روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

ب ميك

المدون

 

الأحد، 5 يونيو 2022

ج4. وج5. نماذج من تحقيق الهداية للكلوذاني المؤلف د. ماهر ياسين الفحل

ج4.

ويَجُوْزُ تَقْدِيْمُ النِّيَّةِ عَلَى التَّكْبِيْرِ بالزَّمَانِ اليَسِيْرِ إِذَا لَمْ يَفْتَتِحْهَا .

ويَفْتَتِحُ الصَّلاَةَ بِقَوْلِهِ : (( اللهُ أَكْبَرُ )) ، لاَ يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ . فَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ التَّكْبِيْرَ بالعَرَبِيَّةِ ؛ لَزِمَهُ أنْ يَتَعَلَّمَ . فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الصَّلاَةِ ؛ كَبَّرَ بِلُغَتِهِ .

ويَجْهَرُ بالتَّكْبِيْرِ ؛ إنْ كَانَ إمَاماً بِقَدْرِ مَا يُسْمِعْ مَنْ خَلْفَهُ ، والمَأْمُومُ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ ، كَقَوْلِنَا في القِرَاءةِ .

ويَمُدُّ أَصَابِعَهُ ويَضُمُّ بَعْضَهَا إلى بَعْضٍ ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيْرِ إلى

مَنْكِبَيْهِ ، وعَنْهُ : أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ذَلِكَ وبَيْنَ رَفْعِهَا إلى فُرُوْعِ أُذُنَيْهِ ( ) . فَإِذَا انْقَضَى التَّكْبِيْرُ

/ 24 و / حَطَّ يَدَيْهِ ، وأَخَذَ بِكَفِّهِ الأيْمَنِ كُوْعَهُ الأَيْسَرَ ويَجْعَلُهُا تَحْتَ سُرَّتِهِ . وعَنْهُ : تَحْتَ صَدْرِهِ . وعَنْهُ : أنَّهُ مُخَيَّرٌ في ذَلِكَ ( ) .

ويَنْظُرُ إلى مَوْضِعِ سُجُوْدِهِ ، ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ الصَّلاَةَ ، فَيَقُولُ : (( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ، وبِحَمْدِكَ ، وتَبَارَكَ اسْمُكَ ، وتَعَالَى جَدُّكَ ، ولاَ إِلَهَ غَيْرُكَ )) ( ) . ثُمَّ يَسْتَعِيْذُ ،

فَيَقُولُ : أَعُوْذُ باللهِ السَّمِيْعِ العَلِيْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيْعُ العَلِيْمُ ( ) .

ثُمَّ يَقْرَأُ : بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ ، ولا يَجْهَرُ بِجَمِيْعِ ذَلِكَ ( ) . ثُمَّ يَقْرَأُ

الفَاتِحَةَ ( ) ويُرَتِّبُهَا ، ويَأتِي فِيْهَا بإِحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيْدَةً عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيْحَةِ أنَّ ( ) :

(( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ )) لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنَ الفَاتِحَةِ ، وعَلَى أنَّهَا مِنْهَا ( ) ؛ فَيَأَتِي بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ تَشْدِيْدَةً . فَإِنْ تَرَكَ تَرْتِيْبَهَا ، أوْ تَشْدِيْدَةً مِنْهَا أَعَادَ ، وإِنْ قَطَعَ قِرَاءةَ الفَاتِحَةِ بِذِكْرٍ ، مِثْل : آمِيْنَ ، ونَحْوِهِ ، أو سَكَتَ سُكُوتاً يَسِيْراً ؛ أَتَمَّ قِرَاءتَهَا وأَجْزَأَتْهُ . وإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَثِيْراً في العَادَةِ ؛ اسْتَأْنَفَ قِرَاءتَهَا .

فَإذَا قَالَ : ولاَ الضَّالِّيْنَ ؛ قَالَ : آمِيْنَ ، يَجْهَرُ بِهَا الإمَامُ والمأْمُومُ فِيْمَا يُجْهَرُ

بالقِرَاءةِ ( ) . ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ الفَاتِحَةِ بِسُورَةٍ ، وتَكُونُ في الصُّبْحِ [ من ] ( ) طِوَالِ المُفَصَّلِ ، وفي المَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ ، وفي البَقِيَّةِ مِنْ أَوَاسِطِهِ .

ويَجْهَرُ الإمَامُ في الصُّبْحِ ، وفي الأُوْلَيَيْنِ مِنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ .

ومَنْ لاَ يُحْسِنُ الفَاتِحَةَ ، وضَاقَ وَقْتُ الصَّلاَةِ عَنْ تَعْلِمِهَا ؛ قَرَأَ بَقَدْرِهَا في عَدَدِ الحُرُوفِ . وَقِيْلَ : بَلْ في عَدَدِ الآيَاتِ مِنْ غَيْرِهِا ( ) . فَإنْ كَانَ لاَ يُحْسِنُ الآيَةَ ؛ كَرَّرَهَا بِقَدْرِهَا . فَإِنْ قَرَأَ بِمَا يَخْرُجُ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ ( ) كَقِرَاءةِ ابنِ مَسْعُودٍ ( )، وغَيْرِهِ ؛ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ . وعَنْهُ : أنَّهَا تَصِحُّ ( ) . فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ بالعَرَبِيَّةِ ؛ لَكِنْ قَدْرَ أنْ يُعَبِّرَ عَنْهُ بِلُغَةٍ أُخْرَى ؛ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ ، وَلَزِمَهُ أنْ يَقُولَ: (( سُبْحَانَ اللهِ ، والحَمْدُ للهِ ، ولا إِلَهَ إلاَّ اللهُ ، واللهُ أَكْبَرُ ، ولاَ حَوْلَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ باللهِ )) ( ) . فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئاً مِنَ

الذِّكْرِ، وقَفَ بِقَدْرِ القِرَاءةِ ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ ، ويَرْكَعُ مُكَبِّراً ؛ حَتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ويَمُدُّ ظَهْرَهُ مُسْتَوِياً ، ويَجْعَلُ رَأْسَهُ حِيَالَ ظَهْرِهِ ولاَ يَرْفَعُهُ ولاَ يَخْفُضُهُ ، ويُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ . وقَدْرُ الإجْزَاءِ : الانْحِنَاءُ حَتَّى يُمْكِنَهُ مَسُّ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ ، ويَقُولُ : (( سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيْمِ )) – ثَلاَثاً – وَهُوَ أدْنَى الكَمَالِ. ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَائِلاً: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، ويَرْفَعُ يَدَيْهِ ؛ فَإِذَا اعْتَدَلَ قَائِماً ؛ قَالَ : (( رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ مِلءَ السَّمَاءِ ومِلءَ الأرْضِ ومِلءَ ما شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ )) –لا يَزِيْدُ عَلَى ذَلِكَ– فَإِنْ كَانَ مَأْمُوناً ؛ فقالَ أصْحَابُنا : لاَ يَزِيْدُ عَلَى قَوْلِ : رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ .

وعِنْدِي : أنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ كَالإِمَامِ ، والمُنْفَرِدِ ( ) . ثُمَّ يُكَبِّرُ ويَخِرُّ سَاجِداً ؛ فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ عَلَى الأرْضِ، ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ ، ويَجْعَلُ صُدُوْرَ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ عَلَى الأرْضِ.

والسُّجُودُ عَلَى جَمِيْعِ هَذِهِ الأعْضَاءِ وَاجِبٌ إلاَّ الأَنْفَ ؛ فَإِنَّهُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) ، ولاَ يَجِبُ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ المُصَلَّى بِشَيءٍ مِنَ الأَعْضَاءِ إِلاَّ الجَبْهَةَ ؛ فَإِنَّهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) .

والمُسْتَحَبُّ أنْ يُجَافِيَ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ ، وبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ ، ويَضَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ، ويُفَرِّقُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ ، ويَقُولُ : (( سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَى )) – ثلاثاً – وَهوَ أدْنَى الكَمَالِ . ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّراً ، ويَجْلِسُ مُفْتَرِشاً – وَهوَ : أنْ يَفْتَرِشَ رِجْلَهُ اليُسْرَى ، ويَجْلِسُ عَلَيْهَا ويَنْصِبُ اليُمْنَى – ولاَ يُقْعِي ؛ فَيَمُدَّ ظَهْرَ قَدَمَيْهِ ، ويَجْلِسُ عَلَى عَقِبَيْهِ ، أوْ يَجْلِسَ عَلَى إلْيَتَيْهِ ، ويُنْصَبُ قَدَمَيْهِ ( ) ، فَإنَّهُ مُنَّهِيٌّ عَنْهُ ( ) . ثُمَّ يَقُولُ : (( رَبِّ اغْفِرْ لِي )) – ثَلاثاً – ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ مُكَبِّراً ، ويَقُولُ : (( سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَى )) – ثلاَثاً – ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّراً .

وهَلْ يَجْلِسُ جَلْسَةَ الاسْتِرَاحَةِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ :

إحْدَاهُمَا : لا يَجْلِسُ ، بَلْ يَقُومُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ مُعْتَمِداً عَلَى رُكْبَتَيْهِ .

والثَّانِيَةُ : يَجْلِسُ عَلَى قَدَمَيْهِ وإلْيَتَهِ ثُمَّ يَنْهَضُ مُكَبِّراً مُعْتَمِداً عَلَى رُكْبَتَيْهِ ( ) .

ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ ؛ إلاَّ في النِّيَّةِ والاسْتِفْتَاحِ رِوَايَةٌ واحِدَةٌ والاسْتِعَاذَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ( ) .

فَإِنْ كَانَ / 26 و / في صَلاَةٍ – هِيَ رَكْعَتَانِ – جَلَسَ مُفْتَرِشاً ، وجَعَلَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ اليُمْنَى ؛ يَقْبِضُ مِنْهَا الخُنْصُرَ والبُنْصُرَ ويُحَلِّقُ الإبْهَامَ مَعَ الوُسْطَى ، ويُشِيْرُ بالسَّبَّابَةِ في التَّشَهُّدِ مِرَاراً ، ويَبْسُطُ اليَدَ اليُسْرَى مُجْتَمِعَةً – مَضْمُومَةَ الأصَابِعِ – عَلَى الفَخِذِ اليُسْرَى ، ويَتَشَهَّدُ ، فَيَقُولُ : (( التَّحِيَّاتُ للهِ ، والصَّلَوَاتُ ، والطَّيِّبَاتُ ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ ، أَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ )) ( ) .

ثُمَّ يَأْتِي بالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ، فَيَقُوْلُ : (( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيْمَ ، إنَّكَ [ حَمِيْدٌ ] ( ) مَجِيْدٌ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحَمَّد ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيْمَ ، في العَالَمِيْنَ إنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ )) ( ) . وعَنْهُ أنَّهُ يَقُولُ : كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيْمَ وآلِ إبْرَاهِيْمَ )) ، وكَذَلِكَ : (( كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ آلِ إِبْرَاهِيْمَ )) ( ) .

وَيُسْتَحَبُّ أنْ يَسْتَعِيْذَ ، فَيَقُوْلَ : (( اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ، ومِنْ عَذَابِ القَبْرِ ومِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ ، ومِنْ فِتْنَةِ المَسِيْحِ الدَّجَّالِ )) ( ) . ثُمَّ يَدْعُو فَيَقُوْلُ : (( اللَّهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ مِنَ الخَيْرِ كُلِّهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، ومَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، ومَا لَمْ أعْلَمْ . اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ. اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الجَنَّةَ، ومَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وعَمَلٍ ، وأعَوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ ، ومَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وعَمَلٍ . رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوْبَنَا ، وكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ، وتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ ، وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ ، ولاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ ، إنَّكَ لاَ تُخْلِفُ المِيْعَادَ )) ( ) .

ولا يَدْعُو في صَلاَتِهِ إلاَّ بِمَا وَرَدَ في الأَخْبَارِ . وقَدْرُ الإجْزَاءِ مِنْ ذَلِكَ : التَّشَهُّدُ والصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ إلى : (( حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ )) عَلَى الصَّحِيْحِ مِنَ المَذْهَبِ . ثٌمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيْمَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا الخُرُوْجُ مِنَ الصَّلاَةِ / 27 ظ / وهلْ نِيَّةُ الخُرُوجِ وَاجِبَةٌ ، أمْ لاَ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ( ) . فَإِنْ نَوَى بالسَّلامِ عَلَى الحَفَظَةِ ، أو الإِمَامِ ، أو المَأْمُوْمِيْنَ ، وَلَمْ يَنْوِ الخُرُوجَ ، فَقَالَ : ابنُ حَامِدٍ ( ) : تَبْطُلُ صَلاَتُهُ . ونَصَّ أَحْمَدُ – رَحِمَهُ اللهُ – : لا تَبْطُلُ .

ولا يَجُوزُ الخُرُوجُ مِنَ الصَّلاَةِ بِغَيْرِ السَّلاَمِ. وتَجِبُ التَّسْلِيْمَتَانِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنَ، والأُخْرَى : أنَّ الثَّانِيَةَ سُنَّةٌ ( ). وقَدْرُ الوَاجِبِ: (( السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ )) ( ) ، وَقَالَ شَيْخُنَا ( ) : إنْ تَرَكَ : (( رَحْمَةُ اللهِ )) أجْزَأَهُ ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ في صَلاَةِ الجَنَازَةِ . ثُمَّ ثُمَّ يَسْتَقْبِلِ المَأْمُومِيْنَ بِوَجْهِهِ بَعْدَ السَّلاَمِ في الفَجْرِ والعَصْرِ ؛ لأنَّهُ لاَ صَلاَةَ بَعْدَهُمَا ، ويَقُولُ : (( لاَ إِلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ يُحْيِي ويُمِيْتُ وَهوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ عُمُرِي آخِرَهُ ، وخَيْرَ عَمَلِي آخِرَهُ ، وخَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاكَ )) ، ويَدْعُو بِمَا يَجُوزُ مِنْ أمْرِ الدِّيْنِ والدُّنْيَا .

وإنْ كَانَ في صَلاَةِ المَغْرِبِ أو رُبَاعِيَّةٍ ، جَلَسَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ – مُفْتَرِشاً – وأَتَى بالتَّشَهُّدِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ . فإنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ ، وقَامَ إلى الثَّالِثَةِ رَجَعَ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدِ انْتَصَبَ قَائِماً ، فإنِ انْتَصَبَ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ الرُّجُوعِ ، فَإِنْ شَرَعَ في القِرَاءةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ . ثُمَّ يُصَلِّي بَقِيَّةَ صَلاَتِهِ مِثْلَ الثَّانِيَةِ ؛ إلاَّ أنَّهُ لا يَقْرَأُ شَيْئاً بَعْدَ الفَاتِحَةِ .

ويَجْلِسُ في التَّشَهُّدِ الثَّانِي مُتَوَرِّكاً – يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى ويَنْصِبُ اليُمْنَى ويُخْرِجُهُمَا مِنْ تَحْتِهِ إلى جَانِبِ يَمِيْنِهِ ويَجْعَلُ إلْيَتَيْهِ عَلَى الأرْضِ – .

والمَرْأَةُ في جَمِيْعِ ذَلِكَ كَالرَّجُلِ إلاَّ أنَّهَا تَجْمَعُ نَفْسَهَا في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ ، وتَسْدِلُ رِجْلَهَا في الجُلُوسِ ؛ فَتَجْعَلهُمَا في جَانِبِ يَمِيْنِهَا ، أو تَجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً .

ولاَ يَقْنُتِ المُصَلِّي في شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ ، إلاَّ في الوِتْرِ . فَإِنْ نَزَلَتْ بِالمُسْلِمِيْنَ

نَازِلَةٌ ؛ جَازَ لأَمِيْرِ الجَيْشِ أنْ يَقْنُتَ في الفَجْرِ والمَغْرِبِ بَعْدَ الرُّكُوعِ ، ويَقُولُ ما قَالَهُ

النَّبِيُّ في دُعَائِهِ ( ) ، ونَحْوَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لآحَادِ .

ولاَ تُكْرَهُ قِرَاءةُ أَوَاخِرِ السُّوْرَةِ في صَلاَتِهِ في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، ويُكْرَهُ في الأُخْرَى ( ).

 

بَابُ شَرَائِطِ الصَّلاَةِ وأَرْكَانِهَا ووَاجِبَاتِهَا /28 و/ ومَسْنُونَاتِهَا وهَيْئَاتِهَا

شَرَائِطُ الصَّلاَةِ مَا يَجِبُ لَهَا قَبْلَهَا ، وَهِيَ سِتَّةُ أشْيَاءَ :

دُخُولُ الوَقْتِ ، والطَّهَارَةُ ، والسِّتَارَةُ ، والمَوْضِعُ ، واسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ ، والنِّيَّةُ .

وأَرْكَانُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ :

القِيَامُ ، وتَكْبِيْرَةُ الإِحْرَامِ ، وقِرَاءةُ الفَاتِحَةِ ، والرُّكُوعُ ، والطُّمَأْنِيْنَةِ فِيْهِ ، والاعْتِدَالُ عَنْهُ ، والطُّمَأْنِيْنَةُ فِيْهِ ، والجَلْسَةُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ، والطُّمَأْنِيْنَةِ فِيْهِ ، والتَّشَهُّدُ الأَخِيْرِ ، والجُلُوسُ لَهُ ، والصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ ، والتَّسْلِيْمَتَانِ ، وتَرْتِيْبُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا .

وَوَاجِبَاتُهَا تِسْعَةٌ :

التَّكْبِيْرُ – غَيْرُ تَكْبِيْرَةُ الإِحْرَامِ، والتَّسْمِيْعُ ( )، والتَّحْمِيْدُ ( ) في الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، والتَّسْبِيْحُ في الرُّكُوْعِ والسُّجُودِ : مَرَّةً مَرَّةً ( ) ، وَسُؤَالُ المَغْفِرَةِ في الجَلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَرَّةً ، والتَّشَهُّدُ الأَوَّلُ ، والجُلُوسُ لَهُ ، ونِيَّةُ الخُرُوجِ مِنَ الصَّلاَةِ في سَلاَمِهِ .

ومَسْنُونَاتُهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ :

الافْتِتَاحُ ، والتَّعَوُّذُ ، وقِرَاءةُ : (( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ )) ، وقَولُ : (( آمِيْنَ )) وقِرَاءةُ السُّوْرَةِ ، وقَوْلُ : (( مِلءَ السَّمَاءِ )) بَعْدَ التَّحْمِيْدِ ، ومَا زَادَ عَلَى التَّسْبِيْحَةِ الواحِدَةِ في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ ، وعَلَى المَرَّةِ في سُؤَالِ المَغْفِرَةِ ، والسُّجُودُ عَلَى أنْفِهِ ، وجَلْسَةُ الاسْتِرَاحَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيْهِمَا ( ) ، والتَّعَوُّذُ ، والدُّعَاءُ بَعْدَ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ في التَّشَهُّدِ الأَخِيْرِ ، والقُنُوتُ في الوِتْرِ ، والتَّسْلِيْمَةُ الثَّانِيَةُ في رِوَايَةٍ .

وَهَيْئَاتُهَا ، وَهِيَ مَسْنُونَةٌ ؛ إلاَّ أنَّهَا صِفَةٌ في غَيْرِهَا ، فَسُمِّيَتْ : هَيْأَةً ، وَهِيَ خَمْسٌ وعِشْرُوْنَ :

رَفْعُ اليَدَيْنِ عِنْدَ الافْتِتَاحِ ، والرُّكُوعِ ، والرفْعِ مِنْهُ ، وإرْسَالُهُمَا بَعْدَ الرَّفْعِ ، ووَضْعُ اليَمِيْنِ عَلَى الشِّمَالِ وَجَعْلُهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ ، والنَّظَرُ إلى مَوْضِعِ سُجُوْدِهِ ، والجَهْرُ ، والإسْرَارُ بالقِرَاءةِ والتَّأْمِيْنِ ، ووَضْعُ اليَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ في الرُّكُوعِ ، ومَدُّ الظَّهْرِ ، ومُجَافَاةُ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِيْهِ ، والبِدَايَةُ بِوَضْعِ الرُّكْبَةِ ، ثُمَّ اليَدِ في السُّجُودِ ، ومُجَافَاةُ البَطْنِ عَنِ الفَخِذَيْنِ ، والفَخِذَيْنِ عَنِ السَّاقَيْنِ فِيْهِ ، والتَّفْرِيْقُ / 29 ظ / بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ ، وَوَضْعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ ، والافْتِرَاشُ في الجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ، وفي التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ ، والتَّوَرُّكِ في التَّشَهُّدِ الثَّانِي ، ووَضْعُ اليَدِ اليُمْنَى عَلَى الفَخِذِ اليُمْنَى مَقْبُوضَةً مُحَلَّقَةً ، والإشَارَةُ بالسَّبَّاحَتَيْنِ ( ) ، وَوَضْعُ اليُسَرَى عَلَى الفَخِذِ اليُسْرَى مَبْسُوطَةً .

فَإِنْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ؛ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاَتُهُ .

وإِنْ تَرَكَ رُكْناً ، فَلَمْ يَذْكُرْ ، حَتَّى سَلَّمَ ، بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ، سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْداً أوْ سَهْواً ، وإنْ تَرَكَ وَاجِباً عَمْداً ؛ فَحُكْمُهُ حُكْمُ تَرْكِ الرُّكْنِ ، وإنْ تَرَكَهُ سَهْواً ، سَجَدَ للسَّهْوِ ، وإنْ تَرَكَ سُنَّةً أوْ هَيْأَةً ، لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ بِحَالٍ ، وهَلْ يُسْجَدُ للسَّهْوِ ، يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) .

بَابُ صَلاَةِ التَّطَوُّعِ

أَفْضَلُ تَطَوُّعِ البَدَنِ الصَّلاَةُ ، وآكَدُهَا ما سُنَّ لَهَا الجَمَاعَةُ ، كَصَلاَةِ الكُسُوفِ ، والاسْتِسْقَاءِ ، والتَّرَاوِيْحِ ، وبَعْدَ ذَلِكَ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ ، قَبْلَ الفَجْرِ رَكْعَتَانِ ، وقَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَانِ ، وبَعْدَهَا رَكْعَتَانِ ، وقَبْلَ العَصْرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ ، وبَعْدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَانِ ، وبَعَدَ العِشَاءِ رَكْعَتَانِ ( ) والوِتْرُ ( ) وأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ ، وأَفْضَلُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ، يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ، ويُوتِرُ بِرَكْعَةٍ ، وأَدَنَى الكَمَالِ ، ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيْمَتَيْنِ ، يَقْرَأُ في الأُوْلَى

– بَعْدَ الفَاتِحَةِ – بـ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ( ) ، وفي الثَّانِيَةِ : قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُوْنَ ( )، وفي الثَّالِثَةِ: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ( )، ثُمَّ يَقْنُتُ فِيْهَا بَعْدَ الرُّكُوعِ ( )، ويَرْفَعُ يَدَيْهِ ، فَيَقُولُ : (( اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِيْنُكَ ، وَنَسْتَهْدِيْكَ ، ونَسْتَغْفِرُكَ ، ونَتُوبُ إِلَيْكَ ، وَنُؤْمِنُ بِكَ ، ونَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ ، ونَثْنِي عَلَيْكَ الخَيْرَ كُلَّهُ ، ونَشْكُرُكَ ، ولاَ نَكْفُرُكَ ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ ، وإلَيْكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ ، وإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ( ) ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ ، ونَخْشَى عَذَابَكَ ، إنَّ عَذَابَكَ الجِدُّ بالكُفَّارِ مُلْحِقٌ ( ) ، اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْك ، إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ولاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ ( ) ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ )) ( ) / 30 و / . وهَلْ يُمِرُّ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) .

والوِتْرُ آكَدُ مِنْ جَمِيْعِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ ؛ لأنَّهُ مُخْتَلَفٌ في وُجُوبِهِ ( ) .

وَقَالَ أبو بَكْرٍ ( ) في " التَّنْبِيه " : هُوَ وَاجِبٌ ، وقَدْ أوْمَأَ إِلَيْهِ إمَامُنَا وَوَقْتُهُ مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ العِشَاءِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ الثَّانِي . وَقَالَ شَيْخُنَا : آكَدُهَا َكْعَتَا الفَجْرِ ، وَوَقْتُهَا مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ إلى أنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ .

ويَقُومُ في رَمَضَانَ بِعِشْرِيْنَ رَكْعَةً في جَمَاعَةٍ ، ويُوْتِرُ بَعْدَهَا في الجَمَاعَةِ . فَإِنْ كَانَ لَهُ تَهْجَّدٌ جَعَلَ الوِتْرَ بَعْدَهُ ، فَإِنْ أَحَبَّ مُتَابَعَةَ الإِمَامِ أَوْتَرَ مَعَهُ ، فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ فَضَمَّ إلى الوِتْرِ رَكْعَةً أُخْرَى ، وكَذَلِكَ يَفْعَلُ إذَا أَعَادَ المَغْرِبَ .

ويُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بَيْنَ التَّرَاوِيْحِ ( ) ، ويُكْرَهُ التَّعْقِيْبُ : وَهوَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ التَّرَاوِيْحِ والوِتْرِ نَافِلَةً أُخْرَى في جَمَاعَةٍ .

وأَفْضَلُ التَّهَجُّدِ وَسَطُ اللَّيْلِ ، والنِّصْفُ الآخَرُ مِنَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ الأَوَّلِ . وتَطَوَّعُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ النَّهَارِ، وأَفْضَلُهُ أنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وفِعْلُهُ سِرّاً أَفْضَلُ مِنْ إِظْهَارِهِ.

وأَدْنَى صَلاَةِ الضُّحَى رَكْعَتَانِ وَأَفْضَلُهَا ثَمَانٍ . ووَقْتُهَا إِذَا عَلَتِ الشَّمْسُ واشْتَدَّ حَرُّهَا ، ولاَ تُسْتَحَبُّ المُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، وعِنْدِي : يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ .

ويَجُوزُ التَّنَفُّلُ جَالِساً ، والفَضِيْلَةُ في القِيَامِ . وكَثْرَةُ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ طُوْلِ القِيَامِ . وعَنْهُ : أنَّهُمَا سَوَاءَ . وَمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ قَضَاهُ .

ويُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ ، وأَرْبَعٍ بَعْدَهُ ، وأرْبَعٍ قَبْلَ العَصْرِ ، وأَرْبَعٍ بَعْدَ المَغْرِبِ ، وأَرْبَعٍ بَعْدَ العِشَاءِ ، ويَصِحُّ الَّطَوُّعُ بِرَكْعَةٍ ، وعَنْهُ : لا يَصِحُّ .

 

بَابُ مَا يُبْطِلُ الصَّلاةَ وَمَا يُعْفَى عَنْهُ فِيْهَا

إذَا دَخَلَ في الصَّلاَةِ ثُمَّ قَطَعَ النِّيَّةَ أو عَزَمَ عَلَى قَطْعِهَا بَطَلَتْ ، وَإِنْ تَرَدَّدَ هَلْ يَقْطَعُهَا أمْ لاَ ؟ فَعَلَى وَجْهَيْنِ :

وتَبْطُلُ إِنْ تَرَكَ شَرْطاً مِنْ شَرَائِطِهَا أو رُكْناً مِنْ أَرْكَانِهِا عَمْداً كَانَ ذَلِكَ أو سَهْواً . وإِذَا سَبَقَهُ الحَدَثُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ . وعَنْهُ : أنَّهُ يَتَوَضَّأُ ويَبْنِي . وَإِذَا زَادَ رُكُوعاً أو سُجُوداً أو قِيَاماً أَو قُعُوداً عَامِداً بَطَلَتْ صَلاَتُهُ . وَإِنْ كَرَّرَ الفَاتِحَةَ لَمْ تَبْطِلْ . وإنْ جَمَعَ بَيْنَ سُوَرٍ في النَّافِلَةِ لَمْ يُكْرَهْ ، وفي الفَرِيْضَةِ يُكْرَهُ / 31 و / وَقِيْلَ : لاَ يُكْرَهُ . وإنْ تَكَلَّمَ عَامِداً بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ، وسَهْواً عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) . وكَذَلِكَ إنْ قَهْقَهَ أو انْتَحَبَ أو نَفَخَ أو تَنَحْنَحَ فَبَانَ حَرْفَانِ لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ . فَإِنْ تَأَوَّهَ أو أَنَّ أو بَكَى لِخَوْفِ اللهِ تَعَالَى لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ.

والعَمَلُ المُسْتَكْثَرُ في العَادَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ . وَلَهُ أنْ يَرُدَّ المَارَّ بَيْن يَدَيْهِ ، ويَعُدَّ الآي والتَّسْبِيْحَ ، ويَنْظُرَ في المُصْحَفِ ، ويَقْتُلَ الحَيَّةَ والعَقْرَبَ والقَمْلَةَ ، ويَرُدَّ السَّلاَمَ بالإِشَارَةِ ، ويَلْبَسَ الثَّوْبَ ويَلُفَّ العِمَامَةَ مَا لَمْ يُطِلْ . فَإِنْ طَالَ أَبْطَلَ إلاَّ أنْ يَفْعَلَهُ مُتَفَرِّقاً . وإنْ أَكَلَ أو شَرِبَ عَامِداً بَطَلَتْ صَلاَةٌ الفَرِيْضَةِ ، وهَلْ تَبْطُلُ النَّافِلَةُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) ، وإِنْ كَانَ سَاهِياً لَمْ تَبْطُلْ . وإنِ التَفَتَ أو رَفَعَ بَصَرَهُ إلى السَّمَاءِ أو فَرْقَعَ أَصَابِعَهُ أو عَبَثَ أو شَبَكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ أو تَخَصَّرَ أو تَرَوَّحَ أو لَمَسَ لِحْيَتَهُ كُرِهَ ذَلِكَ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ . ويُكْرَهُ أنْ يَدْخُلَ في الصَّلاَةِ وَهوَ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْنِ أو تُنَازِعُهُ نَفْسُهُ إلى الطَّعَامِ ، فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَتْهُ صَلاَتُهُ . وإِذَا بَدَرَهُ البُصَاقُ وَهوَ في المَسْجِدِ بَصَقَ في ثَوْبِهِ وحَكَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ، وإنْ كَانَ في غَيْرِ المَسْجِدِ بَصَقَ عَنْ يَسَارِهِ أو تَحْتَ قَدَمِهِ .

وإِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَارٌّ وَبَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ مِثْلُ أَخَرَةِ الرَّحْلِ لَمْ يُكْرَهْ ، وكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً فَخَطَّ بَيْنَ يَدَيَهِ خَطّاً ، وإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ الكَلْبُ الأَسْودُ البَهِيْمُ قَطَعَ صَلاَتَهُ ، وفي المَرْأَةِ والحِمَارِ رِوَايَتَانِ ( ) ، وسُتْرَةُ الإِمَامِ سُتْرَةُ المَأْمُوْمِ .

وإِذَا نَابَهُ شَيْءٌ في صَلاَتِهِ مِثْلُ أنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ أو يَسْهُوَ إِمَامُهُ أو يَخْشَى عَلَى ضَرِيْرٍ أنْ يَقَعَ في بِئْرٍ ، فَإِنَّهُ يُسَبِّحُ ، وإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً صَفَّقَتْ بِبَطْنِ رَحَتِهَا عَلَى ظَهْرِ كَفِّهَا الأُخْرَى . ويَجُوزُ لَهُ إذَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ أنْ يَسْأَلَهَا ، وإِذَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ عَذَابٍ أنْ يَسْتَعِيْذَ مِنْهَا ، وعَنْهُ : أنَّهُ يُكْرَهُ في الفَرِيْضَةِ .

 

بَابُ سُجُوْدِ التِّلاَوَةِ والشُّكْرِ

سُجُوْدُ التِّلاَوَةِ سُنَّةٌ في حَقِّ القَارِئِ والمُسْتَمِعِ دُوْنَ السَّامِعِ . وَهُوَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ

سَجْدَةً : في الأَعْرَافِ ، والرَّعْدِ / 32 و / والنَّحْلِ ، وسُبْحَانَ ( ) ، ومَرْيمَ ، وفي الحَجِّ سَجْدَتَانِ ، والفُرْقَانِ والنَّمْلِ ، والـم * تَنْزِيْلُ ، وحم : السَّجْدَةِ والنَّجْمِ والانْشِقَاقِ ، واقْرَأْ بِسْمِ رَبِّكَ . وسَجْدَةُ ( ص ) سَجْدَةُ شُكْرٍ ، وعَنْهُ : أنَّهَا مِنْ عَزَائِمِ السُّجُوْدِ .

ويُسْتَحَبُّ سُجُوْدُ الشُّكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ وانْدِفَاعِ النِّقَمِ . وحُكْمُ السُّجُودِ حُكْمُ صَلاَةِ التَّطَوُّعِ في اعْتِبَارِ القِبْلَةِ وسَائِرِ الشَّرَائِطِ . ومَنْ سَجَدَ للتِّلاَوَةِ في الصَّلاَةِ كَبَّرَ في السُّجُودِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ شَيْخُنَا : لاَ يَرْفَعُ ؛ لأنَّ مَحَلَّ الرَّفْعِ في ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ . ويُكَبِّرُ للرَّفْعِ مِنْهُ ويَجْلِسُ ويُسَلِّمُ ولاَ يَقْتَصِرُ إلى تَشَهُّدٍ .

وَعَنْهُ : يُكْرَهُ للإمَامِ قِرَاءةُ السَّجْدَةِ في صَلاَةٍ لا يَجْهَرُ فِيْهَا ، فَإِنْ قَرَأَ لَمْ يَسْجُدْ ، وإِنْ سَجَدَ فالْمَأْمُوْمُ بالخِيَارِ بَيْنَ أنْ يَتْبَعَهُ أو يَتْرُكَ ، وإِذَا لَمْ يَسْجُدِ التَّالِي لَمْ يَسْجُدِ المُسْتَمِعُ ، ويُكْرَهُ اخْتِصَارُ السُّجُودِ : وَهُوَ أنْ يَجْمَعَ السَّجَدَاتِ فَيَرَأَهَا في وَقْتٍ وَاحِدٍ ، ولاَ يَسْجُدُ للشُّكْرِ وَهُوَ في الصَّلاَةِ .

 

بَابُ سُجُوْدِ السَّهْوِ

إِذَا شَكَّ المُصَلِّي في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بَنَى عَلَى اليَقِيْنِ إنْ كَانَ مُنْفَرِداً، وإِنْ كَانَ إِمَاماً فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ ، أَصَحُّهُمَا : أنَّهُ يَبْنِي عَلَى اليَقِيْنِ ، والثَّانِيَةُ : يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ ، فَإِنِ اسْتَوَى عِنْدَهُ الأَمْرَانِ عُمِلَ عَلَى اليَقِيْنِ وَأَتَى بِمَا بَقِيَ وسَجَدَ للسَّهْوِ . وإِذَا زَادَ في صلاَتِهِ رُكُوعاً أو سُجُوْداً أو قِيَاماً أو جُلُوْساً سَاهِياً سَجَدَ للسَّهْوِ ، أو أتَى بالتَّشَهُّدِ في قِيَامِهِ وَمَا أَشْبَهَهُ ، فَهَلْ يَسْجُدُ للسَّهْوِ أمْ لاَ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) .

وإِذَا قَامَ إلى ثَالِثَةٍ في صَلاَةِ الفَجْرِ أو إلى رَابِعَةٍ في المَغْرِبِ أو إلى خَامِسَةٍ في بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ ، ثُمَّ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يَعُوْدُ إلى تَرْتِيْبِ صَلاَتِهِ ، فَيَنْظُرُ إِنْ كَانَ قَدْ سَهَا عَقِبَ الثَّانِيَةِ مِنَ الفَجْرِ والثَّالِثَةَ مِنَ المَغْرِبِ أو الرَّابِعَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ سَجَدَ للسَّهْوِ وسَلَّمَ ، وكَذَلِكَ إِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ ، وَإِنْ لَمْ / 33 ظ / يَكُنْ قَدْ تَشَهَّدَ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ وسَجَدَ للسَّهْوِ وسَلَّمَ . فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أنْ فَزَعَ مِنَ الصَّلاَةِ سَجَدَ للسَّهْوِ عَقِيْبَ ذِكْرِهِ ، وصَلاَتُهُ مَاضِيَةٌ . فَإِنْ سَبَّحَ بِهِ اثْنَانِ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وصَلاَةُ مَنْ خَلْفَهُ إنِ اتَّبَعُوهُ ، فَإِنْ فَارَقُوهُ وَسَلَّمُوا صَحَّتْ صَلاَتُهُمْ ( ) .

وَمَتَى قَامَ إلى الرَّكْعَةِ فَذَكَرَ قَبْلَ الشُّرُوْعِ في قِرَاءتِهَا أنَّهُ قَدْ تَرَكَ رُكْناً مِنْ أَرْكَانِهَا الَّتِي قَبْلَهَا ، لَزِمَهُ أنْ يَعُودَ فَيَأْتِي بِمَا تَرَكَهُ ثُمَّ يَأْتِي بِمَا بَعْدَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بِجَمِيْعِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ المَتْرُوْكِ . وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ شُرُوعِهِ في قِرَاءتِهَا ، صَارَتِ الرَّكْعَةُ أَوَلِيَّةً ، وبَطَلَ ما فَعَلَهُ قَبْلَهَا .

وإِنْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أرْبَعِ رَكَعَاتٍ ، وذَكَرَ وَهُوَ في التَّشَهُّدِ ، سَجَدَ سَجْدَةً في الحَالِ ، يُصْبِحُ لَهُ بِهَا رَكْعَةً ، وقَامَ فَأَتَى بِثَلاَثِ رَكَعَاتٍ ، وتَشَهَّدَ ، وسَجَدَ للسَّهْوِ وسَلَّمَ . وعَنْهُ : أنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الصَّلاَةَ ( ) .

وإِذَا تَرَكَ رُكْناً ثُمَّ ذَكَرَ وَهُوَ في الصَّلاَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ ، بَنَى عَلَى اليَقِيْنِ وأَطْرَحَ الشَّكَّ .

وإِذَا شَكَّ هَلْ سَهَا سَهْوَيْنِ أو أَكْثَرَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ؛ كَفَاهُ لِلْجَمِيْعِ سَجْدَتَانِ . وإِنْ كَانَ السَّهْوُ مِنْ جِنْسَيْنِ ، فَقَالَ : أبو بَكرٍ ( ) : فِيْهَا وَجْهَانِ :

أَحَدُهُمَا : تُجْزِيْهِ سَجْدَتَانِ .

والآخَرُ : يَسْجِدُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَيْنِ ( ) .

وإِذَا سَهَا خَلْفَ الإِمَامِ ، لَمْ يَسْجُدْ ، وإِنَّمَا سَهَا إمَامُهُ ، سَجَدَ مَعَهُ ، فَإِنْ تَرَكَ الإِمَامُ السُّجُودَ ، فَهَلْ يَسْجُدُ المَأْمُومُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) .

وسُجُودُ السَّهْوِ وَاجِبٌ ، ومَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلاَمِ إلاَّ أنْ يُسَلِّمَ مِنْ نُقْصَانٍ ، أو يَتَحَرَّى الإِمَام ، فَيَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلاَمِ ، وعَنْهُ: إنْ كَانَ السَّهْوُ مِنْ نُقْصَانٍ ، فَمَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلاَمِ ، ومِنْ زِيَادَةٍ فَمَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلاَمِ ، وعَنْهُ : أنَّ مَحَلَّ الجَمِيْعِ قَبْلَ السَّلاَمِ ( ) .

وإِذَا نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ في مَحَلِّهِ ، سَجَدَ مَا لَمْ يَتَطَاوَلِ الزَّمَانُ ، ويَخْرُجْ مِنَ المَسْجِدِ ، وإنْ تَكَلَّمَ ، وعَنْهُ : أنَّهُ يَسْجُدْ ، وإنْ خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ وتَبَاعَدَ ( ) .

فَإِنْ تَرَكَ سُجُوْدَ السَّهْوِ المَرْفُوعِ ( ) قَبْلَ السَّلاَمِ عَامِداً ، بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ، وإنْ تَرَكَهُ نَاسِياً لَمْ تَبْطُلْ ، وإنْ تَرَكَ المَشْرُوْعَ بَعْدَ السَّلاَمِ لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ ، سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْداً أو سَهْواً . وإِذَا سَجَدَ للسَّهْوِ بَعْدَ السَّلاَمِ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ .

وحُكْمُ النَّافِلَةِ حُكْمُ الفَرِيْضَةِ في سُجُوْدِ السَّهْوِ . وإذَا تَعَمَّدَ تَرْكَ مَا شُرِّعَ لأَجْلِهِ سُجُودُ السَّهْوِ لَمْ يَسْجُدْ لَهُ .

 

بَابُ الأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلاَةِ فِيْهَا

وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ :

بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وعِنْدَ طُلُوعِهَا حَتَّى تَرْتَفِعَ قَدْرَ رُمْحٍ . وعِنْدَ قِيَامِهَا حَتَّى تَزُوْلَ . وبَعْدَ صَلاَةِ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. وعِنْدَ غُرُوْبِهَا حَتَّى تَتَكَامَلَ .

ولاَ يُتَطَوَّعُ في هَذِهِ الأوْقَاتِ بِصَلاَةٍ لاَ سَبَبَ لَهَا ، وسَوَاءٌ في ذَلِكَ مَكَّةُ وَيَوْمُ الجُمُعَةِ وغَيْرُهُمَا .

فَأَمَّا مَا لَهَا سَبَبٌ كَصَلاَةِ الكُسُوفِ ، والاسْتِسْقَاءِ ، ورَكْعَتَي الفَجْرِ ، وتَحَيَّةِ المَسْجِدِ ، ورَكْعَتَي الطَّوَافِ ، وسُجُودِ التِّلاَوَةِ والشُّكْرِ ، والوِتْرِ إِذَا فَاتَ ، وإِذَا حَضَرَتِ الجَمَاعَةُ مَعَ إمَامِ الحَيِّ ، وَقَدْ كَانَ صَلَّى فَإِنَّهُ يَفْعَلُ رَكْعَتَي الفَجْرِ قَبْلَ الفَجْرِ ، ورَكْعَتَي الطَّوَافِ حِيْنَ الطَّوَافِ ويُعِيْدُ الجَمَاعَةَ ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، وهَلْ يَفْعَلُ بَاقِيْهَا أمْ لاَ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ : أصَحُّهُمَا : أنَّهُ يَفْعَلُهَا ( ).

وأَمَّا الفَرَائِضُ فَإِنَّهُ يُؤَدِّهَا ويَقْضِيْهَا في جَمِيْعِ الأَوْقَاتِ .

ويُصَلَّى عَلَى الجَنَازَةِ بَعْدَ الفَجْرِ، وبَعْدَ العَصْرِ، وفي بَقِيَّةِ الأَوْقَاتِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) ، فَإِذَا أُقِيْمَتِ الصَّلاَةُ ، فَلاَ يُصَلِّي غَيْرَ الَّتِي أُقِيْمَتْ ، سَوَاءٌ خَشِيَ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ الأُوْلَى ، أو لَمْ يَخْشَ .

 

بَابُ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ

الجَمَاعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الأَعْيَانِ لِكُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ . ولَيْسَتْ شَرْطاً ( ) في الصِّحَّةِ . ومِنْ شَرْطِهَا أنْ يَنْوِيَ الإِمَامُ والمَأْمُومُ حَالَهُمَا ( ) . ويَجُوْزُ فِعْلُهَا في بَيْتِهِ ، وعَنْهُ : أنَّ حُضُوْرَ المَسْجِدِ وَاجِبٌ . وفِعْلُهَا فِيْمَا كَثُرَ فِيْهِ الجَمْعُ مِنَ المَسَاجِدِ أَفْضَلُ ، لا أنْ يَكُوْنَ ذُو الجَمْعِ القَلِيْلِ عَتِيْقاً ، فَفِعْلُهَا فِيْهِ أَفْضَلُ ( ) . فَإِنْ كَانَ في جِوَارِهِ مِسْجِدٌ لا تَنْعَقِدُ الجَمَاعَةُ فِيْهِ إلاَّ بِحُضُوْرِهِ ، فَفِعْلُهَا فِيْهِ أَفْضَلُ . وإِنْ كَانَ الجَمَاعَةُ تُقَامُ فِيْهِ فَأَيُّمَا أَفْضَلُ قَصْدُهُ أو قَصْدُ الأَبْعَدِ ؟  عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) .

فَإِنْ كَانَ البَلَدُ أَحَدَ ثُغُورِ المُسْلِمِيْنَ ، فَالأَفْضَلُ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ؛ لأَنَّهُ أَعْلَى لِلْكَلِمَةِ ، وأَوْقَعُ لِلْهَيْبَةِ .

ويُكْرَهُ إعَادَةُ الجَمَاعَةِ في المَسْجِدِ الحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ ( ) ، ولاَ يُكْرَهُ في بَقِيَّةِ المسَاجِدِ .

وإِذَا كَانَ لِلْمَسْجِدِ إِمَامٌ / 30 ظ / رَاتِبٌ ، لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ أنْ يَؤُمَّ قَبْلَهُ ؛ إلاَّ أنْ يَأْذَنَ ، أو يَتَأَخَّرَ لِعُذْرٍ ( ) . وإذَا صَلَّى في المَسْجِدِ ثُمَّ حَضَرَ إِمَامُ الحَيِّ اسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَةُ الجَمَاعَةِ مَعَهُ إلاَّ المَغْرِبَ ، وعَنْهُ ( ) : أنَّهُ يُعِيْدُهَا أَيْضاً ، ويُشْفِعُهَا بِرَابِعَةٍ .

ومَنْ أَحْزَمَ مُنْفَرِداً ، ثُمَّ نَوَى مُتَابَعَةَ الإمَامِ ؛ لَمْ يَجُزْ في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى: أنَّهُ يُكْرَهُ ويُجْزِئُهُ ( ) ، ولاَ فَرْقَ بَيْنَ أنْ يَكُونَ قَدْ صَلَّى رَكْعَةً ، ثُمَّ أتَمَّ أو أَقَلَّ أو أكْثَرَ . فَإِنْ نَوَى الإِمَامَةَ لَمْ تَصِحَّ . وَقِيْلَ : يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ كَالَّتِي قَبْلَهَا . وَقِيْلَ : يَصِحُّ في النَّفْلِ ، ولاَ يَصِحُّ في الفَرْضِ . فَإِنْ أحْرَمَ مَعَ الإِمَامِ ثُمَّ أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنِ الجَمَاعَةِ – يَنْوِي مُفَارَقَتَهُ لِعُذْرٍ – فَأَتَمَّ مُنْفَرِداً جَازَ . وإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ في أصَحِّ القَوْلَيْنِ . ومَنْ كَبَّرَ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ الإمَامُ فَقَدْ أدْرَكَ الجَمَاعَةَ ، وَهُوَ عَلَى تَكْبِيْرَتِهِ ( ) ومَنْ أَدْرَكَهُ في الرُّكُوعِ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ ، وعَلَيْهِ تَكْبِيْرَتَانِ للافْتِتَاحِ والرُّكُوعِ ، فَإِنْ كَبَّرَ وَاحِدَةً ونَوَاهُمَا لَمْ يُجْزِهِ ، وعَنْهُ أنَّهُ يُجْزِيْهِ ( ) .

وَمَا أَدْرَكَ المَأْمُومُ مَعَ الإِمَامِ فَهُوَ آخِرُ صَلاَتِهِ ، ومَا يَقْضِيْهِ فَهُوَ أَوَّلُهَا ، يَأْتِي فِيْهِ بالافْتِتَاحِ والتَّعَوُّذِ وقِرَاءةِ السُّوْرَةِ . ولاَ تَجِبُ القِرَاءةُ عَلَى المَأْمُومِ ، ويُسْتَحَبُّ لَهُ أنْ يَقْرَأَ بالحَمْدِ وسُوْرَةٍ في سَكَتَاتِ الإمَامِ ، وفِيْمَا لاَ يُجْهَرُ فِيْهِ ، ويُكْرَهُ أنْ يَقْرَأَ فِيْمَا جَهَرَ فِيْهِ الإمَامُ ، إِذَا كَانَ يَسْمَعُهُ ، فَإِنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ لاَ يَسْمَعُ قِرَاءتَهُ لَمْ يُكْرَهْ ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِطَرَشٍ ، فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ – رَحِمَهُ اللهُ – فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أحَدُهُمَا : يُكْرَهُ ، والآخَرُ : يُسْتَحَبُّ ( ) .

وَهَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَفْتِحَ المأْمُومُ ، ويَسْتَعِيْذَ فِيْمَا يَجْهَرُ فِيْهِ الإِمَامُ أو يُكْرَهُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) .

ومَنْ حَضَرَ وَقَدْ أُقِيْمَتِ الصَّلاَةُ لَمْ يَشْتَغِلْ عَنْهَا بِنَافِلَةٍ ، وإنْ أُقِيْمَتْ وَهُوَ في النَّافِلَةِ ، وَلَمْ يَخْشَ فَوَاتَ الجَمَاعَةِ ، أَتَمَّهَا ، وإنْ خَشِيَ فَوَاتَهَا ؛ فعَلَى رِوَايَتَيْنِ :

إحْدَاهُمَا يُتِمُّهَا ، والأُخْرَى : يَقْطَعُهَا ( ) .

ومَنْ دَخَلَ في جَمَاعَةٍ فَنَقَلَهَا إلى جَمَاعَةٍ أُخْرَى لِعُذْرٍ – مِثْلُ أنْ يَكُوْنَ مَأْمُوْماً فيَسْبِقُ إِمَامَهُ الحَدَثُ فَيَخْرُجُ ويَسْتَخْلِفُهُ ؛ لِيُتِمَّ بِهِمُ الصَّلاَةَ – فَهُوَ جَائِزٌ ، وهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ : مَنْ سَبَقَهُ الحَدَثُ لاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ ( ) .

وكَذَلِكَ إنْ أَدْرَكَ نَفْسَانِ بَعْضَ الصَّلاَةِ مَعَ الإِمَامِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ أتَمَّ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ في بَقِيَّةِ الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ / 36 و / يَصِحُّ ، وفِيْهِ وَجْهٌ آخَرُ : أنَّهُ لاَ يَصِحُّ ( ) .

فَإِنْ أَحْرَمَ بِفَرِيْضَةٍ ، فَبَانَ أنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا ؛ انْقَلَبَتْ نَفْلاً ، وإِنْ أَحْرَمَ بِهَا في وَقْتِهَا ، ثُمَّ أَرَادَ قَلْبَهَا لِغَرَضٍ – نَحْوُ: أنْ يَكُونَ قَدْ أَحْرَمَ بِهَا مُنْفَرِداً، وحَضَرَتْ جَمَاعَةٌ ، فَأَرَادَ أنْ يَجْلَهَا نَفْلاً ، ثُمَّ يُصَلِّي فَرْضَهُ جَمَاعَةً – جَازَ . وإِنْ كَانَ لِغَيْرِ غَرَضٍ كُرِهُ ، وصَحَّ قَلْبُهَا ، وَقِيْلَ : لاَ يَصِحُّ لَهُ فَرْضٌ ولاَ نَفْلٌ ( ) .

فَإِنْ نَقَلَهَا إلى فَرِيْضَةٍ أُخْرَى فَاتَتْهُ ، بَطَلَتْ الصَّلاَتَانِ وَجْهاً وَاحِداً .

ولاَ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ المُفْتَرِضِ بالمُتَنَفِّلِ ، ولاَ بِمَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِمَنْ يُصَلِّي العَصْرَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، والأُخْرَى : يَصِحُّ ( ) .

فَإِنْ صَلَّى مَنْ نَوَى ( ) الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يَقْضِي الظُّهْرَ ؛ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ كَالَّتِي قَبْلَهَا . وَقَالَ الخَلاَّلُ : يَصِحُّ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ .

ومَنْ سَبَقَ إِمَامَهُ في أَفْعَالِ الصَّلاَةِ ، فَرَكَعَ أو سَجَدَ قَبْلَهُ ؛ فَعَلَيْهِ أنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ

مَعَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى لَحِقَهُ الإِمَامُ في الرُّكْنِ لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ عَلَى قَوْلِ شَيْخُنَا ( ) ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا : تَبْطُلُ ( ). فَإِنْ رَكَعَ قَبْلَهُ ، ورَفَعَ قَبْلَ أنْ يَرْكَعَ الإِمَامُ عَامِداً ، فَهَلْ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ( ). وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً أو نَاسِياً لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ ، وهَلْ يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ أمْ لاَ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) . فَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَتَيْنِ فَرَكَعَ قَبْلَهُ ، فَلَمَّا أَرَادَ أنْ يَرْكَعَ رَفَعَ ، فَلَمَّا أَرَادَ أنْ يَرْفَعَ سَجَدَ ، فَمَتَى فَعَلَ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيْمِهِ ، بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ، وإنْ فَعَلَهُ مَعَ الجَهْلِ لَمْ تَبْطُلْ ، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ .

ويُسْتَحَبُّ للإِمَامِ أنْ يُخَفِّفَ صَلاَتَهُ ( ) مَعَ إتْمَامِهَا ( ) إلاَّ أنْ يَعْلَمَ أنَّ مَنْ وَرَاءهُ يُؤْثِرُ التَّطْوِيْلَ . ويُسْتَحَبُّ لَهُ أنْ يُطِيْلَ الرَّكْعَةَ الأُوْلَى مِنْ كُلِّ صَلاَةٍ ( ) ، وإِذَا أَحَسَّ بِدَاخِلٍ وَهُوَ في الصَّلاَةِ اسْتُحِبَّ لَهُ انْتِظَارُهُ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى المَأْمُومِيْنَ ، وَقِيْلَ: لا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ ( ) .

وكُلُّ صَلاَةٍ شُرِّعَ فِيْهَا الجَمَاعَةُ للرِّجَالِ اسْتُحِبَّ للنِّسَاءِ فِعْلُهَا في جَمَاعَةٍ ، وعَنْهُ : لاَ يُسْتَحَبُّ ( ) . ولاَ يُكْرَهُ لِلْعَجَائِزِ حُضُورُ الجَمَاعَةِ مَعَ الرِّجَالِ ( ) .

 

بَابُ صِفَةِ الأَئِمَّةِ

السُّنَّةُ أَنْ يَؤُمَّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ ( ) ، فَإِنِ اسْتَوَوا فَأَفْقَهُهُمْ ، فَإِنِ / 37 ظ / اسْتَوَوا فَأَسَنَّهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوا فَأَشْرَفُهُمْ، فَإِنِ اسْتَوَوا فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانَا فَقِيْهَيْنِ قَارِئَيْنِ إلاَّ أنَّ أَحَدَهُمَا أَقْرَأُ أو أَفْقَهُ قُدِّمَ بِذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَأُ والآخَرُ أَفْقَهُ قُدِّمَ الأَقْرَأُ ( )، فَإِنِ اسْتَوَوا في جَمِيْعِ ذَلِكَ قُدِّمَ أَتْقَاهُم وَأْرَعُهُمْ، فَإِنْ تَشَاحَّا ( ) مَعَ التَّسَاوِي أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا.

وَإِمَامُ المَسْجِدِ أحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ ، وصَاحِبُ البَيْتِ أَحَقُّ مِمَّنْ عِندَهُ ، والسُّلْطَانُ أَحَقُّ مِنْهُمَا في أحَدِ الوَجْهَيْنِ ( ). والحُرُّ أَوْلَى مِنَ العَبْدِ، والحَاضِرُ أَوْلَى مِنَ المُسَافِرِ، والحَضَرِيُّ أَوْلَى مِنَ البَدَوِيِّ ( ) ، والبَصِيْرُ أَوْلَى مِنَ الأَعْمَى عِنْدِي ، وَقَالَ شَيْخُنَا : هُمَا سَوَاءٌ ( ) ، وَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ عَنْ إِمَامَةِ الأَقْطَعِ اليَدَيْنِ ، وقَالَ أبُو بَكْرٍ : لاَ تَصِحُّ إمَامَتُهُ ، وَقَالَ شَيْخُنَا : تَصِحُّ. وتُكْرَهُ إِمَامَةُ الأَقْلَفِ ( ) والفَاسِقِ ، سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ مِنْ جِهَةِ الاعْتِقَادِ ، مِثْلُ : أنْ يَعْتَقِدَ مَذْهَبُ الجَهْمِيَّةِ ( ) والمُعْتَزِلَةِ والرَّافِضَةِ تَقْلِيْداً ، ومِنَ الأَفْعَالِ مِثْلُ : أنْ

يَزْنِيَ أو يَشْرَبَ الخَمْرَ أو يَسْرِقَ . وَهَلْ تَصِحَّ إِمَامَتُهُمَا ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) . وتَصِحُّ إِمَامَةُ الصَّبِيِّ في النَّوَافِلِ ، ولاَ تَصِحُّ في الفَرَائِضِ عَلَى أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ( ) .

ولاَ تُكْرَهُ إِمَامَةُ وَلَدِ الزِّنَا والجُنْدِيِّ إِذَا أَسْلَمَا في دِيْنِهِمَا ، ولاَ تَصِحُّ إِمَامَةُ المَرْأَةِ بالرِّجَالِ ( ) . والخَنَاثَى ( ) بِحَالٍ عِنْدِي ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا : تَصِحُّ في التَّرَاوِيْحِ وَتَكُوْنُ وَرَاءهُمْ ، ولاَ تَصِحُّ إمَامَةُ الخنثيِّ بالرِّجَالِ ( ) ، ولاَ بالخَنَاثَى ، ولاَ تَصِحُّ إمَامَتُهُ بالنِّسَاءِ . ويُكْرَهُ أنْ يَؤُمَّ الرجَالُ نِسَاءً أَجَانِبَ لاَ رَجُلَ مَعَهُنَّ ( ) . ويُكْرَهُ أنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ قَوْماً وَأَكْثَرُهُمْ لَهُ كَارِهُونَ .

ولاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ خَلْفَ كَافِرٍ ولاَ أخْرَسَ ، ولا تَصِحُّ خَلْفَ نَجِسٍ ولاَ مُحْدِثٍ يَعْلَمُ بِذَلِكَ . فَإِنْ جَهِلَ هُوَ والمأْمُومُ ذَلِكَ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ ، فَصَلاَةُ المَأْمُومِ صَحِيْحَةٌ وصَلاَتُهُ بَاطِلَةٌ ( ) . ولاَ تَصِحُّ صَلاَةُ قَارِئٍ خَلْفَ أُمِّيٍّ : وَهُوَ مَنْ لاَ يُحْسِنُ الفَاتِحَةَ ، ولاَ أَرَتٍّ : وَهُوَ الَّذِي يُدْغِمُ حَرْفاً في حَرْفٍ ( )، ولاَ أَلْثَغَ: وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُ الرَّاءَ غَيْناً [و] ( ) الغَيْنَ رَاءً أو نَحْوَهُ ( ) . وتَصِحُّ صَلاَتُهُمْ بِمَنْ حَالُهُ في ذَلِكَ كَحَالِهِ . وتُكْرَهُ إِمَامَةُ الفَأْفَاءِ : وَهُوَ الَّذِي يُكَرِّرُ الفَاءَ ( ) . والتَّمْتَامَ : وَهُوَ الَّذِي يُكَرِّرُ التَّاءَ ( ) . والَّذِي لاَ يُفْصِحُ بِبَعْضِ الحُرُوفِ / 38 و / مِثْلُ : العَرَبِيِّ الَّذِي لاَ يُفْصِحُ بالقَافِ وَنَحْوِهِ ، فَإِنْ أَمُّوا صَحَّتْ إمَامَتُهُمْ . ويُكْرَهُ إِمَامَةُ اللَّحَّانِ – وإِنْ كَانَ لاَ يُحِيْلُ المَعْنَى – ، فَإِنْ أَحَالَ المَعْنَى وَكَانَ ذَلِكَ في الفَاتِحَةِ ، مِثْلُ: أنْ يَكْسِرَ الكَافَ مِنْ (( إيَّاكَ )) ، أو يَضُمَّ التَّاءَ مِنْ (( أَنْعَمْتَ )) ، ومَا أَشْبَهَهُ ، وَهُوَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى إِصْلاَحِهِ فَهُوَ كَالأُمِّيِّ ، وإِنْ قَدِرَ عَلَى إصْلاَحِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَصَلاَتُهُ وَصَلاَةُ مَنْ خَلْفَهُ بَاطِلَةٌ . وَإنْ كَانَ في غَيْرِ الفَاتِحَةِ لَمْ تَبْطُلْ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ .

ويَصِحُّ ائْتِمَامُ المُتَوَضِّيءِ بالمُتَيَمِّمِ، ولاَ يَصِحُّ ائْتِمَامُ مَنْ لاَ سَلَسَ ( ) بِهِ بِمَنْ بِهِ سَلَسٌ، ولاَ القَادِرِ عَلَى الرُّكُوعِ والسُّجُودِ بالمُوْمِيءِ ، ولاَ القَادِرِ عَلَى القِيَامِ بالعَاجِزِ عَنْهُ ، إلاَّ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ إذَا مَرِضَ إمَامُ الحَيِّ ، وكَانَ مَرَضُهُ يُرْجَى زَوَالُهُ، وإِذَا ابْتَدَأَ بِهِمْ إِمَامُ الحَيِّ الصَّلاَةَ جَالِساً صَلَّوا خَلْفَهُ جُلُوساً ( ) نَصَّ عَلَيْهِ . فَإِنْ صَلَّوا قِيَاماً صَحَّتْ صَلاَتُهُمْ ، وَقِيْلَ : لاَ تَصِحُّ . وإِنْ تَأَخَّرَ الإِمَامُ انْتَظَرُوا وَرُوْسِلَ إلاَّ أنْ يُخَافَ خُرُوجُ الوَقْتِ .

بَابُ مَوْقِفِ الإِمَامِ والمَأْمُوْمِ

السُّنَّةُ أنْ يَقِفَ المَأْمُوْمُوْنَ خَلْفَ الإِمَامِ ، فَإِنْ وَقَفُوا قُدَّامَهُ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُمْ ، فَإِنْ كَانَ المَأْمُومُ وَاحِداً وَقَفَ عَنْ يَمِيْنِهِ ، فَإِنْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ. وإِذَا كَبَّرَ عَنْ يَمِيْنِهِ وَجَاءَ آخَرُ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ مَعَهُ ، ويَخْرُجَانِ وَرَاءَ الإِمَامِ ، فَإِنْ كَبَّرَ الثَّانِي عَنْ يَسَارِهِ أَخْرَجَهُمَا بِيَدَيْهِ إلى وَرَائِهِ ، ولاَ يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ عَنْ مَوْضِعِهِ إلاَّ أَنْ يَكُوْنَ وَرَاءهُ ضَيِّقاً . وَإِذَا أَمَّ امْرَأَةً كَانَتْ خَلْفَهُ ، فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُمَا خَنَاثَى كَانُوا خَلْفَهُ والمَرْأَةُ خَلْفَهُمْ . فَإِنِ اجْتَمَعَ رِجَالٌ وصِبْيَانٌ وخَنَاثَى ، يُقَدَّمُ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ . وَإِذَا خَافَ الرَّجُلُ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ مَعَ الإِمَامِ فَكَبَّرَ فَذّاً خَلْفَ الصَّفِّ وصَلَّى رَكْعَةً كَامِلَةً لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاَتُهُ ، وإِنْ كَبَّرَ وَقَرَأَ ثُمَّ دَخَلَ في الصَّفِّ ، أو جَاءَ آخَرُ فَوَقَفَ مَعَهُ قَبْلَ أنْ يَرْفَعَ الإِمَامُ مِنَ الرُّكُوعِ صَحَّتْ صَلاَتُهُ ( ) .

وإنْ كَانَ الإِمَامُ قَدْ رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ وَلَمَّا يَسْجُدْ فَصَلاَتُهُ تَصِحُّ أيْضاً . وعَنْهُ : إنْ كَانَ عَالِماً بالنَّهْيِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ غَرَضٍ ولاَ خَشِيَ الفَوَاتَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاَتُهُ، وَقِيْلَ : تَنْعَقِدُ ( )./ 39 ظ / وإِذَا حَضَرَ فَوَجَدَ في الصَّفِّ فُرْجَةً دَخَلَ فِيْهَا ، وإِنْ لَمْ يَجِدْ وَقَفَ عَنْ يَمِيْنِ الإِمَامِ، وَلَمْ يُسْتَحَبَّ أنْ يَجْذِبَ رَجُلاً فَيَقُومَ مَعَهُ صَفّاً ، فَإِنْ وَقَفَ إلى جَنْبِ كَافِرٍ أو مُحْدِثٍ يَعْلَمُ بِحَدَثِهِ ، أو امْرَأَةٍ أو صَبِيٍّ فَهُوَ فَذٌّ ، وعَنْهُ في الصَّبِيِّ : أنَّهُ يَكُوْنُ صَفّاً مَعَهُ في النَّافِلَةِ فَقَطْ . وَإِذَا وَقَفَتْ المَرْأَةُ في صَفِّ الرِّجَالِ كُرِهَ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهَا ولاَ صَلاَةُ مَنْ يَلِيْهَا . وَقَالَ أبو بَكْرٍ ( ) : تَبْطُلُ صَلاَةُ مَنْ يَلِيْهَا ( ) .

وإِذَا صَلَّى في المَسْجِدِ مَأْمُوْماً وَهُوَ لاَ يَرَى الإِمَامَ ولاَ مَنْ وَرَاءهُ غَيْرَ أنَّهُ يَسْمَعُ التَّكْبِيْرَ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ ، وعَنْهُ : أنَّهَا تَصِحُّ ( ) . وَإِذَا صَلَّى خَارِجَ المَسْجِدِ وَهُوَ يَرَى مَنْ وَرَاءَ الإِمَامِ ولَيْسَ بَيْنَهُمَا طَرِيْقٌ ، أو بَيْنَهُمَا طَرِيْقٌ والصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ صَحَّتِ الصَّلاَةُ . فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ يَمْنَعُهُ مِنْ رُؤْيَةِ المَأْمُوْمِيْنَ أو طَرِيْقٌ أو نَهْرٌ تَجْرِي فِيْهِ السُّفُنُ لَمْ يَصِحَّ أنْ يَأْتَمَّ بِهِ . ويُكْرَهُ لِلإِمَامِ أنْ يَكُوْنَ أَعْلَى مِنَ المَأْمُوْمِيْنَ سَوَاءٌ أَرَادَ تَعْلِيْمَهُمُ الصَّلاَةَ ( ) أو لَمْ يُرِدْ ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، فَقَالَ ابنُ حَامِدٍ : تَبْطُلُ الصَّلاَةُ . وَقَالَ أَصْحَابُنَا : لاَ تَبْطُلُ . ولاَ يُسْتَحَبُّ للإِمَامِ أنْ يَقِفَ في طَاقِ القِبْلَةِ إلاَّ أنْ يَكُوْنَ المَسْجِدُ ضَيِّقاً ، ولاَ يُكْرَهُ لِلإِمَامِ أنْ يَقِفَ بَيْنَ السَّوَارِي ( ) ، ويُكْرَهُ لِلْمَأْمُوْمِيْنَ ؛ لأنَّهَا تَقْطَعُ صُفُوْفَهُمْ ( ) . ويُكْرَهُ لِلإِمَامِ أنْ يَتَطَوَّعَ مَوْضِعَ صَلاَتِهِ المَكْتُوْبَةِ ، ولاَ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِيْنَ . وَإِذَا صَلَّتِ امْرَأَةٌ بِنِسَاءٍ قَامَتْ وسَطَهُنَّ في الصَّفِّ ، وكَذَلِكَ إمَامُ الرِّجَالِ العُرَاةِ يَكُوْنُ في وسَطِهِمْ .

بَابُ الأَعْذَارِ الَّتِي يَجُوْزُ مَعَهَا تَرْكُ الجُمُعَةِ أو الجَمَاعَةِ

ويُعْذَرُ في تَرْكِ الجُمُعَةِ والجَمَاعَةِ المَرِيْضُ ، ومَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ ضَيَاعَهُ ، أو قَرِيْبٌ يَخَافُ مَوْتَهُ، ومَنْ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْنِ أو أَحَدَهُمَا، ومَنْ يَحْضُرُ الطَّعَامَ وبِهِ حَاجَةٌ إِلَيْهِ ، ومَنْ يَخَافُ مِنْ سُلْطَانٍ يَأْخُذُهُ ، أو غَرِيْمٍ ( ) يُلاَزِمُهُ ولاَ شَيْءَ مَعَهُ يُعْطِيْهِ ، والمُسَافِرُ إِذَا خَافَ فَوَاتَ القَافِلَةِ ، ومَنْ يَخَافُ ضَرَراً في مَالِهِ أو يَرْجُو وُجُوْدَهُ، ومَنْ يَخَافُ مِنْ غَلَبَةِ النُّعَاسِ حَتَّى يَفُوْتَ الوَقْتُ ، ومَنْ يَخَافُ التَّأَذِّي بالمَطَرِ والوَحْلِ والرِّيْحِ الشَّدِيْدَةِ في اللَّيْلَةِ المُظْلِمَةِ البَارِدَةِ / 40 و / .

 

بَابُ صَلاَةِ المَرِيْضِ ( )

وَإِذَا عَجَزَ المَرِيْضُ عَنِ الصَّلاَةِ قَائِماً صَلَّى قَاعِداً مُتَرَبِّعاً ويَثْنِي رِجْلَيْهِ في حَالِ سُجُوْدِهِ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ القُعُودِ صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ بِوَجْهِهِ ، فَإِنْ صَلَّى مُسْتَلْقِياً عَلَى ظَهْرِهِ ، ووَجْهُهُ وَرِجْلاَهُ إلى القِبْلَةِ جَازَ ، وكَانَ تَارِكاً للاسْتِحْبَابِ ، ويُومِئُ بالرُّكُوْعِ والسُّجُودِ ويَكُونُ سُجُوْدُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوْعِهِ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ أَوْمَأَ بِطَرَفِهِ ونَوَى بِقَلْبِهِ .

ولاَ تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلاَةُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتاً ، فَإِنْ قَدِرَ عَلَى القِيَامِ في أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ أو عَلَى القُعُودِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ وأَتَمَّ صَلاَتَهُ. فَإِنْ قَدِرَ عَلَى القِيَامِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ والسُّجُودِ صَلَّى قَائِماً وَأَوْمَأَ بالرُّكُوْعِ وجَلَسَ فَأَوْمَأَ بالسُّجُوْدِ . فَإِنْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ ، فَقَالَ ثِقَاتٌ مِن العُلَمَاءِ بالطِّبِّ : إنْ صَلَّيْتَ مُسْتَلْقِياً أَمْكَنَ مُدَاوَاتُكَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ ( ) .

ولاَ تَصِحُّ صَلاَتُهُ في السَّفِيْنَةِ ( ) جَالِساً وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى القِيَامِ . وتَجُوزُ صَلاَةُ الفَرْضِ عَلَى الرَّاحِلَةِ ؛ لأَجْلِ التَّأَذِّي بالمَطَرِ والوَحْلِ ، وَهَلْ تَجُوْزُ الصَّلاَةُ عَلَيْهَا لأَجْلِ المَرَضِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) .

 

بَابُ صَلاَةِ المُسَافِرِ

وَإِذَا سَافَرَ سَفَراً يَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخاً ( ) - ثَمَانِيَةً وأَرْبَعِيْنَ مِيْلاً بالهَاشِمِيِّ – في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ ، فَلَهُ أنْ يَقْصُرَ الرُّبَاعِيَّةَ فَيُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ إِذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ أو خِيَامَ قَوْمِهِ . والقَصْرُ أَفْضَلُ مِنَ الإِتْمَامِ ( )=

ج5.

وإِذَا كَانَ لِمَقْصَدِهِ طَرِيْقَانِ يَقْصُرُ في أَحَدِهِمَا ولاَ يَقْصُرُ في الآخَرِ ، فَمَتَى اخْتَارَ الأَبْعَدَ قَصَرَ. وإِذَا أَحْرَمَ في الحَضَرِ، ثُمَّ سَافَرَ أو أحْرَمَ في السَّفَرِ، ثُمَّ أَقَامَ أو ائْتَمَّ بِمُقِيْمٍ أو بِمَنْ يَشَكُّ، هَلْ هُوَ مُقِيْمٌ أو مُسَافِرٌ، أو لَمْ يَنْوِ القَصْرَ لَزِمَهُ أنْ يُتِمَّ. وإِذَا نَسِيَ صَلاَةَ سَفَرٍ فَذَكَرَهَا في الحَضَرِ،أو صَلاةَ حَضَرٍ فَذَكَرَهَا في السَّفَرِ أو ائْتَمَّ بِمُقِيْمٍ فَفَسَدَتِ الصَّلاَةُ وَأَرَادَ إِعَادَتَهَا وَحْدَهُ، أو سَافَرَ بَعْدَهُ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلاَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ القَصْرُ في جَمِيْعِ ذَلِكَ. فَإِنْ نَسِيَ صَلاَةً في سَفَرٍ فَذَكَرَهَا في سَفَرٍ آخَرَ جَازَ لَهُ القَصْرُ، ويُحْتَمَلُ /41ظ/ أنْ لاَ يَجُوْزَ.

وإِذَا نَوَى المُسَافِرُ الإِقَامَةَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ ([1]) ، وَعَنْهُ : إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ صَلاَةً أَتَمَّ ([2]) ، وَإِنْ نَوَى دُوْنَهَا قَصَرَ . وَإِنْ أَقَامَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَلَمْ يَنْوِ الإِقَامَةَ قَصَرَ أَبَداً ، وَكَذَلِكَ إِذَا حَبَسَهُ السُّلْطَانُ أو عَدُوُّهُ وَهُوَ في سَفَرٍ .

وَالمَلاَّحُ والمُكَارِيُّ ([3]) والفَيْجُ ([4]) ، إذَا كَانُوا يُسَافِرُوْنَ بِأَهْلِيْهِمْ وَلَيْسَ لَهُمْ نِيَّةُ الإِقَامَةِ بِبَلَدٍ لَمْ يَجُزْ لَهُمُ التَّرَخُّصُ .

 

بَابُ الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ

يَجُوْزُ الجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ والعَصْرِ ، والمَغْرِبِ والعِشَاءِ في السَّفَرِ الطَّوِيْلَ ، ولاَ يَجُوزُ في القَصْرِ ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَأخِيْرِ الأُوْلَى إلى الثَّانِيَةِ ، وبَيْنَ تَقْدِيْمِ الثَّانِيَةِ إلى وَقْتِ الأُوْلَى . والمُسْتَحَبُّ التَّأْخِيْرُ ، فَإِنْ جَمَعَ في وَقْتِ الأَوَّلَةِ افْتَقَرَ إلى ثَلاَثَةِ شُرُوطٍ :

- أنْ يُقَدِّمَ الأَوَّلَةَ مِنْهُمَا .

- وأَنْ يَنْوِيَ الجَمْعَ عِنْدَ الإِحْرَامِ بالأَوَّلَةِ في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ ، وفي الآخَرِ يَجُوْزُ أنْ يَنْوِيَ قَبْلَ الفَرَاغِ مِنَ الأوَّلَةِ ([5]) .

- وألاَّ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إلاَّ بَقَدْرِ الإِقَامَةِ [ وَ ] ([6]) الوُضُوْءِ ، فَإِنْ صَلَّى بَيْنَهُمَا سُنَّةَ الصَّلاَةِ بَطَلَ الجَمْعُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وفي الأُخْرَى لاَيَبْطُلُ .

وإِنْ أَرَادَ الجَمْعَ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَاهُ نِيَّةُ الجَمْعِ في وَقْتِ الأَوَّلَةِ إلى أنْ يَبْقَى مِنْهُ قَدْرُ مَا يُصَلِّيْهَا والتَّرْتِيْبُ . وهَلْ يُشْتَرَطُ ألاَّ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، أَصَحُّهُمَا : ألاَّ يُشْتَرَطَ ، وَقَالَ أبو بَكْرٍ : لاَ يَفْتَقِرُ الجَمْعُ والقَصْرُ إلى أنْ يَنْوِيَهُمَا .

ويَجُوزُ لِلْمُقِيْمِ الجَمْعُ لأَجْلِ المَرَضِ كَمَا يَجُوزُ لأَجْلِ السَّفَرِ . فَأَمَّا الجَمْعُ لأَجْلِ المَطَرِ فَيَجُوْزُ بَيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ، ولاَ يَجُوْزُ بَيْنَ الظُّهْرِ والعَصْرِ ([7]) في قَوْلِ أبي بَكْرٍ وابْنِ حَامِدٍ ، وَقَالَ شَيْخُنَا أبو يَعْلَى : يَجُوْزُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيْحُ عِنْدِي ([8]) .

فَإِنْ جَمَعَ في وَقْتِ الأَوَّلَةِ اعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ المَطَرُ مَوْجُوْداً عِنْدَ افْتِتَاحِ الأَوَّلَةِ ، وعِنْدَ الفَرَاغِ مِنْهَا وافْتِتَاحِ الثَّانِيَةِ ، وإِنْ جَمَعَ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ جَمَعَ سَوَاءٌ كَانَ المَطَرُ قَائِماً أو قَدِ انْقَطَعَ. وهَذَا إِذَا كَانَ يُصَلِّي في مَوْضِعٍ يُصِيْبُهُ المَطَرُ وكَانَ المَطَرُ مِمَّا /42 و/ يَبِلُّ الثِّيَابِ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ يُصَلِّي في بَيْتِهِ أو في مَسْجِدٍ يَخْرُجُ إِليْهِ تَحْتَ سَابَاطٍ ([9]) أو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، أو لَمْ يَكُنْ مَطَرٌ ولَكِنْ وَحْلٌ أو رِيْحٌ شَدِيْدَةٌ بَارِدَةٌ ، فَهَلْ يَجُوْزُ الجَمْعُ أمْ لاَ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ([10]) .

 

بَابُ صَلاَةِ الخَوْفِ ([11])

تَجُوزُ صَلاَةُ الخَوْفِ عَلَى الصِفَةِ الَّتِي [ صَلاَّهَا رَسُوْلُ اللهِ ]([12])  بِذَاتِ
الرِّقَاعِ ([13]) ، بِأَرْبَعَةِ شَرَائِطَ :

- أنْ يَكُونَ العَدُوُّ مُبَاحَ القِتَالِ .

- ويَكُوْنَ في غَيْرِ جِهَةِ القِبْلَةِ .

- وألاَّ يُؤْمَنَ هُجُومُهُ .

- ويَكُوْنَ مِنَ المُصَلِّيْنَ كَثْرَةً يُمْكِنُ تَفَرُّقُهُمْ طَائِفَتَيْنِ ، كُلُّ طَائِفَةٍ ثَلاَثَةٌ ([14]) أَو أَكْثَرُ ، تُجْعَلُ طَائِفَةٌ بِإِزَاءِ العَدُوِّ ، وطَائِفَةٌ تُصَلِّي خَلْفَهُ ، فَيُصَلِّي بِهَا رَكْعَةً ، فَإِذَا قَامَ إلى الثَّانِيَةِ نَوَتْ مُفَارَقَتَهُ وأَتَمَّتْ لأَنْفُسِهَا بِرَكْعَةٍ ثَانِيَةٍ بِالْحَمْدِ وبِسُوْرَةٍ ، ثُمَّ تَمْضِي إلى وَجْهِ العَدُوِّ ، وتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَتُصَلِّي مَعَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ ، وتَجْلِسُ ، وتَقُومُ هِيَ فَتُصَلِّي رَكْعَةً ثَانِيَةً وتَجْلِسُ ، فَيَتَشَهَّدُ ويُسَلِّمُ بِهِمْ ، ويَقْرَأُ ويَتَشَهَّدُ في حَالِ الانْتِظَارِ ويُطِيْلُ حَتَّى يُدْرِكُوهُ .

فَإِنْ كَانَتِ الصَّلاَةُ مَغْرِباً صَلَّى بالأُوْلَى رَكْعَتَيْنِ وبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً ، وهَلْ تُفَارِقُهُ الطَّائِفَةُ الأُوْلَى في التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ أو حِيْنَ يَقُومُ إلى الثَّالِثَةِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ([15]) .

فَإِنْ كَانَتِ الصَّلاَةُ رُبَاعِيَّةً صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ، فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً ، فَقَالَ ابنُ حَامِدٍ : لاَ تَصِحُّ صَلاَةُ الإِمَامِ ، وتَصِحُّ صَلاَةُ الفِرْقَةِ الأُوْلَى والثَّانِيَةِ ، وتَبْطُلُ صَلاَةُ الثَّالِثَةِ والرَّابِعَةِ إِنْ عَلِمَتَا بِبُطْلاَنِ صَلاَتِهِ .

وإِنْ كَانَ العَدُوُّ في جِهَةِ القِبْلَةِ ، وهُمْ بِحَيْثُ لاَ يَخْفَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلاَ يَخَافُ كَمِيْناً لَهُمْ وفي المُسْلِمِيْنَ كَثْرَةٌ جَازَ أنْ يُصَلِّيَ صَلاَةَ النَّبِيِّ بِعُسْفَانَ ([16]) ، وَصِفَتُهَا : [ أَنْ ] ([17]) يُوْقِفَهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ فَصَاعِداً ويُحْرِمُ بِهِمْ أَجْمَعِيْنَ ، ويُصَلِّي الأَوَّلَةَ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ فِيْهَا سَجَدُوا كُلُّهُمْ إلاَّ الصَّفَّ الأوَّلَ الَّذِي يَلِيْهِ ، فَإِنَّهُ يَقِفُ فَيَحْرُسَهُمْ /43ظ/ فَإِذَا قَامُوا ([18]) إلى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سَجَدَ الَّذِيْنَ حَرَسُوا وَلَحِقُوا بِهِ فَصَلُّوا أَجْمَعِيْنَ ، فَإِذَا سَجَدَ في الثَّانِيَةِ حَرَسَ الصَّفَّ الَّذِي سَجَدَ مَعَهُ في الرَّكْعَةِ الأُوْلَى ، فَإِذَا جَلَسَ سَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي حَرَسَ ثُمَّ لَحِقُوهُ فَيَتَشَهَّدُ بالجَمِيْعِ ويُسَلِّمُ . فَإِنْ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الأَوَّلُ إلى مَوْضِعِ الثَّانِي وتَقَدَّمَ الثَّانِي إلى مَوْضِعِ الأَوَّلِ فَحَرَسَ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَلاَ بَأْسَ .

وإِنْ صَلَّى كَمَذْهَبِ النُّعْمَانِ ([19]) ، وَهُوَ أنْ يُصَلِّيَ بِأَحَدِ الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً ثُمَّ تَنْصَرِفُ وتَجِيءُ الأُخْرَى فَتُحْرِمُ مَعَهُ فَيُصَلِّي بِهَا رَكْعَةً ويَتَشَهَّدُ ويُسَلِّمُ ، ولاَ تُسَلِّمُ الطَّائِفَةُ مَعَهُ بَلْ تَرْجِعُ إلى وَجْهِ العَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الأُوْلَى فَتَقْضِي مَا بَقِيَ مِنْ صَلاَتِهَا وتُسَلِّمُ وتَمْضِي ، وتَجِيءُ الأُخْرَى فَتُتِمُّ صَلاَتَهَا ([20]) ، فَقَدْ تَرَكَ الفَضِيْلَةَ وتَصِحُّ الصَّلاَةُ .

ولاَ يَجِبُ حَمْلُ السِّلاَحِ في صَّلاَةِ الخَوْفِ ، ويُسْتَحَبُّ مِنْهُ ما يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَالسَّيْفِ والسِّكِّيْنِ ، ويُكْرَهُ مَا يُثْقِلُهُ كَالجَوْشَنِ ([21]) : وَهُوَ التَّنُّورُ الحَدِيْدُ ، والمِغْفَرِ ([22]) : وَهُوَ مَا يُغَطِّي الوَجْهَ ؛ لأنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ إِكْمَالِ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ .

وإِذَا اشْتَدَّ الخَوْفُ والْتَحَمَ القِتَالُ صَلُّوا رِجَالاً ([23]) ورُكْبَاناً إلى القِبْلَةِ وغَيْرِ القِبْلَةِ إيْمَاءً وغَيْرَ إِيْمَاءٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ ، وهَلْ يَجِبُ أَنْ يَفْتَتِحُوا الصَّلاَةَ مُتَوَجِّهِيْنَ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، أَصَحُّهُمَا : لاَ يَجِبُ . فَإِنِ احْتَاجُوا إلى الضَّرْبِ والطَّعْنِ والكَرِّ والفَرِّ فَعَلُوا ، ولاَ إِعَادَةَ عَلَيْهِمْ ، ولاَ يُأَخِّرُونَ الصَّلاَةَ. فَإِنْ أَمِنُوا – وهُمْ رُكْبَانٌ – نَزَلُوا فَبَنَوا ، ويَكُونُ نُزُولُهُمْ مُتَوَجِّهِيْنَ .

وَإِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ آمِناً فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الخَوْفُ فَرَكِبَ لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ ويَبْنِي ، وَإِذَا رَأَى سَوَاداً فَظَنُّوا عَدُوّاً ، فَصَلُّوا صَلاَةَ شِدَّةِ الخَوْفِ ثُمَّ بَانَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَدُوّاً أَعَادُوا ، وكَذَلِكَ إنْ بَانَ أنَّهُ عَدُوٌّ ولَكِنَّهُ بَيْنَهُ وبَيْنَهُمْ خَنْدَقٌ ومَا يَمْنَعُ العُبُورَ .

وَإِذَا هَرَبَ مِنَ العَدُوِّ هَرَباً مُبَاحاً أو خَافَ مِنْ سَيْلٍ أو سَبْعٍ جَازَ لَهُ أنْ يُصَلِّيَ صَلاَةَ شِدَّةِ الخَوْفِ . ويَجُوزُ أنْ يُصَلُّوا في شِدَّةِ الخَوْفِ جَمَاعَةً رِجَالاً ورُكْبَاناً . وإِذَا كَانَ طَالِباً لِلْعَدُوِّ ، فَهَلْ يُصَلِّي صَلاَةَ شِدَّةِ الخَوْفِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .

 

بَابُ مَا يَحْرُمُ لِبَاسُهُ وَمَا يُبَاحُ ، وغَيْرِ ذَلِكَ

يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ ثِيَابِ الإِبْرِيْسَمِ ([24]) ومَا كَانَ غَالِبُهُ الإبْرِيْسَمُ في لِبْسِهِ وافْتِرَاشِهِ / 44 و / وغَيْرِ ذَلِكَ ، وكَذَلِكَ اسْتِعْمَالُ المَنْسُوجِ بالذَّهَبِ والمُمَوَّهِ بِهِ ([25]) ، فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتِحَالَ لَوْنُهُ ، فعَلَى وَجْهَيْنِ ، فَإِنِ اسْتَوَى الإِبْرِيْسَمُ ومَا يُنْسَجُ مَعَهُ مِنَ القُطْنِ والكَتَّانِ ، فَهَلْ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ .

فَإِنْ لَبِسَ الإِبْرِيْسَمَ في الحُرُوبِ فَهُوَ مُبَاحٌ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ([26]) ، سَوَاءٌ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ إِلَيْهِ أوْ لَمْ يَكُنْ ، والأُخْرَى لاَ يُبَاحُ . [ وَ ] ([27]) إِذَا لَبِسَهُ لِلْمَرَضِ والحَكَّةِ ([28]) ، فَهَلْ يُبَاحُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .

ولاَ يُبَاحُ لُبْسُ المَنْسُوجِ بالذَّهَبِ ولاَ مَا فِيْهِ التَّصَاوِيْرُ مِنَ الثِّيَابِ مِنْ غَيْرِ ضَرُوْرَةٍ إلَيْهَا ، ويُبَاحُ لُبْسُ مَا فِيْهِ التَّمَاثِيْلُ غَيْرُ المُصَوَّرَةِ . ولاَ يُكْرَهُ حَشْوُ الجِبَابِ والفُرُشِ بالإِبْرِيْسَمِ ؛ لأنَّهُ لَيْسَ فِيْهِ خُيَلاَءُ ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَحْرُمَ لِعُمُومِ الخَبَرِ . ويُبَاحُ عَمَلُ العَلَمِ الحَرِيْرِ في الثَّوْبِ إِذَا كَانَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ فَما دُوْنَ . وَقَالَ أبو بَكْرٍ في " التَّنْبِيْهِ ": يُبَاحُ ، وإنْ كَانَ مُذَهَّباً ، وكَذَلِكَ الرِّقَاعُ ، وكَذَلِكَ لَبَّةُ الجَيْبِ وسُجُفُ الفِرَاءِ ، ولاَ بَأْسَ بِقَبِيْعَةِ السَّيْفِ الذَّهَبِ .

ويَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ لُبْسُ الخَاتَمِ الذَّهَبِ ، ولاَ بَأْسَ بالخَاتَمِ الفِضَّةِ ، وهَلْ يُبَاحُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنْ يُلْبِسَ الصَّبِيَّ الحَرِيْرَ أمْ لاَ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([29]) .

ويَجُوزُ أَنْ يُلْبِسَ دَابَّتَهُ الجِلْدَ النَّجِسَ، ويُكْرَهُ لَهُ لُبْسُهُ وافْتِرَاشُهُ، ويُبَاحُ لُبْسُ السَّوَادِ، ويُكْرَهُ لُبْسُ الأَحْمَرِ لِلرَّجُلِ ، وهَلْ يُبَاحُ لُبْسُ ثَوْبٍ مِنْ شَعْرٍ مَا لاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَمْ لاَ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .

 

بَابُ صَلاَةِ الجُمُعَةِ

كُلُّ مَنْ لَزِمَتْهُ المَكْتُوبَةِ لَزِمَهُ فَرْضُ الجُمُعَةِ إِذَا كَانَ مُسْتَوْطِناً يَسْمَعُ النِّدَاءَ وبَيْنَهُ وبَيْنَ الجَامِعِ الَّذِي تُقَامُ فِيْهِ الجُمُعَةِ فَرْسَخٌ إلاَّ المَرْأَةَ والخُنْثَى والعَبْدَ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ([30]) فَلاَ جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ ، وهُمْ مُخَيَّرُونَ بَيْنَهَا وبَيْنَ الظُّهْرِ ، والأَفْضَلُ أَنْ لاَ يُصَلُّوا الظُّهْرَ إلاَّ بَعْدَ فَرَاغِ الإِمَامِ مِنْهَا ، فَإِنْ تَرَكُوا الفَضِيْلَةَ وصَلُّوا صَحَّتْ ظُهْرُهُمْ ([31]) ، وَقَالَ أبو بَكْرٍ : لاَ تَصِحُّ كَمَا لَوْ صَلاَّهَا مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الجُمُعَةِ ([32]) .

ولاَ يُكْرَهُ لِمَنْ فَاتَتْهُ الجُمُعَةُ أو لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ في
جَمَاعَةٍ ، ومَنْ لَزِمَهُ فَرْضُ الجُمُعَةِ لَمْ يَجُزْ أنْ يُسَافِرَ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ ، وهَلْ يَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ ، عَلَى رِوَايَاتٍ :

أحَدُهَا : يَجُوزُ .

والثَّانِيَةُ : لاَ تَجُوزُ .

والثَّالِثَةُ : تَجُوزُ لِلْجِهَادِ خَاصَّةً ([33]) .

ويُشْتَرَطُ في انْعِقَادِ الجُمُعَةِ : حُضُورُ أَرْبَعِيْنَ / 45 ظ / نَفْساً مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الجُمُعَةُ ، وَعَنْهُ : حُضُورُ خَمْسِيْنَ ، وَعَنْهُ : حُضُورُ ثَلاَثَةٍ ([34]) . فَإِنِ انْفَضُّوا فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ أَحَدٌ أو بَقِيَ أَقَلُّ مِنَ العَدَدِ المُعْتَبَرِ فِيْهَا ، اسْتَأْنَفَ ظُهْراً .

وأَنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ ، مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِمَا :

حَمْدُ اللهِ تَعَالَى ، والصَّلاَةُ عَلَى رَسُوْلِهِ ، وقِرَاءةُ آيَةٍ فَصَاعِداً ، والوَصِيَّةُ
بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى ، وحُضُورُ العَدَدِ المَشْرُوطِ في الجُمُعَةِ .

ومِنْ سُنَنِهِمَا : الطَّهَارَةُ ، وأَنْ يَتَوَلاَّهُمَا مَنْ يَتَوَلَّى الصَّلاَةَ ، وَعَنْهُ : إنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِطِهِمَا ([35]) ، وأَنْ يَكُونَ عَلَى مِنْبَرٍ أوْ مَوْضِعٍ عَالٍ ، وأنْ يُسَلِّمَ عَلَى النَّاسِ ، إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ ، ولاَ يَجْلِسُ إلى أنْ يَفْرَعَ المُؤَذِّنُونَ مِنْ أَذَانِهِمْ ، وأَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا قَائِماً . ويَعْتَمِدَ عَلَى سَيْفٍ أو قَوْسٍ أو عَصًا، وأَنْ يَقْصِدَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وأَنْ يَجْلِسَ بَيْنَهُمَا جَلْسَةً خَفِيْفَةً ، وأَنْ يُقَصِّرَ الخُطْبَةَ ، ويَدْعُو لِلْمُسْلِمِيْنَ .

ولاَ يُشْتَرَطُ في انْعِقَادِ الجُمُعَةِ والعِيْدَيْنِ إِذْنُ الإِمَامِ ، وَعَنْهُ : أنَّهُ يُشْتَرَطُ ([36]) . ومَنْ يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الجُمُعَةِ لِعُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أو مَطَرٍ ونَحْوِهِ إِذَا حَضَرَهَا وَجَبَتْ وانْعَقَدَتْ بِهِ ، ولاَ تَنْعَقِدُ بالمُسَافِرِ ، ولاَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إِمَاماً فِيْهَا ، ولاَ كَذَلِكَ العَبْدُ والصَّبِيُّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ . وتَصِحُّ إِمَامَةُ الجُمُعَةِ في القَرَايا ([37]) والأَبْنِيَةِ المُتَفَرِّقَةِ إِذَا شَمِلَهَا اسمٌ واحِدٌ ، وفِيْمَا قَارَبَ البُنْيَانَ مِنَ الصَّحْرَاءِ . وتَصِحُّ إِمَامَتُهَا في مَوْضِعَيْنِ مِنَ البَلَدِ مَعَ الحَاجَةِ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ فالثَّانِيَةُ مِنْهُمَا بَاطِلَةٌ ، فَإِنْ وَقَعَتَا مَعاً أو لَمْ يُعْلَمِ الأَوَّلَةَ مِنْهُمَا فَهُمَا بَاطِلَتَانِ ، فَإِنْ كَانَ للثَّانِيَةِ مَزِيَّةٌ – لِكَوْنِهَا جُمُعَةَ الإِمَامِ – فهِيَ الصَّحِيْحَةُ ، وَقِيْلَ : السَّابِقَةُ الصَّحِيْحَةُ .

ويَجُوزُ فِعْلُ الجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ في الوَقْتِ الَّذِي تُقَامُ فِيْهِ صَلاَةُ العِيْدِ، وَقَالَ الخِرَقِيُّ: في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ ([38]) ، وإِذَا دَخَلَ في وَقْتِ العَصْرِ وَهُمْ فِيْهَا أَتَمُّوْهَا جُمُعَةً .

وَصَلاَةُ الجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ ، مِنْ سُنَنِهَا الجَهْرُ بالقِرَاءةِ ، وأَنْ يَقْرَأَ بَعْدَ الفَاتِحَةِ في الأُوْلَى سُوْرَةَ الجُمُعَةِ والثَّانِيَةِ بـ: (( سَبِّح )) ([39]) ، وَهُوَ اخْتِيَار أبي بَكْرٍ ، ذَكَرَهُ في
" التَّنْبِيْهِ " ([40]) .

ومَنْ ([41]) أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً أَتَمَّهَا جُمُعَةً ، ومَنْ أَدْرَكَ مِنْهَا دُوْنَ ذَلِكَ أتَمَّهَا
ظُهْراً ، وأمَّا الَّذِي يَنْوِي في حَالِ دُخُولِهِ مَعَهُ فَقَالَ الخِرَقِيُّ : ومِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَنْوِيَ
ظُهْراً ([42]) ، وَقَالَ ابنُ شَاقْلاَ ([43]) / 46 و /: يَنْوِي جَمْعُهُ ثُمَّ يَبْنِي عَلَيْهَا ظُهْراً ([44]) ، وَإِذَا أَحْرَمَ مَعَ الإِمَامِ ثُمَّ زُحِمَ عَنِ السُّجُودِ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ إِنْسَانٍ إِنْ أَمْكَنَهُ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتَظَرَ حَتَّى يَزُوْلَ الزِّحَامُ ثُمَّ يَسْجُدُ إلاَّ أنْ يَخَافَ فَوَاتَ الثَّانِيَةِ ، فَإِنَّهُ يُتَابِعُ الإِمَامَ وتَحْصُلُ الثَّانِيَةُ أَوْلَتُهُ ويُتِمُّهَا جُمْعَةً. فَإِنْ ظَنَّ أنَّهُ لاَ تَجُوزُ مُتَابَعَتُهُ فَسَجَدَ ثُمَّ أَدْرَكَ الإِمَامَ في التَّشَهُّدِ، إذَا سَلَّمَ الإِمَامُ قَامَ فَأَتَى بِثَانِيَةٍ وسَجَدَ للسَّهْوِ وسَلَّمَ وصَحَّتْ جُمْعَتُهُ ، وَعَنْهُ : أنْ يُتِمَّهَا ظُهْراً ([45]) ، فَإِنْ تَرَكَ مُتَابَعَتَهُ مَعَ عِلْمِهِ أنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ .

 

بَابُ مِيَاهُ الجُمُعَةِ

يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ الجُمُعَةَ أَنْ يَغْتَسِلَ لَهَا ، وَقِيْلَ : الغَسْلُ وَاجِبٌ ، وَوَقْتُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ ، والأَفْضَلُ أَنْ يَفْعَلَهُ عِنْدَ الرَّوَاحِ ، ويَتَنَظَّفَ ([46]) بِأَخْذِ شَعْرِهِ وظُفْرِهِ ، وقَطْعِ رَائِحَتِهِ ([47]) ، ويَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ – وأَفْضَلُهَا البَيَاضُ – ويَتَعَمَّمَ وَيَرْتَدِي ويَتَطَيَّبَ .

ويُسْتَحَبُّ لَهُ التَّبْكِيْرُ ، وأنْ يَأْتِيَهَا مَاشِياً وعَلَيْهِ السَّكِيْنَةُ ([48]) والوَقَارُ ، ويَقْرَأُ سُوْرَةَ الكَهْفِ ([49]) ، ويَدْنُوَ مِنَ الإِمَامِ ، ويَتَشَاغَلَ بِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى ، وتِلاَوَةِ القُرْآنِ ، ويُكْثِرَ مِنَ الصَّلاةِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ في يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا ([50]) ، ويُكْثِرُ الدُّعَاءَ في يَوْمِهَا لَعَلَّهُ أنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الإِجَابَةِ .

وَإِذَا أَتَى المَسْجِدَ كُرِهَ أَنْ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إلاَّ أَنْ يَكُوْنَ إِمَاماً . فَإِنْ رَأَى بَيْنَ يَدَيْهِ خُرْجَةً جَازَ لَهُ أَنْ يَتَخَطَّى فَيَجْلِسَ فِيْهَا عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ([51]). والأُخْرَى: يُكْرَهُ ، ولَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيْمَ إِنْسَاناً ويَجْلِسَ مَكَانَهُ ، إلاَّ أَنْ يَكُوْنَ قَدْ قَدِمَ صَاحِباً لَهُ لِيَجْلِسَ في مَوْضِعٍ فَيَحْفَظَهُ لَهُ ، فَإِنْ بَعَثَ شَيْئاً يُصَلِّي عَلَيْهِ فَفَرَشَهُ في مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ الجُلُوسُ عَلَيْهِ ، وَقِيْلَ : لِغَيْرِهِ أَنْ يَرْفَعَهُ ويَجْلِسَ في المَوْضِعِ ، فَإِنْ قَامَ الجَالِسُ مِنْ مَوْضِعِهِ لِعَارِضٍ لَحِقَهُ ، فَإِنْ عَادَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ .

وإِذَا حَضَرَ والإِمَامُ يَخْطُبُ لَمْ يُصَلِّ غَيْرَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيْفَتَيْنِ تَحِيَّةَ المَسْجِدِ . ويَجْلِسُ فَيُنْصِتُ لِلْخُطْبَةِ إنْ كَانَ يَسْمَعُهَا ، ويَذْكُرُ اللهَ تَعَالَى إِنْ كَانَ بِحَيْثُ لاَ يَسْمَعُهَا . ولاَ يَتَكَلَّمُ ، فَإِنْ تَكَلَّمَ أَثِمَ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ([52]) ، وفي الأُخْرَى : لاَ يَأْثَمُ / 47 ظ / وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ ، ولاَ يَحْرُمُ الكَلاَمُ عَلَى الخَاطِبِ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ ، ولاَ يُكْرَهُ الكَلاَمُ قَبْلَ الشُّرُوعِ في الخُطْبَةِ وبَعْدَ الفَرَاغِ مِنْهَا ، وإِذَا وَقَعَ العِيْدُ في يَوْمِ الجُمُعَةِ اسْتُحِبَّ حُضُوْرُهَا ، فَإِنِ اجْتَزَى بِحُضُورِ العِيْدِ عَنِ الجُمُعَةِ وصَلَّى ظُهْراً جَازَ . وأقَلُّ السُّنَّةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا سِتٌّ .

 

بَابُ صَلاَةِ العِيْدَيْنِ

صَلاَةِ العِيْدَيْنِ فَرْضٌ عَلَى الكِفَايَةِ ، فَمَتَى اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهَا قَاتَلَهُمُ الإِمَامُ .

وأَوَّلُ وَقْتِهَا إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ ، وآخِرُهُ إِذَا زَالَتْ . ويُسَنُّ تَقْدِيْمُ الأَضْحَى وتَأْخِيْرُ الفِطْرِ ([53]) ، وأَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ الصَّلاَةِ ([54]) ، ويُمْسِكَ في الأضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ .

ومِنْ شَرْطِهَا : الاسْتِطَانُ ، والعَدَدُ ، وإِذْنُ الإِمَامِ ، وَعَنْهُ : لاَ يُشْتَرَطُ جَمِيْعُ
ذَلِكَ ([55]) .

ويُسْتَحَبُّ يُبَاكِرَ إِلَيْهَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ عَلَى أَحْسَنِ هَيْأَةٍ وأَكْمَلِ زِيْنَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا في الجُمُعَةِ ؛ إلاَّ أنْ يَكُوْنَ مُعْتَكِفاً فَيَخْرُجُ في ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ ، ويَتَأَخَّرُ الإِمَامُ إلى الوَقْتِ الَّذِي يُصَلِّي بِهِمْ .

ويُسْتَحَبُّ إِقَامَتُهَا في الصَّحْرَاءِ ، وتُكْرَهُ في الجَامِعِ إلاَّ لِعُذْرٍ ولاَ بَأْسَ أَنْ يَحْضُرَهَا النِّسَاءُ ، ويَخْرُجُونَ إلَيْهَا مَشَاةً ، ويَرْجِعُونَ في طَرِيْقٍ آخَرَ ، ويُنَادَى لَهُم : الصَّلاَةُ
جَامِعَةٌ .

ويُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ، ويُكَبِّرُ في الأُوْلَى بَعْدَ تَكْبِيْرَةِ الإِحْرَامِ وَدُعَاءِ الافْتِتَاحِ ،
وَقِيْلَ: التَّعَوُّذُ ، بِسِتِّ تَكْبِيْرَاتٍ ، وفي الثَّانِيَةِ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنَ السُّجُودِ خَمْسَ تَكْبِيْرَاتٍ ([56]) ، ويَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيْرَةٍ ، ويَقُوْلُ: اللهُ أَكْبَرُ كَبِيْراً ، والحَمْدُ للهِ كَثِيْراً ، وسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وأَصِيْلاً ، وصَلَوَاتُ اللهِ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وآلِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيْماً كَثِيْراً .

وإِذَا أَدْرَكَهُ المَأْمُومُ في الرُّكُوعِ أَحْرَمَ وتَبِعَهُ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِقَضَاءِ التَّكْبِيْرَاتِ، ويَقْرَأُ في الأُوْلَى بَعْدَ الفَاتِحَةِ بِـ(( سَبِّح )) ، وفي الثانية بـ(( الغَاشِيَة )) ، وتَكُونُ القِرَاءةُ بَعْدَ التَّكْبِيْرَاتِ في الرَّكْعَتَيْنِ ، ورَوَى عَنْهُ المَيْمُونِيُّ : أنَّهُ يُوَالِي بَيْنَ القِرَاءتَيْنِ ([57]) ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ ، ثُمَّ يَخْطُبُ بِهِمْ خُطْبَتَيْنِ كَخُطْبَتَي الجُمُعَةِ / 48 و / إلاَّ أنَّهُ يَسْتَفْتِحُ الأُوْلَى بِتِسْعِ تَكْبِيْرَاتٍ ، وفي الثَّانِيَةِ بِسَبْعِ تَكْبِيْرَاتٍ ، فَإِنْ كَانَ فِطْراً بَيَّنَ لَهُمْ زَكَاةَ الفِطْرِ ، وإِنْ كَانَ أَضْحَى بَيَّنَ لَهُمْ حُكْمَ الأُضْحِيَةِ .

والخُطْبَتَانِ سُنَّةٌ ، ولاَ يُسَنُّ التَّطَوُّعُ قَبْلَ صَلاَةِ العِيْدِ ولاَ بَعْدَهَا ولاَ في مَوْضِعِ صَلاَةِ العِيْدِ .

ومَنْ أَدْرَكَ الإِمَامَ في التَّشَهُّدِ قَامَ إِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، يَأْتِي فِيْهَا
بالتَّكْبِيْرِ ([58]) ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ في الخُطْبَةِ اسْتُحِبَّ لَهُ أنْ يَجْلِسَ فَيَسْتَمِعَ الخُطْبَةَ ، فَإِذَا انْقَضَتْ قَضَى صَلاَةً . وفي صِفَةِ القَضَاءِ ثَلاَثَةُ رِوَايَاتٍ :

أَحَدُهَا : يُصَلِّي كَمَا يُصَلِّي مَعَ الإِمَامِ .

والثَّانِيَةُ : يَقْضِيْهَا أَرْبَعاً .

والثَّالِثَةُ : هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ أو أَرْبَعٍ ([59]) .

ويُسَنُّ التَّكْبِيْرُ مِنْ بَعْدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الفِطْرِ إلى فَرَاغِ الإِمَامِ مِنَ الخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ([60]) ، وفي الأُخْرَى إلى خُرُوجِ الإِمَامِ إلى الصَّلاَةِ . وفي الأَضْحَى يَبْتَدِئُ مِنْ صَلاَةِ الفَجْرِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إلى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيْقِ العَصْرِ ، وصِفَةُ التَّكْبِيْرِ شَفْعاً : اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ ، لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ ، واللهُ أَكْبَرُ ، وللهِ الحَمْدُ ويُكَبِّرُ عَقِيْبَ الفَرَائِضِ سَوَاءٌ صَلاَّهَا جَمَاعَةً أو فُرَادَى ، وَعَنْهُ : لا يُكَبِّرُ إِلاَّ عَقِيْبَ الجَمَاعَةِ ([61]) ، ولاَ يُسَنُّ التَّكْبِيْرُ عَقِيْبَ النَّوَافِلِ ، وظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ – رَحِمَهُ اللهُ – لاَ يُسَنُّ التَّكْبِيْرُ عَقِيْبَ صَلاَةِ العِيْدِ ، وَقَالَ أبو بَكْرٍ : يُسَنُّ .

وَإِذَا نَسِيَ التَّكْبِيْرَ قَضَاهُ ما لَمْ يُحْدِثْ أو يَخْرُجْ مِنَ المَسْجِدِ . ويُسَنُّ التَّكْبِيْرُ في جَمِيْعِ الأَيَّامِ المَعْلُوْمَاتِ ، وفي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ ، وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ يَوْمُ العِيْدِ إلاَّ بَعْدَ الزَّوالِ خَرَجَ مِنَ الغَدِ فَصَلَّى بِهِمُ العِيْدَ .

 

بَابُ صَلاَةِ الكُسُوفِ ([62])

صَلاَةُ الكُسُوفِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ . ووَقْتُهَا مِنْ حِيْنِ الكُسُوفِ إلى حِيْنِ التَّجَلِّي ، فَإِنْ فَاتَتْ لَمْ تُقْضَ ، وهَلْ تُفْعَلُ في أَوْقَاتِ النَّهْيِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .

والسُّنَّةُ أَنْ تُفْعَلَ في مَوْضِعِ الجُمُعَةِ ، ويُنَادَى لَهَا : الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ ([63]) ، ويُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ، يُحْرِمُ بالأُوْلَى ، ويَسْتَفْتِحُ ويَسْتَعِيْذُ ويَقْرَأُ الفَاتِحَةَ وسُورَةَ البَقَرَةِ ، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيْلُ الرُّكُوْعَ ، ويُسَبِّحُ بِقَدْرِ مِئَةِ آيَةٍ ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيًسَمِّعُ ويَحْمَدُ ويَقْرَأُ بالفَاتِحَةِ وآلِ عِمْرَانَ ، ثُمَّ يَرْكَعُ دُونَ الرُّكُوعِ / 49 ظ / الأَوَّلِ ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيُسَمِّعْ ويَحْمَدُ ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ يُطِيْلُ التَّسْبِيْحَ فِيْهِمَا بِقَدْرِ الرُّكُوعِ، ثُمَّ يَقُومُ إلى الثَّانِيَةِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ ؛ إلاَّ أنَّهُ يَقْرَأُ بالنِّسَاءِ في القِيَامِ الأَوَّلِ ، وبالمَائِدَةِ في الثَّانِي .

فَإِنْ كَانَ لاَ يُحْسِنُ ذَلِكَ قَرَأَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ القُرْآنِ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ويَتَشَهَّدُ ويُسَلِّمُ ، فَيَكُونُ في كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ وقِرَاءتَانِ وَرُكُوعَانِ وسُجُوْدَانِ ، وَعَنْهُ ([64]) : أنَّهُ يَفْعَلُ في كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَ رُكُوْعَاتٍ – عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا – وسَجْدَتَيْنِ ، فَإِنْ تَجَلَّى الكُسُوفُ وَهُوَ في الصَّلاَةِ أَتَمَّهَا غَيْرَ أنَّهُ يُخَفِّفُ .

ويَجْهَرُ بِالقِرَاءةِ ، ولاَ يُسَنُّ لَهَا خُطْبَةٌ ، وإِذَا لَمْ يُصَلِّ لِخُسُوفِ القَمَرِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَيْهِ خَاسِفاً ، أو لَمْ يُصَلِّ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ حَتَّى غَابَتْ كَاسِفَةً ، لَمْ يُصَلِّ فِيْهَا ؛ لأنَّهُ قَدْ ذَهَبَ وَقْتُ الانْتِفَاعِ بِنُوْرِهِمَا .

فَإِنِ اجْتَمَعَ صَلاَتَانِ بَدَأَ بِأَخْوَفِهِمَا فَوْتاً مِثْلُ الجُمُعَةِ والكُسُوفِ يَبْدَأُ بالكُسُوفِ إذَا كَانَ في أوَّلِ وَقْتِ الجُمُعَةِ ، فَإِنِ اسْتَوَيَا في الفَوْتِ بَدَأَ بِآكَدِهِمَا كَالخُسُوفِ والوِتْرِ قَرِيْبُ الفَجْرِ يَبْدَأُ بالخُسُوفِ ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَبْدَأَ بالوِتْرِ ([65]) .

وتُصَلَّى هَذِهِ الصَّلاَةُ في الحَضَرِ والسَّفَرِ ، جَمَاعَةً وفُرَادَى ، بِإِذْنِ الإِمَامِ وغَيْرِ إِذْنِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ أبو بَكْرٍ في ذَلِكَ رِوَاياتٍ بِنَاءً عَلَى صَلاَةِ العِيْدِ .

ويُصَلِّي لِلزَّلْزَلَةِ كَمَا يُصَلِّي لِلْكُسُوفِ ، ولاَ يُصَلِّي لِلصَّوَاعِقِ والرِّيْحِ الشَّدِيْدَةِ ومَا أَشْبَهَهَا .

 

بَابُ صَلاَةِ الاسْتِسْقَاءِ

وَهِيَ مَسْنُونَةٌ وصِفَتُهَا في مَوْضِعِهَا . وأَحْكَامُهَا كَصَلاَةِ العِيْدِ ، ويُسْتَحَبُّ لَهُ التَّنْظِيْفُ ، ولاَ يَتَطَيَّبُ، وإِذَا أَرَادَ الخُرُوجَ لِذَلِكَ وَعَظَ النَّاسَ وأَمَرَهُمْ بالتَّوْبَةِ مِنَ المَعَاصِي، والخُرُوجَ مِنَ المَظَالِمِ ، والصِّيَامِ والصَّدَقَةِ وتَرْكِ التَّشَاحُنِ ، ثُمَّ يَخْرُجُ مُتَوَاضِعاً مُتَخَشِّعاً مُتَذَلِّلاً ، ويَخْرُجُ مَعَهُ الشُّيُوخُ والعَجَائِزِ ، ويَجُوزُ خُرُوجُ الصِّبْيانِ ، وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ : يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ ([66]).

فَإِنْ خَرَجَ أَهْلُ الذِّمَّةِ لَمْ يُمْنَعُوا وَلَمْ يَخْتَلِطُوا بالمُسْلِمِيْنَ ، فَإِذَا صَلَّى بِهِمْ خَطَبَ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ  أنَّهُ يَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلاَةِ ، ورٌوِيَ عَنْهُ : أنَّهُ مُخَيَّرٌ .

ولاَ يُسَنُّ لها الخُطْبَةُ وإِنَّمَا يَدْعُو ، والأَوَّلُ أَصَحُّ ([67]) . فَإِذَا صَعَدَ المِنْبَرَ جَلَسَ ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً يَفْتَتِحُهَا بالتَّكْبِيْرِ كَمَا يَفْعَلُ في خُطْبَةِ العِيْدِ ، ويُكْثِرُ مِنَ الصَّلاَةِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ ، ويَقْرَأُ فِيْهَا: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ / 50 و / إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً … الآيَاتِ ([68])، ويَرْفَعُ يَدَيْهِ فَيَدْعُو بِدُعَاءِ النَّبِيِّ : (( اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيْثاً مَرِيّاً هَنِيْئاً مُرِيْعاً غَدَقاً ([69]) مًجَلَّلاً ([70]) سَحّاً ([71]) عَامّاً طَبَقاً دَائِماً . اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغَيْثَ ولاَ تَجْعَلْنَا مِنَ القَانِطِيْنَ . اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ ولاَ سُقْيَا عَذَابٍ ، ولاَ مَحْقٍ ([72]) ولاَ بَلاَءٍ ولاَ هَدْمٍ ولاَ غَرَقٍ ، اللَّهُمَّ بالعِبَادِ والبِلاَدِ والخَلْقِ مِنَ البَلاَءِ والجَهْدِ والضَّنَكِ ([73]) مَا لاَ نَشْكُوهُ إلاَّ إِلَيْكَ . اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ ، واسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ ، وأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ . اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الجَهْدَ والجُوْعَ والعَرِيَّ ([74]) ، واكْشِفْ عَنَّا مِنَ البَلاَءِ مَا لاَ يَمكْشِفُهُ غَيْرُكَ. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إنَّكَ كُنتَ غَفَّاراً فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَاراً )) ([75])، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ في أَثْنَاءِ الخُطْبَةِ ويُحَوِّلُ رِدَاءهُ ، فَيَجْعَلُ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْمَنِ عَلَى الأَيْسَرِ ، ومَا عَلَى الأَيْسَرِ عَلَى الأَيْمَنِ ، ولاَ يَجْعَلْ أَعْلاَهُ أَسْفَلَهُ ، ويَفْعَلُ النَّاسُ مِثْلَ ذَلِكَ ، ويَتْرُكُونَ ذَلِكَ حَتَّى يَنْزَعُوْنَهُ مَعَ ثِيَابِهِمْ ، ويَدْعُو سِرّاً في حَالِ اسْتِقْبَالِهِ القِبْلَةَ ، ثُمَّ يَقُوْلُ في دُعَائِهِ : (( اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا بِدُعَائِكَ وَوَعَدْتَنَا إِجَابَتَكَ فَقَدْ دَعَوْنَا كَمَا أَمَرْتَنَا ، فَاسْتَجِبْ مِنَّا كَمَا وَعَدْتَنَا )) . وإِنْ دَعَا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلاَ بَأْسَ . فَإِنْ لَمْ يُسْقَوا عَادُوا ثَانِيَةً وثَالِثاً ، وإِنْ تَأَهَّبُوا لِلْخُرُوجِ فَسُقُوا قَبْلَ أنْ يَخْرُجُوا صَلُّوا وشَكَرُوا اللهَ تَعَالَى وسَأَلُوهُ المَزِيْدَ ، وهَلْ مِنْ شَرْطِ هَذِهِ الصَّلاَةِ إِذْنُ الإِمَامِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .

ويُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَسْقُوا عَقِيْبَ صَلاَتِهِمْ ، ويُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ في أَوَّلِ المَطَرِ ، ويُخْرِجُ رَحْلَهُ وثِيَابَهُ لِيُصِيْبَهَا ، وإِذَا سَالَ الوَادِي اغْتَسَلَ مِنْهُ وتَوَضَّأَ .

وإِذَا زَادَ المَطَرُ بِحَيْثُ يَضُرُّهُمْ ، أو كَثُرَتِ المِيَاهُ بِحَيْثُ يَخَافُونَ مِنْهَا ، فالْمُسْتَحَبُّ أنْ يَدْعُوَ اللهَ تَعَالَى أنْ يَصْرِفَهُ ، ويُخَفِّفَهُ، والمُسْتَحَبُّ مِنْ ذَلِكَ: (( اللَّهُمَّ حَوَالِيْنَا ولا عَلَيْنا، اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ ([76]) ومَنَابِتِ الشَّجَرِ ، رَبَّنَا لاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ، واعْفُ عَنَّا واغْفِرْ لَنَا وارْحَمْنَا أنْتَ مَوْلاَنا فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِريْنَ )) ([77]) .

 

كِتَابُ الجَنَائِزِ ([78])

بَابُ مَا يُفْعَلُ عِنْدَ المَوْتِ

يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ أَحَدٍ ذِكْرُ المَوْتِ ([79]) ، وأَنْ يَكُونَ مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ ، فَإِذَا مَرِضَ اسْتُحِبَّ عِيَادَتُهُ ([80]) ، فَمَتَى رَجَاهُ العَائِدُ دَعَا لَهُ وانْصَرَفَ ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يَمُوْتَ رَغَّبَهُ في في التَّوْبَةِ والوَصِيَّةِ .

ويُسْتَحَبُّ لأَهْلِهِ إِذَا رَأَوْهُ مَنْزُوْلاً بِهِ أَنْ يُلْزِمُوهُ أَرْفَقَهُمْ بِهِ ، وأَعْرَفَهُمْ بِسِيَاسَتِهِ ، وأَتْقَاهُمْ لِرَبِّهِ ؛ لِيُذَكِّرَهُ باللهِ تَعَالَى ، ويَحُضُّهُ عَلَى الخُرُوْجِ مِنَ المَظَالِمِ والتَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ والوَصِيَّةِ، وأَنْ يَتَعَاهَدَ بَلَّ حَلْقِهِ ، بِأَنْ يَقْطُرَ فِيْهِ مَاءً أو شَرَاباً ، ويُنْدِيَ شَفَتَيْهِ بِخِرْقَةٍ أو قُطْنَةٍ ، ويُلَقِّنَهُ قَوْلَ: (( لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ ))، ولاَ يَزِيْدُ عَلَى ثَلاَثٍ ، فَإِنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيءٍ أَعَادَ تَلْقِيْنَهُ ؛ لِيَكُونَ آخِرَ كَلاَمِهِ ([81]). ويَكُوْنُ جَمِيْعُ ذَلِكَ في لُطْفٍ ومُدَارَاةٍ ، ويَقْرَأُ عِنْدَهُ سُوْرَةَ (( يس )) ([82]) ويُوَجِّهُهُ إلى القِبْلَةِ عَلَى ظَهْرِهِ طُوْلاً بِحَيْثُ إِذَا قَعَدَ كَانَ وَجْهُهُ إِلَيْهَا .

فَإِنْ مَاتَ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ ، وشَدَّ لِحْيَيْهِ ، ولَيَّنَ مَفَاصِلَهُ ؛ بِأَنْ يَرُدَّ ذِرَاعَيْهِ حَتَّى يَلْصِقَهُمَا بِعَضُدَيْهِ ، ثُمَّ يَرَدَّهُمَا ، ويَرُدَّ سَاقَيْهِ إلى فَخِذَيْهِ ، وفَخِذَيْهِ إلى بَطْنِهِ ، ثُمَّ يَرُدَّهُمَا ، ويَخْلَعُ ثِيَابَهُ ، ويُسَجِّيْهِ بِثَوْبٍ يَسْتُرُ جَمِيْعَهُ ، ويَجْعَلَ عَلَى بَطْنِهِ مِرْآةً أَو سَيْفاً ([83]) ، ويُوضَعُ عَلَى سَرِيْرِ غَسْلِهِ مُتَوَجِّهاً مُنْحَدِراً نَحْوَ رِجْلَيْهِ ، ويُسارِعُ إلى قَضَاءِ دَيْنِهِ وإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ مِنْهُ ، وتَفْرِيْقِ وَصِيَّتِهِ .

ويُسَارِعُ في تَجْهِيْزِهِ ؛ إلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ مَاتَ فَجْأَةً ، فَيُتْرَكَ حَتَّى يُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ بانْخِسَافِ صَدْغَيْهِ ([84]) ، وَمَيْلِ أَنْفِهِ ، وانْفِصَالِ كَفِّيْهِ ، وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ .

 

بَابُ غَسْلِ الْمَيِّتِ

غَسْلُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِيْنُهُ فَرْضٌ عَلَى الكِفَايَةِ ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِفِعْلِهِ أَبُوْهُ ، ثُمَّ جَدُّهُ وإِنْ عَلاَ ، ثُمَّ ابْنُهُ وإِنْ نَزَلَ ، ثُمَّ الأَقْرَبُ مِنَ العِصَابَاتِ، ثُمَّ الرِّجَالُ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهِ ثُمَّ الأَجَانِبُ ، ثُمَّ أُمُّ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتُهُ في أَصَحِّ القَوْلَيْنِ ([85]).



([1]) كَمَا نقلها أبو داود وابن إبراهيم في أصح الروايتين . الروايتين والوجهين 30/ أ ، وانظر : مسائل أبي داود : 74 – 75 ، ومسائل إسحاق بن إبراهيم بن هانئ 1/81 .

([2]) نقلها عنه عبد الله والأثرم . الروايتين والوجهين 30/ أ ، وانظر : مسائل عبد الله 2/395 ( 556 ) ، وراجع : بدائع الفوائد 4/116 فما بعدها .

([3]) والجمع فيها مكارون : وهو مكري الدواب للمسافرين . المعجم الوسيط : 785 وهو قريب الشبه بسائقي سيارات الأجرة في زماننا . انظر : الصحاح 6/2273 ، وتاج العروس 10/312 ( كري ) .

وَقَدْ خطّأ صاحب المغني 2/105 المصنف في عدم جواز الفطر له فقال : (( وهذا غير صحيح ؛ لأنَّهُ مسافر مشفوق عَلَيْهِ .

([4]) الفَيْج : هو المسرع في مشيه الذي يحمل الأخبار من بلد ، والجمع : فيوج ، وهو فارسي معرّب . انظر : النهاية 3/483 ، والمحرر 1/133 ، والصحاح 1/336 ( فوج ) .

([5]) القول بالنية مَعَ القصر قول الخرقي ، أما عدم النية فهو قول أبي بكر الخلال . انظر : الروايتين والوجهين 31/ أ ، والمغني 2/150 .

([6]) في النسخة الخطية : (( في )) ، ولا يستقيم بِهَا السياق ، والصواب ما أثبتناه نص عليه في: المحرر 1/135، والمبدع 2/121 ، ودليل الطالب : 51 ، ومنار السبيل 1/134 ، والإنصاف 2/342 .

([7]) نقل صاحب المغني 2/117 عَنْ الأثرم أنه قال : (( قيل لأبي عَبْد الله الجمع بين الظهر والعصر في المصر ، قَالَ : لا ما سمعت )) .

([8]) وهو الصواب – إن شاء الله تَعَالَى – للحديث الذي رواه ابن عباس قَالَ : (( جمع رَسُوْل الله بَيْنَ الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غَيْر خوف ولا مطر . فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك ؟ قَالَ: أراد أن لا يحرج أمته )) .

والحديث أخرجه الشافعي 1/118 – 119 ، والطيالسي (2614) ، وعبد الرزاق (4435) ، والحميدي (471) ، وأحمد 1/283 و349 و354 ، ومسلم 2/151 و152 ، وأبو داود (1210) و(1211) ، والترمذي ( 187 ) ، والنسائي 1/290 ، وابن خزيمة ( 971 ) و ( 972 ) .

فالحديث فيه جواز الجمع بين الظهر والعصر من غَيْر مطر ، فوجود المطر أولى بالجمع ، والله أعلم .
وانظر : الشرح الكبير 2/117 .

([9]) الساباط: هِيَ سقيفة بَيْنَ حائطين تحتها طريق ، والجمع سوابيط وسابطات . انظر: الصحاح 3/1129 ، وتاج العروس 19/332 ( سبط ) .

([10]) انظر : المغني 2/118 ، والشرح الكبير 2/118 .

([11]) قَالَ الله تَعَالَى: ]وإذَا كُنْتَ فِيْهِمْ فَأقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ…الآية[. النساء: 102.

هَذِهِ الآية تشريع لصلاة الخوف .

([12]) ما بين المعكوفين ليس في النسخة الخطية ، زدناها من الكافي 1/207 ، وهي ضرورية لاستقامة النص .

([13]) الرِّقاع – بكسر أوله وآخره عين مهملة ، وهي اسم غزوة للنبي r غزاها ، قيل : هي اسم شجرة في ذلك الموضع ، وقيل : ذات الرِّقاع جبل فيه سواد وبياض وحمرة ، وقيل : سميت بهذا الاسم ؛ لأن أقدامهم نقبت من المشي فلفوا عَلَيْهَا الخرق . انظر : مراصد الاطلاع 2/624 – 625 ، وتاج العروس 21/115 – 116 ( رقع ) .

([14]) في النسخة المعتمدة : (( ثلاثة آلاف )) . وكلمة (( آلاف )) مقحمة من الناسخ ، فكل من نقل عن المصنف اقتصر عَلَى لفظ : (( ثلاثة )) . وانظر : المغني 2/261 ، وشرح الزركشي 1/495 .

([15]) انظر : شرح الزركشي 1/492 ، والمقنع : 40 .

([16]) وذلك عام الحديبية سنة ست من الهجرة .

والحديث أخرجه الطيالسي ( 1347 ) ، وأحمد 4/59 – 60 ، وأبو داود ( 1236 ) ، والنسائي 3/176 و 177 ، والدولابي في الكنى والأسماء 1/47 ، وابن الجارود ( 232 ) ، والطحاوي في شرح الآثار 1/318 ، وابن حبان ( 2875 ) ط الرسالة ( 2871 ) ط الفكر ، والدارقطني 2/59 ، والحاكم 1/337 – 338 ، والبيهقي 3/254 ، وشرح السنة ( 1096 ) من حديث أبي عياش الزرقي .

([17]) في النسخة الخطية : (( أو )) ، ولا يستقيم بِهَا المعنى .

([18]) في النسخة المعتمدة : (( أقاموا )) ، بزيادة ألف وليست بشيء .

([19]) هُوَ الإمام ، عالم العراق ، أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، ولد سنة ( 80 ه‍ ) ، توفي شهيداً مسقياً سنة ( 150 ه‍ ) ، وعليه اليوم قيمة عظيمة ومشهد فاخر ببغداد . انظر : تاريخ بغداد 13/323 والعبر 1/314 وسير أعلام النبلاء 6/390 .

([20]) انظر : المبسوط 2/46 ، وبدائع الصنائع 1/243 ، وتبيين الحقائق 1/232 .

([21]) درع مصنوع من الحديد يلبس أثناء الحركة عَلَى الصدر . انظر : الصحاح 5/2092 ، واللسان 13/88 ( جشن ) .

([22]) غطاء يوضع عَلَى الرأس لحمايته . انظر : الصحاح 2/771 ، وتاج العروس 13/248 ( غفر ) .

([23]) أي : مشاة عَلَى أرجلهم .

 

([24]) وهو نوع من الحرير ، أو الخام منه . انظر : معجم مَتْن اللغة 1/272 .

([25]) المموه : طلي النسيج بالذهب ، يقال : موَّهت الشيء : طليته بفضة أو ذهب . انظر : الصحاح 6/2251 ( موه ) .

([26]) ورد عن النبي ‌r أنه رخّص لعبد الرَّحْمَان بن عوف ، والزبير بن العوام في قميص الحرير من حكة كَمَا ثبت بهما .

والحديث أخرجه الطيالسي ( 1972 ) ، وأحمد 3/122 و 127 و 180 و 192 و 215 و 252 و255 و 273 ، والبخاري 4/50 و 7/195 ، ومسلم 6/143 ، وأبو داود ( 4056 ) ، وابن ماجه (1722) ، والنسائي 8/202 ، وأبو يعلى ( 2880 ) و ( 3148 ) ، والبيهقي 3/268 ، والبغوي (3105) من حديث أنس بن مالك .

([27]) ساقطة من الأصل ، وَهِيَ اقتضاء السياق .

([28]) انظر : الروايتين بالوجهين 32/ب .

([29]) انظر : المغني 1/629 .

([30]) اختلف في وجوب الجمعة عَلَى العبد فقط ، فقد نقل ابن منصور وصالح : أنه لا جمعة عليه لقوله r :
(( لا جمعة على عبد )) .

الْحَدِيْث أخرجه أبو داود ( 1067 ) ، والدارقطني 2/3 ، والبيهقي 3/172 من حديث طارق بن شهاب عن النبي r قَالَ : (( الجمعة حق واجب عَلَى كُلّ مسلم في جَمَاعَة إلا أَربعة : عبد مملوك ، أو امرأة أو صبي أو مريض )) .

ونقل المروذي عن الإمام أحمد في عبد سأله : أن مولاه لا يدعه ، هل يذهب من غَيْر علمه ؟ فَقَالَ :
إذا نودي فَقَدْ وجبت عليك وعلى كُلّ مُسْلِم لقوله تَعَالَى :
] إِذَا نُوْدِيَ للصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ
فَاسْعَوا
[ الجمعة : 9 . وهذا عام ؛ لأنَّهُ ذَكَرٌ مُقيمٌ صَحِيْح فلزمته الجمعة كالحر . انظر : الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 21/ أ .

([31]) كَذَا في الأصل ، الفعل بتاء التأنيث ، ولعله أنث الفعل عَلَى تقدير محذوف ، فيكون أصل الكلام :
(( صحت صلاة ظهرهم )) .

([32]) وعُلِّلَ ذَلِكَ باحتمال زوال أعذارهم فتجب عليهم ، واستبعده الزركشي في شرحه . انظر : المغني 2/198 ، وشرح الزركشي 1/473 .

([33]) انظر : الروايتين والوجهين 22/ أ .

([34]) انظر : الروايتين والوجهين 21/ أ .

([35]) انظر : الروايتين والوجهين 21/ ب .

([36]) انظر : الروايتين والوجهين 21/ ب .

([37]) كذا في الأصل ، والذي في لسان العرب : أنها جمعٌ مفرده قرية ، وهو : عيدان من خشب تصنع عَلَى شكل مخصوص توضع في رأس العمود الَّذِي ينصب عليه الخباء . فلعل المصنف استعاره للدلالة عَلَى الأبنية المتفرقة ، من باب ذكر الجزء وإرادة الكل .

([38]) انظر : مختصر الخرقي : 35 .

([39]) يعني بها : سورة الأعلى .

([40]) ذكره ابن الشطبي في مختصر طبقات الحنابلة : 31 .

([41]) مكررة .

([42]) مختصر الخرقي : 34 .

([43]) هُوَ الشَّيْخ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا البغدادي الزار، توفي سنة (369 ه‍). انظر : تاريخ بغداد 6/17 ، وسير أعلام النبلاء 16/292 .

([44]) انظر : الروايتين والوجهين 22/ أ .

([45]) انظر : الروايتين والوجهين 22/ أ .

([46]) في الأصل : (( ويتنضف )) .

([47]) وذلك حَتَّى لا يتأذى جاره في الصَّلاَة .

([48]) لقوله r : (( إذا أقيمت الصَّلاَة ، فَلاَ تأتوها وأنتم تسعون ، وَلَكِن ائتوها وأنتم تمشون ، وعليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا )) .

الحديث أخرجه الطيالسي ( 2350 ) ، وعبد الرزاق ( 3405 ) ، وأحمد 2/239 و 270 و 382 و386 ، والبخاري 2/9 ، وفي القراءة خلف الإمام ( 170 ) و ( 171 ) و ( 172 ) و ( 173 ) ، ومسلم 2/100 ، وأبو داود ( 573 ) ، والترمذي ( 327 ) ، وابن خزيمة ( 1505 ) و ( 1772 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/396 ، والبيهقي 2/249 من حديث أبي هريرة .

([49]) لحديث النبي r : (( من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء لَهُ من النور ما بين الجمعتين )) . أخرجه البيهقي 3/249 ، والحاكم 2/368 من حديث أبي سعيد الخدري .

([50]) لحديث النبي r : (( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ، فأكثروا عليَّ من الصَّلاَة فيه ، فإن صلاتكم معروضة عليَّ )) .

الحديث أخرجه أحمد 4/8 ، والدارمي (1580) ، وأبو داود (1047) و (1531) ، والنسائي 3/91 ، وابن خزيمة (1733) و (1734) ، والحاكم 1/278 ، والبيهقي 3/248 من حديث أوس بن أوس .

([51]) انظر : الروايتين والوجهين 21/ ب .

([52]) انظر : الروايتين والوجهين 21 / أ .

([53]) لما روي أن النبي r كتب إلى عَمْرو بن حزم : (( أن عجل الأضحى ، وأخر الفطر ، وذكر الناس )) .

الحديث أخرجه الشافعي في الأم 1/386 ، والبيهقي 3/282 ، من طريق إبراهيم بن مُحَمَّد قَالَ : أَخْبَرَنِي أبو الحويرث .

([54]) لما روي عَنْ أنس ، قَالَ : كَانَ رَسُوْل الله r لا يغدو يوم الفطر حَتَّى يأكل تمرات ، ويأكلهن وتراً )) . أخرجه أحمد 3/126 ، والبخاري 2/446 ، وابن ماجه ( 1754 ) ، وابن حبان ( 2814 ) وغيرهم .

([55]) انظر : الروايتين والوجهين 22/ ب .

([56]) هَذَا سوى تكبيرة القيام .

([57]) انظر  الشرح الكبير 2/242 .

([58]) لأنه أدرك بَعْض الصَّلاَة الَّتِي ليست مبدلة من أربع فقضاها عَلَى صفتها كسائر الصلوات . الشرح الكبير 2/249 .

([59]) نقل أبو طالب أنه يقضي أربع ركعات بلا تكبير ، ولا خطبة ، وهو اختيار الخرقي ، ونقل بكر بن مُحَمَّد ، وأحمد بن الحسن أنه يصلي ركعتين بتكبير .

ونقل حنبل وصالح : : هُوَ مخير إن شاء صلى أربعاً بلا تكبير ، وإن شاء صلى ركعتين بتكبير .

انظر : الروايتين والوجهين 23/ أ ، والشرح الكبير 2/250 .

([60]) انظر : الروايتين والوجهين 22/ أ .

([61]) انظر : الروايتين والوجهين 22/ أ .

([62]) كسفت الشمس كسوفاً ، أي : احتجبت وذهب ضوءها . انظر : الصحاح 4/1421 ، وتاج العروس 24/308 ( كسف ) .

([63]) هكذا روت السيدة عائشة – رضي الله عنها وعن أبيها – فَقَالَت : (( أن الشمس خسفت عَلَى عهد رَسُوْل الله r ، فبعث منادياً : الصَّلاَة جامعة ، فتقدم فصلى أربع ركوعات في ركعتين ، وأربع
سجدات
)) .

الحديث أخرجه الحميدي ( 180 ) ، وأحمد 6/32 و 65 و 67 و 87 و 164 و 168 ، والدارمي (1537) ، والبخاري 2/42 و 43 و 48 و 49 و 82 و 4/132 ، ومسلم 3/27 و 28 و 29 ، والترمذي ( 561 ) ، والنسائي 3/127 و 128 و 130 و 132 ، وابن خزيمة ( 1378 ) (1379) ، وابن ماجه ( 1263 ) والطحاوي في شرح المعاني 1/327 ، والبيهقي 3/320 و 322 ، والبغوي (1142) و ( 1143 ) و ( 1146 ) .

([64]) انظر : الروايتين والوجهين 23/ أ .

([65]) انظر : كلاماً أوسع عَنْ هَذِهِ المسألة في المغني 2/280 – 281 .

([66]) انظر : الشرح الكبير 2/287 .

([67]) انظر : الروايتين والوجهين 23/ ب .

([68]) نوح : 10 – 11 .

([69]) الغدق : الكثير ، والماء الغدق : الماء الكثير . انظر : الصحاح 4/1536 ( غدق ) .

([70]) أي : يعم الأرض بمائه ونباته . انظر : النهاية 1/289 .

([71]) سحَّ الماء سحّاً ، أي : سال من فوق . انظر : الصحاح 1/373 ( سحح ) .

([72]) المحق : النقص والمحو والإبطال . انظر : النهاية 4/303 ، والصحاح 4/1553 ( محق ) .

([73]) الضنك : الضيق . انظر : الصحاح 4/1598 ( ضنك ) .

([74]) الريح الباردة . انظر : المعجم الوسيط : 597 .

([75]) ذكره الشافعي في الأم 1/251 معلقاً من حديث ابن عمر . قَالَ ابن حجر في التلخيص 2/105: (( هذا الحديث ذكره الشافعي في"الأم" تعليقاً، فَقَالَ: وروي عَنْ سالم عَنْ أبيه، فذكره…وَلَمْ نقف لَهُ عَلَى إسناد ولا وصله البيهقي في مصنفاته ، بَلْ رواه في " المعرفة " من طريق الشافعي قَالَ : ويروى عَنْ سالم بِهِ ، ثُمَّ قَالَ: وقد روينا بَعْض هذه الألفاظ وبعض معانيها في حديث أنس بن مالك ، وفي حديث جابر ، وفي حديث عَبْد الله بن جراد ، وفي حديث كعب بن مرة ، وفي حديث غيرهم )). وانظر: الْمَعْرِفَة 3/100 .

([76]) الظراب : الجبال الصغار ، واحدها ظَرِب بوزن كَتِف ، وقد يجمع عَلَى القلة أظرب . انظر : النهاية 3/156 ، والصحاح 1/174 ( ظرب ) .

([77]) أخرجه مالك في الموطأ [ ( 448 ) برواية عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم ، ( 197 ) برواية سويد بن سعيد ، (611) برواية أبي مصعب الزهري ، ( 514 ) برواية الليثي ] ، وأحمد 3/104 و187 و194 و245 و261 و271 وعبد بن حميد ( 1282 ) ، والبخاري 2/15 ( 933 ) و 2/34 ( 1013 ) و 2/35 (1014) و 2/36 (1015) و (1016) و ( 1017 ) و 2/37 ( 1019 ) و ( 1021 ) و 4/236 ( 3582 ) ، ومسلم 3/24 ( 897 ( 8 ) و 3/25 ( 897 ) ( 9 ) ( 10 ) ( 11 ) ( 12 ) ، وأبو داود ( 1174 ) ( 1175 ) ، والنسائي 3/159 – 160 و 161 – 162 وفي الكبرى ( 1818 ) (1824) ، وأبو يعلى ( 3863 ) ، وابن الجارود ( 256 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/322 و323 ، وابن حبان ( 2857 ) و ( 2859 ) ، والسهمي في تاريخ جرجان : 246 ، وأبو نعيم في دلائل النبوة ( 371 ) ، والبيهقي 3/353 و 354 و 355 ، وفي دلائل النبوة لَهُ 6/140 ، والبغوي (1168) من طرق عن أنس بن مالك بِهِ ، من غَيْر ذكر للآية فيه .

([78]) جمع جنازة ، وَهِيَ بالكسر للإنسان الميت ، وبالفتح للسرير ، فإذا لَمْ يَكُنْ عليه الميت فهو سرير ونعش . انظر : الصحاح 3/870 ، وتاج العروس 15/72 ( جنـز ) .

([79]) لحديث النَّبِيّ r : (( أكثروا ذكرها ذم اللذات )) ؛ لأن ذكرَ الموت دائماً يجعل الإنسان مستقيم السير معتدل التعامل كَثِيْر العبادة دوام الاتصال بالله عزوجل .

والحديث أخرجه أحمد 2/292 ، وابن ماجه (4258) ، والترمذي (2307) ، وابن حبان (2992) ، وابن عدي في الكامل 5/1164 ، والحاكم 4/321 ، والقضاعي في مسند الشهاب ( 669 ) ، والخطيب 1/384 و 9/470 من حديث أبي هُرَيْرَةَ ، وانظر : علل الدارقطني 8/39 ، وتلخيص الحبير 2/108 .

([80]) من الأمور المهمة الَّتِي حثّ عليها الإسلام التماسك بَيْنَ المسلمين ، فجعل لعيادة المريض الأجر الكبير ، فَقَدْ قَالَ عَلِيّ بن أبي طَالِب t : سَمِعْتُ رَسُوْل الله r يَقُوْل : (( ما من مُسْلِم يعود مسلماً غدوة إلاَّ صلَّى عَلَيْهِ سبعون ألف ملك حَتَّى يمسي ، وإن عاده عشية صلَّى عليه سبعون ألف ملك حَتَّى يصبح ، وَكَانَ له خريف في الجنة . والحديث أخرجه هناد في الزهد ( 372 ) ، وأحمد 1/81 و 120 ، وأبو داود (3099) ، وابن ماجه ( 1442 ) والترمذي ( 969 ) ، والبزار ( 620 ) ، وأبو يعلى (262) ، والحاكم 1/341 و 349 ، والبيهقي 3/380 .

 

([81]) لحديث معاذ بن جبل قَالَ : قَالَ رَسُوْل الله r : (( من كَانَ آخر كلامه : لا إله إلا الله دخل الجنة )) . والحديث أخرجه أحمد 5/247 ، وأبو داود ( 3116 ) ، والحاكم 1/351 .

([82]) لما رواه معقل بن يسار عَنْ رَسُوْل الله r أنه قَالَ : (( اقرؤوها عَلَى موتاكم )) ، يعني : يس .

والحديث أخرجه أحمد 5/26 و 27 ، وأبو داود ( 3121 ) ، وابن حبان ( 3002 ) الرسالة ، والطبراني 2/510 ، والحاكم 1/565 ، والبيهقي 3/383 .

ونقل ابن حجر في التلخيص 2/110 : (( عَن أبي بكر بن العربي ، عن الدارقطني أنه قَالَ : هَذَا حديث ضعيف الإسناد ، مجهول المتن ، ولا يصح في الباب شيء )) .

وَقَالَ ابن حبان عقب تخريجه الحديث 7/271 : (( قوله : (( اقرؤوا عَلَى موتاكم يس )) ، أراد به من حضرته المنية لا أن الميت يقرأ عليه )) .

([83]) ويجوز وضع أي شيء : حديدة أو طين ؛ كيلا تنتفخ بطنه .

([84]) الصدغ: مَا بَيْن العين والأذن وَيُسَمَّى أيضاً الشعر المتدلي عَلَيْهَا صدغاً. انظر: الصحاح4/1323(صدغ).

([85]) انظر : الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين 24/أ .

=


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. رائع

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. =============== . ...