما وقر في القلب و صدقه العمل ،
العلم علم باللسان و علم بالقلب ، فأما علم القلب فالعلم النافع ، و علم اللسان
حجة الله على بني آدم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/218 ) :

موضوع .
رواه ابن النجار في " الذيل " ( 10/88/2 ) عن عبد السلام بن صالح : حدثنا يوسف
ابن عطية : حدثنا قتادة عن الحسن عن أنس مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد هالك ، يوسف بن عطية و هو الصفار الأنصاري قال البخاري :
" منكر الحديث " .
و قال النسائي و الدولابي :
" متروك الحديث " . زاد النسائي : " و ليس بثقة " .
و عبد السلام بن صالح ، و هو أبو الصلت الهروي أورده الذهبي في " الضعفاء "
و قال :
" اتهمه بالكذب غير واحد ، قال أبو زرعة : لم يكن بثقة ، و قال ابن عدي : متهم
. و قال غيره : رافضي " .
قلت : و قد رواه بعض الضعفاء عن الحسن موقوفا عليه .
أخرجه ابن أبي شيبة في " كتاب الإيمان " ( رقم 93 بتحقيقي ) من طريق جعفر بن
سليمان : نا زكريا قال : سمعت الحسن يقول :
" إن الإيمان ليس بالتحلي و لا بالتمني ، إنما الإيمان ما وقر في القلب و صدقه
العمل " .
و هذا سند ضعيف من أجل زكريا هذا و هو ابن حكيم الحبطي ، قال الذهبي في "
الميزان " :
" هالك " . و أقره الحافظ في " اللسان " . لكن قال المناوي في " الفيض " تحت
قول السيوطي : " رواه ابن النجار و الديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس " :
" قال العلائي : حديث منكر ، تفرد به عبد السلام بن صالح العابد ، قال النسائي
متروك . و قال ابن عدي : مجمع على ضعفه ، و قد روي معناه بسند جيد عن الحسن من
قوله . و هو الصحيح . إلى هنا كلامه ، و به يعرف أن سكوت المصنف عليه لا يرضى "
قلت : فلعل العلائي وقف على سند آخر لهذا الأثر عن الحسن ; و لذلك جوده . والله
أعلم .

(3/97)


1099 - " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت و يوم الأحد ، أكثر مما
يصوم من الأيام ، و يقول : إنهما عيد المشركين ، فأنا أحب أن أخالفهم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/219 ) :

ضعيف .
أخرجه أحمد ( 6/324 ) و ابن خزيمة ( 2167 ) و ابن حبان ( 941 ) و الحاكم (
1/436 ) و عنه البيهقي ( 4/303 ) من طريق عبد الله بن محمد بن عمر بن علي قال :
حدثنا أبي عن كريب أنه سمع أم سلمة تقول : فذكره . و قال الحاكم :
" إسناده صحيح " . و وافقه الذهبي .
قلت : و في هذا نظر ; لأن محمد بن عمر بن علي ليس بالمشهور ، و قد ترجمه ابن
أبي حاتم ( 4/1/18/81 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و أما ابن حبان فذكره
في " الثقات " على قاعدته ! و أورده الذهبي في " الميزان " و قال :
" ما علمت به بأسا ، و لا رأيت لهم فيه كلاما ، و قد روى له أصحاب السنن
الأربعة " .
ثم ذكر له حديثا رواه النسائي ثم قال :
" و أورده عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه الوسطى " ، و قال : إسناده ضعيف .
و قال ابن القطان : هو كما ذكر ضعيف ، فلا يعرف حال محمد بن عمر . ثم ذكر له
بعد حديث كريب عن أم سلمة ( قلت : فساق هذا ثم قال : ) أخرجه النسائي ، قال ابن
القطان : فأرى حديثه حسنا . يعني لا يبلغ الصحة " .
قلت : فأنت ترى أن ابن القطان تناقض في ابن عمر هذا ، فمرة يحسن حديثه ، و مرة
يضعفه ، و هذا الذي يميل القلب إليه لجهالته ، لا سيما و حديثه هذا مخالف
بظاهره لحديث صحيح و لفظه :
" لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ، و إن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة
، أو عود شجرة فليمضغه " .
أخرجه أصحاب السنن و غيرهم و حسنه الترمذي و صححه الحاكم ، و إسناده صحيح ، بل
له طريقان آخران صحيحان ، كما بينته في " الإرواء " ( رقم 960 ) .
و فيه علة أخرى ، و هي أن عبد الله بن محمد بن عمر حاله نحو حال أبيه ، لم
يوثقه غير ابن حبان ، و قال ابن المديني :
" وسط " . و قال الحافظ :
" مقبول " . يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة
و لم يتابع في هذا الحديث ، فهو لين .
و لم أكن قد تنبهت لهذه العلة في تعليقي على " صحيح ابن خزيمة " ، فحسنت ثمة
إسناده ، و الصواب ما اعتمدته هنا . والله أعلم .

(3/98)


1100 - " فضلت على آدم بخصلتين : كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم ، و كن
أزواجي عونا لي ، و كان شيطان آدم كافرا ، و كانت زوجته عونا له على خطيئته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/220 ) :

موضوع .
أخرجه أبو طالب مكي المؤذن في " حديثه " ( ق 233/1 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد
" ( 3/331 ) و البيهقي في " دلائل النبوة " ( ج2 باب ما تحدث رسول الله
صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه ) عن محمد بن الوليد بن أبان بن أبي جعفر : حدثنا
إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، آفته أبو جعفر هذا ، و هو القلانسي البغدادي ، قال
الذهبي في " الميزان " :
" قال ابن عدي : كان يضع الحديث ، و قال أبو عروبة : كذاب . فمن أباطيله ... "
قلت : فذكر له أحاديث هذا أحدها .
قلت : إبراهيم بن صرمة ضعفه الدارقطني و غيره . و قال ابن عدي :
" عامة حديثه منكر المتن و السند " . و قال أبو حاتم :
" شيخ " .
و قال ابن معين :
" كذاب خبيث " . كذا في " الميزان " .
قلت : و قد سود السيوطي كتابه " الجامع الصغير " ، فأورد فيه هذا الحديث الباطل
من رواية البيهقي وحده في " الدلائل " ، فتعقبه المناوي بالقلانسي و قول الذهبي
فيه . و فاتته العلة الأخرى و هي ابن صرمة هذا . و أما في " التيسير " فقال : "
و فيه كذاب " .

(3/99)


1101 - " أعلم الناس من يجمع علم الناس إلى علمه ، و كل صاحب علم غرثان " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/221 ) :

ضعيف .
رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 120/2 ) و عنه الديلمي في " مسند الفردوس " (
1/1/121 ) عن مسعدة بن اليسع عن شبل بن عباد عن عمرو بن دينار عن جابر بن
عبد الله :
أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : أي الناس أعلم ؟ قال : من جمع
... " .
قلت : و هذا إسناد موضوع آفته مسعدة هذا ، قال الذهبي في " الميزان " :
" هالك ، كذبه أبو داود ، و قال أحمد بن حنبل : حرقنا حديثه منذ دهر " .
و قال ابن أبي حاتم ( 4/1/371 ) :
" سألت أبي عنه فقال : هو ذاهب منكر الحديث لا يشتغل به ، يكذب على جعفر بن
محمد " .
قلت : و هذا الحديث مما سود به السيوطي " جامعه الصغير " ، و تعقبه المناوي
بقول الهيثمي ( 1/162 ) :
" فيه مسعدة بن اليسع و هو ضعيف جدا " .
قلت : و عليه فقوله في " التيسير " :
" و إسناده ضعيف " .
يخالف ما نقله عن الهيثمي و أقره عليه كما يخالف حال راويه مسعدة .
نعم قد وجدت له متابعا قويا يمنع من الحكم على الحديث بالوضع و إن كان مرسلا ،
فقال الدارمي في " سننه " ( 1/86 ) : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم : نا يحيى بن أبي
بكير : نا شبل عن عمرو بن دينار عن طاووس قال : قيل : يا رسول الله ! أي الناس
أعلم ؟ الحديث .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري ،; و لكنه مرسل .

(3/100)


1102 - " إن المرأة إذا خرجت من بيتها و زوجها كاره لذلك لعنها كل ملك في السماء و كل
شيء مرت عليه غير الجن و الإنس حتى ترجع " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/222 ) :

ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1/170/1 - 2 ) عن عيسى بن المساور : حدثنا سويد
ابن عبد العزيز عن محمد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعا و قال :
" لم يروه عن عمرو إلا محمد ، تفرد به سويد " .
قلت : و هو ضعيف جدا ، قال الذهبي في " الضعفاء " :
" قال أحمد : متروك الحديث " .
و قال في " الميزان " .
" هو واه جدا " .
و قال الهيثمي في " المجمع " :
" رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه سويد بن عبد العزيز و هو متروك ، و قد
وثقه دحيم و غيره ، و بقية رجاله ثقات " .
قلت : و أشار المنذري في " الترغيب " ( 3/79 ) إلى أن الحديث حسن أو قريب من
الحسن ; فلا تغتر به .

(3/101)


1103 - " لهم ما لنا ، و عليهم ما علينا . يعني أهل الذمة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/222 ) :

باطل لا أصل له .
و قد اشتهر في هذه الأزمنة المتأخرة ، على ألسنة كثير من الخطباء و الدعاة
و المرشدين ، مغترين ببعض الكتب الفقهية ، مثل " الهداية " في المذهب الحنفي ،
فقد جاء فيه ، في آخر " البيوع " :
" و أهل الذمة في المبايعات كالمسلمين ، لقوله عليه السلام في ذلك الحديث ،
فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين ، و عليهم ما عليهم " .
فقال الحافظ الزيلعي في " تخريجه " : نصب الراية " ( 4/55 ) :
" لم أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف ، و لم يتقدم في هذا المعنى إلا حديث
معاذ ، و هو في " كتاب الزكاة " ، و حديث بريدة و هو في " كتاب السير " ، و ليس
فيهما ذلك " .
و وافقه الحافظ في " الدراية " ( ص 289 ) .
قلت : فقد أشار الحافظان إلى أن الحديث لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، و أن صاحب " الهداية " قد وهم في زعمه ورود ذلك في الحديث . و هو يعني -
والله أعلم - حديث ابن عباس ; و هو الذي إليه الزيلعي :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال : إنك تأتي قوما أهل
كتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، و أني رسول الله ، فإن هم أطاعوك
، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم .. " الحديث . و هو متفق عليه .
فليس فيه - و لا في غيره - ما عزاه إليه صاحب " الهداية " .
بل قد جاء ما يدل على بطلان ذلك ، و هو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث
الصحيح :
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله .. فإذا فعلوا ذلك فقد
حرمت علينا دماؤهم و أموالهم إلا بحقها ، لهم ما للمسلمين ، و عليهم ما على
المسلمين " .
و إسناده صحيح على شرط الشيخين كما بينته في " الأحاديث الصحيحة " ( 299 ) .
فهذا نص صريح على أن الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الجملة :
" لهم ما لنا ، و عليهم ما علينا " .
ليس هم أهل الذمة الباقين على دينهم ، و إنما هم الذين أسلموا منهم ، و من
غيرهم من المشركين !
و هذا هو المعروف عند السلف ، فقد حدث أبو البختري :
" أن جيشا من جيوش المسلمين - كان أميرهم سلمان الفارسي - حاصروا قصرا من قصور
فارس ، فقالوا : يا أبا عبد الله ألا تنهد إليهم ؟ قال : دعوني أدعهم كما سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ، فأتاهم سلمان ، فقال لهم : إنما أنا رجل
منكم فارسي ، ترون العرب يطيعونني ، فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا ، و عليكم
مثل الذي علينا ، و إن أبيتم إلا دينكم ، تركناكم عليه ، و أعطونا الجزية عن يد
، و أنتم صاغرون .. " .
أخرجه الترمذي و قال : " حديث حسن " و أحمد ( 5/440 و 441 و 444 ) من طرق عن
عطاء بن السائب عنه .
و لقد كان هذا الحديث و نحوه من الأحاديث الموضوعة و الواهية سببا لتبني بعض
الفقهاء من المتقدمين ، و غير واحد من العلماء المعاصرين ، أحكاما مخالفة
للأحاديث الصحيحة ، فالمذهب الحنفي مثلا يرى أن دم المسلمين كدم الذميين ،
فيقتل المسلم بالذمي ، و ديته كديته مع ثبوت نقيض ذلك في السنة على ما بينته في
حديث سبق برقم ( 458 ) ، و ذكرت هناك من تبناه من العلماء المعاصرين !
و هذا الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه اليوم طالما سمعناه من كثير من
الخطباء و المرشدين يرددونه في خطبهم ، يتبجحون به ، و يزعمون أن الإسلام سوى
بين الذميين و المسلمين في الحقوق ، و هم لا يعلمون أنه حديث باطل لا أصل له عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فأحببت بيان ذلك ، حتى لا ينسب إلى النبي
صلى الله عليه وسلم ما لم يقل !
و نحوه ما روى أبو الجنوب قال : قال علي رضي الله عنه :
" من كانت له ذمتنا ، فدمه كدمنا ، و ديته كديتنا " .
أخرجه الشافعي ( 1429 ) و الدارقطني ( 350 ) و قال :
" و أبو الجنوب ضعيف " .
و أورده صاحب " الهداية " بلفظ :
" إنما بذلوا الجزية ، لتكون دماؤهم كدمائنا ، و أموالهم كأموالنا " .
و هو مما لا أصل له ، كما ذكرته في " إرواء الغليل " ( 1251 ) .

(3/102)


1104 - " من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه ، فليعد لها . يعني الصلاة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/225 ) :

منكر .
أخرجه أبو داود ( 944 ) و الطحاوي ( 1/263 ) و الدارقطني ( 195 - 196 ) و عنه
البيهقي ( 2/262 ) من طريق محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة بن الأخنس عن أبي
غطفان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و قال أبو داود :
" هذا الحديث وهم " . و قال الدارقطني :
" قال لنا ابن أبي داود : أبو غطفان رجل مجهول ، و لعل الحديث من قول ابن إسحاق
، و الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة ، رواه أنس
و جابر و غيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدارقطني : رواه ابن عمر
و عائشة أيضا " .
قلت : أبو غطفان قد وثقه ابن معين و النسائي و ابن حبان ، و روى عنه جماعة من
الثقات ، و لم يقل فيه مجهول غير ابن أبي داود ، فهو ثقة كما قال الحافظ في "
التقريب " .
و إنما علة الحديث ابن إسحاق و هو مدلس و قد عنعنه .
و من الغرائب قول الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/90 ) :
" حديث جيد " !
مع أنه حكى عن ابن الجوزي أنه أعله في " التحقيق " بهذه العلة ، و التي قبلها
ثم ذكر أنه :
" تعقبه صاحب " التنقيح " في الأولى ، دون الأخرى . و أن الإمام أحمد سئل عن
الحديث ، فقال : لا يثبت إسناده ، ليس بشيء " .
و سلم بذلك الزيلعي و لم يتعقبه بشيء ، و لا مجال لذلك .
و هو قد استدل به لما جاء في " الهداية " على المذهب الحنفي :
" و لا يرد السلام بلسانه ، و لا بيده لأنه كلام معنى ، حتى لو صافح بنية
التسليم تبطل صلاته " .
و هذا مع أنه لا دليل عليه سوى هذا الحديث ، و قد تبين ضعفه ، فإنه مخالف
للأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة ،
و لذلك فهو حديث منكر ، و في كلام ابن أبي داود السابق إشارة إلى ذلك . و لهذا
قال عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " عقبه ( رقم 1370 ) :
" و الصحيح إباحة الإشارة على ما ذكر مسلم و غيره " .
يعني من حديث جابر في رد السلام إشارة ، و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 859
) و حديث أنس المشار إليه آنفا هو فيه برقم ( 871 ) .
و لا يدل لهذا المذهب حديث أبي داود مرفوعا :
" لا غرار في صلاة و لا تسليم " .
لما ذكرته في تخريجه في " الأحاديث الصحيحة " ( رقم 311 ) ، و قد ذكرت فيه حديث
ابن عمر في إشارته صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، فراجعه إن شئت .
و أما مصافحة المصلي ، فهي و إن لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمت
، فلا دليل على بطلان الصلاة ، لأنها عمل قليل ، لا سيما و قد فعلها عبد الله
ابن عباس رضي الله عنه ، فقال عطاء بن أبي رباح :
" أن رجلا سلم على ابن عباس ، و هو في الصلاة ، فأخذ بيده ، و صافحه و غمز يده
" .
أخرجه ابن أبي شيبة ( 1/193/2 ) و البيهقي في " سننه " ( 2/259 ) بإسنادين عن
عطاء أحدهما صحيح ، و الآخر رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أن فيه عنعنة
حبيب بن أبي ثابت .
و ليس كل عمل في الصلاة يبطلها ، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت :
" جئت و رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت ، و الباب عليه مغلق ،
فمشى [ عن يمينه أو يساره ] حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه ، و وصفت الباب في
القبلة " .
أخرجه أصحاب السنن و حسنه الترمذي و صححه ابن حبان و عبد الحق في " الأحكام " (
رقم 1374 ) و إسناده حسن كما بينته في " صحيح أبي داود " ( 885 ) .

(3/103)


1105 - " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل ، كان الرجل يلقى الرجل فيقول : يا هذا
اتق الله و دع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد ، فلا يمنعه أن يكون
أكيله و شريبه و قعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ثم قال :
*( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود و عيسى ابن مريم )* إلى قوله
: *( فاسقون )* ، ثم قال : كلا والله لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر
و لتأخذن عن المنكر و لتأخذن على يدي الظالم ، و لتأطرنه على الحق أطرا ،
و لتقصرنه على الحق قصرا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/227 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 4336 ) و الترمذي ( 2/175 ) و ابن ماجه ( 4006 ) و الطحاوي في
" المشكل " ( 2/61 - 62 ) و ابن جرير في " التفسير " ( 6/305 ) و أحمد في "
المسند " ( 1/391 ) من طرق عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن
مسعود به .
و خالف المؤمل بن إسماعيل فقال : حدثنا سفيان قال : حدثنا علي بن بذيمة عن أبي
عبيدة - أظنه عن مسروق - عن عبد الله به نحوه .
أخرجه ابن جرير .
و المؤمل هذا ضعيف لسوء حفظه .
و خالفه عبد الرحمن بن مهدي فقال : حدثنا سفيان عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره هكذا مرسلا . و هو أصح .
أخرجه الترمذي ( 2/175 - 176 ) و ابن جرير و ابن ماجه .
و تابعه سالم الأفطس عن أبي عبيدة عن ابن مسعود به و زاد في آخره :
" أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ، ثم ليلعننكم كما لعنهم " .
أخرجه أبو داود ( 4337 ) و ابن أبي الدنيا في " الأمر بالمعروف " ( ق 53/1 )
و عبد الغني المقدسي فيه ( 85/2 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 8/299 ) و البغوي
في " تفسيره " ( 3/206 - 207 ) من طرق عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن
سالم به .
و سالم هذا هو ابن عجلان الأفطس و هو ثقة من رجال البخاري .
و رواه عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن العلاء بن المسيب عن عبد الله بن عمرو
ابن مرة عن سالم الأفطس به .
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3/1248 ) و ابن جرير و كذا ابن أبي حاتم كما في
" تفسير ابن كثير " و ابن أبي الدنيا ( 54/1 - 2 ) و قال أبو داود بعد أن ذكره
معلقا :
" و رواه خالد الطحان عن العلاء عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة " .
قلت : كأنه يشير إلى أن قول المحاربي : " عبد الله بن عمرو بن مرة " وهم . و هو
الظاهر لمخالفته لرواية الجماعة عن العلاء . و المحاربي لا بأس به ، و كان يدلس
كما قال أحمد ، و قد عنعنه ، فلعل الوهم ممن دلسه .
و رواية الطحان التي علقها أبو داود هي التي وصلها البغوي كما سبقت الإشارة إلى
ذلك ، أخرجها من طريق أبي يعلى : أنا وهب بن بقية : أنا خالد - يعني ابن
عبد الله الواسطي - عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن
عبد الله بن مسعود . و قد أخرجها أبو يعلى في " مسنده " ( 3/1262 ) بهذا
الإسناد .
و قد خولف وهب بن بقية في هذا الإسناد ، فقال أبو جعفر الطحاوي : حدثنا محمد بن
إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي : حدثنا عمرو بن عون الواسطي : حدثنا خالد بن
عبد الله الواسطي عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي موسى قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره بنحوه .
قلت : هكذا في الأصل " عمرو بن مرة عن أبي موسى " . لم يذكر بينهما أبا عبيدة ،
فلا أدري أسقط من الأصل ، أم الرواية هكذا وقعت للطحاوي ؟ ! و غالب الظن الأول
، لأمور :
1 - أن عمرو بن مرة لم يسمع من أبي موسى بل لم يذكروا له رواية عنه ، و كان لا
يدلس ، فينبغي أن يكون بينهما راو ، و ليس هو إلا أبو عبيدة .
2 - أن ابن كثير قال : قال شيخنا الحافظ المزي : " و قد رواه خالد بن عبد الله
الواسطي عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى " .
قلت : و الظاهر أنه يشير إلى هذه الرواية .
3 - أنهم ذكروا لأبي عبيدة رواية عن أبي موسى .
4 - أن الهيثمي أورده في " المجمع " ( 7/269 ) من حديث أبي موسى ثم قال :
" رواه الطبراني ، و رجاله رجال الصحيح " .
و غالب الظن أنه عند الطبراني من هذا الوجه الذي ذكره المزي ، فإذا كان كذلك ،
و فرضنا أنه كانت الرواية عنده عن عمرو بن مرة عن أبي موسى ، لنبه الهيثمي على
انقطاعها ، و إن كان يفوته كثير التنبيه على مثله . والله أعلم .
ثم إن إسناد الطحاوي المتقدم رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير شيخ الطحاوي
محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي و هو ثقة مأمون كما روى الخطيب في
ترجمته ( 1/392 ) عن عبد الرحمن بن يوسف بن خراش . مات سنة ست و سبعين و مائتين
<1> .
و على هذا فينبغي أن يكون هذا الإسناد صحيحا ، لاتصاله ، وثقه رجاله ، لولا أنه
قد اختلف في إسناده على العلاء بن المسيب ، فرواه عمرو بن عون الواسطي عن خالد
ابن عبد الله عنه هكذا .
و خالفه وهب بن بقية فرواه عن خالد عن العلاء عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن
عبد الله بن مسعود .
و هذه الرواية أولى بالأخذ بها و الاعتماد عليها ، لأن وهب بن بقية ثقة أيضا من
رجال مسلم ، و روايته موافقة لرواية أبي داود المتقدمة عن العلاء ، و هي من
رواية أبي شهاب الحناط و اسمه عبد ربه بن نافع الكتاني من رجال الشيخين .
و من المحتمل أن يكون هذا الاختلاف على العلاء بن المسيب ليس من الرواة عنه ،
بل منه نفسه ، لأنه مع كونه ثقة ، فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه ، حتى قال
الحافظ في " التقريب " :
" ثقة ربما وهم " .
قلت : فمن الممكن أن يكون وهم في قوله في هذا الإسناد : عن عمرو بن مرة [ عن
أبي عبيدة ] عن أبي موسى ، و إذا كان قد صح عنه على الوجه الآخر " عن عمرو عن
أبي عبيدة عن ابن مسعود " . فالقلب يطمئن لهذه الرواية دون تلك لموافقتها
لرواية علي بن بذيمة و سالم الأفطس عن أبي عبيدة عن ابن مسعود .
و على ذلك ، فإسناد الطحاوي و كذا الطبراني عن أبي موسى يكون شاذا ، فلا يكون
صحيحا ، و هذا إذا سلم من الانقطاع بين عمرو بن مرة و أبي موسى على ما سبق
بيانه .
و إذا تبين هذا فالمحفوظ في هذا الحديث أنه من رواية أبي عبيدة عن ابن مسعود
فهو على هذا إسناد ضعيف منقطع . قال المنذري في " الترغيب " ( 4/170 ) :
" أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه ، و قيل : سمع " .
قلت : و الصواب الأول ، فقد قال شعبة عن عمرو بن مرة : سألت أبا عبيدة : هل
تذكر من عبد الله شيئا ؟ قال : لا . و قال الترمذي : لا يعرف اسمه ، و لم يسمع
من أبيه شيئا . و كذلك قال ابن حبان : إنه لم يسمع من أبيه شيئا . و بهذا جزم
الحافظ المزي في " تهذيب التهذيب " ، و تبعه الحافظ في " تهذيبه " .
قلت : فقول الترمذي عقب الحديث :
" حديث حسن غريب " .
مما يتعارض مع الانقطاع الذي اعترف به هو نفسه . و ذلك من تساهله الذي عرف به .
و جملة القول أن الحديث مداره على أبي عبيدة ، و قد اضطرب الرواة عليه في
إسناده على أربعة وجوه :
الأول : عنه عن أبيه عبد الله بن مسعود .
الثاني : عنه عن مسروق عن ابن مسعود .
الثالث : عنه مرسلا .
الرابع : عنه عن أبي موسى .
و لقد تبين من تحقيقنا السابق أن الصواب من ذلك الوجه الأول ، و أنه منقطع فهو
علة الحديث . و به جزم المحقق أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " رقم ( 3713 )
. وبالله التوفيق .
و كان الحامل على كتابة هذا البحث أن بعض الكتاب ادعى في مجلة " الوعي الإسلامي
" العدد الأول من السنة الثانية ( ص 96 ) أن الحديث مما صح عن الرسول صلوات
الله و سلامه عليه . فأحببت أن أتيقن من خطئه فيما قال ، فكان من ذلك هذا
المقال . و كتبت إلى المجلة بخلاصة نافعة منه في أشياء أخرى بتاريخ لا يحضرني
منه إلا السنة 1386 هـ ، و لكنها لم تنشر . و لله في خلقه شؤون .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] قلت : و لم يعرفه العيني في كتابه " مغاني الأخيار " كما في تلخيصه " كشف
الأستار " ، و ليس هو محمد بن إبراهيم المروزي المترجم في " الميزان "
و المتكلم فيه كما توهم المعلق على " الكشف " بل هو آخر ، و ترجمته عند الخطيب
أيضا عقب هذا . اهـ .
1

(3/104)


1106 - " بعث الله جبريل إلى آدم و حواء فقال لهما : ابنيا لي بيتا ، خط لهما جبريل ،
فجعل آدم يحفر و حواء تنقل حتى أجابه الماء ، ثم نودي من تحته : حسبك يا آدم !
فلما بنياه أوحى الله إليه أن يطوف به ، و قيل له : أنت أول الناس ، و هذا أول
بيت ، ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح ، ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم
القواعد منه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/231 ) :

منكر .
أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " ( 1/320 ) و عنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق
" ( 2/321 ) من طريق يحيى بن عثمان بن صالح قال : حدثنا أبو صالح الجهني قال :
حدثنا ابن لهيعة عن يزيد عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال البيهقي :
" تفرد به ابن لهيعة مرفوعا " .
قال الحافظ ابن كثير في " السيرة " ( 1/272 ) :
" قلت : و هو ضعيف ، و وقفه على عبد الله بن عمرو أقوى و أثبت " .
قلت : هذا يوهم أنه روي عنه موقوفا بإسناد أقوى ، مع أنه لم يخرجه هو و لا
البيهقي موقوفا ، فالظاهر أنه يعني أن الوقف به أشبه ، والله أعلم .
ثم إن فيه علتين أخريين :
الأولى : أبو صالح الجهني هو عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث ، قال الحافظ
:
" صدوق كثير الغلط ، ثبت في كتابه ، و كانت فيه غفلة " .
قلت : فيحتمل أن الغلط منه ، فتعصيبه بابن لهيعة ليس بلازم .
الأخرى : يحيى بن عثمان ، قال الحافظ :
" صدوق رمي بالتشيع ، و لينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله " .

(3/105)


1107 - " كان يرمي الجمرة في هذا المكان ، و يقول كلما رمي بحصاة : الله أكبر ، الله
أكبر ، اللهم اجعله حجا مبرورا ، و ذنبا مغفورا ، و عملا مشكورا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/232 ) :

ضعيف .
أخرجه البيهقي في " سننه " ( 5/129 ) و الخطيب في " تلخيص المتشابه " ( 11/2 )
عن عبد الله بن حكيم المزني : حدثني أبو أسامة قال :
" رأيت سالم بن عبد الله بن عمر استبطن الوادي ، ثم رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر
مع كل حصاة : الله أكبر ، الله أكبر .. فسألته عما صنع فقال : حدثني أبي أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمي الجمرة ... " الحديث . و قال البيهقي :
" عبد الله بن حكيم ضعيف " .
قلت : بل هو شر من ذلك ، و هو أبو بكر الداهري البصري ، قال أحمد و غيره :
" ليس بشيء " .
و قال الجوزجاني :
" كذاب " .
و قال أبو نعيم الأصبهاني :
" روى عن إسماعيل بن أبي خالد و الأعمش الموضوعات " .
و قال العقيلي :
" يحدث بالبواطيل عن الثقات " .
و قد روي بإسناد آخر ، و لكنه ضعيف . يرويه ليث بن أبي سليم عن محمد بن
عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود و نحوه ، ثم قال :
" هكذا رأيت الذي أنزلت عليه سورة البقرة صنع " .
و ليث ضعيف ، و كان اختلط ، و شيخه محمد بن عبد الرحمن ثقة ، فالآفة من الليث .
و مما يضعف حديثه أن الحديث في " الصحيحين " و غيرهما من طريق أخرى عن
عبد الرحمن بن يزيد دون قوله : " الله أكبر ، اللهم اجعله حجا .. إلخ " . و هو
في مختصري لـ " صحيح البخاري " برقم ( 850 ) يسر الله تمام طبعه ، بمنه و كرمه
، و قد خرجته في " إرواء الغليل " ( 1724 ) ، و قد جاء التكبير وحده في حديث
آخر مخرج من حديث ابن عمر في " الصحيحين " و غيرهما ، و هو في " مختصر البخاري
" برقم ( 851 ) و من حديث أم سليمان بن عمرو بن الأحوص و هو مخرج في " صحيح أبي
داود " ( 1715 ) الأمر الذي يؤكد نكارة هذه الزيادة .

(3/106)


1108 - " تخرج الدابة ، و معها عصى موسى عليه السلام ، و خاتم سليمان عليه السلام ،
فتخطم الكافر بالخاتم ، و تجلو وجه المؤمن بالعصا ، حتى إن أهل الخوان ليجتمعون
على خوان ، فيقول هذا : يا مؤمن ، و يقول هذا : يا كافر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/233 ) :

منكر .
أخرجه الطيالسي ( ص 334 ) و أحمد ( 2/295 و 491 ) و الترمذي ( 12/63 - بشرح ابن
العربي ) و ابن ماجه ( 2/1351/4066 ) و الثعلبي في " تفسيره " ( ق 24/1 ) كلهم
من طريق عن علي بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره . و قال الترمذي :
" حديث حسن " .
قلت : كذا قال و فيه علتان :
الأولى : أوس بن خالد ، ذكره البخاري في " الضعفاء " . و قال ابن القطان :
" له عن أبي هريرة ثلاثة أحاديث منكرة ، و ليس له كبير شيء " .
كذا في " الميزان " .
و في " التقريب " :
" مجهول " .
الأخرى : علي بن زيد و هو ابن جدعان ، ضعيف .

(3/107)


1109 - " تخرج الدابة [ من ] أجياد ، فيبلغ صدرها الركن اليماني و لما يخرج ذنبها بعد
، و هي دابة ذات وبر و قوائم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/234 ) :

ضعيف .
أخرجه الواحدي في " الوسيط " ( 3/179/1 ) و الحافظ الذهبي في " الميزان " من
طريق فرقد بن الحجاج القرشي قال : سمعت عقبة بن أبي الحسناء اليماني قال : سمعت
أبا هريرة يقول : فذكره مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، فإن فرقدا في عداد مجهولي الحال ، و شيخه عقبة مجهول
العين ، و في ترجمته ساق الذهبي الحديث ، و قال فيه :
" مجهول ، رواه الكناني عن أبي حاتم الرازي . ثم قال أبو حاتم : روى عنه فرقد
ابن الحجاج مجهول . و كذا قال ابن المديني : عقبة مجهول .. قلت : أما فرقد ،
فقد حدث عنه ثلاث ثقات ، و ما علمت فيه قدحا " .
قلت : و قد ترجم الاثنين ابن أبي حاتم ( 3/1/309/1724 و 3/2/82/465 ) و قال في
كل منهما عن أبيه :
" شيخ " .
و أما ابن حبان فأوردهما في " الثقات " ( 2/242 و 2/165 ) و قال في الأول منهما
فرقد :
" يخطىء " .

(3/108)


1110 - " عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ( ثلاث مرات ) ، ثم قرأ : *( فاجتنبوا الرجس
من الأوثان ، و اجتنبواقول الزور حنفاء لله غير مشركين به )* " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/235 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 3599 ) و الترمذي ( 2/49 ) و ابن ماجه ( 2372 ) و أحمد (
4/321 ) من طريق محمد بن عبيد : حدثني سفيان - و هو ابن زياد العصفري - عن أبيه
عن حبيب بن النعمان الأسدي عن خريم بن فاتك قال :
" صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، فلما انصرف قام قائما فقال :
... " فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه علتان : الجهالة ، و الاضطراب في سنده .
أما الجهالة ، فمن قبل حبيب بن النعمان . قال ابن القطان :
" لا يعرف " .
و مثله الراوي عنه ابن زياد العصفري . قال ابن القطان :
" مجهول " .
و قال الذهبي :
" لا يدرى من هو ؟ عن مثله ! " يعني حبيبا .
و أما الاضطراب ، فإن محمد بن عبيد رواه كما ذكرنا ، و خالفه مروان بن معاوية
الفزاري فقال : عن سفيان بن زياد عن فاتك بن فضالة عن أيمن بن خريم " أن النبي
صلى الله عليه وسلم قام خطيبا ... " الحديث .
أخرجه أحمد ( 4/178 و 232 و 322 ) و الترمذي ( 2/48 ) و قال :
" هذا حديث غريب ، إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد ، و اختلفوا عليه في رواية
هذا الحديث ، و لا نعرف لأيمن بن خريم سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم " .
ثم ساقه من الطريق الأولى ، ثم قال :
" هذا عندي أصح ، و خريم بن فاتك له صحبة " .
قلت : لكن الراوي عنه مجهول ، و كذا الذي بعده كما عرفت ، فالحديث ضعيف ، و قد
أشار إلى ذلك الترمذي بقوله : " حديث غريب " .
( تنبيه ) : قد عرفت مما تقدم أن حبيب بن النعمان و الراوي عنه زياد العصفري
هما من رجال أصحاب السنن حاشا النسائي ، و مع ذلك فالأول منهما رمز له الحافظ
في كتابيه " التهذيب " و " التقريب " ثم الخزرجي في " الخلاصة " بـ ( دق )
ففاتهم الرمز له بـ ( ت ) أيضا . و الآخر رمزوا به بـ ( س ) أي النسائي ،
ففاتهم الرمز له بالثلاثة ( د ق ت ) ، ثم لا أدري إذا كان الرمز المذكور ( س )
أرادوا به سننه الكبرى أم الصغرى . و الراجح الأول . والله أعلم .
ثم إن محمد بن عبيد الذي رجح روايته الترمذي هو الطنافسي الأحدب ثقة حافظ احتج
به الشيخان ، و مثله المخالف له مروان بن معاوية ، و ليس فيه علة سوى أنه كان
يدلس أسماء الشيوخ ، و شيخه في إسناده فاتك بن فضالة مجهول أيضا !

(3/109)


1111 - " لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا ، خير له من أن يمتلىء شعرا هجيت به " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/236 ) :

باطل بزيادة هجيت به . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 435 ) و ابن عساكر
في " تاريخ دمشق " ( 17/285/2 ) عن النضر بن محرز عن محمد بن المنكدر عن جابر
ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم . و قال العقيلي :
" النضر بن محرز لا يتابع على حديثه ، و لا يعرف إلا به ، و إنما يعرف هذا
الحديث بالكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس " .
ثم ساق إسناده من طريق محمد بن مروان السدي عن الكلبي به .
قلت : الكلبي هو محمد بن السائب أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" كذبه زائدة و ابن معين و جماعة " .
و محمد بن مروان السدي ، قال الذهبي :
" متروك متهم " .
قلت : و قد خولف في إسناده ، فرواه إسماعيل بن عياش عن محمد بن السائب عن أبي
صالح قال :
" قيل لعائشة : إن أبا هريرة يقول : لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن
يمتلئ شعرا ، فقالت عائشة : يرحم الله أبا هريرة ، حفظ أول الحديث و لم يحفظ
آخره ، إن المشركين كانوا يهاجون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لأن
يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا من مهاجاة رسول الله صلى الله
عليه وسلم " .
أخرجه الطحاوي ( 2/371 ) فقال : حدثنا يونس قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرني
إسماعيل بن عياش به .
قلت : و إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين و هذه منها ، فإن ابن
السائب كوفي ، و عليه دار الحديث ، فهو آفته .
ثم رأيت ابن عدي قد أخرجه في " كامله " ( 345/1 ) من طريق حبان بن علي عن
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعا مثل حديث جابر دون قصة عائشة و أبي
هريرة .
و حبان بن علي هو العنزي و هو ضعيف كما في " التقريب " .
و بالجملة فهذه الطريق موضوعة ، و قد روى ابن عدي عن سفيان قال :
" قال لي الكلبي : كل شيء أحدث عن أبي صالح فهو كذب " <1> .
" و أما طريق جابر ، فهي واهية ، فإن النضر بن محرز قال فيه ابن حبان :
" منكر الحديث جدا . لا يحتج جدا " .
و من طريقه رواه أبو يعلى في " مسنده " لكن وقع فيه " أحمد بن محرز " . و قال
الحافظ في " اللسان " :
" و أحمد لم أقف له على ترجمة ، فلعله من تغيير بعض الرواة ، أو ( النضر ) لقبه
" .
و أحمد هذا هو الذي أشار إليه الحافظ بقوله في " الفتح " ( 10/454 ) : بعدما
عزاه لأبي يعلى :
" و فيه راو لا يعرف " .
و زاد عليه الهيثمي فقال في " المجمع " ( 8/120 ) :
" و فيه من لم أعرفهم " .
قلت : و هذا يؤيد ما ذكره الحافظ من احتمال أن اسم أحمد من تغيير بعض الرواة ،
فإن فيمن دونه من لا يعرف أيضا . ثم قال الحافظ :
" فلم تثبت هذه الزيادة " .
قلت : بل هي باطلة قطعا ، فإن الحديث في " الصحيحين " من طريق الأعمش عن أبي
صالح عن أبي هريرة مرفوعا بدونها ، و في " البخاري " عن ابن عمر ، و في " مسلم
" عن سعد بن أبي وقاص و أبي سعيد الخدري ، و في " الطحاوي " عن عمر ، كلهم لم
يذكر الزيادة في الحديث ، فدل على بطلانها .
على أن في سياق الحديث ما يشعر ببطلان هذه الزيادة من حيث المعنى أيضا ، فمن
شاء البيان فليرجع إلى تخريجنا للحديث في " السلسلة الصحيحة " رقم ( 336 ) .
( تنبيه ) : ثم قال الحافظ :
" و ذكر السهيلي في " غزوة ودان " عن جامع ابن وهب أنه روى فيه أن عائشة رضي
الله عنها تأولت هذا الحديث على هجي به النبي صلى الله عليه وسلم ، و أنكرت على
من حمله على العموم في جميع الشعر . قال السهيلي : فإن قلنا بذلك ، فليس في
الحديث إلا عيب امتلاء الجوف منه ، فلا يدخل في النهي رواية اليسير على سبيل
الحكاية ، و لا الاستشهاد به في اللغة . ثم ذكر استشكال أبي عبيد <2> ، و قال :
عائشة أعلم منه " .
و أقول : يقال للسهيلي : أثبت العرش ثم انقش ، فإن الحديث عن عائشة لم يثبت فإن
في سنده عند ابن وهب متهما بالكذب بل هو معترف على نفسه بالكذب كما تقدم من
رواية الطحاوي عنه ، فلا تغتر بسكوت الحافظ على ما عزاه السهيلي لابن وهب ، فإن
الظاهر أنه أعني الحافظ لم يستحضر أن الحديث عند الطحاوي من طريق ابن وهب ،
و هو لما غزاه للطحاوي ذكر أن فيها ابن الكلبي الواهي ، فلو أنه استحضر ذلك
لنبه عليه . والله أعلم .
و الذي دعاني لتحقيق القول في الحديث هو أن بعض ذوي الأهواء من نابغة العصر قد
اتخذ رواية ابن وهب هذه حجة على الطعن في أبي هريرة و نسبته إلى سوء الحفظ لأنه
لم يحفظ في حديثه هذه الزيادة ، كما حفظته السيدة عائشة بزعمه ، و جهل أن
الحديث عليها مكذوب كما عرفت من هذا التحقيق كما جهل أو تجاهل أن أبا هريرة رضي
الله عنه قد تابعه على رواية الحديث كما رواه بدون الزيادة أربعة آخرون من
أفاضل الصحابة كما حققناه في " السلسلة الصحيحة " رقم ( 330 ) و الحمد لله على
توفيقه .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] قال الحافظ في " الفتح " : " و ابن الكلبي واهي الحديث ، و أبو صالح شيخه
ما هو الذي يقال له السمان المتفق على تخريج حديثه في " الصحيح " عن أبي هريرة
، بل هذا آخر ضعيف يقال له : باذان " . اهـ .

[2] انظر كلام أبي عبيد الذي أشار إليه في " الفتح " ، أو في " الأحاديث
الصحيحة " . اهـ .
2

(3/110)


1112 - " كان يقلم أظفاره و يقص شاربه يوم الجمعة قبل أن يخرج إلى الصلاة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/239 ) :

ضعيف .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 50/1 من ترتيبه ) عن عتيق بن يعقوب الزبيري :
حدثنا إبراهيم بن قدامة عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة مرفوعا . و قال
:
" لم يروه عن الأغر إلا إبراهيم " .
قلت : و من طريقه رواه البزار أيضا من رواية عتيق بن يعقوب و قال :
" إبراهيم ليس بحجة " .
ذكره في " الميزان " و قال :
" و هو خبر منكر " .
و أشار عبد الحق لتضعيف الحديث في " أحكامه " ( 71/2 ) رقم ( 1690 - بتحقيقي )
و رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي " ( 277 ) من هذا الوجه إلا أنه أرسله .
ثم رواه من طريق أبي مصعب حدثني إبراهيم بن قدامة عن عبد الله بن محمد بن حاطب
عن أبيه مرفوعا نحوه .
ثم رواه من حديث ابن عمرو ، و فيه محمد بن القاسم الأسدي و هو كذاب عن محمد بن
سليمان المشمولي : نا عبيد الله بن سلمة بن وهرام عن أبيه ، و كلهم ضعيف .
ثم رواه من حديث ابن عمر دون ذكر الأظفار .
و فيه الوليد بن مسلم و هو مدلس و قد عنعنه .
نعم صح موقوفا على ابن عمر رضي الله عنه ، فقال نافع :
" كان ابن عمر يقلم أظفاره ، و يقص شاربه في كل جمعة " .
أخرجه البيهقي ( 2/244 ) و صححه . و استدل به على ضعف ما روي عن ابن عمر مرفوعا
:
( المسلم يوم الجمعة محرم ، فإذا صلى فقد حل ) .
و ذكره نحوه عن ابن عباس مرفوعا و قال :
" إنما رويا عنهما بإسنادين ضعيفين لا يحتج بمثلهما " .

(3/111)


1113 - " احضروا الجمعة ، و ادنوا من الإمام ، فإن الرجل ليكون من أهل الجنة فيتأخر عن
الجمعة ، فيؤخر عن الجنة و إنه لمن أهلها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/240 ) :

منكر بهذا اللفظ .
رواه الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 70 ) عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة
عن الحسن بن سمرة بن جندب مرفوعا . قال الطبراني :
" لم يروه عن قتادة إلا الحكم " .
قلت : و هو ضعيف ، و فيه علة أخرى و هي عنعنة الحسن و هو البصري فإنه مدلس .
و فيه مخالفة ثالثة في السند و المتن ، و قد بينت ذلك في " الأحاديث الصحيحة "
بلفظ " احضروا الذكر .. " ( 338 ) فأغنى عن الإعادة .

(3/112)


1114 - " لعن صلى الله عليه وسلم مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء ، و المترجلات من
النساء المتشبهين بالرجال ، و المتبتلين من الرجال الذي يقول : لا يتزوج !
و المتبتلات من النساء اللاتي يقلن ذلك ، و راكب الفلاة وحده ، فاشتد ذلك على
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى استبان ذلك على وجوههم ، و قال :
البائت وحده " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/241 ) :

ضعيف بهذا التمام .
أخرجه أحمد ( 2/287 و 289 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 196 ) عن طيب بن محمد
عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال : فذكره . أورده العقيلي في ترجمة
الطيب هذا و قال :
" يخالف في حديثه " .
و قال الذهبي :
" لا يكاد يعرف ، و له ما ينكر " .
ثم ذكر له هذا الحديث .
و قال الحافظ في " التعجيل " :
" ضعفه العقيلي ، و قال أبو حاتم : لا يعرف ، و وثقه ابن حبان . أخرج البخاري
حديثه ( يعني هذا ) فقال : لا يصح " .
و ما نقله الحافظ عن البخاري هو في " التاريخ الكبير " له ( 2/2/362 ) .
و مما سبق تعلم أن قول المنذري في " الترغيب " ( 3/106 ) :
" رواه أحمد ، و رجاله رجال الصحيح ، إلا طيب بن محمد ، و فيه مقال ، و الحديث
حسن " .
أنه بعيد عن شهادة أئمة الجرح و التعديل في الطيب هذا و في حديثه ، و لذلك
خرجته .

(3/113)


1115 - " ألا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة ، ألا يا رب نفس
جائعة عارية في الدنيا طاعمة ناعمة يوم القيامة ، ألا رب مكرم لنفسه و هو لها
مهين ، ألا رب مهين لنفسه و هو لها مكرم ، ألا يا رب متخوض و متنعم فيما أفاء
الله على رسوله ما له عند الله من خلاق ، ألا و إن عمل النار سهل بسهوة ، ألا
رب شهوة ساعة ، أورثت حزنا طويلا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/242 ) :

موضوع .
رواه أبو العباس الأصم في " حديثه " ( 3/142/1 ) : حدثنا أبو عتبة : حدثنا بقية
: حدثنا سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن ابن البجير و كان
من أصحاب رسول الله قال :
أصاب يوما النبي صلى الله عليه وسلم الجوع فوضع على بطنه حجر ثم قال : فذكره .
و رواه ابن بشران في " الأمالي " ( 25 - 26 ) من طريق إسحاق بن راهويه أنبأ
بقية بن الوليد حدثني سعيد بن سنان به ، و القضاعي ( ق 114/2 ) من طريق ثالثة
عن بقية به .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا بل موضوع ، آفته سعيد بن سنان هذا ، و هو أبو مهدي
الحمصي ، قال الذهبي في " الضعفاء " : " هالك " . و قال الحافظ :
" متروك ، و رماه الدارقطني و غيره بالوضع " .
و روى أحمد ( 1/327 ) و القضاعي جملة النار في حديث لابن عباس ، فيه نوح بن
جعونة و هو متهم . انظر اللسان ( 6/172 ) .

(3/114)


1116 - " نهانا ( يعني أهل فارس ) أن ننكح نساء العرب " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/242 ) :

ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1/163/2 ) عن الهيثم بن محفوظ السعدي : نا أبو
إسرائيل عن السري بن إسماعيل عن الشعبي عن عبد الرحمن بن يعلى عن سلمان
الفارسي قال : فذكره و قال :
" لم يروه عن ابن أبي يعلى إلا الشعبي و لا عنه إلا السري و لا عنه إلا أبو
إسرائيل تفرد به الهيثم " .
قلت : قال الذهبي :
" لا يدرى من هو " .
و السري بن إسماعيل ضعيف جدا كما قال الساجي ، و قال النسائي :
" متروك الحديث " . و كذا قال أبو داود ، و به أعله الهيثمي في " المجمع " (
4/275 ) .
و قد روي من طريق أخرى ، يرويه شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث عن
سلمان فقال :
" نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتقدم إمامكم ، أو ننكح نساءكم " .
أخرجه البيهقي ( 7/134 ) و قال :
" و روي ذلك من وجه آخر ضعيف عن سلمان " .
قلت : كأنه يشير إلى الطريق الأولى .
و الحارث هو الأعور ، و هو متروك أيضا .
و شريك ضعيف لسوء حفظه و قد خولف في إسناده ، فرواه جماعة من الثقات عن أبي
إسحاق بإسناد آخر موقوفا .
أخرجه البيهقي و غيره ، و قال البيهقي :
" هذا هو المحفوظ : موقوف " .
قلت : و مداره على أبي إسحاق و هو السبيعي و هو مدلس و كان اختلط ، و قد تكلمت
على حديثه هذا الموقوف في " الإرواء " ( 1632 ) بما يكفي .

(3/115)


1117 - " أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/243 ) :

ضعيف .
رواه النسائي في " عشرة النساء " ( 2/99/1 ) و ابن أبي شيبة ( 7/19/2 )
و الحاكم ( 2/178 ) و البيهقي ( 7/235 ) و أحمد ( 6/82 و 145 ) من طريق ابن
سخبرة عن القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره
. إلا أن الحاكم و البيهقي قالا :
" صداقا " . و قال الحاكم :
" صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي .
قلت : كذا قالا ، و ابن سخبرة ليس من رجال مسلم و لا أحد من أصحاب الستة غير
النسائي ، قال الذهبي نفسه :
" لا يعرف ، و يقال : هو عيسى بن ميمون " . و نحوه في " التهذيب " و " التقريب
" .
و قال ابن أبي حاتم في " الجرح " ( 3/287/1 ) في ترجمة عيسى بن ميمون :
" روى عن القاسم بن محمد ، روى عنه حماد بن سلمة ، فسماه ابن سخبرة " .
ثم روى عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال : استعديت على عيسى بن ميمون في هذه
الأحاديث عن القاسم بن محمد في النكاح و غيره فقال : لا أعوذ . و قال ابن معين
: عيسى بن ميمون صاحب القاسم عن عائشة ، ليس بشيء . و قال أبي : هو متروك
الحديث .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4/255 ) :
" رواه أحمد و البزار ، و فيه ابن سخبرة ، يقال : اسمه عيسى بن ميمون ، و هو
متروك " .
قلت : لكن وقع مسمى في رواية الحاكم فقال : " عمر بن طفيل بن سخبرة المدني " .
و من طريق الحاكم رواه البيهقي ، لكن وقع عنده " عمرو " بالواو ، و سواء كان "
عمر " أو " عمرا " فلم أجد من ذكره ، فتصحيحه على شرط مسلم وهم ، لأنه غير
معروف كما تقدم عن الذهبي ، فإن كان هو عيسى بن ميمون المدني كما جزم ابن أبي
حاتم فهو واه جدا .
و منه يعلم أن قول الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4/131 - طبع لجنة نشر
الثقافة الإسلامية ) بعدما عزاه لأحمد و البيهقي :
" و إسناده جيد " ، غير جيد .
و بعد كتابة ما تقدم رأيت الحديث قد أخرجه أبو مسعود أحمد بن الفرات في "
أحاديثه ( ق 39/1 ) عن ابن سخبرة و سماه " الطفيل " . و كذلك رواه مسمى الخطيب
في " الموضح " ( 1/174 ) من طرق عن الطفيل . و رواه هو و القضاعي في " مسند
الشهاب " ( 2/2 /2 ) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم به . و تابعه عند الخطيب
موسى بن تليدان . و لم أعرفه ، و أما تسميته ابن سخبرة بـ " الطفيل " فهو خطأ
بين لأن الطفيل بن سخبرة صحابي و هو أخو عائشة لأمها .
و يغني عن هذا الحديث حديث عائشة الآخر بلفظ :
" إن من يمن المرأة تيسير خطبتها و تيسير صداقها ، و تيسير رحمها " .
أخرجه ابن حبان و الحاكم و غيرهما بسند حسن كما بينته في " الإرواء " ( 1986 )
.

(3/116)


1118 - " أعظم نساء أمتي بركة أصبحهن وجها و أقلهن مهرا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/245 ) :

باطل .
رواه الواحدي في " الوسيط " ( 2/115/2 ) عن محمد بن سليمان بن أبي كريمة حدثنا
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا .
قلت : و هذا سند واه جدا ، ابن سليمان هذا قال العقيلي :
" حدث عن هشام ببواطيل لا أصل لها ، منها هذا الحديث " .
قلت : يعني حديثا رواه بهذا السند تقدم برقم ( 434 ) .
و الحديث قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4/130 - طبع لجنة نشر الثقافة
الإسلامية ) :
" رواه أبو عمر النوقاني في " كتاب معاشرة الأهلين " ، و صححه " .
قلت : فلينظر إذا كان عنده من هذا الوجه كما أظن أو من غيره ، و هو بعيد ، فقد
أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1/410/1228 ) بإسناده عن ابن أبي كريمة به .
و قال :
" قال أبي : هذا حديث باطل ، و ابن أبي كريمة ضعيف الحديث " .

(3/117)


1119 - " خصلتان لا يجتمعان في مؤمن ، البخل و سوء الخلق " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/245 ) :

ضعيف .
رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 282 ) و الترمذي ( 1/355 ) و أبو سعيد
ابن الأعرابي في " معجمه " ( 109/2 ) و الدولابي ( 2/125 ) و القضاعي ( 24/1 )
عن صدقة بن موسى عن مالك بن دينار عن عبد الله بن غالب عن أبي سعيد الخدري
مرفوعا . و قال الترمذي :
" حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى " .
قلت : و هو ضعيف لسوء حفظه ، قال المناوي في " الفيض " :
" قال الذهبي : و صدقة ضعيف ، ضعفه ابن معين و غيره ، و قال المنذري : ضعيف " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق له أوهام " .
( تنبيه ) : كل من ذكرنا أخرج الحديث باللفظ المذكور ، و قد ذكره السيوطي في
موضعين من " الجامع " الأول بهذا اللفظ من رواية البخاري و الترمذي ، و الآخر
من رواية سمويه بلفظ : " لا تجتمع خصلتان في مؤمن : البخل و الكذب " . و لم أقف
على إسناده ، و غالب الظن أنه كهذا لا يصح . والله أعلم .

(3/118)


1120 - " كان جالسا يوما ، فأقبل أبوه من الرضاعة ، فوضع له بعض ثوبه ، فقعد عليه ، ثم
أقبلت أمه ، فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر ، فجلست عليه ، ثم أقبل أخوه من
الرضاعة ، فقام له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجلسه بين يديه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/246 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود في " السنن " ( 5145 ) : حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني : حدثنا
ابن وهب قال : حدثني عمرو بن الحارث أن عمر بن السائب حدثه أنه بلغه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا .. فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و له علل :
الأولى : جهالة المبلغ لعمر بن السائب ، و يحتمل أن يكون صحابيا ، و يحتمل أن
يكون تابعيا ، و مع الاحتمال يسقط الاستدلال ، لأنه على الاحتمال الثاني ،
يحتمل أن يكون التابعي الذي لم يسم ثقة ، و يحتمل غير ذلك ، و لهذا لا يحتج
علماء الحديث بالمرسل ، كما هو مقرر في علم المصطلح . و الاحتمال الثاني أرجح
من الأول لأن عمر بن السائب ، أورده ابن حبان في " أتباع التابعين " من " كتاب
الثقات " ( 2/197 ) و قال :
" يروي عن القاسم بن أبي القاسم و المدنيين . روى عنه عمرو بن الحارث " .
و ذكر الحافظ في " التقريب " أنه من الطبقة السادسة و هي طبقة الذين لم يثبت
لهم لقاء أحد من الصحابة .
و على هذا فالحديث معضل .
الثانية : أن عمر بن السائب نفسه ، لم تثبت عندي عدالته ، فإنه لم يوثقه أحد
غير ابن حبان ، و تساهله في التوثيق معروف ، و قد أورده ابن أبي حاتم في "
الجرح و التعديل " ( 3/1/114 ) و لم يحك فيه توثيقا ، فهو في حكم المستورين ،
و أما الحافظ فقال من عنده أنه : " صدوق " .
ثم بدا لي أنه لعل ذلك لأنه روى عنه أيضا الليث بن سعد و ابن لهيعة و أسامة بن
زيد .
الثالثة : أحمد بن سعيد الهمداني ، مختلف فيه ، فوثقه ابن حبان و العجلي ،
و ضعفه النسائي ، و قال الذهبي في " الميزان " :
" لا بأس به ، تفرد بحديث الغار ، قال النسائي : غير قوي " .
قلت : و خلاصة القول أن الحديث ضعيف لا يحتج به .
و إن ما حملني على الكشف عن حال هذا الحديث أنني رأيت نشرة لأحد مشايخ ( إدلب )
بعنوان : " قيام الرجل للقادم عليه جائز " ، ذكر فيها اختلاف العلماء في هذه
المسألة ، و مال هو إلى القول بالجواز و استدل على ذلك بأحاديث بعضها صحيح لا
دليل فيه ، كحديث : " قوموا إلى سيدكم " ، و بعضها لا يصح كهذا الحديث ، و قد
أورده من رواية أبي داود ، دون أن يعلم ما فيه من الضعف ، و هذا أحسن الظن به !
و لذلك قمت بواجب بيانه ، نصحا للأمة ، و شفقة أن يغتر أحد به .
و نحن و إن كنا لا نقول بتحريم هذا القيام الذي اعتاده الناس اليوم ، و الذي
حكى الخلاف فيه الشيخ المشار إليه نفسه - لعدم وجود دليل التحريم - فإننا ندعو
الناس جميعا ، و في مقدمتهم أهل العلم و الفضل أن يقتدوا بالنبي صلى الله عليه
وسلم في موقفه من هذا القيام ، فإذا كان أحبه صلى الله عليه وسلم لنفسه ،
فليحبوه لأنفسهم ، و إن كان كرهه لنفسه المعصومة عن وسوسة الشيطان و حبائله ،
فعليهم أن يكرهوه لأنفسهم من باب أولى - كما يقول الفقهاء - لأنها غير معصومة
من وساوس الشيطان و حبائله ، فما هو موقفه صلى الله عليه وسلم من القيام
المذكور ؟ الجواب :
قال أنس رضي الله عنه : " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه
وسلم رؤية ، و كانوا لا يقومون له ، لما يعلمون من كراهيته لذلك " أخرجه
البخاري في " الأدب المفرد " و الترمذي بإسناد صحيح على شرط مسلم ، و قال
الترمذي : " حديث حسن صحيح " ، و بوب له بقوله :
" باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل " .
فمن كان صادقا في بحثه العلمي لهذه المسألة ، مخلصا فيه ، لا يريد منه إرضاء
الناس ، و لا إقرارهم على ما اعتادوه مع مشايخهم على خلاف سنة الصحابة مع نبيهم
، - و لعل الشيخ منهم - فليحيي هذه السنة التي أماتها أهل العلم فضلا عن غيرهم
، و ليتبع النبي صلى الله عليه وسلم في كراهته لهذا القيام ، و علامة ذلك أن لا
يغضب إذا دخل مجلسا لم يقم له أهله ، بل إذا قاموا له حسب العادة ، و على خلاف
سنته صلى الله عليه وسلم تلطف معهم ، و شكرهم على حسن نيتهم ، و علمهم ما كان
خافيا من سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، و بذلك تحيا السنن و تموت البدع ،
و تطيب النفوس و يذهب التباغض و التقاطع . و من عجيب أمر ذلك الشيخ ، أنه مع
حكايته الخلاف في هذه المسألة و أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره القيام
له من أصحابه ، و أن من الورع ترك القيام ، ذكر الشيخ هذا كله ، و مع ذلك فإنه
في آخر النشرة ، يسمي ترك هذا القيام بدعة ! و ينبز الدعاة إليه بـ " المبتدعين
" ، مع أنهم لا يزيدون على القول بكراهته ، لكراهة النبي صلى الله عليه وسلم
إياه باعتراف الشيخ .
نعم إن الشيخ - تبعا لغيره - يعلل كراهته صلى الله عليه وسلم لذلك بقوله : "
لتواضعه صلى الله عليه وسلم " . و نحن و إن كنا لا نجد هذا التعليل منصوصا عليه
في الحديث ، فيحتمل أن تكون الكراهة المذكورة لذلك ، و أن تكون لما فيه من
التشبه بالأعاجم ، و يحتمل أن يكون لمجموع الأمرين ، و لغيرهما ، مع ذلك فإننا
نتخذ هذا التعليل من الشيخ حجة عليه و على أمثاله ، فنقول :
كره رسول الله صلى الله عليه وسلم القيام له تواضعا منه ، فهل يكرهه الشيخ أيضا
تواضعا منه ؟ ! و هل يرى هذا التواضع حسنا ينبغي الاقتداء به ، و حمل الناس
عليه ، و خاصة أهل العلم ؟ فإن كان الجواب نعم ، فقد عاد إلى الصواب ، و وافقنا
عليه ، و إن قال : ليس بحسن ، فنسأل المفتي عن حكم من يستقبح فعله صلى الله
عليه وسلم و تواضعه ؟ أيبقى على إسلامه ، أم يمرق من الدين كما يمرق السهم من
الرمية ، و يحبط عمله ، و هو في الآخرة من الخاسرين ؟
و من جهله أنه ذكر في النشرة المشار إليها أن الزهري أتى إلى الإمام أحمد يسلم
عليه ، فلما رآه الإمام أحمد وثب إليه قائما و أكرمه . و لا يدري المسكين أن
الإمام أحمد لم يدرك الزهري ، و أن بين وفاتيهما نحو قرن و ربع القرن !
و من ذلك أنه لما ذكر دليل القائلين بعدم استحباب القيام معترضين على القائلين
به للحديث المتقدم " قوموا إلى سيدكم " ، ألا و هو قوله صلى الله عليه وسلم : "
قوموا إلى سيدكم فأنزلوه " . لم يزد في الجواب عليه على قوله : " لكن يؤيد كون
القيام له لا لنزوله آخر هذا الحديث و هو : و كان رجال من بني عبد الأشهل
يقولون : قمنا له على أرجلنا صفين ، يحييه كل رجل منا حتى انتهى إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم كما في السيرة الشامية " .
قلت : و هذا منتهى الجهل باللغة و الحديث ، و قلة الأدب مع النبي صلى الله عليه
وسلم الذي يعرض صاحبه للكفر و العياذ بالله تعالى . و إلا فقل لي بربك : كيف
نوفق بين قوله صلى الله عليه وسلم : " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه " ، و بين قول
هذا المسكين مستدركا على النبي الكريم : أن القيام لم يكن لنزوله ! ؟
و آخر الحديث الذي زعم ليس له أصل في شيء من كتب السنة التي تروي الأحاديث
بالأسانيد التي بها يمكن معرفة ما يصح منها مما لا يصح .
فتأمل صنيع هذا الشيخ الذي نصب نفسه لمعاداة أهل الحديث و أنصار السنة ، و الرد
عليهم بمثل هذا الجهل ، و تذكر قول من قال :
طبيب يداوي الناس و هو مريض .

(3/119)


1121 - " ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/249 ) :

ضعيف .
أخرجه البخاري في " التاريخ " ( 1/1/422 ) و الترمذي ( 1/354 ) و الحاكم (
4/263 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 46/1 ) و العقيلي في "
الضعفاء " ( ص 315 ) و ابن الضريس في " أحاديث مسلم بن إبراهيم الفراهيدي " ( ق
6/1 ) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( 105/2 ) و الخطيب في " الموضح " ( 2/166
) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 13/226/2 و 17/198/2 ) كلهم من طريق عامر بن
أبي عامر الخزاز ، حدثنا أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره . و ضعفه الترمذي بقوله :
" حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث عامر بن أبي عامر الخزاز ، و هو عامر بن
صالح رستم الخزاز ، و أيوب بن موسى هو ابن عمرو بن سعيد بن العاصي ، و هذا عندي
حديث مرسل " .
و قال البخاري عقب الحديث :
" مرسل ، و لم يصح سماع جده من النبي صلى الله عليه وسلم " .
و أما الحاكم ، فقال :
" صحيح الإسناد " .
و رده الذهبي بقوله :
" قلت : بل مرسل ضعيف ، ففي إسناده عامر بن صالح الخزاز واه " .
و قال العقيلي :
" عامر بن صالح بن رستم ، لا يتابع على حديثه ، و لا يعرف إلا به ، رأيت في
كتاب محمد بن وارة - أخرجه إلي ابنه بـ ( الري ) - سألت أبا الوليد عن عامر بن
أبي عامر الخزاز فقال : كتبت عنه حديث أيوب بن موسى عن أبيه عن جده ( قلت :
فذكر الحديث هذا ) ، فبينما نحن عنده يوما إذ قال : حدثنا عطاء بن أبي رباح ،
أو : سمعت عطاء بن أبي رباح ، و سئل عن كذا و كذا ، فقلت : في سنة كم ؟ قال :
في أربع و عشرين ، قلنا : فإن عطاء توفي في سنة بضع عشرة " .
قلت : و يتلخص مما تقدم ، أن للحديث علتين :
الأولى : ضعف عامر بن صالح الخزاز ، و في " التقريب " :
" صدوق ، سيىء الحفظ ، أفرط فيه ابن حبان فقال : يضع " .
الثانية : الإرسال . و بيانه أنه من رواية أيوب بن موسى ، عن أبيه عن جده
مرفوعا . و جد أيوب هو عمرو بن سعيد بن العاصي كما تقدم في كلام الترمذي ،
و عمرو هذا تابعي ، قال الحافظ :
" وهم من زعم أن له صحبة ، و إنما لأبيه رؤية ، و كان عمرو مسرفا على نفسه " .
يعني بخروجه على عبد الملك بن مروان ينازعه الخلافة ، فاحتال عليه عبد الملك
فقتله .
قلت : و للحديث علة ثالثة ، و هي جهالة موسى بن عمرو بن سعيد ، قال الذهبي :
" ما حدث عنه سوى ولده أيوب بن موسى " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" مستور " .
قلت : و روي الحديث عن ابن عمر و أبي هريرة بإسنادين واهيين .
أما حديث ابن عمر فيرويه محمد بن عبد الله بن حفص الأنصاري نا محمد بن موسى
السعدي عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه به .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/194/2 /2 ) و ابن عدي في " الكامل " (
362/2 ) و قال :
" هو بهذا الإسناد منكر ، محمد بن موسى منكر الحديث ، و ليس بذاك المعروف ،
و لم أر أحدا يحدث عنه غير محمد بن عبد الله بن حفص الأنصاري " .
قلت : و عمرو بن دينار ليس هو المكي الثقة ، بل الأعور البصري قهرمان آل الزبير
ضعيف أيضا .
و أما حديث أبي هريرة ، فيرويه مهدي بن هلال حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن
سيرين عن أبي هريرة مرفوعا به .
أخرجه العقيلي ( 425 ) و قال :
" ليس بالمحفوظ من حديث هشام بن حسان ، و إنما يعرف من رواية عامر بن أبي عامر
الخزاز عن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده و فيه أيضا مقال " .
قلت : و مهدي هذا كذبه يحيى بن سعيد و ابن معين .

(3/120)


1122 - " أنا و امرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة ( و أومأ يزيد بن زريع بالوسطى
و السبابة ) : امرأة آمت من زوجها ذات منصب و جمال ، حبست نفسها على يتاماها ،
حتى بانوا أو ماتوا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/251 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 5149 ) و أحمد ( 6/29 ) من طريق النهاس بن قهم قال : حدثني
شداد أبو عمار عن عوف بن مالك مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، علته النهاس هذا قال الحافظ :
" ضعيف " .

(3/121)


1123 - " الإسلام يزيد و لا ينقص " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/252 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 2913 ) و ابن أبي عاصم في " السنة " ( 954 بتحقيقي ) و الحاكم
( 4/345 ) و البيهقي ( 6/294 ) و الطيالسي ( 568 ) و أحمد ( 5/230 و 236 )
و الجوزقاني في " الأباطيل " ( 2/157 ) من طريق شعبة حدثني عمرو بن أبي حكيم عن
عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود قال :
" أتي معاذ بيهودي وارثه مسلم ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول أو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ، فورثه " .
و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .
قلت : لكنه معلول بالانقطاع ، فقد أخرجه أبو داود من طريق عبد الوارث عن عمرو
ابن أبي حكيم الواسطي : حدثنا عبد الله بن بريدة أن أخوين اختصما إلى يحيى بن
يعمر : يهودي و مسلم ، فورث المسلم منهما ، و قال : حدثني أبو الأسود أن رجلا
حدثه أن معاذا حدثه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره ،
فورث المسلم .
فهذا يدل على أن أبا الأسود لم يسمعه من معاذ ، بينهما رجل لم يسم ، فهو مجهول
، فهو علة الحديث ، و به أعله البيهقي ، فقال بعد أن ساقه من طريق أبي داود :
" و هذا رجل مجهول ، فهو منقطع " .
و قال الحافظ في " الفتح " ( 12/43 ) بعدما ذكر تصحيح الحاكم له :
" و تعقب بالانقطاع بين أبي الأسود و معاذ ، و لكن سماعه منه ممكن ، و قد زعم
الجوزقاني أنه باطل ، و هي مجازفة " .
قلت : الذي يبدو لي أن حكم الجوزقاني عليه بأنه باطل ، إنما هو باعتبار ما فيه
من توريث المسلم من اليهودي الكافر ، فإن الأحاديث الصحيحة على خلاف ذلك كقوله
صلى الله عليه وسلم : " لا يتوارث أهل ملتين شتى " ، و هو مخرج مع غيره مما في
معناه في كتابي " إرواء الغليل " ( 1673 ) .
ثم رأيت الحديث قد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الجوزقاني بإسناد
آخر له عن يحيى بن يعمر به و أعله بأن فيه محمد بن مهاجر ، و هو المتهم به
فظننت أن الجوزقاني حكم عليه بالبطلان بالنظر إلى هذه الطريق ، و لذلك تعقبه
السيوطي في " اللآليء " ( 2/442 ) بأن ابن المهاجر بريء منه . ثم ساق بعض الطرق
المتقدمة ، و لم يعزه لأبي داود ، و ذهل عن العلة الحقيقية في هذا الحديث ،
و هو ما نبه عليه البيهقي ثم العسقلاني . والله أعلم .
و الحديث عزاه الشيخ المنتصر الكتاني في كتابه " نصوص حديثية " لأبي داود
بزيادة : " الإسلام يعلو و لا يعلى ، و يزيد و لا ينقص " . و هي زيادة لا أصل
لها عند أبي داود و لا عند غيره ممن أخرج الحديث ، اللهم إلا عند بحشل في "
تاريخ واسط " فإنه أخرج الحديث من طريق عمران بن أبان عن شعبة به بلفظ : "
الإيمان يعلو و لا يعلى " بدل " يزيد و لا ينقص " ، و ابن أبان ضعيف . و هو
بهذا اللفظ حسن لمجيئه من طرق كما بينته في " الإرواء " ، رقم ( 1255 ) .
و الحديث جزم المناوي بضعفه .

(3/122)


1124 - " كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ، و من الرجال علي "
.

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/253 ) :

باطل .
أخرجه الترمذي ( 2/319 ) و الحاكم ( 3/155 ) من طريق جعفر بن زياد الأحمر عن
عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : فذكره . و قال
الترمذي :
" هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه " .
و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي !!
قلت : عبد الله بن عطاء ، قال الذهبي نفسه في " الضعفاء " :
" قال النسائي : ليس بالقوي " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق يخطىء و يدلس " .
قلت : و قد عنعن إسناد هذا الحديث ، فلا يحتج به لو كان ثقة ، فكيف و هو صدوق
يخطىء ؟ !
ثم إن الراوي عنه جعفر بن زياد الأحمر ، مختلف فيه ، و قد أورده الذهبي أيضا في
" الضعفاء " و قال :
" ثقة ينفرد ، قال ابن حبان : في القلب منه ! ! " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق يتشيع " .
قلت : فمثله لا يطمئن القلب لحديثه ، لا سيما و هو في فضل علي رضي الله عنه !
فإن من المعلوم غلو الشيعة فيه ، و إكثارهم الحديث في مناقبه مما لم يثبت !
و إنما حكمت على الحديث بالبطلان من حيث المعنى لأنه مخالف لما ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم في أحب النساء و الرجال إليه كما يأتي .
و قد روي الحديث عن عائشة رضي الله عنه ، و هو باطل عنها أيضا ، يرويه جميع ابن
عمير التيمي قال :
" دخلت مع عمتي ( و في رواية : أمي ) على عائشة ، فسئلت : أي الناس كان أحب إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : فاطمة ، فقيل : من الرجال ؟ قالت :
زوجها " . أخرجه الترمذي ( 2/320 ) و الحاكم ( 3/154 ) من طريقين عن جميع به
و السياق للترمذي و قال :
" حديث حسن غريب " . و قال الحاكم - و الرواية الأخرى له - :
" صحيح الإسناد " ! و رده الذهبي فأحسن :
" قلت : جميع متهم ، و لم تقل عائشة هذا أصلا " .
و يؤيد قوله شيئان :
الأول : أنه ثبت عن عائشة خلافه ، فقال الإمام أحمد ( 6/241 ) : حدثنا
عبد الواحد الحداد عن كهمس عن عبد الله بن شقيق ، قال : قلت لعائشة : أي الناس
كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : عائشة ، قلت : فمن الرجال ؟
قالت : أبوها " .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح .
و الآخر : أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه ، من رواية عمرو بن العاص
قال :
" أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة ،
قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها ، ثم من ؟ قال : عمر . فعد رجالا " .
أخرجه الشيخان و أحمد ( 4/203 ) .
و له شاهد من حديث أنس قال :
" قيل : يا رسول الله ، أي الناس ... " دون قوله : " ثم من ... " .
أخرجه ابن ماجه ( 101 ) و الحاكم ( 4/12 ) و قال :
" صحيح على شرط الشيخين " . و هو كما قال :
" و شاهد آخر ، فقال الطيالسي ( 1613 ) : حدثنا زمعة قال : سمعت أم سلمة الصرخة
على عائشة ، فأرسلت جاريتها : انظري ما صنعت ، فجاءت فقالت : قد قضت ، فقالت :
يرحمها الله ، والذي نفسي بيده ، قد كانت أحب الناس كلهم إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، إلا أباها " .
قلت : و هذا الإسناد لا بأس به في الشواهد .
قلت : و كون أبي بكر رضي الله عنه أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم هو
الموافق لكونه أفضل الخلفاء الراشدين عند أهل السنة ، بل هو الذي شهد به علي
نفسه رضي الله عنه ، برواية أعرف الناس به ألا و هو ابنه محمد بن الحنفيه قال :
" قلت لأبي : أي الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر ، قلت
: ثم من ؟ قال : ثم عمر .. " الحديث .
أخرجه البخاري ( 2/422 ) .
فثبت بما قدمنا من النصوص بطلان هذا الحديث . والله المستعان .
( فائدة ) : و أما ما روى الحاكم ( 3/155 ) ، قال :
" حدثنا مكرم بن أحمد القاضي : حدثنا أحمد بن يوسف الهمداني : حدثنا عبد المؤمن
ابن علي الزعفراني : حدثنا عبد السلام بن حرب عن عبيد الله بن عمر عن زيد بن
أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه ، أنه دخل على فاطمة بنت رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فقال : يا فاطمة والله ما رأيت أحدا أحب إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم منك ، والله ما كان أحد من الناس بعد أبيك صلى الله عليه وسلم أحب
إلي منك " . و قال :
" صحيح الإسناد على شرط الشيخين " . و قال الذهبي :
" قلت : غريب عجيب " .
فأقول : أما أنه على شرط الشيخين ، فوهم لا شك فيه ، لأن من دون عبد السلام بن
حرب لم يخرجا لهم ، و عبد السلام بن حرب ليس من شيوخهما .
و أما أنه صحيح ، ففيه نظر ، و العلة عندي تتردد بين عبد السلام ، و عبد المؤمن
فالأول ، و إن كان من رجال الشيخين ، فقد اختلفوا فيه ، و وثقه الأكثرون ،
و قال الحافظ :
" ثقة حافظ ، له مناكير " .
و أما عبد المؤمن ، فلم أر من وثقه توثيقا صريحا ، و غاية ما ذكر فيه ابن أبي
حاتم ( 3/1/66 ) أن الإمام مسلما قال :
" سألت أبا كريب عن عبد المؤمن بن علي الرازي فأثنى عليه ، و قال : لولا
عبد المؤمن من أين كان يسمع أبو غسان النهدي من عبد السلام بن حرب ؟ " .
والله أعلم .

(3/123)


1125 - " كان من دعاء داود يقول : اللهم إني أسألك حبك ، و حب من يحبك ، و العمل الذي
يبلغني حبك ، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي و أهلي ، و من الماء البارد ،
و كان إذا ذكر داود يحدث عنه قال : كان أعبد البشر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/256 ) :

ضعيف .
أخرجه الترمذي ( 2/433 ) و الحاكم ( 2/433 ) و ابن عساكر ( 5/352/2 ) من طريق
محمد بن سعد الأنصاري عن عبد الله بن ربيعة الدمشقي - و قال الحاكم : عبد الله
ابن يزيد الدمشقي ، و قال ابن عساكر : عبد الله بن ربيعة بن يزيد الدمشقي -
حدثني عائذ الله أبو إدريس الخولاني عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الترمذي :
" حديث حسن غريب " .
و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " .
و رده الذهبي بقوله :
" قلت : بل عبد الله هذا قال أحمد : أحاديثه موضوعة " .
و أقول : جرى الذهبي على ظاهر ما وقع في " المستدرك " عبد الله بن يزيد الدمشقي
، فظن أنه عبد الله بن يزيد بن آدم الدمشقي ، فهو الذي قال فيه أحمد ما سبق ،
و رواية الترمذي و ابن عساكر تدلان أنه ليس هو لأن اسم أبيه ربيعة ، و اسم جده
يزيد ، فهو غيره ، و لهذا قال فيه الحافظ :
" مجهول " . والله أعلم .
لكن قوله في داود : " كان أعبد البشر " له شاهد من حديث ابن عمرو ، رواه مسلم ،
و قد خرجته في " الصحيحة " ( 707 ) .

(3/124)


1126 - " يا ابن عمر ! دينك دينك ، إنما هو لحمك و دمك ، فانظر عمن تأخذ ، خذ عن الذين
استقاموا ، و لا تأخذ عن الذين مالوا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/257 ) :

ضعيف .
أخرجه الخطيب في " الكفاية " ( ص 121 ) من طريقين عن المبارك مولى إبراهيم بن
هشام المرابطي قال : حدثنا العطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، العطاف هذا مختلف فيه ، و قد أورده الذهبي في "
الضعفاء " و قال :
" وثقه أحمد و غيره ، و قال أبو حاتم : ليس بذاك " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق يهم " .
و المبارك مولى إبراهيم بن هشام المرابطي لم أجد له ترجمة .

(3/125)


1127 - " كان إذا أتي بطعام أكل مما يليه ، و إذا أتي بالتمر جالت يده " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/258 ) :

موضوع .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 315/2 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 11/95 ) من
طريق عبيد بن القاسم حدثنا هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكره .
أورده في ترجمة عبيد هذا و روى عن ابن معين أنه ليس بثقة . و في رواية :
" كان كذابا خبيثا " . و عن أبي علي صالح بن محمد :
" كذاب كان يضع الحديث " . و عن أبي داود :
" كان يضع الحديث " .
و قد مضى الحديث مع بسط الكلام عليه برقم ( 909 ) ، و الغرض من إيراده الآن
إنما هو ذكر شاهد له من قوله صلى الله عليه وسلم ، لبيان ضعفه أيضا يرويه
العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية أبو الهذيل : حدثنا عبيد الله بن
عكراش عن أبيه عكراش بن ذؤيب قال :
" بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فقدمت عليه المدينة فوجدته جالسا بين المهاجرين و الأنصار ، قال : ثم أخذ بيدي
فانطلق بي إلى بيت أم سلمة ، فقال : هل من طعام ؟ فأتينا بحفنة كثيرة من الثريد
و الوذر ، و أقبلنا نأكل منها ، فخبطت يدي من نواحيها ، و أكل رسول الله
صلى الله عليه وسلم من بين يديه فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى ثم قال :
" يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحد " .
ثم أتينا بطبق فيه ألوان الرطب ، أو من ألوان الرطب ( عبيد الله شك ) قال :
فجعلت آكل من بين يدي ، و جالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق و قال
:
" يا عكراش كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد " .
ثم أتينا بماء فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه و مسح ببلل كفيه وجهه
و ذراعيه و رأسه و قال : يا عكراش هذا الوضوء مما غيرت النار " .
أخرجه الترمذي ( 1/339 ) و السياق له و ابن ماجه ( 3274 ) و أبو بكر الشافعي في
" الفوائد " ( 97 - 98 ) و قال الترمذي :
" حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث العلاء بن الفضل ، و قد تفرد به " .
قلت : و هو ضعيف كما في " التقريب " .
و عبيد الله بن عكراش قال الذهبي في " الميزان " :
" فيه جهالة ، و قال ابن حبان : منكر الحديث ، و قال البخاري : في إسناده نظر .
و قال أبو حاتم : مجهول " .

(3/126)


1128 - " ليلة الغار أمر الله عز وجل شجرة فخرجت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم
تستره و إن الله عز وجل بعث العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت وجه النبي صلى الله
عليه وسلم ، و أمر الله حمامتين وحشيتين فأقبلتا تدفان ( و في نسخة : ترفان )
حتى وقعا بين العنكبوت و بين الشجرة ، فأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل معهم
عصيهم و قسيهم و هراواتهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم على قدر
مائتي ذراع قال الدليل سراقة بن مالك المدلج : انظروا هذا الحجر ثم لا أدري أين
وضع رجله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الفتيان : إنك لم تخطر منذ اللية
أثره حتى إذا أصبحنا قال : انظروا في الغار ! فاستقدم القوم حتى إذا كانوا على
خمسين ذراعا نظر أولهم فإذا الحمامات ، فرجع ، قالوا : ما ردك أن تنظر في الغار
؟ قال : رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد ، فسمعها النبي
صلى الله عليه وسلم فعرف أن الله عز وجل قد درأ عنهما بهما ، فسمت عليهما
فأحرزهما الله تعالى بالحرم فأفرجا كل ما ترون " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/259 ) :

منكر .
رواه ابن سعد ( 1/228 - 229 ) و المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 17/13/1 - 2
) و البزار في " مسنده " ( 2/299/1741 " كشف الأستار ) و الطبراني في " الكبير
" ( 20/443/1082 ) و العقيلي ( 346 ) و خيثمة الأطرابلسي في " فضائل الصديق " (
16/5/2 ) و كذا الشريف أبو علي الهاشمي في " الفوائد المنتقاة " ( 108/1 )
و أبو نعيم في " الدلائل " ( 2/111 ) و كذا البيهقي ( 2/481 - 482 ) عن عوف بن
عمرو أبي عمرو القيسي و يلقب ( عوين ) قال : حدثنا أبو مصعب المكي قال : أدركت
زيد بن أرقم و المغيرة بن شعبة و أنس بن مالك يذكرون أن النبي صلى الله
عليه وسلم ليلة الغار .. و قال الهاشمي :
" تفرد به أنس و من ذكر معه ، لا نعرفه إلا من حديث مسلم بن إبراهيم عن عون بن
عمرو القيسي عن أبي مصعب " .
و قال العقيلي :
" لا يتابع عليه عون ، و أبو مصعب رجل مجهول " .
قلت : و أشار البزار إلى جهالته بقوله :
لا نعلم رواه إلا عون بن عمير ، و أبو مصعب فلا نعلم حدث عنه إلا عوين " .
و قال ابن معين في عون : " لا شيء " .
و قال البخاري :
" منكر الحديث مجهول " .
ذكره الذهبي في " الميزان " ، و ساق له حديثين مما أنكر عليه هذا أحدهما .
و قال الحافظ ابن كثير في تاريخه " البداية " ( 3/182 ) :
" و هذا حديث غريب جدا " .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 6/53 ) :
" رواه البزار و الطبراني ، و فيه جماعة لم أعرفهم " .
قلت : يشير إلى عون و أبي مصعب ، فإن من دونهما ثقات معروفون ، فهي غفلة عجيبة
منه عن هذه النقول . فسبحان من لا يضل و لا ينسى .

(3/127)


1129 - " انطلق النبي صلى الله عليه وسلم و أبو بكر إلى الغار ، فدخلا فيه ، فجاءت
العنكبوت ، فنسجت على باب الغار ، و جاءت قريش يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم
، و كانوا إذا روأوا على باب الغار نسج العنكبوت ، قالوا : لم يدخله أحد ،
و كان النبي صلى الله عليه وسلم قائما يصلي و أبو بكر يرتقب ، فقال أبو بكر رضي
الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم فداك أبي و أمي هؤلاء قومك يطلبونك ! أما
والله ما على نفسي أبكي ، و لكن مخافة أن أرى فيك ما أكره ، فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : *( لا تحزن إن الله معنا )* " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/261 ) :

ضعيف .
أخرجه الحافظ أبو بكر القاضي في " مسند أبي بكر " ( ق 91/1 - 2 ) : حدثنا بشار
الخفاف قال : حدثنا جعفر بن سليمان قال : حدثنا أبو عمران الجوني قال : حدثنا
المعلى بن زياد عن الحسن قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و له علتان :
الأولى : الإرسال ، فإن الحسن هو البصري و هو تابعي كثير الإرسال و التدليس .
و الأخرى : ضعف الخفاف ، و هو بشار بن موسى أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال
:
" ضعفه أبو زرعة ، و قال البخاري : منكر الحديث ، و قال ابن عدي : أرجو أنه لا
بأس به " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" ضعيف كثير الغلط ، كثير الحديث " .
قلت : و إنما يصح من الحديث آخره لوروده في القرآن الكريم : *( إلا تنصروه فقد
نصره الله ، إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه
لا تحزن إن الله معنا ، فأنزل الله سكينته عليه ، و أيده بجنود لم تروها )* .
و قول أبي بكر : " أما والله .. " في الصحيحين نحوه من حديث البراء .
و قال الحافظ ابن كثير في " البداية " ( 3/181 ) :
" و هذا مرسل عن الحسن ، و هو حسن بما له من الشاهد " .
كذا قال ! و يعني بالشاهد ما ساقه من طريق أحمد ، و هذا في " المسند " ( 3251 )
من طريق عبد الرزاق في " المصنف " ( 5/389 ) ، و عنه الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 11/407/12155 ) من طريق عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره
عن ابن عباس في قوله : *( و إذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك )* قال :
" تشاورت قريش ليلة بمكة ، فقال بعضهم : إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي
صلى الله عليه وسلم ، و قال بعضهم : اقتلوه ، و قال بعضهم : بل أخرجوه ، فأطلع
الله عز وجل نبيه على ذلك ، فبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك
الليلة ، و خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار ، و بات المشركون
يحرسون عليا ، يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا ثاروا إليه ، فلما
رأوا عليا رد الله مكرهم ، فقالوا : أين صاحبك هذا ؟ قال : لا أدري ، فاقتصوا
أثره ، فلما بلغوا الجبل خلط عليهم ، فصعدوا في الجبل ، فمروا بالغار ، فرأوا
على بابه نسج العنكبوت ، فقالوا : لو دخل ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه ،
فمكث فيه ثلاث ليال " .
قال ابن كثير عقبه :
" و هذا إسناد حسن ، و هو من أجود ما روي في قصة العنكبوت على فم الغار " .
كذا قال ، و ليس بحسن في نقدي ، لأن عثمان الجزري إن كان هو عثمان بن عمرو بن
ساج الجزري فقد قال ابن أبي حاتم في " الجروح و التعديل " ( 3/1/162 ) عن أبيه
:
" لا يحتج به " .
و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" تكلم فيه " .
و إن كان هو عثمان بن ساج الجزري ليس بينهما عمرو ، فقد جنح الحافظ في "
التهذيب " إلى أنه غير الأول ، و لا يعرف حاله ، و لم يفرق بينهما في " التقريب
" ، و قال :
" فيه ضعف " .
و ابن عمرو لم يوثقه أحد غير ابن حبان ، و من المعروف تساهله في التوثيق ،
و لذلك فهو ضعيف لا يحتج به كما قال أبو حاتم .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 7/27 ) :
" رواه أحمد و الطبراني ، و فيه عثمان بن عمرو الجزري ، وثقه ابن حبان و ضعفه
غيره ، و بقية رجاله رجال الصحيح " .
و لذلك قال المحقق أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " :
" في إسناده نظر " .
ثم إن الآية المتقدمة *( و أيده بجنود لم تروها )* فيها ما يؤكد ضعف الحديث ،
لأنها صريحة بأن النصر و التأييد إنما كان بجنود لا ترى ، و الحديث يثبت أن
نصره صلى الله عليه وسلم كان بالعنكبوت ، و هو مما يرى ، فتأمل .
و الأشبه بالآية أن الجنود فيها إنما هم الملائكة ، و ليس العنكبوت و لا
الحمامتين ، و لذلك قال البغوي في " تفسيره " ( 4/174 ) للآية :
" و هم الملائكة نزلوا يصرفون وجوه الكفار و أبصارهم عن رؤيته " .
و قد جاء في بعض الحديث ما يشهد لهذا المعنى ، و هو ما أخرج أبو نعيم عن أسماء
بنت أبي بكر رضي الله عنها :
" أن أبا بكر رضي الله عنه رأى رجلا مواجه الغار ، فقال : يا رسول الله إنه
لرائينا ، قال : كلا إن الملائكة تستره الآن بأجنحتها ، فلم ينشب الرجل أن قعد
يبول مستقبلهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر لو كان يراك
ما فعل هذا " .
و أخرجه الطبراني مطولا في قصة الهجرة ، و قال الهيثمي ( 6/54 ) :
" رواه الطبراني و فيه يعقوب هذا أنه حسن الحديث ، و قال الحافظ فيه :
" صدوق ، ربما وهم " .
فإذا لم يكن في الإسناد علة أخرى فهو حسن ، و لكني لا أستطيع الجزم بذلك لأن
الهيثمي رحمه الله قد عهدنا منه السكوت في كثير من الأحيان عن العلة في الحديث
مثل الانقطاع و التدليس و نحو ذلك ، و لذلك نراه نادرا ما يقول : إسناد صحيح ،
أو : إسناد حسن ، و إنما يقول : رجاله ثقات ، أو موثقون . أو : فيه فلان و هو
ضعيف ، أو : مختلف فيه و نحو ذلك . و لذلك فلا ينبغي للعارف بهذا العلم أن يصحح
أو يحسن بناء على مثل تلك العبارات منه . فإذا يسر الله لنا الوقوف على إسناد
الطبراني أو أبي نعيم استطعنا الحكم على الحديث بما يستحقه من رتبة . والله
الموفق .
ثم وقفت على إسناده في " المعجم الكبير " للطبراني ( 24/106/284 ) فتبين أنه
حسن لولا أن شيخ الطبراني أحمد بن عمرو الخلال المكي لم أقف له على ترجمة ،
و قد أخرج له في " المعجم الأوسط " ( 1/29/1 - 30/1 ) نحو 16 حديثا ، مما يدل
على أنه من شيوخه المشهورين ، فإن عرف أو توبع فالحديث حسن ، يصلح دليلا على
نكارة ذكر العنكبوت و الحمامتين . والله أعلم .

(3/128)


1130 - " ليس من امبر امصيام في امسفر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/264 ) :

شاذ بهذا اللفظ .
أخرجه أحمد ( 5/434 ) عن معمر عن الزهري عن صفوان بن عبد الله عن أم الدرداء عن
كعب بن عاصم الأشعري - و كان من أصحاب السقيفة - قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم فذكره .
قلت : و هذا إسناد ظاهره الصحة ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ، و علته الشذوذ
و مخالفة الجماعة . فقد قال أحمد أيضا : حدثنا سفيان عن الزهري به بلفظ :
" ليس من البر الصيام في السفر " .
و تابعه عليه ابن جريج و يونس و محمد بن أبي حفصة و الزبيدي كلهم رووه عن
الزهري بلفظ سفيان .
و تابعهم معمر نفسه عند البيهقي و قال :
" و هو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم " .
و ليس يشك عالم بأن اللفظ الذي وافق معمر الثقات عليه ، هو الصحيح الذي ينبغي
الأخذ به ، و الركون إليه ، بخلاف اللفظ الآخر الذي خالفهم فيه ، فإنه ضعيف لا
يعتمد عليه ، لا سيما و معمر ; و إن كان من الثقات الأعلام فقد قال الذهبي في
ترجمته :
" له أوهام معروفة ، احتملت له في سعة ما أتقن ، قال أبو حاتم : صالح الحديث ،
و ما حدث به بالبصرة ، ففيه أغاليط " .
و إن مما يؤكد وهم معمر في هذا اللفظ الذي شذ به عن الجماعة أن الحديث قد ورد
عن جماعة آخرين من الصحابة ، مثل جابر بن عمرو ، و عمار بن ياسر و أبي الدرداء
، جاء ذلك عنهم من طرق كثيرة ، و كلها أجمعت على روايته باللفظ الثاني الذي
رواه الجماعة ، و قد خرجت أحاديثهم جميعا في " إرواء الغليل " ( 925 ) فمن شاء
الوقوف عليها ، فليرجع إليه إن شاء الله تعالى .
و إنما عنيت هنا عناية خاصة لبيان ضعف الحديث بهذا اللفظ لشهرته عند علماء
اللغة و الأدب ، و لقول الحافظ ابن حجر في " التلخيص " :
" هذه لغة لبعض أهل اليمن ، يجعلون لام التعريف ميما ، و يحتمل أن يكون النبي
صلى الله عليه وسلم خاطب بها هذا الأشعري ( يعني : كعب بن عاصم ) كذلك لأنها
لغته ، و يحتمل أن يكون الأشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته ، فحملها
الراوي عنه ، و أداها باللفظ الذي سمعها به . و هذا الثاني أوجه عندي . والله
أعلم " .
فأقول : إن إيراد الحافظ رحمه الله تعالى هذين الاحتمالين قد يشعر القارىء
لكلامه أن الرواية ثبتت بهذا اللفظ عن الأشعري ، و إنما تردد في كونه من النبي
صلى الله عليه وسلم نفسه ، أو من الأشعري ، و رجح الثاني . و هذا الترجيح لا
داعي إليه ، بعد أن أثبتنا أنه وهم من معمر ، فلم يتكلم به النبي صلى الله عليه
وسلم و لا الأشعري ، بل و لا صفوان بن عبد الله ، و لا الزهري . فليعلم هذا
فإنه عزيز نفيس إن شاء الله تعالى .

(3/129)


1131 - " لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/265 ) :

ضعيف .
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1/2/238 ) و الحاكم ( 4/121 - 122 )
و أحمد ( 3/471 و 4/339 ) و الطبراني في " الكبير " ( 1/100/2 ) و البيهقي في "
الشعب " ( 2/161/2 - 162/1 ) من طريق شعبة قال : سمعت أبا إسرائيل قال : سمعت
جعدة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم و رأى رجلا سمينا ، فجعل النبي
صلى الله عليه وسلم يومئ إلى بطنه بيده و يقول : فذكره . و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .
و قال المنذري ( 3/123 ) :
" رواه ابن أبي الدنيا و الطبراني بإسناد جيد و الحاكم و البيهقي " .
و كذا قال الحافظ العراقي في " المغني " ( 3/88 الطبعة التجارية ) ، إلا أنه
ذكر أحمد بدل ابن أبي الدنيا ، و لم يذكر الطبراني ، و لم أره في " كتاب الجوع
" لابن أبي الدنيا . و قال الهيثمي ( 5/31 ) :
" رواه الطبراني و أحمد و رجاله رجال الصحيح غير أبي إسرائيل الجشمي و هو ثقة "
قلت : في هذا التوثيق عندي نظر ، لأن عمدته على أن ابن حبان ذكر أبا إسرائيل في
" الثقات " ، و لم يوثقه غيره كما يستفاد من ترجمته المختصرة في " تهذيب
التهذيب " :
" أبو إسرائيل الجشمي ، و عنه شعبة بن الحجاج . ذكره ابن حبان في " الثقات " ،
و اسمه شعيب " .
و من المعلوم تساهل ابن حبان في التوثيق كما نبهنا عليه مرارا ، و لهذا نرى
الذهبي و العسقلاني و غيرهما من المحققين لا يحتجون بمن يتفرد ابن حبان بتوثيقه
، و لا يوثقونه ، فهذا أبو إسرائيل لم يوثقه ابن حجر في " التقريب " و إنما قال
فيه :
" مقبول " ، يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة .
و لذلك فإني أرى أن تجويد الحافظ المنذري و العراقي لإسناد هذا الحديث ، غير
جيد ، لأنه قائم على الاعتماد على توثيق ابن حبان لرواية أبي إسرائيل ، و هو
بالتجهيل أولى منه بالتوثيق لأنه لم يرو عنه غير شعبة ، مع عدم توثيق غير ابن
حبان له . والله أعلم .
ثم وجدت للحديث علة أخرى ، و هي الاختلاف في صحبة جعدة و هو ابن هبيرة الأشجعي
، و ترى تفصيل القول في ذلك في " تهذيب ابن حجر " و تعليق الدكتور عواد على
" تهذيب المزي " ( 4/566 ) ، و تناقض رأي ابن حجر فيه ، ففي " التهذيب " يرجح
قول أبي حاتم أنه تابعي ، و في " التقريب " يجزم بأنه صحابي صغير له رؤية ،
و ليس يخفى على طالب العلم أن هذا التناقض من مثل هذا الحافظ ما هو إلا لأنه
ليس هناك دليل قاطع في صحبة جعدة هذا يرفع الخلاف ، و إن مما يؤكد ذلك أن ابن
حبان نفسه الذي وثق أبا إسرائيل هذا أورد جعدة في التابعين من " ثقاته " (
4/115 ) و قال :
" و لا أعلم لصحبته شيئا صحيحا فأعتمد عليه فلذلك أدخلناه في التابعين " .
و بناء على ذلك أورد أبا إسرائيل في " أتباع التابعين " من " ثقاته " ( 6/438 )
و قال :
" يروي عن جعدة بن هبيرة ، روى عنه شعبة بن الحجاج " .
قلت : و هذا تناقض ظاهر من ابن حبان يشبه تناقض الحافظ السابق ، لأن أبا
إسرائيل هذا إذا كان ثقة عنده لزمه القول بصحبة جعدة لأنه صرح في هذا الحديث
بها : " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم " و إذا كان قوله هذا ليس صحيحا يعتمد
عليه ، لزمه القول بأن أبا إسرائيل ليس ثقة يعتمد عليه ، و هذا هو الذي يظهر لي
لتفرد شعبة بالرواية عنه كما تقدم . والله أعلم .

(3/130)


1132 - " قوموا كلكم فتوضأوا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/267 ) :

باطل .
رواه ابن عساكر ( 17/360/2 ) عن يحيى بن عبد الله البابلتي : حدثنا الأوزاعي :
حدثني واصل بن أبي جميل أبو بكر عن مجاهد قال :
" وجد النبي صلى الله عليه وسلم <1> ريحا ، فقال : ليقم صاحب الريح فليتوضأ ،
فإن الله لا يستحيي من الحق ، فقال العباس : يا رسول الله أفلا نقوم كلنا
فنتوضأ ؟ فقال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، مسلسل بالعلل : الإرسال من مجاهد و هو ابن جبر و ضعف
واصل بن أبي جميل و البابلتي .
و أصل الحديث موقوف ، فقد روى مجالد : نا عامر عن جرير يعني ابن عبد الله
البجلي :
" أن عمر رضي الله عنه صلى بالناس ، فخرج من إنسان شيء ، فقال : عزمت على صاحب
هذه إلا توضأ ، و أعاد صلاته . فقال جرير : أو تعزم على كل من سمعها أن يتوضأ ،
و أن يعيد الصلاة ، قال : نعما قلت ، جزاك الله خيرا ، فأمرهم بذلك " .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1/107/1 ) : حدثنا معاذ بن المثنى : نا
مسدد : نا يحيى عن مجالد .
قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات ، رجال مسلم غير معاذ بن المثنى و هو ثقة
مترجم في " تاريخ بغداد " ، غير أن مجالدا و هو ابن سعيد الهمداني قال الحافظ
في " التقريب " :
" ليس بالقوي ، و قد تغير في آخر عمره " .
فقول الهيثمي ( 1/244 ) :
" رواه الطبراني في " الكبير " و رجاله رجال الصحيح " .
قلت : فهذا القول ، مما لا يخفى بعده عن الصواب على من عرف ما بينا .
و يشبه هذا الحديث ما يتداوله كثير من العامة ، و بعض أشباههم من الخاصة ،
زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ذات يوم ، فخرج من أحدهم ريح ،
فاستحيا أن يقوم من بين الناس ، و كان قد أكل لحم جزور ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم سترا عليه : " من أكل لحم جزور فليتوضأ " . فقام جماعة
كانوا أكلوا من لحمه فتوضأوا !
و هذه القصة مع أنه لا أصل لها في شيء من كتب السنة و لا في غيرها من كتب الفقه
و التفسير فيما علمت ، فإن أثرها سيىء جدا في الذين يروونها ، فإنها تصرفهم عن
العمل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لكل من أكل من لحم الإبل أن يتوضأ ، كما
ثبت في " صحيح مسلم " و غيره : قالوا : يا رسول الله أنتوضأ من لحوم الغنم ؟
قال : لا ، قالوا : أفنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : توضأوا . فهو يدفعون هذا
الأمر الصحيح الصريح بأنه إنما كان سترا على ذلك الرجل ، لا تشريعا ! و ليت
شعري كيف يعقل هؤلاء مثل هذه القصة و يؤمنون بها ، مع بعدها عن العقل السليم ،
و الشرع القويم ؟ ! فإنهم لو تفكروا فيها قليلا ، لتبين لهم ما قلناه بوضوح ،
فإنه مما لا يليق به صلى الله عليه وسلم أن يأمر بأمر لعلة زمنية . ثم لا يبين
للناس تلك العلة ، حتى يصير الأمر شريعة أبدية ، كما وقع في هذا الأمر ، فقد
عمل به جماهير من أئمة الحديث و الفقه ، فلو أنه صلى الله عليه وسلم كان أمر به
لتلك العلة المزعومة لبينها أتم البيان ، حتى لا يضل هؤلاء الجماهير باتباعهم
للأمر المطلق ! و لكن قبح الله الوضاعين في كل عصر و كل مصر ، فإنهم من أعظم
الأسباب التي أبعدت كثيرا من المسلمين عن العمل بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم
، و رضي الله عن الجماهير العاملين بهذا الأمر الكريم ، و وفق الآخرين للاقتداء
بهم في ذلك و في اتباع كل سنة صحيحة . والله ولي التوفيق .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كذا الأصل ، و سقط منه : " من رجل " . اهـ .
1

(3/131)


1133 - " أفلحت يا قديم إن مت و لم تكن أميرا و لا كاتبا و لا عريفا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/268 ) :

ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 2933 ) و أحمد ( 4/133 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (
17/80/1 ) عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معد يكرب أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب على منكبه ثم قال له : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، صالح هذا أورده الذهبي في " ديوان الضعفاء " ، و قال
: " مجهول " .
و قال في " المغني " و " الكاشف " :
" قال البخاري : فيه نظر " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" لين " .
و أما قول المنذري ( 3/134 ) :
" و فيه كلام قريب لا يقدح " .
فهذا مردود لوجهين :
أولا : أن الذين ترجموا صالحا كان كلامهم فيه على ثلاثة أنواع :
1 - منهم من ضعفه ضعفا شديدا ، و هو الإمام البخاري ، فقال قال : " فيه نظر " ،
كما تقدم .
و عبارة البخاري هي من أشد أنواع التجريح عنده .
2 - و منهم من جهله مثل موسى بن هارون الحمال و ابن حزم .
و يمكن أن نذكر معهم ابن أبي حاتم ، فإنه أورده في كتابه ( 2/1/419 ) و لم يذكر
فيه جرحا و لا تعديلا .
3 - و منهم من وثقه ، و هو ابن حبان وحده، فقد أورده في " ثقات أتباع التابعين
" و قال ( 6/409 ) :
" يخطىء " .
فأنت ترى أنهم جميعا متفقون على تجريح الرجل ، إما بالضعف الشديد ، و إما
بالجهالة ، و إما بالوهم .
ثانيا : أن الكلام الذي لا يقدح إنما يسلم لو قيل في رجل ثبت أنه ثقة ، و الأمر
هنا ليس كذلك ، لأن توثيق ابن حبان مما لا يوثق به عند التفرد كما هو الشأن هنا
لما عرفت من تساهله فيه ، فلذلك لا يقبل توثيقه هذا إذا لم يخالف ممن هو مثله
في العلم بالجرح و التعديل ، فكيف إذا كان مخالفه هو الإمام البخاري ؟ فكيف إذا
كان مع ذلك هو نفسه يقول فيه كما تقدم :
" يخطىء " ؟ !
فيتلخص من ذلك أن الكلام الذي فيه قادح ، يسقط الاحتجاج بالحديث .
ثم إن إيراد ابن حبان إياه في " أتباع التابعين " ينبهنا إلى أن في الحديث علة
أخرى و هي الانقطاع ، فإن صالحا هذا رواه عن جده المقدام لم يذكر بينهما أباه
يحيى بن المقدام ، فهو منقطع ، فهذه علة أخرى ، و يؤيده أنه سيأتي له قريبا
حديث آخر برقم ( 1149 ) من روايته عن أبيه عن جده ، فإن كان هذا تلقاه عن أبيه
فهو - أعني أباه - مجهول كما سيأتي هناك ، و لذلك ذكر الحافظ في ترجمة صالح هذا
من " التقريب " أنه من الطبقة السادسة . و هم الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من
الصحابة .

(3/132)


1134 - " كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و أبي بكر ، و صدرا من إمارة عمر ، فلما رأى
الناس قد تتابعوا فيها ، قال ( يعني عمر ) : أجيزهن عليهم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/270 ) :

منكر بهذا السياق .
أخرجه أبو داود ( 2199 ) و عنه البيهقي ( 7/338 - 339 ) : حدثنا محمد بن
عبد الملك بن مروان : حدثنا أبو النعمان : حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن غير
واحد عن طاووس :
" أن رجلا يقال له : أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال : أما علمت أن
الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر و صدرا من إمارة عمر ؟ و قال ابن عباس
: بلى كان الرجل .." .
قلت : و هذا إسناد معلول عندي بأبي النعمان و اسمه محمد بن الفضل السدوسي
و لقبه عارم ، و هو و إن كان ثقة فقد كان اختلط ، وصفه بذلك جماعة من الأئمة
منهم أبو داود و النسائي و الدارقطني و غيرهم ، و قال ابن أبي حاتم في " الجرح
و التعديل " ( 4/1/59 ) :
" سمعت أبي يقول : اختلط في آخر عمره ، و زال عقله فمن سمع منه قبل الاختلاط
فسماعه صحيح " .
قلت : و هذا الحديث من رواية ابن مروان و هو أبو جعفر الدقيقي الثقة ، و لا
ندري أسمع منه قبل الاختلاط أم بعده ؟ و هذا عندي أرجح ، فقد خولف عارم في
إسناده و متنه . فرواه سليمان بن حرب عن حماد بن زيد فقال : عن أيوب عن إبراهيم
ابن ميسرة عن طاووس به ، إلا أنه لم يذكر فيه :
" قبل أن يدخل بها " .
أخرجه مسلم ( 4/182 ) و البيهقي ( 7/336 ) . و قال ابن أبي شيبة ( 5/26 ) : نا
عفان بن مسلم قال : نا حماد بن زيد به .
و رواه محمد بن أبي نعيم : نا حماد بن زيد به .
أخرجه الدارقطني ( 443 ) ، و ابن أبي نعيم صدوق .
فهي زيادة شاذة إن لم نقل منكرة ، تفرد بها عارم .
و يؤكد ذلك أن عبد الله بن طاووس قد روى الحديث عن أبيه كما رواه سليمان بن حرب
بإسناده عنه بدون الزيادة .
أخرجه مسلم و النسائي ( 2/96 ) و الطحاوي ( 2/31 ) و الدارقطني ( 444 )
و البيهقي و أحمد ( 1/314 ) و الحاكم أيضا ( 2/196 ) و قال :
" صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه " ، و وافقه الذهبي .
قلت : و هو كما قالا ، إلا أنهما وهما في استدراكهما على مسلم .
قلت : فهذه الروايات الصحيحة تدل على أن عارما إنما حدث بالحديث بعد الاختلاط ،
و لذلك لم يضبطه ، فلم يحفظ اسم شيخ أيوب فيه ، و زاد تلك الزيادة فهي لذلك
شاذة غير محفوظة لمخالفته الثقات فيها ، و قد خفيت هذه العلة على العلامة ابن
القيم ; فصحح إسناد الحديث في " زاد المعاد " ( 4/55 ) ، و انطلى ذلك على
المعلق عليه ( 5/249 و 251 ) ، و أعله المنذري في " مختصر السنن " ( 3/124 )
بقوله :
" الرواة عن طاووس مجاهيل " .
و إذا عرفت ذلك فلا يجوز تقييد لفظ الحديث الصحيح بها ، كما فعل البيهقي ، بل
ينبغي تركه على إطلاقه فهو يشمل المدخول بها و غير المدخول بها ، و إليك لفظ
الحديث في " صحيح مسلم " :
" كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و أبي بكر ، و سنتين من
خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في
أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم " .
قلت : و هو نص لا يقبل الجدل على أن هذا الطلاق حكم محكم ثابت غير منسوخ لجريان
العمل عليه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر ، و أول خلافة عمر ،
و لأن عمر رضي الله لم يخالفه بنص آخر عنده بل باجتهاد منه و لذلك تردد قليلا
أول الأمر في مخالفته كما يشعر بذلك قوله : " إن الناس قد استعجلوا .. فلو
أمضيناه عليهم .. " ، فهل يجوز للحاكم مثل هذا التساؤل و التردد لو كان عنده نص
بذلك ؟ !
و أيضا ، فإن قوله : " قد استعجلوا " يدل على أن الاستعجال حدث بعد أن لم يكن ،
فرأى الخليفة الراشد ، أن يمضيه عليهم ثلاثا من باب التعزيز لهم و التأديب ،
فهل يجوز مع هذا كله أن يترك الحكم المحكم الذي أجمع عليه المسلمون في خلافة
أبي بكر و أول خلافة عمر ، من أجل رأي بدا لعمر و اجتهد فيه ، فيؤخذ باجتهاده ،
و يترك حكمه الذي حكم هو به أول خلافته تبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
و أبي بكر ؟ ! اللهم إن هذا لمن عجائب ما وقع في الفقه الإسلامي ، فرجوعا إلى
السنة المحكمة أيها العلماء ، لا سيما و قد كثرت حوادث الطلاق في هذا الزمن
كثرة مدهشة تنذر بشر مستطير تصاب به مئات العائلات .
و أنا حين أكتب هذا أعلم أن بعض البلاد الإسلامية كمصر و سوريا قد أدخلت هذا
الحكم في محاكمها الشرعية ، و لكن من المؤسف أن أقول : إن الذين أدخلوا ذلك من
الفقهاء القانونيين لم يكن ذلك منهم بدافع إحياء السنة ، و إنما تقليدا منهم
لرأي ابن تيمية الموافق لهذا الحديث ، أي إنهم أخذوا برأيه لا لأنه مدعم
بالحديث ، بل لأن المصلحة اقتضت الأخذ به زعموا ، و لذلك فإن جل هؤلاء الفقهاء
لا يدعمون أقوالهم و اختياراتهم التي يختارونها اليوم بالسنة ، لأنهم لا علم
لهم بها ، بل قد استغنوا عن ذلك بالاعتماد على آرائهم ، التي بها يحكمون ،
و إليها يرجعون في تقدير المصلحة التي بها يستجيزون لأنفسهم أن يغيروا الحكم
الذي كانوا بالأمس القريب به يدينون الله ، كمسألة الطلاق هذه ، فالذي أوده
أنهم إن غيروا حكما أو تركوا مذهبا إلى مذهب آخر ، أن يكون ذلك اتباعا منهم
للسنة ، و أن لا يكون ذلك قاصرا على الأحكام القانونية و الأحوال الشخصية ، بل
يجب أن يتعدوا ذلك إلى عباداتهم و معاملاتهم الخاصة بهم ، فلعلهم يفعلون !

(3/133)


1135 - " ما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من نسائه إلا متقنعا ، يرخي الثوب
على رأسه ، و ما رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا رآه مني " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/273 ) :

موضوع .
رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 251 - 252 ) عن محمد
ابن القاسم الأسدي : نا كامل أبو العلاء عن أبي صالح - أراه - عن ابن عباس قال
: قالت عائشة رضي الله عنها : فذكره .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، آفته الأسدي هذا كذبه أحمد و قال :
" أحاديثه موضوعة ، ليس بشيء " .
و أبو صالح هو باذام و هو ضعيف .
و الشطر الثاني من الحديث قد روي من طريقين آخرين و لكنهما واهيان كما بينته في
" آداب الزفاف " ( ص 32 - الطبعة الثانية ) و ذكرت هناك عن عائشة نفسها ما يدل
على بطلانه .
و أما الشطر الأول ، فمع تفرد ذاك الكذاب به فإنه يدل على بطلانه أيضا القرآن
الكريم و هو قول الله عز وجل : *( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم )* أي :
كيف شئتم . فمع هذه الإباحة الصريحة في كيفية الإتيان ، لا يعقل هذا التضييق
الذي تضمنه هذا الحديث الموضوع كما لا يخفى .

(3/134)


1136 - " ما ابتلى الله عبدا ببلاء و هو على طريقة يكرها إلا جعل الله ذلك البلاء له
كفارة و طهورا ، ما لم ينزل ما أصابه من البلاء بغير الله ، أو يدعو غير الله
في كشفه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/274 ) :

موضوع .
رواه ابن أبي الدنيا في " المرض و الكفارات " ( 162/1 ) حدثني يعقوب بن عبيد
قال : أنبأ هشام بن عمار قال : أنبأ يحيى بن حمزة قال : حدثنا الحكم بن
عبد الله أنه سمع المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي يحدث أنه سمع أبا هريرة
يحدث قال :
دخلت على أم عبد الله ابنة أبي ذباب عائدا لها من شكوى فقالت : يا أبا هريرة
إني دخلت على أم سلمة أعودها من شكوى فنظرت إلى قزحة في يدي فقالت :
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ساقط موضوع ، من أجل الحكم بن عبد الله و هو ابن سعد الأيلي
قال الذهبي في " الضعفاء " :
" متروك متهم " .
و قال في " الميزان " :
" و قال أحمد : أحاديثه كلها موضوعة . و قال ابن معين : ليس بثقة . و قال
السعدي و أبو حاتم : كذاب " .

(3/135)


1137 - " يأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من شاته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/274 ) :

ضعيف جدا .
رواه ابن عساكر ( 15/390/2 ) عن عباد بن يعقوب الرواجني أنبأنا عيسى بن
عبد الله بن محمد بن عمر بن علي حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا .
قلت : و هذا سند واه ، عيسى بن عبد الله قال أبو نعيم :
" روى عن آبائه أحاديث مناكير ، لا يكتب حديثه ، لا شيء " .
و قال ابن عدي : " حدث عن آبائه بأحاديث غير محفوظة " .
و ساق له الذهبي حديثين قال في أحدهما :
" لعله موضوع " .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه و بيض له المناوي
في " شرحيه " !

(3/136)


1138 - " هي زكاة الفطر . آية : *( قد أفلح من تزكى )* " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/275 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه البزار في " مسنده " ( 1/429/905 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 333/1 )
و البيهقي ( 4/159 ) من طريق عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله المزني عن
أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله : *( قد أفلح من تزكى
و ذكر اسم ربه فصلى )* قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، كثير هذا هو ابن عبد الله بن عمرو بن عوف ، قال
الشافعي و أبو داود :
" ركن من أركان الكذب " .
و قال الدارقطني و غيره :
" متروك " .
و عبد الله بن نافع هو الصائغ المخزومي المدني ، قال الحافظ :
" ثقة صحيح الكتاب ، في حفظه لين " .
و الحديث أورده السيوطي في " الدر المنثور " ( 6/339 ) بتخريج البزار و ابن
المنذر و ابن أبي حاتم و الحاكم في " الكنى " و ابن مردويه و البيهقي في " سننه
" بسند ضعيف عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف به .
قلت : فضعف إسناده بعبد الله بن نافع ، و تضعيفه بكثير أولى لما عرفت من سوء
حاله ، و لكن لعله سكت عنه لشهرته بذلك .
و للحديث شاهد موقوف ، رواه أبو حماد الحنفي عن عبيد الله ( و في نسخة عبد الله
) ابن عمر عن نافع عن عمر أنه كان يقول :
" نزلت هذه الآية : *( قد أفلح من تزكى و ذكر اسم ربه فصلى )* في زكاة رمضان "
قلت : و هو مع وقفه ضعيف الإسناد جدا ، فإن أبا حماد الحنفي و اسمه مفضل بن
صدقة قال النسائي :
" متروك " .
و قال ابن معين :
" ليس بشيء " .
و عبد الله بن عمر إن كان هو المكبر فضعيف ، و إن كان المصغر فثقة .

(3/137)


1139 - " أكل اللحم يحسن الوجه ، و يحسن الخلق " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/276 ) :

موضوع .
رواه الرازي في " الفوائد " ( 15/101/2 ) و ابن عساكر ( 14/211/1 ) عن محمد بن
هارون بن شعيب الأنصاري : حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن الحريص <1> : حدثنا
محمد بن حسان بن يزيد الحوري : حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا سند واه جدا بل هو موضوع ، فإن الأنصاري هذا قال الحافظ عبد العزيز
الكتاني :
" كان يتهم " .
و المحمدان فوقه لم أعرفهما ، و من سائرهم من رجال الستة ، و اعتقادي أن هذا
السند مركب عليهم ، فإن أحدهم أسمى من أن يحدث بمثل هذا الحديث الباطل الظاهر
البطلان ، و إني لأعجب من السيوطي كيف سود به كتابه " الجامع الصغير " ! و أما
المناوي فقد بيض له في " الفيض " و قال في " التيسير " : إسناد ضعيف " !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و ابن الحريص ترجمه ابن عساكر في " تاريخه " ( 15/31 - 32 ) و لكنه لم يذكر
فيه جرحا و لا تعديلا . اهـ .
1

(3/138)


1140 - " إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/277 ) :

ضعيف .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 12/44/1 ) : حدثنا يزيد بن هارون عن هشام بن
حسان عن الحسن عن جابر بن عبد الله مرفوعا .
و بهذا الإسناد أخرجه الإمام أحمد ( 3/381 - 382 ) و أبو يعلى ( 593 - 594 ) في
حديث .
و كذلك أخرجه أحمد ( 3/305 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 517 ) من
طريقين آخرين عن هشام بن حسان به .
و أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1/256/1 ) و كذا أبو داود ( 2570 ) و لكنه لم
يسق لفظه .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و رجاله ثقات ، و إنما علته الانقطاع بين الحسن و هو
البصري و جابر ، فإنه لم يسمع منه كما قال أبو حاتم و البزار .
و قد رواه البزار ( 4/34/3149 ) من طريقين عن يونس عن الحسن عن سعد بن أبي وقاص
مرفوعا به نحوه . و قال البزار : لا نعلمه يروى عن سعد إلا من هذا الوجه ، و لا
نعلم سمع الحسن من سعد شيئا " .
و قال الهيثمي ( 10/134 ) :
" و رجاله ثقات إلا أن الحسن البصري لم يسمع من سعد فيما أحسب " .
و له شاهد واه جدا من رواية عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان عن نافع عن ابن عمر
مرفوعا به .
أخرجه بن عدي في " الكامل " ( ق 244/1 ) و قال :
" هذا الحديث بهذا الإسناد بعض متنه لا يعرف إلا من طريق عمر بن صبح عن مقاتل ،
و ابن صبح منكر الحديث " .
و قال الذهبي :
" ليس بثقة و لا مأمون ، قال ابن حبان : كان ممن يضع الحديث " .
و له شاهد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعا به . و زاد :
" فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر و له حصاص " .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " من حديث عدي بن الفضل عن سهيل بن أبي صالح عن
أبيه عنه . و قال :
" لم يروه عن سهيل إلا عدي " .
قلت : و هو متروك كما قال الهيثمي ( 10/134 ) .
و الزيادة المذكورة عند مسلم ( 2/5 - 6 ) من طريقين عن سهيل به . و هذا يدل على
نكارة ما زاده عدي عليها . و يؤكده أن في أحد الطريقين المشار إليهما عند مسلم
عن سهيل قال : أرسلني أبي إلى بني حارثة ، قال : و معي غلام لنا أو صاحب لنا ،
فناداه مناد من حائط باسمه ، قال : و أشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئا ،
فذكرت ذلك لأبي فقال : لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك ، و لكن إذا سمعت صوتا
فناد بالصلاة ، فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال :
" إن الشيطان إذا نودي بالصلاة ، ولى و له خصائص " .
قلت : فهذا يبين أن هذه الزيادة التي تفرد بها عدي - و هو ابن الفضل - أصلها
مقطوع من كلام أبي صالح والد سهيل ، فرفعه عدي !

(3/139)


1141 - " من أكل فشبع ، و شرب فروي ، فقال : الحمد لله الذي أطعمني فأشبعني ، و سقاني
فأرواني ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/278 ) :

ضعيف .
أخرجه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 467 ) : أخبرنا أبو يعلى : حدثنا
محمد بن إبراهيم السامي : حدثنا إبراهيم بن سليمان : حدثنا حرب بن سريج <1> عن
حماد بن أبي سليمان قال :
" تغديت عند أبي بردة ، فقال : ألا أحدثك ما حدثني به عبد الله بن قيس رضي
الله عنه ؟ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات غير حرب بن سريج ، قال الحافظ في "
التقريب " :
" صدوق يخطىء " .
و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" فيه ضعف " .
قلت : و خفي ذلك على المنذري فسكت عليه في " الترغيب " ( 3/129 ) و عزاه لأبي
يعلى . و أغرب منه قول الهيثمي ( 5/29 ) :
" رواه أبو يعلى ، و فيه من لم أعرفه " .
و ليس فيهم من لا يعرف إطلاقا ، فلعله تحرف عليه بعض أسماء رواته .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] بالمهملة و الجيم . كذا قيده الحافظ ، و وقع في ابن السني " شريح " و هو
خطأ . اهـ .
1

(3/140)


1142 - " يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة العذاب ما يتمنى أنه لم يقض بين
اثنين في تمرة قط " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/279 ) :

ضعيف .
أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 1546 ) : حدثنا عمر بن العلاء اليشكري قال :
حدثني صالح بن سرج من عبد القيس عن عمران بن حطان قال : سمعت عائشة تقول ،
و ذكر عندها القضاة ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره
. و من طريق الطيالسي أخرجه أحمد ( 6/75 ) و أبو بكر المروزي في " أخبار الشيوخ
" ( 1/27/2 ) و ابن أبي الدنيا في " الأشراف " ( 2/73/2 ) و البيهقي ( 10/96 )
كلهم عن الطيالسي به .
و أخرجه ابن حبان ( 1563 ) و الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 2781 - مصورتي )
و البيهقي أيضا من طريقين آخرين عن عمر بن العلاء به ، إلا أن ابن حبان قال : "
عمره " بدل " تمرة " .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و فيه علتان :
الأولى : صالح بن سرج أورده الذهبي في " الميزان " و لم يزد فيه على قوله :
" قال أحمد بن حنبل : كان من الخوارج " .
و أورده في " الضعفاء " و قال :
" مجهول " .
و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 6/460 ) .
و الأخرى : عمر بن العلاء . كذا وقع في المصادر المتقدمة إلا المسند فوقع فيه "
عمرو " بفتح أوله . قال الحافظ في " التعجيل " :
" و هو قول الأكثر " .
و ذكر في ترجمته أنه روى عنه جماعة من الثقات ، و لم يذكر فيه توثيقا فهو مجهول
الحال . والله أعلم .
قلت : فقول الهيثمي في " المجمع " ( 4/193 ) :
" رواه أحمد و إسناده حسن " .
غير حسن ، لما بينا من حال الرجلين .

(3/141)


1143 - " أول من يكسى حلة من النار إبليس ، يضعها على حاجبيه ، و هو يسحبها من خلفه ،
و ذريته من خلفه ، و هو يقول : يا ثبوراه ! و هم ينادون : يا ثبوراهم ، حتى يقف
على النار ، فيقول : يا ثبوراه ! فينادون : يا ثبوراهم ، فيقال : *( لا تدعو
اليوم ثبورا واحدا ، و ادعوا ثبورا كثيرا )* " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/280 ) :

ضعيف .
أخرجه أحمد ( 3/152 و 153 - 154 و 249 ) و البزار ( 4/183 ) و الطبري في "
تفسيره " ( 18/141 ) من طريق حماد بن سلمة قال : حدثنا علي بن زيد عن أنس بن
مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، علي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف ، كما في " التقريب " .
و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 10/392 ) و قال :
" رواه أحمد و البزار ، و رجالهما رجال الصحيح غير علي بن زيد و هو ابن جدعان
ضعيف ، كما في " التقريب " .
و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 10/392 ) و قال :
" رواه أحمد و البزار ، و رجالهما رجال الصحيح غير علي بن زيد و قد وثق " !
و ذكره ابن الجوزي في تفسيره " زاد المسير " ( 6/76 ) <1> دون عزو فقال :
" روى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " .
فجزم برواية أنس له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يحسن ، و كم فيه من
أحاديث ضعيفة و واهية يسكت عنها ، و لا يبين وهنها ، بل ربما أوهم صحتها ، كهذا
، و قد تولى بيان حال الكثير منها الأستاذ المعلق عليه ، و لكنه سكت أيضا عن
غير قليل منها كهذا الحديث ، فإنه خرجه و لم يبين حال إسناده ، بل و أقره على
جزمه !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] قام بطبعه المكتب الإسلامي بدمشق ، جزاه الله خيرا . اهـ .
1

(3/142)


1144 - " كل [ باسم الله ] ، ثقة بالله ، و توكلا عليه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/281 ) :

ضعيف .
رواه أبو داود ( 3925 ) و الترمذي ( 1/335 ) و ابن ماجه ( 3542 ) و ابن السني
في " عمل اليوم و الليلة " ( 457 ) و أبو العباس الأصم في " جزء من حديثه " ( ق
192/2 ) و الحاكم ( 4/136 - 137 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( 428 ) و ابن عدي
في " الكامل " ( 396/2 ) و أبو عبد الله الدقاق في " معجم مشايخه " ( ق 4/1 )
و الضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( ق 49/1 ) من طريق المفضل
بن فضالة عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن المنكدر عن جابر :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم ، فأدخلها معه في القصعة فقال " .
فذكره . و قال الترمذي :
" هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث المفضل بن فضالة ، و هو شيخ بصري ،
و المفضل بن فضالة شيخ آخر مصري أوثق من هذا و أشهر ، و روى شعبة هذا الحديث عن
حبيب بن الشهيد عن ابن بريدة : أن ابن عمر أخذ بيد مجذوم ، و حديث شعبة أثبت
عندي و أصح " .
قلت : و حديث شعبة وصله العقيلي من طريق سعيد بن منصور قال : حدثنا عبد الرحمن
ابن زياد قال : حدثنا شعبة عن حبيب بن الشهيد قال : سمعت عبد الله بن بريدة
يقول :
" كان سلمان يعمل بيديه ، ثم يشتري طعاما ، ثم يبعث إلى المجذومين فيأكلون معه
" .
قلت : فجعل سلمان مكان ابن عمر ، و لعله الصواب ، فإن إسناده صحيح ،
و عبد الرحمن بن زياد هذا هو الرصاصي ، قال أبو حاتم :
" صدوق " . و قال أبو زرعة : " لا بأس به " .
و قال العقيلي عقب روايته :
" هذا أصل الحديث ، و هذه الزيادة أولى به ، و المفضل ليس بمشهور بالنقل ، قال
يحيى : ليس هو بذاك " .
و قال ابن عدي :
" و لم أر في حديثه أنكر من هذا الحديث ، و باقي حديثه مستقيم " .
و قال الذهبي في " الضعفاء " :
" مقارب الحديث ، لا يحتج به . قاله الترمذي " . و قال الحافظ في " التقريب " :
" ضعيف " .
قلت : فقول الحاكم : " حديث صحيح الإسناد " و وافقه الذهبي مما لا يخفى بعده عن
الصواب ، و نحوه قول المناوي في " التيسير " : " إسناده حسن " مغترا بما نقله
في " الفيض " عن ابن حجر أنه قال : " حديث حسن " !
قلت : و قد وجدت له متابعا ، يرويه عبيد الله بن تمام عن إسماعيل المكي عن محمد
ابن المنكدر به .
أخرجه ابن عدي ( 8/2 و 237/1 ) و قال في الموضع الأول :
" إسماعيل هذا أحاديثه غير محفوظة ، إلا أنه ممن يكتب حديثه " .
و قال في الموضع الآخر :
" و هذا قد روي من غير هذا الطريق عن محمد بن المنكدر ، و عبيد الله في بعض ما
يرويه مناكير " .
و قال الذهبي في " الضعفاء " :
" ضعفوه " .
و أورده ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " ( 2/386 ) من الوجهين عن محمد بن
المنكدر .

(3/143)


1145 - " ملعون من لعب بالشطرنج " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/283 ) :

موضوع .
أخرجه الديلمي ( 4/63 ) عن عباد بن عبد الصمد عن أنس رفعه .
قلت : و هذا موضوع ، آفته عباد هذا قال البخاري : " منكر الحديث " .
و قال ابن حبان :
" روى عن أنس نسخة كلها موضوعة " .
و قال الحافظ السخاوي في " عمدة المحتج في حكم الشطرنج " ( 9/1 ) :
" و قد سئل عنه النووي ؟ فقال : لا يصح " .
و نحوه ما أورده السيوطي في " الجامع " من رواية عبدان و أبي موسى و ابن حزم عن
حبة بن مسلم مرسلا به و زاد :
" و الناظر إليها كالآكل لحم الخنزير " .
قال المناوي :
" و حبة هذا تابعي لا يعرف إلا بهذا الحديث ، و في " الميزان " : إنه خبر منكر
" .
قلت : و هو من رواية ابن جريج عن حبة ، و قال في أصح الطريقين عنه - و كلاهما
ضعيف - :
" حدثت عن حبة بن مسلم " .
فله علتان : الإرسال و الانقطاع .

(3/144)


1146 - " إذا مررتم بهؤلاء الذين يلعبون الأزلام : الشطرنج و النرد و ما كان من اللهو
، فلا تسلموا عليهم ، فإن سلموا عليكم فلا تردوا عليهم ، فإنهم إذا اجتمعوا
و أكبوا عليها ، جاء إبليس أخزاه الله بجنوده فأحدق بهم ، كلما ذهب رجل يصرف
بصره عن الشطرنج لكز في ثغره ، و جاءت الملائكة من وراء ذلك فأحدقوا بهم ، و لم
يدنوا منهم ، فما يزالون يلعنونهم حتى يتفرقوا عنها حين يتفرقون كالكلاب اجتمعت
على جيفة ، فأكلت منها ، حتى ملأت بطونها ثم تفرقت " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/284 ) :

موضوع .
أخرجه الآجري في " كتاب تحريم النرد و الشطرنج و الملاهي " ( ق 43/2 ) من طريق
سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، آفته سليمان بن داود اليمامي قال الذهبي في "
الميزان " :
" قال ابن معين : ليس بشيء ، و قال البخاري : منكر الحديث ، و قد مر لنا أن
البخاري قال : من قلت فيه : منكر الحديث فلا تحل رواية حديثه . و قال ابن حبان
: ضعيف . و قال آخر : متروك " .
و كتب الحافظ ابن المحب المقدسي بخطه على هامش كتاب الآجري :
" هذا حديث ضعيف " .
قلت : بل هو موضوع ، و علامات الوضع عليه لائحة ، و آفته اليمامي المذكور ،
فإنه متهم عند البخاري كما عرفت . والله أعلم .

(3/145)


1147 - " إذا مررت عليهم ( يعني أهل القبور ) فقل : السلام عليكم يا أهل القبور من
المسلمين و المؤمنين ، أنتم لنا سلف ، و نحن لكم تبع ، و إنا إن شاء الله بكم
لاحقون . فقال أبو رزين : يا رسول الله و يسمعون ؟ قال : و يسمعون ، و لكن لا
يستطيعون أن يجيبوا ، أو لا ترضى يا أبا رزين أن يرد عليك [ بعددهم من ]
الملائكة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/284 ) :

منكر .
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 369 ) و عبد الغني المقدسي في " السنن " ( ق 92
: 2 ) عن النجم بن بشير بن عبد الملك بن عثمان القرشي حدثنا محمد بن الأشعث عن
أبي سلمة عن أبي هريرة قال :
" قال أبو رزين : يا رسول الله : إن طريقي على المقابر ، فهل من كلام أتكلم به
إذا مررت عليهم ؟ قال : " فذكره . و قال العقيلي و الزيادة له :
" محمد بن الأشعث مجهول في النسب و الرواية ، و حديثه هذا غير محفوظ ، و لا
يعرف إلا بهذا الإسناد . و أما " السلام عليكم يا أهل القبور " إلى قوله "
و إنا إن شاء الله بكم لاحقون " فيروى بغير هذا الإسناد من طريق صالح ، و سائر
الحديث غير محفوظ " .
و النجم بن بشير أورده ابن أبي حاتم ( 4/1 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
قلت : فهو بهذه الزيادة منكر ، لتفرد هذا المجهول بها ، و أما بدونها فهو حديث
صحيح أخرجه مسلم من حديث عائشة و بريدة ، و هو مخرج في كتابي " أحكام الجنائز
و بدعها " .
و هذه الزيادة منكرة المتن أيضا ، فإنه لا يوجد دليل في الكتاب و السنة على أن
الموتى يسمعون ، بل ظواهر النصوص تدل على أنهم لا يسمعون . كقوله تعالى :
*( و ما أنت بمسمع من في القبور )* و قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه و هم في
المسجد : " أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة ، فإن صلاتكم تبلغني ... " فلم يقل
: أسمعها . و إنما تبلغه الملائكة كما في الحديث الآخر : " إن لله ملائكة
سياحين يبلغوني عن أمتي السلام " . رواه النسائي و أحمد بسند صحيح .
و أما قوله صلى الله عليه وسلم : " العبد إذا وضع في قبره ، و تولى و ذهب
أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه ، فيقولان له .. " الحديث
رواه البخاري فليس فيه إلا السماع في حالة إعادة الروح إليه ليجيب على سؤال
الملكين كما هو واضح من سياق الحديث .
و نحوه قوله صلى الله عليه وسلم لعمر حينما سأله عن مناداته لأهل قليب بدر : "
ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " هو خاص أيضا بأهل القليب ، و إلا فالأصل أن
الموتى لا يسمعون ، و هذا الأصل هو الذي اعتمده عمر رضي الله عنه حين قال للنبي
صلى الله عليه وسلم : إنك لتنادي أجسادا قد جيفوا ، فلم ينكره الرسول صلى الله
عليه وسلم بل أقره ، و إنما أعلمه بأن هذه قضية خاصة ، و لولا ذلك لصحح له ذلك
الأصل الذي اعتمد عليه ، و بين له أن الموتى يسمعون خلافا لما يظن عمر ، فلما
لم يبين له هذا ، بل أقره عليه كما ذكرنا ، دل ذلك على أن من المقرر شرعا أن
الموتى لا يسمعون . و أن هذه قضية خاصة .
و بهذا البيان ينسد طريق من طرق الضلال المبين على المشركين و أمثالهم من
الضالين ، الذين يستغيثون بالأولياء و الصالحين و يدعونهم من دون الله ، زاعمين
أنهم يسمعونهم ، والله عز وجل يقول : *( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ، و لو
سمعوا ما استجابوا لكم ، و يوم القيامة يكفرون بشرككم و لا ينبئك مثل خبير )* .
و راجع لتمام هذا البحث الهام مقدمتي لكتاب " الآيات البينات في عدم سماع
الأموات عند الحنفية السادات " للآلوسي .

(3/146)


1148 - " أربع من سعادة المرء : زوجة صالحة ، و ولد أبرار ، و خلطاء صالحون ، و معيشة
في بلده " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/286 ) :

موضوع .
أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " ( 1/1/166 - مختصره للحافظ ابن حجر ) منة
طريق سهل بن عامر البجلي : حدثنا عمرو بن [ جميع ] عن عبد الله بن الحسن بن
الحسن عن أبيه عن جده مرفوعا .
قلت : و هذا موضوع ، و له آفتان :
الأولى : عمرو بن جميع كذبه ابن معين ، و قال الدارقطني و جماعة :
" متروك " .
و قال ابن عدي :
" كان يتهم بالوضع " .
و قال البخاري :
" منكر الحديث " .
و الأخرى : سهل بن عامر البجلي ، كذبه أبو حاتم . و قال البخاري :
" منكر الحديث " .
و قال ابن أبي حاتم ( 4/1/202 ) عن أبيه :
" ضعيف الحديث ، روى أحاديث بواطيل ، أدركته بالكوفة ، و كان يفتعل الحديث " .

(3/147)


1149 - " لا يحل أكل لحوم الخيل و البغال و الحمير " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/286 ) :

منكر .
أخرجه أبو داود ( 3790 ) و النسائي ( 2/199 ) و ابن ماجه ( 3198 ) و الطحاوي في
" شرح المعاني " ( 2/322 ) و البيهقي ( 9/328 ) و أحمد ( 4/89 ) و العقيلي في "
الضعفاء " ( ص 188 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( رقم 3862 ) و الواحدي
في " الوسيط " ( 2/127/2 ) كلهم من طرق عن بقية بن الوليد : حدثني ثور بن يزيد
عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال العقيلي :
" صالح بن يحيى فيه نظر . و قد روي عن جابر قال : أطعمنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم لحوم الخيل ، و نهانا عن لحوم البغال و الحمير . و روي عن أسماء ابنة
أبي بكر قالت : ذبحنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه .
و إسنادهما أصلح من هذا الإسناد " .
و قال البيهقي :
" فهذا إسناد مضطرب ، و مع اضطرابه مخالف لحديث الثقات " .
ثم روى عن موسى بن هارون أنه قال :
" لا يعرف صالح بن يحيى و لا أبوه إلا بجده ، و هذا ضعيف " .
قلت : فللحديث أربع علل :
الأولى : ضعف صالح بن يحيى كما أشار إلى ذلك البخاري بقوله فيه :
" فيه نظر " .
أو أنه مجهول كما يشعر كلام موسى بن هارون المذكور ، و هو الذي جزم به الذهبي
في " الضعفاء " . و قال الحافظ في " التقريب " :
" لين " .
و أما ابن حبان فأورده في " أتباع التابعين " من " الثقات " ! و اغتر به الحافظ
المنذري فقال في " الترغيب " ( 3/134 ) :
" و في صالح بن يحيى كلام قريب لا يقدح " !
الثانية : جهالة يحيى بن المقدام بن معدي ، كما في كلام موسى بن هارون المتقدم
، و اعتمده الذهبي ، فقال في " الميزان " :
" لا يعرف إلا برواية ولده صالح عنه " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" مستور " .
الثالثة : الاضطراب الذي أشار إليه البيهقي و بينه بقوله :
" و رواه محمد بن حمير عن ثور عن صالح أنه سمع جده المقدام . و رواه عمر بن
هارون البلخي عن ثور عن يحيى بن المقدام عن أبيه عن خالد " .
و محمد بن حمير ثقة و قد تابعه سليمان بن سليم أبو سلمة و هو ثقة أيضا ، عن
صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام عن خالد قال :
" غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر .. الحديث ، و فيه : و حرام
عليكم لحوم الحمر الأهلية و خيلها و بغالها .. " .
أخرجه أحمد .
و متابعة أبي سلمة عند الطبراني ( 3827 ) ، لكنه قال : عن صالح عن أبيه عن جده
عن خالد . يعني مثل إسناد ثور بن يزيد برواية بقية عنه .
نعم رواه سعيد بن غزوان عن صالح عن جده عن خالد ..
رواه الطبراني ( 3828 ) .
الرابعة : النكارة و المخالفة كما تقدم في كلام البيهقي . و يعني بذلك أمرين
اثنين :
الأول : قوله عن خالد : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم و أنه صلى الله
عليه وسلم قال الحديث في هذه الغزوة . قال الحافظ في " الفتح " ( 9/561 ) :
" و تعقب بأنه شاذ منكر ، لأن في سياقه أنه شهد خيبر ، و هو خطأ ، فإنه ( يعني
خالدا ) لم يسلم إلا بعدها على الصحيح ، و الذي جزم به الأكثر أن إسلامه كان
سنة الفتح .. ، و أعل أيضا بأن في السند راويا مجهولا " .
و الآخر : أنه صح برواية الثقات أنه صلى الله عليه وسلم رخص في لحوم الخيل .
أخرجه الشيخان و غيرهما من حديث جابر بن عبد الله ، و له عنه طرق و ألفاظ
ذكرتها في " الصحيحة " فلتطلب من هناك .
و أما ما روى عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال :
" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر و الخيل و البغال " .
فقد أورده الحافظ في " الفتح " من رواية الطحاوي و أبي بكر الرازي و ابن جزم ،
و قال الحافظ :
" قال الطحاوي : و أهل الحديث يضعفون عكرمة بن عمار . قلت : لا سيما في يحيى بن
أبي كثير ، فإن عكرمة و إن كان مختلفا في توثيقه ، فقد أخرج له مسلم ، لكن إنما
أخرج له من غير روايته عن يحيى بن أبي كثير ، و قد قال يحيى بن سعيد القطان :
أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير ضعيفة . و قال البخاري : حديثه عن يحيى مضطرب ..
و على تقدير صحة هذه الطريق ، فقد اختلف على عكرمة فيها ، فإن الحديث عند أحمد
و الترمذي من طريقه ليس فيه للخيل ذكر ، و على تقدير أن يكون الذي زاده حفظه ،
فالروايات المتنوعة عن جابر المفصلة بين لحوم الخيل و الحمر في الحكم ، أظهر
اتصالا ، و أتقن رجالا و أكثر عددا " .
ثم ذكر أن الطبري أخرجه من طريق يحيى بن أبي كثير أيضا عن رجل من أهل حمص قال :
كنا مع خال فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الأهلية
و خيلها و بغالها . و قال :
" و أعل بتدليس يحيى و إبهام الرجل " .
قلت : و أنا أظن أن هذا الرجل هو يحيى بن المقدام بن معدي كرب المتقدم في
الطريق الأولى فإنه حمصي و هو مجهول كما سبق ، فلا يذهبن و هل أحد إلى أنه يمكن
تقوية تلك الطريق بطريق الطبري هذه ، لأن مدارهما على مجهول . والله أعلم .

(3/148)


1150 - " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ، قلت : يا رسول الله و ما رياض الجنة ؟ قال :
المساجد ، قلت : و ما الرتع يا رسول الله ؟ قال : سبحان الله ، و الحمد لله ،
و لا إله إلا الله ، و الله أكبر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/289 ) :

ضعيف .
أخرجه الترمذي ( 2/265 ) من طريق يزيد بن حبان أن حميد المكي مولى ابن علقمة
حدثه أن عطاء بن أبي رباح حدثه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم . و قال الترمذي :
" حديث حسن غريب " .
كذا قال ! و حميد المكي قال البخاري كما في " الميزان " :
" لا يتابع على حديثه " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" مجهول " .
قلت : فأنى لحديثه الحسن ؟ !
و يزيد بن حبان ، كذا في النسخة المطبوعة من " الترمذي " في بولاق ، و أظنه
محرفا ، و الصواب : زيد بن حبان ، فإنهم لم يذكروا غيره في ترجمة حميد المكي .
والله أعلم .
و زيد بن الحباب من رجال مسلم ، و فيه خلاف ، قال الحافظ :
" صدوق يخطىء في حديث الثوري " .
و قد روي الحديث من طريق أخرى و هي مع ضعفها فإنه مختصر و لفظه :
" إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ، قالوا : و ما رياض الجنة ؟ قال : حلق الذكر
" .
أخرجه الترمذي ( 2/265 ) و أحمد ( 3/150 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 329/1 )
من طريق محمد بن ثابت البناني قال : حدثني أبي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال الترمذي :
" حديث حسن غريب من حديث ثابت عن أنس " .
قلت : و القول فيه كالذي قبله ، فإن محمد بن ثابت البناني متفق على تضعيفه و قد
تفرد به عن أبيه ، فقال ابن عدي عقبه و قد ساق له أحاديث أخرى :
" و هذه الأحاديث مع غيرها مما لم أذكره عامتها مما لا يتابع محمد بن ثابت عليه
" .
و أورده الذهبي في " الميزان " فقال :
" قال البخاري : فيه نظر ، و قال ابن معين : ليس بشيء ، و قال النسائي ضعيف " .
ثم ساق له مما أنكر عليه حديثين ، هذا أحدهما .
و قد وجدت له طريقا أخرى عن أنس ، و لكنها واهية ، لأنها من رواية زائدة بن أبي
الرقاد : حدثنا زياد النميري عن أنس به .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 6/268 ) .
قلت : و هذا إسناد واه ، و له علتان : زياد النميري و زائدة بن أبي الرقاد قال
الذهبي في " الميزان " :
" ضعيفان " .
و قال الحافظ في الأول منهما :
" ضعيف " .
و في الآخر :
" منكر الحديث " .
و بهذا جرحه البخاري ، و هو بهذا التعبير عنده يعني أنه متهم . و قد قال
النسائي :
" ليس بثقة " .
و وجدت له شاهدا من حديث ابن عمر به .
أخرجه أبو نعيم أيضا ( 6/354 ) : حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الله
المقدسي : حدثنا محمد بن عبد الله بن عامر : حدثنا قتيبة بن سعيد : حدثنا مالك
عن نافع عن سالم عنه . و قال :
" غريب من حديث مالك ، لم نكتبه إلا من حديث محمد بن عبد الله بن عامر " .
قلت : و لم أعرفه ، و أخشى أن يكون قد وقع في اسمه تحريف .
و شيخ أبي نعيم علي بن أحمد بن عبد الله المقدسي لم أجد له ترجمة ، و هو على
شرط ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ، و لكنه لم يورده .
ثم وجدت لحديث أبي هريرة المختصر شاهدا من حديث جابر في مستدرك الحاكم ، و لذلك
أخرجته في " الصحيحة " برقم ( 2562 ) .

(3/149)


1151 - " الحزم سوء الظن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/291 ) :

ضعيف جدا .
رواه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 3/2 ) عن أبي الحسن علي بن الحسين بن بندار
بن خير قال : نا الحسين بن عمر بن مودود قال : أنا أبو التقى قال : نا بقية بن
الوليد قال : نا الوليد بن كامل عن نصر بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ مرفوعا
قلت : و كتب بعض المحدثين - و لعله ابن المحب - تحته بقوله :
" مرسل و الوليد ضعيف " .
قلت : و علي بن الحسن بن بندار قال الذهبي :
" اتهمه محمد بن طاهر " .
و في " اللسان " :
" قال عبد العزيز النخشبي : لا تحل الرواية عنه إلا على وجه التعجب " .
و رواه الحربي في " الغريب " ( 5/212/1 ) عن جرير عن الحكم بن عبد الله : كانت
العرب تقول :
" العقل التجارب ، و الحزم سوء الظن " .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي الشيخ عن علي ،
و القضاعي عن عبد الرحمن بن عائذ .
أما إسناد القضاعي فقد بينا أنه واه جدا ، و ذكر نحوه المناوي متعقبا على
العامري الذي قال في شرحه : " صحيح " !
و أما إسناد أبي الشيخ ، فلم يتكلم عليه المناوي بشيء ! و فيه علتان :
الأولى : الوقف على علي . كذلك ذكره الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (
رقم 32 ) من رواية أبي الشيخ و من طريقه الديلمي . بل كذلك أورده السيوطي نفسه
في " الدرر " عن علي موقوفا ، و هو في " كشف الخفاء " ( رقم 1129 ) . فما كان
ينبغي له أن يورده في " الجامع الصغير " لأنه خاص بالأحاديث المرفوعة كما يدل
عليه تمام اسم كتابه : " من أحاديث البشير النذير " .
و الأخرى : الضعف الشديد أيضا ، فقد قال السيوطي نفسه في المصدر السابق :
" رواه أبو الشيخ بسند واه جدا عن علي موقوفا " !
و ضعفه السخاوي أيضا ، و لكنه لم يصرح بضعفه الشديد كما فعل السيوطي و ذلك منه
تقصير ، لأنه قد يغتر بعضهم باقتصاره على التضعيف ، فيظن أنه من النوع الذي
ينجبر ضعفه بمجيئه من طرق أخرى ! بل ذلك ما وقع فيه السخاوي نفسه ، فإنه قد قال
بعد أن ساق هذه الطرق و الطريق الآتية عن ابن عباس :
" و كلها ضعيفة ، و بعضها يتقوى ببعض " .
فأقول : إن هذه التقوية غير جارية على قواعد علم الحديث ، لأن شرطها أن لا يشتد
ضعف مفردات الطرق ، و هذا مفقود هنا كما تقدم بيانه . زد على ذلك أن الحديث
مخالف للنصوص الصحيحة كما سبق ذكره تحت الحديث : " احترسوا من الناس بسوء الظن
" رقم ( 156 ) .
ثم رأيت الحديث في " مسند الفردوس " للديلمي ( ص 109 - مصورة الجامعة ) فإذا
فيه - مع وقفه - هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، و هو متروك .
و أما حديث ابن عباس المشار إليه ، فلفظه :
" من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته " .

(3/150)


1152 - " من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/293 ) :

باطل .
رواه تمام في " الفوائد " ( 14/1/2 ) و ابن عساكر ( 16/149/2 ) عن أبي العباس
محمود بن محمد بن الفضل الواقفي : حدثني أبو عبد الله أحمد بن أبي غانم الواقفي
: نا الفريابي عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا .
أورده ابن عساكر في ترجمة أبي العباس هذا و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
و شيخه أحمد بن أبي غانم الواقفي لم أجد من ذكره ، و اسم أبيه ( بزيع ) كما ذكر
ابن عساكر في ترجمة أبي العباس هذا .
و الحديث مع ضعف سنده فإنه باطل عندي لأنه يضمن الحض على إساءة الظن بالناس ،
و هذا خلاف المقرر في الشرع أن الأصل إحسان الظن بهم .

(3/151)


1153 - " اللهم إنك لست بإله استحدثناه ، و لا برب ابتدعناه ، و لا كان لنا قبلك من
إله يلجأ إليه و نذرك ، و لا أعانك على خلقنا أحد فنشركه فيك ، تباركت و تعاليت
. قال صلى الله عليه وسلم : هكذا كان داود عليه السلام يقول " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/294 ) :

موضوع
رواه الطبراني ( رقم - 7300 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 1/155 و 373 و 6/47 )
عنه و عن غيره و الحاكم ( 3/401 ) و ابن عساكر ( 5/359/1 ) عن عمرو بن الحصين :
نا فضيل بن سليمان النميري عن موسى بن عقبة عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن
عبد الرحمن بن مغيث عن كعب قال : أخبرني صهيب أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، آفته عمرو بن الحصين ، قال الخطيب :
" كذاب " .
و قال الذهبي في " الضعفاء " :
" تركوه " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" متروك " .
و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 10/179 ) :
" رواه الطبراني ، و فيه عمرو بن الحصين العقيلي و هو متروك " .
و نقله المناوي عنه ، و لم يزد عليه .
قلت : و فوقه ثلاث علل أخرى :
الأولى : فضيل بن سليمان النميري . أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" قال ابن معين : ليس بثقة ، و قال أبو زرعة : ليس الحديث . و قال النسائي :
ليس بالقوي ، و وثقه مسلم " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق له خطأ كثير " .
و الثانية : أبو مروان والد عطاء و ليس بالمعروف كما قال النسائي .
و الثالثة : عبد الرحمن بن مغيث مجهول كما في " التقريب " .
و عمرو بن الحصين تابعه عند أبي نعيم عمرو بن مالك الراسبي ، و هذه متابعة لا
تجدي ، لأن الراسبي هذا قال فيه ابن عدي :
" يسرق الحديث " .
قلت : و تركه أبو زرعة ، فلا يبعد أن يكون سرقه من عمرو بن الحصين .
و روى الحاكم ( 2/619 - 620 ) من طريق اليمان بن سعيد المصيصي : حدثنا يحيى بن
عبد الله المصري : حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن عبد الله
ابن عمر قال :
" كنا جلوسا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل أعرابي جهوري بدوي يماني
على ناقة حمراء ، فأناخ بباب المسجد ، فدخل فسلم ، ثم قعد ، فقالوا : يا
رسول الله ! إن الناقة التي تحت الأعرابي سرقة ، قال : أثم بينة ؟ قالوا : نعم
يا رسول الله ، قال : يا علي خذ حق الله من الأعرابي إن قامت عليه البينة ،
و إن لم تقم فرده إلي ، قال : فأطرق الأعرابي ساعة ، فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم : قم يا أعرابي لأمر الله و إلا فأدل بحجتك ، فقالت الناقة من خلف
الباب : والذي بعثك بالكرامة يا رسول الله إن هذا ما سرقني ، و لا ملكني أحد
سواه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا أعرابي بالذي أنطقها بعذرك ما
الذي قلت ؟ قال : قلت : اللهم إنك لست برب استحدثناه ، و لا معك إله أعانك على
خلقنا ، و لا معك رب فنشك في ربوبيتك ، أنت ربنا كما نقول ، و فوق ما يقول
القائلون ، أسألك أن تصلي على محمد ، و أن تبرئني ببراءتئ ، فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : والذي بعثني بالكرامة يا أعرابي لقد رأيت الملائكة
يبتدرون أفواه الأزقة يكتبون مقالتك ، فأكثر الصلاة علي " .
و قال الحاكم :
" رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات ، و يحيى بن عبد الله المصري هذا لست أعرفه
بعدالة و لا جرح " .
و تعقبه الذهبي بقوله :
" قلت : هو الذي اختلقه " .
و قال في ترجمته من " الميزان " :
" ... عن عبد الرزاق فذكر حديثا باطلا بيقين ، فلعله افتراه " .
و أقره الحافظ في " اللسان " و زاد : أن الحديث أورده الحاكم و قال :
" و هذا موضوع على الإسناد المذكور ، و قد أخرجه الطبراني في " الدعاء " من
طريق سعيد بن موسى الأزدي الحمصي عن الثوري عن عمرو بن دينار عن نافع عن ابن
عمر رضي الله عنهما فذكر نحوه بطوله ، و اليمان ضعيف كما سيأتي في ترجمته ،
و هو بسعيد أشبه ، فلعله انقلب على اليمان ، و سعيد تقدم أنه متهم بالوضع " .

(3/152)


1154 - " من سأل القضاء وكل إلى نفسه ، و من أجبر عليه ينزل الله عليه ملكا فيسدده " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/296 ) :

ضعيف
أخرجه أبو داود ( 3578 ) و الترمذي ( 1/248 ) و الحاكم ( 4/92 ) و البيهقي (
10/100 ) و أحمد ( 3/118 و 220 ) من طرق عن إسرائيل عن عبد الأعلى عن بلال بن
أبي موسى عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و قال الترمذي :
" هذا حديث حسن غريب " و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .
كذا ، و عبد الأعلى هذا هو ابن عامر الثعلبي ضعيف ، أورده الذهبي نفسه في "
الضعفاء " و قال :
" ضعفه أحمد و أبو زرعة " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق يهم " .
قلت : و مع ضعفه ، فقد اضطرب في إسناد هذا الحديث ، فرواه إسرائيل عنه كما تقدم
و قال أبو عوانة : عن عبد الأعلى عن بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة البصري عن
أنس .
علقه أبو داود ، و وصله البيهقي و الترمذي و قال :
" هو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى " .
قلت : كأنه يعني أن أبا عوانة و اسمه الوضاح بن عبد الله اليشكري ، أحفظ من
إسرائيل و هو ابن يونس بن أبي إسحاق ، و لست أشك في ذلك ، و لكن عبد الأعلى هذا
ليس بالحافظ الضابط ; حتى إذا اختلف عليه في الإسناد صرنا إلى الترجيح ! كلا ،
بل الصواب أن نجعل اختلاف الثقات عليه دليلا على ضعفه هو ، و أنه لم يضبط
الإسناد . والله أعلم .

(3/153)


1155 - " من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يجعل نفسه موضع التهمة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/297 ) :

ضعيف جدا
رواه أبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " ( 90 - 91 ) عن أحمد بن عمار : حدثنا
مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، ابن عمار هذا قال الدارقطني فيه :
" متروك " .
و قد مضى له حديث آخر برقم ( 550 ) .
و الحديث مما لم يطلع عليه الحافظ السيوطي فلم يذكره في " جامعيه " " الصغير "
و " الكبير " !! و كذا فات على المناوي في " الجامع الأزهر " !

(3/154)


1156 - " إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة ، و ادناهم منه مجلسا إمام عادل ، و أبغض
الناس إلى الله و أبعدهم منه مجلسا إمام جائر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/297 ) :

ضعيف
أخرجه الترمذي ( 1/249 ) و أحمد ( 3/22 ) عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي
سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم - 1591 و 4770 ) و عنه أبو نعيم
في " الحلية " ( 10/114 ) و السلفي في " الطيوريات " ( ق 177/1 ) من طريق محمد
ابن جحادة عن عطية به مختصرا بلفظ :
" أشد الناس عذابا يوم القيامة إمام جائر " .
و قال الترمذي :
" حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه " .
كذا قال ! و عطية هو ابن سعد العوفي ضعيف مدلس كما سبق بيانه عند الحديث ( 24 )
.

(3/155)


1157 - " أفضل الناس عند الله منزلة يوم القيامة إمام عدل رفيق ، و شر عباد الله منزلة
يوم القيامة إمام جائر خرق " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/298 ) :

ضعيف
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1/200/2 ) : نا أحمد بن رشدين : حدثنا
يحيى بن بكير : حدثنا ابن لهيعة : حدثني محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ عن
أبيه عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره و قال :
" لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به ابن لهيعة " .
قلت : و هو ضعيف . لكن ابن رشدين أشد ضعفا منه و هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن
رشدين بن سعد أبو جعفر المصري قال الذهبي في " الميزان " :
" قال ابن عدي : كذبوه ، و أنكرت عليه أشياء . قلت فمن أباطيله .. " .
ثم ساق له حديثا في فضل الحسن و الحسين .
و قد ذهل عن هذه العلة الحافظ المنذري في " الترغيب " ( 3/136 ) ، ثم الهيثمي
في " المجمع " ( 5/197 ) فاقتصرا على إعلال الحديث بابن لهيعة فقط ، فقال الأول
:
" و حديثه حسن في المتابعات " .
و قال الآخر :
" و حديثه حسن ، و فيه ضعف " !

(3/156)


1158 - " يجاء بالأمير الجائر يوم القيامة ، فتخاصمه الرعية ، يتفلجون عليه ، فيقال له
: سد عنا ركنا من أركان جهنم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/298 ) :

منكر
أخرجه البزار ( 178 - زوائد ابن حجر ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 29/2 )
و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1/140 ) عن حيان بن أغلب بن تميم حدثنا أبي
عن ثابت عن أنس مرفوعا .
أورده ابن عدي في ترجمة الأغلب هذا مع أحاديث أخرى و قال :
" عامتها غير محفوظة ، إلا أنه من جملة من يكتب حديثه " .
و روى عن ابن معين أنه قال فيه :
" ليس بشيء " .
و عن البخاري أنه قال :
" منكر الحديث " .
و الحديث أورده المنذري و قال ( 3/136 ) :
" رواه البزار ، و هذا الحديث مما أنكر على أغلب بن تميم " .
قلت : و ابنه حبان بفتح أوله قال أبو حاتم :
" ضعيف الحديث " .

(3/157)


1159 - " إن أشد أهل النار عذابا يوم القيامة من قتل نبيا أو قتله نبي ، و إمام جائر ،
و هؤلاء المصورون " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/299 ) :

ضعيف
رواه الطبراني ( 3/81/1 ) عن عمر بن خالد المخزومي : نا أبو نباتة يونس بن يحيى
عن عباد بن كثير عن ليث بن أبي سليم عن طلحة بن مصرف عن خيثمة بن عبد الرحمن عن
عبد الله بن مسعود مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و له علتان :
الأولى : ليث بن أبي سليم ، ضعيف لاختلاطه .
الأخرى : عباد بن كثير ، فإن كان الثقفي البصري فهو متهم . قال الحافظ في "
التقريب " :
" متروك ، قال أحمد : روى أحاديث كذب " .
و إن كان الرملي الفلسطيني - و هو الأرجح عندي أو الذي يغلب على ظني - فهو ضعيف
، قال الحافظ :
" ضعيف ، قال ابن عدي : هو خير من عباد الثقفي " .
و ذهل عنه المنذري فاقتصر في إعلاله على الأول ، فقال في " الترغيب " ( 3/136 )
:
" رواه الطبراني ، و رواته ثقات إلا ليث بن أبي سليم و في " الصحيح " بعضه ،
و رواه البزار بإسناد جيد إلا أنه قال : و إمام ضلالة " .
قلت : هو في " المسند " أيضا للإمام أحمد بهذا اللفظ ، و من أجله خرجته في "
الأحاديث الصحيحة " رقم ( 281 ) لأن ثمة فرقا ظاهرا بين اللفظين كما لا يخفى .
و في المصورتين و أنهم أشد الناس عذابا - حديث آخر صحيح ، فانظره في " تخريج
الحلال " ( 121 ) .

(3/158)


1160 - " لا يقبل الله صلاة إمام حكم بغير ما أنزل الله عز وجل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/300 ) :

ضعيف جدا
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 220 ) و الباغندي في " مسند عمر " ( ص 120 )
و عنه المقدسي في " المختارة " ( 103/2 ) عن يونس بن موسى : كديم قال : حدثنا
الحسن بن حماد الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن محمد العدوي قال : سمعت عمر بن
عبد العزيز يقول على المنبر : حدثني عبادة بن عبادة بن عبد الله عن طلحة بن
عبد الله مرفوعا و قال العقيلي :
" حديث غير محفوظ ، و العدوي لا يصح حديثه " .
قلت : قال البخاري في " الضعفاء الصغير " ( ص 20 ) :
" منكر الحديث " .
و نحوه في " التاريخ الصغير " له ( ص 175 ) .
و قال وكيع :
" يضع الحديث " .
و قال ابن حبان :
" لا يجوز الاحتجاج بخبره " .
ذكره الذهبي و ساق له حديثين هذا أحدهما .
قلت : و يونس بن موسى هو والد محمد الكديمي الكذاب ، و لم أجد له ترجمة الآن ،
إلا أنه لم يتفرد به ، فقال الحاكم في " المستدرك " ( 4/89 ) :
" أخبرني أبو النضر الفقيه و محمد بن الحسن الشامي قالا : حدثنا الحسن بن حماد
الكوفي به " . و قال :
" هذا حديث صحيح الإسناد " .
و رده الذهبي بقوله :
" قلت : سنده مظلم ، و فيه عبد الله بن محمد العدوي متهم " .
و قال في " الضعفاء " :
" كان يضع الحديث " .
( تنبيه ) : أورد المنذري في " الترغيب " ( 3/136 ) هذا الحديث من رواية الحاكم
بلفظ :
" إمام جائر " . و أعله بالعدوي .
و لم أره عند الحاكم إلا باللفظ المذكور أعلاه . فالله أعلم .

(3/159)


1161 - " لا يولد بعد سنة مائة مولود لله فيه حاجة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/301 ) :

موضوع
أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 7283 ) : حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور
الجوهري و محمد بن جعفر بن أعين قالا : حدثنا خالد بن خداش : حدثنا حماد بن زيد
عن أيوب عن الحسن عن صخر بن قدامة قال : فذكره مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و متن موضوع ، و علته صخر بن قدامة هذا ، فإنه لا
يعرف إلا في هذا الحديث ، و لم يورده البخاري في " التاريخ " و لا ابن أبي حاتم
في " الجرح و التعديل " و لا ابن حبان في " الثقات " فإنه على شرطه !
و ثمة علة أخرى و هي عنعنة البصري ، فإنه كان مدلسا ، و يبدو لي أن الآفة ممن
حدثه عن صخر ; فإن هذا قد أنكر الحديث لما سئل عنه ، فقد أخرجه ابن شاهين عن
خالد له . و زاد في آخره :
" قال أيوب : فلقيت صخر بن قدامة فسألته عنه فقال : لا أعرفه " !
ذكره الحافظ في " الإصابة " و قال :
" قال ابن منده : صخر بن قدامة مختلف في صحبته . قلت : لم يصرح بسماعه من النبي
صلى الله عليه وسلم ، و لم يصرح الحسن بسماعه منه ، فهذه علة أخرى لهذا الخبر "
قلت : فإن ثبتت عدالته ، فالمتهم به الواسطة بينه و بين الحسن البصري ، لأنه إن
كان عدلا ، فيبعد أن يكون حدث ثم ينكره . فتأمل .
و قد خفيت هذه العلة الأولى على ابن الجوزي ، فإنه أورد الحديث في " الموضوعات
" ( 3/192 ) عن خالد بن خداش دون أن يعزوه لأحد ، ثم قال :
" قال أحمد بن حنبل : ليس بصحيح . قلت : فإن قيل : فإسناده صحيح ، فالجواب : إن
العنعنة تحتمل أن يكون أحدهم سمعه من ضعيف أو كذاب ، فأسقط اسمه ، و ذكر من
رواه له عنه بلفظ ( عن ) . و كيف يكون صحيحا و كثير من الأئمة و السادة ولدوا
بعد المائة " .
و أشار الذهبي إلى أن علة ثالثة ، و ذلك بأن أورده في ترجمة خالد بن خداش هذا ،
و ذكر اختلاف العلماء فيه . ثم ساقه من رواية الرمادي في " تاريخه " : حدثنا
خالد بن خداش به . و عقب عليه بقوله :
" قلت : و صخر تابعي ، و الحديث منكر " .
قلت : و ما أشار إليه مما لا يلتفت إليه ، فإن خالدا هذا وثقه جماعة ، و روى له
مسلم ، و فوقه ما ذكرنا من العلل ، فالتعلق بها في إنكار الحديث هو الواجب .
و قد خفي ذلك كله على الهيثمي فقال في " المجمع " ( 8/159 ) :
" رواه الطبراني عن شيخيه أحمد بن القاسم بن مساور و محمد بن جعفر بن أعين ،
و لم أعرفهما ، و بقية رجاله رجال الصحيح " !
فأقول : ابن مساور ترجمه الخطيب في " التاريخ " ( 4/349 ) برواية جمع من الحفاظ
الثقات عنه و قال :
" و كان ثقة " .
و مثله قرينه ابن جعفر ، و هو محمد بن جعفر بن محمد بن أعين أبو بكر ، ترجمه
الخطيب أيضا ( 2/128 - 129 ) و روى عن سعيد بن يونس أنه قال :
" بغدادي قدم مصر ، و حدث بها ، و كان ثقة " .
و لذلك لما أخرج ابن شاهين الحديث من طريقه ، و قال عقبه :
" هذا حديث منكر ، و هذا البغدادي ( يعني محمدا هذا ) لا أعرفه " تعقبه الحافظ
بقوله :
" قلت : هو ثقة مشهور ، و لم يتفرد به " .
و جملة القول : إن علة الحديث الإرسال ، و جهالة المرسل ، و عنعنة الحسن البصري
. و المتن موضوع قطعا لمعارضته لأحاديث كثيرة صحيحة ، كحديث " لا تزال طائفة من
أمتي .. " بطرقه الكثيرة المخرجة في " الصحيحة " ( 270 و 403 ) و حديث : " أمتي
كالمطر لا يدرى الخير في أوله أم في آخره " و هو مخرج في " الصحيحة " 0 2286 )
مع مخالفة الحديث للواقع كما تقدم عن ابن الجوزي .
و اعلم أن الحديث وقع في جميع المصادر التي نقلت عنها بلفظ الترجمة " مائة "
إلا " الميزان " ، فهو فيه بلفظ " ستمائة " ، و كذا في " موضوعات علي القارىء "
( ص - 471 ) و وقع في " اللآلي المصنوعة " ( 2/389 ) من رواية ابن قانع بلفظ :
" المائتين " . و هو باللفظ الأول أبطل من اللفظين الآخرين . كما لا يخفى عبى
ذي عينين .

(3/160)


1162 - " إذا أقرض أحدكم قرضا فأهدي له ، أو حمله على الدابة ، فلا يركبها ، و لا
يقبله إلا أن يكون جري بينه و بينه قبل ذلك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/303 ) :

ضعيف
أخرجه ابن ماجه ( 2/81 ) : حدثنا هشام بن عمار : حدثنا إسماعيل بن عياش : حدثني
عتبة بن حميد الضبي عن يحيى بن أبي إسحاق الهنائي قال : سألت أنس بن مالك :
الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي له ؟ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
.. فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ظاهر الضعف ، فإن إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن
غير الشاميين و هذه منها لأن عتبة هذا بصري ، و هو صدوق له أوهام كما في "
التقريب " .
و له علة أخرى فقد قال في " الزوائد " :
" في إسناده عتبة بن حميد الضبي ضعفه أحمد و أبو حاتم ، و ذكره ابن حبان في "
الثقات " ، و يحيى بن أبي إسحاق لا يعرف " .
و أخرجه البيهقي ( 5/350 ) من طريق سعيد بن منصور : حدثنا إسماعيل بن عياش به
إلا أنه قال : " يزيد بن أبي يحيى " ، ثم أخرجه من طريق أخرى عن هشام به مثل
رواية ابن ماجه . ثم قال البيهقي :
" قال المعمري : قال هشام في هذا الحديث : " يحيى بن أبي إسحاق الهنائي " ،
و لا أراه إلا وهم ، و هذا حديث يحيى بن يزيد الهنائي عن أنس ، و رواه شعبة
و محمد بن دينار فوقفاه " .
قلت : و يحيى بن يزيد من رجال مسلم لكن استظهر ابن التركماني في " الجوهر النقي
" أن الحديث لابن أبي إسحاق لا لابن يزيد . و قد علمت أن ابن أبي إسحاق هذا
مجهول ، و به صرح الحافظ في " التقريب " .
و بالجملة فللحديث خمس علل :
1 - ضعف إسماعيل بن عياش .
2 - ضعف عتبة بن حميد الضبي .
3 - الاضطراب في سنده .
4 - جهالة ابن أبي يحيى .
5 - روايته موقوفا .
فالعجب من رمز السيوطي لحسنه كما نقله المناوي في " الفيض " ثم تبناه في "
التيسير " ! و أعجب منه قول العزيزي : " و هو حديث صحيح " كما نقله شارح "
الموافقات " ( 2/384 ) فإن الحديث مع هذا الضعف الذي في إسناده يعارضه حديث أبي
هريرة في " الصحيحين " و غيرهما أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأغلظ له ، فهم أصحابه به ، فقال : " دعوه ; فإن لصاحب الحق مقالا ، اشتروا له
بعيرا فأعطوه " ، قالوا : إنا نجد له سنا أفضل من سنه ، قال : " اشتروه ،
فأعطوه إياه ; فإن خيركم أحسنكم قضاء " . و أحاديث زيادته صلى الله عليه وسلم
في الوفاء و حثه على ذلك كثيرة مستفيضة أخرجها البيهقي ( 5/351 - 352 ) و بعضها
في " صحيح البخاري " .
ففي هذه الأحاديث إقراره صلى الله عليه وسلم للدائن على أخذ الزيادة التي قدمها
إليه المدين باختياره ، و حض المدين على الزيادة في الوفاء ، و قد أمر بذلك
صلى الله عليه وسلم بقوله : " من صنع إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تستطيعوا
أن تكافئوه ، فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه " . و هو مخرج في " الصحيحة
" ( 254 ) .
ثم رأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية بحثا حول هذا الحديث في " إقامة الدليل على
إبطال التحليل " ( ص 127 - 128 ) ج3 من الفتاوي ذهب فيه إلى أن الحديث حديث حسن
. و أن راويه عن أنس قال : " إنما هو - والله أعلم - يحيى بن يزيد الهنائي ،
فلعل كنية أبيه أبو إسحاق و هو ثقة من رجال مسلم ، قال : و عتبة بن أبي حميد
معروف بالرواية عن الهنائي ، قال فيه أبو حاتم : هو صالح الحديث ، و أبو حاتم
من أشد المزكين شرطا في التعديل ، و قد روى عن الإمام أحمد أنه قال : هو ضعيف
ليس بالقوي ، لكن هذه العبارة يقصد بها أنه ممن ليس يصحح حديثه ، بل هو ممن
يحسن حديثه ، و قد كانوا يسمون حديث مثل هذا ضعيفا و يحتجون به لأنه حسن ، إذ
لم يكن الحديث إذ ذاك مقسوما إلا إلى صحيح و ضعيف ، و في مثله يقول الإمام أحمد
: الحديث الضعيف خير من القياس . يعني الذي لم يقو قوة الصحيح ، مع أن مخرجه
حسن . و إسماعيل بن عياش حافظ ثقة في حديثه عن الشاميين و غيرهم ، و إنما يضعف
حديثه عن غيرهم نظر ، و هذا الرجل بصري الأصل " .
قلت : و في هذا الكلام ملاحظات ، أهمها قوله : " إن حديث إسماعيل صحيح عن
الشاميين و غيرهم ، و إنما يضعف حديثه عن الحجازيين فقط " .
و هذا عندي خطأ و الصواب العكس تماما ، أعني حديثه عن الشاميين فقط صحيح و عن
غيرهم من الحجازيين و العراقيين ضعيف و هو ما صرحت به عبارات الأئمة بعضهم
بصريح كلامهم و بعضهم بعمومه فقال ابن معين في رواية مضر بن محمد الأسدي عنه :
" إذا حدث عن الشاميين و ذكر الخبر فحديثه مستقيم ، و إذا حدث عن الحجازيين
و العراقيين خلط ما شئت " .
و قال أحمد :
" هو في الشاميين أحسن حالا مما روى عن المدينيين و غيرهم " .
و نحوه عن أبي داود . و قال ابن المديني :
" كان يوثق فيما روى عن أصحابه أهل الشام ، فأما ما روى عن غير أهل الشام ففيه
ضعف " .
و في رواية ابنه عبد الله عنه :
" خلط في حديثه عن أهل العراق " .
و قال ابن عدي :
" و حديثه عن الشاميين مستقيم و هو في الجملة ممن يكتب حديثه و يحتج به في حديث
الشاميين خاصة " <1> .
و قال الحافظ في " تهذيب التهذيب " :
" و ضعف روايته عن غير الشاميين أيضا النسائي و أبو أحمد الحاكم و البرقي
و الساجي " .
قلت : و البخاري أيضا ، و نص كلامه كما في " تاريخ بغداد " ( 6/224 ) :
" إذا حدث عن أهل بلده فصحيح ، و إذا حدث عن غير أهل بلده ففيه نظر " .
فهذه النقول عن هؤلاء الفحول تؤيد ما ذهبنا إليه ، و هو المشهور عند المشتغلين
بعلم السنة كما قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق في روايته عن أهل بلده ، مخلط في غيرهم " .
و قد أفسد جملته الأخيرة المحشي عليه حيث قال :
" مخلط في غيرهم . أي عن أهل الحجاز " .
و هذا خطأ كخطأ ابن تيمية ، و قصد الحافظ بعبارته أوسع من ذلك . و لم أجد من
سبق شيخ الإسلام إلى القول بأن حديثه عن الشاميين و غيرهم إلا الحجازيين صحيح .
و قد بين ابن حبان سبب ضعفه في غير الشاميين بقوله في " الضعفاء " ( 1/125 ) :
" كان إسماعيل من الحفاظ المتقنين في حداثته ، فلما كبر تغير حفظه ، فما حفظ
في صباه أتى به على جهته ، و ما حفظ على الكبر من حديث الغرباء غلط فيه ،
و أدخل الإسناد في الإسناد ، و ألزق المتن بالمتن و هو لا يعلم ، فمن كان هذا
نعته حتى صار الخطأ في حديثه يكثر ، خرج عن حد الاحتجاج به " .
و قد ذكر الخطيب أن إسماعيل قدم قدمتين : الأولى إلى الكوفة ، و الأخرى إلى
بغداد ، و ولاه أبو جعفر المنصور خزانة الكسوة ، و حدث بها حديثا كثيرا ، ثم
حكى أن وفاته كانت سنة إحدى أو اثنتين و ثمانين و مائة . و لكنه لم يذكر موضع
وفاته أهو بغداد أم حمص .
إذا عرفت ما سبق يتبين لك أن الحديث ضعيف الإسناد لأن شيخ إسماعيل فيه بصري غير
شامي ، و أن الشيخ ابن تيمية أخطأ في تحسينه ، كيف لا و في الحديث العلل الأخرى
؟ و الجواب عن بقية كلام الشيخ يطول و حسبنا ما تقدم .
هذا من جهة إسناد الحديث ، و أما من جهة متنه فقد ذكرت فيما تقدم أنه معارض
بحديث الصحيحين مما يؤكد ضعفه ، و لكن شيخ الإسلام رحمه الله حمله على الهدية
قبل الوفاء ، فإذا صح هذا فلا تعارض بينهما ، لكن ظاهر هذا الحديث أعم من ذلك ،
نعم ذكر الشيخ آثارا عن بعض الصحابة ، بعضها صريح بما حمل عليه الحديث ، لكن
البحث إنما هو في متن الحديث هل هو خاص بما ذكر أو هو أعم من ذلك كما يظهر لنا
؟ و قد قال الشيخ بعد تلك الآثار :
" فنهي النبي صلى الله عليه وسلم هو و أصحابه المقرض عن قبول هدية المقترض قبل
الوفاء لأن المقصود بالهدية أن يؤخر الاقتضاء و إن كان لم يشترط ذلك و لم يتكلم
به فيصير بمنزلة أن يأخذ الألف بهدية ناجزة و ألف مؤخرة و هذا ربا ، و لهذا جاز
أن يزيده عن الوفاء و يهدي له بعد ذلك لزوال معنى الربا " .
و هذا كلام فقيه ، و إنما البحث في إسناد الحديث و معناه كما تقدم . فتأمل .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و انظر كلامه في الحديث الآتي ( 1197 ) . اهـ .
1

(3/161)


1163 - " اذهبوا فأنتم الطلقاء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/307 ) :

ضعيف
رواه ابن إسحاق في " السيرة " ( 4/31 - 32 ) ، و عنه الطبري في " التاريخ " (
3/120 ) قال : فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على
باب الكعبة فقال : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، و نصر عبده
، و هزم الأحزاب وحده ، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو موضوع تحت قدمي
هاتين ، إلا سدانة البيت و سقاية الحاج ، ألا و قتيل الخطأ شبه العمد بالسوط
و العصا ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها ، يا
معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية و تعظمها بالآباء ، الناس من آدم
، و آدم من تراب . ثم تلا هذه الآية : *( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر
و أنثى )* الآية كلها . ثم قال :
يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم ؟ قالوا : خيرا أخ كريم و ابن أخ كريم ،
قال : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ، ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في
المسجد فقام إليه علي بن أبي طالب و مفتاح الكعبة في يده فقال : يا رسول الله !
اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : أين عثمان بن طلحة ؟ فدعي له فقال : هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر
و وفاء " .
و نقله الحافظ ابن كثير في " البداية و النهاية " ( 4/300 - 301 ) ساكتا عليه .
و هذا سند ضعيف مرسل . لأن شيخ ابن إسحاق فيه لم يسم ، فهو مجهول . ثم هو ليس
صحابيا ، لأن ابن إسحاق لم يدرك أحدا من الصحابة ، بل هو يروي عن التابعين
و أقرانه ، فهو مرسل أو معضل .

(3/162)


1164 - " أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/308 ) :

موضوع
رواه البيهقي في " الزهد الكبير " ( 29/2 ) عن محمد بن عبد الرحمن بن غزوان :
حدثنا إسماعيل بن عياش عن حنش السرجي عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، ابن غزوان كذاب معروف ، قال الذهبي :
" حدث بوقاحة عن مالك و شريك و ضمام بن إسماعيل ببلايا . قال الدارقطني و غيره
: كان يضع الحديث . و قال ابن عدي : له عن ثقات الناس بواطيل " .
و به أعله العراقي في " تخريج الإحياء " فقال ( 3/4 ) :
" أحد الوضاعين " .
و إسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين و هذا منه .
و حنش و اسمه الحسين متروك .
و الحديث مما فات السيوطي في " الجامع الكبير " و المناوي في " الجامع الأزهر "
.

(3/163)


1165 - " أنت على ثغرة من ثغر الإسلام ، فلا يؤتين من قبلك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/309 ) :

لم أجده بهذا اللفظ
لكن أوقفني بعض الإخوان - جزاه الله خيرا - على ما في كتاب " السنة " للمروزي (
ص 8 ) رواه بسند صحيح عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد مرفوعا بلفظ :
" كل رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام ، الله الله ، لا يؤتى الإسلام
من قبلك " .
قلت : فهذا بمعناه ، لكن فيه علتان :
الأولى : الإرسال ، فإن ابن مرثد هذا تابعي له مراسيل كما في " التقريب " .
و الأخرى : الوضين بن عطاء ، فإنه مختلف فيه ، و قد جزم الحافظ بأنه سيء الحفظ
، فيخشى أن يكون أخطأ في رفعه ، فقد عقبه المروزي بروايتين موقوفتين على
الأوزاعي و الحسن بن حي ، و فيهما ضعف . والله أعلم .
و نحوه قوله صلى الله عليه وسلم :
" استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه و لا يغرن من قبلك الليلة " .
و هو صحيح كما بينته في " السلسلة الصحيحة " ( 378 ) .

(3/164)


1166 - " من مات فقد قامت قيامته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/309 ) :

ضعيف
قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4/56 - طبع الحلبي ) :
" رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الموت " من حديث أنس بسند ضعيف " .
و من حديثه رواه العسكري و الديلمي كما في " المقاصد الحسنة " ( ص 75 و 428 )
بلفظ : " إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته " .
و سكت عليه !

(3/165)


1167 - " لقد أصبح ابن مسعود و أمسى كريما " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/310 ) :

ضعيف
أخرجه ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم : أخبرني [ إبراهيم بن ] ميسرة قال :
بلغني أن ابن مسعود مر بلهو معرضا ، فلم يقف ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم .. فذكره كما في " تفسير ابن كثير " و زاد : " ثم تلا إبراهيم بن ميسرة :
*( و إذا مروا باللغو مروا كراما )* " .
و كذا رواه ابن عساكر كما في " الدر المنثور " ( 5/80/81 ) ، و الزيادة منه ،
و هي في " ابن كثير " أيضا في رواية أخرى ساقها قبل هذه .
و هذا إسناد ضعيف ، إبراهيم بن ميسرة تابعي ثقة ، فهو مرسل . و محمد بن مسلم
و هو الطائفي صدوق يخطيء كما في " التقريب " . و الحديث مما صححه الحلبيان في
مختصرهما لابن كثير . هداهما الله عز وجل .

(3/166)


1168 - " من أسرج في مسجد من مساجد الله بسراج ، لم تزل الملائكة و حملة العرش
يستغفرون له ; ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/310 ) :

موضوع
رواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في " كتاب العرش " ( 111/1 - 2 ) : حدثنا أبو
يعقوب الكاهلي : نا مهاجر بن كثير الأسدي أبو عامر : حدثنا الحكم بن مصقلة عن
أنس بن مالك مرفوعا .
و رواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " ( ص 31 من زوائده ) : حدثنا إسحاق بن
بشر : حدثنا أبو عامر الأسدي مهاجر بن كثير به .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، و فيه آفات :
الأولى : الحكم بن مصقلة ، قال الذهبي :
" قال الأزدي : كذاب . و قال البخاري : " عنده عجائب " . ثم ذكر له حديثا
موضوعا ، لكن فيه إسحاق بن بشر فهو الآفة ... " .
قلت : ثم ساق له هذا الحديث .
الثانية : مهاجر بن كثير . قال أبو حاتم و الأزدي :
" متروك الحديث " .
الثالثة : إسحاق بن بشر و هو أبو يعقوب الكاهلي الذي في سند ابن أبي شيبة و هو
كذاب عند جماعة ، و قال الدارقطني :
" هو في عداد من يضع الحديث " .
( تنبيه ) : لم يقف شيخ الإسلام ابن تيمية على هذا الإسناد ، فقد ذكر الحديث في
" الفتاوى " ( 2/198 ) و قال :
" لا أعرف له إسنادا عن النبي صلى الله عليه وسلم " .
فقد عرفنا إسناده ، و بينا حاله ، و منه علمنا أنه كلا إسناد !
و قد جاء بإسناد آخر ، و لكنه لا يغني شيئا ، و هو :
" من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في السراج قطرة " .

(3/167)


1169 - " من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في السراج قطرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/311 ) :

موضوع
رواه أبو الحسن الحمامي في " الفوائد المنتقاة " ( 9/206/2 ) : حدثنا محمد بن
العباس بن الفضل : حدثنا سنان بن محمد بن طالب : حدثنا عبد الله بن أيوب :
حدثنا أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا .
و قال أبو الفتح بن أبي الفوارس :
" هذا حديث غريب من حديث يحيى بن أبي كثير ، لا أعلم حدث به إلا أيوب بن عتبة "
.
قلت : و هو ضعيف كما في " التقريب " . لكن الآفة ليست منه و إنما من الراوي عنه
عبد الله بن أيوب و هو ابن أبي علاج الموصلي ، قال الذهبي :
" متهم بالوضع مع أنه من كبار الصالحين " .
ثم ساق له أربعة أحاديث و قال فيها :
" و هذه بواطيل " .
و قال في أحدها :
" فهذا كذب بين " .

(3/168)


1170 - " إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء : إذا كان المغنم دولا ،
و الأمانة مغنما ، و الزكاة مغرما ، و أطاع الرجل زوجته ، و عق أمه ، و بر
صديقه ، و جفا أباه ، و ارتفعت الأصوات في المساجد ، و كان زعيم القوم أرذلهم ،
و أكرم الرجل مخافة شره ، و شربت الخمور ، و لبس الحرير ، و اتخذت القينات
و المعازف ، و لعن آخر هذه الأمة أولها ، فليترقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا
أو مسخا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/312 ) :

ضعيف الإسناد
أخرجه الترمذي ( 2/33 ) و الخطيب ( 3/158 ) ، من طريق الفرج بن فضالة الشامي عن
يحيى بن سعيد عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب مرفوعا . و قال :
" حديث غريب ، و الفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث و ضعفه من قبل حفظه
" .
قلت : و في ترجمته من " الميزان " :
" و قال البرقاني : سألت الدارقطني عن حديثه هذا ؟ فقال : باطل ، فقلت من فرج ؟
قال : نعم ، و محمد هو ابن الحنفية " .
و في " فيض القدير " :
" و قال العراقي و المنذري : ضعيف لضعف فرج بن فضالة . و قال الذهبي : منكر ،
و قال ابن الجوزي : مقطوع واه لا يحل الاحتجاج به " .
قلت : و قد رواه الفرج بإسناد آخر بزيادات كثيرة فيه ، و هو الآتي بعده :

(3/169)


1171 - " من اقتراب الساعة اثنتان و سبعون خصلة ، إذا رأيتم الناس أماتوا الصلاة ،
و أضاعوا الأمانة ، و أكلوا الربا ، و استحلوا الكذب ، و استخفوا الدماء ،
و استعلوا البناء ، و باعوا الدين بالدنيا ، و تقطعت الأرحام ، و يكون الحكم
ضعفا ، و الكذب صدقا ، و الحرير لباسا ، و ظهر الجور ، و كثر الطلاق و موت
الفجأة ، و ائتمن الخائن ، و خون الأمين ، و صدق الكاذب ، و كذب الصادق ، و كثر
القذف ، و كان المطر قيظا ، و الولد غيظا ، و فاض اللئام فيضا ، و غاض الكرام
غيضا ، و كان الأمراء فجرة ، و الوزراء كذبة ، و الأمناء خونة ، و العرفاء ظلمة
، و القراء فسقة ، إذا لبسوا مسوك الضأن ، قلوبهم أنتن من الجيفة و أمر من
الصبر ، يغشيهم الله فتنة يتهاوكون فيها تهاوك اليهود الظلمة ، و تظهر الصفراء
- يعني الدنانير - و تطلب البيضاء - يعني الدراهم - و تكثر الخطايا ، و تغل
الأمراء ، و حليت المصاحف ، و صورت المساجد ، و طولت المنائر ، و خربت القلوب ،
و شربت الخمور ، و عطلت الحدود ، و ولدت الأمة ربتها ، و ترى الحفاة العراة ،
و قد صاروا ملوكا ، و شاركت المراة زوجها في التجارة ، و تشبه الرجال بالنساء ،
و النساء بالرجال ، و حلف بالله من غير أن يستحلف ، و شهد المرء من غير أن
يستشهد ، و سلم للمعرفة ، و تفقه لغير الدين ، و طلبت الدنيا بعمل الآخرة ،
و اتخذ المغنم دولا ، و الأمانة مغنما ، و الزكاة مغرما ، و كان زعيم القوم
أرذلهم ، و عق الرجل أباه ، و جفا أمه ، و بر صديقه ، و أطاع زوجته ، و علت
أصوات الفسقة في المساجد ، و اتخذت القينات و المعازف ، و شربت الخمور في الطرق
، و اتخذ الظلم فخرا ، و بيع الحكم ، و كثرت الشرط ، و اتخذ القرآن مزامير ،
و جلود السباع صفافا ، و المساجد طرقا ، و لعن آخر هذه الأمة أولها ، فليتقوا (
كذا ) عند ذلك ريحا حمراء ، و خسفا و مسخا و آيات " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/314 ) :

ضعيف
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3/358 ) من طريق سويد بن سعيد عن فرج بن فضالة
عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن حذيفة بن اليمان مرفوعا . قال أبو
نعيم :
" غريب من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير ، لم يروه عنه فيما أعلم إلا فرج بن
فضالة " .
قلت : و هو ضعيف كما قال الحافظ العراقي ( 3/297 ) ، و فيه علة أخرى و هي
الانقطاع ، فقد قال أبو نعيم في ترجمة عبد الله بن عبيد هذا ( 3/356 ) :
" أرسل عن أبي الدرداء و حذيفة و غيرهم " .
و للفرج فيه إسناد آخر بلفظ أخصر تقدم آنفا .
و الحديث مما فات السيوطي و المناوي فلم يورداه في " جامعيهما " .

(3/170)


1172 - " من حدث عني حديثا هو لله رضى ، فأنا قلته ، و به أرسلت " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/314 ) :

موضوع
رواه ابن عدي ( 41/1 ) عن البختري بن عبيد : حدثنا أبي : حدثنا أبي هريرة
مرفوعا . و قال :
" البختري روى عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قدر عشرين
حديثا عامتها مناكير " .
ثم ذكر له ثلاثة منها ، هذا أحدها .
قلت : و قال أبو نعيم الأصبهاني :
" روى عن أبي هريرة موضوعات " .
و كذا قال الحاكم و النقاش كما سبق في " سيكون أناس .. " .
و لا شك عندي أن هذا الحديث من موضوعاته ، لأن فيه الإغراء على افتراء الأحاديث
على النبي صلى الله عليه وسلم أو على الأقل جواز روايتها و نسبتها إليه إذا كان
معناها مما يرضي الله عز وجل ! و لعل البختري هذا كان من أولئك الذين يستحلون
الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم تقربا إلى الله بزعمهم و يقولون : نحن
لا نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم و إنما نكذب له ! كما قال بعض
الكرامية ! و من هذا القبيل ما يأتي :
" من حدث حديثا كما سمع ; فإن كان برا و صدقا ، فلك و له ، و إن كان كذبا فعلى
من بدأه " .

(3/171)


1173 - " من حدث حديثا كما سمع ; فإن كان برا و صدقا ، فلك و له ، و إن كان كذبا فعلى
من بدأه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/315 ) :

موضوع
رواه الطبراني في " الكبير " ( 7961 ) عن جعفر بن الزبير عن أبي أمامة
مرفوعا .
قال في " المجمع " ( 1/154 ) :
" و فيه جعفر بن الزبير و هو كذاب " .
و نحو هذا الحديث ما رواه مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن
أبيه عن علي مرفوعا :
" إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده ، فإن يكن حقا كنتم شركاءه في الأجر ، و إن
يكن باطلا كان وزره عليه " .
أورده الذهبي في ترجمة مسعدة هذا من " الميزان " و قال :
" قال الدارقطني : متروك " .
ثم ساق الحديث و قال :
" هذا موضوع " .
و أقره الحافظ العسقلاني ثم المناوي .

(3/172)


1174 - " من حفظ على أمتي حديثا واحدا كان له أجر أحد و سبعين نبيا صديقا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/315 ) :

موضوع
أخرجه الحافظ الذهبي في " تذكرة الحفاظ " ( 4/35 ) من حديث ابن عباس ، ثم قال :
" هذا مما تحرم روايته إلا مقرونا بأنه مكذوب من غير تردد ، و قبح الله من وضعه
، و إسناده مظلم ، و فيهم ابن رزام ، كذاب ، لعله آفته " .

(3/173)


1175 - " إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه ، فإنما صورة الإنسان على صورة وجه الرحمن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/316 ) :

منكر
أخرجه ابن الإمام أحمد في " كتاب السنة " ( ص 186 ) و أبو بكر بن أبي عاصم في "
كتاب السنة " ( ص 186 ) و أبو بكر بن أبي عاصم في " كتاب السنة " أيضا (
1/230/521 - بتحقيقي ) و الدارقطني في كتاب " الصفات " ( 65/49 ) عن ابن لهيعة
عن أبي يونس عن أبي هريرة مرفوعا .
قلت : و هذا سند رجاله ثقات رجال مسلم ; غير ابن لهيعة ، و هو ضعيف لسوء حفظه ،
و قد صح الحديث من طرق بنحوه ، و لكن ليس فيه ذكر " على صورة وجه الرحمن "
سبحانه و تعالى ، فهي زيادة منكرة لمخالفتها لتلك الطرق ، و بعضها في "
الصحيحين " خرجتها في " الصحيحة " ( 450 و 862 ) و " ظلال الجنة " ( 1/228 ) .
و هذه الرواية سكت عنها في " الفتح " ( 5/183 ) !
و قد أنكرها جماعة مع ورودها من طريق آخر ، و لكنه معل كما يأتي بعده .
و الحديث رواه عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به دون قوله : " فإنما ..
" .
أخرجه أحمد ( 3/38 ، 93 ) و إسناده حسن في الشواهد ، و له شواهد أخرى فانظر
تعليقي على " السنة " لابن أبي عاصم رحمه الله تعالى .
( تنبيه ) : وقع عند الدارقطني : " عن الأعرج " مكان : " عن أبي يونس " ، فإن
كان محفوظا عن ابن لهيعة ، فهو من تخاليطه الدالة على عدم ضبطه لروايته .

(3/174)


1176 - " لا تقبحوا الوجه ; فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن عز وجل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/316 ) :

ضعيف
أخرجه الآجري في " الشريعة " ( ص 315 ) و ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 27 )
و الطبراني في " الكبير " ( 3/206/2 ) و الدارقطني في كتاب " الصفات " ( 64/48
) و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 291 ) من طرق عن جرير بن عبد الحميد
عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر مرفوعا .
و هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين و لكن له أربع علل ، ذكر ابن خزيمة ثلاثة
منها فقال :
إحداها : أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده فأرسله الثوري و لم يقل : " عن
ابن عمر " .
و الثانية : أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت .
و الثالثة : أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء ثم قال :
" فمعنى الخبر - إن صح من طريق النقل مسندا - أن ابن آدم خلق على الصورة التي
خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح " .
قلت : و العلة الرابعة : هي جرير بن عبد الحميد فإنه و إن كان ثقة كما تقدم فقد
ذكر الذهبي في ترجمته من " الميزان " أن البيهقي ذكر في " سننه " في ثلاثين
حديثا لجرير بن عبد الحميد قال :
" قد نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ " .
قلت : و إن مما يؤكد ذلك أنه رواه مرة عند ابن أبي عاصم ( رقم 518 ) بلفظ :
" على صورته " . لم يذكر " الرحمن " . و هذا الصحيح المحفوظ عن النبي صلى الله
عليه وسلم من الطرق الصحيحة عن أبي هريرة ، و المشار إليها آنفا .
فإذا عرفت هذا فلا فائدة كبرى من قول الهيثمي في " المجمع " ( 8/106 ) :
" رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن إسماعيل الطالقاني و هو ثقة
، و فيه ضعف " .
و كذلك من قول الحافظ في " الفتح " ( 5/139 ) :
" أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " و الطبراني من حديث ابن عمر بإسناد رجاله
ثقات " .
لأن كون رجال الإسناد ثقاتا ليس هو كل ما يجب تحققه في السند حتى يكون صحيحا ،
بل هو شرط من الشروط الأساسية في ذلك ، بل إن تتبعي لكلمات الأئمة في الكلام
على الأحاديث قد دلني على أن قول أحدهم في حديث ما : " رجال إسناده ثقات " ،
يدل على أن الإسناد غير صحيح ، بل فيه علة و لذلك لم يصححه ، و إنما صرح بأن
رجاله ثقات فقط ، فتأمل .
ثم إن كون إسناد الطبراني فيه الطالقاني لا يضر لو سلم الحديث من العلل السابقة
، لأن الطالقاني متابع فيه كما أشرت إليه في أول هذا التخريج .
و قد يقال : إن الحديث يقوى بما رواه ابن لهيعة بسنده عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ
:
" إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه فإنما صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن "
.
قلت : قد كان يمكن ذلك لولا أن الحديث بهذا اللفظ منكر كما سبق بيانه آنفا ،
فلا يصح حينئذ أن يكون شاهدا لهذا الحديث .
و منه تعلم ما في قول الحافظ في " الفتح " بعد أن نقل قول القرطبي :
" أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكا بما ورد في بعض طرقه إن الله خلق آدم على
صورة الرحمن ، قال : و كأن من رواه [ رواه ] بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط في
ذلك ، و قد أنكر المازري و من تبعه صحة هذه الزيادة ، ثم قال : و على تقدير
صحتها فيجمل على ما يليق بالباري سبحانه و تعالى " ، فقال الحافظ :
" قلت : الزيادة أخرجها ابن أبي عاصم في " السنة " و الطبراني من حديث ابن عمر
بإسناد رجاله ثقات ، و أخرجها ابن أبي عاصم أيضا من طريق أبي يونس عن أبي هريرة
بلفظ يرد التأويل الأول ، قال : " من قاتل فليتجنب الوجه فلأن صورة وجه الإنسان
على صورة وجه الرحمن " . فتعين إجراء ما في ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من
إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه ، أو من تأويله على ما يليق بالرحمن جل
جلاله " .
قلت : و التأويل طريقة الخلف ، و إمراره كما جاء طريقة السلف ، و هو المذهب ،
و لكن ذلك موقوف على صحة الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، و قد علمت أنه
لا يصح كما بينا لك آنفا ، و إن كان الحافظ قد نقل عقب كلامه السابق تصحيحه عن
بعض الأئمة ، فقال :
" و قال حرب الكرماني في " كتاب السنة " : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : صح أن
الله خلق آدم على صورة الرحمن . و قال إسحاق الكوسج : سمعت أحمد يقول : هو حديث
صحيح " .
قلت : إن كانوا يريدون صحة الحديث من الطريقين السابقين فذلك غير ظاهر لنا
و معنا تصريح الإمام ابن خزيمة بتضعيفه و هو علم في الحديث و التمسك بالسنة
و التسليم بما ثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم و معنا أيضا ابن قتيبة حيث
عقد فصلا خاصا في كتابه " مختلف الحديث " ( ص 275 - 280 ) حول هذا الحديث
و تأويله قال فيه :
" فإن صحت رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فهو كما قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا تأويل و لا تنازع " .
و إن كانوا وقفوا للحديث على غير الطريقين المذكورين ، فالأمر متوقف على الوقوف
على ذلك و النظر في رجالها ، نقول هذا لأن التقليد في دين الله لا يجوز ، و لا
سيما في مثل هذا الأمر الغيبي ، مع اختلاف أقوال الأئمة في حديثه ، و أنا
أستبعد جدا أن يكون للحديث غير هذين الطريقين ، لأن الحافظ لم يذكر غيرهما ،
و من أوسع اطلاعا منه على السنة ؟ نعم له طرق أخرى بدون زيادة " الرحمن " فانظر
: " إذا ضرب أحدكم .. " و " إذا قاتل أحدكم ... " في " صحيح الجامع " ( 687
و 716 ) و غيره .
و خلاصة القول : إن الحديث ضعيف بلفظيه و طريقيه ، و أنه إلى ذلك مخالف
للأحاديث الصحيحة بألفاظ متقاربة ، منها قوله صلى الله عليه وسلم :
" خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا " .
أخرجه الشيخان و غيرهما " الصحيحة 450 " .
( تنبيه هام ) : بعد تحرير الكلام على الحديثين بزمن بعيد وقفت على مقال طويل
لأخينا الفاضل الشيخ حماد الأنصاري نشره في مجلة " الجامعة السلفية " ذهب فيه
إلى اتباع - و لا أقول تقليد - من صحح الحديث من علمائنا رحمهم الله تعالى ،
دون أن يقيم الدليل على ذلك بالرجوع إلى القواعد الحديثية و تراجم الرواة التي
لا تخفى على مثله ، لذلك رأيت - أداء للأمانة العلمية - أن أبي بعض النقاط التي
تكشف عن خطئه فيما ذهب إليه مع اعترافي بعلمه و فضله و إفادته لطلبة العلم
و بخاصة في الجامعة الإسلامية جزاه الله خيرا .
أولا : أوهم القراء أن ابن خزيمة رحمه الله تعالى تفرد من بين الأئمة بإنكاره
لحديث " على صورة الرحمن " مع أن معه ابن قتيبة و المازري و من تبعه ، كما تقدم
، و هو و إن كان ذلك في آخر البحث ، فقد كان الأولى أن يذكره في أوله حتى تكون
الصورة واضحة عند القراء .
ثانيا : نسب إلى الإمام مالك رحمه الله أنه أنكر الحديث أيضا قبل ابن خزيمة !
و هذا مما لا يجوز نسبته للإمام لأمرين :
الأول : أن الشيخ نقل ذلك عن الذهبي ، و الذهبي ذكره عن العقيلي بسنده : حدثنا
مقدام بن داود .. إلخ ، و مقدام هذا يعلم الشيخ أنه متكلم فيه ، بل قال النسائي
فيه : " ليس بثقة " فلا يجوز أن ينسب بروايته إلى الإمام أنه أنكر حديثا صحيحا
على رأي الشيخ ، و على رأينا أيضا لما يأتي .
و الآخر : أن الرواية المذكورة في إنكار مالك ليس لهذا الحديث المنكر ، و إنما
للحديث الصحيح المتفق عليه فإنه فيها بلفظ : " إن الله خلق آدم على صورته " .
و كذلك هو عند العقيلي في " الضعفاء " ( 2/251 ) في هذه الرواية ، فحاشا الإمام
مالك أن ينكر الحديث بهذا اللفظ الصحيح أو غيره من الأئمة . و لذلك فالقارئ
العادي يفهم من بحث الشيخ أن الإمام ينكر هذا الحديث الصحيح !
ثالثا : ساق إسناد حديث ابن عمر أكثر من مرة ، و كذلك فعل بحديث أبي هريرة دون
فائدة ، و ساقهما مساق المسلمات من الأحاديث و هو يعلم العلل الثلاث التي ذكرها
له ابن خزيمة لأنه في صدد الرد عليه ، و مع ذلك لم يتعرض لها بذكر ! بله جواب ،
و كذلك يعلم ضعف ابن لهيعة الذي في حديث أبي هريرة ، فلم ينبس ببنت شفة !
رابعا : نقل كلام الذهبي الذي ذكره عقب رواية المقدام ، و فيه : أن هذا الحديث
لم ينفرد به ابن عجلان فقد رواه ( الأرقام الآتية مني ) :
1 - همام عن قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة .
2 - و رواه شعيب و ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة .
3 - و رواه جماعة كالليث بن سعد و غيره عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة .
4 - و رواه شعيب أيضا و غيره عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبي هريرة
. انتهى .
و أقول : نص كلام الذهبي قبيل هذه الطرق :
" قلت : الحديث في أن الله خلق آدم على صورته ; لم ينفرد به ابن عجلان ... "
إلخ .
فأنت ترى أن كلام الذهبي في واد ، و كلام الشيخ في واد آخر . فهذه الطرق
الأربعة ليس فيها زيادة " صورة الرحمن " ، و الشيخ - سامحه الله - يسوقها تقوية
لها ، و هو لو تأمل فيها لوجدها تدل دلالة قاطعة على نكارة هذه الزيادة ، إذ لا
يعقل أن تفوت على هؤلاء و كلهم ثقات ، و يحفظها مثل ابن لهيعة ، و من ليس له في
العير و لا في النفير ! و إني - والله - متعجب من الشيخ غاية العجب كيف يسوق
هذه الروايات نقلا عن الذهبي و هو قد ساقها لتقوية الحديث الصحيح الذي أنكره
مالك بزعم المقدام بن داود الواهي ، و الشيخ - عافانا الله و إياه - يسوقها
لتقوية الحديث المنكر !
و إن مما يؤكد أن الذهبي كلامه في الحديث الصحيح و ليس في الحديث المنكر أنه
قال في آخره :
" و قال الكوسج : سمعت أحمد بن حنبل يقول : هذا الحديث صحيح . قلت : و هو مخرج
في الصحاح " .
قلت : فقوله هذا يدلنا على أمرين :
الأول : أنه يعني الحديث الصحيح ، لأنه هو المخرج في " الصحاح " كما سبق مني .
و الآخر : أنه هو المقصود بتصحيح أحمد المذكور ، فلم يبق بيد الشيخ إلا تصحيح
إسحاق ، فمن الممكن أن يكون ذلك فهما منه ، و ليس رواية . والله أعلم .
خامسا و أخيرا : قرن الشيخ الحافظ الذهبي و العسقلاني مع أحمد و إسحاق في تصحيح
الحديث .
و جوابي عليه : أن كلام الذهبي ليس صريحا في ذلك ، بل ظاهره أنه يعني الحديث
الصحيح . و أما ابن حجر فعمدة الشيخ في ذلك قوله : " رجاله ثقات " و قد علمت
مما سبق أن هذا لا يعني الصحة ، و لو سلمنا جدلا أنه صححه هو أو غيره قلنا : *(
هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )* .
و خلاصة ( التنبيه ) أن الشيخ حفظه الله حكى قولين متعارضين في حديث " على صورة
الرحمن " دون ترجيح بينهما سوى مجرد الدعوى ، و ذكر له طريقين ضعيفين منكرين
دون أن يجيب عن أسباب ضعفهما ، بل أوهم أن له طرقا كثيرة يتقوى بها ، و هي في
الواقع مما يؤكد وهنهما عند العارفين بهذا العلم الشريف و تراجم رواته . و هذا
بخلاف ما صنع شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه " نقض التأسيس " في فصل عقده فيه
لهذا الحديث بأحد ألفاظه الصحيحة : " إن الله خلق أدم على صورته " أرسل إلي
صورة منه بعض الأخوان جزاه الله خيرا فإن ابن تيمية مع كونه أطال الكلام في ذكر
تأويلات العلماء له و ما قالوه في مرجع ضمير " صورته " ، و نقل أيضا كلام ابن
خزيمة بتمامه في تضعيف حديث الترجمة و تأويله إياه إن صح ، فرد عليه التأويل ،
و سلم له التضعيف ، و لم يتعقبه بالرد ، لأنه يعلم أن لا سبيل إلى ذلك ، كما
يتبين للقارىء من هذا التخريج و التحقيق ، و لهذا كنت أود للشيخ الأنصاري أن لا
يصحح الحديث ، و هو ضعيف من طريقيه ، و متنه منكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة .
نسأل الله تعالى لنا و له التوفيق و السداد في القول و العمل ، و أن يحشرنا في
زمرة المخلصين الصادقين *( يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب
سليم )* .

(3/175)


1177 - " إني كنت أعلمها ( أي : ساعة الإجابة يوم الجمعة ) ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة
القدر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/322 ) :

ضعيف
أخرجه ابن خزيمة ( 1771 ) و الحاكم ( 1/279 ) عن فليح بن سليمان عن سعيد بن
الحارث عن أبي سلمة قال : قلت : والله لو جئت أبا سعيد الخدري فسألته عن
هذه الساعة ، لعله يكون عنده منها علم ، فأتيته ، فقلت : يا أبا سعيد إن أبا
هريرة حدثنا عن الساعة التي في يوم الجمعة ، فهل عندك منها علم ؟ فقال : سألنا
النبي صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره . قال : ثم خرجت من عنده فدخلت على
عبد الله بن سلام . ثم ذكر الحديث .
قلت : كذا ذكره ابن خزيمة و الحاكم و قال :
" صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي .
قلت : و في صحته نظر فإن فليحا هذا و إن كان من رجال الشيخين ففيه كلام كثير .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق كثير الخطأ " ، و كأنه لهذا سكت عن إسناده في " الفتح " ( 2/333 ) و لم
يصححه ، و كذلك لم يصححه الحافظ العراقي ، و إنما قال : " و رجاله رجال الصحيح
" كما نقله الشوكاني ( 3/209 ) ، و هذا لا يستلزم التصحيح ، بل فيه إشارة إلى
نفيه ، و إلا لصرح بصحة سنده ، و لم يقتصر على ذكر شرط واحد من شروط الصحة و هو
كون رجاله رجال الصحيح ، و فيه إشارة لطيفة إلى أنهم أو بعضهم قد لا يكونون من
الثقات عند غير صاحبي " الصحيح " ، أو على الأقل عند بعضهم و إلا لقال : "
رجاله ثقات رجال الصحيح " ، و هذا هو الواقع كما تفيده عبارة الحافظ في "
التقريب " في " فليح " ، و قد مرت آنفا ، و ممن ضعفه من القدامي ابن معين و أبو
حاتم و النسائي و غيرهم . و قال الساجي :
" هو من أهل الصدق ، و يهم " .
قلت : فمثله لا يطمئن القلب لصحة حديثه عند التفرد ، فكيف عند المخالفة ؟ !
( تنبيه ) : عزا الحديث في " الفتح الكبير " لابن ماجه و ابن خزيمة و الحاكم
و البيهقي في " الشعب " . و لم أره عند ابن ماجه بهذا الإسناد و السياق ،
و إنما عنده ( 1139 ) من طريق أخرى عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال : قلت
و رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس : إنا لنجد في كتاب الله : في يوم الجمعة
ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي سأل الله فيها شيئا إلا قضى له حاجته . قال
عبد الله : فأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو بعض ساعة فقلت : صدقت
أو بعض ساعة .. الحديث . فهذا خلاف حديث الترجمة ، و هو المحفوظ عنه صلى الله
عليه وسلم في غير ما حديث عنه فراجع إن شئت " المشكاة " و غيره .

(3/176)


1178 - " في الإبل صدقتها ، و في الغنم صدقتها ، و في البقر صدقتها ، و في البز صدقتها
، و من رفع دنانير أو دراهم أو تبرا أو فضة لا يعدها لغريم ، و لا ينفقها في
سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/324 ) :

ضعيف
أخرجه الدارقطني في " سننه " ( ص 203 ) : حدثنا دعلج بن أحمد من أصل كتابه :
حدثنا هشام بن علي : حدثنا عبد الله بن رجاء : حدثنا سعيد بن سلمة : حدثنا موسى
عن عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : الحديث .
قلت : و هذا إسناد ضعيف من أجل موسى هذا و هو ابن عبيدة - بضم أوله - و هو ضعيف
كما قال الحافظ في " التقريب " .
و هشام بن علي هو السيرافي كما في الرواة عن عبد الله بن رجاء من " التهذيب " ،
و لكني لم أجد من ترجمه ، و يظهر أنه من المشهورين فقد ذكره الذهبي فيمن سمع
عنهم دعلج بن أحمد من " تذكرة الحفاظ " ( 3/92 ) .
ثم رأيت ابن حبان قد أورده في كتابه " الثقات " ( 9/234 ) و قال :
" مستقيم الحديث ، كتب عنه أصحابنا " .
و توفي سنة ( 284 ) كما ذكر الذهبي في ترجمة أحمد بن المبارك النيسابوري من "
التذكرة " . فموسى بن عبيدة هو العلة .
و الحديث أخرجه الحاكم ( 1/388 ) بهذا السند عن هذا الشيخ لكن وقع في سنده سقط
لا أدري أهو من الحاكم أو شيخه حين حدثه به و الأغلب على الظن الأول ، فقال
الحاكم : أخبرني دعلج بن أحمد السجزي - ببغداد - : حدثنا هشام بن علي السدوسي :
حدثنا عبد الله بن رجاء : حدثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام : حدثنا عمران بن
أبي أنس به .
فسقط من السند موسى بن عبيدة و هو علة الحديث ، فاغتر الحاكم بظاهره فقال :
" إسناد صحيح على شرط الشيخين " و وافقه الذهبي ! ! على أن عمران بن أبي أنس
و سعيد بن سلمة لم يحتج بهما البخاري كما بينته في " التعليقات الجياد " ( 3/86
) فتصحيحه على شرطهما خطأ بين .
و مما يؤيد خطأ إسناد الحاكم أن البيهقي أخرج الحديث ( 4/147 ) من طريق أخرى عن
هشام بن علي مثل رواية الدارقطني ، فقال : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن
عبدان : أنبأ أحمد بن عبيد الصفار : حدثنا هشام بن علي : حدثنا ابن رجاء :
حدثنا سعيد هو ابن سلمة بن الحسام : حدثني موسى عن عمران بن أبي أنس به . دون
قوله : " و في البقر صدقتها " ثم قال :
" سقط من هذه الرواية ذكر البقر ، و قد رواه دعلج بن أحمد عن هشام بن علي
السدوسي فذكر فيه " و في البقر صدقتها " ، أخبرنا بذلك أبو عبد الله الحافظ :
أخبرني دعلج بن أحمد السجزي ببغداد حدثنا هشام بن علي السدوسي فذكره " .
قلت : و أبو عبد الله الحافظ شيخ البيهقي في إسناده الثاني هو صاحب " المستدرك
" . و صنيع البيهقي في روايته لهذا الحديث عنه يدل على أن إسناد الحاكم فيه
موسى بن عبيدة أيضا و إلا لذكر البيهقي الخلاف بين هذا الإسناد و الإسناد الذي
ساقه قبله كما هي عادة المحدثين في مثل هذا الاختلاف ، و كما فعل البيهقي هنا
في بيان الخلاف في موضع من متنه . فهذا يؤيد خطأ الحاكم في " المستدرك " فتنبه
.
و قد كنت اغتررت تبعا للنووي و ابن حجر بظاهر رواية الحاكم هذه فحكمت بحسنها في
" التعليقات الجياد " ، و الآن هداني الله لعلة هذا الحديث فبادرت لأعلن أنه
ضعيف الإسناد من أجلها ، و إن كان رواه ابن جريج عن عمران بن أبي أنس ، فإن ابن
جريج مدلس و قد عنعنه و لم يسمعه منه كما بينته هناك ، و يأتي أيضا .
و الحديث عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 3/233 ) لابن أبي شيبة و ابن
مردويه عن أبي ذر بتمامه ، و ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا مثله
.
قلت : و طريق أبي هريرة لابد أن يكون ضعيفا ، و حسبك دليلا على ذلك تفرد ابن
مردويه به !
ثم عزا الحديث في " الجامع الصغير " لابن أبي شيبة و أحمد و الحاكم و البيهقي
عن أبي ذر بتمامه ، و عزوه لأحمد فيه تساهل لأنه لم يرو منه إلا الشطر الأول
و ليس عنه : " و من رفع ... " إلخ ، و هو عنده من طريق ابن جريج عن عمران و صرح
فيه أنه بلغه عن عمران كما ذكرته في المصدر المشار إليه آنفا .
ثم رأيت الحديث في " مصنف ابن أبي شيبة " ( 3/213 ) : حدثنا زيد بن حباب قال :
حدثني موسى بن عبيدة قال : حدثني عمران بن أبي أنس به . إلا أنه لم يذكر صدقة
الغنم و البقر و البز .فهذا يؤكد وهم الحاكم و أن الحديث مداره على موسى هذا
الضعيف ، والله تعالى ولي التوفيق .

(3/177)


1179 - " كونوا في الدنيا أضيافا ، و اتخذوا المساجد بيوتا ، و عودوا قلوبكم الرقة ،
و أكثروا التفكر و البكاء ، و لا تختلفن بكم الأهواء ، تبنون ما لا تسكنون ،
و تجمعون ما لا تأكلون ، و تأملون ما لا تدركون " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/326 ) :

ضعيف جدا
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 1/358 ) و القضاعي في " مسنده " ( 731 ) من
طريق بقية : حدثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قلت : و هذا إسناد ظلمات بعضها فوق بعض ، و له علل ثلاث :
الأولى : أن الحكم بن عمير في صحبته نظر ، قال ابن أبي حاتم عن أبيه :
" روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منكرة ، يرويها عيسى بن إبراهيم ;
و هو ضعيف ، عن موسى بن أبي حبيب و هو ضعيف ، عن عمه الحكم " . نقله في "
الإصابة " ، <1> و قد أشار الذهبي إلى ضعف قول من قال أنه صحابي كما يأتي في
العلة الآتية :
الثانية : موسى بن أبي حبيب ، قال الذهبي في " الميزان " و أقره الحافظ في "
اللسان " :
" ضعفه أبو حاتم و غيره ; ساقط ، و له عن الحكم بن عمير - رجل قيل : له صحبة -
و الذي أرى أنه لم يلقه ، و موسى مع ضعفه متأخر عن لقي صحابي كبير " .
الثالثة : عيسى بن إبراهيم متروك كما قال الذهبي و سبقه النسائي و قال البخاري
:
" منكر الحديث " ، و أبو حاتم : " متروك الحديث " .
و ساق له عدة أحاديث بهذا الإسناد و غيره ، و قال في بعضها : إنه منكر .
قلت : سمعت هذا الحديث من فم شيخ دمشقي يلقيه على منبر مسجد مضايا يوم الجمعة
الواقع في 18/11/71 هـ و قد جعله محور خطبته ! فاستنكرت الحديث في نفسي ،
و لكني ما كان تقدم مني تخريجه ، فخرجته بعد يوم فتحقق ظني و أنه منكر ،
و الحمد لله على توفيقه ، و وفق مشايخنا لتحري الصحيح من حديث رسوله صلى الله
عليه وسلم ، و حفظهم أن يقولوا عليه ما لم يقل .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و قال في ترجمة موسى من " اللسان " : " و قال أبو حاتم في ترجمة الحكم بن
عمير : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر السماع و لا اللقاء - أحاديث
منكرة من رواية ابن أخت موسى بن أبي حبيب و هو ذاهب الحديث ، و يروي عن موسى
عيسى بن إبراهيم و هو ذاهب الحديث " .
قلت : كذا في النسخة المطبوعة و لعل قوله : " ابن أخت " زيادة من النساخ . اهـ
.
1

(3/178)


1180 - " إن لله ديكا رأسه تحت العرش ، و جناحه في الهواء ، و براثنه في الأرض ، فإذا
كان في الأسحار و أدبار الصلوات خفق بجناحه ، و صفق بالتسبيح ، فتصيح الديكة
تجيبه بالتسبيح " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/327 ) :

موقوف ضعيف
أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 7391 ) : حدثنا بكر بن أحمد بن مقبل البصري :
حدثنا أحمد بن محمد بن المعلى الأدمي : حدثنا جعفر بن سلمة : حدثنا حماد بن
يزيد أبو يزيد المقري : حدثنا عاصم بن بهدلة عن زر عن صفوان بن عسال : قال :
فذكره موقوفا عليه ، لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
و كذلك أورده الهيثمي في " المجمع " ( 8/134 ) من رواية الطبراني و قال :
" و فيه عاصم بن بهدلة و هو ضعيف ، و قد حسن حديثه " .
قلت : المتقرر فيه أنه حسن الحديث يحتج به إذا لم يخالف .
لكن حماد بن يزيد أبو يزيد المقري ، ليس بالمشهور ، أورده البخاري في التاريخ (
2/1/21 ) و ابن أبي حاتم ( 1/2/151 ) من رواية جمع عنه ، و لم يذكرا فيه جرحا
و لا تعديلا . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " .
و جعفر بن سلمة و هو الوراق البصري الخزاعي قال ابن أبي حاتم ( 1/1/481 ) :
" ثقة رضا " .
و أحمد بن محمد بن المعلى الأدمي ، ترجمه ابن أبي حاتم ( 1/1/74 ) و قال :
" سمع منه أبي بالبصرة في الرحلة الثالثة ، [ روى عنه أبي و أبو عوانة ] " .
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
و قد قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق " .
و بكر بن أحمد بن مقبل البصري وثقه الدارقطني كما في " سؤالات السهمي " ( ص 182
) و وصفه الذهبي في " العبر " ( 1/441 ) بالحافظ .
فالحديث علته الوقف إن سلم من أبي يزيد المقري .

(3/179)


1181 - " إن في جهنم واديا يقال له : هبهب ، حقا على الله أن يسكنه كل جبار عنيد " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/328 ) :

ضعيف
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 49 ) و ابن لال في " حديثه " ( 123/1 ) و ابن
عدي في " الكامل " ( 1/420 ) و الحاكم ( 4/596 ) و ابن عساكر ( 5/58/1 ) و كذا
أبو يعلى و الطبراني من طريق الأزهر بن سنان عن محمد بن واسع عن أبي بردة بن
أبي موسى الأشعري عن أبيه مرفوعا . و قال الحاكم و وافقه الذهبي :
" تفرد به أزهر بن سنان " !
قلت : و هو ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب " ، و لذلك لم يصححه الحاكم و لا
الذهبي ، بل أورده في " الميزان " و قال :
" قال ابن عدي : ليست أحاديثه بالمنكرة جدا ، أرجو أنه لا بأس به ، و قال ابن
معين : ليس بشيء " .
ثم ساق له أحاديث مما أنكرت عليه هذا أحدها .
و قد خالفه هشام بن حسان فقال : " عن محمد بن واسع قال : بلغني أن في النار جبا
يقال له : جب الحزن ، يؤخذ المتكبرون فيحملون في توابيت من نار فيجعلون في ذلك
البئر فيطبق عليهم جهنم من فوقهم " .
أخرجه العقيلي و قال :
" و هذا حديث أولى من حديث أزهر " .
قلت : فتبين من رواية هشام بن حسان - و هو ثقة - أن أزهر بن سنان قد أخطأ في
رفع الحديث و في لفظه ، و أن الصواب الوقف . والله أعلم .
و من ذلك تعرف أن قول المنذري في " الترغيب " ( 3/139 ) :
" رواه الطبراني بإسناد حسن و أبو يعلى و الحاكم و قال : صحيح الإسناد " .
و قول الهيثمي ( 5/197 ) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " ، و إسناده حسن " .
فيه أمران :
الأول : أنه ضعيف غير حسن كما تقدم .
و الآخر : أن الحاكم - مع تساهله المعروف - لم يصححه . والله أعلم .

(3/180)


1182 - " صحة با أم يوسف ! قاله لما شربت بوله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/329 ) :

ضعيف
قال في " المواهب اللدنية " ( 4/231 ) بشرح الزرقاني ) :
" و عن ابن جريج قال : أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من
عيدان ثم يوضع تحت سريره ، فجاء فإذا القدح ليس فيه شيء ، فقال لامرأة يقال لها
: بركة كانت تخدم أم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة : أين البول الذي كان في
القدح ؟ قالت : شربته ، قال : صحة يا أم يوسف ! فما مرضت قط حتى كان مرضها الذي
ماتت فيه . رواه عبد الرزاق في " مصنفه " . و رواه أبو داود متصلا عن ابن جريج
عن حكيمة عن أمها أميمة بنت رقيقة " .
قلت : إنما روى أبو داود منه أوله دون قوله : فجاء إلخ . و سنده موصول حسن ،
و لذلك أوردته في " صحيح سنن أبي داود " ( رقم 19 ) ، و قد أخرجه بتمامه موصولا
البيهقي في " سننه " ( 7/67 ) لكن ليس عنده : " صحة .. إلخ " و كذلك أورده
الهيثمي في " المجمع " ( 8/271 ) ، و زاد بدلها : " فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : لقد احتظرت من النار بحظار " و قال :
" رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد بن حنبل و حكيمة
و كلاهما ثقة " .
و هو في " كبير الطبراني " ( 24/205/527 ) .
قلت : فدل هذا على ضعف هذه الزيادة : " صحة " ; لشذوذها و إرسالها .

(3/181)


1183 - " خرج من عندي خليلي جبريل آنفا فقال : يا محمد ! و الذي بعثك بالحق إن لله
عبدا من عبيده عبد الله خمسمائة سنة على رأس جبل في البحر عرضه و طوله ثلاثون
ذراعا في ثلاثين ذراعا ، و البحر محيط به أربعة آلاف فرسخ من كل ناحية و أخرج
الله تعالى له عينا عذبة بعرض الإصبح تبض بماء عذب فتستنقع في أسفل الجبل ،
و شجرة رمان تخرج له كل ليلة رمانة فتغذيه يومه فإذا أمسى نزل فأصاب من الوضوء
و أخذ تلك الرمانة فأكلها ثم قام لصلاته ، فسأل ربه عز وجل عند وقت الأجل أن
يقبضه ساجدا و أن لا يجعل للأرض و لا لشيء يفسده عليه سبيلا حتى يبعثه الله
و هو ساجد ، قال : ففعل ، فنحن نمر عليه إذا هبطنا و إذا عرجنا فنجد له في
العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل فيقول له الرب : أدخلوا
عبدي الجنة برحمتي فيقول : بل بعملي ، فيقول الرب : أدخلوا عبدي الجنة برحمتي
فيقول : بل بعملي ، فيقول الرب : أدخلوا عبدي الجنة برحمتي : فيقول : يا رب بل
بعملي ، فيقول الرب : أدخلوا عبدي الجنة برحمتي ، فيقول : رب بل بعملي ، فيقول
الله عز وجل للملائكة : قايسوا عبدي بنعمتي عليه و بعمله ، فتوجد نعمة البصر قد
أحاطت بعبادة خمسمائة سنة و بقيت نعمة الجسد فضلا عليه ، فيقول : أدخلوا عبدي
النار ، قال : فيجر إلى النار فينادي : رب برحمتك أدخلني الجنة ، فيقول : ردوه
، فيوقف بين يديه فيقول : يا عبدي من خلقك و لم تك شيئا ؟ فيقول : أنت يا رب ،
فيقول : كان ذلك قبلك أو برحمتي ؟ فيقول : بل برحمتك ، فيقول : من قواك لعبادة
خمسمائة عام ؟ فيقول : أنت يا رب ، فيقول : من أنزلك في جبل وسط اللجة و أخرج
لك الماء العذب من الماء المالح ، و أخرج لك كل ليلة رمانة و إنما تخرج مرة في
السنة ، و سألتني أن أقبضك ساجدا ففعلت ذلك بك ؟ فيقول : أنت يا رب ، فقال الله
عز وجل : فذلك برحمتي ، و برحمتي أدخلك الجنة ، أدخلوا عبدي الجنة فنعم العبد
كنت يا عبدي ، فيدخله الله الجنة . قال جبريل عليه السلام : إنما الأشياء برحمة
الله تعالى يا محمد " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/331 ) :

ضعيف
أخرجه الخرائطي في " فضيلة الشكر " ( 133 - 134 ) و العقيلي في " الضعفاء " (
165 ) و تمام في " الفوائد " ( 265/2 - 266/1 ) و ابن قدامة في " الفوائد " (
2/6/1 - 2 ) و كذا الحاكم ( 4/250 - 251 ) من طريق سليمان بن هرم عن محمد بن
المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : خرج علينا النبي صلى الله
عليه وسلم فقال : فذكره . و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " . كذا قال ! و تبعه ابن القيم في " شفاء العليل " ( ص 114 ) ،
و هو منه عجيب ن فإن سليمان هذا مجهول كما يأتي عن العقيلي ، و قول الحاكم عقب
تصحيحه المذكور : " و الليث لا يروي عن المجهولين " مجرد دعوى لا دليل عليها ،
و الحاكم نفسه أول من ينقضها فقد روى في " المستدرك " ( 4/230 ) حديثا آخر من
رواية الليث عن إسحاق بن بزرج بسنده عن الحسن بن علي ، و قال عقبه :
" لولا جهالة إسحاق لحكمت للحديث بالصحة " !
و هذا مناقض تمام المناقضة لدعواه السابقة ، و لذلك تعقبه الذهبي بقوله :
" قلت : لا والله ، و سليمان غير معتمد " .
و ذكر في ترجمة سليمان هذا من " الميزان " :
" قال الأزدي : لا يصح حديثه " .
و قال العقيلي :
" مجهول و حديثه غير محفوظ " .
ثم قال الذهبي عقبه :
" لم يصح هذا ، و الله تعالى يقول : *( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )* و لكن
لا ينجي أحدا عمله من عذاب الله كما صح ، بل أعمالنا الصالحة هي من فضل الله
علينا و من نعمه لا بحول منا و لا بقوة ، فله الحمد على الحمد له " .
و حديث ابن بزرج المشار إليه خرجته في آخر الجزء الثاني من " تمام المنة في
التعليق على فقه السنة " ( صلاة العيد / التحقيق الثاني ) و لعله ييسر لنا
إعادة طبعه مع الجزء الأول إن شاء الله تعالى .

(3/182)


1184 - " من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره ، و من فطر صائما فله مثل أجره ، و من دل
على خير فله مثل أجر فاعله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/332 ) :

ضعيف
أخرجه الخطيب ( 11/353 ) من طريق أبي حجية علي بن بهرام العطار : حدثنا عبد
الملك بن أبي كريمة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا به .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و له علتان :
الأولى : جهالة أبي حجية هذا فقد ترجمه الخطيب و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا
.
و الأخرى : عنعنة ابن جريج فإنه مدلس .
و الفقرة الثانية و الثالثة قد جاءتا من طرق ثابتة ، و إنما أوردته من أجل
الفقرة الأولى ، فإنها غريبة منكرة .

(3/183)


1185 - " ارفع إلى السماء ، و سل الله السعة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/332 ) :

ضعيف
رواه الطبراني ( رقم - 3842 ) : حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي : نا يعقوب بن
حميد : نا عبد الله بن عبد الله الأموي : حدثني اليسع بن المغيرة عن أبيه عن
خالد بن الوليد :
أنه شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضيق في مسكنه ، فقال : فذكره .
ثم رواه ( رقم - 3843 ) بهذا السند عن ابن حميد : نا عبد الله بن الحارث عن
الربيع بن سعيد عن اليسع بن المغيرة عن خالد بن الوليد مثله .
قلت : و هذا إسناد ضعيف من الوجهين فإن مدارهما على اليسع بن المغيرة و هو لين
الحديث كما في " التقريب " .
و مثله الراوي عنه في الطريق الأولى عبد الله بن عبد الله الأموي .
و في الطريق الأخرى الربيع بن سعيد و هو النوفلي أورده ابن أبي حاتم ( 1/2/462
) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
و يعقوب بن حميد ثقة ، لكن في حفظه ضعف يسير ، فيحتمل أن روايته الحديث
بالطريقين مما لم يضبطه ، فاضطرب فيه . و الله تعالى أعلم .
و قد روي الحديث مرسلا عن اليسع بن المغيرة قال :
شكا خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيق منزله ، فقال :
" اتسع في السماء " .
رواه أبو داود في " المراسيل " ( ص 52 ) و لم نقف على سنده ، لأنه محذوف من
النسخة ككل أحاديثها ، لكن الظاهر أنه من طريق الربيع المذكور كما يشير إلى ذلك
قول ابن أبي حاتم في ترجمته :
" روى عن اليسع بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، روى عنه عبد الله
ابن الحارث المخزومي ، مرسل " .
ثم تأكدت مما استظهرت ، فالحديث في نسخة مصورة من " المراسيل " ( ق 26/1 ) .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " ( 1/93/2 ) بلفظ :
" ارفع البنيان إلى السماء ، و اسألوا الله السعة " و قال :
" رواه الطبراني في " الكبير " و الخطيب و ابن عساكر عن اليسع بن مغيرة به "
و قال :
" قال الخطيب : في اليسع نظر " .
و أورده في " الجامع الصغير " باللفظ الذي نقلته عن الطبراني إلا أنه زاد فيه
لفظة : " البنيان " و ليست عنده .
و مما سبق من التحقيق تعلم أن قول الهيثمي ( 10/169 ) :
" رواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن " ; ليس بحسن . و قلده الغماري في "
الإتقان " ( 127 ) ! و مثله قول المناوي عقب ذلك :
" و به تعرف أن رمز المصنف لضعفه غير سديد " .
فإن رمز السيوطي لضعفه هو بلا شك عمل رشيد ، و تعقب المناوي عليه هو الأحق
بقوله : " غير سديد " سيما و قد أتبعه بقوله :
" نعم ، قال العراقي : في سنده لين . و كأن كلامه في الطريق الثاني " .
قلت : بل هو في الطريقين معا فإن مدارهما على اليسع و هو ليس الحديث كما سبق
بيانه .

(3/184)


1186 - " من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ، ثم غلب عدله جوره ، فله الجنة ، و من غلب
جوره عدله فله النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/334 ) :

ضعيف
أخرجه أبو داود ( 3575 ) و عنه البيهقي ( 10/88 ) من طريق موسى بن نجدة عن جده
يزيد بن عبد الرحمن و هو أبو كثير قال : حدثني أبو هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، موسى بن نجدة ، قال الذهبي :
" لا يعرف " .
و قال الحافظ :
" مجهول " .

(3/185)


1187 - " خالقوا الناس بأخلاقهم ، و خالفوهم بأعمالهم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/334 ) :

ضعيف
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 455 - 456 ) : حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد
: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع : حدثنا يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث الصنعاني
عن أبي عثمان عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" كيف أنتم إذا كنتم في قوم قد درست عهودهم ، و مرجت أماناتهم ، و صاروا حثالة
هكذا - و شبك بين أصابعه - قالوا : كيف نصنع يا رسول الله ؟ قال : صبرا صبرا ،
خالقوا ... " . و قال :
" هذا يروى بغير هذا الإسناد ، و خلاف هذا اللفظ من طريق صالح " .
ذكره في ترجمة يزيد بن ربيعة الرحبي هذا ، و روى عن البخاري أنه قال :
" عنده مناكير " .
قلت : و في ترجمته أيضا أورد الحديث الذهبي في " الميزان " و قال :
" و قال أبو داود و غيره : ضعيف ، و قال النسائي : متروك " .
و قد انقلب اسمه في " المستدرك " إلى " ربيعة بن يزيد " ، و جعله من مسند " أبي
ذر " لا من مسند " ثوبان " ! و لست أدري أذلك من المؤلف أم الراوي أم الناسخ ،
فقد أخرجه ( 3/343 ) من طريقين عن عثمان بن سعيد الدارمي : حدثنا أبو توبة
الربيع بن نافع : حدثنا ربيعة بن يزيد عن أبي الأشعث النهدي عن أبي ذر قال :
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يا أبا ذر كيف أنت .. " الحديث . و قال :
" صحيح على شرط الشيخين " . و تعقبه الذهبي بقوله :
" ابن يزيد لم يخرجوا له ، قال النسائي و غيره : متروك " .
و أقول : ليس في الرواة : ربيعة بن يزيد سوى واحد ، و هو أبو شعيب الإيادي
الدمشقي القصير ، و هو أعلى طبقة من يزيد بن ربيعة الرحبي ، فإنه روى عن غير
واحد من الصحابة ، و عنه جماعة من التابعين و غيرهم منهم يزيد بن ربيعة هذا ،
كما في " التهذيب " مات سنة ( 123 ) ، فليس هو من هذه الطبقة ، كيف و الراوي
عنه أبو توبة الربيع بن نافع ، و قد مات سنة ( 241 ) فبينهما نحو ثمانين سنة ؟
و لذلك فأنا أقطع بأن ما في " المستدرك " : " ربيعة بن يزيد " خطأ لا أدري
منشأه ، و من الغرائب قول الذهبي في تعقبه السابق :
" ابن يزيد .. " .
و إنما هو يزيد بن ربيعة الرحبي ، و هو الذي يصح فيه قول الذهبي :
" لم يخرجوا له .. " إلخ .
و من طريقه رواه البزار و الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " ( 7/283 )
.
و لا أستبعد أن يكون هذا الخطأ من الحاكم نفسه ، فإن له في كتابه هذا أوهاما
كثيرة ، يعرفها أهل العلم بالحديث و رواته ، و قد اعتذر بعضهم له ; بأنه مات
قبل أن يبيض كتابه . والله أعلم .
و أما قول العقيلي فيما تقدم :
" هذا يروى بغير هذا الإسناد .. " .
فكأنه يعني ما روى حبيب بن أبي ثابت عن عبد الله بن باباه قال : قال عبد الله :
" خالطوا الناس و زايلوهم ، و صافوهم بما تشتهون ، فدينكم لا تكلمونه " .
أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3/46/1 ) و البيهقي في " الزهد الكبير " ( 21/2
) .
قلت : و إسناده صحيح لولا عنعنة حبيب ; فإنه مدلس .
و أورده الهيثمي في " المجمع " ( 7/280 ) هكذا موقوفا و قال :
" رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات " .
قلت : و علقه البخاري في " الأدب " من " الصحيح " ( 10/436 - فتح ) و قال
الحافظ :
" وصله الطبراني من طريق عبد الله بن باباه عن ابن مسعود قال : ... و أخرجه ابن
المبارك في " كتاب البر و الصلة " من وجه آخر عن ابن مسعود ، و عن عمر مثله ،
لكن قال : و انظروا لا تكلموا دينكم " .
و قال البيهقي عقبه :
" روي عن علي رضي الله عنه . و أسنده بعض الضعفاء عن عبد الله ، و ليس بشيء " .
قلت : و قد أخرجه الدارمي ( 1/92 ) عن علي موقوفا بلفظ :
" خالطوا الناس بألسنتكم و أجسادكم ، و زايلوهم بأعمالكم و قلوبكم ، فإن للمرء
ما اكتسب ، و هو يوم القيامة مع من أحب " .
قلت : و إسناده حسن .
و الحديث عزاه في " الجامع الكبير " ( 2/17/2 ) و " المنتخب " ( 1/132 )
للعسكري في " الأمثال " عن ثوبان .
نعم قد صح الحديث مرفوعا بلفظ :
" خالطوهم بأجسادكم ، و زايلوهم بأعمالكم " .
و هو مخرج في " الصحيحة " رقم ( 452 ) .

(3/186)


1188 - " الخلافة بالمدينة و الملك بالشام " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/337 ) :

ضعيف
رواه البخاري في " التاريخ " ( 2/2/16 ) و الحاكم ( 3/72 ) و البيهقي في "
الدلائل " ( 6/447 - طبع بيروت ) عن هشيم عن العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي
سليمان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا . و قال الحاكم :
" صحيح " .
و تعقبه الذهبي بقوله :
" قلت : سليمان و أبوه مجهولان " .
و قال في " الميزان " :
" سليمان لا يكاد يعرف " .
و في " المنتخب " لابن قدامة ( 10/206/1 ) :
" قال مهنا : و سألت يحيى ( يعني ابن معين ) عن سليمان بن أبي سليمان يحدث عنه
العوام بن حوشب عن أبي هريرة ( فذكر الحديث ) فقال : لا نعرف هذا يعني سليمان
بن أبي سليمان . و قال لي أحمد : أصحاب أبي هريرة المعروفون ليس هذا عندهم " .
و في " الجامع الكبير " ( 1/340/1 ) :
" رواه البخاري في " تاريخه " و الحاكم و تعقب ، و ابن عساكر عن أبي هريرة ،
و نعيم بن حماد في " الفتن " عنه موقوفا " .

(3/187)


1189 - " جزى الله عز وجل العنكبوت عنا خيرا ، فإنها نسجت علي و عليك يا أبا بكر في
الغار ، حتى لم يرنا المشركون و لم يصلوا إلينا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/338 ) :

منكر
رواه الديلمي في " مسند الفردوس " : نا والدي و قال : أنا أحبها منذ سمعت شيخي
أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد المراغي و المطهر بن محمد بن جعفر البيع بأصبهان
قالا : إنا نحبها منذ سمعنا من أبي سعد إسماعيل بن علي بن الحسين السمان قال :
أنا أحبها منذ سمعت من أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن جعفر الصوفي قال :
أنا أحبها منذ سمعت من أبي بكر محمد بن محمود الفارسي الزاهد ببلخ قال : أنا
أحبها منذ سمعت أبا سهل ميمون بن محمد بن يونس الفقيه قال : أنا أحبها منذ سمعت
من عبد الله بن موسى السلامي قال : أنا أحبها منذ سمعت من إبراهيم بن محمد قال
: أنا أحبها منذ سمعت من أحمد بن العباس الحصري قال : أنا أحبها منذ سمعت من
عبد الملك بن قريب الأصمعي قال : أنا أحبها منذ سمعت ابن عون قال : أنا أحبها
منذ سمعت من محمد بن سيرين قال : أنا أحبها منذ سمعت من أبي هريرة قال : أنا
أحبها منذ سمعت من أبي بكر الصديق يقول : لا أزال أحب العنكبوت منذ رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبها و قال : فذكره . قال الديلمي : و أنا أحبها
منذ سمعت والدي يقول هذا الحديث .
قلت : أما أنا فلا أحبها و لا أبغضها لعدم ثبوت الحديث المذكور عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، بل هو منكر إن لم يكن موضوعا ، و إن سكت عليه السيوطي في
" الجامع الكبير " ( 3/146/1 - 2 ) ، لأن عبد الله بن موسى السلامي ترجمه
الخطيب ( 10/148 - 149 ) و قال :
" في رواياته غرائب و مناكير و عجائب " .
ثم روى عن أبي سعد الإدريسي الحافظ أنه قال :
" كان صحيح السماع إلا أنه كتب عمن دب و درج من المجهولين و أصحاب الزوايا .
قال : و كان أبو عبد الله بن منده سيىء الرأي فيه ، و ما أراه كان يتعمد الكذب
في فضله " .
و قال الذهبي :
" روى حديثا ما له أصل ، سلسله بالشعراء ، منهم الفرزدق " .
قلت : و الحديث المشار إليه رواه الخطيب ( 3/98 - 99 ) .
و شيخه إبراهيم بن محمد لم أعرفه ، و لعله من شيوخه المجهولين الذين أشار إليهم
الخطيب فيما تقدم .
و في من دونه جماعة لم أعرفهم .
و اعلم أنه لا يصح حديث في عنكبوت الغار و الحمامتين على كثرة ما يذكر ذلك في
بعض الكتب و المحاضرات التى تلقى بمناسبة هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
، فكن من ذلك على علم . و قد مضى منها ثلاثة أحاديث ( ص 259 - 263 ) .

(3/188)


1190 - " حب قريش إيمان ، و بغضهم كفر ، و حب العرب إيمان ، و بغضهم كفر ، و من أحب
العرب فقد أحبني ، و من أبغض العرب فقد أبغضني " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/339 ) :

ضعيف جدا
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 451 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 2306 ) عن
معقل بن مالك قال : حدثنا الهيثم بن جماز قال : حدثنا ثابت عن أنس مرفوعا .
و قال الطبراني :
" لم يروه عن ثابت إلا الهيثم " .
و قال العقيلي :
" حديثه غير محفوظ ، قال ابن معين : ضعيف " .
و قال النسائي في " الضعفاء و المتروكين " ( 30 ) :
" متروك الحديث " .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10/23 ) :
" رواه البزار ( و في مكان آخر 10/53 : الطبراني في " الأوسط " ) ، و فيه
الهيثم بن جماز و هو متروك " .
و أخرج الحاكم ( 4/87 ) منه قوله :
" حب العرب إيمان ، و بغضهم نفاق " . و قال :
" صحيح الإسناد " .
و رده الذهبي بقوله :
" قلت : الهيثم متروك ، و معقل ضعيف " .
قال في " الفيض " :
" قال العراقي في " القرب " : لكن له شاهد من حديث ابن عمر في " المعجم الكبير
" للطبراني " .
قلت : و هو ضعيف ، و مع ضعفه فلا يؤثر في المشهود له لشدة ضعفه كما هو معروف ،
ثم إن شهادته قاصرة ، فإن لفظه :
" لا يبغض العرب مؤمن ، و لا يحب ثقيفا إلا مؤمن " .

(3/189)


1191 - " لا يبغض العرب مؤمن ، و لا يحب ثقيفا إلا مؤمن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/340 ) :

ضعيف
قال في " المجمع " ( 10/53 ) بعد أن ذكره من حديث ابن عمر مرفوعا :
" رواه الطبراني ، و فيه سهل بن عامر و هو ضعيف " .
قلت : و الشطر الثاني رواه الطبراني ( 12339 ) من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ :
" ... رجل يؤمن بالله و اليوم الآخر " . و فيه نعيم بن حماد و هو ضعيف .
و للشطر الأول منه شاهد و لكنه ضعيف جدا و لفظه :
" لا يبغض العرب إلا منافق " .

(3/190)


1192 - " لا يبغض العرب إلا منافق " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/340 ) :

ضعيف جدا
أخرجه ابن عدي ( 145/1 ) عن إسماعيل بن عياش عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين
عن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه مرفوعا و قال :
" زيد بن جبيرة عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد " .
قلت : و في " التقريب " :
" متروك " .
و الحديث في " زوائد المسند " ( 1/81 ) من هذا الوجه ، لكنه قال : " عن علي " !

(3/191)


1193 - " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة إذا وافق يوم جمعة ، و هو أفضل من سبعين
حجة في غيرها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/341 ) :

لا أصل له
قال السخاوي في " الفتاوى الحديثية " ( ق 105/2 ) :
" ذكره رزين في " جامعه " مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، و لم يذكر
صحابيه ، و لا من خرجه . والله أعلم " .

(3/192)


1194 - " جاءني جبريل فلقنني لغة أبي إسماعيل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/341 ) :

منكر
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1/117 ) معلقا عن أحمد بن يحيى بن الحجاج
الجرواآني عن عمرو بن علي : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس عن نافع
عن ابن عمر قال :
قال عمر : يا نبي الله مالك أفصحنا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و قال في أحمد هذا :
" حدث بمناكير ، و هذا من مناكير حديثه " .
قلت : و من مناكيره ما سيأتي بلفظ : " من كسح مسجدا ... " .

(3/193)


1195 - " حامل القرآن موقى " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/341 ) :

ضعيف
رواه أبو حفص الكتاني في " حديثه " ( 134/1 ) و المخلص في " الفوائد المنتقاة "
( 8/10/2 ) عن أبي حفص عن شيخ من أهل الشام عن مكحول عن عثمان بن عفان
مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف و له علتان :
الأولى : جهالة هذا الشيخ الشامي .
الثانية : الانقطاع بين مكحول و عثمان .
و أبو حفص هو عمر بن عبد الرحمن الأبار و هو ثقة و كذلك سائر رجاله ثقات إلا ما
بينت .
و الحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للديلمي في " مسند الفردوس " فقال
شارحه المناوي :
" رواه عن عثمان من طريقين ، و فيه محمد بن راشد المكحولي ، قال النسائي : ليس
بالقوي " .
قلت : و لعل المكحولي هذا هو الشيخ الشامي في الطريق الأولى . والله أعلم .
ثم إنني رأيته في " مسند الفردوس " من طريق واحدة ، فإن النسخة المصورة التي
عندي سيئة ، و بعض صفحاتها غير ظاهرة ، أخرجه ( ص 89 ) من طريق سورة بن الحكم :
حدثنا محمد بن راشد عن مكحول به . و سورة هذا في حكم مجهول الحال ، فقد أورده
ابن أبي حاتم ( 2/1/327 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 9/227 ) و لم يذكرا فيه
جرحا و لا تعديلا .

(3/194)


1196 - " جلوس المؤذن بين الأذان و الإقامة في المغرب سنة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/342 ) :

ضعيف
رواه تمام في " الفوائد " ( رقم 2265 - نسختنا ) من طريق أبي جعفر محمد بن علي
ابن الخضر البزاز - بالرقة - : حدثنا إسحاق بن عبد الله أبو يعقوب البوقي من
كتابه : حدثنا هشيم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و فيه علتان :
الأولى : تدليس هشيم ، فقد كان مدلسا كثير التدليس كما في " التقريب " ، و قد
عنعنه .
الثانية : البوقي هذا ، أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" روى عن مالك و هشيم ، قال ابن منده : له مناكير " .
و أما أبو جعفر محمد بن علي بن الخضر ، فقد أورده أبو علي الحراني في " تاريخ
الرقة " ( ق 42/2 ) فقال :
" مات محمد بن الخضر بن علي بالرافقة <1> في ذي الحجة سنة إحدى و تسعين
و مائتين " .
كذا وقع فيه : " الخضر بن علي " على القلب فلا أدري أهذا هو الصواب أم ما في
نسختنا من " الفوائد " ؟ والله أعلم .
ثم رأيته في " زهر فردوس الديلمي " ( 2/74 ) و أصله " مسند الفردوس " ( ص 74 -
75 ) وفق ما في " التاريخ " فهذا هو الصواب . والله أعلم .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي في " مسند
الفردوس " وحده عن أبي هريرة بلفظ : " الإمام " بدل " المؤذن " ، و استدرك عليه
المناوي " فوائد تمام " ، و أعله بهشيم فقط ، و لم يتعرض لاختلاف اللفظ ، والله
أعلم .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هي الرقة نفسها ، بلدة كبيرة على الفرات في سورية . اهـ .
1

(3/195)


1197 - " خير نساء أمتي أصبحهن وجها ، و أقلهن مهورا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/343 ) :

موضوع
رواه ابن عدي ( 97/2 ) و عنه ابن عساكر ( 5/64/1 ) عن حسين بن المبارك الطبراني
: حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا و قال
ابن عدي :
" هذا الحديث منكر المتن ، و إن كان عن إسماعيل بن عياش لأن إسماعيل يخلط في
حديث الحجاز و العراق ، و هو ثبت في حديث الشام ، و البلاء في هذا الحديث من
الحسين بن المبارك هذا لا من إسماعيل بن عياش ، و الحسين أحاديثه مناكير " .
قلت : و نقل الذهبي عن ابن عدي أنه قال فيه : " متهم " . و لم أجد هذا في
ترجمته من " الكامل " . والله أعلم . ثم ساق له أحاديث هذا أحدها .

(3/196)


1198 - " جئتم تسألوني عن ذي القرنين ، إن أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا
فسار حتى أتى ساحل أرض مصر ، فابتنى مدينة يقال لها : الإسكندرية " الحديث
بطوله .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/343 ) :

ضعيف جدا
أخرجه ابن عساكر ( 6/57/1 - 2 ) عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم عن
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن سعيد بن مسعود عن رجلين من كندة من قومه قالا :
استطلنا يومنا فانطلقنا إلى عقبة بن عامر الجهني ، فوجدناه في ظل داره
جالسا فقلنا له : إنا استطلنا يومنا فجئنا نتحدث عندك ، فقال : و أنا استطلت
يومي فخرجت إلى هذا الموضع ، قال : ثم أقبل علينا و قال :
كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجت ذات يوم فإذا أنا برجال من أهل
الكتاب بالباب معهم مصاحف ، فقالوا : من يستأذن لنا على رسول الله صلى الله
عليه وسلم ؟ فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : مالي و لهم
يسألونني عما لا أدري ؟ إنما أنا عبد لا أعلم إلا ما علمني ربي عز وجل . ثم قال
: ابغني وضوءا . فأتيته بوضوء فتوضأ ثم خرج إلى المسجد فصلى ركعتين ، ثم انصرف
فقال لي و أنا أرى السرور و البشر في وجهه ; فقال : أدخل القوم علي و من كان من
أصحابي فأدخله أيضا . فأذنت لهم فدخلوا فقال لهم : إن شئتم أحدثكم عما جئتم
تسألونني عنه من قبل أن تكلموا ، و إن شئتم فتكلموا قبل أن أقول ، قالوا : بل
أخبرنا ، قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف مظلم ، عبد الله بن عمر ، و عبد الرحمن بن زياد ضعيفان
.
و سعيد بن مسعود لم أعرفه .

(3/197)


1199 - " خير خلكم خل خمركم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/344 ) :

منكر .
أخرجه البيهقي في " المعرفة " من حديث المغيرة بن زياد عن أبي الزبير عن جابر
مرفوعا . و قال :
" المغيرة ليس بالقوي " .
كذا في " المقاصد الحسنة " ( رقم 456 ) .
قلت : و فيه علة أخرى و هي عنعنة أبي الزبير ، فإن كان مدلسا . و قال شيخ
الإسلام ابن تيمية في " الفتاوي " ( 1/71 ) :
" فهذا الكلام لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم ، و من نقله عنه فقد أخطأ ،
و لكن هو كلام صحيح ، فإن خل الخمر لا يكون فيها ماء ، و لكن المراد به الذي
بدأ الله بقلبه ، و أيضا فكل خمر يعمل من العنب بلا ماء فهو مثل خل الخمر " .
قلت : و قوله : " هو كلام صحيح " ليس بصحيح عندي على إطلاقه ، فإنه بظاهره يقر
اقتناء الخمر و تحويله خلا ، و ذلك يستفاد من قوله : " خمركم " فإنه أضاف الخمر
إلى المسلمين ! و هذا منكر من القول لا يعقل أن يصدر من النبي صلى الله عليه
وسلم و هو القائل حين سئل عن اتخاذ الخمر خلا : " لا " ، رواه مسلم و أبو داود
، و في روايته : " إنها كانت لأيتام فأمر بإراقتها " و لذلك كان القول الصحيح
في تخليل الخمر : إنه لا يجوز بحال من الأحوال .
قال شيخ الإسلام :
" فلما أمر صلى الله عليه وسلم بإراقتها ، و نهى عن تخليلها ، وجبت طاعته فيما
أمر به و نهى عنه فيجب أن تراق الخمرة و لا تخلل ، هذا مع كونهم كانوا يتامى ،
و مع كون تلك الخمر كانت متخذة قبل التحريم ، فلم يكونوا عصاة " .
و مما سبق من التخريج يتبين أن قول ابن الجوزي في " التحقيق " ( 1/66 ) : إنه
حديث لا أصل له ، ليس بصواب ، و إن كان عبد الهادي أقره في " التنقيح " عليه ،
فإن تخريج البيهقي إياه يرد قولهما .
و قال العجلوني في " الكشف " :
" و حكم ابن الجوزي عليه بالوضع كالصغاني " .
و فيه ما سبق ، إلا أن يقصدا المعنى ; فهو قريب .

(3/198)


1200 - " الجفاء و البغي بالشام " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/345 ) :

موضوع
رواه ابن عدي ( 25/1 ) و عنه ابن الجوزي في " العلل " ( 1/312 ) عن الفضل بن
المختار عن أبان عن أنس مرفوعا . و قال :
" أبان بن أبي عياش بين الأمر في الضعف ، و أرجو أنه ممن لا يتعمد الكذب إلا
أنه يشتبه عليه و يغلط ، و هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق " .
قلت : و هو متروك و قد كذبه شعبة .
و الفضل بن المختار قال الذهبي :
" غير ثقة " .
و الحديث أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 87 ) من رواية ابن
عدي و قال :
" أورده ابن الجوزي في " العلل " و قال :
لا يصح ، أبان متروك الحديث ، و الفضل بن المختار قال أبو حاتم : يحدث
بالأباطيل " .
قلت : فهو بكتابه " الموضوعات " أولى .

(3/199)


1201 - " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، و زنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، فإنه أهون
عليكم في الحساب غدا ، أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، و تزينوا للعرض الأكبر
*( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية )* " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/346 ) :

موقوف
علقه ابن الجوزي في " تاريخ عمر بن الخطاب " ( ص 176 - 177 ) عن ثابت بن حجاج
قال : قال عمر : فذكره . و قد وصله أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 1/52 )
من طريق جعفر بن برقان عن ثابت بن حجاج به . و إسناده جيد في " حلية الأولياء "
( 1/52 ) من طريق جعفر بن برقان عن ثابت بن حجاج به . و إسناده جيد ; إن كان
ثابت سمعه من عمر ; فإن صورته صورة المعلق المنقطع ، و قد ذكر له الحافظ في "
التهذيب " رواية عن بعض الصحابة ليس منهم عمر ، بل إن البخاري و ابن أبي حاتم
لم يذكرا له رواية إلا عن بعض التابعين ، و لذلك أورده ابن حبان في أتباع
التابعين من كتابه " الثقات " ( 6/127 ) و قال :
" روى عن جماعة من التابعين " . والله أعلم .
و رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 13/58/1 ) من طريق أخرى عن مالك بن مغول
بلاغا عن عمر نحوه . و علق الفقرة الأولى منه الحكيم الترمذي في " كتاب الأكياس
و المغترين " ( 31 ) عن عمر موقوفا دون إسناد .

(3/200)


1202 - " كان يأكل بكفه كلها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/347 ) :

موضوع
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 4/90 ) و ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3/35 -
36 ) من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن أخي ابن شهاب عن امرأته أم الحجاج بنت
محمد بن مسلم قالت :
كان أبي يأكل بكفه ( الأصل : بكفيه و هو خطأ مطبعي ) فقلت : لو أكلت بثلاث
أصابع . قال : فذكره .
أورده العقيلي في ترجمة ابن أخي الزهري و اسمه محمد بن عبد الله بن مسلم ، و قد
ضعفه بعضهم ، و قال العقيلي عقبه :
" لم يتابع عليه " .
و أقول : الراجح فيه أنه " صدوق صالح " كما قال الذهبي ، و احتج به الشيخان .
و إنما علة الحديث عندي امرأته أم الحجاج فإني لم أعرفها ، و أبوها محمد بن
مسلم هو الإمام الزهري عم زوج ابنته ، و هو تابعي صغير ، فالحديث إلى الجهالة
التي فيه مرسل أو معضل .
و أما ابن الجوزي فلم يعرفه ، لأنه لم يقع مسمى في روايته ، فقال :
" هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و المرأة مجهولة و أبوها
لا يعرف ، و في " الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث
أصابع " .
و هذا الحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و المرأة مجهولة
و أبوها لا يعرف ، و في " الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بثلاث
أصابع " .
و هذا الحديث الموضوع أصل تلك العادة المتبعة في بعض البلاد العربية ، و هي
أكلهم الأرز و نحوه بأكفهم من " المناسف " ، فهم بذلك يخالفون السنة الصحيحة ،
و هي الأكل بثلاث أصابع ، و يعملون بالحديث الموضوع المخالف لها !
و من الغريب أن بعضهم يستوحش من الأكل بالمعلقة ، ظنا منه أنه خلاف السنة ! مع
أنه من الأمور العادية ، لا التعبدية ، كركوب السيارة و الطيارة و نحوها من
الوسائل الحديثة ، و ينسى أو يتناسى أنه حين يأكل بكفه أنه يخالف هديه صلى الله
عليه وسلم .

(3/201)


1203 - " الجمعة واجبة على خمسين رجلا ، و ليس على من دون الخمسين جمعة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/348 ) :

موضوع
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( رقم - 7952 ) و ابن عدي ( 53/2 )
و الدارقطني ( 164 ) عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا . و قال
:
" و جعفر هذا أحاديثه عامتها مما لا يتابع عليه ، و الضعف على حديثه بين " .
و قال الدارقطني :
" و جعفر متروك " .
قال المناوي في " الفيض " :
" قال الذهبي في " المهذب " : حديث واه . و قال الهيثمي : فيه جعفر بن الزبير
صاحب القاسم و هو ضعيف جدا ، و قال ابن حجر : جعفر بن الزبير متروك " .
و يعارضه الحديث الآتي ، و هو مثله في الوضع ، أو شر منه رواية ! و كلاهما من
الأحاديث التي شان بها السيوطي كتابه " الجامع الصغير " ، و قد سبق التنبيه على
الكثير من أمثالها . والله المستعان .

(3/202)


1204 - " الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام ، و إن لم يكونوا إلا أربعة حتى ذكر
صلى الله عليه وسلم ثلاثة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/348 ) :

موضوع
رواه ابن عدي ( 65/2 ) عن معاوية بن سعيد التجيبي عن الحكم بن عبد الله بن سعيد
عن الزهري عن أم عبد الله الدوسية مرفوعا و قال :
" الحكم أحاديثه كلها موضوعة ، و ما هو منها معروف المتن فهو باطل بهذا الإسناد
، و ما أمليت له عن القاسم بن محمد و الزهري و غيرهما كلها مما لا يتابعه
الثقات عليه " .
و من طريقه أخرجه ابن منده في " المعرفة " ( 2/358/2 ) و الدارقطني ( 165 و 166
) و قال :
" الزهري لا يصح سماعه من الدوسية ، و الحكم هذا متروك " .
و قال في موضع آخر :
" و لا يصح هذا عن الزهري ، كل من رواه عنه متروك " .
( فائدة ) : لقد اختلفت أقوال العلماء كثيرا في العدد الذي يشترط لصحة صلاة
الجمعة حتى بلغت إلى خمسة عشر قولا ، قال الإمام الشوكاني في " السيل الجرار "
( 1/298 ) :
" و ليس على شيء منها دليل يستدل به قط ، إلا قول من قال : إنها تنعقد جماعة
الجمعة بما تنعقد به سائر الجماعات " .
قلت : و هذا هو الصواب إن شاء الله تعالى .

(3/203)


1205 - " أخوك البكري و لا تأمنه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/349 ) :

ضعيف
أخرجه البخاري في " التاريخ " ( 4/1/39 ) و أبو داود ( 4861 ) و أحمد ( 5/289 )
و ابن سعد ( 4/296 ) من طريق ابن إسحاق عن عيسى بن معمر عن عبد الله بن عمرو
ابن الفغواء الخزاعي عن أبيه قال :
" دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم و قد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان
يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح ، فقال : " التمس صاحبا " ، قال : فجاءني عمرو بن
أمية الضمري ، فقال : بلغني أنك تريد الخروج ، و تلتمس صاحبا ، قال : قلت : أجل
، قال : فأنا لك صاحب ، قال : فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : قد
وجدت صاحبا ، قال : فقال : " من ؟ " قلت : عمرو بن أمية الضمري ، قال :
" إذا هبطت بلاد قومه فاحذره ، فإنه قد قال القائل : أخوك البكري و لا تأمنه "
.
فخرجنا حتى إذا كنت بـ ( الأبواء ) ، قال : إني أريد حاجة إلى قومي بـ ( ودان )
، فتلبث لي ، قلت : راشدا ، فلما ولى ، ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم ،
فشددت على بعيري حتى خرجت أوضعه ، حتى إذا كنت بـ ( الأصافر ) إذا هو يعارضني
في رهط ، قال : و أوضعت ، فسبقته ، فلما رآني قد فته ، انصرفوا ، و جاءني فقال
: كانت لي إلى قومي حاجة ، قال : قلت : أجل ، و مضينا حتى قدمنا مكة ، فدفعت
المال إلى أبي سفيان " .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و له علتان :
الأولى : الجهالة . قال الذهبي في " الميزان " :
" عبد الله بن عمرو بن الفغواء لا يعرف " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" مستور " .
و الأخرى : عنعنة ابن إسحاق فإنه مدلس معروف لكنه قد صرح بالتحديث عند البخاري
.
و له شاهد ، لكنه ضعيف جدا ، فلا يصلح للتقوية ، لأنه يرويه زيد بن عبد الرحمن
ابن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن أسلم قال :
" خرجت في سفر ، فلما رجعت قال لي عمر : من صحبت ؟ قلت : صحبت رجلا من بني بكر
ابن وائل ، فقال عمر : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ... "
فذكره .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 3927 بترقيمي ) و العقيلي في " الضعفاء "
( 138 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 14/2 و 147/1 ) و قال :
" و الحديث بهذا الإسناد منكر " . و قال الطبراني :
" لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد " .
قلت : و آفته زيد بن الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال العقيلي :
" لا يتابع عليه و لا يعرف إلا به " .
قلت : و أبوه ضعيف جدا ، و قد سبقت ترجمته في المجلد الأول تحت الحديث ( 25 ) .
ثم رواه العقيلي و ابن عدي عن البخاري أنه قال فيه :
" منكر الحديث " .
و هذا معناه عنده أنه متهم ، والله أعلم .

(3/204)


1206 - " حب علي يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/350 ) :

باطل
رواه ابن عساكر ( 4/214/2 و 12/121/2 ) و كذا الخطيب ( 4/194 ) عن أحمد بن
شبويه : حدثنا محمد بن سلمة الواسطي : حدثنا يزيد بن هارون : حدثنا حماد بن
سلمة عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا . و قال الخطيب :
" رجال إسناده الذين بعد محمد بن سلمة كلهم معرفون ثقات ، و الحديث باطل مركب
على هذا الإسناد " .
و في ترجمة أحمد هذا من " اللسان " بعد أن ذكر كلام الخطيب :
" قلت : و محمد بن سلمة ستأتي ترجمته و أنه ضعيف ، و الراوي عنه أحمد بن شبويه
هذا مجهول ، فالآفة من أحدهما " .
و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1/370 ) من رواية الخطيب هذه
و نقل كلامه فيه . و أيده السيوطي فنقل كلام " اللسان " .

(3/205)


1207 - " جرير منا أهل البيت ظهرا لبطن . قالها ثلاثا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/351 ) :

منكر
رواه الطبراني ( برقم - 2211 ) عن سليمان بن إبراهيم بن جرير عن أبان بن
عبد الله البجلي عن أبي بكر بن حفص قال : قال علي بن أبي طالب فذكره مرفوعا
.
و من هذا الوجه رواه ابن عدي ( 25/2 ) و قال :
" و أبان هذا عزيز الحديث ، و لم أجد له حديثا منكر المتن فأذكره ، و أرجو أنه
لا بأس به " .
و قال الذهبي :
" حسن الحديث وثقه ابن معين ، و مما أنكر عليه هذا الحديث " .
قلت : و الراوي عنه سليمان بن إبراهيم بن جرير قال الحافظ في " اللسان " :
" لا يعرف حاله ، و لم يذكر فيه ابن أبي حاتم شيئا " .
قلت : فلعله هو علة هذا الحديث .

(3/206)


1208 - " حسان حجاز بين المؤمنين و المنافقين ، لا يحبه منافق ، و لا يبغضه مؤمن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/351 ) :

ضعيف
رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 4/185/1 ) عن محمد بن عمر الواقدي : حدثني
سعيد بن أبي زيد الأنصاري قال : و حدثني من سمع أبا عبيدة بن عبد الله بن زمعة
الأسدي يخبر أنه سمع حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع عائشة تقول :
فذكره مرفوعا .
قلت : الواقدي كذاب ، لكن رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 3/149 ) و ابن عساكر
من طريق آخر عن أبي ثمامة عن عمر بن إسماعيل عن هشام بن عروة عن أبيه عنها نحوه
.
و عمر هذا ; قال الذهبي :
" لا يدرى من هو أصلا " .
ثم ذكر له هذا الحديث .
و قال العقيلي :
" الحديث غير محفوظ ، و لا يعرف من هذا الوجه ، و كلاهما هو و الراوي عنه مجهول
" .

(3/207)


1209 - " صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا ، فما رأيته ترك ركعتين
إذا زاغت الشمس قبل الظهر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/352 ) :

ضعيف
أخرجه أبو داود ( 1222 ) و الترمذي ( 2/435 ) و البيهقي ( 3/158 ) من طريق
صفوان بن سليم عن أبي بسرة الغفاري عن البراء بن عازب قال : فذكره .
و قال الترمذي :
" حديث غريب ، و سألت محمدا عنه ، فلم يعرف اسم أبي بسرة الغفاري ، و رآه حسنا
" .
قلت : و لعل محمدا ( و هو البخاري ) يعني الحسن بمعناه اللغوي لا الاصطلاحي ،
فإنه بالاعتبار الثاني ضعيف غريب كما قال الترمذي رحمه الله تعالى ، و علته أبو
بسرة هذا قال الذهبي في " الميزان " :
" لا يعرف ، تفرد عنه صفوان بن سليم " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" مقبول " .
يعني عند المتابعة كما نص عليه في المقدمة ، و إلا فلين الحديث ، و بما أنه لم
يتابع على هذا الحديث ، فهو عنده ضعيف .
و لسنا نعلم حديثا صحيحا في محافظته صلى الله عليه وسلم على شيء من السنن
الرواتب في السفر سوى سنة الفجر و الوتر . والله أعلم .

(3/208)


1210 - " أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الأقراء ، أو ثلاثا مبهمة ، لم تحل له حتى
تنكح زوجا غيره " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/353 ) :

ضعيف
أخرجه البيهقي ( 7/336 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( رقم - 2757 ) من
طريق محمد بن حميد الرازي : نا سلمة بن الفضل عن عمرو بن أبي قيس عن إبراهيم بن
عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال :
" كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي رضي الله عنه ، فلما قتل علي رضي الله
عنه قالت : لتهنأك الخلافة ! قال : بقتل علي تظهرين الشماتة ! اذهبي فأنت طالق
، يعني ثلاثا ، قال : فتلفعت بثيابها و قعدت حتى قضت عدتها ، فبعث إليها ببقية
بقيت لها من صداقها ، و عشرة آلاف صدقة ، فلما جاءها الرسول قالت : متاع قليل
من حبيب مفارق ، فلما بلغه قولها بكى ثم قال : لولا أني سمعت جدي ، أو حدثني
أبي أنه سمع جدي يقول : ( فذكره ) لراجعتها " .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، و له علتان :
الأولى : سلمة بن الفضل و هو الأبرش القاضي ، قال الحافظ :
" صدوق كثير الخطأ " .
و الأخرى : محمد بن حميد الرازي ، قال الحافظ :
" حافظ ضعيف ، و كان ابن معين حسن الرأي فيه " .
قلت : بل هو ضعيف جدا ، كما يتبين لمن راجع أقوال أئمة الجرح فيه ، و لهذا قال
الذهبي في " الضعفاء " :
" قال أبو زرعة : كذاب ، و قال صالح : ما رأيت أحذق بالكذب منه و من الشاذكوني
" .
قلت : و لا يتقوى هذا الإسناد بقول البيهقي عقبه :
" و كذلك روي عن عمرو بن شمر ، عن عمران بن مسلم و إبراهيم بن عبد الأعلى عن
سويد بن غفلة " .
و ذلك لأن عمرو بن شمر متهم ، قال البخاري :
" منكر الحديث " .
و قال النسائي و الدارقطني و غيرهما :
" متروك الحديث " .
و قال ابن حبان :
" رافضي يشتم الصحابة ، و يروي الموضوعات عن الثقات " .
قلت : إذا تبين ذلك ، فمن العجيب ما نقله الشيخ زاهد الكوثري في كتابه "
الإشفاق على أحكام الطلاق " ( ص 24 ) عن الحافظ ابن رجب الحنبلي عقب هذا الحديث
، فقال :
" و إسناده صحيح ، قاله ابن رجب الحنبلي الحافظ بعد أن ساق هذا الحديث في كتابه
( بيان مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة ) " .
فإن صح هذا النقل عن ابن رجب فإنها زلة فاحشة منه ، و إلا فالكوثري معروف لدى
المحققين من أهل العلم باتباعه لهواه في كثير مما ينقل ، أو يحكم ، و من ذلك
الحديث الآتي بعده .
و قصة إمتاع الحسن امرأته و قولها : " متاع قليل " لها طريقان آخران عند
الطبراني ( 2561 و 2562 ) .

(3/209)


1211 - " إن أباكم لم يتق الله تعالى ، فيجعل له من أمره مخرجا ، بانت منه بثلاث على
غير السنة ، و تسعمائة و سبع و تسعون إثم في عنقه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/355 ) :

ضعيف جدا
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 236/1 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " من
طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي عن داود بن إبراهيم عن عبادة بن الصامت
قال :
" طلق بعض آبائي امرأته ألفا ، فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا : يا رسول الله إن أبانا طلق أمنا ألفا ، فهل له من مخرج ؟ قال .. "
فذكره .
و في رواية للطبراني عن عبادة أيضا قال :
" طلق جدي امرأة له ألف تطليقة ، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألته
؟
فقال : أما اتقى الله جدك ؟ ! أما ثلاثة فله ، و أما تسعمائة و سبعة و تسعون
فعدوان و ظلم ، إن شاء عذبه و إن شاء غفر له " .
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 4/338 ) :
" رواه كله الطبراني ، و فيه عبيد الله بن الوليد الوصافي العجلي و هو ضعيف " .
و كذا قال الحافظ في " التقريب " أنه ضعيف .
و قال الذهبي في " الضعفاء " :
" ضعفوه " .
قلت : و الأقرب قول ابن عدي فيه :
" الوصافي ضعيف جدا ، يتبين ضعفه على حديثه " .
و في ترجمته ساق له هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه من حديثه ، و كذلك صنع
الذهبي في " الميزان " ، و ذكر أن النسائي و الفلاس قالا في الوصافي :
" متروك " ، أي شديد الضعف .
و قال ابن حبان في " الضعفاء و المتروكين " ( 2/63 ) :
" منكر الحديث جدا ، يروي عن الثقات ما لا يشبه الأثبات ، حتى يسبق إلى القلب
أنه المعتمد له فاستحق الترك " .
قلت : و هذا الحديث يرويه الوصافي عن داود بن إبراهيم ، و هو مجهول . قال
الذهبي و تبعه العسقلاني :
" لا يعرف ، و قال الأزدي : لا يصح حديثه " .
قلت : و كأن الأزدي عنى حديثه هذا . والله أعلم .
و مع هذا الضعف الشديد في إسناد هذا الحديث ، فقد سكت عليه الشيخ زاهد الكوثري
في كتابه المشار إليه في الحديث السابق ، بل أوهم أنه لا علة فيه فإنه قال بعد
أن ساقه من طريق الطبراني ( ص 31 ) :
" و مثله في " مسند عبد الرزاق " عن جده عبادة ، إلا أن في رواية عبد الرزاق
عللا " !
فمفهوم هذا أن رواية الطبراني لا علل فيها ، خلافا لرواية عبد الرزاق ، و ليس
كذلك ، فقد بينا لك أن في إسناد الطبراني علتين أيضا ، فيصير الحديث بذلك ضعيفا
جدا ، فإياك أن تغتر بمقالات الكوثري و كتاباته فإنه على سعة اطلاعه و علمه
مدلس صاحب هوى ، و قد ذكرنا بعض الأمثلة على ذلك في الجزء الأول من هذه السلسلة
، و للشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني كتاب ضخم هام في الرد عليه
و الكشف عن أهوائه و أضاليله ، و تعصبه لمذهبه ، على أئمة الحديث و رجاله ،
أسماه " التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل " ، و هو في أربعة أقسام ،
و قد كنت قمت على طبعه و الحمد لله لأول مرة بتحقيقي و تعليقي في مجلدين ، ثم
طبع سرقة من بعض الناشرين ; منهم من صوره على أخطائه المطبعية دون أي جهد ،
و منهم من طبعه بحرف جديد ، و تصرف لا يليق ، و قد أعدنا النظر فيه مجددا ،
استعدادا لطبعة ثانية طبعة مصححة منقحة . والله ولي التوفيق .
ثم وقفت بعد سنين على إسناد عبد الرزاق في " مصنفه و قد طبع في بيروت سنة (
1392 هـ ) فإذا به يقول فيه ( 11339 ) : أخبرنا يحيى بن العلاء عن عبيد الله بن
الوليد العجلي عن إبراهيم عن داود بن عبادة قال : طلق جدي امرأة .. فذكره .
هكذا وقع فيه : إبراهيم عن داود .. و لعله من تضليلات يحيى بن العلاء ، فإنه
كان كذابا .
و هذا يؤكد للقارىء ما ذكرته آنفا في حق الكوثري ، و إلا لما جاز له أن يسكت
عنه و يكتفي بقوله : " إن فيه عللا " ! لأنه لا يقال هذا في اصطلاحهم و فيهم
الكذاب ! ! بل و فيه أيضا العلتان المتقدمتان في رواية الطبراني التي سكت عنها
الكوثري مضللا للقراء ! فتأمل كم في كلام الكوثري من تدليس و تضليل . نسأل الله
السلامة .

(3/210)


1212 - " صنعت هذا ( يعني الجمع بين الصلاتين ) لكي لا تحرج أمتي " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/357 ) :

ضعيف
رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 4276 ) عن عبد الله بن عبد القدوس عن
الأعمش عن عبد الرحمن بن ثروان عن زاذان عن عبد الله بن مسعود قال :
جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأولى و العصر ، و بين المغرب و العشاء
، فقيل له في ذلك فقال : فذكره . قال الطبراني :
" لم يروه عن الأعمش إلا عبد الله " .
قلت : و هو ضعيف عند الجمهور مثل ابن معين و أبي داود و النسائي و الدارقطني
و غيرهم . و لذلك قال الذهبي في " الضعفاء " :
" ضعفوه " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق رمي بالرفض ، و كان أيضا يخطىء " .
و الحديث قال الهيثمي ( 2/161 ) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " ، و فيه عبد الله بن عبد القدوس ;
ضعفه ابن معين و النسائي ، و وثقه ابن حبان ، و قال البخاري : " صدوق ، إلا أنه
يروي عن أقوام ضعفاء " . قلت : و قد روى هذا عن الأعمش و هو ثقة " .
قلت : نعم الأعمش ثقة ، و قول البخاري في الراوي عنه : " صدوق " لا ينفي كونه
ضعيفا ، بل غاية ما فيه أنه صدوق لا يكذب ، فإذا ثبت ضعفه الذهبي و العسقلاني
كما سبق ، فتأمل .
و أما قول الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 3/92 - بولاق ) :
" و قال أبو حاتم : لا بأس به " .
فغريب ، لم أره من ذكره غيره ، و لا أورده ابن أبي حاتم في كتابه ( 2/2/104 )
لا عن أبيه و لا عن غيره .
و الصحيح في هذا الباب حديث ابن عباس رضي الله عنه :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر و العصر ، و بين المغرب و العشاء
، بالمدينة من غير خوف ، و لا مطر ، قيل لابن عباس : ما أراد بذلك ؟ قال : أراد
أن لا يحرج أمته " .
أخرجه مسلم و الأربعة إلا ابن ماجه ، و هو مخرج في " الإرواء " ( 3/34 - 35 ) ،
و " صحيح أبي داود " ( 1096 ) .
فالحديث إذن حديث ابن عباس أخطأ فيه عبد الله بن عبد القدوس ، من وجهين :
الأول : أنه جعله من مسند ابن مسعود ، و هو عن ابن عباس .
و الآخر : أنه رفع التعليل بنفي الحرج و هو موقوف .
( فائدة ) : و اعلم أن حديث ابن عباس يدل على جواز الجمع في الإقامة لرفع الحرج
، و ليس مطلقا ، فتنبه لهذا فإنه هام .

(3/211)


1213 - " الغلاء و الرخص جندان من جنود الله ، اسم أحدهما : الرغبة ، و الآخر الرهبة ،
فإذا أراد الله أن يغليه قذف في قلوب التجار الرغبة فحبسوا ما في أيديهم ،
و إذا أراد الله أن يرخصه قذف في قلوب التجار الرهبة فأخرجوا ما في أيديهم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/358 ) :

موضوع
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 330 ) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال :
حدثنا العباس بن بكار الضبي قال : حدثنا عبد الله بن المثنى قال : حدثني ثمامة
ابن عبد الله عن أنس مرفوعا و قال :
" هذا حديث باطل لا أصل له " .
ذكره في ترجمة الضبي هذا و قال فيه :
" الغالب على حديثه الوهم و المناكير " .
قلت : و قال الدارقطني :
" كذاب " .
و قال الذهبي :
" اتهم بحديث : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن
فاطمة .. " الحديث و سيأتي ( 2688 ) .
ثم ساق له هذا الحديث و قال :
" أيضا باطل " .
و اتهمه الحافظ في " اللسان " بوضع ما رواه بسنده عن أم سلمة قالت :
" لم ير لفاطمة دم في حيض و لا نفاس " .
قلت : و الراوي عنه الغلابي كذاب أيضا ، فأحدهما اختلق هذا الحديث . و قد أورده
ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية العقيلي هذه ، و وافقه السيوطي في "
اللآلىء " ( رقم 1784 ) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار
الشنيعة الموضوعة " ( 293/2 ) .

(3/212)


1214 - " يا أيها الناس لا يغترن أحدكم بالله ، فإن الله لو كان غافلا شيئا لأغفل
البعوضة ، و الخردلة ، و الذرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/359 ) :

ضعيف جدا
أخرجه ابن أبي حاتم قال : ذكر عن أبي عمر الحوضي حفص بن عمر : حدثنا أبو أمية
ابن يعلى الثقفي : حدثنا سعيد بن أبي سعيد : سمعت أبا هريرة يقول : فذكره
مرفوعا .
كذا في " تفسير ابن كثير " ( 3/379 ) .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، و إنما سكت عنه ابن كثير لظهور ضعفه لأهل العلم ،
و له علتان :
الأولى : أبو أمية هذا و اسمه إسماعيل قال الذهبي في " الضعفاء " :
" بصري متروك " .
و الأخرى : الانقطاع بين ابن أبي حاتم و الحوضي .
و مع كل هذا أورده الرفاعي في " مختصره " ( 3/256 ) الذي زعم في مقدمته أنه
التزم فيه الأحاديث الصحيحة ! و ههيات أن يستطيع ذلك ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه
. المستعان .

(3/213)


1215 - " غرة العرب كنانة ، و أركانها تميم ، و خطباؤها أسد ، و فرسانها قيس ، و لله
تبارك و تعالى من أهل السماوات فرسان ، و فرسانه في الأرض قيس " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/360 ) :

باطل
رواه ابن عساكر ( 16/206/1 ) عن المستهل بن داود التميمي : نا عبد السلام بن
مكلبة عن عثمان بن عقال عن بان أبي مليكة عن أبي ذر الغفاري مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد مظلم لحديث باطل ، أورده ابن عساكر في ترجمة المستهل هذا ،
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و الراويان فوقه لم أجد من ذكرهما ! و لعل
الأول منهم هو آفة الحديث فإنه تميمي !
و الحديث مما سود به السيوطي جامعه الصغير ، و بيض له المناوي في كتابيه !

(3/214)


1216 - " لما ألقي إبراهيم في النار ، قال : اللهم إنك في السماء واحد ، و أنا في
الأرض واحد أعبدك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/360 ) :

ضعيف
أخرجه أبو يعلى و البزار ( 3/103/2349 - كشف الأستار ) قالا : حدثنا أبو هشام :
حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي جعفر عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و من هذا الوجه أخرجه الدارمي في " الرد على الجهمية " ( 75 ) و أبو نعيم في "
الحلية " ( 1/19 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 10/346 ) .
و أخرجه الذهبي في ترجمة أبي هشام و اسمه محمد بن يزيد الرفاعي الكوفي - و ذكر
اختلاف العلماء فيه - من طريق الحسن بن سفيان : حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي به
. ثم ضعفه بقوله :
" غريب جدا " .
و قال في " العلو للعلي الغفار " ( ص 7 ) <1> :
" حديث حسن الإسناد " !
و كذا قال في " الأربعين " له ( 178/1 ) .
و أقول :
بل هو ضعيف ، كما أفاده قوله الأول ، لأن فيه علتين :
الأولى : أبو جعفر و هو عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان . قال الحافظ :
" صدوق سيىء الحفظ " .
الثانية : أبو هشام هذا قال الحافظ :
" ليس بالقوي ، قال البخاري : رأيتهم مجمعين على ضعفه " .
و الحديث ذكره ابن كثير في " التفسير " بإسناد أبي يعلى ساكتا عليه ، فظن بعض
الجهلة أن سكوته يعني أنه صحيح عنده و ليس كذلك كما كنت بينته في مقدمة المجلد
الرابع من " الصحيحة " ، فقد أورده الشيخ نسيب الرفاعي في " مختصر تفسير ابن
كثير " ( 3/50 ) و تبعه بلديه الصابوني فأورده في " مختصره " أيضا ( 2/514 )
و قد زعما كلاهما أنهما التزاما في كتابيهما أن لا يذكرا إلا الأحاديث الصحيحة
، و كذبا - والله - فإنهما لم يفعلا ، و لا يستطيعان ذلك ، لأنهما لم يدرسا هذا
العلم مطلقا ، بل و ليس بإمكانهما أن يرجعا في ذلك إلى كتب أهل العلم و إلا
لاعتمدا عليهم في ما ادعياه من التصحيح ، و لذلك ركبا رأسيهما ، و جاءا ببلايا
و طامات لم يسبقا إليها . والله المستعان .
( تنبيه ) : ادعى الهيثمي ( 8/202 ) أن عاصما هذا هو ابن عمر بن حفص ، و أعل
الحديث به ، و إنما هو عاصم بن أبي النجود ، كما جاء مصرحا في رواية الدارمي ،
فإنه هو المعروف بالرواية عن أبي صالح ، و عنه أبو جعفر الرازي .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و قد اختصرته ، و حذفت منه الأحاديث المنكرة و الروايات الواهية ، و وضعت
له مقدمة هامة في تأييد مذهب السلف في الصفات ، و الرد على المؤولة و بعض
الجماعات الإسلامية التي لا تهتم بالدعوة لتصحيح المفاهيم على المنهج السلفي ،
و قد طبع هذه السنة ( 1981 ) . اهـ .
1

(3/215)


1217 - " العمامة على القلنسوة فصل ما بيننا و بين المشركين ، يعطى يوم القيامة بكل
كورة يدورها على رأسه نورا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/362 ) :

باطل
رواه الباوردي عن ركانة مرفوعا كما في " الجامع الصغير " و بيض المناوي له
فلم يتكلم عليه بشيء .
و قال الشيخ الكتاني في " الدعامة " ( ص 7 ) :
" إن سنده واه " .
يعني أنه ضعيف جدا كما في الصفحة ( 34 ) منه .
و قد صرح بشدة ضعف هذا الحديث الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي في كتابه " أحكام
اللباس " ( ق 9/2 ) فقال :
" و لولا شدة ضعف هذا الحديث لكان حجة في تكبير العمائم " .
قلت : و الحديث عندي باطل لأن تكثير كورات العمامة خلاف هدي النبي صلى الله
عليه وسلم فيها ، بل هو من ثياب الشهرة المنهي عنها في أحاديث خرجت بعضها في
آخر كتابي " حجاب المرأة المسلمة " .
و الشطر الأول من الحديث رواه الترمذي و ضعفه ، و هو مخرج في " الإرواء " (
1503 ) .

(3/216)


1218 - " حببوا الله إلى الناس يحببكم الله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/362 ) :

ضعيف
رواه خالد بن مرداس في " حديثه " ( 30/1 ) : حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن
عمرو عن عبد الله بن بسر اليحصبي قال : سمعت أبا أمامة الباهلي يقول :
فذكره موقوفا عليه . و من طريق ابن مرداس رواه ابن عساكر ( 8/151/2 ) .
قلت : و هذا سند موقوف حسن بل صحيح ، فإن ابن عياش صحيح الحديث إذا روى عن
الشاميين و هذا الحديث عنهم .
و ابن مرداس وثقه الخطيب ( 8/307 ) و قد أوقف الحديث و هو الصحيح .
و خالفه عبد الوهاب بن الضحاك فرواه عن ابن عياش به مرفوعا . لكن عبد الوهاب
هذا كذاب كما قال أبو حاتم و غيره ، و من طريقه رواه الطبراني في " الكبير "
و الضياء المقدسي في " المختارة " كما في " فيض القدير " فقد قال متعقبا على
السيوطي :
" و فيه عبد الوهاب بن الضحاك الحمصي ، قال في " الميزان " : كذبه أبو حاتم ،
و قال النسائي و غيره : متروك ، و قال الدارقطني : منكر الحديث ، و البخاري :
عنده عجائب ، ثم أورد له أوابد ها منها " .
ثم وقفت على إسناد الطبراني فتبين لي أن عبد الوهاب متابع ، قال الطبراني : "
حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي : حدثنا أبي ( ح ) : و حدثنا إبراهيم
ابن محمد بن عرق : حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك قالا : حدثنا بقية عن صفوان بن
عمرو به مرفوعا " .
كذا وجدته في جزء فيه أحاديث منقولة عن " معجم الطبراني الكبير " مع أسانيدها
في " المجموع " ( 6 ) . ثم رأيته هكذا في " المعجم " نفسه ( 7461 ) . ثم ساقه
عقبه ( 7462 ) بإسناد آخر له عن بقية به .
و عبد الوهاب بن نجدة ثقة ، فبرئت عهدة ابن الضحاك منه ، و تبين أن العلة من
بقية و هو ابن الوليد ، فإنه مدلس و قد عنعنه ، و أن تعصيب المناوي العلة
بعبد الوهاب غفلة منه عمن تابعه .

(3/217)


1219 - " العربون لمن عربن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/363 ) :

باطل
رواه الدارقطني في " الغرائب " : حدثنا بركة بن محمد الحلبي : حدثنا أحمد بن
علي بن أخت عبد القدوس : حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا .
قال في " الميزان " :
" هذا حديث باطل ، و بركة متهم . قال الدارقطني : ابن أخت عبد القدوس متروك
الحديث " .
كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي ( ص 128 ) و " تنزيه الشريعة " (
2/197 ) .
قلت : و مع هذا فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " أيضا من رواية الخطيب
في " رواة مالك " عن ابن عمر . و تعقبه المناوي بما نقلته عن " الذيل " غير أنه
لم يعزه إليه !

(3/218)


1220 - " حرمت الخمر لعينها قليلها و كثيرها ، و السكر من كل شراب " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/364 ) :

ضعيف
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 4/124 ) من طريقين عن أبي إسحاق السبيعي عن
الحارث عن علي مرفوعا .
و الحارث هذا هو ابن عبد الله الهمداني الأعور و قد كذبه أبو إسحاق السبيعي هذا
و الشعبي و ابن المديني .
نعم ورد هذا الحديث عن ابن عباس مرفوعا و موقوفا ، و الموقوف رواه النسائي (
2/332 ) و الطحاوي ( 2/324 ) و أحمد في " الأشربة " ( 59/109 ) و الطبراني (
10837 و 10839 - 10841 و 12389 و 12633 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 7/224 )
و إسناده صحيح ، و المرفوع علقه أبو نعيم ، و هي رواية شاذة مخالفة لرواية
الجماعة الموقوفة .
لكن رواه الطبراني من طريق ابن المسيب عن ابن عباس مرفوعا كما ذكره الزيلعي في
" نصب الراية " ( 4/307 ) و لم يتكلم على إسناده ن و لم يسقه الحافظ الهيثمي في
" المجمع " ( 5/53 ) مع أنه ساق الموقوف و عزاه للطبراني .
على أن نهاية بحث الزيلعي في هذا الحديث يدل على أن الصواب فيه أنه موقوف على
ابن عباس . والله أعلم .
و هذا الحديث استدلت به الحنفية على أن الخمر إنما هو ما كان من عصير العنب ،
فهذا يحرم منه قليله و كثيره ، و أن المسكر من الأشربة الأخرى التي تتخذ من
الحنطة و الشعير و العسل و الذرة فهي حلال ، و المحرم منها القدر المسكر فقط !
و هذا مذهب باطل لمخالفته النصوص الصحيحة الصريحة القاطعة بخلافه مثل قوله
صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر ، و كل خمر حرام " رواه مسلم و غيره عن ابن
عباس <1> . و قوله صلى الله عليه وسلم : " ما أسكر كثيره فقليله حرام " و هو
حديث صحيح ورد عن نحو ثمانية من الصحابة بأسانيد ثابتة قد أوردها الزيلعي في "
نصب الراية " ( 4/301 - 306 ) و خرجت طائفة منها في " الإرواء " ( 2375 و 2376
) ، و قد روى بعضها النسائي في " سننه " ( 2/327 ) ثم قال :
" و في هذا دليل على تحريم السكر قليله و كثيره ، و ليس كما يقول المخادعون
لأنفسهم بتحريمهم آخر الشربة ، و تحليلهم ما تقدمها الذي يسري في العروق قبلها
، و لا خلاف بين أهل العلم أن السكر بكليته لا يحدث على الشربة الآخرة دون
الأولى و الثانية بعدها ، و بالله التوفيق " .
( تنبيه ) : ما حكيناه عن الحنفية آنفا هو الذي حكاه الطحاوي عن أبي حنيفة
و صاحبيه رحمهم الله ، و رواه الإمام محمد في " الآثار " ( ص 148 ) عن أبي
حنيفة و أقره . لكن ذكر العلامة أبو الحسنات اللكنوي في " التعليق الممجد على
موطأ محمد " ( ص 311 ) أن الإمام محمد يقول بتحريم شرب قليل كل مسكر و كثيره
أسكر أو لم يسكر ، كما هو مذهب الجمهور ، فلعل الإمام محمدا له في المسألة
قولان . و لكن القول الثاني هو الصواب لموافقته للأحاديث الصحيحة التي سبقت
الإشارة إليها و ذكرنا بعضها .
و من الآثار السيئة لهذا الحديث أنه يلزم من القول به إباحة المسكرات المتخذة
من غير العنب على ما سبق بيانه ، و إسقاط الحد عن شاربها و لو سكر ! و هذا ما
ذهب إليه أبو حنيفة و أبو يوسف كما في " الهداية " ( 8/160 ) لكنه قال بعد ذلك
: إن الأصح أنه يحد بناء على قول الإمام محمد به . و هو منسجم مع قوله الآخر
الموافق لمذهب الجمهور في تحريم كل مسكر .
و استدل الحنفية أيضا أيضا بالحديث على أن تحريم الخمر ليس معللا بعلة فقالوا :
" لما كانت حرمتها لعينها لا يصح التعليل ، لأن التعليل حينئذ يكون مخالفا للنص
" <2> .
يعني هذا الحديث .
و الجواب أن يقال : أثبت العرش ثم انقش . فالحديث غير ثابت كما سبق ، ثم هو
معارض بمثل الحديث المتقدم : " كل مسكر خمر ، و كل خمر حرام " فإنه صريح في
تحريم كل مسكر بجامع الاشتراك مع خمر العنب علة الإسكار .
و قد قلد الحنفية في هذه المسألة بل زاد عليهم حزب التحرير الذي كان يرأسه
الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله فاستدل به على أن العبادات لا تعلل فقال في
" مفاهيم حزب التحرير " ( ص 24 ) :
" فالحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات و الأخلاق و المطعومات و الملبوسات لا
تعلل ، قال عليه الصلاة و السلام : حرمت الخمرة لعينها " .
و هذا يدل على جهل بالغ بالسنة ، فالحديث غير صحيح و معارض للحديث الصحيح كما
علمت ، ثم هو لو صح خاص بالخمر و لا عموم فيه فكيف يصح الاستدلال به على أن
جميع العبادات و ما ذكر معها لا تعلل ؟ ! اللهم هداك .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و له شواهد كثيرة ذكرها الزيلعي و غيره ، خرجت بعضها في " الإرواء " ( 8/40
- 45 ) ، و لهذا قال الشيخ علي القاري في " شرح مسند الإمام أبي حنيفة " ( ص 59
) :
" كاد أن يكون متواترا " :
فلا تغتر بقول صاحب الهداية : " هذا الحديث طعن فيه يحيى بن معين " فإنه لا أصل
له عن ابن معين ، كما أفاده الزيلعي ( 4/295 ) ، و ابن معين أجل من أن يخفى
عليه صحة مثل هذا الحديث . اهـ .

[2] نقله ابن الهمام ( 8/156 ) . اهـ .
2

(3/219)


1221 - " ما من الصلوات صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في الجماعة ، و ما أحسب من
شهدها منكم إلا مغفورا له " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/336 ) :

ضعيف جدا
أخرجه البزار ( 621 - كشف الأستار ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( رقم -
366 ) و في " الأوسط " ( رقم 186 ) من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن
القاسم عن أبي أمامة عن أبي عبيد الله بن الجراح ، قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الطبراني :
" لا يروى عن أبي عبيدة إلا بهذا الإسناد " .
قلت : و هو ضعيف جدا مسلسل بالضعفاء . قال الدارقطني :
" عبيد الله بن زحر ليس بالقوي ، و شيخه علي متروك " .
و قال ابن حبان :
" يروي الموضوعات عن الأثبات ، و إذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات ، و إذا
اجتمع في إسناد خبر عبيد الله و علي بن يزيد و القاسم أبو عبد الرحمن لم يكن
ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم " .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 2/168 ) :
" رواه البزار و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " كلهم من رواية عبيد الله
ابن زحر عن علي بن يزيد و هما ضعيفان " .
و الحديث أورده عبد الحق في " أحكامه " برواية " مسند البزار " بنحوه ، و أشار
إلى تضعيفه بعلي بن يزيد وحده ، و هو قصور ، كما يدل عليه قول الهيثمي المذكور
، و الدارقطني المشهور .
لكن قد جاء الحديث بإسناد آخر صحيح عن ابن عمر ، دون قوله : " و ما أحسب " .
و هو مخرج في " الصحيحة " ( 1566 ) فهو بهذه الزيادة منكر . والله أعلم .

(3/220)


1222 - " عودوا المرضى ، و مروهم فليدعوا الله لكم ، فإن دعوة المريض مستجابة و ذنبه
مغفور " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/367 ) :

موضوع
رواه الثقفي في " الثقفيات " 0 4/27/1 ) عن سهل بن عمار العتكي : حدثنا
عبد الرحمن بن قيس : حدثنا هلال بن عبد الرحمن : حدثنا عطاء بن أبي ميمونة أبو
معاذ عن أنس بن مالك مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، آفته عبد الرحمن بن قيس - و هو الضبي الزعفراني - أو
سهل بن عمار ، أما عبد الرحمن فكذبه ابن مهدي ، و قال أبو علي صالح بن محمد :
" كان يضع الحديث " .
انظر " تاريخ بغداد " ( 10/251 - 252 ) .
و أما سهل بن عمار ، فقال الذهبي في " الميزان " :
" متهم ، كذبه الحاكم " . و قال الحافظ :
" و ذكره ابن حبان في " الثقات " ، و صحح له الحاكم في " المستدرك " و تعقبه
المصنف في " تلخيصه " بالتناقض ، و قال ابن منده : كان ضعيفا " .
و هلال بن عبد الرحمن هو الحنفي ، قال الذهبي :
" عن ابن المنكدر ، قال العقيلي : منكر الحديث ، ثم علق له ثلاثة مناكير ، و له
عن عطاء بن أبي ميمونة و غيره ، الضعف على أحاديثه لائح فيترك " .

(3/221)


1223 - " الخاصرة عرق الكلية ، فإذا تحرك فداوه بالماء المحرق و العسل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/368 ) :

ضعيف
رواه ابن عدي ( 96/2 ) عن الحسين بن علوان حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة مرفوعا و قال :
" و للحسين بن علوان أحاديث كثيرة و عامتها موضوعة ، و هو في عداد من يضع
الحديث " .
و قال ابن حبان :
" كان يضع الحديث على هشام و غيره وضعا ، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب
" .
لكن الحديث له طريق آخر عن عروة ، فقال الحاكم ( 4/405 ) : " حدثنا محمد بن
صالح بن هانىء : حدثنا السري بن خزيمة : حدثنا أحمد بن يونس : حدثنا مسلم بن
خالد عن عبد الرحمن بن خالد المديني عن ابن شهاب عن عروة به " . و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ! و هذا منه عجيب فإن مسلم بن خالد و هو
الزنجي ضعيف و قد ساق له الذهبي نفسه في ترجمته من " الميزان " أحاديث كثيرة
منكرة ، ثم قال :
" فهذه الأحاديث و أمثالها يرد بها قوة الرجل و يضعف " .
و في السند جماعة آخرون لم أعرفهم : محمد بن صالح بن هانىء شيخ الحاكم ، و شيخه
السري بن خزيمة ، و قد روى خبرا باطلا خالف فيه الإمام البخاري ، أو الخطأ من
الراوي عنه كما سيأتي بيانه ، فانظر " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ... " .
و عبد الرحمن بن خالد المديني لم أعرفه أيضا ، و في طبقته عبد الرحمن بن خالد
ابن مسافر الفهمي المصري روى عن الزهري و عنه الليث و غيره ، و هو ثقة من رجال
الشيخين ، لكنه مصري و المترجم مدني . والله أعلم .
ثم رأيته عند أبي نعيم في " الطب " ( 2/2/2 ) من طريق مسلم بن خالد عن
عبد الرحيم بن يحيى المديني عن ابن شهاب به .
و عبد الرحيم بن يحيى لم أعرفه أيضا . والله أعلم .
و قد وجدت له طريقا أخرى عن هشام بن عروة به . و لكنه لا يساوي شيئا ، فإنه من
رواية يحيى بن هاشم : حدثنا هشام بن عروة به .
أخرجه يوسف بن خليل الأدمي في " عوالي حديث هشام بن عروة " ( 188/1 ) .
و يحيى هذا هو السمسار ، و هو ممن يضع الحديث . و من بلاياه الحديث الآتي :
" عند كل ختمة للقرآن دعوة مستجابة " .

(3/222)


1224 - " عند كل ختمة للقرآن دعوة مستجابة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/369 ) :

موضوع
رواه أبو الفرج الإسفراييني في " جزء أحاديث يغنم بن سالم " ( 27/1 ) و أبو
نعيم في " الحلية " ( 7/260 ) عن يحيى بن هاشم قال : حدثنا مسعر بن كدام عن
قتادة عن أنس مرفوعا .
و من هذا الوجه رواه ابن عساكر ( 5/49/1 ) . و قال أبو نعيم :
" لا أعلم رواه عن مسعر غير يحيى بن هاشم " .
قلت : و هو السمسار كذاب يضع الحديث . و قد ساق له الذهبي في " الميزان "
أحاديث هذا أحدها ، و قال :
" إنها من بلاياه " !
و مع هذا فقد سود به السيوطي " الجامع الصغير " و تعقبه المناوي بنحو ما ذكرنا
.

(3/223)


1225 - " من غسل ميتا فأدى فيه الأمانة - يعني ستر ما يكون منه عند ذلك - كان من ذنوبه
كيوم ولدته أمه . قال : ليله من كان أعلم ، فإن كان لا يعلم فرجل ممن ترون أن
عنده ورعا و أمانة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/369 ) :

ضعيف جدا
رواه البيهقي ( 3/396 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 3718 - بترقيمي " و ابن عدي
( 164/1 - 2 ) عن سلام بن أبي مطيع عن جابر الجعفي عن الشعبي عن يحيى الجزار عن
عائشة مرفوعا . و قالا :
" لا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد تفرد به سلام " . قال ابن عدي :
" و هو عندي لا بأس به و برواياته " .
قلت : لكن جابر الجعفي متروك ، و به أعله عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " (
رقم 1900 بتحقيقي ) .

(3/224)


1226 - " حب الدنيا رأس كل خطيئة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/370 ) :

موضوع
قال في " المقاصد " :
" رواه البيهقي في " الشعب " بإسناد حسن إلى الحسن البصري رفعه مرسلا " .
قلت : و المرسل من أقسام الحديث الضعيف ، لا سيما إذا كان مرسله الحسن البصري ،
قال الدارقطني :
" مراسيله فيها ضعف " .
و الحديث رواه عبد الله بن أحمد في " الزهد " ( ص 92 ) : من طريقين عن عيسى
عليه السلام من قوله و هو الأشبه على إعضال الطريقين . والله أعلم .
و رواه ابن عساكر ( 7/98/1 ) من قول سعد بن مسعود الصيرفي و ذكر أنه تابعي ،
و أنه كان رجلا صالحا .
و أورده السيوطي في " الجامع الصغير " دون " الكبير " من رواية البيهقي فقط .
قلت : و الظاهر من ها التخريج أن مخرجه البيهقي سكت عليه ، و ليس كذلك فقد قال
المناوي متعقبا على السيوطي :
" ثم قال : أعني البيهقي : " و لا أصل له من حديث النبي صلى الله عليه وسلم " .
قال الحافظ العراقي : " و مراسيل الحسن عندهم شبه الريح " و مثل به في شرح
الألفية للموضوع من كلام الحكماء ، و قال : هو من كلام مالك بن دينار كما رواه
ابن أبي الدنيا ، أو من كلام عيسى عليه السلام كما رواه البيهقي في " الزهد "
و أبو نعيم في " الحلية " . و عده ابن الجوزي في " الموضوعات " . ز تعقبه
الحافظ ابن حجر بأن ابن المديني أثنى على مراسيل الحسن ، و الإسناد إليه حسن ،
و أورده الديلمي من حديث علي و بيض لسنده " .
و قال في " التيسير " :
" و قال المؤلف ( يعني السيوطي ) : في " فتاويه " : رفعه وهم ، بل عده الحفاظ
موضوعا " .
و قال ابن تيمية في " الفتاوى " ( 2/196 ) :
" هذا معروف عن جندب بن عبد الله البجلي ، و أما عن النبي صلى الله عليه وسلم
فليس له إسناد معروف " و ذكر نحوه في " مجموع الفتاوى " ( 11/907 ) و زاد :
" و يذكر عن المسيح ابن مريم عليه السلام . و أكثر ما يغلو في هذا اللفظ
المتفلسفة و من حذا حذوهم من الصوفية على أصلهم في تعلق النفس ، إلى أمور ليس
هذا موضع بسطها " .

(3/225)


1227 - " علم الباطن سر من أسرار الله عز وجل ، و حكم من أحكام الله ، يقذفه في قلوب
من يشاء من عباده " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/371 ) :

موضوع
أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة "
فقال ( 121/1 ) :
" رواه ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1/74 ) من حديث علي بن أبي طالب و قال :
لا يصح ، و عامة رواته لا يعرفون " .
قلت : قال الذهبي في " تلخيصه " : " هذا باطل " .
قلت : و ابن عراق نقل ما ذكره عن ابن الجوزي - عن السيوطي في " ذيل الأحاديث
الموضوعة " و هو فيه برقم ( 215 بترقيمي ) ، و مع حكم السيوطي عليه بالوضع فقد
أورده في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي عن علي ! و هو عنده ( 3/290 - زهر
الفردوس ) من طريق ابن شاهين - و عنه ابن الجوزي أيضا عن علي بن جعفر بن عنبسة
: حدثنا دارم ابن قبيصة بن نهشل الصنعاني : سمعت يحيى بن الحسن بن زيد بن علي
عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي عن علي مرفوعا به .
و يحيى و من دونه لم أجد من ذكرهم سوى ابن عنبسة ، فقد أشار الخطيب إلى جهالته
كما في ترجمة عبد الله بن الحسن بن إبراهيم الأنباري من " اللسان " .

(3/226)


1228 - " على الخبير سقطت " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/372 ) :

لا أصل له مرفوعا
و في " المقاصد " ( 136 ) :
" هو كلام يقوله المسؤول عما يكون به عالما ، جاء عن جماعة منهم ابن عباس مما
صح عنه حيث سئل عن البدنة إذا عطبت ، و في " دلائل النبوة " للبيهقي من طريق
ابن إسحاق في نحو هذا أن أبا حاجز الحضرمي قاله حين سئل عنه " .
قلت : فالظاهر أنه مثل قديم معروف عند العرب ، فقد صح أنه تمثل به الحارث بن
حسان البكري أمام النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد أخرج أحمد ( 3/481 - 482 )
و الترمذي ( 3269 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3325 ) من طريق عفان بن مسلم
و محمد بن مخلد الحضرمي قالا : حدثنا سلام أبو المنذر القاري : حدثنا عاصم بن
بهدلة عن أبي وائل عن الحارث بن حسان قال :
" مررت بعجوز بالربذة ، منقطع بها في بني تميم ، فقالت : أين تريدون ؟ قلنا :
نريد رسول الله ، قالت : فاحملوني معكم ، فإن لي إليه حاجة ، قال : فدخلت ،
فقال : هل كان بينكم و بين بني تميم شيء ؟ قلت : نعم يا رسول الله ، فكانت لنا
الدائرة عليهم ، و قد مررت على عجوز منهم بالربذة منقطع بها ، فقالت : إن لي
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة ، فحملتها ، و ها هي تلك بالباب ، قال :
فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخلت ، فلما قعدت ، قلت :
يا رسول الله ! إن رأيت أن تجعل الدهناء حجازا بيننا و بين بني تميم فافعل ،
فإنها كانت لنا مرة ، قال : فاستوفزت العجوز ، فأخذتها الحمية ، و قالت : يا
رسول الله ! فأين تضطر مضرك ؟ قال : قلت : يا رسول الله ! أنا والله كما قال
الأول : " بكر حملت حتفا " ، حملت هذه و لا أشعر أنها كائنة لي خصما ، أعوذ
بالله و رسول الله أن أكون كوافد عاد ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
و ما وافد عاد ؟ قال : قلت : " على الخبير سقطت " فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " إيه " يستطعمني الحديث ، و قال عفان : أعوذ بالله أن أكون كما قال
الأول ، قال : و ما قال الأول ؟ قال : على الخبير سقطت ، قال : " هيه " يستطعمه
الحديث ، فقال : إن عادا قحطوا فبعثوا وافدهم قيلا ، فنزل على معاوية بن بكر
شهرا يسقيه الخمر و تغنيه الجرادتان ، و قال سلام : - يعني القينتين - قال : ثم
مضى حتى أتى جبال مهرة فقال : اللهم إنك تعلم أني لم آت لأسير فأفاديه ، و لا
لمريض فأداويه ، فاسق عبدك ما أنت مسقيه ، و اسق معه بكر بن معاوية ( كذا الأصل
على القلب ، و في النسخة الأخرى على العكس : " معاوية بن بكر " ) شهرا ، - يشكر
له الخمر التي شربها عنده - قال : فمرت سحابات سود فنودي منها : أن تخير السحاب
، فقال : إن هذه لسحابة سوداء ، فنودي منها : أن خذها رمادا رمددا لا تدع من
عاد أحدا ، قال : قلت : يا رسول الله فبلغني أنه لم يرسل عليهم من الريح إلا
كقدر ما يرى من الخاتم ، قال أبو وائل : و كذلك بلغنا " .
قلت : و هذا سند حسن و سكت عنه الترمذي .

(3/227)


1229 - " اغسلوا قتلاكم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/373 ) :

منكر
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 107/1 ) : حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور
الدقاق : حدثنا الفضل بن الصباح : حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن حنظلة بن
أبي سفيان عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره
، و قال ابن عدي :
" و هذا الحديث بهذا الإسناد لم نكتبه إلا عن ابن سابور " .
قلت : و رجاله ثقات رجال " التهذيب " غير ابن سابور هذا ، فقد ترجمه الخطيب في
" تاريخ بغداد " ( 4/225 ) و روى عن الدارقطني أنه قال فيه : " ثقة " . ثم أشار
الخطيب إلى أنه وهم في إسناد حديث ، فروى من طريقه : حدثنا بركة بن محمد الحلبي
: حدثنا يوسف بن أسباط : حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن جحادة عن قتادة عن أنس
أن عائشة قالت :
" ما رأيت عورة رسول الله صلى الله عليه وسلم قط " .
قال الخطيب :
" لا أعلم رواه عن بركة بن محمد هكذا غير ابن سابور ، و المحفوظ عن بركة ما
أخبرنيه أبو القاسم الأزهري ... : حدثنا عبد الله بن أبي سفيان - بالموصل - :
حدثنا بركة ابن محمد الحلبي : حدثنا يوسف بن أسباط عن سفيان عن محمد بن جحادة
به .
يعني أنه أخطأ في إسناده ، فذكر سفيان مكان حماد .
و قال الذهبي في ترجمة حنظلة بن أبي سفيان بعد أن ذكر أنه ثقة بإجماع :
" ثم ساق له ابن عدي حديثا منكرا ، و لعله وقع الخلل فيه من الرواة إليه ، فقال
: حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور .. ( فذكره ، و قال ) رواته ثقات ، و نكارته
بينة " .
قلت : و وجه النكارة أنه جاء في أحاديث كثيرة ترك النبي صلى الله عليه وسلم غسل
الشهداء منها حديث جابر بن عبد الله مرفوعا :
" ادفنوهم في دمائهم ( يعني شهداء أحد ) ، و لم يغسلهم " .
أخرجه البخاري و غيره . و في رواية لأحمد :
" لا تغسلوهم ، فإن كل جرح يفوح مسكا يوم القيامة " .
و هو صحيح أيضا على ما بينته في " أحكام الجنائز " ( ص 54 - طبع المكتب
الإسلامي ) .
و التعليل المذكور في الحديث دليل واضح على أنه لا يشرع غسل الشهيد ، و لذلك
كان الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه منكرا ، و أنا أظن أن الخطأ من ابن
سابور ، فإنه و إن وثقه الدارقطني ، فقد أثبت الخطيب وهمه في إسناد حديث عائشة
المتقدم ، فيظهر أنه وهم في هذا أيضا متنا .
و الحديث أورده عبد الحق في " أحكامه " ( 1926 - بتحقيقي ) من رواية ابن عدي ،
و قال :
" و حنظلة ثقة مشهور ، و إسحاق بن سليمان ثقة ، و الفضل بن الصباح و ابن سابور
كتبتهما حتى أنظرهما " .
قلت : أما ابن الصباح فهو أبو العباس السمسار ، و هو من رجال الترمذي و ابن
ماجه ، و ترجم له الخطيب ( 12/361 - 362 ) و روى بإسنادين له عن ابن معين أنه
ثقة ، و عن البغوي أنه كان من خيار عباد الله .
و أما ابن سابور ، فقد عرفت حاله .

(3/228)


1230 - " حجة لمن لم يحج خير من عشر غزوات ، و غزوة لمن حج خير من عشر حجج ، و غزوة في
البحر خير من عشر غزوات في البر ، و من جاز البحر كأنما جاز الأودية كلها ،
و المائد فيه كالمنشحط في دمه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/375 ) :

ضعيف
رواه ابن بشران في " الأمالي " ( 27/117/1 ) عن عبد الله بن صالح : حدثني يحيى
ابن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو مرفوعا .
و من هذا الوجه رواه الحاكم ( 2/143 ) و الطبراني في " الكبير " و البيهقي كما
في " الترغيب " ( 2/185 ) و قال الحاكم :
" صحيح على شرط البخاري " . و وافقه الذهبي ، و كذا المنذري قال :
" و هو كما قال ، و لا يضر ما قيل في عبد الله بن صالح ; فإن البخاري احتج به "
.
قلت : و بناء على ذلك قال المناوي :
" و سنده لا بأس به " .
و في كل ذلك نظر ، فإن ابن صالح فيه كلام كثير ، و قد قال الحافظ فيه :
" صدوق كثير الغلط ، ثبت في كتابه ، و كانت فيه غفلة " .
و روى ابن ماجه ( 2777 ) عن بقية عن معاوية بن يحيى عن ليث بن أبي سليم عن يحيى
ابن عباد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا :
" غزوة في البحر مثل عشر غزوات .. " الحديث نحوه .
قلت : و هذا إسناد واه ، مسلسل بالعلل :
الأولى : ليث بن أبي سليم ، و كان اختلط .
الثانية : معاوية بن يحيى ، و هو الصدفي ; ضعيف .
الثالثة : بقية ، و هو ابن الوليد ، و كان يدلس عن الضعفاء و المجهولين .

(3/229)


1231 - " عشرة مباحة في الغزو : الطعام و الأدم و الثمار و الشجر و الحبل و الزيت
و الحجر و العود غير منحوت و الجلد الطري " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/376 ) :

موضوع
رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 5/100/2 ) عن أبي سلمة عن الزهري عن سعيد
ابن المسيب عن عائشة مرفوعا .
أورده في ترجمة أبي سلمة هذا ن و سماه الحكم بن عبد الله بن خطاف ، و روى عن
ابن أبي حاتم أنه قال فيه :
" كذاب متروك الحديث ، و الحديث الذي رواه باطل ن و عن النسائي أنه قال : ليس
بثقة و لا مأمون " .
قلت : و الحديث مما فات السيوطي في " جامعيه " ، و استدركه المناوي في كتابه "
الجامع الأزهر " ( 2/15/2 ) ، و لكنه سكت عنه خلافا لشرطه الذي نص عليه في
مقدمته قائل :
" أذكر فيه كل حديث معقبا له ببيان حال راويه من أهل الضعف و الكمال " !

(3/230)


1232 - " أعف الناس قتلة أهل الإيمان " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/376 ) :

ضعيف ، لاضطرابه و جهالته
و مداره على إبراهيم النخعي ، و قد اختلف الرواة عليه على وجوه :
الأول : شباك عن إبراهيم عن هني بن نويرة عن علقمة عن عبد الله قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
أخرجه أبو داود ( 2666 ) : حدثنا محمد بن عيسى و زياد بن أيوب قالا : حدثنا
هشيم أخبرنا مغيرة عن شباك به .
و هكذا أخرجه ابن الجارود ( 840 ) : حدثنا زياد بن أيوب به ، إلا أنه قال : "
حدثنا المغيرة لعله قال : عن شباك .. " .
الثاني : و خالفهما سريج بن النعمان عند أحمد ( 1/393 ) و عمرو بن عون عند
الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2/105 ) كلاهما قالا : حدثنا هشيم به ، إلا أنهما
لم يذكرا : " عن هني " .
و الأول أرجح ، لأنه قد تابعه شعبة عن المغيرة عن شباك عن إبراهيم عن هني بن
نويرة به .
أخرجه ابن ماجه ( 2682 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 11/47/2 ) و الطحاوي
و ابن أبي عاصم في " الديات " ( ص 56 ) و يحيى بن صاعد في " مسند ابن مسعود " (
100/1 ) كلهم عن غندر عن شعبة به .
و من هذا الوجه أخرجه أحمد أيضا ( 1/393 ) لكن سقط منه قوله : " عن شباك " ،
فصار الإسناد عنده هكذا :
" عن المغيرة عن إبراهيم .. " .
فلا أدري أهكذا الرواية عنده أم سقط من الناسخ أو الطابع ؟ و يؤيد الاحتمال
الأول أن جرير بن عبد الحميد رواه أيضا عن مغيرة عن هني به . فأسقط شباكا .
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1523 - موارد ) .
و كذلك رواه أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم به .
أخرجه البيهقي ( 8/61 ) و قال :
" رواه هشيم عن مغيرة عن شباك عن إبراهيم " .
قلت : و المغيرة هو ابن مقسم ، و هو ثقة متقن ، إلا أنه كان يدلس و لا سيما عن
إبراهيم كما في " التقريب " ، فرواية من رواه عنه عن إبراهيم بإسقاط شباك من
بينهما محفوظة عنه ، إلا أن السقط هو من تدليس المغيرة نفسه . والله أعلم .
و أما رواية من رواه عنه بإسقاط هني من بين إبراهيم و علقمة فهي مرجوحة ،
و الراجح إثباته ، و هو ليس بالمشهور بالرواية ، و لم يوثقه غير ابن حبان
و العجلي ، و لم يرو عنه غير إبراهيم النخعي ، و آخر لا يعرف ، و لذلك أشار
الذهبي في " الكاشف " إلى أن التوثيق المذكور غير موثوق به ، فقال : " وثق " ،
و مثله قول الحافظ فيه : " مقبول " ، أي : غير مقبول إلا إذا توبع .
على أنه قد أسقطه أيضا آخر ، و لكنه أوقفه ، و هو :
الثالث : عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال : قال ابن مسعود : فذكره موقوفا
عليه .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/45/2 ) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن
عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش به .
قلت : و هذا إسناد صحيح لولا عنعنة الأعمش و هو موقوف ، و هو أصح من الذي قبله
، لخلوه من الاضطراب و الجهالة ، و قد أورده الهيثمي في " المجمع " ( 6/291 )
و قال :
" رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح " .
و جملة القول أن الحديث ضعيف مرفوعا ، و قد يصح موقوفا . والله أعلم .
و يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، و إذا ذبحتم
فأحسنوا الذبحة ، و ليحد أحدكم شفرته ، و ليرح ذبيحته " .
أخرجه مسلم و غيره ، و قد خرجته في " الإرواء " ( 2231 ) ، و قد طبع
و الحمد لله في ثمان مجلدات .
( تنبيه ) : هكذا وقع في جميع المصادر المتقدمة : " أعف " ، من العفة أي : أرحم
الناس بخلق الله ، و أشدهم ابتعادا عن التمثيل و التشويه بالمقتول ، و كذلك وقع
في الأصل المخطوط من " مجمع الزوائد " ، لكن المصحح الذي قام على طبعه أفسده ،
فجعله : " أعق " بالقاف ! و قال معلقا عليه :
" في الأصل : ( أعف ) " .
و هذا من أعجب ما رأيت من التصحيح ، بل التصحيف ، فإن الأصل صحيح رواية و دراية
، و المصحح بزعمه لا يظهر معناه هنا ، فإن ( أعق ) من ( العق ) و هو القطع !
و حرف المصحح المشار إليه عنوان الباب الذي ترجم به المصنف الهيثمي للحديث
بقوله : " باب حسن القتل " فجعله " باب أعق القتل " !! فالله المستعان .

(3/231)


1233 - " عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا ، و تزيدها أمتي بخلة : إتيان الرجال
بعضهم بعذا ، و رميهم بالجلاهق و الخذف ، و لعبهم بالحمام ، و ضرب الدفوف ،
و شرب الخمور ، و قص اللحية ، و طول الشارب ، و الصفير ، و لباس الحرير ،
و تزيدها أمتي بخلة : إتيان النساء بعضهن بعضا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/379 ) :

موضوع
رواه ابن عساكر في " التاريخ " ( 14/320/1 - 2 ) عن إسحاق بن بشر . أخبرني سعيد
ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن مرفوعا .
قلت : و إسحاق هذا كذاب ، سواء كان هو البخاري صاحب " كتاب المبتدأ " أو
الكاهلي الكوفي ، فكلاهما كذاب وضاع ، و العجب من السيوطي كيف يخفى عليه هذا ؟
فأورد الحديث في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه ، و بيض له المناوي فلم
يتعقبه بشيء !
و روي بعضه موقوفا على أنس ، أخرجه الدولابي في " الكنى " ( 1/62 ) من طريق أبي
عمران سعيد بن ميسرة البكري الموصلي عن أنس بن مالك أنه دخل عليه شاب قد سكن
عليه شعره فقال هل : مالك و السكينة ؟ ! افرقه أو جزه ، فقال له رجل : يا أبا
حمزة ! فيمن كانت السكينة ؟ قال : في قوم لوط ، كانوا يسكنون شعورهم ، و يمضغون
العلك في الطرق و المنازل ، و يخذفون ، و يفرجون أقبيتهم إلى خواصرهم .
قلت : و هذا موضوع أيضا ، سعيد بن ميسرة كذبه يحيى القطان و قال ابن حبان :
" يروي الموضوعات " .
و قال الحاكم :
" روى عن أنس موضوعات " .
قلت : و هذا الحديث و الذي قبله مما سود به الشيخ الغماري كتابه " مطابقة
الاختراعات العصرية " ( ص 61 و 62 ) و كم له من مثلهما في هذا الكتاب الذي لو
اقتصر فيه على ما صح عنه صلى الله عليه وسلم لكان آية في بابه .
و قد روي الحديث بلفظ آخر و هو موضوع أيضا و هو :
" عشرة من أخلاق قوم لوط : الخذف في النادي ، و مضغ العلك ، و السواك على ظهر
الطريق ، و الصفر ، و الحمام ، و الجلاهق ، و العمامة التي لا يتلحى بها ،
و السكينة ، و الطريف بالحناء ، و حل أزرار الأقبية ، و المشي في الأسواق
و الأفخاذ بادية " .
أخرجه الديلمي ( 2/301 ) عن إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن جويبر عن الضحاك عن
ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا موضوع ، إسماعيل هذا كذاب .
و جويبر متروك .

(3/232)


1234 - " حرس ليلة في سبيل الله أفضل من سيام رجل و قيامه في أهله ألف سنة ، السنة
ثلاثمائة و ستون يوما ، و اليوم كألف سنة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/380 ) :

موضوع
رواه ابن ماجه ( 2/176 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( 149 ) و أبو يعلى في "
مسنده " ( 3/1060 ) و ابن شاهين في " الترغيب في فضائل الأعمال " ( ق 67/2 )
و ابن عساكر ( 7/112/1 ) عن سعيد بن خالد بن أبي الطويل قال : سمعت أنس بن
مالك يقول : فذكره مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا بل موضوع ، فإن سعيدا هذا اتهمه غير واحد فقال
البخاري :
" فيه نظر " .
و قال أبو حاتم :
" لا يشبه حديثه حديث أهل الصدق " .
و قال الحاكم :
" روى عن أنس أحاديث موضوعة " .
قلت : و هذا منها ، قال المنذري في " الترغيب " ( 2/154 ) :
" رواه ابن ماجه ، و يشبه أن يكون موضوعا " .
و قال الذهبي بعد أن ساق له هذا الحديث :
" فهذه عبارة عجيبة لو صحت لكان مجموع ذلك الفضل ثلاثمائة ألف ألف سنة " .
قلت : و هو عند العقيلي دون قوله : " السنة ثلاثمائة .. " ثم قال :
" لا يتابع عليه و قد روي من غير هذا الوجه بإسناد أصلح من هذا " .
قلت : كأنه يشير إلى حديث عثمان مرفوعا بلفظ :
" حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها و يصام نهارها " .
و إسناده كما قال : أصلح من هذا ، لكنه ضعيف فيه مصعب بن ثابت قال الحافظ :
" لين الحديث " .
و هو مخرج في " التعليق الرغيب " ( 2/154 ) .

(3/233)


1235 - " لعن الله الراشي و المرتشي ، و الرائش الذي يمشي بينهما " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/381 ) :

منكر
أخرجه الحاكم ( 4/103 ) و أحمد ( 5/279 ) و البزار ( 1353 ) و الطبراني في "
المعجم الكبير " ( رقم 1495 ) عن ليث عن أبي الخطاب عن أبي زرعة عن ثوبان
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم به . و اللفظ للحاكم ، و قال الآخرون
:
" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " .
و قال الحاكم :
" إنما ذكرت ليث بن أبي سليم في الشواهد لا في الأصول " .
و أقول : لقد ذكر ليث في هذا الحديث زيادة لم يروها غيره و هي " الرائش ... "
كما ذكر البزار ، فهي زيادة منكرة لتفرد ليث بها ، و هو ضعيف لاختلاطه .
و شيخه أبو الخطاب ; قال البزار و تبعه المنذري في " الترغيب " ( 3/143 ) :
" لا يعرف " .
و قال الذهبي :
" مجهول " .
أما الحديث بدون هذه الزيادة فصحيح ، و له طرق ذكرتها في " إرواء الغليل "
" كتاب القضاء " رقم الحديث ( 2620 ) .
تنبيه : أورد المنذري الحديث عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي و المرتشي في الحكم " . و قال :
" رواه الترمذي و حسنه و ابن حبان في " صحيحه " و الحاكم و زادوا :
( و الرائش يعني الذي يسعى بينهما ) " .
و ليس لهذه الزيادة أصل في حديث أبي هريرة عند أحد من الثلاثة المذكورين ، و لا
عند غيرهم فيما علمت ، فاقتضى التنبيه .
ثم إن هذه الزيادة الأخرى : " في الحكم " ، في إسنادها عندهم عمر بن أبي سلمة ،
و هو صدوق يخطىء . لكن لهذه الزيادة شاهد من حديث أم سلمة ، قال المنذري :
" رواه الطبراني بإسناد جيد " .
فهي قوية بهذا الشاهد . والله أعلم .

(3/234)


1236 - " ما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنة ، و ما من قوم يظهر فيهم الرشا ،
إلا أخذوا بالرعب " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/382 ) :

ضعيف
أخرجه أحمد ( 4/205 ) عن ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن محمد بن راشد
المرادي عن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
فذكره .
قلت : و هذا إسناد مسلسل بالعلل :
الأولى : الانقطاع بين المرادي و عمرو . قال الحافظ في " التعجيل " :
" و قد سقط رجل بين محمد و عمرو ، فقد ذكر ابن يونس في المصريين محمد بن راشد
المرادي ، روى عن رجل عن عبد الله بن عمرو ، و ذكر البخاري و ابن أبي حاتم
و ابن حبان في " الثقات " : محمد بن راشد بن أبي سكينة ، روى عن أبيه ، و عنه
حرملة بن عمران المصري ، قال البخاري : " حديثه في المصريين " . و أنا أظن أنه
هذا والله أعلم " .
الثانية : جهالة المرادي هذا ، قال الحسيني :
" مجهول غير معروف " .
الثالثة : عبد الله بن سليمان و هو أبو حمزة البصري الطويل . قال الحافظ :
" صدوق يخطىء " .
الرابعة : ابن لهيعة ، و هو عبد الله سييء الحفظ .
و اعلم أن في الأخذ بالسنين حديثا آخر بلفظ :
" و لم ينقصوا المكيال و الميزان إلا أخذوا بالسنين ، و شدة المؤنة و جور
السلطان عليهم .. " .
و هو مخرج في " الصحيحة " ( 106 ) .

(3/235)


1237 - " إذا أنا مت ، فاغسلوني بسبع قرب ، من بئري بئر غرس " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/383 ) :

ضعيف
أخرجه ابن ماجه ( 1468 ) : حدثنا عباد بن يعقوب : حدثنا الحسين بن زيد بن علي
ابن الحسين بن علي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و من هذا الوجه أخرجه ابن النجار أيضا في " التاريخ " ( 10/129/1 ) .
قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 92/1 ) :
" هذا إسناد ضعيف ، عباد بن يعقوب الرواجني أبو سعيد قال فيه ابن حبان :
" كان رافضيا داعية ، و مع ذلك روى المناكير عن المشاهير ، فاستحق الترك " .
و قال ابن طاهر في " التذكرة " :
" عباد بن يعقوب من غلاة الروافض ، روى المناكير عن المشاهير ، و إن كان
البخاري روى له حديثا واحدا في " الجامع " ، فلا يدل على صدقه ، و قد أوقفه
عليه غيره من الثقات ، و أنكر الأئمة عليه روايته عنه ، و ترك الرواية عن عباد
جماعة من الحفاظ " . قلت : إنما روى البخاري لعباد هذا مقرونا بغيره ، و شيخه
الحسين بن زيد مختلف فيه " . انتهى ما في " الزوائد " .
قلت : و الحسين هذا أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" في حديثه ما يعرف و ينكر " .
و كذلك أورد عبادا فيه و ضعفه بما قال ابن حبان فيه .
و الحديث أورده الحافظ في " الفتح " ( 5/270 ) و سكت عليه ! و لذلك خرجته ، لأن
سكوته يعني أنه حسن عنده كما هو القاعدة عندهم ، و ليست مضطرة فتنبه !

(3/236)


1238 - " ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا "
.

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/284 ) :

منكر
أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 3/110/4964 ) و ابن أبي شيبة ( 2/312 ) -
مختصرا - و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1/143 ) و الدارقطني ( ص 178 )
و الحاكم في " الأربعين " و عنه البيهقي ( 2/201 ) و كذا البغوي في " شرح السنة
" ( 3/123/639 ) و ابن الجوزي في " الواهية " ( 1/444 - 445 ) و أحمد ( 3/162 )
من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال :
" كنت جالسا عند أنس بن مالك ، فقيل له : إنما قنت رسول الله شهرا ، فقال :
" فذكره . و قال البغوي :
" قال الحاكم : إسناده حسن " .
و قال البيهقي :
" قال أبو عبد الله : هذا إسناد صحيح سنده ، ثقة رواته ، و الربيع بن أنس تابعي
معروف .. " و أقره !
و تعقبه ابن التركماني بقوله :
" كيف يكون سنده صحيحا و راويه عن الربيع أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي متكلم
فيه ، قال ابن حنبل و النسائي : ليس بالقوي ، و قال أبو زرعة : يهم كثيرا ،
و قال أبو زرعة : يهم كثيرا ، و قال الفلاس : سييء الحفظ ، و قال ابن حبان :
يحدث بالمناكير عن المشاهير " .
و قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1/99 ) :
" فأبو جعفر قد ضعفه أحمد و غيره ، و قال ابن المديني : كان يخلط . و قال أبو
زرعة : كان يهم كثيرا .. و قال لي شيخنا ابن تيمية قدس الله روحه : و هذا
الإسناد نفسه هو إسناد حديث : *( و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم )* حديث
أبي بن كعب الطويل ، و فيه : و كان روح عيسى عليه السلام من تلك الأرواح التي
أخذ عليها العهد و الميثاق في زمن آدم ، فأرسل تلك الروح إلى مريم عليها السلام
حين انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فأرسله الله في صورة بشر فتمثل لها بشرا سويا
، قال : فحملت الذي يخاطبها فدخل من فيها . و هذا غلط محض ، فإن الذي أرسل
إليها الملك الذي قال لها : *( إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا )* . و لم
يكن الذي خاطبها بهذا هو عيسى ابن مريم ، هذا محال . و المقصود أن أبا جعفر
صاحب مناكير لا يحتج بما تفرد به أحد من أهل الحديث البتة " .
و قال الحافظ ابن حجر في " التقريب " :
" صدوق سييء الحفظ الحفظ خصوصا عن مغيرة " .
و قال الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/132 ) بعد أن خرج الحديث :
" و ضعفه ابن الجوزي في " التحقيق " ، و في " العلل المتناهية " و قال :
هذا حديث لا يصح ، فإن أبا جعفر الرازي و اسمه عيسى بن ماهان قال ابن المديني :
كان يخلط ... " .
لكن قال البيهقي في " المعرفة " كما في " الزيلعي " :
" و له شواهد عن أنس ذكرناها في ( السنن ) " .
قلت : فوجب النظر في الشواهد المشار إليها هل هي صالحة للاستشهاد بها أم لا ؟
و هما شاهدان :
الأول : يرويه إسماعيل بن مسلم المكي و عمرو بن عبيد عن الحسن عن أنس قال :
" قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبو بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم -
و أحسبه قال : رابع - حتى فارقتهم " .
أخرجه الدارقطني و البيهقي و قال :
" لا نحتج بإسماعيل المكي و لا بعمرو بن عبيد " .
قلت : إسماعيل ضعيف الحديث ، و قال الخطيب في " الكفاية " ( 372 ) :
" متروك الحديث " . و كذلك قال النسائي ، و تركه جماعة . و عمرو متهم بالكذب مع
كونه من المعتزلة ، ثم إن الحسن البصري مع جلالته ، فهو مدلس و قد عنعنه . فلو
صح السند إليه فلا يحتج به ، فكيف و قد رواه عنه متروكان ؟
الثاني : يرويه خليد بن دعلج عن قتادة عن أنس بن مالك قال :
" صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقنت ، و خلف عمر فقنت ، و خلف عثمان
فقنت " .
أخرجه البيهقي شاهدا ، و تعقبه ابن التركماني بقوله :
" قلت : يحتاج أن ينظر في أمر خليد هل يصلح أن يستشهد به أم لا ؟ فإن ابن حنبل
و ابن معين و الدارقطني ضعفوه . و قال ابن معين مرة : ليس بشيء . و قال النسائي
: ليس بثقة . و في " الميزان " : عده الدارقطني من المتروكين .
ثم إن المستغرب من حديث الترجمة قوله : " ما زال يقنت في صلاة الغداة حتى فارق
الدنيا " . و ليس ذلك في حديث خليد ، و غنما فيه أنه عليه السلام قنت ، و ذلك
معروف ، و إنما المستغرب دوامه حتى فارق الدنيا . فعلى تقدير صلاحية خليد
للاستشهاد به كيف يشهد حديثه لحديث أنس ؟ " .
قلت : و للحديث شاهد آخر ، يرويه دينار بن عبد الله خادم أنس عن أنس قال :
" ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح حتى مات " .
أخرجه الخطيب في " كتاب القنوت " له ، و شنع عليه ابن الجوزي بسببه لأن دينارا
هذا قال ابن حبان فيه :
" يروي عن أنس آثارا موضوعة لا يحل في الكتب إلا على سبيل القدح فيه " .
و قد دافع عن الخطيب العلامة عبد الرحمن المعلمي في كتابه " التنكيل " في فصل
خاص عقده لذلك ، دافع فيه عن رواية الخطيب لهذا الحديث و نحوه من أوجه سبعة
بينها . و لكنه رحمه الله مال إلى تقوية الحديث فقال عقب الشاهد المذكور :
" فقد ورد من وجهين آخرين أو أكثر عن أنس ، صحح بعض الحفاظ بعضها ، و جاء نحو
معناه من وجوه أخرى ، راجع " سنن الدارقطني " و " سنن البيهقي " ، و بمجموع ذلك
يقوى الحديث " .
فأقول : قد استقصينا في هذا التحقيق جميع الوجوه المشار إليها و هي كلها واهية
جدا ، سوى الوجه الأول ، فإنه ضعيف فقط ، و لكنه منكر لما سيأتي بيانه .
و الوجه الثاني : فيه إسماعيل بن مسلم المكي و عمرو بن عبيد المعتزلي و هما
متروكان .
و الوجه الثالث : فيه خليد بن دعلج ، و هو ضعيف على أن حديثه شاهد قاصر لأنه لم
يقل فيه : " قنت في الفجر حتى فارق الدنيا " !
و الوجه الرابع : فيه دينار بن عبد الله ، و هو متهم كما عرفت ذلك من عبارة ابن
حبان السابقة ، و قد أقره الشيخ المعلمي رحمه الله ، فمع هذا الضعف الشديد في
كل هؤلاء الرواة على التفصيل المذكور كيف يصح أن يقال : " و بمجموع ذلك يقوى
الحديث " ؟ !
و ظني أنه إنما حمله على هذا التساهل في تقوية هذا الحديث المنكر ، إنما هو
تحمسه الشديد في الرد على ابن الجوزي ، و الدفاع عن الخطيب و البغدادي ، و كان
يكفيه في ذلك أن يذكر ما هو معلوم عنده أن المحدث إذا ساق الحديث بسنده فقد
برئت عهدته منه ، و لا لوم عليه في ذلك حتى و لو كان موضوعا ، و ابن الجوزي
الذي له كتاب " الموضوعات " هو نفسه قد يفعل ذلك في بعض مصنفاته ، مثل كتابه "
تلبيس إبليس " ، بل رأيته ذكر في غيره ما لا أصل له من الحديث ، و بدون إسناد ،
مثل حديث " صلاة النهار عجماء " . ذكره في " صيد الخاطر " كما نبهت عليه في
التخريج المختصر له الملحق بآخره .
و أما أن الحديث منكر ، فلأنه معارض لحديثين ثابتين :
أحدهما : عن أنس نفسه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعى
لقوم أو دعى على قوم " .
أخرجه الخطيب نفسه في كتابه " القنوت " من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري :
حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عنه .
و الآخر : عن أبي هريرة قال :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعو لقوم ،
أو على قوم " .
قال الزيلعي ( 2/130 ) :
" أخرجه ابن حبان عن إبراهيم بن سعد عن سعيد و أبي سلمة عنه . قال صاحب "
التنقيح " :
و سند هذين الحديثين صحيح ، و هما نص في أن القنوت مختص بالنازلة " .
و حديث أنس عزاه الحافظ في " التلخيص " ( 1/245 ) لابن خزيمة في " صحيحه " من
طريق سعيد به . و حديث ابن حبان لم يورده الهيثمي في " موارد الظمآن " . و قال
الحافظ في " الدراية " ( ص 117 ) عقب الحديثين :
" و إسناد كل منهما صحيح " .
و قال في " التلخيص " عقب ما سبق ذكره من الأحاديث عن أنس :
" فاختلفت الأحاديث عن أنس ، و اضطربت فلا يقوم بمثل هذا حجة " .
يعني حديث أبي جعفر الرازي هذا .
ثم قال :
" ( تنبيه ) : عزا هذا الحديث بعض الأئمة إلى مسلم فوهم ، و عزاه النووي إلى "
المستدرك " للحاكم ، و ليس هو فيه ، و إنما أورده و صححه في جزء له مفرد في
القنوت ، و نقل البيهقي تصحيحه عن الحاكم ، فظن الشيخ أنه في ( المستدرك ) " .
( فائدة ) : جاء في ترجمة أبي الحسن الكرجي الشافعي المتوفى سنة ( 532 ) أنه
كان لا يقنت في الفجر ، و يقول : " لم يصح في ذلك حديث " .
قلت : و هذا مما يدل على علمه و إنصافه رحمه الله تعالى ، و أنه ممن عافاهم
الله عز وجل من آفة التعصب المذهبي ، جعلنا الله منهم بمنه و كرمه .

(3/237)


1239 - " إن لله ضنائن من عباده ، يغذوهم في رحمته ، و يحييهم في عافيته ، و إذا
توفاهم إلى جنته ، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كالليل المظلم و هم منها في
عافية " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/388 ) :

ضعيف
رواه الطبراني في " الكبير " ( 3/201/1 - 2 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( 405 )
و أبو نعيم في " الحلية " ( 1/6 ) و الخطيب في " التلخيص " ( ق 68/2 ) و الهروي
في " ذم الكلام " ( 4/83/1 ) من طريقين عن إسماعيل بن عياش : حدثني مسلمة بن
عبد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف . قال العقيلي :
" مسلمة بن عبد الله مجهول بالنقل ، حديثه غير محفوظ ، و الرواية في هذا الباب
لينة " .
و قد روي الحديث من طريق أخرى مختصرا بلفظ :
" إن لله عز وجل عبادا يحييهم في عافية ، و يميتهم في عافية ، و يدخلهم الجنة
في عافية " .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم 3255 ) : حدثنا بكر : حدثنا إبراهيم بن
البراء بن النضر بن أنس : حدثنا حماد بن سلمة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
مسعود الأنصاري مرفوعا . و قال :
" لا يروى عن أبي مسعود إلا بهذا الإسناد ، و لا يحفظ لحماد عن الأعمش إلا هذا
، و قد روى حماد عن الحجاج بن أرطاة عن الأعمش ، و لا ينكر أن يكون قد سمع من
الأعمش ، لأنه قد روى عن جماعة من الكوفيين منهم سلمة بن كهيل و حماد بن سليمان
و عاصم بن بهدلة و أبو حمزة الأعور و غيرهم " .
قلت : لكن الراوي عنه إبراهيم بن البراء متهم بالكذب . قال ابن عدي :
" ضعيف جدا حدث بالبواطيل " . و قال ابن حبان :
" يحدث عن الثقات بالموضوعات " .

(3/238)


1240 - " يوم كلم الله موسى عليه السلام ، كانت عليه جبة صوف ، و سراويل صوف ، و كساء
صوف ، و نعلاه من جلد حمار غير ذكي " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/389 ) :

ضعيف جدا
أخرجه الترمذي ( 1/323 ) و الحسن بن عرفة في " جزئه " ( 9 - 10 ) و العقيلي في
" الضعفاء " ( 97 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 79/2 ) و ابن شاهين في " الأمالي
" ( 66/2 ) و أبو موسى المديني في " منتهى رغبات السامعين " ( 1/256/2 ) و ابن
النجار في " ذيل تاريخ بغداد " ( 10/125/2 ) و كذا الحاكم في " المستدرك " (
2/379 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 17/161/1 ) و الذهبي في " الميزان من
طرق عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود مرفوعا . و قال ابن
عدي :
" حميد هذا أحاديثه غير مستقيمة ، و لا يتابع عليها " .
و قال العقيلي :
" حميد بن علي الأعرج منكر الحديث " .
و قال الترمذي :
" حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث حميد الأعرج ، و حميد هو ابن علي الكوفي ،
قال : سمعت محمدا يقول : حميد بن علي الأعرج منكر الحديث ، و حميد بن قيس
الأعرج المكي صاحب مجاهد ثقة . قال أبو عيسى : ( الكمة ) القلنسوة الصغيرة " .
قلت : و أما الحاكم فقال :
" هذا حديث صحيح على شرط البخاري " !
و إنما قال ذلك لأنه وقع في إسناده : " حميد بن قيس " أي المكي الثقة ، و ذلك
من أوهامه ، و لذا تعقبه الذهبي في " تلخيصه " بقوله :
" قلت : بل ليس على شرط ( خ ) ، و إنما غره أن في الإسناد حميد بن قيس ، كذا ،
و هو خطأ ، إنما هو حميد الأعرج الكوفي ابن علي ، أو ابن عمار ، أحد المتروكين
، فظنه المكي الصادق " .
قلت : فالسند ضعيف جدا ، من أجل تفرد حميد هذا الواهي به ، قال الذهبي في
ترجمته من " الميزان " :
" يروي عنه خلف بن خليفة ، واه " .
و قال في موضع آخر :
" متروك .. قال أحمد : ضعيف ، و قال أبو زرعة عنه : واه ، و قال الدارقطني :
متروك ، و قال ابن حبان : يروي عن ابن الحارث عن ابن مسعود نسخة كأنها كلها
موضوعة ، و قال النسائي : ليس بالقوي " .
ثم ساق له الذهبي من مناكيره أحاديث هذا أحدها .
ثم رأيت في " منتخب ابن قدامة " ( 11/209/2 ) :
" قال مهنا : سألت أحمد عن حديث خلف بن خليفة عن حميد الأعرج .. فذكره فقال :
منكر ليس بصحيح ، أحاديث حميد عن عبد الله بن الحارث منكرة " .
و قد وقع لابن بطة الحنبلي وهم فاحش في متن هذا الحديث ، فقد رواه عن إسماعيل
ابن محمد الصفار : حدثنا الحسن بن عرفة : حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج به
و زاد في آخره :
" .. فقال : من ذا العبراني الذي يكلمني من الشجرة ؟ قال : أنا الله " !
هكذا ساقه من طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1/192 ) و قال :
" لا يصح ، و كلام الله لا يشبه كلام المخلوقين ، و المتهم به حميد " .
فتعقبه الحافظ في " اللسان " ( 4/113 ) ثم السيوطي في " اللآلي المصنوعة " (
1/163 ) فقال :
" كلا والله ، بل حميد بريء من هذه الزيادة المنكرة فقد أخبرنا به الحافظ ..
أنا إسماعيل بن محمد الصفار .. " .
قلت : فذكره كما تقدم من تخريج الجماعة بدون الزيادة ، و جزء ابن عرفة هو من
رواية الصفار هذا ، و ليس فيه الزيادة ، و كذلك هو عند بعض من ذكرنا من
المخرجين من غير طريق الصفار عن خلف بن خليفة به دون الزيادة ، و كذلك رواه أبو
يعلى في " مسنده " عن خلف . ثم قال الحافظ :
" و قد رويناه من طرق ليس فيها هذه الزيادة ، و ما أدري ما أقول في ابن بطة بعد
هذا ، فما أشك أن إسماعيل بن محمد الصفار لم يحدث بهذا قط ، والله أعلم بغيبه "
.
قلت : يمكن أن يقال أن هذا من أوهام ابن بطة ، فقد قال الذهبي في ترجمته من "
الميزان " :
" إمام ، لكنه ذو أوهام " .
ثم ساق له حديثين قال في كل منهما :
" باطل " . يعني بخصوص الإسناد الذي رواه ابن بطة به . ثم قال :
" و مع قلة إتقان ابن بطة في الرواية كان إماما في السنة ، إماما في الفقه ،
صاحب أحوال و إجابة دعوة رضي الله عنه " .
و قال في " العلو للعلي الغفار " ( ص 141 طبع الأنصار ) :
" صدوق في نفسه ، تكلموا في إتقانه " .
و قال في " الضعفاء " :
" يهم و يغلط " .
ثم رأيت الحافظ قد استظهر ما ذكرنا فقال ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة
" ( 1/229 ) بعد أن ذكر كلام الحافظ الذي نقلته عن " لسانه " :
" قلت : قال الذهبي في " تلخيصه " ( يعني : تلخيص الموضوعات ) : تفرد بها ابن
بطة ، و إلا فهو في نسخة الصفار عن الحسن بن عرفة عن خلف بدونها ، انتهى .
و رأيت بخط الحافظ ابن حجر على حاشية " مختصر الموضوعات " لابن درباس : هذا
الحديث في نسخة الحسن بن عرفة رواية إسماعيل الصفار عنه ، و ليس فيه هذه
الزيادة الباطلة التي في آخره ، و الظاهر أن هذه الزيادة من سوء حفظ ابن بطة
انتهى " .
و علق عليه بعض من قام على التعليق على " تنزيه الشريعة " و أظنه الشيخ
عبد الله محمد الصديق الغماري فقال :
" و لم لا تكون من وضعه ؟ " .
قلت : لأنه عالم فاضل صالح بلا خلاف ، و الخطأ لا يسلك منه إنسان ، و لمجرد
وقوع خطأ واحد في مثله لا يجوز أن ينسب إلى الوضع حتى يكثر منه ، و يظهر مع ذلك
أنه قصد الوضع ، و هيهات أن يثبت ذلك عنه !
على أن بعض أهل العلم من المحققين المعاصرين <1> قد ذهب إلى أن هذه الزيادة
إنما ذكرها ابن بطة " على وجه الاستنباط و التفسير ، و اعتمد في رفع الالتباس
على قرينة حالية ، مع علمه بأن الحديث مشهور ، فجاء من بعده فتوهم أنه ذكر ذلك
الكلام على أنه جزء من الحديث .. " .
و هذا الجواب و إن كان ليس بالقوي في وجهة نظري ، فهو أولى من نسبة الإمام ابن
بطة إلى أنه تعمد وضعها ، مع ثبوت فضله و صلاحه عند أهل العلم <2> .
ثم إن وصف الشيخ المعلمي الحديث بأنه مشهور عند ابن بطة ، الظاهر أنه يعني به
الشهرة اللغوية التي لا تتنافى مع الضعف ، و هو كذلك في " علم المصطلح " حتى
إنهم ليطلقونه على ما لا إسناد له . فتنبه .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هو العلامة المحقق الشيخ عبد الرحمن العلمي اليماني ذكر ذلك في ترجمته لابن
بطة رقم ( 153 ) من كتابه العظيم " التنكيل " . و قد مضت كلمة حوله ذكر ذلك ردا
على الكوثري الذي زعم أن هذه الزيادة من وضع ابن بطة موافقا فيه الغماري و
كلاهما من أهل الأهواء على علمهما *( و من يضلل الله فما له من هاد )* . اهـ .

[2] و راجع لهذا آخر ترجمة ابن بطة في " التنكيل " . اهـ .
2

(3/239)


1241 - " كلم الله موسى ببيت لحم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/393 ) :

ضعيف جدا
رواه ابن عساكر في " التاريخ " ( 5/341/1 ) من طريق تمام الحافظ : نا علي بن
يعقوب بن شاكر : نا أحمد بن أبي رجاء : نا سعيد بن محمد المصيصي : نا يحيى بن
صالح : نا سعيد بن عبد العزيز عن مسلم عن أنس مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، مسلم هذا هو ابن كيسان الكوفي الملائي و هو ضعيف
جدا ، قال ابن معين :
" ليس بثقة " .
و قال البخاري :
" يتكلمون فيه " ، و قال في موضع آخر : " ذاهب الحديث لا أروي عنه " .
و قال النسائي :
" متروك " .
و سعيد بن عبد العزيز و هو التنوخي و هو ثقة لكنه كان اختلط .
و من دون يحيى بن صالح - و هو الوحاظي ثقة - لم أجد لهم ترجمة ، ما عدا تمام
فهو حافظ مشهور .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر هذه . و لم
يتكلم عليه المناوي بشيء !

(3/240)


1242 - " لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ، ثم قرأ : *( قد أفلح المؤمنون
. الذين هم في صلاتهم خاشعون )* . الآيات " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/394 ) :

منكر
أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " ( 218/2 ) و الحاكم ( 2/392 ) و كذا الترمذي
( 2/201 ) و أحمد ( 1/34 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( 4/460 ) من طريق عبد
الرزاق : نا يونس بن سليم قال : أملى علي يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب عن
عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري : سمعت عمر بن الخطاب يقول :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عنده دوي كدوي
النحل ، فمكثنا ساعة ، فاستقبل القبلة ، و رفع يديه قال : اللهم زدنا و لا
تنقصنا ، و أكرمنا و لا تهنا ، [ و أعطنا ] و لا تحرمنا ، و آثرنا و لا تؤثر
علينا ، و أرضنا و ارض عنا ، ثم قال : ... " فذكره .
و قال العقيلي في ترجمة يونس بن سليم هذا و هو الصنعاني :
" لا يتابع على حديثه هذا ، و لا يعرف إلا به " .
و قال النسائي :
" هذا حديث منكر لا نعلم أن أحدا رواه غير يونس بن سليم ، و لا نعرفه " .
و أقره الحافظ ابن كثير في " تفسيره " و أما مختصره الصابوني ; فقد دلس على
قرائه - كعادته - فأورد الحديث خلافا لشرطه في مقدمته أولا ، و حذف تضعيف
النسائب له و إقرار الحافظ إياه ثانيا ، و جعل تخريج الحافظ له في حاشيته موهما
أنه من علمه ، ثالثا !
و أما الحاكم فقال :
" صحيح الإسناد " .
و تعقبه الذهبي فقال :
" قلت : سئل عبد الرزاق عن شيخه ذا ؟ فقال : أظنه لا شيء " .

(3/241)


1243 - " من سبح دبر كل صلاة مكتوبة مائة مرة ، و كبر مائة مرة ، و هلل مائة مرة ، غفر
الله له ذنوبه و إن كانت أكثر من زبد البحر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/395 ) :

منكر
أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 141 ) و محمد بن الحسن الطبري
في " الأمالي " ( 4/1 ) و السياق له من طريق يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن عطاء
ابن أبي علقمة بن الحارث بن نوفل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، عطاء بن أبي علقمة بن الحارث مجهول كما في " التقريب
" .
و يعقوب بن عطاء بن أبي رباح مثله ، و به أعله النسائي .
و قد خالفه الحجاج بن الحجاج فرواه عن أبي الزبير عن أبي علقمة عن أبي هريرة به
بلفظ :
" من سبح دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة ... " الحديث لم يذكر التكبر مائة مرة .
أخرجه النسائي ( 1/199 ) و في " اليوم و الليلة " أيضا ( 140 ) .
و أبو علقمة هو المصري مولى بني هاشم .
قلت : و رجاله ثقات رجال مسلم ، إلا أن أبا الزبير مدلس و قد عنعنه ، فيخشى أن
يكون تلقاه عن ضعيف مثل يعقوب هذا ثم دلسه ، و كأن الحافظ رحمه الله يميل إلى
هذا ، فقد ذكر في ترجمة عطاء بن أبي علقمة حديثه هذا ، ثم ذكر رواية الحجاج عن
أبي الزبير ، ثم قال :
" فكأن الصواب : يعقوب بن عطاء عن أبي علقمة إن شاء الله تعالى " .
و المحفوظ في هذا الحديث إنما هو بلفظ :
" ثلاثا و ثلاثين " كما رواه مسلم و غيره من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا ،
و هو مخرج في " الأحاديث الصحيحة " رقم ( 101 ) .

(3/242)


1244 - " من قال إذا أصبح : سبحان و بحمده ألف مرة ، فقد اشترى نفسه من الله تبارك
و تعالى ، و كان من آخر يومه عتيقا من النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/396 ) :

ضعيف
أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( 8/224/2 ) عن الحارث بن أبي الزبير
المدني مولى النوفليين قال : حدثني أبو يزيد اليمامي عن طاووس بن عبد الله بن
طاووس عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف مظلم ، طاووس بن عبد الله لم أجد من ذكره ، و كذا
الراوي عنه أبو يزيد اليمامي .
و أما الحارث بن أبي الزبير المدني ، فقال ابن أبي حاتم ( 1/2/75 ) عن أبيه :
" هو شيخ بقي حتى أدركه أبو زرعة و أصحابنا ، و كتبوا عنه " .
قلت : فكأنه ثقة ، و أما الأزدي فقال :
" ذهب علمه " .
و ساق له حديثا من روايته عن إسماعيل بن قيس . و تعقبه الذهبي بقوله :
" إسماعيل تالف " .

(3/243)


1245 - " من قبل بين عيني أمه كان له سترا من النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/396 ) :

موضوع
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 102/2 ) و أبو بكر الخباز في " الأمالي " ( 16/2
) من طريق أبي صالح العبدي خلف بن يحيى قاضي الري : حدثنا أبو مقاتل عن
عبد العزيز بن أبي رواد عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال ابن عدي :
" و هذا منكر إسنادا و متنا ، و عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن طاووس ليس
بمستقيم ، و أبو مقاتل ليس هو ممن يعتمد على رواياته " .
قال الذهبي :
" وهاه قتيبة شديدا ، و كذبه ابن مهدي .. " .
ثم ساق له هذا الحديث من مناكيره .
و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " 0 3/86 ) من طريق ابن عدي ، و ذكر
إعلاله المتقدم ، و زاد :
" و قال عبد الرحمن بن مهدي : والله ما تحل الرواية عنه " .
و تعقبه السيوطي في " اللآلىء " ( 2/295 - 296 ) ثم ابن عراق في " تنزيه
الشريعة " ( 2/296 ) فقالا :
" إن البيهقي أخرجه في " الشعب " من هذا الطريق ، و قال : إسناده غير قوي " .
قلت : و هذا التعقب واه لا يساوي شيئا ، ما دام أن فيه ذاك الكذاب ، و لذلك فقد
أحسن الشوكاني صنعا حين أورد الحديث في " الفوائد المجموعة في الأحاديث
الموضوعة " ( 231/37 ) من الرواية نفسها و قول ابن عدي المذكور دون أن يعرج على
التعب المذكور .
على أنه لو سلم من الكذاب المشار إليه ، فإن خلفا و هو الراوي عنه ليس خيرا منه
، فقد قال ابن أبي حاتم ( 1/2/372 ) عن أبيه :
" متروك الحديث ، كان كذابا ، لا يشتغل به و لا بحديثه " .

(3/244)


1246 - " من دخل المقابر ، فقرأ سورة ( يس ) خفف عنهم يومئذ ، و كان له بعدد من فيها
حسنات " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/397 ) :

موضوع
أخرجه الثعلبي في " تفسيره " ( 3/161/2 ) من طريق محمد بن أحمد الرياحي : حدثنا
أبي : حدثنا أيوب بن مدرك عن أبي عبيدة عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد مظلم هالك مسلسل بالعلل :
الأولى : أبو عبيدة . قال ابن معين :
" مجهول " .
الثانية : أيوب بن مدرك متفق على ضعفه و تركه ، بل قال ابن معين :
" كذاب " . و في رواية : " كان يكذب " . و قال ابن حبان :
" روى عن مكحول نسخة موضوعة ، و لم يره " ! .
قلت : فهو آفة هذا الحديث .
الثالثة : أحمد الرياحي ، و هو أحمد بن يزيد بن دينار أبو العوام ، قال البيهقي
:
" مجهول " . كما في " اللسان " .
و أما ابنه محمد ، فصدوق له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 1/372 ) .
و قال الحافظ السخاوي في " الفتاوى الحديثية " ( ق 19/1 ) :
" رواه أبو بكر عبد العزيز صاحب الخلال بإسناده عن أنس مرفوعا . كما في " جزء
وصول القراءة إلى الميت " للشيخ محمد بن إبراهيم المقدسي ، و قد ذكره القرطبي ،
و عزاه للطبراني عن أنس ، إلا أنني لم أظفر به إلى الآن . و هو في " الشافي "
لأبي بكر عبد العزيز صاحب الخلال الحنبلي كما عزاه إليه المقدسي ، و أظنه لا
يصح " .
قلت : لو وقف على إسناده لجزم بعدم صحته ، فالحمد لله الذي أوقفنا عليه ، حتى
استطعنا الكشف عن علته . فله الحمد و المنة .
و قد روي الحديث بلفظ آخر يقال عند المحتضر و هو موضوع أيضا ، و سيأتي برقم (
5219 ) .

(3/245)


1247 - " هل تدرون بعد ما بين السماء و الأرض ؟ إن بعد ما بينهما إما واحدة ، أو
اثنتان أو ثلاث و سبعون سنة ، ثم السماء فوقها كذلك حتى عد سبع سموات ، ثم فوق
السابعة بحر بين أسفله و أعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم فوق ذلك ثمانية
أوعال ، بين أظلافهم و ركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم الله تبارك و تعالى
فوق ذلك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/398 ) :

ضعيف
أخرجه أبو داود ( 20/276 ) و عنه البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 399 طبع
السعادة ) و ابن ماجه ( 1/83 ) و أحمد ( 1/206 ) و ابن خزيمة في " التوحيد " (
ص 69 ) و عثمان الدارمي في " النقض على بشر المريسي " ( ص 90 - 91 ) عن الوليد
ابن أبي ثور ، و الترمذي ( 4 - 205 - تحفة ) و ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 68
) عن عمرو بن أبي قيس ، و أبو داود و عنه البيهقي عن إبراهيم بن طهمان ثلاثتهم
عن سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن
عبد المطلب قال :
" كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمرت بهم سحابة
، فنظر إليها فقال : ما تسمون هذه ؟ قالوا : السحاب ، قال : " و المزن ؟ "
قالوا : و المزن ، قال : " و العنان ؟ " قالوا : و العنان ، قال : " هل تدرون
.. " .
و خالفهم في الإسناد و المتن شعيب بن خالد فقال : حدثني سماك بن حرب عن
عبد الله بن عميرة عن عباس به ، فأسقط منه الأحنف ، فهذه مخالفته في السند .
و أما مخالفته في المتن ، فقال : بينهما مسيرة خمسمائة سنة ، و من كل سماء إلى
سماء مسيرة خمسمائة سنة " .
أخرجه الحاكم ( 2/378 ) و أحمد ( 1/206 ) من طريق يحيى بن العلاء عن عمه شعيب
ابن خالد .
قلت : و شعيب هذل ليس به بأس كما قال النسائي و غيره . فالعلة من ابن أخته يحيى
ابن العلاء فإنه متروك متهم كما تقدم غير مرة ، فلا يعتد بمخالفته ، و قول
الحاكم عقبه :
" صحيح الإسناد " ! فمن أوهامه ، و ليس ذلك غريبا منه ، و إنما الغريب موافقة
الذهبي إياه على تصحيحه ، مع أنه قد أورد ابن العلاء هذا في " الميزان " و ذكر
نقولا كثيرة عن الأئمة في توهينه ، منها قول أحمد :
" كذاب يضع الحديث " .
و يقابل هذا بعض الشيء إعلال الحافظ المنذري للحديث في " مختصر السنن " بقوله (
7/93 ) :
" و في إسناده الوليد بن أبي ثور ، و لا يحتج بحديثه " .
و ليس ذلك منه بجيد ، فقد تابعه إبراهيم بن طهمان ، و هو ثقة محتج به في "
الصحيحين " ، و هذه المتابعة في " سنن أبي داود " الذي اختصره المنذري فكيف
خفيت عليه ؟ ! و لذلك قال ابن القيم في " تهذيب السنن " ( 7/92 ) :
" أما رد الحديث بالوليد بن أبي ثور ففاسد ، فإن الوليد لم ينفرد به .. " .
ثم ذكر متابعة ابن طهمان و عمرو بن أبي قيس ثم قال :
" فأي ذنب للوليد في هذا ؟ ! و أي تعلق عليه ؟ ! و إنما ذنبه روايته ما يخالف
قول الجهمية ، و هي علته المؤثرة عند القوم " .
قلت : لا شك أنه لا ذنب للوليد في هذا الحديث بعد متابعة من ذكرنا له ، و لكن
الحديث لا يثبت بذلك حتى تتوفر فيمن فوقه شروط رواة الحديث الصحيح أو الحسن على
الأقل ، و ذلك ما لم نجده ، فإن عبد الله بن عميرة لم تثبت عدالته ، فقال
الذهبي في " كتاب العلو " ( ص 109 ) عقب الحديث :
" تفرد به سماك بن حرب عن عبد الله ، و عبد الله فيه جهالة ، و يحيى بن العلاء
متروك ، و قد رواه إبراهيم بن طهمان عن سماك ، و إبراهيم ثقة " .
و قال في ترجمة ابن عميرة من " الميزان " :
" فيه جهالة ، قال البخاري : لا يعرف له سماع من أحنف بن قيس " .
و البخاري بقوله هذا كأنه يشير إلى جهالته ، و كذلك مسلم ، فقال في " الوحدان "
:
" تفرد سماك بالرواية عنه " .
و صرح بذلك إبراهيم الحربي فقال :
" لا أعرفه " .
و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " على قاعدته المعروفة و قال ( 1/109 - 110
) :
" عبد الله بن عميرة بن حصين القيسي من بني قيس بن ثعلبة ، كنيته أبو المهاجر ،
عداده في أهل الكوفة ، يروي عن عمر و حذيفة ، و هو الذي روى عن الأحنف بن قيس ،
روى عنه سماك بن حرب ، و هو الذي يقول فيه إسرائيل : عبد الله بن حصين العجلي "
.
قلت : و أورده ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 2/2/124 - 125 ) لكن
جعلهم ثلاثة : " عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف . عبد الله بن عمير أبو المهاجر
القيسي عن عمر . عبد الله بن عميرة بن حصين كوفي أبو سلامة ، و يقال : عبد الله
ابن حصن العجلي ، روى عن حذيفة " .
و ذكر أن ثلاثتهم روى عنهم سماك بن حرب لا غير . و ذهب الحافظ في " التقريب "
إلى أن الصواب أنهم واحد كما قال ابن حبان ، و يعكر عليه عندي أن ابن حصين
كنيته أبو سلامة ، بينما القيسي الذي روى عن عمر كنيته أبو المهاجر ، فلعلهما
اثنان ، أحدهما عبد الله بن عميرة راوي هذا الحديث . والله أعلم .
و خلاصة القول : أن ابن عميرة هذا غير معروف عند أئمة الحديث ، و لذلك فقول
الترمذي عقبه :
" حديث حسن غريب " .
ينبغي أن يعد من تساهله الذي عرف به ، حتى قال الذهبي من أجل مثل هذا التساهل :
" و لذلك لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي " .
و أما قول صاحب " تحفة الأحوذي " رحمه الله عقب قول الترمذي المذكور :
" و أخرجه أبو داود من ثلاث طرق ، اثنتان منها قويتان " .
فوهم محض ، فإنه لا طريق له إلا هذه الطريق المجهولة ، كما صرح بذلك الذهبي
رحمه الله فيما تقدم .
و مثل ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموعة فتاواه " ( 3/192 ) :
" هذا الحديث مع أنه رواه أهل السنن كأبي داود و ابن ماجه و الترمذي و غيرهم ،
فهو مروي من طريقين مشهورين ، فالقدح في أحدهما لا يقدح في الآخر " .
لكن هناك في كلامه قرينة تدل على أنه لم يرد الطريقين إلى النبي صلى الله عليه
وسلم كما هو المتبادر من الإطلاق ، و إنما أراد طريقين إلى الراوي عن ابن عميرة
، يفهم هذا من التخريج السابق و قوله بعدما تقدم :
" فقال ( يعني بعض المعارضين به ) : أليس مداره على ابن عميرة ، و قد قال
البخاري : لا يعرف له سماع من الأحنف ، فقلت : قد رواه إمام الأئمة ابن خزيمة
في كتاب " التوحيد " الذي اشترط فيه أنه لا يحتج به إلا بما نقله العدل عن
العدل موصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قلت : و الإثبات مقدم على النفي ،
و البخاري إنما نفى معرفة سماعه من الأحنف ، لم ينف معرفة الناس بهذا ، فإذا
عرف غيره كإمام الأئمة ابن خزيمة ما ثبت به الإسناد ، كانت معرفته و إثباته
مقدما على نفي غيره ، و عدم معرفته " .
قلت : و في هذا الجواب ما لا يخفى ، و مثله إنما يفيد مع المقلد الذي لا علم
عنده بطرق إعلال الحديث و الجرح و التعديل ، أو من لم يقف على إسناده الذي به
يتمكن من نقده إن كان من أهله ، أو من لم يطلع على كلام أهل النقد في بعض رجاله
، أما بعد أن عرف إسناد الحديث ، و أنه تفرد به عبد الله بن عميرة ، و تفرد
سماك بالرواية عنه ، و قول الحربي فيه : لا أعرفه ، و إشارة مسلم إلى جهالته ،
و تصريح الذهبي بذلك كما سبق ، فلا يفيد بعد الاطلاع على هذا أن ابن خزيمة
أخرجه ، لا سيما و هو معروف عند أهل المعرفة بهذا الفن أنه متساهل في التصحيح ،
على نحو تساهل تلميذه ابن حبان ، الذي عرف عنه الإكثار من توثيق المجهولين ثم
التخريج لأحاديثهم في كتابه " الصحيح " ! و لعله تأسى بشيخه في ذلك ، غير أنه
أخطأ في ذلك أكثر منه .
و قد يكون من المفيد أن نذكر أمثلة أخرى من الأحاديث الضعيفة التي وردت في "
كتاب التوحيد " لابن خزيمة مع بيان علتها ، ليكون القارىء على بينة مما ذكرنا
من تساهل ابن خزيمة رحمه الله تعالى .
الحديث الأول :
" إن الله تبارك و تعالى قرأ ( طه ) و ( يس ) قبل أن يخلق آدم بألفي عام ، فلما
سمعت الملائكة القرآن قالوا : طوبى لأمة ينزل هذا عليهم ، و طوبى لألسن تتكلم
بهذا ، و طوبى لأجواف تحمل هذا " .
الحديث الثاني مما في " التوحيد " لابن خزيمة من الأحاديث الضعيفة :
" يمكث رجل في النار فينادي ألف عام : يا حنان يا منان ! فيقول الله تبارك
و تعالى : يا جبريل ! أخرج عبدي فإنه بمكان كذا و كذا ، فيأتي جبريل النار ،
فإذا أهل النار منكبين على مناخرهم ، فيقول : يا جبريل ! اذهب فإنه في مكان كذا
و كذا ، فيخرجه ، فإذا وقف بين يدي الله تبارك و تعالى ، يقول الله تبارك
و تعالى : أي عبدي كيف رأيت مكانك ؟ قال : شر مكان ، و شر مقيل ، فيقول الرب
سبحانه و تعالى : ردوا عبدي ، فيقول : يا رب ما كان هذا رجائي ، فيقول الرب
سبحانه و تعالى : أدخلوا عبدي الجنة " .
و من ضعاف " المختارة " للضياء :
" إن أناسا من أمتي سيتفقهون في الدين ، و يقرؤن القرآن ، و يقولون : نأتي
الأمراء فنصيب من دنياهم ، و نعتزلهم بديننا ، و لا يكون ذلك ، كما لا يجتنى من
القتاد إلا الشوك ، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا . قال محمد بن الصباح : كأنه
يعني الخطايا " .

(3/246)


1248 - " إن الله تبارك و تعالى قرأ ( طه ) و ( يس ) قبل أن يخلق آدم بألفي عام ، فلما
سمعت الملائكة القرآن قالوا : طوبى لأمة ينزل هذا عليهم ، و طوبى لألسن تتكلم
بهذا ، و طوبى لأجواف تحمل هذا "

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/402 ) :

منكر
أخرجه الدارمي ( 2/456 ) و ابن خزيمة في " التوحيد " ( 109 ) و ابن حبان في "
الضعفاء " ( 1/108 ) و الواحدي في " الوسيط " ( 3/16/2 ) و ابن عساكر في "
التاريخ " ( 5/308/2 و 12/30/2 ) عن إبراهيم بن المهاجر بن مسمار قال : حدثنا
عمر بن حفص بن ذكوان عن مولى الحرقة ( قال ابن خزيمة : و هو عبد الله بن يعقوب
ابن العلاء بن عبد الرحمن ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا متن موضوع كما قال ابن حبان ، و إسناده ضعيف جدا ، و له علتان :
الأولى : إبراهيم ، قال الذهبي في " الميزان " و ساق له هذا الحديث :
" قال البخاري : منكر الحديث . و قال النسائي : ضعيف . و روى عثمان بن سعيد عن
يحيى : ليس به بأس . قلت : انفرد بهذا الحديث " .
قلت : و في ترجمته أورده ابن حبان و قال :
" منكر الحديث جدا " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" ضعيف " !
و الأخرى : شيخه عمر بن حفص بن ذكوان . أورده ابن أبي حاتم ( 3/1/102 ) و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . ثم أورد بعده : " عمر بن حفص أبو حفص الأزدي
البصري .. سمعت أبي يقول .. هو منكر الحديث " .
قال الذهبي في " الميزان " :
" و هو عمر بن حفص بن ذكوان ، قال أحمد : تركنا حديثه و حرقناه ، و قال علي :
ليس بثقة . و قال النسائي : متروك .. " .
و قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " ( 3/141 ) بعد أن عزاه لابن خزيمة :
" هذا حديث غريب ، و فيه نكارة ، و إبراهيم بن مهاجر و شيخه تكلم فيهما " .
قلت : و أما عبد الله بن يعقوب بن العلاء بن عبد الرحمن ، فلم أعرفه ، و الظاهر
أن في الأصل تحريفا ، فإنه في " تفسير ابن كثير " :
" ... مولى الحرقة يعني عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة " .
قلت : و هذا هو الصواب ، فإن عبد الرحمن بن يعقوب ، له رواية عن أبي هريرة .
و عنه عمر بن حفص بن ذكوان . و هو والد العلاء بن عبد الرحمن " .

(3/247)


1249 - " يمكث رجل في النار فينادي ألف عام : يا حنان يا منان ! فيقول الله تبارك
و تعالى : يا جبريل ! أخرج عبدي فإنه بمكان كذا و كذا ، فيأتي جبريل النار ،
فإذا أهل النار منكبين على مناخرهم ، فيقول : يا جبريل ! اذهب فإنه في مكان كذا
و كذا ، فيخرجه ، فإذا وقف بين يدي الله تبارك و تعالى ، يقول الله تبارك
و تعالى : أي عبدي كيف رأيت مكانك ؟ قال : شر مكان ، و شر مقيل ، فيقول الرب
سبحانه و تعالى : ردوا عبدي ، فيقول : يا رب ما كان هذا رجائي ، فيقول الرب
سبحانه و تعالى : أدخلوا عبدي الجنة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/404 ) :

ضعيف جدا
أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 205 - 206 ) من طريق سلام بن مسكين قال :
حدثنا أبو ظلال القسملي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
فذكره .
قلت : و هذا إسناد واه جدا ، أبو ظلال و اسمه هلال بن ميمون ، قال الذهبي :
" واه بمرة ، قال ابن معين و النسائي : ضعيف . و قال ابن عدي : عامة ما يرويه
لا يتابعه الثقات عليه . و قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال . و قال
البخاري : عنده مناكير " .

(3/248)


1250 - " إن أناسا من أمتي سيتفقهون في الدين ، و يقرؤن القرىن ، و يقولون : نأتي
الأمراء فنصيب من دنياهم ، و نعتزلهم بديننا ، و لا يكون ذلك ، كما لا يجتنى
من القتاد إلا الشوك ، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا . قال محمد بن الصباح : كأنه
يعني الخطايا "

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/404 ) :

ضعيف
أخرجه ابن ماجه ( 255 ) من طريق يحيى بن عبد الرحمن الكندي عن عبيد الله بن أبي
بردة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم به .
قلت : و إسناده ضعيف من أجل عبيد الله هذا ، و هو عبيد الله بن المغيرة بن أبي
بردة ، قال الذهبي :
" تفرد عنه أبو شيبة يحيى بن عبد الرحمن الكندي " .
و معنى هذا أنه مجهول ، و كيف لا و لم يوثقه أحد حتى ابن حبان ؟ ! نعم أخرجه
الضياء في " المختارة " ( 63/5/1 ) و مقتضاه أن يكون عبيد الله عنده ثقة كما
قال الحافظ في " التهذيب " .
قلت : لكن الضياء متساهل في التخريج في الكتاب المذكور كما ثبت لنا بالتتبع <1>
، فإنه يروي للكثير من المجاهيل كهذا ، و لذلك لم يعرج عليه الحافظ نفسه في "
التقريب " ، فقال :
" مقبول " .
يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث . كما نص عليه في المقدمة .
نعم قال المنذري في " الترغيب " ( 3/151 ) :
" رواه ابن ماجه ، و رواته ثقات " .
فهذا من أوهامه أو تساهله رحمه الله تعالى .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و قد حققت من كتابه المذكور " مسند الخلفاء الراشدين " ، يسر الله لي
إخراجه للناس مطبوعا محققا كاملا ، بفضله و كرمه . اهـ .
1

(3/249)


1251 - " كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق و أنت له كاذب " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/405 ) :

ضعيف
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 393 ) و أبو داود ( 4971 ) و ابن عدي في "
الكامل " ( 204/2 ) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 151 ) و البيهقي ( 10/199
) و في " الشعب " 0 2/49/1 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 5/341/2 ) من
طريق بقية بن الوليد عن ضبارة بن مالك الحضرمي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير
أن أباه حدثه أن سفيان بن أسيد الحضرمي حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقول : فذكره .
ثم ساقه ابن عدي من طريق محمد بن ضبارة بن مالك الحضرمي سمع أباه يحدث عن أبيه
عن عبد الرحمن بن جبير به . و قال :
" و هذا الحديث لا أعلمه يرويه غير بقية عن ضبارة " .
كذا قال ، و هو عجب ، فقد رواه محمد بن ضبارة أيضا عن أبيه ضبارة كما ساقه هو ،
فهل نسي أم ماذا ؟
و علة هذا الإسناد إنما هي ضبارة هذا فإنه مجهول كما في " الميزان " ،
و " التقريب " ، و ليست هي بقية بن الوليد كما أشار إلى ذلك في " فيض القدير "
نقلا عن المنذري ، فإن بقية إنما يخشى منه التدليس ، و قد صرح بالتحديث عند ابن
عدي و القضاعي و ابن عساكر ، فأمنا بذلك شر تدليسه ، و قد تابعه محمد بن ضبارة
كما تقدم ، و لكني لم أجد لمحمد هذا ترجمة .
و لا يقوي الحديث أن له شاهدا من حديث النواس بن سمعان مرفوعا به .
أخرجه الإمام أحمد ( 4/183 ) : حدثنا عمر بن هارون عن ثور بن يزيد عن شريح بن
جبير بن نفير الحضرمي عنه .
و من هذا الوجه أخرجه البيهقي أيضا و أبو نعيم في " المستخرج " ( 1/8/2 ) و في
" الحلية " ( 6/99 ) و قال :
" غريب من حديث ثور ، تفرد به عمر بن هارون البلخي " .
قلت : و هو متروك كما قال الحافظ في " التقريب " . فقول الحافظ العراقي فيما
نقله المناوي : " سنده جيد " ليس بجيد ، كيف و البلخي هذا قد كذبه ابن معين
و غيره كما تقدم في الحديث ( 288 ) ؟ !
قلت : فلشدة ضعفه لا يصلح أن يستشهد بحديثه . والله الموفق .

(3/250)


1252 - " الصخرة صخرة بيت المقدس على نخلة ، و النخلة على نهر من أنهار الجنة ، و تحت
النخلة آسية امرأة فرعون ، و مريم بنت عمران ينظمان سموط أهل الجنة إلى يوم
القيامة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/406 ) :

موضوع
رواه ابن عساكر ( 19/274/1 ) عن إبراهيم بن محمد : نا محمد بن مخلد : نا
إسماعيل بن عياش عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي عن { شعوذ } بن عبد الرحمن عن خالد
بن معدان عن عبادة بن الصامت مرفوعا . و قال :
" رواه غيره عن خالد ، فجعله من قول كعب و هو أشبه " .
ثم ساق إسناده بذلك .
و الحديث ساقه الذهبي في ترجمة محمد بن مخلد الرعيني الحمصي و قال :
" رواه أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي الخطيب في " فضائل بيت المقدس " بإسناد
مظلم إلى إبراهيم بن محمد عن محمد بن مخلد و هو كذب ظاهر " .
و قال في ترجمة محمد بن مخلد :
" حدث بالأباطيل من ذلك ... " .
ثم ساق له حديثين هذا أحدهما .
و قال ابن حجر في " اللسان " :
" قال ابن عدي : منكر الحديث عن كل من روى عنه <1> ، و قال الدارقطني في غرائب
مالك : متروك الحديث " .
و لقد شددت الرحل إلى بيت المقدس لأول مرة بتاريخ ( 23/5/1385 هـ ) حين اتفقت
حكومتا الأردن و سوريا على السماح لرعاياهما بدخول أفراد كل منهما إلى الأقصى ،
و زرت الصخرة للاطلاع فقط ; فإنه لا فضيلة لها شرعا ، خلافا لزعم الجماهير من
الناس و مشايعة الحكومات لها ، و رأيت مكتوبا على بابها من الداخل حديثا فيه أن
الصخرة من الجنة ، و لم يخطر في بالي آنئذ أن أسجله عندي لدراسته ، و إن كان
يغلب على الظن أنه موضوع كهذا .
و أما حديث " العجوة و الصخرة من الجنة " .
فهو ضعيف لاضطرابه كما بينته في " إرواء الغليل " رقم ( 2763 ) طبع المكتب
الإسلامي .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] الذي في ترجمة محمد بن مخلد من " كامل ابن عدي " ( 371/1 ) :
" يحدث عن مالك و غيره بالبواطيل " . اهـ .
1

(3/251)


1253 - " أول ما خلق الله القلم ، ثم خلق النون و هي الدواة ، و ذلك في قول الله :
*( ن . و القلم و ما يسطرون )* ، ثم قال له : اكتب ، قال : و ما أكتب ؟ قال :
ما كان و ما هو كائن من عمل أو أجل أو أثر ، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم
القيامة ، ثم ختم على في القلم فلم ينطق ، و لا ينطق إلى يوم القيامة ، ثم خلق
العقل فقال الجبار : ما خلقت خلقا أعجب إلي منك ، وعزتي لأكملنك فيمن أحببت ،
و لأنقصنك فيمن أبغضت ، و أنقص الناس عقلا أطوعهم للشيطان و أعملهم بطاعته " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/408 ) :

باطل
رواه ابن عدي ( 313/1 ) و ابن عساكر ( 16/48/2 ) عن محمد بن وهب الدمشقي :
حدثنا الوليد بن مسلم : حدثنا مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة
مرفوعا و قال :
" و هذا بهذا الإسناد باطل منكر " .
قال الذهبي :
" و صدق ابن عدي في أن الحديث باطل " .
قلت : و آفته محمد بن وهب هذا ، و هو محمد بن وهب بن مسلم القرشي ، قال ابن
عساكر :
" ذاهب الحديث " .
و هو غير محمد بن وهب بن عطية الذي أخرج له البخاري ، و قد ترجم له ابن عساكر
أولا ، ثم ترجم لابن مسلم هذا ، و ساق له هذا الحديث . فأصاب .
و أما ابن عدي فذكره في ترجمة الأول ، ظنا منه أنه هو صاحب الحديث . قال الحافظ
في " التهذيب " :
" و ليس كما ظن ، و قد فرق بينهما أبو القاسم بن عساكر فأصاب " .
قلت : و يبدو أن الدارقطني أيضا توهم أنه هو ، ففي " اللسان " أن الدارقطني
أورد الحديث في " الغرائب " و قال :
" هذا حديث غير محفوظ عن مالك و لا عن سمي ، و الوليد بن مسلم ثقة ، و محمد بن
وهب ، و من دونه ليس بهم بأس ، و أخاف أن يكون دخل على بعضهم حديث في حديث " .
قلت : و منشأ الوهم أن كلا من الرجلين دمشقي ، و كلاهما يروي عن الوليد بن مسلم
، و عنهما الربيع بن سليمان الجيزي ، و لم يقع في إسناد هذا الحديث منسوبا إلى
جده بل كما تقدم " محمد بن وهب الدمشقي " ، فاشتبه الأمر على ابن عدي
و الدارقطني و المعصوم من عصمه الله . على أنهما قد اتفقا على إنكار الحديث ،
و ذلك مما يدل اللبيب على دقة نقد المحدثين للمتون ، فإنهما مع ظنهما أن راوي
الحديث هو محمد بن وهب بن عطية الثقة فقد أنكراه عليه ، و حاول الدارقطني أن
يكتشف العلة بقوله : " و أخاف .. " ، لكن الله تعالى ادخر معرفتها للحافظ ابن
عساكر ، مصداقا للمثل السائر : كم ترك الأول للآخر !
و إذا عرفت هذا فقد أخطأ الإمام القرطبي خطأ فاحشا في عزوه هذا الحديث لرواية
الوليد بن مسلم فقال في " تفسيره " ( 18/223 ) :
" روى الوليد بن مسلم قال : حدثنا مالك .. " إلخ .
فإن جزمه بأن الوليد روى ذلك معناه أن من دون الوليد ثقات محتج بهم ، و كذلك من
فوقه كما هو باد للعيان ، فينتج من ذلك أن إسناد الحديث صحيح ، و لا يخفى ما
فيه !
و يشبه صنيع القرطبي هذا ، عزو الجويني لحديث " الاغتسال بالماء المشمس يورث
البرص " . و هو باطل كهذا <1> عزاه للإمام مالك ، فأنكر العلماء ذلك عليه ،
فقال الحافظ بان حجر في " التلخيص " :
" و اشتد إنكار البيهقي على الشيخ أبي محمد الجويني في عزوه هذا الحديث لرواية
مالك ! و العجب من ابن الصباغ كيف أورده في " الشامل " جازما به ، فقال : " روى
مالك عن هشام " . و هذا القدر هو الذي أنكره البيهقي على الشيخ أبي محمد " .
ثم تذكرت أن الوليد بن مسلم و إن كان ثقة كما قال الدارقطني آنفا ; لكنه كثير
التدليس و التسوية كما قال الحافظ في " التقريب " ، و تدليس التسوية هو أن يسقط
من السند رجلا من فوق شيخه ، كأن يكون مثلا بين مالك و سمي رجل فيسقطه ، فهذا
الفعل يسمى تدليس التسوية عند المحدثين ، و الوليد معروف بذلك عندهم ،
فالمحققون لا يحتجون بما رواه الوليد إلا إذا كان مسلسلا بالتحديث أو السماع .
والله أعلم .
و عليه ففي الحديث علة أخرى و هي العنعنة .
و قد وجدت له شاهدا من رواية الحسن بن يحيى الخشني عن أبي عبد الله مولى بني
أمية عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به ، دون قوله :
" ثم قال صلى الله عليه وسلم : فأكملهم .. " .
أخرجه الواحدي في " تفسيره " ( 4/157/2 ) و ابن عساكر في " تاريخه " ( 17/247/1
) ، و من طريقه فقط ذكره الحافظ ابن كثير في " تفسيره " مجتزأ من إسناده على
قوله : " عن أبي عبد الله .. " مشيرا بذلك إلى أنه علة الحديث . و قد فتشت عنه
في كتب الرجال ، فلم أجده ، فهو مجهول غير معروف .
على أنه كان يحسن بالحافظ ابن كثير بل يجب عليه أن يبتدئ بإسناده من عند
الخشني الراوي عن هذا المجهول ، لكي لا يتوهم الواقف عليه أنه لا علة فيه غير
المجهول المشار إليه ، كيف و الخشني هذا متروك متهم برواية الأحاديث الموضوعة
التي لا أصل لها ! و قد سبق أحدها برقم ( 201 ) ، فراجعه و الذي قبله .
نعم قد صح من الحديث طرفه الأول :
" إن أول شيء خلقه الله القلم ، و أمره فكتب كل شيء " .
و هو مخرج في السلسلة الأخرى برقم ( 133 ) .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] راجع الكلام عليه في كتابنا " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل "
رقم ( 18 ) . اهـ .
1

(3/252)


1254 - " لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد لله فيه حاجة ، و حتى توجد
المرأة نهارا جهارا تنكح وسط الطريق ، لا ينكر ذلك أحد و لا يغيره ، فيكون
أمثلهم يؤمئذ الذي يقول : لو نحيتها عن الطريق قليلا ، فذاك فيهم مثل أبي بكر
و عمر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/410 ) :

ضعيف جدا
أخرجه الحاكم ( 4/495 ) من طريق القاسم بن الحكم العرني : حدثنا سليمان بن أبي
سليمان : حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره و قال :
" صحيح الإسناد " .
و رده الذهبي بقوله :
" قلت : بل سليمان هالك ، و الخبر شبه خرافة " .
قلت : و كأنه يعني ما في آخره من المبالغة في أنه مثل أبي بكر و عمر ، و إلا
فسائر الحديث صحيح عن أبي هريرة و غيره ، و لذلك أوردته في " الصحيحة " تحت رقم
( 475 ) .
و في الحديث علة أخرى و هي ضعف القاسم بن الحكم العرني قال في " التقريب " :
" صدوق فيه لين " .

(3/253)


1255 - " استفرهوا ضحاياكم ، فإنها مطاياكم على الصراط " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/411 ) :

ضعيف جدا
رواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( 33/2 ) عن يحيى بن عبيد الله عن
أبيه قال : سمعت أبا هريرة يقول : فذكره مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، آفته يحيى ; و هو ابن عبيد الله بن عبد الله بن
موهب المدني قال أحمد : ليس بثقة . و قال ابن أبي حاتم عن أبيه : ضعيف الحديث ،
منكر الحديث جدا . و قال مسلم و النسائي : متروك الحديث .
و أما أبوه عبيد الله فمجهول ، قال الشافعي و أحمد و اللفظ له :
" لا يعرف " . و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " فقال :
" روى عنه ابنه يحيى ، لا شيء . و أبوه ثقة ، و إنما وقع المناكير في حديثه من
قبل ابنه يحيى " .
ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال في " التلخيص " ( 4/138 ) :
" أخرجه صاحب " مسند الفردوس " من طريق يحيى بن عبيد الله بن موهب ... و يحيى
ضعيف جدا " .
و تقدم الحديث بلفظ : " عظموا ضحاياكم .. " و أنه لا أصل له . انظر رقم ( 74 )
إن شئت .

(3/254)


1256 - " ثلاث من فعلهن ثقة بالله و احتسابا ، كان حقا على الله أن يعينه و أن يبارك
له : من سعى في فكاك رقبة ثقة بالله و احتسابا كان حقا على الله أن يعينه و أن
يبارك له ، و من تزوج ثقة بالله و احتسابا كان حقا على الله أن يعينه و ان
يبارك له ، و من أحيا أرضا ميتة ثقة بالله و احتسابا كان حقا على الله أن يعينه
و أن يبارك له " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/412 ) :

ضعيف
رواه ابن منده في " المنتخب من الفوائد " ( 265/2 ) و الثقفي في " الفوائد "
المعروفة بـ " الثقفيات " ( ج9 رقم 17 ) و كذا الضياء في " المنتقى من مسموعاته
بمرو " ( 119/1 ) و البيهقي ( 10/319 ) و كذا الطبراني في " الأوسط " ( 5050 )
عن عمرو بن عاصم الكلابي : نا جدي : عبيد الله بن الوازع عن أيوب السختياني عن
أبي الزبير عن جابر مرفوعا .
و من هذا الوجه رواه أبو القاسم الحامض في " حديثه كما في " المنتقى منه " (
3/10/1 ) ، و قال الطبراني كما في " مجمع البحرين " ( 166/2 ) :
" لم يروه عن أيوب إلا عبيد الله تفرد به عمرو " .
قلت : و هو صدوق في حفظه شيء كما في " التقريب " و قد أخرجه الشيخان .
و جده عبيد الله بن الوازع مجهول كما قال الحافظ في " التقريب " ، و أشار إلى
ذلك الذهبي بقوله في ترجمته :
" ما علمت له راويا غير حفيده " .
قلت : و أبو الزبير مدلس معروف بالتدليس و قد عنعنه ، فالعجب من الذهبي حيث قال
في " المهذب " كما في " فيض القدير " :
" إسناده صالح مع نكارته عن أيوب " .

(3/255)


1257 - " يا علي مثل الذي لا يتم صلاته كمثل حبلى حملت ، فلما دنا نفاسها أسقطت ، فلا
هي ذات ولد ، و لا هي ذات حمل . و مثل المصلي كمثل التاجر لا يخلص له ربحه حتى
يخلص له رأس ماله ، كذلك المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي الفريضة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/413 ) :

ضعيف
أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 2/387 ) و أبو القاسم الأصبهاني في "
الترغيب " ( ق 196/1 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 1/90 ) الشطر الأول منه من
طريق موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره . و قال البيهقي :
" موسى بن عبيدة لا يحتج به ، قد اختلف عليه في إسناده ، فرواه زيد بن الحباب
و أسباط بن محمد هكذا ، و رواه سليمان بن بلال عن موسى بن عبيدة عن صالح بن
سويد عن علي مرفوعا ، و هو إن صح .. " . ثم ساق إسناده إلى سليمان به .
و قد وصله ابن شاذان في " الفوائد " ( 1/119/2 ) و ابن بشران في " الفوائد " (
26/105/2 ) و الرامهرمزي في " الأمثال " ( 70/1 - 2 ) .
و أعله الهيثمي ( 2/132 ) بالربذي هذا فقال :
" ضعيف " ، و أشار المنذري ( 1/183 ) إلى تضعيفه . و زاد أبو يعلى في أوله :
" نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ و أنا راكع " .
و قد خالفه في إسنادها إبراهيم بن عبد الله بن حنين فقال عن أبيه أنه سمع علي
ابن أبي طالب يقول :
فذكرها دون حديث الترجمة ، و جعله من سماع عبد الله بن حنين من علي دون ذكر
أبيه بينهما .
أخرجه مسلم ( 2/48 و 49 ) و أحمد ( 1/114 و 123 و 136 ) و أبو يعلى ( 1/119
و 121 و 157 و 175 و 176 ) .
نعم قد ذكر مسلم خلافا آخر في إسناده على عبد الله بن حنين ، لا يضر في هذه
القطعة من الحديث ، لا سيما و لها طرق أخرى في " مسند " أحمد و أبي يعلى
و غيرهما .
و قد شاع الاستدلال بالشطر الأخير منه " المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي
الفريضة " على ما يفتي به كثير من المشايخ من كان مبتلى بترك الصلاة و إخراجها
عن وقتها عامدا بوجوب قضائها مكان السنن الراتبة فضلا عن غيرها ، و يقولون : إن
الله عز وجل لا يقبل النافلة حتى تصلى الفريضة ! و هذا الحديث مع ضعفه لا يدل
على ما ذهبوا إليه لو صح ، إذ إن المقصود به فريضة الوقت مع نافلته ، ففي هذه
الحالة لا تقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة ، فلو أنه صلاهما معا كفريضة الظهر
و نافلتها مثلا في الوقت مع إتيانه بسائر الشروط و الأركان ، كانت النافلة
مقبولة كالفريضة ، و لو أنه كان قد ترك صلاة أو أكثر عمدا فيما مضى من الزمان .
فمثل هذه الصلاة لا مجال لتداركها و قضائها ، لأنها إذا صليت في غير وقتها فهو
كمن صلاها قبل وقتها و لا فرق ، و من العجائب أن العلماء جميعا متفقون على أن
الوقت للصلاة شرط من شروط صحتها ، و مع ذلك فقد وجد من قال في المقلدين يسوغ
بذلك القول بوجوب القضاء : المسلم مأمور بشيئين : الأول الصلاة ، و الآخر وقتها
، فإذا فاته هذا بقي عليه الصلاة ! و هذا الكلام لو صح أولو كان يدري قائله ما
يعني لزم منه أن الوقت للصلاة ليس شرطا ، و إنما هو فرض ، و بمعنى آخر هو شرط
كمال ، و ليس شرط صحة ، فهل يقول بهذا عالم ؟ !
و جملة القول : أن القول بوجوب قضاء الصلاة على من فوتها عن وقتها عمدا مما لا
ينهض عليه دليل ، و لذلك لم يقل به جماعة من المحققين مثل أبي محمد بن حزم
و العز بن السلام الشافعي و ابن تيمية و ابن القيم و الشوكاني و غيرهم . و لابن
القيم رحمه الله تعالى بحث هام ممتع في رسالة " الصلاة " فليراجعها من شاء ،
فإن فيها علما غزيرا ، و تحقيقا بالغا لا تجده في موضع آخر .
و بديهي جدا أن النائم عن الصلاة أو الناسي لها لا يدخل في كلامنا السابق ، بل
هو خاص بالمتعمد للترك ، و أما النائم و الناسي ، فقد أوجد الشارع الحكيم لهما
مخرجا ، فأمرهما بالصلاة عند الاستيقاظ أو التذكر ، فإن فعلا تقبل الله صلاتهما
و جعلها كفارة لما فاتهما ، و إن تعمدا الترك لأدائها حين الاستيقاظ و التذكر
كانا آثمين كالمتعمد الذي سبق الكلام عليه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " من
نسي صلاة أو نام عنها فليصلها حين يذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك " . أخرجه
الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه . فقوله : " لا كفارة لها إلا ذلك " أي إلا
صلاتها حين التذكر . فهو نص على أنه إذا لم يصلها حينذاك فلا كفارة لها ، فكيف
يكون لمن تعمد إخراجها عن وقتها المعتاد الذي يمتد أكثر من ساعة في أضيق
الصلوات وقتا ، و هي صلاة المغرب ، كيف يكون لهذا كفارة أن يصليها متى شاء و هو
آثم مجرم ، و لا يكون ذلك للناسي و النائم و كلاهما غير آثم ؟ !
فإن قال قائل : لا نقول إن صلاته إياها قضاء هي كفارة له ، قلنا : فلماذا إذا
تأمرونه بالصلاة إن لم تكن كفارة له ، و من أين لكم هذا الأمر ؟ فإن كان من
الله و رسوله فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، و إن قلتم : قياسا على النائم
و الناسي . قلنا : هذا قياس باطل لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه و هو من
أفسد قياس على وجه الأرض . و حديث أنس أوضح دليل على بطلانه إذ قد شرحنا آنفا
أنه دليل على أن الكفارة إنما هي صلاتها عند التذكر و أنه إذا لم يصلها حينئذ
فليست كفارة ، فمن باب أولى ذاك المتعمد الذي لم يصلها في وقتها المعتاد و هو
ذاكر .
فتأمل هذا التحقيق فعسى أن لا تجده في غير هذا المكان على اختصاره ، والله
المستعان و هو ولي التوفيق .
و الذي ننصح به من كان قد ابتلى بالتهاون بالصلاة و إخراجها عن وقتها عامدا
متعمدا ، إنما هو التوبة من ذلك إلى الله تعالى توبة نصوحا ، و أن يلتزم
المحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها و مع الجماعة في المسجد ، فإنها من
الواجب ، و يكثر مع ذلك من النوافل و لا سيما الرواتب لجبر النقص الذي يصيب
صلاة المرء كما و كيفا لقوله صلى الله عليه وسلم :
" أول ما يحاسب به العبد صلاته ، فإن كان أكملها ، و إلا قال الله عز وجل :
انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فإن وجد له تطوع ، قال : أكملوا به الفريضة " .
أخرجه أبو داود و النسائي و الحاكم و صححه ، و وافقه الذهبي ، و هو مخرج في "
صحيح أبي داود " رقم ( 810 - 812 ) .

(3/256)


1258 - " بارك في عسل " بنها " " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/415 ) :

منكر
أخرجه الدوري في " التاريخ و العلل " ( رقم - 5273 - تحقيق الدكتور نور سيف )
قال : سمعت يحيى ( ابن معين ) يقول : يروي ليث عن ابن شهاب قال : فذكره مرفوعا
.
قلت ليحيى : حدثك به عبد الله بن صالح ؟ قال : نعم . قال يحيى : بنها : قرية من
قرى مصر .
قلت : و هذا مع كونه مرسلا أو معضلا ، فإن عبد الله بن صالح و هو كاتب الليث
فيه كلام معروف .

(3/257)


1259 - " لن تزول قدما شاهد الزور حتى يوجب الله له النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/416 ) :

موضوع
أخرجه ابن ماجه ( 2373 ) و الحاكم ( 4/98 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 354 )
من طريق محمد بن الفرات عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعا . و قال الحاكم
:
" صحيح الإسناد " ! و وافقه الذهبي ! و أقره المنذري في " الترغيب " ( 3/166 )
! و كل ذلك من إهمال التحقيق ، و الاستسلام للتقليد ، و إلا فكيف يمكن للمحقق
أن يصحح مثل هذا الإسناد ، و محمد بن الفرات ضعيف بالاتفاق ، بل هو واه جدا .
قال أبو بكر بن أبي شيبة و محمد بن عبد الله بن عمار :
" كذاب " .
و قال البخاري :
" منكر الحديث ، رماه أحمد بالكذب " .
و قال أبو داود :
" روى عن محارب أحاديث موضوعة منها عن ابن عمر في شاهد الزور " . كما في "
التهذيب " .
و الذهبي نفسه أورده في " الميزان " من أجل هذه النصوص و ساق له هذا الحديث .
و قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 146/2 ) :
" هذا إسناد ضعيف ، محمد بن الفرات أبو علي الكوفي متفق على ضعفه ، و كذبه
الإمام أحمد . و رواه الحاكم و قال : " صحيح الإسناد " و الطبراني في " الأوسط
" و ابن عدي في " الكامل " و عنه البيهقي في " السنن الكبرى " و أبو يعلى
الموصلي من طريق محمد بن الفرات " .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن ماجه وحده ، و رمز
له بالصحة ، و اغتر به مؤلف " التاج الجامع للأصول الخمسة " الشيخ منصور علي
ناصف فقال ( 4/67 ) :
" رواه ابن ماجه بسند صحيح " !
و أما المناوي فبيض له في " شرحيه " ، و لم يتكلم عليه بشيء خلافا لعادته !
فاقتضى ذلك كله هذا البحث و التحقيق .
ثم إن الحديث ليس عند الطبراني في " الأوسط " من هذه الطريق كما يوهمه كلام
البوصيري ، و لا بهذا اللفظ ، بل هو عنده من طريق أخرى و بلفظ آخر و هو :
" إن الطير لتضرب بمناقيرها على الأرض ، و تحرك أذنابها من هول يوم القيامة ،
و ما يتكلم شاهد الزور ، و لا تفارق قدماه على الأرض حتى يقذف به إلى النار " .

(3/258)


1260 - " إن الطير لتضرب بمناقيرها على الأرض ، و تحرك أذنابها من هول يوم القيامة ،
و ما يتكلم شاهد الزور ، و لا تفارق قدماه على الأرض حتى يقذف به إلى النار " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/417 ) :

منكر
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 7766 ) : حدثنا محمد بن إسحاق : حدثنا أبي :
حدثنا سعيد بن الصلت : حدثنا أبو الجهم القرشي : حدثنا عبد الملك بن عمير عن
محارب بن دثار : سمعت ابن عمر يقول : فذكره مرفوعا و قال :
" لم يروه عن عبد الملك إلا أبو الجهم ، و لا عنه إلا سعيد " .
قلت : و لم أجد له ترجمة و كذا شيخه أبو الجهم القرشي و قد أشار لهذا الهيثمي
بقوله ( 4/200 ) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه من لم أعرفه " .
ثم رأيت العقيلي رواه في " الضعفاء " ( 453 ) و ابن عساكر ( 16/135/2 ) من طريق
إسحاق بن إبراهيم ، عن شاذان قال : حدثنا سعد بن الصلت قال : حدثنا هارون بن
الجهم أبو الجهم القرشي به ، و قال العقيلي :
" هارون بن الجهم بن ثوير بن أبي فاختة يخالف في حديثه و ليس بمشهور بالنقل "
قال : " و ليس له من حديث عبد الملك بن عمير أصل ، و إنما هذا حديث محمد بن
الفرات الكوفي عن محارب بن دثار عن ابن عمر ، حدثناه الصائغ عن شبابة عن محمد
ابن الفرات " .
و لذا قال الذهبي في هذا الحديث :
" إنه منكر " . و أقره الحافظ .

(3/259)


1261 - " كان رجل في بني إسرائيل تاجرا ، و كان ينقص مرة ، و يزيد أخرى ، قال : ما في
هذه التجارة خير ، ألتمس تجارة هي خير من هذه ، فبنى صومعة و ترهب فيها ، و كان
يقال له : جريج ، فذكر نحوه " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/418 ) :

ضعيف
أخرجه أحمد ( 2/434 ) من طريق عمر <1> بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، علته عمر هذا ، أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" ضعفه ابن معين . و قال النسائي : ليس بالقوي " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" صدوق يخطىء " .
قلت : فقول الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 10/286 ) :
" رواه أحمد و إسناده جيد " ; غير جيد ، و لا سيما أن قصة جريج في " الصحيحين "
و غيرهما من طرق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا ، و ليس فيها هذا الذي رواه عمر هذا
، فقد تفرد هو به ، فيكون منكرا من منكراته عن أبيه ، فقد قال الذهبي في ترجمته
:
" و لعمر عن أبي مناكير ، و قد علق له البخاري قصة جريج و الراعي فقال : و قال
عمر بن أبي سلمة عن أبيه " .
( تنبيه ) : قوله في آخر حديث الترجمة : " فذكره نحوه " يعني حديث قصة جريج
المذكور قبل هذا في " المسند " . و هي المرونة في " الصحيحين " كما سبق آنفا .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] الأصل ( عمرو ) و هو خطأ مطبعي . اهـ .
1

(3/260)


1262 - " لا يقرأ في الصبح بدون عشرين آية ، و لا يقرأ في العشاء بدون عشر آيات " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/419 ) :

ضعيف
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( رقم - 4538 ) : حدثنا المقدام بن داود :
حدثنا أسد بن موسى : حدثنا ابن لهيعة : حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن
عبد الله بن الأشج عن خلاد بن السائب عن رفاعة الأنصاري أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و له علتان :
الأولى : ابن لهيعة ، و اسمه عبد الله ، و هو ضعيف لسوء حفظه و احتراق كتبه ،
إلا من رواية العبادلة عنه كعبد الله بن وهب و غيره ، و ليس هذا منها .
و الخرى : المقدام بن داود ، قال النسائي :
" ليس بثقة " .
و الحديث اقتصر الهيثمي في " المجمع " ( 2/119 ) على إعلاله بابن لهيعة و قال :
" اختلف في الاحتجاج به " .
و الصواب أنه ليس بحجة إلا في رواية أحد العبادلة عنه كما ذكرنا مرارا .

(3/261)


1263 - " يا أيها الناس من ولي منكم عملا فحجب بابه عن ذي حاجة المسلمين حجبه الله أن
يلج باب الجنة ، و من كانت الدنيا نهمته حرم الله عليه جواري ، فإني بعثت بخراب
الدنيا ، و لم أبعث بعمارتها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/419 ) :

ضعيف
رواه الطبراني في " الكبير " : حدثنا جبرون بن عيسى المغربي : حدثنا يحيى بن
سليمان الجعفري : حدثنا فضيل بن عياض عن سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن
أبيه :
أن معاوية بن أبي سفيان ضرب على الناس بعثا ، فخرجوا ، فرجع أبو الدحداح ،
فقال له معاوية : ألم تكن خرجت مع الناس ؟ قال : بلى ، و لكني سمعت من
رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فأحببت أن أضعه عندك مخافة ألا تلقاني ،
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير جبرون ، قال ابن
ماكولا في " الإكمال " ( 3/208 ) : " توفي سنة أربع و تسعين و مائتين " .
و الجعفري ، أورده السمعاني في مادة ( الجفري ) بضم الجيم و سكون الفاء ، و هي
بناحية البصرة ، ثم ساق جماعة ينسبون إليها ، ثم قال :
" و أبو زكريا يحيى بن سليمان الإفريقي المعروف بالجفري نسبه في قريش ، و ظني
أنه موضع بإفريقية ، والله أعلم ، حدث ، و آخر من حدث عنه جبرون بن عيسى بن
يزيد ، توفي سنة 237 " .
و أما الذهبي فأورده في " المشتبه " : " الحفري " بحاء مضمومة و قال :
" عن فضيل بن عياض و عباد بن عبد الصمد ، و عنه جبرون بن عيسى " .
و كذلك وقع في نسخة مخطوطة جيدة من " الميزان " ( الحفري ) بالمهملة المضمومة
و قال : " ما علمت به بأسا " ، و وقع في " الميزان " المطبوع في مصر سنة ( 1325
) " الجفري " بالجيم ، و هو تصحيف لمخالفته المخطوطة و " المشتبه " ، و إن كان
هو الموافق للصواب ، فقد ذكر الحافظ ابن ناصر الدين في " التوضيح " ( 1/142/2 )
أن الذهبي تبع ابن ماكولا و الفرضي في ضبطه بضم الحاء المهملة . ثم قال :
" و قد وجدته في " تاريخ ابن يونس " بخط الحافظ أبي القاسم بن عساكر و سماعه
على الحافظ أبي بكر بن أبي نصر اللفتواني الأصبهاني و عليه خطه ، وجدته (
الجفري ) بالجيم منقوطة مضمومة و كذلك وجدته في " المستخرج " لأبي القاسم بن
منده ، و هو الأشبه بالصواب ، و لعله منسوب إلى " جفرة عتيب " اسم قبيلة في
بلاد المغرب " .
ثم ذكر الحافظ ابن ناصر الدين أن يحيى بن سليمان هذا روى عنه أيضا ابنه
عبد الله بن يحيى ، و لم يذكر فيه تجريحا و لا تعديلا ، فالرجل عندي مستور و إن
قال فيه الذهبي : " ما علمت به بأسا " كما سبق ، و لعل ابن حبان أورده في "
كتاب الثقات " ، فقد رأيت المنذري يشير إلى توثيقه ، فقد قال في " الترغيب " 0
3/142 ) عقب هذا الحديث :
" رواه الطبراني ، و رواته ثقات ، إلا شيخه جبرون بن عيسى فإني لم أقف فيه على
جرح و لا تعديل " .
و أما الهيثمي فقال في " المجمع " ( 5/211 ) :
" رواه الطبراني عن شيخه جبرون بن عيسى عن يحيى بن سليمان الجفري و لم أعرفهما
، و بقية رجاله رحال الصحيح " .
فهذا يشعر أنه لم يره في " ثقات ابن حبان " . فالله أعلم .
قلت : و لعل سبب هذا الاختلاف ، إنما هو اختلاف وجهة نظرهما في الذي ترجم له
ابن حبان في " الثقات " هل هو هذا أم غيره ؟ و قد وجدت في " أتباع التابعين "
منه المجلد التاسع ترجمتين ، أحدهما : يحيى بن سلام الإفريقي المصري ( ص 261 )
، و الأخرى يحيى بن سليمان الجعفي ( ص 263 ) ، و هذا مترجم في " التهذيب " ،
و ليس بظاهر أن أحدهما هو ( الجفري ) . فالله أعلم .
ثم رأيت الحافظ ابن حجر أورد الحديث في ترجمة أبي الدحداح من " الإصابة " من
رواية أبي نعيم أيضا ، ثم قال :
" و لا يصح ، جبرون واهي الحديث " .

(3/262)


1264 - " إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له : إنك ظالم ، فقد تودع منهم " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/421 ) :

ضعيف
أخرجه الحاكم ( 4/96 ) و أحمد ( 2/163 و 189 - 190 ) و أبو بكر الشافعي في "
الفوائد " ( 6/65/2 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 185/2 و 187/2 ) من طريق
الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو مرفوعا . و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " ! و وافقه الذهبي ! و ذهلا عن كونه منقطعا ، و به أعله
البيهقي ، فقال المناوي في " الفيض " متعقبا عليهما :
" لكن تعقبه البيهقي نفسه بأنه منقطع حيث قال : محمد بن مسلم هو أبو الزبير
المكي ، و لم يسمع من ابن عمرو " .
قلت : و به أعله ابن عدي كما يأتي ، فقد أخرجه آنفا من طريق سنان بن هارون عن
الحسن بن عمرو به إلا أنه قال : عن جابر . بدل " عن ابن عمرو " و قال :
" و هذا رواه جماعة عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو .
و أبو الزبير عن عبد الله بن عمرو يكون مرسلا ، و قد رواه أبو شهاب عبد ربه بن
نافع الحناط عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن
عمرو . و هذا أيضا مرسل لأن عمرا لم يلق عبد الله بن عمرو . فأما الإسناد الآخر
الذي رواه سنان بن هارون عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن جابر .. فلا نعرفه
إلا من حديث سنان ، و أبو الزبير لا يروي هذا عن جابر ، و إنما يرويه عن
عبد الله بن عمرو ، و لسنان بن هارون أحاديث ، و ليست بالمنكرة عامتها ، و أرجو
أنه لا بأس به " .
قلت : و قد أشار إلى أن بعض أحاديثه منكرة ، و هذا منها عنده أيضا فقد قال في
المكان الأول الذي سبقت الإشارة إليه :
" هكذا يروى عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو ، و من قال :
عن جابر فقد أغرب " .
و الحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " ( 7/262 ) من رواية ابن عمرو ثم قال :
" رواه أحمد و البزار بإسنادين ، و رجال أحد إسنادي البزار رجال الصحيح ،
و كذلك رجال أحمد " .
و عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للطبراني في " الأوسط " من حديث جابر .
و قال المناوي في " فيض القدير " :
" و فيه سيف بن هارون ضعفه النسائي و الدارقطني " .
قلت : كذا وقع في " الفيض " " سيف " ، و لا أدري أهكذا وقعت الرواية عند
الطبراني أم هو تحريف من بعض النساخ ، فإن سيفا هذا على ضعفه قد رواه عن الحسن
ابن عمرو عن أبي الزبير عن ابن عمرو كما رواه الجماعة عن الحسن ، أخرجه ابن عدي
، و إنما رواه عن الحسن عن أبي الزبير عن جابر أخوه سنان بن هارون ، و لا يعرف
إلا من حديث سنان كما قال ابن عدي ; كما تقدم . فالله تعالى أعلم .
ثم تبينت بعد الرجوع إلى " أوسط الطبراني " ( 7989 ) أنه تحرف ، و أن الصواب ما
تقدم " سنان " ، و قال الطبراني :
" لم يروه عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير إلا سنان " .

(3/263)


1265 - " من رأى من مسلم عورة فسترها ، كان كمن أحيا موؤدة من قبرها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/423 ) :

ضعيف
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 758 ) و أبو داود ( 4891 ) و الطيالسي في
" المسند " ( 1005 ) و ابن شاهين في " جزء من حديثه " ( ق 205/2 - محمودية )
و القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 42/1 ) من طريق عبد الله بن المبارك : حدثنا
إبراهيم بن نشيط عن كعب بن علقمة عن أبي الهيثم قال :
" جاء قوم إلى عقبة بن عامر فقالوا : إن لنا جيرانا يشربون و يفعلون ،
أفنرفعهم إلى الإمام ؟ قال : لا ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ..
" فذكره . و السياق للبخاري .
قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات ; غير أبي الهيثم و هو المصري مولى عقبة بن عامر
الجهني و اسمه كثير ، قال الذهبي :
" لا يعرف " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" مقبول " . يعني عند المتابعة و إلا فلين الحديث .
و تابع ابن المبارك عبد الله بن وهب : أخبرني إبراهيم بن نشيط به إلا أنه لم
يذكر فيه " عقبة بن عامر " فلا أدري أسقط ذلك من الناسخ أم هكذا وقعت الرواية
عنده ؟ <1>
أخرجه الحاكم ( 4/384 ) و قال :
" صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ! و قد علمت أن كثيرا هذا مجهول بشهادة
الذهبي نفسه ! و قال ابن شاهين :
" حديث غريب من حديث إبراهيم بن نشيط " .
قلت : هو ثقة ، و لم يتفرد به كما يأتي ، و إنما علة الحديث أبو الهيثم كثير
هذا . و قد اضطرب فيه على كعب بن علقمة ، فقال ابن المبارك و ابن وهب : عن ابن
نشيط عنه هكذا . و قال ليث بن سعد : عن إبراهيم بن نشيط الخولاني عن كعب بن
علقمة عن أبي الهيثم عن دخين كاتب عقبة قال :
" قلت لعلقمة : إن لنا جيرانا يشربون الخمر ، و أنا داع لهم الشرط فيأخذونهم ،
فقال : لا تفعل ، و لكن عظهم و تهددهم ، قال : ففعل ، فلم ينتهوا ، قال : فجاء
دخين فقال : إني نهيتهم فلم ينتهوا ، و أنا داع لهم الشرط ، فقال عقبة : ويحك
لا تفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : .. " فذكره .
أخرجه أبو داود ( 4892 ) و أحمد ( 4/153 ) و الخلال في " الأمر بالمعروف
و النهي عن المنكر " ( ق 7 - 8 ) ، لكن سقط منه أو من خطي الذي نقلت عنه حرف "
عن " بين أبي الهيثم و دخين ، فصار هكذا " عن أبي الهيثم دخين " و كذلك وقع في
" الترغيب " ( 3/175 ) لكن على التقديم و التأخير " دخين أبي الهيثم " و عزاه
لأبي داود و النسائي و ابن حبان و الحاكم ، ثم قال :
" رجال أسانيدهم ثقات ، لكن اختلف فيه على إبراهيم بن نشيط اختلافا كثيرا ذكرت
بعضه في مختصر ( السنن ) " .
قلت : فالظاهر أن ما في " الأمر بالمعروف " وجه من وجوه الاختلاف الذي أشار
إليه المنذري ، و كتاب ابن حبان قد رتبه الهيثمي مقتصرا على زوائده على
الصحيحين ، و من المفروض أن يكون الحديث فيه ، لكن لا تطوله الآن يدي . و أما
النسائي فإنما أخرجه في " الكبرى " له و هي غير مطبوعة ، و في المكتبة الظاهرية
أجزاء قليلة منها .
ثم رأيت الحديث في " زوائد ابن حبان " ( 1492 ) من طريق الليث فإذا هو مثل ما
جاء في " الترغيب " .
و مما يرجح الرواية الأولى التي لم يذكر فيها " دخين " اتفاق ابن المبارك و ابن
وهب عليها عن إبراهيم بن نشيط ، و أن ابن لهيعة قد تابع إبراهيم عليها ، فقال :
حدثنا كعب بن علقمة عن مولى لعقبة بن عامر يقال له : أبو كثير قال : لقيت عقبة
ابن عامر ، فأخبرته أن لنا جيرانا يشربون الخمر .. الحديث .
كذا قال ، و هو من أوهام ابن لهيعة ، و الصواب كثير كما تقدم .
أخرجه أحمد ( 4/147 و 158 ) .
و على كل حال فمدار الحديث على كثير و هو مجهول ، فهو علة الحديث كما سبق .
و رواه إسحاق بن سعيد الأركون القرشي : نا سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن
إسماعيل بن عبيد الله - و كان ثبتا - عمن حدثه عن عقبة بن عامر الجهني و جابر
ابن عبد الله مرفوعا به نحوه .
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 2/426/1 ) .
قلت : و هذا إسناد واه ، فإنه مع احتمال أن يكون شيخ إسماعيل الذي لم يسم هو
أبا الهيثم نفسه ، ففي الطريق إليه ابن سعيد الأركون ، قال أبو حاتم :
" ليس بثقة " .
و قال الدارقطني :
" منكر الحديث " .
و له طريقان آخران عن جابر :
الأولى : عن أبي معشر عن محمد بن المنكدر عنه مرفوعا .
أخرجه أبو سهل القطان في " الفوائد المنتقاة " ( ق 97/1 ) .
قلت : و أبو معشر اسمه نجيح و هو ضعيف من قبل حفظه .
و الأخرى : عن طلحة عن الوضين بن عطاء عن بلال بن سعد عنه .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 5/233 - 234 ) و ابن عساكر ( 14/364/2 ) و قال
أبو نعيم :
" تفرد به طلحة " .
قلت : و هو ابن زيد الرقي قال أحمد و أبو داود :
" يضع الحديث " .
و ضعفه آخرون .
و بالجملة ، فليس في هذه الطرق ما يمكن الاطمئنان إليه في تقوية الحديث . والله
أعلم .
و في معناه حديث " من ستر على مسلم عورة فكأنما أحيا ميتا " . طب و الضياء عن
شهاب . كذا في " الجامع الصغير " ، و قال الهيثمي ( 6/247 ) بعد أن عزاه
للطبراني من طريق مسلم بن أبي الذيال عن أبي سنان المدني :
" لم أعرفهما ، و بقية رجاله ثقات " . والله أعلم .
ثم رأيت الحافظ ذكره في ترجمة ( شهاب ) غير منسوب من " الإصابة " .
" و قال أبو عمر : هو أنصاري . روى الطبراني من طريق مسلم عن أبي الذيال عن أبي
سفيان سمع جابر بن عبد الله يحدث عن شهاب رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم كان ينزل مصر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من ستر على مؤمن
عورة ، فكأنما أحيا ميتا " . و روى ابن منده من طريق حفص الراسبي قال : قال
جابر بن عبد الله لرجل يقال له : شهاب : أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول : فذكر نحوه ؟ قال : فقال : نعم . فقال له جابر : أبشر فإن هذا حديث لم
يسمعه غيري و غيرك . و زعم ابن منده أن حفصا هذا هو أبو سنان . قلت : و فيه نظر
، فقد أخرجه الحسن بن سفيان من طريق أبي همام الراسبي - و كان صدوقا - حدثنا
حفص أبو النضر عن جابر به و أتم منه " .
قلت : و لم أعرف حفصا هذا . و كذلك مسلم عن أبي الذيال لم أعرفهما . و لا يبعد
أن يكون الأصل " مسلم بن أبي الذيال " و مع ذلك لم أعرفه .
ثم وقفت على إسناده عند الطبراني في " المعجم الكبير " ، و قد طبع منه في بغداد
إلى حرف ( الظاء ) من أسماء الصحابة ، فإذا به يقول : ( 7/374/7231 ) : حدثنا
محمد بن معاذ الحلبي : حدثنا القعنبي : حدثنا معتمر بن سليمان عن سلم بن أبي
الذيال عن أبي سنان رجل من أهل المدينة سمع جابر بن عبد الله يحدث عن شهاب رجل
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل مصر أنه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
قلت : و هذا يبين أن ما في " الإصابة " محرف في ثلاثة مواطن ، و أن صواب
الإسناد : " سلم بن أبي الذيال عن أبي سنان " . و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات
معروفون كلهم من رجال مسلم من القعنبي فصاعدا غير أبي سنان هذا ، و في الرواة
من يكنى بأبي سنان من رجال " التهذيب " و " اللسان " جماعة ليس فيهم مدني سوى
يزيد بن أمية أبو سنان الدؤلي المدني ، روى عن علي و ابن عباس و أبي واقد
الليثي ، و هو ثقة ، فإن يكن هو ، فالسند صحيح إلا محمد بن معاذ الحلبي ، فإني
لم أجد له ترجمة ، لكنه من شيوخ الطبراني الذين يكثر عنهم ، فقد روى له في "
المعجم الأوسط " ( 1/128/1 - 129/2 ) نحو عشرين حديثا عن شيوخ له عدة ، أحدها
في " المعجم الصغير " برقم ( 842 - الروض النضير ) . والله أعلم .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] انظر التعليق على " بغية الحازم " ترجمة كثير هذا . اهـ .
1

(3/264)


1266 - " من علق تميمة فلا أتم الله له ، و من علق ودعة فلا ودع الله له " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/427 ) :

ضعيف
أخرجه الحاكم ( 4/216 و 417 ) و عبد الله بن وهب في " الجامع " ( 111 ) من
طريق حيوة بن شريح قال : حدثنا خالد بن عبيد المعافري أنه سمع أبا مصعب مشرح بن
هاعان المعافري أنه سمع عقبة بن عامر الجهني يقول : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " ! و وافقه الذهبي !
كذا قالا ! و خالد بن عبيد المعافري أورده ابن أبي حاتم في كتابه ( 1/342 ) من
رواية حيوة هذا عنه ليس إلا ، و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و الظاهر أنه
لا يعرف إلا في هذا الحديث ، فقد قال الحافظ في " التعجيل " :
" وثقه ابن حبان . قلت : و رجال حديثه موثقون " .
كأنه يعني حديثه هذا . و يشير بقوله : " موثقون " إلى أن في بعض رواته كلاما ،
و هو مشرح بن هاعان ، فقد أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" تكلم فيه ابن حبان " .
قلت : لكن وثقه ابن معين ، و قال عثمان الدارمي : " صدوق " .
و قال ابن عدي في " الكامل " ( 403/1 ) :
" أرجو أنه لا بأس به " .
قلت : فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى ، و إنما علة هذا الحديث جهالة خالد بن
عبيد هذا .
و قد صح الحديث عن عقبة بن عامر بإسناد آخر بلفظ :
" من علق تميمة فقد أشرك " .
و هو في الكتاب الآخر برقم ( 488 ) .
و الحديث قال المنذري ( 4/157 ) :
" رواه أحمد و أبو يعلى بإسناد جيد و الحاكم و قال : صحيح الإسناد " !

(3/265)


1267 - " من كتم شهادة إذا دعي كان كمن شهد بالزور " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/428 ) :

ضعيف
رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 4335 ) عن عبد الله بن صالح : حدثني
معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي بردة عن أبيه مرفوعا
و قال :
" لم يروه عن العلاء إلا معاوية و لا عنه إلا عبد الله " .
قلت : و هو ضعيف . أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" كاتب الليث ، قال أحمد : كان متماسكا ثم فسد ، و أما ابن معين ، فكان حسن
الرأي فيه ، و قال أبو حاتم : أرى أن الأحاديث التي أنكرت عليه مما افتعل خالد
بن نجيح و كان يصحبه ، و لم يكن أبو صالح ممن يكذب ، كان رجلا صالحا ، و قال
النسائي : ليس بثقة " .
و أما قول المنذري في " الترغيب " ( 2/167 ) :
" حديث غريب ، رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " من رواية عبد الله بن
صالح كاتب الليث ، و قد احتج به البخاري " .
فليس بجيد ، فلم يحتج به البخاري ، و غنما روى له تعليقا ، كما رمز له في "
الخلاصة " و غيرها مثل " التقريب " للحافظ ابن حجر و قال :
" صدوق كثير الغلط ، ثبت في كتابه ، و كانت فيه غفلة " .
و العلاء بن الحارث صدوق ، لكنه كان قد اختلط .
و الحديث قال الهيثمي ( 4/200 ) :
" رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " ، و فيه عبد الله بن صالح وثقه
عبد الملك بن شعيب بن الليث ، فقال : ثقة مأمون ، و ضعفه جماعة " .

(3/266)


1268 - " إن أناسا من أهل الجنة يتطلعون إلى أناس من أهل النار ، فيقولون : بم دخلتم
النار ؟ فوالله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلمنا منكم ؟ فيقولون : إنا كنا نقول
و لا نفعل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/429 ) :

ضعيف جدا
رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم 97 ) و عنه ابن عساكر ( 17/434/2 ) عن زهير
ابن عباد الرواسي : حدثنا أبو بكر الداهري بن عبد الله بن حكيم عن إسماعيل بن
أبي خالد عن الشعبي عن الوليد بن عقبة مرفوعا . و قال الطبراني :
" لم يروه عن إسماعيل بن أبي خالد إلا أبو بكر الداهري " .
قلت : و هو متروك ، و قال الهيثمي ( 7/276 ) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " ، و فيه أبو بكر الداهري و هو ضعيف جدا " .
و أشار المنذري في " الترغيب " ( 3/174 ) إلى تضعيفه .

(3/267)


1269 - " من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه من يهودي أو نصراني أو ممن يتخذه خمرا ،
فقد تقحم النار على بصيرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/429 ) :

باطل
رواه ابن حبان في " الضعفاء " ( 1/236 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 5488 )
و السهمي ( 299 ) عن عبد الكريم بن عبد الكريم عن الحسن بن مسلم عن الحسين بن
واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا . و قال الطبراني :
" لا يروى عن بريدة إلا بهذا الإسناد " .
قلت : و هو ضعيف جدا ، و آفته الحسن بن مسلم و هو المروزي التاجر ، قال ابن
حبان :
" لا أصل لهذا الحديث من حديث الحسين بن واقد ، فينبغي أن يعدل بالحسن عن سنن
العدول لروايته هذا الحديث منكر " .
و قال الذهبي :
" أتى بخبر موضوع في الخمر . قال أبو حاتم : حديثه يدل على الكذب " .
قلت : فذكر الحديث هو و ابن الجوزي في " التحقيق " ( 3/22 ) من طريق ابن حبان
و أقره .
و لقد أخطأ الحافظ ابن حجر في هذا الحديث خطأ فاحشا فسكت عليه في " التلخيص " (
239 ) ، و قال في " بلوغ المرام " ( 169/37 ) :
رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد حسن " !
و قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1/389/1165 ) :
" سألت أبي عن هذا الحديث فقال : حديث كذب باطل ، قلت : تعرف عبد الكريم هذا ؟
قال : لا ، قلت : فتعرف الحسن بن مسلم ، قال : لا ، و لكن تدل على روايته (
الأصل : روايتهم ) على الكذب " .
و عبد الكريم هذا مترجم في " تاريخ جرجان " و في " اللسان " و ذكرت كلامهما في
" تخريج أحاديث الحلال و الحرام " ( ص 56 ) .

(3/268)


1270 - " الطابع معلق بقائمة عرش الرحمن ، فإن انتهكت الحرمة ، و عمل بالمعاصي ،
و اجترىء على الدين ، بعث الله الطابع ، فيطبع على قلوبهم ، فلا يعقلون بعد ذلك
شيئا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/430 ) :

موضوع
رواه ابن حبان في " الضعفاء " ( 1/332 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 160/2 )
و كذا البزار ( 4/103/3298 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2/377/2 ) و الديلمي (
2/265 ) عن سليمان بن مسلم : حدثنا سليمان بن مسلم : حدثنا سليمان التيمي عن
نافع عن ابن عمر مرفوعا . و قال ابن عدي :
" حديث منكر جدا ، و سليمان بن مسلم الخشاب قليل الحديث و شبه المجهول ، و لم
أر للمتقدمين فيه كلاما " .
و قال البزار :
" لا نعلم رواه عن سليمان التيمي إلا سليمان بن مسلم " .
قلت : قال البيهقي عقبه :
" تفرد به الخشاب و ليس بالقوي " .
و قال ابن حبان :
" لا تحل الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص " .
و ذكره الذهبي في " الميزان " ، و ساق له حديثين هذا أحدهما ، و قال :
" هما موضوعان في نقدي " .
و أقره الحافظ في " اللسان " .
و أشار الحافظ المنذري في " الترغيب " ( 3/178 ) إلى تضعيفه و قال :
" رواه البزار و البيهقي " .

(3/269)


1271 - " الطهارات أربع : قص الشارب ، و حلق العانة ، و تقليم الأظفار و السواك " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/431 ) :

ضعيف
رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " ( 214/2 ) و البزار ( 2/370/4967 ) عن معاوية
بن يحيى عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، معاوية بن يحيى و هو الصدفي ، قال الحافظ :
" ضعيف " .
و كذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 5/168 ) و نسبه أيضا للطبراني في "
الكبير " ، و تبعه المناوي في " شرحيه " .

(3/270)


1272 - " إذا ظلم أهل الذمة كانت الدولة دولة العدو ، و إذا كثر الزنا كثر السبا ،
و إذا كثر اللوطية رفع الله يده عن الخلق فلا يبالي في أي واد هلكوا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/431 ) :

ضعيف جدا
رواه الطبراني في " الكبير " ( 1752 ) عن نعيم بن حماد قال : حدثنا عبد الخالق
ابن زيد بن واقد عن أبيه ، قال : سمعت بسر بن عبيد الله يذكر عن جابر بن
عبد الله مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا عبد الخالق هذا قال النسائي :
" ليس بثقة " .
و قال البخاري :
" منكر الحديث " . و هذا معناه عنده أنه في منتهى الضعف كما هو مشروح في "
المصطلح " ، فقول المنذري في " الترغيب " ( 3/198 ) :
" ضعيف و لم يترك " ; ليس بصواب .
ثم إن الراوي عنه نعيم بن حماد ضعيف أيضا .

(3/271)


1273 - " شمي عوارضها ، و انظري إلى عرقوبيها " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/432 ) :

منكر
أخرجه الحاكم ( 2/166 ) و عنه البيهقي ( 7/87 ) من طريق هشام بن علي : حدثنا
موسى بن إسماعيل : حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه .
" أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج امرأة ، فبعث امرأة لتنظر إليها
فقال : ( فذكره ) . قال : فجاءت إليهم فقالوا : ألا نغديك يا أم فلان ! فقالت :
لا آكل إلا من طعام جاءت به فلانة ، قال : فصعدت في رف لهم فنظرت إلى عرقوبيها
ثم قالت : أفليني يا بنية ! قال : فجعلت تفليها ، و هي تشم عوارضها ، قال :
فجاءت فأخبرت " . و قال الحاكم :
" صحيح على شرط مسلم " ، و وافقه الذهبي !
و غمز من صحته البيهقي فقال عقبه :
" كذا رواه شيخنا في " المستدرك " ، و رواه أبو داود السجستاني في " المراسيل "
عن موسى بن إسماعيل مرسلا مختصرا دون ذكر أنس . و رواه أيضا أبو النعمان عن
حماد مرسلا . و رواه محمد بن كثير الصنعاني عن حماد موصولا . و رواه عمارة بن
زاذان عن ثابت عن أنس موصولا " .
قلت : و علة إسناد الحاكم هشام بن علي و هو شيخ شيخه علي بن حمشاذ العدل و لم
أجد له ترجمة في شيء من المصادر التي عندي . و قد خالفه أبو داود ، فقال في "
المراسيل " ( ق 11/2 ) : حدثنا موسى بن إسماعيل : نا حماد بن سلمة عن ثابت
مرسلا . فالصواب المرسل .
و يؤيده رواية أبي النعمان عن حماد مرسلا . و أبو النعمان هو محمد بن الفضل
عارم السدوسي ، و هو ثقة ثبت تغير في آخر عمره و احتج به الشيخان . و أما محمد
ابن كثير الصنعاني الذي رواه عن حماد موصولا فهو ضعيف ، قال الحافظ :
" صدوق كثير الغلط " .
قلت : فمخالفة هذا و هشام بن علي لأبي داود و أبي النعمان ، مما يجعل روايتهما
شاذة بل منكرة . و لا تتأيد برواية عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس التي علقها
البيهقي و وصلها أحمد ( 3/231 ) ، لأن عمارة هذا ضعيف أيضا . قال الحافظ :
" صدوق كثير الخطأ " .
و لذلك قال في " التلخيص " ( 3/147 ) بعد أن عزاه لمن ذكرنا و زاد الطبراني <1>
:
" و استنكره أحمد ، و المشهور فيه طريق عمارة عن ثابت عنه " .
ثم ذكر طريق الحاكم الموصولة و قال :
" و تعقبه البيهقي بأن ذكر أنس فيه وهم " .
و الخلاصة أن الحديث مرسل فهو ضعيف ، لا سيما مع استنكار أحمد إياه . والله
أعلم .
( تنبيه ) أورد الشيخ محمد الحامد في كتابه " ردود على أباطيل " ( ص 44 ) و نقل
تخريجه عن تلخيص الحافظ دون أن يشير إلى ذلك ، و حذف منه إعلاله للحديث
و استنكار أحمد إياه ! ! أورده تحت عنوان " ما يباح النظر إليه من الخاطب إلى
مخطوبته " ، و استدل به على جواز إرسال امرأة إلى المخطوبة لتراها ، ثم تصفها
للخاطب . و أن القول بجواز النظر من الخاطب إلى غير الوجه و الكفين من المخطوبة
باطل . و لم يتعرض لذكر الأحاديث المؤيدة لهذا القول الذي أبطله بدون حجة شرعية
سوى التأييد لمذهبه . و قد رددت عليه في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 95 - 99
) ، و خرجت فيها أربعة أحاديث فيها أمره صلى الله عليه وسلم للرجل أن ينظر إلى
من يريد خطبتها ، و في بعضها : " أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها " و أن بعض
رواته من الصحابة كان يتخبأ ليرى منها ما يدعوه إلى تزوجها ، فراجعها تزدد علما
و فقها .
( تنبيه ) : كنت ذكرت في المصدر المذكور ( 1/156 ) نقلا عن " تلخيص الحبير "
لابن حجر العسقلاني ( ص 291 - 292 ) من الطبعة الهندية رواية عبد الرزاق و سعيد
ابن منصور و ابن أبي عمر ( الأصل : أبي عمرو و هو خطأ ) عن سفيان عن عمرو بن
دينار عن محمد بن علي بن الحنفية أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم .. القصة ،
و فيها أن عمر رضي الله عنه كشف عن ساقيها .
و قد اعتبرتها يؤمئذ صحيحة الإسناد ، اعتمادا مني على ابن حجر - و هو الحافظ
الثقة - و قد أفاد أن راويها هو ابن الحنفية ، و هو أخو أم كلثوم ، و أدرك عمر
و دخل عليه ، فلما طبع " مصنف عبد الرزاق " بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي ،
و وقفت على إسنادها فيه ( 10/10352 ) تبين لي أن في السند إرسالا و انقطاعا ،
و أن قوله في " التلخيص " : " .. ابن الحنفية " خطأ لا أدري سببه ، فإنه في "
المصنف " : " ... عمرو بن دينار عن أبي جعفر قال : .. " و كذلك هو عند سعيد بن
منصور ( 3 رقم 520 ) كما ذكر الشيخ الأعظمي ، و أبو جعفر هذا اسمه محمد بن علي
ابن الحسين بن علي بن أبي طالب ، و قد جاء مسمى في رواية ابن أبي عمر بـ " محمد
ابن علي " كما ذكره الحافظ نفسه في " الإصابة " ، و ساقه كذلك ابن عبد البر في
" الاستذكار " بإسناده إلى ابن أبي عمر ، و عليه فراوي القصة ليس ابن الحنفية ،
لأن كنيته أبو القاسم ، و إنما هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
كما تقدم ، لأنه هو الذي يكنى بأبي جعفر ، و هو الباقر . و هو من صغار التابعين
، روى عن جديه الحسن و الحسين و جد أبيه علي بن أبي طالب مرسلا ، كما في "
التهذيب " و غيره ، فهو لم يدرك عليا بله عمر ، كيف و قد ولد بعد وفاته بأكثر
من عشرين سنة ، فهو لم يدرك القصة يقينا ، فيكون الإسناد منقطعا ، فرأيت أن من
الواجب علي - أداء للأمانة العلمية - أن أهتبل هذه الفرصة ، و أن أبين للقراء
ما تبين لي من الانقطاع . والله تعالى هو المسؤول أن يغفر لنا ما زلت له
أقلامنا ، و نبت عن الصواب أفكارنا ، إنه خير مسؤول .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] قلت : لم يعزه الهيثمي ( 4/276 ) إلا لأحمد و البزار ، و قد راجعت له "
المعاجم الثلاثة " للطبراني فلم أره في شيء منها . فالله أعلم . اهـ .
1

(3/272)


1274 - " من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه "
.

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/434 ) :

ضعيف
أخرجه الحاكم ( 1/22 ) من طريق سعيد بن أبي أيوب : حدثنا عبد الله بن الوليد عن
ابن حجيرة أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره و قال :
" [ صحيح ] على شرط مسلم ، فقد احتج بعبد الرحمن بن حجيرة و عبد الله بن الوليد
و هما شاميان " .
كذا قال ، و وافقه الذهبي . و قد وهما من وجوه :
الأول : أن ابن حجيرة هنا ليس هو عبد الرحمن بل ابنه عبد الله بن عبد الرحمن بن
حجيرة ، فإنه هو الذي يروي عنه عبد الله بن الوليد . كما جاء في ترجمتيهما .
و على هذا ففي الإسناد إشكال ، ذلك لأن عبد الله هذا ليس له رواية عن أبي هريرة
و لا عن غيره من الصحابة ، و كل ما قالوه في ترجمته أنه روى عن أبيه لا غير .
و على هذا فكأنه سقط من الإسناد قوله : " عن أبيه " . والله أعلم .
الثاني : أن عبد الله بن الوليد و ابن حجيرة ليسا شاميين ، و إنما هما مصريان .
الثالث : أن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ليس من رجال مسلم أصلا .
و كذا عبد الله بن الوليد ، و قد ذكره ابن حبان في " الثقات " ، و ضعفه
الدارقطني فقال :
" لا يعتبر بحديثه " .
و قال الحافظ :
" لين الحديث " .
و منه يتبين أن الإسناد ضعيف .
نعم قد جاء الحديث بإسناد صحيح لكن بلفظ :
" إذا زنى العبد خرج منه الإيمان و كان كالظلة ، فإذا انقلع منها رجع إليه
الإيمان " . و هو في " الأحاديث الصحيحة " ( 509 ) .
و مثل حديث الترجمة في الضعف ما رواه عمرو بن عبد الغفار : حدثنا العوام بن
حوشب : حدثني علي بن مدرك عن أبي زرعة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
" إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء ، فإذا زنى العبد نزع منه سربال
الإيمان ، فإن تاب رد عليه " .
أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 2/119/1 - 2 ) .
و عمرو هذا قال أبو حاتم :
" متروك الحديث " .
و قال ابن عدي :
" اتهم بوضع الحديث " .

(3/273)


1275 - " من جرد ظهر أخيه بغير حق لقي الله و هو عليه غضبان " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/436 ) :

ضعيف
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 2524 ) : نا إبراهيم : نا محمد بن صدقة الجبلاني
: نا اليمان بن عدي عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة مرفوعا و قال :
" لم يروه عن محمد بن زياد إلا اليمان " .
قلت : و هو لين الحديث كما في " التقريب " ضعفه أحمد و الدارقطني ، و قال أبو
أحمد الحاكم :
" ليس بالقوي عندهم " .
و قال البخاري :
" في حديثه نظر " .
و أما أبو حاتم فقال :
" شيخ صدوق " .
و بقية رجاله ثقات غير إبراهيم و هو ابن محمد بن عرق و لم أجد له ترجمة .
و منه تعلم أن قول المنذري ( 3/207 ) ثم الهيثمي ( 4/253 ) :
" رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " ، و إسناده جيد " ; غير جيد -
و اغتر بهما المناوي في التيسير ، و الغماري في " كنزه " - و لذا قال الحافظ في
" فتح الباري " :
" في سنده مقال " .
ثم وقفت على إسناده في " الكبير " ( 7536 ) ، فإذا هو بإسناد " الأوسط " نفسه
إلا أنه قال : " محمد بن إبراهيم بن عرق الحمصي " و الظاهر أنه انقلب على بعض
النساخ ، فإنه ليس في شيوخه إلا إبراهيم بن محمد بن عرق ، لا في " الصغير "
و لا في " الأوسط " ( 2/4/1 - 192/2 ) . و أيضا فقد ساق في " الكبير " بعد حديث
الترجمة بحديث واحد حديثا آخر ( 7538 ) قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق
الحمصي : حدثنا .. و يراجع لترجمته " تاريخ ابن عساكر " فإني أكتب هذا و أنا في
( عمان الأردن ) .

(3/274)


1276 - " من كانت فيه واحدة من ثلاث زوجه الله من الحور العين : من كانت عنده أمانة
خفية شهية فأداها من مخافة الله عز وجل ، أو رجل عفا عن قاتله ، أو رجل قرأ
*( قل هو الله أحد )* دبر كل صلاة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/437 ) :

ضعيف
رواه الدينوري في " المنتقى من المجالسة " ( 124/2 ) : حدثنا محمد بن
عبد الرحمن مولى بني هاشم : أنبأنا أبي : أنبأنا رواد بن الجراح : أنبأنا محمد
ابن مسلم عن عبد الله بن الحسن عن أم سلمة مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه علل :
الأولى : الانقطاع بين عبد الله بن الحسن و هو أبو هاشم المدني العلوي و أم
سلمة .
الثانية : ضعف رواد . قال الحافظ :
" صدوق اختلط بآخره فترك " .
الثالثة : محمد بن عبد الرحمن لم أجد له ترجمة ، و كذا أبوه .
و لعل الطبراني رواه من هذا الوجه فقد قال الهيثمي ( 6/302 ) :
" رواه الطبراني و فيه جماعة لم أعرفهم " .
ثم رأيته في " المعجم الكبير " للطبراني ( 23/395/945 ) من طريق أخرى عن رواد
ابن الجراح : حدثنا عبد الله بن مسلم به .
قلت : كذا وقع فيه : " عبد الله بن مسلم " مكان " محمد بن مسلم " ، و لم يتبين
لي الصواب . والله أعلم .
و له شاهد من حديث جابر تقدم برقم ( 654) ، و هو ضعيف جدا ، فلا يستفيد الحديث
منه قوة .

(3/275)


1277 - " إذا وقف العباد للحساب ، جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دما ،
فازدحموا على باب الجنة ، فقيل : من هؤلاء ؟ قال : الشهداء كانوا أحياء مرزوقين
، ثم نادى مناد : ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة ، ثم نادى الثانية : ليقم
من أجره على الله فليدخل الجنة . قال : و من ذا الذي أجره على الله ؟ قال :
العافون عن الناس ، ثم نادى الثالثة : ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة .
فقام كذا و كذا ألفا فدخلوها بغير حساب " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/438 ) :

ضعيف
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 354 ) و ابن أبي عاصم في " الجهاد " ( ق 91/2 )
و الطبراني في " الأوسط " ( 2192 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 6/187 ) من طريق
الفضل بن يسار عن غالب القطان عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره ، و قال أبو نعيم :
" حديث غريب من حديث الحسن تفرد به الفضل بن غالب " .
قلت : و في ترجمة الفضل أورده العقيلي و قال :
" و لا يتابع من وجه يثبت " .
و قال أيضا :
" هذا يروى بغير هذا الإسناد من وجه أصلح من هذا " .
قلت : و يشير بذلك إلى قضية العافين عن الناس ، و لم أقف على الإسناد الذي يشير
إليه ، و قد أخرجه ابن أبي الدنيا في " الأهوال " ( 83/1 ) من الوجه الأول .
و الحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 3/210 ) بهذا السياق عن أنس و قال :
" رواه الطبراني بإسناد حسن " .
كذا قال ، و هو سهو منه أو تساهل ، فإنه عند الطبراني من الطريق السابق و قد
عرفت ضعفه ، فقد قال الهيثمي في " المجمع " ( 5/295 ) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " .. و في إسناده الفضل بن يسار ، قال العقيلي :
لا يتابع على حديثه " .

(3/276)


1278 - " ينادي مناد يوم القيامة : لا يقوم اليوم إلا أحد له عند الله يد ، فيقول
الخلائق : سبحانك لك اليد ، فيقول ذلك مرارا ، فيقول : بلى من عفا في الدنيا
بعد قدرة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/439 ) :

منكر
رواه ابن عدي في " الكامل " ( 242/1 ) عن عمر بن راشد : حدثنا عبد الرحمن بن
عقبة بن سهل عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا و قال :
" عمر بن راشد هذا ليس بالمعروف ، و أحاديثه كلها مما لا يتابعه الثقات عليها "
.
قلت : و هو عمر بن راشد مولى مروان بن أبان بن عثمان ، قال ابن عدي :
" شيخ مجهول كان بمصر يحدث عنه مطرف أبو مصعب المدني و أحمد بن عبد المؤمن
المصري و يعقوب بن سفيان الفارسي " .
ثم ساق له أحاديث هذا أحدها .
قلت : و عمر هذا هو الجاري المدني المترجم في " الميزان " و " التهذيب " ،
و صرح بذلك الذهبي في " الضعفاء " و هو صنيع الحافظ في " اللسان " فإنه ساق في
ترجمته بعض الأحاديث التي أوردها ابن عدي في ترجمة المولى ، و هذا منها .

(3/277)


1279 - " ينادي ملك من بطنان العرش يوم القيامة ، يا أمة محمد ، الله قد عفا عنكم
جميعا المؤمنين و المؤمنات فتواهبوا المظالم ، و ادخلوا الجنة برحمتي " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/439 ) :

موضوع
رواه البغوي في " شرح السنة " ( 4/252/2 ) عن الحسين بن داود البلخي : حدثنا
يزيد بن هارون : حدثنا حميد عن أنس رفعه .
و من هذا الوجه رواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( 37/2 ) .
قلت : و هذا موضوع آفته البلخي هذا ، قال الخطيب :
" لم يكن بثقة ، فإنه روى نسخة عن يزيد عن حميد عن أنس أكثرها موضوع " .
قلت : و هذا منها .

(3/278)


1280 - " مكارم الأخلاق من أعمال أهل الجنة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/440 ) :

منكر
أخرجه ابن أبي الدنيا في " مكارم الأخلاق " ( 3/12 ) و ابن الأعرابي في " معجمه
" ( ق 62 - 63 ) و تمام الرازي في " الفوائد " ( ق 210/1 ) و الطبراني في "
الأوسط " ( 6646 ) و السلفي في " الطيوريات " ( 284/1 ) و ابن عساكر في " تاريخ
دمشق " ( 2/41/2 ) و الضياء المقدسي في " جزء من حديثه " بخطه ( 121/1 ) كلهم
من طريق طلق بن السمح المصري : حدثنا يحيى بن أيوب عن حميد الطويل قال :
" دخلنا على أنس بن مالك نعوده من وجع أصابه ، فقال لجاريته : اطلبي
لأصحابنا و لو كسرا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، طلق بن السمح قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل
" ( 2/1/491 ) :
" سألت أبي عنه ؟ فقال : شيخ مصري ليس بمعروف " .
و قال الذهبي في " الميزان " عقبه :
" و قال غيره : محله الصدق إن شاء الله " . و أورده في " الضعفاء " و قال :
" فيه ضعف " .
و من طريقه رواه ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2/112 ) و قال :
" قال أبي : هذا حديث باطل ، و طلق مجهول " .
و أقره الحافظ في ترجمة " طلق " من " التهذيب " و لم يذكر فيه توثيقه عن أحد .
و لهذا قال في " التقريب " :
" مقبول " يعني عند المتابعة ، و إلا فلين الحديث كما نص في " المقدمة " .
و مما سبق تعلم أن قول المنذري في " الترغيب " :
" رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد جيد " ; غير جيد ، و إن تابعه عليه
الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 8/177 ) ، و قلدهما المناوي في " شرحيه " ،
و الغماري في " كنزه " ; فإن طلقا هذا مجهول الحال ، و إن روى عنه جماعة ، لأنه
لم يوثقه أحد ، هذا مع حكم أبي حاتم على الحديث بالبطلان .

(3/279)


1281 - " ما محق الإسلام محق الشح شيء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/441 ) :

موضوع
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 2/882 - 883 - مخطوطة الهند " و الطبراني في "
الأوسط " ( 487 - حرم ) و تمام الرازي في " الفوائد " ( ق 271/2 ) من طريق عمرو
ابن الحصين العقيلي : حدثنا علي بن أبي سارة عن ثابت عن أنس مرفوعا به .
قلت : و هذا إسناد واه جدا ، عمرو بن الحصين متروك اتفاقا ، و قال الخطيب :
" كان كذابا " .
و شيخه علي بن أبي سارة ضعيف .
و قال المناوي في " فيض القدير " تعليقا على قول السيوطي : " رواه أبو يعلى عن
أنس " :
" و ضعفه المنذري ، و قال الهيثمي : " فيه علي بن أبي سارة ، و هو ضعيف " ،
و قال في محل آخر : رواه أبو يعلى و الطبراني ، و فيه عمرو بن الحصين و هو مجمع
على ضعفه " .
قلت : و قد وجدت له طريقا أخرى ، و لكنها لا تزيد الحديث إلا وهنا ، أخرجه
الحجاج بن يوسف بن قتيبة الأصبهاني في " نسخة الزبير بن عدي " ( ق 2/1 ) من
طريق بشر بن الحسين : نا الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا به .
و هذا سند هالك ، بشر هذا قال أبو حاتم :
" يكذب على الزبير " .
و قال ابن حبان :
" يروي بشر بن الحسين عن الزبير نسخة موضوعة شبيها بمائة و خمسين حديثا " .

(3/280)


1282 - " إن الله استخلص هذا الدين لنفسه ، فلا يصلح لدينكم إلا السخاء و حسن الخلق ،
ألا فزينوا دينكم بهما " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/441 ) :

موضوع
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1/91/1 - من " زوائد المعجمين " ) عن عمرو بن
الحصين العقيلي : حدثنا إبراهيم بن أبي عطاء عن أبي عبيدة عن الحسن عن عمران
ابن حصين مرفوعا و قال الطبراني :
" تفرد به عمرو " .
قلت : و هو كذاب كما تقدم مرارا . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 3/127 )
:
" رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه عمرو بن الحصين العقيلي و هو متروك " .
و الحديث أورده المنذري ( 3/248 ) من رواية الطبراني و الأصبهاني و أشار إلى
تضعيفه . و قال المناوي في " الفيض " عقب كلام الهيثمي :
" و له طرق عند الدارقطني في " المستجاد " و الخرائطي في " المكارم " من حديث
أبي سعيد و غيره أمثل من هذا الطريق ، و إن كان فيها لين كما بينه الحافظ
العراقي ، فلو جمعها المصنف ، أو آثر ذلك لكان أجود " .
و أقول : ما أظن أن في شيء من تلك الطرق ما يتقوى الحديث به ، و لذلك ضعفه
المناوي في " التيسير " ، و من ذلك أن الأصبهاني أخرجه في " الترغيب و الترهيب
" ( ق 118/1 و 156/1 ) من طريق عبد الله بن وهب الدينوري بسنده عن مجاعة بن
الزبير عن الحسن به .
و هذا إسناد واه بمرة ، آفته الدينوري هذا ; فإنه مع كونه حافظا رحالا ; فقد
قال الدارقطني :
" كان يضع الحديث " .
و مجاعة بن الزبير مختلف فيه .
و بينهما من لم أعرفه .
و رواه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( ص 7 و 53 ) من حديث جابر ، من طريقين
عن محمد بن المنكدر عنه به دون قوله : ألا فزينوا .. " .
و في الأولى من لم أعرفه ، و في الأخرى عبد الملك بن مسلمة البصري ، و من طريقه
أخرجه أبو حاتم في ترجمته من " الجرح و التعديل " ( 2/2/371 ) و ابن حبان في "
الضعفاء " ( 2/134 ) و قال :
" يروي المناكير الكثيرة التي لا تخفى على من عني بعلم السنن " .
و قال أبو حاتم :
" حدثني بحديث في الكرم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام ،
بحديث موضوع " . يعني هذا .

(3/281)


1283 - " خلق الله جنة عدن ، و غرس أشجارها بيده ، فقال لها : تكلمي ، فقالت : *( قد
أفلح المؤمنون )* " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/443 ) :

ضعيف
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 5/1837 ) من طريق العلاء بن العباس بن محمد
الدوري : حدثنا علي بن عاصم : أنبأ حميد الطويل عن أنس بن مالك مرفوعا به .
و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد " !
و رده الذهبي في " التلخيص " بقوله :
" قلت : بل ضعيف " .
قلت : و علته علي بن عاصم هذا كان سيء الحفظ كثير الخطأ ، و إذا بين له لا يرجع
عنه ، و لذلك ضعفه جمهور أئمة الحديث ، و كذبه ابن معين و غيره و في ترجمته
أورد الذهبي هذا الحديث و قال :
" و هذا حديث باطل ، و لقد أساء ابن عدي في إيراده هذا في ترجمة علي ، فالعلاء
متهم بالكذب " .
قلت : قد تابعه العباس الدوري عند الحاكم كما سبق ، فبرئت منه عهدة العلاء ،
و ثبت الحمل فيه على علي ، كما فعل ابن عدي .
و قد تابعه أيضا أبو سالم المعلى بن مسلمة الرؤاسي عن علي به .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 10/118 ) .
و قد روي الحديث بلفظ آخر هو :
" خلق الله جنة عدن بيده ، و دلى فيها ثمارها ، و شق فيها أنهارها ، ثم نظر
إليها فقال : *( قد أفلح المؤمنون )* ، قال : وعزتي لا يجاورني فيك بخيل " .

(3/282)


1284 - " خلق الله جنة عدن بيده ، و دلى فيها ثمارها ، و شق فيها أنهارها ، ثم نظر
إليها فقال : *( قد أفلح المؤمنون )* ، قال : وعزتي لا يجاورني فيك بخيل " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/444 ) :

ضعيف
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/174/2 ) و " الأوسط " ( 5648 ) من
طريق حماد بن عيسى العبسي عن إسماعيل السدي عن أبي صالح عن ابن عباس يرفعه
.
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، حماد بن عيسى العبسي ، قال الذهبي في " الميزان " :
" فيه جهالة " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" مستور ، و قيل : هو الذي قبله " .
يعني حماد بن عيسى الجهني الواسطي غريق الجحفة ، فإذا كان هو فهو معروف بالضعف
، قال الحاكم و النقاش :
" يروي عن ابن جريج و جعفر الصادق أحاديث موضوعة " .
لكن للحديث طريق أخرى . فقال المنذري في " الترغيب " ( 3/247 و 4/252 ) و تبعه
الهيثمي ( 10/297 ) و اللفظ له :
" رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " و أحد إسنادي الطبراني في " الأوسط
" جيد " .
قلت : و فيما قالا نظر من وجهين :
الأول : أن الإسناد الآخر فيه ضعف أيضا ، و قد أخرجه الطبراني في " الأوسط " (
324 ) و " الكبير " أيضا ( 3/122/1 ) و عنه الضياء في " المختارة " ( 63/13/2 )
و تمام الرازي في " الفوائد " و عنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 5/340/1
و 15/70/4 ) من طريق هشام بن خالد : حدثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن
عباس مرفوعا بلفظ :
" لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت ، و لا أذن سمعت ، و لا خطر على
قلب بشر ، ثم قال لها : تكلمي فقالت : *( قد أفلح المؤمنون )* " .
فهذا إسناد ضعيف من أجل عنعنة بقية ، و قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " :
" بقية عن الحجازيين ضعيف " .
كذا قال ، و بقية صدوق في نفسه ، و إنما عيبه أنه كان يدلس عن الضعفاء
و المتروكين ، فإذا صرح بالتحديث و كان من فوقه ثقة ، و من دونه ثقة فهو حجة ،
و إلا فلا . و قد رأيت الحديث في " صفة الجنة " لأبي نعيم ( 3/1 - 2 ) أخرجه من
هذا الوجه ، لكنه قال : حدثنا بقية : حدثني ابن جريج به . و كذلك وقع في "
الأوسط " فإن كان محفوظا عن هشام بن خالد ، فلا يحتج به أيضا ، لأن هشاما و هو
الأزرق كان يروج عليه الخطأ فيقول في كل خبر يرويه عن بقية : حدثنا ، و بقية لم
يقل : حدثنا ، كما في رواية الأكثرين . و تقدم له حديث آخر بلفظ :
" من أصيب بمصيبة .. " الحديث ( 198 ) .
و الآخر : أن متن الإسناد الآخر يختلف عن متن الأول ، فإنه :
أولا : ليس فيه " قال : وعزتي .. " .
و ثانيا : أن القائل فيه : *( قد أفلح المؤمنون )* هي الجنة ، و في الأول هو
الله تعالى . فلا يجوز القول في المتن الأول : " رواه الطبراني .. بإسنادين
أحدهما جيد " . و الإسناد الجيد - إن سلم بجودته - متنه مختلف عن متن الإسناد
الضعيف ! فتأمل هذا فإنك قد لا تراه في مكان آخر .
و قد روي الحديث بأتم منه و هو :
" خلق الله جنة عدن بيده ، لبنة من درة بيضاء ، و لبنة من ياقوتة حمراء ،
و لبنة من زبرجدة خضراء ، و ملاطها مسك ، و حشيشها الزعفران ، حصباؤها اللؤلؤ ،
و ترابها العنبر ، ثم قال لها : انطقي ، قالت : *( قد أفلح المؤمنون )* ، فقال
الله عز وجل : وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل ، ثم تلا رسول الله صلى الله
عليه وسلم : *( و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )* " .

(3/283)


1285 - " خلق الله جنة عدن بيده ، لبنة من درة بيضاء ، و لبنة من ياقوتة حمراء ،
و لبنة من زبرجدة خضراء ، و ملاطها مسك ، و حشيشها الزعفران ، حصباؤها اللؤلؤ ،
و ترابها العنبر ، ثم قال لها : انطقي ، قالت : *( قد أفلح المؤمنون )* ، فقال
الله عز وجل : وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل ، ثم تلا رسول الله صلى الله
عليه وسلم : *( و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )* "

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/445 ) :

ضعيف
أخرجه ابن أبي الدنيا في " صفة الجنة " كما في " الترغيب " ( 3/247 و 4/252 )
و " تفسير ابن كثير " ، و أبو نعيم في " صفة الجنة " له ( 3/1 - 2 ) من طريق
محمد بن زياد بن الكلبي : حدثنا يعيش بن حسين ( و في أبي نعيم : بشر بن حسن )
عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف محمد بن زياد بن الكلبي ، أورده الذهبي في " الضعفاء "
و قال :
" قال ابن معين : لا شيء " .
و يعيش بن حسين ، أو بشر بن حسن لم أعرفه ، و أغلب الظن أنه وقع محرفا في "
التفسير " و منه نقلت ، و في " صفة الجنة " لأبي نعيم كما سبق الإشارة إلى ذلك
. والله أعلم .

(3/284)


1286 - " من لقي أخاه المسلم بما يحب ليسره ، سره الله يوم القيامة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/446 ) :

منكر
أخرجه الدولابي في " الكنى " ( 1/159 ) : حدثنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن
أبي بزة قال : حدثنا الحكم بن عبد الله أبو حمدان البصري - و كان قدريا - قال :
حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أنس بن مالك : قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و من هذا الوجه أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 244 ) و ابن عدي في "
الكامل " ( ق 68/2 ) و قال :
" هذا حديث منكر بهذا الإسناد " .
و قال الطبراني :
" تفرد به ابن أبي بزة " .
قلت : و اسمه أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة المكي ، قال
الذهبي في " الميزان " :
" إمام في القراءة ثبت فيها . قال الإمام أحمد : لين الحديث . و قال العقيلي :
منكر الحديث . و قال أبو حاتم : ضعيف الحديث لا أحدث عنه . و قال ابن أبي حاتم
: روى حديثا منكرا " .
و أورده في " الضعفاء " و قال :
" تفرد بحديث ( الديك الأبيض حبيبي و حبيب حبيبي ) " .
قلت : فهو علة الحديث .
و له علة أخرى و هي عنعنة الحسن و هو البصري فإنه و إن كان قد سمع من أنس بن
مالك فإنه كان يدلس .
و يمكن استخراج علة ثالثة ، فإن ابن عدي أورده في ترجمة الحكم بن عبد الله و هو
أبو النعمان ، و وقع عند ابن عدي في سند هذا الحديث " أبو مروان " و قد ذكر في
ترجمته أنه يكنى بهذا ، و بأبي النعمان ، و لم يذكر أنه يكتني بأبي حمدان .
فلعلها تحرفت في " الكنى " من الناسخ أو الطابع ، و لم يذكر فيه توثيقا و لا
تجريحا غير أنه ساق له أحاديث استنكرها ، هذا منها كما تقدم . و قال :
" لا يتابعه عليها أحد " .
و لكنه من رجال البخاري ، و وثقه الخطيب و ابن حبان إلا أنه قال : " ربما أخطأ
" ، و قال أبو حاتم : " كان يحفظ و هو مجهول " .
و ذكر الحافظ في " التهذيب " :
" و يهجس في خاطري أن الراوي عن سعيد ( بن أبي عروبة ) هو أبو مروان ، و هو غير
أبي النعمان الراوي عن شعبة . فالله أعلم " .
قلت : و إذا تبين لك حال هذا الحديث و ما فيه من العلل ، فلا تغتر بقول المنذري
( 3/252 ) :
" رواه الطبراني في " الصغير " بإسناد حسن ، و أبو الشيخ في ( كتاب الثواب ) "
.
و كذا قول الهيثمي ( 8/193 ) :
" رواه الطبراني في " الصغير " و إسناده حسن " .
فإن ذلك من تساهلهما ، و من أجل ذلك رأيت أن أحرر القول في إسناده ، و أبين
حقيقة أمره لكي لا يغتر بتحسينها من لا علم عنده كالغماري في " كنزه " . والله
الموفق .

(3/285)


1287 - " لا يدخل ولد الزنا الجنة ، و لا شيء من نسله ، إلى سبعة آباء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/447 ) :

باطل
رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم - 145 ) عن الحسين بن إدريس الحلواني : نا
سليمان بن أبي هوذة : نا عمرو بن أبي قيس عن إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد عن
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبي هريرة مرفوعا و قال :
" لم يروه عن إبراهيم إلا عمرو " .
قلت : و هو صدوق له أوهام ، لكن شيخه إبراهيم بن المهاجر و هو ابن جابر البجلي
صدوق لين الحفظ ، فهو علة الحديث .
و أما إعلال الهيثمي للحديث بقوله ( 6/257 ) :
" و فيه الحسين بن إدريس و هو ضعيف " .
فلا وجه له ، لأن الحسين هذا وثقه الدارقطني و أخرج له ابن حبان في " صحيحه "
و كان من الحفاظ كما قال ابن ماكولا ، و غاية ما جرح به قول ابن أبي حاتم فيه :
" كتب إلي بجزء من حديثه ، فأول حديث منه باطل ، و الثاني باطل ، و الثالث
ذكرته لعلي بن الجنيد فقال : أحلف بالطلاق أنه حديث ليس له أصل ، و كذا هو عندي
فلا أدري البلاء منه أو من خالد بن هياج " .
فقد تردد ابن أبي حاتم في اتهام الرجل بهذه البواطيل فينبغي التوقف عن الجزم
بأنه المتهم ، حتى يأتي البيان و قد وجدنا الحافظ ابن عساكر قال :
" البلاء في الأحاديث المذكورة من خالد بلا شك " .
و مما يؤكد أن الحسين بن إدريس بريء العهدة من هذا الحديث أنه لم يتفرد به كما
يشعر بذلك قول الطبراني المتقدم ، و قال عبد بن حميد في " المنتخب من المسند "
( ق 189/2 ) : حدثنا عبد الرحمن بن سعد الرازي : حدثنا عمرو بن أبي قيس به .
و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3/111 ) ، و قال - و تبعه السيوطي في "
اللآلىء " - 2/193 ) :
" لا يصح ، إبراهيم بن مهاجر ضعيف ، قال الدارقطني : اختلف على مجاهد في هذا
الحديث على عشرة أوجه ، فتارة يروى عن مجاهد عن أبي هريرة ، و تارة عن مجاهد عن
ابن عمر ، و تارة عن مجاهد عن ابن أبي ذباب ، و تارة عن مجاهد عن ابن عمرو
موقوفا ، إلى غير ذلك ، و كله من تخليط الرواة " .
قلت : و قد بين أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 3/307 - 309 ) هذه الوجوه
العشرة من الاضطراب ، و زاد عليها فأفاد و أجاد ، فمن شاء فليرجع إليه .
و للحديث طرق أخرى بنحوه كلها معلولة ، و قد ساق ابن الجوزي بعضها و بين عللها
ثم قال :
" إن هذه الأحاديث مخالفة للأصول ، و أعظمها قوله تعالى : *( و لا تزر وازرة
وزر أخرى )* " .
و زاد عليه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2/228 ) :
" قلت : و لقوله صلى الله عليه وسلم " ولد الزنا ليس عليه إثم أبويه شيء " .
أخرجه الطبراني من حديث عائشة . قال السخاوي : و سنده جيد . والله أعلم " .
قلت : و قد تكلم على الحديث جماعة من العلماء كالحافظ ابن حجر في " تخريج
الكشاف " ( 4/176/210 ) و السخاوي في " المقاصد الحسنة " ( 470/1322 ) و ابن
طاهر في " تذكرة الموضوعات " ( ص 109 ) و ابن القيم في " المنار " ( ص 48 ) ،
و اتفقوا جميعا على أنه ليس على ظاهره ، و على أنه ليس له إسناد صالح للاحتجاج
به ، و غاية ما ادعاه بعضهم ردا على ابن طاهر و ابن الجوزي أنه ليس بموضوع !
و لذلك تكلفوا في تأويله حتى لا يتعارض مع الأصل المتقدم ، بما تراه مشروحا في
كثير من المصادر المتقدمة . و أنا أرى أنه لا مسوغ لتكلف تأويله بعد ثبوت ضعفه
من جميع طرقه ، و لذلك فقد أحسن صنعا من حكم عليه بالوضع كابن طاهر و ابن
الجوزي . والله أعلم .
ثم بدا لي تقييد هذا الحكم ، بهذا اللفظ المخرج هنا بتمامه ، و أما طرفه الأول
منه ، فقد روي نحوه من طرق أخرى يقوي بعضها بعضا ، و صحح أحدها ابن حبان في
حديث خرجته في " الصحيحة " برقم ( 672 ) ، و ذكرت هناك المعنى المراد منه
فراجعه .

(3/286)


1288 - " من تمام التحية الأخذ باليد " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/449 ) :

ضعيف
روي من حديث عبد الله بن مسعود ، و أبي أمامة ، و البراء بن عازب :
1 - حديث ابن مسعود . يرويه يحيى بن سليم عن سفيان عن منصور عن خيثمة عن رجل
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أخرجه الترمذي ( 2/121 ) و أبو أحمد الحاكم في " الفوائد " ( 11/70/2 ) و قال
الترمذي :
" هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم " .
قلت : و هو الطائفي و هو سيىء الحفظ ، و بقية الرجال ثقات غير الرجل الذي لم
يسم . و لهذا قال الحافظ في " الفتح " ( 11/47 ) :
" و في سنده ضعف " .
و حكى الترمذي عن البخاري أنه رجح أنه موقوف على عبد الرحمن بن يزيد النخعي أحد
التابعين .
و قال ابن أبي حاتم في العلل ( 2/307 ) عن أبيه :
" هذا حديث باطل " .
2 - حديث أبي أمامة . و له عنه طريقان :
الأولى : من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن
عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته ، أو على يده فيسأله : كيف هو
؟ و تمام تحياتكم بينكم المصافحة " .
أخرجه الترمذي ( 2/122 ) و أحمد ( 5/260 ) و كذا الروياني في " مسنده " (
30/219 و 220/2 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 236/1 ) و محمد بن رزق الله
المنيني في " حديث أبي علي الفزاري " ( 85/2 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (
5/59/2 ) و قال الترمذي :
" هذا إسناد ليس بذاك . قال محمد ( يعني البخاري ) : و عبيد الله بن زحر ثقة ،
و علي بن يزيد ضعيف ، و القاسم بن عبد الرحمن يكنى أبا عبد الرحمن و هو مولى
عبد الرحمن بن خالد بن يزيد بن معاوية ، و هو ثقة ، و القاسم شامي " .
و قال الحافظ في " الفتح " ( 11/46 ) بعد أن عزاه للترمذي :
" سنده ضعيف " .
و قال في " بذل الماعون " ( 3/1/ الملزمة 11 ) :
" سنده لين " .
و الأخرى : عن بشر بن عون : حدثنا بكار بن تميم عن مكحول عنه مرفوعا بالجملة
الأخيرة منه فقط .
أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " ( 117/1 ) .
و هذا إسناد ضعيف بشر و بكار مجهولان كما قال أبو حاتم ، و اتهمهما ابن حبان .
و لكنهما قد توبعا ، فأخرجه تمام أيضا من طريق عمر بن حفص عن عثمان بن
عبد الرحمن عن مكحول به .
و هذه متابعة واهية جدا ، عثمان هذا و هو الوقاصي قال الذهبي :
" تركوه " .
و عمر بن حفص هو المدني لم يوثقه غير ابن حبان ، و روى عنه جماعة .
و له طريق أخرى : عن يحيى بن سعيد المدني عن القاسم به دون قوله : " و تمام ..
" .
أخرجه ابن السني ( 530 ) .
و يحيى هذا متروك .
3 - حديث البراء . أخرجه أبو محمد الخلدي في جزء من " الفوائد " ( 46 - 50 ) :
أخبرنا القاسم : حدثنا جبارة قال : أنا حماد بن شعيب عن أبي جعفر الفراء عن
الأغر أبي مسلم عنه به .
و هذا إسناد ضعيف ، حماد بن شعيب و هو الحماني قال الذهبي في " الضعفاء " :
" ضعفه النسائي و غيره " .
و قد خالفه في إسناده إسماعيل بن زكريا فقال : عن أبي جعفر الفراء عن عبد الله
ابن يزيد عن البراء بن عازب قال :
" من تمام التحية أن تصافح أخاك " .
فأوقفه ، و هو الصواب ، لأن إسماعيل بن زكريا ثقة محتج به في " الصحيحين "
فروايته أصح من مثل حماد بن شعيب ، و بقية رجال الإسناد ثقات كلهم ، فالسند
صحيح موقوف .
و كذلك أخرجه ابن عساكر ( 17/274/1 ) عن ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن
الأسود بن يزيد النخعي قال : فذكره موقوفا .
و ليث ضعيف . و قد رواه غيره عن عبد الرحمن بن يزيد ، فقال الترمذي عقب ما
نقلته عنه في الحديث الأول :
" قال محمد ( يعني البخاري ) : و إنما يروى عن منصور عن أبي إسحاق عن
عبد الرحمن بن يزيد أو غيره قال : من تمام التحية الأخذ باليد " .
قلت : و جملة القول أن طرق هذا الحديث كلها واهية ، و بعضها أشد ضعفا من بعض ،
فليس فيها ما يمكن الاعتماد عليه كشاهد صالح ، فالذي أستخير الله فيه أنه ضعيف
مرفوعا ، صحيح موقوفا . والله أعلم .

(3/287)


1289 - " يطهر الدباغ الجلد ، كما تخلل الخمرة فتطهر " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/452 ) :

لا أصل له
كما في " التحقيق " لابن الجوزي ، و " التنقيح " لابن عبد الهادي ( 1/15/2 ) .
و الأحاديث في أن الإهاب يطهره الدباغ صحيحة معروفة في مسلم و السنن و المسانيد
و غيرها ، مثل حديث ابن عباس مرفوعا " أيما إهاب دبغ فقد طهر " و هو مخرج في "
غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال و الحرام " ( 28 ) ، و إنما أوردته من أجل
الشطر الثاني منه الدال على أن الخمرة نجسة في الأصل ، فليس في الأدلة الشرعية
من الكتاب و السنة ما يؤيد أن الخمرة نجسة ، و لذلك ذهب جماعة من الأئمة إلى
أنها طاهرة ، و أنه لا تلازم بين كون الشيء محرما و كونه نجسا . و من هؤلاء
الليث بن سعد و ربيعة الرأي و غيرهم ممن سماهم العلامة القرطبي في " تفسيره " ،
فليراجعه من شاء ، و هو اختيار الإمام الشوكاني في " السيل الجرار " ( 1/35 -
37 ) و غيره .

(3/288)


1290 - " من مر بالمقابر فقرأ *( قل هو الله أحد )* إحدى عشرة مرة ، ثم وهب أجره
للأموات ، أعطي من الأجر بعدد الأموات " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/452 ) :

موضوع
أخرجه أبو محمد الخلال في " فضائل الإخلاص " ( ق 201/2 ) و الديلمي في " مسند
الفردوس " عن عبد الله بن أحمد بن عامر : حدثنا أبي : حدثنا علي بن موسى عن أبي
موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبيه محمد بن علي عن أبيه عن أبيه الحسين عن
أبيه علي مرفوعا .
قال في " الميزان " :
" عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه عن علي الرضا عن آبائه بتلك النسخة
الموضوعة ، ما تنفك عن وضعه أو وضع أبيه " .
ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 144 ) .
و قال الحافظ السخاوي في " الفتاوي الحديثية " له ( ق 19/2 شيخ الإسلام ) :
" رواه القاضي أبو يعلى بإسناده عن علي ، و رواه الدارقطني أيضا و النجاد كما
ذكره الإمام شمس الدين محمد بن إبراهيم المقدسي في " جزء فيه وصول القراءة إلى
الميت " ، و عزاه القرطبي في " تذكرته " للسلفي . و أسنده صاحب " مسند الفردوس
" أيضا كلاهما من طريق عبد الله بن أحمد بن عامر الطائفي عن أبيه عن علي بن
موسى الرضى .. عن علي . لكن عبد الله و أبوه كذابان ، و لو أن لهذا الحديث أصلا
لكان حجة في موضوع النزاع و لارتفع الخلاف ، و يمكن أن تخريج الدارقطني له [
إنما هو ] في " الأفراد " لأنه لا وجود له في " سننه " . والله أعلم " .
و الحديث أورده العجلوني في " كشف الخفاء " ( 2/282/2630 ) و قال :
" رواه الرافعي في " تاريخه " عن علي " .
كذا قال فلم يصنع شيئا بسكوته عنه ، و ذلك لعدم علمه بحاله ! و مثله يتكرر منه
كثيرا في هذا الكتاب الذي تمام اسمه ينبىء عن موضوعه : " ... و مزيل الإلباس
عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس " ! فإن هذا الحديث مع شهرته و لهج
القبوريين به ، لم يتبين للشيخ حاله . و هو موضوع بشهادة الحافظين السخاوي
و السيوطي . و لا يخدج على هذا أن السيوطي أورده أيضا في " الجامع الكبير " (
2/298/1 ) من رواية الرافعي ، و منه نقله العجلوني ! فإن جامعه هذا جمع فيه ما
هب و دب ، بخلاف كتابه الآخر " الجامع الصغير " فإنه ذكر في مقدمته أنه صانه
عما تفرد به كذاب أو وضاع . و مع ذلك فإنه لم يستطع القيام بهذا ، فوقع فيه
كثير من الموضوعات ، كما يتبين لمن يتتبع ما ننشره في هذه " السلسلة " <1> ،
أما هذا الحديث فقد وفق لصيانة كتابه منه .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و أبين من ذلك الرجوع إلى كتابي " ضعيف الجامع الصغير " و هو مطبوع في ثلاث
مجلدات . اهـ .
1

(3/289)


1291 - " الزهادة في الدنيا تريح القلب و البدن " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/454 ) :

ضعيف
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 459 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 23/2 )
و الطبراني في " الأوسط " ( 6256 - بترقيمي ) من طريق أشعث بن براز عن علي بن
زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، علي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف .
و أشعث بن براز ضعيف جدا ، قال البخاري :
" منكر الحديث " .
و قال النسائي :
" متروك الحديث " . و ضعفه متفق عليه .
( و براز ) بضم الباء ثم راء ثم زاي ، و تحرف على الحافظ الهيثمي فقال في "
المجمع " ( 10/286 ) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه أشعث بن نزار ، و لم أعرفه ، و بقية رجاله
وثقوا ، على ضعف في بعضهم " .
هكذا وقع له " نزار " ، و ليس في الرواة " أشعث بن نزار " و لذلك لم يعرفه ،
فهو معذور ، و لكن كيف نعلل قول المنذري في " الترغيب " ( 4/96 ) :
" رواه الطبراني ، و إسناده مقارب " ؟
فهل نقول : إنه لم يعرفه أيضا ، ثم أحسن الظن به ، فقال في إسناده : " مقارب "
! أم نقول : إنه عرفه و أنه ابن براز المتروك ؟ غالب الظن الأول ، فإن ابن براز
لا يمكن أن يقال في سند هو فيه : " مقارب " و قد اتهمه البخاري بقوله فيه : "
منكر الحديث " كما هو معروف عنه . و أما ابن جدعان فهو خير منه بكثير ، فمثله
يحتمل أن يقال في إسناده : " مقارب " دون ابن براز . و لكن إن جاز ذلك فيهما ،
فكيف يجوز لهما أن يقولا ذلك في إسناد الطبراني ، و فيه شيخه محمد بن زكريا
الغلابي و هو وضاع عن يحيى بن بسطام و هو مختلف فيه ، حتى قال أبو داود :
" تركوا حديثه " ؟ !
و للحديث شاهد مرسل ، يرويه محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره و زاد :
" .. و الرغبة في الدنيا تطيل الهم و الحزن " .
أخرجه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " ( ق 9/1 ) : حدثني الهيثم بن خالد
البصري قال : حدثنا الهيثم بن جميل قال : حدثنا محمد بن مسلم .
قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير محمد بن مسلم و هو الطائفي و هو ضعيف لسوء
حفظه .
ثم رواه ابن أبي الدنيا ( 34/2 ) من طريق إبراهيم بن الأشعث عن الفضيل بن عياض
يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره مثل حديث طاووس .
قلت : و هذا مع كونه معضلا ، فإبراهيم بن الأشعث فيه ضعف من قبل حفظه .
و أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 18/2 ) عن أبي عتبة أحمد بن الفرج قال
: نا بقية بن الوليد عن بكر بن خنيس عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعا مثله
، و زاد :
" و البطالة تقسي القلب " .
و هذا إسناد ضعيف جدا ، لضعف أحمد بن الفرج ، و عنعنة بقية فإنه مدلس ، و بكر
ابن خنيس أورده في " الضعفاء " و قال :
" قال الدارقطني : متروك " .
ثم روى ابن أبي الدنيا ( 10/1 ) عن عبد الله الداري قال :
" كان أهل العلم بالله عز وجل و القبول عنه يقولون .. " فذكره دون الزيادة
الأخيرة .
فهذا هو الصواب في الحديث أنه موقوف من قول بعض أهل العلم ، رفعه بعض الضعفاء
عمدا أو سهوا . والله أعلم .

(3/290)


1292 - " أزهد الناس من لم ينس القبر و البلى ، و ترك أفضل زينة الدنيا ، و آثر ما
يبقى على ما يفنى ، و لم يعد غدا من أيامه ، و عد نفسه في الموتى " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/456 ) :

ضعيف
رواه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " ( ق 11/1 - 2 ) عن سليمان بن فروخ عن
الضحاك بن مزاحم قال :
أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : يا رسول الله من أزهد الناس ؟ قال :
من لم ينس ...
قلت : و هذا إسناد ضعيف مرسل الضحاك هو ابن مزاحم الهلالي . قال الحافظ :
" صدوق ، كثير الإرسال " .
و سليمان بن فروخ أورده ابن أبي حاتم ( 2/1/135 ) قائلا :
" روى عنه أبو معاوية و قريش بن حبان العجلي " .
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و أما ابن حبان فأورده على قاعدته في "
الثقات " ( 2/111 ) من رواية قريش عنه !
و الحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للبيهقي فقط في " الشعب " عن
الضحاك مرسلا . و قال المناوي في " الفيض " :
" رمز لضعفه " .
و قال في " التيسير " :
" و إسناده ضعيف " .

(3/291)


1293 - " ما تزين الأبرار في الدنيا بمثل الزهد في الدنيا " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/456 ) :

موضوع
رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 98/1 - 2 ) عن سليمان الشاذكوني : حدثنا إسماعيل
ابن أبان : حدثنا علي بن الحزور قال : سمعت أبا مريم يقول : سمعت عمار بن
ياسر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
قلت : هذا إسناد هالك مسلسل بالعلل السوداء !
1 - أبو مريم و هو الثقفي . قال الحافظ :
" مجهول " .
2 - علي بن الحزور . قال :
" متروك شديد التشيع " .
3 - إسماعيل بن أبان و هو الغنوي الخياط الكوفي .
قال الحافظ :
" متروك رمي بالوضع " .
4 - سليمان الشاذكوني و هو ابن داود . متهم بالوضع و الكذب في الحديث . أورده
الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" قال ابن معين : كان يكذب . و قال البخاري : فيه نظر . و قال أبو حاتم : متروك
" .
و من هذا البيان و النقد تعلم تقصير الهيثمي حين قال في " مجمع الزوائد " (
10/286 ) :
" رواه أبو يعلى ، و فيه سليمان الشاذكوني و هو متروك " !
و أشار المنذري في " الترغيب " ( 4/96 ) إلى تضعيفه !

(3/292)


1294 - " يا عائشة ! إن أردت اللحوق بي ، فليكفك من الدنيا كزاد الركب ، و لا تستخلقي
ثوبا حتى ترقعيه ، و إياك و مجالسة الأغنياء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/457 ) :

ضعيف جدا
أخرجه الترمذي ( 1/329 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 8/1/52 ) و ابن أبي الدنيا
في " ذم الدنيا " ( ق 10/2 ) و الحاكم ( 4/312 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق
198/1 ) و البغوي في " شرح السنة " ( 3/307/1 ) من طريق سعيد بن محمد الوراق عن
صالح بن حسان عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعا . و قال الترمذي :
" هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسان و سمعت محمدا ( يعني
البخاري ) يقول : هو منكر الحديث " .
و قال ابن عدي :
" صالح بن حسان بعض أحاديثه فيه إنكار ، و هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق " .
قلت : و قول البخاري المتقدم فيه يشعر أنه في منتهى الضعف عنده ، على ما عرف من
اصطلاحه في هذه الكلمة . و لهذا قال الحافظ في " التقريب " :
" متروك " .
و لذلك فقد أخطأ الحاكم خطأ فاحشا حين قال :
" هذا حديث صحيح الإسناد " ! و اغتر به الفقيه الهيتمي ، فصححه في كتابه " أسنى
المطالب في صلة الأقارب " ( ق 41/1 ) و لم يدر أن الذهبي قد تعقبه بقوله :
" قلت : الوراق عدم " .
و هو كما قال ، لكن الوراق لم يتفرد به فيما يبدو ، فقد رأيت الحديث في "
أحاديث محمد بن عاصم " لعبد الغني المقدسي ( ق 152/1 ) من طريق أبي يحيى
الحماني : حدثنا صالح بن حسان به .
و أبو يحيى اسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن و هو صدوق يخطىء من رجال الشيخين ،
فهو خير بكثير من مثل الوراق ، فإعلال الذهبي الحديث به دون حسان مما لا يخفى
ما فيه !
و قال المنذري في " الترغيب " ( 4/98 ) :
" رواه الترمذي و الحاكم و البيهقي من طريقه و غيرها كلهم من رواية صالح بن
حسان و هو منكر الحديث عن عروة عنها . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " ،
و ذكره رزين ، فزاد فيه : قال عروة : فما كانت عائشة تستجد ثوبا حتى ترقع ثوبها
و تنكسه ، و لقد جاءها يوما من عند معاوية ثمانون ألفا فما أمسى عندها درهم ،
قالت لها جاريتها : فهلا اشتريت لنا منه لحما بدرهم ؟ قالت : لو ذكرتني لفعلت "
.

(3/293)


1295 - " من تواضع لله رفعه الله ، و قال : انتعش رفعك الله ، فهو في نفسه صغير ، و في
أعين الناس عظيم ، و من تكبر خفضه الله ، و قال : اخسأ خفضك الله ، فهو في نفسه
كبير ، و في أعين الناس صغير ، حتى يكون أهون عليهم من كلب " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/459 ) :

موضوع
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم 8472 ) و عنه أبو نعيم في " الحلية
" ( 7/129 ) و الحسن بن علي الجوهري في " مجلس من الأمالي " ( ق 66/2 )
و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 2/110 ) من طريق سعيد بن سلام العطار : حدثنا
سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة قال : سمعت عمر بن
الخطاب يقول :
" يا أيها الناس تواضعوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ... "
فذكره . و قال الطبراني و أبو نعيم و الخطيب و اللفظ لهما :
" غريب من حديث الثوري تفرد به سعيد بن سلام " .
قلت : و هو كذاب كما في " المجمع " ( 8/82 ) و عزاه للطبراني في " الأوسط " .
و سكت عليه المنذري ( 4/15 ) فأساء .

(3/294)


1296 - " ائتوا المساجد حسرا و مقنعين ، فإن ذلك من سيما ( و في لفظ : فإن العمائم
تيجان ) المسلمين " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/459 ) :

موضوع
رواه ابن عدي ( ق 338/2 ) عن مبشر بن عبيد عن الحكم عن يحيى الجزار باللفظ
الأول ، و عن عبد الرحمن بن أبي ليل باللفظ الآخر عن علي بن أبي طالب
مرفوعا ، و قال :
" و مبشر هذا بين الأمر في الضعف ، و عامة ما يرويه غير محفوظ " .
قلت : قال الإمام أحمد :
" كان يضع الحديث " .
و قال ابن حبان في " الضعفاء و المتروكين " ( 3/30 ) :
" يروي عن الثقات الموضوعات ، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب " .
قلت : و هذا الحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " ، فأورده فيه
من رواية ابن عدي باللفظ الأول ، و أورده في " الجامع الكبير " باللفظ الآخر من
رواية ابن عدي و ابن عساكر ، و قد أخرجه هذا في جزء " أربعين حديثا في الطيلسان
" ( ق 54/1 رقم الحديث 28 ) ، من طريق مبشر هذا .
و لم يتنبه المناوي لهذا ، فإنه بعد أن أعل اللفظ الأول بأن فيه مبشر بن عبيد
و قال نقلا عن العراقي أنه متروك قال :
" و من ثم رمز المؤلف لضعفه ، لكن يشهد له ما رواه ابن عساكر بلفظ ... " .
فذكره باللفظ الآخر ! و مداره كالأول على ذاك الوضاع . و خفي هذا على اللجنة
القائمة على تحقيق " الجامع الكبير " فنقلوا كلام المناوي هذا و أقروه ! فهكذا
فليكن التحقيق ، و من لجنة من العلماء المتخصصين كما قال الدكتور محمد عبد
الرحمن بيصار في تقديمه للكتاب ( 1/1/3 ) و ليس من محقق واحد ! !
و مع أن المناوي أفاد عن العراقي أن مبشرا متروك كما تقدم و ذلك يعني أن
الإسناد ضعيف جدا ، فإنه لم يلتزم ذلك فإنه قال في كتابه الآخر " التيسير بشرح
الجامع الصغير " الذي هو كالمختصر لـ " فيض القدير " له :
" رواه ابن عدي عن علي أمير المؤمنين بسند ضعيف " !
و لعل ذلك كان بسبب ما توهمه من الشاهد المزعوم ، فالله المستعان ، و من عصمه
فهو المعصوم .

(3/295)


1297 - " لتقاتلن المشركين حتى تقاتل بقيتكم الدجال ، على نهر بالأردن ، أنتم شرقيه ،
و هم غربيه ، و ما أدري أين الأردن يؤمئذ من الأرض " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/460 ) :

ضعيف
أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 7/422 ) و ابن أبي خيثمة في " التاريخ " (
2/206 - مصورة الجامعة الإسلامية ) و ابن أبي عاصم في " الآحاد " ( 265/2 -
مصورة الجامعة أيضا ) و البزار في " مسنده " ( 4/138 - كشف الأستار )
و الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 123 - الجامعة ) و أحمد بن عبد الله بن
رزيق البغدادي في " الأفراد و الغرائب " ( 6/256/1 ) و ابن منده في " المعرفة "
( 2/201/2 ) و الديلمي في " مسند الفردوس " ( 4/186 ) من طرق عن محمد بن أبان
القرشي عن يزيد بن يزيد بن جابر عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عن
نهيك بن صريم السكوني مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، محمد بن أبان القرشي قال الذهبي في " الميزان " :
" ضعفه أبو داود و ابن معين ، و قال البخاري : ليس بالقوي " .
و وافقه العسقلاني في " اللسان " و نقل تضعيفه عن أئمة آخرين منهم ابن حبان ،
و نص كلامه في " الضعفاء و المتروكين " ( 2/260 ) :
" كان ممن يقلب الأخبار ، و له الوهم الكثير في الآثار " .
و أما قول الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 7/349 ) :
" رواه الطبراني و البزار ، و رجال البزار ثقات " .
و أقره الشيخ الأعظمي في تعليقه على " كشف الأستار " و ذلك من أوهامهما ، فإنه
عند البزار من طريق محمد بن أبان القرشي أيضا . و في اعتقادي أن سبب الوهم هو
أنهما ظنا أنه محمد بن أبان بن وزير البلخي و هو ثقة حافظ من شيوخ البخاري ،
و ليس به .
كتبت هذا لما كثر السؤال عنه بمناسبة احتلال اليهود للضفة الغربية من الأردن أو
حزيران الماضي سنة 1967 م ، أخزاهم الله و أذلهم ، و طهر البلاد منهم و من
أعوانهم .

(3/296)


1298 - " أبشر فإن الجالب إلى سوقنا كالمجاهد في سبيل الله ، و المحتكر في سوقنا
كالملحد في كتاب الله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/461 ) :

منكر
رواه الحاكم ( 2/12 ) عن إسماعيل بن أبي أويس : حدثني محمد بن طلحة عن
عبد الرحمن بن طلحة عن عبد الرحمن بن أبي بكر بن المغيرة عن عمه اليسع بن
المغيرة قال :
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل بالسوق يبيع طعاما بسعر هو أرخص من سعر
السوق ، فقال : تبيع في سوقنا بسعر هو أرخص من سعرنا ؟ قال : نعم . قال : صبرا
و احتسابا ؟ قال : نعم . قال : فذكره .
سكت عليه الحاكم ! و قال الذهبي :
" قلت : خبر منكر ، و إسناد مظلم " .
و أعله الحافظ العراقي بقوله في " تخريج الإحياء " ( 4/189 ) :
" و هو مرسل " .
قلت : بل هو معضل ، فإن اليسع هذا يروي عن عطاء بن أبي رباح و ابن سيرين ، ثم
هو مع إرساله قال أبو حاتم فيه :
" ليس بالقوي " .
و قال الحافظ :
" لين الحديث " .
و عبد الرحمن بن أبي بكر بن المغيرة لم أجد من ذكره ، و لعله من أجل ذلك وصف
الذهبي إسناده بأنه مظلم !
و أما محمد بن طلحة عن عبد الرحمن بن طلحة ، ففي الرواة محمد بن طلحة بن
عبد الرحمن بن طلحة التيمي ، فلعله هو و لكن تحرف على بعض النساخ أو الرواة لفظ
( ابن ) إلى ( عن ) . والله أعلم ، و قد قال الذهبي فيه :
" وثق " .
و قال أبو حاتم :
" لا يحتج به " .
ثم رأيت ما يشهد لما قلته من التحريف ، و هو أن الحافظ المزي ذكر في ترجمة محمد
ابن طلحة بن عبد الرحمن بن طلحة أنه روى عنه إسماعيل بن أبي أويس . و هذا
الحديث من روايته عنه كما ترى .

(3/297)


1299 - " إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات .. " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/463 ) :

ضعيف
أخرجه البخاري ( 6478 فتح ) و أحمد ( 2/334 ) و المروزي في " زوائد الزهد " (
4393 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2/67/1 ) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن
دينار ، عن أبيه عن أبي صالح ، عن أبي هريرة مرفوعا به .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و له علتان :
الأولى : سوء حفظ عبد الرحمن هذا مع كونه قد احتج به البخاري ، فقد خالفوه
و تكلموا فيه من قبل حفظه ، و ليس في صدقه .
1 - قال يحيى بن معين : " حدث يحيى القطان عنه ، و في حديثه عندي ضعف " .
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 2/339/936 ) ، و ابن عدي في " الكامل " ( 4/1607
) .
2 - قال عمرو بن علي : لم أسمع عبد الرحمن ( يعني ابن مهدي ) يحدث عنه بشيء قط
.
رواه ابن عدي .
3 - و قال أبو حاتم : " فيه لين ، يكتب حديثه و لا يحتج به " .
رواه ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 2/4/254 ) .
4 - قال ابن حبان في " الضعفاء " ( 2/51 ) :
" كان ممن ينفرد عن أبيه بما لا يتابع عليه مع فحش الخطأ في روايته ، لا يجوز
الاحتجاج بخبره إذا انفرد ، كان يحيى القطان يحدث عنه ، و كان محمد بن إسماعيل
البخاري ممن يحتج به في كتابه و يترك حماد بن سلمة " .
5 - و قال ابن عدي في آخر ترجمته بعد أن ساق له عدة أحاديث : " بعض ما يرويه
منكر لا يتابع عليه ، و هو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء " .
6 - و قال الدارقطني :
" خالف فيه البخاري الناس ، و ليس بمتروك " .
7 - و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" وثق ، و قال ابن معين : في حديثه ضعف " .
و تبنى في " الكاشف " قول أبي حاتم في تليينه .
8 - و لخص هذه الأقوال ابن حجر في " التقريب " فقال : " صدوق يخطىء " .
و لا يخالف هؤلاء قول ابن المديني : " صدوق " . و قول البغوي : " صالح الحديث "
، لأن الصدق لا ينافي سوء الحفظ . و أما قول البغوي فشاذ مخالف لمن تقدم ذكرهم
فهم أكثر و أعلم ، و كأنه لذلك لم يورده الحافظ في ترجمة عبد الرحمن هذا من "
مقدمة الفتح " ( ص 417 ) بل ذكر قول الدارقطني و غيره من الجارحين ، و لم يستطع
أن يرفع من شأنه إلا بقوله :
" و يكفيه رواية يحيى القطان عنه " .
و قد ساق له حديثا ( ص 462 ) مما انتقده الدارقطني على البخاري لزيادة تفرد بها
، فقال الدارقطني :
" لم يقل هذا غير عبد الرحمن ، و غيره أثبت منه و باقي الحديث صحيح " .
و لم يتعقبه الحافظ بشيء بل أقره فراجعه إن شئت .
و بالجملة فضعف هذا الراوي بعد اتفاق أولئك الأئمة عليه أمر لا ينبغي أن يتوقف
فيه باحث ، أو يرتاب فيه منصف .
و إن مما يؤكد ذلك ما يلي :
و الأخرى : مخالفة الإمام مالك إياه في رفعه ، فقال في " موطئه " ( 3/149 ) :
عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان أنه أخبره أن أبا هريرة قال : فذكره
موقوفا عليه و زاد :
" في الجنة " .
فرواية مالك هذه موقوفا مع هذه الزيادة يؤكد أن عبد الرحمن لم يحفظ الحديث فزاد
في إسناده فجعله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، و نقص من متنه ما زاده
فيه جبل الحفظ الإمام مالك رحمه الله تعالى . و ثمة دليل آخر على قلة ضبطه أن
في الحديث زيادة شطر آخر بلفظ :
" و إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم "
.
فقد أخرجه الشيخان من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا به إلا أنه قال :
" .. ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق و المغرب " .
و عند الترمذي و حسنه بلفظ :
" .. لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار " .
و قد خرجت هذه الطريق الصحيحة مع شاهد لها في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " برقم
( 540 ) . ثم خرجت له شاهدا من غير حديث أبي هريرة برقم ( 888 ) .
و بعد فقط أطلت الكلام على هذا الحديث و راويه دفاعا عن السنة و لكي لا يتقول
متقول ، أو يقول قائل من جاهل أو حاسد أو مغرض :
إن الألباني قد طعن في " صحيح البخاري " و ضعف حديثه ، فقد تبين لكل ذي بصيرة
أنني لم أحكم عقلي أو رأيي كما يفعل أهل الأهواء قديما و حديثا ، و إنما تمسكت
بما قاله العلماء في هذا الراوي و ما تقتضيه قواعدهم في هذا العلم الشريف
و مصطلحه من رد حديث الضعيف ، و بخاصة إذا خالف الثقة . والله ولي التوفيق .

(3/298)


1300 - " آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/465 ) :

ضعيف
رواه الترمذي ( 2/326 ) و ابن حبان ( 1041 ) و أبو عمرو الداني في " السنن
الواردة في الفتن " ( 68 - 69 ) عن سلم بن جنادة قال : حدثني أبي عن هشام بن
عروة عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا . و قال الترمذي :
" هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث جنادة عن هشام بن عروة ، قال :
تعجب محمد بن إسماعيل من حديث أبي هريرة هذا " .
و قال المناوي في " فيض القدير " :
" رمز المصنف لضعفه ، و هو كما قال ، فإن الترمذي ذكر في " العلل " أنه سأل عنه
البخاري ؟ فلم يعرفه ، و جعل يتعجب منه ، و قال : كنت أرى أن جنادة هذا مقارب
الحديث انتهى . و قد جزم بضعف جنادة المذكور جمع منهم المزي و غيره " .
قلت : و في " التهذيب " :
" قال أبو زرعة : ضعيف . و قال أبو حاتم : ضعيف الحديث ; ما أقربه من أن يترك
حديثه ، عمد إلى أحاديث موسى بن عقبة فحدث بها عن عبيد الله بن عمر . و ذكره
ابن حبان في " الثقات " . قلت : و قال الساجي : حدث عن هشام بن عروة حديثا
منكرا " .
قلت : و لعله يعني هذا . ثم ذكر أنه وثقه ابن خزيمة أيضا ، و كأن ابن حبان أخذ
توثيقه عنه فإنه شيخه ، و هما متساهلان في التوثيق ، كما هو معلوم عند أهل
العلم و التحقيق ، فتضعيف من ضعفه أولى بالاعتماد منهما .

(3/299)


1301 - " طلب الحلال جهاد ، و إن الله يحب المؤمن المحترف " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/466 ) :

ضعيف
أخرجه محمد بن مخلد في " فوائده " من طريق ابن فضيل عن ليث عن مجاهد عن ابن
عباس مرفوعا .
و كذا رواه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 9/2/89/2 ) و كتب بعض الحفاظ و أظنه
ابن المحب ، كتب على الهامش بجانبه :
" ساقط " .
قلت : و علته ليث و هو ابن أبي سليم ، ضعيف كان اختلط .
و من طريقه أخرج الشطر الأول منه ابن عدي في " الكامل " ( 312/1 ) لكنه جعله من
مسند ابن عمر . و هو رواية لابن مخلد بالشطر الثاني فقط .
و كذلك أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2/128 ) و قال عن أبيه :
" هذا حديث منكر " .
و للشطر هذا طريق أخرى عن ابن عمر أخرجه ابن عدي ( 24/1 ) من طريق أبي الربيع
السمان عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عنه .
و كذلك أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3/193/2 ) و في " الأوسط " ( رقم - 9097
) و الباغندي في " حديث شيبان و غيره " ( 190/1 ) و قال الطبراني :
" لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به أبو الربيع " .
قلت : و اسمه أشعث بن سعيد السمان و هو متروك كما في " التقريب " .
و من هذا التخريج يتبين تقصير الهيثمي بإعلاله الحديث بعاصم فقط ! قال في "
المجمع " ( 4/62 ) :
" رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " و فيه عاصم بن عبيد الله و هو ضعيف
" !
و إن كان لابد من الاقتصار في الإعلال على أحدهما فإعلاله بأبي الربيع أولى
لأنه أضعف الرجلين . و قد ساق الذهبي الحديث في ترجمته في جملة ما أنكر عليه من
الأحاديث .

(3/300)


1302 - " آفة الحديث الكذب ، و آفة العلم النسيان ، و آفة الحلم السفه ، و آفة العبادة
الفترة ، و آفة الظرف الصلف ، و آفة الشجاعة البغي ، و آفة السماحة المن ،
و آفة الجمال الخيلاء " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/467 ) :

موضوع
رواه الطبراني في " الكبير " ( 2688 ) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( 8/2 ) عن
محمد بن عبد الله أبو رجاء الحبطي عن أبي إسحاق عن الحارث أن عليا رضي الله
عنه قال : فذكره مرفوعا .
ثم رواه هو و أبو بكر الأبهري في " الفوائد المنتقاة " ( ق 136/2 - 138/2 ) عن
حماد بن عمرو النصيبي أبي إسماعيل عن السري بن خالد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
جده علي به و زاد :
" و آفة الظرف الصلف ، و آفة الجود السرف ، و آفة الدين الهوى " .
قلت : و كتب أحد المحدثين - و أظنه ابن المحب - على الهامش أنه حديث موضوع .
قلت : و ذلك لظهور الصنع و الوضع في متنه ، و آفته الحارث ; و هو الأعور
الهمداني ضعيف متهم .
و في الطريق الأخرى النصيبي و هو وضاع . و السري بن خالد مجهول .
و أخرجه الديلمي في " مسنده " ( 1/1/77 ) من طريق ابن لال عن محمد بن بكير
الحضرمي حدثنا الحسن بن عبد الحميد الكوفي عن أبيه عن جعفر بن محمد به .
و الحسن هذا متهم ، قال الذهبي :
" لا يدرى من هو ، روى عنه محمد بن بكير حديثا موضوعا في ذكر علي عليه السلام "
.
و كذا في " اللسان " .
و الحديث من أحاديث " الجامع الصغير " الموضوعة و ما أكثرها فيه ، فكن على ذكر
منها و حذر .

(3/301)


1303 - " آفة العلم النسيان ، و إضاعته أن تحدث به غير أهله " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/468 ) :

ضعيف
رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " ( 222/1 ) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و رواه أبو الحسين الأبنوسي في " الفوائد " ( 24/2 ) عن علي بن الحسين قال :
حدثنا أبو داود عن الأعمش قال : كان يقال : فذكره و لم يرفعه .
قلت : و الوقف أصح ، و المرفوع ضعيف معضل .

(3/302)


1304 - " آل محمد كل تقي " .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/468 ) :

ضعيف جدا
و هو من حديث أنس ، و له عنه ثلاث طرق :
الأولى : عن نافع أبي هرمز قال : سمعت أنس بن مالك قال : قيل : يا رسول الله من
آل محمد ؟ قال : كل تقي .
أخرجه أبو بكر الشافعي في " الرباعيات " ( 2/19/2 ) و أبو الشيخ في " عواليه "
( 2/34/1 ) و تمام في " الفوائد " ( 239/2 ) و أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح
المعاني " ( 149/1 ) و كذا العقيلي في " الضعفاء " ( 435 ) و قال :
" لا يتابع عليه - يعني أبا هرمز - الغالب على حديثه الوهم " .
قلت : قال الذهبي في " الميزان " :
" ضعفه أحمد و جماعة ، و كذبه ابن معين مرة ، و قال أبو حاتم : متروك ذاهب
الحديث ، و قال النسائي : ليس بثقة " .
ثم ساق له هذا الحديث .
الثانية : قال أبو بكر الشافعي : حدثنا محمد بن سليمان : حدثنا أبو نعيم :
حدثنا مصعب بن سليم الزهري قال : سمعت أنس بن مالك به .
قلت : و هذا إسناد واه جدا ، رجاله ثقات ، رجال مسلم غير محمد بن سليمان هذا
و هو ابن هشام أبو جعفر الخزاز المعروف بابن بنت مطر الوراق ، و هو متهم .
قال الذهبي : " ضعفوه بمرة . قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال . و قال
ابن عدي : يوصل الحديث و يسرق " . ثم ساق له أحاديث من أكاذيبه !
الثالثة : عن نعيم بن حماد : حدثنا نوح بن أبي مريم عن يحيى بن سعيد الأنصاري
عن أنس بن مالك به و زاد : " إن أولياؤه إلا المتقون " .
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 63 ) و قال : " تفرد به نعيم " .
قلت : و هو ضعيف . لكن شيخه نوح بن أبي مريم كذاب فهو آفته . لكن تابعه محمد بن
مزاحم : حدثنا النضر بن محمد الشيباني عن يحيى بن سعيد به .
أخرجه الديلمي في " مسنده " ( 1/1/75 ) و سكت عنه الحافظ في مختصره ، و محمد بن
مزاحم و هو أخو الضحاك بن مزاحم ; متروك الحديث كما قال أبو حاتم ، و شيخه
النضر بن محمد الشيباني لم أعرفه .
و جملة القول أن الحديث ضعيف جدا ، لشدة ضعف رواته و تجرده من شاهد يعتبر به .

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. رائع

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. =============== . ...