روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

ب ميك

المدون

 

الأحد، 5 يونيو 2022

المجلد الرابع عشر 314. و414. الكتاب : المجلد الرابع عشر من السلسلة الضعيفة للالباني

 

314.

الكتاب : المجلد الرابع عشر

@@ 814
"وعن عمران بن حصين... "، وقال في تخريجه:
" رواه أبو الشيخ في " كتاب الثواب "، والبيهقي، كلاهما من رواية الحسن
عن عمران، وفي اسناده إبراهيم بن الأشعث خادم الفضيل، وفيه كلام قريب "!
قلت: يشير إلى كلام ابن حبان المتقدم، وأما كلام أبي حاتم الذي أشار اليه
العراقي وابن الجوزي فنصه - كما في " المغني " -:
" كنا نظن به الخير، فقد جاء بمثل هذا الحديث، وذكر حديثاً واهياً".
6855 - (مَنْ أَكَلَ طَيِّبًا وَعَمِلَ فِي سُنَّةٍ وَأَمِنَ النَّاسُ بَوَائِقَهُ دَخَلَ
الْجَنَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ فِي النَّاسِ لَكَثِيرٌ ؟ قَالَ:
وَسَيَكُونُ فِي قُرُونٍ بَعْدِي).

منكر.
أخرجه هناد في " الزهد " (36 1 1)، والترمذي (2522)، والحاكم
(4/ 104)، والطبراني في " المعجم الأوسط " (3544)، ومن طريقه المزي في
" التهذيب " (33/ 77 - 78)، وهبة الله اللالكائي في " أصول السنة " (1/
53/ 9) من طريق إسرائيل عن هلال بن مقلاص الصيرفي عن أبر بشر عن أبي
وائل عن أبي سعيد الخدري.... مرفوعاً. وقال الطبراني:
" لا يروى الا بهذا الإسناد، تفرد به إسرائيل ".

وذكر الترمذي نحوه عن البخاري، وأنه لم يعرف اسم (أبي بشر)، وقال
الترمذي مضعفاً:
"حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ".

(14/814)


ًً@@@ 815
قلت: وعلته (أبو بشر) هذا: قال الحافظ في " التقريب ":
"مجهول ". وقال الذهبي في " الكاشف ":
"لايعرف" .
ثم نسي هذا ؛ فوافق الحاكم على قوله: " صحيح الإسناد"!

وأورده ابن الجوزي في " العلل " (2/ 263/ 252 1) معلقاً على أحمد بن
حنبل بالسند المذكور عن أبي سعيد، وقال:
"قال أحمد: ما سمعت بأنكر من هذا الحديث، لا أعرت... أبا بشر.
وأنكر الحديث إنكاراً شديداً ".
قلت: وهذا القول من الفوائد التي خقت منها كتب التراجم، فحفظه لنا ابن
الجوزي. جزاه الله خيراً.

والحديث رواه ابن أبي الدنيا في " الصمت " (43/ 26) من طريق إسرائيل
بلفظ:

"من كسب طيباً ..." والباقي مثله ؛ دون قوله: " فقال رجل ..." إلخ.

وقد وقفت له على طريق آخر يرويه محمد بن يزيد بن سنان: ثنا يزيد
ابن سنان قال: قال عطاء: حدثني أبو سعيد الخدري به ، دون جملة السنة.
أخرجه أبو بكر الذكواني في " اثنا عثر مجلساً".
قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضاً ؛ مسلسل بالعلل ؛ محمد بن يزيد بن سنان

(14/815)


@@@ 816
وأبوه: ضعيفان، قال أبو حاتم في الابن محمد:
" ليس بشيء، هو أشد غفلة من أبيه، مع أنه كان رجلاً صالحاً، لم يكن من
أحلاس الحديث ". وقال أبو داود عن الولد والوالد:
" ليس بشيء". ووثقه ابن حبان وغيره.

والظاهر أن والده أسوأ ؛ فقد قال فيه النسائي:
" متروك الحديث ". وقال مرة:
" ليس بثقة ". وقد اتفقوا على تضعيفه، ولم يوثقه أحد.

ثم إن قوله: " قال عطاء،: صيغة تعليق، فكأنه لم يسمعه منه، ويؤيده أن
الحافظ المزي لم يذكر (عطاء) في شيوخه، وإنما قال - وهو يسرد أسماء من يروي
عنهم -:
" وابن لعطاء بن أبي رباح ".
وقد ذكروا في ترجمة (عطاء) أنه روى عنه (يعقوب بن عطاء)، وهو
ضعيف - كما في " التقريب " وغيره -.

(تنبيه): رأيت أن الترمذي لم يزد في الحكم على الحديث على قوله:
" غريب " ؛ وهو يعني: أنه ضعيف. وقد عزا إليه المنذري في " الترغيب " (3/
12/ 4) أنه قال:
"حديث حسن صحيح غريب "!

(14/816)


@@@ 817
وهذا خطأ، لا أدري أهو منه أم من الناسخين ؛ فإنه مخالف لنسخة " تحفة
الأحوذي " (3/ 322) وغيرها، ولكل الذين نقلوا عن الترمذي استغرابه فقط ؛
كالمزي في " تحفة الأشراف " (3/ 363/ 72 0 4)، والتبريزي في " المشكاة "
(178)، والسيوطي في " الجامع الكبير" (2/ 755) وغيرهم.

8656 - ( لا يعجبنك رحب الذراعين يسفك الدماء فإن له عند الله قاتلا لا يموت.
ولا يعجبنك امرؤ كسب مالا من حرام فإنه إن أنفقه أو تصدق به
لم يقبل منه وإن تركه لم يبارك له فيه وإن بقي منه شيء كان زاده
إلى النار).
ضعيف جداً. أخرجه الطيالسي في " مسنده " (40/ 310)، ومن طريقه
البيهقي في " شعب الإيمان " (4/ 396/ 5525)، والطبراني في " المعجم
الكبير " (10/ 131/ 10111) من طريق النضربن حميد أبي الجارود عن
أبي الأحوص عن عبد الله مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ النضر هذا ترجمه ابن أبي حاتم باسمه
وكنيته هذه، وروى عن أبيه أنه قال:
" متروك الحديث ". وقال البخاري - كما في " ضعفاء " العقيلي وغيره -:
" منكر الحديث ".

(تنبيه): تحرف اسم (حميد) - والد (النضر) في " المسند " - إلى: (معبد)،
وفي " الشعب " إلى: (شميل)، ووقع فيهما: (عن الجارود) مكان: (أبي

(14/817)


@@@ 818
الجارود)، وهو موافق لما في " ضعفاء " العقيلي و " الميزان " في ترجمة (النضر بن
حميد - زاد في " الميزان ": - أبو الجارود):
" روى عن ثابت وأبي الجارود ". وذكره في " الجرح " ؛ لكنه قال:
(أبي اسحاق).. مكان: (أبي الجارود).

ولعله الصواب ؛ أعني أن (أبو الجارود) كنية (النضر بن حميد).. وليس
شيخه في هذا الحديث، وهكذا على الصواب وقع في " معجم الطبراني "،
وكذلك ذكره المزي في الرواة عن (أبي الأحوص عوف بن مالك الأشجعي).

ومن الغريب أن مؤلفي (الكنى) لم يذكروا (النضر) هذا فيمن يكنى بكنيته
هذه، حتى ولا الذهبي في كتابه الجامع والمختصر: " المقتنى في سرد الكنى ".
والله أعلم.

وقد ذكرت آنفاً أنه تحرف اسم (حميد) - والد النضر هذا - الى: (معبد) في
" مسند الطيالسي " ؛ فغفل عن هذا الشيخ الأعظمي في حاشيته على " المطالب
العالية " - وقد عزاه الحافظ إليه - ؛ فقال الشيخ (1/ 280):
" في اسناده النضر بن معبد: ليّن الحديث. وقال البوصيري: رواه ابن أبي
شيبة وأحمد والبزار كلهم من طريق الصباح بن محمد الأحمسي... "!

وفي هذا التخريج غفلة أخرى له ؛ فإن الصباح هذا لا وجود له في إسناد
حديث (عبد الله) هذا - وهو: ابن مسعود -، وإنما هو في حديث أخر عنه ليس
فيه الجملة الأولى منه. وهو مخرج في " غاية المرام " (29 - 30/ 19).

(14/818)


@@@ 819
6857 - (من قضى لأحد من أمتي حاجة يريد أن يسره بها، فقد
سرني، ومن سرني ؛ فقد سر الله، ومن سر الله ؛ أدخلة الله الجنة).
موضوع.
أخرجه البيهقي في " شعب الايمان " (6/ 115/ 7653) من
طريق أحمد بن علي بن الأفطح: نا يحيى بن زهدم بن الحارث: حدثني أبي عن
أنس بن مالك مرفوعاً. وقال:
"سرور الله تعالى حسن قبوله لطاعة عبده وارتضاؤه إياها"!

قلت: هذا تأويل، والتأويل فرع التصحيح، وأنى له الصحة؟!

ويحيى بن زهدم: قال فيه ابن حبان (3/ 4 11):
" روى عنه أحمد بن علي بن الأفطح، والمصريون عنه عن أبيه عن العرس بن
عميرة.. نسخة موضوعة، لا يحل كتابتها إلا على جهة التعجب ".

ووافقه الذهبي في " المغني " ؛ لكنه قال في " الميزان ":
" (أحمد بن علي بن الأفطح): عن يحيى بن زهدم بطامات. قال ابن
عدي: لا أدري البلاء منه أو من شيخه ؟".

وأما ابن حبان فوثق ابن الأفطح هذا ؛ فقال في " الثقات ":
" يروي عن يحيى بن زهدم عن أبيه عن العرس بن عميرة بنسخة مقلوبة،
البلية فيها من (يحيى بن زهدم)، وأما هو في نفسه - إذا حدث عن الثقات -
فصدوق... ".

(14/819)


@@@ 820
6858 - (من آقال نادماً ؛ أقال الله نفسه يوم القبامة).
منكر بذكر: (نفسه).
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (6/ 180) من
طريق محمد بن الحارث: ثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن
ابن عمر مرفوعاً. وقال - بعد أن ساق له أحاديث أخرى -:
" وهذه الأحاديث وغيرها مما يرويه ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر وابن
عباس ؛ فالبلاء فيه من ابن البيلماني، وإذا روى عن ابن البيلماني محمد بن
الحارث ؛ فجميعاً ضعيفان، والضعف على حديثهما بيّن ".

قلت: وتقدم لهما بعض الأحاديث الموضوعة ؛ فانظر مثلاً رقم (54، 820).
وأخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (2/ 56/ 2468) عن معمر عن يحيى
ابن أبي كثير قال: قال رصول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

وهذا معضل، وقول السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 753): " مرسل "...
ليس بدقيق ؛ لأن يحيى لا يروي عن الصحابة.

وقد وصله الحسن بن عبد الأعلى الصنعاني البوسي: ثنا عبد الرزاق عن
معمر عن محمد بن واسع عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً به.

أخرجه البيهقي في " السنن " (6/ 27).
و (البوسي): نسبة إلى: (بوس ).. قرية بـ (صنعاء اليمن). وقد أورده
السمعاني في هذه المادة من " الأ نساب "، وأحال في ترجمته إلى مادة (الأبناوي)،
وذكر (1/ 77) أن منها (أبو محمد عبد الأعلى بن محمد بن الحسن بن
عبد الأعلى ابن إبراهيم بن عبد الله الأبناوي) من أهل (صنعاء اليمن)، يروي

(14/820)


@@@ 821
عن عبد الرزاق ابن همام، وهو من أقران الدبري، روى عنه ابنه أبو بكر محمد بن
عبد الأعلى الأبناوي.

ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولا رأيته في شيء من كتب الرجال ؛ فهو
مجهول، والمحفوظ بالإسناد الصحيح عن أبي صالح ليس فيه ذكر النفس - كما
يأتي -.

والحديث عزاه المنذري في " الترغيب " (3/ 20/ 1) تحت حديث أبي
هريرة مرفوعاً:
"من أقال مسلماً بيعته (وفي رواية: عثرته) ؛ أقال الله عثرته يوم القيامة".

وفي رواية لأبي داود في " المراسيل " ..." فذكر حديث الترجمة.

ولم أجده في مطبوعة " المراسيل "، وقد قلبت أوراقه.. ووقة ووقة، بعدما
أستعنت عليه بفهارسه، فلا أدري ؛ أفي المطبوعة خرم، أم هو سهو من المنذري
رحمه الله تعالى ؟

والمحفوظ في الحديث ما ذكرته عن المنذري بلفظ:
"بيعته " و: " عثرته ".. مكان: " نفسه ". وهو مخرج في " إرواء الغليل " (5/
82 1/ 334 1). وله شاهد من حديث أبي شريح، وهو مخرج في " الصحيحة "
(2614).

6859 - (إنما الحلف حنث أو ندامة).
منكر.
أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/ 2/ 28 1 - 29 1)، وابن ماجه

(14/821)


@@@ 822
(2103)، وابن حبان في " صحيحه " (1175 - الموارد)، والحاكم (4/ 303)،
والبيهقي في " السنن " (10/ 30)، وابن أبي شيبة في " المصنف " (7/ 22/
2242)، ومن طريقه أبو يعلى في " مسنده " (0 1/ 62/ 5697)، والطبراني
في " المعجم الأوسط " (9/ 195/ 8420) و " الصغير " (224 - هند) ؛ كلهم
من طريق بشار بن كدام عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر
مرفوعاً. وقال الطبراني:
" لا نحفظ لبشار حديثاً مسنداً ؛ غير هذا ".

قلت: وهو ضعيف ؛ كما قال أبو زرعة، وتبعه الذهبي والعسقلاني. وشذ ابن
حبان ؛ فذكره في " الثقات " (6/ 113)، والحاكم - مع تساهله المعروف - أعله
بالوقف، فقال عقبه:
"وهذا الكلام صحيح من قول ابن عمر" (1).

ثم ساقه من طريق أبي ضمرة عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن
عمر بن الخطاب عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
" إنما اليمين مأثمة أو مندمة ".

وأبو ضمرة - اسمه: (أنس بن عياض)، وهو -: ثقة من رجال الشيخين،
وقد خولف في قوله: (ابن عمر) ؛ فقال البخاري عقب الحديث المرفوع:
قال لنا أحمد بن يونس: حدثنا عاصم بن محمد بن زيد به، إلا أنه قال: قال
__________
(1) كذا هو في " المستدرك ". ووهم المعلق على " الإحسان " (10/ 198) فسقط من قلمه
لفظ: (ابن).

(14/822)


@@@ 823
عمر بن الخطاب... فذكره موقوفاً منقطعاً، وقال عقبه:
" وحديث عمر أولى بإرساله ".

يعني: انقطاعه بين محمد بن زيد وجده الأعلى (عمر بن الخطاب) ؛ فإنهم
لم يذكروا له رواية إلا عن جده الأدنى (عبد الله بن عمر) وأمثاله من صغار
الصحابة.

وهذا الإعلال رواه البيهقي عن البخاري وأقره، ونقله عن البيهقي البوصيري
في " مصباح الزجاجة " (2/ 134) وأ قره.

ومما سبق يتبين تساهل المنذري في تصديره الحديث في " التركيب " (3/
29/ 7 و 4/ 48/ 19) بقوله:
" وعن ابن عمر... "، وعزوه إياه لابن ماجه وابن حبان في " صحيحه "!
وسكوته عن علته ؛ وهي: الضعف والمخالفة.

وإن من تخاليط الثلاثة المعلقين عليه قولهم (2/ 573):
"... وفيه بشار بن كدام ضعيف. ومحمد بن زيد لم يدرك عمر بن الخطاب،
ولا سمح منه "!

فخلطوا الموقوف بالمرفوع، وأعلوا هذا بالانقطاع، وأنه عن (عمر)، كأنما هو عن
(ابن عمر)!! وهو متصل ولا علة في إسناده إلا ضعف بشار، مع مخالفته للثقات
الذين أوقفوه!

(14/823)


@@@ 824
6860 - (فما ينفعكم أن أصلي على رجل روحه مرتهن في قبره لا
يصعد روحه إلى السماء ، فلو ضمن رجل دينه قمت ، فصليت عليه ،
فإن صلاتي تنفعه).

ضعيف جداً.
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (3/ 393)، و الطبراني في
" المعجم الأوسط " (6/ 121/ 5249) - والسياق له - من طريق أبي الوليد
الطيالسي قال: حدثنا عيسى بن صدقة قال: حدثني عبد الجميد بن أبي أمية
قال:
كنا عند أنس بن مالك فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - وأتي برجل يصلّي
عليه - فقال:
" هل على صاحبكم دين؟ ". قالوا: نعم. قال:... فذكره. وقال
الطبراني:
" لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به عيسى بن صدقة ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ وله علتان:
الأولى: عيسى بن صدقة: ذكره ابن أبي حاتم، وقال:
" ويقال: (صدقة بن عيسى) أبو محرز، والصحيح الأول، سمع أنس بن
مالك، وبعضهم يدخل بينه وبين أنس (عبد الحميد بن أبي أمية) ".
ثم ذكر عن أبي الوليد أنه قال فيه:
" ضعيف،. وعن أبيه أنه قال:

(14/824)


@@@ 825
"شيخ يكتب حديثه ". وفي " الميزان ":
" وقال الدارقطني: متروك ". وقال ابن حبان في ل" الضعفاء " (2/ 119):
" كنيته أبو محرز، يروي عن حميد، وعبد الحميد عن أنس، منكر الحديث
جداً... لا يجوز الاحتجاج بما يرويه لغلبة المناكير عليه ".

وأما ابن عدي فلم يتبين له حاله ؛ فقال في " الكامل " (5/ 256):
" ليس له من الحديث إلا الشيء اليسير، ولا يتبين صدقه من كذبه ؛ لقلة
حديثه ".

والأخرى: (عبد الحميد بن أبي أمية): كذا وقع في إسناد الحديث وفي
ترجمة (عيسى) المتقدمة عن ابن أبي حاتم، وقد سقطت أداة الكنية من " الميزان "،
فجاء فيه:
"عبد الحميد بن أمية: عن أنه رضي الله عنه. قال الدارقطني: لا شيء" (1).
وكذلك سقطت من " المجمع " فقال (3/ 40):
" رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عبد الحميد بن أمية، وهو ضعيف ".

وعلى الصواب وقع في " مجمع البحرين " (2/ 6 1 4/ 279 1). لكن المعلق
أسقطها تبعاً لـ " الميزان " ومما لا شك فيه أن ما في الإسناد أصح ؛ لموافقته لما في
" ابن أبي حاتم " وهو في غاية التحقيق - كما لا يخفى على الباحثين -.
لكن الغريب أن ابن أبي حاتم لم يترجم له. والله أعلم.
__________
(1) وكذا في " سؤالات البرقاني للدارقطني " (47/ 323).

(14/825)


@@@ 826
وقد أسقطه بعضهم من البين، فقال أبو يعلى (7/ 239/ 4244): حدثنا
سعيد بن الأشعث: أخبرني عيسى بن صدقة بن عباد اليشكري قال:
دخلت مع أبي على أنس بن مالك فقلنا له: حدثنا حديثاً ينفعنا الله به،
فسمعته يقول:
من استطاع منكم أن يموت ولا دَين عليه ؛ فليفعل، فإني رأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم
وأتي بجنازة رجل وعليه دَين، فقال:
" لا أصلي عليه حتى تضمنوا دينه ؛ فإن صلاتي تنفعه ". فلم يضمنوا دينه،
ولم يصل عليه، وقال:
" إنه مرتهن في قبره ".
وأخرجه العقيلي أيضاً، قال: حدثنا أحمد بن داود: حدثنا شعيب بن
أشعث به.

ثم ساقه من طرق أخرى عن صدقة بن عيسى، وبعضهم قال: عيسى بن
عباد بن صدقة عن أنس. ولم يسق لفظه، وقال:
" وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه، وبخلاف هذا اللفظ من جهة
تثبت"(1).
قلت: و (سعيد بن الأشعث) - هو: ابن سعيد السمان -: صدوق - كما قال
__________
(1) قلت: فيه أحاديث صحيحة حول قوله صلى الله عليه وسلم: " صلوا على صاحبكم "، وفي بعضها أنه
صلى على الميت بعد أن تعهد أبو قتادة بالقضاء عنه، وهي مخرجة في " أحكام الجنائز " (ص 27 و0 11 - 112).

(14/826)


@@@ 827
أبو حاتم، وروى عنه أبو زرعة -. فهذا الاختلاف في إسناده من (عيسى بن صدقة) ؛
فتارة يذكر بينه وبين أنس: (عبد الحميد بن أبي أمية)، وتارة يسقطه، وذلك مما
يؤكد ضعفه. والله أعلم.

وأما قول الهيثمي (3/ 39):
" رواه أبو يعلى، وعيسى: وثقه أبو حاتم، وضعفه غيره".
فهو من أوهامه ؛ لأن أبا حاتم إنما قال فيه - كما تقدم -:
" شيخ يكتب حديثه".

وهذا منه تضعيف له - كما هو ظاهر العبارة - ؛ بل قد فسره ابنه في أول كتاب
" الجرح " (1/ 37) بأنه يكتب حديثه، وينظر فيه اعتباراً. وقد صرح الذهبي
في " الميزان " بأن قوله: " يكتب حديثه " ؛ أي: ( ليس بحجة).

وأنما قول الطبراني المتقدم: " لا تفرد به عيسى بن صدقة "، فهو فيما أحاط به
علمه، والا ؛ فقد قال أبو يعلى (6/ 93 1/ 3477): حدثنا عمار: حدثنا
يوسف: حدثنا ثابت عن أنس به مختصراً، وفيه:
" إن جبريل نهاني أن أصلي على رجل عليه دين. وقال: إن صاحب الدَين
مرتهن في قبره حتى يقضى عنه دينه ". فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه.
قلت: وهذا ضعيف جداً، رجاله ثقات ؛ غير يوسف - وهو: ابن عطية ؛ كما
في حديث قبله (3475)، وهو أبو سهل البصري الصفار -: متروك. ولم يعرفه
الهيثمي فقال (3/ 40):

(14/827)


@@@ 828
" رواه أبو يعلى، وفيه من لم أعرفه ".
وقلده الثلاثة المعلقون على " الترغيب " (2/ 592).
وبيض له المعلق على " المقصد العلي " (1/ 7 0 3/ 697)، وسقط من متنه
قوله في آخره:
فأبى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلي عليه.
والظاهر أنه من مؤلفه الهيثمي ؛ فإنه كذلك سقط من " المجمع "، وهو في ذلك
تابع للمنذري في " الترغيب " (3/ 38/ 29)!

6861 - (من كن له ثلاث بنات، فصبر على لأوائهن وضرائهن ؛
أدخله الله الجنة برحمته إياهن.
فقال رجل: وابنتان يا رسول الله!؟ قال: وابنتان.
قال رجل: يارسول الله! وواحدة ؟ قال:
وواحدة!).

منكر جداً بزيادة: (وواحدة).
أخرجه الحاكم (4/ 176) من طريق
محمد بن عشان القزاز: ثنا حماد بن مسعدة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن
عمر بن نبهان عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً. وقال:
" صحيح الإسناد "! وأقره الذهبي، ومن قبله المنذري (3/ 85/ 11)!
قلت: وهذا من العجائب ؛ فإنه مسلسل بالعلل:

(14/828)


@@@ 829
الأولى: عمر بن نبهان: مجهول عند البخاري وأبي حاتم، والذهبي نفسه،
والعسقلاني.
الثانية: عنعنة ابن جريج وأبي الزبير.
الثالثة: محمد بن سنان القزاز: كذبه أبو داود وابن خراش - كما ذكر ذلك
الذهبي نفسه في " الميزان " و" المغني " -.
لكنه قد توبع ؛ فقال أحمد (2/ 335): ثنا حماد بن مسعدة به.

لكن وقع فيه: (عمر بن شهاب).. وهو تحريف، وانظر إن شئت " أطراف
المسند " (7/ 428/ 164).

ثم رأيته على الصواب في موضع آخر منه (6/ 396) ؛ لكن قال: " عن أبي
ثعلبة"! وفي آخره زيادة ذكرها المنذري (3/ 91/ 14)، وكذلك هي عند
الطبراني (22/ 384).
وقال ابن أبي شيبة في " المصنف " (8/ 364/ 5492) - وعنه الطبراني
(22/ 383 - 384) -: مصعب بن المقدام قال: حدثنا مندل عن ابن
جريج به.
الرابعة: الاضطراب في متنه وإسناده ؛ فقال محمد بن عبد الله الأنصاري عن
ابن جريج... به إلى قوله: " الجنة " ؛، دون ما بعده.

أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/ 05 4/ 8678) من طريقين عنه،
أحدهما محمد بن يونس، وزاد ما بعده.

(14/829)


@@@ 830
لكن محمد بن يونس هذا - هو: (الكديمي)، و -: كان يضع الحديث على
الثقات ؛ كما قال ابن حبان وغيره.

وقال البخاري في " التاريخ " (3/ 2/ 201): قال سعيد بن يحيى: حدثنا
أبي: حدثنا ابن جريج: أخ (1) أبو الزبير عن عمر بن نبهان عن أبي ثعلبة
الأشجعي رضي الله عنه:
قلت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مات لي ولدان ؟ فقال:
"من مات له ولدان في الإسلام ؛ أدخله الله الجنة".

قال ابن أبي حاتم (3/ 138/ 755) عن أبيه:
" لا أعرف عمر بن نبهان، ولا أعرف أبا ثعلبة ".

أقول: فيبدو مما تقدم أن آفة هذا الحديث من (عمر بن نبهان)، والاضطراب
المذكور منه. والله أعلم.

وهو إلى ذلك منكر جداً ؛ لمخالفته للأحاديث الأخرى بنحوه، وليس فيها رفع:
" وواحدة ". وانما في بعضها:
حتى ظننا أن إنساناً لو قال: (وواحدة) ؛ لقال: " وواحدة ". وقد خرجت
بعضها في " الصحيحة " (1027).
ثم رأيت للحديث طريقاً أخرى لايفرح بها ؛ فقال الحسن بن جبلة الشيرازي:
حدثنا عبيد بن عمرو الحنفي عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي
هريرة به.
__________
(1) كذا الأصل، والظاهر أنه اختصار (أخبر).

(14/830)


@@@ 831
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (7/ 112 - 113/ 6195)، وقال:
"لم يروه عن أيوب إلا عبيد بن عمرو، تفرد به الحسن بن جبلة".

قلت: وهو غير معروف، لم أجد له ذكراً فيما عندي من كتب التراجم، ولا
في " ثقات ابن حبان "!

وشيخه عبيد بن عمرو الحنفي: معروف ؛ ولكن بالضعف ؛ فقد ذكره ابن
عدي بهذه النسبة في " الكامل "، وساق له حديثين منكرين (5/ 348 - 349)،
أحدهما: منكر الإسناد، والآخر: منكر المتن ولفظه:
" رأس العقل بعد الإيمان مداراة الناس ". وقد مضى برقم (3631). وقال
الدارقطني:
"ضعيف". وأما ابن حبان فوثقه (8/ 429)!

والظاهر أن الهيثمي لم يعرفه ؛ فإنه قال في " المجمع " (8/ 158):
" رواه الطبراني في "الأوسط "، وفيه من لم أعرفهم".

فأقول: كلهم معروفون إلا من ذكرت، ومن فوقه - غير شيخه الحنفي - ؛
فإنهم ؛ أشهر من أن يذكروا، وإلا شيخ الطبراني الذي له أذكره وهو: (محمد بن
حنيفة الحنفي) ؛ فإن فيه ضعفاً. قال الدارقطني:
" ليس بالقوي ".
وقد فاته عزوه الطريق الأولى عند أحمد ؛ فلم يعزه إليه، ولم يسق

(14/831)


@@@ 832
لفظه، وتبعه السيوطي في " الجامع الكبير " (2/ 829) ؛ فقد ساقه برواية
الحاكم فقط.

6862 - (من كن له ابنتان أو أختان أو عمتان أو خالتان
فعالهن ، فتحت له الثمانية أبواب الجنة ، يا عباد الله! أغيثوه ، يا عباد الله!
أعطوه ، يا عباد الله أقرضوه )

منكر جداً.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (8/ 256/ 7514)
من طريق إبراهيم بن سليم بن رشيد قال : حدثنا عمر بن حبيب القاضي قال: حدثنا
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. وقال:
" لم يروه عن هشام بن عروة إلا عمر بن حبيب، تفرد به ابراهيم بن سليم".
قلت: ذكره المزي في الرواة عن (عمر بن حبيب العدوي البصري القاضي)،
الا أنه وقع فيه: (سلم).. مكان: (سليم). ولم أجد له ترجمة.

لكن الآفة من شيخه (عمر بن حبيب البصري)، وهو غير (عمر بن حبيب
المكي القاضي اليمني).. هذا ثقة حافظ، وذاك ضعيف - كما قال ابن حبان في
" الثقات " (7/ 173) - ؛ بل هو أسوأ من ذلك، فقد قال ابن معين:
" كان يكذب ". وقال البخاري في " التاريخ " (3/ 2/ 148):
" يتكلمون فيه ". وقال ابن حبان في " الضعفاء " (2/ 89):
" كان ممن ينفرد بالمقلوبات عن الأثبات، حتى إذا سمعها المبتدئ في هذه
الصناعة ؛ شهد أنها معمولة ".

(14/832)


@@@ 833
قلت: وهذا الحديث أيضاً - كالذي قبله - مما فات الهيثمي ؛ فلم يورده مطلقاً
في "المجمع "، وإنما أورد فيه (8/ 157 - 158) حديث أبي المحبر(1) من رواية
الطبراني في " المعجم الكبير "، أخرجه (22/ 385/ 959) من طريق يحيى
ابن عبد الحميد الحماني: ثنا مبارك بن سعيد - أخو سفيان بن سعيد الثوري -
قال: ثنا خليد الثوري عن أبي المجبرمرفوعاً بلفظ:
" من عال ابنتين أو أختين، أو خالتين، أو عمتين، أو جدتين ؛ فهو معي
في الجنة كهاتين - وضم رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعه السبابة والتي إلى جنبها -، فإن كن
ثلاثاً ؛ فهو مفرح، وإن كن أربعاً أو خمساً ؛ فيا عباد الله! أدركوه، أقرضوه أقرضوه،
ضاربوه ضاربوه ". وأعله الهيثمي بقوله:
"... وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني، وهو ضعيف " (2).

قلت: و (خليد الثوري) أورده البخاري في " التاريخ " (2/ 1/ 98 1/ 671)،
وابن أبي حاتم (2/ 1/ 383/ 753 1)، وابن حبان في " الثقات " (4/ 0 1 2)
من رواية نُسير بن ذعلوق عنه. فليضم إليه مبارك بن سعيد هذا.

وروي الحديث مختصراً جداً ؛ فقال بقية بن الوليد: عن أبي سنان عن أبي
محمد العمي رفعه قال:
" يسأل عن الرجل له ابنة ؟ قال: "مثقل ". قال: الرجل له ابنتان؟ قال:
" كالدابة الدالجة ". قيل: فالرجل له ثلاث بنات؟ قال: "يا عباد الله! أغيثوا
أخاكم ".
__________
(1) كذا في " المجمع ".. بالحاء المهملة، وفي " الطبراني ": بالجيم. وقال الذهبي في " المشتبه ":
" اختلف فيه هل هو بجيم أو بمهملة ". ونحوه في " الإصابة ".
(2) قلت: رواه الحماني هذا في " مسنده " - كما في " الإصابة " -.

(14/833)


@@@ 834
هكذا أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب العيال " (1/ 240/ 94).
قلت: وهذا إسناد مرسل مظلم ؛ لم أعرف منه غير بقية، وهو مدلس كثير
الرواية عن الجهولين، والظاهر أن أبا سنان هذا منهم دلس اسمه تعمية له!

6863 - (أيها الناس! من أبغضنا أهل البيت، حشره الله يوم القيامة
يهودياً. فقلت : يا رسول الله! وإن صام وصلى ؟ قال : وإن صام وصلى ،
وزعم أنه مسلم ، أيها الناس ، احتجر بذلك من سفك دمه ، وأن يؤدي الجزية عن يد
وهم صاغرون.
مثل لي أمتي في الطين ، فمر بي أصحاب الرايات ، فاستغفرت
لعلي وشيعته) (*).

منكر جداً. بل موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (5/ 13 -
14/ 4014): حدثنا علي بن سعيد الرازي قال: حدثنا حرب بن حسن
الطحان قال: حدثنا حنان بن سدير الصيرفي قال: حدثنا شريف المكي قال:
حدثنا محمد بن علي بن الحسين - وما رأيت محمدياً قط يعدله - قال: حدثنا
جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته وهو يقول:
فذكره. وقال:
" لم يروه عن جابر إلا أبو جعفر، ولا عن أبي جعفر إلا شريف، ولا عن
شريف إلا حنان بن سدير".
قلت: حنان هذا: ترجمه ابن أبي حاتم في كتابه (1/ 2/ 299) برواية
__________
(*) كتب الشيخ رحمه الله بخطه فوق هذا المتن: " مضى برقم (4919)". (الناشر).

(14/834)


@@@ 835
جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وكذلك ترجمه الدارقطني في " المؤتلف والمختلف " (1/ 430) وقال:
"هو من شيوخ الشيعة".

ثم ساق له حديثاً من طريق حسن بن حسن عن فاطمة بنت الحسين عن
أبيها مرفوعاً:
"من شرب شربة (يعني: من مسكر)، فلذ منها ؛ لم يقبل منه صلاة أربعين
ليلة، وكان حقاً على الله عز وجل أن يسقيه من طينة الخبال ".

وذكره الحافظ في ترجمته من " اللسان " (2/ 367) من مناكيره.
ووقع في " الميزان " (1/ 449/ 1684):
(جبان بن يزيد - وفي " اللسان ": (ابن مدير!) الصيرفي الكوفي: قال
الأزدي: ليس بالقوي عندهم "،
وساق له حديثاً أخر في خروج المهدي بإسناد آخر له عن عبد الله - وهو: ابن
مسعود -. وهو مخرج في " الضعيفة " تحت الحديث (85). وقال الحافظ عقبه
في " اللسان " (2/ 166):
" وأنا أخشى أن يكون هذا هو (حنان) - بفتح المهملة ونونين.. مخففاً -،
وأبوه (سدير) - بفتح السين المهملة -، بوزن (قدير).. تصحف اسمه واسم أبيه".
قلت: ويؤيده أن الدارقطني ساق حديث ابن مسعود المشار إليه في ترجمة (حنان) أيضاً.

(14/835)


@@@ 836
وإن مما يؤكد أنه من (شيوخ الشيعة) أنه أورده فيهم النجاشي في كتابه
" الرجال "، وقال (ص 112):
" له كتاب في صفة الجنة والنار...، وعمّر حنان عمراً طويلاً ".

ولنعد إلى ترجمة بقية رجال الإسناد، فأقول:
وأما (شريف المكي): فلم أجد له ذكراً فيما لدي من المصادر، ومن الحتمل
أنه الذي في " رجال " النجاشي (148):
"شريف بن سابق التفليسي أبو محمد: أصله كوفي، انتقل إلى (تفليس)،
صاحب الفضل بن أبي فروة (1)، له كتاب يرويه جماعة".

و (حرب بن حسن الطحان): ترجمه ابن أبي حاتم برواية أحمد بن يحيى
الصوفي عنه، وقال:
"سألت أبي عنه؟ فقال: شيخ". وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال
(8/ 213):
"روى عنه أهل العراق". وقال الأزدي - كما في " الميزان " -:
" ليس حديثه بذاك ". وذكره النجاشي أيضاً في " رجاله "، وقال (114):
" كوفي قريب الأمر في الحديث، له كتاب، عامي الرواية ".
وفسر الحافظ في " اللسان " قوله: " عامي الرواية " بقوله:
"أي شيعي "!
__________
(1) كذا، ووقع في ترجمة (الفضل) عنده (237): "قرة ". وذكر منها كتابه المذكور.

(14/836)


@@@ 837
وأما (علي بن سعيد الرازي): فقال الدارقطني - كما في " المغني " -:
" ليس بذاك، تفرد بأشياء ".

قلت: لعل الآفة ممن فوقه من الشيعة ؛ فإن علامات الوضع الشيعي عليه
لائحة، ولا أدل على ذلك من قرن الشيعة مع علي رضي الله عنه في هذا
الحديث، وهل كان لعلي شيعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؟! وهم انما وجدوا بعد قصة
التحكيم المعروفة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما!

6864 - (من كان قاضيا ، فقضى بالجهل ، كان من أهل النار.
ومن كان قاضيا ، فقضى بالجور كان من أهل النار.
ومن كان قاضيا عالما يقضي بحق أو بعدل ، سأل التفلت كفافا).

ضعيف.
أخرجه الترمذي (322 1)، وأبو يعلى (5727)، وابن حبان
(034 5 - الإحسان) - والسياق له -، وابن أبي حاتم في " العلل " (1/ 468/
1406)، والطبراني في " المعجم الكبير " (2 1/351 - 352/ 13319)
و" المعجم الأوسط " (3/ 1 35 - 352/ 2751)، والضياء المقدسي في " المختارة "
(1/ 499/ 369) - بعضهم مطولاً، وبعضهم مختصراً - ؛ كلهم من طريق معتمر
ابن سليمان قال.: سمعت عبد الملك بن أبي جميلة يحدث عن عبد الله بن
وهب - وقال بعضهم: موهب -: أن عثمان بن عفان قال لابن عمر:
اذهب فكن قاضياً. قال: أو تعفيني يا أمير المؤمنين. قال: عزمت عليك الا
ذهبت فقضيت. قال: لا تعجل، سمعت رسول الله يقول:

(14/837)


@@@ 838
" من عاذ بالله ؛ فقد عاذ بمعاذ ".
قال: نعم ؛ قال: فإني أعوذ بالله أن أكون قاضياً. قال: وما يمنعك وقد كان
أبوك يقضي؟ قال: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره. فما أرجو
بعد ذا ؟ وقال الطبراني:
" لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به معتمر "!

قلت: بل قد توبع ؛ فقال أحمد (1/ 66)، وابن سعد في " الطبقات " (4/
146): ثنا عفان: ثنا حماد بن سلمة: أنبأنا أبو سنان عن يزيد بن موهب أن
عثمان به. أحمد مختصراً، وابن سعد بتمامه، مع تقديم وتأخير، وعندهما أن ابن
عمرقال:
" لا أقضي بين اثنين، ولا أؤم رجلين ". وقالا:
فأعفاه، وقال: لا تخبر بهذا أحداً.

قلت: وأبو سنان - هو: عيسى بن سنان القسملي، وهو -: ليّن الحديث - كما
في " التقريب " -.
وشيخه (يزيد) - هو: ابن عبد الله بن موهب -: نسب إلى جده ؛ كما فى
" التعجيل " (454/ 1191)، ولم يزد! وقد ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 2/
276/ 1159) برواية اثنين آخرين عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكره
ابن حبان في " الثقات " (7/ 621) برواية أحدهما، أورده في (أتباع التابعين) ؛
فهو معضل، وهو متابع لـ (عبد الملك بن أبي جميلة).
وثمة متابع آخر ؛ فقال الضياء المقدسي عقب الحديث:

(14/838)


@@@ 839
" وروى نحوه حمدان بن عمرو الموصلي عن غسان بن الربيع عن أبي سلام
عن يزيد بن عبد الله بن موهب: أن عثمان بن عفان قال لعبد الله بن عمر: اقض
بين الناس ".

وله طريق آخر عن ابن عمر ؛ يرويه سعيد بن محمد بن العلاء السهمي قال:
حدثنا محمد بن مسلم الطائفي قال: حدثنا عمرو بن دينار عنه مختصراً مرفوعاً
بلفظ:
" القضاة ثلاثة: واحد ناج، واثنان في النار ؛ من قضى بالجور، وبالهوى ؛
هلك، ومن قضى بالحق ؛ نجا ".

أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (4/ 495/ 0 384) وقال:
" لم يروه عن عمرو بن دينار ؛ إلا محمد بن مسلم ".
قلت: وفيه ضعف من قبل حفظه.

وسعيد بن محمد بن العلاء السهمي: لم أجدله ترجمة فيما لدي من
المراجع، ولا اذكره المزي في الرواة عن الطائفي. وقال الهيثمي (4/ 193):
" رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " ولفظه:
" قاض قضى بالهوى ؛ فهو في النار، وقاض قضى بغير علم ؛ فهو في النار،
وقاض قضى بالحق ؛ فهو في الجنة ".

" ورجال " الكبير " ثقات ورواه أبو يعلى بنحوه ".
ولنعد الآن إلى الطريق الأولى: طريق المعتمر بن سليمان، وما قاله الحفاظ

(14/839)


@@@ 840
فيها، أو في إعلالها، فأقول:
أولاً: قال الترمذي:
" حديث غريب، وليس إسناده عندي بمتصل، وعبد الملك الذي روى عنه
المعتمر هذا هو عبد الملك بن أبي جميلة ". وقال المنذري (3/ 131 - 132/ 5):
" وهو كما قال ؛ فإن عبد الله بن موهب لم يسمع من عثمان رضي الله عنه ".
ثانياً: قال ابن أبي حاتم:
" قال أبي: عبد الملك بن أبي جميلة: مجهول، وعبد الله - هو: ابن موهب
الرملي.. على ما أرى، وهو -: عن عثمان مرسل ".

ثالثاً: قال ابن حبان:
" (ابن وهب) هذا - هو: (عبد الله بن وهب بن الأسود القرشي) -: من
المدينة، روى عنه الزهري ".

قلت: وهذا مخالف لأكثر المصادر المتقدمة وللمتابعات المذكورة ؛ ولذلك قال
الحافظ في " التلخيص الحبير " (4/ 185) عقب قول ابن حبان:
" ووهم في ذلك، وإنما هو: (عبد الله بن موهب)، وقد ثمهد الترمذي وأبو
حاتم في" العلل " - تبعاً للبخاري - أنه غير متصل. ورواه أحمد من وجه آخر
عن ابن عمر وعثمان بغير تمامه ".

قلت: وهو معضل - كما تقدم بيانه -.
والخلاصة: أن حديث الترجمة فيه علتان:

(14/840)


@@@ 841
الانقطاع، وجهالة عبد الملك بن أبي جميلة التي صرح بها أبو حاتم في
" العلل " - كما تقدم -، وكذلك قال في " الجرح والتعديل "، وتبعه الحافظ
الذهبي، والعسقلا ني.

وثمة علة ثالثة: وهي الاضطراب في متنه ؛ ففي رواية يزيد بن عبد الله بن
موهب المعضلة زيادة:
" ولا أؤم رجلين ". وفيها عند ابن سعد:
" فهو كفاف لا أجر له ولا وزر عليه ".

وفي الطريق الأخرى عند " كبير الطبراني " عن ابن عمر:
" فهو في الجنة ".
وهذا يشهد له حديث بريدة في " السنن "، وهو مخرج في " الإرواء " رقم
(2614).

(تنبيه): مع هذه العلل الظاهرة في هذا الحديث، والجهالة التي في راويه
(عبد الملك) باتفاق الحفاظ الثلاثة ؛ فقد شذ عن ذلك كله المعلق على " مسند
أبي يعلى "، فقال (10/ 93):
" إسناده جيد... ".

ثم نقل تجهيل الحفاظ لـ (عبد الملك)، وإعلال الترمذي وأبي حاتم إياه
بالانقطاع، رغم ذلك كله أصر على قوله المذكور، وليت هذا فقط ؛ بل إنه جاء بما
لا يطاق، فقال مجيباً عن الانقطاع:

(14/841)


@@@ 842
" نقول: هذا صحيح، عبد الملك لم يدرك عثمان، ولكنه روى المرفوع عن ابن
عمر، وقد أدركه وسمع منه (!)، وأما ما جرى بين عثمان وابن عمر من حوار
بشأن توليه القضاء فليس غريباً أن يكون ابن عمر حدث عبد الملك به أيضاً. والله أعلم ".

وإنصافاً للرجل أقول: لعله أراد أن يقول: " عبد الله ".. فسبقه القلم ؛ فقال:
" عبد الملك "! ولكن من أين له أن ابن عمر أدركه وسمع منه، وأن يكون ابن عمر
حدث به (عبد الله)؟ على التسليم أنه سمع منه! على أن كل من كان عنده
ممارسة لهذا العلم يشعر أن قول (عبد الله بن موهب): (أن عثمان قال...) أنها
صيغة إرسال ؛ فلا يدفع بمثل هذا التكلف والتمحل! ولا سيما والحفاظ في
جانب، وهذا المتكلف في جانب آخر.

ثم ما باله تجاهل تجهيل الحفاظ لـ (عبد الملك) هذا، مع أنه لم يوثقه إلا ابن
حبان، ولم يرو عنه إلا المعتمر. ولكنه قد اتخذ له مذهباً في الاعتداد بتوثيقه، ولو
للمجهولين ؛ ولذلك كثرت أخطاؤه في تقوية الأحاديث الضعيفة ؛ مخالفاً في ذلك
الحفاظ الذين لا يصلح هو أن يكون تلميذاً لهم، وهذا هو المثال بين يديك.

وإن مما يؤكد ذلك أنه قال (ص 95):
" ويشهد له حديث بريدة... ".
وقد علمت مما سبق أنه لا يشهد لهذا الذي فيه: " أن القاضي بحق يسأل
التفلت كفافاً "، وانما يشهد لحديث الطبراني بلفظ:
" فهو في الجنة " - كما تقدم -.

وأما المعلق على " الإحسان " (11/ 440 - المؤسسة)، فهو مع كونه صدر

(14/842)


@@@ 843
تخريجه للحديث بقوله:
" إسناده ضعيف... ".
فإنه خالف ذلك في طبعته لـ " موارد الظمآن " (1/ 511/ 1195) ؛ فقال:
" حسن "!
وقلده المعلقون الثلاثة على طبعتهم المبرقشة لـ " الترغيب " (3/ 93)
فحسنوه أيضاً!

هذا ؛ ولا يفوتني التنبيه إن شاء الله على أن قوله في الحديث:
" من عاذ بالله، فقد عاذ بمعاذ ".

أن له شاهداً قوياً في " صحيح البخاري " وغيره من حديث أبي سعيد الخدري
في قصة الجونية: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:
" لقد عذت بمعاذ ".
وهي مخرجة في" الإرواء " (7/ 146).

6865 - ( لا يلي أحد من أمر الناس شيئا إلا وقفه الله على جسر
جهنم ، فزلزل به الجسر زلزلة ، فناج أو غير ناج ، لا يبقى منه عظم إلا
فارق صاحبه ، فإن هو لم ينج ذهب به في جب مظلم كالقبر في نار
جهنم لا يبلغ قعره سبعين خريفا).
ضعيف جداً.
أخرجه ابن أبي الدنيا في " الأهوال " (254/ 247) من

(14/843)


@@@ 844
طريق إبراهيم بن الفضل القرشي - من أهل المدينة - قال: أخبرني سعيد المقبري
عن أبي هريرة:
أن عمر بن الخطاب استعمل بشر بن عاصم الجشمي على (صنعاء)،
فتخلف، فلقيه على باب المسجد، فقال له: يا بشر! ألم أستعملك على صدقة
من صدقات المسلمين، وقد علمت أن هذه الصدقات للفقراء والمساكين؟ فقال له
بشر بن عاصم: بلى ؛ ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره.

فأقبل عمر راجعاً حتى وقف على سلمان وأبي ذر، فقالا له: يا أمير المؤمنين!
ما شأن وجهك متغيراً؟ قال: ذكر بشر بن عاصم كذا وكذا ؛ فهل سمعتم ذلك
من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالا: نعم. قال: فأيكم يلي هذا الأمر،فأجعله إليه ؟ قالا:
من ترب الله وجهه، وألصق خده بالأرض، ولم نر منك يا أمير المؤمنين! بعدُ إلا
خيراً، ولكنا نخاف أن تولي هذا الأمر من ليس له وبأهل ؛ فيهلك بذلك.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ إبراهيم بن الفضل - وهو: المخزومي -:
متروك. قال البخاري في " التاريخ " (1/ 1/ 311):
" منكر الحديث عن المقبري ".
قلت: وهذا من روايته عنه - كما ترى -.

وكذا قال أبو حاتم والنسائي. وقال هذا في موضع آخر:
" ليس بثقة، ولا يكتب حديثه ".
ومن حداثة بعض المعلقين وجهلهم بهذا العلم جمعهم بين المتناقضات في
كتابتهم ؛ فقال المعلق على " الأهوال ":

(14/844)


@@@ 845
" حديث ضعيف (!)، وإسناده ضعيف جداً (!) إن لم يكن موضوعاً (!) "!!!.
وذكره المنذري في " الترغيب " باختصار مشيراً لضعفه، وقال (3/ 139/ 24):
" رواه ابن أبي الدنيا وغيره ".

وقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (2/ 25 - 26/ 9 21 1)، وأبو
نعيم في " معرفة الصحابة " (3/ 81 -82/ 53 1 1) من طريق سويد بن
عبد العزيز: ثنا سيار أبو الحكم عن أبي وائل شقيق بن سلمة:

أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل بشر بن عاصم... الحديث نحوه.
قلت: وهذا كالذي قبله ضعيف - أيضاً - جداً ؛ سويد بن عبد العزيز: متروك ؛
كما قال الهيثمي (5/ 206) في إعلاله لهذا الحديث. وأصله قول البخاري في
" التاريخ الكبير " (2/ 2/ 148):
" عنده مناكير، أنكرها أحمد ". وقال في " الضعفاء " (ص 263):
" في حديثه نظر لا يحتمل ". وفي " الاصابة " لابن حجر في ترجمة (بشر
ابن عاصم):
" أخرجه البخاري من طريق سويد، وقال: لم يروه عن سيار غير سويد فيما
أعلم، وفي حديثه لين. انتهى ".

كذا فيه: (البخاري)، وأخشى أن يكون محرفاً ؛ فإنه لا يشبه كلام البخاري
فيما أعلم. وقد تبادر إلى ذهن الدكتور المعلق على " المعرفة " أن المراد به:
" صحيح البخاري " ؛ فقال:

(14/845)


@@@ 846
" قلت: ولم أقف عليه عند البخاري "!

وكيف يكون فيه، وراويه (سويد) شديد الضعف عنده ؟!

وأخرجه ابن أبي ضيبة في " المصنف " ( 2 1/ 217/ 2592 1)، ومن طريقه
أبو نعيم (3/ 82 -83/ 4 5 1 1) بسند صحيح عن محمد الراسبي عن بشر بن
عاصم قال:... فذكر نحوه.

و (محمد الراسبي): الظاهر أنه: (ابن صليم أبو هلال الراسبي)، وبه جزم
ابن عبد البر في " الاستيعاب " ؛ فقال الحافظ عقبه:
" فإن كان كما قال ؛ فالإسناد منقطع، فإنه لم يدرك بشر بن عاصم ".

قلت: وانما استظهرت أنه هو ؛ لأن السمعاني لم يذكر في هذه النسبة (الراسبي)
من يسمى: (محمداً) غير: (ابن سليم) هذا.

ثم هو ممن اختلفت أقوال الأئمة فيه، ولخصها الحافظ كعادته في كتابه القيّم:
" التقريب " بقوله:
" صدوق فيه لين، من السادسة ".

6866 - (ما من أمير عشرة إلا أتى الله يوم القيامة مغلولة يدة إلى
عنقه، فإن كان محسناً ؛ فك غله ، وإن كان مسيئاً ؛ زيد إلى غله).

منكر بزيادة: (الزيادة).
أخرجه البزار في " مسنده " (2/ 254/ 1641 -
كشف الأستار): حدثنا العباس بن عبد المطلب، والطبراني في " المعجم
الأوسط " (5/ 383/ 0 476) من طريق رزيق بن السخت ؛ كلاهما قال: حدثنا

(14/846)


@@@ 847
بكر بن خداش الكوفي قال: حدثنا عيسى بن المسيب البجلي عن عطية العوفي
عن ابن بريدة قال: أخبرني بريدة قال:... فذكره مرفوعاً. والسياق للطبراني. وقال:
" لم يروه عن عيسى بن المسيب إلا بكر بن خداش ".
قلت: ذكره ابن حبان في " الثقات" (8/ 148)، وقال:
" ربما خالف ". وروى عنه آخران.
لكن عيسى بن المسيب: ضعيف. ومثله عطية العوفي.
إلا أن الحديث قد ثبت من حديث أبي هريرة وغيره ؛ دون قوله:
" فإن كان محسناً... " إلخ، وزاد:
" لا يفكه إلا العدل، أو يوبقه الجور ".

وهو مخرج في " الصحيحة " في المجلد السادس، رقم (2621).
وقد خلط المنذري بينه وبين حديث الترجمة ؛ فقد عزاه في " الترغيب " (3/
139/ 29) فقال:
" رواه البزار، والطبراني في " الأوسط " ورجال البزار رجال (الصحيح)، وزاد
في رواية:
" وإن كان مسيئاً ؛ زبد غلاً إلى غله ".
ورواه الطبراني.
في " الأوسط" بهذه الزيادة أيضاً من حديث بريدة ".

(14/847)


@@@ 848
وتبعه على هذا الهيثمي في " المجمع " (5/ 205).

ووجه الخلط: أنهما جعلا الزيادة عند البزار من حديث أبي هريرة، وهي عنده
من حديث (بريدة) كالطبراني - كما رأيت -.

ثم إن كلاً من شيخ البزار فيه العباس بن عبد المطلب، ومتابعه رزيق بن
السخت لم أعرفهما. لكن يغلب على الظن أن (عبد المطلب) تحريف: (أبي
طالب) ؛ فقد ذكر ابن أبي حاتم في الرواة عن (بكر بن خداش): (العباس بن
أبي طالب)، وترجم لهذا ترجمة خاصة (3/ 1/ 215/ 1183)، ووثقه، وذكر
عن أبيه أنه صدوق.

ثم تبين لي أن (رزيق).. تحريف: (زريق).. بتقديم الزاي على الراء، وهو
من شيوخ البزار أيضاً (2/ 428/ 27 0 2)، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات "
وقال (258/8):
" مستقيم الحديث، حدثنا عنه شيوخنا ".
ثم وجدت لعيسى بن المسيب متابعاً عند الطبراني أيضاً في " الأوسط " (6/
354/ 5753) من طريق عبيد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد قال:
حدثنا عمرو بن عطية عن أبيه عطية قال: حدثني عبد الله بن بريدة به نحوه.
وقال:
" لم يروه عن عطية إلا ابنه عمرو، وعيسى بن المسيب ".
قلت: وعمرو بن عطية: ضعفه الدارقطني - كما في " المغني " -.
وعبيد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد: لم أعرفه.

(14/848)


@@@ 849
وقد أشار الهيثمي إلى تضعيف هذا الإسناد من الوجهين عن عطية، ولم
يفصح عن علته ؛ بل أوهم أن له إسنادين عن بريدة، فقال (5/ 206 - 207):
" رواه الطبراني في " الأوسط " بإسنادين (!)، وكلاهما فيه ضعف، ولم
يوثق "!

وثمة زيادة أخرى من طريق أخرى عن أبي هريرة أيضاً رفعه. اختلط أمرهما
على بعض المعلقين من الدكاترة ؛ فوجب التنبيه عليها، وهي عند الطبراني أيضاً
في " الأوسط " (1/ 194/ 274) ؛ قال:
حدثنا أحمد بن رشدين قال: حدثنا روح بن صلاح قال: حدثنا سعيد بن
أبي أيوب عن زيد بن أبي العتاب عن عبد الله بن رافع (الأصل: نافع) عن أبي
هريرة مرفوعاً مثل حديث الترجمة ؛ إلا أنه قال:
" إلا وهو يأتي مغلولاً يوم القيامة ؛ عافاه الله بما شاء، أو عاقبه بما شاء ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ روح بن الصلاح: مختلف فيه، والراجح أنه
ضعيف - كما تقدم تحقيقه تحت الحديث (23) -.
وأحمد بن رشدين: أسوأ منه - وهو: أحمد بن محمد بن الحجاج بن ريشدين
المصري ؛ قال ابن عدي:
" كذبوه ". واتظر ترجمته في " اللسان ".

فمن الجهل أو الغفلة قول الدكتور الطحان في تعليقه على الحديث:
" ذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 5/ 205 وأفاد بأنه رواه الطبراني في
" الأوسط "، والبزار، ورجاله رجال الصحيح "!

(14/849)


@@@ 850
فإن الهيثمي إنما قال هذا في الحديث المتقدم بلفظ:
" لا يفكه إلا العدل، أو يوبقه الجور ".

وذكرت ثمة أنه في " الصحيحة "، وقال الهيثمي عقب ما نقله الدكتورعنه:
" وفي رواية للطبراني (الأصل: الطبراني) في " الأوسط " أيضاً: عافاه الله
بما شاء أوعاقبه بما شاء ".

ولم يتكلم عليها بشيء، وهذا من تساهله في التحقيق الذي يحمل أمثال
الدكتور على أن يقولوا عليه ما لم يقل!

6867 - (من ولي شيئاً من أمتي فلم يعدل فيهم ؛ فعليه بهلة الله.
وبهلة الله: لعنة الله).

منكر جداً بهذا اللفظ.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (6/ 420) من
طريق بقية عن مبشر بن عبيد: حدثني معمر بن أبي عبد الرحمن عن النخعي ع
ن مسروق عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. وقال:
" وهذا عن النخعي غبرمحفوظ ؛ يرويه غير مبشر بن عبيد عن معمر هذا،
ومعمر هذا: مجهول ".

قلت: ومبشر بن عبيد: قال الذهبي في " الميزان ":
" قال أحمد: كان يضع الحديث. وقال البخاري: روى عنه بقية ؛ منكر
الحديث، وقد طول ابن عدي ترجمته بالواهيات ".
قلت: ومنها هذا الحديث ؛ لكن إيراده إياه في ترجمته لا يناسب قوله المتقدم

(14/850)


@@@ 851
إئه رواه غيره عن (معمر) ؛ فكان الأولى تعصيب أفته به، وإيراده في
ترجمة (معمر) هذا. ولكنه لم يفرده بالترجمة، لا هو، ولا الذهبي، ولا العسقلاني،
ولا غيرهم - فيما علمت - ؛ لكن جاء في " الجرح والتعديل " (4/ 1/ 255/
1164)، و " تاريخ البخاري " (4/ 1/ 378/ 626 1)، و " ثقات ابن حبان "
(7/ 485):
" معمر بن عبد الرحمن، روى عن الزهري. روى عنه عبيد الله بن موهب ".

قلت: فيحتمل أن يكون هو هذا ؛ فإنه من هذه الطبقة، فإن صح هذا ؛ فتكون
أداة الكنية (أبي) مقحمة من بعض النساخ بين (معمر) وأبيه (عبد الرحمن).
والله أعلم.
وحينئذ يكون إلصاق التهمة بـ (مبشر بن عبيد) أولى ؛ إلا أن يكون متابعه
ثقة، وهذا ممأ أستبعده. والله أعلم.
وقد وجدت له شاهداً، ولكنه واه؛ لا يساوي فلساً ؛ يرويه السري بن اسماعيل
عن الشعبي عن رافع عن أبي بكر مرفوعاً نحوه، ولفظه:
" من ولي عباد الله، فلم يعمل فيهم بقرآن الله ؛ فعليه بهلة الله ".

أخرجه أبو بكر المروزي في " مسند أبي بكر " (151/ 83) بسنده الصحيح
عن السري بن إسماعيل.
والسري هذ: قال الذهبي في " المغني ":
" قال القطان: استبان لي كذبه في مجلس واحد. وقال النسائي: متروك.
وقال غيره: ليس بشيء ".

(14/851)


@@@ 852
وله شاهد عن عياش بن عباس مرفوعاً.
أخرجه أبو عوانة (4/ 412) هكذا معضلاً في حديث تقدم تخريجه في
" الصحيحة " (3456)، وهومنكر - كما بينت هناك -.

ويبدو لي - والله أعلم - أن أصل حديث الترجمة موقوف، رفعه بعض هؤلاء
الضعفاء خطأ أو عمداً ؛ فقد جاء في قصة جرت بين أبي بكر الصديق ورافع بن
أبي رافع عمرو الطائي ؛ يرويها إبراهيم بن المهاجر عن طارق بن شهاب عن رافع بن
عمرو الطائي قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل، وبعث معه
في ذلك أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وسراة أصحابه، فانطلقوا حتى نزلوا جبل
طيء، فقال عمرو: انظروا إلى رجل دليل بالطريق، فقالوا: ما نعلمه إلا رافع بن
عمرو ؛ فإنه كان ربيلاً في الجاهلية. فسألت طارقاً: ما الربيل ؟ قال: اللص الذي
يغزو القوم وحده فيسرق. قال رافع: فلما قضينا غزاتنا، وانتهيت إلى المكان الذي
كنا خرجنا منه ؛ توسمت أبا بكر رضي الله عنه، فأتيته فقلت: يا صاحب الخلال!
إني توسمتك من بين أصحابك ؛ فائتني بشيء إذا حفظته ؛ كنت مثلكم ومنكم.
فقال: أتحفظ أصابعك الخمس ؛ قلت: نعم. قال: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن
محمداً عبده ورسوله، وتقيم الصلوات الخمس، وتؤتي الزكاة إن كان لك، وتحج
البيت، وتصوم رمضان، حفظت؟ قلت: نعم. قال: وأخرى: لا تأمرن على
اثنين. قلت: هل تكون الإمرة إلا فيكم أهل بدر؟ قال:
يوشك أن تفشو حتى تبلغك ومن هو دونك، إن الله عز وجل لما بعث
نبيه صلى الله عليه وسلم ؛ دخل الناس في الإسلام، فمنهم من دخل ؛ فهداه الله، ومنهم من

(14/852)


@@@ 853
أكرهه السيف ؛ فهم عواد الله، وجيران الله في خفارة الله.

إن الرجل إذا كان أميراً فتظالم الناس بينهم، فلم يأخذ لبعضهم من بعض ؛
انتقم الله منه.
إن الرجل [ منكم ] لتؤخذ شاة جاره، فيظل ناتى عضلته غضباً لجاره، والله
من وراء جاره.
قال رافع: فمكثت سنة، ثم إن أبا بكر استخلف، فركبت إليه، فقلت: أنا
رافع ؛ كنت لقيتك يوم كذا وكذا، مكان كذا وكذا. قال: عرفت. قلت: كنت
نهيتني عن الإمارة، ثم ركبت بأعظم من ذلك: أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ قال:
نعم، فمن لم يقم فيهم بكتاب الله ؛ فعليه بهلة الله. يعني: لعنة الله.

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (5/ 8 - 9/ 4467) من طريقين عن
إسرائيل عن إبراهيم بن المهاجر به.

ثم أخرجه (4468) من طريق شريك عن إبراهيم بن المهاجر به.
لكنه لم يسقه بتمامه، فلم أدر هل فيه موضع الشاهد ؟
وإبراهيم بن المهاجر: صدوق من رجال مسلم ؛ لكنه ليّن الحفظ، وقال
الهيثمي
(5/202):
، رواه الطبرا ني، ورجاله ثقات ".
وتابعه الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب به مختصراً جداً،
مقتصراً على طرفه الأول دون ذكر (عمر وسراة أصحابه) وما بعده.

(14/853)


@@@ 854
أخرجه الطبراني أيضاً (4469). ولذلك ؛ فقد أخطأ الحافظ في " الإصابة"
في سوقه هذا الطرف في ترجمة (رافع) وقوله عقبه - وبعد عزوه للطبراني -:
" فذكر الحديث بطوله "!

نعم ؛ قد ساقه بطوله ابن عساكرفي " تاريخ دمشق " (30/ 300 - 301/
دار الفكر) من الوجه المذكور، لكن ليس فيه موضع الشاهد.

6868 - (مثل الإيمان مثل القميص: تقمصه مرة، وتنزعه مرة).
منكر.
أخرجه ابن قانع في " معجم الصحابة " (ق 70/ 1): حدثنا أحمد
ابن سهل بن أيوب: ثنا علي بن بحر: ثنا بقية عن بحيربن سعد عن خالد بن
معدان عن أبيه عن جده مرفوعاً. "

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ لعنعنة بقية، وجهالة الأب والجد، ونحوهما
(أحمد بن سهل بن أيوب) - وهو: الأهوازي -: من شيوخ الطبراني. وفي
ترجمته ساق له الحافظ هذا الحديث في " اللسان " وقال (1/ 184 - 185):
" وهذا خبر منكر، وإسناد مركب، ولا يعرف لخالد رواية عن أبيه، ولا لأبيه،
ولا لجده ذكر في شيء من كتب الرواية.
واختلف في اسم جده ؛ فقيل: (أبو (!) كريب)، وقيل: (شمس)،
وقيل: (ثور).. حكاها ابن قانع، والأول هو المعروف، وهو من شيوخ الطبراني ..".
ثم ذكر له الحديث التالي.

وقوله: " (أبو كريب) ؛ هكذا فيه فلعل أداة الكنية (أبو) مقحمة من بعض

(14/854)


@@@ 855
النساخ، على أنها لم ترد مطلقاً لا كنية ولا اسماً في النسخة التي نقلت منها
الحديث من " المعجم ". والله أعلم.

6869 - (الراشي والمرتشي في النار).
منكر.
روي من حديث عبد الله بن عمرو، وعبد الرحمن بن عوف، ورجل
من المهاجرين.

1 - أما حديث ابن عمرو: فيرويه علي بن بحر بن بري: ثنا هشام بن يوسف
الصنعاني: ثنا ابن جريج عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن بن ذباب
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه مرفوعاً به.

أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (3/ 29/ 47 20) وفي " المعجم
الصغير " (ص 3 1 - هند) و " الدعاء " (3/ 737 1/ 2094) بإسناد واحد
قال: ثنا أحمد بن سهل بن أيوب الأهوازي: ثنا علي بن بحر... الخ. وقال:
" لم يروه عن ابن جريج إلا هشام بن يوسف، تفرد به علي بن بحر ".

قلت: وهو ثقة، وكذلك من فوقه ؛ فإنهم من رجال مسلم، على كلام يسير
في (ابن ذباب) لا يضر ؛ ولذلك قال المنذري (3/ 143/ 2)، وتبعه الهيثمي
(4/ 199):
"... ورجاله ثقات ".
قلت: وفي هذا الإطلاق نظر ؛ لأنه يشمل شيخ الطبراني (الأهوازي)، ولم
يوثقه أحد، وليس هو من شيوخه المشهورين، والذين يكثر عنهم الطبراني ؛ فإنه لم
يرو عنه في " المعجم الأوسط " إلا ثلاثة أحاديث هذا أحدها، وله عنه رابع في

(14/855)


@@@ 856
" الدعاء " (3/ 1812/ 2247). وقد ذكره الحافظ في " اللسان " (1/ 184)،
وساق له حديثاً آخر، واستنكره الحافظ، وهو من رواية ابن قانع عنه، وسبق
تخريجه في الذي قبله، وقد ذكرت كلام الحافظ هناك، قال:
" وهو من شيوخ الطبراني، وقد أورد له في " معجمه الصغير " حديثاً واحداً
غريباً جداً - يشير إلى هذا -، وله في " غرائب مالك " عن عبد العزيز بن يحيى
عن مالك حديث غريب جداً ".

قلت: عبد العزيز - هو: المدني، وهو -: متهم، كذبه إبراهيم بن المنذر، وقال
ا لبخاري:
" يضع الحديث " - كما في " الميزان " -.
فهو الآفة ؛ فلا ينبغي أن يغمز به من دونه. فتأمل.

وعلى كل حال ؛ فـ (الأهوازي) هذا: مجهول الحال، لم يوثق، فالقول
في إسناده: " رجاله ثقات " - هكذا على الإطلاق... فيه تساهل ظاهر ؛ ولذلك كان
قول الحافظ ابن حجر في " التلخيص " - بعدما عزاه للطبراني - هو الصواب:

" وليس في سنده من ينظر في أمره سوى شيخه، والحارث بن عبد الرحمن
- شيخ ابن أبي ذئب -، وقد قواه النسائي ".

قلت: ولعل استغراب الحافظ في قوله المتقدم: " غريب جدا "، وجهه أنه رواه
جمع من الثقات منهم الطيالسي قال: حدثنا ابن أبي ذئب بلفظ:
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.

وكذلك رواه جمع عن ابن أبي ذئب، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي،

(14/856)


@@@ 857
وهو مخرج في " الإرواء " (8/ 243 - 245)، فهذا اللفظ هو المحفوظ عن ابن أبي ذئب.

2 - وأما حديث عبد الرحمن بن عوف: فيرويه عمر بن حفص المدني: ثنا
الحسن بن عثمان بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن
أبيه قال... فذكره مرفوعاً.

أخرجه البزار (2/ 5 2 1/ 5 35 1)، والطبراني في " الدعاء " (3/ 739 1/
2098) ولفظه:
أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وفد في وفد، فجلسوا بباب أمير المؤمنين، فخرج
الإذن، فرشى قوم فدخلوا، وبقي أبو سلمة وحده، فمر رجل فقال: يا أبا سلمة!
ما لي أراك جالساً وحدك وقد دخل أصحابك؟ فقال: رشى القوم فدخلوا! قال:
فهلا رشوت مثل ما رشوا؟ فقال: إني سمعت أبي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:... فذكره. وقال البزار:
" لا نعلمه عن عبد الرحمن بن عوف إلا بهذا الإسناد، وقال فيه: عمر بن
أبي سلمة: (عن أبيه عن أبي هريرة)، وقال ابن أبي ذئب: (عن الحارث بن
عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو) ".

قلت: يشير البزار إلى مخالفة (الحسن بن عثمان) لعمر والحارث في الإسناد ؛
فجعله هو عن أبي سلمة عن أبيه عبد الرحمن، وهما قالا: عنه عن ابن عمرو.
وهذا بلا شك أرجح - كما هو ظاهر - ولأن (الحسن بن عثمان) مجهول لم يذكروا
له راوياً ؛ غير حفيده (سعيد بن يحيى بن الحسن)، وكذلك أورده ابن حبان في
" الثقات " (4/ 23 1)، ولعله الذي عناه الهيثمي بقوله في " المجمع " (4/ 99 1):

(14/857)


@@@ 858
"رواه البزار، وفيه من لم أعرفه ". وسكت عنه المنذري (3/ 143/ 2).
وقد روى عنه أيضاً (عمر بن حفص المدني) - كما ترى في الإسناد - فهو مما
يستدرك ويستفاد، وقد روى عن هذا ثلاثة من الثقات، وقد أورده فيهم ابن حبان
(7/ 169)، وهو من رجال " التهذيب "، فما أظن أنه عناه الهيثمي.

يضاف إلى تلك المخالفة في الإسناد مخالفة في المتن ؛ فإن لفظه عند المذكورين:
" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم ". أخرجه الترمذي وقال:
" حديث أبي هريرة حديث حسن. وقد روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروي عن أبي سلمة عن أبيه عن
النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح. وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن [ هو: الدارمي ] يقول:
حديث أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن شيء في هذا
الباب وأصح ".

وكذلك رواه ابن حبان وغيره، وهو مخرج في " الإرواء " أيضاً، وهذا كله مما
يؤكد أن حديث الترجمة منكر غير معروف، وأن المحفوظ إنما هو بلفظ: (اللعن).
بقي أن ننظر في الرواية التالية:
3 - وأما حديث المهاجري: فيرويه عمر بن محمد بن خلف الطلحي عن
رجل من المهاجرين قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلمة يقول:... فذكره.

أخرجه أحمد بن منيع في " مسنده ": حدثنا عباد بن العوام عن عبد الملك
ابن معن المجاشعي عنه. ذكره الحافظ في " المطالب العالية " المسندة (ق 76/ 2)،

(14/858)


@@@ 859
وفي المجردة أيضاً (2/ 249/ 2132)، وسكت عنه فيهما، وتبعه البوصيري ؛
فقال الشيخ الأعظمي في تعليقه على المجردة:
" سكت عليه البوصيري ".
قلت: والسبب أن (الطلحي) هذا غير معروف ؛ فلم يترجمه أحد فيما
علمت، ولم يذكره السمعاني في هذه النسبة من كتابه، وذلك مما يدل على
جهالته. والله سبحانه وتعالى أعلم.

وسائر رجاله ثقات ؛ إن كان (عبد الملك بن معن المجاشعي) هو: (عبد الملك
ابن معن النهشلي) الذي وثقه ابن معين، والمترجم في (ابن أبي حاتم) (2/ 2/
368/1724)، وابن حبان (8/ 385). وإن كان غيره ؛ فلم أعرفه.

وهناك ثقة أخر شاركه في اسمه واسم أبيه، وفارقه في نسبته وبلده، وهو عبد
الملك بن معن المسعودي.. فهذا: كوفي، وذاك: بصري. ومن الغرائب أن ابن
حبان لم يترجم لهذا المسعودي الكوفي، وهو أشهر من البصري، ولم ينتبه لهذا
المعلق على " تهذيب المزي " ؛ فإنه لما ذكر مصادر ترجمة المسعودي في الحاشية (18/
417) - على عادته الجارية، وهي مفيدة بلا شك جزاه الله خيراً ؛ قال فيها:
"... وثقات ابن حبان: 8/ 385 "!

وهذا رقم ترجمة البصري - كما تقدم -.
وخلاصة هذا التخريج والتحقيق: أنني لم أجد في هذه الروايات ما يمكن أن
نقوي به حديث الترجمة ؛ فأودعته في هذه " السلسلة ". والله سبحانه وتعالى هو
الموفق.

(14/859)


@@@ 860
تنبيهان:
أحدهما: سبق في رواية الطبراني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قوله:
" سمعت أبي... "، وقد صرح الأئمة النقاد أنه لم يسمع من أبيه - كما هو
معروف من ترجمة (أبي سلمة) في " التهذيب " وغيره -.

والآخر: أن الحافظ في " التلخيص " (4/ 189) عزا حديثه هذا عن أبيه
للحاكم. ولم أره في " مستدركه " إلا من حديثه عن ابن عمرو، وعن أبي هريرة.
والله أعلم.

6870 - (من ولي على عشرة فحكم بينهم بما أحبوا أو كرهوا
جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه ، فإن حكم بما أنزل الله ولم
يرتش في حكمه ولم يحف فك الله عنه يوم القيامة يوم لا غل إلا
غله وإن حكم بغير ما أنزل الله تعالى وارتشى في حكمه وحابى
شدت يساره إلى يمينه ورمي به في جهنم فلم يبلغ قعرها خمسمائة عام).

منكر.
أخرجه الحاكم (4/ 103) - والسياق له -، والطبراني في " المعجم
الأوسط " (7/ 472/ 6929) من طريق الحسن بن بشر بن سلم: ثنا سعدان
ابن الوليد عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وزاد الطبراني:
فقال بعض جلساء عطاء: يا عطاء! يا أبا محمد! وما بد من غل؟ قال: إي
ورب هذه البنية! وأشار إلى الكعبة. وقال الحاكم:
" سعدان بن الوليد البجلي كوفي: قليل الحديث ".

(14/860)


@@@ 861
وأقره الذهبي في " تلخيصه "، وكذا العسقلاني في " تلخيصه " (4/ 8)!
وهذا منهما غريب ؛ فإن (سعدان) هذالم يترجموا له في شيء من كتب
الرجال، ووصف الحاكم إياه بأنه: " قليل الحديث " يشعر بأنه غير معروف أو
مشهور! ولعله لذلك لم يصححه، وسكتا عنه. ويؤيد ما ذكرت أنه وقع في " المعجم "
منسوباً إلى (السابري)، وقد ذكر السمعاني تحتها جماعة من العلماء والرواة، ولم
يذكر هذا. والله أعلم.

ثم إن الراوي عنه (الحسن بن بشر بن سلم) - وهو: البجلي - فيه كلام - مع
كونه من شيوخ البخاري - فقال الذهبي في " المغني ":
" قال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن خراش: منكر الحديث ". وقال الحافظ:
" صدوق يخطئ ".

قلت: فإن كان حفظه عن (سعدان) ؛ فالعلة من هذا. والله أعلم.
وقال الهيثمي في " المجمع " (5/ 206):
" رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه سعدان بن الوليد، ولم أعرفه!.

6871 - (مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ
وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ .
وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ
وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ).

ضعيف.
أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/ 1/ 347/ 094 1)، وأبو

(14/861)


@@@ 862
داود (4884)، والفسوي في " المعرفة " (1/ 300)، وابن المبارك في " الزهد "
(243/ 296)، وعنه أبو نعيم في " الحلية " (8/ 189)، وأحمد (4/ 30)،
وابن أبي الدنيا في " الغيبة " (99/ 06 1)، و " الصمت " (135/ 241)،
والطبراني في " المعجم الكبير " (5/ 110/ 4735)، والبيهقي في " السنن " (8/
167 - 168)، والبغوي في " شرح السنة " (3 1/ 8 0 1/ 3532) من طريق
الليث بن سعد قال: حدثني يحيى بن سليم أنه سمع إسماعيل بن بشيريقول:
سمعت جابر بن عبد الله وأبا طلحة بن سهل الأنصاري يقولان: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره. وزاد البخاري وأبو داود وا بن المبارك وابن أبي الدنيا:

" قال يحيى: وحدثنيه عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وعتبة بن شداد،
وقيل: عقبة ". وقال أبو نعيم عقبه:
" هذا حديث ثابت مشهور، تفرد به يحيى عن إسماعيل"!

كذا قال! وهو من غرائبه ؛ فإن الرجلين مجهولان لا يعرفان، ولم يوثقهما أحد
إلا إسماعيل بن بشير منهما ؛ فوثقه ابن حبان (6/ 33) (1)، وتابعه (عبيد بن
عبد الله بن عمر)، وهو تابعي ثقة ؛ فالعلة (يحيى بن سليم) - وهو: ابن زيد -.
وقد أشار الذهبي إلى جهالته بقوله في " الميزان ":
" ما علمت أحداً روى عنه سوى الليث ".
وصرح بذلك الحافظ، فقال في " التقريب ":
" مجهول، من السادسة ". وقوله في " التهذيب " - مستدركاً على الحافظ المزي -:
__________
(1) ووقع فيه: (يروي عن أبي طلحة بن سهل عن جابر ". وكذا في " ترتيب الهيثمي "، وهو
خطأ ظاهر، وأيضاً أورده في (أتباع التابعين)! وهو تابعي!

(14/862)


@@@ 863
" قلت: ذكره ابن حبان في ( الثقات ) "!

ما أظنه الا وهماً اشتبه عليه بغيره، وليس فيه بهذا الاسم والأب الا راويان
أحدهما: تابعي، والآخر: من هذه الطبقة ؛ ولكنه (الطائفي)!

ويؤيد ما ذكرت أن شيخه الهيثمي لم يذكره في كتابه "ترتيب الثقات ".
هذا ؛ ومن غفلة المعلقين الثلاثة على " الترغيب " (3/ 131) أو جهلهم
أنهم أعلوه بـ (المجهولين)، ولم يذكروا متابعة الثقة لإسماعيل بن بشير، وهي
تحت بصرهم في " سنن أبي داود "، وقد عزوه إليه بالرقم المتقدم! فما أحسن ما
قيل:
فإن كنت لا تدري ؛ فتلك مصيبة...
ومن الأخطاء العلمية رواية، وتخريجاً، وتحقيقاً: أن الحديث أخرجه الطبراني
في " المعجم الأوسط " (9/ 292/ 8637) من طريق عبد الله بن صالح قال:
حدثني الليث به ؛ إلا أنه قال: سمعت جابر بن عبد الله وأبا أيوب الأنصاري
يقولان... الحديث، وقال:
" لا يروى عن جابر وأبي أيوب إلا بهذا الإسناد، تفرد به الليث ".

قلت: فقوله: " أبا أيوب ".. خطأ مخالف لرواية الجماعة المتقدمة، ولعله من
تخاليط (عبد الله بن صالح).. أراد أن يقول: " أبا طلحة " ؛ فخانته الذاكرة
فقال: " أبا أيوب "، وغفل عن ذلك الهيثمي ؛ فقال في " المجمع " (7/ 267):
" قلت: حديث جابر وحده رواه أبو داود، رواه الطبراني في " الأوسط "،
وإسناده حسن "!

(14/863)


@@@ 864
كذا قال! وهو خطأ من وجهين:
أحدهما: ضعف عبد الله بن صالح، ومخالفته المذكورة.
والآخر: جهالة يحيى بن سليم - كما تقدم -.

وقلده الشيخ شعيب ؛ فقال في التعليق على ترجمة (إسماعيل بن بشير)
المذكورة في " تهذيب " المزي وقد ذكر له هذا الحديث:
" قال شعيب: وهو حديث حسن، وذكره الضياء المقدسي في " المختارة " فيما
ذكره السيوطي في " الجامع الصغير "، وأخرجه الطبراني في " الأوسط " - كما في
"المجمع " - من حديث جابر وأبي أيوب الأنصاري "!

وفيه: مايلي:
أولاً: تحسينه وفيه الجهالة ؛ إلا إن كان يعني ؛ الحُسنَ اللغوي.. وهو بعيد.
ثانياً: قوله:، "الجامع الصغير " لعله سبق قلم ؛ فإنه ليس فيه، وإنما في " الجامع
الكبير" (2/713).
ثالثاً: ليس من شأن من يدعي التحقيق أن يكون إمعة لغيره، ثم هو يكتم من
هو مقلده ؛ ويكتم تحسين الهيثمي لإسناده، ويتظاهر بأنه مستقل في تحسينه!
رابعاً: يرد تحسينه إياه تعليقه على " شرح السنة " ؛ فإنه هناك أعله بالجهولين،
فقال:
" ويحيى بن سليم لم يوثقه غير ابن حبان، وكذا الراوي عنه،!
وهذا التعليق - مع إيجازه - فيه خطأن :

(14/864)


@@@ 865
الأول: عزوه لابن حبان توثيقه ليحيى بن سليم، قلد فيه أيضاً الحافظ، وهو
خطأ - كما تقدم -.
والآخر: قوله: " وكذا الراوي عنه " - يعني: إسماعيل بن بشير، وهو شيخ
(يحيى)، وليس راوياً عنه، والراوي عنه إنما هو: (الليث بن سعد) الإمام، وإنما
يأتي هذا الخلط من العجلة في الكتابة والخبط كيفما اتفق، أو من توسيد الأمر إلى
غير أهله، ثم يعزوه لنفسه ؛ فيتحمل إثمه. والله المستعان.

6872 - ( لا يَحْقِرْن أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ يَحْقِرُ
أَحَدُنَا نَفْسَهُ؟ قَالَ: يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ ثُمَّ لَا يَقُولُ فِيهِ فَيَقُولُ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ:
خَشْيَةُ النَّاسِ ، فَيَقُولُ: فَإِيَّايَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى).

ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (4008)، والبيهقي (10/ 90)، وأحمد(3/
30، 47)، وعبد بن حميد في " المنتخب " (2/ 98 -99/ 969، 970)،
والطبراني في " المعجم الأوسط " (9/ 0 46 - 461/ 2884، 6/ 93 - 94/
5195)، وأبو نعيم في "الحلية " (4/ 384)، والأصبهاني في " الترغيب " (1/
155/ 293) من طرق عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي سعيد مرفوعاً
به.

وخالفهم شعبة، فقال: عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن رجل عن أبي
سعيد به.

أخرجه الطيالسي في " مسنده " (293/ 6 0 22)، وعنه البيهقي أيضاً، وفي
" شعب الإيمان " (6/ 90/ 7571) - وكذا أبو نعيم عنه - وأحمد (3/ 91 -

(14/865)


@@@ 866
92) عن محمد بن جعفر ؛ كلاهما قالا: حدثنا شعبة به.

قلت: فقد كشفت هذه الرواية عن علة الحديث ؛ وهي: جهالة الرجل الذي
لم يسم. وقد سماه محمد بن يزيد بن سنان ؛ فقال: ثنا أبي عن زيد بن أبي
أنيسة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن مشفعة عن أبي سعيد قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه.

كذا رواه أبو نعيم عن الطبراني بسنده عنه.
ومحمد بن يزيد - هو: الحراني - وأبوه ضعيفان، ولم أعرف (مشفعة) هذا،
والعمدة على رواية شعبة في الكشف عن العلة ؛ وهي: الانقطاع بين أبي البختري
- واسمه: سعيد بن فيروز - وأبي سعيد الخدري، وقد قال أبو داود في سعيد هذا:
" لم يسمع من أبي سعيد ". بل قال أبو حاتم:
" إنه لم يدركه ".

ونحوه قول ابن سعد في " الطبقات " (6/ 293):
" كان كثير الحديث ؛ يرسل حديثه، ويروي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم
يسمع من كبيرأحد، فما كان من حديثه سماعاً ؛ فهو حسن، وما كان (عن) ؛ فهوضعيف ".

وقد خفيت هذه العلة على الحافظ المنذري ؛ فقال في " الترغيب "( 3/ 169):
" رواه ابن ماجه، ورواته ثقات ". وصدره بـ (عن)!
وأسوأ منه قول البوصيري في " مصباح الزجاجة " (4/ 82 1 - 83 1):

(14/866)


@@@ 867
" هذا إسناد صحيح، وأبو البختري اسمه: (سعيد بن فيروز الطائي)، رواه
أبو داود الطيالسي في " مسنده " عن شعبة عن عمرو بن مرة به. ورواه..." إلى
آخر تخريجه.

وجعله رواية الطيالسي مثل رواية ابن ماجه - التي لم يذكر فيها الرجل - مما
يؤكد غفلته عن العلة.
وقد اغتر بتصحيحه المعلقون الثلاثة على " الترغيب " (3/ 180)، فنقلوه،
وأقروه، ولكنهم لم يتبنوه ؛ بل صدروه بقولهم: " حسن "! وهذا من باب (أنصاف
حلول) - كما يقال -، أو: (خالف تعرف) !!

والمحفوظ في هذا الباب عن أبي سعيد مرفوعاً بلفظ:
" لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بحق إذا علمه ".
قال أبوسعيد: " فما زال بنا البلاء حتى قصرنا، وإنا لنبلغ في السر ".

رواه جماعة ؛ منهم: أحمد، أخرجه عقب حديث الترجمة ؛ كأنه يشير إلى
ترجيحه على حديث الترجمة، وهو مخرج في " الصحيحة " (168).

6873 - (مَنْ زَنَى خَرَجَ مِنْهُ الإِيمَانُ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ غَيْرَ مُكْرَهٍ، وَلا
مُضْطَرٍّ خَرَجَ مِنْهُ الإِيمَانُ، وَمَنِ انْتَهَبَ نُهْبَةً يستشرفها (1) النَّاسَ خَرَجَ
مِنْهُ الإِيمَانُ، فَإِنْ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ).

منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (7/ 371/ 7224): حدثنا
__________
(1) الأصل: (يستسمر فيها) 1 والتصحيح من " المعجم " و " المعرفة ".

(14/867)


@@@ 868
محمد بن شعيب الأصبهاني: ثنا حفص بن عمر المهرقاني: ثنا عامر بن إبراهيم
عن يعقوب القمي عن عنبسة عن عيسى بن جارية عن شريك - رجل من
الصحابة - قال:... فذكره مرفوعاً.

وأخرجه ابن قانع في " معجم الصحابة " (ق 68/ 2 - 69/ 1)، وأبو نعيم
في " أخبار أصبهان " (1/ 174)، و في " معرفة الصحابة " (ق 317/ 2)،
والشجري في " الأمالي " (1/ 38) من طرق أخرى عن عامر بن إبراهيم
الأصبهاني به. وقال أبو نعيم:
" تفرد به يعقوب ".
قلت: وهو صدوق يهم.

وشيخه عنبسة هو: (ابن سعيد قاضي الري) ؛ كما في شيوخ (يعقوب
القمي) والرواة عن (عيسى بن جارية) من " التهذيب ". وقد ترجم له فيه
- ومن قبله الخطيب في " تاريخ بغداد " (2 1/ 284 - 285) - بما يدل على أنه ثقة
بلا خلاف. وهل هو المترجم في "طبقات المحدثين " (1/ 180/ 90/ 5)،
و " أخبار أصبهان " (2/ 144) باسم (عنبسة بن أبي حفص الأصبهاني) ؛
فقد ذكر له أبو نعيم حديثاً آخر من رواية عامر بن إبراهيم: ثنا يعقوب القمي: ثنا
عنبسة عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر... ؟ موضع نظر.

وأما (عيسى بن جارية) فهو علة الحديث ؛ لأنه لم يوثقه غير ابن حبان (5/
214)، مع تضعيف الآخرين، فقال ابن معين:
" عنده مناكير ". وكذا قال أبو داود. وقال في موضع آخر:

(14/868)


@@@ 869
" منكر الحديث ". وضعفه آخرون.
نعم ؛ قال أبو زرعة:
"لابأس به ".
ولعل هذا هو معتمد قول الحافظ في ترجمة (شريك) هذا من " الإصابة"
- بعدما عزا الحديث لابن شاهين وابن السكن -:
" رجاله ثقات "! وقوله في " الفتح، (12/ 61):
" وأخرج الطبراني بسند جيد من رواية رجل من الصحابة لم يسم ؛ رفعه..."!
فذكر الجملة الأولى منه.

لكنه نقل في " الإصابة " عن ابن السكن أنه قال:
" في إسناده نظر ". ويؤيده قوله في " التقريب ":
"فيه لين ".

وأيضاً ؛ فقد جاءت الجملة المذكورة بسند صحيح عن أبي هريرة نحوه وزاد:
" وكان كالظلة، فإذا انقلع منها ؛ رجع إليه الإيمان ".
وهو مخرج في " الصحيحة " (509).
وروي عنه بلفظ:
"... نزع الله منه الإيمان ؛ كما يخلع الإنسان القميص من رأسه ".

(14/869)


@@@ 870
لكنه ضعيف - كما تقدم بيانه برقم (1274) -.
ومن أوهام الحافظ قوله المتقدم:
" رجل من الصحابة لم يسم "!

فهذا مخالف لما في رواية الطبراني وغيره أنه (شريك)، ولعله أراد أن يقول
هذا، ويتبعه بقوله: (ولم ينسب).. فسبقه القلم فقال ما قال.

وأسوأ وهماً منه قول شيخه الهيثمي في" المجمع " (1/ 101):
" رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه جماعة لم أعرفهم "!

فإنهم جميعاً معروفون، ومن رجال " التهذيب " ؛ غير (شريك)، وأستبعد
جداً أنه يعنيه ؛ لصحبته. ويمكن أن ممن عناه شيخ الطبراني: (محمد بن شعيب) ؛
فقد صرح في بعض المواضع بأنه لا يعرفه، فانظر مثلاً (6/ 115 و 10/ 306)،
وهو مترجم عند أبي الشيخ في " طبقاته "، وأبي نعيم في " أخباره " وقال:
" يروي عن الرازيين بغرائب، حدثنا عنه القاضي، توفي سنة 300 ". انظر
كتاب الشيخ حماد الأنصاري (289/ 568).

ثم إن الهيثمي لم يسق من الحديث إلا الجملة الأولى منه فقط، ولا أدري ما
هو السبب ؟ وجرى على نسقه السيوطي في " الجامع الصغير " و " الكبير " أيضاً!!

(تنبيه): كنت قبل أن أقف على إسناد الحديث اتبعت الحافظ ابن حجر في
تقويته لإسناده، معتمداً على نقل المناوي عنه وإقراره إياه ولتحسين السيوطي بالرمز
له!

(14/870)


@@@ 871
6874 - (مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَعَلَهَا فِي بَطْنِهِ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَلَاةً
سَبْعًا إِنْ مَاتَ فِيهَا ( وفي رواية: فيهن ) مَاتَ كَافِرًا ، فَإِنْ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ
عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ ( وفي الرواية الأخرى: القرآن ) لَمْ تُقْبَلْ لَهُ د
صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِنْ مَاتَ فِيهَا ( وفي الأخرى: فيهن ) مَاتَ كَافِرًا).

منكر.
أخرجه النسائي (2/ 331)، والطبراني في " المعجم الكبير " (12/
404/ 13492)، وابن الجوزي في " الموضوعات " (3/ 41) من طريقين عن
يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. والسياق مع الرواية
الأخرى للنسائي. وقال ابن الجوزي:
" حديث لا يصح، قال علي ويحيى: لا يحتج بحديئه. وقال ابن المبارك: ارمِ
به. وقال النسائي: متروك الحديث ".

وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2/ 202) بقوله:
" أخرجه النسائي "!

فلم يصنع شيئاً ؛ إلا إن كان يريد أنه كان الأولى به أن يعزوه إليه ؛ فنعم.
وأما عطف ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/ 230) على النسائي:
" وا لحاكم، وصححه "!

فهو خطأ محض ؛ لأنه بلفظ آخر وطريق أخرى، وليس فيه:
" إن مات فيها ؛ مات كافراً ".
وكذلك رواه ابن حبان (1378) وغيره، وعنده مكان هذه الجملة:

(14/871)


@@@ 872
" فإن مات ؛ دخل النار ". وقال:
" أربعين صباحاً ".. مكان: " سبعاً ".
وهذا مما يؤيد نكارة حديث الترجمة.

ويؤكده أن يزيد بن أبي زياد - مع ضعفه - قد خالفه الثقة فضيل بن عمرو
الفقيمي، إسناداً ومتناً ؛ فقال: عن مجاهد عن ابن عمر قال:
" من شرب، فلم ينتشي ؛ لم تقبل له صلاة ما دام في جوفه أو عروقه منها
شيء، وإن مات، مات كافراً، وإن انتشى ؛ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، وإن
مات فيها ؛ مات كافراً ".
أخرجه النسائي.

قلت: فأوقفه على ابن عمر، ولم يذكر (السبع)، لاسناده صحيح.
ثم ذكره ابن الجوزي من رواية الدارقطني من طريق عباد بن يعقوب: أنبأنا
عمرو بن ثابت عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً بلفظ:
" من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن مات منها ؛ مات كافراً
ما دام في عروقه منها شيء ". وقال ابن الجوزي:
" تفرد به عباد عن عمرو بن ثابت. فأما عباد فقال ابن حبان: يروي المناكير
عن المشاهير ؛ فاستحق الترك. وأما عمرو: فقال يحيى: ليس بثقة ولا مأمون.
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات ".

(تنبيه): حديث الترجمة وقع في الطبراني من مسند (ابن عمر)، وساقه

(14/872)


@@@ 873
في " معجمه "! وعنه ذكره الهيثمي في " المجمع " (5/ 71) وقال:
" رواه الطبراني، وفيه يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف ".

وإن من جهالات المعلقين الثلاثة على " الترغيب "، واعتدائهم على الحديث،
وتخبطاتهم فيه ؛ قولهم (3/ 225) في هذا الحديث:
" حسن، رواه النسائي "!

6875 - (تعبد عابد من بني إسرائيل ، فعبد الله في صومعته ستين
عاما ، فأمطرت الأرض ، فاخضرت ، فأشرف الراهب من صومعته ،
فقال : لو نزلت فذكرت الله ، فازددت خيرا ، فنزل ومعه رغيف أو رغيفان ،
فبينما هو في الأرض ، لقيته امرأة ، فلم يزل يكلمها وتكلمه ، حتى غشيها ،
ثم أغمي عليه ، فنزل الغدير يستحم ، فجاءه سائل ، فأومأ إليه أن يأخذ
الرغيفين ، أو الرغيف ، ثم مات، فوزنت عبادة ستين سنة بتلك الزنية ،
فرجحت الزنية بحسناته ، ثم وضع الرغيف أو الرغيفان مع حسناته ،
فرجحت حسناته فغفر له ).

منكر جداً.
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1/ 298/ 379) من
طريق غالب بن وزير الغزي: حدثنا وكيع قال: حدثني الأعمش عن المعرور بن
سويد عن أبي ذر مرفوعاً. وقال:
" سمع هذا الخبر غالب بن وزير عن وكيع بـ (بيت المقدس)، ولم يحدث به
بـ (العراق)، وهذا مما تفرد به أهل فلسطين عن وكيع ".

قلت: لعل الأولى أن يقال: (تفرد به غالب الفلسطيني) ؛ لأن (أهل) اسم

(14/873)


@@@ 874
جنس يشمل أكثر من واحد ؛ فيخشى أن يفهم منه بعضهم أن (غالباً) قد توبع،
وليس كذلك ؛ بل هو من مناكيره، ولعل هذا هو ملحظ الحافظ في " اللسان "
حينما لم ينقل عبارة ابن حبان هذه نصاً، وإنما بالمعنى فقال (4/ 416):
" قال ابن حبان: لم يحدث به وكيع بالعراق، وهذا مما تفرد به غالب عنه ".
قلت: ثم إن غالباً هذا ليس بالمشهور بالرواية والعلم ؛ لان ذكره ابن حبان في
" ثقاته " (9/ 3) وقال:
" حدثنا عن ابن قتيبة وغيره، مستقيم الحديث ".

كذا قال! وخالفه العقيلي، وهو أقعد منه في هذا المجال ؛ فقد أورده في
" الضعفاء " (3/ 434)، وقال:
" حديثه منكر لا أصل له، ولم يأت به عن ابن وهب غيره، ولا يعرف إلا
به ". وأقره الحافظ، وبه تعقب توثيق ابن حبان.

ثم ساق العقيلي لفظه، وقد مضى تخريجه برقم (1420) بسنده عن ابن
وهب بإسناده عن معاذ مرفوعاً، وأن أبا نعيم استغربه، والذهبي أبطله في " الميزان ".
ولذلك قال في ترجمة (غالب) هذا من " المغني ":
" هالك ".

ويغلب على ظني أن أصل الحديث من الإسرائيليات، رفعه هذا الهالك خطأً
أوقصداً ؛ فقد صح موقوفاً عن عبد الله بن مسعود نحوه.

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (3/ 111)، وابن المبارك في " البر
والصلة " (رقم 284 - بتوقيمي)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (3/ 262/

(14/874)


@@@ 875
3488) من طريق سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله بن
مسعود به.

قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير أبي الزعراء،
واسمه: ( عبد الله بن هانئ)، وثقه ابن سعد وابن حبان، والعجلي قال:
" ثقة من كبار التابعين ".

وهو صاحب ابن مسعود - كما قال الحافظ الفسوي في " المعرفة " 31/ 200) -.

ومن هذا التخريج والتحقيق يتبين خطأ المنذري في سكوته على تصحيح ابن
حبان، ولا سيما وقد فعل ذلك وكرره. في موضعين من كتاب ( 8 - الصدقات)
وثالث في كتاب (21 - الحدود).

كما يتبين خطأ المعلقين الثلاثة ؛ فقد عارضوا المنذري في المرفوع والموقوف،
فضعفوهما معاً (1/ 676)، الأول: تقليداً لقول العقيلي المتقدم. والآخر: ادعاء
بغير بينة لا يعجز عنه أي جاهل. وهي عادة لهم - كما سبق ذكره مراراً -! والله
المستعان.

هذا ؛ وللأعمش حديث آخر يرويه فضعف من قبل حفظه، يشبه هذا في
بعض ألفاظه، وفي كونه اضطرب راويه في رفعه ووقفه، وأن الأشبه فيه أنه من
الإسرائيليات، فناسب تخريجه لبيان حاله، وقد حاول بعضهم تقويته، فعليك به!
ثم رأيت الأعمش قد روى حديث الترجمة بإسناد آخر له موقوفاً: فقال ابن أبي
شيبة أيضاً (3 1/ 83 1/ 57 0 6 1): حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن
أبي سفيان عن مغيث بن سُمي قال:

(14/875)


@@@ 876
" كان رجل يتعبد في صومعته نحواً من ستين سنة... " الحديث نحوه.
وإسناده إلى (مغيث) صحيح على شرط مسلم، ومغيث ثقة من التابعين.

6876 - (تعبد رجل في صومعة فمطرت السماء فاعشبت
الأرض فرأى حمارا يرعى فقال: يا رب! لو كان لك حمار ارعيته مع حماري؟
فبلغ ذلك نبيا من أنبياء بني إسرائيل فأراد ان يدعو
عليه فأوحى الله إليه إنما اجازي علي العباد على قدر عقولهم).
منكر.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (1/ 165)، ومن طريقه ابن
الجوزي في " الموضوعات " (1/ 174 - 175)، وابن شاهين في " الترغيب "
(257/ 258)، والبيهقي في " الشعب " (4/ 156/ 4640)، والخطيب في
" التاريخ " (4/ 13 و 46 -47) ؛ كلهم من طريق أحمد بن بشير: حدثنا
الأعمش عن سلمة بن كهيل عن عطاء عن جابر مرفوعاً. وقال ابن عدي:
" هذا حديث منكر، لا يرويه غيرأحمد بن بشير".

ثم ساق له أحاديث أخرى بأسانيد مختلفة، ثم قال:
" وله أحاديث صالحة، وهذه الأحاديث التي ذكرتها أنكر ما رأيت له، وهو في
القوم الذين يكتب حديثهم ".

وأقره ابن الجوزي، وزاد بعد قوله: (أحمد بن بشير):
"... قال يحيى بن معين: أحمد بن بشيرمتروك ".
وتعقبه السيوطي في " اللآلي المصنوعة " (1/ 132) بقوله:

(14/876)


@@@ 877
" قلت: هو من رجال " الصحيح "، أخرج له البخاري في " صحيحه "، وقال
أبو زرعة: صدوق. وقال الدارقطني: ضعيف يعتبر بحديثه. والحديث أخرجه
البيهقي في " الشعب "، وقال: تفرد به أحمد بن بشير، قال: وروي من وجه أخر موقوفاً... ".

قلت: وفي هذا التعقب مؤاخذات:

الأولى: إقراره ابن الجوزي على نسبة قوله: " متروك " لإبن معين ؛ فإنه وهم،
وإنما هو قول عثمان بن سعيد الدارمي ؛ فقد قال هذا في كتابه " تاريخ عثمان بن
سعيد عن أبي زكريا يحيى بن معين " (184/ 664):
" قلت: فـ (عطاء بن المبارك) تعرفه ؟ فقاله: من يروي عنه؟ قلت: ذاك
الشيخ (أحمد بن بشير). فقال: هه. كأنه يتعجب من ذكر (أحمد بن بشير)،
فقال: لا أعرفه.

قال عثمان: (أحمد بن بشير) كان من أهل الكوفة ؛ ثم قدم بغداد، وهو
متروك ".

وهكذا رواه ابن عدي عن عثمان بن سعيد الدارمي في أول ترجمته لـ (أحمد
ابن بشير)، ورواه الخطيب عن ابن عدي وتعقبه بقوله:
" قلت: ليس (أحمد بن بشير) الذي روى عن عطاء بن المبارك مولى عمرو
ابن حريث الكوفي ؛ ذاك بغدادي - سنذكره بعد إن شاء الله -، وأما أحمد بن بشير
الكوفي، فليست حاله الترك، وإنما له أحاديث تفرد بروايتها وقد كان موصوفاً بالصدق ".

(14/877)


@@@ 878
ثم ساق له هذا الحديث من طريق ابن عدي، وحكى قوله المتقدم: " حديث
منكر "، وأقره.

الثانية: قوله: " أخرج له البخاري في (صحيحه) " يوهم أنه اجتج به،
وليس كذلك ؛ فقد قال أعرف الناس برجاله، ألا وهو الحافظ ابن حجر في " مقدمة
فتح الباري " (385 - 386) بعد أن ذكر بعض الأقوال المختلفة في حاله:
" أخرج له البخاري حديثاً واحداً تابعه عليه مروان بن معاوية، وأبو أسامة،
وهو في " كتاب الطب "، فأما تضعيف النسائي له ؛ فمشعر بأنه غير حافظ ".
ولذلك ؛ قال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق، له أوهام ".

قلت: فالعجب منه كيف رمز له بـ (خ) وأطلقه ولم يقيده بقوله: " متابعة "
- كما يقتضيه كلامه المتقدم -، وكأنه تبع في ذلك أصله " تهذيب الكمال "
للمزي ؛ فإنه أطلقه أيضاً!

قلت: فمثله قد يحسن حديثه، وقد يضعف، حسب القرائن التي قد تحتف
به - كما هو الشأن هنا - ؛ فإنه قد أنكره ابن عدي والخطيب، وتبعهما الذهبي
في " الميزان "، ويؤيده المؤاخذة التالية:

الثالثة: قوله عن البيهقي: " وروي من وجه آخر موقوفاً ".

قلت: هذا مما يدل على أنه لا وجه لتعقبه المتقدم على ابن الجوزي ؛ لأن
الموقوف هو من طريق (أحمد بن بشير) نفسه، أخرجه البيهقي برقم (4639)
من طريق محمد بن الصلت عنه بسنده المتقدم عن جابر بن عبد الله قال:...

(14/878)


@@@ 879
فذكره. وقال:
" هذا موقوف، وروي مرفوعاً ".

قلت: ومحمد بن الصلت هذا - هو: أبو جعفر الكوفي، وهو -: ثقة من شيوخ
البخاري ؛ وهذا يعني: أن (أحمد بن بشير) كان يضطرب في ضبطه واسناده
فتارة يرفعه - كما تقدم -، وتارة يوقفه، وهذا مما يؤكد ضعف حفظه الذي أشار اليه
النسائي، وغيره ممن ضعفه صراحة كالدارقطني.

واذا عرفت هذا ؛ فالحديث بالوقف أشبه، ثم هو كأنه من الإسرائيليات التي
كان بعض الصحابة يتلقاها عن أهل الكتاب، وموقفنا منها مع قول نبينا صلى الله عليه وسلم:
" فلا تصدقوهم، ولا تكذبوهم...". رواه البخاري، وهو في " الصحيحة "
(422).

6877 - ا لا يدخل الجنة مسكين مستكبر، ولا شيخ زان، ولا منان
على الله بعمله).

منكر بجملة: (المنان).
أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/ 2/ 82/
2255)، وابن قانع في "معجم الصحابة " (ق 181/ 1)، وأبو نعيم في " المعرفة "
(2/ 218/ 2)، والطبراني في " المعجم الكبير " وغيرهم من طريق الصباح بن
يحيى عن خالد بن أبي أمية عن نافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً: الصباح هذا: قال البخاري (2/ 2/ 312):

(14/879)


@@@ 880
"فيه نظر".
ولم يعرفه أبو حاتم ولا ابنه، فقال في " الجرح " (2/ 1/ 442/ 1941):
" سألت أبي عنه ؟ فقال: شيخ ". وقال الذهبي في " الميزان ":
" متروك ؛ بل متهم ". وأقره الحافظ في " اللسان "، وقال - نقلاً عن العقيلي
وابن عدي -:
" هو من جملة الشيعة ".

وفاتهما أن ابن حبان ذكره في " الضعفاء " وقال (1/ 277):
" كان ممن يخطئ حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد ".

وشيخه (خالد بن أبي أمية) ؛ فهو مجهول لا يعرف إلا بهذه الرواية، وبها
أورده البخاري وابن أبي حاتم في كتابيهما، وسكتا عنه. ومن العجيب أن ابن
حبان أورده كذلك في كتابه " الثقات " (4/ 199)! فأخل بذلك بشرطه
المعروف في مقدمة كتابه " الصحيح " (1/ 83 - الإحسان)، وهو أن يكون
الراوي معروفاً بالعدالة والصدق في الحديث والشهرة فيه. فراجعه ؛ فإنه مهم جداً،
وقد أخل بعدم التزامه إياه في مئات الرواة ؛ فكيف يوثق (خالداً) هذا وليس له
إلا هذا الراوي الضعيف... باعترافه ؟!

وقد وجدت لخالد متابعاً لا يساوي شيئاً ؛ يرويه أبو مالك الأشجعي عن
يوسف بن ميمون عن نافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم به.
أخرجه أبو نعيم قال: حدثناه أبو عمرو بن حمدان: ثنا الحسن بن سفيان عن
فياض بن زهير: ثنا يزيد بن هارون: أبنا أبو مالك الأشجعي.

(14/880)


@@@ 881
قلت: يوسف بن ميمون هذا: قال البخاري وأبو حاتم:
" منكر الحديث جداً ". وقال أحمد:
"ليس بشيء".

وضعفه آخرون ؛ وتناقض فيه ابن حبان. انظر " التهذيب ".
و (فياض بن زهير): لم أعرفه. وأخشى أن يكون وقع في الأصل شيء من
الخلط في إسناده ؛ فقد عزاه الحافظ في ترجمة (نافع) هذا من " الإصابة " لأسلم
ابن سهل في " تاريخ واسط " من طريق يزيد بن هارون عن عبد الملك بن حسين
عن يوسف بن ميمون عنه به.

وأسلم بن سهل هذا هو المعروف بـ (بحشل)، ولم أجد الحديث في " تاريخ
واسط " المطبوع، فلا أدري أسقط الحديث منه، أم في العزو شيء ؟ ثم قال الحافظ:
" أخرجه البخاري ومطين والحسن بن سفيان والبغوي وابن أبي داود وابن
السكن وابن شاهين والطبراني وابن منده من طريق أبي سعيد الأشج عن عقبة
ابن خالد عن الصباح بن يحيى عن خالد بن أبي أمية... فذكر الحديث مثله،
لكن فيه تقديم وتأخير. قال البغوي: ولا أعلم بهذا الإسناد غير هذا الحديث.
وأخرجه ابن قانع من وجه آخر عن الصباح بن يحيى عن خالد بن أمية (!)...
ولم يذكر قوله: (ولا منان على الله بعمله) ".
كذا قال ؛ فقد ذكر الحسن بن سفيان في جملة الذين أخرجوا الحديث من
طريق (خالد بن أبي أمية) ؛ دون الطريق الأخرى التي رواها أبو نعيم عن الحسن

(14/881)


@@@ 882
ابن سفيان بسنده المتقدم عن يوسف بن ميمون.. فلا أدري هل في عزو الحافظ
تقصير وغفلة عن رواية أبي نعيم - مع استقصائه مصادر الطريق الأولى -، أم في
رواية أبي نعيم شيء - كما سبقت الإشارة إليه - ؛ فالأمر بحاجة إلى زيادة تحقيق.
والله أعلم.

(تنبيه): ذكرت في صدر هذا التخريج الطبراني في جملة من أخرج الحديث
اعتماداً على تخريج الحافظ المذكور آنفاً، وكذا على عزو المنذري إياه في " الترغيب "
(3/ 193/ 18)، الا أنه وقع في اسناده تحريف، فقال:
" رواه الطبراني من رواية الصباح بن خالد بن أبي أمية عن رافع، ورواته إلى
(الصباح) ثقات "!

فجعل (الصباح) ابن خالد ؛ فصار تابعياً! وصرح بذلك الهيثمي - تقليداً منه
للمنذري، فقال - في " مجمعه " (6/ 255):
" رواه الطبراني، وتابعيه (الصباح بن خالد بن أبي أمية): لم أعرفه، وبقية
رجاله ثقات "!
وقد عرفت أن الصواب: (عن)، وأن والد (الصباح): (يحيى)، وأنه
متروك، وأن شيخه (خالد بن أبي أمية) مجهول.

ثم إنني إنما أخرجت الحديث هنا لقوله فيه: " ولا منان على الله بعمله "،
وإلا ؛ فسائر الحديث ثابت في غير ما حديث، منها: حديث سلمان رضي الله عنه
المخرج في " الصحيحة " (3461)، بل وفي بعضها ذكر (المنان) دون قوله: " على
الله بعمله "، وهو مخرج في " الصحيحة " من حديث ابن عمرو (673)، وابن
عمر أيضاً (674) ؛ فليكن هذا منك على بال.

(14/882)


@@@ 883
6878 - (ملعون ملعون من أغرى بين بهيمتين).
منكر.
أخرجه الخطيب في "التاريخ " (4/ 329 - 0 33): أخبرنا أبو
القاسم الأزهري: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن: حدثنا أبو بكر أحمد بن
العباس بن حمويه الخلال - وما حدث بغير هذا الحديث -: حدثنا الحسن بن
محمد بن الصباح الزعفراني: حدثنا أبو معاوية الضرير: حدثنا الأعمش عن أبي
صالح عن أبي هريرة مرفوعاً به، وهو طرف من حديثه، ولفظه:
" ملعون ملعون من سب أباه، ملعون ملعون من سب أمه، ملعون ملعون من
عمل عمل قوم لوط، ملعون ملعون من أغرى بين بهيمتين، ملعون ملعون من غيّر
تخوم الأرض، ملعون ملعون من كمه أعمى عن الطريق ".
وقال الخطيب:
" حديث منكر، لا يثبت بهذا الإسناد، والحمل فيه على (الخلال) ؛ فإن
كل من عداه من المذكودين في إسناده ثقة ".
وذكره الذهبي في" الميزان " وقال:
"متهم ".
ثم ساق له هذا الحديث، وذكر قول الخطيب المذكور بتلخيص، وأقره الحافظ
في " اللسان ".

وإنما أفردت الجملة المذكورة عن سائر الحديث ؛ لأني لم أجد لها شاهداً بهذا
اللفظ، ويغني عنه - لو صح - حديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ:
" نهى عن التحريش بين البهائم ".
وهو حديث ضعيف مضطرب الإسناد ؛ كما تراه محققاً في " غاية المرام "

(14/883)


@@@ 884
(219 - 220/ 383) ؛ فراجعه إن شئت.
وأما سائر الحديث ؛ فله شاهد صحيح من حديث ابن عباس أيضاً دون تكرار
لفظ: " ملعون " إلا في جملة (عمل قوم لوط) ؛ فقد كررها ثلاثاً، وهو مخرج
في " الصحيحة " (3462).

6879 - ( اجْمَعُوا ، مَنْ وَجَدَ عُودًا فَلْيَأْتِ بِهِ ، وَمَنْ وَجَدَ عَظْمًا أَوْ
شَيْئًا فَلْيَأْتِ بِهِ. قَالَ : فَمَا كَانَ إِلا سَاعَةً حَتَّى جَعَلْنَاهُ رُكَامًا ، فَقَالَ:
أَتَرَوْنَ هَذَا؟ ، فَكَذَلِكَ تَجْتَمِعُ الذُّنُوبُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْكُمْ كَمَا جَمَعْتُمْ \
هَذَا ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَجُلٌ ، فَلا يُذْنِبْ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً ، فَإِنَّهَا مُحْصَاةٌ عَلَيْهِ ).

ضعيف .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (6/63 - 64/5485)
من طريق محمد بن سعد العوفي: ثنا أبي: ثنا عمي الحسين عن يونس بن نفيع
عن سعد بن جنادة قال:
لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين، نزلنا قفراً من الأرض ليس فيه شيء، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ وفيه علل:
الأولى: محمد بن سعد - وهو: ابن محمد بن الحسن بن عطية العوفي -:
قال في " الميزان ":
" قال الخطيب: كان ليناً في الحديث، وروى الحاكم عن الدارقطني أنه
لا بأس به ".

(14/884)


@@@ 885
الثانية: أبوه سعد بن محمد بن الحسن: قال أحمد:
" جهمي، ولم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعاً لذاك " ؛ كما
في " اللسان ".

الثالثة: عمه (الحسين) - وهو: ابن الحسن بن عطية العوفي -: متفق على
تضعيفه ؛ كما هو مبين في " اللسان "، وقال:
" وقيل: كان العوفي هذا طويل اللحية جداً ".

الرابعة: يونس بن نفيع: لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المراجع، وقد
ساق له الطبراني سبعة أحاديث بهذا الإسناد، وذكر أبو نعيم في " المعرفة " (1/
280/ 1) أن لسعد بن جنادة بهذا الإمناد نحو عشرة أحاديث.

وقد وهم الهيثمي وهماً فاحشاً في هذا الراوي فقال في " المجمع " (10/ 190):
" رواه الطبراني، وفيه (نفيع أبو داود)، وهو ضعيف "!

فكأنه ظن أن (يونس بن نفيع) خطأ، صوابه: (يونس) عن (نفيع)،
وفسر من عنده أنه (نفيع أبو داود)، وساعده على ذلك أن من الرواة عن (نفيع)
هذا (يونس بن أبي إسحاق)! فقال ما قال. وكان من الممكن أن نجد له عذراً في
هذا التصويب المبني على هذه الأوهام ؛ لو أن الطبراني روى بالإسناد المذكور هذا
الحديث الواحد ؛ لأن (بن) كثيراً تُحَرّف إلى (عن)، وعلى العكس. أما
والطبراني قد روى به ستة أحاديث أخرى - كما تقدم - ؛ فهو حقاً من أفحش
الأوهام وأغربها.

يضاف إلى ما ذكرت أنه ألان القول في (نفيع) هذا، وحاله أسوأ مما قال ؛

(14/885)


@@@ 886
فإنه متروك، وقد كذبه ابن معين.
وأما المنذري ؛ فاكتفى في " الترغيب " بالإشارة إلى تضعيف الحديث (3/
211 - 212/ 4)، وقلده المعلقون الثلاثة، ونقلوا كلام الهيثمي المتقدم وأقروه، ولا
يليق بهم إلا ذلك!

6880 - (كَانَ لِيَعْقُوبَ النَّبِيِّ أَخٌ مُوَاخٍ لَهُ، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: مَا الَّذِي
أَذْهَبَ بَصَرَكَ، وَقَوَّسَ ظَهْرَكَ ؟ قَالَ: أَمَّا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرِي، فَالْبُكَاءُ عَلَى
( يُوسُفَ) ، وَأَمَّا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرِي فَالْحُزْنُ عَلَى ( بِنْيَامِينَ )، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ
عليه السلام فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ! إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ لك: أَمَا
تَسْتَحْي أَنْ تَشْكُوَنِي إِلَى غَيْرِي؟ فَقَالَ يَعْقُوبُ: { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي
وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ }. فَقَالَ جِبْرِيلُ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَشْكُو).

منكر.
أخرجه ابن أبي حاتم في" التفسير " (5/ 101/ 1 - 2): حدثنا
الحسن بن عرفة: ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية عن حفص بن عمر بن
أبي الزبير عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات ؛ غير (حفص) هذا، ولا يعرف الا
بهذه الرواية، ذكره ابن حبان في " الثقات " (4/ 153):
" حفص بن عمر بن أبي الزبير: يروي عن أنس بن مالك، روى عنه يحيى
ابن عبد الملك بن أبي غنية ". وقال الذهبي في " الميزان ":
" ضعفه الأزدي، فلعله: عن أبي الزبير، أو كأنه (حفص بن عمر بن أبي
يزيد ؛ عن ابن الزبير، لا: عن أبي الزبير)، ولا يعرف من ذا ؟ ". ولذا قال الحافظ

(14/886)


@@@ 887
ابن كثير في تفسير سورة ( يوسف):
" حديث غريب فيه نكارة ".
لان مما يؤكد جهالة هذا الراوي الاختلاف في اسمه ؛ فقد رواه الحاكم ( 2/
348)، ومن طريقه البيهقي في " الشعب " (3/ 230/ 3 0 34) بسنده عن ابن
أبي شيبة: ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية عن حفص بن عمر بن
الزبير...، كذا فيه: (ابن الزبير)، وقال الحاكم:
" هكذا في سماعي: (حفص بن عمر بن الزبير)، وأظن (الزبير) وهماً من
الراوي ؛ فإنه: ( حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري) ابن أخي
أنس بن مالك، فإن كان كذالك ؛ فالحديث صحيح "!

كذا قال، وهو بعيد جداً ؛ لأنه لا مستند له إلا الظن، مع مخالفة الطريقين
المتقدمين على الخلاف بينهما: (أبي الزبير) ... (ابن الزبير).

وأخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (7/ 61 - 62/ 1 0 61)، و " المعجم
الصغير " ( 178 - هند) من طريق وهب بن بقية الواسطي قال: حدئنا يحيى بن
عبد الملك بن أبي غنية عن حصين بن عمر الأحمسي عن أبي الزبير عن أنس
بن مالك... وقال:
" لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به وهب بن بقية ".

كذا قال! و (حصين بن عمر الأحمسي): متروك - كما في " التقريب " -،
لكن شيخ الطبراني الراوي عن وهب (محمد بن أحمد الباهلي البصري): قال ابن عدي:

(14/887)


@@@ 888
" يضع الحديث ".
ثم ساقه الحاكم من طريق إسحاق بن راهويه: أنبأ عمرو بن محمد: ثنا زافر
ابن سليمان عن يحيى بن عبد الملك عن أنس بن مالك مرسلاً.

يعني: منقطعاً، بإسقاط الواسطة بين (ابن عبد الملك) - وهو: ابن أبي غنية - وأنس.
ورواه ابن أبي الدنيا في " الفرج بعد الشدة " (ص 13): حدثني الحسين
ابن عمرو بن محمد القرشي (كذا): حدثنا أبي: أنا زانر بن سليمان عن
يحيى ابن عبد الملك عن رجل عن أنس...

قلت: فأثبت الواسطة، ولم يسمه. لكن الحسين هذا - وهو: ابن عمرو بن
محمد العنقزي -: قال أبو زرعة الرازي:
" كان لا يصدق ".

وزافر بن سليمان: صدوق كثير الأوهام ؛ - كما قال الحافظ -:
ورواه الييهقي (4 0 34) من طريق الحاكم أيضاً، و (3405) علقه على
(الحسين بن عمرو بن محمد القرشي) عن أبيه...

وبالجملة ؛ ففي الإسناد اضطراب وجهالة، وقد أخطأ المعلق على " شعب
الإيمان " بقوله:
" أخرجه المصنف من طريق الحاكم (2/ 348)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي ".

(14/888)


@@@ 889
فإن الحاكم - وبالتالي الذهبي - لم يصححه إلا على الظن، وقد سبق الجواب عنه.

وللحديث طريق أخرى واهية جداً: من طريق يحيى بن حميد عن أبان بن
أبي عياش عن أنس بن مالك...

أخرجه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني في " مسنده " - كما في " المطالب
العالية المسندة " (2/ 31/ 2) -، ومن طريقه الأصبهاني في " الترغيب " (2/
1019/2506).
قلت: أبان هذا: قال أحمد:
" تركوا حديثه ".
ويحيى بن حميد: لم أعرفه.

ثم إن للحديث تتمة طويلة في رواية غير ابن أبي حاتم، وهي مما يؤكد نكارة
الحديث - كما تقدم عن الحافظ ابن كثير -، والأشبه عندي أنه من الإسرائيليات،
وهم في رفعه بعض الرواة. والله أعلم.

6881 - (أَيُّمَا رَجُلٍ أَضَافَ قَوْمًا فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا فَإِنَّ نَصْرَهُ
حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَتَّى يَأْخُذَ بِقِرَى لَيْلَةٍ مِنْ زَرْعِهِ وَمَالِهِ).

منكر بهذ ا التمام.
أخرجه أبو داود (3751)، والدارمي (2/ 98)،
والحاكم (4/ 132)، والطيالسي في " مسنده " (156/ 1149)، ومن طريقه
البيهقي في " السنن " (9/ 93 1)، وكذا الذهبي في " السير " (7/ 227)،

(14/889)


@@@ 890
وأحمد (4/ 31 1 و 33 1)، والبغوي في " شرح السنة " (11/340 - 341/
3004)، كلهم من طريق شعبة: حدثني أبو الجودي عن سعيد بن المهاجر عن
المقدام أبي كريمة مرفوعاً. وقال الحاكم:
. " صحيح الإسناد "! وأقره المنذري (3/ 242/ 8)، ووافقه الذهبي!

وغفلوا جميعاً عن جهالة سعيد بن المهاجر ؛ فإنه لا يعرف الا بهذه الرواية،
ولذا قال الحافظ في " التقريب " - تبعاً لابن القطان -:
"مجهول "(1) .

ثم غفل عن هذا ؛ فقال في " التلخيص الحبير " (4/ 159) - بعدما عزاه
لأبي داود -:
" وإسناده صحيح "!
قلت: وعلى العكس منه تنبه الذهبي للجهالة ؛ فقال في " السير ":
" هو من غرائب شعبة، وسعيد شامي لا يعرف ".

وفي الحديث علة أخرى ؛ وهي نكارة لفظه، ومخالفة سعيد بن المهاجر
للشعبي ؛ فإنه رواه عن المقدام عن النبي صلى الله عليه وسلم مختصراً بلفظ:
" ليلة الضيف حق على كل مسلم، فمن أصبح بفنائه ؛ فهوعليه دين، ان
شاء ؛ اقتضى، وإن شاء ؛ ترك ".

رواه أبو داود أيضاً وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في " الصحيحة " (224).
__________
(1) قلت: وذكره ابن حبان في " الثقات " (4/ 293) على قاعدته في توثيق الجهولين!

(14/890)


@@@ 891
وأخرجه الطبراني (0 2/ 281/ 665) من طريق أبي فروة يزيد بن محمد
ابن سنان: ثنا أبي عن أبيه: ثنا أبو يحيى الكلاعي عن المقدام به ؛ إلا أنه قال:
"... محروماً بفنائه ؛ وجبت نصرته على المسلمين حتى يأخذوا له بحقه من
زرعه وضرعه، لما حرمه من حق الضيافة ".

وهو بهذا اللفظ منكر أيضاً ؛ فيه ضعيفان من أولاد أبي فروة - وهو: يزيد بن
محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي -. وأبو فروة وثقه ابن حبان وروى عنه جمع ؛
لكن (محمد بن يزيد بن سنان) وأبوه ضعيفان ؛ كما قال الحافظ في " التقريب ".

6682 - (مَنْ نَصَبَ شَجَرَةً فَصَبَرَ عَلَى حِفْظِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا حَتَّى
تُثْمِرَ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُصَابُ مِنْ ثَمَرِهَا صَدَقَةٌ عِنْدَ اللَّهِ).

منكر بهذا اللفظ.
أخرجه أحمد (4/ 1 6 و 5/ 374): ثنا عبد الرزاق
قال: أنا داود بن قشر الصنعاني قال: حدثني عبد الله بن وهب عن أبيه قال:
حدثني فنّج قال:
كنت أعمل في (الدينباذ)، وأعالج فيه، فقدم يعلى بن أمية أميراً على
اليمن، وجاء معه رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءني رجل ممن قدم معه وأنا
في الزرع أصرف الماء في الزرع، ومعه في كمه جوز، فجلس على ساقية من الماء
وهو يكسر من ذلك الجوز ويأكله، ثم أشار إلى (فنج) فقال: يا فارسي! هلم،
فدنوت منه، فقال الرجال لـ (فنج): أتضمن لي غرساً من هذا الجوز على هذا
الماء ؛ فقال له (فنج): ما ينفعني ذلك ؟ قال: فقال الرجل: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول - بأذني هاتين -:... فذكره.

(14/891)


@@@ 892
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ (فنج) هذا: لا يعرف إلا بهذه الرواية، وبها
أورده البخاري وابن أبي حاتم في كتابيهما، وكذلك ابن حبان في " الثقات " (5/
299، 300)، وقال:
"شيخ "!

وقد ترجمه الحسيني في " رجال المسند "، وأشار إلى هذا الحديث وقال:
" وهو منكر ". وقال في (فنج):
" وهو مجهول ".
وأقره الحافظ في " تعجيل المنفعة " (ص 335) ؛ لكنه عقب عليه بذكر ابن
حبان إياه في " الثقات ".

و ( عبد الله بن وهب) - وهو: ابن منبه -، وداود بن قيس الصنعاني، غير
مشهورين، وقد أشار الحافظ إلى ذلك بقوله في كل منهما:
"مقبول ".

ومن هذا التحقيق يتبين للناظر تساهل المنذري في قوله في " الترغيب " (3/
245/ 6):
" رواه أحمد... وإسناده لا بأس به "!
والأحاديث الأخرى الصحيحة التي ذكرها المنذري في الباب فيها بركة وغنية
عن هذا، وقد كنت خرجت طائفة منها في المجلد الأول من " الصحيحة " تحت
عنوان: " حض الإسلام على استثمار الأرض وزرعها " ؛ فانظر الأحاديث (7 - 9)،

(14/892)


@@@ 893
ولو أن الحكومات الإسلامية قامت كلها بالعمل بها ؛ لكانوأ أغنياء اقتصادياً ولغزوا
به غيرهم.. بديل أن يغزوهم غيرهم. والله المستعان.

6883 - (جاءني جبريل عليه السلام، فقال: إن الله ارتضى هذا
الذين لنفسه، ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق ؛ فأكرموه بهما ما
صحبتموه).

ضعيف جداً.
أخرجه أبو نعيم في " أخبارأصبهان " (1/ 148)،
والأصبهاني في " الترغيب " (1/ 242 - 243/ 523) من طريق عبد الله بن
شبيب: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا أبو قتادة العدوي - من ولد عبد الله بن
ثعلبة بن أبي صعير، حليف بني زهرة - عن جري بن رزين بن دعلج الحذاء عن
ابن المنكدر وصفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عبد الله بن شبيب - هو: أبو سعيد الربعي -:
قال الذهبي في " الميزان ":
" أخباري علامة ؛ لكنه واه. قال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث... وبالغ
فضلك الرازي فقال: يحل ضرب عنقه... ".

وأبو قتادة العدوي - وفي " الترغيب ": العذري -: لم أعرفه، ومثله شيخه
(جري بن رزين)، وفي " الترغيب ": (جرير بن رزيق). والله أعلم.
ورواه عبد الملك بن مسلمة: حدثنا إبراهيم بن أبي يكر بن المنكدر قال:
سمعت محمد بن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول:... فذكره
مرفوعاً.

(14/893)


@@@ 894
أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (رقم 35 و 615)، وابن شاهين في
" الترغيب " (263/ 266)، والطبراني في " الأوسط " (9/ 424/ 8915)،
وابن حبان في " الضعفاء " (2/ 134) في ترجمة (عبد الملك) هذ!، وقال:
" يروي عن أهل المدينة المناكير الكثيرة التي لا تخفى على من عني بعلم
السنن ".
وقال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 371):
" سألت أبي عنه ؟ فقال: كتبت عنه، وهو مضطرب الحديث، ليس بقوي،
حدثني بحديث في الكرم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام بحديث
موضوع ".

قلت: يشير إلى هذا.
وليس عند الخرائطي قوله: " فأكرموه بهما ما صحبتموه ".
وأخرجه العقيلي في " الضعفاء " (1/ 46 - 47) ؛ دون قوله: " بهما... "
في ترجمة إبراهيم بن أبي بكر بن المنكدر، وقال:
" لا يتابع على حديثه ". وقال الدارقطني:
" ضعيف ".
وتمام كلام العقيلي - فيما نقله الحافظ في " اللسان " عنه -:
"... من وجه يثبت ".

وهذا غير ثابت في مطبوعة " الضعفاء ". ثم قال الحافظ:
" وأشار بقوله: " وجه يثبت " إلى رواية (محمد بن الأشرس) الآتية فيه ".

(14/894)


@@@ 895
وهناك قال في ترجمته - تبعاً للذهبي -:
" متهم في الحديث، وتركه أبو عبد الله بن الأخرم وغيره ". ثم قال الحافظ:
" وأخرج الحافظ الضياء في " المختارة "... ثنا محمد بن أشرس: ثنا
عبد الصمد بن حسان: ثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر... "
فذكر الحديث، وقال:
" وخفي على الضياء حال محمد بن أشرس ".

قلت: وعبد الصمد بن حسان هذا مروزي ؛ قال الذهبي في "المغني ":
" تركه أحمد بن حنبل، وقيله غيره ".

لكنه في " الميزان " نفى صحة المنسوب لأحمد فقال:
" وهو صدوق إن شاء الله تعالى، تركه أحمد بن حنبل، ولم يصح هذا. وقال
البخاري: وهو مقارب ". وقال ابن أبي حاتم عن أبيه:
" صالح الحديث، صدوقاً. وذكره ابن حبان في " الثقات " (8/ 415).

هذا ؛ وقد كنت خرجت الحديث بنحوه من حديث عمران بن حصين بلفظ:
"... ألا فزينوا دينكم بهما ".
ومن حديث غيره أيضاً فيما تقدم برقم (1282)، وذكرت ثمة عن المناوي
أنه في " المكارم " عن أبي سعيد بإسناد أمثل، ولم يتيسر لي تخريجه يومئذٍ والنظر
في إسناده ومتنه، ولكل أجل كتاب.

(14/895)


@@@ 896
6884 - (إِنَّ الْحَيَاءَ وَالْعِيَّ مِنَ الإِيمَانِ، وَهُمْا يُقَرِّبَانِ مِنَ الْجَنَّةِ،
وَيُبَاعِدَانِ مِنَ النَّارِ، وَالْفُحْشُ وَالْبِذَاءُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَهُمْا يُقَرِّبَانِ
مِنَ النَّارِ، وَيُبَاعِدَانِ مِنَ الْجَنَّةِ).

موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/ 4 1 1/ 7481) من
طريق محمد بن محصن العكاشي: ثنا صفوان بن عمرو عن خالد بن معدان:
حدثني أبو أمامة مرفوعاً. فقال أعرابي لأبي أمامة: إنا لنقول في الشعر: إن العي
من الحمق! فقال:
تراني أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وتجيئني بشعرك النتن ؟!

قلت: وهذا موضوع، ورجاله ثقات ؛ غير العكاشي هذا، فقد أجمعوا على
تضعيفه ؛ بل قال فيه ابن معين وأبو حاتم:
" كذاب ". وقال ابن حبان (2/ 277):
" شيخ يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل
القدح فيه ". وقال الدارقطني في " سؤالات البرقاني " له (62/ 459):
" متروك يضع ".

وساق له ابن عدي أحاديث كثيرة، ثم قال (6/ 169):
" كلها مناكير موضوعة ". ولهذا قال الحافظ في " التقريب ":
"كذبوه ".
قلت: ولعله مما يؤكد كذبه في هذا الحديث أنه رواه الثقة حسان بن عطية عن

(14/896)


@@@ 897
أبي أمامة مرفوعاً مختصراً بلفظ:
" الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق ".

أخرجه الترمذي (2028)، وابن أبي شيبة في " المصنف " (1 1/ 44/
10477) و " الإيمان " 39/ 8 1 1 - بتحقيقي)، وأحمد (5/ 269)، والبيهقي
في " الشعب " (6/ 33 1/ 6 0 77) من طريق الحاكم - وهذا في " المستدرك "
(1/ 9 و 52) - وقال:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.

وأما الجهلة الثلاثة ؛ فقالوا في تعليقهم على " الترغيب " (3/ 380):
" حسن بشواهد... ".
ثم عزوه لبعض المذكورين - ومنهم الحاكم -، وكتموا تصحيحه وموافقة
الذهبي ؛ لكي يستروا حكمهم المذكور الذي يدل على أنهم يخبطون في أحكامهم
خبط العشواء في الليلة الظلماء. والله المستعان.

ولعلهم فعلوا ذلك من باب التوسط بين التصحيح المذكور، وقولهم:
" ورواه الطبراني في الكبير، وفيه محمد بن محصن العكاشي، وهو ضعيف
لا يحتج به. ( مجمع الزوائد: 1/ 91) "!

قلت: وهذا مما يؤكد جهلهم الذي لا حدود له، وأنهم يهرفون بما لا يعرفون،
فتوهموا أن في اسناد الحاكم هذا الذي ضعفه الهيثمي، فتوسطوا هم ؛ فحسنوه!!
ومن تمام جهلهم هنا أنهم لم يعلموا خطأ الهيثمي وتساهله في اقتصاره على

(14/897)


@@@ 898
تضعيف (العكاشي) ؛ فقد عرفت مما تقدم من أقوال الأئمة النقاد أنه كذاب
يضع. وقد ذكر الهيثمي هذا في بعض الأحاديث في " المجمع " ؛ فانظر مثلاً(1/
82 وه/ 117).
ومثله في التساهل سكوت المنذري عن الحديث في " الترغيب " (3/ 254)،
وقد عقب به على حديث الترمذي الصحيح بقوله:
" ورواه الطبراني بنحوه، ولفظه:...".

وأسوأ منه ما وقع لأخينا الفاضل حمدي السلفي ؛ فإنه علق على حديث
الطبراني بقوله:
" ورواه أحمد... والترمذي... وابن أبي شيبة... وهو حديث صحيح
وصححه الحاكم... قال في المجمع... وفيه محمد بن محصن العكاشي... ".
فأوهم بأن حديث الطبراني رواه المذكورون بتمامه وأنه صحيح! وكان عليه أن
يفرق بينه وبين حديثهم بمثل قوله: (مختصراً).. على الأقل، ولعله سقط من قلمه.

6885 - (كرم المرء تقواه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه).
ضعيف جداً.
أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " (1/302/ 664) من
طريق عبد الله بن شبيب قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله المدني: حدثني
عبد الله بن نافع عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن عمرمرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته (عبد الله بن شبيب) - وهو: الربعي
الأخباري -: اتهمه ابن عدي (4/ 262) بسرقة الحديث من النضر بن سلمة

(14/898)


@@@ 899
(شاذان) الذي كان يضعها، وساق له أحاديث من غير طريقه، وقال:
" وله من الأحاديث التي أنكرت عليه غير ما ذكرت كثير ". وقال الذهبي
في " المغني ":
" واه ، قال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث ". ومضى له حديث قريباً
(6883).

قلت: والحديث تقدم تخريجه من حديث أبي هريرة بلفظ:
" كرم المرء دينه... ". والباقي مثله.

خرجته هناك (2369) عنه من ثلاثة طرق واهية.
ثم وقفت له على طريق رابع بلفظ حديث الترجمة: يرويه محبد الله بن زياد:
أخبرني العلاء عن أبيه عنه مرفوعاً به.
أخرجه ابن عدي في ترجمة (عبد الله بن زياد) هذا - وهو: ابن سمعان
المدني -: قال الذهبي في " المغني ":
" تركوه،. وذكر في " الميزان " عن مالك وغيره أنه:
" كذاب ". وقال ابن عدي في آخر ترجمته:
" أروى الناس عته عبد الله بن وهب، والضعف على حديثه ورواياته بين ".
(تنبيه): قال المنذري في " الترغيب " (3/ 257/ 11) - عقب حديث
أبي هريرة -:
" ورواه البيهقي أيضاً موقوفاً على عمر، وصحح إسناده، ولعله أشبه ".

(14/899)


900
قلت: في تصحيح إسناده نظر ؛ بينته في التعليق على " ضعيف الترغيب "
(23 - الأدب/ 2)، وهو تحت الطبع (*).

6887 (**) - (أنزلت النبوة، (وفي للفظ: أنزل القرآن) في ثلاثة
أمكنة: بمكة، وبالمدينة، وبالشام).

ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (8/ 1 0 2/ 7717)،
والخطيب في " الموضح " (2/ 225)، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (1/
165) من طريق عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعاً، واللفظ
الأول للخطيب ؛ رواه من طريق يعقوب بن سفيان صاحب " المعرفة "، وعزاه إليه
وإلى ابن عساكر ؛ دون الطبراني والخطيب.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عفير بن معدان: قال الذهبي في "المغني ":
" مشهور، ضعفوه. وقال أبو حاتم: لا يشتغل بحديثه ".

والحديث أورده المنذري في " الترغيب " من حديث خالد بن معدان: أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:... فذكر الحديث باللفظ، وزيادة:
" فإن أُخرجت من إحداهن ؛ لم يرجع إليهن أبداً ". وقال المنذري (4/ 63):
" رواه أبو داود في " المراسيل " من رواية بقية ".

قلت: ولم أره في مطبوعة " المراسيل " (طبعة المؤسسة).
__________
(*) وقد صدر بعد وفاة الشيخ رحمه الله. (الناشر).
(**) كذا الترقيم في أصل الشيخ رحمه الله، قفز عن (6886). (الناشر).

(14/900)


@@@ 901
ومن تخاليط المعلقين الثلاثة على " الترغيب " قولهم (3/ 644):
" مرسل حسن. قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/ 60): رواه
الطبراني وأحمد (3/ 499) موقوفاً على خريم، ورجالهما ثقات ".

قلت: وهذا التخريج واضح أنه لحديث آخر.. وهو عن خريم - كما هو واضح -
وهذا إن دل على شيء ؛ فهو يدل على عدم قيامهم بواجب تصحيح التجارب على
الأقل، فكيف يستطيعون القيام بالتحقيق ومقابلة النصوص بالأصول ؛ بله
التصحيح والتعليل والتضعيف ؟! وها هو المثال في تصديرهم هذا التخريج بقولهم:
" مرسل حسن "! فكيف يصح هذا التحسين، وهم لم يقفوا على إسناده، وأمامهم
إعلال المنذري إياه بـ (بقية)، وهو معروف بالتدليس ؟!

6888 - (هذا [ الطعام ] مما كان يعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحسن
أكله. يعني: خبز الشعير عليه زيت والفلفل والتوابل).

ضعيف.
أخرجه الترمذي في " الشمائل " (91/ 179 - دعاس)،
والطبراني في " المعجم الكبير " (24/ 299/ 759) من طريق فضيل بن
سليمان: حدثنا فائد مولى عبيد الله بن علي بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: حدثني عبيد الله بن علي عن جدته سلمى: أن الحسن بن علي وابن عباس
وابن جعفر أتوها فقالوا لها:
اصنعي لنا طعاماً مما كان يعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحسن أكله. فقالت: يا
بني! لا تشتهونه اليوم! قالوا: بلى، اصنعيه لنا. قال:
فقامت فأخذت من شعيرفطحنته، ثم جعلته في قدر، وصبت عليه شيئاً من

(14/901)


@@@ 902
زيت، دقت الفلفل وفي رواية: (وكان إدامه الزيت، ونثرت عليه الفلفل)
والتوا بل، فقربته إليهم فقالت:... فذكرته.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ وفيه علل:
الأولى: عبيد الله بن علي - وهو: ابن أبي رافع المدني -: مختلف فيه، قال
الذهبي في" الكاشف ":
" قال أبو حاتم: لا يحتج به. ووثقه غيره ". ولهذا قال في" المغني ":
" صويلح، فيه لين ". ونحوه قول الحافظ في " التقريب ":
" لين الحديث ".

والأخرى: فضيل بن سليمان - وهو: النميري -: قال الذهبي في " الكاشف ":
" قال ابن معين: ليس بثقة. وقال أبو زرعة: لين. وقال أبو حاتم وغيره: ليس ب
القوي ". ولهذا قال في "المغني ":
" فيه لين ". وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق، له خطأ كثير ".

قالوا فيه هذا، وجرحوه مع كونه من رجال الشيخين ؛ لكن قال الحافظ في
" مقدمة الفتح " (ص 435):
" ليس له في البخاري سوى أحاديث توبع عليها ".
ثم بينها.
ومما تقدم يظهرتساهل الهيثمي بقوله في " المجمع " (10/ 325):

(14/902)


@@@ 903
" رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح ؛ غير فائد مولى ابن أبي رافع، وهو ثقة ".
فلم يتعرض للعلتين بذكر!!

وأسوأ منه قول المنذري في " الترغيب " (4/ 113/ 28):
" رواه الطبراني بإسناد جيد "!
ولذلك تعجب منه الشيخ الناجي ؛ فقال في " العجالة " (ق 211/ 2):
"... عجيب! وكيف، وقد رواه فائد مولى عبيد الله بن علي بن أبي رافع
- وهو صدوق - عن مولاه، وهو ليّن الحديث ".

6888/ م - (في قوله: { فطفق من مسحاً بالسوق والأعناق } قال:
يقطع أعناقها وسوقها).

منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (7/ 2 0 5/ 6993):
حدثنا محمد بن سفيان بن حدير قال: حدثنا صفوان بن صالح قال: حدثنا
مروان بن محمد قال: حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن سعيد بن جبيرعن ابن
عباس عن أُبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم... وقال:
" لم يروه عن قتادة إلا سعيد بن بشير ".

قلت: وهو ضعيف من قبل حفظه، وقال الهيثمي في " المجمع " (7/ 99):
" وثقه شعبة وغيره، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات ".
قلت: لكن (صفوان بن صالح): قال الحافظ في " التقريب ":

(14/903)


@@@ 904
" ثقة، وكان يدلس تدليس التسوية. قاله أبو زرعة الدمشقي ".

ومحمد بن سفيان بن حدير - وهو: الرملي -: ترجمه ابن عساكر في " تاديخ
دمشق " (5 1/ 375 - 376) برواية ثلاثة عنه ؛ أحدهم الطبراني، وساق له عنه
حديثاً آخر في قوله تعالى: { وكان تحته كنز لهما } ؛ لم يورده الهيثمي، وهو على
شرطه، ولم يذكره السيوطي في " الدر المنثور ". وأفاد ابن عساكر أن المترجم كان
موجوداً سنة (296)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

والحديث أورده السيوطي في " الدر " (5/ 309)، وقال:
" وأخرج الطبراني في " الأوسط "، والإسماعيلي في " معجمه "، وابن
مردويه بسند حسن عن أُبي بن كعب... ".

ونقله الآلوسي في تفسيره " روح المعاني " (23/ 193) دون أن يعزوه إليه!
قلت: هو عند الإسماعيلي في " معجمه " (ق 123/ 1) من طريق أبي حاتم
الرازي: حدثنا صفوان المؤذن به. فلا وجه لتحسين السيوطي إياه ؛ ومداره على
سعيد بن بشير، وما أظن أن ابن مردويه رواه إلا من طريقه ؛ ولعله لذلك أعرض
الحافظ ابن كثير عن ذكره في " تفسيره ". وكذلك لم يذكره في كتابه الكبير
" جامع المسانيد والسنن "/ مسند أبي بن كعب.

هذا ؛ وقد اختلفت الآثار الموقوفة والمقطوعة في تفسير قوله تعالى: { فطفق
مسحاً بالسوق والأعناق } - فهي تعني: سليمان عليه السلام - ؛ فقيل: عقرها
وضرب أعناقها بالسيف. وقال بعضهم: كانت عشرين ألفاً! وقال آخرون: بل
جعل يمسح أعرافها وعراقيبها بيده حباً لها. ذكره الإمام الطبري في " تفسيره "
(23/ 100)، ثم ساقه بإسناده عن علي - وهو: ابن أبي طلحة - عن ابن عباس

(14/904)


@@@ 905
أنه فسره بذلك، ثم. قال:
" وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن عباس أشبه بتأويل الآية ؛ لأن نبي الله
صلى الله عليه وسلم لم يكن - إن شاء الله - ليعذب حيواناً بالعرقبة (1) ويهلك مالاً من ماله بغير
سبب سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها، ولا ذنب لها باشتغاله بالنظر
إليها ".

هذا ترجيح الإمام الطبري، وهو مقبول جداً عندي ؛ وإن كان الحافظ ابن كثير
لم يرضه، وتعقبه بقوله:
" فيه نظر ؛ لأنه قد يكون في شرعهم جواز مثل هذا... ".

فأقول: اجعل (قد يكون) عند ذاك الكوكب! لأنه يمكن لقائل أن يعارضه
فيقول: " قد لا يكون... "، فإن (قد) في قوله ليس للتحقيق.. إلا لو كان عليه
دليل، ولو وجد ؛ لعرفه الإمام وما خالفه، ولو فرض أنه خفي عليه ؛ لاستدركه ابن
كثير، ولأدلى به، فإذ لم يفعل ؛ فالواجب البقاء مع الأصل الذي تمسك به الإمام
جزاه الله خيراً.

ولقد كاد المحقق الآلوسي أن يميل إلى هذا الذي اختاره الإمام ؛ لولا أنه
وقف في طريقه حديث الترجمة الذي اغتر هو بتحسين السيوطي له، فقد أعاد
ذكره أكثر من مرة، وذكر أنه يكفي في الاحتجاج به في هذه المسألة! وهذا
من شؤم الأحاديث الضعيفة، والتساهل في نقدها، وتقليد من لا تحقيق عنده
فيها!
__________
(1) وهي: قطع (العراقيب)، جمع (العرقوب): وهو من الدابة ما يكون في رجلها بمنزلة
الركبة في يدها.

(14/905)


@@@ 906
6889 - (يا أيها الناس! ابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا ، فإن أهل
النار يبكون حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول
حتى تنقطع الدموع، فتسيل - يعني - الدماء، فتقرح العيون ، فلو أن
السفن أرخيت فيها لجرت).

ضعيف.
أخرجه ابن أبي الدنيا في " الرقة والبكاء " 71/ 45)، وأبو يعلى
في" المسند " (7/ 161 - 162) - والسياق له -، ونعيم بن حماد في " زوائد
الزهد " (85/ 295)، والأصبهاني في " الترغيب " (1/ 233/ 500) ؛ كلهم
عن عمران بن زيد: حدثنا يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، أو ضعيف جداً ؛ يزيد الرقاشي - هو: ابن أبان،
وقد -: ضعفوه ؛ بل قال الذهبي في "المغني ":
" متروك ".
وعمران بن زيد - وهو: أبو يحيى التغلبي -: مختلف فيه - كما قال الذهبي -،
وقال الحافظ في " التقريب ":
" ليّن ".
قلت: تابعه الأعمش عن يزيد الرقاشي به مختصراً بلفظ:
" يرسل البكاء على أهل النار، فيبكون حتى تنقطع الدموع، ثم يبكون
الدم... " الحد يث.
أخرجه ابن ماجه (4324)، والبيهقي في " البعث والنشور " (313/ 651
و 652).

(14/906)


@@@ 907
والأعمش: مدلس، فيخشى أن يكون تلقاه عن بعض الضعفاء ، وبخاصة أن
البيهقي أعله بالوقف، فقال عقبه:
" ورواه أبو شهاب عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن يزيد الرقاشي عن أنس
ابن مالك موقوفاً ".
وقال الهيثمي في " المجمع " (10/ 391) - وقد ساق حديث الترجمة -:
" قلت: روى بعضه ابن ماجه. رواه أبو يعلى. وأضعف من فيه يزيد
الرقاشي، وقد وثق على ضعفه ".

ولعل الصواب في الحديث الوقف ؛ فقد قال قسامة بن زهير: خطبنا أبو موسى
الأشعري فقال:
" يا أيها الناس! ابكوا... " الحديث.

أخرجه أحمد في "الزهد " (ص 199) بسند صحيح، وهو يعل حديث أبي
النعمان محمد بن الفضل بإسناده عن عبد الله بن قيس - وهو: أبو موسى
الأشعري -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:... فذكره مختصراً. رواه الحاكم.

وأبو النعمان هذا يلقب بـ (عارم)، وقد كنت خرجت حديثه هذا في
" الصحيحة " برقم (1679) قبل أن أقف على هذا الموقوف على أبي موسى ؛ فهو
يدل على أن. (عارماً) أخطأ في رفعه. والله أعلم.

(تنبيه): وقع لبعضهم في هذا الحديث بعض الأخطاء ؛ فوجب التنبيه عليها:
أولاً: تصدير المنذري إياه بقوله (4/ 242/ 3):

(14/907)


@@@ 908
" وعن أنس بن مالك... ".
ثم عزاه لابن ماجه وأبي يعلى، وساق لفظه المذكور أعلاه ؛ دون قوله في
أخره: " فلو أن سُفناً... ".
ثم ساقه برواية الحاكم، وسكت عن تصحيحه، وقد عرفت علته.
ثانياً: جملة: (فلو أن سُفناً..." ثابتة في " مسند أبي يعلى " - كما رأيت
أعلاه - ؛ فلا أدري لماذا لم يذكرها المنذري، وتبعه الهيثمي، ثم الحافظ ابن حجر
في " المطالب العالية " (4/ 398/ 673 4) ؟! أهو التقليد، أم اختلاف نسخ
" أبي يعلى "؟ وهي ثابتة في نقل الحافظ ابن كثيرعنه في " التفسير " (2/
378)، وكذلك هي في رواية الآخرين الذين سبق ذكرهم مع أبي يعلى في أول
التخريج، وكذا في رواية ابن ماجه والبيهقي عن الأعمش، وفي رواية أحمد عن
أبي موسى الموقوفة.
ثالثاً: قول المعلق على " مسند أبي يعلى " - بعد أن ضعف إسناده جداً -:
" وفي الباب: عن سعد بن أبي وقاص عند ابن ماجه...، ولم أجده عنده
من حديث أنس - كما أشار الهيثمي -".

فأقول: فيه أمران:
الأول: نفيه المذكور غفلة منه ؛ فقد قدمت الإشارة إلى موضح وجود الحديث
عند ابن ماجه بالرقم ؛ فالوهم منه، وليس من الهيثمي.

والآخر: قوله: " وفي الباب عن سعد... " يوهم أن الحديث عنه بتمامه في
بكاء أهل النار، وليس فيه من ذلك ولا حرف واحد، وإنما فيه الجملة الأولى منه فقط:

(14/908)


@@@ 909
" ابكوا، فإن لم تبكوا ؛ فتباكوا "!

فكان عليه البيان دفعاً للإيهام ؛ ولكنها الحداثة في هذا العلم، ثم هو طرف من
حديث سعد هذا عند ابن ماجه أيضاً، على أن مداره على راو ضعيف كان يجب
عليه أن لا يسكت عنه، فانظر تعليقي على هذه الجملة من قول ابن عمرو في
" صحيح الترغيب " (24 - التوبة/ 7).

6889/ م - (إذا رأى أحدكم مبتلى ، فليقل : (الحمد لله الذي
فضلني عليك ، وعلى كثير من عباده تفضيلا )، فإذا قال ذلك فقد شكر
تلك النعمة).

منكر بجملة: (الشكر).
أخرجه البزار (4/ 29/ 18 31)، والخرائطي في
" فضيلة الشكر " (33)، وابن عدي في " الكامل " (4/ 43 1 و 6/ 378)،
والطبراني في " الأوسط " (5/ 364 - 365/ 1 472) و " الصغير " (ص 0 4 1 -
هند)، والبيهقي في " الشعب " (4/ 107/4443 ) من طرق عن مطرف بن
عبد الله: ثنا عبد الله بن عمر العمري عن سهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة
مرفوعاً.

وقال الطبراني:
" لم يروه عن سهيل إلا عبد الله، تفرد به مطرف !"
كذا قال، وهو ما أحاط به علمه، وقد تابعه محمد بن سنان العوفي: ثنا
عبد الله بن عمر به.
أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب الشكر " (78 - 79/ 187)، والخرائطي
في " فضيلة الشكر " (33 - 34/ 3)، والبيهقي أيضاً (7/507/ 11149).

(14/909)


@@@ 910
قلت: فالعلة (عبد الله بن عمر العمري) - وهو المكبر - وهو ضعيف - كما قال
الحافظ في " مختصر زوائد البزار " (2/422) و " التقريب " -. وأما الهيثمي ؛
فتساهل قائلاً (10/ 138):
" رواه البزار والطبراني... وإسناده حسن "!

قلت: وإن مما يدل على ضعفه أنه اضطرب في ضبط الجملة ؛ فرواه بعضهم
هكذا، وقال بعضهم في رواية للخرائطي عن (العوقي):
"... إلا عوفي من ذلك البلاء "

وبهذا اللفظ أو قريب منه أخرجه الترمذي (3428) من طريق مطرف بن
عبد الله بسنده المتقدم، وقال:
" حديث حسن غريب من هذا الوجه "!

كذا قال، وهو من تساهله الذي عرف به.. لكنه بهذا اللفظ صحيح ؛ لأني
وجدت له شاهداً قوياً من رواية نافع عنه، وله عنه طريقان:

أحدهم: عن أيوب. والآخر: عن محمد بن سوقة، كلاهما عن نافع به.
وروي عن سالم عن ابن عمر، وهذا كله مخرج في " الصحيحة " (602،
2737)، و " الروض النضير " (1050).

6890 - ( تُحفةُ المؤمنِ الموتُ ).
ضعيف.
أخرجه ابن المبارك في " الزهد " (212/ 599): أخبرنا يحيى بن
أيوب عن بكر بن عمرو عن عبد الرحمن بن زياد عن أبي عبد الرحمن الحبلي

(14/910)


@@@ 911
عن عبد الله بن عمرو بن العاص موفوعاً.
ومن طريق ابن المبارك أخرجه الحاكم (4/ 319)، وعبد بن حميد في
" المنتخب من المسند " (1/ 308/ 347)، وأبو يعلى في "! المسند الكبير " - كما
في " المطالب العالية المسندة " (ق 27/ 1) -، وابن بشران في " الأمال "، (26/
110/ 1)، وأبو نعيم في " الحلية " (8/ 185) - واستغربه -، والبيهقي في
" الشعب " (7/ 171، 253)، والقضاعي في " مسند الشهاب " (5/ 2/ 1 -
خط، 1/ 0 2 1/ 0 5 1 - ط)، والبغوي في " شرح السنة " (5/ 271/ 1454) ؛
كلهم عن ابن المبارك به. وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله:
" قلت: ابن زياد ؛ هو الإفريقي ؛ ضعيف ".
وأما قول المنذري في " الترغيب " (4/ 168/ 6):
" رواه الطبراني بإسناد جيد "! وقول الهيثمي (2/ 320):
" رواه الطبراني في " الكبير "، ورجاله ثقات "!

قلت: فما أظن إلا أنه من تساهلهما، وليس هو في القطعة التي طبعت حديثاً
من " المعجم الكبير " الجزء (13).، وفيه أحاديث لعبد الله بن عمرو بن العاص ؛
لذلك لم أستطع القطع بأنه من الوجه الذي رواه الجماعة، أو على الأقل من طريق
(ابن زياد الإفريقي)، لكنه هو الذي يغلب على الظن ؛ فإني بلوت تساهلهما في
تقوية أحاديث بعض الضعفاء بصورة عامة في تحقيقي لأحاديث " الترغيب
والترهيب "، ولأحاديث (الإفريقي) هذا بصورة خاصة، وأقرب مثال يحضرني

(14/911)


@@@ 912
الآن الحديث المتقدم (4615) بلفظ: " من صدع رأسه... " ؛ فإنهما حسّناه،
وفيه (الإفريقي)!

وقد تبعهما في تحسين حديث الترجمة الحافظ العراقي ؛ فقال في " تخريج
أحاديث الإحياء " (4/ 450):
" أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب الموت "، والطبراني، والحاكم من حديث
عبد الله بن عمرو بسند حسن ".

ونقله الزبيدي في " شرحه " (10/ 227) وأقره! ولعل في قرن الحافظ
العراقي الحاكم مع الطبراني أن طريق الطبراني فيها الإفريقي أيضاً، وإلا ؛ لنبه على
الفرق بينهما. والله أعلم.

فلا غرابة بعد تتابع هؤلاء الأجلّة على التحسين، أن يقلدهم المعلقون الثلاثة على
" الترغيب " (ص 4/ 229)!

ثم إن الزبيدي عقب على قول العراقي المذكور فقال:
" قلت: ورواه كذلك ابن المبارك في " الزهد "، والبيهقي في " الشعب "،
ورواه الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث جابر ".

فأقول: هو ضعيف جداً.. فيه كذاب ؛ فلا يصلح للتقوية، ويأتي تخريجه
عقب هذا.

(تنبيه): وقع للمناوي وغيره وهم فاحش حول حديث الترجمة ؛ فقال في
" الفيض " - عقب قول الهيثمي المتقدم: " رجال الطبراني ثقات " -:
" وأفاد الحافظ العراقي أنه ورد من طريق جيد (!) ؛ فقال:

(14/912)


@@@ 913
" رواه محمد بن خفيف الشيرازي في " شرف الفقراء "، والديلمي في
" مسند الفردوس " من حديث معاذ بسند لا بأس به. ورواه الديلمي من حديث
ابن عمر بسند ضعيف جداً " ا هـ. وبه يُعرف أن المصنف قصر حيث اقتصر على
عزوه للطريق التي لا تخلو عن مقال، وإهمال الطريق السالمة عن الإشكال ".
قلت: وفي هذا التعقب خطأ فاحش من المناوي لا أدري كيف وقع له! فإن
الحافظ العراقي إنما قال هذا الذي عزاه إليه في حديث آخر ؛ أورده الغزالي في
" فضيلة الفقر " من كتابه " الإحياء " (4/ 195) بلفظ:
" تحفة المؤمن في الدنيا الفقر ".

ونقله عنه العلامة الزبيدي في " شرح الإحياء " (9/ 276) في تخريج هذا
الحديث ؛ لكن سقط من قلمه أو من الطابع لفظ: " جداً ".
هذا أولاً.
وثانياً: قوله: " طريق جيد " ؛ غير جيد ؛ لأنه بناه على قول العراقي: " بسند
لا بأس به "، وهذا وهم أو تساهل منه ؛ فإن فيه جهالة - كما كنت بينته فيما
مضى برقم (3392) -.
ثالثاً: وعليه، فما أورده المناوي على السيوطي غير وارد - كما هو ظاهر -.
فتنبه!

هذا ؛ وقد تحرف الطرف الأول من كلام المناوي المتقدم على الأستاذ إرشاد
الحق الأثري في تعليقه على حديث جابر الآتي عقب هذا ؛ فقال في حاشيته على
" العلل المتناهية " (2/ 402 - 403):

(14/913)


@@@ 914
" وقال العراقي:. إنه ورد من طريق جيد، رواه الشيرازي ... " الخ.

فتحرف عليه قول المناوي: " وأفاد " إلى قوله: " وقال "!

ثم رأيت البوصيري في " إتحاف السادة المهرة " (1/ 112/ 1) قد وافق
الذهبي على استدراكه تصحيح الحاكم، وعلى تضعيف الإفريقي ؛ ولكنه قال:
" لكن له شاهد من حديث أبي جحيفة وعبد الله بن مسعود، وسيأتي في
(كتاب الزهد) ".

قلت: وفي هذا الإطلاق نظر من وجهين:
أحد هما: أنهما موقوفان.
والآخر: أن مدارهما على ضعيف ؛ فقد أورده هناك في " الزهد " (3/ 100/
2 - 101/ 1) عن ابن مسعود بلفظ:
" ذهب صفو الدنيا ؛ فلم يبق إلا الكدرة، والموت اليوم تحفة لكل مسلم ".
وقال:
" رواه مسدد موقوفاً، وفيه (يزيد بن أبي زياد) ؛ وهو ضعيف ".

ثم ذكره عن أبي جحيفة موقوفاً أيضاً وقال:
"رواه الحارث بن أبي أسامة موقوفاً في " مسنده"، وفي سنده (يزيد بن أبي
زياد) ".

قلت: ومن طريقه أخرجه أحمد في " الزهد " (ص 157 -158)، ومن
طريقه أبو نعيم في " الحلية " (1/ 133 - 134) ؛ لكنه قال:

(14/914)


@@@ 915
" عن يزيد بن أبي زياد عن أبي جحيفة قال: قال عبد الله:... فذكره.
فرجع الإسناد إلى ابن مسعود وأنه القائل، وأبا جحيفة الراوي عنه.

ويزيد هذا ؛ هو الهاشمي مولاهم، وهو مع ضعفه لم يدرك أبا جحيفة،
وعبد الله بن مسعود، ولم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة، دانما قالوا:
" رأى أنساً ".

وإليك الآن تخريج حديث جابر الذي سبقت الإشارة إليه، وسكت العلامة
الزبيدي عليه:

6891 - (الموت تحفة المؤمن، والدرهم والدينار ربيع المنافق، وهما
زاداه إلى النار).

ضعيف جداً.
أخرجه ابن الجوزي في " العلل المتناهية" (2/ 402/1480)،
وكذا الديلمي في " مسند الفردوس " (3/ 87) ؛ كلاهما من طريق الدارقطني:
نا الحسين بن القاسم (1) الكوكبي قال: نا أحمد بن عمر بن بشر البزاز: نا جدي
إبراهيم بن فرقد [ بن الجعد ] قال : نا القاسم بن بهرام عن عطاء عن جابر بن
عبد الله مرفوعاً. وقال ابن الجوزي:
" تفرد به القاسم بن بهرام. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال ".
وقال فيه الذهبي في" الميزان ":
" له عجائب عن ابن المنكدر (وفي " المغني ": أبي الزبير)، وهاه ابن حبان
__________
(1) وقع في " العلل ": (جعفر).. والصواب ما أثبت. وكان هناك أخطاء أخرى ؛ فصححتها من " المسند " وغيره. والزيادة منه.

(14/915)


@@@ 916
وغيره ". وكناه ابن حبان في " الضعفاء " (2/ 214): (أبو همدان)، وقال:
" شيخ كان على القضاء بـ (هيت)، يروي عن أبي الزبير العجائب، لا يجوز
الاحتجاج به بحال ".

وبكنيته المذكورة أورده ابن عدي في " الكامل " (7/ 294) وقال:
" كذاب ". وقال الحافظ في " اللسان ":
" وهو صاحب الحديث الطويل في نزول قوله تعالى: { يوفون بالنذر }، أورده
الحكيم الترمذي في " أصوله "، وقال: إنه مفتعل. وهو في (تفسير الثعلبي) ".
قلت: والثلاثة الذين دونه ؛ لم أعرفهم ؛ سوى (الحسين بن القاسم الكوكبي) ؛
فقد ترجمه الخطيب في " التاريخ "، وقال (8/ 86):
" ما علمت من حاله إلا خيراً. مات سنة (327) ".

6892 - (الموت للمؤمن للخير من الحياة. والفقر للمؤمن خير من
الغنى. والذل للمؤمن خير من العز والرفعة. والله لا ينظر إلى هذه الأمة إلا
بالضعفاء).

موضوع.
أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (3/ 88) من طريق
محمد بن عبيد بن خالد: حدثنا محمد بن الأزهر الجوزجاني عن وكيع عن
سفيان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر رفعه.
قلت: وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 176) وسكت
عنه، وكأن ذلك لوضوح بطلانه، فإنه مخالف لعدة أحاديث صحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم:

(14/916)


@@@ 917
" خيركم من طال عمره، وحسن عمله ". وقوله صلى الله عليه وسلم:
" بشر هذه الأمة بالرفعة والمجد والتمكين في الأرض. ..". وغير ذلك.

والإسناد واه بمرة ؛ قال ابن عراق في " تنزيه الشريعة "، (2/ 394/ 7):
" قلت: لم يبين [ السيوطي ] علته، وفيه محمد بن الأزهر الجوزجاني ؛ نهى
أحمد عن الكتابة عنه ؛ لكونه يروي عن الكذابين. وقال ابن عدي: ليس
بالمعروف. ومحمد بن عبيد بن خالد ؛ لم أعرفه. والله أعلم ".

6893 - (أول ما يبشر به المؤمن بروح وريحان وجنة نعيم ، وإن أول
ما يبشر به المؤمن [ أن ] يقال له : أبشر ولي الله! قدمت خير مقدم ، غفر
الله لمن شيعك ، واستجاب الله لمن استغفر لك ، وقبل ممن شهد لك).

موضوع.
أخرجه مسلمة بن القاسم في زوائده على "مصنف ابن أبي شيبة "
(4 1/ 45 1/ 7894 1)، وأبو الشيخ في " الثواب " ؛ - كما في " اللآلي " (2/
431) - ؛ كلاهما من طريق يحيى بن الضريس: حدثنا عمرو بن شِمر عن جابر
عن زاذان عن سلمان مرفوعاً.

ذكره السيوطي شاهداً لحديث جابر المخرج قبل حديث، وعزاه في " الدر المنثور "
(6/ 166) للقاسم بن منده في " كتاب الأحوال (!) والإيمان بالسؤال "
وسكت عنه أيضاً، وتعقبه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/ 0 37/ 22)،
فقال:
" قلت: هو من طريق عمرو بن شمر الجعفي ؛ فلا يصلح شاهداً. والله أعلم ".

(14/917)


@@@ 918
قلت: وفلك، لأنه ذكره في أول كتابه (ص 93/ 394)، فقال فيه:
" قال الجوزجاني: كذاب. وقال ابن حبان: رافضي، روى الموضوعات عن
الثقات ".

قلت: وهو ممن أجمعوا على تركه، والحاكم - على تساهله - قال فيه:
" كان كثير الموضوعات عن جابر الجعفي، وليس يروي تلك الموضوعات
الفاحشة عن جابر غيره ".

قلت: ولعل هذا الحديث من الأحاديث التي أشار إليها الحاكم، لكن جابر
الجعفي قريب من شمر ؛ فقد كذبه بعضهم، ولعل الحافظ أشار إلى ذلك ؛ فإنه
عقب على قول الحاكم بقوله:
" وقال أبو نعيم: يروي [ عن ] جابر الجعفي الموضوعات المناكير ".

6894 - (إذا مات الرجل من أهل الجنة ؛ استحيى الله أن يعذب من
حمله، ومن تبعه، ومن صلى عليه ).

موضوع. أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/ 76) من طريق
عبد الله بن إبراهيم عن المنكدر بن محمد عن أبيه عن جابر مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع ؛ آفته (عبد الله بن إبراهيم) هذا - وهو: الغفاري -:
متفق على تركه، قال الذهبي في " الكاشف ":
" متهم عدم ". وقال في" الميزان ":
" يدلسونه لوهنه ". وقال الحافظ في " التقريب ":

(14/918)


@@@ 919
" متروك، ونسبه ابن حبان للوضع ". انظر " الضعفاء" (2/ 37).
وقال الحاكم في " المدخل إلى الصحيح " (151 - 152/ 90):
" يروي عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة لا يرويها عنهم غيره ".

قلت: ومن هؤلاء الضعفاء شيخه هنا (المنكدر بن محمد بن المنكدر):
ضعفه الجمهور، ومنهم أبو حاتم، وبيّن السبب فقال:
" كان رجلاً صالحاً لا يفهم الحديث، وكان كثير الخطأ، لم يكن بالحافظ
لحديث أبيه ".

قلت: وهذا من حديث أبيه - كما ترى - ؛ لكن الآفة من (الغفاري). والله
سبحانه وتعالى أعلم.

6895 - (إسرافيل له أربعة أجنحة ، منها جناحان أحدهما
بالمشرق والآخر بالمغرب ، واللوح بين عينيه ، فإذا أراد الله عز وجل أن
يكتب الوحي ينقر بين جبهته).

موضوع.
أخرجه أبو الشيخ في " العظمة " (3/ 0 82/ 385) من طريق
أبي أيوب: حدثنا خالد الواسطي: حدثنا خالد الحذاء عن الوليد أبي بشر عن
عبد الله بن رباح عن عائشة رضي الله عنها: أن كعباً رحمه الله تعالى قال لها:
هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قي إسرافيل شيئاً ؟ قالت: نعم ؛ سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره.

قلت وهذا إسناد موضوع، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ؛ غير (أبي أيوب)

(14/919)


@@@ 920
هذا - وهو: سليمان بن داود الشاذكوني -: قال الذهبي في " المغني ":
" رماه ابن معين بالكذب. وقال البخاري: فيه نظر ".

قلت: وقد مضى له أحاديث كثيرة تدل على سوء حاله ؛ فهو الآفة، وقد
خالفه وهب بن بقية: حدثنا خالد عن خالد الحذاء به ؛ إلا أنه قال:
عن كعب رحمه الله تعالى أنه قال لعائشة رضي الله عنها: هل سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول في إسرافيل شيئاً ؟ قالت: كيف تجدونه في التوراة ؟ قال:...
فذكره نحوه.

فهذا هو أصل الحديث ؛ فسرقه هذا الكذاب وقلبه ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وهذا مما يؤيد قول ابن عدي فيه:
" حافظ ماجن عندي، ممن يسرق الحديث ".

وقد رواه بعض الضعفاء مرفوعاً أيضاً بأتم منه، وفيه ذكر الصور، وقد خرجته
قي أول كتاب (26 - البعث) من كتابي " ضعيف الترغيب والترهيب "، وهو وشيك
الصدور إن شاء الله تعالى مع قسيمه " صحيح الترغيب " (*). والله ولي التوفيق.

6896 - (النَّفَّاخَانِ فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ: رَأْسُ أَحَدِهِمَا بِالْمَشْرِقِ
وَرِجْلَاهُ بِالْمَغْرِبِ - أَوْ قَالَ: رَأْسُ أَحَدِهِمَا بِالْمَغْرِبِ، وَرِجْلَاهُ بِالْمَشْرِقِ
يَنْتَظِرَانِ مَتَى يُؤْمَرَانِ يَنْفُخَانِ فِي الصُّورِ فَيَنْفُخَانِ).

منكر.
أخرجه أحمد (2/ 192) عن التيمي عن أسلم عن أبي مرية عن
__________
(*) وقد صدر بحمد الله في خمسة مجلدات. (الناشر).

(14/920)


@@@ 921
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو عن عبد الله بن عمرو عن النبي به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ للشك الذي فيه، وتردد الراوي بين ارساله ووصله
أولاً ؛ ولأن (أبو مرية) مجهول الحال ثانياً - كما كنت حققته في حديث أخر له
تقدم برقم (5005) -.

والحديث أورده ابن كثير في "النهاية " (1/ 244 - 245) برواية أحمد
هذه، وقال:
" تفرد به أحمد. وأبو مرية هذا اسمه عبد الله بن عمرو العجلي، وليس
بالمشهور، ولعل هذين الملكين أحدهما هو إسرافيل، وهو الذي ينفخ في الصور - كما
سيأتي بيانه في (حديث الصور) بطوله -، والآخر هو الذي ينقر في الناقور...".
وأقول: في الحديث نكارة ظاهرة مخالفة في وصف الملك رأساً ورِجلاً، وأنهما
ملكان، والمحفوظ في أحاديث الباب أن النافخ في الصور واحد، إلا في رواية
لعطية العوفي منكرة ؛ فإنها بلفظ:
" إن صاحبي الصور... ".

وأكثر الروايات عنه بالإفراد، وعليه أكثر الأحاديث - كما كنت بينت ذلك في
" الصحيحة " برقم (1079) -.
ومما تقدم تعلم تساهل المنذري في قوله في " الترغيب " (4/ 191/ 6):
" رواه أحمد بإسناد جيد هكذا على الشك في إرساله واتصاله "!
اذ كيف تجتمع الجودة مع الشك المذكور ؟!

(14/921)


@@@ 922
وغفل عن هذا الجهلة الثلاثة ؛ فقالوا في تعليقهم على " الترغيب " (4/ 283):
" حسن "! ونحوه قول الهيثمي (10/ 330):
" رواه أحمد على الشك، فإن كان عن أبي مرية ؛ فهو مرسل، ورجاله ثقات،
وإن كان عن عبد الله بن عمرو ؛ فهو متصل مسند، ورجاله ثقات "!

قلت: قد علمت جهالة (أبو مرية)، ولم يوثقه غير ابن حبان - كما بينت في
المصدر المذكور آنفاً -. هذا إلى ما في متنه من النكارة - كما تقدم -.

والحديث عزاه السيوطي في " الدر المنثور " (5/ 338) للحاكم أيضاً، ولم أره
في " مستدركه " بعد مزيد البحث عنه. والله أعلم.

(تنبيه): أبو فرية.. هكذا وقع في إسناد " المسند "، وكذا في المصادر التي
عزته إليه ؛ مثل: " نهاية " ابن كثير و " ترغيب " المنذري، و " مجمع " الهيثمي.

وكذلك هو في " جامع المسانيد " لابن كثير أيضاً (16/ 9/ 3)، و " أطراف
المسند " لابن حجر العسقلاني (4/ 112/ 124)، وحقق الشيخ أحمد شاكر
رحمه الله أنه كذلك ثبت في أصول " المسند " الثلاثة، ويشكل عليه أن العلماء
والحفاظ في كتب التراجم و " الأسماء والكنى " لم يترجموه الا بـ (أبو مُراية)
بالضم والتخفيف وياء تحتية بعد الألف، مثل: كتاب " التاريخ " للبخاري (3/ 1/
154)، و " الجرح " لابن أبي حاتم (2/ 2/ 118)، و " الثقات " لابن حبان
(5/31).
وعلى هذا أجمعت كتب " الأسماء والكنى " مثل: كتاب مسلم (2/ 827/
3342)، والدولابي (2/ 2 1 1)، و " المشتبه " للذهبي - وكتابه الآخر
" المقتنى " -

(14/922)


@@@ 923
وشروحه مثل " التوضيح " لابن ناصر الدين الدمشقي، و " التبصير " لابن حجر
العسقلاني، وكتابه الآخر " تعجيل المنفعة ".

ولم يذكر أحد منهم الكنية الأولى سوى ابن ناصر الدين ؛ فإنه قال:
" قلت: وقال سليمان التيمي: (أبو مرية) بحذف الألف، وتشديد المثناة
تحت.. حكاه عن التيمي ابن منده في (الكنى) ".

قلت: وفي ظني أن ابن منده يشير إلى رواية أحمد هذه ؛ فإنها من رواية
التيمي - كما رأيت -. وقد ذكروا أنه روى عنه قتادة، وأسلم العجلي. وهذا من
رواية أسلم عنه.

وأما رواية قتادة عنه فقد سبق تخريجها في " الصحيحة " (180)، ووقع فيها
على الصواب: (أبو مُراية).

قلت: فالذي يظهر لي - والله أعلم - من مجموع ما تقدم: أن الذي في
" المسند " خطأ قديم من بعض رواته عن مؤلفه، مثل أبي بكر القطيعي ؛ ففيه
كلام يسير - كما كنت ذكرت في كتابي " الذب الأحمد عن مسند أحمد " -،
وسواء كان الخطأ منه أو من غيره ؛ فتوهيمه - بلا شك - أولى من توهيم هؤلاء
الأئمة الذين أجمعوا على ضبطه بخلاف ما وقع في إسناده ؛ ولذلك فما أعجبني
- حقاً - إصرار الشيخ أحمد شاكر على تصويب ما فيه، وتخطئة ما في كتابي
البخاري والعسقلاني أعني: " التعجيل "! وفي اعتقادي أنه لو تيسر له تتبع هذه
الترجمة من بعض المصادر المتقدمة - بله كلها - ؛ لم يسعه - إن شاء الله - الا أن
يتبنى ما أجمعوا عليه، وأن ينسب الوهم إلى من أشرت إليه.

(14/923)


@@@ 924
6897 - (في قوله [ تعالى ]: { وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ }،
قَالَ: يُقَرَّبُ إِلَى فِيهِ فَيَكْرَهُهُ فَإِذَا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ
رَأْسِهِ فَإِذَا شَرِبَهُ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ، يَقُولُ اللَّهُ:
{ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ }، وَيَقُولُ: { وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ
يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ }).

ضعيف.
أخرجه الترمذي (2586)، والنسائي في "السنن الكبرى " (6/
371 - 372/ 263 1 1)، والحاكم (2/ 1 35 و 368 و 57 4)، وابن جرير في
" التفسير " (13/ 131)، وأحمد (5/ 265)، وابنه عبد الله في " زوائد
الزهد " (ص 20)، وابن أبي الدنيا في " صفة النار " (ق 5/ 1 - 2)،
والطبراني في " المعجم الكبير " (8/ 06 1/ 7460)، وأبو نعيم في " الحلية "
(8/ 182)، والبيهقي في " البعث " (292/ 2 60) - عن الحاكم -، والبغوي
في " التفسير " (4/ 342) و " شرح السنة " (15/ 243/ 4405) ؛ كلهم من
طريق عبد الله بن المبارك - وهذا في " الزهد " (89/ 314 - زوائد نعيم) -:
أخبرنا صفوان بن عمرو عن عبيد الله بن بسر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
وقال الترمذي:

" حديث غريب. وهكذا قال محمد بن إسماعيل - [ يعني: البخاري ] - عن
(عبيد الله بن بُسر) (1)، ولا نعرف (عبيد الله بن بسر) إلا في هذا الحديث، وقد
روى صفوان بن عمرو عن عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث،
__________
(1) الذي في " التاريخ الكبير " (3/ 1/ 374): (عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي،
روى عنه يونس بن أبي إسحاق، منقطع، عن أبي أمامة رضي الله عنه. قاله ابن المبارك عن صفوان
ابن عمرو الشامي "! ولم يعلق عليه محققه بشيء! والظاهر أن هذا راو ٍآخر، وفرق بينهما جمع،
انظر " تيسير الانتفاع ".

(14/924)


@@@ 925
وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو هذا الحديث رجل أخر ليس
بصاحب ".
قلت: ولذلك قال الذهبي في " الميزان ":
" لا يعرف ". وقال الحافظ في " التقريب ":
" مجهول ".

هذا ؛ وقد تابع ابن المبارك بقية بن الوليد، فقال: عن صفوان بن عمرو قال:
ثني عبيد الله بن بسربه.
أخرجه ابن جرير.

(تنبيه): تصحف (عبيد الله) إلى: (عبد الله) في بعض المصادر المتقدمة،
ومنها: " مستدرك الحاكم " في المواضع الثلاثة المشار إليها منه! والظاهر أنه تلقاه
هكذا ؛ فإنه قال في الموضع الأول:
" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي، وأقره المنذري في " الترغيب "
(4/ 234 - 235/ 3)!!

قلت: ففي تصحيحه على شرط مسلم إشارة قوية إلى أنه (عبد الله بن بُسر)
الصحابي ؛ فإنه من رجال مسلم، وكذلك (صفوان بن عمرو). ولا ينافي ذلك
قوله في الموضعين الآخرين: " صحيح الإسناد " فقط - كما هو ظاهر -.

(تنبيه آخر): عزا السيوطي الحديث في " الدر " (4/ 73) لبعض من
ذكرنا، وزاد:

(14/925)


@@@ 926
" وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه ".

لكن وقع فيه: " وأبو نعيم في " الحلية " وصححه ! ؛ فنسب التصحيح لأبي
نعيم.. وهو خطأ مطبعي صوابه: " والحاكم وصححه ".

6898 - ( لا تنسوا العظيمين . قلنا : وما العظيمان ؟ قال : الجنة
والنار. ثم بكى حتى جرى - أو قال : بل - دموعه ما بين لحييه ، ثم قال :
والذي نفسي بيده! لو تعلمون ما أعلم من علم الآخرة ، لخرجتم
إلى الصعدات ، فلحثوتم على رؤوسكم التراب).

ضعيف.
أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/ 7 1 4/ 334 1)، وأبو يعلى
في " مسنده الكبير " - كما في " المطالب العالية المسندة " ( 2/ 119/ 1) - من
طريق إسحاق - زاد أبو يعلى: ابن أبي إسرائيل -، والدولابي في " الكنى " (2/
164) من طريق أيوب بن سالم ؛ كلاهما عن أيوب بن شبيب الصنعاني عن
رباح بن زيد قال: حدثني عبد الله بن بَحير قال: سمعت عبد الله بن يزيد يقول:
سمعت ابن عمر يقول:... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ أيوب بن شبيب الصنعاني: مجهول العين في
نقدي ؛ وإن ذكره ابن حبان في " الثقات " (8/ 125) من رواية إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي، وإسحاق بن أبي إسرائيل الحراني عنه، وقال:
" يخطئ ". ونقله عنه الحافظ في " اللسان " وأقره.

ويبدو لي أن قرن (إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) - وهو: ابن راهويه الإمام
الحافظ - خطأ من ابن حبان تبعه عليه الحافظ ؛ سببه أن البخاري لم ينسبه في

(14/926)


@@@ 927
الحديث فقال:
" قال لي إسحاق: حدثنا أيوب بن شبيب... " ؛ فتوهم ابن حبان أنه
إسحاق بن راهويه ؛ لأنه من شيوخ البخاري المشهورين، فانساق ذهنه إليه، ونسبه
إلى أبيه (إبراهيم)، ولم يعلم - أو على الأقل لم يتذكر - أن إسحاق بن أبي
إسرائيل هو من شيوخ البخاري أيضاً في " الأدب المفردة "- كما في ترجمته من
" التهذيب " - وما دام أنه جاء منسوباً إلى والده (أبي إسرائيل) عند أبي يعلى ؛
فينبغي أن تحمل رواية البخاري المطلقة على رواية أبي يعلى هذه المقيدة - كما هي
القاعدة في مثل هذا -. والله أعلم.

وعليه يكون شيخه (أيوب بن شبيب): مجهول العين - كما هو مقرر في
الأول -.
وأما (أيوب بن سالم): فلا أثر له في شيء من كتب الرجال.

والحديث عزاه المنذري في " الترغيب " (4/ 225/ 13) لأبي يعلى،
وسكت عنه، وصدره بقوله: " وعن "، فكان ذلك من دواعي تخريجه والكشف
عن علته، ولم يورده الهيثمي في " مجمعه " ؛ لأنه في " مسند أبي يعلى الكبير "
- كماسبق -.

ثم رأيت الحديث قد أخرجه ابن أبي الدنيا في " صفة النار " (ق 1/ 2)
و " الرقة والبكاء " (ق 123/ 2) أيضاً قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم به. واسم
(أبي إسرائيل) والد (إسحاق الحراني): إبراهيم أيضاً ؛ لكن ليس هو والد (ابن
راهويه) - كما ذكرت -، ويؤيده أن ابن أبي الدنيا ذكروه في الرواة عن (الحراني)..
دون: (ابن راهويه).

(14/927)


@@@ 928
فإذا علمت هذا التحقيق - والله يعلم كم أخذ مني جهداً ووقتاً - ؛ فمن الاعتداء
على الحديث قول المعلقين الجهلة الثلاثة على هذا الحديث في طبعتهم " للترغيب "
(4/355):
" حسن بشواهده "! وكذبوا يقيناً. هداهم الله وعرفهم بنفوسهم.

6899 - ({كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا } في
الساعة الواحدة عشرين ومئة مرةٍ ).

موضوع.
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/ 374 - 475) من طريق شيبان
ابن فروخ: ثنا نافع أبو هرمز: ثنا نافع عن ابن عمر قال:
تلا رجل عند عمر هذه الآية: { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها
ليذوقوا العذاب }، قال: فقال عمر: أعدها علي - وثم كعب -. فقال: يا أمير
المؤمنين! أما ان عندي تفسير هذه الآية ؛ قرأتها قبل الإسلام. قال: فقال: هاتها يا
كعب! فإن جئت بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ صدقناك، وإلا ؛ لم ننظر فيها.
فقال: اني قرأتها قبل الإسلام... فذكره، فقال عمر: هكذا سمعتها من رسول
الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه ابن عدي في ترجمة (نافع أبي هرمز) من طريق أخرى به نحوه (7/
50) مختصراً ؛ إلا أنه ذكر: (معاذ بن جبل).. مكان: (كعب). وروى
تضعيفه جداً عن جمع، وعن ابن معين أنه قال:
" ليس بثقة، كذاب ". وقال ابن حبان في " الضعفاء " (3/ 58):
" كان ممن يروي عن أنس بن مالك ما ليسى من حديثه ؛ كأنه أنس أخر، لا

(14/928)


@@@ 929
يجوز كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار ".
وساق له الذهبي جملة من مناكيره، وهذا أحدها ؛ لكنه لم يسقه بتمامه. ومما
لا ريب فيه أن ذكر الرسول فيه هو من أكاذيبه.

وقد رويت بعض الآثار الموقوفة في تفسير الآية المذكورة، فلا بأس من ذكر ما
يتيسر منها للنظر في أسانيدها ؛ وأقربها إلى هذا: ما رواه عبد الوهاب بن عطاء: أنا
الرييع بن برة عن الفضل الرقاشي: أن عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية... (فذكرها)
قال: يا كعب! أخبر بتفسيرها، فإن صدقت ؛ صدقتك، وإن كذبت ؛ رددت
عليك. فقال:
إن جلد ابن آدم يحرق ويجدد في ساعة، أو في مقدار ساعة ستة آلاف مرة.
قال: صدقت.

أخرجه البيهقي في " البعث والنشور " (305/ 633).
وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ فإنه مع انقطاعه بين عمر والفضل - وهو: ابن عيسى
الرقاشي - ؛ فإن هذا منكر الحديث - كما قال أبو زرعة وأبو حاتم -. وقال النسائي:
" ليس بثقة".
والربيع بن برة: لم أعرفه.

ولذلك أشار المنذري في " الترغيب " (4/ 240/ 9) إلى تضعيف هذا
الأثر.
ثم روى البيهقي (6 30/ 634)، وكذا عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد "
(269) من طريق الفضيل بن عياض عن هشام عن الحسن قال:... (فذكر

(14/929)


@@@ 930
الآية)، قال:
تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة، كلما أكلتهم ؛ قيل لهم: عودوا،
فيعودون كما كانوا.
واسناده إلى (الحسن) - وهو: البصري - صحيح ؛ فهو مقطوع.

وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (3 1/ 63 1/ 5998 1)، وابن جرير
الطبري في " التفسير " (5/ 90) من طريق آخر عن هشام بن حسان به نحوه
عن الحسن قال: بلغني..، فذكره.
وسنده صحيح أيضاً.

ورواه نعيم بن حماد في " زوائد الزهد " (95/ 329)، وابن أبي الدنيا في
" صفة النار " (ق 6/ 2 و 7/ 2 و 14/ 1 و 15/ 2) من طرق أخرى عن الحسن.

6900 - (أربعة أجبال من أجبال الجنة ، وأربعة أنهار من أنهار الجنة :
فأما الأجبال : فـ ( الطور ) ، و ( لبنان ) ، و ( طور سيناء ) ،
( وطور زيتا ) ... ) الحديث (*).
منكر جداً.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (8/ 329/ 7669):
حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا الحسن بن كثير قال: حدثنا يحيى بن
سعيد اليمامي قال: حدثنا نصر بن يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا أبي قال:
حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:
__________
(*) كتب الشيخ رحمه الله فوق هذا المتن: " مضى برقم (5490) ".

(14/930)


@@@ 931
" لم يروه عن يحيى بن أبي كثير، إلا ابنه نصر، ولا رواه عن نصر إلا يحيى
ابن سعيد اليمامي، تفرد به الحسن بن كثير ".

قلت: وهو الحسن بن كثير بن يحيى بن أبي كثير اليمامي -، كما في حديثين
آخرين قبله في " المعجم " من رواية محمد بن موسى هذا عنه -، وهو - أعني:
الحسن هذا - ضعيف ؛ كما قال الدارقطني، ونقله الحافظ في " اللسان " (2/
247).

ونصر بن يحيى بن أبي كثير - وهو اليمامي ؛ كما صرح به الطبراني في إسناد
أحد الحديثين المشار اليهما - ؛ لم أجد له ترجمة.

ومثله الراوي عنه (يحيى بن سعيد اليمامي).
ثم رأيت في " ثقات ابن حبان " (9/ 253):
" يحيى ين سعيد بن يزيد الحنفي: من أهل اليمامة، يروي عن أبيه. روى
عنه عمر بن يونس اليمامي ".
قلت: فالظاهر أنه هو، ولكن ذلك لا يخرجه عن الجهالة ؛ لأن (عمر بن
يونس) هذا وإن كان ثقة ؛ فهو به وحده لا ترتفع الجهالة ؛ - كما هو معلوم من علم
المصطلح -.

و (محمد بن موسى) شيخ الطبراني - وهو الإصطخري - ؛ روى له في " معجمه "
عشرات الأحاديث (7637 - 7682) ؛ فالظاهر أنه من شيوخه المعروفين ؛ ولكني
لم أجد له ترجمة، ولم يذكره الشيخ الأنصاري في كتابه " البلغة ". ويحتمل أنه
الذي جهله الحافظ في " اللسان "، وقد ذكرت كلامه في تخريج حديث أخر

(14/931)


@@@ 932
مضى برقم (5305).
وبالجملة ؛ فالإسناد مظلم ؛ فيه ذلك الضعيف، والجهالة ؛ وقد أشار إليها
الهيثمي بقوله في " المجمع " (10/ 71):
" رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه من لم أعرفهم ".

قلت: وهذا مما يدل على خطئه وخطأ الحافظ في توثيق رجال الحديث المشار
إليه آنفاً. فتنبه!

وقد روى الحديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده
مرفوعاً به ؛ إلا أنه لم يذكر الرابع " طور زيتا "! وذكر: (جبل أحد).. مكان:
(جبل طور سيناء).

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (17/ 18/ 19)، وابن عدي في
" الكامل " (6/ 59)، ومن طريقه ابن عساكر في " التاريخ " (2/ 346)،
وكذا ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 148)، وابن النجار في " ذيل تاريخ
بغداد " (18/ 155). وقال ابن الجوزي:
" لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أحمد: (كثير بن عبد الله) منكر
الحديث، ليس بشيء. وقال يحيى: لا يكتب حديثه. وقال النسائي والدارقطني:
متروك الحديث. وقال الشافعي: ركن من أركان الكذب. وقال ابن حبان: روى
عن أبيه عن جده نسخة موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب، ولا الرواية عنه إلا
على جهة التعجب ".

(تنبيه): لحديث الترجمة تتمة فيها ذكر أربعة أنهار الجنة، لم أر من

(14/932)


@@@ 933
المناسب ذكرها مع الحديث، خشية أن يتوهم من لا صبرله على متابعة القراءة أنها
لا تصح أيضاً ؛ فاكتفيت بالإشارة إليها بقولي: " الحديث " على أن أتولى بيان
صحتها هنا ؛ فأقول:
قد صح ذلك من غير ما طريق واحد عن أبي هريرة، وكنت خرجت بعضها
في " الصحيحة " (10، 111). فليراجعها من شاء.

6901 - (إن أدنى أهل الجنة منزلة - وليس فيها دنيء - لمن يغدو
عليه ويروح في كل يوم عشرة آلاف خادم ، مع كل خادم منهم طرفة
ليست مع صاحبه).
ضعيف.
أخرجه أبو نعيم في " صفة الجنة " (281/ 442): حدثنا أبو
زرعة محمد بن محمد بن عبد الوهاب العكبري بـ (بغداد): ثنا محمد بن
حمدان بن حماد - إمام بني هاشم -: ثنا الحسن بن محمد الزعفراني: ثنا
الحسين بن الحسن الأنصاري عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة
مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد غريب ضعيف ؛ الحسن بن محمد الزعفراني ومن فوقه
ثقات رجال البخاري ؛ فالعلة من أحد اللذين دونهم ؛ فإني لم أجدهما في شيء
من كتب الجرح والتعديل.

نعم ؛ جاء في " تاريخ بغداد " (2/ 287):
" محمد بن حمدان بن حماد أبو بكر الصيدلاني: سمع أبا الأشعث أحمد بن
المقدام العجلي، و... و...، وكان ثقة يتفقه على مذهب أحمد بن حنبل... ".

(14/933)


@@@ 934
كذا وقع فيه: (أبو بكر الصيدلاني)، وهي كنية ونسبة مترجم آخر قبله في
" التاريخ "، وأخشى أن يكون قد وقع خطأ أو نقل بصر الناسخ أو الطابع من
الأخرى إلى ما قبلها ؛ فقد رأيت القاضي ابن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة "
(1/ 291/ 398) قد كناه بكنية أخرى ؛ فقال:
" محمد بن حمدان البغدادي العطار أبو عبد الله، نقل عن إمامنا أحمد
أشياء".
وعلى كل حال ؛ فسواء كان الصواب هذا أو ذاك ؛ فما أظنه صاحب هذا
الحديث ؛ لأن فيه أنه " إمام بني هاشم ".

وأما الراوي عنه (أبو زرعة محمد بن محمد بن عبد الوهاب العكبري) فقد
ترجمه الخطيب أيضاً (3/ 227) برواية شيخيه (عبد العزيز بن علي الأزجي)
و (عبيد الله بن محمد بن عبيد الله النجار (!)) عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا
تعديلاً ؛ فهو مجهول الحال، فهو العلة ؛ إن سلم من شيخه. والله أعلم.

وقد روي الحديث موقوفاً من طريق أبي هلال الراسبي: أنا الحجاج بن عتاب
العبدي عن عبد الله بن معبد الزَّماني عن أبي هريرة قال:... فذكره موقوفاً عليه.
أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/ 2/ 377/ 2831)، وابن أبي الدنيا
في " صفة الجنة " (69/ 207)، والدولابي في " الكن "، (1/ 165).

أورده البخاري في ترجمة (الحجاج بن عتاب العبدي)، ولم يذكر فيه جرحاً
ولا تعديلاً. وكذلك فعل ابن أبي حاتم (1/ 2/ 159) ؛ غيرأنه روى عن ابن
معين أنه قال:

(14/934)


@@@ 935
" مشهور ".
وأما ابن حبان ؛ فذكره في " الثقات " ( 6/ 203) على قاعدته في توثيق
المجهولين! فإنه لم يذكر له هو ولا غيره راوياً غير أبي هلال الراسبي، واسمه:
(محمد بن سليم)، وهو صدوق فيه لين - كما قال الحافظ في " التقريب " -.

6902 - ( أرض الجنة بيضاء ، عرصتها صخور الكافور ، وقد أحاط
بها المسك مثل كثبان الرمل ، فيها أنهار مضطردة، فيجتمع فيها أهل الجنة
أدناهم وآخرهم فيتعارفون ، فيبعث الله ريح الرحمة فتهيج عليهم ريح
ذلك المسك ، فيرجع الرجل إلى زوجته ، وقد ازداد طيبا وحسنا ، فتقول
له : قد خرجت من عندي ، وأنا بك معجبة وأنا بك الآن أشد عجبا).
ضعيف جداً أو موضوع.
أخرجه ابن أبي الدنيا في " صفة الجنة " (20/ 28):
حدثني هارون بن سفيان: ثنا محمد بن عمر: ثنا أبو بكر بن أبي سبرة
عن عمر بن عطاء بن وراز عن سالم أبي الغيث عن أبي هريرة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد موضوع، أو ضعيف جداً على أقل الأحوال ؛ آفته (محمد
ابن عمر) - وهو: الواقدي -: متروك متهم بالكذب.

ونحوه شيخه (أبو بكر بن أبي سبرة).
و (عمر بن عطاء بن وراز) - الأصل: " عن عرادة... خطأ " -: ضعيف.

وهارون بن سفيان - هو: ابن بشير أبو سفيان مستملي يزيد بن هارون يعرف
بـ (الديك) -: له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 14/ 25) برواية جمع أخر عنه،
مات سنة (251)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

(14/935)


@@@ 936
وكذلك فعل الذهبي في " تاريخ الإسلام ".

والحديث قد صح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مختصراً عند
مسلم وغيره. وهو مخرج في " الصحيحة " (3471).

(تنبيه): قال ابن القيم في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " (1/ 216 -
217 - كردي):
" وقد ذكر ابن أبي الدنيا من حديث أبي بكر بن أبي شيبة عن عمر بن عطاء
ابن وراز... " إلخ.

فأقول: في هذا النقل وهم وتقصير ؛ أما الوهم: فهو أنه ليس لـ (أبي بكر بن
أبي شيبة) ذكر عند ابن أبي الدنيا - كما رأيت - واني لأخشى أن يكون تحرف
عليه أو على ناسخ كتاب ابن أبي الدنيا (أبو بكر بن أبي سبرة) إلى: (أبي بكر
ابن أبي شيبة)! فإن لم يكن هذا، فالتقصير أنه لا ينبغي الإعلال بالضعيف،
وفي السند من هو أشد ضعفاً منه. وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى.

6903 - (لو أن حوراء بزقت في بحر لُجي، لعذب ذلك البحر من
عذوبة ريقها ).

ضعيف.
ذكره المنذري في " الترغيب " (4/ 265/ 11) مصدراً إياه
بـ (وعن أنس بن مالك)! وقال في تخريجه:
" رواه ابن أبي الدنيا عن شيخ من أهل البصرة عنه ".
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " (6/ 33) برواية ابن أبي الدنيا في " صفة

(14/936)


@@@ 937
الجنة "، وابن أبي حاتم عن أنس.

وليس هو في النسخة المطبوعة التي عندي من " صفة الجنة " (مكتبة
القرآن)، وقد مرت بي في " الترغيب " جملة من الأحاديث معزوة إلى ابن أبي
الدنيا وليست في المطبوعة، وبعضها قد عزاه إليه ابن القيم في " حادي الأرواح "
بخلاف هذا ؛ فإنه عزاه لأبي نعيم، وسيأتي، وقد!رح السيوطي - كما رأيت -
بأنه في " صفة الجنة "، مما جعلني أشعر أن نسخ " الصفة " مختلفة ؛ ففي بعضها
ما لا يوجد في بعض. والله أعلم.

وقد وقفت على إسناده: فقال ابن كثير فى (تفسير سورة الدخان) (4/
146): قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي: حدثنا نوح بن حبيب: حدثنا نصر بن
مزاحم العطار: حدثنا عمر بن سعد عن رجل عن أنس بن مالك.

وسكت عنه ابن كثير. ولا بأس ما دام أنه ساقه بإسناده، وأما مختصره الشيخ
الصابوني فقد أساء ؛ لأنه حذفه، وأوهم ثبوته بقوله (3/ 306):
" روى ابن أبي حاتم عن أنس ... "!

وهذا من بالغ جهله بهذا العلم، وقلة مبالاته بأن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لا
يصح! وإلا ؛ فماذا عليه لو قال على الأقل: (روى ابن أبي حاتم عن رجل عن أنس) ؟!

على أن في الطريق إليه (نصر بن مزاحم العطار) ؛ وهو متروك ؛ قال ابن أبي
حاتم في " الجرح " (4/ 1/ 468/ 43 21):
" سألت أبي عنه ؛ فقال: واهي الحديث، متروك الحديث ".

(14/937)


@@@ 938
وكذبه بعض الحفاظ، وله ترجمة سيئة في " اللسان ".

لكن أخرجه أبو نعيم في " صفة الجنة " (8 1 2/ 386) من طريق منصور
ابن المهاجر الواسطي: ثنا أبو النضر الأبار عن أنس... وزاد: " وخلق الحور
العين من الزعفران ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ منصور بن المهاجر هذا: لم يوثقه أحد، وروى عنه
جمع ذكرهم في " التهذيب " ؛ ولذا قال الحافظ:
" مستور ".

وشيخه أبو النضر الأبار: لم أجد له ترجمة في شيء من كتب الرجال، وهو
راوي حديث " الجنة تحت أقدام الأمهات ". المتقدم برقم (593)، ونقلت هناك عن ابن
طاهر أنه قال:
" ومنصور، وأبو النضر ؛ لا يعرفان ".

(تنبيه): أبو النضر هذا ؛ بالضاد المعجمة في كل المصادر التي ذكر فيها فيما
وقفت عليه، ومنها " كنى الدولابي " (2/ 138)، و" مقتنى الذهبي "(2/
115/ 6239)، وكذلك هو في أصل " صفة الجنة " ؛ ولكن محققه الفاضل قلبه
إلى (أبو النصر).. بالصاد المهملة ؛ فقال ؛
" في الأصل: (أبو النضر)، وما أثبته موافق لما في ترجمة منصور بن المهاجر
من " تهذيب الكمال " (3/ 1377) "!

قلت: وهذا وهم، وتحقيق قاصر، و "التهذيب " الذي رقم له، كأنه نسخة

(14/938)


@@@ 939
مخطوطة أو مصورة عنها، ومن المعلوم أن كثيراً من المخطوطات تهمل الأحرف
المعجمة ؛ فلا يكفي الاعتماد عليها، فلا بد - والحالة هذه - من الرجوع إلى مصادر
أخرى، وبخاصة ما كان منها في ضبط الأسماء والكنى، مثل " الإكمال " لابن
ماكولا وغيره، وقد ذكرت آنفاً بعضها. وعلى الصواب جاء في " الإكمال " أيضاً
(7/ 347).

هذا ؛ ولعل أصل الحديث موقوف، رفعه هذا المجهول أو غيره ؛ فقد روي عن
ابن عباس أنه قال:
لو أن امرأة من أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر، لكانت تلك الأبحر أحلى
من العسل.

أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصفة " (90/ 293) من طريق حفص بن عمر
العدني: ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عنه.
لكن حفص هذا ضعيف.

6904 - (من أطاع إمرأته، كبّه الله عز وجل في النار على وجهه).
موضوع.
أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 132/ 623
بترقيمي) من رواية الديلمي بسنده عن المطلب بن شعيب بن حيان الأزدي:
حدثنا عبد الله بن صالح: حدثنا عمرو بن هاشم عن ابن أبي كريمة عن جعفر بن
محمد عن أبيه عن جابر عن علي بن أبي طالب رفعه.

قلت: وقد سكت عنه السيوطي، فلم يتكلم على إسناده بشيء ؛ ولذلك قال
ابن عراق معقباً عليه بعد أن رمز للديلمي بـ (مي):

(14/939)


@@@ 940
" قلت: بيض له ؛ كأنه أراد أن يبين علته فلم يتفق له، وأنا لم تلح لي، إلا أن
أحمد بن عبد الرحمن الصايغ، و... و... والمطلب بن شعيب بن حيان
الأزدي: لم أقف لهم على ترجمة ".

فأقول: هؤلاء الأربعة إن لم يجد لهم ترجمة ؛ فلا ينبغي لمثله أن يسكت عن
بعض من فوقهم، وقد حاول أن يتعرف على من دونهم ؛ فلم يعرفهم، بينما
البعض المشار إليهم، فيهم من يعرف بالضعف، وأحدهم لا يعرف أيضاً، وهو:
(ابن أبي كريمة) ؛ فإني لم أجد له ترجمة.

وأما (عمرو بن هاشم) - وهو: البيروتي -: فهو مترجم في " التهذيب "
وغيره، وقال الذهبي في " المغني ":
" وثق، وقال ابن وارة: ليس بذاك ". وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يخطئ ".

وأما (عبد الله بن صالح): فهو مشهور، ومعروف بالضعف ؛ الا في رواية
بعض الأئمة عنه ؛ كما قرره الحافظ في " مقدمة الفتح "، وحديثنا ليس من هذا
القبيل ؛ فإن (المطلب بن شعيب بن حيان الأزدي) وإن كان قد وثق - ولم يعرفه
ابن عراق - ؛ فليس هو من أولئك الأئمة، وإنما هو من شيوخ الطبراني في
" معاجمه "، وله ترجمة في كتاب الشيخ حماد الأنصاري - عافاه الله - الذي أسماه:
" بلغة القاصي والداني في تراجم شيوخ الطبراني " (327/ 649).

وأما ما وجه به ابن عراق سكوت السيوطي عن علة الحديث فلا أراه وجيهاً
وذلك للضعف الذي في الروايين، وفي ظني أن مثله لا يخفى على مثل الحافظ
السيوطي، وإنما سلكت عنه لظهور وضعه وبطلانه باللفظ المذكور ؛ لأن من المقطوع

(14/940)


@@@ 941
به أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يساير نساءه ويطيعهن فيما لا مخالفة للشرع ؛ كما صنع صلى الله عليه وسلم
مع عائشة حينما لم تستطع في حجة الوداع أن تأتي بعمرة الحج ؛ لما عرض لها من
الحيض، فأمر إبن أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من (التنعيم) والناس يستعدون
للرجوع إلى المدينة، وقال راوي القصة جابر بن عبد الله رضي الله عنه:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً سهلاً، إذا هويت - عائشة - الشيء ؛ تابعها عليه.
انظر " حجة الوداع " (ص 92).

ولعل أصل الحديث إنما هو باللفظ الذي ساقه أبو عبد الله بن بطة في " الشرح
والإبانة على أصول السنة والديانة " (204/ 379):
" من أطاع امرأته في كل ما تريد... " الحديث نحوه.

وعلق عليه صهري أبو رشيد بقوله:
" ضعيف ؛ فقد أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة " وعزاه للدارمي (2/
215) "!

وهذا وهم فاحش! منشؤه عدم الانتباه لاصطلاح ابن عراق لرمزه المتقدم (مي)
أنه لـ ( للديلمي)، فتوهم أنه أراد (الدارمي) على اصطلاح مؤلف كتاب " مفتاح
كنوز السنة " - تأليف مستشرق هولندي -.

(تنبيه): كتاب ابن بطة هذا أحاديثه معلقة غير مسندة، ويغلب على الكثير
منها الضعف والنكارة والوضع، وقد قام بتخريجها صهري المذكور تخريجاً لا بأس
به إلى حد ما ؛ فقد قصر في تخريج كثير من أحاديثه تقصيراً ظاهراً ؛ مثل
قوله صلى الله عليه وسلم:

(14/941)


@@@ 942
" إن الله لا ينترع العلم انتزاعاً من صدور العلماء... " رقم (20).
فقد عزاه للترمذي وابن ماجه وغيرهما، مع أنه مما رواه البخاري ومسلم في
" صحيحيهما "! ومن الغريب أنه مع عزو المعلق على " الترمذي " الذي عزاه إليه
قد ذكر في الحاشية أنه رواه الشيخان!

وقد لاحظ عليه بعض الباحثين أنه - مع قلة استفادته من كتب الألباني، وندرة
عزوه إليها مع كثرتها، وبالغ انتشارها ؛ فهو - إذا ذكره ؛ ذكره بلقبه ونسبته فقط:
(الألباني)! كأنه لا فرق بينه وبين سائر المستفيدين والناقلين من كتبه، مع أنه
من تلامذته القدامى وزوَّجه إحدى بناته ؛ مما يوجب عليه أن يذكره بشيء من
التبجيل والاحترام، وهذا مما لا رغبة للألباني فيه - كما هو المعروف عنه - ؛ ولكن
على الأقل أن يقول: (شيخنا الألباني).. لا تزكية، وإنما بياناً للواقع والحقيقة، و
أتساءل عن سبب كتمانها: أهو الخوف من أن يصيبه شيء من الأذى الذي
أصاب شيخه الألباني من أعدائه وخصومه، أم هو مسايرة منه للمشرف على
رسالته، أم... أم.. ؟! فقلنا: الله سبحانه وتعالى أعلم.

6905 - (صافح أبا جهل. فقيل لأبي جهل: تُصَافِحُ هَذَا الصَّابِئَ؟!
فَقَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّهُ لَنَبِيٌّ، وَلَكِنْ مَتَى كُنَّا تَبَعًا لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ؟! قال:
فنزلت { فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}).

ضعيف.
أخرجه ابن أبي حاتم في " التفسير " (3/ 66/ 1)، وابن بطة في
" الإبانة " (2/ 895) من طريق سلام بن مسكين عن أبي يزيد المدني: أن
النبي صلى الله عليه وسلم ... الحديث.

قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد، رجاله ثقات رجال البخاري، وقول الحافظ

(14/942)


@@@ 943
في " التقريب ":
" أبو يزيد المدني نزيل البصرة، مقبول "!

فهو من أوهامه ؛ فقد روى عنه جماعة من الثقات، ووثقه ابن معين، وأخرج
له البخاري.

وفي نزول الأية في أبي جهل حديث آخر: يرويه أبو اسحاق السبيعي عن
ناجية بن كعب عن علي: أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: انا لا نكذبك، ولكن
نكذب ما جئت به! فأنزل الله:... فذكر الأية.

أخرجه الترمذي (66 30)، وابن جرير (7/ 16 1)، والحاكم (2/315)
وقال:
" صحيح على شرط الشيخين "! ورده الذهبي بقوله:
" قلت: ما خرجا لناجية شيئاً ".

قلت: وأيضاً: فهو مجهول ؛ كما قال ابن المديني، قال:
" لا أعلم أحداً روى عنه غير أبي إسحاق ".

قلت: فمن الغريب جداً أن يوثقه الحافظ في " التقريب " ولم يرو عنه غيره،
وغير ابنه يونس بن أبي إسحاق على قول، ولم يوثقه أحد غير العجلي وابن حبان
المعروفين بتساهلهما في توثيق المجهولين، وأن لا يوثق (أبا يزيد المدني) المتقدم مع
توثيق ابن معين ورواية الثقات عنه، ورواية البخاري! فجل وتعالى من لا يسهو ولا
ينسى.

(14/943)


@@@ 944
وأما الترمذي ؛ فأعله بالإرسال. والله أعلم.

6906 - (الإسلام علانية، والإيمان في القلب...).
منكر.
أخرجه ابن أبي شيبة في رسالة " الإيمان " (5/ 6 - بتحقيقي)،
وفي " المصنف " (1 1/ 1 1/ 368 0 1)، وعنه أبو يعلى (5/ 1 0 3 - 2 0 3)،
وأحمد (3/ 134 - 135)، والبزار (1/19/ 0 2 - كشف الأستار)، والعقيلي
في " الضعفاء " (3/ 250)، وابن حبان في " الضعفاء " (2/ 111)، وابن
عدي في " الكامل " (5/ 207)، كلهم من طريق علي بن مسعدة: ثنا قتادة
عن أنس مرفوعاً. وقال البزار:
"تفرد به علي بن مسعدة ".
قلت: قال البخاري في " التاريخ " (3/ 2/ 294 - 295):
"فيه نظر".
ورواه عنه العقيلي، وساق حديثه هذا. وقال ابن حبان:
" كان ممن يخطئ على قلة روايته، وينفرد بما لا يتابع عليه ؛ فاستحق ترك
الاحتجاج به ؛ بما لا يوافق الثقات من الأخبار ".

قلت: ووثقه بعضهم ؛ فقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/ 52) - بعد
ما عزاه لأحمد وأبي يعلى والبزار -:
".. ورجاله رجال الصحيح ؛ ما خلا (علي بن مسعدة)، وثقه ابن حبان
(كذا) وأبو داود الطيالسي، وأبو حاتم، وابن معين، وضعفه أخرون ".

(14/944)


@@@ 945
قلت: وأشار إلى هذا الخلاف الذهبي بقوله في " الكاشف ":
" فيه ضعف، وأما أبو حاتم فقال: لا بأس به ".

وذكر بعض الأقوال - التي في " المجمع " - في " الميزان " وساق له هذا الحديث
فيما أنكر عليه. وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق له أوهام ".

قلت: فمثله يحتمل حديثه التحسين، وقد كنت حسنت له حديثاً أخر في
" المشكاة، (2341) بلفظ:
" كل بني أدم خطاء، وخير الخطائين التوابون ".

أما هذا ؛ فقد حال بيني وبين تحسينه تضعيف الأئمة المتقدمين له واستنكارهم
إياه، أعني: ابن حبان والعقيلي وابن عدي والذهبي، ويضاف اليهم أخرون ؛
منهم: (عبد الحق الإشبيلي) ؛ فقد قال - كما كنت نقلته عنه في تخريجي لكتاب
" ا لإيمان " -:
" حديث غير محفوظ ".
وشيء أخر، وهو أهم - عندي - مما تقدم وهو أنه تفرد بزيادة هذا اللفظ على
الحديث الصحيح الذي جعله هو تمام الحديث، وقد أشرت إليه بالنقط، ولفظه عند
أحمد وغيره:
قال: ثم يشير بيده إلى صدره (ثلاث مرات) ثم يقول: " التقوى ههنا،
التقوى ههنا ".

(14/945)


@@@ 946
وهذا القدر منه محفوظ من طريق أخرى من حديث أبي هريرة: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال:... فذكره، وأوله:
" المسلم أخو المسلم ؛ لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ههنا " ويشير
إلى صدره ثلاث مرات... " الحديث.

رواه مسلم (8/ 10 - 11) وغيره، وهو مخرج في " الإرواء " (8/ 99 - 100).

إذا عرفت ما تقدم من التخريج والترجمة والتحقيق ؛ فقد ألقي في النفس
التنبيه على بعض الأوهام وقعت لبعض من كتب حول هذا الحديث، فأقول:
أولاً: قول الهيثمي المتقدم: " وثقه ابن حبان "! فإنه وهم محض ؛ فإنه لم
يذكره في " الثقات"، ولا عزاه إليه أحد من المؤلفين في التراجم، وانما أورده في
" الضعفاء " - كما سبق - ونقل هذا الوهم الشيخ الأعظمي في تعليقه على
" الكشف "! والمعلق على " أبي يعلى " (5/ 302)!

ثانياً: قول الشيخ الأعظمي في تعليقه على الحديث في " المطالب العالية " (3/55):
" وقال البوصيري: رواه ابن حبان في " صحيحه "، والبزار (1/ 19) ".

قلت: أخطأ الشيخ على الحافظ البوصيري ؛ فإن هذا لما ذكر الحديث في
" الإتحاف " (1/ 10/ 2) بتمامه، أعني: مع جملة (التقوى) ؛ قال:
" وفي رواية: سئل عن المؤمن ؟ قال:
" من أمنه جاره، ولا يخاف بوائقه، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه

(14/946)


@@@ 947
ويده، والمهاجر من هجر السوء، والذي نفسي بيده! لا يدخل الجنة من لا يأمن
جاره بوائقه ". رواه أبو يعلى الموصلي - واللفظ له -، وابن حبان في " صحيحه "،
وأحمد بن حنبل، والبزار ".

قلت: فأنت ترى أن (البوصيري) لم يعز اللفظ إلا لأبي يعلى ؛ فنسبة الشيخ
الأعظمي المذكورة خطأ عليه أولاً، ثم على ابن حبان ثانياً ؛ فإنه لم يرو الرواية
الأولى - أعني: حديث الترجمة -، وإنما روى الرواية الأخرى بلفظ:
" المؤمن من أمنه الناس، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده،
والمهاجر... " الحديث مثله! وهو في " موارد الظمآن " (37/ 26).

ثالثاً: نقد المعلق على " مسند أبي يعلى " (5/ 302) ؛ فإنه قال - بعد أن
حسَّن إسناد الحديث -:
" علي بن مسعدة: لا ينحط حديثه عن رتبة الحسن. وقد اضطرب الأستاذ
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في الحكم عليه ؛ فقد حسن له حديث: " كل
ابن آدم خطاء " انظر صحيح الجامع الصغير (4391)، والمشكاة برقم (2341)،
بينما ضعَّف به حديث : " الإسلام علانية.. " انظر ضعيف الجامع الصغير رقم
(2285) "!

فأقول: ما نسبه إلي من الاضطراب ناشئ من حداثته في هذا العلم وقلة
ممارسته إياه ؛ بل ولربما كان ذلك بسبب عدم علمه بأصوله ومصطلحه، وإلا ؛ فماذا
يقول يا ترى في قول الحافظ النقاد في رسالته القيمة: " الموقظة " بعد أن عرَّف
الحديث الحسن:
" ثم لا تطمع بأن لـ (الحسن) قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان فيها، فأنا

(14/947)


@@@ 948
على إياس من ذلك ؛ فكم من حديث تردد فيه الحفاظ هل هو حسن، أو ضعيف،
أو صحيح ؛ بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد، فيوماً يصفه
بالصحة، ويوماً يصفه بالحسن ولربما استضعفه! وهذا حق " ؟

قلت: فإذا كان هذا حال كثير من الحفاظ في التردد في الحديث الحسن بل
والحافظ الواحد ؛ فماذا على مثلي إذا تردد أو تغير اجتهاده في الحديث الواحد ؟
فكيف والتغير ليس في الحديث الواحد، وإنما في حديث آخر له، وقد اقترن به من
المخالفة والنكارة ما سبق بيانه، وهو مما غفل عنه المنتقد المشار إليه، وكأنه غفل أيضاً
عن الحديث الشاذ، وهو من رواية الثقة الذي يصحح حديثه إلا عند المخالفة، ومثله
الحديث المنكر الذي هو من رواية من دونه في الحفظ، والأصل فيه أنه حسن
الحديث إلا عند المخالفة، وصدق الله العظيم { ولكن أكثر الناس لا يعلمون }.

رابعاً: قول الأستاذ الفاضل سفر الحوالي في كتابه " ظاهرة الإرجاء في الفكر
الإسلامي " (2 /686) - تعليقآ على هذا الحديث ؛ مع أنه صدره بقوله:
" روي... " ؛ المشعر بضعف المروي اصطلاحاً، فإنه مع ذلك قال - في " الحاشية ":
" سبق تخريجه، وأنه حسن إن شاء الله، ويدل لصحة معناه حديث جبريل... ".

قلت: فالتحسين ينافي التضعيف المشار إليه! الأمر الذي جعلني أقول: لعل
المؤلف لم يُراع بالتصدير المذكور الاصطلاح المشار إليه، أو أن (الُمحشّي) هو غير
المؤلف. والله أعلم.

وقوله: " ويدل لصحة معناه... " ؛ فأقول: صحة المعنى لا يدل بالضرورة
على صحة المبنى ؛ فكم من حديث لا أصل له والمعنى صحيح - كما هو معلوم -.

(14/948)


@@@ 949
وقد بدا لي من مطالعتي للكتاب المذكور أنه ذو فائدة كبيرة جداً في الرد على
علماء الكلام الذين يخالفون أهل الحديث في قولهم: (الإيمان يزيد وينقص، وأن
الأعمال الصالحة من الإيمان)، مع غلو ظاهر في بعض عباراته ؛ حتى ليخال إليَّ
أنه يميل إلى مذهب الخوارج، مع أنه يرد عليهم، وغمزني بالإرجاء أكثر من مرة ؛
تارة تصريحاً وأخرى تلويحاً، مع إظهاره الاحترام والتبجيل - خلافاً لبعض الغلاة
ولا أقول: الأتباع -، وهو يعلم أنني أنصر مذهب أهل الحديث، متذرعاً بأنني لا
أكفر تارك الصلاة كسلاً ؛ ما لم يدل على أن تركه عن عقيدة وجحود، كالذي يقال
له: (إن لم تصل، وإلا ؛ قتلناك)، فيأبى فيقتل ؛ فهذا كافر مرتد - كما كنت
نقلته في رسالتي " حكم تارك الصلاة " عن ابن القيم وشيخه ابن تيمية - وعلى
مثله حمل ابن تيمية الآثار التي استفاضت عن الصحابة في كفر تارك الصلاة،
وقوله صلى الله عليه وسلم: " ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة ". انظر كلامهما في
الرسالة المذكورة (ص 38 - 46). ومع هذا رمانا المؤلف المذكور بالارجاء..
سامحه الله، وهدانا الله وإياه لما اختلف فيه من الحق ؛ إنه يهدي من يشاء إلى
صراط مستقيم.

ومجال مناقشته واسع جداً فيما نبا قلمه عن الصواب، وما فيه من الأخطاء
والتناقضات، وبخاصة في تأويله للأحاديث والنصوص وليّه إياها إلى ما يتفق مع
ما ذهب إليه مع محاولته التشكيك في صحة الحديث المتفق على صحته ؛ إذ شعر
أن تأويله إياه غير مقنع - كما فعل بحديث الجهنميين الذين يخرجهم الله من النار
بغير عمل عملوه -. بل وإعراضه أحياناً عن ذكر ما هو عليه منها.

أقول: هذا باب واسع جداً يتطلب التفرغ له وقتاً مديداً، مما لا أجده الآن.
والله المستعان.

(14/949)


@@@ 950
خامساً وأخيراً: تصحيح الشيخين الحلبيين للحديث في كتابيهما " مختصر
تفسير ابن كثير ": محمد علي الصابوني، ومحمد نسيب الرفاعي.

أما الأول: فبإيراده إياه في " مختصره " (3/ 361) محذوف السند - خلافاً
لأصله - مجزوم النسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " عن أنس... "، مع تصريحه في
المقدمة أنه لا يذكر فيه إلا ما صح من الحديث. وضغثاً على إبالة، يقول في التعليق عليه:
" أخرجه الإمام أحمد ".

وهذا العزو موجود في أصله ؛ فهو ينقله منه ويجعله في التعليق موهماً القراء
أنه من تخريجه! وليته على الأقل ذكر موضعه من " مسند أحمد " بالجزء
والصفحة ؛ إذن لأفاد شيئاً زائداً على ما في الأصل. ولكن حتى هذا هو عاجز عنه
فما عسى أن يقول القائل عن هذا المتشبع بما لم يعط!!

وأما الشيخ الرفاعي - وقد توفي إلى رحمة الله ومغفرته -: فقد زاد على الأول
بأنه رمز له بـ (صح) في فهرسه الذي وضعه لأحاديث مختصره مرتباً إياه على
ترتيب سور القرآن، ذكره تحت (49 - سورة الحجرات).

6907 - ( ليس بين العبد وبين الكفر - أو قال: الشرك - إلا أن يدع
صلاة مكتوبة).

منكر بهذا اللفظ.
أخرجه ابن نصر في " تعظيم قدر الصلاة " (2/ 876/
890) من طريق عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن عمر بن زيد قال: أخبرني
أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول:... فذكره مرفوعاً.

(14/950)


@@@ 951
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم ؛ غير (عمر بن زيد)
- وهو: الصنعاني -: لا يعرف، ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح " (6/ 109)
برواية معمر عنه ولم يزد. وقد خالف عمر هذا ابن جريج وغيره، فرووه عن أبي
الزبير بلفظ:
"... ترك الصلاة ".

أخرجه مسلم (1/ 62)، وأبو عوانة (1/ 61)، وأبو داود (4678)
وغيرهم ممن ذكرت في " التعليق الرغيب " (1/ 194). وهو كذلك في " مصنف
عبد الرزاق " (3/ 124/ 5007)، إلا أنه قال:
"... إلا أن يترك الصلاة ".

والمعنى واحد بخلاف حديث الترجمة ؛ فلا أدري سبب اختلاف رواية
" المصنف " عن رواية ابن نصر ؛ مع أن هذه أصح عنه، ورواية " المصنف " هي من
طريق إسحاق الدبري، وفيه كلام معروف. ومن المحتمل أنها في الأصل مثل
رواية أبن نصر ؛ لكن لما رآها بعض النساخ أو غيرهم مخالفة للرواية المحفوظة عند
مسلم وغيره توهم أنه وهم من الناسخ وليس من الراوي المجهول (عمر بن زيد)،
فصححه! وليس بجيد ؛ فإن المنصوص في مثل هذه الحالة أن تُثبت الرواية ؛ - كما
جاءت في الأصل -، وينبه في الهامش على ما هو الصواب. والله أعلم.

ولم يتنبه المحقق الفاضل للفرق بين هذه الرواية المنكرة وبين الرواية الحفوظة في
تعليقه على " تعظيم الصلاة " ؛ فعلق عليها قائلاً:
" وهو مكرر الذي تقدم برقم (886 - 888) ".

(14/951)


@@@ 952
يشير إلى رواية مسلم المحفوظة!

6908 - (يا آنس! إذا هممت بأمر ؛ فاستخر ربك فيه سبع مرات،
ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك ؛ فإن الخيرفيه).

ضعيف جداً.
أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (192/ 592) قال: أخبرنا
أبو العباس بن قتيبة العسقلاني: حدثنا عبيد الله بن الحميري: ثنا
إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك: ثنا أبي عن أبيه عن جده قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وكذا قال الحافظ في "الفتح " (11/ 187)،
وقال النووي في " الأذكار ":
" إسناده غريب، فيه من لا أعرفهم ".
كذا قال! وتعقبه الحافظ في " نتائج الأفكار " بقوله - كما في " شرح ابن
علان " (3/ 257) ؛ فقال بعد أن ساق إسناده المذكور إلا أنه وقع فيه (عبد الله
ابن المؤمل الحميري) -:
" فأما أبو العباس ؛ فاسمه: محمد بن الحسن - هو: ابن أخي بكار بن قتيبة
قاضي مصر، وكان -: ثقة، أكثر عنه ابن حبان في " صحيحه ".

وأما النضر: فأخرج له الشيخان.
وأما (الحميري): فلم أقف له على ترجمته ؛ قال شيخنا - يعني: الحافظ
الزين العراقي - في " شرح الترمذي " متعقباً على قول النووي:

(14/952)


@@@ 953
" هم معروفون، لكن فيهم راو معروف بالضعف الشديد، وهو (إبراهيم بن
البراء) ؛ فقد ذكره العقيلي في " الضعفاء "، وابن حبان، وغيرهم، وقالوا: إنه
كان يحدث بالأباطيل عن الثقات، زاد ابن حبان: لا يحل ذكره الا على سبيل
القدح فيه. قال شيخنا: فعلى هذا فالحديث ساقط، والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كان إذا دعا ؛ دعا ثلاثاً. قلت: أخرجه البخاري من حديث أنس ".

قلت: هنا أمور لا بد من بيانها ؛ ما كان منها علينا أو على غيرنا، وكل ذلك
لصالحنا وصالح قرائنا:
الأول: قوله (إبراهيم بن البراء).. هو الصواب، وقع في (الشرح " المذكور:
(إبراهيم عن البراء)، وهو خطأ مطبعي، ووقع في " ابن السني " (ابراهيم بن
العلاء عن النضر ". وكذلك وقع في الطبعة الهندية الأخرى (161/ 598).
وكل ذلك خطأ.

الثاني: قوله في الإسناد: (عبيد الله بن الحميري). وعلى هامش " العمل ":
(عبيد الله بن المؤمل الحميري). ولم يبين المعلق، هل يعني أنه نسخة، أو أنه
ذكره احتمالاً ؛ وهو قريب مما وقع في " الشرح ": " عبد الله بن المؤمل الحميري ".

ولم يتبين لي الراجح من ذلك ؛ لأني لم أجد له ذكراً على أي وجه من الوجوه
المختلفة فيما عندي من كتب الرجال، وهو ما يشعر به قول الحافظ المذكور ؛ فلا
أدري هل عناه شيخه العراقي بقوله: " هم معروفون، لكن... " الخ، أم شغله عنه
ترجمته لإبراهيم بن البراء ؟
وبالجمله ؛ فلهذا الإسناد علتان: إبراهيم هذا والحميري.
الثالث: قول الحافظ في (أبي العباس بن قتيبة):

(14/953)


@@@ 954
" أكثر عنه ابن حبان في " صحيحه "!

فإني أظنه وهماً ؛ فإنه لم يذكر في (فهرس شيوخ ابن حبان) في " الصحيح/
بترتيب الإحسان " وضع مؤسسة الرسالة، مع بحثي الخاص عنه، نعم ؛ قد أكثر
عنه حقاً في كتابه " الثقات "، وقد أشار محققه - جزاه الله خيراً - إلى مواضعه
منه بالأرقام ؛ فقاربت ثمانين موضعاً، فمن شاء ؛ تتبعها. فكأنه لذلك لما ذكر
السمعاني الرواة عنه في نسبة (العسقلاني) ؛ ذكر فيهم (ابن حبان) هكذا
مطلقاً ؛ لم يقيده بـ " في (صحيحه) ". وله ترجمة في " تاريخ دمشق "، وفي
" تاريخ الإسلام " للذهبي (23/ 286) وقال:
" وكان ثقة مشهوراً، أكثر عنه ابن المقرئ والرحالون ؛ لحفظه وثقته ".

الرابع: قوله: " أخرجه البخاري من حديث أنس ".
فهو وهم أيضاً أو تسامح ؛ فإنما رواه البخاري عنه بلفظ:
" كان إذا سلّم ؛ سلّم ثلاثاً، وإذا تكلم بكلمة ؛ أعادها ثلاثاً ".

وهو مخرج في " الصحيحة " (3473). وانظو فيه الحديث الذي قبله ؛ فإنه
من حديث ابن مسعود، وهو الذي ثبته الحافظ العراقي، ولم يروه البخاري، ولما
ذكره الغزالي في " الإحياء " ؛ قال العراقي في تخريجه إياه (1/ 307):
" رواه مسلم، وأصله متفق عليه ".

(تنبيه): كنت خرجت حديث الترجمة قديماً في التعليق على " الكلم
الطيب " لابن تيمية، وقعت فيه بعض الأخطاء بسبب التحريف الذي وقع في
إسناده في " عمل اليوم والليلة " - كما تقدم بيانه -، وقد لفت نظري إلى ذلك

(14/954)


@@@ 955
بعض إخواننا من طلاب العلم، جزاه الله خيراً ؛ فبادرت إلى تحرير القول فيه هنا.
والله الموفق لا رب سواه.

6909 - ({ حق تقاته }: أن يطاع ؛ فلا يعصى، وأن يذكر ؛ فلا
ينسى، وأن يشكر؛ فلا يكفر).

منكر مرفوعاً.
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء " (7/ 238 - 239) من
طريق محمد بن طلحة عن زبيد عن مرة عن عبد الله قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ (محمد بن طلحة) - وهو: ابن مصرف اليامي -:
مختلف فيه مع كونه من رجال الشيخين، وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق له أوهام ".

قلت: فمثله يكون حديثه مقبولاً ؛ إلا عند مخالفته لمن هو أوثق منه ؛ فكيف
إذا خالفه جماعة من الثقات ؛ منهم - مثلاً - مسعر عند أبي نعيم أيضاً من طريق
الطبراني، وهذا في " المعجم الكبير " (9/ 93/ 8501)، وقال أبو نعيم:
"رواه الناس عن زبيد موقوفاً، ورفعه (1) أبو النضر عن محمد بن طلحة عن
زبيد ". ثم ساقه مرفوعاً - كما تقدم -.

وكذلك رواه موقوفاً عن مسعر جماعة آخرون ؛ مثل: ابن جرير في " التفسير "
(4/ 19)، وا لحاكم (2/ 294)، وقال:
__________
(1) الأصل: (ورواه)، والتصويب من " تخريج الكشاف " (29/ 244).

(14/955)


@@@ 956
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.

لكن أورده ابن كثير في " التفسير " ( 2/ 387) مرفوعاً من رواية ابن مردويه
من حديث يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن سفيان الثوري عن زبيد عن
مرة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... (فذكره).

وكذا رواه الحاكم في " مستدركه " من حديث مسعر عن زبيد عن مرة عن ابن
مسعود مرفوعاً... فذكره، ثم قال:
" صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه ". كذا قال! والأظهر أنه
موقوف. والله أعلم ".

قلت: ما استظهره هو الصواب يقيناً. لكن قوله في رواية الحاكم: " مرفوعاً "
وهم مخالف لما في مطبوعة " المستدرك " - كما تقدم - ؛ فلا أدري الوهم من ابن
كثير ؟ أم كذلك وقع في نسخته من " المستدرك "! والله أعلم.

وأما رواية يونس بن عبد الأعلى فلم أقف على إسناده إلى (يونس)، فإن
سلم من علة ظاهرة ممن دون (يونس) ؛ فلن يسلم من الشذوذ، فقد رواه عبد الرزاق
في " تفسيره " (1/ 1/ 129)، وابن جرير من طريقه وطريق عبد الرحمن،
والطبراني أيضاً (8502) من طريق الفريابي ؛ ثلاثتهم عن الثوري به موقوفاً.

وتابعه شعبة عن زبيد به.
أخرجه ابن جرير، وكذا ابن المبارك في " الزهد " (8/ 22).

ثم رواه ابن جرير الطبري عن ليث، وجرير، والمسعودي، ومنصور ؛ أربعتهم
عن زبيد به موقوفاً.

(14/956)


@@@ 957
قلت: فاتفاق هؤلاء السبعة على مخالفة محمد بن طلحة وغيره ممز، يكون
رفعه يدل دلالة قاطعة على خطأ رفعه. والله ولي التوفيق.

وقد روي الحديث مرفوعاً من طريق آخر: عن بكر بن سهل: ثنا عبد الغني
ابن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس
ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما:
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته } قالوا: يا رسول الله! وما { حق
تقاته } ؟ قال: " أن يذكر ؛ فلا ينسى، وأن يطاع ؛ فلا يعصى ".

قالوا: يا رسول الله! ومن يقوى على هذا ؟ فأنزل الله عز وجل:
{ فاتقوا الله ما استطعتم }.

أخرجه البيهقي في " الزهد " (328/ 878).
قلت: وهذا إسناد واه بكر بن سهل: قال النسائي:
" ضعيف ".
وعبد الغني بن سعيد - وهو: الثقفي -: قال الذهبي في " الميزان ":
" ضعفه ابن يونس ".

وأما ابن حبان ؛ فذكره في " الثقات " (8/ 424) من رواية بكر بن سهل
هذا عنه لا غير! وكأنه لذلك تعقبه الحافظ في " اللسان " بقوله (4/ 45):
" قلت: ابن يونس أعلم به، وقد ذكره في " تاريخه " أنه توفي سنة تسع
وعشرين ومئتين ".

(14/957)


@@@ 958
وقد عزاه الزيلعي في " تخريج أحاديث الكشاف " (93) لـ "زهد البيهقي "،
وسكت عنه، وأما الحافظ فعزاه في تخريجه إياه (29/ 244) لـ " شعب البيهقي " وقال:
" لكنه من نسخة عبد الغني الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن الصنعاني،
وهي ساقطة ".
وهذه فائدة لم يذكرها في " اللسان " ؛ فلتحفظ.

6910 - (من صام يوماً في سبيل الله ؛ بعد الله وجهه عن النار مئة
عام، ركض الفرس الجواد المضمر).

منكر بهذا التمام.
أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (5/ 1 0 3/ 9683)،
ومن طريقه الطبراني في" المعجم الكبير " (8/ 233/ 7806)، وعنه الشجري
في " الأمالي " (1/ 284) عن الحسن بن مهران عن المطرح عن عبيد الله بن
زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ مسلسل بالعلل، من دون القاسم - وهو ابن
عبد الرحمن صاحب أبي أمامة - إلى المطرح - وهو: ابن يزيد - ثلاثتهم ضعفاء،
وبهذا الأخير منهم أعله الهيثمي ؛ فقال في " المجمع " (3/ 194):
" رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه (مطرح)، وهو ضعيف ".

وأما الحسن بن مهران فلم أعرفه في هذه الطبقة. ومن تخاليط الشيخ
الأعظمي قوله في " التعليق " على " المصنف ":

(14/958)


@@@ 959
" ذكر ابن أبي جاتم (الحسن بن مهران الكرماني) وقال: روى عنه محمد بن
سلام ".

قلت: وأنا أظن أنه ليس به ؛ فقد قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 37/ 159)
في تمام ترجمته:
" روى عن فرقد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ".
وكذا في " ثقات ابن حبان " (4/ 124)، و " تاريخ البخاري " (1/ 2/
6 0 3/ 2568)، وعبارته:
" سمع فرقداً صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، سمع منه محمد بن سلام ".

فهو على هذا تابعي من طبقة (القاسم بن عبد الرحمن)، وفيها أورده ابن
حبان ؛ فما أظنه الراوي عن (المطرح) الذي ذكره الحافظ في الطبقة السادسة،
وهم الذين لم يثبت لهم السماع من الصحابة. والله أعلم.

وهنا يرد إشكال. وهو كيف يصح سماع (محمد بن سلام) من فرقد
الصحابي وهو مات سنة (225) - كما في " الثقات " -، أو (227) - ؛ كما في
" التهذيب " - فلعله (محمد بن سلام) آخر غير البيكندي، وفي طبقته (محمد
ابن سلام الخزاعي)، وهو مجهول ؛ - كما قال أبو حاتم وغيره -، روى عن أبيه عن
أبي هريرة حديثاً مضى برقم (5370).

وعلى كل الأحوال فلا ذنب في من دون (علي بن يزيد) -، وهو الألهاني - ؛
لأنهم قد توبعوا ؛ فقد أخرجه الطبراني أيضاً (8/ 274/ 2 0 79)، وعنه
الشجري أيضاً (2/ 36) بسند صحيح عن أبي عبد الملك عن القاسم به.

(14/959)


@@@ 960
وأبو عبد الملك هو: علي بن يزيد الألهاني ؛ فهو العلة.

وقد رواه معان بن رفاعة عنه به ؛ دون قوله: " ركضا الفرس الجواد المضمر ".
أخرجه الطبراني أيضاً (8/ 260/ 7872)، وعنه الشجري (2/ 39).
ومعان هذا: ليّن الحديث - كما في " التقريب " -، وهذا هو المحفوظ عن
القاسم، لكن عن عقبة بن عامر مرفوعاً به ؛ دون الزيادة.

أخرجه جماعة من رواية يحيى بن الحارث عن القاسم به.
وقد خرجته في " الصحيحة " (2565).
وحديث الترجمة رواه الوليد بن جميل عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي
أمامة الباهلي مرفوعاً بلفظ:
"... جعل الله بينه وبين النار خندقاً ؛ كما بين السماء والأرض ".

أخرجه الترمذي (1624)، والطبراني (8/ 180 - 181/ 7921)، وقال
الترمذي:
" حديث غريب من حديث أبي أمامة. ".

قلت: وإسناده حسن ؛ للخلاف المعروف في (القاسم) هذا، ومثله (الوليد
ابن جميل)، وفي " التقريب ":
" صدوق يخطئ ".
وله شاهد من حديث أبي الدرداء مرفوعاً بهذا اللفظ.

(14/960)


@@@ 961
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط "و " المعجم الصغير " بإسناد حسنه
المنذري، - وتبعه الهيثمي - وهو من تساهله ؛ لأن فيه (شهر بن حوشب) - كما
بينته في " الصحيحة " (563) تحت حديث الوليد بن جميل المتقدم - وانظر
" الروض النضير " (942).

وله شاهد آخر من حديث جابر حسن في الشواهد مخرج في " الصحيحة "
أيضاً.
وبالجملة ؛ فحديث الترجمة ضعيف بزيادة جملة: (الركض) ؛ لفقدان
الشاهد المعتبر، وحسن بدونها ؛ لرواية يحيى بن الحارث عن القاسم.

وهو حسن صحيح بلفظ: (الخندق) ؛ لرواية الوليد بن جميل، وشاهده من
حديث أبي الدرداء، وحديث جابر.

(تنبيه): من جهل المعلقين الثلاثة على " الترغيب " (2/ 15) أنهم
ضعفوا حديث الترمذي وأعلوه بتضعيف الهيثمي لرواية الطبراني بقوله:
" وفيه مطرح بن يزيد وهو ضعيف "، وهو ليس في رواية الترمذي - كما
رأيت -.

وكذلك من جهلهم تقليدهم للمنذري والهيثمي في تحسين إسناد حديث أبي
الدرداء ؛ لضعف شهر بن حوشب. لذلك كان عليهم - لو كانوا يعلمون - أن يقولوا
- كما فعلوا في غيره -: (حسن لغيره). ولكنهم في الحقيقة فوضويون لجهلهم ؛
فتارة يطلقون التحسين، وهو حسن لغيره، وتارة يقولون هذا، وهو حسن لذاته!
خبط عشواء.

(14/961)


@@@ 962
6911 - ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه ؛ كان لأن يقوم
أربعين خريفاً خيرله من أن يقوم بين يديه).
شاذ بلفظ: " خريف ".
أخرجه البزار: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي: حدثنا سفيان عن سالم أبي النضر
عن بسر بن سعيد قال:
أرسلني أبو جُهيم إلى زيد بن خالد أسأله عن المار بين يدي المصلي؟ فقال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره (1).

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين ؛ غير أحمد بن عبدة
الضبي، وهو ثقة، إلا أنه قد خولف في متنه وإسناده.

أما المتن: فقال أحمد (4/ 116 -117): ثنا سفيان به مختصراً بلفظ:
" لأن يقوم أربعين - لا أدري من يوم، أو شهر، أو سنة - خير له من أن يمر بين
يديه ".

فلم يذكر فيه: " خريفاً "، وهذا هو المحفوظ عن سفيان وغيره عن سالم - كما
يأتي -.

وهكذا أخرجه ابن ماجه (944)، وأبو عوانة (2/ 49)، والطحاوي في
" مشكل الآثار " (1/18 )، والسراج في " مسنده " (ق 42/ 1)، والطبراني
في " المعجم الكبير " (5/ 284/ 5236) من طرق عز/ سفيان بن عيينة به
سنداً ؛ دون لفظ: " خريفاً ".
__________
(1) نقلته من " بيان الوهم والإيهام " لابن القطان الفاسي (2/ 107)، وهو من شرط " كشف الأستار "، ولم يورده، بينما ذكره في " المجمع " (2/ 61)، وقال: "... ورجاله رجال " الصحيح "، وقد رواه ابن ماجه غير قوله: " خريفاً ".

(14/962)


@@@ 963
وخالفهم في الإسناد، ووافقهم في اللفظ علي بن خشرم ؛ فقال: ثنا ابن
عيينة عن سالم أبي النضرعن بسر بن سعيد قال:
أرسلني زيد بن خالد إلى أبي جهيم أسأله عن المار بين يدي المصلي ماذا
عليه ؟ قال:... فذكره ؛ لكنه لم يصرح برفعه.

أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (2/ 14/ 813).
قلت: وقد توبع ابن عيينة على هذا إسناداً ومتناً من مالك وسفيان الثوري في
" الصحيحين " وغيرهما، وهو مخرج عندي في " صحيح أبي داود " (698).
وتابعهما الضحاك بن عثمان عن أبي النضر إسناداً ومتناً.
أخرجه السراج أيضاً.

قلت: فاتفاق هؤلاء الثقات الثلاثة على مخالفة حديث سفيان بن عيينة في
إسناده ومتنه مما يلقي في النفس أنه من أوهام سفيان في إسناده، ولذلك ؛ جزم
الحافظ بأنه مقلوب في ترجمة (أبي الجهيم) من " الإصابة "، وفي زيادته لفظة:
" خريفاً " في نقدي، لا سيما وأنها لم ترد في رواية الجماعة عنه - كما تقدم -،
فالأخذ بها أولى من الرواية الشاذة ؛ لموافقتها لوواية مالك ومن معه الذين أجمعوا
على رواية الشك: " لا أدري... " إلخ.

ويبدو لي - والله أعلم - من هذا التتبع لرواية سفيان أنه كان يضطرب في رواية
الحديث سنداً ومتناً ؛ فتارة يرويه موافقاً لرواية الثقات سنداً، مخالفاً لهم متناً.
وتارة يوافقهم في المتن أيضاً، وتارة يختصره، وتارة يتمه. وهذا كله يدل الباحث
على أنه لم يحفظه ولم يضبطه جيداً ؛ فيؤخذ منها ما وافق الثقات، ويترك ما
خالفهم ولذلك ؛ فإني أقول:

(14/963)


@@@ 964
لم يحسن الحافظ عبد الحق الإشبيلي بإيراده هذه الزيادة الشاذة في كتابه
" الأحكام الصغرى " (1/ 216) ؛ التي قال في المقدمة عن أحاديثها (1/ 71):
" وتخيرتها صحيحة الإسناد ".

فالظاهر أنه لم يتيسر له دراسة طرق الحديث واختلاف الرواة في متنه حتى
يتمكن من الحكم على شذوذها مع صحة إسنادها ظاهراً.

ولذلك فقد تكلف ابن القطان الفاسي في تبرئة ابن عيينة من تخطئته في
إسناده المقلوب، والجزم بـ (أربعين خريفاً)، في كتابه السابق الذكر " البيان "، بما
يشعرأنه هو أيضاً لم يقف على اضطراب ابن عيينة في إسناده ومتنه - كما سبق
ايضاحه - ؛ ولذلك استبعده الحافظ في " الفتح " (1/ 585)، فمن شاء الوقوف
على كلامهما ؛ فليرجع إلى كتابيهما.
(تنبيهان):
الأول: ذكر الغزالي في " الإحياء " (1/ 183) الحديث نحوه بلفظ:
" أربعين سنة " ؛ فقال الحافظ العراقي في تخريجه:
" رواه هكذا أبو العباس محمد بن يحيى السراج في " مسنده"، من حديث
زيد بن خالد بإسناد صحيح ".

كذا قال! ولم أره في الأجزاء المصورة التي عندي، وقد سبق نقلي عنه آنفاً
رواية أخرى غير هذه، فإذا ثبت العزو إليه ؛ فغالب الظن أنه من رواية ابن عيينة
الشاذة، وقد جزم الحافظ المزي في " التحفة " (3/ 231) بأنها وهم.

والآخر: نحوه في الوهم ما صنعه المنذري في " الترغيب والترهيب " (1/

(14/964)


@@@ 965
193/ 1) ؛ فإنه ذكر حديث أبي الجهيم بلفظ الشيخين، ثم قال:
" رواه البزار ولفظه ....".

ثم ساق حديث الترجمة ؛ فأوهم بهذا العطف أن الحديث عن أبي الجهيم
أيضاً، وإنما هو عن زيد بن خالد الشاذ إسناداً ولفظاً، وقد خفي هذا على الجهلة
الثلاثة المعلقين على كتاب " الترغيب " (1/ 429)، فصدروا تخريجهم لحديث
أبي الجهيم بقولهم في التعليق: " صحيح، رواه البخاري..."، فذكر مصادر
الحديث التي في " الترغيب " - وهي الكتب الستة مقرونة بأرقامها -، وزادوا:
" والبزار ؛ كما في مجمع الزوائد (2/ 61) "!

فما أتفهها من زيادة على تلك الكتب الستة، وبخاصة أنها مخالفة لها - كما
تقدم بيانه -. ونقلوا تفاهتهم هذه إلى كتابهم الذي بلغ بهم الجهل أن سموه:
" تهذيب الترغيب والترهيب من الأحاديث الصحاح "! وإنما يعنون الضعاف !!
فذكروا فيه تخريجهم المذكور بالزيادة (113)، مع منافاتها للحديث الصحيح
سنداً ومتناً! فما أجهلهم وما أجرأهم ؟! ومن ذلك أنه لا فائدة مطلقاً من ذكر هذه
الزيادة في " تهذيبهم " حتى ولو فرض آن رواية البزار مطابقة لرواية الستة سنداً
ومتناً ؛ لأنها مذكورة في " الترغيب " - كما سبق -، وهو مرجع أقدم يقرون من
" المجمع " ؛ فالحقيقة التي يجب أني تقال: (إن جهلهم له قرون) !!

6912 - (ما عبد الله تعالى بشيء أفضل من فقه في دين) (*).
ضعيف.
أخرجه ابن أبي عمر في " مسنده": حدثنا يوسف بن خالد عن
__________
(*) وانظر " الضعيفة " (4461) ؛ ففي كل فوائد زوائد على الآخر. (الناشر).

(14/965)


@@@ 966
مسلمة القعنبي عن نافع عن ابن عمررضي الله عنهما مرفوعاً. ذكره الحافظ في
" المطالب العالية المسندة " (ق 11/ 2).

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، رجاله ثقات ؛ غير يوسف بن خالد - وهو: ا
لسمتي -: قال الحافظ في " التقريب ":
" تركوه، وكذبه ابن معين ".

وقد وجدت له متابعاً: يرويه محمد بن صالح الأشج: ثنا عيسى بن زياد
الدورقي: ثنا مسلمة القعنبي به.

أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/ 266/ 171 1) وقال:
" تفرد به عيسى بن زياد بهذا الإسناد. وروي من وجه آخر ضعيف، والمحفوظ
بهذا اللفظ من قول أبي هريرة ".

قلت: وعيسى بن زياد الدورقي: لم أعرفه، ويحتمل أنه: (عيسى بن زياد بن
إبراهيم الرازي) ؛ فإنه من هذه الطبقة، فإن يكن هو ؛ فقد ترجمه ابن أبي حاتم
بروايته عن جمع، وقال (3/ 1/ 276):
" سمع منه أبي بالري، وسألته عنه ؛ فقال: هو صدوق ".
ومحمد بن صالح الأشج: ذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال (9/ 148):
" حدثنا عنه أحمد بن سعيد وغيره، كان يخطئ ".

وأما الوجه الآخر الذي أشار إليه البيهقي فأخرجه هو برقم (1712، 1713)،
والدارقطني (3/ 79/ 294)، والطبراني في " المعجم الأوسط " (6/ 194/

(14/966)


@@@ 967
6166)، وأبو نعيم في " الحلية " (2/ 92 1) من طريق يزيد بن عياض عن
صفوان بن سليم عن سليمان بن يسارعن أبي هريرة مرفوعاً به، وزاد:
" ولفقيه واحد، أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء عماد، وعماد
هذا الدين الفقه ". فقال أبو هريرة:
لأن أجلس ساعة فأفقه، أحب إلي من أن أحيي ليلة إلى الغداة. لفظ
الدارقطني. ولفظ البيهقي: " الصباح ". وقال:
" يزيد بن عياض: ضعيف الحديث ".

كذا قال! وهو أسوأ من ذلك ؛ فقد قال الحافظ في " التقريب ":
" كذبه مالك وغيره ". وقال الهيثمي في "المجمع " (1/ 121):
"رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه يزيد بن عياض، وهو كذاب ".

وفقرة الفقيه الواحد رواه متهم آخر، وهو: روح بن جناح عن مجاهد عن ابن
عباس مرفوعاً.
أخرجه الترمذي (2683)، وابن ماجه (222)، وابن حبان في " الضعفاء"
(1/ 300)، والبيهقي أيضاً وقال:
" تفرد به روخ بن جناح ".

قلت: وفي ترجمته ذكره ابن حبان وقال:
" منكر الحديث، يروي عن الثقات ما إذا سمعها الإنسان الذي ليس بالمتبحر
في صناعة الحديث ؛ شهد لها بالوضع ".

(14/967)


@@@ 968
واستغرب الترمذي الحديث، وذكر أنه تفرد به (روح) (*).
وان من غرائب المنذري أنه مع ذكره في " الترغيب " (1/ 61/ 32) التفرد ؛
صدره بقوله: " وعن ابن عباس..."!

6913 - (ما زال جبريل يوصيني بالسواك ؛ حتى خفت على أضراسي).
ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (23/ 251/ 510)
من طريق محمد بن حميد: ثنا أبو تميلة: ثنا عبد المؤمن بن خالد عن ابن بريدة
عن أبيه عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات ؛ غير (محمد بن حميد) - وهو: الرازي -:
قال الحافظ في " التقريب ":
" حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه ".

قلت: لكنه قد توبع، إلا أنه خولف في اسم شيخ (أبي تميلة) ؛ فقال أحمد
ابن عمر القاضي: ثنا أبو تميلة: ثنا خالد بن عبيد: حدثني عبد الله بن بريدة به.
أخرجه البيهقي في " السنن " (7/ 41)، وقال:
" وكذا رواه غيره عن أبي تميلة يحيى بن واضح، قال البخاري رحمه الله: هذا
حديث حسن "!

كذا قال! ولا أدري وجهه ؛ فإن (خالد بن عبيد): ضعيف اتفاقاً، بل قال
فيه البخاري:
__________
(*) انظر " تمام المنة " (ص 115)، و " تخريج المشكاة " (رقم 217). (الناشر).

(14/968)


@@@ 969
"فيه نظر".
وهذا منه تضعيف شديد ؛ ولهذا قال ابن حبان والحاكم:
" حدث عن أنس بأحاديث موضوعة ". ولهذا قال الحافظ في " التقريب ":
" متروك الحديث مع جلالته ".

وأحمد بن عمر القاضي - هو: ابن سريج -: إمام فقيه، ترجمه الحافظ الذهبي
في كتبه، منها " تذكرة الحفاظ " ؛ فروايته أصح من رواية محمد بن حميد الرازي
الذي قلب اسم شيخ (أبي تميلة) إلى: (عبد المؤمن بن خالد) الصدوق،
ويؤيدها متابعة غيره إياه - كما تقدم عن البيهقي -. وكأنه لذلك سكت الحافظ في
" التلخيص " (1/ 67) فلم يحسنه، وقد عزاه للطبراني والبيهقي.

وقد ( لخبط) هنا المغلق على " البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير "
لابن الملقن (141/3) ( لخبطةً) عجيبة ؛ مما أشعرني أنه حديث عهد بهذه الصنعة!
ذلك أنه من جهة كان موفقاً في استبعاده تحسين البخاري للحديث، وفيه (خالد
ابن عبيد) الذي ضعفه البخاري جداً. لكنه من جهة أخرى رجع ليحمل قول
البيهقي المتقدم: " وكذا رواه غيره " على رواية (محمد بن حميد) التي لم يسبق
لها ذكرفي كلام البيهقي! ثم قال:
" فصار الحديث بذلك حسناً ؛ كما قال البخاري "!

وأما المعلقون الثلاثة فلا غرابة في تحسينهم إياه ؛ لأنهم لا يحسنون إلا التقليد،
وبخاصة إذا كان الإمام البخاري مقلدهم!
(تنبيه): حديث الترجمة مما فات على الهيثمي ؛ فلم يورده في " المجمع " من

(14/969)


@@@ 970
(كتاب الطهارة) (1/ ؛ 22 - 221)، ولا في (كتاب الصلاة) (2/ 96 - 100)!
ثم إن المحفوظ في وصية جبريل عليه السلام إنما هو الجار - كما في " الصحيحين "
وغيرهما -.

6914 - (يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ (حُبْسِ سَيَلٍ ) تَسِيرُ سَيْرَ بَطِيئَةِ
الْإِبِلِ تَسِيرُ النَّهَارَ وَتُقِيمُ اللَّيْلَ تَغْدُو وَتَرُوحُ يُقَالُ غَدَتْ النَّارُ أَيُّهَا النَّاسُ!
فَاغْدُوا قَالَتْ النَّارُ أَيُّهَا النَّاسُ! فََقِيلُوا رَاحَتْ النَّارُ أَيُّهَا النَّاسُ! فَرُوحُوا
مَنْ أَدْرَكَتْهُ أَكَلَتْهُ).

ضعيف ومرسل.
أخرجه أحمد (3/ 443)، وأبو يعلى (2/ 233/
934)، وعنه ابن حبان (1892 - الموارد)، وابن أبي عاصم في "الآحاد " (3/
96 - 97)، ومن طريقه أبو نعيم في " المعرفة " (3/ 90 - 91)، والحاكم (4/
442 -443) من طريق عثمان بن عمر: حدثنا عبد الحميد بن جعفرعن أبي
جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنه عن رافع بن بشرعن أبيه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

وخالفه أبو عاصم (الضحاك بن مخلد) ؛ فقال: ثنا عبد الحميد بن جعفر:
ثنا عيسى بن علي الأنصاري عن رافع بن بشير السلمي به.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (2/ 30/ 229 1).
قلت: وعثمان بن عمر، وأبو عاصم الضحاك: كلاهما ثقة من رجال
الشيخين ؛ فيمكن أن يكون الخلاف من شيخهما (عبد الحميد بن جعفر)، فقد

(14/970)


@@@ 971
ذكروا أن له بعض الأوهام - مع كونه من رجال مسلم -، فإن كان قد حفظ ؛ فإن
مدار الوجهين على (رافع بن بشر)، وهو غير معروف، ولم يوثقه غير ابن حبان
(4/ 236 و 6/ 304) ؛ وجعلهما راويين بسبب الاختلاف المذكور، وتبعه
الحافظ في " التعجيل " (ص 123/ 300)، خلافاً للبخاري وابن أبي حاتم ؛ فلم
يذكراه إلا برواية الوجه الآخر: عيسى بن علي عنه. وانظر تعليق المحقق على
" تاريخ البخاري " ؛ ففيه إشارة أن الشيخين رجحا هذه الرواية على رواية عثمان
ابن عمر، حيث لم يتعرضا لروايته بسنده عن أبي جعفر بذكر. أو أنهم لم
يعرفاها ؛ ولذلك لما ذكره الحاكم في الموضع المشار إليه آنفاً شاهداً لحديث أبي ذر
قبله بلفظ آخر ؛ تعقبه الذهبي بقوله:
" قلت: رافع مجهول ".

وأما قول الأخ الداراني في تعليقه على " مسند أبي يعلى " (2/ 234)
وعلى " الموارد " (6/ 148):
" وصححه الحاكم (4/ 442 - 443) ".
فهو من تخليطاته الكثيرة، أو من سوء فهمه واستلزامه من ذكره إياه شاهداً أنه
تصحيح منه له! وأحلاهما مر - كما لا يخفى على العالم بأصول علم الحديث
وقواعده -. وأما قوله في " الموارد ":
" إسناده جيد "!

فهو على قاعدته التي زعمها من الاعتماد على توثيق ابن حبان للمجهولين ؛
خلافاً للحفاظ الذين بينوا مخالفته لعلم المصطلح، وصرح هو في عشرات [ من ]
" ثقاته " بأنه لا يعرفهم ولا يحتج بهم! كما بينت ذلك في غيرما موضع،

(14/971)


@@@ 972
وتفصيل ذلك مع ضرب الأمثلة التي لا يسع الواقف على بعضها - بل جلها - إلا
على القطع بصواب ما بينوا، وجعل مخالفهم الذي يريد أن يطير ولما يريش !! في
مقدمة كتابي " تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان " ترتيباً وتحقيقاً وتعليقاً.

وإن مما يبطل تجويده لإسناده كتمانه لإعلال ابن حبان إياه بالإرسال ؛ فإن من
عادته أنه يترجم للصحابي الذي يذكرأبو يعلى تحت اسمه ما له من الحديث. أما
هنا فلم يترجم له بشيء يدل على كونه من الصحابة ؛ مقلداً في ذلك الذين ذكروه
فيهم (1)، وما زادوا في ترجمته على أن ساقوا له هذا الحديث، ومع ضعف إسناده ؛
فليس فيه تصريحه بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف تثبت صحبته ؟!

لقد اكتفى المومى إليه هنا بتقليدهم، ونبذ وراء ظهره تول مقلده - خلافاً لعادته
في تقليده إياه مخالفاً لهم - ؛ فقال ابن حبان في " ثقاته " (4/ 73):
" بشير السلمي: يروي المراسيل، روى عنه ابنه رافع بن بشير، ومن زعم أن له
صحبة ؛ فقد وهم ".

وإن مما لا شك فيه أن هذا يناقض إخراجه لحديثه هذا في " صحيحه "،
فالظاهر أنه كان ناسياً لهذا، أو أنه بدا له شيء ما حمله على تغيير قوله هذا،
ولكن لما لم يذكر أحد من الحفاظ من المتقدمين والمتأخرين - فيما علمت - ما يثبت
صحبته، سوى هذا الحديث، وقد علمت أنه ليس فيه تصريحه بسماعه من
النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في كل المصادر التي لا تراها مجموعة في غير هذا المكان بفضل
الله تعالى، ولو فرضنا أنه صرح به في بعض المصادر التي لم تصلنا - وذلك مما
__________
(1) وإنما حكى فقط الخلاف في اسمه: " بَشير. وقيل بالضم. وقيل ( بِشر) وقيل بضم أوله
ومهملة ساكنة ". ولم يزد!

(14/972)


@@@ 973
أستبعده جداً - ؛ فبذلك فقط لا تثبت الصحبة ؛ لأن ابنه مجهول - كما تقدم -، و
لعل الحافظ الذهبي أشار إلى ذلك إشارة لطيفة بقوله في " تجريد أسماء الصحابة "
(1/50):
" تفرد بالرواية عنه ابنه رافع. ب دع ".

يفهم ذلك من عرف قوله المتقدم بجهالة رافع. وهذا أمر ظاهر لكل لبيب
باحث غير مقلد أو غافل.

ومن الغفلة قول أخينا الدكتور [ باسم ] فيصل الجوابرة في تعليقه على
" ا لآحاد ":
" وللحديث شواهد من حديث عاصم بن عدي، وأبي هريرة، وأبي ذر رضي
الله عنهم "!

وذلك لأن هذه شواهد قاصرة ؛ لا يوجد فيها ما يشهد لحديث الترجمة، إلا
كلمات مثل حديث أبي ذر ؛ فليس فيه إلا خروج النار، وهو مخرج في " الصحيحة "
(3083)، وحديث أبي هريرة فيه الخروج والقيلولة والبيات بلفظ آخر في البخاري
وغيره، وهو مخرج هناك برقم (3395).

ونحوه ما رواه الحاكم (4/ 458) عن عبد الله بن عمرو وقال:
" تبعث نار تسوق الناس من مشارق الأرض إلى مغاربها ؛ كما يساق الجمل
الكسير، لها ما تتخلف منهم، إذا قالوا ؛ قالت، واذا باتوا ؛ باتت ". وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.

وفيه عبد الله بن رجاء الغداني: وفيه ضعف - يأتي بيانه في الحديث بعده -.

(14/973)


@@@ 974
وهو - كما ترى - موقوف، وعزاه الحافظ إلى الحاكم مرفوعاً وباللفظ الآتي!

وأما حديث عاصم بن عدي فليس فيه إلا مكان خروج النار، وأمر
الرسول صلى الله عليه وسلم إياه بالخروج منه في قصته: أخرجها الطبراني في
" المعجم الكبير " (7 1/73 1/ 58 4) بإسناد فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وهو ضعيف -
كما في " المجمع " (8/ 13) -، وليس هو في المطبوعة، لانما فيها (إسماعيل بن
مجمع عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم...)، ولم أعرفه ؛ فالظاهر أن
في الإسناد شيئاً أو سقطاً. والله أعلم.

والشاهد منه أن فيه ما لفظه:
" أخرج أهلك منها ؛ فقد يوشك أن يخرج منه نار يضيء أعناق الإبل ببصرى ".
والمقصود أن هذه الشواهد كلها قاصرة ؛ فلا يتقوى الحديث بها، خلافاً لما
يوهمه كلام الدكتور. وأما خروج النار فهي مشهورة مستفيضة في الأحاديث
الصحيحة، وإنما البحث في بعض الصفات التي في حديث الترجمة ؛ فإنها لا
شاهد لها، مثل بطء سيرها، وقول بعض الناس: (غدت النار...) إلخ. والله
أعلم.
والآن فإلى الحديث التالي:

6915 - (تبعث نار على أهل المشرق فتحشرهم إلى المغرب تبيت
معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا ، يكون لها ما سقط منهم
وتخلف ، تسوقهم سوق الجمل الكسير).

ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (8/ 99/ 8092) من

(14/974)


@@@ 975
طريق الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن عمر بن سيف عن المهلب بن أبي صفرة
عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات ؛ غير (عمر بن سيف) هذا،
فإنه لا يعرف إلا بهذه الرواية ؛ فقال البخاري في " التاريخ " (3/ 2/ 161):
" روى عنه قتادة، منقطع ". وقال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 113):
" روى عن المهلب بن أبي صفرة، روى عنه قتادة حديثاً منقطعاً. سمعت أبي
يقول ذلك ".
وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (7/ 176)! وهو عمدة الهيثمى في
قوله في " المجمع " (8/12):
"رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "، ورجاله ثقات "!

قلت: فهو علة الحديث. وقول البخاري وأبي حاتم: " منقطع " الظاهر أنه
يعني: أنه لم يثبت عنده لقاؤه للمهلب. وهذا أمر ملازم لمن كان مثله في الجهالة.
والله أعلم.

وقد أسقطه بعضهم من الإسناد ؛ فظهر بمظهر الصحة، فقال عبد الله بن رجاء
الفداني (1): ثنا همام عن قتادة عن المهلب بن أبي صفرة عن عبد الله بن عمرو
قال:... فذكره موقوفاً عليه بنحوه.

وقد ذكرت لفظه تحت الحديث الذي قبله. وأن الحاكم صححه على شرط
الشيخين ووافقه الذهبي، ووعدت ببيان علته ههنا ؛ فأقول:
__________
(1) الأصل (العرا قي) وهو تحريف.

(14/975)


@@@ 976
كنت أريد أن أقول: إن الذي أسقط ذاك الجهول من هذا الاسناد انما هو قتادة ؛
لأنه معروف بالتدليس، ولكن ذلك مشروط عند أهل العلم بأن يكون السند إليه
صحيحاً لا علة فيه، فأرى أن الأمر ليس كذلك هنا ؛ فإن تحته ابن رجاء الغداني،
وهو مع كونه من شيوخ البخاري ؛ فقد تكلم في حفظه، فقال الذهبي في "المغني ":
" صدوق. قال أبو حاتم: ثقة رضي. وقال أبو حفص الفلاس: كثير الغلط
والتصحيف ؛ ليس بحجة ". ولذلك قال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يهم قليلاً ".

قلت: فلذلك فإني أخشى أن يكون الإسقاط المشار إليه من أوهامه ؛ لمخالفته
لطريق الحجاج بن الحجاج - وهو: الباهلي - التي لا علة فيها إلى قتادة، وقد زاد
فيه: (عمر بن سيف) ؛ فهي زيادة مقبولة، وهي تستلزم رفض حديثه وعدم
قبوله. والله أعلم.

ومن هذا التخريج والتحقيق يتبين تساهل الحافظ في سكوته عن الحديث في
" الفتح " (11/ 378). وليس هذا فقط ؛ بل إنه اختلط عليه لفظ حديث
الحاكم المتقدم بلفظ الطبراني هذا، فذكره به وعزاه للحاكم! والله الموفق.

وروى طرفاً منه أبو عمرو الداني في " الفتن " (5/ 998/ 535) من طريق
ليث بن أبي سليم قال:
" تحشرهم النار، وتغدو معهم وتروح، يقولون: قد راحت النار ؛ فروحوا. ولها
ما سقط ".
وهذا مقطوع ضعيف، ليث هذا: كان اختلط.

(14/976)


@@@ 977
6916 - ( طوبى له إن لم يكن عرِيفاً ).
ضعيف جداً.
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (7/ 33/ 3939): حدثنا
محمد: حدثنا مبارك: حدثنا عبد العزيز عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة،
فقال:... فذكره.

ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن عدي في ترجمة (مبارك بن سحيم) من
" الكامل " (6/ 322)، وروى فيها عن البخاري أنه قال:
" منكر الحديث ". وعن النسائي قال:
" متروك الحديث ".
ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، ثم قال:
" وله غير ما ذكرت، وفي بعض رواياته مناكير، ولا أعلم يرويه إلا عن
عبد العزيز بن صهيب، وكان مولاه ".

(تنبيه): لقد وهم في هذا الحديث الحافظ المنذري، ثم الهيثمي.
أما الأول: فقال (1/ 280/ 8):
" رواه أبو يعلى، وإسناده حسن إن شاء الله تعالى "!
وأما الآخر: فقال (3/ 89):
" رواه أبو يعلى عن محمد، ولم ينسبه ؛ فلم أعرفه، وبقية رجاله ثقات "!
قلت: وسبب وهمهما أنهما ظنا أن: (مباركاً).. هو: (مبارك بن فضالة) ؛

(14/977)


@@@ 978
فقد ذكروه في الرواة عن (عبد العزيز بن صهيب)، وهو - دان كان مدلساً ؛ فقد -
صرح بالتحديث ؛ فكان ذلك من أسباب وهمهما. ولم ينتبها أن هذا لا يروي عنه
محمد بن أبي بكر المقدمي ؛ بل الظاهر أنهما لم يعرفاه، بل قد صرح بذلك
الهيثمي - كما رأيت -، وهو من غرائبه ؛ فإن أبا يعلى قد ساقه عقب حديثين
آخرين له بهذا الإسناد صرح فيهما بقوله: " حدثنا محمد بن أبي بكر
المقدمي... ". وكذلك صرح ابن عدي في روايته عنه هذا الحديث بالذات، وهو
ثقة من رجال الشيخين.

(تنبيه): بعد شروعي في تخريج الحديث تبينت أنني كنت قد خرجته برقم
(5072)، فمضيت في التخريج ؛ لأن فيه زيادة فائدة.

6917 - (إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يَسْتَظِلُّ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِرَجُلٌ يَنْظَرَ
مُعْسِرًا حَتَّى يَجِدَ شَيْئًا، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِمَا يَطْلُبُهُ، يَقُولُ مَا لِي عَلَيْكَ
صَدَقَةٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، وَيَحْرِقُ صَحِيفَتَهُ).

منكر بهذا التمام.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (19/ 167/
377) من طريق كامل بن طلحة الجحدري: ثنا ابن لهيعة: ثنا أبو يونس: أن أبا
اليسر حدثه تال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات ؛ غير ابن لهيعة، وهو ضعيف
لسوء حفظه الذي كان طرأ عليه، وهذا من تخاليطه ؛ فقد رواه جمع من طرق عن
أبي اليسر مختصراً، ليس فيه إلا الإظلال.

وأخرجه الطبراني أيضاً (372 - 376، 379) من طرق عنه. وأحدها عند
مسلم (8/ 232)، وكذلك جاء عن جماعة من الصحابة، وقد خرجت

(14/978)


@@@ 979
أحاديثهم في" الروض النضير " (844)، وذلك كله مما يؤكد وهم ابن لهيعة
ونكارة لفظ حديثه الذي تفرد به.

ويحتمل احتمالاً بعيداً أن يكون الوهم من الراوي عنه (كامل بن طلحة
الجحدري) ؛ فقد قال الذهبي في" المغني ":
" قال أبو داود: رميت بكتبه. وتال أحمد: ما أعلم أحداً يدفعه بحجة. وقال
ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم وغيره: لا بأس به ".

ثم ان الحديث ليس في الجزء المطبوع بعنوان " الأوائل " للطبراني، ولست
أدري هل هو له، أو هو لبعض من جاء بعده؟ فإن محققه لم يفدنا شيئاً حول هذا
الموضوع، ولا له مقدمة تدل على أنه من وضع الطبراني. والله أعلم.

6918 - (كان اللواط في قوم لوط في النساء قبل أن تكون في
الرجال بأربعين سنة).
منكر.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (50/ 319 - 320) من
طريق ابن أبي الدنيا: حدثنا الحسين بن علي العجلي: حدثنا محمد بن فضيل:
حدثنا عمر بن أبي زائدة عن أبي صخرة رفعه قال:... فذكره.

ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في" شعب الإيمان " (4/ 375/ 59 54) ؛
لكن وقع فيه -: " أبي جمرة قال ".. وأظنه خطأ مطبعياً ؛ سقط منه قوله: "رفعه "،
وأستبعد جداً أن يكون ثبوته في رواية ابن عساكر خطأ كذلك أو زيادة من بعض
النساخ، دانما هو زيادة من (الحسين بن علي العجلي) يُدان بها ؛ لأن ابن عدي
اتهمه بسرقة الحديث، وروى له ثلاثة أحاديث، اثنان منها عن محمد بن فضيل،

(14/979)


@@@ 980
ثم قال عقبها:
" وله أحاديث غير هذه ؛ مما سرقه من الثقات، وأحاديثه لا يتابع عليها ".

وقد خالفه الثقة ؛ فقال ابن أبي حاتم في " تفسيره " (5/ 1518): حدثنا
أبي: ثنا محمد بن علي الطنافسي: ثنا محمد بن فضيل به عن جامع بن شداد
أبي صخرة قال:... فذكره، دون قوله: " رفعه ".

وبهذه الزيادة ذكره السيوطي في " الدر المنثور " (3/ 100) من رواية الأربعة
المذكورين: ابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم، والبيهقي، وابن عساكر، وفيه تساهل
ظاهر ؛ لأنها ليست عندهم، وإنما عند ابن أبي الدنيا فقط!

ثم إنه لو صح عن جامع بن شداد أبي صخرة أنه رفعه ؛ فهو مرسل ؛ لأن
(جامعاً) هذا تابعي. والله أعلم.

6919 - (من جهر بالقراءة نهاراً ؛ فارجموه [ بالبعر ]).
منكر.
أخرجه الخطيب في " التاريخ " (14/ 334) في ترجمة (يزيد بن
يوسف أبي يوسف الشامي)، من طريق أبي علي صالح بن محمد قال: حدثنا
عنه سعدويه - وكان قدم العراق - فسألته عن حديث عن الأوزاعي عن يحيى بن
أبي كثير عن أبي سلمة عن بريدة مرفوعاً به ؛ فقال:
" خطأ لا أصل له، إنما هو: عن يحيى عن النبي صلى الله عليه وسلم ".

قلت: ويزيد هذا: متفق على ضعفه، وبعضهم تركه ؛ بل إن الذهبي أطلق
فقال في "المغني ":

(14/980)


@@@ 981
" تراه ". وقال في " الكاشف ":
" واه ".

قلت: والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير" (2/ 770) من رواية
أبي نعيم، والزيادة منه، وقال السيوطي:
" وفيه يزيد بن يوسف الدمشقي: تركوه ".

وهو من الأحاديث التي تساهل فيها ابن الجوزي ؛ فأورده في كتابه " تلبيس
إبليس " (ص 150 - السعادة)، ونحوه الأحاديث التي بعده. وتقدم له حديث
آخر برقم (5588). وذكرت هناك نص كلام الحافظ السخاوي في رميه إياه
بالتساهل والتناقض، وذكره في تصانيفه الحديث الموضوع وشبهه. فراجعه.

6920 - (من أصابه جهد في رمضان فلم يفطر، فمات ؛ دخل النار).
منكر.
أخرجه الخطيب في " التاريخ " (10/ 270) من طريق عبد الرحمن
ابن يونس السراج: حدثنا بقية بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن
عمر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات ؛ غير بقية بن الوليد، وهو مدلس،
وقد عنعنه، فالظاهر أنه تلقاه من بعض شيوخه المجهولين، ثم دلسه.

وعبد الرحمن بن يونس: قال الذهبي، في " الميزان ":
" صدوق معمر... قال الدارقطني وغيره: لا بأس به. وقال الأزدي: لم يصح
حديثه. ثم ساق له عن بقية... ".

(14/981)


@@@ 982
قلت: فكان الأولى بالذهبي أن يذكره في منكرات بقية، ما دام أن الراوي عنه
صدوق لا بأس به.

والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (2/ 747) للديلمي أيضاً.

6921 - (من لبس الصوف ليعرفه الناس ؛ كان حقاً على الله عز
وجل أن يكسوه ثوباً من جرب حتى تتساقط عروقه).

موضوع .
أخرجه ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " (ع 206 - 207) من
طريق محمد بن اسماعيل بن محمد الطائي: ثنا بكر بن سهل الدمياطي: ثنا
محمد بن عبد الله بن سليمان: ثنا داود: ثنا عباد بن العوام عن عباد بن كثير
عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا متن موضوع ؛ آفته (عباد بن كثير) - وهو: البصري، ثم المكي
المتعبد -: متفق على ضعفه، وصرح بعضهم بتركه لشدة ضعفه، وقال الإمام
أحمد:
" روى أحاديث كذب لم يسمعها، وكان من أهل مكة، وكان صالحاً. قيل
له: فكيف روى ما لم يسمع ؟ قال: البلاء والغفلة ".
وليس له رواية عن أنس ؛ بله غيره من الصحابة ؛ ولذلك قال الحافظ:
" متروك. قال أحمد: روى أحاديث كذب، من السابعة، مات بعد الأربعين ".
يعني: ومئة.
والحديث مما استدركه السيوطي على " موضوعات ابن الجوزي " ؛ فأورده

(14/982)


@@@ 983
في " ذيل اللآلي المصنوعة " (ص 142) من رواية الديلمي فقط من هذه الطريق،
وقال:
" عباد بن كثير: متروك ".
وأقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/ 227 / 38).
و (محمد بن عبد الله بن سليمان): الظاهر أنه الكوفي، قال الذهبي في
" الميزان ":
"... عن أبي خالد الأحمر، قال ابن منده: مجهول ".
وأقره الحافظ في " اللسان ".
و (بكر بن سهل الدمياطي): ضعفه النسائي.
و (محمد بن إسماعيل بن محمد الطائي): لم أعرفه.

والحديث من الموضوعات التي أشار الحافظ السخاوي في كلمته المشار إليها
قبل حديث أنها وقعت في كتب ابن الجوزي، وأن ذلك من تساهله. ولا يشفع له
أنه ساقه بإسناده ؛ لأن جماهير قرائه ليسوا من أهل العلم والمعرفة بنقد الأحاديث
- كمالايخفى -.

6922 - ( لا يقبل الله قولاً إلا بعمل، ولا عملاً إلا بنية، ولا يقبل
قولاً وعملاً ونية إلا بما وافق الكتاب والسنة).

موضوع.
أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1/ 150) من طريق أحمد
ابن الحسن بن أبان المصري عن إبراهيم بن بشار عن ابن عيينة عن الزهري عن

(14/983)


@@@ 984
سعيد بن المسيب قال: قال ابن مسعود:... فذكره مرفوعاً في ترجمة أحمد هذا،
وقال فيه:
" كذاب، دجال من الدجاجلة، يضع الحديث على الثقات وضعاً ". وقال
الدارقطني:
" حدثونا عنه، وهو كذاب ". قال الذهبي:
" وهو من كبار شيوخ الطبراني، ومن بلاياه.. ".

ثم ساق له حديثين، هذا أحدهما. وذكره ابن طاهر في " تذكرة الموضوعات "
(108) وكذبه.

قلت: وقد رواه كذاب آخر، وهو من طبقته وبلده، وهو: (زكريا بن يحيى
المصري أبو يحيى الوقار) ؛ فأحدهما سرقه من الآخر وركب على سعيد بن
المسيب إسناداً آخر! فقال: أخبرني خالد بن عبد الدائم عن نافع بن يزيد عن
زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:
" لا قول إلا بعمل... " والباقي مثله.

أخرجه ابن بطة في " الإبانة " (6/ 73/ 1)، وابن حبان (1/ 0 28)،
وابن عدي في " الكامل " (3/ 44) في ترجمة (خالد بن عبد الدائم)، وقال
عقبه:
" وهذا الحديث لا أعرفه إلا من هذا الوجه، والراوي عن (خالد) هو: أبو يحيى
الوقار، بلغني عن صالح جزرة أنه قال: كان من الكذابين الكبار. و (خالد):
قليل الحديث، وأرجو أنه لا بأس به ".

(14/984)


@@@ 985
كذا قال! وأما ابن حبان فقال فيه:
" يروي عن نافع بن يزيد المناكير التي لا تشبه حديث الثقات، ويلزق المتون
الواهية بالأسانيد المشهورة ".

ونقله عنه الذهبي ثم الحافظ في " اللسان " وزاد:
" قال أبو نعيم في مقدمة المستخرج على (صحيح مسلم) ": روى عن نافع
ابن يزيد موضوعات. وقال الحاكم والنقاش: روى أحاديث موضوعة. وقال ابن
طاهر: متروك الحديث ".

قلت: إن كان جرح هؤلاء لخالد لأحاديث أخرى له، ومن غيرطريق أبي
يحيى هذا ؛ فلا كلام، وإن كان من طريقه - كما فعل ابن حبان - ففيه نظر ؛ لأن
تعصيب الجناية به دونه لا يخفى ما فيه، وعهدي بابن حبان أنه يمتنع عن مثله في
" ثقاته "، وهو الحق.

ولعل هؤلاء سرقوه من بقية ؛ فقد رواه عن إسماعيل البصري - يعني: ابن
علية - عن أبان عن أنس مرفوعاً.
أخرجه ابن بطة أيضاً (2/ 7 0 1/ 1 و 6/ 73/ 1).
وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ (أبان) - هو: ابن أبي عياش: متروك.
وبقية - وهو: ابن الوليد -: مدلس معروف بالرواية عن الضعفاء والمجاهيل
وتدليسهم.
ثم رواه ابن بطة من طريق (موسى بن سهل الوشاء)، قال: حدثنا إسماعيل
ابن علية عن الحسن مرسلاً.

(14/985)


@@@ 986
وهذا مع إرساله ضعيف ؛ قال الذهبي في "المغني ":
" (موسى بن سهل الوشاء): مشهور، ضعفه الدارقطني ".

قلت: فلعل هذا هو أصل حديث بقية الذي قبله ودلسه.
ثم رأيته من حديث علي رضي الله عنه ؛ يرويه ابراهيم بن إسحاق بن
إسماعيل الكوفي: حدثنا عثمان عن جعفر بن محمد عن أبيه عنه رفعه.
أخرجه الديلمي في " مسنده " (3/ 208 - الغرائب الملتقطة) بسنده عنه.
قلت: ولعل العلة من (عثمان) - وهو: ابن فرقد العطار - ؛ فقد قال أبو حاتم
(3/ 1/ 164):
" روى حديثاً منكراً عن جعفر بن محمد عن عبيد الله بن أبي رافع عن شقران
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ألقى في قبر النبي صلى الله عليه وسلم قطيفة ".
قلت: لعل (أبا حاتم) يعني نكارة إسناده ؛ فإن لمتنه شاهداً من حديث ابن
عباس عند مسلم (3/ 61)، وأحمد (1/ 228 و 355) وغيرهما، وصححه
الترمذي (1048)، وحسن حديث شقران (1047).

ثم إن الراوي عن (عثمان) هنا: (إبراهيم بن إسحاق بن إسماعيل الكوفي):
لم أجد له ترجمة فيما عندي من المصادر ؛ فلعله هو العلة في هذا الإسناد. والله
أعلم.
وقد روي الحديث مختصراً عن ابن عمرمرفوعاً بلفظ:
" لا يقبل إيمان بلا عمل، ولا عمل بلا إيمان ".

(14/986)


@@@ 987
أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/ 35) وقال:
" رواه الطبراني في " الكبير "، وفي إسناده سعيد بن زكريا، واختلف في
ثقته وجرحه ".

وعقب عليه الأخ حسين الداراني بقوله (1/ 266):
" هو في الجزء المفقود من معجم الطبراني الكبير، ونسبه المتقي الهندي في
الكنز 1/ 68 برقم (0 26)، والمناوي في فيض القدير 6/ 453 إلى الطبراني في
الكبير. ولم أقع عليه في مكان آخر لأحكم على إسناده ".

قلت: هذا التخريج يدل على حداثة الأخ في هذا العلم، وذلك من وجوه:
الأول: عزوه إياه للمناوي المتوفى (1031) وهو شرح على " الجامع الصغير "،
وإلى المتقي الهندي المتوفى (975)، و "كنزه "، جَمْع لما في "الجامع الصغير "،
و" الجامع الكبير" وغيرهما - كما هو معروف - ؛ فما الفائدة من هذا العزو، والحديث
ثابت في أصلهما وهو " الجامع الصغير " وفي " الجامع الكبير "! وإن كان لم يتم
طبعه بعد - فيما علمت -، وهو في النسخة المصورة من مخطوطة الدار المصرية (2/
936)، وهي بالعزو أولى ؛ لأنه قال عقب عزوه للطبراني:
" وحُسن "، وإن كان هذا التحسين فيه نظر ؛ ولعله لذلك لم يفصح عمن حسنه!

ثانياً: لو أنه وقع على إسناده في " مكان آخر " ؛ فذاك لا يعني أنه من الطريق
التي عند الطبراني ابتداء وانتهاء ؛ فقد يكون واهياً من فوق (سعيد بن زكريا) أو
من تحته ؛ - كما هو ظاهر -.

ثالثاً: كان ينبغي عليه أن يتكلم على العلة التي ذكرها الهيثمي ؛ فقد يغنيه

(14/987)


@@@ 988
ذلك عن الاعتلال بما ذكر!
ولذلك فإني أقول:
هناك في الرواة بهذا الاسم والنسب: (سعيد بن زكريا) ثلاثة:
أحدهم: مجهول - ؛ كما قال أبو حاتم -.

والثاني: مستور، روى عنه جمع - ذكرهم ابن أبي حاتم -.
والثالث: (سعيد بن زكريا المدائني أبو عمر، أو أبو عمرو)، وهذا هو الذي
يصدق عليه قول الهيثمي المتقدم: " اختلف في ثقته وجرحه " ؛ فقد ذكروا في
ترجمته نحو عشرة أقوال متضاربة: ما بين موثق، ومضعف، ومتوسط، ولعل أقربها
ما رواه الأثرم عن الإمام أحمد قال:
" كتبنا عنه، ثم توكناه. فقلت له: لم ؟ قال: لم يكن به - أرى - في نفسه
بأس، ولكن لم يكن صاحب حديث ".

وهذا جرح مفسر ؛ فمثله قد يحسن حديثه ؛ إن وجد له له شاهد أو متابع.
على أنه يبقى النظر فيمن فوقه أو دونه ؛ لأننا نعلم بالممارسة أن الهيثمي كثيراً
ما يكتفي بإعلال الإسناد بأحد رواته، ويكون هناك غيره ممن هو أولى بالاعلال به،
ويكثر ذلك منه ؛ إذا كان من شيوخ الطبراني. والله أعلم.

والظاهر أن أصل الحديث موقوف على بعض السلف، فرواه هؤلاء الضعفاء
مرفوعاً سهواً، أو عمداً ؛ فقد رواه الآجري في " الشريعة " (ص 131) عن علي
وابن مسعود والحسن البصري من قولهم.

(14/988)


@@@ 989
6923 - (أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش: رجلاه في
الأرض السفلى ، وعلى قرنه العرش ، وبين شحمة أذنه وعاتقه خفقان
الطير سبع مئة سنة ، يقول الملك : سبحانك حيث كنت).

منكر بذ كر: (القرن) و: (الخفقان).
أخرجه الطبراني في " المعجم
الأوسط " (6/ 314/ 6503) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن المنكدر بن
محمد بن المنكدر: نا أبي عن أبيه عن جده محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك
مرفوعاً. وقال:
" لم يروه عن محمد بن المنكدر عن أنس إلا ابنه منكدر، تفرد به ولده عنه،
ورواه إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ (المنكدر بن محمد): لين - كما قال الذهبي
والعسقلاني -.
وابنه (عبد الله بن المنكدر): قال الذهبي في " المغني ":
" فيه جهالة، وله خبر منكر ". زاد في " الميزان ":
" ساقه العقيلي ".

قلت: يشير إلى الحديث الآتي بعده. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "
(8/ 332) - على قاعدته في توثيق المجهولين - من رواية ابنه هذا (عبيد الله)،
لكن وقع فيه (عبد الله) مكبراً.. وهو خطأ ؛ فإنه من شيوخ أبي حاتم، فقد قال
فيه ابنه في " الجرح " (2/ 2/ 322):
" روى عنه أبي، وسئل عنه ؛ فقال: مديني ثقة ".

(14/989)


@@@ 990
قلت: وفي رواية إبراهيم بن طهمان التي أشار إليها الطبراني تلميح لطيف إلى
نكارة إسناد الترجمة ومخالفة عبد الله بن المنكدر بروايته عن أبيه محمد بن
المنكدر عن أنس. فذكر: (أنساً).. مكان: (جابر)، وحديث هذا قد مضى
تخريجه في " الصحيحة " (151)، وقال الهيثمي في حديث الترجمة (1/ 80)
- بعد أن نقل عن الطبراني تفرد عبد الله بن المنكدر به -:
" قلت: هو وأبوه ضعيفان ".

وهناك نكارة في المتن أيضاً لما أشرت إليه في صدر هذا التخريج ؛ فإن كلاً من
(قرن الملك) و (خفقان الطير) لم يرد لهما ذكر في حديث جابر الصحيح المشار
إليه أنفاً، ولا في حديث غيره ؛ كحديث أبي هريرة الصحيح أيضاً، وهو مخرج
هناك برقم (150).

وقد خفي هذا التحقيق على الأخ الفاضل المعلق على " مجمع البحرين " (1/
105) بعد أن نقل قول الهيثمي المتقدم ؛ قال مستدركاً عليه:
" لكن الحديث له شاهد من حديث جابر بإسناد صحيح ؛ فالمتن ثابت "!

فلم يتنبه لما ذكرته من النكارة التي دل عليها الحديثان الصحيحان.
وهذه عادة متبعة من كثير من الأحداث في هذا العلم ؛ كأنهم لم يقرأوا في
علم (المصطلح) نوعاً من أنواع علومه الكثيرة يسمى بـ (الشاذ) و (المنكر)، ولئن
كان بعضهم قد عرفوه نظرياً ؛ فهم لم يمارسوه عملياً! ومنهم الآتي ذكره في كثير
من تخريجاته، فإنه يصحح ويقوي المنكرات من الأحاديث بالشواهد القاصرة من
الأحاديث الصحيحة. وقد تعقبته وغيره في كتابي " صحيح موارد الظمأن " في

(14/990)


@@@ 991
مجلدين، و " صحيح الترغيب " في ثلاثة مجلدات، وهي تحت الطبع (*).
والحديث ضعفه الأخ الداراني في تعليقه على " مجمع الزوائد " (1/ 472 -
بتحقيقه) مُعِلاًً بلين (المنكدر بن محمد) ليثبت شذوذه عن قواعد هذا العلم،
ومخالفته لمن أرسوها من الحفاظ النقاد ؛ فإنه أتبع تضعيف العقيلي لعبد الله
ابن المنكدر بنقل استنكار الذهبي لحديثه هذا، ثم عقب عليه بقوله:
" نقول: إن تضعيف العقيلي له خاص بحديث أورده، وليس عاماً في كل ما
روي، وجهل الذهبي لا يضره ما دام عرفه غيره، وقد ذكره ابن حبان في الثقات
8/ 332 " !!

قلت: ليتأمل القراء في هذا الرجل الذي يتطاول بلسانه على كبار العلماء
والفحول النقاد، ويهتبل الفرص للرد عليهم وتجهيلهم بغير حجة أو علم، وإنما بمجرد
تقليده لتوثيق ابن حبان، الذي اتفق العلماء النقاد من بعده على مر السنين أنه
متساهل في التوثيق ؛ فيوثق المجهولين الذين يجهلهم علماء الجرح والتعديل ؛ بل
ويصرح هو - ابن حبان - في كثير من الأحيان في العشرات منهم أنه لا يعرفه ولا
يعرف أباه!

والرجل يعرف ذلك جيداً، ولكنه يكابر ؛ ليتظاهرأنه محقق غير مقلد، وهو
في حقيقة أمره غارق في التقليد، وليته يقلد من عرفوا توثيق ابن حبان دونه،
كابن الصلاح والنووي وابن عبد الهادي وابن كثير والذهبي والعسقلاني ؛ هؤلاء
كلهم عرفوا تساهله في التوثيق ؛ ولذلك صرحوا بجهالة العشرات الموثقين عند ابن
حبان، فيتعالى الداراني عليهم، وينسبهم إلى الجهل، وأنهم فاتهم ما عرفه هو!
__________
(*) وقد صدر الكتابان مع " ضعيفيهما " بعد وفاة الشيخ رحمه الله. (الناشر).

(14/991)


@@@ 992
تالله! إنها لإحدى الكبر!
ولعله يدري أن من شرط الثقة أن يكون معروفاً بالضبط والحفظ، فكيف يعرف
ذلك في الذي تفرد بتوثيقه ابن حبان ولم يرو عنه إلا واحد - كما هو الشأن هنا - ؟!
والظاهر من تصرفاته أنه لا يشترط ذلك ولا يدريه!

فإن كنت لا تدري ؛ فتلك مصيبة وإن كنت تدري ؛ فالمصيبة أعظم
وقد رددت عليه تصرفه هذا في كثير من الأحاديث المتقدمة في هذا الكتاب
وغيره، وبخاصة أخيراً في كتابيَّ الجديدن: " صحيح الموارد " و " ضعيف الموارد "،
ومن قبلهما " صحيح الترغيب " و " ضعيف الترغيب "، وبصورة أخص في
مقدمة " صحيح الموارد ".

وإنما قلت:" يهتبل... " لأن الحديث عنده ضعيف - كما تقدم -، فما فائدة
تسويد السطور في الرد على الذهبي وتوجيه تضعيف العقيلي بمجرد الدعوى العارية عن
الدليل ؛ لأن ذكر الشيء لا ينفي ما عداه - كما يقول العلماء -، مع مخالفته للحفاظ؟!
وقد تنبهت لشيء وهو: أن من عادة الرجل أنه كثير النقل عن الهيثمي
والاعتماد عليه في تخريجاته حتى المختصرة منها. وأما هنا فلم ينقل قوله في
الحديث ؛ لأنه ضعف هذا الذي وثقه تقليداً منه لابن حبان ؛ فصنيع من هذا ؟

ولماذا قدم التعديل على التجريح ؛ ولا سيما والجارح اثنان ؛ أحدهما معروف
باعتماده على توثيق ابن حبان في كثير من الأحيان؟ وهو الهيثمي! ومع تساهل
الهيثمي هذا، فإنه قد صرح بتجهيل جماعة ممن وثقهم ابن حبان، وخالفه الرجل
في ذلك، فانظر مثلاً الحديث (59، 68)! وأغرب من ذلك أن الهيثمي قال تحت
الحديث (75) في رواية (أبو العذراء):

(14/992)


@@@ 993
" وهو مجهول ".
فنقل الرجل في تخريجه إياه (1/ 247) مثله عن الذهبي والعسقلاني.
فتعقب ثلاثتهم بقوله:
" نقول: إن هذا على شرط ابن حبان "!
يعني: أنه ثقة ولو لم يوثقه أحد حتى ولا ابن حبان! فأعوذ بالله من العجب
والغرور.

6924 - (إذا أمتى أبت أن يظلم ظالموها تودع الله منها وإذا أمتى
تواكلت الامر بالمعروف والنهى عن المنكر منعها الله منفعة الوحي من
السماء وإذا أمتى سببت فيما بينها سقطت من عين الله فكيف بكم إذا
لم يرأف الله بكم ولم يرحمكم ؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال:
أي والذي بعث محمدا بالحق! إذا استعمل عليكم شراركم
فقد تخلى الله عنكم).
منكر. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (2/ 304) من طريق جعفر بن أحمد بن
فليح قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن المنكدر عن أبيه المنكدر عن
جده محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعاً.

أورده في ترجمة (عبد الله بن محمد) هذا، وقال:
" لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به ".
قلت: ولذلك قال الذهبي:

(14/993)


@@@ 994
" فيه جهالة ". واستنكر حديثه هذا - كما تقدم في الذي قبله -.
وفيه علة أخرى ؛ وهي: ضعف أبيه (المنكدر بن محمد) - كما ذكرت ثم -.

6925 - (إذا كان يوم القيامة نصب لابراهيم منبر امام العرش
ونصب لي منبر أمام العرش، ونصب لابي بكر كرسى فيجلس عليه
وينادى مناد: يالك من صديق بين خليل وحبيب!).

موضوع.
أخرجه الخطيب في " التاريخ " (4/ 386 -387)، ومن طريقه
ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 317 - 318) عن أبي عبد الله أحمد بن
محمد بن إبراهيم الضرير المقري: حدثنا أبو عمر محمد بن أحمد الحليمي -
من ولد حليمة السعدية -: حدثنا أدم بن أبي إياس العسقلاني عن ابن أبي ذئب
عن معن بن الوليد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعاً. وقال ابن الجوزي:
" لا يصح ؛ أبو عبد الله الضرير ؛ قدم بغداد، ومعه كتب طرية غير أصول،
وكان مكفوفاً ؛ فلعله أدخل هذا في حديثه. والحليمي: لا يعرف ".

وعقب عليه السيوطي في " اللآلي " بقوله (1/ 296):
" قلت: عرف بالضعف ؛ قال في " الميزان ": محمد بن أحمد من ولد حليمة
السعدية: روى عن آدم بن أبي إياس أحاديث منكرة ؛ بل باطلة. قال أبو نصر بن
ماكولا: الحمل عليه فيها. منها هذا الحديث. زاد في " اللسان ": وقال ابن
عساكر: منكر الحديث

(14/994)


@@@ 995
6925/ م - (حتم على الله أن لا يستجيب دعوة مظلوم ولأحد قبله
مثل مظلمته).
منكر.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (5/ 259) من طريق عيسى بن
عبد الله بن سليمان العسقلاني قال: ثنا رواد بن الجراح عن سفيان الثوري عن
ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ رواد بن الجراح ؛ قال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق، اختلط بأخرة فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد ".

قلت: وقال الذهبي في" الكاشف ":
" له مناكير، ضعف ".
قلت: فهذا من مناكيره. وأما ابن عدي فجعله من مناكير الراوي عنه (عيسى
ابن عبد الله العسقلاني) هذا، فقال فيه:
" ضعيف، يسرق الحديث ". ثم ساق له مناكير منها هذا، فقال:
" وهذا بهذا الإسناد منكر ".
وفي هذا نظرعندي لوجهين:
أحدهما: أن فوقه من هو معروف بالضعف ؛ فتعصيب العلة به أولى.
والأخرى: أن العسقلاني هذا لم أر من جرحه غير ابن عدد، وقد ترجمه
ابن عساكر في " التاريخ " (47/ 325 - 326)، ومن قبله الخطيب (11/ 165)،
فلم يذكرا فيه قول ابن عدي هذا، ولما ذكره الذهبي في " الميزان " ؛ عقب عليه

(14/995)


@@@ 996
الحافظ بقوله في " اللسان ":
" وقال الحاكم عن الدارقطني: " ثقة " (1). وذكره ابن حبان في " الثقات "،
وخرج حديثه في (صحيحه) ".

قلت: حديثه فيه برقم (5334)، لكنه ليس في النسخة المطبوعة من
" الثقات "، فلعله في بعض النسخ المخطوطة ؛ ففي توثيق الدارقطني كفاية.
وله حديث آخر عن رواد بإسناد آخر، سبق تخريجه برقم (6343)، أعله
ابن عدي به أيضاً، وأجبت عنه بنحو هذا الجواب.

6926 - (صليت مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بـ ( منى ) ركعتين ومع أبي
بكر ركعتين ومع عمر ركعتين ومع عثمان صدرا من خلافته ركعتين
ثم أتمها عثمان أربعاً، حين (2) اتخذ الأموال بـ ( مكة ) وأجمع على
اقامته بعد الحج).

منكر بذكر: (الاتخاذ) و (الإقامة).
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ
دمشق " (36/ 16) في ترجمة (عبد الرحمن بن نمر اليحصبي) من طريق
الحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن، محمد الحافظ: نا أبو بكر إسماعيل بن
محمد الرازي: نا سعيد بن يزيد: نا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن نمر عن
الزهري عن سالم عن أبيه قال:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ (عبد الرحمن بن نمر) هذا: مختلف فيه، ضعفه
__________
(1) [ "سؤالات الحاكم للدارقطني " ] ص 128 رقم 141/ مكتبة المعارف/ الرياض.
(2) الأصل: (حتى)، والتصحيح من ملاحظة السياق. ثم وجدته كذلك في النسخة
المصورة المدنية (10/ 232).

(14/996)


@@@ 997
ابن معين وغيره، ووثقه ابن حبان وغيره، ولم يرو عنه غير الوليد بن مسلم، وروى
له الشيخان متابعة ؛ فمثله يحسن حديثه عند المتابعة، ويستنكر عند التفرد
والمخالفة ؛ كما هنا على ما يأتي.

وأما الأخ الداراني السوري فلم يُقِم للخلاف المذكور وزناً - شنشنة.. -
و (دجَّها) (1) مرة واحدة وقال:
" ثقة "، وصحح إسناد حديث آخر له في نواقض الوضوء، فيه نكارة أيضاً،
نص عليها جمع من الحفاظ.. فلم يبالهم أيضاً، وقد رددت على منهجه هذا في
مقدمة " صحيح الموارد "، وهو تحت الطبع، وسيصدر قريباً إن شاء الله تعالى (*).
وقد خالفه جمع من الثقات الحفاظ ؛ مثل: عمرو بن الحارث - عند مسلم (2/
145 - 146) - ومعمر عند أحمد (2/ 48 1) ؛ فروياه عن الزهري به ؛ دون قوله:
" حين اتخذ الأموال... " إلخ.

ورواه مسلم أيضاً عن معمر.
وتابعه نافع عن ابن عمر به ؛ دون الزيادة.
أخرجه البخاري (1082)، ومسلم أيضاً، وزاد:
" فكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام ؛ صلى أربعاً، وإذا صلى وحده ؛ صلى
ركعتين ".

ورواه أحمد (2/ 55، 140) دونها.
وتلك الزيادة المنكرة إنما رويت عن الزهري مفرقاً بنحوه معضلاً.
__________
(1) لغة سورية، لحل أهل المعرفة يجدون لها أصلاً في اللغة الفصحى.
(*) وقد صدر بعد وفاة الشيخ رحمه الله. (الناشر).

(14/997)


@@@ 998
فقال معمر عنه:
" أن عثمان إنما صلى أربعاً ؛ لأنه أجمع على الإقامة بعد الحج ".

أخرجه أبو داود (961 1) وغيره، وهو مخرج في " ضعيف أبي داود " (338).
وهذا إسناد ضعيف منقطع أو معضل ؛ الزهري لم يدرك عئمان رضي الله تعالى عنه.
ثم رواه (1962) من طريق يونس عن الزهري قال:
لما اتخذ عثمان الأموال بالطاثف وأراد أن يقيم بها ؛ صلى أربعاً. ثم أخذ به
الأئمة بعده.

وهذا ضعيف أيضاً، لكن ذكر (الطائف) فيه أقل نكارة من ذكر (مكة) في
حديث الترجمة - ونحوه رواية معمر التي رواها أحمد، ولم تذكر فيها (مكة)
صراحة - ولذلك قال الحافظ عقبها (2/ 571) رداً على من تأول إتمام عثمان
بـ (الإجماع على الإقامة بمكة ):
" وفيه نظر ؛ لأن الإقامة بمكة على المهاجرين حرام - كما سيأتي في الكلام
على حديث العلاء الحضرمي في " المغازي " - وصح عن عثمان أنه كان لا يودع
النساء إلا على ظهر راحلته، ويسرع الخروج خشية أن يرجع في هجرته.

ومع هذا النظر في رواية معمر عن الزهري ؛ فقد روى أيوب عن الزهري ما
يخالفه، نروى الطحاوي وغيره من هذا الوجه عن الزهري قال:
إنما صلى عثمان بمنى أربعاً ؛ لأن الأعراب كانوا كثروا في ذلك العام، فأحب
أن يعلمهم أن الصلاة أربع.

(14/998)


@@@ 999
وروى البيهقي من طريق عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن
أبيه عن عثمان: أنه أتم بمنى، ثم خطب فقال:
"إن القصر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ولكنه حدث طَغَام (1) - بفتح الطاء
المعجمة - ؛ فخفت أن يستنوا ". وعن ابن جريج: أن أعرابياً ناداه في منى: يا أمير
المؤمنين! ما زلت أصليها منذ رأيتك عام أول ركعتين ".
وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً ".

قلت: ولهذا كنت أوردت رواية أيوب المتقدمة عن الزهري في " صحيح أبي
داود " (1713)، وقد فات الحافظ أن يعزوها لأ بي داود.

وقبل [ أن ] أنهي الكتابة حول هذا الحديث وإعلاله بـ (عبد الرحمن بن نمر)
هذا، لا بد لي من ذكر أمرين:
أحدهما: أن تعصيب الخطأ في الحديث بابن نمر لا يستقيم في النقد العادل ؛
الا لو صح السند إليه، وهذا غير واضح لدي - وإن كنت أميل اليد - ؛ لأن الراوي
عنه وهو: (الوليد بن مسلم) كان يدلس تدليس التسوية ؛ فيحتمل أن يكون بين
(ابن نمر) والزهري من ليس بحجة، أسقطه الوليد، ولأن الراوي عن هذا (سعيد
ابن يزيد) لم أجد له ترجمة. والله أعلم.

والآخر: أن هناك حديثاً آخر فيه تصريح عثمان نفسه أنه انما أتم في منى لأنه
تأهل بمكة، واحتج بحديث، ولكن ذلك مما لايصح عنه - كما تقدم بيانه تحت
الحديث (4570) -.
__________
(1) أي: من لا عقل له ولا معرفة. وقيل: هم أوغاد الناس وأرذلهم.

(14/999)


@@@ 1000
6930 (*) - (كان إذا غشي أهله فأنزل ؛ قال:
اللهم! لا تجعل للشيطان فيمارزقتني نصيباً).
ضعيف وموقوف. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (10/ 394/
9783) من طريق عطاء بن السائب عن ابن أخي علقمة بن قيس عن علقمة: أن
ابن مسعود كان... إلخ.

قلت: وهذا إسناد موقوف ضعيف، ورجاله ثقات ؛ لكن عطاء بن السائب كان
اختلط.

وهكذا موقوفاً عزاه الحافظ في " الفتح " (1/ 242) لابن أبي شيبة ساكتاً
عنه! وإنما خرجته ؛ لأن الإمام الصنعاني عزاه إليه أيضاً في " سبل السلام " (1/
133 - صبيح)، لكن جعله مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالظاهرأنه
سبق قلم أو نظر منه رحمه الله ؛ فإنه كثير الاستفادة من " الفتح " مع قلة العزو
إليه - كما هو معلوم عند الدارسين لكتابه -!

ومثله ضعفاً ووقفاً ووهماً قول الحافظ في " الفتح " (9/ 229):
" وفي مرسل الحسن عند عبد الرزاق:
إذا أتى الرجل أهله ؛ فليقل: باسم الله، اللهم! بارك لنا فيما رزقتنا، ولا تجعل
للشيطان نصيباً فيما رزقتنا. فكان يرجى إن حملت أن يكون ولداً صالحاً ".
فقوله: " مرسل الحسن، وهم منه رحمه الله ؛ لأن الحسن لم يرفعه، وإنما قال:
" يقال..." فذكره.
__________
(*) كذا أصل الشيخ رحمه الله، قفز عن ثلاثة أرقام. (الناشر).

(14/1000)


@@@ 1001
هكذا أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (6/194/11467) بإسناده
عنه، ليس فيه التصريح برفعه ولو أنه رفعه ؛ لكان منكراً ؛ لأن مراسيل الحسن
كالريح - كما قال بعض الحفاظ -، ولأنه مخالف للحديث الصحيح:

"لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله: باسم الله، اللهم! جنبني الشيطان، وجنب
الشيطان ما رزقتنا، ثم قدر بينهما في ذلك أو قضي ولد ؛ لم يضره شيطان أبداً ".
رواه الشيخان وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وهو مخرج في
"آداب الزفاف"، و" الإرواء" (2012) وغيرهما.

6931 - (تارِك الصلاة كافرٌ).
منكر.
ذكره ابن حبان في " الثقات " (8/ 27) من رواية نوح بن يزيد
الفارسي أبي أحمد الترمذي عن أحمد بن موسى المِربَدي البصري عن حماد
ابن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً.

أورده في ترجمة (أحمد المربدي) هذا، ولم يزد فيها على قوله:
"لم أر في حديثه شيئاً تنكره القلوب إلا حديثاً واحداً، روى عن محمد بن
عمرو... ".

كذا وقع فيه: (روى عن محمد بن عمرو) ؛ فيفيد بظاهره أن الضمير يعود
إلى المترجم، وأنه رواه عن (محمد بن عمرو) مباشرة، وهو خلاف قوله فيه -
أعني: المترجم - قبل أن يسوق الحديث:

" يروي عن حماد بن سلمة، روى عنه نوح بن يزيد الفارسي أبو أحمد ساكن
ترمذ ".

(14/1001)


@@@ 1002
وكذا في " ترتيب الثقات " للهيثمي، وكذلك وقعت الرواية في "لسان الميزان "
للحافظ، إلا أنه لم يذكر قوله: "يروي عن حماد..." إلخ.

ويترجح عندي أنه سقط منه أو من الناسخ، وأن الصواب أنه سقط من قلم
ناسخ " الثقات" قوله: بعد (روى): " عن حماد "، أو أنه من أوهام المؤلف التي
أشاروا إليها حين تكلموا عن تساهله في " الثقات" - كما حققته في مقدمة كتابي
الجديد "صحيح الموارد "، وهو تحت الطبع، يسر الله صدوره قريباً إن شاء الله
تعالى (*).

وهذه الترجمة من تلك الأدلة الكثيرة على تساهله ؛ فإن (أحمد المربدي)
هذا لم أره عند غيره! بل إن الراوي عنه (نوح بن يزيد الفارسي أبو أحمد الترمذي)
لم أعرفه أيضاً، ولم يترجمه حتى ابن حبان، وهو في طبقة شيوخه. والله أعلم.

والحديث بلفظ: " كافر" قد روي في بعض الأحاديث الأخرى المنكرة،
والآثار الموقوفة الضعيفة، تجدها في "ضعيف الترغيب والترهيب" في آخر (5 -
كتاب الصلاة).

6932 - (كان خاتم النبوة في ظَهْر رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البُنْدُقة من
لَحْمٍ، عليه مكتوب: محمد رسولُ الله).

منكر.
أخرجه ابن حبان في " صحيحه" (8/ 72/ 6269 - الإحسان):
أخبرنا نصر بن الفتح بن سالم الْمُرَبَّعي العابد - بسمرقند -: حدثنا رجاء بن
مرجى الحافظ: حدثنا إسحاق بن إبراهيم القاضي - بسمرقند -: حدثنا ابن جريج
عن عطاء عن ابن عمر قال:... فذكره.
__________
(*) وقد صدر بعد وفاة الشيخ رحمه الله. (الناشر).

(14/1002)


@@@ 1003
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون، غير (نصر بن الفتح) هذا، فهو غير
معروف إلا بهذا الحديث، ولم يخرج له ابن حبان في " الصحيح" غيره، وهو مما
انتقد عليه ؛ فأورده الذهبي في ترجمته من " الميزان" وقال (4/ 253):
(وَضَعَ هذا الحديث. قال ابن حبان في "الأنواع " في أوائل الجلد الثالث:
أخبرنا نصر بن الفتح... " فساقه بإسناده ومتنه. ثم قال:
" راج هذا على ابن حبان، واعتقد صحته، وهو كذب، وقاضي سمرقند،
ذكره ابن أبي حاتم، وما ليَّنَهُ أحد قط ".

قلت: بل قال فيه البخاري:
"معروف الحديث".
ووثقه ابن حبان، وروى عنه ثقتان آخران: عبدة بن سليمان، وأحمد بن
منصور المروزي. (انظر " تيسير الانتفاع ").

قلت: فالعلة من (نصر) هذا شيخ ابن حبان، وقد قعقع عليه الحافظ في
"اللسان " فقال عقبه (6/ 156):
(ونصر بن الفتح ما ضعفه أحد قط أيضاً، وهو شيخ ابن حبان، فمن أين
للمصنف أن هذا الحديث موضوع ؟! نعم ؛ هو شاذ لمخالفته الأحاديث الصحيحة
في صفة خاتم النبوة، وموضع المخالفة منه ذكر الكتابة، فلعله دخل عليه حديث في
حديث، انتقل ذهنه من خاتم الكتب إلى خاتم النبوة (1). والله أعلم".
__________
(1) يشير إلى حديث أنس: " كان نقش خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم (محمد) سطر، و (رسول)
سطر، و (الله) سطر ". متفق عليه، ومحو مخرج في "مختصر الشماثل " (58/ 74).

(14/1003)


@@@ 1004
قلت: هذا تعقب لفظي، وخلات شكلي ؛ فإن قول الذهبي: "وضع " ليس
من الضروري أن يفسر بأنه يعني أنه تعمد الوضع ؛ بل هو على وزان الحديث
الصحيح: "كذب أبو السنابل " (1). ولذلك فإني اتبعت هذه السنة مع بعض
الناس تحذيراً - كما يأتي قريباً - وكون الشيخ (نصر بن الفتح) ما ضعفه أحد لا
يمنع من تخطئته بهذا اللفظ - كما هو ظاهر -، أو بما هو أخف منه ؛ كقول الحافظ
المتقدم: "شاذ" ، أو قولي: " منكر"، بل إن هذا أولى وألصق بعلم (المصطلح) ؛
فإن (الشاذ) فيه: ما رواه الثقة مخالفاً لمن هو أوثق. و (الشيخ) - وإن لم يصرح
أحد بتضعيفه ؛ فكذلك - لم يوثقه غير ابن حبان، وهو من تساهله الذي نصوا
عليه، كيف لا، وهو لا يعرف إلا بهذا الحديت المنكر الخالف للأحاديث الصحيحة ؟!

لهان من الغرائب أن الحافظ وقع في نحو ما أنكره على الذهبي في صدر تعقبه
المتقدم عليه ؛ فإن الهيثمي - شيخ الحافظ - لما عقب على هذا الحديث في "الموارد"
بقوله (ع 514/ 2097):

" قلت: اختلط على بعض الرواة (خاتم النبوة) بالخاتم الذي كان يختم به
الكتب".

فعلق عليه الحافظ في حاشية الكتاب بقوله:
" البعض هو (إسحاق)، فهو ضعيف "!

فلقائل أن يعارضه فيقول:
" (إسحاق بن إبراهيم القاضي) ما ضعفه أحد قط أيضاً، وهو شيخ (رجاء
ابن مرجى) الحافظ ؛ فمن أين له أن هذا الحديث شاذ ؟! ".
__________
(1) " الصحيحة " (3274).

(14/1004)


@@@ 1005
والجواب عنهما كليهما معروف ؛ ألا وهو: المخالفة، غاية ما في الأمر أن الحافظ
رفض حكم الذهبي عليه بالوضع، {ولكل وجهة هو موليها}، والخلاف في
وجهة نظري سهل بعد اتفاقهما على رد الحديث.

وقد أكد الحافظ ذلك في " فتح الباري " بعد أن ذكر بعض الأحاديث في
صفة خاتم النبوة - منها حديث جابر بن سمرة بلفظ: " بيضة الحمامة" -، قال (6/
563):

"وأما ما ورد من أنها كانت كأثر محجم، أو كالشامة السوداء أو الخضراء، أو
مكتوب عليها: (محمد رسول الله)، أو " سِرْ وأنت المنصور" أو نحو ذلك ؛ فلم
يثبت منها شيء ". ثم قال:

" ولا تغتر بما وقع منها في " صحيح ابن حبان "، فإنه غفل حيث صحَّح
ذلك. والله أعلم ".

قلت: ولم تُعْجِبْ هذا النصيحة إمّّعة ابن حبان وهاويه! فقد تعقبه في تعليقه
هنا بقوله (6/446):
" نقول: إن الحافظ ابن حبان لم يغفل، وإنما أثبت ما سمع، وهذا مقتضى
الأمانة، وبين الخطأ فيما سمع، وهذا مقتضى العلم وواجب العلماء "!

فأقول: لكنك لم تؤد الأمانة، ولم تنصح الأمة، وطعنت في علم حافظ
السنة، واستصغرت شأنه وعلمه، وصورته للقراء أنه لا يعرف واجب العلماء!
فاتق الله في نفسك! ولا تتسرع في نقد جبال العلم بجهلك، ألا تعلم أن تعقبك
هذا - لولا ما فيه من كذب يأتي بيانه - إنما يصلح فيمن قد ينتقد مؤلفاً من مؤلفي
(المسانيد) ؟ كالإمام أحمد مثلاً الذي يسوق الأحاديث بأسانيدها، وفيها ما

(14/1005)


@@@ 1006
لايصح - ولا يبين - وذلك لأنه لم يلتزم الصحة في كتابه ؛ فلا ينتقد، بخلاف ابن
حبان الذي التزمها ثم أخل بها في مئات أحاديثه - كهذا وغيره - نعم ؛ كان
يكون مما لا ضير عليه ؛ لو أنه رواه ثم بيَّن عواره - كما يفعل أحياناً -، ولكنه لم
يفعل هنا.

وأما قولك فيه: إنّه " بين الخطأ فيما سمع "! فهو كذب، ولو صدقت ؛ لما جاز
لطالب علم صغير مثلك أن ينتقده، فكيف ترمي به الحافظ الكبير ؟! فاتق الله!
واعرف طبيعة نفسك، وقدر علمك ولا يحملنك شهوة النقد على التطاول على
الحفاظ والعلماء.

ثم ما بالك أعرضت عن ذكر قول الذهبي في ترجمة (نصر بن الفتح) شيخ
ابن حبان، وكذا قول الحافظ العسقلاني، ولم تذكر فيها جرحاً، واكتفيت فيها
بذكر سنة وفاته، ومن مصدر ليس من كتب الجرح والتعديل ؛ ولذلك أعرضت عن
تسميته - وهو " الأنساب" ؛ فيما يبدو لي - وغيرت فيها تدليساً وتوهيماً ! لم
كتمت جرح الحافظين إياه وحكمهما على الحديث بالوضع والشذوذ ؟! هل يمكن أن
يفهم أحد من سيئاتك هذه إلا أنك متحيز لابن حبان تحيزاً له قرنان، وأنه لا
يحملك على ذلك إلا حبك للظهور والمخالفة، وإن مما يؤكد ذلك أنك أعللت
الحديث بخلافهما فقلت: "إسناده ضعيف، ابن جريج قد عنعن، وهو موصوف
بالتدليس"!

وأما التكارة التي في متنه فلا أنت سلمت بها، ولا أنت دفعتها، وهذا أمر
طبيعي جداً منك، يمنعنك منه أمران: الجهل، وبطر الحق! والله المستعان، ولا
حول ولا قوة إلا بالله.

(14/1006)


@@@ 1007
6933 - (يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ ؛ فلا يَبْقَى فِي الْجَنَّةِ أَهْلُ دَارٍ، وَلا أهلُ غُرْفَةٍ إِلا
قَالُوا: مَرْحَبًا [مَرْحَبًا] إِلَيْنَا [إِلَيْنَا]، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا توَّى
على [هَذَا] الرَّجُلِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ . قَالَ :أَجَلْ وَأَنْتَ هُوَ يَا أَبَا بَكْرٍ ! ).

منكر.
أخرجه ابن حبان في " صحيحه، (2172 - موارد، 6828 - الإحسان)،
والطبراني في " المعجم الكبير " (11/ 98/ 11166) وفي " الأوسط " (1/
154/ 481 و 6/ 194/6168)، وابن عدي في " الكامل، (3/ 171) من
طريق أحمد بن محمد بن أبي بكر السالمي: حدثنا ابن أبي فديك عن رباح بن
أبي معروف عن قيس بن سعد عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن
عدي:

"وهذا الحديث لا يرويه إلا رباح ". وقال الطبراني:
" لم يروه عن قيس إلا رباح، ولا عنه إلا ابن أبي فديك، تفرد به أحمد بن
محمد بن أبي بكر السالمي ".

قلت: لم أجد له ترجمة فيما لدى من كتب الجرح والتعديل، ولا في "ثقات
ابن حبان "! وأما قول الهيثمي في " المجمع " (9/ 46):

" رواه الطبراني في "الكبير " و" الأوسط " ، ورجاله رجال الصحيح ؛ غير
أحمد بن أبي بكر السالمي، وهو ثقة"!
فأظنه من أوهامه، التبس عليه بغيره. والله أعلم.

ونقله عنه المعلق على "مجمع البحرين" (6/ 224) وأقره! وكذلك فعل
الداراني (7/ 76) - رغم أنه خرجه في نحو صفحة - ؛ فإنه يصدّره بذكر مرتبته

(14/1007)


@@@ 1008
- كما هي العادة -، إما جهلاً، أو توقفاً، أو رهبة من مخالفة تصحيح ابن حبان
إياه ؛ فإنه قلما يصرح بمخالفته، فضلاً عن أن يرد عليه - كما يفعل مع غيره -، ولو
كان إمام الأئمة كالبخاري! فهو عليهم جريء متجاهلاً الحكمة القائلة:
الرأي قبل شجاعة الشجعان *** هو الأول وهي الحل الثاني!

ألا تراه هنا غض الطرف عن التصريح بمرتبة الحديث أولاً، ثم عن ترجمة
(رباح بن أبي معروف) ؛ لا لأنه من رجال (الصحيح)، وانما لأن مرهوبه - إن
صح التعبير - متناقض فيه أشد التناقض، فلو أنه أخذ في ترجمته ؛ لاستلزم ذلك
ذكر ما قاله فيه من التناقض، وإلا ؛ لظهر تحيزه اليه وتعصبه له، ولذلك فقد رأى
من الحكمة العمل بالمثل الشامي: (الهريبة نصف الشجاعة) !ا

فاعلم - يا أخي - أن (رباحاً) هذا مختلف فيه ؛ فمن أحسن ما قيل فيه:
"صالح ". وأسوؤه وأبينه قول ابن حبان في " الضعفاء " (1/ 305):
" كان ممن يخطئ، ويروي عن الثقات ما لا يتابع عليه. والذي عندي فيه
التنكب عما انفرد به من الحديث، والاحتجاج بما وافق الثقات من الروايات، على
أن يحيى وعبد الرحمن تركاه ".

ثم تناقض فأورده في " الثقات " أيضاً (6/ 307) ملخصاً كلامه المتقدم:
"يخطئ ويهم".

لكني أقول: إنه متناقض عندي تأليفاً لا علماً ؛ فقد صرح في بعض الرواة
الآخرين الذين وصفهم بالخطأ أنه لا يحتج بهم عند التفرد ؛ بل جعلها قاعدة في
مقدمة" الضعفاء"، وقد حققت ذلك في مقدمتي لكتابي " صحيح الموارد "،

(14/1008)


@@@ 1009
وهي تحت التحرير والطبع قريباً إن شاء الله تعالى (*).
وعليه ؛ فلا منافاة بين الكتابين في الحكم ؛ فهو ضعيف فيهما عند التفرد،
وهذا معنى قول الحافظ فيه:
" صدوق، له أوهام ".

وأنا أعتقد أئه وهم في متن هذا الحديث، وأتى بمعنى منكر، وهو قوله:
" وأنت هو يا أبا بكر "! فأين النبي صلى الله عليه وسلم ؟! فلعله أراد أن يقول: فأنت منهم أو نحو
ذلك فخانته حافظته، فقال ما قال! فقد جاء الحديث عن أبي هريرة بلفظ:
"من أنفق زوجين في سبيل الله ؛ دعاه خزنة الجنة، كل خزنة باب: أي: فُلْ!
هَلُمَّ ! ".
فقال أبو بكر: يا رسول الله! ذلك الذي لا توى عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إني لأرجو أن تكون منهم ".
رواه البخاري ومسلم. وهو مخرج في " الصحيحة " (2879).

6934 - (يا معشر الأنصار ! كنتم في الجاهلية - إذ لا تعبدون الله -
تحملون الكل ، وتفعلون في أموالكم المعروف ، وتفعلون إلى ابن السبيل ،
حتى إذا مَنَّ الله عليكم بالإسلام ، ومن عليكم بنبيِّه ؛ إذا أنتم تحصنون
أموالكم !).

منكر.
أخرجه الحاكم (4/ 133) من طريق علي بن حجر السعدي: ثنا
__________
(8) وقد طبع بعد وفاة الشيخ رحمه الله. (الناشر).

(14/1009)


@@@ 1010
عالم بن سُوَيد عن محمد بن موسى بن الحارث عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضي الله
عنهما، قال:

أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عمرو بن عوف يوم الأربعاء، فرأى شيئاً لم يكن رأها
قبل ذلك من جصنة على النخيل، فقال:
"لو أنكم اذا جئتم عيدكم هذا ؛ مكثتم حتى تسمعوا من قولي ".

قالوا: نعم بأبائنا أنت يا رسول الله وأمهاتنا. فلما حضروا الجمعة ؛ صلى بهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم صلى ركعتين في المسجد، وكان ينصرف إلى بيته قبل
ذلك اليوم.

ثم استوى، فاستقبل الناس بوجهه، فتبعت (!) له الأنصار، أو من كان
منهم، حتى وفى بهم إليه (!) فقال:... فذكره وزاد:
" وفيما يأكل ابن آدم أجر، ويأكل السبع أو الطير أجر".

فرجع القوم فما منهم أحد إلا هدم من حديقته ثلاثين باباً. وقال:
" صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:
" قلت: عاصم - إمام مسجد قباء -: خرج له النسائي ؛ ولكن من شيخه ؟! ".

وأقره ابن الملقن في "مختصره " (5/2650).

وأخرجه من الوجه المذكور ابن خزيمة في " صحيحه " (3/ 182 - 183)
إلى قوله: " قبل ذلك اليوم،، دون حديث الترجمة، لكنة أشار اليه بقوله عقبه:
" فذكر الحديث".

(14/1010)


@@@ 1011
ولا أستبعد أن يكون ساقه في مكان آخر من "صحيحه " في بعض أجزائه
التي لم تطبع بعد. وقال في الباب الذي ترجم به عن القدر المذكور منه:

"إن صح الخبر ؛ فإني لا أقف على سماع موسى بن الحارث من جابر بن عبد الله".

ومن طريق ابن خزيمة أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (581 - موارد)،
وهذا مما يؤكد تساهله أكثر من شيخه في التصحيح والتوثيق، فإن هذا قد غمز في
صحته - كما رأيت دون ابن حبان - ؛ فإنه ساقه في " صحيحه " (2475/
الإحسان) محتجاً به! وذكر (محمد بن موسى بن الحارث) - وهو التيمي - وأباه
في كتابه "الثقات" (5/405 و 7/ 397)، ولم يذكر في ترجمتيهما شيئاً يدل
على حالهما أكثر مما جاء في هذا الإسناد! على وهم وقع له في ترجمة (الأب):
(موسى بن الحارث! ؛ فإنه قرن مع ابنه (محمد بن موسى) راوياً آخر هو (عاصم
ابن سويد الأنصاري)! وهذا إنما روى عن الابن وليس عن الأب كما سبق.

وعلى كل حال ؛ فهما مجهولان لا يعرفان، إلا بهذا الإسناد. ومن تراجم
الذهبي في "الميزان":
" محمد بن موسى الرواسي، عن أبيه، ومحمد بن أبي موسى، عن ألقاسم
ابن مخيمرة - مجهولان ".

فقال الحافظ في " اللسان " (5/ 399):
"وفي "ثقات ابن حبان ": (محمد بن موسى بن الحارث) عن أبيه، وعنه
(عاصم بن سويد الأنصاري). فيحتمل أن يكون الأول ".

والحديت أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان " (3/ 265 - 266/3500)
من طريق الحجبي - وهو: عبد الله بن عبد الوهاب -: نا عاصم بن سويد بن زيد

(14/1011)


@@@ 1012
ابن جارية الأنصاري به بتمامه ؛ إلا أنه وقع في إسناده تحريف كثير، وكذا في
متنه، ولا فائدة تذكر من بيانه.

إذا عرفت ما تقدم من البيان والتحقيق ؛ فمن الجناية على هذا العلم الشريف،
والتعالي على العارفين به، والتشبع بما لم يعط ما صنعه الأخ حسين الداراني في
طبعته لكتاب " موارد الظمآن " ؛ فإنه قلب اسم الابن والأب في إسناد الحديث
فجعله هكذا: (موسى بن محمد بن الحارث)، ثم قال (2/ 306):

" لقد انقلب هذا الاسم في النسختين (يعني: من الموارد)، وفي " صحيح
ابن خزيمة " وفي " المستدرك " فجاء: " محمد بن موسى". والصواب ما أثبتناه
وهو: موسى ابن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي. (كذا). وجاز هذا القلب
على الحافظ ابن خزيمة - وعلى تلميذه اين حبان أيضاً - فقال: " فإني لا أقف على
سماع موسى بن الحارث في جابر بن عبد الله ". وعلى الحافظ الذهبي إذ قال:
" عاصم - إمام مسجد قباء -: خرج له النسائي ؛ ولكن من شيخه ؟! ".

ولم يتنبه لذلك أيضاً الأستاذ الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ؛ فقد نقل
عنه الدكتور مصطفى الأعظمي قوله: " عاصم بن سويد فيه جهالة، ومحمد بن
موسى ين الحارث التيمي [وأبوه] (1): لم أعرفهما ". وانظر التعليق التالي".

قلت: لم يذكر فيه ما يناسب المقام سوى ضعف (موسى بن محمد) وباقي
رجاله ثقات.
__________
(1) هذه الزيادة من نسختي من "صحيح ابن خزيمة " الظاهر أنها سقطت من الطابع وقوله:
" نقل عنه الدكتور ... " غير دقيق، وتعمية للمصدر أخشى أن يكون مقصوداً، وهو على كل حال من
أخطائه أو عجمته ؛ لأنه من تعليقي على " الصحيح "، بطلب من الدكتور، والداراني يعلم ذلك من
المقدمة (ص 6) فمن شاء ؛ راجع ؛ ليتبين ما تفعل المعاصرة، نسأل الله السلامة.

(14/1012)


@@@ 1013
وجواباً عليه أقول:
كنت أتمنى - والله - أن يكون الأخ الداراني قد تنبه لشيء غفل عنه أولئك
الحفاظ الذين سماهم وغيرهم ممن لم يذكر كالحافظ البيهقي والعسقلاني لتعقبه
عليه انطلاقاً من الحكمة القائلة (كم ترك الأول للاخر)، ولكن هيهات لمثله أن
يمكنه ذلك، وهو في هذا العلم لا يزال قزماً كما تدل على ذلك كثرة أخطائه
وأوهامه التي تيسر لي بيان الكثير منها، وما لنا نذهب بعيداً، وهذا هو المثال بين
أيدينا! لقد غَفَّل كل أولئك الحفاظ، واستصوب تغيير إسناد ما رووا، بمجرد
الدعوى التي لا يعجز عنها أجهل الناس ؛ بل إنه خالف أدباً من آداب رواية
الحديث التي نصوا عليها في (النوع السادس والعشرون في صفة رواية الحديث)
من "علم المصطلح "، وهو: أن الواجب المحافظة على الأصل مع بيان التصحيح
بحاشية الكتاب، إلا إذا كان الخطأ واضحاً ليس هناك شبهة في أنه خطأ " (1).

قلت: وكيف يمكن أن يتصور العقلاء وضوح خطأ ما ادعاه هذا الرجل على
أولئك الحفاظ وهو لم يدل على ذلك بشبه دليل، الأمر الذي يقول الشاعر:

والدعاوى ما لم تقيموا عليها *** بينات أبناؤها أدعياء

نعم، إني لأظن أن الذي حمله على ذلك هو إعجابه برأيه، وغروره بنفسه،
وتخيله ما رآه في ترجمة (عاصم بن سويد) أنه روى عن (موسى بن محمد)،
وهذا من ضيق عطنه، وقلة معرفته بهذا الفن، فقد يروي الراوي عن جمع من
شيوخه متفقين في الاسم واسم الأب، وفي ذلك ألف الخطيب كتابه " المتفق
__________
(1) انظر "الباعث الحثيث شرح اختصار الحديث" للشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى (ص
164/ صبيح وأولاده).

(14/1013)


@@@ 1014
والمفترق "، وفيه أقسام، وزاد عليه الحافظ ابن الصلاح في "النوع الرابع والخمسون "
من " مقدمته، أنواعاً أخرى، وضرب لها بعض الأمثلة منها القسم الثاني، وفيه
اثنان كلاهما في عصر واحد، وكلاهما يروي عنه الحاكم! وأغرب منه ما ذكره عن
شعبة أنه روى عن سبعة كلهم أبو حمزة، فراجعه ؛ إن شئت مع شرح الحافظ
العراقي عليه (ص 358، 364 - حلب).

وختاماً أقول:
لقد جهل الرجل هذه الحقيقة العلمية، واغتر بما عنده من نتف من العلم،
فظن جهله علماً، فوقع في الغفلة التي رمى بها غيره، ولوأنه كان على سلامة من
الغرور وحب الظهور ؛ لتحفظ في حكمه على الأقل، ولم يتعرض لغيره بذكر،
ولقال: أرى كذا، أو يحتمل عندي كذا وكذا، ولم يحرف الإسناد. ولكن صدق
من قال:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة *** وإن خالها تخفى على الناس تعلم
والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

6935 - (يا عائشة ! إذا طبخت قدراً ، فأكثروا فيها من الدُّبَّاء، فإنه
يشد قلب الحزين).

ضعيف.
رواه أبو بكر الشافعي في " الفوأئد " (99/ 1) حدثنا محمد بن
إبراهيم الأنماطي (1): نا صالح بن علي النوفلي: ثنا عبد الله بن محمد بن قدامة:
نا ابن المبارك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. حدثني ابن ياسين:
__________
(1) بغدادي من الحفاظ، جرح، وفي " تاريخ بغداد " (1/ 388) أنه من كبار أصحاب يحيى
ابن معين وحفاظ الحديث.

(14/1014)


@@@ 1015
حدثني عبد الرحمن بن واقد أبو مسلم الواقدي (1): نا يحيى بن عقبة عن هشام
ابن عروة وقال ابن ياسين : حدثني جعفر بن محمد الخباز: نا عمار بن نصر أبو
ياسر: نا بقية بن الوليد عن يعقوب بن يوسف بن صدقة عن هشام بن عروة
جميعاً قالا: عن أبيه عن عائشة مرفوعاً. وهذا اللفظ للواقدي.

قلت: (عبد الله بن محمد بن قدامة) كذا وقع في الأصل، وقوله: (ابن
قدامة): غريب، ولعله وجه في نسبه ؛ فقد قيل فيه غير ذلك، وهو: عبد الله بن
محمد بن علي بن نفيل أبو جعفر، النفيلي الحراني، وهو ثقة من شيوخ أبي داود،
وأكثر عنه، وهو مترجم في " الإكمال "، مرموزاً له بأنه روى عنه البخاري
والأربعة، لكنه حينما سرد أسماء الرواة عنه ؛ لم يذكر فيهم الإمام البخاري، وذكر
فيهم (صالح بن علي النوفلي) المذكور هنا، وبروايته عنه، وبرواية هذا عن الإمام
(ابن المبارك).

وأما (عبد الله بن محمد بن قدامة): فلم أعثر له على ترجمة فيما لدي من
المصادر.

وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2/ 371):
"رويناه في " فوائد " أبي بكر الشافعي من حديثها، ولا يصح ".

وسقط من طبعة (دار المعرفة - بيروت) قوله: " من حديثها ولا يصح"،
والاستدراك من " شرح الإحياء ".

وله طريق أخرى عند الشافعي - كما ترى - من رواية (يحيى بن عقبة) -
وهو: (ابن أبي العيزار) -: قال أبو حاتم:
__________
(1) صدوق يغلط. " تقريب ".

(14/1015)


@@@ 1016
" يفتعل الحديث، وهو مما لا يفرح بحديثه ".
وعلى ذلك ؛ فقد بقي الحديث على الضعف الذي صرح به الحافظ العراقي.

أملى هذا التخريج المؤلف على ابنته (أم عبد الله) في 17 رمضان 1418 هـ
في مرضه الشديد الذي يرجو الله تبارك وتعالى أن يعافيه معافاة تامة، ويعود إلى
أحسن ما كان عليه من نشاطه العلمي السابق، فإن وجد في هذا الإملاء خطأ
علمي ؛ فلا غرابة في ذلك، فالأمر كما قال عليه السلام: "كل بني آدم خطاء ..."،
فكيف والمملي في مرضه الشديد، والله عز وجل يقول: {ليس على الأعمى
حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريضة حرج... }.

6936 - (ما ألهاك عن ذكر الله تعالى ؛ فهو مَيْسِر).

باطل لا أصل له.
حتى ولا في الأحاديث الموضوعة، وهو من الأحاديث
الكثيرة التي سوّد بها الشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسي الصوفي دون أن
يعزوها إلى مصدر من كتب السنة -، ولو كانت تروي ما هب ودب من الأحاديث
الموضوعة والمنكرة - ؛ يؤيد بها في كتابه " إيضاح الدلالات في سماع الآلات "
إباحة سماع آلات الطرب مهما تعددت أنواعها واختلفت أصواتها ؛ إذا كانت النية
طيبة! وقد كرر ذلك في غير ما موضع من كتابه المذكور، ومن أجمعها قوله (ص
130 إلى ص 133):

" أما حكم الله تعالى في هذه المسألة - التي هي مسألة سماع الآلات المطربات
يالنغمات الطيبات - مطلقاً على مقتضى ما قدمناه من الأقسام، فإن اقترنت هذه
الآلات، وهذا السماع المذكور بأنواعه بالخمر أو الزنى أو اللواط أو دواعي ذلك - من
المس بشهوة والتقبيل أو النظر بشهوة لغير الزوجة والأمة، أو لم يكن شيء من ذلك

(14/1016)


@@@ 1017
في المجلس، بل كان في المقصد والنية الشهوات المحرمة، بأن تصور في نفسه شيئاً
من ذلك واستحسن أن يكون موجوداً في المجلس - ؛ فهذا السماع حرام حينئذٍ على
كل من سمعه بعينه بحقه هو في نفسه باعتبار قصده هو ونيته ؛ لأنه داعٍ في حقه
إلى الوقوع ". ثم قال:

"هذا مقدار ما يحرم من سماع الآلات المطربة والنغمات الطيبة ؛ لما يترتب
على ذلك من الوقوع في المحرمات العينية، لا لعين ذلك السماع في نفسه.

وأما المباح في ذلك فهو إذا كان المجلس خالياً من الخمر والزنى واللواط، والمس
بشهوة، والتقبيل والنظر بشهوة لغير الزوجة والأمة، وكان لذلك السامع قصد حسن
ونية صالحة وباطن نظيف طاهر من الهجوم على الشهوات المحرمة - كشهوة الزنى أو
اللواط أو شرب الخمر أو شيء من المسكرات أو المخدرات -، وكان قادراً على ضبط
قلبه وحفظ خاطره، من أن يخطر فيه شيء مما حرمه الله عليه، واذا خطر ؛ يقدر
على دفعه من قلبه، وغسل خاطره منه في الحال، ولا يضره تكرر وقوع ذلك في
القلب بعد أن يكون مراقباً للامتناع من قبوله ؛ فإنه يجوز له أن يسمع هذا السماع
المذكور حينئذ بأنواعه كلها، ولا يحرم عليه شيء من ذلك، ولا يكره له ما دام
موصوفاً بما ذكرناه ؛ لأنه طاهر نظيف حينئذ في ظاهره وباطنه، فلا يوقعه السماع
المذكورفي شيء مما نهى الله تعالى عنه ؛ فهو مباح له، وان لم يكن من أهل المعرفة
بالله تعالى وبتجلياته، بأن كان عامياً جاهلاً غافلاً، أو كان عالماً. محجوباً بعلمه عن
شهود معلومه.

وأما إذا كان من أهل المعرفة والشهود - فلا تخلو الأرض منهم في كل زمان
ومكان إلى يوم القيامة، وإن أنكرته أهل الغفلة ؛ لانطماس البصائر وفقد اليقين - ؛
من القلوب - فيصير السماع المذكور حينئذ في حقه مستحباً، مندوباً إليه يثاب

(14/1017)


@@@ 1018
عليه، لاستفادته منه الحقائق الإلهية، والمعارف الربانية، وفهمه به للمعاني
التوحيدية، والإشارات الربانية ".

قلت: وهو شديد التحريف لنصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف، والفقهاء
القائلين بتحريم آلات الطرب ؛ دون التفصيل الذي ذهب إليه، وهو فيه مقلد للشيخ
محمد الغزالي، وقد رد عليه العلماء رداً قضوا على هذه الضلالة، كما تراه مبسوطاً
في كتابي المسمى بـ" تحريم آلات الطرب" أو " الرد بالوحيين وأقوال أئمتنا على
ابن حزم ومقلديه المبيحين للمعازف والغنا وعلى الصوفيين الذين اتخذوه قربة وديناً "
(ص 158 - 178).

ولقد اغتر بهذه الرسالة - وما فيها من تحريف النصوص - كثير من مشايخ
الطرق وغيرهم ؛ الذين يضربون على الدفوف، وربما على الناي في حلقات ذكرهم ؛
بل لقد كان منهم الشيخ محمد الغزالي المعاصر الذي توفي قريباً ؛ فإنه كان يستمع
لأغاني (أم كلثوم) و (فيروز)، لكن بنية حسنة - كما بينت ذلك في كتابي
المذكور (ص 177 - 178) -!

ومثله ذلك الطالب الذي كنت ذكرت قصته في المصدر المذكور آنفاً (ص
176 - 177) وخلاصتها أنه كان يستمع إلى أغاني (أم كلثوم) وهو يسبح الله
تعالى! (زعم)، فلما أنكرت عليه جمعه بين التسبيح المشروع والاستماع للغناء
الممنوع عند الفقهاء ؛ أجاب بأنه:
"يتذكر غناء الحور العين"!!

ولقد ساءني جداً أن أحدَ من اشتهر في هذه الأيام أنه من خطباء السلفيين
في دمشق - وهو المدعو: (أحمد راتب حموش) - قام بتحقيق كتاب النابلسي

(14/1018)


@@@ 1019
هذا، وليس فيه شيء من التحقيق سوى النقل ؛ بل مر على كل تحريفات المؤلف
ودعاويه الباطلة، وتحقيره للفقهاء المخالفين لهواه، فيكثر من وصفهم بـ "الفقهاء
الجهلة " ؛ في الوقت الذي كتم النقول الصحيحة عن الأئمة في تحريم آلات الطرب
إلا الدف، - كما تراه مفصلاً في كتابي المشار إليه آنفاً -، فقال (حموش) في آخر
مقدمته لكتاب النابلسي (ص 12):

" وسواء اتفقنا مع المؤلف في الرأي أم خالفناه ؛ فإن في عرضه الوافي للحجج
والأدلة والبراهين ما ينير لنا السبيل، ويجعل كلاً منا يعتمد رأياً يعتقده، ويميز فيه
بين الغث والسمين "!

وهذا كلام هش.. إنما هو غثاء كغثاء السيل، لا غَناء فيه ؛ فمن الذي يستطيع
أن يميز بين الحجج الواهية والأدلة القوية ليتبين بها السبيل، ولا أعتقد أن سلفياً
- مهما كانت سويته العلمية منحطة - يسمح لنفسه أن يميع الحق الجلي الواضح
بمثل هذه العبارة، وظني أن كاتبها إنما علق على هذا الكتاب قبل أن يتعرف على
الدعوة السلفية، وإلا ؛ كيف يقبل هذا الكاتب من المؤلف تحقيره للفقهاء - كما
سبقت الإشارة إليه - ؟! وفيهم إبراهيم بن محمد الحنفي المتوفي سنة 956 هـ، وهو
من كبار محققي علماء الحنفية، ومن كتبه " الرهص والوقص لمستحل الرقص "،
ولا بد أن الشيخ النابلسي الحنفي (!) كاذ قد وقف على هذا الكتاب ؛ لأنه كان
متقدماً على النابلسي بأكثر من قرن - كما يتبين ذلك من تاريخ وفاتيهما -،
و"الرهص " هذا في الحقيقة من أحسن ما ألف في الرد على هؤلاء الصوفية
الأَكلة الرَّقصَة من عالم فاضل مشهور بمؤلفاته، ومنها كتابه " منية المصلي " وهو من
أحسن كتب الحنفية المختصرة ؛ لأنه يذكر فيه أدلة المسائل من الكتاب والسنة، فهو
في هذا مثل " منار السبيل " في كتب الحنابلة الذي كنت خرجت أحاديثه قديماً

(14/1019)


@@@ 1020
في كتابي المشهور " إرواء الغليل ".

أمليته على ابني (عبد المصور) - وهذا خطه - ضحوة يوم السبت السابع من
ذي الحجة سنة ألف وأربع مئة وثمانية عشرة، وأنا لا أزال شاكياً من مرضي الذي
كان قد ابتلاني الله به في شهر رمضان المبارك، وإن كنت أشعر بأني أحسن حالاً
من ذي قبل، وأرجو من الله المزيد من الصحة والعافية، إنه خير مسؤول.

6937 - (دخل عمر رضي الله تعالى عنه على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده
جوارٍ يَضرِبْن بالدُّفوف، فأسكتهنّ لدخوله قائلاً: هو لا يحب الباطل).
باطل لا أول له.
هذا من الأحاديث المنكرة التي ذكرها الشيخ النابلسي في
كتابه السابق الذكر مقلّداً فيه لغيره من شيوخ الصوفية ؛ مستدلاً به على إباحة
آلات الطرب على اختلاف ألوانها ؛ - كما تقدم بيانه -. انظر " إيضاح الدلالات"
(ص 56).
وإنما روي مدحه عليه السلام المذكور لعمر في قصة أخرى ؛ حينما أنشد
الأسود بن سريع النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً من الشعر، ودخل عليه
عمر ؛ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأسود:
" اسكُتْ "، فعل ذلك ثلاث مرات. فقال الأسود: مَن هذا الذي سكَّتني له ؟
قال:
" هذا رجل لا يحب الباطل ؛ هذا عمر بن الخطاب ".
رواه جمع بإسنادين عن الأسود بن سريع يقوِّي أحدهما الآخر، وهو مخرَّج في
"الصحيحة " (3179).

(14/1020)


@@@ 1021
6938 - ( من طلب دماً أو خبلاً - والخبل : الجرح - فهو بالخيار من
ثلاث خلال ، فإن أراد الرابعة ؛ أخذ على يديه - أو قال : فوق يديه - :
بين أن يقتص ، أو يعفو ، أو يأخذ العَقْل ، فإن أخذ منهم واحداً ، ثم
اعتدى بعد ذلك فله النار ، خالداً فيها مخلداً ).

منكر.
أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (10/ 86 - 87/18454)، عن
إبراهيم بن محمد عن الحارث بن الفضيل عن [سفيان بن] أبي العوجاء
السلمي عن أبي شريح الخزاعي مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد منكر ضعيف جداً ؛ (إبراهيم بن محمد) هذا - هو: ابن
أبي يحيى المدني، وهو -: متروك، وقد كذبه بعضهم، على أن فوقه سفيان بن أبي
العوجاء، وهو ضعيف، معروف الضعف.
وقد رواه جمع من أصحاب " السنن " وغيرهم من طريق محمد بن إسحاق
عن الحارث بن فضيل به.

وقد يبدو لبعضهم أن محمد بن إسحاق متابع لإبراهيم بن محمد بن أبي
يحيى، وليس كذلك ؛ فإن محمد بن إسحاق مشهور بالتدليس، وقد عنعنه في
رواية الجماعة عنه ؛ فيحتمل أنه تلقاه عنه.

فإن قيل: قد أخرجه ابن جرير في " تهذيب الآثار " (مسند عبد الله بن
عباس) (1/ 30/ 37) فقال:
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآمُلي قال: حدثنا جرير، وحدثنا ابن بشار
قال: حدثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق قال: حدثني الحارث بن
الفضيل به.

(14/1021)


@@@ 1022
قلت: وهذا إسناد منكر ؛ تفرد به (عمرو بن عبد الحميد الآمُلي) شيخ ابن
جرير الطبري عن شيخيه المذكورين ؛ جرير - وهو: ابن عبدالحميد - وابن بشار
- وهو: محمد، وهو: العبدي أبو بكر، الملقب ب: بندار -.
والآملي هذا: مجهول العين، لم نجد له ترجمة في شيء من كتب الرجال
التي عندي، حتى ولا في " ثقات ابن حبان "! فالتحديث منه منكرة مرفوضة.

وان مما يؤكد ذلك أن (ابن ماجه) - من الجماعة المشار إليهم آنفاً - قد أخرجه
عن شيخيه أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة قالا: حدثنا جرير و عبد الرحيم بن
سليمان جميعاً عن محمد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل به.

فهذا هو المحفوظ عن ابن إسحاق.. إنما هو معنعن من رواية جرير وعبد الرحيم
ابن سليمان وغيرهما من الثقات - كما كنت أشرت إلى ذلك في تخريج الحديث
في " الإرواء لم) (7/ 278) -.

وان مما يزيد في نكارة الحديث أنه قد صح من طريق سعيد بن أبي سعيد
المقبري عن أيي شريح الكعبي الحديث مختصراً بلفظ:
" إما أن يقتلوا أو يأخذوا العقل ".
رواه الشيخان وغيرهما هكذا، لم يزد فيه الخلة الثالثة، ولا ما بعدها من الأخذ
على يديه والحكم عليه بالخلود بالنار.
وهو مخرج أيضاً في " الإرواء " ورقمه! 2225).

وإن من العجائب حقاً أن الأستاذ محمود محمد شاكر في تعليقه على " تهذيب
الأتار " لم يتعرض لذكر ترحمة (الآمُلي) هذا مطلقاً، وانما اقتصر على إعلال

(14/1022)


@@@ 1023
الحديث بـ (سفيان بن أبي العوجاء السلمي): روى له أبو داود وابن ماجه حديثاً
واحداً في (القصاص) - وهو هذا -، قال أبو حاتم:
" ليس بالمشهور "، وقال الذهبي:
"حديثه منكر ". وذكره ابن حبان في " الثقات ".

وأعجب من ذلك كله أنه لم يتنبه للنكارة التي أشرنا إليها في متنه ؛ المخالفة
لرواية الشيخين، وقد عزاه هو تحت رقم (33) للبخاري.

(تنبيه): قلت: (سفيان بن أبي العوجاء السلمي).. هكذا جاء في طرق
الحديث مسمى بـ (سافيان)، وقد سقط اسمه من مطبوعة " المصنف " تحقيق
الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، ومن دقته في التخريج والتحقيق قال في التعليق
(10/ 87):
" أخرجه " هق " من طريق ابن إسحاق عن الحارث بن الفضل. (وفي نسخة
الفضيل)52:8 "!

كذا قال، والظاهر أنه لم يتيسر له المراجعة ؛ الأمر الذي يجعلني أشك في أن
هذه التعليقات من بحثه وقلمه ؛ لبعدها عن التحقيق الذي نسب إليه في طرة
الكتاب، وإنما هي على الغالب من بعض تلامذته - كما يفعل ذلك بعض
معاصرينا -، نقول هذا من باب (غلبة الظن الحسن بالمسلم)، والله سبحانه
وتعالى أعلم.

6939 - ( لو جاءونا من ها هنا ؛ لذهبنا من ها هنا ).

لا أصل له.
قال ابن كثير في " السيرة النبوية " (2/ 243):

(14/1023)


@@@ 1024
" وقد ذكر بعض أهل السير: أن أبا بكر " قال ذلك - يعني: قوله رضي الله
عنه وهما في الغار: " لو أن أحدهم نظر إلى قدميه ؛ لأبصرنا " - ؛ قال
النبي صلى الله عليه وسلم:... فذكر الحديث.
فنظر الصديق إلى الغار قد انفرج من الجانب الآخر، وإذا البحر قد اتصل به،
وسفينة مشدودة إلى جانبه ".

قال ابن كثير: " وهذا ليس بمنكر من حيث القدرة العظيمة، ولكن لم يرد
ذلك بإسناد قوي ولا ضعيف، ولسنا نثبت شيئاً من تلقاء أنفسنا، ولكن ما صح أو
حسن سنده ؛ قلنا به. والله أعلم ".

6940 - (حُبِّبَ إلى كلِّ امرئٍ شيء ، وحُبِّبَ إليَّ النساء والطِّيبُ،
وجعلت قرة عيني في الصَّلاة ).

لا أصل له بالزيادة التي في أوله: "حبب إلى كل امرئ شيء " . ولعل
الحافظ أشار إلى ذلك في " تسديد القوس بترتيب الفردوس " (ق 116/ 2) دون
الزيادة المذكورة، وقال:
" رواه أحمد والنسائي عن أنس، وفي الباب عن علي وأبي هريرة ".
وهو مخرج عندي في " الروض النضير " (1/ 46/ 53) ولا المشكاة " (3/
5261).

قلت: ولم أره في " الغرائب الملتقطة " من " مسند الفردوس " ؛ لا بلفظ
الترجمة ولا بدون الزيادة، ورأيت الحافظ السخاوي قد أطال الكلام في تخريج
الحديث المختصر، ثم قال (180/ 380):

(14/1024)


@@@ 1025
" وقد عزاه الديلمي بلفظ: " حبب إليّ كل شيء! وحبب إليّ النساء... "
إلخ. للنسائي وغيره، مما لم أره كذلك فيها. وكذا أفاد ابن القيم أن أحمد رواه في
" الزهد " بزيادة لطيفة وهي: (أصبر عن الطعام والشراب، ولا أصبر عنهن) ".
قلت: ما عزاه لابن القيم هو في " زاد المعاد " (3/ 196)، وقد مر عليه
المعلقان على طبعة المؤسسة منه (4/ 250) مر الكرام، ولم يعلقا عليه بشيء.
وقد مررت على " كتاب الزهد " من أجل هذه الزيادة الغريبة من أوله إلى
آخره ؛ فلم أجد له أثراً، لكن لعلها في بعض النسخ التي وقعت لابن القيم رحمه
الله، فإن النسخة المطبوعة في أم القرى أصلها فيها خرم، وبياض وتشويش كثير.
والله أعلم .

وقد رأيت في " شرح الإحياء " للزبيدي أنه قال - بعد أن نقل عن ابن القيم
قوله المتقدم -:
" وقال كذلك الزركشي، وقد تعقبه السيوطي بقوله: أنه مر على " كتاب
الزهد " مراراً فلم يجده ؛ لكن فى " زوائده " لابن أحمد عن أنس مرفوعاً: "قرة
عيني في الصلاة، وحبب إلين النساء والطيب. الجائع يشبع، والظمأن يروى، وأنا
لا أشبع من حب الصلاة والنساء ". فلعله أراد هذا الطريق . اهـ.

قلت: وهذا قد رواه الديلمي كذلك. والله أعلم ".
قلت: إنما روى الديلمي في " الفردوس " الشطر الثاني منه فقط (2/ 119/
2622)، ولم أره أيضاً في " الغرائب الملتقطة ".
وهنا تنبيهات على أمور:

(14/1025)


@@@ 1026
الأول: تقدم عن السخاوي عزو الحديث بلفظ: "حبب إليّ كل شيء "،
هكذا وقع فيه دون ذكر لفظة (امرئ)، وكذلك نقله العلامة الزبيدي في " شرح
الإحياء" (5/ 311) وما أظن إلا أن الصواب ما في حديث الترجمة ؛ لأنه
المناسب للسياق.

الثاني: قال الزبيدي عقب ما ذكرت آنفاً:
" الرابع: رَمَزَ في " جامعه " (حم) ؛ يقتضي أن أحمد روأه في " مسنده "،
وصرح بذلك أيضاً السخاوي - كما ذكرناه -، قال المناوي: وهو باطل ؛ فإنه لم
يخرجه فيه، وإنما خرجه في "كتاب الزهد" ؛ فعزوه إلى " المسند " سبق ذهن أو
قلم. قال: وقد نبه عليه السيوطي بنفسه في (حاشية البيضاوي) ".
وأقول: بل الباطل قول المناوي ؛ فقد أخرجه في "مسنده " - دون الزيادة طبعاً - ؛
كما هو في "الجامع " في ثلاثة مواضع منه عن ثلاثة من شيوخه في المجلد الثالث
(ص 128، 199، 285).

الثالث: اشتهر على الألسنة زيادة لفظ: (ثلاث)، وقد نبه العلماء على أنها
مفسدة للمعنى ؛ لأن الصلاة ليست من أمور الدنيا - كما هو الشأن في (الطيب
والنساء) -، وقد بينت ذلك في المصدرين المتقدمين: "الروض " و" المشكاة ".
ثم رأيت هذ الزيادة قد وقعت في " الجامع الكبيرة للسيوطي (2/ 499 -
المصورة)، وأظنها سبق قلم من الناسخ. والله أعلم.

6941 - (ليس للعبد من صلاته إلا ما عَقَلَ منها).

لا أصل له مرفوعاً.
وأنما صح موقوفاً عن بعض السلف ؛ - كما يأتي - وإنما

(14/1026)


@@@ 1027
ذكره مرفوعاً الغزألي في "الإحياء" (1/ 159)، فقال الحافظ العراقي في
تخريجه إياه:
"لم أجده مرفوعاً ".
وكذلك أورده العلامة تاج الدين السبكي في فصل فيه جميع ما وقع في
كتاب " الإحياء " [من الأحاديث] التي لم يجد لها إسناداً من كتابه "طبقات
الشافعية الكبرى " (4/ 147).
قلت: وانما رواه أبو نعيم في "الحلية " (7/ 61) بإسناد صحيح عن قاسم
الجرمي: سمعت سفيان الثوري يقول:
"يكتب للرجل من صلاته ما عقل منها ".

وقد روي مرسلاً بنحوه بآخر حديث أخرجه ابن نصر في " كتاب الصلاة "
بسند ضعيف عن عثمان بن أبي دهرش مرسلاً مرفوعاً، وقد سبق تخريجه برقم
(5050).
وإن من الغراثب أن أحد الكتاب المعاصرين كتب بحثاً مطولاً في مجلة "الحكمة "
(15/ 253 - 291) قال فيه (ص 258):
" ومما يدل على وجوبه وفرضيته قوله عليه الصلاة والسلام:
(ليس للرجل إلا ما عقل من صلاته) ".
فقال هو أو غيره في التعليق عليه:
" أخرجه أحمد ".

(14/1027)


@@@ 1028
قلت: وهذا افتئات على الإمام أحمد ؛ فإنه لم يخرجه لا هو ولا غيره.
ونحو هذا الحديث ما يأتي بعده:

6942 - ( لا صلاة لمن لا يتخشَّعْ في صلاته).
موضوع.
أخرجه الديلمي في" مسنده " (3/ 202 - الغرائب الملتقطة) من
طريق النضر بن سلمة: حدثنا ابن أبي أويس عن طلحة بن محمد بن سعيد بن
المسيب عن أبيه عن جده مرفوعاً.
قلت: آفته النضر بن سلمة - وهو: الملقب بـ (شاذان المروزي) -: قال الذهبي
في " الميزان":
، قال أبو حاتم: كان يفتعل الحديث. وقال ابن عدي: كان مقيماً بمدينة
الرسول عليه السلام، يكنى: أبا محمد.
سئل عباس بن عبد العظيم عنه ؛ فأشار إلى فمه! وسمعت عبدان يقول:
قلت لعبد الرحمن بن خراش: هذه الأحاديث التي يحدث بها غلام خليل من
حديث المدينة من أين له ؟ قال: سرقها من عبد الله بن شبيب، وسرقها ابن
شبيب من شاذان، ووضعه شاذان، واسمه: النضر بن سلمة ".

وطلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب ؛ قال أبو حاتم:
" لا أعرفه ".
والحديث مما أورده العلامة الزبيدي في " شرح الإحياء " (3/ 112) من
رواية الديلمي ساكتاً عنه! وكذلك فعل في الحديث الآتي بعده.

(14/1028)


ً@@@ 1029
وهذه غفلة كبيرة منه، أو قلة اهتمام في رواية الحديث عن النبي عليه الصلاة
والسلام، وزاد على ذلك - ضغثاً على إبالة - أنه صدرهما بقوله:
" قلت: ومن أدلة اشتراط الخشوع في الصلاة ما رواه الديلمي... " الخ !!

6943 - ( لا صلاة لمن لا يُطيعُ الصلاة، وطاعة الصلاة ؛ أن تنهى عن
الفحشاء والمنكر).

موضوع.
أخرجه الديلمي في " مسنده " (3/ 203 - الغرائب الملتقطة) من
طريق محمد بن مقاتل: أخبرنا علي بن هاشم بن البريد: حدثنا جويبر عن ابن
مسعود رفعه.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات ؛ غير جويبر - وهو: ابن سعيد البلخي المفسر،
- صاحب الضحاك، وهو -: متروك الحديث - ؛ كما قال النسائي والدارقطني - ؛ فهو
الأفة.
ثم إنه لم يدرك ابن مسعود ؛ فهو منقطع.
ومحمد بن مقاتل هو: المررزي البغدادي من شيوخ البخاري وغيره من
الحفاظ.
وهذا الحديث مما سكت عنه العلامة الزبيدي - كالذي قبله -! فراجعه.

6944 - ( لو أن امرءاً كان أقوم من قدح ؛ لكان له من الناس غامزٌ ).
منكر.
أخرجه أبو الشيخ ابن حيان في " كتاب الأمثال " (119/ 200)
قال: حدثنا نوح بن منصور: ثنا محمد بن معقل - بحلب -: ثنا وكيع عن ثور بن

(14/1029)


@@@ 1030
يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعاً به، وأوله:
" استعينوا على طلب حوائجكم بكتمانها ؛ فإن لكل نعمة حسدة، ولو
أن... " الحديث.
قلت: وهذا اسناد رجاله من (وكيع) فما فوق ثقات ؛ على انقطاع بين خالد
ابن معدان ومعاذ.
ومحمد بن معقل: لم أعرفه، ولم يذكره الحافظ ابن عساكر في "تاريخ
دمشق "، ويُحتمل أن يكون اسم (معقل).. محرف من: (مقاتل) ؛ فقد ذكروه
في ترجمة (وكيع بن الجراح) في الرواة عنه، وئحتمل أن يكون هو الراوي هنا،
لكن يعكر عليه أنهم لم يذكروا في ترجمته أنه سكن (حلب)، وانما ذكروا أنه
سكن بغداد، وانتقل بأَخَرَة إلى مكة ؛ فجاور بها حتى مات.

وأما نوح بن منصور ؛ فقد ذكره أبو الشيخ في " طبقات الأصبهانيين "، وكناه
بأبي مسلم، وقال:
"كان عنده كتب الشافعي، وعن المصريين عن يونس والربيع، وعن العراقيين،
خرج الى شيراز وتوفي بها سنة خمس وتسعين ومئتين".

وكذا في " أخبار أصبهان" لأبي نعيم (2/ 332)، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا
تعديلاً ؛ فيحتمل أن يكون هو علة هذه الزيادة - إن سلم من شيخه محمد بن معقل
الحلبي -، وقد عزاه الحافظ السخاوي في "المقاصد الحسنة" للعسكري، بسند
ضعيف عن وكيع به ؛ فتمنيت أن لو ذكر إسناده إلى وكيع للنظر، هل هو عين
إسناد أبي الشيخ أم هو غيره

(14/1030)


@@@ 1031
وإنما خصصت الكلام هنا على هذه الزيادة لغرابتها أولاً، ولمخالفتها لطرق
الطرف الأول من الحديث: "استعينوا..." ؛ لأن هذا روي من طرق أخرى عن
معاذ دون هذه الزيادة، وله شواهد من حديث أبي هريرة وعلي وابن عباس،
وغيرهم، وإسناد أبي هريرة حسن في نقدي، وقد خرجت ذلك كله في " الصحيحة "
(1453). والله سبحانه وتعالى أعلم.

6945 - ( بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ ، فَإِذَا زُمْرَةٌ ، حَتَّى إِذَا عَرَفَتْهُمْ ؛ خَرَجَ رَجُل مِنْ
بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ : هَلُمَّ . فَقُلْت : إِلَى أَيْنَ ؟ قَالَ : إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ ! قُلْتُ :
وَمَا شَأْنُهُمْ ؟ قَالَ : إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى .
ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ ؛ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ :
هَلُمَّ . قُلْتُ : أَيْنَ ؟ قَالَ : إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ ! قُلْتُ : مَا شَأْنُهُمْ ؟ قَالَ: إِنَّهُمُ
ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى ؛ فَلاَ أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلاَّ مِثْلُ هَمَلِ
النَّعَمِ ).

شاذ ؛ بل منكر.
أخرجه البخاري (6587 - فتح) من طريق محمد بن
فليح: حدثنا أبي قال: حدثني هلال عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد غريب، تفرد به البخاري دون مسلم وسائر أصحاب
الصحيح، وعلته عندي في إسناده ومتنه.
أما الإسناد ؛ ففيه فليح بن سليمان - كما ترى - ؛ وهو كما قال الحافظ نفسه
في " التقريب ":
"صدوق كثير الخطأ ".

(14/1031)


@@@ 1032
وقريب منه ابنه محمد بن فليح: قال الحافظ أيضاً:
" صدوق يهم ".
وقال في ترجمته في مقدمة " الفتح " (441 - 442) - بعد أن ذكر الخلاف
فيه -:
"قلت: أخرج له البخاري نسخة من روايته عن أبيه عن هلال بن علي عن
عطاء بن يسار عن أبي هريرة، وبعضها عن هلال عن أنس بن مالك، توبع على
أكثرها عنده ".

وقال في ترجمة (فُليح) - بعد أن حكى الخلاف فيه أيضاً -:
" قلت: لم يعتمد عليه البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما،
وانما أخرج له أحاديث أكثرها في المناقب، وبعضها في الرقاق. وروى له مسلم
حديثاً واحداً وهو حديث الإفك ". وقال الذهبي في " الكاشف "، وفي " الضعفاء ":
" قال ابن معين وأبو حاتم والنسائي: ليس بالقوي".

ومما تقدم تعلم تساهل الحافظ في " الفتح " (11/ 474) بعد الحديث:
" ورجال سنده كلهم مدنيون، وقد ضاق مَخْرجه على الإسماعيلي، وأبي
نعيم وسائر من استخرج على " الصحيح " ؛ فأخرجوه من عدة طرق عن البخاري
عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن أبيه ".
قلت: ووجه التساهل واضح - بعد أن عرفت تضعيفه للوالد والولد، وخصوصاً
الأول منهما - ؛ فلا جرم أن أَعْرَضنَ عن تخريجه أصحاب الصحاح الآخرون ؛
كمسلم وأبي عوانة، وابن حبان وغيرهم .

(14/1032)


@@@ 1033
هذا ما يتعلق بالإسناد، وهو كما ترى ضعفاً ووهناً.
وأما ما يتعلق بالمتن: ففيه مخالفة لأحاديث الحوض الكثيرة جداً، وهي قد
جاوزت الثلاثين حديثاً أو قريباً من ذلك عند البخاري وغيره ممن استوعبها
- كالحافظ ابن أبي عاصم في الجزء الثاني من " كتاب السنة"، والبيهقي في " كتاب
البعث والنشور " (88 - 110) -، ويمكن حصر المخالفة فيما يأتي:

أولاً: قوله: " بينا أنا نائم ". فجعل القصة رؤيا منامية، والأحاديث كلها
خالية عن هذه الزيادة المنكرة، ومن غرائب الحافظ ابن حجر أنه تأولها ؛ فقال (11/
474):
"(بينا أنا نائم) ؛ كذا بالنون للأكثر، وللكشميهيني! "قائم ".. بالقاف،
وهو أوْجَه، والمراد به: قيامه على الحوض يوم القيامة، ووُجِّه الأول بأنه رأى في
المنام في الدنيا ما سيقع له في الآخرة ".

قلت: هذا تأويل، والتأويل فرع التصحيح - كما يقول العلماء -، ولا بأس بمثله
لو كان الراوي له ثقة جبلاً في الحفظ، وهيهات هيهات.
ولو أننا سلمنا جدلاً بصحة هذا التأويل ؛ فيرد عليه الوجوه التالية:
ثانياً: قوله: "خرج رجل من بيني وبينهم - مرتين -، منكر أشد الإنكار
روايةً ومعنى ؛ أما الرواية: فلأنه مخالف لكل أحاديث الحوض عن أبي هريرة
وغيره، وهي على ثلاث روايات بعد قوله عليه السلام: " فأقول: يارب!
أصحابي. قال: فيقول... "، وفي رواية ثانية: " فيقال "، زاد مسلم في رواية
عن أبي هريرة:

(14/1033)


@@@ 1034
" فيجيبني ملك، فيقول:... ".
وأما من حيث المعنى فواضح ؛ لأن القائل هو: الله، والمبلغ هو: الملَك، وكأن
الحافظ ابن حجر رحمه الله غفل عن هذه الحقائق فقال (11/ 474):
"المراد بالرجل: الملك الموكل بذلك، ولم أقف على اسمه، وهذا من الغرابة
بمكان ؛ فإن الرجل لغة هو: الذكر البالغ من بني آدم، والملائكة لا توصف برجولة
ولا أنوثة".
ثالثاً: أنه جعل الذين ارتدوا القهقرى زمرتين، وهذا ما تفرد به هذا الحديث
المنكر. والله سبحانه وتعالى أعلم.

(تنبيه): أورد الحافظ المنذري حديث الترجمة في آخر كتابه " الترغيب
والترهيب " بلفظ: " قائم ".. وكأنه رآه الأوجه من لفظة: "نائم"، أو أنه اعتمد
رواية (الكشميهيني) المتقدمة في كلام الحافظ ؛ لكنه وهم فقال:
" رواه البخاري ومسلم، ولمسلم قال: " ترد عليَّ أمتي الحوض... " الحديث
الذي فيه جملة الملك ".
فوهم في نسبة رواية البخاري لمسلم، وإنما هي من أفراد البخاري! فاقتضى
التنبيه!

والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " (2/ 462) من رواية البخاري
فقط باللفظ الأول: "نائم ".
وكنت أوردته في " صحيح الجامع الصغير وزيادته" اعتماداً مني على تخريج
البخاري إياه، أما وقد حصحص الحق، وتبين الصواب ؛ فرأيت أن أحرر هذا

(14/1034)


@@@ 1035
البحث نصحاً للأمة، ورجوعاً إلى الحق الذي أمرنا بالخضوع له ؛ ولذلك فإني
أشرت في نسختي من " صحيح الجامع" إلى وجوب نقله إلى " ضعيف الجامع ".

6946 - ( مَرَّ نبيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى قُبُورِ نِسَاءٍ مِنْ
بَنِي النَّجَّارِ هَلَكُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَسَمِعَهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي الْقُبُورِ فِي النَّمِيمَةِ ).
منكر بذكر: (النساء) و: (النميمة).
أخرجه الطبراني في " المعجم
الأوسط " (5/ 44/ 4628) بإسناده الثابت عن ابن لهيعة عن أسامة بن زيد
عن أبي الزبير عن جابر قال:... فذكره، وقال:
" لم يرو هذا الحديث عن أسامة بن زيد إلا ابن لهيعة" .

قلت: وهو ضعيف ؛ لسوء حفظه، وقد خلط في هذه القصة ؛ فذكر فيها:
(النساء)، و: (النميمة) ؛ فكأنه اشتبه عليه بحديث ابن عباس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين [ جديدين ] فقال:
"إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير ؛ بلى إنه كبير، أما أحدهما ؛ فكان
يمشي بالنميمة، وأما الآخر ؛ فكان لا يستتر من بوله ".
رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء" (1/ 313 - 314).

قلت: فخلط بين من مات في الإسلام وعذب بالنميمة، وبين من مات في
الشرك والجاهلية، وجعل سبب تعذيبهم إنما هو بسبب النميمة! وهذا من تخاليط
ابن لهيعة العجيبة التي تؤكد ما ترجمه به غير ما واحد من الحفاظ بالضعف وسوء
الحفظ، على تفصيل معروف في ترجمته من كتب الرجال، وبه أعله الهيثمي في

(14/1035)


@@@ 1036
"مجمع الزوائد لا (3/ 55) ؛ لكنه ألان القول فيه، فقال:
"وفي إسناده ابن لهيعة، وفيه كلام "!
على أنه يمكن الحمل على شيخه أسامة بن زيد - إن كان هو: ابن أسلم
العدوي - ؛ فإنه ضعيف أيضاً سن قبل حفظه، لكن يحتمل أن يكون شيخه هذا
هو: أسامة بن زيد الليثي، وهو خير من الذي قبله، وقد فرق بينهما في المرتبة
الحافظ فقال في الأول:
"ضعيف ". وفي هذا:
"صدوق يهم ". ولم يتبين لي أيهما المراد هنا.

ولا مجال لإعلال الحديث بعنعنة أبي الزبير ؛ فقد صرح بالتحديث في رواية
ابن جريج عنه بهذه القصة وأتم منها، وليس فيها التخليط المشار إليه آنفاً، وقد
خرجت حديث ابن جريج في " الصحيحة " (3954).
إذا عرفت هذا ؛ فمن الغرائب والعجائب أن يميل الحافظ أبو موسى المديني إلى
تقوية هذا الحديث وتأويله إياه تأويلاً مستنكراً، مع إشارته إلى إعلاله بابن لهيعة،
فقال الحافظ في" الفتح " (1/ 321):

" قال أبو موسى: هذا - وإن كان ليس بقوي ؛ لكن - معناه صحيح ؛ لأنهما لو
كانا مسلمين ؛ " كان لشفاعته (إلى أن تيبس الجريدتان) معنى، ولكنه لما رآهما
يعذبان ؛ لم يستجز - للطفه وعطفه - حرمانهما من إحسانه ؛ فشفع لهما إلى المدة المذكورة ".
قلت: فحمل أبو موسى هذا الحديث المنكر على حديث ابن عباس المتقدم

(14/1036)


@@@ 1037
الصحيح ؛ فزعم أن القصة واحدة، ومما تقدم تعلم بطلان ذلك.
فالمذكوران في حديث ابن عباس مسلمان ماتا في الإسلام - كما تقدم -،
بخلاف ما في حديث الترجمة ؛ فقد ماتا في الجاهلية، وهم يعذبون على كفرهم،
وإلى ذلك مال الحافظ في " الفتح " ولم يتنبه لهذا التحقيق الأخ الفاضل عبد القدوس
ابن محمد في تعليقه على " مجمع البحرين " (2/ 443)! فلم يفرق بين هذا
الحديث المنكر وبين حديث ابن جريج الصحيح المشار إليه آنفاً برواية أحمد!

ثم رأيت ابن لهيعة قد روى الحديت عن أبي الزبير مثل رواية ابن جريج،
قال: عن أبي الزبير: أنه سأل جابراً عن عذاب القبر ؟ فقال:... فذكره.
أخرجه الشجري في " الأمالي " (2/ 353)، وهو من رواية أبي عبد الرحمن
قال: حدثنا ابن لهيعة ؛ وأبو عبد الرحمن هذا - هو: عبد الله بن يزيد المقرئ
المصري، وهو -: من العبادلة الذين صحح العلماء حديثهم عن ابن لهيعة، فإذا
صح السند إلى أبي عبد الرحمن ؛ فيكون ابن لهيعة قد حدث بالحديث قبل أن
يضطرب حفظه على الصواب، ثم بعد ذلك رواه ؛ وفيه ما عرفت من النكارة. والله
أعلم.

(تنبيه): وقع الحديت في " الفتح " بإسقاط لفظة: (نساء)، وبزيادة لفظة:
(البول) في الجملة الأخيرة ؛ فلا أدري أهو سهو منه أو من أبي موسى المديني
الذي نقله عنه ؟ أم هي رواية وقعت له، ولكنه لم يذكر من خرجها ؟

6947 - ( إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ ؛ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ ).
ضعيف.
أخرجه البخاري (59، 6496)، وأحمد (2/ 361) من طريق

(14/1037)


@@@ 1038
فليح بن سليمان قال: حدثني أبي قال: حدثني هلال بن علي عن عطاء بن يسار
عن أبي هريرة قال:
" بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال: متى
الساعة ؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث.
فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكره ما قال ؛ وقال بعضهم: بل لم يسمع.
حتى قضى حديثه قال:
" أين - أراه - السائل عن الساعة " ؟ قال: ها أنا يا رسول الله! قال:
" فإذا ضيعت الأمانة ؛ فانتظر الساعة ".
قال: كيف إضاعتها ؛ قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، تفرد به البخاري دون بقية الستة وسائر المشاهير،
وعلته: فليح بن سليمان ؛ فإنه - وإن كان صدوقاً ؛ فهو - كثير الخطأ ؛ كما صرح به
أعرف الناس برجال البخاري ؛ ألا وهو الحافظ ابن حجر العسقلاني، وقد تقدّم له
قريباً حديث آخر من أفراد البخاري برقم (6945) ؛ فراجع هناك تمام ما قيل في
ترجمته.

6948 - ( أفضلُ الهجرتين الهِجْرَةَ الْبَاتَّةِ ؛ والهِجْرَةُ الْبَاتَّةِ :أَنْ تَثْبُتَ
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَهِجْرَةُ الْبَادِيَةِ : أَنْ تَرْجِعَ إِلَى بَادِيَتِكَ . وَعَلَيْكَ السَّمْعُ
وَالطَّاعَةُ ، فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ ، وَمَكْرَهِكَ وَمَنْشَطِكَ ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ ).
ضعيف بهذا السياق.
أورده النبهاني في " الفتح الكبير " تبعاً للسيوطي في

(14/1038)


@@@ 1039
"الزيادة على الجامع الصغير" ؛ رامزاً له برواية الطبراني في " المعجم الكبير" عن
وائلة. وقد تصرف بعض الشيء في متنه ؛ ليتطاوع مع طريقته في الكتاب.

أقول هذا ؛ لأنه في " المعجم الكبير ا للطبراني (22/ 80 - 81) من طريق
يَحْيَى بن أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ عَنْ عَمْرِو بن عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ وَاثِلَةَ بن
الأَسْقَعِ قَالَ:
خَرَجْتُ مُهَاجِرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أقبل النَّاسُ مِنْ بَيْنِ خَارِجٍ وَقَائِمٍ ،
فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَى جَالِسًا إِلَّا دَنَا إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ : هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ ؟ وَبَدَأَ
بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ بِالثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثِ، حَتَّى دَنَا إِلَيَّ، فَقَالَ :
"هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ "؟ .
فقُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ :
" وَمَا حَاجَتُكَ ؟ " . قُلْتُ : الْإِسْلَامُ . قَالَ :
" هُوَ خَيْرٌ لَكَ " قَالَ : " وَتُهَاجِرُ ؟ " قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ :
" هِجْرَةَ الْبَادِيَةِ أَوْ هِجْرَةَ الْبَاتَّةِ ؟ " قُلْتُ : أَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟ قَالَ :
"الهِجْرَةُ الْبَاتَّةِ :أَنْ تَثْبُتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَهِجْرَةُ الْبَادِيَةِ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى
بَادِيَتِكَ . وَعَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ ، وَمَكْرَهِكَ وَمَنْشَطِكَ ، وَأَثَرَةٍ
عَلَيْكَ" .
قَالَ : فَبَسَطْتُ يَدِيَ ؛ إِلَيْهِ فَبَايَعْتُهُ وَاسْتَثْنَى لِي حين لَمْ أَسْتَثْنِ لِنَفْسِي :
" فِيمَا اسْتَطَعْتَ " .

(14/1039)


@@@ 1040
قَالَ : وَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَخَرَجْتُ إِلَى أَهْلِي،
فَوَافَقْتُ أَبِي جَالِسًا فِي الشَّمْسِ يَسْتَدْبِرُهَا، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ :
أَصَبَوْتَ ؟ فَقُلْتُ : أَسْلَمْتُ . فَقَالَ : لَعَلَّ اللَّهَ يَجْعَلُ لَكَ وَلَنَا فِيهِ خَيْرًا ، فَرَضِيتُ
بِذَلِكَ مِنْهُ، فَبَيْنَا أَنَا مَعَهُ إِذْ أَتَتْنِي أُخْتِي تُسَلِّمُ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا أُخْتَاهُ! زَوِّدِينِي
زَادَ الْمَرْأَةِ أَخَاهَا غَازِيًا، فَأَتَتْنِي بِعَجِينٍ فِي دَلْوٍ، وَالدَّلْوُ فِي مِزْوَدٍ، فَأَقْبَلْتُ، وَقَدْ خَرَجَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلْتُ أُنَادِي: أَلا مَنْ يَحْمِلُ رَجُلا لَهُ سَهْمُهُ؟ فَنَادَانِي شَيْخٌ مِنَ
الأَنْصَارِ، فَقَالَ: لَنَا سَهْمُهُ عَلَى أَنْ نَحْمِلَهُ عُقْبَهً وَطَعَامَهُ مَعَنَا. فَقُلْتُ: نَعَمْ؛ سِرْ عَلَى
بَرَكَةِ اللَّهِ، فَخَرَجْتُ مَعَ خَيْرِ صَاحِبٍ لِي، زَادَنِي حِمْلانًا عَلَى مَا شَارَطْتَ،
وَخَصَّنِي بِطَعَامٍ سِوَى مَا أَطْعَم مَعَهُ، حَتَّى أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا؛ فَأَصَابَنِي قَلائِصَ
فَسُقْتُهُنَّ حَتَّى أَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي خبائهِ، فَدَعَوْتُهُ فَخَرَجَ فَقَعَدَ عَلَى حَقِيبَةٍ مِنْ حَقَائِبِ
إِبِلِهِ، ثُمَّ قَالَ: سُقْهُنَّ مُدْبِرَاتٍ فَسُقْتُهُنَّ مُدْبِرَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: سُقْهُنَّ مُقْبِلاتٍ.
فَسُقْتُهُنَّ مُقْبِلاتٍ، فَقَالَ: مَا أَرَى قَلائِصَكَ إِلا كِرَامًا، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّمَا هِيَ
غَنِيمَتُكَ الَّتِي شَرَطْتُ لَكَ، فَقَالَ: خُذْ قَلائِصَكَ يَا ابْنَ أَخِي! فَغَيْرَ سَهْمِكَ أَرَدْنَا .

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات ؛ غير عمرو بن عبد الله الحضرمي،
ففيه جهالة ؛ قال الذهبي في " الميزان ":
" لا يعرف، ما روى عنه سوى يحيى بن أبي عمرو ". وأقره الحافظ ؛ ولهذا
قال في " التقريب ":
" مقبول ". يعني: عند المتابعة، وإلا ؛ فهو: لين الحديث - كما نص عليه في
" المقدمة " -.
ولم يوثقه غير العجلي، وابن حبان - كما في " تيسير الانتفاع " -.

(14/1040)


@@@ 1041
ولم نجد ما نشد به من عضد هذا الحديث، إلا قوله:
" عليك السمع والطاعة " ؛ فإنه حديث صحيح، وتراه في "صحيح الجامع ".

6949 - ( إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي شَنَّةٍ ، [فاسْقنا]،
وَإِلَّا؛ كَرَعْنَا ).
ضعيف.
أخرجه البخاري (5613، 5621)، وأبو داود (3724)، والدارمي
(2/120)، وابن ماجه (3432)، وابن حبان (5290)، وابن أبي شيبة (8/
228/ 4268)، وأحمد (3/ 328، 343، 344، 355) ؛ كلهم من طريق فليح
ابن سليمان عن سعيد بن الحارث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأنصار، ومعه صاحب له، فقال له
النبي صلى الله عليه وسلم:... فذكر الحديث، قال: والرجل يحول الماء في حاثطه، قال: فقال
الرجل: يا رسول الله! عندي ماء بائت. فانطلق إلى العريش. قال: فانطلق بهما
فسكب في قدح، ثم حلب عليه من داجن له، قال: فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم
شرب الرجل الذي معه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وسياق غريب (بذكر الكراع فيه)، وعلته: فليح
ابن سليمان ؛ فإنه سين الحفظ ؛ ولذلك ضعفه الحافظ كما تقدم مراراً، وقرنه ابن
حزم في الضعيف بـ "ليث بن [ أبي ] سليم)، فقد ذكر في "المحلى" (7/ 521/
1109) قال: " مساءلة: والكرع مباح ؛ وهو: أن يشرب بفمه من النهر، أو العين،
أو الساقية ؛ إذ لم يصح فيه نهي ".
ثم ذكر هذا الحديث مختصراً مع حديث ليث عن سعيد بن عامر عن ابن عمر

(14/1041)


@@@ 1042
مرفوعاً:
" لا تكرعوا، ولكن اغسلوا أيديكم، فاشربوا فيها ؛ فإنه ليس من اناء أطيب
من اليد (1). وعقب عليه بقوله:
"فليح، وليث متقاربان، فإذا لم يصح نهي ولا أمر ؛ فكل شيء مباح... ".

6950 - ( أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ ؟ فَقَالَ لَهُ :
أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ ؟ قَالَ: بَلَى؛ وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ. قَالَ فَبَذَرَ، فَبَادَرَ
الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ:
دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ! فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ. فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَاللَّهِ! لَا تَجِدُهُ
إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا؛ فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ. فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ).

ضعيف.
أخرجه البخاري (2348، 7519)، وأحمد (2/511)، ومن
طريقه أبو نعيم في "صفة الجنة " (2/ 231/ 399) من حديث فُليح عن هلال
ابن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوماً
يحدث - وعنده من أهل البادية -:... فذكر الحديث.

قلت: وهذا امشاد ضعيف بحديث غريب، علته: (فليح)، وقد سبق الكلام
عليه فيما تقدم أكثر من مرة ؛ آخرها في الحديث الذي قبله، فلم يكن بي من
حاجة لإعادة الكلام عليه ؛ لولا أني رأيت الملقب نفسه بـ (الدكتور) عبد المعطي
قلعجي تعامى عن كلام الجارحين له! فقال في تعليقه على ترجمته في " ضعفاء
العقيلي " (3/ 466):
__________
(1) قلت: وهو مخرج في " الضعيفة " برقم (2845).

(14/1042)


@@@ 1043
" متفق على توثيقه، حديثه في الكتب الستة، مترجم في "التهذيب" (8/
303)...".
يقول هذا ويتعامى عما بين يديه من رواية العقيلي بأسانيد عن ابن معين:
"فليح بن سليمان: ضعيف ".
وليس هذا فقط ؛ بل إنه تعامى عن هذه الرواية وغيرها من روايات أخرى عن
أئمة آخرين في تضعيف الرجل جاءت في " التهذيب " الذي أحال بترجمته
عليه، فكذب على القراء ودلس عليهم، فأوهمهم أنه لا مُضَعٍّفَ والواقع أن
الأكثرين هم الذين ضعفوه، ولو كان منصفاً ؛ لنقل منه - أعني:" التهذيب " -
قول الدارقطني فيه:
" يختلفون فيه، وليس به بأس ".
وهذا من أحسن ما قيل فيه ؛ فإنك لا تجد من صرح بأنه ثقة، على أن الجرح
المفسر مقدم عند أهل العلم ؛ ولذلك لم يسع أعلم الناس بـ (البخاري) إلا أن يلتزم
طريقهم ؛ فقال كما تقدم:
"صدوق كثير الخطأ ".

ولا يفوتني التنبيه أيضاً على أن قول المعلق على " كامل ابن عدي " (6/
30):
"وقيل: عن ابن معين: ضعيف"!
فهذا التمريض جهل أو تجاهل. والله المستعان.

(14/1043)


@@@ 1044
6951 - (إِنَّ لِلتَّوْبَةِ بَابًا، عَرْضُ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ، لا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ:
{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ
كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} ).

منكر جداً بلفظ: " المشرق والمغرب ".
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير"
(8/ 78/ 7383) من طريق عروة بن مروان الرقي عن الربيع بن بدر عن
عاصم عن زر عن صفوان بن عسال قال:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فأنشأ يحدثنا:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ وله علتان:
الأولى: الربيع بدر ؛ فإنه: متروك.
والأخرى: عروة بن مروان الرقي: قال الدارقطني:
" كان أمياً، ليس قوياً في الحديث ! - كما في "اللسان " -.
قلت: ولم يعرفه أبو حاتم ؛ فقال:
" لا أعرفه، مجهول ".
وإنما قلت: إنه منكر بلفظ: "ما بين المشرق والمغرب " ؛ لأنه خلاف
المستفيض من طرق عن عاصم بن أبي النجود بلفظ:
"مسيرة سبعين سنة ".
أخرجها الطبراني (7352، 7353، 7359، 7360، 7361، 7365، 7388).

(14/1044)


@@@ 1045
وبعض هذه الطرق عند الترمذي (3529، 3530)، وابن ماجه (4070)،
وأحمد (4/ 240، 241)، وغيرهم، وقال الترمذي:
"حسن صحيح".
قلت: وإسناده حسن، وقد تابعه (زبيد اليامي) عند الطبراني (7348)،
وسنده حسن.
وتابعه عنده (7395) عيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن زرعة به.
لكن في الطريق إليه (إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة)، وهو متروك.

6952 - (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَكَتَمَ عَلَيْهِ؛ طَهَّرَهُ اللَّهُ مِنْ ذُنُوبِهِ ...).
موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/ 337/ 8078) بسند
صحيح عن معتمر بن سليمان عن أبي عبد الله الشامي عن أبي غالب عن أبي
أمامة رضي الله عنه مرفوعاً.
وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (3/ 21):
" وفيه أبو عبد الله الشامي، روى عن أبي خالد (!)، ولم أجد من ترجمه ".
قلت: يغلب على ظني أنه محمد بن سعيد بن حسان المصلوب في الزندقة،
وقد قلب اسمه كثير من الرواة - وكذلك كنيته - إلى عدد هائل جداً، وبعضهم
يكنيه بهذه الكنية (أبو عبد الله)، ومنهم من يقول: (أبو عبد الرحمن)، ومنهم
من يقول: (أبو قيس الشامي الدمشقي). وهو: كذاب وضاع. انظر " تهذيب
الكمال ".

(14/1045)


@@@ 1046
(تنبيه): ما تقدم نقله عن المجمع من قوله: (أبي خالد).. الظاهر أنه
تحريف من الناسخ. والله أعلم.
وقد كنت ذكرت هذا كشاهد لحديث آخر في "الصحيحة" (2353) بلفظ
قريب من هذا، ولم يتيسرلي يومئذ الكشف عن هوية (أبي عبد الله الشامي)
هذا، ولا تنبهت للفرق الدقيق بين هذا الشاهد والمشهود له. فالحمد لله على توفيقه
وأسأله المزيد من فضله.
وللحديث تتمة أشرت إليها بالنقط لم أستحب ذكرها هنا ؛ لثبوتها في غير ما
حديث، فانظر الرقم المذكور آنفاً من " الصحيحة " و "أحكام الجناثز" (ص 69)،
وراجع لزاماً التعليق على الحديث المشار إليه في "صحيح الترغيب" (3/ 368/
3492).

6953 - (كان إذا دخل المسجد، قال: باسم الله، اللهم! صل على
محمد. وإذا خرج قال: باسم الله، اللهم! صلِّ على محمد).

منكر بذكر: (البسملة).
أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة" (31/
86): حدثني الحسن بن موسى الرسعني: حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي:
حدثنا إبراهيم بن محمد البحتري - شيخ صالح بغدادي - حدثنا عيسى بن
يونس عن معمر عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:... فذكره
مرفوعاً.
قلت: الحسن بن موسى الرسعني: الظاهر أنه الذي في "الأنساب ":
" أبو سعيد الحسن بن موسى بن ناصح بن يزيد الخفاف الرسعني: قدم

(14/1046)


@@@ 1047
بغداد، وحدث بها عن المعافى بن سليمان وسعيد بن عبد الملك الحراني وعقبة بن
مكرم الضبي. روى عنه محمد بن خلف بن حيان - وكيع -، ويحيى بن صاعد
ومحمد بن مخلد وأبو ذر القراطيسي ".

وكذا في " تاريخ بغداد " (7/ 429)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً،
ولكنه ساق له حديثاً منكراً ؛ عن طريق سعيد بن عبد الملك الحراني بإسناد
رجاله ثقات ؛ لكن فيه عنعنة الوليد بن مسلم. والحراني هذا يتكلمون فيه ؛ فلا
يمكن تعصيب التهمة بالرسعني.
وأيضاً ؛ فتخريج الحافظ للحديث يجعلني أشك في كون (الرسعني) هذا هو
صاحب هذا الحديث ؛ ذلك أنه ساقه تحت ترجمة (الحسين بن موسى أبو الطيب
الرقي) المذكورة في " الميزان "، وقال:
" قال أبوأحمد الحاكم: فيه نظر".
فعقب عليه الحافظ في " اللسان " بقوله (2/ 316):
"قال ابن السني: حدثنا الحسين بن موسى الرقي: ثنا إبراهيم بن الهيثم
البلدى: ثنا إبراهيم بن محمد النجيرمي (!) - شيخ صالح بغدادي -: ثنا عيسى
ابن يونس... ".

قلت: فساقه - كما تقدم - وقال:
" ورواته من عيسى فصاعداً من رواة الصحيح. وابراهيم بن الهيثم: فيه
مقال، وقد تقدم، ولكنه لا يحتمل هذا المنكر. وشيخه: ما عرفته، ولا ذكره
الخطيب في " تاريخ بغداد "، ولا ابن الريافي في " ذيله"، والآفة فيه - فيما أرى -

(14/1047)


@@@ 1048
من شيخ ابن السني، وهو: الرقي المترجم في " الميزان "، والله أعلم ".
قلت: إبراهيم بن الهيثم: ثقة ثبت - كما قال الخطيب -، والمقال الذي أشار
إليه الحافظ لا يضره - كما تراه في الموضع الذي أشار إليه -.
ثم إن وجه النكارة التي صرح بها هي عندي - والله أعلم -: ذكر البسملة ؛
لأنها لم ترد فيما صح من الحديث في هذا الباب.
نعم ؛ قد جاءت في حديث فاطمة رضي الله عنها، لكن الرواة اختلفوا فيه،
فمنهم من ذكرها، ومنهم من لم يذكرها، مع أن إسناده ضعيف منقطع. والله
أعلم.

(تنبيه): حديث الترجمة هكذا وقع عند ابن السني، وهكذا عزاه إليه ابن
تيمية في" الكلم الطيب " (51/ 63) - وأشار لضعفه -، و" اللسان " - كما
تقدم -، وكذلك هو في " أذكار النووي " وتخريجه للعسقلاني (1/ 282)، ووقع
في "الجامع الصغير" - وتبعه صاحب" الفتح الكبير" - بلفظ:
"كان إذا دخل المسجد ؛ قال: باسم الله، اللهم! صل على محمد، وأزواج
محمد "! فزاد ونقص. فلا أدري كيف وقع له هذا!

6954 - (كان لا يقرأ القرآنَ في أقل من ثلاث).
ضعيف جداً.
أخرجه ابن سعد في " الطبقات" (1/ 376): أخبرنا
يوسف بن الغَرِق: أخبرنا الطيب بن سلمان: حدثتنا عمرة قالت: سمعت عائشة
رضي الله عنها تقول:... فذكره مرفوعاً.
ومن هذا الوجه أخرجه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" (ص 219).

(14/1048)


@@@ 1049
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته: (يوسف بن الغَرق) هذا، فقد ذكره
ابن أبي حاتم (4/ 2/ 227 - 228) وقال:
"سألت أبي عنه ؟ فقال: ليس بقوي. سمعت أبي يقول: قال أحمد بن
حنبل: رأيته ولم أكتب عنه شيئاً ". وقال الأزدي:
" كذاب " - كما في " الميزان " - وزاد في " اللسان ":
"وضرب أحمد وابن معين وأبو خيثمة على حديثه وأسقطوه".

وقال ابن عدي في " الكامل " (7/ 168) - بعد أن ساق له مناكير -:
" وله غير ما ذكرت شيء يسير، وما يرويه يوسف يحتمل ؛ لأنه يروي عن قوم
هذه الأحاديث، وفيه ضعف...، وهو ليس بالمعروف ".
وشذ ابن حبان عن هؤلاء الحفاظ، فذكره في " الثقات" (9/ 279)،
وساق له أثراً منكراً عن عائشة قالت: قد كان عندي شيء سودت به شعري!

وأما الطيب بن سلمان: فقال الدارقطني:
" ضعيف ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الطبراني:
" بصري ثقة ".
والمحفوظ في هذا الباب إنما هو من قوله صلى الله عليه وسلم ؛ يرويه عبد الله بن عمرو بلفظ:
" من قرأ القرآن في أقل من ثلاث ؛ لم يفقهه ".
أخرجه الترمذي وصححه، وأحمد (2/ 195) بسند صحيح.

(14/1049)


@@@ 1050
وفي لفظ:
"لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث ".
أخرجه أبو داود بسند صحيح، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1257،
1260).
(تنبيه): ذكر المناوي أن السيوطي رمز للحديث بالحسن، ثم صرح المناوي
في " التيسير" بأن اسناده حسن! ويبدو أنني اغتررت به قديماً، فأوردته في " صفة
الصلاة"، فمن كان هذا الكتاب عنده ؛ فليضرب عليه، وليدع الله لنا بأن يحفظنا
من الخطأ والزلل، {ربَّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}.

6955 - ( لَمْ يَحْسُدُونَا الْيَهُودُ بِشَىْءٍ مَا حَسَدُونَا بِثَلاَثٍ : (التَّسْلِيمِ) ،
وَ: (التَّأْمِينِ) ، وَ: (اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) ).

منكر بهذا التمام.
أخرجه البيهقي في " سننه" (2/ 56) من طريق
إسحاق بن الحسن الحربي: ثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا عبد الله بن ميسرة: ثنا
إبراهيم بن أبي حرة عن مجاهد عن محمد بن الأشعث عن عاثشة رضي الله
عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

وأخرجه ابن عدي في " الكامل" (1/ 266) من طريق محمد بن معمر:
حدثنا مسلم بن ابراهيم به، ولفظه:
" إن اليهود لم يحسدونا على شيء ما حسدونا على السلام والأذان". وقال
ابن عدي:

(14/1050)


@@@ 1051
"إبراهيم بن أبي حرة: ذكره الساجي في جملة من ذكرهم من الضعفاء في
كتابه الذي سماه "كتاب العلل"، وأظنه بصرياً ، وأرجو أنه لا بأس به ".

قلت: ورجال الإسناد ثقات ؛ غير إبراهيم هذا، وهو مختلف فيه، وحديثه هذا
يدل على ضعف فيه ؛ فإنه اضطرب في متنه - كما ترى - ؛ فإنه في الرواية الأولى
ذكر ثلاث خصال، وفي الأخرى اثنتين. وذكر في هذه (الأذان)، وفي الأولى
جملة (الحمد). ولم ترد هاتان الخصلتان في شيء من الأحاديث الواردة في
الباب ؛ فهما منكرتان، بل إنه قد خولف في متنه ؛ فرواه عمرو بن قيس عن
محمد بن الأشعث به على لفظ آخر.
أخرجه البيهقي وغيره، وسبق تخريجه مع أحاديث أخرى في " الصحيحة "
(691، 692).

6956 - ( مَا أَخَذَتِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ إِلا كَمَا أَخَذَ مِخْيَطٌ غُمسَ فِي
الْبَحْرِ مِنْ مَائِهِ ).
منكر بذكر: (الخيط).
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (20/ 308/
733) من طريق طاهر بن خالد بن نزار: ثنا أدم بن أبي إياس: ثنا بكر بن
خنيس عن أشعث بن سوار عن الشعبي عن المستورد مرفوعاً.
قلت : وهذا إسناد واهٍ، ومتن منكر ؛ مسلسل بالضعفاء:
1 - أشعث بن سوار: ضعيف.
2 - بكر بن خنيس: صدوق له أغلاط، أفرط فيه ابن حبان - كما في
"التقريب " -.

(14/1051)


@@@ 1052
3 - طاهر بن خالد بن نزار: قال الذهبي في " المغني ":
"صدوق، وله ما يستنكر ويتفرد به ".
قلت: فإن سلم منه ؛ فلن يسلم من أحد اللذين فوقه، فإن الحديث قد أخرجه
مسلم وجمع ؛ منهم الطبراني نفسه من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس
ابن أبي حازم عن المستورد بن شداد مرفوعاً نحوه لكن بلفظ:
(الإصبع).. مكان: (المخيط).
وخفي هذا كله على العلامة الزبيدي ؛ فأورد الحديث في "شرح الإحياء" (8/
115 -116).

6957 - ( مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى ).
منكر بلفظ: " نبي".
أخرجه أبو داود (4670)، وعنه البيهقي في " دلائل
النبوة" (5/ 497)، وأحمد وابنه في " المسند" (1/ 205)، والطبراني في
" المعجم الكبير " (13/ 80/ 196) من طريق محمد بن سلمة عن محمد بن
إسحاق عن إسماعيل بن [ أبي ] حكيم عن القاسم عن عبد الله بن جعفر مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات ؛ لكن محمد بن إسحاق - وهو:
صاحب " السيرة" -: مدلس وقد عنعنه.
والمحفوظ في هذا الحديث بلفظ: "... لعبد ". هكذا أخرجه البخاري (4630،
4631)، ومسلم (7/102، 103) وغيرهما من حديث ابن عباس، وحديث
أبي هريرة رضي الله عنهما.

(14/1052)


@@@ 1053
ويوافقهما في المعنى رواية أبي يعلى في " مسنده " (12/167/ 6793)
لحديث الترجمة بلفظ:
"لا يقولن أحد: إني... " الحديث.
وقد تكلف الخطابي وغيره في توجيه الحديث والتوفيق بينه وبين حديث ابن
عباس وأبي هريرة، ولا داعي لذلك عندي مع ضعف إسناده والاضطراب في
متنه.
ومثله في الضعف والنكارة رواية علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن
عباس مرفوعاً بلفظ:
"لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يحيى بن زكريا... " الحديث، وفيه
قصة.
أخرجه البزار (3/108/ 2358)، والطبراني (12938). وعلي بن زيد
- هو: ابن جدعان، وهو - ضعيف.

6958 - ( مَنْ وَضَعَهَا (الخمر) عَلَى كَفِّهِ ؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ دَعْوَةٌ، وَمَنْ
أَدْمَنَ عَلَى شُرْبِهَا ؛ سُقِيَ مِنَ الْخَبَالِ، وَالْخَبَالُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ ).

منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (19/ 374/ 876): حدثنا
إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي: ثنا عمرو بن عثمان: ثنا بقية بن الوليد:
حدثني عتبة بن أبي حكيم: حدثني القاسم بن عبد الرحمن قال:
كنت قاعداً عند معاوية، فبعث إلى عبد الله بن عمرو فقال: ما أحاديث

(14/1053)


@@@ 1054
بلغني عنك تحدث بها ؟! لقد هممت أن أنفيك من الشام! فقال: أما والله! لولا
إناث ما أحببت أن أكون بها ساعة! فقال معاوية: ما حديث تحدث به في الطلاء ؟
فقال: أما إنه ما يحل لي أن أقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ؛ سمعته يقول:
" من تقوَّل عليَّ ما لم أقل ؛ فليتبوأ مقعده من النار".
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الخمر:... فذكره ؛ فقال: يا معاوية !
ما أراك إلا قد سمعتَ مثل الذي سمعتُ! قال: فَهَمَّ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُصَدِّقَهُ ، ثُمَّ سَكَتَ.

قلت: وهذا متن منكر، وإسناد ضعيف، أعله الهيثمي بالشيخ ابن عرق ؛
فقال (5/ 72):
" رواه الطبراني عن شيخه (إبراهيم بن محمد بن عرق)، ضعفه الذهبي
فقال: غير معتمد. ولم أر للمتقدمين فيه تضعيفاً، وبقية رجاله وثِّقوا ".

قلت: وقوله: " وثقوا " فيه إشارة لطيفة إلى أن توثيق بعضهم فيه لين. والأمر
كذلك ؛ فإن (عتبة بن أبي حكيم): قال فيه الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يخطئ كثيراً ".
ولحديث الترجمة أصل بلفظ آخر ليس فيه الجملة الأولى منه، أخرجه ابن
حبان وغيره من طريق أخرى عن عبد الله بن عمرو، وهو مخرج في " التعليق
الرغيب " (3/ 188/ 46).

وأما جملة: " من كذب علي...، فهو حديث متواتر يضرب فيه المثل،
فراجع له إن شئت "صحيح الجامع الصغير ".

(14/1054)


@@@ 1055
6959 - ( لَا عُقُوبَةَ فَوْقَ عَشْرِ ضَرَبَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ).
منكر بلفظ: "العقوبة ".
أخرجه البخاري (6849): حدثنا عمرو بن علي:
حدثنا فضيل بن سليمان: حدثنا مسلم بن أبي مريم: حدثني عبد الرحمن بن
جابر عمن سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:... فذكره.

قلت: هذا اللفظ بهذا الإسناد من أفراد البخاري، وعلته: الفضيل هذا ؛ فإنه
- كما قال الحافظ -:
"صدوق له خطأ كثير، وإنما روى له البخاري متابعة" - كما حققه الحافظ في
" مقدمة الفتح " (435) -، وهذا الحديث من هذا القبيل، فإنه إنما ساقه عقب
روايته بإسناده عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبي
بُردة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره بلفظ:
" لا يجلد فوق عشر جلدات... " الحديث.
وبهذا اللفظ رواه بقية الستة وغيرهم، وهو مخرج في " الارواء" (2032
و2180)، وهو المحفوظ الصحيح - كما يأتي عن ابن أبي حاتم عن أبيه -.

وان من تساهل الحافظ تجاه " صحيح البخاري " أنه بُدَيْلَ أن يحقق في هذا
الحديث ما استفدناه منه - من تضعيفه لراويه (الفضيل) في كتابَيْه المشار إليهما -
أغفل الكلام عنه ؛ بل وذكر متابعاً للبخاري في روايته إياه عن عمرو بن علي، ألا
وهو (علي بن إسماعبل بن حماد)، والبخاري ليس بحاجة لمتابع - كما لا يخفى -،
هذا لو كان (علي) هذا ثقة ؛ فكيف وهو - كما في "اللسان " - كان اختلط في
آخر عمره ؟!

(14/1055)


@@@ 1056
هذا ؛ ولو جاز لنا أن نحابي الإمام البخاري ؛ لقلنا: إنه قد توبع الفضيل على
لفظه، ولكن معاذ الله! أن نحابي في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً ؛ ذلك لأن
المتابع مثل المتابَع أو أسوأ منه - كما يأتي - ؛ فقد قال ابن أبي حاتم في " العلل "
(1/452/1358):
" سألت أبي عن حديث رواه المسيب بن واضح عن حفص بن ميسرة عن
مسلم بن أبي مريم عن ابن جابر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... (فذكر
الحديث) ؟ قال أبي:
هذا خطأ ؛ والصحيح ما رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث ".

قلت: يشير إلى حديث سليمان بن يسار - المتقدم آنفاً -... عن أبي بردة،
وكان قد ذكره برقم (1356) من طريق عمرو المذكور والليث عن بكير بن الأشج
عن سليمان به، وقال: إنه أصح.
والمسيب بن واضح: من شيوخ أبي حاتم، وقد ذكر ابنه عنه في " الجرح " (4/
1/ 294) أنه سئل عنه ؟ فقال:
"صدوق، كان يخطئ كثيراً، فإذا قيل له ؛ لم يقبل ".
وضعفه الدارقطني.
ومن هذا القبيل في النكارة الحديث التالي:

6960 - ( لَا تُعَزِّرُوا فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ ).
منكر.
يرويه عباد بن كثيرعن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي

(14/1056)


@@@ 1057
هريرة مرفوعاً.
أخرجه ابن ماجه (2602)، قال البوصيري في " الزوائد":
" في إسناده عباد بن كثير الثقفي، قال أحمد بن حنبل: روى أحاديث كذب
لم يسمعها. وقال البخاري: تركوه. وكذا قال غير واحد".
ولهذا قال شيخه العسقلاني في " التقريب ":
" متروك. قال أحمد: روى أحاديث كذب ".
واعتمد الذهبي في " المغني " قول البخاري المذكور.

ورواه بعض المجهولين بإسناد آخر عن يحيى بن أبي كثير بإسناد رجاله رجال
(الصحيح)! فقال العقيلي في " الضعفاء" (1/ 65/ 62)، والطبراني في
" الأوسط" (7/ 291/ 7528) - والسياق للعقيلي -: حدثنا محمد بن إبراهيم
ابن شبيب العسال قال: حدثنا إبراهيم بن محمد - كتبناه عنه مع أبي مسعود -
قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير به.
وقال الطبراني:
" لم يروه عن الأوزاعي إلا الوليد، تفرد به إبراهيم بن محمد الشامي ". وقال
العقيلي:
" شامي مجهول، وقع إلى (أصبهان)، حديثه منكر غير محفوظ ".
وأقره الذهبي في " الميزان "، والحافظ في "اللسان ".
وذكره أبو نعيم في " أخبار أصبهان" (1/ 175) مختصراً هكذا:

(14/1057)


@@@ 1058
" إبراهيم بن محمد: لا يعرف في نسبه زيادة "!
كذا قال! ولعله أراد أن يقول: (لا يعرف نسبه)، فسبقه القلم ؛ وقال ما قال.

ثم ساق له حديثاً آخر بإسناد العقيلي والطبراني المتقدم، وقد ساقه الطبراني ط
عقب هذا، أشار إليه الحافظ في آخر ترجمته. وقد كنت ذكرته في" الصحيحة "
(1692) شاهداً نقلاً من نسخة من" الأوسط " وقع فيه (السامي) بالمهملة،
فظننت أنه: (إبراهيم بن محمد بن عرعرة) الثقة الحافظ، ومما غرني أن المنذري
والهيثمي قالا: " إسناده جيد". والآن فقد تبينت الحقيقة، والحمد لله الذي
بنعمته تتم الصالحات.

(تنبيه): لقد شذ ابن حبان عَمَّن تقدم ذكرهم من الحفاظ ؛ فأورد الحديث
في ترجمة (محمد بن إبراهيم الشامي).. على القلب، وكناه بأبي عبد الله،
قال:
" شيخ كان يدور بالعراق، ويجاور (عبادان)، يضع الحديث على الشامين،
أخبرنا عنه أبو يعلى والحسن بن سفيان وغيرهما، لا يحل الرواية عنه الا عند
الاعتبار ". ثم قال:
" روى عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي... ". فساق الحديث بلفظ:
"عشرين سوطاً ".
قلت: وهذا شذوذ آخر ؛ فالحديث بلفظ: " عشرة" عندهم، وليس: (عشرين).
وقال:
"لا أول له من كلام رسول الله، لا يحل الاحتجاج به ".

(14/1058)


@@@ 1059
وتبعه في ذلك كله ابن الجوزي في " الموضوعات " (3/ 96)، وكذا
السيوطي في "اللآلي المصنوعة " (2/ 183)، غير أنه تعقب بحديث عباد بن
كثير! وسكت عنه ؛ فلم يصنع شيئاً. لكنه خالفهما ؛ فذكر متن (الشامي)
بلفظ: (الثقفي). خلافاً لابن طاهر المقدسي ؛ فإنه وافقهما في الشذوذين في
كتابه " تذكرة الموضوعات " (105/ 980) !!

واعلم أنه قد جرى الحافظان: الذهبي والعسقلاني على التفريق بين (إبراهيم
ابن محمد الشامي) و (محمد بن إبراهيم الشامي) ؛ فترجما لكل منهما في
حرفه من " الميزان " و" اللسان "، واسم جد الثاني منهما: (العلاء)، وهو مترجم
في " التهذيب "، ومتهم بالكذب والوضع ؛ فمن المحتمل أن يكونا واحداً انقلب
اسمه على بعض الرواة، أو قلبه هو عليهم تمويهاً وتضليلاً!

وأما استظهار المعلقَين على " المعجم الأوسط " أن الأول مقلوب الآخر، وتشبثا
بصنيع ابن حبان، ولم يأتيا عليه بدليل ؛ إلا مجرد الدعوى! وليس هذا فقط، بل
إنهما عطفا عليه فقالا:
" وكذا الذهبي في (الميزان) "!
وهذا خطأ ظاهر ؛ إذا تذكرت ما قدمته من النقل عنه. والله سبحانه وتعالى
أعلم.

6961 - ( إِنَّ النِّسَاءَ هُنَّ (السُّفَهَاءُ) ؛ إِلَّا الَّتِي أَطَاعَتْ قَيِّمَهَا ).
منكر.
أخرجه ابن أبي حاتم في " التفسير " (3/ 863/ 4785) من طريق
عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً.

(14/1059)


@@@ 1060
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ علي بن يزيد - هو: الألهاني -: قال الذهبي في
"المغني ":
" ضعفوه، وتركه الدارقطني ".
وقريب منه (عثمان بن أبي العاتكة): قال الذهبي:
" وُثِّق، وضعفه النسائي وغيره ". وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق، ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني ".
والحديث ساقه ابن كثير في أول سورة (النساء) بإسناد ابن أبي حاتم هذا،
وقال:
"ورواه ابن مردويه مطولاً ".

قلت: ولقد أساء الشيخان الحلبيان نسيب الرفاعي - رحمه الله - ومحمد علي
الصابوني - هداه الله - في اختصارهما لـ " تفسير ابن كثير" ؛ فقد أوردا الحديث
محذوف السند وسكتا عنه ؛ فأوهموا القراء ثبوته، وهي عادة لهما ؛ لجهلهما بهذا
العلم الشريف. وزاد الآخر على الأول ؛ فنقل تخريج الحديث بمصدريه المذكورين
إلى الهامش! موهماً الناس أنه من تخريجه! متجاهلاً قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " من تَشَبِّعَ بِمَا لَمْ
يُعْطَ؛ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ ". متفق عليه. وإلا ؛ فماذا عليه لو تركه في محله من
الأصل، ووفر سطراً من طبعته لمختصره ؟! ولكنه حب التعالي والظهور. والله
المستعان.

(14/1060)


@@@ 1061
6962 - ( يُدْفَنُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ ؛
فَيَكُونُ قَبْرُهُ لأَرْبَعٍ ).

موقوف ضعيف.
أخرجه البخاري في" التاريخ" (1/ 1/ 263)، والترمذي
(3621)، والطبراني في " المعجم الكبير" (13/158/384) ؛ ومن طريقه
المزي في" التهذيب " (19/ 395) - والسياق له - من طريق عثمان بن الضحاك
عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال:... فذكره
موقوفاً.
ولفظ الترمذي من طريق أبي مودود المدني عن (عثمان):
مكتوب في التوراة صفة محمد، وعيسى يدفن معه. قال: أبو مودود:
وقد بقي في البيت موضع قبر. وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب ".

كذا قال! وخالفه شيخه البخاري ؛ فقال عقبه:
"هذا لا يصح عندي، ولا يتابع عليه".
ذكره في ترجمة (محمد بن يوسف) هذا، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان،
لكن روى عنه جمع من الثقات، وفي" التقريب ":
" مقبول " ؛ فلعل إيراده في ترجمة (عثمان بن الضحاك) أنسب ؛ فقد جاء
في ترجمته من " تهذيب الكمال ":
" قال أبو عبيد الآجري: سا"لت أبا داود عن الضحاك بن عثمان الحزامي ؟

(14/1061)


@@@ 1062
فقال: ثقة، وابنه عثمان بن الضحاك: ضعيف ".
(تنبيه): لم يقف الهيثمي على الحديث في " سنن الترمذي " ؛ ولذلك ذكره
في " مجمع الزوائد " حسب شرطه فيه، فقال (8/ 206):
" رواه الطبراني، وفيه (عثمان بن الضحاك)، وثقه ابن حبان، وضعفه أبو
داود، وقد ذكر المزي رحمه الله هذا في ترجمته، وعزاه إلى الترمذي، وقال:
حسن. ولم أجده في " الأطراف ". والله أعلم ".

قلت: لعله سقط من نسخته من " الأطراف "، أو شتَّ بصره عنه ؛ فإنه في
المطبوعة منه (4/ 356/ 5336).

6963 - ( أَتُحِبُّ يَا جُبَيْرُ ! إِذَا خَرَجْتَ سَفَرًا أَنْ تَكُونَ مِنْ أَمْثَلِ
أَصْحَابِكَ هَيْئَةً ، وَأَكْثَرِهِمْ زَادًا ؟ اقْرَأْ هَذِهِ السُّوَرَ الْخَمْسَ : {قُلْ يَا أَيُّهَا
الْكَافِرُونَ} ، وَ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} ، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ،
وَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، وَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، وَافْتَحْ
كُلَّ سُورَةٍ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، وَاخْتِمْ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ).

منكر.
أخرجه أبو يعلى في " مسنده" (13/414/7419): حدثنا أبو
هشام محمد بن سليمان بن الحكم القُدَيدي قال: حدثني أبي عن اسماعيل بن
خالد الخزاعي: أن محمد بن جبير بن مطعم سمع جبير بن مطعم وهو يقول: قال
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره. قال جبير:
وكنت غنياً كثير المال، فكنت أخرج مع من شاء الله أن أخرج معهم في سفر ؛

(14/1062)


@@@ 1063
فثون أبذهم هيئة، وأقلهم زاداً، فما زلت منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأت بهن
أكون من أحسنهم هيئة، وأكثرهم زاداً ؛ حتى أرجع من سفري ذلك.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ (إسماعيل بن خالد الخزاعي): لم أجد له
ترجمة في شيء من كتب الرجال التي عندي.
وأما شيخ أبي يعلى (محمد بن سليمان بن الحكم القديدي): فقال ابن أبي
حاتم في "الجرح والتعديل " (3/ 2/ 269/1472):
"صاحب حديث أم معبد، روى هذا الحديث عن عمه أيوب بن الحكم عن
أخيه (الأصل: أبيه) سفيان بن - الحكم، كتبت عنه سنة خمس وخمسين
ومئتين".

قلت: في هذه الترجمة شيء، وبخاصة في قوله: " عمه " ؛ فإنه يخالف قوله
في ترجمة والد الشيخ (سليمان بن الحكم بن أيوب أبو أيوب الخزاعي العلاف) ؛
فقد قال فيها (2/ 1/ 107/ 480):
"صاحب حديث أم معبد، روى عن أخيه أيوب بن الحكم عن حزام ين
هشام، سمع منه أبي بـ (قديد)، وروى عن إسماعيل بن داود الخراق، روى عنه
علي بن الحسين بن الجنيد ".

وهذا يوافق ما في " المستدرك " (3/ 9) ؛ فإنه ساقه من طريق آخر عن
سليمان بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن ثابت بن بشار الخزاعي: ثنا أخي أيوب
ابن الحكم وسالم بن محمد الخزاعي جميعاً عن حزام بن هشام ... ".
لكن ساقه البيهقي في "دلائل النبوة " (1/ 277) من وجه آخر عن محمد

(14/1063)


@@@ 1064
ابن سليمان قال: حدثنا عمي أيوب بن الحكم عن حزام بن هشام... ".
فهذا يوافق ما تقدم في ترجمة (محمد بن سليمان...) عند ابن أبي حاتم.
فهذا اضطراب شديد لم أَهْتَدِ إلى صوابه. والله الهادي.

وبالجملة ؛ فهو وابنه (*) سليمان لم أعرف حالهما، وما تقدم من ترجمتهما لا
يروي ولا يشفي، والظاهر أن الهيثمي لم يقف عليهما ؛ فقد قال في " المجمع "
(10/ 134):
" رواه أبو يعلى، وفيه من لم أعرفهم"!

6964 - (أَجِبْ أَخَاكَ ؛ فَإِنَّكَ مِنْهُ عَلَى اثْنَتَيْنِ: إِمَّا خَيْرٌ ؛ فَأَحَقُّ مَا
شَهِدْتَهُ، وَإِمَّا غَيْرُهُ ؛ فَتَنْهَاهُ عَنْهُ ، وَتَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ ).

ضعيف.
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " - كما في "المطالب العالية " (2/
43/1607) -، والطبراني في " المعجم الكبير " (22/ 271 - 272) ؛ كلاهما
من طريق عمر بن عبد الله بن يعلى عن عياض أبي أشرس السلمي قال:
رأيت يعلى بن مرة ودعوته إلى مأدبة، فقعد صائماً، فجعل الناس جملون ولا
يطعم، فقلت له: والله! لو علمنا أنك صائم ؛ ما عَنَّيناك. قال: لا تقولوا ذلك ؛
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ (عمر بن عبد الله بن يعلى): ضعيف. قال
الذهبي في " المغني ":
__________
(*) كذا في أصل الشيخ رحمه الله - وهو سبق قلم - والصواب: (أبوه) ؛ كما هو ظاهر من
سياق التخريج. (الناشر).

(14/1064)


@@@ 1065
"ضعفوه ".
وعياض أبو أشرس: فلم أجد له ترجمة حتى ولا في" ثقات ابن حبان "!
ولا ذكره الدولابي في "الكنى ". والله أعلم.

6965 - ( إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ
يَكِيدُكَ ، فَإِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ ؛ فَقُلْ : { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }
حتى تختتم الآية ).

ضعيف.
أخرجه الدينوري في "المجالسة " (ص 426 - المصورة): حدثنا
محمد بن عبد العزيز: نا أبي عن بشر بن المفضل عن يونس عن الحسن: أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات ؛ لكنه من مراسيل الحسن - وهو:
البصري -، وهي من أوهى المراسيل ؛ قال بعض الأئمة: إنها كالريح.
والدينوري المؤلف - واسمه: أحمد بن مروان -: مختلف فيه، فقال الدارقطني:
"هو عندي ممن يضع الحديث ". وقال مسلمة في " الصلة":
"كان ثقة كثير الحديث ".

وهذا اختلاف شديد ؛ فالله أعلم بحاله، والدارقطني أعلم بالرجال من
(مسلمة) - وهو: ابن القاسم القرطبي - ؛ بل إن هذا قد تكلم فيه بعضهم، وقال
الذهبي في " السير" (16/ 110):
"لم يكن بثقة ".

(14/1065)


@@@ 1066
ومهما يكن من أمر ؛ فإن الدينوري لم يتفرد به ؛ فقد عزاه السيوطي في " الزيادة
على الجامع الصغير " لابن أبي الدنيا في " مكائد الشيطان "، وابن أبي الدنيا من
شيوخ الدينوري ؛ فالعلة الإرسال. والله أعلم.

6966 - ( أحبَ اللَّهُ عَبْدًا: سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وسَمْحًا إِذَا اشْتَرَى،
وسَمْحًا إِذَا قضَى، وسَمْحًا إِذَا اقْتَضَى).

ضعيف جداً بهذا اللفظ.
أخرجه البيهقي في" شعب الإيمان، (7/ 536/
11253) من طريق الواقدي: ثنا هشام بن سعد: أنه سمع الزهري يخبر عن عمر
ابن عبد العزيز عن أبيه عن أبي هريرة قال:... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ الواقدي - واسمه: محمد بن عمر -: متهم
بالكذب.
وقد صح من حديث جابر بلفظ:"رحم الله عبداً...".
رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة " (3/490/178/7) .

6967 - (أَحَبُّ شيء عِنْدَ اللَّهِ فِي الْإِسْلَامِ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا ، وَمَنْ تَرَكَ
الصَّلَاةَ ؛ فَلَا دِينَ لَهُ ، وَالصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ ).

ضعيف.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (3/ 39/2807) من
طريق قتادة عن عكرمة عن عمر قال:
جاء رجل فقال: يا رسول الله! أي شيء أحب عند الله في الإسلام؟ قال:

(14/1066)


@@@ 1067
" الصلاة لوقتها... " إلخ.
قلت: وهذا منقطع ؛ قال البيهقي عقبه:
"عكرمة لم يسمع من عمر، وأظنه أراد: (عن ابن عمر) ".
كذا قال! وقد روي عن ابن عمر من طريق أخرى وبلفظ آخر، وفيه جملة
الترك، وإسناده مسلسل بالضعفاء، وقد بينت ذلك في "الروض النضير " (569)،
ثم في " التعليق الرغيب " (1/ 195/ 7).

6968 - ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَحْتَ ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : إِمَامٌ
مُقْسِطٌ. وَرَجُلٌ لَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ وَمَنْصِبٍ ، فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ ؛
فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ . وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ. وَرَجُلٌ
تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فِي صِغَرِهِ ؛ فَهُوَ يَتْلُوهُ فِي كِبَرِهِ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ
بِيَمِينِهِ ؛ فَأَخْفَاهَا عَنْ شِمَالِهِ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي بَرِّيَّةٍ ؛ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ؛
خَشْيَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَرَجُلٌ لَقِيَ رَجُلًا ؛ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ ،
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: وَأَنَا أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ ).

منكر بهذا السياق.
أخرجه أبو علي بن شاذان في" مشيخته " (رقم/ 32 -
بترقيمي في منسوختي من مخطوطة الظاهرية)، والبيهقي في "شعب الإيمان"
(1/ 487/ 794)، والخطيب في "التاريخ" (9/254)، كلهم عن أبي
الفوارس شجاع بن جعفر الأنصاري: ثنا العباس بن محمد الدوري: ثنا أبو نعيم
الفضل بن دكين: ثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن سهيل بن أبي صالح عن
أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً.

(14/1067)


@@@ 1068
قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومتن منكر.
أما الضعف: فسببه (الأسلمي): قال الذهبي في " المغني ":
"ضعفه غيرواحد ".
ولذلك جزم الحافظ في" التقريب " بأنه ضعيف.
ويحتمل أن تكون العلة من (شجاع بن جعفر الأنصاري)، وفي ترجمته
ساق له الخطيب هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقد وصفه ابن
شاذان في روايته عنه بـ (الصوفي). فالله أعلم به.

وأما أنه منكر: فهو مما لا يخفى على عارف بهذا العلم الشريف، وجرى
الحديث النبوي الصحيح في عروقه مجرى الدم ؛ بل ومن هو دونه من طلاب هذا
العلم ؛ ذلك لأن الحديث من المعلوم لديهم جميعاً أنه في " الصحيحين" وغيرهما
من طريق أخرى، وهذا مخالف له زيادة ونقصاً، وبيان ذلك من وجوه:

الأول: قوله: " ورجل تعلم القرأن... ": لا أصل له فيه ؛ جعله مكان
قوله صلى الله عليه وسلم : " وشاب نشأ في عبادة الله ".
الثاني: قوله : "ورجل لقي، رجلاً... " ؛ جعله مكان قوله صلى الله عليه وسلم : "ورجلان
تحابا في الله... "
الثالث: ذكر قوله: "في برية " مكان قوله : "خالياً ".
الرابع: أسقط من قوله صلى الله عليه وسلم: " ورجل قلبه معلق بالمسجد" قوله:" إذا خرج
منه حتى يعود إليه".

(14/1068)


@@@ 1069
يضاف إلى كل ذلك أنه غيَّر ترتيب فقراته ؛ فقدَّم وأخَّر، وغَيَّر من سياق
الحديث الصحيح، وهو مخرج في " الإرواء " برقم (887)، ولا يشك عالم بأن
النكارة تثبت بأقل من ذلك.
ولجملة القرآن في حديث الترجمة شاهد من حديث علي بنحوه. لكن اسناده
واهٍ جداً ؛ فيه أربعة من الرواة ما بين مجهول ومطعون - كما سبق بيانه برقم
(2162) -. وقد أعله المناوي بواحد منهم ؛ فأصاب، وبأخر، وهو: (جعفر بن
محمد الصادق) ؛ فأخطأ خطأ فاحشاً، شنع عليه الشيخ أحمد الغماري في "المداوي"
(1/ 250 - 252) تشنيعاً شديداً، وحق له ذلك، لكنه اشتط وتعدى ؛ فأخذ
يطعن في الحافظ الذهبي، ويرميه بالنصب ومعاداة أهل البيت، ومنهم جعفر،
ويتهمه بأنه كذاب في ثنائه عليه ويقول بالحرف الواحد:
" بل غرضه الأكيد هو جلب الطعن فيه من إخوانه النواصب ..." إلى أخر
هرائه. عامله الله بما يستحق.

ولم يكتف بهذا ؛ بل إنه نحا نحواً آخر نكاية بالمناوي - ولو على خلاف
التحقيق العلمي الذي ينعاه على المناوي -، فوقع فيه تعصباً عليه، ذلك أنه ساق
إسناد حديث علي برواية ابن النجار بطوله، ثم من طريق الديلمي، وخنس ؛ فلم
يتكلم على أحد من رجاله الأربعة! لو أن المناوي فعل مثله في حديث أخر لا
يهواه ؛ لأقام الدنيا عليه وأقعدها.

بل إنه زاد في الطين بلة ؛ فقال:
" ويشهد له في كون حملة القرأن من أهل ظل العرش ما رواه أبو علي بن
شاذان في " مشيخته " ؛ فقال ...". فساق إسناده ومتنه، وخنس! أيضاً، وهو

(14/1069)


@@@ 1070
يعلم - إن شاء الله - أنه ضعيف الإسناد، منكر المتن ؛ ولو من بعض الوجوه
المتقدمة، ولكنه الهوى الذي يصد صاحبه عن سبيل الله، ويحمله على كتمان
العلم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال في حديث معروف: " ثلاث مهلكات:
شح مطاع، وهوى متبع، باعجاب المرء بنفسه ".

6969 - ( أَدُّوا حَقَّ الْمَجَالِسِ : اذكُرُوا اللَّهِ كَثِيرًا، وَأَرْشِدُوا السَّبِيلَ،
وَغُضُّوا الأَبْصَارَ ).

ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (6/105/5592) من
طريق سعيد بن سليمان: ثنا أبو معشر: ثنا أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري
عن سهل بن حنيف قال:
قال أهل العالية: يا رسول الله! لا بد لنا من مجالس. قال:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو بكر بن عبد الرحمن هذا: لم أجد له ترجمة،
ولم يذكروه حتى ولا في شيوخ أبي معشر.
وأبو معشر - اسمه: نجيح بن عبد الرحمن -: ضعيف، أسَنَّ واختلط - كما قال
الحافظ في " التقريب " -، وغفل عنه الهيثمي ؛ فوثقه بقوله (8/62):
" رواه الطبراني، وفيه (أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري): تابعي لم
أعرفه، وبقية رجاله وثقوا "!

لكن الحديث قد صح من رواية أبي سعيد الخدري بأتم منه دون قوله:
"اذكروا الله كثيراً ". رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الصحيحة "
(2551).

(14/1070)


@@@ 1071
6970 - ( أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ ؛ فَوَجَدْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْفُقَرَاءِ ،
وَوَجَدْتُ أَقَلَّ أَهْلِهَا النِّسَاءَ وَالْأَغْنِيَاءَ ).

منكر.
أخرجه هناد بن السري في "الزهد " (1/ 329/602) من طريق
الإفريقي: ثنا حِبان [ بن] أبي جَبَلَة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف ؛ (حبان بن أبي جبلة): تابعي ثقة.
و (الإفريقي) - هو: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم -: ضعيف.

وقد صح الحديث عن جمع من الصحابة بنحوه ؛ دون ذكر الذرية والأغنياء
بلفظ:
" اطلعت في الجنة ؛ فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار ؛ فرأيت أكثر
أهلها النساء ".
رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في بعض مؤلفاتي ؛ فانظره في "صحيح
الجامع الصغير وزيادته".

6971 - ( إِذَا ابْتَغَيْتُمُ الْمَعْرُوفَ ؛ فَابْتَغُوهُ فِي حِسَانِ الْوُجُوهِ ، فَوَاللَّهِ! لَا
يَلِجُ النَّارَ إِلَّا بِخَيْلٌ ، وَلَا يَلِجُ الْجَنَّةَ شَحِيحٌ ، إِنَّ السَّخَاءَ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ
تُسَمَّى: السَّخَاءَ ، وَإِنَّ الشُّحَّ شَجَرَةٌ فِي النَّارِ تُسَمَّى: الشُّحَّ ).

موضوع.
أخرجه بهذا التمام البيهقي في " شعب الإيمان " (7/ 435/
10876) من طريق إبراهيم بن إسحاق الغسيلي: نا محمد بن عباد بن موسى:
نا يعلى بن الأشدق عن عمه عبد الله بن جراد مرفوعاً. وقال:

(14/1071)


@@@ 1072
" هذا إسناد ضعيف ".
قلت: بل هو شرٌّ من ذلك ؛ فإنه مسلسل بالعلل القادحة:
1 - يعلى بن الأشدق: قال الذهبي في " المغني ":
" قال البخاري: لا يكتب حديثه. وقال أبو زرعة: ليس بشيء. وقال ابن
حبان: وضعوا له أحاديث يحدث بها ولم يدر".
2 - محمد بن عباد بن موسى: مع كونه من شيوخ البخاري فيما قيل، قال
الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يخطئ ".
3 - إبراهيم بن إسحاق الغسيلي: قال الذهبي:
"كان يسرق الحديث ويدعيه، ذكر له ابن حبان أحاديث وذمه".

قلت: تابعه على الطرف الأول منه أبو وهب الوليد بن عبد الملك قال: ثنا
يعلى بن الأشدق العقيلي به.
أخرجه ابن عدي في " الكامل" (7/ 287) في ترجمة يعلى المذكور
وقال:
" يروي عن عمه عبد الله بن جراد عن النبي على الله عليه وآله وسلم
أحاديث كثيرة مناكير، وهو وعمه غير معروفيني. قال البخاري: يعلى بن الأشدق
لا يكتب حديثه".

(14/1072)


@@@ 1073
6972 - ( إذا جلس أحدكم عند محتضر ؛ فلا يلح عليه بالشهادة،
فإنه يقولها بلسانه، ويومىء بيده، أو بطرفه، أو بقلبه ).

موضوع.
أخرجه الديلمي في " مسنده " (1/ 105 - الغرائب الملتقطة) من
طريق أبي بكر النقاش بإسناده عن سعيد بن حريث عن ثابت عن أنس مرفوعاً.
قلت: وهذا موضوع ؛ آفته أبو بكر النقاش - واسمه: محمد بن الحسن الموصلي
البغدادي وهو -: كذاب. قال الذهبي:
" مشهور، اتهم بالكذب، وقد أتى في "تفسيره " بطامات وفضائح ".
وسعيد بن حريث: مجهول - كما في " المغني " -.
وبينهما من لم أعرفه، ولا سيما وفي بعض الأسماء بياض.

ونحو هذا الحديث ما في " الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير"
بلفظ:
" إذا أثقلت مرضاكم ؛ فلا تملوهم قول: ( لا إله إلا الله)، ولكن لقنوهم ؛ فإنه
لم يختم به لمنافق ".
(قط، وأبو القاسم الشيرازي في "أماليه ") عن أبي هريرة.

ولم أقف على إسناده، وغالب الظن أنه لا يصح، لاطلاق العزو لـ (قط)..
يعني: " سن الدارقطني " ولم أره فيه، ولا هو في فهرسه الذي وضعه الأخ
المرعشلي. والله أعلم .

(14/1073)


@@@ 1074
6973 - (إذا أحب الله عبداً ؛ ألصق به البلاء ، فإن الله عز وجل
يريد أن يصافيه ).

موضوع.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (7/146/9790) من
طريق عبد الرحمن بن زياد عن نهشل القرشي عن سعيد بن المسيب مرفوعاً به.
قلت: وهذا - مع إرساله - فيه نهشل القرشي ؛ وهو: كذاب (*).
وعبد الرحمن بن زياد - هو: الإفريقي -: ضعيف.

6974 - ( إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُزِيغَ عَبْداً ؛ أَعْمَى عَلَيْهِ الْحِيَلَ ).
منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (4/179 - 180/3914)
من طريق محمد بن عيسى الطرسوسي قال: نا عبد الجبار بن سعيد المُساحقي
قال: نا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة عن عثمان
ابن عفان مرفوعاً. وقال:
ا لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن عيسى ".

قلت: قال الذهبي في" المغني ":
" قال ابن عدي: هو في عداد من يسرق الحديث ".
وبه أعله الهيثمي ؛ فقال في " المجمع " (7/ 210):
" رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن عيسى الطرسوسي ؛ وهو
ضعيف ".
__________
(*) لعل الشيخ رحمه الله أراد أن يقول: "مجهول " فسبق ذهنه إلى (نهشل القشيري)
الكذاب ؛ انظر صفحة (1112). (الناشر).

(14/1074)


@@@ 1075
قلت: ولعل الأولى إعلاله بشيخه (عبد الجبار بن سعيد المساحقي)، فقد
قال العقيلي:
"له مناكير".
(تنبيه): قوله: ". يزيغ " هكذا وقع في " الأوسط" و "الجمع" و "الفتح
الكبير ". ووقع في نسخة " الجامع الصغير " التي عليها شرح "فيض القدير "
(يُوتغ)، وضبطه المناوي" بضم التحتية وسكون الواو وكسر الفوقية وغين معجمة"
من (الوَتَغ) محركاً: الهلاك - كما في " الصحاح " -. والله أعلم.

6975 - (إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك ؛ فاذكر [ عيوب]
نفسك).

منكر.
أخرجه الرافعي في" تاريخ قزوين " (3/ 29) من طريق عبيد الله
ابن موسى عن إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو يحيى - وهو: القتات -: ليِّن الحديث - كما في
" التقريب " -، وقد اضطرب فيه ؛ فرواه عبيد الله عنه هكذا مرفوعاً. ورواه أبو نعيم
الفضل بن دكين عن إسرائيل عنه به موقوفاً.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (5/311/ 6758).
(تنبيه): وقع في " التاريخ ": (يحيى بن مجاهد) ؛ فصححته من " الشعب "،
وهو من أسوأ المطبوعات وأكثرها تحريفاً وتصحيفاً ؛ لأن القائم على [ طبعها ] رجل
شيعي رافضي جاهل. والله المستعان.

(14/1075)


@@@ 1076
6976 - ( ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا ينادي : يا ابن آدم !
أنا خلق جديد ، وأنا عليك غداً شهيد ، فاعمل خيراً فيَّ ؛ أشهد لك
غداً ، وإني لو قد مضيتُ لن تراني أبداً ، ويقول الليل مثل ذلك ).
موضوع.
أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 93) من طريق سلام
الطويل المداثني عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد واه بمرة ؛ زيد العمي: ضعيف.
وسلام الطويل: متروك.
والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (2/ 679) لأ بي القاسم
حمزة بن يوسف السهمي أيضاً في كتاب " آداب الدين ".

6977 - (إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ ؛ فَلَا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ
حَتَّى يَغْسِلَهَا ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ ، وَيُسَمِّي قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا ).
منكر جداً بزيادة: (التسمية).
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (2/
300)، وابن عدي في " الكامل " (4/ 184)، والطبراني في " المعجم
الأوسط " (9/63/9130) من طريق إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا عبد الله
ابن محمد بن يحيى ببن عروة عن هشام بن عروة عن أبيه عن الأعرج عن
أبي هريرة مرفوعاً. وقال الطبراني:
"لم يروه عن هشام بن عروة إلا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، تفرد
به إبراهيم بن المنذر".

(14/1076)


@@@ 1077
قلت: هو ثقة من رجال البخاري، والآفة من شيخه (عبد الله بن محمد بن
يحيى بن عروة)، وفي ترجمته أورده ابن عدي وقال:
" وهذه اللفظة غريبة في هذا الحديث، وأحاديثه عامتها مما لايتابعه الثقات
عليه ".

ونحوه قول العقيلي:
"وله غير حديث عن هشام بن عروة لا يتابع عليه ؛ مناكير، والحديث من
حديث أبي هريرة صحيح الإسناد من غير وجه، وليس فيه (يسمي تبل أن
يدخلها) ". وقال ابن حبان في" الضعفاء والممممجروحين " (2/ 11):
"كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويأتي عن هشام بن عروة ما لم
يحدث به هشام قط، لا يحل كتابة حديثه، ولا الرواية عنه. روى عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي عليه الصلاة والسلام: (من لم يجد الصدقة،
فليلعن اليهود ؛ فإنها صدقة) "!

ولهذا قال الهيثمي في "المجمع " (1/ 220):
" رواه الطبراني في " الأوسط "، وهو في " الصحيح " خلا قوله: "ويسمي
قبل أن يدخلها"، وفيه عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة: نسبوه إلى وضع
الحديث ".
وحديث أبي هريرة الصحيح - الذي أشار إليه العقيلي، ثم الهيثمي - رواه
الشيخان وغيرهما، وله شواهد ؛ مما يؤكد نكارة تلك الزيادة، بل بطلانها. وهو
مخرج في " الإرواء " وغيره برقم (21، 164).

(14/1077)


@@@ 1078
6978 - (إِذَا أَصْبَحْتَ آمِنًا فِي سِرْبِكَ ، مُعَافًى فِي جَسَدِكَ ، عِنْدَكَ
قُوتُ يَوْمِكَ ؛ فَعَلَى الدُّنْيَا الْعَفَاءُ ).

منكر جداً.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان" (7/ 294/10361)
من طريق أبي عصمة حزان البيهقي: نا عصمة بن سليمان الواسطي: نا سلام
عن اسماعيل بن رافع عن خالد بن مهاجر عن ابن عمر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، ومتن منكر جداً.
أما السند: فمسلسل بالعلل:
الأ ولى: إسماعيل بن رافع، وهو: ضعيف.
الثانية: سلام - وهو: الطويل المدائني، وهو: متروك، ورماه بعضهم بالوضع ؛
فهو الآفة.
الثالثة: عصمة بن سليمان الواسطي: لم يورده (بحشل) في "تاريخ واسط "،
والظاهر أنه الذي في " اللسان ":
" عصمة بن سليمان الخزاز... قال البيهقي: لا يحتج به ".
الرابعة: أبو عصمة حزان البيهقي: لم أعرفه. ولم يذكروه في " الكنى ".
والله سبحانه وتعالى أعلم.

وأما المتن: فهو منكر ؛ لأن الحديث قد روي من طرق أخرى بلفظ:
، من أصبح منكم آمناً... " الحديث، وفي آخره:
" فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ".

(14/1078)


@@@ 1079
وهو مخرج في "الكتاب الآخر " الصحيحة " (2318)، و"التعليق الرغيب"
(2/12/49).
(تنبيه): الحديث أورده السيوطي في " الصغير " بلفظ:
"فعلى الدنياوأهلها العفاء".
بزيادة (أهلها). ولم تقع في "الجامع الكبير"، وهو الصواب ؛ الموافق " فى
" شعب الإيمان".
ولم يتنبه لهذه الزيادة الباطلة في الجملة المنكرة الشيخ أحمد الغماري ؛ فذكر
الحديث بها في " المدإوي " (1/ 307)، ونقل تضعيف إسناده عن الشارح
المناوي، وعقب عليه بقوله:
" قلت: فيه أبو الدرداء، و... و...، وسأذكر أحاديثهم إن شاء الله في
حرف (الميم) في (من أصبح) ".

وهناك (6/ 171 - 172) وفى بما وعد، ولكنه لم يتنبه للفرق بين أحاديثهم
وبين هذا الحديث من جهة، ولا أوضح موقفه من متن أحاديثهم من جهة أخرى،
فترك قراءه حيارى، وكثيراً ما يفعل ذلك، يغلبه شهوة التخريج والتسويد!!

6979 - (إذا أكل [ أحدُكم ] اللحمَ ؛ فلْيغسلْ يدَه من وضْر اللَّحم ؛
لا يُؤذِي مَنْ صلَّى حذاءه).

منكر جداً.
أخرجه ابن عدي في "الكامل " (7/ 95) من طريق الوازع
ابن نافع عن سالم عن أبيه مرفوعاً.

(14/1079)


@@@ 1080
أورده في ترجمة (الوازع) هذا مع أحاديث له أخرى كثيرة، وقال:
"وعامة ما يرويه عن شيوخه [ بالأسانيد التي يرويها ] غيرمحفوظة ". وروى
عن البخاري أنه قال:
" منكر الحديث". وعن النسائي:
"متروك الحديث ". وعن ابن معين:
" ليس بثقة".
وبالجملة ؛ فهو متفق على ضعفه، بل قال الحاكم وغيره:
" روى أحاديث موضوعة " - كما في " اللسان" -.

(تنبيه): الحديث أورده السيوطي في " الجامع" بلفظ: (طعاماً).. مكان:
(اللحم)، ودون قوله: " لا يؤذي من على حذاءه". وكذا في " الجامع الكبير ".

6980 - (اذا بعثت سرِّيةً ؛ فلا تُنقِّهم، واقْتطعْهم ؛ فإنَّ اللهَ ينصرُ
القومَ بأَضعفِهم ).

ضعيف.
أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ق 81/ 1 - خط، 2/
683/ 664 - ط) من طريق ابن عيينة: أخبرني رجل من "أهل المدينة: أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لزيد بن حارثة، أو لعمرو بن العاص:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة الرجل المدني مع إرساله اياه، أو إعضاله،
وهذا هو الأقرب ؛ لأن ابن عيينة لم يدرك التابعين.

(14/1080)


@@@ 1081
لكن الشطر الثاني من الحديث صحيح له شواهد في "صحيح البخاري"
وغيره، وقد سبق تخريج بعضها في الكتاب الآخر ؛ " الصحيح" برقم (780).
(تنبيه): وقع الحديث في " الفتح الكبير " تبعاً لـ " الجامع الكبير " معزواً
للحارث في " مسنده" عن ابن عباس! فالظاهر أن ذكر (ابن عباس) سبق قلم أو
انتقال نظر من السيوطي رحمه الله تعالى.

6981 - (إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فِى الصَّلاَةِ ؛ فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى
مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْ
مُحَمَّدًا وَآلَ مُحَمَّدٍ ؛ كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ، وَعَلَى
آلِ إِبْرَاهِيمَ ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ).

منكر بزيادة: (الترحم).
أخرجه الحاكم (1/ 269)، وعنه البيهقي في
"السنن الكبرى " (2/ 379) من طريق سعيد بن أبي هلال عن يحيى بن
السباق عن رجل من بني الحارث عن ابن مسعود مرفوعاً. وقال الحاكم:
" إسناده صحيح "! ونحوه قول البيهقي:
"كذا قاله ابن مسعود رضي الله عنه. والله أعلم ".

وهذا غريب منهما ؛ فإنه مسلسل بالعلل:
الأولى: الرجل الحارثي: مجهول لم يسم.
الثانية: يحيى بن سابق: قال أبو حاتم:

(14/1081)


@@@ 1082
" ليس بقوي". وقال ابن حبان في " الضعفاء " (3/ 114 - 115):
"كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به في الديانة،
ولا الرواية عنه بحيلة ".
الثالثة: سعيد بن أبي هلال: كالط قد أصيب بالاختلاط - كما قال أحمد
وغيره - لكن الآفة ممن قبله.
وان مما يدل على نكارة الحديث الأحاديث الكثيرة الصحيحة الواردة في كيفية
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مذكورة في " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "، وليس في
شيء منها ذكر الترحم. فتذكر.

6982 - (إذا! تناول أحدُكم عن أخيه شيئاً ؛ فلْيُره إيَّاه ).
ضعيف.
أخرجه أبو داود في " المراسيل" (354/ 525) من طريق عُقيل
عن ابن شهاب قال:
كان رجل لا يزال يتناول عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم الشيء، فكأن ذلك آذى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات إلى (ابن شهاب)، وهو من صغار التابعين ؛
فهو معضل أو مرسل، وهو معروف بالرواية عن أنس بن مالك، وسمع منه، وقد
ذكر السيوطي في "جامعيه " أن الدارقطني رواه في " الأفراد" عنه عن أنس. فإن
صح إسناده إليه - وما أظن ذلك - ؛ نقل إلى " الصحيح ". والله أعلم.

(14/1082)


@@@ 1083
6983 - ( إذا تواضع العبدُ، رقعه الله عز وجل إلى السماء السابعة ).
موضوع بهذا اللفظ.
أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (2/ 717/
772): حدثنا محمد بن يونس الكديمي: نا عبيد الله بن عبد الجيد الحنفي: نا
زمعة بن صالح عن سلمة بن وهران عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما
مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد واهٍ بمرة ؛ (محمد بن يونس الكديمي): من المتروكين، وقد
كذبه غير واحد من الحفاظ، وألان القول فيه ابن حجر ؛ فقال في " التقريب ":
" ضعيف"! وقد قال الذهبي في " المغني ":
" هالك! قال ابن حبان وغيره: كان يضع الحديث على الثقات ".
وساق له في " الميزان " أحاديث مما أنكر عليه، بعضها بأسانيد " الصحيح "
منها قوله: حدئنا أبو نعيم... " فساق اسناده الصحيح عن أبي هريرة مرفوعاً:
" أكذب الناس الصواغون والصباغون ".
فعقب عليه الذهبي - مشيراً إلى اتهامه إياه بوضعه - بقوله:
" قلت: ومن افترى هذا على أبي نعيم ؟! " !

والحديث صحيح من رواية جمع أخر من الصحابة ؛ دون قوله: " الى السماء
السابعة". فهذا مما يؤكد اتهام (الكديمي) بالوضع، وهو. مخرج في الكتاب
الآخر: " الصحيحة " برقم (2328)، و" الإرواء" (2262).

(14/1083)


@@@ 1084
6984 - (إذا توضأ العبدُ ؛ تحاتَّتْ عنه ذنوبه ؛ كما تحاتّ ورق هذه
الشجرة ).

ضعيف.
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (3/15/ 2737) من
طريق عبد الرحمن بن المبارك: ثناء الح أبو عمر البزار: ثنا يونس عن أبي
عثمان قال:
غزوت مع سلمان غزوة، فلما حضرت الصلاة ؛ دعا بماء، ثم تناول شجرة
فحركها، فتحات ورقها، فقال: سلوني لم فعلت هذا؟ فسألوه. فقال: غزوت مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ففعل مثل هذا، فقال:... فذكره.

ثم رواه من طريق علي بن زيد عن أبي عثمان عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كذا وقع فيه ؛ لم يسق لفظه، ولا قال: (به)، أو: (نحوه)، أو: (مثله) - كما
هي عادتهم - ؛ فأخشى أن يكون سقط شيء منه ؛ فإن الطبعة سيئة. والله أعلم.
وعلى كل حال ؛ ففي الطريق الأولى جهالة ما بين أبي عثمان - وهو: النهدي ؛
واسمه: (عبد الرحمن بن مُل) -، و (عبد الرحمن بن المبارك) ؛ لم أعرفهما،
ويمكن أن يكون وقع فيهما شيء من التحريف ضيع علينا هويتهما.
وفي الطريق الأخرى علي بن زيد - وهو: ابن جدعان -: ضعيف.

وقد رواه من طريقه أحمد (5/ 437 و 438 - 439)، والطبراني في " المعجم
الكبير" (6/ 315/ 6151). ومن روايتهما تبين أن في حديث الترجمة
اختصاراً مخلاً ؛ فإن تمامه:
"ثم صلى الصلوات الخمس ؛ تحاتت خطاياه ..." الحديث.

(14/1084)


@@@ 1085
ولهذه التتمة طريق أخرى عن أبي عثمان النهدي، في" معجم الطبراني الصغير"
و" الكبير " أيضاً، وهو مخرج في " الروض النضير" (339)، وفي " الصحيحة "
(3402) أيضاً. وله فيه شاهد من حديث ابن عمر ؛ فانظره إن شثت برقم (1398).

(تنبيه): أخرج الحديث الطبراني بالتتمة من طريقين عن علي بن زيد ؛
أحدهما: عن يونس بن عبيد. فألقي في النفس أن (يونس) المذكور في الطريق
الأولى عند البيهقي لعله (يونس بن عبيد) هذا، ويكون قد سقط بينه وبين أبي
عثمان: (علي بن زيد) ؛ لسوء الطبعة. والله سبحانه وتعالى أعلم.

6985 - ( من أحب أن يسمع خَريرَ (الكوثِر) ة فلْيجعلْ أُصبعيه في
أذنَيه ).

منكر.
أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير" (30/ 207) من طريق أبي
جعفر الرازي عن ابن أبي نجيح عن عائشة قالت:... فذكره موقوفاً عليها.
ومن طريق الرازي أيضاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن رجل عنها قالت:
" (الكوثر): نهر في الجنة، ليس أحد يدخل أصبعيه في أذنيه إلا سمع
خرير ذلك النهر ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو جعفر الرازي - واسمه: عبسى بن أبي عيسى -:
ضعيف. قال الحافظ في " التقريب ":
"صدوق سين الحفظ ".
ثم هو منقطع من الطريقين ؛ كما هو ظاهر، وبه أعله ابن كثير ؛ ففال في
"تفسيره" (4/557):

(14/1085)


@@@ 1086
"وهذا منقطع بين ابن أبي نجيح وعائشة. وفي الرواية الأخرى: عن رجل
عنها، ومعنى هذا: أنه يسمع نظير ذلك، لا أنه يسمعه نفسه. والله أعلم".

قلت: لا وجه لهذا التأويل ما دام أن الأثر لم يصح. وقد روي مرفوعاً ؛ فقال
ابن كثير عقب ما تقدم:
" قال السهيلي: ورواه الدارقطني مرفوعاً من طريق مالك بن مِغول عن الشعبي
عن مسروق عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
هكذا ساقه، وهذا القدر من الإسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وليته
ساق إسناده بتمامه لننظر فيه ؛ فإني أظن أنه لا يصح إلى مالك بن مغول. ثم إنه
لم يسق لفظه أيضاً. نعم ؛ قد ساقه الشيخ إسماعيل العجلوني في " كشف الخفاء"
(1/ 103) نقلاً عن السهيلي أيضاً عن عائشة مرفوعاً:

" إن الله أعطاني نهراً يقال له: (الكوثر) في الجنة، لا يدخل أحد أصبعيه
في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر". قلت: يا رسول الله! وكيف ذلك ؟ قال:
" أدخلي أصبعيك في أذنيك وسدي تسمعين منها من خرير الكوثر".

وفي " الجامع الصغير " و" الكبير " أيضاً من رواية الدارقطني عنها بلفظ:
" إذا جعلت أصبعيك في أذنيك ؛ سمعت خرير الكوثر".
وما أظن إلا أنه مختصر من الذي قبله. فمن الغراثب أن الشيخ العجلوني قواه
به !! فإنه من تقوية الضعيف بنفسه! فالأقرب إلى الصواب ما صنعه العلامة طاهر
الهندي الفتني في كتابه " تذكرة الموضوعات " ؛ فإنه ذكر فيه (ص 166)
حديث:

(14/1086)


@@@ 1087
" إذا طنت أذن أحدكم... "، وهو من الموضوعات ؛ وتراه في "ضعيف
الجامع" ؛ فنقل العلامة قول العقيلي فيه: " لا أصل له" فتعقب عليه بقوله:
" ونحوه ما روي عن عائشة: إن الله أعطاني نهراً يقال له: الكوثر... "
الحديث - كما تقدم عن " الكشف " -.
وفسره العلامة بقوله - تبعاً لابن كثير -:
" أي: سمع مثل خريره، شبَّه دويه بدوي ما يسمع إذا وضع الإنسان أصبعيه
في أذنيه ".
فأقول: التأويل فرع التصحيح، وإذ ليس ؛ فليس!!

وإن مما يؤكد نكارة هذا الحديث بل بطلانه أنه تواترت الأحاديث عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
وصف الكوثر، وليس في شيء منها هذا المذكور هنا ؛ فانظرها إن شئت في "ابن
كثير" و"فتح الباري/التفسير، والرقائق"، وبعضها في" صحيح الجامع": " الكوثر
نهر في الجنة"، "هل تدرون ما الكوثر؟ هو نهر أعطانيه ربي في الجنة... ".

6986 - ( إِذَا حُرِمَ أَحَدُكُمُ الزَّوْجَةَ وَالْوَلَدَ ؛ فَعَلَيْهِ بِالْجِهَادِ ).
ضعيف .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (19/ 242/ 543) من
طريق عبد الرحمن بن أبي الموال: ثنا موسى بن محمد بن حاطب عن أبيه
مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعمف، رجاله ثقات ؛ غير موسى بن محمد بن حاطب!
فلم أجد له ترجمة، ولا في " ثقات ابن حبان "! وقد ذكره المزي فيمن روى عنهم
( عبد الرحمن بن أبي الموال).

(14/1087)


@@@ 1088
والحديث قال الهيثمي في " مجمع الزوائد" (5/ 278):
" رواه الطبراني، وفيه (موسى بن محمد بن حاطب)، ولم أعرفه، وبقية
رجاله ثقات".

6987 - (إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّاتِي عَلَى رَءُوسِهِنَّ مِثْلَ أَسْنِمَةِ الْبُعْرِ ؛ فَأَعْلِمُوهُنَّ
أَنَّهُ لَيسَ لَهُنَّ صَلَاةٌ).

منكر.
أخرجه البزار في "مسنده " (3/ 385/ 315)، والطبراني في
" المعجم الكبير " (22/ 370/ 928)، وأبو نعيم في " معرفة الصحابة، (2/
271/ 1) من طريق حماد بن يزيد: حدثني مخلد بن عقبة عن أبي شقرة
مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد مظلم مجهول ؛ أبو شقرة فمن دونه لا يعرفون الا به، وقد
أشار إلى ذلك الحافظ ابن عبد البر بقوله في " الاستيعاب" في ترجمة أبي شقرة
التميمي:
" روى عنه مخلد بن عقبة، فيه نظر". وقال الهيثمي في " المجمع " (5/
137):
" رواه الطبراني والبزار، وفيه حماد بن يزيد عن مخلد بن عقبة، ولم
أعرفهما".
وذكر الحافظ في ترجمة (مخلد بن عقبة) من " اللسان " عن الغلابي أنه
قال في "الوشي":

(14/1088)


@@@ 1089
" لا أعرف [ حال [ عقبة ولا مخلد ".

6988 - ( إِذَا رَأَيْتُمْ عَمُودًا أَحْمَرَ قِبَلَ الْمَشْرِقِ فِي رَمَضَانَ ؛ فَادَّخِرُوا
طَعَامَ سَنَتِكُمْ ؛ فَإِنَّهَا سَنَةُ جُوعُ ).

منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1/ 119/ 371):
[حدثنا ] أحمد بن رشدين قال: نا زيد بن بشر الحضرمي قال: نا بشر بن بكر
قال: حدثتني أم عبد الله ابنة خالد بن معدان عن أبيها عن عبادة بن الصامت
مرفوعاً. وقال:
" لم يروه عن أم عبد الله ابنة خالد إلا بشر بن بكر، تفرد به زيد بن
بشر".
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة (أم عبد الله) هذه، قال الهيثمي في
" مجمع الزوائد " (5/ 35):
" رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفيه (أم عبد الله ابنة خالد بن
معدان)، ولم أعرفها، وبقية رجاله ثقات ".

قلت: أحمد بن رشدين - وهو: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين
المصري -: ليس منهم ؛ فقد أورده الذهبي في "المغني " وقال:
" قال ابن عدي: يكتب حديثه مع ضعفه"!
فلعله في " كبير الطبراني" من غير طريقه، والقسم الذي فيه أحاديث (عبادة)
غير مطبوع منه فيما علمت. والله سبحانه وتعالى أعلم.

(14/1089)


@@@ 1090
6989 - ( إِذَا سُئِلَ الرَّجُلُ عَنْ أَخِيهِ ؛ فَهُوَ بِالْخِيَارِ ، إِنْ شَاءَ ؛ سَكَتَ ،
وَإِنْ شَاءَ ؛ قَالَ فَصَدَقَ ).

ضعيف.
أخرجه أبو داو! في "المراسيل " (289/ 400)، ومن طريقه
البيهقي في " سننه" (10/ 125) عن الصعق بن حَزْن عن الحسن مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف ؛ الحسن - هو: البصري -: قالوا: مراسيله
كالريح.
والصعق بن حزن - مع كونه من رجال مسلم ؛ فهو -: صدوق يهم - كما قال
الحافظ في " التقريب " -.

6990 - ( إذا سَمَّيتُم، فعبِّدُوا ).
ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (20/179/ 383)
من طريق أبي أمية بن يعلى الثقفي عن أبيه عن عبد الملك بن أبي زهير عن أبيه
مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته أبو أمية هذا - واسمه: إسماعيل بن
يعلى الثقفي -: قال الذهبي في " المغني ":
" بصري متروك " ، وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (8/ 50):
" رواه الطبراني، وفيه أبو أمية بن يعلى، وهو ضعيف جداً ".

وعبد الملك بن أبوب زهير: قال الذهبي:
" روى عنه سعيد بن السائب، صويلح، ولا يكاد يعرف".

(14/1090)


@@@ 1091
والحديث رواه أيضاً مسدد، والحسن بن سفيان، وابن منده، وأبو أحمد الحاكم
في "الكنى" عن أبي زهير - كما في " الجامع الكبير " -، وما أظنه إلا من هذه
الطريق.

6991 - ( لا تناموا عن طلب أرزاقكم فيما بين صلاة الفجر إلى
طلوع الشمس ).

منكر جداً.
أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس " (3/ 161) من طريق
الأصبغ بن نباتة عن أنس رفعه. قال:
فسئل أنس عن معنى هذا الحديث ؛ فقال: تسبح وتكبر، وتستغفر سبعين
مرة ؛ فعند ذلك ينزل الرزق.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ (الأصبغ بن نباتة): قال الذهبي في "المغني ":
"واهٍ غالٍ في تشيعه، تركه النسائي، وقال ابن معين: ليس بثقة ". وقال
الحافظ:
"متروك، رمي بالرفض ".
وقد روي من طريق أخرى عن أنس مختصراً بلفظ:
"الصُّبحة تمنعُ الرزق ". وهو ضعيف جداً - كما سبق تحقيقه برقم (3019) -.

وقد حاول السيوطي تقويته ببعض طرقه، فلم ينجح لشدة ضعفها، ومنها
حديث الترجمة.
ويشبهه ما أورده السيوطي في "جامعيه" من رواية الطبراني في "الكبير"

(14/1091)


@@@ 1092
عن ابن عباس بلفظ:
" إذا صليتم الفجر ؛ فلا تناموا عن طلب رزقكم ".
ولم أجده عند الطبراني، وبيَّض له المناوي، ولا أورده الهيثمي في " مجمع
الزوائد". فأنا في شك كبير من هذا العزو، ولو كان له أصل ؛ لذكره السيوطي في
جملة ما ذكر من الشواهد لحديث (الصُّبْحَة) ؛ كما فعل الشيخ طاهر الفتني
الهندي في "تذكرة الموضوعات " (ص 110)، وتبعه الشوكاني في " الفوائد
المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص 153)، ومن الظاهرأن عمدتهما في
ذلك " الجامع الصغير " الذي لم يستشهد به مؤلفه نفسه. والله أعلم.

6992 - ( إذا صلَّيتم على جنازة ؛ فاقرأوا بفاتحة الكتاب ).
ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (24/ 162/ 413) من
طريق مرزوق أبي عبد الله الشامي عن [ حماد بن ] جعفرعن شهربن حوشب
عن أسماء بنت يزيد مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ شهر بن حوشب: سين الحفظ.
وحماد نجن جعفر: لين الحديث - كما في " التقريب " -.
وكان الأصل (أبي جعفر) ؛ فصححته من " تهذيب الكمال " ؛ فقد ذكره
في شيوخ (مرزوق) هذا، وفي الرواة عن (شهر).

والحديث تكلم عليه الهيثمي في " المجمع "، فما أروى ! قال (3/ 32):
" رواه الطبراني في "الكبير " وفيه (معلى بن حمران)، ولم أجد من ذكره،

(14/1092)


@@@ 1093
وبقية رجاله موثقون، وفي بعضهم كلام".
قلت: قوله: (معلى) يبدو أنه تحرف على الهيثمي ؛ فإن الثابت في " الطبراني"
(محمد)، وهو معروف مترجم في " الجرح والتعديل" و "التهذيب" وغيرها،
وهو الراوي لهذا الحديث عن مرزوق.

6993 - ( إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا : واللهِ ! مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ؛
فقد حَبِطَ عَمَلُهَا).

موضوع .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (7/ 167) من طريق سلام بن
رزين عن عمرو بن سليمان عن يوسف بن إبراهيم التميمي عن أنس مرفوعاً.
أورده في ترجمة (يوسف) هذا، وروى عن البخاري أنه قال:
" صاحب عجائب ".
وبه أعله المناوي في " الفيض "، وهذا جرح شديد ؛ فقوله في " التيسير ":
" إسناده ضعيف" ؛ غير سديد، لا سيما ودونه من حاله أسوأ - كما يأتي -.

و (عمرو بن سليمان): لم أعرفه، وكذا وقع في ترجمة (يوسف) من "الميزان"
وساق له أحاديث مما أنكر عليه هذا أحدها ؛ فأخشى أن يكون محرفاً.. صوابه: (عمر
ابن سُليم) وهو: الباهلي ؛ فإنه هكذا ذكروه في الرواة عن (يوسف) وذكروا هذا
في شيوخ الباهلي وهو صدوق له أوهام - كما في " التقريب " -:
وسلام بن رَزبن: قال الذهبي في " الميزان ":
" لا يعرف، وحديثه باطل ".

(14/1093)


@@@ 1094
ثم ساق له حديثاً عن رواية العقيلي عنه بسنده، عن ابن مسعود في القراءة
على المصروع، وقال:
" قال أحمد: هذا موضوع، هذا حديث الكذابين ".
قلت: لكن حديث ابن مسعود هذا له طريق أخرى يمنع الحُكم عليه بالوضع
- كما كنت بينته فيما تقدم (2189) -. والله أعلم.

6994 - ( إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ ؛ فَلْيَقُلِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ فِيْنَا
أَرْوَاحَنَا بَعْدَ إِذْ كُنَّا أَمْوَاتًا ).

منكر جداً.
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (2/ 347)، والطبراني في
"المعجم الكبير " (22/107/ 269) عن طريق محيسى بن إبراهيم البركي: ثنا
عبد الرحمن بن مسهر: ثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني عن عون بن أبي
جحيفة عن أبيه مرفوعاً!
قلت ة وهذا إسناد ضعيف جداً (عبد الرحمن بن مسهر) متفق على ضعفه ؛
بل قال أبو حاتم:
" متروك ". وكذا تركه النسائي، وقال البخاري:
"فيه نظر".
ومنه يتبين تساهل الهيثمي في قوله (10/ 125) - بعد ما عزاه للطبراني -:
"... وفيه عبد الرحمن بن مسهر، وهو ضعيف ".

(14/1094)


@@@ 1095
6995 - ( إذا قرأ الرجلُ القرآن ، وأحتشَى من أحاديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت هناك غَريزة ؛ كان خليفةُ من خلفاءِ الأنبياء عليهم السلام ).
موضوع.
أخرجه الرافعي في " تاريخ قزوين " (1/ 126 - 127) من طريق
أبي المنتصر مقبل بن رجاء الحارثي بـ (طوس): ثنا أبو الهذيل عيسى بن نصر
السرخسي: ثنا منصور بن عبد الحميد: سمعت أبا أمامة يقول:... فذكره
مرفوعاً.
أورده في ترجمة (منصور) هذا، بروايته عن جمع من الصحابة والتابعين،
ولم يَحْكِ فيه جرحاً ولا تعديلاً، وهو متهم بالوضع ؛ قال ابن حبان في " الضعفاء "
(3/ 39):
" شيخ يروي عن أبي أمامة بنسخة شبيهاً بثلاث مئة حديث، أكثرها
موضوعة لا أصول لها، لا يحل الرواية عنه، وإنما ذكرته ليعرف ؛ لأن أصحابنا كتبوا
عنه ". وقال الحاكم:
"روى أحاديث موضوعة ". وقال أبو نعيم:
"روى عن أبي أمامة الأباطيل ؛ لا شيء ".

قلت: وهو من الأحاديث التي بيض لها المناوي في " شرحيه" ؛ فالظاهر أنه
لم يقف على إسناده ؛ ولذلك لم يتعقبه الشيخ الغماري بشيء في " المداوي "،
ولكنه قال في " المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير " (ص 17):
"قلت: ليس هذا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

وكنت " ألَّفت " ضعيف الجامع الصغير " - ولم أقف على إسناد الحديث ؛ لأن

(14/1095)


@@@ 1096
" تاريخ قزوين " لم يكن قد طبع - ؛ اكتفيت بالإشارة إلى ضعفه، مشياً مع
القاعدة: (أن ما تفرد به الرافعي وأمثاله من المتأخرين ضعيف)، والآن فقد تبين
وضعه. والله ولي التوفيق.

6996 - (إذا قُرِّبَ إلى أحدِكم طعامٌ وهو صائمٌ ؛ فليقلْ : باسم الله،
والحمد لله، اللهم ! لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت،
سبحانك وبحمدك، تقبله مني، إنك أنت السميع العليم ).

منكر جداً.
عزاه في " الفتح الكبير " لـ (قط).. هكذا أطلق، والصواب
تقييده بـ (في "الأفراد") - كما فعل السيوطي في "الجامع الكبير "، وسكت
عنه ؛ كما هي غالب عادته - وقد وقفت على إسناده في " أمالي الشجري " (1/
259) أخرجه من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي قال: حدثنا داود بن
الزبرقان عن شعيب عن ثابت عن أنس مرفوعاً به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ داود وإسماعيل: ضعيفان، والأول أشد
ضعفاً، قال الحافظ في " التقريب ":
" متروك، وكذبه الآزدي ".

6997 - ( إِذَا كَانَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ؛ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ فِيهَا مِنَ الدَّرَاهِمِ
وَالدَّنَانِيرِ ؛ يُقِيمُ الرَّجُلُ بِهَا دِينَهُ وَدُنْيَاهُ ).

منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (20/ 279/660) من
طريق بكر بن محمد القرشي: ثنا بقية: ثنا عبد الجبار الزبيدي: ثنا أبو بكر بن
أبي مريم عن حبيب بن عبيد قال:

(14/1096)


@@@ 1097
رأيت المقدام بن معدي كرب جالساً في السوق، وجارية له تبيع لبناً، وهو
جالسُ يأخذ الدراهم، فقيل له في ذلك ؟ فقال:... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم ؛ أبو بكر بن أبي مريم: ضعفوه لاختلاطه.
ومن دونه لم أعرفهم غير (بقية) - وهو: ابن الوليد -، وهو مدلس، وما أظن
تصريحه فيه بالتحديث محفوظاً ؛ لأن القرشي الراوي عنه غير معروف، ومن
الممكن أن يكون (عبد الجبار الزبيدي) من شيوخ بقية المجهولين. وقد أسقطه
بعضهم من الإسناد. أخرجه الطبراني في " الأوسط" (2269) و "الصغير"
بنحوه، وهو مخرج في "الروض النضير" (874).

ومن الغريب قول الطبراني عقبه:
"لم يروه عن أبي بكر بن أبي مريم إلا بقية بن الوليد، تفرد به محمد بن
الحارث بن عرق "!
فكأنه نسي إخراجه إياه في " الكبير" من طريق (القرشي) المذكور!
فلا غرابة أن تفوته رواية أبي اليمان عن أبي بكر بن أبي مريم عند الإمام أحمد
(4/ 133).

6998 - ( إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ ، فَأَخَّرَهُ إِلَى أَجَلِهِ ؛ كَانَ
لَهُ صَدَقَةٌ ، فَإِنْ أَخَّرَهُ بَعْدَ أَجَلِهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ ).

موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (18/ 245/ 603) من
طريق أبي داود عن عمران بن حصين مرفوعاً.

(14/1097)


@@@ 1098
قلت: وهذا موضوع ؛ (أبو داود) هذا - هو: الأعمى ؛ المسمى بـ: (نفيع بن
الحارث) -: قال الذهبي في " المغني".
" هالك، تركوه ". وقال الحافظ في " التقريب ":
" متروك، وقد كذبه ابن معين ".
وبه أعله الهيثمي فقال (4/ 135):
" رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه أبو داود الأعمى، وهو كذاب ".

6999 - ( إِذَا كَانَتْ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ ،
وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ ؛ فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا .
وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ ، وَأُمْرُكُمْ إِلَى
نِسَائِكُمْ ؛ فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا ).

ضعيف.
أخرجه الترمذي (2267)، وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار"
(1/ 113/ 186 - مسند عمر)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن "
(29)، وأبو نعيم في " الحلية " (6/ 176) من طريق صالح المري عن سعيد
الجريري عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الترمذي مضعفاً:
" حَدِيثٌ غَرِيبٌ ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ (صَالِحٍ الْمُرِّيِّ) وَفِي حَدِيثِهِ
غَرَائِبُ يَنْفَرِدُ بِهَا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا ، وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ ". وقال الذهبي في " المغني ":
" تركه أبو داود والنسائي، وضعفه غيرهما ".

(14/1098)


@@@ 1099
7000 - ( إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ؛ نَادَى مُنَادٍ : هَلْ مِنْ
مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ ؟ فَلَا يَسْأَلُ أَحَدٌ شَيْئًا إِلَّا أُعْطِيَ ،
إِلَّا زَانِيَةٌ بِفَرْجِهَا ، أَوْ مُشْرِكٌ ).

ضعيف.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (3/ 383/ 3836) من
طريق جامع بن صَبِيح الرملي: نا مرخوم بن عبد العزيز عن داود بن عبد الرحمن
عن هشام بن حسان عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ وله علتان:
إحداهما: عنعنة الحسن - وهو: البصري - ؛ فقد كان يدلس.
والأخرى: ضعف (جامع ين صَبِيح الرملي) - كما في" اللسان " -.

7001 - ( إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ عَقْرَبًا وَهُوَ يُصَلِّي ، فَلْيَقْتِلْهَا بِنَعْلِهِ الْيُسْرَى ).
منكر.
أخرجه أبو داود في " المراسيل " (97/ 47) من طريق سليمان ابن
موسى عن رجل من بني عدي بن كعب:
أنهم دخلوا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي جالساً، فقالوا: ما شأنك يا رسول الله ؟!
فقال:
"لسعتني عقرب "، ثم قال:... فذكره. وقال أبو داود عقبه:
" سليمان لم يدرك العدوي هذا ".
قلت: ولذلك أعله الزيلعي في "نصب الراية " (2/ 100)، والحافظ في

(14/1099)


@@@ 1100
" التلخيص" (1/ 284) بأنه منقطع.
وهو يعني عندهم: أن (سليمان بن موسى) - وهو: الأموي - لم يدرك الرجل
العدوي، وأن هذا من الصحابة ؛ وذلك ؛ لأن أكثر روايات (سليمان) عن
التابعين، ولم يرو إلا عن بعض الصحابة.

وفي هذا نظر عندي ؛ لأنه ليس في الإسناد ما يدل على أن الرجل من
الصحابة، وقوله: "أنهم دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم" ليس فيه أنه كان معهم ؛ وعليه
فمن المحتمل أن يكون من التابعين ؛ وحينئذ فالعلة الإرسال وليس الانقطاع. والله
سبحانه وتعالى أعلم.
على أن الراوي عنه (سليمان) فيه بعض الكلام ؛ فإنه كان اختلط قبل موته
بقليل.
وقد جاء الأمر منه صلى الله عليه وسلم بقتل العقرب في الصلاة عن غير واحد من الصحابة،
وبعضها في " صحيح مسلم "، وليس في شيء منها ما في هذا من قتلها بالنعل
اليسرى! وقد خرجت طائفة منها في "تخريج المشكاة " (1004)، و" صحيح
أبي داود " (854).

7002 - (إذا وقعتم في الأمر العظيم ؛ فقولوا:{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ
الْوَكِيلُ} ).

ضعيف جداً.
أخرجه ابن مردويه - كما في " تفسير ابن كثير" (1/ 430) -
من طريق أبي خيثمة مصعب بن سعد: أنبأنا موسى بن أعين عن الأعمش عن
أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال ابن كثير:

(14/1100)


@@@ 1101
" حديث غريب من هذا الوجه ".
قلت: وإسناده ضعيف جداً ؛ آفته (مصعب بن سعد) هذا: قال ابن عدي:
"يحدث عن الثقات بالمناكير، ويصحف، والضعف على رواياته بيِّن".
ثم ساق له أحاديث مما أنكر عليه، فقال الذهبي:
" ما هذه إلا مناكير وبلايا". وأقره الحافظ في " اللسان ".

(تنبيه): من جهل الشيخ محمد الصابوني بهذا العلم وقلة فهمه لعبارات
الحفاظ أنه نقل من الحديث في "مختصره" لتفسير ابن كثير (1/ 339)، وقد
تعهد في مقدمته أن لا يذكر فيه من الحديث إلا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فالظاهر
أنه لم يفهم أن قول الحافظ ابن كثير: " غريب " أن معناه (ضعيف)! ولئن كان
فهم ؛ فأمره أعظم، والإثم أكبر.
ثم هو كعادته يتشبع بمالم يعط ؛ فينقل تخريجه من ابن كثير، ويجعله في
حاشية " مختصره " موهماً القراء أنه من تخريجه!
وإن من غفلته أو قلة فهمه أنه نسب قول ابن كثير المتقدم إلى مخرجه ؛ فقال
في حاشيته:
" رواه ابن مردويه وقال: حديث غريب من هذا الوجه" إا
وأما المناوي فاقتصر في شرحيه على قوله: " إسناده ضعيف، دون أن يكشف
عن علته.

(14/1101)


@@@ 1102
وأما الغماري في " المداوي " (1/ 480 - 481) فأتى الأمر من قريب فقال:
"مصعب بن سعيد ضعفه الذهبي (!)، لكن له شواهد... ".
ثم ذكرها وهي شواهد قاصرة، وأحدها ضعيف وهو:
" إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك، بالكيس، فإن غلبك أمر ؛ فقل:
حسبي الله ونعم الوكيل ".
وهو مخرج في " الكلم الطيب" (79/ 137).

7003 - ( إِذَا وُقِعَ فِي الرَجُلٍ وَأَنْتَ فِي مَلَإٍ ، فَكُنْ لِلرَّجُلِ نَاصِرًا ،
وَلِلْقَوْمِ زَاجِرًا ، أَوْ قُمْ عَنْهُمْ . ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ
لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} ).

ضعيف.
أخرجه ابن أبي الدنيا في" الصمت " (136/ 242)، وفي
"الغيبة " (101/ 107) من طريق أبي المجبر الحمصي عن شيخ من أهل
البصرة عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، مظلم مجهول ؛ الشيخ البصري: لم يسم.
وأبو المجبر الحمصي: لم يذكروه في " الكنى ". والله أعلم.

7004 - (أربع من كن فيه ؛ حرمه الله على النار ، وعصمه من
الشيطان: من ملك نفسه حين يرغب ، وحين يرهب، وحين يشتهي ،
وحين يغضب).

ضعيف.
أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/ 166 - 167/

(14/1102)


@@@ 1103
الغرائب الملتقطة) من طريق ابن السني معلقاً بسنده عن شعيب بن يعيش بن
يحيى عن جده يحيى بن عبد الله عن عمر بن سالم عن محمد بن عجلان عن
أبان عن (الأصل: بن) عمر بن عثمان عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ عمر بن عثمان: لا يعرف.
ومن دون (ابن عجلان) لم أعرفهم.
وأبان - هو: ابن صالح القرشي مولاهم، وهو -: ثقة.
والحديث أورده السيوطي في "الجامع الصغير " من رواية الحكيم الترمذي عن
أبي هريرة بزيادة في متنه نصها:
" وأربع من كن فيه ؛ نشر الله عليه رحمته، وأدخله الجنة: من آوى مسكيناً،
ورحم الضعيف، ورفق بالمملوك، وأنفق على الوالدين ".

وكذلك أورده في " الجامع الكبير" رقم (2872) وزاد في العزو: " الديلمي
عن عثمان "! وليس فيه الزيادة - كما سبق -، ثم هو عنده معلق! وقال المناوي في
"شرحيه ":
" وإسناده ضعيف".
ولم يبين علته ؛ فكأنه جرى فيه على القاعدة التي ذكرها السيوطي في مقدعة
" الجامع الكبير ": أن ما تفرد بروايته الحكيم الترمذي ونحوه ؛ فالعزو إليه ينبئ عن
ضعفه.

(14/1103)


@@@ 1104
7005 - ( أَرْبَعَةٌ يُؤْتَوْنَ أُجُورَهُمْ مَرَّتَيْنِ:
أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ.
وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَعْجَبَتْهُ، فَأَعْتَقَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا.
وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ سَادَتِهِ ).

منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/252/ 7856): حدثنا
أحمد بن رشدين: ثنا سعيد بن أبي مريم: أنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن
زحر عن علي بن يؤيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسنادٌ واهٍ : ابن رشدين، وابن زحر، وابن يزيد: ضعفاء، والمتن
منكر بذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أعله في " مجمع الزوائد" (4/ 260) بابن
يزيد فقط، قال:
" رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف وقد وثِّق".

فأقول: هذا التوثيق مريض! لا سيما هنا ؛ فقد خالفه سليمان بن عبد الرحمن
عن القاسم... بلفظ:
" من أسلم من أهل الكتاب ؛ فله أجره مرتين، وله ما لنا، وعليه ما علينا،
ومن أسلم من المشركين ؛ فله أجره، وله ما لنا، وعليه ما علينا".
أخرجه أحمد (5/ 259)، والطبراني أيضاً (8/224 - 225/ 7786).
قلت: وإسناده حسن.

(14/1104)


@@@ 1105
وإن مما يدل على نكارة المتن مخالفته لحديث الشيخين عن أبي موسى
"ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين... " الحديث ؛ فذكر الثلاثة دون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم،
وهو مخرج في " الصحيحة " (1153) وغيره.
وإن من تناقض المناوي في حديث الترجمة أنه في "الفيض" نقل عن
الهيثمي إعلاله إياه بـ (علي بن يزيد)، وفي" التيسير" قال:
" إسناده حسن " !!

7006 - ( أَرْبَعُونَ خُلُقًا يُدْخِلُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ ، أَرْفَعُهَا خُلُقًا مَنحَةُ شَاةٍ ).
منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (7/ 252/ 7422) من
طريق محمد بن خلف بن صالح البصري: ثنا محرز بن بشار: ثني صالح المُري
عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:
"لم يروه عن هشام بن حسان إلا صالح المري ".
قلت: قال الذهبي في " المغني ":
"تركه أبو داود والنسائي، وضعفه غيرهما ".
وبه أعله الهيثمي (3/ 133)، فقال:
" رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه صالح المري، وهو ضعيف ".
قلت: ومن دونه لم أعرفهما.

(14/1105)


@@@ 1106
7007 - (أَرْديةُ الغُزاةِ السُّيوفُ).
ضعيف.
أخرجه عبد الرزاق في "ا!لصنف " (5/ 306/ 9700) من طريق
ابن جريج عن زهير قال: أخبرني رجل من الأنصار عن الحسن مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، الحسن هو: البصري، ومرسلاته كالريح.
والأنصاري: لم يسم ؛ فهو مجهول.
وزهير: قال في " التهذيب ":
لا يحتمل أن يكون (زهير بن معاوية أبو خيثمة) ؛ فإن ابن جريج قد روى
عنه ".
وابن جريج: مدلس، وقد عنعنه.

7008 - (انْتَضِلُوا وَارْكَبُوا ، وَأَنْ تَنْتَضِلُوا أَحَبُّ إِلَيَّ .
وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةً الْجَنَّةَ ؛ صَانِعَهُ ؛
الْمُحْتَسِبَ فِيهِ ، وَالْمُمِدَّ بِهِ ، وَالرَّامِيَ بِهِ.
وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُدْخِلُ بِلُقْمَةِ الْخُبْزِ ، وَقَبْضَةِ التَّمْرِ ، وَمِثْلِهِ مِمَّا يَنْتَفِعُ
بِهِ الْمِسْكِينُ ثَلَاثَةً الْجَنَّةَ : رَبَّ الْبَيْتِ الْآمِرَ بِهِ ، وَالزَّوْجَةَ تُصْلِحُهُ ، وَالْخَادِمَ الَّذِي
يُنَاوِلُ الْمِسْكِينَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَنْسَ خدمَنا).

ضعيف.
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط " (5/ 278/5309) من
طريق سويد بن عبد العزيز عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي
هريرة مرفوعاً.

(14/1106)


@@@ 1107
قلت: وهذا إسناد ضعيف ! سويد بن عبد العزيز: ضعيف - كما قال الحافظ
في " التقريب " -، وبه أعله الهيثمي فقال (3/ 112):
" رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف ".
وقال في مكان آخر (5/ 269):
"... قال أحمد: متروك ".

(تنبيه): هكذا وقع الحديث في " الأوسط ": (انتضلوا واركبوا)، وكذا هو
في " الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير " ؛ لكن بتقدم الفعل الثاني
على الأول. ولعل الأولى الأول. وكذلك وقع في " المجمع " ؛ لكنه قال: (ارموا
وانتضلوا)، ولعله من تحريف النساخ ؛ لأن [ التناضل ] هو الرمي بالسهام ؛ فيكون
أحد اللفظين مكرراً لا معنى له. فتأمل.

7009 - ( أُرِيتُ أَنِّي وُضِعْتُ فِي كِفَّةٍ، وَأُمَّتِي فِي كِفَّةٍ ؛ فَعَدَلْتُها، ثُمَّ
وُضِعَ أَبُو بَكْرٍ فِي كِفَّةٍ، وَأُمَّتِي فِي كِفَّةٍ فَعَدَلَهَا، ثمَّ وُضِعَ عُمَرُ فِي كِفَّةٍ ،
وَأُمَّتِي فِي كِفَّةٍ، فَعَدَلَهَا. ثمَّ وُضِعَ عُثْمَانُ فِي كِفَّةٍ ، وَأُمَّتِي فِي كِفَّةٍ ؛
فَعَدَلَهَا. ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ ).

ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (20/ 86/ 165)،
وفي " مسند ابشاميين " (3/ 259/ 2209) من طريق عمرو بن واقد عن
يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن معاذ بن جبل مرفوعاً.
قلت: وهذا ضعيف جداً ؛ آفته (عمرو بن واقد) هذا - وهو: الدمشقي -: قال
الذهبي في" المغني ":

(14/1107)


@@@ 1108
" قال الدارقطني وغيره: متروك".
وهو الذي اعتمده الحافظ ؛ فقال في" التقريب ":
" متروك" . وقال الهيثمي (9/ 59):
" رواه الطبراني، وفيه (عمرو بن واقد)، وهو متروك، ضعفه الجمهور. وقال
محمد بن المبارك الصوري: كان صدوقاً. وبقية رجاله ثقات".

قلت: وقد جاء بعضه بسند خير من هذا ؛ فانظر "الصحيحة " (3314).

7010 - ( اسْتَنْجُوا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ ؛ فَإِنَّهُ مَصَحَّةٌ لِلْبَوَاسِيرِ ).
ضعيف.
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط " (5/126/ 4858) من
طريق عمار بن هارون قال: نا أبو الربيع السمان عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عاثشة مرفوعاً. وقال:
"لم يروه عن هشام بن عروة إلا أبو الربيع السمان، تفرد به عمار ".

قلت: وهو ضعيف، وشيخه أبو الربيع أشد ضعفاً منه - واسمه: أشعث بن
سعيد -: قال الذهبي في " المغني ":
" واهٍ ، تركه الدارقطني وغيره ".
لكن ذكر السيوطي في " الجامع الصغير" أنه رواه أيضاً عبد الرزاق في
"المصنف " عن المسور بن رفاعة القرظي. ولم أره في النسخة المطبوعة منه، وفيها
خرم.

(14/1108)


@@@ 1109
و (القرظي): تابعي مقبول عند الحافظ ؛ فهو مرسل ضعيف.

7011 - ( اسْتَحِلُّوا فُرُوجَ النِّسَاءِ بِأَطْيَبِ أَمْوَالِكُمْ ).
ضعيف.
أخرجه أبو داود في " المراسيل " (183/ 211) من طريق الحكم
ابن عطية: سمع عبد الله بن كليب السدوسي عن يحيى بن يعمر مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف ؛ يحيى بن يعمر: تابعي ثقة.
وعبد الله بن كليب السدوسي: مجهول - كما قال الذهبي في " المغني "،
والحافظ في " التقريب " -.
والحكم بن عطية: قال الحافظ:
"صدوق له أوهام ".

7012 - ( أَسْفروا بصلاة الغَداةِ يغفر اللهُ لكمْ ).
منكر جداً.
أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/ 95) من طريق
أحمد بن مهران: ثنا خالد بن مخلد: ثنا يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن
نوفل: سمعت زيد بن أسلم يحدث عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته (يزيد النوفلي) هذا ؛ فإنه مجمع على
ضعفه - كما قال الذهبي في " المغني" -. ولذلك جزم الحافظ بضعفه في
" التقريب ". وقال أبو زرعة:
"واهي الحديث " وغلظ فيه القول جداً. وقال أبو حاتم:

(14/1109)


@@@ 1110
" ضعيف الحديث منكر الحديث جداً ". وقال البخاري:
" أحاديثه شبه لا شيء "، وضعفه جداً. وقال النسائي:
" متروك الحديث ".
فهذا تضعيف شديد من هؤلاء الأئمة النقاد.

وأحمد بن مهران - هو: ابن خالد الأصبهاني أبو جعفر -: ترجمه أبو نعيم،
ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، غير أنه كان لا يخرج من بيته إلا إلى الصلاة.
لكن ذكره الذهبي في " الميزان "، وقال:
، لايعتمد عليه ".
لكن زاد عليه الحافظ في " اللسان " ؛ فنقل عن ابن أبي حاتم في " الجرح "
(1/ 176/ 160) أنه قال فيه:
" وهو صدوق ".

وقد خالقه في لفظه بعض الثقات ؛ ؤقال البزار في " مسنده " (1/ 194/
382 - كشف الأستار): حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي: ثنا خالد
ابن مخلد... بلفظ:
" أسفروا بصلاة الفجر ؛ فإنه أعظم للأجر - أو: أعظم لأجركم - ".
والأزدي هذا: ثقة، مترجم في " التهذيب ".
وهذا اللفظ هو الصحيح المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث رافع بن

(14/1110)


@@@ 1111
خديج، وغيره من الصحابة. ولكن لا يصح إسناد شيء مها إلا عن رافع، ومن
طرق عنه - كما هومحقق في "إرواء الغليل " (1/ 281 -286) -.
ولا بد لي بهذه المناسبة أن أقول:
إن من قلة اهتمام الشيخ أحمد الغماري في كتابه " المداوي " بالتحقيق
العلمي الذي يجب عليه، ولا يجوز له كتمانه ؛ بيان مرتبة اللفظ الحفوظ لقرائه،
فقد سود أرج صفحات (1/ 550 - 554) في الرد على المناوى وتناقض كلامه
في الحديث، ولم يفصح عن رأيه في حديث رافع ؛ بل ظاهر كلامه أنه مضطرب
على وجوه أطال الكلام في سردها. وهو يعلم - إن شاء الله - أنه ليس كل مضطرب
ضعيفاً إلا إذا تساوت الوجوه كلها قوة، ولم يُمكن ترجيح شيء منها على غيرها،
وليس الأمر كذلك هنا ؛ كما كنت بينته في " الإرواء ".

كما أنه لم ينقل تصحيح وتقوية بعض الحفاظ إياه، كابن حبان والحازمي و
الحافظ ابن حجر، وكذ! ابن تيمية - كما ذكرت هناك -.
وإني لأخشى أن يكون تعمد الإغماض عن صحته ؛ لتوهمه أنه مخالف
للثابت في غير ما حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح في الغلس. والحق أنه
لا مخالفة ؛ لأن المقصود بهذا ابتداء الصلاة في الغلس، وبما قبله الخروج منها في
الإسفار - كما كنت بينته هناك - ! وبالله التوفيق.

7013 - (أشدُّ الناس بلاءً في الدنيا نبيٌّ أو صفيٌّ ).
منكر جداً .
أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/ 2 لم 115) في ترجمة
(نهشل القرشي) عن ابن المسيب عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً . وقال:

(14/1111)


@@@ 1112
"قاله أصبغ عن ابن وهب عن أبي نعيم ".
كذا وقع فيه: (أبي نعيم)، ويظهر أنه تحريف (ابن أنعم) ؛ فقد علق عليه
محققه الفاضل بقوله:
" من (صف)، كذا وقع فيها: " عن أبي نعيم "، وأراه تحريفاً، وانما ذكر ابن
أبي حاتم وابن حبان (عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي)، ويعرف بـ (ابن
أنعم) - كما في ترجمته من الكتب -. والله أعلم ".

قلت: وبيض له البخاري وابن أبي حاتم ؛ فلم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً ؛
فهو في عداد المجهولين. وهو غير (نهشل بن سعيد) الراوي عن الضحاك، وعنه
جماعة، وهو كذاب.
وانما استنكرت الحديث لضعف إسناده، ومخالفته للاحاديث الصحيحة في
ابتلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ؛ لخلوها من لفظة ؛ (صفي).
وهي مخرجة في " الصحيحة " (143 - 145).
وأما المناوي فزعم في " الفيض" أن السيوطي رمز لحسنه ! وأقره ! ثم تبناه في
"التيسير" فقال:
"إسناده حسن " !!

7014 - ( إنَّ أشدَّكم أملكُكم لنفسه عند الغضب، وأحلمَكم مَنْ
عفا بعْد القُدرةِ ).

ضعيف.
أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس " (1/ 141/ 2) من طريق

(14/1112)


@@@ 1113
إسماعيل بن صبح الواسطي: حدثنا زيد بن علي عن أبيه عن جده علي بن أبي
طالب:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ على قوم يقلون حجراً، فقال:
"ما هذا ؟ ". قالوا: حجر الأشداء. قال:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ (إسماعيل بن صبح الواسطي): لم أجد له ذكراً
في شيء من كتب الرجال التي عندي، حتى ولا في "تاريخ واسط، لـ (بحشل)،
ولا ذكروه في الرواة عن (زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله
عنهم) ؛ فهو في عداد المجهولين.
و دونه من لم أعرفه.
والحديث قال العراقي في "تخريج الإحياء " (3/ 175):
"أخرجه ابن أبي الدنيا من حديث علي بسند ضعيف ".

قلت: ونقله عنه المناوي في " شرحيه"، ولم يزده بياناً. وأما الشيخ أحمد
الغماري في " المداوي" (1/ 566) فاكتفى بسوق إسناد الديلمي ؛ فسود به
أربعة أسطر، ثم خنس !! وذكر أنه ورد من حديث أنس ؛ وأنه سيذكر سنده في
حرف: "ألا أدلكم ".
وهناك (3/ 160) بيَّن ضعفه، ولكنه وقع في وهم ؛ فذكر أنه ورد من
حديث علي رضي الله عنه بالسند الأول من إسنادي الطبراني! وهذا خطأ ؛ فإسناد
الطبراني يختلف كل الاختلاف، وقد سبق تخريجه (3360).

(14/1113)


@@@ 1114
7015 - ( أَضِفْ بِطَعَامِكَ مَنْ تُحِبُّ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ).
ضعيف جداً.
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب " الإخوان " (232/197):
حدثنا خالد بن مرداس عن عبد الله بن المبارك عن جويبر عن الضحاك مرسلاً.
وهو في كتاب " الزهد " لعبد الله بن المبارك (124).

قلت: وهذا مع إرساله ضعيف جداً، من أجل (جويبر) - وهو: ابن سعيد
الأزدي أبو القاسم البلخي -: قال الذهبي في " المغني ":
" قال الدارقطني وغيره: متروك ". وقال الحافظ في " التقريب ":
" ضعيف جداً".

7016 - ( اصْبِرُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ يَا بني هَاشِمٍ ! فَإِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
غُسَالاتُ النَّاسِ ).

ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (2 1/ 235/12980) من
طريق ابن لهيعة: حدثني الحارث بن يزيد عن أبي حمزة الخولاني عن ابن
عباس:
أن عمر بن الخطاب قال للعباس وللفضل بن عباس: اذكرا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يأمر
لكما من الصدقات، وإتي سأحضر لكما. فذكر ذلك الفضل لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛
فقال:... فذكوه.

قلت: وهذأ إسناد ضعيف ؛ لحال ابن لهيعة المعروف في الضعف.

(14/1114)


@@@ 1115
و (أبو حمزة الخولاني): أورده الذهبي في " الكنى " (203/ 1806)
وقال:
"عن جابربن عبد الله "، ولم يزد (*).

7017 - ( اصْطَفُّوا ، وَلْيَتَقَدَّمْكُمْ فِي الصَّلاةِ أَفْضَلُكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ ، وَمِنَ النَّاسِ ).

ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (22/ 56/ 133)،
و"مسند الشاميين" (4306/ 3382) من طريق أيوب بن مدرك عن
مكحول عن وائلة بن الأسقع مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ ابن مدرك: قال الذهبي:
" قال الدارقطني وجماعة: متروك". وبه أعله الهيثمي فقال (2/ 64):
" رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه أيوب بن مدرك، وهو منسوب إلى الكذب ".
ونقله عنه المناوي في "الفيض " وعقب عليه معترضاً على السيوطي:
" مكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب".

(تنبيه): هكذا وقع النص عند الطبراني في مصدريه المذكورين: " من
الملائكة ومن الناس". وكذلك هو في " الجامع الكبير" ؛ خلافاً لـ " الجامع الصغير " ؛
فإنه فيه بلفظ: (من الملائكة رسلاً ومن الناس). وهو كذلك في القرآن الكريم
__________
(*) أضاف الشيخ رحمه بخط يده وبقلم الرصاص مصدراً آخر وهو "الجرح " (4/ 2/ 361).
فقط ولم يعلق عليه بشيء . فليُنظر من القارئ الكريم.

(14/1115)


@@@ 1116
سورة {الحج}: {الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس}. فلا أدري إذا
كان (الكذاب) تعمد إسقاط هذه اللفظة الكريمة اقتباساً، أو أنها سقطت منه
نسياناً ؛ فاستدركها بعض النساخ أو المؤلفين. والله أعلم.

7018 - ( يَا أَبَا كَاهِلٍ ! أَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ ، وَلَوْ بِكَذَا وَكَذَا". يعني :
الْكَذِبَ ).

موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (18/361/ 927) من
طريق سليمان بن كرّاز: ثنا صدقة بن موسى الدقيقي: ثنا نفيع بن الحارث عن
أبي كاهل قال:
وَقَعَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلامٌ حَتَّى تَضَارَبَا؛ فَلَقِيتُ
أَحَدَهُمَا، فَقُلْتُ: مَالَكَ وَلِفُلانٍ؟ قَدْ سَمِعْتُهُ وَهُوَ يُحْسِنُ عَلَيْكَ الثَّنَاءَ، وَيَكْثُرُ لَكَ
مِنَ الدُّعَاءِ! وَلَقِيتُ الآخَرَ، فَقُلْتُ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ، فَمَا زِلْتُ أَمْشِي بَيْنَهُمَا ؛ حَتَّى
اصْطَلَحَا، فَقُلْتُ: مَا فَعَلْتُ ؟ أَهْلَكْتُ نَفْسِي وَأَصْلَحْتُ بَيْنَهُمَا ! وَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَخْبَرْتُهُ بِالأَمْرِ ؛ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ! مَا سَمِعْتُ مِنْ ذَا شَيْئًا،
وَلا مِنْ ذَا شَيْئًا ! فَقَالَ:... (فذكره) ؛ كَلِمَةٌ لَمْ أَفْهَمْهَا ، فَقُلْتُ: مَا عَنَى بِهَا؟
قَالَ: عَنَى الْكَذِبَ.

قلت: وهذا موضوع ؛ آفته (نفيع بن الحارث) - وهو: أبو داود الأعمى -: قال
الذهبي في " المغني ":
" هالك، تركوه". وقال الحافظ:
" متروك، وقد كذبه ابن معين ". وبه أعله الهيثمي، فقال (8/ 80):

(14/1116)


@@@ 1117
" رواه الطبراني، وفيه أبو داود الأ عمى، وهو كذاب ".
و (سليمان بن كرّاز): قال الذهبي:
" ضعفه ابن عدي".
قلت: وكذا العقيلي ؛ فقال في "الضعفاء " (2/ 138):
" الغالب على حديثه الوهم ".
ومشاه بعضهم. فانظر " اللسان " (3/ 101).

7019 - ( اضْمَنُوا لِي سِتَّ خِصَالٍ أَضْمَنُ لَكُمِ الْجَنَّةَ . قَالُوا: وَمَا هُنَّ
يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ:
لا تَظْلِمُوا عِنْدَ قِسْمَةِ مَوَارِيثِكُمْ . وَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ . وَلا
تَجْبُنُوا عِنْدَ قِتَالِ عَدُوِّكُمْ . وَلا تَغُلُّوا غَنَائِمَكُمْ . وَامْنَعُوا ظَالِمَكُمْ مِنْ
مَظْلُومِكُمْ ).

ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (8/ 338/8082) من
طريق العلاء بن سليمان الرقي عن الخليل بن مرة عن أبي غالب عن أبي أمامة
مرفوعاً.
وهذا إسناد ضعيف ؛ وله علتان:
الأولى: الخليل بن مرة: قال الذهبي في " المغني ":
" ضعفه يحيى بن معين ".

(14/1117)


@@@ 1118
ولذلك جزم الحافظ في " التقريب " بأنه ضعيف.
والأخرى: العلاء بن صليمان الرقي: قال الذهبي:
" قال ابن عدي: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف ".
وبه أعله الهيثمي فقال (4/ 139):
" رواه الطبراني في "الكبير "، وفيه العلاء بن سليمان. الرقي وهو ضعيف ".

(تنبيه): سقطت الخصلة السادسة، وقد نبه على ذلك الهيثمي.

7020 - ( أَطْيَبُ كَسْبِ الْمُسْلِمِ سَهْمُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَصَفْقَةُ يَدِهِ ،
وَمَا تُعْطِيهِ أَرْضُهُ ).

ضعيف.
أخرجه سعيد بن منصورفي " سننه " (3/ 2/316/ 2886):
نا ابن عياش عن عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم قال: حدثنا مشيختنا:...
فذكره مرفوعاً.
وهذا إسناد مرسل ضعيف ؛ فإن (ابن أَنْعُم) - وهو: الإفريقي قاضيها -: قال
الذهبي في " المغني ":
" مشهور جليل، ضعفه ابن معين والنسائي. وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
ووهاه أحمد ". وقال الحافظ في " التقريب ":
" ضعيف في حفظه، من السابعة ".
قلت: فوهو من أتباع التابعين ؛ فقوله: " مشيختنا " إنما يعني: من التابعين.

(14/1118)


@@@ 1119
وابن عياش - وهو: إسماعيل الشامي وهو: ضعيف في غير روايته عن غير
الشاميين، وهذه منها - كما ترى -.
والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير" للشيرازي في "الألقاب" عن
ابن عباس ؛ دون قوله: "وصفقة يده... ". ولم أقف على إسناده، ولا إخاله
يصح.

7521 - ( اعْتَبِر الْأَرْضَ بِأَسْمَائِهَا ، وَاعْتَبِر الصَّاحِبَ بِالصَّاحِبِ ).

موقوف ضعيف.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (2/ 163)، ومن طريقه
البيهقي في" شعب الإيمان " (7/ 55/ 9440) من طريق أبي الوليد: ثنا أبو
وكيع عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال:... فذكره.
قال أبو الوليد: فقلت له: إن شعبة ثنا عن أبي إسحاق عن هُبيرة ؟ قال:
وحدثنا أبو إسحاق عن هُبيرة عن عبد الله.
وليس عند البيهقي قوله: " قال أبو الوليد: فقلت له: ... " إلخ. والله أعلم.

لكن روى من طريقين آخرين عن شعبة: حدثني أبو إسحاق عن هبيرة: قالى
عبد الله - هو: ابن مسعود -:
اعتبروا الرجل بمن يصاحب، وإنما يصاحب الرجل من هو مثله.
وفي رواية: (فإنما يصاحب من يحب، أو هو مثله)، وقإل في إسناده: (عن).

قلت: وهو من الطريق الأول ضعيف ؛ لعنعنة أبي إسحاق واختلاطه - وهو:
السبيعي -. لكن رواية شعبة تدفع شبهة الاختلاط ؛ لأنه سمع منه قبل

(14/1119)


@@@ 1120
اختلاطه، وكذلك شبهة التدليس ؛ لأن شعبة كان دقيق الملاحظة في روايته عن
المدلسين - كما ذكروا في ترجمته -.
فيبقى النظر في حال (هبيرة) - وهو: ابن يريم الشيباني -: قال الذهبي في
"المغني ":
" تفرد عنه أبو إسحاق. قال ابن خراش: كان يجهز على قتلى صفين. وقال
أبو حاتم: شبيه المجهول. وقال الجوزجاني: كان مختارياً ".
ووثقه ابن حبان! وقال الحافظ في " التقريب ":
" لا بأس به، وقد عيب بالتشيع".

وجملة القول: أن النفس لم تطمئن لثبوت هذا الأثر عن ابن مسعود ؛ لا من
طريق أبي الأحوص، ولا من طريق هبيرة، على أن في رواية ذاك ما ليس في رواية
هذا من اعتبار الأرض. والله أعلم.
ولقد كان الباعث على تخريجه - مع أنه ليس من عادتي تخريج الآثار الموقوفة
إلا ما ندر - أنني رأيت السيوطي في " جامعيه " قد أوهم أنه مرفوع عند ابن
عدد، وذلك بقوله:
" (عد) عن ابن مسعود، (هب) عنه موقوفاً "!

7022 - ( اعْزِلُوا ، أَوْ لا تَعْزِلُوا، مَا كَتَبَ اللَّهُ مِنْ نَسَمَةٍ هِي كَائِنَةٌ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلا وَهِي كَائِنَةٌ ).

ضعيف.
أخرجه الطبراني في "العجم الكبير" (8/ 89/7408) من

(14/1120)


@@@ 1121
طريق عبد الحميد بن سليمان قال: سمعت ربيعة بن أبي عبد الرحمن يحدث
عن صرمة العذري قال:
غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق، فأصبنا كرائم العرب، فأرغبنا في التمتع،
وقد اشتدت علينا العزوبة ؛ فأردنا أن نستمتع ونعزل. فقال بعضنا لبعض: ما
ينبغي لنا أن نصنع هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين بين أظهرنا حتى نسأله. فسألناه فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ قال الذهبي في " المغني ":
" عبد الحميد بن سليمان: أخو فليح، ضغفوه جداً ".
واقتصر الحافظ ابن حجر في، التقريب " على قوله:
"ضعيف ".
وهكذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4/ 297).
وقد صح الحديث بلفظ:
" لا عليكم أن لا تفعلوا ؛ فإن الله كتب من هو كائن إلى يوم القيامة".
رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في الكتاب الآخر: "الصحيحة " (1032)،
و" آداب الزفاف " (136) وغيرهما.

(14/1121)


@@@ 1122
7023 - ( أعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ، وَأَعْلِمْهُ أَجْرَهُ وَهُوَ
فِى عَمَلِهِ ).

منكر جداً.
أخرجه البيهقي في "سننه " (6/ 120) من طريق محمد بن
يزيد بن رفاعة القاضي عن حفص بن غياث عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:
" وهذا ضعيف بمرة ".

قلت: آفته (ابن رفاعة) هذا ؛ فإنه - وإن وثقه بعضهم فقد - قال البخاري:
" رأيتهم مجمعين على ضعفه ".
ورماه غير واحد بسرقة الحديث، ومنهم عثمان بن أبي شيبة فيما رواه عنه
الحسين بن إدريس! - حافظ ثقة - أنه قال:
" إنه يسرق حديث غيره فيرويه !
قلت: على وجه التدليس أو على وجه الكذب؟ فقال: كيف يكون تدليساً
وهو يقول : حدثنا ؟! "، رواه الخطيب (3/ 376).
وقال ابن عدي في " الكامل " (6/ 274):
"وقد أنكرت عليه أحاديث عن مشايخ الكوفة يطول ذكرهم ".

قلت: وحفص بن غياث: هو منهم ؛ فالحديث منكر، إما من سوء حفظه، أو
هو مما سرقه من غيره ممن ليس في العير ولا في النفير:
وإن مما يؤكد ذلك أن الحديث صح من طريق آخر عن أبي هريوة ؛ دون هذه

(14/1122)


@@@ 1123
الزيادة المنكرة، وكذلك روي عن غيره من الصحابة - كما تراه مخرجاً في " إرواء
الغليل " (5/320 - 324) -.
والحديث اكتفى الشيخ أحمد الغماري في "المداوي " (1/ 632) بعزوه
للبيهقي، ونقل قوله المتقدم فيه: " ضعيف بمرة "، ولم يبين السبب، ولا ما فيه
من النكارة ؛ بل إنه أوهم القراء أنه لا علة فيه بقوله:
"الطريق الثاني (يعني: لحديث أبي هريرة) من رواية حفصر بن غياث... "!
فلم يبدأ بموضع العلة من الإسناد وإنما بالثقة ؛ فعل هذا صنيع من ينصح
لقرائه، ولا يكتم العلم ؟!

7024 - ( إِنَّ قُرَيْشًا أُعْطِيَتْ مَا لَمْ يُعْطَ النَّاسُ : أُعْطُوا مَا مَطَرَتِ
السَّمَاءُ ، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْأَنْهَارُ ، وَمَا سَالَتْ بِهِ السُّيُولُ ).

موضوع.
أخرجه أبو نعيم في " معرفة الصحابة " (2/902/ 2326) من
طريق الحسن بن سفيان: حدثنا شَبَّاب العُصفري: حدثنا يحيى بن عبد الرحمن
عن محمد بن حرب الخولاني عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن الحُلَيْس
مرفوعاً.
قلت: وهذا موضوع ؛ آفته (سعيدُ بن سنان) - وهو: أبو مهدي الحمصي -:
قال الذهبي في " المغني ":
" متروك متهم ". وقال الحافظ في" التقريب ":
" متروك، ورماه الدرقطني وغيره بالوضع ".

(14/1123)


@@@ 1124
قلت: وسائر الرواة ثقات ؛ غير (يحيى بن عبد الرحمن)، فلم أعرفه.
ثم إن الحديث مما بيَّض له المناوي في "شرحيه"، وتبعه الشيخ الغماري في
" المداوي " (1/ 639) ؛ إلا أنه خطأه في ضبطه لاسم صحابيه بأنه (حلبس) ؛
على (وزن جعفر)، وصَوَّب أنه: (خُلَيْس) بالتصغير - كما تقدم -. وهكذا وقع
في " التمهيد " لابن عبد البر، و" أسد الغابة" لابن الأثير، و " الإصابة " لابن
حجر.
ثم إني لأتعجب - والله! - أشد العجب من هؤلاء الحفاظ الثلاثة، حيث
تتابعوا على القول بأن الحديث رواه أبو الزاهرية عنه.. هكذا رواه) ؛ دون أن
يذكروا اسم راويه المتهم عنه !!

7025 - ( أعظم آية في القرآن: { اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }
وأعدل آية في القرآن: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ } إلى آخرها .
وأخف آية في القرآن: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} .
وأرجى آية في القرآن: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ }).

ضعيف.
عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " و" الدرر المنثور" (1/ 323)
ـ "ابن مردويه ، والشيرازي في " الألقاب "، والهروي في " فضائله" عن
ابن مسعود".

(14/1124)


@@@ 1125
وقد ساق إسناد ابن مردويه الحافظ ابن كثير في (تفسير البقرة) (1/ 307)،
وبه عرفت ضعفه ؛ فإنه من طريق عبد الله بن كيسان: حدثنا يحيى بن عُقيل عن
يحيى بن يعمر عن ابن عمرعن عمر بن الخطاب:
أنه خرج ذات يوم إلى الناس، وهم سماطات، [ فقال]: أيكم يخبرني
بأعظم آية في القرآن ؟ فقال ابن مسعود: على الخبير سقطت، سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكر الفقرة الأولى فقط.

فلا أدري أهكذا وقعت الرواية لابن مردويه، أم أن ابن كثير اختصرها ؟ وعلى
الأول يكون السيوطي تساهل في عزو الحديث بتمامه لابن مردويه، ونصها عنده
بعد قول عمر: " بأعظم آية في القرآن":
" وأعدلها، وأخوفها، وأرجاها"، فسكت القوم. فقال ابن مسعود: على
الخبير سقطت... الحديث بتمامة.

قلت: وعبد الله بن كيسان: قال الذهبي في " المغني ":
"مروزي ضعفه أبو حاتم ". وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يخطىء كثيراً ".
وإن مما يؤكد ضعفه أنه قد صح موقوفاًعلى ابن مسعود ؛ فقال الشعبي:
جلس مسروق وشتير بن شكل في مسجد الأعظم، فرأهما ناس، فتحولوا
إليهما، فقال مسروق لشتير: إنما تحول إلينا هؤلاء ؛ لنحدثهم، فإما أن تحدث

(14/1125)


@@@ 1126
وأصدقك، وإما أن أحدث وتصدقني. فقال مسروق: حدِّث أصحابك. فقال
شتير: ثنا عبد الله بن مسعود: أن أعظم آية في كتاب الله: {الله لا إله إلا هو
الحي القيوم} إلى آخر الآية. فقال مسروق: صدقت. ثم ذكر تمام الحديث،
يصدق مسروق شتيراً في كل ذلك.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (9/142 - 143). وإسناده صحيح.
لكن قد صح في غير ما حديث مرفوع أن آية الكرسي أعظم آية في القرآن،
عند مسلم وغيره ؛ فانظر " صحيح الترغيب " (13/ 6/ 5 و 7/ 3).

7026 - (أعْظمُ الناسِ درجةً الذَّاكرونَ اللهَ ).
ضعيف.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (1/ 419/ 589) من
طريق يحيى بن إسحاق: ثنا ابن لهيعة عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال:
قيل: يا رسول الله! أي الناس أعظم درجة ؟ قال:
"الذاكرون الله ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ لأن (دراجاً أبا السمح): منكر الحديث عن أبي
الهيثم.
وابن لهيعة: معروف بالضعف أيضاً ؛ إلا في رواية العبادلة ونحوهم عنه،

(14/1126)


@@@ 1127
ومنهم (قتيبة بن سعيد) ؛ فقال الترمذي (3373): حدثنا قتيبة: أخبرنا ابن
لهيعة به ؛ ولفظه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة ؟ قال:
"الذاكرون الله كثيراً، والذاكرات ".
قال: قلت: يا رسول الله! ومن الغازي في صبيل الله ؟ قال:
" لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دماً ؛ لكان
الذاكرون الله كثيراً أفضل منه درجة".
وقال الترمذي مضعفاً - ووافقه المنذري في " الترغيب " (2/ 228/ 11) -:
" هذا حديث غريب، إنما نعرفه من حديث (دراج) ".
ثم ذكر الترمذي حديث الترجمة برواية البيهقي.
وإن من جهل المعلقين الثلاثة على طبعتهم البراقة من " الترغيب " (2/
369) أنهم لم يزيدوا في الحاشية في تخريج الحديث على المنذري شيئاً، وإنما
أعادوا عزوه للترمذي والبيهقي! ولم يبينوا سبب تضعيف الترمذي إياه!!

7027 - (اعْمَلُوا ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ من القول ).
شاذ.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (18/ 130/ 270) من
طريقين عن إسماعيل بن إبراهيم ابن علية: ثنا يزيد الرِّشك عن مطرف عن
عمران بن حصين قال:
قال رجل: يا رسول الله! أعُلِم أهل الجنة من أهل النار ؟ قال:

(14/1127)


@@@ 1128
" نعم ". قال: ففيمَ العمل ؟ قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ؛ ولكني في شك كبير من
ثبوت قوله في آخره: "من القول " ؛ وذلك ؛ لأمرين اثنين:
الأول: أنه رواه جمع من الثقات عن يزيد الرشك دونه.

أخرجه البخاري (6596، 7551)، ومسلم (8/ 48)، وابن حبان (1/
275/ 334)، وأبو داود (4719)، وأحمد (4/427)، والطبرا ني أيضاً (8 1/
129 - 130/ 266 - 269، 273، 274) من ستة طرق أو أكثر ؛ دون هذه الزيادة.

وكذلك أخرجه ابن عبد البر في " التمهيد " (6/ 8 - 10) من بعضها، وقال:
" قال حمزة بن محمد: وهذا حديث صحيح، رواه جماعة عن يزيد الرشك
منهم شعبة بن الحجاج، وعبد الوارث بن سعيد". قال ابن عبد البر:
" وقد رواه حماد بن زيد أيضاً عن يزيد الرشك ".

قلت: وهؤلاء من أولئك الثقات الذين أشرت إليهم آنفاً. ولروايتهم شواهد
كثيرة ذكرها الحافظ في " الفتح " ؛ منها: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه
عند الشيخين وغيرهما، وهو مخرج في " ظلال الجنة " (1/ 74 - 75).

أما السبب الآخر: فهو أن المتفرد بهذه الزيادة - وهو: إسماعيل ابن علية - لم
يكن متاكداً من حفظه إياها ؛ فإن الإمام أحمد قد رواه عنه (4/ 431) مباشرة
مثل رواية الجماعة ؛ إلا أنه أتبعها بقوله:
"أو كما قال "!

(14/1128)


@@@ 1129
وكذلك رواه الآجري في " الشريعة " (ص 174) من طريق اسحاق بن
راهويه قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم به.
فهذان امامان جبلان في الحفظ ؛ روياه عن (ابن علية) دون الزيادة، لكن
مقروناً بقوله: " أو كما قال"، وفيه إشارة قوية إلى أن (ابن علية) كان في نفسه
شيء من الشك في ضبطه للحديث، وإلا ؛ لما ذكره، شأنه في ذلك شأن أولئك
الثقات الذين رووه دون أيما شك. ولعله رواه مرة مثلهم ؛ فقد أخرجه مسلم عقب
رواية حماد المحفوظة - من طريق جمع من أولئك الثقات، ومنهم (ابن علية)
وشعبة وغيرهما، وقال:
" كلهم عن يزيد الرشك في هذا الإسناد بمعنى حديث حماد ".
فقوله: " بمعنى حديث حماد " ينفي أن يكون (ابن علية) خالفهم فزاد
الزيادة ؛ لأنها ليست بمعنى ما رووا. والله أعلم.

والخلاصة: أن الزيادة شاذة لا تصح عندي. والله ولي التوفيق وهو الهادي الى
أقوم طريق.
(تنبيه): لقد وهم الحافظ السيوطي في " الجامع الصغير " وهمين فاحشين:
أحدهما: أنه ساق حديث الترجمة بلفظ:
" لما يهدى له من القول "!
وكذلك هو في "الجامع الكبير " (3608).
والآخر: أنه عزاه باللفظ المحفوظ أيضاً للطبراني عن ابن عباس وعمران ؛ فغفل
عن كونه في " الصحيحين " عن عمران - كما تقدم -.

(14/1129)


@@@ 1130
7028 - ( أَعِينُوا أَوْلَادَكُمْ عَلَى الْبِرِّ ، مَنْ شَاءَ اسْتَخْرَجَ الْعُقُوقَ لِوَلَدِهِ ).
منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (4/ 237/4076) من
طريق أحمد بن محمد بن أبي بَزَّة قال: حدثني أبو أحمد محمد بن يحيى بن
يسار مولى عبد الله بن مسعود قال: نا حسين بن بدقة بن يسار الأنصاري عن
المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ قال الذهبي في " المغني ":
"محمد بن يحيى بن يسار عن حسين بن صدقة: لا يعرف ولا شيخه، روى
عنه البزي ".
ونحوه في "الميزان " و" اللسان ".
و (البَزي): هو أحمد بن محمد بن عبد الله البزي، قال في " المغني ":
"مقرئ مكة، ثقة في القراءة، وأما في الحديث، فقال أبو جعفر العقيلي:
منكر الحديث، يوصل الأحاديث. ثم ساق له حديثاً متنه: " الديك الأبيض
الأفرق حبيبي، وحبيب حبيبي " . وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، سمعت منه،
ولا أحدث عنه. وقال ابن أبي حاتم: روى حديثاً منكراً ".

ومما أنكر عليه ما يفعله بعض القراء عند ختم القرآن إذا بلغوا: {والضحى}
من التكبير عند خاتمة كل سورة. قال الذهبي في "الميزان ":
" هذا حديث غريب، وهو مما أنكر على (البزي)، قال أبو حاتم: هذا حديث
منكر".
قلت: ومع كل هذه العلل في حديث الترجمة فيتعجب من الحافظ الهيثمي

(14/1130)


@@@ 1131
كيف خفيت عليه ؛ فقال في "المجمع " (8/ 146):
" رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه من لم أعرفهم "!

7029 - ( اغْسِلُوا ثِيَابَكُمْ، وَخُذُوا مِنْ شُعُوْرِكُمْ، وَاسْتَاكُوا، وَتَزَيَّنُوا،
فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيْلَ لَمْ يَكُوْنُوا يَفعلُوْنَ ذَلِكَ فَزَنَتْ نِسَاؤُهُم ).

ضعيف جداً.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (36/ 124) بسنده
عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي
عليهم السلام مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عبد الله بن ميمون القداح ؛ قال الحافظ:
"منكر الحديث، متروك ". وقال الذهبي فين " تذكرة الحفاظ" (3/ 1158):
" هذا لا يصح، إسناده ظلمة ".

7030 - ( اطْمَئِنَّ يَا عَمِّ ! فَإِنَّكَ خَاتَمُ الْمُهَاجِرِينَ فِي الْهِجْرَةِ ؛ كَمَا أَنِّي
خَاتَمُ النَّبِيِّينَ فِي النُّبُوَّةِ ).

ضعيف.
روي من حديث سهل بن سعد، ومن حديث ابن شهاب الزهري
مرسلاً.
1 - أما حديث سهل: فيرويه إسماعيل بن قيس عن أبي حازم، عنه قال:
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر ومعه عمه العباس! ؛ قال له: يا رسول الله! لو
أذنت لي فخرجت إلى مكة فهاجرت منها - أو قال: فأهاجر منها -، فقال رسول

(14/1131)


@@@ 1132
الله صلى الله عليه وسلم :... فذكره.
أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد فضائل الصحابة" (2/ 941/ 1812)،
وابن حبان في" الضعفاء والمممجروحين " (1/ 128)، والطبراني في " المعجم
الكبير " (6/190/ 5828)، وابن عدي في "الكامل" (1/301)، وابن
عساكر (26/ 296) من طريق الهيثم بن كليب والحسن بن عرفة وغيرهما عن
إسماعيل به.

أورده ابن عدي في ترجمة إسماعيل هذا، وقال:
"قال البخاري: مديني منكر الحديث ". وقال ابن حبان:
"في حديثه من المناكير والمقلوبات التي يعرفها من ليس الحديث صناعته،
مات وقد نيف على تسعين سنة ". وقال ابن أبي حاتم في" العلل":
" قال أبي: هذا حديث موضوع، واسماعيل: منكر الحديث ".
وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء، (2/ 84):
"إسناده واهٍ، رواه أبو يعلى والشاشي في " مسنديهما"، ويروى نحوه في
مراسيل الزهري".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 266):
" رواه أبو يعلى، والطبراني، وفيه أبو مصعب إسماعيل بن قيس، وهو متروك ".
2 - أما حديث الزهري: فيرويه العثماني - وهو عثمان بن محمد بن عثمان -:
نا الليثي - وهو: أحمد بن محمد - عن إبراهيم بن حمزة الزبيري عن إبراهيم بن

(14/1132)


@@@ 1133
سعد عن ابن شهاب قال:... فذكره نحوه.
أخرجه ابن عساكر (26/ 297) من طريق الرّوياني: نا العثماني.
قلت: وهذا إسناد مظلم ؛ عثمان بن محمد بن عثمان: أورده أبو نعيم في
شيوخه في " أخبار أصبهان " (1/ 358) وساق له حديثاً واحداً، ولم يذكر فيه
جرحاً ولا تعديلاً.
وأما أحمد بن محمد الليثي: فلم أعرفه.

7031 - ( أفضلُ الأعمالِ العلمُ باللهِ ؛ إِنَّ الْعِلْمَ يَنْفَعُكَ مَعَهُ قَلِيلُ
الْعَمَلِ وَكَثِيرُهُ ، وَإِنَّ الْجَهْلَ لَا يَنْفَعُكَ مَعَهُ قَلِيلُ الْعَمَلِ وَلَا كَثِيرُهُ ).
موضوع.
عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " و " الجامع الكبير " للحكيم
عن أنس، وقد وقفت على إسناده في " جامع بيان العلم " لابن عبد البر (1/
45) عن مؤمّل بن عبد الرحمن الثقفي عن عباد بن عبد الصمد عن أنس بن
مالك قال:
جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله! أي الأعمال
أفضل ؟ قال:
" العلم بالله عز وجل ". قال: يا رسول الله! أي الأعمال أفضل ؟ قال:
" العلم بالله ". قال: يا رسول الله! أسالك عن العمل وتخبرني عن العلم!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن قليل العمل ينفع مع العلم، وإن كثير العمل لا ينفع مع الجهل".

(14/1133)


ً@@@ 1134
ومن هذا الوجه أورده السيوطي في ذيل " اللآلي المصنوعة في الأحاديث
الموضوعة" (ص 41) وقال عقبه:
"قال ابن حبان: حدثنا قتيبة: حدثنا غالب بن وزير الغزي: حدثنا مؤمل
ابن عبد الرحمن الثقفي: حدثنا عبّاد بن عبد الصمد عن أنس بنسخة أكثرها
موضوع.
وقال البخاري: عباد بن عبد الصمد منكر الحديث. وقال في " المغني ":
مؤمل بن عبد الرحمن ضعفه أبو حاتم ".

قلت: ونصّ كلام أبي حاتم في "الجرح والتعديل " (4/ 1/ 375):
" لين الحديث، ضعيف الحديث ".
قلت: فيتعجّب من الحافظ السيوطي وتناقضه أنه في استدراكه لهذا الحديث
على ابن الجوزي وإيراده إياه في الأحاديث الموضوعة ؛ فإنه مع ذلك أورده في
" الجامع الصغير" - كما رأيت -!

وأعجب منه صنيع المناوي ؛ فإنه نقل في "فيض القدير " عن الحافظ العراقي
اقتصاره على قوله: "سنده ضعيف". بل زاد في الإغراب فقال:
" فكان على المصنف استيعاب مخرجيه، إيماءً إلى تقويته ؛ فمنهم ابن عبد البر
وغيره".
ففاته أن في سنده ذاك المتهم بالوضع، كما فاته حكم السيوطي نفسه على
الحديث بالوضع.

(14/1134)


@@@ 1135
7032 - ( أفضلُ الأعمال حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَأَنْ لَا تَغْضَبَ إن استطعت ).
ضعيف.
أخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق " بسند صحيح عن
الجريري عن أبي العلاء بن الشخير قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تلقاء وجهه فقال: أي الأعمال أفضل ؟ فقال:
" حسن الخلق ". وأتاه من بعده فقال: أي الأعمال أفضل ؟ فرفع رأسه إليه
فقال:
" أما تفقه ؟ هو أن لا تغضب إن استطعت ".

قلت: وعلّته الإرسال ؛ فإن ابن الشخير - واسمه: يزيد بن عبد الله البصري -:
تابعي ثقة ؛ ولذلك فما أحسن السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير " بإطلاقه
العزو إلى ابن الشخير ؛ فأوهم أنه مسند!

7033 - (أفضلُ الصدقة أن تشبع كبداً جائعاً ).
ضعيف جداً .
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (3/217/ 3367)
من طريق زربي مؤذن هشام بن حسان قال: سمعت أنس بن مالك يقول:...
فذكره مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ زربي - كنيته أبو عبد الله - ؛ يروي عن أنس. قال
الحافظ ! الذهبي [ في ] " المغني ":
"قال البخاري: في حديثه نظر. وقال الترمذي: له مناكير ". وفي " التقريب ":
"ضعيف".

(14/1135)


@@@ 1136
لان من عجائب المناوي أنه سقط من نظره (زربي) الذي هو علة الحديث،
وأخذ يعلّه بهشام بن حسان - وهو ثقة من رجال الشيخين -، وقد رد عليه الشيخ
الغماري في " المداوي" (2/ 85) ؛ ولكنه خفيت عليه أيضاً علة الحديث،
فقال:
" الحديث إذالم يكن فيه ضعيف ؛ فهوصحيح لا حسن فقط ".

7034 - ( أفضلُ العملِ النيةُ الضادقةُ ).
ضعيف.
عزاه السيوطي للحكيم الترمذي عن ابن عباس، وبيض له المناوي
في " الشرح الكبير "، وضعف إسناده في " التيسير". وأكد ذلك الشيخ الغماري
في " المداوي "، وساق إسناده فقال (2/ 99):
" قال الحكيم (الترمذي): في الأصل الثالث والثلاثين ومئتين: حدثنا عمر
ابن أبي عمر عن نعيم بن حماد عن عبد الوهاب بن همام الحميري قال: سمعت
أبي يقول: سمعت وهباً يحدث عن ابن عباس:
أن رجلاً قال: يا رسول الله! ما أفضل العمل ؟ قال:
(النية الصادقة) ".

وقال الشيخ الغماري:
" قلت: رجال إسناده كلهم موثقون ؛ إلا شيخ الحكيم (عمر بن أبي عمر) ".
قلت: هكذا وقع الإسناد فيه محرفاً في موضعين منه:

(14/1136)


@@@ 1137
أحدهما: (عمر بن أبي عمر).. والصواب: (ابن فيروز).
والآخر: (عبد الوهاب).. والصواب: (عبد الرزاق).
وتوثيقه المذكور فيه نظر من وجهين:
الأول: توثيقه (نعيم بن حماد)، وفيه كلام كثير، حتى نسب للوضع، وقد
لخص الخلاف فيه الحافظ في " التقريب " أحسن تلخيص ؛ فقال:
"صدوق يخطىء كثيراً، فقيه عالم بالفرائض".
والآخر: همام بن نافع والد عبد الرزاق صاحب " المصنف ": قال العقيلي:
" حديثه غير محفوظ ؛ كما في " (المغني) ". وقال الحافظ:
"مقبول ".

وأما عمر بن فيروز - فهو: عمر بن موسى بن فيروز، أبو حفص المخرمي،
ويعرف بالتّوزي -: ترجمه " الخطيب " (11/ 214) في روايته عن جمع منهم
(نعيم بن حماد)، وبرواية جمع عنه من الحفاظ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا
تعديلاً.

7035 - ( أفضل القرآن سورة البقرة ).
منكر.
أخرجه ابن الضريس في " فضائل القرآن " (85/ 171)، والحارث
في " مسنده " (2/ 738/ 732)، وابن نصر في " قيام الليل " (ص 67) عن
الحسن، ورجاله ثقات.

(14/1137)


@@@ 1138
وقال الحافظ في " المطالب العالية " (3/ 313/ 3564):
" إسناده إلى الحسن صحيح ".
وتبعه السيوطي في " الدر المنثور " (1/ 20).
قلت: لكن مراسيل الحسن - وهو: البصري ؛ مراسيله - كالريح، لا سيما وهو
مخالف لقوله عليه الصلاة والسلام:
" أفضل القرآن : {الحمد لله رب العالمين} ".
وهو مخرج في "الصحيحة " برقم (1299).

ثم ساقه السيوطي في" الجامع" من رواية البغوي في " معجمه" عن ربيعة
الجرشي.
وسكت عنه! على غالب عادته، وتبع في ذلك الحافطَ في "الإصابة ". لكن
هذا ذُكِرَ عن غير واحد من الأئمة النقاد - منهم أبو حاتم الرازي ؛ أنهم جزموا - بأنه
لا صحبة له.

7036 - (أفضلُ الليلِ جَوفُ اللّيلِ الأوسطِ ).
منكر.
أورده السيوطي في " الزيادة" و " الجامع الكبير " من رواية (ش) عن
الحسن مرسلاً.
قلت: وهو في" مصنف ابن أبي شيبة " (2/ 272) قال: حدثنا هُشيم:
قال: أنا منصور عن الحسن:

(14/1138)


@@@ 1139
أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الليل أفضل ؟ فقال:
" جوف الليل الأوسط ".
ثم قال: حدثنا هشيم عن أبي حرة عن الحسن:
أن رجلاً سأل أبا ذر: أي الليل أسمع ؟ قال:
"جوف الليل الأوسط ". قال: ومن يطيق ذلك ؟ قال:
" من خاف ؛ أدلج ".

قلت: ولا يصح ؛ " عرفت من حال مراسيل الحسن البصري في الحديث
الذي قبله.
ثم هو مخالف لبعض الأحاديث الصحيحة ؛ مثل قوله عليه الصلاة والسلام:
" أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام
سدسه ".
أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وهو
مخرج في "إرواء الغليل " (451).

ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
" أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن
تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة ؛ فكن ".
رواه الترمذي وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في " صحيح أبي داود" (1198).

(14/1139)


@@@ 1140
وقوله في رواية الحسن الموقوفة: "من خاف ؛ أدلج ! قد جاء مرفوعاً عن غير
واحد من الصحابة، وهو مخرج في " الصحيحة " (2335).

7037 - (أفضل المؤمنين إيماناً الذي إذا سُئل ؛ أعطى، وإذا لم يُعط ؛
اسْتغْنى).

منكر.
أخرجه الخطيب في " التاريخ " (1/ 310) في ترجمة (محمد بن
أحمد بن عبد الله بن محمد بن سليمان بن سالم الحراني) مولى بني أمية
- يكنى: (أبا جعفر) - قال: نبأنا عمي سليمان بن عبد الله قال: حدثني جدي
عن أبيه عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمن عنده:
" أي المؤمنين أفضل ؟ ". قال بعضهم: المؤمن الغني الذي يُعطي فيتصدق.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليس كذلك، ولكن أفضل المؤمنين إيماناً... ".

قلت: هذا إسناد ضعيف ؛ أبو جعفر الحراني: لم يذكر له الخطيب في ترجمته
جرحاً ولا تعديلاً، ولا ذكر راوياً عنه سوى (علي بن عمر السكري) ؛ فهو في
عداد المجهولين.
وسائر رجاله موثقون ؛ غير الراوي عن (عبد الكريم) - وهو: ابن مالك الجزري -
واسمه: سليمان بن أبي داود سالم الحراني، وهو متفق على ضعفه ؛ بل قال
البخاري والأزدي:

(14/1140)


@@@ 1141
"منكر الحديث".
(تنبيه): من أوهام المناوي الفاحشة في تصحيح الحديث وتخريجه قوله في
"التيسير":
"رواه ابن ماجه بنحوه، وإسناده ضعيف ؛ لكن له شواهد".
ولذلك أخذ على السيوطي أنه لم يعزه لابن ماجه، فقال في " فيض القدير":
" وكلام المصنف يؤذن بأن هذا لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه، وإلا ؛ لما
أبعد النجعة عازياً للخطيب - وهو ذهول - ؛ فقد خرجه ابن ماجه في " الزهد" في
حديث ابن عمر هذا بلفظ: " أفضل المؤمنين: المقل الذي إذا سثل أعطى، وإذا لم
يعطَ ؛ استغنى ".

قلت: وهذا مما لا أصل له ألبتة عند ابن ماجه، وما رأيت أحداً عزاه إليه،
وبخاصة الحافظ المزي في "التحفة "، وتبعه الشيخ النابلسي في " الذخائر"، وقد
أنكره عليه الشيخ الغماري في " المداوي " (2/ 104) ؛ ولكنه صرح بأنه لم يرَ
الحديث في " تاريخ الخطيب " ؛ فخذها فائدة عزيزة من فوائد هذه "السلسلة "
الكثيرة. والحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله.

7038 - ( أُفٍّ لِلْحَمَّامِ ! حِجَابٌ لَا يَسْتُرُ ، وَمَاءٌ لَا يُطَهِّرُ ... لَا يَحِلُّ
لِرَجُلٍ أَنْ يَدْخُلَهُ إِلَّا بِمِنْدِيلٍ ، مُرُوا الْمُسْلِمِينَ لَا يَفْتِنُونَ نِسَاءَهُمْ ، الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ، عَلِّمُوهُنَّ وَمُرُوهُنَّ بِالتَّسْبِيحِ ).

ضعيف.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/158/ 7773) من
طريق ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة: حدثني عبيد الله بن جعفر: أنه بلغه عن

(14/1141)


@@@ 1142
عاثشة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:... فذكره. وقال:
"هذا منقطع ".
قلت: وهذه علة ظاهرة، ورجال إسناده ثقات. والله أعلم.

7039 - ( أَكْثِرِ الصَّلَاةَ فِي بَيْتِكَ ؛ يَكْثُرْ خَيْرُ بَيْتِكَ ، وَسِلِّمْ عَلَى مَنْ
لَقِيتَ مِنْ أُمَّتِي ؛ تَكْثُرْ حَسَنَاتُكَ ).

موضوع.
أخرجه الييهقي في " شعب الإيمان " (6/427/8760) من
طريق أبي العباس محمد بن يعقوب قال: نا أبو قلابة قال: نا أبي قال: نا علي
ابن جَند الطائفي عن عمرو بن دينار عن أنس بن مالك مرفوعاً.
وأخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/ 134) من طريق أخرى عن أبي
قلابة به ؛ وزاد في آخره: " الحديث " ؛ مشيراً إلى أن للحديث تتمة، وكذا رواه
الحقيلي (3/ 224) من طريق مسدد قال: حدثنا علي بن الجَنَد...

قلت: وهذا إسناد موضوع ؛ المتهم به علي بن الجَنَد هذا: قال ابن أبي حاتم في
" الجرح والتعديل " (3/ 178):
" شيخ كتبت عنه بمكة، روى عن عمرو بن دينار عن أنس قال: قال
النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا دخلت بيتك ؛ فسلم ". سمعت أبي يقول: هو شيخ مجهول،
وحديث موضوع. وقال أبو زرعة: وحديثه منكر ".
وقال الذهبي في " المغني ":
" قال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: خبره كذب ".

(14/1142)


@@@ 1143
وعمرو بن دينار هو: قهرمان آل الزبير البصري.. وليس ابن دينار المكي ؛ هذا
ثقة وذاك ضعيف، ولم يدرك أنس بن مالك رضي الله عنه.

(ننبيه): وقع في " الجامع الصغير": (ابن عباس).. وهو خطأ، والصواب:
(أنس) - كما رأيت -، وقد نبه على ذلك المناوي في "فيض القدير"، لكنه
وهم وهماً فاحشاً فقال:
"فيه محمد بن يعقوب الذي أورده الذهبي في" الضعفاء " وقال: له
مناكير".

قلت: فغفل عن كون هذا الذي ضعنمه الذهبي هو من طبقة أتباع التابعين ؛
كما ذكر الذهبي نفسه أنه روى عن سعيد المقبري وغيره، والغفلة الأشد أنه شَرَدَ
ذهنه عن أن راوي هذا الحديث متأخر جداً عن المقبري، ثم عن كنيته - المصرح بها
في إسناد البيهقي - (أبي العباس) من شيوخ الحاكم، كما غفل عن المتابعات
المذكورة ؛ فسبحان الهادي.
ثم المقدار الذي ذكر بلفظ: "إذا دخلت بيتك... " إلخ، له تسع طرق
أخرى، خرجها كلها الحافظ ابن حجرفي جواب سؤال عنه محفوظ في المكتبة
الظاهرية، ذهب فيه إلى أن مجموعها يدل على أن للحديث أصلاً. وجمعت أنا له
خمس طرق أودعتها فيما تقدم من هذا الكتاب برقم (3772).

7040 - ( أكثرْ ذكرَ الموتِ ؛ فإنَّ ذِكْرَه يسلِّيك مما سواه ).
ضعيف.
هكذا ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " برواية ابن أبي الدنيا في
" ذكر الموت " عن سفيان عن شريح مرسلاً.

(14/1143)


@@@ 1144
قلت: وقد رأيته عند ابن أبي الدنيا في " كتاب الشكر" (73/ 168)،
ومن طريقه أبو نُيم في " حلية الأولياء" (7/ 305) من طريق سفيان: حدثني
رجل من أسناننا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى رجلاً بثلاث،
قال:... فذكره، وزاد:
" وعليك بالدعاء ؛ فإنك لا تدري متى يستجاب لك، وعليك بالشكر ؛ فإن
الشكر زيادة ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ لانقطاعه وجهالة الرجل الذي لم يسم، ولم يدرك
النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ومثله ما أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (2/ 652/
1569) من طريق ابراهيم بن الأشعث قال: قال فضيل بن عياض: بلغني أن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى رجلاً فقال له:... فذكره.

ومثله ما في " المطالب العالية " (3/145/3098) من رواية ابن أبي عمر
عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه:... فذكره في تمام حديث، وزاد:
ثم قرأ سفيان: {لئن شكرتم لأزيدنكم}.
وسكت الحافظ عنه لجهالة الرجل وانقطاعه.

قلت: وسفيان هو: الثوري، وأبو زكريا الكوفي هو: يحيى بن أبي بُكير
الكرماني البغدادي، كوفي الأصل، وهما ثقتان.

(14/1144)


@@@ 1145
7041 - ( أَكْثَرُ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي : رَجُلٌ يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ ؛
يَضَعُهُ عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهِ ، وَرَجُلٌ يَرَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِهِ ).

موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (2/ 242/ 1865) من
طريق إسماعيل بن قيس الأنصاري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه
عن جده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد واهٍ بمرة ؛ إسماعيل بن قيس وعبد الرحمن بن زيد: كلاهما
متروك ؛ فأحدهما هو المتهم به.
وقال الهيثمي في" المجمع" (1/ 187):
"رواه الطبراني في" الأوسط "، وفيه إسماعيل بن قيس الأنصاري، وهو
متروك الحديث ".

7042 - ( أكْثرُوا ذِكْرَ اللَّهِ حَتَّى يَقُولُوا : مَجْنُونٌ ).
منكر.
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (1376)، ومن طريقه ابن السني
(3/ 4)، وابن حبان (2/ 93/814)، وابن عدي في " الكامل " (3/
113)، والبيهقي في" شعب الإيمان " ؛ كلهم من طريق عمرو بن الحارث: أن
دراجاً أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدرى مرفوعاً.
قلت: ذكره ابن عدي في جملة أحاديث لدراج هذا، وقال:
" وعامتها مما لا يتابع عليه، وهذا الحديث مما ينكر عليه ". وقال في حديث
آخر له:

(14/1145)


@@@ 1146
"حديث باطل ".
وكذلك أورد الحافظ الذهبي حديث الترجمة فيما أنكر على دراج، وقد
سبقت ترجمته تحت هذا الحديث (517)، ومن ذلك قول الإمام أحمد:
" أحاديثه مناكير ".
وبه أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد" (10/ 76).

(تنبيه): كان من الدواعي على إعادة تخريج هذا الحديث - من مصادر
أخرى غير متقدمة -: أنتي رأيت الشيخ أحمد الغماري في كتابه " المداوي" يميل
إلى تحسين أحاديث دراج عن أبي الهيثم في ثلاثة مواضع منه (1/ 278) قال
فيه:
" فدراج أبو السمح يعلم أمره صغار المبتدئين في طلب الحديث، وله نسخة
معروفة، وكثير من الحفاظ يحسنها "، وفي (1/ 373 - 374) قال في الحديث:
" إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد... "، رداً على المناوي تناقضه فيه:
" بل هو حسن إن شاء الله، لأن نسخة دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن
أبي سعيد غايتها الحسن - كما ذكرت سابقاً - ".

وهذا تجاهل منه لقاعدة: (الجرح مقدم على التعديل مع بيان المسبب) وهو أن
أحاديثه مناكير - كما تقدم عن الإمام أحمد وغيره - ؛ لكن الرجل يتبع هواه،
وينتصر للصوفية والطرقية الرَقَصَة، ويرد أقوال الحفاظ إذا ما جرحوا أحداً من الرواة
الصوفية مثل: (أبي عبد الرحمن السُلمي)، ومن الدليل على ذلك أنه لما خرج
هذا الحديث ؛ نقل تصحيح الحاكم لإسناده مقراً له عليه، وأتبعه بقوله:

(14/1146)


@@@ 1147
" وهذا الحديث عظيم الشأن، جليل المقدار، يشتمل على فوائد كثيرة،
أوصلها العارف أبو عبد الله محمد بن علي الزواوي البجايي إلى مئة وست وستين
فائدة، في مجلد لطيف، سماه " عنوان أهل السير المصون وكشف عورات أهل
المجون، بما فتح الله به من فوائد حديث: (اذكروا الله حتى يقولوا: مجنون)، وقد
قرأته وانتفعت به والحمد لله!.

قلت: من هذا الزواوي البجايي ؟ لا شك أنه من غلاة الصوفية الجاهلين
بالسنة المحمدية أو المتجاهلين لها ؛ يدلك على ذلك هذا العنوان الذي أقل ما يقال
فيه أنه تنطع بارد ؛ فإن مثل هذه الفوائد المزعومة التي تجاوزت المئة لم يذكر أحد
- فيما أعلم - هذا العدد ولا قريباً منه في حديث صحيح، وانما هو من سخافات
الطرقيين الذين وضعوا حديث: " أذيبوا طعامكم بذكر الله...". وقد سبق
تخريجه برقم (115).
ولله درُّ من قال فيهم:
أيا جيل ابتداعٍ شرُّ جيل *** لقد جئتم بأمر مستحيل
أفي القرآن قال لكم إلهي: *** كلوا مثل البهائم وارقصوا لي!

7043 - ( اكْشِفُوا عَنِ الْمَنَاكِبِ ، وَاسْعَوْا فِي الطَّوَافِ . لِيَرَى الْمُشْرِكونَ
جَلْدَهُمْ وَقُوَّتَهُمْ ).

ضعيف بهذا اللفظ.
أخرجه الطبراني والبيهقي في "دلائل النبوة " (4/
314) - والسياق له - من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال:
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام القابل من عام الحديبية معتمراً في ذي

(14/1147)


@@@ 1148
القعدة سنة سبع، وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام، حتى
إذا بلغ (يأجج) (1) ؛ وضع الأداة كلها: الحجف والمجان والرماح والنبل، ودخلوا
بسلاح الراكب: السيوف... فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أمر أصحابه فقال:...
فذكره. قال:
وكان يكابدهم بكل ما استطاع ؛ فانكفأ أهل مكة.. الرجال والنساء والصبيان
ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم يطوفون بالبيت، وعبد الله بن رواحة
يرتجز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم - متوشحاً بالسيف - يقول:

خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ *** أَنَا الشَّهِيدُ أَنَّهُ رَسُولُهُ
قَدْ أنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ *** فِي صُحُفٍ تُتْلَى : رَسُوله
فَالْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ *** كَمَا ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ
ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ *** وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ

قال: وَتَغَيَّبَ رِجَالٌ مِنْ أَشْرَافِ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْظًا
وَحَنَقًا وَنَفَاسَةً وَحَسَدًا ، خَرَجُوا إِلَى الخندمة ، فَقام رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة وَأَقَامَ ثلاث
ليال، وكان ذلك آخر القضية يوم الحديبية.

وقال الهيثمي في، مجمع الزوائد، (6/ 147):
" رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح ".
قلت: فعلّة الحديث الإرسال، وقد صح موصولاً عن أنس مختصراً بإنشاد ابن
__________
(1) يأجج: بالهمزة، وجيمين ؛ علم مرتجل لاسم مكان من مكة على ثمانية أميال.

(14/1148)


@@@ 1149
رواحة بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مخرج في " مختصر
الشمائل" (131/ 210).
ثم إن الثابت في الطواف أنه سبعة أشواط من الحَجَر إلى الحجر شوط، يضطبع
فيها كلها ويرمل في الثلاثة الأُوَل منها، من الحجر إلى الحجر، ويمشي في سائرها ؛
كما هو مبين في رسالتي " مناسك الحج والعمرة " (21/ 34).

7044 - (أكل السفرجل يُذهبُ بطَخاءِ القلبِ ).
موضوع.
بيَّض له في "الفيض"، وضعفه في " التيسير"، وكأنه لم يقف
على إسناده. وقد قال الشيخ الغماري في " المداوي ":
"هذا حديث موضوع ؛ انفرد بروايته وضاع، بل وضاعان ؛ فكان الواجب
على المصنف (يعني: السيوطي) عدم ذكره، ولكن الشره وحب الإغراب أوقعه في
مخالفة شرطه ورواية الموضوع المحقق. قال القالي: حدثنا محمد بن القاسم: ثنا
محمد بن يونس الكدير: حدثنا إبراهيم بن زكريا البزاز: حدثنا عمرو بن أزهر
الواسطي عن أبان عن أنس به.
فعمرو بن أزهر: من مشاهير الوضاعين، وكذلك الكديمي، وأبان: متروك،
وإبراهيم بن زكريا: فيه مقال ؛ فالسند ظلمات متراكمة".

قلت: ولقد صدق غفر الله له، ولكن له طرق أخرى بنحوه من رواية طلحة
ابن عبيد الله، وعبد الله بن عباس، و عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم.

1 - أما حديث طلحة: فله عنه طريقان:
الأولى: عن عبد الرحمن بن حماد الطلحي عن طلحة بن يحيى عن أبيه

(14/1149)


@@@ 1150
عنه قال:
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي يده سفرجلة، فرمى بها
إلي، وقال:
" دونكها أبا محمد! فإنها تجم الفؤاد ".
أخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة " (3/ 165)، وابن حبان في
"الضعفاء " (2/60)، والحاكم في " المستدرك " (3/370 و 4/ 411).
وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله:
"قلت: ابن حماد: قال أبو حاتم: منكر الحديث ". وقال ابن حبان:
"يروي عن طلحة بن يحيى بنسخة موضوعة، فلست أدري أوضعها أو أُقلبت
عليه ؟ وأيما كان من ذلك فهو ساقط الاحتجاج به ؛ لما أتى مما لا أصل له في
الروايات على الأحوال كلها ".
وذكر ابن أبي حاتم في " العلل " (2/ 21) عن أبي زرعة أنه قال:
" هذا حديث منكر ".

والطريق الأخرى: عن سليمان بن أيوب: حدثنا أبي عن جدي عن موسى
إبن طلحة عن أبيه قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في جماعة من أصحابه، وفي يده
سفرجلة يقلبها، فلما جلست إليه ؛ دحا بها نحوي، ثم قال: " دونكها أبا محمد!

(14/1150)


@@@ 1151
فإنها تشد القلب، وتطيب النفس، وتذهب بطخاوة الصدر ".
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/ 77/ 219)، وابن الجوزي قي
" العلل المتناهية " (2/ 165/ 1085).

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ فيه من لا يعرف، منهم: أيوب والد سليمان
- وهو : ابن سليمان -، ذكره ابن أبي حاتم برواية ابنه سليمان بن أيوب فقط ؛ فهو
مجهول.

2 - وأما حديث ابن عباس: فيرويه الحسن بن علي الرقي: أخبرنا مخلد بن
يزيد الحراني عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال:
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وبيده سفرجلة، فقال لي:
"دونكها يا ابن عباس! فإنها تزكي الفؤاد ".
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (4/123)، وابن حبان (1/ 239) في
ترجمة الحسن بن علي الرقي، وقال:
"يروي عن مخلد بن يزيد الحراني وغيره من الثقات ما ليس من حديث
الأثبات، على قلة الرواية ؛ لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل
القدح فيه، وليس هذا من حديث ابن جريج ولا عطاء ولا ابن عباس، وانما روي
هذا عن طلحة بن عبيد الله من حديث ولده ".
ثم ذكر حديث طلحة، وأقره ابن الجوزي على ما قال.

3 - وأما حديث عبد الله بن الزبير: فذكره ابن الجوزي (1086) فقال:

(14/1151)


@@@ 1152
"روى أبو يوسف يعقوب بن القاسم قال: نا عبد الله بن كثير قال: نا
عبد الملك بن يحيى بن عبّاد عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت في يده سفرجلة، فجاء طلحة فقال:
"دونكها يا أبا محمد! فإنها تجم الفؤاد ".
سكت عنه ابن الجوزي، وعبد الملك بن يحيى بن عباد: ذكره ابن أبي حاتم
(2/ 2/ 375) برواية الوليد بن مسلم فقط. والراوي عنه عبد الله بن كثير كنيته
أبو سعيد ؛ كما في " اللسان " (3/ 412) نقلاً عن "علل الخلال "، ولم أجد
له ترجمة.

وأبو يوسف يعقوب بن القاسم - هو: الطلحي -: وثقه ابن معين - كما في
ترجمته من " تاريخ بغداد " -، ويظهر من رواية الخلال لحديثه هذا في " العلل "
أنه أنكره فقال:
" وإنما حدث به العيشي عن عبد الرحمن بن حمّاد ". وقال:
" فعجب أحمد من قوله له ".

(فائدة): الطخاء ؛ قال ابن الأثير: " ثقلٌ وغشيٌ، و أصل الطخاء والطَّخي:
الظلمة والغيم ". ثم ذكر الحديث بلفظ:
" إذا وجد أحدكم طخاءً على قلبه ؛ فليأكل السفرجل ".
ولم أجده ؛ فالله أعلم به.
ثم رأيت أبا نعيم قد أخرج في " كتاب الطب " حديث طلحة من الطريقين

(14/1152)


@@@ 1153
(133/ 2 - 134/1 و 161/2)، كما أخرج حديث أبان عن أنس من طريق
عيسى بن شعيب عنه نحوه (134/ 1).
وزاد على ما تقدم أنه أخرجه بنحوه من حديث جابر (134/ 1) من طريق
عون بن عمارة عن سليمان... (غير واضح في المصورة) عن جابر.
وقال ابن أبي حاتم في "الجرح " (3/ 1/ 388) عن أبيه قال :
" أدركته ولم أكتب عنه، وكان منكر الحديث، ضعيف الحديث، سُئل أبو
زرعة عن عون بن عمارة فقال: منكر الحديت ".

7045 - (البَس الخشِنَ الضيِّقَ حتى لا يَجدَ العِزُّ والفخرُ فيكَ مساغاً ).
منكر.
أخرجه ابن منده في " المعرفة " من طريق بقية قال: حدثنا حسان بن
سليمان (!) عن عمرو بن مسلم عن أنيس بن الضحاك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأبي ذر:... فذكره. وقال ابن منده:
"غريب، وفيه إرسال ". كذا في "الإصابة " في ترجمة (أنيس بن الضحاك
الأسلمي) وقال:
" ذكره أبو حاتم الرازي، وقال: لا يعرف ".

قلت: ذكر ذلك في " الجرح " (1/ 1/ 334).
وساق فيه إسناد الحديث من بقية، إلا أنه وقع فيه: "حسان بن سليم المقرائي:
وكان يشبه إبراهيم بن أدهم في العبادة"، وقد ترجمه في مكانه (1/ 2/ 237)
من رواية بقية عنه، ولم يزد. وهذا معناه أنه لا يعرفه ؛ فهو من شيوخ بقية المجهولين.

(14/1153)


@@@ 1154
قلت: وقد روي من حديث أبي ذر نفسه.
أخرجه الديلمي في " مسنده " (3/ 263 - 264) من طريق أبي الشيخ بن
حيان بسنده عن عمرو بن حصين: حدثنا ابن علاثة عن غالب بن عبيد الله
الجزري عن مجاهد عن عبيد بن عمير عن أبي ذر:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ (عمرو بن حصين) و (غالب بن عبيد الله
الجزري): وهما متروكان.
قلت: وإن من محاباة الشيخ الغماري للصوفية والطرقية وأحاديثهم أنه في
" المداوي"، (2/ 229) مرَّ على الحديث ولم يتعرض له ببيان ضعفه! وإنما
انشغل كعادته - غالباً - بالردِّ على المناوي ؛ وكان رده هنا لفظياً لا طعم له - غفر الله
له -.

7046 - ( الْزَمُوا هَذَا الدُّعَاءَ : اللَّهُمَّ ! إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ ،
وَرِضْوَانِكَ الْأَكْبَرِ ).

ضعيف.
أخرجه أبو بكر الشافعي في " الغيلانيات " (117/ 237)، وابن
قانع في "عرفة الصحابة " (1/ 187/ 210)، والطبراني في " المعجم الكبير "
(3/166/2958) من طريق سلمى بنت عياض بن منقذ بن سلمى بن
مالك: حدثني جدي منقذ بن سلمى عن جده مالك عن حديث جده أبي مرثد
عن حديث حليفه حمزة بن عبد المطلب مسنداً إلى رسول الله على الله عليه وآله
وسلم: ... فذكره.
قلت: وهذا إسناد غريب مظلم ؛ (سلمى) وجدها (منقذ بن سلمى): لم

(14/1154)


@@@ 1155
أجد من ذكرهما، ولا ابن حبان في" الثقات "! وإن من غرابته أن الطبراني نفسه
لم يورده في كتابه الجامع الحافل" الدعاء "، ولا أورده الهيثمي في "مجمع
الزوائد "، وبيَّض له المناوي في " الشرح الكبير "، وأما في "التيسير" فألقى
الكلام على عواهنه فقال:
" وهو حسن "!

وأما الشيخ الغماري فمر عليه ولم ينتقده خلاف عادته، والظاهر أنه لم يقف
على إسناده حتى تجاوزه، وإلا ؛ لم يجز له - حسب عادته - السكوت عنه. والله
سبحانه وتعالى أعلم.

7047 - ( اللَّهُمَّ ! اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ ، حَتَّى كَأَنِّي أَرَاكَ أَبَدًا حَتَّى أَلْقَاكَ ، وَأَسْعِدْنِي
بِتَقْوَاكَ ، وَلَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ ، وَخِرْ لِي فِي قَضَائِكَ ، وَبَارِكْ لِي فِي
قَدَرِكَ ، حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ ، وَلَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ ، وَاجْعَلْ
غَنَائِي فِي نَفْسِي ، وَأَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي ، وَاجْعَلْهُمَا الْوُرِاثَ مِنِّي ،
وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي ، وَأَرِنِي فِيهِ ثَأْرِي ، وَأَقِرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي ).

ضعيف جداً بهذا التمام.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (6/
120/ 5982)، وفي " الدعاء " (3/ 1466/1424) من طريق إبراهيم بن
خثيم بن عراك بن مالك عن أبيه عن جده عن أبي هريرة:... فذكره. وقال:
" لا يروى عن عراك بن مالك إلا بهذا الإسناد ".
قلت: وهو ضعيف جداً ؛ إبراهيم بن خثيم: قال النسائي:

(14/1155)


@@@ 1156
"متروك ". وقال أبو زرعة:
"منكر الحديث ". وقال ابن معين:
" كان الناس يصيحون به، لا شيء". وكان ابن معين لا يكتب عنه.
وقال الهيثمي في " المجمع " (10/ 178):
" رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه ايراهيم بن خثيم بن عراك، وهو
متروك، وروى البزار بعض آخره من قول: " أمتعني... " بنحوه بإسناد جيد ".

قلت: ليس بجيد ؛ وإنما هو صحيح لطرقه وشواهده - كما كنت حققت ذلك
في "الصحيحة" (3170) -.

7048 - ( اللَّهُمَّ ! الْطُفْ بِي فِي تَيْسِيرِ كُلِّ عَسِيرٍ ؛ فَإِنَّ تَيْسِيرَ كُلِّ
عَسِيرٍ عَلَيْكَ يَسِيرٌ ، وَأَسْأَلُكَ الْيُسْرَ وَالْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ).

منكر.
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (2/ 273 - 274)، والطبراني في
" الأوسط " (2/ 61/ 1250) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن المسمعي
قال: حدثني أبي عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة:
أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما وجه جعفر بن أبي طالب رضي الله
عنه إلى الحبشة ؛ شيَّعه وزوده كلمات، قال: " قل... ". فذكره.
أورده العقيلي في ترجمة المسمعي هذا وقال:
" بصري، لا يتابع على حديثه، ولا يُعرف إلا به ". ولذلك قال الذهبي في
" الميزان":

(14/1156)


@@@ 1157
" قلت: إسناده مظلم، وما حدث به العلاء أبداً ".
قلت: وزاد الحافظ في " اللسان " في النقل عن العقيلي أنه:
"مجهول بالنقل ".
قلت: ولم يعرفه الهيثمي ؛ فقال في " مجمع الزوائد " (10/ 182):
" رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه من لم أعرفهم ".
قلت: ليس فيه مجهول إلا عبد الله هذا، وقد تقدم له حديث آخر في فضل عمر
برقم (3054) وهناك لم يتنبه للجهالة ؛ فأعله بأبيه عبد الرحمن - كما تقدم بيانه -.

7049 - (كان يدغو بهؤلاء الكلمات:
اللَّهُمَّ! - أحسبُه قال: - إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا يُبَاشِرُ قَلْبِي ، حَتَّى أَعْلَمَ أَن لا
يُصِيبَنِي إِلَّا مَا كَتَبْتَ لِي ، ورضَاً من المعيشةِ بما قَسمتَ لي ).

ضعيف جداً.
أخرجه البزار في " مسنده " (4/ 58/ 3191) من طريق
سعيد بن سنان عن أبي الزاهِرِيَّة عن كثير بن مرة عن ابن عمر:... فذكره
مرفوعاً. قال البزار:
"أحاديث أبي الزاهرية عن ابن عمر لا نعلم شاركه فيها غيره، وهو ليس
بالحافظ.. سين الحفظ، وقد حدَّث عنه الناس على ذلك، وما عداه من رجال هذا
الإسناد فحسن، وإنما كتبنا أحاديثه لحسن كلامها ".

قلت: وهذا من البزار شيء غريب ؛ حيث أعل الحديث بما لا يعل به مثله،
وأعرض عن العلة الحقيقية فيه ؛ فإن أبا الزاهرية: ثقة من رجال مسلم، فيه كلام

(14/1157)


@@@ 1158
لا يضره، وإنما العلة من الراوي عنه ؛ وهو: سعيد بن سنان - وهو: الحمصي أبو
مهدي - : قال الحافظ في " التقريب ":
" متروك، رماه الدارقطني وغيره بالوضع ".

قلت: وبه أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/ 181) لكنه قصَّر
فقال:
"وهو ضعيف ".
قلت: وذلك، لأنه متهم كما تقدم عن الحافظ، ومثله قول الذهبي في
"المغني ":
" متروك متهم ".

7050 - ( اللَّهُمَّ ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النِّسَاءِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ
عَذَابِ الْقَبْرِ ).

شاذ.
أخرجه الخرائطي في " اعتلال القلوب " قال (40/ 1): نا حماد بن
الحسن الوراق: نا أبو عامر العقدي قال: ثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير قال:
سمعت مصعب بن سعد يقول: كان سعد يعلمنا هذا الدعاء، ويذكره عن النبي
صلى الله عليه وآله وسلم:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، لكن الخرائطي أخطأ في متنه
في موضعين منه:
أحدهما: أنه اختصره ؛ فإنه قد أخرجه في "مكارم الأخلاق " (2/ 987/

(14/1158)


@@@ 1159
1117)، بتمامه بإسناده - المذكور أعلاه - ولفظه:
" اللهم! إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ يك من الحبن، و أعوذ بك أن أرد
إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ؛ وأعوذ بك من عذاب القبر".

وهكذا رواه جمع عن شعبة وغيره عن عبد الملك بن عمير - كما هو مبين في
" الصحيحة " (3937) -، وشعبة هو: ابن الحجاج، الحافظ المشهور وليس
(شعبة بن دينار الكوفي) كما زعمت الدكتورة سعاد سليمان الخندقاوي في
تعليقها على " المكارم "!

والآخر: جَعَلَ: " النساء ".. مكان: " الدنيا " ؛ كما ظهر من سياق نصه
في "المكارم ".
وهذا الخطأ من غرائب ما مرَّ بي من مثل هذا الحافظ.

7051 - ( اللَّهُمَّ ! لَكَ الْحَمْدُ شُكْرًا ، وَلَكَ الْمَنُّ فَضْلًا ).
ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (19/ 144 - 145/ 316)
من طريق سليمان بن سالم مولى آل جحش: ثنا سعد بن إسحاق بن كعب بن
عجرة عن أبيه عن جده قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقال:
" لئن سلمهم الله ؛ لأشكرنَّه " ؛ أو قال: " عليَّ إن سلمهم الله ؛ أن أشكره".
فغنموا وسلموا، فقال:... (فذكره). فانتظره الناس أن يصنع شيئاً، فلم يروه،
فقالوا: يا رسول الله! إنك قلت (للذي قال). فقال:

(14/1159)


@@@ 1160
"أَوَلم نقل: اللهم!... " الحديث.
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ إسحاق بن كعب بن عجرة: مجهول الحال.
وسليمان بن سالم مولى أل جحش - هو: أبو داود القرشي المدني ؛ كما قال
في " اللسان "، وهو -: مختلف فيه، وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (4/ 185) قال:
"وفيه سليمان بن سالم المدني، وهو ضعيف ". ونقله المناوي في "فيض
القدير "ثم قال:
"وذكره في محل آخر وقال: فيه عبد الله بن شبيب متهم ذو مناكير".

قلت: وهذا خطأ واضح من المناوي ؛ فلم أره في مكان آخر عند الهيثمي،
وليس فيه عبد الله بن شبيب - كما ترى - ؛ فالظاهر أن بصره انتقل إلى حديث
آخر.

7052 - ( اللَّهُمَّ ! لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَلَا تَنْزِعْ مِنِّي
صَالِحَ مَا أَعْطَيْتَنِي ).

ضعيف جداً.
أخرجه البزار في " مسنده " (4/ 58/ 3190 - كشف
الأستار) من طريق إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر قال:
كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته إبراهيم بن يزيد - وهو: الخوزي، وهو -:
متروك - كما قال الذهبي ؛ تبعاً لأحمد والنسائي -، وبه أعله الهيثمي في" مجمع

(14/1160)


@@@ 1161
الزوائد" (10/ 181).

7053 - ( أما شْعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَنِي فِي الْجَنَّةِ مَرْيَمَ بِنْتَ
عِمْرَانَ ، وَكَلْثُمَ أُخْتَ مُوسَى ، وَامْرَأَةَ فِرْعَوْنَ ).

موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/309/8006) من
طريق خالد بن يوسف السمتي: ثنا عبد النوربن عبد الله: ثنا يونس بن شعيب
عن أبي أمامة مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد موضوع ؛ آفته عبد النور، وهو: رافضي كذاب، وقريب منه
شيخه يونس بن شعيب: قال البخاري:
"منكر الحديث". يعني هذا - كما يأتي -.

وخالد بن يوسف السمتي: فيه تضعيف - كما قال الذهبي في "المغني " -،
قصر الهيثمي تقصيراً ظاهراً، فأعله بقوله (9/ 218) في خالد:
" وهو ضعيف! ".
وقد توبع، فأخرجه ابن عدي في" الكامل " (7/ 180) من طريق إبراهيم
ابن محمد بن عرعرة.: ثنا عبد النور بن عبد الله به ؛ وزاد في أخره:
قلت: هنيئاً لك يا رسول الله! وقال:
"وهذا الذي ذكره البخاري ليونس بن شعيب، وأنكره عليه، وهو يعرف به".
قلت: وإبراهيم بن محمد بن عرعرة: ثقة من رجال مسلم ؛ فلا وجه لإعلاله
بخالد السمتي مطلقاً. -

(14/1161)


@@@ 1162
ثم أتبعه برواية أخرى عن سعد بن جنادة مثله. وقال:
" رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم ".
قلت: وفيه من يعرف بالضعف أيضاً.
وقد أخرجه الطبراني (6/64/4585/2) من طريق محمد بن سعد
العوفي: ثنا أبي: ثنا عمي: ثنا يونس بن نفيع عن سعد بن جنادة به.

قلت: محمد بن سعد - هو: ابن محمد بن الحسن بن عطية -: قاضي
بغداد، وفيه لين، وأبوه سعد مثل يونس بن نفيع ؛ لم أجد لهما ترجمة.
وعمه هو: الحسين بن الحسن بن عطية ؛ قال الذهبي في "المغني ":
"ضعفوه ".

7054 - ( أَمَّا أَنَا فَأَسْجُدُ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلا أَكُفُّ شَعْرًا وَلا ثَوْبًا ).
ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (10/ 171/ 10242)
من طريق نوح بن أبي مريم عن عاصم عن زر عن عبد الله مرفوعاً به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ نوح بن أبي مريم: متهم بالكذب.
والحديث صحيح مع رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بلفظ:
" أمرت أن أسجد على سبعة أعظم "، وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين
وأطراف القدمين.
رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء " (2/ 16/ 310) وغيره.

(14/1162)


@@@ 1163
7055 - ( أَمَّا حَسَنٌ ؛ فَلَهُ هَيْبَتِي وَسُؤْدُدِي، وَأَمَّا حُسَيْنٌ ؛ فَإنَّ لَهُ
جُرْأَتِي وَجُودِي ).

ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (22/ 423/1041) من
طريق يعقوب بن حميد بن كاسب: ثنا إبراهيم بن حسن بن علي عن أبيه قال:
حدثتني زينب بنت أبي رافع عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أنها أتت بالحسن والحسين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكواه الذي توفي فيه
فقالت: يا رسول الله! هذان ابناك ؛ فورثهما شيئاً ؛ فقال:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، أعلة الهيثمي (9/ 185) بأن: "فيه من لم
أعرفهم".
قلت: كأنه يشير إلى زينب بنت أبي رافع، وإبراهيم بن حسن بن علي ؛ فإني
لم أجد لهما ترجمة، لكن الظاهر أن إبراهيم هذا - هو: ابراهيم بن الحسن بن
الحسن بن علي بن أبي طالب -: روى عنه غير واحد، ولم يذكر فيه جرحاً ولا
تعديلاً ابن أبي حاتم، وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " - كما في " اللسان " -.

7056 - ( أَمْرًا بَيْنَ أَمْرَيْنِ ، وَخَيْرُ الأُمُورِ أَوْسَطُهَا).
ضعيف.
أخرجه البيهقي في" سننه " (3/ 273) من طريق ابن وهب:
أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد عن هارون عن كنانة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشهرتين ؛ أن يلبس الثياب الحسنة التي ينظر اليه
فيها، أو الدنية أو الرثة التي ينظر إليه فيها. قال عمرو:

(14/1163)


@@@ 1164
بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، (عمرو بن الحارث) - هو:
الأنصاري المصري، أبو أيوب -: ثقة حافظ ؛ لكنه من أتباع التابعين - مات قبل
الخمسين ومئة - ؛ فهو حديث معضل (*).

وأخرج البيهقي في " شعب الإيمان" (5/ 261/ 6651) عن مطرف قال:
"خير الأمور أوسطها" ، وإسناده صحيح موقوف.

7057 - ( امرأةٌ ولودٌ أحبُّ إلى الله من حسناء لا تلد ؛
إني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ).

ضعيف.
قال الحافظ في ترجمة (حرملة بن النعمان) من "الإصابة ":
"ذكره ابن قانع، وأخرج من طريق محمد بن سوقة عن ميمون بن أبي شبيب
عنه مرفوعاً، قال: وذكره الدارقطني واستدركه ابن فتحون ".
وأقول : كنت أود أن يسوق الحافظ إسناد ابن قانع من أوله بتمامه ؛ لنتمكن
من الحكم عليه بما يمكننا من الحكم على إسناده بما يلزم ؛ فإنه قد سقطت ترجمة
حرملة بن النعمان من النسخة المطبوعة في المدينة/ مكتبة الغرباء الأثرية، ومن
طبعة مكتبة نزار الباز في مكة ؛ ولهذا لا يمكنني الحكم على الإسناد بما يدل عليه
القدر الذي ذكره منه ؛ فإنهما ثقتان، ومع ذلك ففي ميمون بن أبي شبيب كلام
في سماعه من الصحابة ؛ قال عمرو بن علي الفلاس:
__________
(*) يتنبه إلى أن الشيخ رحمه الله يريد بهذا التعليل بلاع عمرو بن الحارث لا رواية كنانة ؛ فإنها
مرسلة. (الناشر).

(14/1164)


@@@ 1165
"كان رجلاً تاجراً، وكان من أهل الخير... وكان يحدث عن أصحاب النبي
صلى الله عليه وآله وسلم (فذكر بعضهم وليس منهم حرملة بن النعمان، وقال:)
وليس عندنا في شيء منهم يقول: سمعت، ولم أخبر أن أحداً يزعم أنه سمع من
أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ".

قلت: والذي أراه - والله أعلم - أن حرملة هذا مجهول، لا يعرف الا بهذا
الإسناد، وقد عرفت ما فيه، ولذلك لم يزد الحافظ الذهبي في "التجريد" على
قوله:
" روى له ابن قانع حديثاً ".

فلا غرابة إذن أن أعرضَ عن ذكره في الصحابة كبارُ الحفاظ من الأئمة،
كالبخاري في " التاريخ"، وابن أبي حاتم في "الجرح "، وابن عبد البر في
" الاستيعاب "، حتى ولا ابن حبان في كتابه " الثقات "، وتبعهم ابن الأثير في
" أسد الغابة ". ولذلك فإني أرى أن الحافظ رحمه الله تساهل في إيراد الرجل في
"القسم الأول من حرف الحاء) من " الإصابة "، والله سبحانه وتعالى أعلم.
والجملة الأخيرة منه لها شواهد ؛ فانظرها إن شئت في أول كتابي " أداب
الزفاف ".

7058 - ( أمرُ النساءِ إلى آبائهنَّ، ورضاهنَّ السكوتُ ).
ضعيف.
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (4/ 216) من طريق أحمد
ابن عبد الله الساباطي البغدادي أبي العباس: حدثنا علي بن عاصم عن مطرف
عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى مرفوعاً به.

(14/1165)


@@@ 1166
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ فيه علل:
الأولى: أحمد بن عبد الله الساباطي: في ترجمته ساق الخطيب الحديث من
رواية واحد عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
الثانية: علي بن عاصم ؛ فيه خلاف كثير، والراجح أنه ضعيف من قبل
حفظه، وقد توبع - كما يأتي -.

الثالثة: أبو إسحاق - وهو: السبيعي -: مختلط مدلس، وتابعه محمد بن
سالم عن أبي إسحاق به.
أخرجه ابن عدي (6/ 155)، - وكذا الطبراني ؛ كما في " جامع المسانيد"
لابن كثير (14/ 658/12436) - وقال:
" لا أعلم يرويه عن أبي إسحاق بهذا الإسناد [ غير ] محمد بن سالم ".

قلت: ينافيه رواية الخطيب المذكورة أعلاه. ثم قال - وقد ذكر له أحاديث
أخرى -:
" والضعف على رواياته بيِّن ". وقال الذهبي في" المغني ":
" ضعفوه جداً". ولهذا قال الهيثمي في " المجمع " (4/ 279):
" رواه الطبراني، وفيه محمد بن سالم الهمداني، وهو متروك ".
والقسم الذي فيه أحاديث أبي موسى من " معجم الطبراني الكبير " لا يزال
مفقوداً غير مطبوع .

(14/1166)


@@@ 1167
7059 - ( أمُّ أيمن أمِّي بعد أُمِّي ).
ضعيف.
كما يشعر به عَزو السيوطي في " الجامع الصغير " لابن عساكر عن
سليمان بن أبي شيخ معضلاً. وذلك من وجهين:
الأول: إعضاله من سليمان بن أبي شيخ، ولم أجد له ترجمة.
والآخر: عزوه لابن عساكر ؛ الذي نص السيوطي في مقدمة " الجامع الكبير "
على أن العزو إليه يفيد التضعيف.
ثم الله أعلم بإسناده إلى سليمان بن أبي شيخ. ولا يبعد أن يكون فيه بعض
المتروكين مثل: محمد بن عمر الواقدي ؛ فقد روى عن يحيى بن سعيد بن دينار
عن شيني من بني سعد بن بكر مرفوعاً نحوه، ولفظه:
كان رسول الله بين يقول لأم أيمن: " يا أمّه ! " وكان إذا نظر إليها ؛ قال:
"هذه بقية أهل بيتي ".
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/ 223)، والحاكم في " المستدرك "
(4/63)، وسكت عنه.. لوضوح علته.

فالشيخ السعدي: لم يسمَّ ؛ فهو مجهول، والراوي عنه: لم نجد له ترجمة،
وأما محمد بن عمر الواقدي فهو: متروك متهم.

ثم رأيت الحديث في ترجمة أسامة بن زيد بن حارثة من " تاريخ دمشق " (8/
51) من طريق أحمد بن زهير (الحافظ): حدثني مصعب بن عبد الله الزبيري
قال:

(14/1167)


@@@ 1168
" أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي..." فذكر شيئاً من ترجمته
ثم قال: " قال ابن زهير: وقال سلمان بن أبي شيخ... " فذكر الحديث.
كذا وقع فيه: (سلمان).. مكان: (سليمان). والله أعلم.
ومن الغراثب أن الحافظ ابن حجر ساق الحديث مساق المسلمات " بالإصابة "
معلقاً بدون إسناد!

7060 - ( أمَّتي أمَّةٌ مُبارَكةٌ، لا يُدرَى أوَّلُها خيرٌ أو آخرُها ).
ضعيف.
كما يشعر به تخريج السيوطي إياه في "الجامعين" بقوله:
" ابن عساكر عن عمرو بن عثمان مرسلاً ".
وعمرو بن عثمان هذا الظاهر - من قوله مرسلاً - أنه يعني: أبا عثمان الأموي،
وهو ثقة.. فهذه علة ؛ أعني: الإرسال.
ثم الله أعلم بحال إسناده إليه ؛ فإنه لم يتيسر لي الوقوف عليه في " تاريخ
دمشق " لابن عساكر. والحديث صحيح من طرق من حديث أنس بن مالك وغيره
بلفظ:
"مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خير أم آخره ".
وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (2286).

ثم وقفت على إسناده بدلالة بعض الإخوان جزاه الله خيراً في ترجمة العباس
ابن عبد المطلب من " تاريخ دمشق " (26/ 286) من طريق سيف بن عمر عن
سعيد بن عبد الله الجمحي عن عبد الله بن أبي مليكة ومحمد بن عبد الرحمن

(14/1168)


@@@ 1169
ابن فروخ عن عمرو بن عثمان: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:...
فذكره.
قلت: وهذا إسناد ساقط بمرة، المتهم به: سيف بن عمر: قال الذهبي في "المغني ":
"متروك باتفاق ". وقال ابن حبان:
" اتهم بالزندقة ".

قلت: أدرك التابعين وقد اتهم. قال ابن حبان:
" يروي الموضوعات ".
فالحديث موضوع بهذا اللفظ، وهو صحيح من روايات أخرى بلفظ:
"أمتي كالمطر، لايدرى... ".
وهو في " الصحيح ".

7061 - ( أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ ، مَغْفُورٌ لَهَا ، مُثَابٌ عَلَيْهَا ).
شاذ.
عزاه السيوطي في " الجامعين " للحاكم في " الكنى" عن أنس وسكت
عنه - كما هي عادته - ونقل المناوي في "فيض القدير " عن ابن الجوزي أنه قال:
" قال النسائي: هذا حديث منكر ".

ولم أجد قول ابن الجوزي هذا ولا الحديث في كتابيه " الموضوعات" و " العلل "،
وكذلك ليس هو في كتابه المسمى: " كشف النقاب عن الأسماء والألقاب". و "الكنى
والألقاب " غير معروف حتى اليوم لأبي عبد الله الحاكم، وهو المراد عند إطلاق

(14/1169)


@@@ 1170
(الحاكم). نعم ؛ وجدته في "معرفة علوم الحديث " له ؛ فقد قال (ص 145):
"سمعت أبا سعيد عمرو بن محمد بن منصور يقول: سمعت أبا بكرمحمد
ابن إسحاق يقول: لما دخلت (بخارى)، ففي أول مجلس حضرت مجلس الأمير
إسماعيل بن أحمد في جماعة من أهل العلم، فَذُكِرَتْ بحضرته أحاديث، فقال
الأمير: حدثنا أبي قال: ثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم:
" أمتي أمة مرحومة... " الحديث. فقلت: أيَّد الله الأمير! ما حدَّث بهذا
الحديث أنس ولا حميد ولا يزيد بن هارون. فسكت، وقال: كيف ؟ قلت:
هذا حديث أبي موسى الأشعري ومداره عليه. فلما قمنا من المجلس ؛ قال لي
أبو علي صالح بن محمد البغدادي: يا أبا بكر! جزاك الله خيراً، فإنه قد ذكَرَ لنا
هذا الإسناد غير مرة، ولم يجسر واحد منا أن يرده".

قلت: وفي القصة ما يشير إلى أن إسماعيل بن أحمد الأمير كان من أهل
العلم مشاركاً في رواية الحديث، وقد وصفه بالعلم والفضل الحافظ الذهبي، فقال:
" كان ملكاً فاضلاً، عالماً، شجاعاً، ميمون الفقه، معظماً للعلماء".
انظر "سير أعلام النبلاء" (14/154)، و "تاريخ الإسلام" (22/ 108 -
109) ؛ ولذلك حكمت على الحديث بالشذوذ.

والحديث الذي أشار إليه أبو بكر - وهو: ابن خزيمة - عن أبي موسى لفظه:
" أمتي أمة مرحومة ؛ ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا: الفتن
والزلازل والقتل ".

(14/1170)


@@@ 1171
أخرجه أبو داود وغيره من طرق كثيرة عن أبي بردة عن أبي موسى، وهو مخرج
في "الصحيحة" (959).
والحديث رواه بنحوه أحد الكذَّابين ؛ فقال الطبراني في " المعجم الأوسط "
(2/ 246/ 1879):
حدثنا أحمد بن طاهر قال: نا جدي حرملة بن يحيى قال: نا حماد بن زيد
البصري قال: نا حميد الطويل - وكان جاراً لنا - قال:
سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" أمتي أمة مرحومة، مثاب عليها، تدخل قبورها بذنوبها، وتخرج من قبورها
لا ذنوب عليها، تمحص عنها ذنوبها باستغفار المؤمنين لها ".
وأحمد هذا: كذاب وضاع - كما قال الدارقطني وغيره -.

وللطرف الأول منه طريق أخرى عن أنس عند ابن ماجه بسند ضعيف - كما
كنت بينته في "الصحيحة " تحت الرقم (1381) -.
ورواه مسلمة بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن شهاب: أن عبد الله
ابن عمر قال:... فذكره مرفوعاً ؛ بزيادة الجملة الأخيرة:
"مثاب عليها ".
أخرجه أبو العرب التميمي في "كتاب المحن " (ص 47).

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، مسلمة بن علي - وهو: الخشني الشامي -: متروك.
وعبد الرحمن بن يزيد: - هو: ابن تميم السلمي الدمشقي -: ضعفه أحمد بن

(14/1171)


@@@ 1172
حنبل وابن عدي وغيرهما.
ثم رأيت الحديث في كتاب " الأسامي والكنى " لأبي أحمد الحاكم - وهو شيخ
أبي عبد الله الحاكم - ؛ أخرجه من طريق أخرى عن أبى إسحاق إبراهيم بن
سليمان بن أبي سرية الأزدي: حدثنا حمَّاد بن رقَّاد البصري - وكان من صلحاء
الناس وعُبَّادهم -: نا حُميد الطويل به.

قلت: وهذا إسناد مجهول ؛ أبو إسحاق الأزدي: في ترجمته ساق أبو أحمد
الحاكم هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وحمَّاد بن رقَّاد البصري: لم يترجموه، ويحتمل عندي احتمالاً كبيراً أنه! حمَّاد
الرائض"، تحرف على الراوي أو الناسخ تحرّف: "ابن رقاد" من: "الرائض"،
فقد قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 152) في " حمَّاد الرائض ":
"روى عن الحسن وابن سيرين، روى عنه بشير بن الحكم سمعت أبي يقول
ذلك، وسمعته يقول: " وهو مجهول".
وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " ؛ على قاعدته في توثيق المجهولين!
قلت: والحسن وابن سيرين بصريان ؛ فالظاهر أن (حماد الرائض) بصري
أيضاً. والله سبحانه وتعالى أعلم.

7062 - ( أُمُّ مِلْدَمٍ تَأْكُلُ اللَّحْمَ ، وَتُشْرَبُ الدَّمَ ، بَرْدُهَا وَحَرُّهَا مِنْ
جَهَنَّمَ ).
منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (7/ 375/ 7233) من

(14/1172)


@@@ 1173
طريق سويد بن سعيد: ثنا بقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مربم عن راشد بن
سعد عن شبيب بن نعيم مرفوعاً به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ مسلسل بالضعفاء من سويد إلى راشد بن سعد.
وشبيب بن نعيم: لا يعرف إلا في هذا الحديث.

7063 - ( أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، أَنَا أَعْرَبُ
الْعَرَبِ ، وَلَدَتْنِي قُرَيْشٌ ، ونَشَأْتُ فِي بني سَعْدِ بن بَكْرٍ ؛ فَأَنَّى يَأْتِينِي
اللَّحْنُ ).

موضوع.
أخرجه الطبراني في " الكبير " (6/ 43/5437) من طريق بقية
عن مبشر بن عبيد عن الحجاج بن أرطاة عن عطية عن أبي سعيد الخدري
مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد هالك بمرة ؛ من دون أبي سعيد كلهم ضعفاء، والآفة: مبشر
ابن عبيد ؛ فإنه كان يضع الحديث - كما قال الإمام أحمد وكيره -.
لكن الجملة الأولى قد صحت من حديث البراء بن عازب عند الشيخين
وغيرهما، وهو مخرج في " مختصر الشمائل " برقم (209).

7064 - ( إنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ خَطَايَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ خَوْضًا فِي
الْبَاطِلِ ).

ضعيف.
أخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" من طريق أبي جعفر الرازي
عن قتادة مرسلاً.

(14/1173)


@@@ 1174
قلت: وهذا مع إرسال قتادة إياه ؛ فإن الراوي عنه أبو جعفر الرازي: ضعيف ؛
لسوء حفظه.
وروي موقوفاً على عبد الله بن مسعود بسند جيد - كماسبق بيانه تحت
الحديث (2891)، وهو يشبه هذا -.

7065 - ( إِنَّ أَفْضَلَ عَمَلِ الْمُؤْمِنِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ).
ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/320/1013، 1076)
من طريق عبد الرحمن بن سعد عن وعبد الله بن محمد وعمر بن عمار ابني
حفص عن آبائهم عن أجدادهم قالوا:
جَاءَ بِلالٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ ! إِنِّي سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :... فذكره. وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَ نَفْسِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى
أَمُوتَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ :
أَنَا أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ يَا بِلالُ ! وَحُرْمَتِي وَحَقِّي ، لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي ، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي ،
وَاقْتَرَبَ أَجَلِي . فَأَقَامَ بِلالٌ مَعَهُ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ جَاءَ عُمَرُ ، فَقَالَ
لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ ، فَأَبَى بِلالٌ عَلَيْهِ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَمَنْ يَا بِلالُ ؟
فَقَالَ : إِلَى سَعْدٍ ، فَإِنَّهُ قَدْ أَذَّنَ بِقُبَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلَ عُمَرُ الأَذَانَ
إِلَى سَعْدٍ ، وَعَقِبِه .

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ عبد الرحمن بن سعد - وهو: ابن عمار بن سعد
القرظ -: قال الذهبي في " المغني ":
" في حديثه نكارة ".

(14/1174)


@@@ 1175
وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (5/ 274) فقال:
"وهوضعيف ".

7066 - ( إِنَّ الأَرْضَ سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ وَتُكْفَوْنَ الْمَؤُنَةَ ؛ فَلا يَعْجَزُ
أَحَدُكُمْ أَنْ يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ ).

ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (17/ 41/ 85) قال:
حدثنا بكربن سهل: ثنا شعيب بن يحيى عن ابن لهيعة عن سليمان بن عبد الرحمن
عن القاسم بن عبد الرحمن عن عمرو بن عطية قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ لضعف ابن لهيعة، ونحوه بكر بن سهل.

7067 - (إنَّ أحبَّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ أنصحُهم لِعبادِه).
ضعيف.
هكذا ساقه السيوطي في " جامعيه" وقال:
" (عم) في " زوائد الزهد " عن الحسن مرسلاً ".

قلت: ولم أجده هكذا من رواية عبد الله بن أحمد باللفظ المذكوو مرفوعاً، وإنما
رأيته (ص 285 - 286) من روايته عن أبيه بإسناده عن الحسن قال:
" أحب العباد إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده، ويعملون في الأرض ن
صحاً ".
فهو موقوف . والله أعلم.

(14/1175)


@@@ 1176
7068 - ( إِنَّ الإِسْلامَ يَشِيعُ، ثُمَّ تَكُونُ لَهُ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى
غُلُوٍّ وَبِدْعَةٍ ؛ فَأُولَئِكَ أَهْلُ النَّارِ ).

موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (10/ 387/10776)
قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: ثنا مسروق بن المرزبان الكندي: ثنا
المسيب بن شريك العامري عن عيسى بن ميمون عن محمد [ عن ابن عباس وعن
القاسم بن محمد ] (*) عن عائشة قالت:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَصْوَاتٌ كَدَوِيِّ النَّحْلِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ:.. فذكره.
قلت: وهذا موضوع ؛ آفته عيسى بن ميمون - وهو: القرشي المدني مولى
القاسم: اعترف بوضع الأحاديث ؛ قال الذهبي في "المغني ":
"قال عبد الرحمن بن مهدي: استعديت عليه وقلت: ما هذه الأحاديث التي
تروي عن القاسم عن عائشة ؟! فقال: لا أعود. قال البخاري: منكر الحديث".
ولعل أصل الحديث ما صحّ عن ابن عمروٍ ضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن لكل عمل شِرّةً، ولكل شِرّةٍ فترةً ، فمن كانت فترته إلى سُنتي ؛ فقد
اهتدى، ومن كانت إلى غير ذلك ؛ فقد هلك ".
وهو مخزج في "ظلال الجنة " (51)، و" التعليق الرغيب" (1/ 46).

7069 - ( إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ لَيُضيءُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ ، كَمَا
تُضيءُ النُّجُومُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ ).

ضعيف جداً.
أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة " (1/310/ 1) من
__________
(*) ما بين معقوفتين استدراك من " المعجم الكبير ". (الناشر).

(14/1176)


@@@ 1177
طريق نايل بن نجيح: ثنا قطبة الكناس عن الحسن بن عمارة عن طلحة عن
عبد الرحمن بن سابط عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد مظلم ؛ آفته الحسن بن عمارة، وهو متروك.
وقطبة الكناس: لم أجد له ترجمة.
ونايل بن نجيح: قال الذهبي في " المغني ":
" تكلم فيه الدارقطني، وقال ابن عدي: أحاديثه مظلمة ".

7070 - ( إِنَّ الْبَخِيلَ كُلَّ الْبَخِيلِ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ ؛ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ).
ضعيف.
أخرجه البيهقي في" شعب الإيمان " (1565) من طريق داود بن
الحسين: ثنا أحمد بن عمرو: ثنا ابن وهب عن عمرو عن عمارة بن غزية عن
عبد الله بن علي بن الحسين: أنه سمع أبا هريرة يقول:... فذكره. وقال البيهقي:
" ورواه أحمد بن عيسى عن ابن وهب مرسلاً ".

قلت: وصله القاضي إسماعيل في" فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " (33)
فقال: حدثنا به أحمد بن عيسى... فذكره مرسلاً ؛ دون أن يذكر أبا هريرة،
فقال:
" هكذا رواه عَمرو بن الحارث ؛ أرسله عن علي بن حسين عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
وفيه خلاف كثير بيَّنه القاضي. فمن شاء التفصيل ؛ رجع إليه.
وداود بن الجسين وأحمد بن عَمرو في إسناد البيهقي: لم أعرفهما ؛ لكن

(14/1177)


@@@ 1178
الحديث صحيح بلفظ: " البخيل من ذكرت... " الحديث ؛ لشواهد له خرجتها
في "إرواء الغليل " (1/ 35/ 5).

7071 - ( إِنَّ الْحِجَامَةَ فِي الرَّأْسِ دَوَاءٌ مِنْ دَاءِ ؛ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ
وَالْعَشَا وَالْبَرَصِ وَالصُّدَاعِ ) .

ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (23/ 299/ 667) من
طريق سعيد بن الربيع: ثنا الحارث بن عبيد عن المغيرة بن حبيب عن مولى لأم
سلمة عن أم سلمة مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم ؛ مولى أم سلمة والمغيرة بن حبيب وسعيد
ابن الربيع: لم أعرفهم.
والحارث بن عبيد: فيه كلام - مع كونه من رجال مسلم -.

7072 - ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَقُومُ فِي الصَّلاةِ ، فَيَدْعُو الدَّعْوَةَ، فَيُغْفَرُ لَهُ وَلِمَنْ
وَرَاءَهُ مِنَ النَّاسِ ).

ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/194/ 7693) من
طريق عُفير بن معدان عن سُليم بن عامر عن أبي أُمامة مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ من أجل غفير بن مَعْدان: قال الذهبي في
" المغني ":
" ضعفوه. وقال أبو حاتم: لا يشتغل بحديثه ".
وبه ضعفه الهيثمي في " مجمع الزوائد" (10/ 111).

(14/1178)


@@@ 1179
7073 - (إِنَّ الشَّيَاطِينَ تَغْدُو بِرَايَاتِهَا إِلَى الأَسْوَاقِ، فَيَدْخُلُونَ مَعَ
أَوَّلِ دَاخِلٍ، وَيَخْرُجُونَ مَعَ أَوَّلِ (5) خَارِجٍ ).

ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/161/7618)
من طريق عبد الوهاب بن الضحاك: ثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن
مسلم عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته عبد الوهاب بن الضحاك، وهو متروك،
وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد " (4/ 77).
والمعروف أن الحديث رواه معتمر بن سليمان قال: سمعت أبي: حدثنا أبو
عثمان عن سلمان قال:... فذكره موقوفاً عليه بنحوه، ولفظه:
"لا تكونن ؛ إن استطعت أول من يدخل السوق، ولا أخر من يخرج منها ؛
فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته".
أخرجه مسلم (7/ 144).
وخالفه يزيد بن سفيان بن عبد الله بن رَواحة فقال: ثنا سليمان
التيمي:... فذكره مرفوعاً.
ويزيد هذا: قال الذهبي في " المغني ":
" له نسخة منكرة، تكلم فيه ابن حبان ".
وخالف أيضاً القاسم بن يزيد بن كليب فقال: ثنا محمد بن فضيل عن
__________
(*) كذا في أصل الشيخ رحمه الله تعالى، وهو سبق قلم ؛ والصواب: " آخر " ؛ كما في " المعجم
الكبير ". (الناشر).

(14/1179)


@@@ 1180
عاصم به مرفوعاً بلفظ:
" لا تكن أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، ففيها باض
الشيطان وفرَّخ ".
أخرجه "الطبراني " (6118)، والخطيب في " تاريخ بغدادي (12/ 426)
في ترجمة (القاسم بن يزيد بن كليب) وكناه: (أبو محمد المقري الوزَّان)،
وقال:
"وقال ابن أبي سعد: كان شيخ صدق من الأخيار ".
وذكر أنه مات في سنة اثنتين وخمسين ومئتين.

قلت: فقول الهيثمي في "المجمع " (4/ 77):
" القاسم بن يزيد: إن كان هو الجرمي ؛ فهو ثقة، وبقية رجاله رجال
الصحيح ".
قلت: كلا ؛ ليس هو الجرمي.. فإنه متقدم على الوزَّان بسنين، فإنه مات سنة
(194)، وكنيته: (أبو يزيد الموصلي).
ولم أجد لأبي محمد الوزَّان ترجمة بغير ما ذكره الخطيب ؛ ولذلك فلم تطمئن
النفس لهذه المخالفة.

7074 - ( إنَّ الصَّلاةَ قُربانُ المؤْمنِ ).
موضوع.
أخرجه ابن عدي في" الكامل " (5/ 216 - 217) قال: حدثنا
علي بن إبراهيم البصري قال: ثنا أبو الأشج الكوفي قال: ثنا يزيد بن هارون عن

(14/1180)


@@@ 1181
حميد عن أنس قال:... فذكره.
قلت: وهذا موضوع ؛ أورده ابن عدي في ترجمة شيخه علي بن إبراهيم
البصري، وقال فيه:
"روى عن الثقات بالبواطيل ". وقال عقب الحديث:
"وهذا باطل بهذا الإسناد، وبهذا اللفظ، وأظنه أراد الذي عند الأشج عن أبي
خالد الأحمر عن عيسى بن ميسرة عن أبي الزناد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الصلاة
نور المؤمن ". فتوهمه حفظاً فأخطأ، أو تعمد في الإسناد والمتن".

وهذا اللفظ من حديث أنس طرف من حديث أبي مالك الأشعري، وهو
مخرج في " تخريج مشكلة الفقر" برقم (59).
وقال الإسماعيلي في علي بن إبراهيم هذا:
" لم يكن في الحديث بشيء ".

7075 - ( إِنَّ الْغَيْرَةَ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَإِنَّ الْمَذّاءَ مِنَ النِّفَاقِ ، و (المذّاء):
الدّيوثُ ).

ضعيف.
أخرجه البيهقي قي " السنن " (225 - 226) من طريق عبد الرزاق:
أنبأ معمر عن زيد بن أسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:... فذكره. وقال البيهقي:
"ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام عن غير واحد عن داود بن قيس عن زيد بن
أسلم دون قوله: "والمذاء: الديوث ". قال أبو عبيد: (المذّاء) أخذ من (المذي) ؛
يعني: أن يجمع بين الرجال والنساء، ثم يخليهم يماذي بعضهم بعضاً. قال

(14/1181)


@@@ 1182
البيهقي: ورواه غيرهما عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم موصولاً ".
قلت: ولا يصح إسناده إلى زيد ؛ كما كنت بينته برقم (1808)، مع بيان
خطأ وقع فيه الهيثمي، وتبعه عليه المناوي ثم الغماري. فراجعه إن شئت.

7076 - (إنَّ الْكَذِبَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النِّفَاقِ ).
موضوع.
أخرجه الخرائطي في " مساوئ الأخلاق " (62/ 111 و 65/
121) عن زياد بن المنذر عن أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع ؛ آفته زياد بن المنذر: قال الحافظ في " التقريب ":
" رافضي كذبه يحيى بن معين".
ونص كلام يحيى في " الكامل" لابن عدي (3/ 189):
" كذاب عدو الله، ليس يساوي فلساً ".
وتابعه من هو شرٌّ منه ؛ ألا وهو: عمر بن موسى عن القاسم به ؛ وزاد في
متنه:
" وإن آية النفاق أن يكون الرجل جَدِلاً خَصِماً ".
وعمر بن موسى - هو: الوجيهي -: قال الذهبي في " المغني ":
" قال ابن حبان: يروي الموضوعات... وأشهد بكذبه. وقال ابن عدي: هو
ممن يضع ".

(14/1182)


@@@ 1183
7077 - ( إنَّ الَّذِي يُوَرِّثُ الْمَالَ غَيْرَ أَهْلِهِ عَلَيْهَا نِصْفُ عَذَابِ الْأُمَّةِ ).
ضعيف.
أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (7/ 487/13991) قال:
أخبرنا ابن جُريج عن شريك بن أبي نمر عن الحكم بن ثوبان: أن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم قال:... فذكره.

قلت: كذا وقع فيه: (الحكم بن ثوبان)، وقال محققه الشيخ الأعظمي
رحمه الله في التعليق عليه:
" كذا في (ص)، وشريك بن أبي نمر يروي عن عمر بن الحكم بن ثوبان،
وهو من جلة أهل المدينة ؛ فليحرر ".
قلت: وهذا هو الظاهر، والله أعلم ؛ فهو مرسلٌ. ووقع في " الفتح الكبير "
للنبهاني: في " (عب) عن ثوبان ".. وما أظنه إلا خطأ.
قلت: وابن جريج: مدلس.

7078 - ( الَّذِي جعل الدَّاءَ أَنْزَلَ الدَّواءَ ؛ فجعل شفاء ما شاء
فيما شاءَ ).

ضعيف.
هكذا أورده السيوطي في " الزيادة "، و بالتالي الشيخ النبهاني في
" الفتح الكبير " من رواية أبي نُعيم في "الطب" عن أبي هريرة، ولم أرهُ بهذا
التمام في " طب أبي نُعيم "، وأظن أنه ملفق من روايتين مختلفتين فيه، كلتاهما
عن أبي هريرة ؛ أخرج (8/ 2) الأولى من طريق محمد بن أبي عمرو عن أبي
سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

(14/1183)


@@@ 1184
" إِنَّ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ معه الدَّوَاءَ ".
قلت: واسناده حسن.
ثم أخرجه من طريق يونس بن محمد: ثنا الهياج أو الصباح بن عبد الله
العبدي: ثنا غالب القطان عن ابن سيرين عن أبي هريرة:
أن رسول الله نعت الأدواء، ونعت معه الدواء، وان الله، يشفي من شاء بما
شاء.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ لأنه إن كان عن الصباح بن عبد الله العبدي ؛ فهو
مجهولٌ ، وان كان عن هياج - وهو: ابن بسطام الهروي -: قال أبو حاتم:
" يكتب حديثه ". وقال ابن معين:
" ضعيف". وقال أبو داود:
"تركوا حديثه " - كما في "المغني " -.

7079 - (إن الله إذا أحبَّ عبداً ؛ جَعَلَ رزقَهُ كَفافاً ).
ضعيف.
أخرجه الديلمي في " مسنده " (1/ 225) عن أبي الشيخ معلقاً
بسنده عن إسماعيل بن عَمرو: حدثنا علي بن هاشم عن عبيد الله بن الوليد
عن يحيى بن هاني عن عروة عن علي بن أبي طالب:... فذكره. ولكن سقط
من النسخة رفعه .. وهو مرفوع، ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية
أبي الشيخ عن علي.

(14/1184)


@@@ 1185
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ إسماعيل بن عَمرو - وهو: البجلي -: ضعفه ابن
عدي وجماعة - كما في "المغني " -.
وعبيد الله بن الوليد - وهو: الوصّافي -: ضعفوه.
وعلي بن هاشم - هو: البريدي، وهو -: مختلف فيه، مع كونه من رجال
مسلم، وقد أورده الذهبي في" المغني " وقال:
"صدوق، شيعي جلد. قال ابن حبان: روى المناكير عن المشاهير".

7580 - ( إن الله تعالى إذا أنزل عاهة من السماء على أهل الأرض ؛
صرفت عن عمار المساجد ).

منكر.
أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق " (17/ 11) من طريق خلف
ابن سعيد بن خلف اللخمي: نا أبو الحسن علي بن الحسين القاضي - يعني:
الأذني -: نا أبو الأزهر صدقة بن منصور بن عُبيد الله الكندي: نا محمد بن
بكار: نا زافر بن سليمان عن عبد الله بن أبي صالح عن أنس بن مالك قال: قال
رسول الله صلى الله عليه والله وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسنادٌ ضعيفٌ ؛ عبد الله بن أبي صالح: لم أعرفه.
وزافر بن سليمان: وثقه جماعة، وضعفه آخرون.
ومن دون محمد بن بكار: لم أعرفهم.
وخلف بن سعيد اللخمي: كأنه مجهول ؛ ففي ترجمته أورد الحديث ابن
عساكر، ولم يذكر عنه راوياً سوى أبى علي الأ هوازي.

(14/1185)


@@@ 1186
7081 - ( إِنَّ اللَّهَ تعالى أَعْطَانِي: (السَّبْعَ) .. مَكَانَ (التَّوْرَاةِ) ،
وَأَعْطَانِي: (الرَّاءَاتِ) إلى: (الطَّوَاسِينَ) .. مكان (الْإِنْجِيلِ) ،
وَأَعْطَانِي مَا بَيْنَ: (الطَّوَاسِينَ) إِلَى: (الْحَوَامِيمِ) .. مَكَانَ (الزَّبُورِ) ،
وَفَضَّلَنِي بِـ: (الْحَوَامِيمِ) وَ (الْمُفَصَّلِ) ؛ مَا قَرَأَهُنَّ نَبِيٌّ مِنْ قَبْلِي ).

منكر جداً.
أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (69) قال: حدثنا يحيى بن
يحيى: أخبرنا خارجة عن عبد الله بن عطاء عن إسماعيل بن رافع عن الرقاشي
وعن الحسن عن أنس: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:...
فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ خارجة هذا - وهو: ابن مصعب الخراساني
السرخسي -: ضغفه الجمهور، وتركه بعضهم، وكذبه ابن معين.
و (عبد الله بن عطاء): هكذا الأصل، وهو محرف، والصواب مكان: (عطاء):
(عرادة)، وهو الشيباني السدوسي، وقد ذكروه في الرواة عن اسماعيل بن رافع:
وقد ضعفه الجمهور، وقال البخاري:
"منكر الحديث".

وإسماعيل بن رافع: قال الذهبي في " المغني ":
" ضعفوه جداً. قال الدارقطني والنسائي: متروك".
وشيخه الرقاشي: مثله ؛ قال الذهبي:
" قال النسائي وغيره: متروك ".
وهو هنا متإبع من قبل (الحسن) - وهو: البصري - لكنه مدلس.

(14/1186)


@@@ 1187
7082 - ( إن الله تعالى أمرني أن أعلمكم مما علمني ، وأن أؤدبكم .
إذا قمتم على أبواب حجركم ؛ فاذكروا اسم الله يرجع ؛ الخبيث عن
منازلكم ،وإذا وضع بين يدي أحدكم طعام ؛ فليسم الله ؛ حتى لا
يشارككم الخبيث في أرزاقكم ، ومن اغتسل بالليل ؛ فليحاذر عن عورته ،
فإن لم يفعل فأصابه لمم ؛ فلا يلومن إلا نفسه ، ومن بال في مغتسله
فأصابه الوسواس ؛ فلا يلومن إلا نفسه ، وإذا رفعتم المائدة ؛ فاكنُسوا ما
تحتها ؛ فإن الشياطين يلتقطون ما تحتها ؛ فلا تجعلوا لهم نصيباً في طعامكم ).

منكر جداً.
هكذا ساقه السيوطي في " الجامع الصغير " وفي "الكبير" أيضاً
من رواية الحكيم عن أبي هريرة. فعقب عليه المناوي بقوله:
"لكنه لم يسنده - كما يوهمه صنيع المصنف - ؛ بل قال: حدثنا الحسن بن
عمر بن شقيق البصري يرفعه إلى أبي هريرة. هذه عبارته ".

قلت: فهو معضل ؛ بين ابن شقيق وأبي هريرة مفاوز. ومن الغريب والأخطاء
المتكررة أنه وقع في "الجامع الصغير "، وفي نسخة "الفيض" بالذات مرموزاً له
بالحُسْن، واغترت بذلك اللجنة المعلقة على " الجامع الكبير " (3/ 1491/
4712) ؛ فنقلوا الرمز المذكور وأقروه!

7083 - ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْحَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ : أَنْ أَخْبِرْ قَوْمَكَ :
أَنْ لَيْسَ عَبْدٌ يَصُومُ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِي إِلَّا أصْحَحْتُ جِسْمَهُ ، وَأَعْظَمْتُ
أَجْرَهُ ).

ضعيف جداً.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (3/411/ 3923)

(14/1187)


@@@ 1188
من طريق أبي نافع المعافري عن إسحاق بن أَسِيد عن أبي بكر الهذلي عن أبي
إسحاق الهمداني: أن علي بن أبي طالب قال:... فذكره مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد واه جداً ؛ مسلسل بالعلل:
الأ ولى: أبو إسحاق - هو: السبيعي -، مدلس مختلط.
والثانية: أبو بكر الهذلي: أحد المتروكين - كما قال الذهبي في "المغني " -.
الثالثة: إسحاق بن أسيد: قال الذهبي:
"قال أبو حاتم: لا يشتغل به ".
الرابعة: أبو نافع المعافري: لم أعرفه.

7084 - (إن الله تبارك وتعاتى باركَ [ما بين] العريشِ والفرات،
وخصّ فلسطين بالتقدِيس - يعني: بالتطهير -).

منكر.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (1/ 140) من طريق هشام
ابن عمار: نا الوليد: نا زهير بن محمد قال: حُدِّثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:...
فذكره.
قلت: وهذا مع إعضال (زهير بن محمد) إياه - من أتباع التابعين - ؛ فإنه
مضعَّف في رواية الشاميين عنه. قال الحافظ في " التقريب ":
" رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها. قال البخاري عن
أحمد: كأن زهيراً الذي يروي عنه الشاميون آخر. وقال أبو حاتم: حدث في الشام
من حفظه فكثر غلطه ".

(14/1188)


@@@ 1189
7085 - (إن الله تعالى تجوَّزَ لكم عنْ صَدَقةِ الخيلِ والرَّقيقِ ).
منكر.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (5/ 287) من طريق عبد العزيز
ابن الحصين عن عمرو بن دينار المكي: أنه أخبره عن جابر بن عبد الله الأنصاري
مرفوعاً. وقال:
"هذا بهذا الإسناد غير محفوظ ".
ذكره في ترجمة عبد العزيز بن الحصين، وقال في أولها:
"ضعيف الحديث ". وفي آخرها:
" بيِّن الضعف فيما يرويه ". وقال الذهبي في "المغني ":
"ضعفه يحيى والناس ".

وقد صح الحديث من حديث أبي هريرة بلفظ:
" ليس على المسلم في عبده، ولا في فرسه صدقة ".
رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الصحيحة " (2189)، وفي
"الضعيفة " (4014) بزيادة منكرة وقعت فيه، صحّحها الشيخ (زاهد الكوثري)
وغيره من متعصبة الحنفية!

7086 - ( إن الله جميل يحب الجمال ، سخي يحب السخاء ، نظيف
يحب النظافة ، فاكْسحُوا أَفنيتَكم ).

منكر.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (5/ 292) من طريق أحمد بن

(14/1189)


@@@ 1190
بُديل: ثتا حسين بن علي الجعفي: ثنا ابن أبي رواد عن سالم عن أبيه قال:...
فذكره مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم ؛ غير أحمد بن بُديل:
قال ابن عدي (1/ 186):
" يروي عن حفص بن غياث وغيره مناكير "، ثم. ساق له حديثاً غير هذا،
وأعله به، وقال:
"وله أحاديث لا يتابع عليها عن قوم ثقات، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه ".

قلت: فأستغرب مع هذا أن لا يورِد في ترجمته هذا الحديث، وإنما أورده في
ترجمة (عبد العزيز بن أبي رواد)، وشتان ما بين ترجمتيهما حتى عند ابن عدي
نفسه، وحسبك دليلاً على ما قلت أنه روى عن ابن معين أنه وثَّق ابن أبي رواد،
وختم هو ترجمته بقوله:
" ولعبد العزيز بن أبي رواد غير حديث، وفي بعض رواياته ما لا يتابع عليه ".

نعم " فيه كلام يسير، لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن، ولذلك قال الحافظ
في "التقريب ":
"صدوق عابد، ربما وهم، ورمي بالإرجاء ".
والجملة الأولى من الحديث صحت في أحاديث أخرى، قد خرجت بعضها
في " الصحيحة " (1626). والجملة الأخيرة ثبتت من رواية سعد بن أبي
وقاص بلفظ:
"طهروا أفنيتكم ؛ فإن اليهود لا تطهر أفنيتها ".

(14/1190)


@@@ 1191
وهو مخرج فيه برقم (236)، وتحته رواية أخرى فيها:
"... نظيف يحب النظافة ".
لكن إسناده ضعيف ؛ كما هو مبين هناك.

7087 - ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَرِهَ لَكُمِ الْبَيَانَ ؛ كُلَّ الْبَيَانِ ).
ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (8/194/ 7695) من
طريق عفير بن معدان عن سُليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعاً.
وهذا إسناد ضعيف ؛ عفير بن معدان: قال الذهبي في " المغني ":
" ضعفوه. قال أبو حاتم: لا يشتغل بحديثه ".
وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (8/ 116) ؛ فقال:
" وهو ضعيف ". وكذا ضعفه الحافظ في "التقريب ".

7088 - ( إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْنِي طَعَّانًا ، وَلَا لَعَّانًا ، وَلَكِنْ بَعَثَنِي دَاعِيَةَ
وَرَحْمَةٍ ، اللَّهُمَّ ! اغْفر لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ).

ضعيف.
أخرجه البيهقي في" شعب الإيمان" (2/164/ 1447) من
طريق يونس بن بكير عن عبيد الله بن الوليد عن عبد الله بن عبيد قال:
لما كُسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشُج في جبهته، فجعلت الدماء تسيل
على وجهه ؛ قيل: يا رسول الله! ادعُ الله عليهم. فقال صلى الله عليه وسلم :... فذكره.

(14/1191)


@@@ 1192
وقال البيهقي:
"هذا مرسل ".
قلت: هو مع إرساله ؛ الراوي عنه ؛ (عبيد الله بن الوليد) - وهو: الوصافي -:
ضعيف - كما في " المغني " و" التقريب " -.
ثم عقب عليه البيهقي بحديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اللهم! اغفر لقومي ؛ فإنهم لا يعلمون ".
وفي إسناده ضعف، والأصح. أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى ذلك عن نبي ضربه قومه
- كماجاء في " الصحيحين " -.

لكن قد ثبت بمجموع طرق: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بذلك لقومه أيضاً، وأن المقصود
به أن يغفر لهم شجهم لوجهه صلى الله عليه وسلم .
وتجد تفصيل هذا الإجمال في "الصحيحة " (3175) .
وأصل الحديث قد جاء بنحوه من حديث أبي هريرة وغيره ؛ فانظر " الصحيحة "
(3945).

7589 - (إن الله تعالى لم يجعلني لحَّاناً ؛ اخْتارَ لي خيرَ الكلام:
كتابَه القُرآن ).

منكر.
وقد أورده السيوطي في "الجامع الصغير " من رواية الشيرازي في
"الألقاب" عن أبي هريرة.

(14/1192)


@@@ 1193
قلت: وقد أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق عامر بن عمر
المعروف بـ (موقية): حدثنا عبد الرحمن بن يحيى العذري: حدثنا مالك عن
سُمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:
قلنا يا رسول الله! ما رأينا أفصح منك. قال:... فذكره.

قلت: العُذري هذا: قال العقيلي:
"مجهول لا يقيم الحديث". وساق له بعض الأحاديث عن مالك وقال:
" ليس لها أصل".
واستنكر (الدارقطني) أحدها، وساق له أحاديث أخرى، وقال:
" وقد تفرد بها عن مالك، وليس هو بقوي "، وقال في موضع أخر:
" ضعيف" . وقال الأزدي:
"متروك لا يحتج بحديثه". وقال الحاكم أبو أحمد:
" لا يعتمد على روايته ".
وأما عامر بن عمر: فلم أعرفه.

7090 - ( إن اللهَ لا يهْتكُ ستِْرَ عبد فيه مثقال ذرة من خير ).
ضعيف جداً.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (3/ 129) من طريق داهر
ابن نوح: ثنا الربيع بن بدر: ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم:... فذكره.

(14/1193)


@@@ 1194
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ آفته الربيع بن بدر، فإنه متروك الحديث
- كما قال النسائي وغيره -.
وداهر بن نوح: قال الدارقطني:
" ليس بقوي في الحديث ".
وأما ابن حبان فذكره في " الثقات"، وقال:
" ربما أخطأ ". قال الحافظ في " اللسان ":
"وأخرج مع ذلك حديثه في (صحيحه) ".

7091 - ( إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ ابْنَ السَبْعِينَ فِي هَيْئَةِ ابْنِ عِشْرِينَ ؛ فِي
مِشْيَتِهِ وَمَنْظَرِهِ ).

موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (6/ 57/ 5782) من
طريق أبي بلال الأشعري قال: نا يحيى بن العلاء عن موسى بن محمد بن
إبراهيم عن أبيه عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال الطبراني:
" لا يروى إلا بهذا الإسناد ؛ تفرد به موسى بن محمد بن إبراهيم ".
قلت: قال الدارقطني:
" متروك " - كما في " المغني " -.
قلت: ويحيى بن العلاء شر منه: قال أحمد:
"كان يضع الحديث ".

(14/1194)


@@@ 1195
7092 - ( إنَّ الله تعالى يبغضُ البخيلَ في حياته، السَّخي عندَ موتِه ).
موضوع.
أخرجه الخطيب في كتاب " البخلاء " (ص 44) من طريق أحمد
ابن نصر بن عبد الله الذارع النهرواني: حدثنا أبو معاوية ثابت بن اسماعيل
الرفاء: حدثنا زيد بن أخزم: حدثنا عبد الصمد: حدثنا سالم الطائي: حدثنا
سعيد بن مسروق عن رجل عن علي بن أبي طالب مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد موضوع ؛ المتهم به أحمد بن نصر الذارع هذا: قال الذهبي
في "المغني ":
" وضاع مفترٍ، له جزء مشهور. قال الدارقطني: دجال ".
وساق له في " الميزان " بعض أباطيله.
وقد ترجمه الخطيب في " تاريخه" بروايته عن جماعة من الحفاظ، وقال:
"(وجماعة غير هؤلاء ممن لا يعرف. وفي حديثه نكرة تدل على أنه ليس بثقة ".

قلت: وكأنه يشير بقوله: " ممن لا يعرف " إلى شيخه ثابت بن إسماعيل
الرفاء، وقد أشار إلى ذلك في ترجمة ثابت (7/ 143) بقوله:
" حدث أحمد بن عبد الله بن نصر الذارع عنه عن سريج بن يونس، والذارع
غير ثقة".
وتابعي الحديث رجل لم يسم ؛ فهو مجهول.

7093 - ( إن الله يبغضُ المعبسَ في وُجوه إخوانِه ).
موضوع.
أخرجه الديلمي في " مسنده " (1/ 245) من طريق عيسى بن

(14/1195)


@@@ 1196
مهران عن الحسن بن الحسين عن الحسن بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه
[ عن علي ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد موضوع ؛ آفته (عيسى بن مهران): قال الذهبي في "المغني":
"رافضي خبيث، لقيه محمد بن جرير. قال ابن عدي: حدث بأحاديث
موضوعة، وهو متحرق في رفضه ".

7094 - ( إن الله وعدني بإسلام أبي الدرداء ).
ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" - كما في " جامع المسانيد "
(13/ 579) - فقال:
"وقال الطبراني: حدثنا بكر بن إسماعيل: حدثنا عبد الله بن صالح:
حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية بن كريب عن جبير بن نفير عن أبي
الدرداء أنه قال:
لا مدينة بعد عثمان، ولا رخاء بعد معاوية. وقال النبي صلى الله عليه وآله
وسلم:... فذكر الحديث، وذكر في آخره:
"... فأسلم ".
وهكذا أورده الهيثمي في " المجمع " (9/ 95) وقال:
"رواه الطبراني، وإسناده حسن ".
كذا قال. وفيه نظر من ناحيتين:

(14/1196)


@@@ 1197
الأولى: الضعف المعروف في عبد الله بن صالح - وهو: كاتب الليث -: قال
الحافظ في" التقريب ":
"صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة".
والأخرى: بكر بن اسماعيل - هو: بكر بن سهل بن اسماعيل الدمياطي،
نسب إلى جده -: قال الذهبي:
"مقارب الحال. قال النسائي: ضعيف".

7095 - ( إن الله يحب من عباده الغيورَ ).
موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (8/ 215/ 8441) من
طريق محمد بن بكير قال: نا محمد بن الفضل بن عطية عن زيد العمي عن مُرة
عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
"إني لغيور، والله أغير مني، وإن الله... ". وقال:
" لا يروى عن علي الا بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن بكير ".
قلت: وهو صدوق يخطئ - كما في" التقريب " -، دانما آفته محمد بن الفضل
ابن عطية ؛ فقد قال الحافظ في" التقريب ":
"كذبوه ".
وزيد العمي - وهو: ابن الحواري -: ضعيف.
وأحاديث: (إن الله أغير...) معروفة الصحة في غير ما حديث.

(14/1197)


@@@ 1198
7096 - (إن الله يخمي عبذه الدنيا ؛ كما يخمي الزاعي ال!ثئفيق غنقه عن قراتع الققكة).

ضعيف جداً.
أخرجه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا" (210)، ومن طريقه
البيهقي في " الشعب " (10451)، وأبو نعيم في " الحلية " (1/ 276) من
طريق زائدة عن شيخ من أهل البصرة عن أمية بن قسيم عن حذيفة مرفوعاً.
إلا (أبو نعيم) ؛ فإنه أوقفه وسمى الشيخ البصري: " أبان بن أبي عياش".
قلت: وأبان: متروك، وأمية بن قسيم: لم أجد له ترجمة.

وقد صح الحديث عن غير واحد من الصحابة ؛ منهم: أبو سعيد الخدري:
ولفظه:
"... وهو يحبه ؛ كما تحمون مريضكم الطعام والشراب ".
وهو مخرج في " المشكاة " (5250 - التحقيق الثاني).

7097 - ( اللَّهَ يُخَفِّفُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ طُولَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؛
كَوَقْتِ صلاة مكتوبة ).

ضعيف.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (1/ 325/ 362) من طريق
نعيم بن حماد: ثنا ابن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة - أظنه
رفعه - إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :... فذكره. وقال البيهقي:
" ولا أدري من القائل: أظنه ".
قلت: القائل هو: نعيم بن حماد ؛ لضعفه المعروف به، ولأنه قد رواه في "زوائد

(14/1198)


@@@ 1199
زهد ابن المبارك " بسند آخر موقوفاً مختصراً ؛ فقال (100/ 348): أنا معمر عن
قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن أبي هريرة قال:
"يقصر يومئذٍ على المؤمن ، حتى يكون كوقت صلاة ".
وقد روي الحديث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعاً.
وهو مخرج في " المشكاة، (5565). وصح عن أبي هريرة ما يخالف ما تقدم بلفظ:
" يهون ذلك على المؤمن ؛ كتدلي الشمس للغروب إلى أن تغرب ".
وهو مخرج في " الصحيحة ". برقم (2817)، وفي "التعليق الرغيب" (4/
196).

7098 - ( إن الله تعالى يسأل العبد عن فضل علمه، كما يسأله عن
فضل ماله ).

لا أصل له بهذا السياق.
وإن أورده السيوطي في "جامعيه" من رواية الطبراني
في " الأوسط " عن ابن عمر، ولا أدري كيف وقع له هذا الوهم الفاحش ؛ فإن
الحديث في " المعجم الأوسط " (1/ 142/ 448) بلفظ:
" إذا كان يوم القيامة ؛ دعا الله عبداً من عبيده، فيوقف بين يديه، فيسأله عن
جاهه ؛ كما يسأله عن ماله ".
وهكذا رواه في "المعجم الصغير" (ص 6 - هندية).
وكذلك ذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/ 346) ؛ لكن من رواية
الطبراني في "الصغير" فقط!

(14/1199)


@@@ 1200
وهكذا رواه جمع آخر عن ابن عمر ؛، منهم: ابن عدي في " الكامل " (7/
171)، وابن حبان في " الضعفاء " (3/ 137)، والخطيب في " تاريخ بغداد"
(8/ 99)، وابن الجوزي في " الموضوعات " (2/168)، وابن طاهر المقدسي
في " تذكرة الموضوعات " (ص 9).
وكلهم أخرجوه من طريق يوسف بن يونس الأفطس قال: نا سليمان بن بلال
عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال:... فذكره مرفوعاً. وقال الطبراني:
" تفرد به يوسف بن يونس ". وقال ابن عدي:
" هذا منكر لا يرويه غير الأفطس ". وقال الخطيب:
"هذا الحديث غريب جداً، لا أعلمه يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به أحمد
ابن خليد".

قلت: بل قد توبع، والآفة من الأفطس، وقد قال ابن حبان فيه:
" شيخ يروي عن سليمان بن بلال ما ليس من حديثه ". ثم ساق له هذا
الحديث وقال:
" لا أصل له من كلام النبي عليه الصلاة والسلام ".
والحديث مخرج في " الروض النضير " برقم (483).

7099 - ( إن الله تعالى يزيد في عُمُر الرجل بِبرِّه والدَيه ).
موضوع.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (6/ 119) من طريق أحمد بن
منيع وغيره، بالسند عن الكلبي عن أبي صالح عن جابر مرفوعاً به.

(14/1200)


@@@ 1201
قلت: وهذا: الكلبي - هو: محمد بن السائب بن بشر الكلبي -: قال الذهبي
في "المغني ":
"تركوه. كذبه سليمان التيمي وزائدة وابن معين، وتركه القطان وعبد الرحمن".
وقال الحافظ في " التقريب ":
" متهم بالكذب، ورمي بالرفض"، وبه أعله في "المطالب المسندة"، فقال:
" الكلبي: متروك ".

7100 - (إن الله تعالى ئسعز جهئم كل يوم في نضف الئهاير، وئخبئها في يويم الجفية).

موضوع.
أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1/ 190)، والطبراني في
" المعجم الكبير " (22/60/144)، وفي " مسند الشاميين" برقم (3393)
عن بشربن عون: ثنا بكار بن تميم عن مكحول عن وائلة قال:
سأل سائل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال يوم الجمعة يؤذن فيها بالصلاة في نصف
النهار، وقد نهيت عن سائر الأيام ؟! فقال:... فذكره.
قلت: وهذا موضوع ؛ آفته بشو بن عون: قال ابن حبان في" الضعفاء":
" روى عن بكار بن تميم عن مكحول عن واثلة نسخة فيها ست مئة حديث
كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به بحال ".
وشيخه بكار بن تميم: مجهول.

(14/1201)


@@@ 1202
7101 - (إِنَّ اللَّهُ لَيَغْضَبُ على من لا يسأله، ولا يفعل ذلك أحدٌ
غيره).

منكر.
أخرجه الديلمي في " مسنده " (1/ 250) من طريق أحمد بن
إبراهيم بن تركان: حدثنا عبد الله بن أحمد بن مملوس: حدثنا محمد بن
محمد الأنصاري: حدثنا محمد بن الصباح: حدثنا مروان بن معاوية: حدثنا أبو
المليح عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد مظلم ؛ من دون محمد بن الصباح - وهو: الجرجرائي -: لم
أعرفهم.
والجرجائي: قال الذهبي في " المغني ":
" وثقه أبو زرعة، وله حديث منكر ".

7102 - ( إن الله عزوجل يقول : إني لأهم بأهل الأرض عذاباً ، فإذا
نظرت إلى عُمَّارِ بُيوتي والى المتحابِّين فيَّ ، وإلى المستغفرين بالأسحار صرفته
عنهم ).

ضعيف جداً.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (4/ 61)، والبيهقي في
" شعب الإيمان " (6/ 500/ 9051) من طريق صالح المُرّي عن ثابت عن أنس
ابن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ أورده ابن عدي في ترجمة صالح هذا، وروى
عن عمرو بن علي أنه قال:

(14/1202)


@@@ 1203
" منكر الحديث جداً، يحدث عن قوم ثقات بأحاديث مناكير". وعن
البخاري أنه قال:
"منكر الحديث ". وعن النسائي أنه قال:
" متروك الحديث ".
ثم ساق له أحاديث كثيرة مما أنكر عليه، وختم ترجمته بقوله:
" وعامة أحاديثه التي ذكرت والتي لم أذكر منكرات ؛ ينكرها الأئمة عليه،
وليس هو بصاحب حديث، وإنما أتي من قلة معرفته بالأسانيد والمتون، وعندي
- مع هذا - أنه لا يتعمد الكذب ؛ بل يغلط بيّناً ".

7103 - (إنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ : " يَا ابْنَ آدَمَ ! أَوْدِعْ مِنْ كَنْزِكَ عِنْدِي ولَا
حَرْقٌ ، وَلَا غرقٌ ، وَلَا سرقٌ ؛ أُوفِيكَهُ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ ).

منكر.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (3/211/ 3342) بسند
صحيح عن الحسن مرفوعاً. وقال:
"هذا مرسل ".
قلت: والحسن - هو: البصري -، ومراسيله من أوهى المراسيل.

7104 - ( إنَّ المتشدِّقينَ في النارِ ).
ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/195/ 7696) من
طريق عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعاً.

(14/1203)


@@@ 1204
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ فإن عفير بن معدان: ضعفوه، وبه أعله الهيثمي
فقال في " مجمع الزوائد " (8/ 116):
"وفيه عفير بن معدان، وهو ضعيف ".

7105 - ( إِنَّ الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ جَمَعَ كَعْبَيْهِ
بوتادِ شَهْرٍ صيَامَهُ وَقَيامَهُ ).

منكر.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (4/ 42/ 4294) من طريق
جميع بن ثوب الرحبي عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعاً.
قلت: قال الذهبي في "المغني ":
" منكر الحديث. قاله البخاري ".

7106 - ( إن المليلة والصداع يولعان بالمؤمن ، وإن ذنبه مثل جبل
أحد ؛ حتى لا يدعا عليه من ذنبه مثقال حبة من خردل ) .

ضعيف جداً.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (9/ 386) من
طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى: حدثنا سعيد بن عبد العزيز: [ حدثنا ]
يزيد بن أبي حبيب عن معاذ بن سهل بن أنس الجهني عن أبيه عن جده قال:
دخلت على أبي الدرداء أعوده في مرضه فقلت: يا أبا الدرداء! إنا نحب أن
تصح، فلا تمرض. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره. وقال ابن
عساكر:

(14/1204)


@@@ 1205
"كذا وقع في هذه الرواية، وهو سهل بن معاذ بن أنس".
يعني: أنه انقلب اسمه على الراوي ؛ فقال: أخبرناه على الصواب... ؛ فساق
إسناده من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سهل بن معاذ بن أنس
الجهني عن أبيه عن جده عن أبي الدرداء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل حديث قبله.

قلت: وليس من الضروري أن يكون لفظه كلفظ حديث الترجمة، على أن ابن
لهيعة: ضعيف.
وعلة الحديث إبراهيم بن هشام بن يحيى: قال الذهبي في " المغني ":
"قال أبو حاتم وغيره: ليس بثقة. ووثقه الطبراني، وحكى عنه أبو حاتم ما
يدل على أنه لا يعي الحديث ".
قلت: فالخطأ منه في قلب اسم الراوي أيضاً.

7107 - ( إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَزَالُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَتْ مَائِدَتُهُ
مَوْضُوعَةً ).

ضعيف.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1/ 308/ 1035)،
والبيهقي في" الشعب " (7/ 99/ 9626) من طريق مندل بن علي
عن عبد الله بن سنان، وفي " الشعب " (يسار) عن عائشة بنت طلحة عن عائشة
رضي الله عنها مرفوعاً.
قلت: مندل بن علي: ضعيف.
وشيخه عبد الله بن سنان - أو يسار -: لم يتبين لي من هو ؟ والله أعلم.

(14/1205)


@@@ 1206
7108 - ( إِنَّ النِّيلَ يَخْرُجُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَلَوِ الْتَمَسْتُمْ فِيهِ حِينَ يَمُجُّ ؛
لَوَجَدْتُمْ مِنْ وَرَقِهَا ).

منكر.
أخرجه أبو الشيخ في "العظمة " (4/1419/ 935) من طريق
علي بن الوليد بن محمد بن الجراح ابن أخي وكيع - ثقة -: حدثنا يونس بن بكير
قال: حدثني محمد بن إسحاق: حدثني سعيد بن يزيد - أحسب أنه أبو شجاع
المصري - عن عبد الله بن مغيث مولى الزيير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ عبد الله بن مغيث مولى الزبير: لم أجد من
ترجمه، وما ذكره الأخ الفاضل رضاء الله في تعليقه على "العظمة " أنه:
" لعله عبد الله بن مغيث بن أيي يردة الطفري حجازي أنصاري ذكره الحافظ
ابن حجر في " تعجيل المنفعة" (ص 236) وقال:
" ذكره ابن حبان في " الثقات" ولم يذكر أنه مولى الزبير ".

وقلت: هذا الإحتمال بعيد عندي ؛ لأنه زبيري ولاءً كما ذكر - ولو سلمنا
بذلك ؛ فليس قيه أنه سمع من أبي هريرة، وابن حبان إنما ذكره في الطبقة الثالثة
من " ثقاته " (7/ 43).
ويونس: مختلف فيه ؛ قال الحافظ:
" صدوق يخطئ ".
والحديث بشطره الثاني منكر ؛ لمخالفته حديث مسلم وغيره عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(14/1206)


@@@ 1207
" سيحان وجيحان والفرات والنيل، كل من أنهار الجنة ".
وهو مخرج في " الأحاديث الصحيحة " (110).

7109 - ( إن اليد المعطية هي العليا ، والسائلة هي السفلى ، [فما
استغنيتَ ] فلا تسألْ ؛ فإن مالَ اللهِ مسؤولٌ ومُعطَى ).

منكر بهذا التمام.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (40/ 462)
من طريق عاصم بن عبد الله بن نعيم عن أبيه عن عروة بن محمد بن عطية
السعدي عن أبيه عن جده.
أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد من قومه من ثقيف، قال: فلما دخلنا
على النبي صلى الله عليه وسلم فكان فيما ذكر أن سألوه فقال لهم:
" هل قدم معكم أحد من غيركم ؟ "، قالوا: نعم، قدم معنا فتى منا خلفناه
في رحالنا، قال: "فأرسلوا إليه"، قال: فلما دخلت عليه وهم عنده ليستقبلني
فقال:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم:
(عروة بن محمد بن عطية السعدي) وابنه (*) هما من المقبولين عند ابن
حجر، وقال الذهبي في محمد بن عطية السعدي:
" ما روى عنه سوى ولده عروة الأمير" .
وعبد الله بن نعيم: قال الذهبي:
__________
(*) كذا في أول الشيخ رحمه الله، وهو سبق قلم، والصواب: " أبوه ". (الناشر).

(14/1207)


@@@ 1208
"تكلم فيه ".
قلت: وقد وثقه بعضهم، منهم " ابن حبان "، وأخرج له حديثاً في فضل أبي
عامر الأشعري، وفيه نكارة - كما بينته فيما تقدم برقم (6489) -، ويبدو لي مما
قيل في ترجمته أنه وسط حسن الحديث. والله أعلم .
وأما ابنه (عاصم بن عبد الله بن نعيم): فهو غير معروف، أورده ابن أبي
حاتم من رواية ابن وهب الراوي عنه هذا الحديث ولم يزد.

والزيادة التي بين المعكوفتين من " الزيادة على الجامع الصغير"، ووقعت فيه
لفظة (المعطية): (المنطية) بالنون فكان العين، وكذلك وقع فى " الاستيعاب "
لابن عبد البر من طريق آخر عن عروة بن محمد بن عطية به، وزاد:
"فكلمني بلغتنا".
والشطر الأول من الحديث محفوظ عن جمع من الصحابة في" الصحيحين"،
وغيرهما بلفظ: " المعطية "، وهي مخرجة في " الإرواء" برقم (834).

7110 - ( إن أهل عليين ليشرف أحدهم على الجنة ، فيضيء وجهه
لأهل الجنة ؛ كما يضيء القمر ليلة البدر لأهل الدنيا ، وإن أبا بكر وعمر
منهم وأنعَمَا ).

منكر.
أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (180/ 239)، وابن عساكر
في " تاريخ دمشق " (44/ 184) من طريق مهدي بن الأسي الكندي عن
عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال:... فذكره مرفوعاً، وزاد ابن عساكر:
" قال: أتدرون ما أنعما ؟ " قلنا: لا، قال: " وحقَّ لهما ".

(14/1208)


@@@ 1209
وعقب عليه ابن عساكر بقوله:
" قال الدارقطني: غريب عن مهدي بن الأسود، لا أعلم رويناه إلا من هذا
الطريق، ومهدي بن الأسود كوفي عزيز الحديث ".
قلت: وقال الذهبي والعسقلاني:
"مجهول ".
وشيخه عطية: ضعيف ؛ لكن روي الحديث عنه مختصراًدون ذكر (الوجه)،
فهو بدون هذه الزيادة صحيح لغيره، وقد خرجته في "الروض النضير " برقم
(970).

7111 - ( إِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ شِفَاءٌ ، وَإِنَّ ذِكْرَ النَّاسِ دَاءٌ ).
منكر.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان" (1/ 459/ 717) من طريق
أبي عقيل عن عبد الله بن يزيد عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :...
فذكره. وقال:
" هذا مرسل، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قوله ".
قلت: وهو مع إرساله ضعيف ؛ لأن عبد الله بن يزيد - وهو: الدمشقي -: قال
بعض الحفاظ:
" له مناكير". ولذلك قال الحافظ:
"ضعيف".

(14/1209)


@@@ 1210
7112 - ( إنَّ شهابَ اسمُ شَيطانِ ).
منكر.
أخرجه البيهقي في " الشعب " (4/ 313/ 5227) من طريق
محمد بن حيان التمار: ثنا عمرو بن مرزوق: أنا عمران عن قتادة عن زرارة عن
سعد بن هشام عن عائشة قالت: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقال له: شهاب قال:
" بل أنت هشام... " فذكره.

قلت: منكر رجاله ثقات، غير محمد بن حيان التمار، فلم يوثقه غير ابن
حبان - وهو: محمد بن محمد بن حيان التمار البصري - ومع ذلك فقد قال ابن
حبان:
"ربما أخطأ ".
وقد أخطأ هنا، فقد خالفه جماعة ؛ فرووا الحديث كما رواه هو دون حديث
الترجمة، منهم جبل الحفظ الإمام البخاري، فقد قال في " الأدب المفرد ":
حدثنا عمرو بن مرزوق به ؛ دون حديث الترجمة.
وكذلك رواه ابن حبان من طريق أخرى عن عمران القطان دون الزيادة ؛
ولذلك خرجته في " الصحيحة " (215) دونها.

وأستدرك عليه هنا أن له شاهداً بدون الزيادة من رواية علي بن زيد عن الحسن
عن هشام بن عامر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي:
" ما اسمك ؟ " قلت: شهاب، قال:... فذكره.
أخرجه ابن سعد في " الطبقات" (7/ 26)، والحاكم (4/ 273).

(14/1210)


@@@ 1211
7113 - (إن في الجنة داراً يقالُ لها: الفَرحُ ، لا يدخلُها إلا من فَرَّح
الصِّبيانَ ).

منكر.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (1/ 200) قال: حدثنا أحمد بن
حفص: حدثنا سلمة بن شبيب: حدثنا المقرئ - وهو: عبد الله بن يزيد -: حدثنا
ابن لهيعة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:... فذكره مرفوعاً.
قلت: أورده في ترجمة (أحمد بن حفص السعدي الجرجاني) وقال:
"حدث بأحاديث منكرة لم يتابع عليه "، ثم ساق له أحاديث أخرى، وقال:
"كلها مناكير، ما أعلم حدث به غيرأحمد بن حفص هذا، وهو عندي ممن لا
يتعمد الكذب، وهوممن يشبَّه عليه فيغلط فيحدث به من حفظه ".
وأعله ابن الجوزي بابن لهيعة أيضاً فقال فيه:
" ضعيف ".
وأقره السيوطي في " اللالئ المصنوعة" (2/ 83).

وقد رواه بعض المتروكين عن سلمة بن شبيب بسند أخر ؛ وهو الحسن بن
علي البصري: حدثنا سلمة بن شبيب: حدثنا إبراهيم بن الحكم: حدثنا أبي
عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً به.
أخرجه الديلمي ؛ كما في "اللآلئ "، والحافظ أبو العلاء ؛ كما في نسخة
مصورة من "مختصر مسند الفردوس" - فيما أظن -.
والحسن بن علي هو - فيما يبدو - أبو سعيد الذئب البصري: قال في "المغني ":

(14/1211)


@@@ 1212
" قال الدارقطني: متروك. ففرق بينه وبين العدوي".
قلت: الحسن بن علي أبو سعيد العدوي كان يضع الحديث، وكان بعد
الثلاث مئة ؛ كما في " المغني "، فأستبعد أن يكون هو البصري الذئب.
وإبراهيم بن الحكم - هو: ابن أبان العدني -: قال الذهبي:
" تركوه، وقلَّ من مشاه على ضعفه".
وأبوه الحكم بن أبان: وثقه ابن معين، وقال ابن حبان:
" ارمِ به ".

ورواه بعض الوضاعين عن ابن لهيعة بإسناد آخر، وهو: عمرو بن خالد قال:
حدثنا ابن لهيعة عن أبي (*) عشانة عن عقبة بن عامر به ؛ إلا أنه قال:
" فرَّح يتامى المؤمنين ".
أورده السيوطي أيضاً من طريق ابن النجار في " تاريخ بغداد " بإسناده عن
محمد بن عمرو بن خالد: حدثنا أبي...
وسكت عنه فما أحسن ؛ لأن عمرو بن خالد - وهو: القرشي الواسطي - قال الذهبي:
"كذبه أحمد والدارقطني. وقال وكيع: كان في جوارنا يضع الحديث ثم تحوّل
إلى واسط".

فائدة: أبو العلاء - هو: الحسن بن أحمد بن الحسن الهمداني - وصفه الحافظ
الذهبي بـ " الإمام الحافظ المقرئ العلامة شيخ الإسلام... شيخ همدان بلا
__________
(*) في أصل الشيخ رحمه الله: " ابن " ؛ والصواب ما أثبت. (الناشر).

(14/1212)


@@@ 1213
مدافعة". توفي سنة تسع وستين وخمس مئة، وله نيف وثمانون سنة.
وأطال ترجمته وأحسن. انظر " سير أعلام النبلاء " (21/ 40 - 46).

7114 - ( لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ، وَإِنَّ أَجَلَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مِئَةُ سَنَةٍ، قَالَ:فَإِذَا
جَازَتِ الْمِئَةَ أَتَاهَا مَا وَعَدَهَا اللَّهُ بِهِ ) .

منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (20/306/ 729) من
طريق الوليد بن مسلم: ثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن حديج بن عمرو
قال: سمعت المستورد بن شداد يحدث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:... فذكره.
قلت: وابن لهيعة ضعيف، وقد اضطرب في إسناده فرواه مرة هكذا، ورواه
كامل بن طلحة عنه عن يزيد بن أبي حبيب عن حديج بن أبي عمرو قال:
سمعت المستورد يقول:... فذكره.
أخرجه الطبراني (730)، وكذا أبو يعلى (6857).

قلت: وذكر الحافظ في ترجمة حديج بن أبي عمرو عن ابن يونس أنه قال في
" تايمخ مصر،:
" مصري، روى عن المستورد بن شداد حديثاً منكراً، وما أدري ممن هو، روى
عنه يزيد بن أبي حبيب ".
قلت: قوله: " وما أدري ممن هو "، فيه غرابة فإنه من الظاهر أن النكارة من
(ابن لهيعة) المعروف بالضعف فلعل في العبارة شيئاً.

(14/1213)


@@@ 1214
7115 - (إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ فَرَطًا، وَإِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، فَمَنْ وَرَدَ
عَلَيَّ الْحَوْضَ فَشَرِبَ، لَمْ يَظْمَأْ، وَمَنْ لَمْ يَظْمَأْ ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ).

منكر بهذا السياق.
رواه الطبراني في " المعجم الكبير" (6/168/5760)
من طريق ابن أبي فديك عن موسى بن يعقوب عن أبي حازم عن سهل بن سعد
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:... فذكره (*).
ومن هذا الوجه أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة، (2/ 345/ 743)
لكنه لم يسق لفظه بل قال: " نحوه ".
وقد أخرجه هو (741، 742، 774)، والشيخان وغيرهما مختصراً دون
جملة القوم.

7116 - (إن لله تعالى ملائكة ينزلون في كل ليلة ، يَحْسُونَ الكلالَ
عن دَوابِّ الغُزاة ، إلا دابةً في عنُقِها جرسٌ ).

منكر.
قال المناوي في "فيض القدير ":
" رواه الطبراني من رواية عباد بن كثير عن ليث بن أبي سليم عن يحيى بن
عباد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء".
قال الزين العراقي رحمه الله في "المغني ":
" سنده ضعيف، وبينه في " شرح الترمذي"، فقال: وعباد بن كثير ضعيف).
وقال تلميذه الهيثمي:
__________
(*) علته (موسى بن يعقوب)، كما ذكر الشيخ في "الظلال". (الناشر).

(14/1214)


@@@ 1215
" فيه ليث بن أبي سليم، وهو مد لس، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم كلام
لا يدفع عدالته ".
هكذا قال الهيثمي في"مجمع الزوائد" (5/ 267) وفيه خطأ ونظر.
أما الخطأ: فوصفه لليث بن أبي سليم بأنه مدلس، وهذا خطأ يتكرر منه
كثيراً ؛ كما يعرف ذلك العارفون بكتابه، والصواب أنه مختلط ضعيف. قال الحافظ
في "التقريب":
"صدوق، اختلط جداً، ولم يتميز حديثه فترك ".

وأما النظر فتوثيقه لبقية رجاله، وفيهم عباد بن كثير. وقد ضعفه شيخه
العراقي ؛ كما رأيت - وهو: الثقفي البصري - ؛ كما أرجح. قال الذهبي:
أ قال البخاري: تركوه ". ويحتمل أنه (عباد بن كثير الرملي) قال النسائي:
"ليس بثقة".
قلت: وإن من محاسن المناوي في "فيضه" أنه نقل لنا إسناد الحديث من
من الطبراني ؛ فإن الجزء الذي فيه أحاديث أبي الدرداء لم يطبع منه بعد.

7117 - ( إن للمسلم حقاً إذا رآه آخوه أنْ يتزحْزحَ له ).
منكر.
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6/ 468/ 8933) من طريق
عبد الوهاب قال: نا إسماعيل بن عياش عن مجاهد بن فرقد عن واثلة بن
الخطاب قال:

(14/1215)


@@@ 1216
دخل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه والله وسلم وهو في المسجد قاعد،
فتزحزح له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: يا رسول الله! إن في المكان سعة، فقال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم:... فذكره.
قلت وهذا إسناد واهٍ ؛ مجاهد بن فرقد: قال الذهبي في "المغني ":
" روى عنه الفريابي حديثاً منكراً ".

قك: وهو عند البيهقي قبيل هذا مختصراً.
وعبد الوهاب بن الضحاك الحمصي ؛ قال الذهبي:
" متهم، تركوه ". لكن قال البيهقي:
"وكذلك رواه المعافى عن إسماعيل ".

7118 - ( إِنَّ مَحَاسِنَ الْأَخْلَاقِ مَخْزُونَةٌ عِنْدَ اللَّهِ ، فَإِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا ؛
مَنَحَهُ - خُلُقاً حَسَناً ).

ضعيف.
عزاه السيوطي للحكيم عن العلاء بن كثير مرسلاً ؛ وادعى المناوي
أنه الإسكندراني ؛ فإن صح ذلك ؛ فيكون معضلاً ؛ وقد أخرجه ابن أبي الدنيا في
"مكارم الأخلاق" (8/ 34) من طريق ابن أبي فديك عن بعض أشياخه:...
فذكره.
قلت: والبعض المشار إليه مجهول، وقد صح مرسلاً عن أبي المنهال قال:

(14/1216)


@@@ 1217
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل له عَكَر من إبل وغنم وبقر، فاستضافه فلم
يُضفْه، ومر بامرأة لها شويهات فاستضافها فأضافته، وذبحت له، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم:
" ألم تروا إلى فلان مررنا به وله عكر من إبل وغنم وبقر فاستضفناه فلم
يضفنا، ومررنا بهذه ولها شويهات فاستضفناها فأضافتنا، وذبحت لنا، إن هذه
الأخلاق بيد الله عز وجل، من يشاء أن يمنحه منها. خلقاً حسناً ؛ فعل ".

أخرجه ابن أبي الدنيا (7/ 31) بسند صحيح، وأبو المنهال - اسمه:
عبد الرحمن بق مطعم المدني -:. تابعي ثقة. "

7119 - ( إِنَّ مِصْرَ سَتُفْتَحُ فَانْتَجِعُوا خَيْرَهَا ، وَلا تَتَّخِذُوهَا دَارًا ؛ إِنَّهُ
يُسَاقُ إِلَيْهَا أَقَلُّ النَّاسِ أَعْمَارًا ).

موضع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (5/74/ 4625)، وابن
الجوزي في " الموضوعات" (2/ 57) - من طريق أبي سعيد بن يونس - ؛ كلاهما
عن مطهر بن الهيثم: حدثنا موسى بن عُلَيّ عن أبيه عن جده مرفوعاً. وقال ابن
الجوزي:
" قال أبو سعيد بن يونس: وهذا حديث منكر جداً، وقد أعاذ الله أبا
عبد الرحمن موسى بن عُلَيّ أن يحدث بمثل هذا، ولم يحدث به إلا مطهر بن
الهيثم، ومطهر: متروك الحديث".
وذكر السيوطي في " اللآلي " (2/ 464):

(14/1217)


@@@ 1218
"أن الحديث أخرجه البخاري في "تاريخه "، وقال: لا يصح، وأخرجه ابن
شاهين وابن السكن في "الصحابة " وابن السني وأبو نعيم في "الطب ". والله
أعلم ".

قلت: واطلاقه العزو لـ "تاريخ البخاري" يشعر عند العلماء أنه يعني: " التاريخ
الكبير" له، وليس فيه إلا اسم مطهر بن الهيثم ولم يذكر فيه شيئاً، وأورده ابن
أبي حاتم برواية محمد بن مرزوق عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكر في
"التاريخ الصغير" - في فصل من مات ما بين التسعين إلى المئة - إسناداً من طريق
موسى بن عُلَيّ بن رباح... في إسلام جد موسى بن علي في زمن أبي بكر، ثم
أتبعه بقوله:
"وروى بعضهم عن موسى عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم ولم يصح ". فلم يسمِّ البعض ؛ فيحتمل أن يكون هو مطهر بن الهيثم، كما
يحتمل أن يكون الحديث الذي لم يسقه هو حديث الترجمة، فلعله صرح بذلك
في " التاريخ الأوسط "، وإلا لم يجز الجزم بأنه في " التاريخ " بهذا الإسناد ؛
لاحتمال أن يكون الراوي (مطهر) والحديث غير ما هنا.

7120 - ( إِنَّ أَوَّلَ مُعَافَاةِ اللَّهِ الْعَبْدَ فِي الدنيا أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ سَيِّئَاتِهِ فِي
الدنيا، كان أوَّل خِزْي اللهِ العبدَ أن يظهرَ عليه سيئاتِه ).

منكر.
أخرجه أبو نعيم في " معرفة الصحابة " (3/ 62 -63/1124) من
طريق محمد بن عثمان القرشي: ثنا حبيب بن سليم عن بلال بن يحيى عن
النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً. وقال:

(14/1218)


@@@ 1219
" ذكره الحسن بن سفيان في " الوحدان"، وأراه عندي (العبسي الكوفي)،
وهو صاحب حذيفة، لا صحبة له ".
قال الحافظ في " الإصابة ":
" وهو كما ظن ؛ فإن حبيب بن سالم معروف بالرواية عنه ؛ وهو تابعي
معروف ؛ حتى قيل: إن روايته عن حذيفة مرسلة، وقد ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه
وقال: روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسلاً، وعن عمر بن الخطاب،
وروى عن حذيفة، ويقول: بلغني عن حذيفة".

قلت: وهو صدوق ؛ كما قال الحافظ في " التقريب " ؛ لكن حبيب بن سليم
قال فيه:
"مقبول ".
وبيَّض له ابن أبي حاتم ؛ فهو في عداد مجهولي الحال على الأقل.
لكن الراوي عنه (محمد بن عثمان القرشي) لا يعرف.

قال الذهبي في " المغني ":
" قال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به. قلت: كأنه الأول ".
قلت: يشير إلى محمد بن عثمان الراوي عن عمرو بن دينار المكي، وقد قال فيه: "مجهول".==

414. المجلد الرابع عشر 

1220
7121 - ( إنَّ ملكاً موكل بالقرآن ، فمن قرأ منه شيئاً لم يقومه قوَّمَه
الملك ، ورفعه) (*).

موضوع.
عزاه السيوطي لأبي سعيد السمان في "مشيخته "، والرافعي في
"تاريخه" عن أنس، وأخذ عليه المناوي في "شرحه الكبير" أنه لم يعزه لأشهر
من هذين، وهو البخاري في " الضعفاء ".
وقد ذكره الذهبي في ترجمة (المعلى بن هلال) من رواية البخاري في
" الضعفاء" بإسناده عنه عن سليمان التيمي عن أنس مرفوعاً. وقال الذهبي:
"رماه السفيانان بالكذب، وقال ابن المبارك و ابن المديني: كان يضع الحديث ".
ولذلك قال الحافظ في " التقريب ":
"اتفق النقاد على تكذيبه"
.
ومن طريق (أبي سعيد السمان) أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (1/
267).
وإن من جنف الشيخ الغماري وتحامله على المناوي ومكابرته قوله في "المداوي "
(537 - 538):
"إن "ضعفاء" البخاري ليس هو بأشهر من " تاريخ قزوين " للرافعي بين أهل
الحديث " !!!

ومن تناقض المناوي أنه بعد أن أعله في " الشرح الكبير " بتكذيب السفيانين
اقتصر في "التيسير " على قوله:
__________
(*) كتب الشيخ رحمه الله فوق متن هذا الحديث: " تقدم برقم (3255) فيحقق". (الناشر).

(14/1220)


@@@ 1221
" ضعيف " !!

7122 - ( إن من إجْلالي توقيرَ الشيخ من أمَّتي ).
موضوع.
أخرجه الخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي وأداب السامع" (1/
181/ 285) من طريق يعقوب بن اسحاق أبي يوسف الواسطي: نا يزيد بن
هارون: نا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا موضوع ؛ آفته يعقوب بن إسحاق أبو يوسف الواسطي ؛ قال
الذهبي:
"ليس بثقة، وقد اتهم ". ثم ساق له هذا الحديث وقال:
" قلت: هو المتهم بوضع هذان. وأقره العسقلاني في " اللسان ".
قلت: ولعله سرقه من كذاب قبله وهو صخر بن محمد - ويقال: ابن عبد الله
الحاجبي - فقد رواه عن الليث بن سعد عن الزهري مرفوعاً بلفظ:
" بجّلوا المشايخ ؛ فإن تبجيل المشايغ من إجلال الله ".
أخرجه الخطيب (284)، وابن عدي في " الكامل" (4/ 93)، وابن
حبان في " الضعفاء " (1/ 278)، وقال ابن عدي:
"وهذا حديث موضوع على الليث بن سعد. ولصخر هذا غير ما ذكرت من
الحديث، وعامة ما يرويه مناكير أو من موضوعاته على من يرويه عنه".

(14/1221)


@@@ 1222
7123 - ( إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي السُّوقَ، فَيَبْتَاعُ الْقَمِيصَ بنصْفِ دِينَارٍ
أَوْ ثُلُثِ دِينَارٍ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ إِذَا لَبِسَهُ، فَلا يَبْلُغُ رُكْبَتَيْهِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ ).

موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/ 294/ 7965) من
طريق جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم قال:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد موضوع، المتهم به جعفر بن الزبير وهو كذاب، وقال
الهيثمي (5/ 119):
" رواه الطبراني، وفيه جعفر بن الزبير وهو متروك ". ويقول فيه أحياناً:
"وهو كذاب".

7124 - ( إِنَّ مِنْ تَمَامِ إِيمَانِ الْعَبْدِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ فِي كُلِّ حَدِيثِهِ ).
موضوع.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (7/370/ 7756) من
طريق يوسف بن الحجاج، والديلمي في " مسنده " (1/ 299) من طريق داود
ابن المحبر قال: حدثنا المعارك بن عباد عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد
المقبري عن جده عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الطبراني:
" لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به المعارك بن عباد ".

قلت: قال الذهبي في، الميزان ":
" قال البخاري: منكر الحديث. وقال الدارقطني وغيره: ضعيف. قلت:
وشيخه عبد الله واهٍ ".

(14/1222)


@@@ 1223
ثم ساق له هذا الحديث من طريق داود بن المحبر، ثم قال:
" قلت: هذا الحديث الباطل قد يحتج به المرقة الذين لو قيل لأحدهم: أنت
مسيلمة الكذاب ؛ لقال: إن شاء الله".

وبلفظ الترجمة رواه العقيلي في " الضعفاء " (4/ 255) من طريق الحجاج
ابن نصير قال: حدثنا معارك بن عباد العيشي به، والحديث باطل يهذا اللفظ
- كما قال الذهبي - ؛ لكن أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 135) من
طريق الحسن بن سفيان بسنده عن يعقوب بن إسحاق الحضرمي: حدثنا معارك
به ؛ لكن بلفظ:
" إن من تمام إيمان العبد أن يستثني فيه "، وقال:
"هذا حديث لا يصح. قال البخاري: معارك: منكر الحديث
".
قلت: وما أظن أن الإسناد بهذا اللفظ يصح إلى الحسن بن سفيان ؛ لأن ابن
الجوزي قال في أول إسناده:
" أخبرت عن حمد بن نصر بن أحمد" فلم يذكر ابن الجوزي الواسطة بينه
وبين ابن نصر ؛ ولذلك فما استحسنت من السيوطي أنه ابتدأ الحديث في "اللآلي "
(1/ 42) بالحسن بن سفيان ؛ فأوهم أنه ثابت عنه! والله أعلم.

7125 - ( إنك ما كنتَ ساكتاً ؛ فأنت سالمٌ، فإذا تكلَّمت ؛ فلكَ أو
عليك ).

ضعيف.
أخرجه الطيالسي في " مسنده " (77/ 561) - ومن طريقه البيهقي

(14/1223)


@@@ 1224
في " شعب الإيمان " (4/ 248/ 4962) - قال: حدثنا محمد بن راشد عن
مكحول مرفوعاً.

قلت: وهذا مرسل ضعيف، محمد بن راشد - هو: المكحولي -: مختلف فيه.
قال الحافظ:
" وهو صدوق يهم ".

7126 - (إنما الخال والد).
ضعيف.
أورده السيوطي في " الزوائد على الجامع الصغير "، وفي " الجامع
الكبير " من رواية الخرائطي في " مكارم الأخلاق " عن وهب خال النبي صلى الله عليه وسلم،
ووافقه السخاوي في " المقاصد " (197/ 429) وساق إسناده
من طريق سعيد ابن سلام العطار: حدثنا هشام بن الغاز عن محمد بن عمير
بن وهب خال النبي صلى الله عليه وسلم قال:
جاء - يعني: عميراً - والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد، فبسط له رداءه
فقال: أجلسن على ردائك يا رسول الله ؟! قال:
" نعم ؛ فإنما الخال والد ".
وسعيد: كذبه أحمد.
قلت: كذا وقع فيه (محمد بن عمير بن وهب)، وكذا ذكره الزبيدي في
" شرح الإحياء "، والعجلوني في " كشف الخفاء "، والظاهر أنهما نقلاه عنه.

ومحمد بن عمير بن وهب: لم أجد له ترجمة في شيء من كتب الرجال،

(14/1224)


@@@ 1225
فالظاهرأنه من تخاليط (سعيد بن سلام العطار).

ثم يلاحظ أن السيوطي ذكر أن الحديث عند الخرائطي من (مسند وهب
خال النبي أنه صلى الله عليه وسلم، وهذا مستنكر جداً، فإنهم لم يذكروا
أن له صلى الله عليه وسلم خالاً يسمى وهباً، وإنما ذكروا (عميراً) ؛ - كما
في نقل السخاوي -، وأخر هو: (الأسود بن وهب)، على أن ابن الأثير أشار
في ترجمة (الأسود) هذا أنه وهب نفسه ؛ فقال فيها:
" ويقال: وهب بن الأسود ".

ثم رأيت الحافظ في "الإصابة " في ترجمة عمير بن وهب الزهري قال:
"ذكره ابن أبي حاتم، وقال: روى سعيد بن سلاّم العطار عن محمد بن أبان
عن عمير بن وهب... " فذكر الحديث، وقال:
" قلت: سعيد كذبه أحمد، وهذه القصة وقعت للأسود بن وهب، ولعلها
وقعت له ولأخيه (عمير) هذا. والله أعلم ".

وذكر الحافظ القصة في ترجمة الأسود بن وهب فقال:
"وروي عن القاسم عن عاثشة: أن الأسود بن وهب خال النبي صلى الله
عليه وسلم استأذن عليه، فقال:
يا خال ادخل، فدخل، فبسط له رداءه ". وقال الحافظ:
" رواه ابن شاهين، وفي إسناده عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي، وهو
ضعيف ".

(14/1225)


@@@ 1226
ونقله مع تخريجه السخاوي عن الحافظ دون أن يعزوه إليه، وقال:
" وعلى تقدير ثبوتهما ؛ فلعل القصة وقعت لكل من الأسود وأخيه عمير.
والله أعلم ".

قلت: وحديث عائشة أخرجه أيضاً ابن أبي الدنيا في " مكارم الأخلاق "
(101/ 406) من طريق الحكم بن عبد الله عن القاسم به.
قلت: الحكم بن عبد الله - هو: الأيلي -: متروك متهم.

وروي الحديث موقوفاً على عمر من طريق عبد الكريم بن أبي الخارق: أن زياد
ابن جارية أخبر عبد الملك:
أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الشام أن يتعلموا الغرض، ويمشوا بين
الغرضين حفاة... فذكر فيها قصة خلاصتها: أنه مرّ صبي بين الغرضين،
فأصابه أحدهم فقتله... فكتب عمر: أن ديته لخاله، إنما الخال والد.

وعبد الكريم بن أبي الخارق: ضعيف.

قلت: والمحفوظ في الخال أنه: " وارث من لا وارث له ". هكذا صح عن جمع
من الصحابة منهم: عمر وعائشة، وهي مخرجة في " الإرواء " برقم (1700).

7127 - (إنما أنا بشر مثلكم أمازحُكم).
ضعيف.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (4/ 43 - 44) من طريق
أبي سعيد أحمد بن محمد بن الأعرابي: نا علي بن سهل بن المغيرة البزار: نا
الأسود بن عامر بن شاذان: نا حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي:

(14/1226)


@@@ 1227
أن رجلاً كان يكنى أبا عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
" يا أم عمرة! ". فضرب الرجل يده إلى مذاكيره فقال النبي: " مه ". قال:
والله! ما ظننت إلا أنني امرأة ؛ " قلت لي: يا أم عمرة! فقال النبي صلى الله عليه
وآله وسلم:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات ؛ ولكنه مرسل، وهو عنده بهذا السبب منكر.
والله أعلم.

7128 - (إئما يُبعث المقتتلون على النيات).
ضعيف جداً.
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق " (17/ 385) من
طريق عمرو بن شمر: نا جابر الجعفي عن الشعبي عن صعصعة بن صوحان قال:
سمعت زامل بن عمرو الجذامي يحدث عن ذي كلاع الحميري قال: سمعت
عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عمرو بن شمر: قال الذهبي في " المغني ":
" تركه الدارقطني وعدة، وكان شيعياً جبلاً ".

وقريب منه جابر الجعفي، وهو مختلف فيه، وقد كذبه بعضهم. انظر "المغني "
وغيره.

وزامل بن عمرو الجذامي: ترجمه ابن أبي حاتم برواية ثقتين آخرين، ولم يذكر
فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكره ابن حبان في " الثقات " (6/ 345).

(14/1227)


@@@ 1228
7129 - (إني رأيت البارحة عجباً:
1 - رأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءه
وضوءه فاستنقذه من ذلك.
2 - ورأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءته
صلاته فاستنقذته من ذلك.
3 - ورأيت رجلا من أمتي احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله
فخلصه منهم.
4 - ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا فجاءه صيام رمضان فسقاه.
5 - ورأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة
وعن يمينه ظلمة و عن شماله ظلمة و من فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة
فجاءته حجته وعمرته فاستخرجاه من الظلمة.
6 - ورأيت رجلا من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه
بره لوالديه فرده عنه.
7 - ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين و لا يكلمونه فجاءته صلة
الرحم فقالت : إن هذا كان واصلا لرحمه. فكلمهم و كلموه
وصار معهم.
8 - ورأيت رجلا من أمتي يأتي النبيين و هم حلق حلق كلما مر على
حلقة طرد فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذ بيده فأجلسه إلى جنبي.

(14/1228)


@@@ 1229
9 - ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار بيديه عن وجهه فجاءته
صدقته فصارت ظلا على رأسه و سترا عن وجهه.
10 - ورأيت رجلا من أمتي جاءته زبانية العذاب فجاءه أمره
بالمعروف و نهيه عن المنكر فاستنقذه من ذلك.
11 - ورأيت رجلا من أمتي هوى في النار فجاءته دموعه اللاتي
بكى بها في الدنيا من خشية الله فأخرجته من النار.
12 - ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته إلى شماله فجاءه
خوفه من الله تعالى فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه.
13 - ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه فجاءه أفراطه فثقلوا
ميزانه.
14 - ورأيت رجلا من أمتي على شفير جهنم فجاءه وجله من الله
تعالى فاستنقذه من ذلك.
15 - ورأيت رجلا من أمتي يرعد كما ترعد السعفة فجاءه حسن
ظنه بالله تعالى فسكن رعدته.
16 - ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط مرة و يحبو مرة
فجاءته صلاته علي فأخذت بيده فأقامته على الصراط حتى جاز.
17 - ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب
دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله فأخذت بيده فأدخلته الجنة ) .

(14/1229)


@@@ 1230
قلت: منكر جداً. اضطرب فيه الرواة سنداً ومتناً واتفق الحفاظ المتقدمون ومن
سار سيرهم من المتأخرين على استنكاره وتضعيفه. وخالفهم بعض المتأخرين
ضاربين بذلك القواعد العلمية التي منها: (أن الحديث لا يتقوى بالطرق الواهية،
ولا بالمضطرب إسناداً ومتناً)، مع أوهام متنوعة كثيرة وقعت لبعضهم ؛ يستقل
بعضهم بها، ويقلدهم آخرون في بعضها ؛ فهذا مثلاً الهيثمي يقول في " المجمع "
(7/180):
" رواه الطبراني بإسنادين، في أحدهما سليمان بن أحمد الواسطي وفي الآخر
خالد بن عبد الرحمن المخزومي، وكلاهما ضعيف ".

قلت: فقوله: بإسنادين يوهم أنه ليس في طريق (الواسطي) الضعيف د
(خالد بن عبد الرحمن المخزومي)، وهذا خلاف الواقع.

غاية ما في الأمر أن (الواسطي) رواه عن خالد بن عبد الرحمن عن علي
ابن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة، ورواه علي
ابن شعيب الحراني عن خالد بن عبد الرحمن المخزومي فقال: عن عمر بن ذر عن
سعيد بن المسيب.

فاختلف (الواسطي) و (علي بن شعيب الحراني) في شيخ المخزومي ؛ فجعله
الأول: (علي بن زيد بن جدعان) وجعله الآخر (عمر بن ذر)، أما الأول فقد
عرفت تضعيف الهيثمي له، وأما (علي بن شعيب الحراني)! فنكرة ليس له ذكر
في شيء من كتب الرجال.

وقد وقفت على إسناد الطبراني بواسطة " جامع المسانيد " للحافظ ابن كثير
(8/ 331 - 333)، وقد أخرجه الطبراني في " الأحاديث الطوال " من طريق

(14/1230)


@@@ 1231
الواسطي (25/ 281 - 282).
ثم إنه تسامح في اقتصاره على تضعيف (خالد المخزومي) ؛ قال البخاري وأبو
حاتم:
" ذاهب الحديث ". وقال العقيلي:
" منكر الحديث ". ورماه غيرهم بالوضع.
فإن قيل: هذا حال إسناد الطبراني فما حال إسناد الحكيم ؟

قلت: هو مثله أو نحوه وقد وقفت على إسناده في كتاب " التذكرة في أحوال
الموتى وأمور الآخرة " للشيخ القرطبي (ص 277)، ونقله عنه ابن كثير في
"تفسيره " (2/ 535)، أخرجه من طريق عبد الله بن نافع قال: حدثني ابن
أبي فديك عن عبدالرحمن بن أبي عبد الله عن سعيد بن المسيب به.

ومن هذا الوجه رواه أبو عثمان الصابوني (1) - كما ذكر الشيخ الغماري في
" ا لمداوي " (3/ 42) - وقال:
" وعبد الرحمن بن أبي عبد الله هو: ابن حرملة فيما أرى. والله أعلم ".

قلت: هذه مجرد دعوى ؛ لأنه ليس في الرواة عن سعيد بن المسيب من
يسمى (عبد الرحمن بن أبي عبد الله)، ولا له ذكر في ضيء من كتب الرجال،
وانما ادعى ذلك ؛ ليوهم القراء أن الحديث قوي.
__________
(1) ومن طريقه أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " (2/ 687 - 688). ومن الظاهر أن
الغماري نقله عنه.

(14/1231)


@@@ 1232
على أن ابن حرملة هذا وإن كان ثقة ؛ ففيه كلام - كما هو مذكور في
" التهذيب " وغيره -.

وبعد، فإنى سأسوق بين يدي القراء أسماء الرواة المممجروحين الذين دارت عليهم
طرق الحديث، وألان القول فيهم الغماري - وبعض من سبقه -، وأعرض عن أقوال
الأئمة الحفاظ المعتمد عليهم في الجرح والتعديل ؛ بل وصرح برد أقوالهم، والتطاول
عليهم، ولعله يأتي شيء من ذلك:
1 - سليمان بن أحمد الواسطي: وقد سبق تضعيفه من الهيثمي، ومن قبله
قال الذهبي في " المغني ":
" ضعفوه ".
2 - خالد بن عبد الرحمن المخزومي: تقدم أيضاً تضعيف الأئمة الثلاثة:
البخاري، وأبو حاتم، والعقيلي تضعيفاً شديداً، وأن بعضهم رماه بالوضع، وقد تبع
الغماري (ص 39) الهيثمي في الاقتصار على وصفه بأنه " ضعيف " ؛ فأعرض
عن جرح أولئك الأئمة الشديد إياه لغاية معروفة، وهي التمهيد للتقوية به!
مع أنه نقل عن ابن منده أنه قال:
" هذا حديث غريب بهذا الإسناد، تفرد به خالد بن عبد الرحمن عن عمر
ابن ذر ".
3 - نوح بن يعقوب بن عبد الله الأشعري: رواه عن أبيه عن يحيى بن سعيد
بن سعيد بن المسيب بالفقرة الرابعة فقط.

أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/ 332) من طريق علي بن بشر:

(14/1232)


@@@ 1233
ثنانوح بن يعقوب بن عبد الله الأشعري به.
قلت: وهذا اسناد ضعيف منكر ؛ نوح بن يعقوب: لا يعرف ؛ لم يزد أبو نعيم
في ترجمته على أنه ساق له هذا الحديث ؛ والآفة من علي بن بشر ؛ فقد اتهم
بالكذب " قال ابن منده:
" رأيت أبا الحجاج الفِرساني قد لزم علي بن بشر ويقول: بيني وبينك
السلطان ؛ فإنك تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما في
" اللسان " -.

وقال أبو نعيم في ترجمته في " الأخبار " (2/ 1):
" كان يضعف حديثه، وفي حديثه نكارة، روى عن يزيد بن هارون عن حميد
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت في (الجنة ذئباً) ".
قال الحافظ:
" وهذا من بلاياه ".

قلت: ومع هذا الجرح الشديد أغمض عينيه عنه الشيخ الغماري في " المداوي "
(ص 40) ؛ فاكتفى بسوق إسناد أبي نعيم، وخنس عنه، وهكذا فليكن
التحقيق.. بكتمان الحقائق العلمية عن القراء من مؤلف " المداوي " الذي قال فيه
أخو المؤلف عبد الله الغماري:
" من أراد صناعة الحديث ؛ فعليه بـ (المداوي) ".

وأنا أقول - لوجه الله -: (من أراد أن يطلع على نوع جديد من التدليس على
القراء، فعليه بـ " المداوي ")!

وها هي الأمثلة بين يديك وقد مضى من أمثالها الشيء الكثير في الأحاديث
المتقدمة.

(14/1233)


@@@ 1234
4 - مخلد بن عبد الواحد الواسطي: قال ابن حبان (3/ 43):
" منكر الحديث جداً، ينفرد بأشياء مناكير لا تشبه حديث الثقات ؛ فبطل
الاحتجاج به إلا فيما وافقهم من الروايات، وهو الذي روى عن علي بن زيد بن
جدعان عن سعيد بن المسيب ".

قلت: فساق الطرف الأول من الحديث، وقال:
" وذكر حديثاً طويلاً مشهوراً تركت ذكره لشهرته "، ثم ساق إسناده.
وأقره الذهبي في " الميزان "، والحافظ في " اللسان ".
وبجرح ابن حبان المذكور أعله ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (210 - 211/
1166)، وكالعادة تعامى الغماري عن متابعة ابن الجوزي والعسقلاني لابن
حبان ؛ فخص رده على ابن حبان والذهبي بقوله (40 - 41):
" ولا معنى لإيراد الحديث في ترجمته ؛ لأنه لم ينفرد به...".

قلت: وهذه مغالطة لها قرنان - كما يقال في بعض البلاد - ؛ فإن من كان
" منكر الحديث جداً " ؛ فهو بمثابة قولهم: " ضعيف الحديث جداً ".

فلا يستشهد به - كما هو ظاهر لا يخفى على اللبيب -!
وإن من تمويهاته وتضليلاته أنه تشبث بقول ابن حبان "
" تركت ذكره لشهرته ". فقال:
" وما كان مشهوراً لا يتهم به واحد ؛ فقد تابعه هلال بن عبد الرحمن، وأبو
عبد الله المديني عن علي بن زيد ".

(14/1234)


@@@ 1235
قلت: وهذه مكابرة أخرى ؛ فإن سياق كلام ابن حبان إنما يعني: أنه تركه
لشهرته بالنكارة ؛ ولذلك تابعه النقاد الثلاثة الذين سبق ذكرهم، وكأنه لا يعلم
الكتب المؤلفة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة مثل " المقاصد الحسنة " وغيره
مما هو معلوم لدى المبتدئين بالعلم. وصدق الله إذ يقول: { فإنها لا تعمى الأبصار
ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }.

ومن أكاذيبه تمويهاً على قرائه أنه قال عن ابن حبان: أنه ذكر جملة من
الحديث نحو عشرة أسطر.. والواقع أنها سطران إلا قليلاً!

وأما المتابعة التي أشار إليها فستعلم نبأها قريباً إن شاء الله، وأنها لا تساوي
شيئاً.
5 - هلال بن عبد الرحمن: قال العقيلي:
" منكر الحديث ".
ثم ذكر له ثلاثة أحاديث، منها هذا بطرفه الأول، ثم قال:
" كل هذا مناكير لا أصول لها ".
وأقره الحافظ في " اللسان "، ومن قبله الذهبي في " الميزان " وقال:
" الضعف على أحاديثه لائح ؛ فليترك ".
وعارضهم الغماري - كعادته، وخالف القواعد العلمية - فقال (ص 41):
" وهو كلام مردود على العقيلي بوجود الأصول، والمتابعات الكثيرة له على
هذا الحديث ".

(14/1235)


@@@ 1236
قدمنا مراراً بيان وهاء المتابعات الكثيرة التي يتبجح بها الغماري، وعلاوة على
ذلك فإنها مختلفة جداً في سياقها للحديث طولاً وقصراً، وحسبك دليلاً على ذلك
مما مر رواية أبي نعيم عن علي بن بشر وغيرها مما يأتي.
وأما احتجاجه بـ (الأصول) فلا شيء - كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى -.

6 - أبو عبد الله المديني، عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب...
أخرجه ابن شاهين في " الترغيب " (403 - 405) ؛ أخرجه من طريق
حمَّادة بنت شهاب بن سهل بن عبد الله بن الأخنس الأسدية أم بدر الجوهرية
قالت: حدثني أبو عبد الله المدني...

سكت عنه الغماري (ص 42) - كما هي عادته اذ لم يجد في السند ما
يتقوى به -! وهو إسناد مظلم ؛ أبو عبد الله المديني: مجهول - كما قال الذهبي في
" المغني " -.
وحفادة بنت شهاب: لم أجد لها ترجمة.

7 - عبد الرحمن بن أبي عبد الله: تقدم (ص 1231) ما يدل على أنه غير
معروف.
8 - هلال أبو جبلة عن سعيد بن المسيب... يرويه بشر بن الوليد عن فرج
ابن فضالة، ذكره الغماري من طريق الخرائطي في "المكارم "، وأبي موسى المديني
في " الترغيب والترهيب "، وقال:
" قال أبو موسى المديني: هذا حديث حسن جداً، رواه عن سعيد بن المسيب
وعمر بن ذر جماعة ؛ منهم علي بن زيد بن جدعان ".

(14/1236)


@@@ 1237
قلت: انظر إلى أبي موسى كيف قال:
" حديث حسن جداً " ؛ فهو لا يعني أنه حسن بمجموع طرقه - كما هو المعلوم
اصطلاحاً -، وإنما يعني أنه حسن لغة، وهذا استعمال معروف عند بعض الحفاظ ؛
ومنهم أبو عمر بن عبد البر، حتى ولو كان من رواية بعض الوضاعين مثل: (تعلموا
العلم ؛ فإن تعليمه للناس خشية...). قال فيه أبو عمر:
" وهو حديث حسن جداً، ولكن ليس له إسناد قوي ".

وهو مخرج في " الأحاديث الضعيفة " برقم (5293)، ويؤيده أن (هلالاً أبا
جبلة): نكرة لا يعرف - كما نقله الغماري عن ابن القيم -. على أن الراوي عنه
(فرج بن فضالة): ضعيف، وبهما أعله ابن الجوزي ؛ فقال له - بعد أن ساقه من
طريقه (1)، وطريق مخلد بن عبد الواحد المتقدم -:
" وهذا حديث لا يصح ؛ أما الطريق الأول: ففيه هلال أبو جبلة، وهو
مجهول، وفيه الفرج بن فضالة: قال ابن حبان: يقلب الأسانيد، ويلزق المتون
الواهية بالأسانيد الصحيحة، لا يحل الاحتجاج به. أما الطريق الثاني: ففيه علي
ابن زيد: قال أحمد ويحيى: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: يهم ويخطئ ؛ فاستحق
الترك. وفيه مخلد بن عبد الواحد: قال ابن حبان: منكر الحديث جداً، ينفرد
بمناكير لا تشبه أحاديث الثقات ".

قلت: ويحتمل عندي أنه (هلال بن عبد الرحمن) المتقدم برقم (5)،
والذي استنكر حديثه العقيلي. والله أعلم.
__________
(1) وكذا ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (34/406- 407).

(14/1237)


@@@ 1238
ومن الغرائب ما نقله الغماري عن السخاوي قال:
" وذكر الشيخ العارف أبو ثابت محمد بن عبد الملك الأيلي... أن هذا
الحديث وإن كان غريباً عند أهل الحديث ؛ فهو صحيح لا شك فيه ولا ريب،
حصل له العلم القطعي بصحته من طريق الكشف في كثير من وقائعه وأحواله ".
قلت : وغمز من هذا الكلام الحافظ السخاوي بقوله - وهو من تمام نقل
الغماري -:
" كذا قال! والعلم عند الله تعالى ".

قلت: ووجهه الاعتراف بأن الخلاف بين أهل الحديث - فضعفوه -، وبن أهل
التصوف - فصححوه بطريق الكشف -، وهذا هو الذي حمل الغماري على أن يسود
تسع صفحات كبار في تخريج، الحديث، ويحشر فيه ما هب ودب ؛ موهماً بذلك
تقوية الحديث على طريقة حفاظ الحديث، حتى وصل به الأمر أن يستقوي بعلي
ابن بشر الذي كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فزعم أنه قال:
" رأيت في الجنة ذئباً ". متجاهلاً قول النبي صلى الله عليه وسلم:
" من حدث عني بحديث يرى أنه كذب ؛ فهو أحد الكاذبين".
رواه مسلم وغيره.

وبهذه المناسبة ؛ انظر فصلاً هاماً في كتابي " تمام المنة " (ص 32 - 34) بعنوان
" لا يجوز ذكر الحديث إلا مع بيان ضعفه ". فتحته كلام هام لابن حبان وابن
عبد الهادي في التحذير من رواية الأحاديث الضعيفة والسكوت عنها.
ومما تقدم يتضح وضوحاً لا خفاء فيه أن الرجل يخالف علم الحديث تأصيلاً

(14/1238)


@@@ 1239
وتفريعاً، وأنه إنما يتبع هواه المدعم بالكشف الصوفي الذي لا ضوابط له ولا قواعد ؛
مثل النقد العقلاني المستند صاحبه إلى عقله، ولا شيء غيره سوى الهوى.

بقي النظر في من حسّن الأحاديث بدعوى: (أن أصول السنة تشهد له)!
ويحمل راية ذلك: شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية.
فأقول: غفر الله لهما ؛ فإنهما يعلمان أن الأصول لا تثبت بها الفروع المتنوعة
المعاني - كهذا الحديث -.

وأضرب على ذلك مثالاً واضحاً:
قال تعالى: { اذكررا الله ذكراً كثيراً }، فهذا أصل، ومن الأحاديث الواردة
في الذكر، - ويعتبر فرعاً داخلاً بعموم الآية - الحديث الذي وضعه أحد الكذابين،
- ولعله كان من الصوفية الرقصة أصحاب القصع - بلفظ:
" أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة "، وهو مخرج في " الضعيفة " برقم
(115) ؛ فالفروع إذا كان فيها معان زائدة أحكامأ أو أخباراً - وبخاصة إذا كانت
من الأخبار الغيبية المتعلقة بأمور الآخرة كهذا الحديث - ؛ فلا يكفي لتصحيحها أن
يقال: (إن أصول السنة تشهد لها)!
وإن مما يؤكد ذلك تعقيب ابن القيم على الحديث في " الوابل الصيب " ؛ فقد
ساق عشرة أحاديث، وكثيراً من الآثار في فضل الذكر في الحياة الدنيا ؛ مثل: أن
الذاكر يحوز نفسه من الشيطان، وقراءة آية الكرسي عند النوم، وغيرها. فهذه
الأحاديث في واد، وحديث الترجمة في واد آخر.
نعم، أنا لا أنكر أن لبعض الأعمال الصالحة فضائل خاصة بعد الموت مثل

(14/1239)


@@@ 1240
قوله صلى الله عليه وسلم:
" الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ؛ يقول الصيام: أي رب! منعته
الطعام والشهوة ؛ فشفعني فيه. ويقول القرآن: منعته النوم بالليل ؛ فشفعني فيه.
قال: فيشفعان".

وهو مخرج في " تمام المنة " (ص 394).
وقوله صلى الله عليه وسلم:
" ان سورة في القرآن ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غفر له ؛ وهي: { تبارك
الذي بيده الملك } ".

وهو مخرج في " التعليق الرغيب " (2/ 222/ 1)، وفي رواية فيه برقم
(4) بلفظ:
" من قرأ { تبارك الذي بيده الملك } كل ليلة ؛ منعه الله عز وجل بها من
عذاب القبر".

فهذان أصلان يشهدان لما ذكرت من الفضائل الخاصة. فأين الأصول التي
تشهد لما جاء في هذا الحديث المنكر ؟!
الحق، والحق أقول - إن شاء الله -: ان مثل هذا الحديث المتعدد الأنواع، انما
ينوء بحفظه الرواة الثقات ؛ أمثال: سعيد بن المسيب والزهري ؛ كحديث الإسراء
والمعراج. وحديث أبي بكر في الصدقات ؛ وأمثالهما من الأحاديث الطوال، ويكون
سائر الرواة معروفين بالثقة والحفظ والضبط ؛ فأين من هؤلاء رواة هذا الحديث المنكر
الذين أحسنهم حالاً ابن جدعان الراوي عن (سعيد)، وقد عرفت ما قالوا فيه،

(14/1240)


@@@ 1241
وغيره أسوأ حالاً منه - كما سبق -. فكيف يكون الحديث عظيماً صحيحاً ؟!
وبهذه المناسبة أقول للعدل والحق:
لقد أعجبني صنيع الشيخ عبد الله الغماري - شقيق مؤلف " المداوي " - أنه لم
يورد الحديث في كتابه " الكنز الثمين " - مع كثرة الأحاديث الضعيفة التي فيه - ؛
فكأنه لم يعجبه قعقعة أخيه ومحاولة تصحيحه ؛ فشكر الله له ؛ ان كان هذا هو
السبب !

وبالمقابل عجبت من أحد أفاضل كبار العلماء ؛ حيث بنى عليه خطبة من
خطبه، وقدّم له بمقدمة وجيزة ووصفه بـ (الحديث العظيم) تقليداً لابن تيمية
وابن القيم، وسكوت الشيخ إسماعيل الأنصاري عليه في تعليقه على " الوابل
الصيب " ؛ فلعل الفاضل يعيد النظر في الحديث، ويتبع فيه أقوال الأئمة النقاد
الذين أجمعوا على استنكاره، فإنهم المرجع في هذا الأمر ؛ لاختصاصهم به،
والفاضل معنا في ذلك، والحمد لله. وبالله التوفيق.

7130 - (إنّي عدل ؛ لا أشهد إلا على عدل).
منكر.
أخرجه ابن قانع في " معجم الصحابة " (1/ 97) قال: حدثنا
الحسن بن الحباب المقرئ الدقاق الترجماني: نا شعيب بن صفوان عن عطاء بن
السائب عن محارب بن دثار عن النعمان بن بشير عن بشير بن سعد قال:

سألته امرأته أن يهب لابنها هبة ؛ ففعل. فقالت: أشهد النبي صلى الله عليه وسلم. فأتاه
فقال:
" أعطيت ولدك كلهم مثل هذا ؟ ". قال: لا. قال:... فذكره.

(14/1241)


@@@ 1242
قلت: وهذا (سناد ضعيف، ومق منكر ؛ عطاء بن السائب: مختلط، وشعيب
ابن صفوان: مختلف فيه، قال الذهبي في " المغني ":
" وثقه أحمد. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه ".
و (الحسن بن الحباب): لم أعرفه، ولكنه قد توبع ؛ فروى ابن عدي في " الكامل "
(4/ 4) من طريق أبي إبراهيم الترجماني: ثنا شعيب بن صفوان به، وقال ابن
عدي في آخر ترجمته:
" ولشعيب غير ما ذكرت من حديث، وليس بالكثير، وعامة ما يرويه لا يتابع
عليه ".
قلت: والمحفوظ من طرق عن النعمان بن بشير وغيره في هذه القصة بلفظ:
" فإني لا أشهد على جور "، وهو مخرج في " إرواء الغليل " برقم (1598).

7131 - (أنهى عن الكي، وأكره الحميم).
منكر.
أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة " (1/ 258) قال: حدثنا
عبد الله بن الصقر: نا إبراهيم بن المنذر: نا أنس بن عياض عن عبد الرحمن بن
حرملة عن سعد الظفري:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود رجلاً منهم، فقيل: اكووه واسقوه ماة حميماً.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد معلول ؛ عبد الرحمن بن حرملة هو: من أتباع التابعين ؛ لم
يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة، فإن كان (سعد الظفري) منهم ؛ فيكون

(14/1242)


@@@ 1243
منقطعاً بينه وبين (ابن حرملة)، وقد ذكر هذا ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل "
عن سعد الظفري، ولم يزد ؛ لكن قال الحافظ في " الاصابة " في ترجمة سعد
الظفري:
" ذكره أبو حاتم في ( الصحابة ) ".

ولم يذكر ما يدل على صحبته سوى هذا الحديث، وليس صريحاً - كما ترى
في صحبته -، وعقب الحافظ على الحديث بقوله:
" وتردد أبو موسى هل سعد بن النعمان الظفري أو غيره ؟ ".

وبقية رجال الاسناد ثقات رجال مسلم ؛ غير عبد الله بن الصقر، فلم أعرفه ؛
لكنه قد توبع فقال الطبراني في " المعجم الكبير " (6/ 61/ 5480)، وفي " المعجم
الأوسط " (9/ 42/ 9087): حدثنا مسعدة بن سعد العطار المكي: حدثنا
إبراهيم بن المنذر الحزامي به.

ومسعدة هذا: لم أجد له ترجمة، لكن يبدو أنه من شيوخ الطبراني
المشهورين ؛ فقد روى له في " المعجم الأوسط " (9/ 40 - 70) سبعين حديثاً
غير حديث الترجمة. والله أعلم.

وبالجملة ؛ فالحديث منقطع، أو مرسل، وإنما خرجته لجملة الحميم، والا ؛
فالنهي عن الكي ثابت في غيرما حديث.

7132 - (أوشك أن تستحل أمتي فروج النساء، والحرير).
ضعيف.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (1/ 248) و (54/

(14/1243)


@@@ 1244
316) من طريق أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن ناشرة
عن حديث سعيد بن سفيان القاري قال:
أتيت علي بن أبي طالب في منزله فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:...
فذكره.

قلت: وهذا إسناد مجهول ؛ عبد الله بن ناشرة، - ويقال: ناشر -، وسعيد بن
سفيان القاري: مجهولان لا يعرفان، أوردهما البخاري في " التاريخ "، وابن أبي
حاتم في "الجرح "، ولم يذكرا فيهما جرحاً ولا تعديلاً، وخالف بعضهم في
إسناده ؛ فقال البخاري:
" وقال ضمرة: عن يحيى عن الوليد بن سفيان عن رجل عن علي به ".

وقد ذكر ابن حبان في " ثقاته " (4/ 278) سعيد بن سفيان القاري، دون
(عبد الله بن ناشر). والله أعلم.

7133 - (أول من يلحقني من أهلي أنتِ يا فاطمة! وأول من يلحقني من
أزواجي زينب، وهي أطولهن كفاً).
ضعيف.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/ 73) من طريق روح
ابن صلاح بن سيابة الحارثي قال: حدثني خيران بن العلاء الكلبي عن الأوزاعي
عن مكحول قال:
سمعت وائلة بن الأسقع الليثي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، روح بن صلاح: ضعفه ابن عدي وغيره.

(14/1244)


@@@ 1245
والشطر الثاني من الحديث معروف الصحة عند الشيخين وغيرهما بلفظ:
" أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً "، وتقدم تخريجه تحت الرقم (6335).

7134 - (ألا نحدثكم بما يدخلكم الجنة ؟ ضرب بالسيف، وطعام
الضيف، واهتمام بمواقيت الصلاة، وإسباغ الطهور في الليلة القرة،
وإطعام الطعام على حبه).

منكر جداً.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (37/ 290) من طريق
عباد بن أحمد العرزمي: نا عمي عن أبيه عن محمد بن سوقة عن عبد الواحد
الدمشقي قال:
مر أبو هريرة حتى قام على أهل مجلس فقال: ألا أحدثكم عن نبي الله
صلى الله عليه وسلم حديثاً غير كذب؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد منكر ؛ (عباد بن أحمد العرزمي): متروك - كما قال
الذهبي في " المغني " ؛ تبعاً للدارقطني -، ومثله عمه - واسمه: عبد الرحمن بن
محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي -، وكذا أبوه محمد بن عبيد الله:
كلاهما متروك.

وعبد الواحد الدمشقي: ترجم له ابن عساكر برواية محمد بن سُوقة فقط
عنه ؛ ولذلك قال الذهبي في " الميزان ":
" لا يدرى من ذا ؟ ولا حدث عنه سوى محمد بن سوقة ". وأقره العسقلاني.

(14/1245)


@@@ 1246
7135 - (ألا أنبئك بشر الناس؟ من أكل وحده، ومنع رفده، وسافر
وحده، وضرب عبده.
ألا أنبئك بشر من هذا ؟ من يبغض الناس فيبغضونه.
ألا أنبئك بشر من هذا ؟ من يخشى شره، ولايرجى خيره.
ألا أنبئك بشر من هذا ؟ من باع آخرته بدنيا غيره.
ألا أنبئك بشر من هذا ؟ من أكل الدتيا بالدين).

منكر.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (51/ 133) من طريق زائدة
ابن قدامة عن أبيه عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لعلي بن أبي طالب:... فذكره. وقال ابن عساكر:
" وإسناد هذا الحديث مضطرب ؛ فإن قدامة الثقفي لم يدرك معاذاً، وإنما يروي
عن عبد الله بن أبي مليكة وطبقته".

قلت: ثم هو إلى ذلك لا يعرف إلا برواية ابنه (زائدة) عنه، وبها ترجم له
البخاري في " التاريخ الكبير "، وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "، وأما ابن
حبان فذكره في " الثقات " (7/ 340 و 9/ 21)، وذكرأنه روى عنه شريك،
ذكره في ( الطبقة الثالثة والرابعة ) ؛ فالعلة الانقطاع.

7136 - (أين الراضون بالمقدور ؟ أين الساعون للمشكور ؟ عجبت
لمن يؤمن بدار الخلود ؛ كيف يسعى لدار الغرور ؟!).

ضعيف.
أخرجه وكيع في " كتاب الزهد " (3/ 851) قال: حدثنا رجل

(14/1246)


@@@ 1247
من بني الحارث عن عمرو بن مرة قال:
خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فقال:... فذكره.

قلت: إسناده ضعيف ؛ فإنه مع إرسال عمرو بن مرة إياه، فالشيخ الراوي عنه مجهول.
ومن طريق وكيع رواه هناد في كتابه " الزهد " (1/ 294/ 514).
ومن طريق هناد: أبو نعيم في " الحلية " (5/ 96).

7137 - (إياك ونار المؤمن لا تحرقك، وإن عثر كل يوم سبع مرات ؛
فإن يمينه بيد الله، إذا شاء أن ينعشه ؛ أنعشه).
ضعيف جداً.
ساق إسناده الشيخ الغماري في " المداوي " (3/ 166)
من رواية الحكيم - والعهدة عليه - من طريق عمر بن سعيد الدمشقي: ثنا مكرم
البجلي عن هشام ابن الغار عن أبيه النار بن ربيعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ فإنه مع إرساله فيه علل، واقتصر الشيخ على
تضعيف بعض رجاله ؛ وهو عمر بن سعيد الدمشقي، فقال:
" إنه ضعيف ".
وهذا من تساهله لهوى ؛ أقول هذا لوجوه:

الأول: أن الغار بن ربيعة الذي أرسل الحديث: لا يعرف، حتى إن الحافظ
المزي لم يذكره في شيوخ ابنه هشام بن الغار.

(14/1247)


@@@ 1248
الثاني: أن مكرماً البجلي: لم يترجموه، إلا أن يكون الذي في " الميزان ":
" مكرم بن حكيم الخثعمي: روى خبراً باطلاً. قال الأزدي: ليس حديثه
بشيء".

الثالث: عمر بن سعيد الدمشقي: أسوأ مما ذكر الغماري ؛ فقد اتفقوا على
تضعيفه، وقال النسائي:
" ليس بثقة ". بل قال الساجي:
" كذاب ". ولذلك قال الذهبي في " المغني ":
"تركوه ".

7138 - (أي أخي! إني موصيك بوصية فاحفظها، لعل الله أن
ينفعك بها:
1 - زر القبور، تذكر بها الآخرة ، بالنهار أحيانا و لا تكثر.
2 - و اغسل الموتى ، فإن معالجة جسد خاو عظة بليغة .
3 - وصل على الجنائز، لعل ذلك يحزنك، فإن الحزين في ظل
الله تعالى.
4 - وجالس المساكين ، و سلم عليهم إذا لقيتهم.

(14/1248)


@@@ 1249
5 - وكل مع صاحب البلاء تواضعاً لله تعالى و إيماناً به .
6 - والبس الخشن الضيق من الثياب ، لعل العز و الكبرياء لا يكون
لهما فيك مساغ.
7 - و تزين أحيانًا لعبادة ربك، فإن المؤمن كذلك يفعل تعففاً وتكرماً
وتجملاً.
8 - ولا تعذب شيئاً مما خلق الله بالنار ).
منكر.
هكذا بهذا السياق ذكره السيوطي في " الجامع الصغير" برواية ابن
عساكر عن أبي ذر. وقال المناوي في " فيض القدير ":
" أخرجه ابن عساكر في ترجمة أبي ذر عنه، وفيه (موسى بن داود): أورده
الذهبي في " الضعفاء "، وقال:
مجهول. و (يعقوب بن ابراهيم): لا يعرف، عن يحيى بن سعيد، عن رجل
مجهول ".
قلت: وأنا في شك كبير من إعلال المناوي المذكور، بل هو من الخبطاته
المعروفة، وقد أخرجه الحاكم في " المستدرك " (4/ 330) بإسناد فيه الرواة الذين
أعل الحديث بهم ؛ فقال الحاكم:
أخبرني أبو جعفر محمد بن علي الشيباني بالكوفة: ثنا أحمد بن حازم
الغفاري: ثنا موسى بن داود الضبي: ثنا يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد
عن أبي مسلم الخولاني عن عبيد بن عمير عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي

(14/1249)


@@@ 1250
رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره، مقتصراً على ثلاث فقرات من الحديث ؛ هي الأولى
والثانية والثالثة ؛ دون قوله في الأخيرة: " معرض لكل خير ".
وقال الحاكم:
" صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي.

قلت: فمن فوق (أحمد بن حازم الغفاري) كلهم من رجال " الصحيح " ؛
فموسى بن داود الضبي من رجال مسلم، وليس هو الذي ذكره الذهبي في
" الضعفاء "، وجهله.

ويعقوب بن إبراهيم هو: الدورقي الحافظ الثقة من رجال الشيخين.
ويعقوب بن إبراهيم الذي لا يعرف إنما هو آخر وهو: القاضي الزهري ؛ متقدم
على هذا، يروي عن هشام بن عروة.

ويحيى بن سعيد - هو: القطان -: من رجال الشيخين.
ومثله عبيد بن عمير - وهو: الليثي -: تابعي جليل، مات قبل ابن عمر.
وأبو مسلم الخولاني: ثقة من رجال مسلم.
فلم يبق النظر إلا في ( أحمد بن حازم الغفاري) وهو ثقة متقن - كما قال ابن
حبان (8/ 44) -.

وإلا شيخ الحاكم (أبي جعفر محمد بن علي الشيباني): قال الحافظ
الذهبي في " السير" (16/ 37):
" كان أحد الثقات ".
قلت: فلا أجد في هذا الاشاد علة تحول بيننا وبين القول بصحته ؛ لكن في

(14/1250)


@@@ 1251
النفس توقف بسبب ما يشعر به كلام المناوي المتقدم أن يحيى بن سعيد رواه عن
رجل مجهول، ومن المؤسف أن ترجمة أبي ذر في " تاريخ ابن عساكر " فيها خرم
من أولها ؛ فلم نحظ بالحديث فيها، والطابع لـ " التاريخ " الظاهر أنه لم يجد نسخة
منه يتمم بها النقص الساقط ؛ فأورد الحديث في طبعته (66/ 188) بدون سند
مبتدئاً إياه بقوله:
وعن عبيد بن عمير عن أبي ذر قال: دخلت المسجد... الحديث. فذكره مع
زيادة ونقص عن حديث الترجمة ؛ دون ذكر فقرة الحزين، فكأن الناشر استدرك
هذا السياق من بعض المختصرات.

ثم وقفت على إسناده - بدلالة بعض الإخوان جزاه الله خيراً - ؛ ساقه السيوطي
في رسالته " تمهيد الفرش بذكر الخصال الموجبة لظل العرش " (ص 80 - 82).
أخرجه ابن عساكر بالسند المتقدم عن الحاكم من طريق علي بن الفرائضي: حدثنا
موسى بن داود: حدثنا يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن رجل عن أبي
مسلم الخولاني عن أبي ذر ؛ فذكر فقرة الحزين فقط. وقال السيوطي:

" هذا حديث غريب، أخرجه ابن شاهين في " الترغيب " (الأصل: التخريج) ؛
قال شيخ الإسلام: والرجل المبهم ما عرفته، وأخرجه الحاكم في " المستدرك "
بحذفه، وزاد بين (أبي مسلم) و (أبي ذر): (عبيد بن عمير). وكذا أخرجه
ابن أبي الدنيا في كتاب " القبور "، وموسى وثقه أحمد وغيره".

قلت: وهو من رجال مسلم ؛ فقول بعضهم: إنه مجهول.. مردود - كما سبق
آنفاً، وفيما مضى تحت الحديث رقم (3663) -. وإنما علة الحديث (شيخ يحيى
ابن سعيد) الذي لم يسم بينه وبين (أبي مسلم الخولاني)، ومن هذا الوجه

(14/1251)


@@@ 1252
أخرجه ابن شاهين في " الترغيب في فضائل الأعمال " (1/372/470)
قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول: ثنا أبي: ثنا موسى بن داود عن يعقوب
ابن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن رجل عن أبي مسلم الخولاني عن أبي ذر
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكر الحديث.

قلت: فالتقت رواية ابن شاهين مع رواية ابن عساكر التي نقلها السيوطي
على إثبات الرجل المبهم، فهو العلة كما قال الذهبي.

7139 - (إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، فليغتسل وليتنضف).
منكر.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (51/33 ) من طريق أيوب
ابن أبي حجر الأيلي عن بكر بن بدقة الأيلي عن أبيه عن نافع مولى ابن عمر
قال: سمعت ابن عمر يقول:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فيقول:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد منكر ؛ أيوب بن أبي حجر الأيلي، وشيخه بكر بن صدقة
الأيلي عن أبيه ؛ ثلاثتهم: نكرات، لم أجد من ترجمهم.

والحديث محفوظ عند الشيخين وغيرهما عن ابن عمر دون قوله: " وليتنظف "،
وهو مخرج في " الإرواء " (1/175/ 145) ؛ فهذه الزيادة منكرة.

7140 - (اذكر الله ؛ فإنه عون لك على ما تطلب).
ضعيف جداً.
أخرجه الواقدي في " المغازي " (2/ 758)، ومن طريقه ابن
عساكر في " تاريخ دمشق " (28/ 120 )، قال الواقدي: حدثني أبو القاسم

(14/1252)


@@@ 1253
- وفي " التاريخ ": (أبو البسام) - بن عمارة بن غزية عن أبيه عن عطاء بن أبي
مسلم قال:
لما ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة ؛ قال ابن رواحة: يا رسول الله! مرني
بشيء أحفظه عنك! قال:
" انك قادم غداً بلداً، السجود به قليل ؛ فأكثر السجود ".
قال عبد الله: زدني يا رسول الله! قال:... فذكره.

فقام من عنده حتى إذا مضى ذاهباً ؛ رجع إليه فقال: يا رسول الله! إن الله وتر
يحب الوتر! قال:
" يا ابن رواحة! ما عجزت ؛ فلا تعجزن إن أسأت عشراً أن تحسن واحدة ".
فقال ابن رواحة: لا أسألك عن شيء بعدها.

قلت: وهذا اسناد ضعيف جداً ؛ الواقدي: متروك، وشيخه (أبو القاسم) أو
(أبو البسام): لم يذكر حتى ولا في ترجمة أبيه عمارة بن غزية. و (عطاء بن أبي
مسلم) - هو: الخراساني -: صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس - كما قال الحافظ
في " التقريب " -.

7141 - (أرحم أمتي أبو بكر الصديق، وأحسنهم خلقاً أبو عبيدة
ابن الجراح، وأصدقهم لهجة أبو ذر، وأشدهم في الحق عمر، وأقضاهم
علي).
ضعيف.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (66/ 191) من طريق

(14/1253)


@@@ 1254
الزبير بن بكار: حدثني ابن طلحة بن عبيد الله عن عبد الرحمن بن أبي بكر
الصديق قال: قال وسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، (ابن طلحة بن عبيد الله) - اسمه: إسحاق وهو:
مقبول - كما قال الحافظ في " التقريب " -.

وسقط من المطبوعة الإسناد إلى الزبير بن بكار ؛ فلم أتمكن ؛ من معرفة السند
إليه.
وقوله: " وأحسنهم خلقاً أبو عبيدة بن الجراح " ؛ منكر.
والمحفوظ فى غير هذا الحديث بلفظ:
" وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح "، وهو مخرج في " الصحيحة " برقم
(1224).

7142 - (أشد الناس حسرة يوم القيامة: رجل أمكنه طلب العلم
في الدنيا ؛ فلم يطلبه، ورجل عَلّم علماً، فانتفع به من سمعه منه دونه).

منكر.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (51/ 137 - 138) من
طريق عبيد الله بن لؤلؤ بن جعفر بن حمويه الساجي ببغداد: أخبرني محمد بن
عمرو بن واصل الصحري: أنه سمع سهل بن عبد الله بنهر الديرسنة ثمانين
ومئتين يقول: أخبرني محمد بن سوار ين الفضل عن سليمان بن عمر الكوفي
عن عبد الرحمن بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:...
فذكره.

(14/1254)


@@@ 1255
قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم ؛ كل من دون عكرمة: لم أجد لهم ترجمة.
وابن عساكر أورده في ترجمة (محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر، أبو سعيد
الأصبهاني، الفقيه الواعظ، المعروف بـ : إبن ملة)، وقال عَقبه:
" روى هذا الشيخ أربعين حديثاً بهذا الإسناد، وعن سهل عن خاله محمد
ابن سوار بأسانيده عن شيوخه ؛ كلها منكرة، ولا أدري على مَن الحمل فيها ".

قلت: ومن الغرائب أن هذا الشيخ - مع روايته المناكير بشهادة الحافظ ابن
عساكر - لم يترجمه الذهبي في " الميزان "، ولا استدركه العسقلاني في
" اللسان ".
ثم إن سليمان بن عمر الكوفي وقع في " التاريخ " عن (عمر الكوفي)،
فصححته من " ذيل الموضوعات " للسيوطي (ص 44)، وثقل إعلال ابن عساكر
إياه بالنكارة وأقره.

فتأمل ما أشد تناقضه! فإنه مع ذلك أورده في " الجامع الصغير " الذي زعم
أنه صانه مما تفرد به كذاب أو وضاع. ووقع فيه عند ابن عساكر: (عن أنس)..
والصواب: (عن ابن عباس).

ثم إن (سليمان بن عمر الكوفي) يحتمل أن يكون هو: (سليمان بن عمرو
النخعي) الكذاب، قلب بعضهم اسم أبيه إلى: (عمر).. مكان: (عمرو) ،
تدليساً، وقد اتفقوا على أنه كذاب وضاع. وقال البخاري في " الضعفاء الكبير ":

" سليمان بن عمرو الكوفي، أبو داود النخعي، معروف بالكذب، قاله قتيبة
وإسحاق ".

(14/1255)


@@@ 1256
7143 - (اللهم! عافني في قدرتك، وأدخلني في رحمتك، واقضِ
أجلي في طاعتك، واختم لي بخير عملٍ، واجعل ثوابه الجنة).
َضعيف جداً.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (27/ 67) من
طريق عبد الله بن أحمد اليحصبي: نا أبو معيد عن الحكم الأيلي عن القاسم
ابن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن عبد الله بن عمرعن النبي صلى الله عليه وسلم:
أنه كان يدعو:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ عبد الله بن أحمد اليحصبي: قال العقيلي في
" ضعفائه " (2/ 237):
" لا يتابع على حديثه ". وأقره الذهبي في " المغني ".
وأبو معيد - اسمه: حفص بن غيلان -: قال في " المغني ":
" قال أبو حاتم وغيره: لا يحتج به، وقد رمي بالقدر. ووثقه ابن معين ".
والحكم - هو: ابن عبد الله بن سعد الأيلي -: قال الذهبي:
" متروك متهم ".

7144 - (إذا عملت عشر سيئات ؛ فاعمل حسنة تحدرهن بها).
ضعيف.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (45/ 274 - 275) من
طريق أبي علقمة نصر بن خزيمة: حدثني أبي عن نصر بن علقمة عن أخيه
محفوظ بن علقمة عن ابن عائذ، قال عمرو بن الأسود:
إن معاذاً لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ؛ قال: أوصني بكلمة أعيش بها،

(14/1256)


@@@ 1257
قال: " لا تشرك بالله شيئاً "، قال: زدني، قال: "حسن الخلق"، قال: زدني،
قال:... فذكره. فقال رجل من الأنصار: أو من الحسنات أن أقول: لا إله الا الله ؟
قال:
" نعم، أحسن الحسنات ؛ إنها تكتب عشر حسنات، وتمحو عشر سيئات".
قلت: وهذا إسناد فيه جهالة ؛ أبو علقمة نصر بن خزيمة: ذكره برواية واحد
ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولم يورده ابن حبان في " ثقاته ".
ونحوه أبوه - وهو: (خزيمة بن جنادة بن محفوظ بن علقمة) -: ذكره المزي في
الرواة عن (نصر بن علقمة)، وقال:
" له عنه نسخة كبيرة ".
ولم يذكره ابن حبان في " الثقات " أيضاً ؛ فهو مجهول.

7145 - (أغنى الناس حملة القرآن ؛ من جعله الله في جوفه).
موضوع.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (37/ 355) من طريق
أبي علي الأهوازي بسنده إلى إبراهيم بن أبي مريم: نا جنادة بن مروان: نا
الحارث بن النعمان قال: سمعت الحسن يحدث عن أبي ذر ؛ رأيته بالربذة،
أنشأ يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه:
" أي الناس أغنى " ؟ قالوا: أبو سفيان بن حرب، قال آخر: عبد الرحمن بن
عوف، قال آخر: عثمان بن عفان، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :... فذكره.

قلت: وهذا إسناد موضوع ؛ آفته (أبو علي الأهوازي) - واسمه: (الحسن بن

(14/1257)


@@@ 1258
علي بن إبراهيم) - وهو مقرئ مشهور، ولكنه في الحديث متهم رماه غير واحد
بالكذب والوضع.
وابراهيم بن أبي مريم: لم أعرفه.
وجنادة بن مروان: ضعفه أبو حاتم واتهمه.
والحارث بن النعمان: قال البخاري:
" منكر الحديث ".
والحسن - هو: البصري -، وما أظنه سمع من أبي ذر، وهو مشهور بالتدليس.
(تنبيه): الحديث ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر
عن أنس بلفظ حديث الترجمة، وهذا من أوهامه فإن حديث أنس لفظه:
" القرآن غنى لا فقر بعده ".
وهو من رواية يزيد بن أبان عن الحسن، عن أنس، وسبق تخريجه برقم
(1558).

7146 - (أيما رجل استعمل رجلاً على عشرة أنفس، وعلم أن
في العشرة من هو أفضل منه ؛ فقد غش الله ورسوله، وجماعة المسلمين).

ضعيف.
أخرجه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " - كما في " نصب الراية "
(4/ 62) قال: حدثنا أبو وائل خالد بن محمد البصري: ثنا عبد الله بن بكر
السهمي: ثنا خلف بن خلف عن إبراهيم بن سالم عن عمرو بن ضرار عن
حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:... فذكره.

(14/1258)


@@@ 1259
قلت: وهذا إسناد مظلم ؛ عمرو بن ضرار: لم أجد له ترجمة.
وابراهيم بن سالم: الظاهر أنه النيسابوري، قال ابن عدي:
" له مناكير "، وأقره الذهبي في " المغني ".

وخلف بن خلف: لم أعرفه، ووقع في " جامع المسانيد " (3/ 382) لابن
كثير: (... ابن خليفة)، وفي " المطالب العالية المسندة " (2/ 401): (...
ابن خالد)، وكلاهما مترجم في " تهذيب الكمال "، ولا يبدو لي أن أحدهما هو
المراد هنا. والله أعلم.
وخالد بن محمد البصري: ذكره ابن حبان في " الثقات " (8/ 226) وقال:
" يُغرب ".

والحديث عزاه الحافظ في " المطالب العالية المجردة " (2/ 232 - 233)
وسكت عنه، وكذلك فعل في " المطالب المسندة "، وكذلك الحافظ ابن كثير في
" جامعه ".
وقد روي الحديث عن ابن عباس ببعض اختصار، وقد سبق تخريجه برقم (4545).

7147 - (أيما والٍ ولي من أمر المسلمين شيئاً، وُقف به على جسر
جهنم فيهتز به الجسر حتى يزول كل عضو).
منكر.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (36/ 132) من طريق عماو

(14/1259)


@@@ 1260
ابن أبي يحيى عن سلمة بن تميم عن عطاء بن أبي رباح: حدثني عنبسة ابن أبي
سفيان عن بشر بن عاصم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد مظلم ضعيف ؛ (عمار بن أبي يحيى) و (سلمة بن تميم):
لم أعرفهما. وفي الإسناد خطأ عجيب وقلب غريب، لعله من أحدهما، فعنبسة
ابن أبي سفيان عن (بشر بن عاصم) لا يجيء ؛ هذا من أتبع التابعين، و (عنبسة)
من التابعين!

وأنكر من ذلك قول بشر بن عاصم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بد أن يكون
قد سقط من الاسناد ذكر التابعي والصحابي، وقد رواه بعض الضعفاء بسند أخر
عن بشر بن عاصم عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم:... فذكر الحديث بأتم منه.
وهذا منكر أيضاً ؛ عاصم أبو بشر: تابعي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق
تخريجه عنه برقم (2269).

7148 - (الآمر بالمعروف كفاعله).
موضوع.
أخرجه الديلمي في " مسنده " (1/ 365) من طريق عمر بن
إسماعيل بن مجالد: حدثنا يعلى بن الأشدق عن عبد الله بن جراد رفعه.
قلت: وهذا إسناد موضوع ؛ آفته (يعلى بن الأشدق): قال الذهبي في
"المغني ":

" قال البخاري: لا يكتب حديثه. وقال أبو زرعة: ليس بشيء. قال ابن
حبان: وضعوا له أحاديث يحدث بها ولم يدر ".
وعبد الله بن جراد: مجهول.

(14/1260)


@@@ 1261
وعمر بن إسماعيل بن مجالد: قال النسائي والدارقطني:
"متروك ".

7150 (*) - (الأمور كلها - خيرها وشرها - من الله).
منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (4/45/ 3573) من
طريق هانئ بن المتوكل الإسكندراني قال: نا أبو ربيعة سليمان بن ربيعة عن
أبي حازم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره. وزاد ؛ وقال:
" إن القدر نظام التوحيد، فمن وحد الله، وآمن بالقدر ؛ فقد استمسك بالعروة
الوثقى، ومن لم يؤمن بالقدر ؛ كان ناقضاً للتوحيد ". وقال:
" لا يدخل الجنة مكذب بقدر ".
قلت: وهذا إسناد منكر ؛ هانئ بن المتوكل: ضعيف أو أشد ؛ قال ابن حبان:
" كان تدخل عليه المناكير وكثرت ؛ فلا يجوز الاحتجاج به في حال ".

ثم ساق له بعض مناكيره، وسبق تخريج اثنتين منها ؛ فانظر الرقم (1077)
و (1522).
وأبو ربيعة سليمان بن ربيعة: لم أجد له ترجمة.
وجملة: " نظام التوحيد" رويت من طريق أخرى عن ابن عباس موقوفاً، وقد
تقدم برقم (2244) و (4072).
__________
(*) كذا في أصل الشيخ رحمه الله قفز الترقيم رقماً واحداً. (الناشر).

(14/1261)


@@@ 1262
7151 - (بر الوالدين يجزئ من الجهاد).
ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (8/ 354/ 5458) عن
حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم:... فذكره.
قلت: ورجاله ثقات، لكن الحسن - هو: البصري -: تابعي جليل ؛ لكن
مراسيله ضعيفة كالريح.

7152 - (اشرب ؛ فإن البركة في أكابرنا، فمن لم يرحم صغيرنا،
ويجل كبيرنا ؛ فليس منا).

ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (8/ 371/ 7895)
من طريق أبي عبد الملك عن القاسم عن أبي أمامة قال:
بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم
في نفر من أصحابه إذ أُتي بقدح فيه شراب، فناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة،
فقال أبو عبيدة: أنت أولى به يا نبي الله! قال: " خذ ". فأخذ أبو عبيدة القدح،
ثم قال له قبل أن يشرب: خذ يا نبي الله! قال نبي الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ أبو عبد الملك - هو: علي بن يزيد الألهاني -:
قال الذهبي في " المغني ":
" ضعفوه، وتركه الدارقطني ".

(14/1262)


@@@ 1263
7153 - (البركة في المماسحة).
ضعيف جداً.
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7/ 63)، وأبو داود
في " مراسيله " (161/ 168)، ومن طريقه البيهقي في " السنن " (6/ 36)
من طريق أبي يعقوب الثقفي عن خالد - يعني: ابن أبي مالك - قال:
بايعت محمد بن سعد بسلعة، فقال: هات يدك أماسحك ؛ فإن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ وله علتان:

الأولى: (أبو يعقوب الثقفي) - واسمه: إسحاق بن إبراهيم -: قال ابن
عدي في " الكامل " (1/ 340):
" روى عن الثقات بما لا يتابع عليه... وأحاديثه غير محفوظة ". وأما ابن
حبان فذكره في " الثقات " (8/ 106).

والعلة الأخرى: (خالد بن أبي مالك) وهو: مجهول - كما قال الذهبي في
"المغني ":
ثم هو مرسل من محمد بن سعد - وهو: ابن أبي وقاص -: تابعي ثقة، وتوهم
المناوي أنه (ابن منيع الهاشمي) مولاهم كاتب الواقدي، مات سنة (230) ؛ فمن
أوهامه العجيبة ؛ كما كنت نبهت على ذلك في التعليق على " ضعيف الجامع الصغير ".

7154 - (تحروا الصدق، وإن رأيتم أن فيه الهلكة ؛ فإن فيه النجاة،
واجتنبوا الكذب، وإن رأيتم أن فيه النجاة ؛ فإن فيه الهلكة).

ضعيف.
أخرجه هناد في كتاب " الزهد " (2/ 635/ 1375) قال: حدثنا

(14/1263)


@@@ 1264
يعلى عن مجمع بن يحيى يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد مرسل أو معضل ؛ فإن (مجمع بن يحيى) - وهو: ابن يزيد
ابن جارية الأنصاري -: لم يذكر له رواية عن غير أبي أمامة بن سهل، وهو من
صغار الصحابة، وروي عن ابن معين وأبيه أنه:
" صالح ".

و (يعلى) - هو فيما يظهر: ابن شداد بن أوس، أبو ثابت الأنصاري النجاري -:
ذكره ابن أبي حاتم وغيره برواية جمع، وأورده ابن حبان في " الثقات " (5/
556).

7155 - (تعافوا، تسقط الضغائن بينكم).
ضعيف جداً.
أخرجه الهيثمي في " كشف الأستار عن زوائد البزار " (2/
440/ 2058) من طريق محمد بن الحارث: حدثني محمد بن عبد الرحمن
عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.
وقال البزار:
" محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني: ضعيف الحديث عند أهل العلم ".
قلت: بل اتهمه ابن حبان في " المجروحين " (2/ 264) قال:
" حدث عن أبيه بنسخة شبيهاً بمائتي حديث ؛ كلها موضوعة، لا يجوز
الاحتجاج به، ولا ذكره في الكتب إلا على جهة التعجب ".

وأما أبوه (عبد الرحمن بن البيلماني): قال الذهبي في " المغني ":
" تابعي مشهور. قال أبو حاتم : ليّن. وذكره ابن حبان في " الثقات ". وقال

(14/1264)


@@@ 1265
الدارقطني: ضعيف ".
وأما (محمد بن الحارث) - وهو: ابن زياد الحارثي -: فقال الذهبي:
"ضعفوه ".
(تنبيه): من أوهام السيوطي أنه أورد الحديث من رواية البزار عن ابن عمر
بلفظين:
أحدهما: وهو المذكور أعلاه.

والآخر: " تساقطوا الضغائن "، وكذلك أورده في " الجامع الكبير "، وغفل
عن ذلك المناوي في "فيض القدير " فمشى اللفظين معزواً للبزار!

7156 - (تغطية الرأس بالنهار فقه، وبالليل ريبة).
ضعيف جداً.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (7/ 19) من طريق نعيم
ابن حماد: ثنا بقية عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن وائلة بن الأسقع
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ لحال (نعيم بن حماد) ؛ فإنه ضعيف، وقد
اتهمه بعضهم، قال الذهبي في " المغني ":
" أحد الأئمة، وثقه أحمد بن حنبل وغيره، وابن معين في رواية، وقال في
رواية أخرى: يُشبه له فيروي ما لا أصل لها. وقال النسائي:
ليس بثقة. وقال الدارقطني: كثير الوهم. وقال أبو حاتم:

(14/1265)


@@@ 1266

محله الصدق. وقال أبو زرعة الدمشقي: وصل أحاديث يوقفها الناس. وقال
العباس بن مصعب: وضع كتباً في الرد على أبي حنيفة، وكان من أعلم الناس
بالفرائض.

وقال أبو داود: عن نعيم نحو عشرين حديثاً ليس لها أصل.
وقال النسائي وذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم، ثم قال:
كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة ؛ فصار في حد من لا يحتج به.
وأما الأزدي فقال:
كان يضع الحديث في تقوية السنة وحكايات مزورة في ثلب أبي حنيفة رحمه
الله كلها كذب. قلت: ما أظنه يضع ".
و (بقية بن الوليد): مدلس، وقد عنعنه.

7157 - (بين العبد والجنة سبع عقاب، أهونها الموت، وأصعبها
الوقوف بين يدي الله تعالى ؛ إذا تعلق المظلومون باظالمين).

موضوع.
ذكره السيوطي في " ذيل الموضوعات " (ص 200) وقال:
قال أبو سعيد النقاش في " معجمه ": أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن
إبراهيم القرايري: حدثني عبد الله بن زيد بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن
علي بن أبي طالب عن جده جعفر عن أبي هدبة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:... فذكره.

(14/1266)


@@@ 1267
قلت: "وهذا إسناد موضوع ؛ آفته (أبو هدبة) - واسمه: إبراهيم بن هدبة -:
قال الذهبي في " المغني ":
" ساقط متهم، قال الدارقطني: متروك، وقال أبو حاتم: كذاب".
و (جعفر بن عبد الله) والراوي: عنه لم أعرفها.
وكذلك (القرايري)، ولم أعرف هذه النسبة.
ومع أن السيوطي أورد الحديث في " ذيل الموضوعات " فقد سود به كتابه
" الجامع الصغير "!

7157/ م - (تهادوا تحابوا، وتصافحوا يذهب الغل عنكم).
ضعيف.
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (61/ 225) من طريق
علان: نا يحيى: نا ضمام عن موسى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:....
فذكره.

قلت: إسناده ضعيف ؛ (علان) - واسمه: علي بن أحمد بن سليمان
المصري -: لم أجد له ترجمة.
والجملة الأولى من الحديث قد ثبتت من طرق أخرى عن ضمام بن إسماعيل
به، وهي مخرجة في " إرواء الغليل " برقم (1601).

7158 - (إن التبين من الله، والعجلة من الشيطان ؛ فتبينوا).
ضعيف.
أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (2/ 687/ 734) قال:

(14/1267)


@@@ 1268
حدثنا عمر بن شبة: نا سالم بن نوح: أنا يونس عن الحسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم ؛ غير عمر بن شبة فهو
صدوق.
وفي سالم بن نوح ضعف يسير، قال الذهبي:
" صالح الحديث. قال أبو حاتم وغيره: لا يحتج به. وقال يحيى بن معين:
ليس بشيء. ووثقه أبو زرعة، وقال أحمد: لا بأس به ".
لكن الحسن - وهو: البصري - تابعي جليل، لكنه يرسل كثيراً، ومراسيله كالريح.

7159 - (يا أبا بكر! ثلاث اعلم أنهن حق: ما عفا امرؤ عن مظلمة
إلا زاده الله بها عزاً، و [ ما ] فتح رجل على نفسه باب مسألة يبتغي بها
كثرة إلا زاده الله بها فقراً، وما فتح رجل على نفسه باب صدقة
يبتغي بها وجة الله إلا زاده الله كثرة).

ضعيف.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/ 258/ 8072) من
طريق [ الحسن بن ] محمد بن إسحاق: أنا القرهذاني عبد الله بن محمد: نا
هشام بن عمار: نا الوليد بن مسلم: نا ابن عجلان: نا سعيد المقبري عن أبي
هريرة قال:
استطال رجل على أبي بكر الصديق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، وأبو بكر
ساكت، فلما أكثر انتصر أبوصلكر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتبعه أبو بكر فقال: يا رسول
الله استطال علي، وأنت ساكت فلما انتصرت قمت! فقال:... فذكره.

(14/1268)


@@@ 1269
قلت: وهذا إسناد ضعيف ؛ الحسن بن محمد بن إسحاق لم أعرفه، ومثله
شيخه القرهذاني عبد الله بن محمد فلم أعرف هذه النسبة أيضاً، وفي هشام بن
عمار كلام معروف.

وقد أعله البيهقي بقوله عقبه:
" ورواه الليث عن سعيد المقبري عن بشير بن المحرر عن سعيد بن المسيب: أن
رجلاً سب أبا بكر فسكت، ثم انتصر فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قال البخاري: هذا أصح، وهو مرسل ".

قلت: وهو على ارساله ضعيف ؛ لأن (بشير بن المحرر) لا يعرف - كما قال
الذهبي -. وكان الأصل بشر بن محرز فصححته من " إكمال بن ماكولا "، وكتب
الرجال.

7160 - (ثلاث خلال من لم يكن فيه واحدة منهن كان الكلب
خيراً منه: ورع يحجزه عن محارم الله، أو حلم يرد به جهل جاهل، أو
حُسن خلق يعيش به في الناس) .

ضعيف جداً.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/ 338 - 339/
8423) من طريق عنبسة بن سعيد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:...
فذكره.

قلت: هذا اسناد ضعيف جداً ؛ فإن الحسن - وهو: البصري - مع كونه تابعياً
كثير الإرسال والتدليس، فإن الراوي عنه عنبسة بن سعيد - وهو: الواسطي القطان -
قال عمرو بن علي الصيرفي:

(14/1269)


@@@ 1270
" كان مختلطاً، لا يروى عنه". أوقال أبو!حاتم:
" ضعيف الحديث يأتي بالطامات ".
قلت: وعقب عليه البيهقي بقوله:
" هكذا روي هذا مرسلاً، وروي من وجه آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
قلت: يعني مسنداً، وما هو بخير من المرسل ؛ فإنه أخرجه (8424) من
طريق جعفر بن محمد القلانسي،:.نا زكريا بن نافع: نا محمد بن مسلم عن
عبد الله بن الحارث عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:..".
فذكره نحوه.

قلت: زكريا بن نافع: ترجمه اين أيي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً،
وأورده ابن حبان في " الثقات " (8/ 252) وقال:
"يغرب ".
وجعفر بن محمد القلانسي: لم أجد له ترجمة.

7161 - (ثلاث ليس لأحد من الناس فيهن رخصة: بر الوالدين
مسلماً كان أو كافراً، والوفاء بالعهد لمسلم كان أو كافراً، وأداء الأمانة
إلى مسلم كان أو كافراً) .

ضعيف جداً.
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (4/ 82/ 4363) من
طريق محمد بن عمارة بن صبيح: نا إسماعيل بن أبان: نا عمرو بن ثابت، عن
جابر عن غياث بن عبد الرحمن عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم:... فذكره. وقال البيهقي:

(14/1270)


@@@ 1271
" إسناده ضعيف ".
قلت: بل هو أشد من ذلك ؛ فإن (عمرو بن ثابت): متروك.
واللذان فوقه: لم أعرفهما، ويحتمل أن جابراً هو: الجعفي ؛ وهو متروك أيضاً.
و (محمد بن عمارة بن صبيح): لم أجد له ترجمة أيضاً.

7162 - (ثلاث من نعيم الدنيا - وإن كان لا نعيم لها -: مركب
وطيء، والمرأة الصالحة، والمنزل الواسع).

ضعيف.
أخرجه ابن حجر في " المطالب العالية " (2/ 318/ 1991) من
طريق أبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا غندر: ثنا شعبة عن زياد بن مخراق قال:
سمعت ابن قرة - أو قرة ؛ شك أبو بكر - أنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات إن كان أبو بكر بن أبي شيبة حفظه
عن معاوية بن قرة ؛ فقد تردد بين ابن قرة وبين قرة، فإن كان عن ابن قرة ؛ فهو
مرسل، وإن كان عن قرة ؛ فلم أعرفه.
***
هذا آخر ما حققة شيخنا الإمام - رحمة الله - من " سلسلة الأحاديث
الضعيفة والموضوعة " ؛ فالله نسأل أن يثيبه خيراً على ما قدم، وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. رائع

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. =============== . ...