روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

ب ميك

المدون

 

الأحد، 5 يونيو 2022

الكتاب : السلسة الضعيفة مجلد 13 كامل {4}

 

الكتاب : السلسة الضعيفة مجلد 13 كامل {4}

"قال ابن مندَه: لها ذكر في وفاة أبي ذر ، ووصل ذلك أبو نعيم من طريق
مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر ، وليس فيه ما يدل على أن له صحبة ؛ بل فيه
احتمال أن يكون تزوجها بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . لكن وقفت على حديث فيه التصريح
بأنها أسلمت مع أبي ذر في أول الإسلام ".
ثم ذكر الحديث وسكت عليه ، وكأن ذلك لظهور علته وانقطاعه ؛ فإن (أبو
الصباح) هذا من أتباع التابعين - واسمه : (سليمان بن يسير) - ، وهو إلى ذلك
متفق على تضعيفه ، بل تركه بعضهم .
وميمون بن أبي محمد الكوفي لم أجد له ترجمة ، ولا ذكره المزي في الرواة
عن سليمان هذا ، فهو في عداد المجهولين .
والحديث - في نقدي - منكر ، ويد الصنع والقصاص فيه ظاهرة ، ويكفي أن
شيئاً من ذلك لم يرد في قصة إسلامه - هو وأخيه أنيس وأمهما - الثابتة في
"الصحيحين: عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ ، وهو في مسلم عن أبي ذر نفسه أطول ، وأن المترجمين
لأم ذر من الحفاظ المتقدمين لم يذكروا هذا الحديث المنكر ، ومنهم أبونعيم في
"المعرفة" (2/377/1) ؛ فإنه لم يزد على أن أشار إلى قول ابن منده المتقدم ، وعلى
أن ذكر طرف حديث إبراهيم بن الأشتر ، الذي أشار إليه الحافظ ، وقد أخرجه
جمع من الحفاظ منهم ابن حبان (2260 - موارد) .
وأما قول ابن الأثير في "أسد الغابة" (6/328) :
أم ذر أسلمت ، وقد ذكر إسلامها فِي حَدِيثِ طويل في إسلام أبي ذر وأمه
وأخيه ، وقد ذكرناه في إسلام أبي ذر ".
فهذا من أوهامه ؛ فليس فِي حَدِيثِ إسلام أبي ذر الطويل ذكر لأم ذر ؛ كما تقدم .
وقد ذكره ابن الأثير هناك في ترجمة أبي ذر (5/100 - 101) ؛ ولكنه أتبعه بقوله :

(13/1101)


"وروينا في إسلامه الحديث الطويل المشهور ، وتركناه خوف التطويل ".
فالظاهر أنه يعني حديث أبي ذر نفسه ؛ فإنه يستحق الوصف المذكور "الطويل
المشهور" ؛ فإنه ضعف حديث ابن عباس في الطول ! ويبعد جداً أن يعني حديث
الترجمة لقصره ، وإن كان قوله المتقدم في ترجمة أم ذر يوهم ذلك .
وإذا عرفت ضعف حديث الترجمة ؛ فلا يصح حينئذ الاستدلال به على
صحبة أم ذر ، فتبقى على تابعيتها . ثم هي غير معروفة إلا في قصة وفاة أبي ذر
التي أشار إليها الحافظ ، وهي من طريق يحيى بن سليم عن عبدالله بن عثمان بن
خيثم عن مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه عن أم ذر .
وهذ إسناد مجهول ، ضعيف ، مضطرب :
1 - أما الجهالة ؛ فإبراهيم بن الأشتر - وهو : ابن مالك بن الحارث - فإنه لم
يوثقهما غير ابن حبان ، ولا يعرفان بالرواية إلا في هذا الحديث مع كونهما من
الأشراف والأبطال - كما قال الذهبي في "السير" - ؛ بل قال في إبراهيم :
"وما علمت له رواية ".
وهذا وإن كان يستدرك عليه بهذا الحديث ؛ فإنه على الأقل يدل على أنه غير
معروف بالرواية ، وإنما بالشجاعة والبطولة ، ونحو ذلك يقال في أبيه ، حتى أن ابن
حبان نفسه لم يذكر في ترجمته (5/389) له راوياً ! ولا ذكر في ترجمة ابنه
(6/5) له راوياً غير مجاهد الذي هنا . فللرواية رجال ، وللبطولة رجال .
2 - وأما الضعف ؛ فهو يحيى بن سليم - وهو : الطائفي - فإنه - وإن كان من
رجال الشيخين - فقد تكلم فيه بعض الحفاظ المتقدمين من قبل حفظه مع كونه
ثقة في ذات نفسه ، ولخص كلامهم الحافظ فقال في "تقريبه" :
"صدوق سيئ الحفظ" .

(13/1102)


وإن مما يؤكد ذلك أنه خولف في إسناده ؛ كما يأتي في التالي .
3 - وأما الاضطراب ، فقد خالف في إسناده من هو أوثق وأحفظ من الطائفي ،
فقال أحمد (5/166) ، وابن سعد (4/232) والسياق له : أخبرنَا عَفَّانُ بن مسلم
قال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ بن خالد قال : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ
عَنْ إِبْرَاهِيمَ - يَعْنِي ابْنَ الْأَشْتَرِ - أَنَّ أَبَا ذَرٍّ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ بِـ (الرَّبَذَةِ) فَبَكَتْ
امْرَأَتُهُ ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكِ ؟ ... الحديث . فأسقط من إسناده الأشتر والد إبراهيم ؛
فعاد الإسناد منقطعاً ؛ لأن إبراهيم أورده ابن حبان في (أتباع التابعين) (1) .
وخالفه أيضاً زائدة بن قدامة ؛ فقال : عن عبدالله بن عثمان بن خثيم : ثنا
مجاهد قال : قال أبو ذر لنفر عنده : إنه قد حضرني ما ترون من الموت ، ولو كان لي
ثوب يسعني ... الحديث - مع شيء من الاختصار في آخره - ؛ فأسقط من الإسناد
(إبراهيم بن الأشتر) وأباه .
أخرجه الحاكم (3/337 - 338) .
وقوله : "قال : قال " صورته صورة الإرسال والانقطاع .
وبعد ، فإن علة واحدة من هذه العلل الثلاث تحول بين الباحث وبين تقوية
الحديث ؛ فكيف بها مجتمعة ؟! ولذلك ؛ فقد أخطأ بعض المخرِّجين حين صرحوا بتقوية
الحديث أو تصحيحه ، واقفين عند ظاهر إسناد ابن حبان ، وتوثيقه لابن الأشتر وأبيه ،
دون أن يتأملوا هل خرجا بهذا التوثيق ونحوه عن الجهالة التي ينطوي تحتها الجهل
بحفظ هذا الموثَّق بل وبعدالته أحياناً ، ودون النظر في اضطراب رواته في إسناده ، وهم
يعلمون - إن شاء الله - أن الحديث المضطرب من أقسام الحديث الضعيف !
__________
(1) وأما ما وقع في "أسد الغابة" (1/358) وقد ساقه بسنده الطويل إلى عثمان ...
قال : "عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه عن زوجة أبي ذر ..." فهو شاذ على الأقل لمخالفته
لرواية أحمد وابن سعد عن عفان .

(13/1103)


وقد ذكر ابن عبدالبر طرفاً من هذا الحديث في ترجمة أبي ذر من "الاستيعاب"
في من اسمه (جندب) قائلاً :
"في خبر عجيب حسن فيه طول" .
وأنا أظن أنه يعني : حسن في المعنى لا في الرواية . والله أعلم .

6488 - ( يَا عَدِيَّ بن حَاتِمٍ ! أَسْلِمْ تَسْلَمْ"، فقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا
الإِسْلامُ؟ قَالَ:
تُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ،
وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ، يَا عَدِيُّ ! ... ) الحديث .
ضعيف جداً .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/69/138) ، وابن
عساكر في "تاريخ دمشق" (11/472 - 473) من طريق الْبَغَوِيّ : حَدَّثَنَا صَالِحُ
بن مَالِكٍ الْخَوَارِزْمِيُّ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بن أَبِي الْمُسَاوِرِ : حَدَّثَنِي عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ قَالَ:
قَدِمَ عَدِيُّ بن حَاتِمٍ الطَّائِيُّ الْكُوفَةَ ، فَأَتَيْتُهُ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَقُلْنَا
لَهُ : حَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ:
بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ ، وَلا أَعْلَمُ أَحَداً مِنَ الْعَرَبِ كَانَ أَشَدَّ لَهُ بُغْضاً،
وَلا أَشَدَّ لَهُ كَرَاهِيَةً مِنِّي، حَتَّى لَحِقْتُ بِالرُّومِ، فَتَنَصَّرْتُ فِيهِمْ ، فَلَمَّا بَلَغَنِي مَا يَدْعُو
إِلَيْهِ مِنَ الأَخْلاقِ الْحَسَنَةِ، وَمَا قَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ مِنَ النَّاسِ ؛ ارْتَحَلْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ،
فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ، وَعِنْدَهُ صُهَيْبٌ ، وَبِلالٌ ، وَسَلْمَانُ، فَقَالَ:
"يَا عَدِيُّ بن حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ"
فَقُلْتُ: أَخْ أَخْ، فَأَنَخْتُ، وَجَلَسْتُ وَأَلْزَقْتُ رُكْبَتِي بِرُكْبَتِهِ، فَقُلْتُ: مَا
الإِسْلامُ؟ قَالَ:

(13/1104)


"تُؤْمِنُ بِاللَّهِ ... " الحديث وفي آخره ، إخباره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفتح كسرى وقيصر ، وغيره
مما لا علاقة له بهذا الكتاب . لصحته ،وثبوته عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأسايند صحيحة .
وقد ساقه الهيثمي بتمامه في "المجمع" (9/403) ، وقال عقبه :
"قلت: في "الصحيح" طرف منه يسير ، رواه الطبراني ، وفيه عبدالأعلى بن
أبي المساور وهو متروك".
وقال الحافظ في "التقريب" :
"متروك ، كذبه ابن معين " .
ومن طريقه أخرجه ابن ماجه وغيره ، دون قصة تنصره ، ورحيله ، ودون
المحذوف لصحته ، وهومخرج في "ظلال الجنة" (1/61 - 62) .
ولقصة إتيان عدي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإسلامه روايتان أخريان أنقى من هذه
إسناداً ، وأشهر متناً ، إحداهما لا شيء في متنها من هذه ، وفي سندها عباد
ابن حبيش عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أخرجها الترمذي وابن حبان ، وهي معلولة بجهالة
عباد هذا ، وهو راوي حديث "{المغضوب عليهم} : اليهود ، و{الضالين} :
النصارى " خرجته في "الصحيحة" (3263) لشواهده .
وأما الرواية الأخرى فمدار طرقها عَلى أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ
حُذَيْفَةَ قَالَ :
كُنْتُ أَسْأَلُ عَنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ - وَهُوَ إِلَى جَنْبِي ، لَا آتِيهِ فَأَسْأَلَهُ - ،
فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ : بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بُعِثَ ، فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئاً
قَطُّ ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَقْصَى الْأَرْضِ مِمَّا يَلِيَ الرُّومَ ، فَقُلْتُ : لَوْ أَتَيْتُ هَذَا
الرَّجُلَ ، فَإِنْ كَانَ كَاذِباً ، لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ ، وَإِنْ كَانَ صَادِقاً اتَّبَعْتُهُ ، فَأَقْبَلْتُ ، فَلَمَّا

(13/1105)


قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ ، اسْتَشْرَفَني النَّاسُ ، وَقَالُوا : جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ ، جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ ،
فَقَالَ لِي رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ ! أَسْلِمْ تَسْلَمْ " .
قَالَ : فَقُلْتُ : إِنَّ لِي دِيناً . قَالَ :
" أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ ( مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً ) ، أَلَسْتَ تَرْأَسُ قَوْمَكَ ؟" .
قُلْتُ : بَلَى . قَالَ :
" أَلَسْتَ تَأْكُلُ الْمِرْبَاعَ ؟" (1) .
قُلْتُ : بَلَى . قَالَ :
" فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ " .
قَالَ : فَتَضَعْضَعْتُ لِذَلِكَ . ثُمَّ قَالَ :
" يَا عَدِيَّ أَسْلِمْ تَسْلَمْ ،فَإِنِّي قَدْ أَظُنُّ - أَوْ قَدْ أَرَى ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَنَّهُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُسْلِمَ : خَصَاصَةٌ تَرَاهَا بِمَنْ حَوْلِي ! وَأَنَّكَ تَرَى النَّاسَ عَلَيْنَا إلْباً
وَاحِداً " قَالَ :
" هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ ؟ "(2) . قُلْتُ : لَمْ آتها ، وَقَدْ عَلِمْتُ مَكَانَهَا . قَالَ :
" تُوشِكُ الظَّعِينَةُ أَنْ تَرْتَحِلَ مِنَ (الْحِيرَةِ ) بِغَيْرِ جِوَارٍ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ ،
وَلَتُفْتَحَنَّ عَلَيْنَا كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ " .
قُلْتُ : كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ ؟! قَالَ :
__________
(1) أي :ربع الغنيمة التي لم يقاتل مع أهلها ،وإنما أكلها لرياسته .
(2) من هذا السؤال إلى آخر الحديث صحيح كما يأتي التنبيه عليه ، فانتظر .

(13/1106)


" كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ ، (مرتين) ، وَلَيَفِيضَنَّ الْمَالُ حَتَّى يُهِمَّ الرَّجُلَ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ
مَالَهُ صَدَقَةً "
قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ : فَقَدْ رَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْحَلُ مِنَ (الْحِيرَةِ) بِغَيْرِ جِوَارٍ حَتَّى تَطُوفَ
بِالْبَيْتِ ، وَكُنْتُ فِي أَوَّلِ خَيْلٍ أَغَارَتْ عَلَى الْمَدَائِنِ عَلَى كُنُوزِ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ ،
وَأَحْلِفُ بِاللَّهِ لَتَجِيئَنَّ الثَّالِثَةُ ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2280 - موارد ، 15/71 - 73 - الإحسان/
المؤسسة) - والسياق له - :أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ ... به .
ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (11/471 -
472) - ومن طريق البغوي أيضاً - قال : نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ ... به .
وأخرجه ابن الأثير بإسناده في "أسد الغابة" (3/505) عن البغوي ...به.
ومن "التاريخ" صححت بعض الأخطاء واستدركت بعض الزيادات على "الإحسان" .
- تابعه ابن عون عن محمد ... به .
أخرجه الدارقطني (2/222 رقم 28) ،وأحمد (4/258 و 378) عن أبن أبي
عدي ومحمد بن عبدالله الأنصاري عنه .
- وتابعه هشام بن حسان عن محمد بن سيرين ... به .
أخرجه الحاكم (4/518) من طريق موسى بن الحسن بن عباد : ثنا عبدالله
ابن بكر السهمي (الأصل : البيهقي) عنه .
- وقتادة عن محمد بن سيرين ... به .
أخرجه ابن عساكر من طريق عبدالله بن هشام أبي الحسن : حدثني أبي عن

(13/1107)


محمد بن سيرين عن أبي عبيدة أو أبي عبيدة بن حذيفة - شك أبو الحسن - قال :
كنت أسأل ...
قلت : فهؤلاء أربعة من الثقات اتفقوا على روايته عن ابن سيرين عن أبي
عبيدة عن عدي ، وهم أربعة :
أيوب السختياني ، وعبدالله بن عون ، وهشام بن حسان ، وقتادة .
وهؤلاء كلهم ثقات ؛ فالإسناد جيد ، لولا أنه اختلف على الثلاثة الأولين في
إسناده ، ووهاء السند بذلك إلى قتادة رابعهم ، وإليم البيان :
أولاً : أيوب ؛ فقال أحمد (4/258) : ثنا يونس : ثنا حماد - يعني : ابن زيد - :
أنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي عبيدة بن حذيفة عن رجل قال - يعني -
كنت أسأل ... فأدخل (الرجل) بين أبي عبيدة وعدي .
ويونس هو : ابن محمد المؤدب .
وتابعه سليمان بن حرب : نا حماد بن زيد ... به .
أخرجه الدارقطني (رقم 26 و29) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (5/342) .
فقد خالف هذا الثقتان : يونس المؤدب وسليمان بن حرب - إسحاق بن
إبراهيم المروزي - بزيادتهما عليه الرجل في الإسناد ، وأنه هو الذي سأل عدياً ،
وليس أبا عبيدة .
وإن مما لاشك فيه أن روايتهما مقدمة على روايته ؛ لأنهما اثنان ، وهو واحد ،
وكل منهما أوثق منه احنج بهما الشيخان دونه ، ومعهما زيادة ، وزيادة الثقة
مقبولة ، ولا سيما من اثنين على واحد ! فكيف وقد توبعا من :

(13/1108)


ثانياً : ابن عون . فقال عبدالرحمن بن حماد الشعيثي : ثنا ابن عون عن محمد
ابن سيرين ... به لكنه قال :
عن أبي عبيدة بن حذيفة عن رجل كان يسمى (اسمين) ، أنه دخل على
عدي بن حاتم ... " فزاد (الرجل) وسماه !
أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (4/472 - 473) .
والشعيثي - هذا - : ثقة ؛ فهو مرجوح عند مخالفته للثقتين المتقدمين اللذين
لم يذكرا (الرجل) . إلا أنه من جهة أخرى روايته هي الأرجح ؛ لما تقدم ، ويأتي
من المتابعين له ؛ فتنبه .
ثالثاً : هشام بن حسان . قال أحمد (4/257 و 379) : ثنا يزيد : أنا هشام ...
به مثل رواية يونس وسليمان المتقدمة .
ويزيد - وهو : ابن هارون الواسطي - أحفظ من عبدالله بن بكر السهمي ؛ ،وإن
كان ثقة - ولا سيما وفي الطريق إليه موسى بن الحسن بن عباد ، وهو الملقب
بـ (الجلاجلي) - ليس مشهوراً بالحفظ ، ولم يذكر الحافظ الذهبي في ترجمته من
"السير" غير قول الدارقطني فيه :
"لا بأس به" .
رابعاً : مخالفة قتادة لا قيمة لها ؛ لأنها لم تثبت عنه - كما سبقت الإشارة
إلى ذلك - ؛ فإن في الطريق إليه عبدالله بن هشام أبا الحسن ، وهو ضعيف جداً ؛
قال ابن أبي حاتم (2/2/193) :
"سألت أبي عنه ؟ فقال : هو متروك الحديث ".
وشذ ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" (8/347) !

(13/1109)


إذا عرفت هذا ؛ فمن المستغرب جداً قول الحافظ ابن عبدالبر في أول ترجمة
عدي من "الاستيعاب" :
"وخبره في قدومه على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبر عجيب فِي حَدِيثِ حسن صحيح من
رواية قتادة عن ابن سيرين"!
إلا أن يقال : لعله وقف له على طريق أخرى صحيحة عن قتادة ، فأقول:
وهذا وإن كان ممكناً بالنسبة لسعة حفظه ؛ فإني مما أستبعده ، ولئن ثبت ؛ فالجواب
ما تقدم من أن الراجح من ذاك الاختلاف : ثبوت الرجل المجهول في الإسناد .
ويؤكده روايتان أخريان :
الأولى : قال ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/324 - 325) ، وأحمد في
"المسند" (4/379) حدثنا حسين بن محمد : أخبرنا جرير بن حازم عن محمد
عن أبي عبيدة : أن رجلاً قال : ...
والأخرى : عن سعيد بن عبدالرحمن عن محمد بن سيرين عن أبي عبيدة
ابن حذيفة بن اليمان عن رجل كان يسمى (اسمين) أنه دخل على عدي بن
حاتم ... فذكر الحديث بمعناه .
هكذا أخرجه البيهقي في "الدلائل" (5/343) - عقب حديث حماد بن زيد
المتقدم - من طريق أحمد بن عبدالجبار قال : ثنا يونس بن بكير عن سعيد بن
عبدالرحمن .
قلت : وهذا إسناد جيد إلى الرجل ؛ سعيد بن عبدالرحمن هذا هو : البصري
أخو أبي حرة ؛ ثقة ، ومن دونه من رجال "التهذيب" .
وتخلص مما سبق من التخريج والتحقيق أن مدار إسناد هذه القصة على
محمد بن سيرين عن أبي عبيدة عن رجل عن عدي .

(13/1110)


وبذلك يتبين لنا بعض الأخطاء والتي لا بد لي من بيانها :
الخطأ الأول : ما وقع في "موارد الظمآن" (2280 - الطبعة السلفية) والطبعة
الجديدة (7/255 - الثقافة العربية) من ذكر (الشعبي) بين أبي عبيدة وعدي .
وكذلك وقع في "الإحسان" (8/239/6644 - طبع بيروت) ، ومن الغريب أن
الطابع وضعها بين معكوفتين [ ] ثم لم يبين من أين أخذها ! ومن محاسن
طبعة المؤسسة للكتاب أنها لم تقع فيه. وليس اعتمادي عليها في الجزم بخطئها ،
وإنما على ما تقدم من المصادر العديدة على اختلاف طرقها ، وبخاصة على "تاريخ
ابن عساكر" الذي رواه من طريق أبي يعلى - شيخ ابن حبان - ، وعلى رواية البغوي
الذي رواه عن شيخ أبي يعلى (إسحاق بن إبراهيم المروزي) .
الخطأ الثاني : قول الحاكم : "حديث صحيح على شرط "الشيخين" وإن وافقه
الذهبي ؛ فإن أبا عبيدة بن حذيفة ليس من رجال الشيخي أولاً .
ثم هو ليس بالمشهور بالثقة والعدالة ثانياً ، ولم يوثقه غير ابن حبان وهو عندي
وسط ؛ كما بينت في "تيسير الانتفاع" يسر الله لي إتمامه بمنِّه وكرمه (*) .
وهذا بالنسبة لإسناد الحاكم نفسه . وأما بالنسبة للأسانيد الأخرى فقد
عرفت مما سبق أن بينه وبين عدي ذاك الرجل المجهول حتى اسمه (اسمين) !
الخطأ الثالث : تجاهل المعلق على "الإحسان" وجود هذا الرجل في بعض المصادر
التي ذكرها ، وتبعه على ذلك المعلقان على "الموارد" ، وزادا عليه أنهما ذكرا رواية أبي
نعيم والبيهقي التي فيها تسمية الرجل بـ (اسمين) ! الذي لا وجود له في شيء من
كتب الرجال مما يؤكد جهالته ، ولا بد أنهم وقفوا عنده وتساءلوا عنه - منا يقتضيه
البحث العلمي - ، ولكنهم غضوا الطرف عنه وتجاهلوه ، ولم يعلقوا عليه بشيء ينبئ
__________
(*) قد تم بفضل الله - فيما نعلم - ولم يطبع بعد . (الناشر) .

(13/1111)


القارئ عن اهتمامهم به أولاً ، وعن رأيهم في وجوده في الإسناد وإعلاله إياه ثانياً .كل
ذلك لم يفعلوه ، وتعاملوا مع الحديث كأن لا وجود له ؛ فقووا إسناده ! والله المستعان .
إن أخشى ما أخشاه أن يكونوا أخذوا بسوط شهرة القصة في كتب السيرة
والتاريخ والتراجم ؛ فحال ذلك بينهم وبين الإفصاح عن العلة الظاهرة الجلية - كما
تقدم بيانه - حسب القواعد الحديثية . وليس بخاف على أحد من العارفين بهذا
العلم أنه لا تلازم بين الشهرة والصحة ، فكم من أمور اشتهرت في بطون الكتب
وعلى ألسنة الناس هي غير ثابتة في النقد العلمي ! والمرجع في ذلك كله إلى
العلم ، ولا شيء بعد ذلك .
وقبل أن أمسك القلم عن جريانه ولا بد لي من التنبيه على أنه قد صح آخر
الحديث من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لعدي :
"هل رأيت الحيرة ... " إلى آخر الحديث .
أخرجه البخاري في "صحيحه" (3595) من طريق أخرى عن عدي نحوه .

6489 - ( اللَّهُمَّ ! أَبَا عَامِرٍ ، اجْعَلْهُ فِي الْأَكْثَرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . هَذَا أَوْ
نَحْوَهُ ) .
منكر بهذا اللفظ .
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (13/187 - 188) : حدَّثَنَا
دَاوُدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ الضَّبِّيُّ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
نُعَيْمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ الْأَشْعَرِيِّ :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ لِأَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيِّ عَلَى خَيْلِ الطَّلَبِ ،
__________
(1) أسقطها المعلق على "مسند أبي يعلى" ، وهو من سوء تصرفه ؛ فإنها ثابتة في نسخة
من "المسند" - كما ذكر هو نفسه - ، وهي في "مسند أحمد" أيضاً ، والطبراني .
(2) الأصل : (نفسه) ، والتصحيح من "ابن حبان" و "المسند" .

(13/1112)


فَلَمَّا انْهَزَمَتْ هَوَازِنُ ؛ طَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَ [ابْنَ] (1) دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ ، فَأَسْرَعَ بِهِ فرسُهُ ،
فَقَتَلَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَبَا عَامِرٍ . قَالَ أَبُو مُوسَى : فَشَدَدْتُ عَلَى ابْنِ دُرَيْدٍ فَقَتَلْتُهُ ، وَأَخَذْتُ
اللِّوَاءَ ، وَانْصَرَفْتُ بِالنَّاسِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَأَى اللِّوَاءَ بِيَدِي ، قَالَ :
" أَبَا مُوسَى ، قُتِلَ أَبُو عَامِرٍ ؟ "
قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ : فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو لَهُ يَقُولُ : ... فذكره .
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (9/161/7147 - الإحسان) ، وابن عساكر
(18/158) من طريق أبي يعلى .. لم يذكر ابن حبان قوله : "هذا أو نحوه" .
وكذلك أخرجه أحمد (4/399) : ثنا علي بن عبدالله : ثنا الوليد بن مسلم :
ثنا يحيى بن عبدالعزيز الأردني ... به .
قلت : والوليد بن مسلم : مدلس تدليس التسوية ، ولم يصرح بسماع يحيى بن
عبدالعزيز من عبدالله بن نعيم ، وغفل عن ذلك المعلق على "أبي يعلى" ؛ فقال :
"إسناده حسن" . ثم ترجم لعبدالله بن نعيم ، وذكر الخلاف فيه . ويبدو لي أنه
وسط حسن الحديث إذا لم يخالف ؛ فإن الذهبي قال في "الميزان" :
"سئل عنه ابن معين فقال : مظلم . وقال غيره : صالح الحديث ".
ولخص ذلك في "المغني" فقال :
"تُكلم فيه" .
وفَسّر بعض الحفاظ قول ابن معين : "مظلم" بأنه ليس بمشهور . ويؤيده قول أبي
حاتم في ترجمة (سليمان بن شهاب) : أن عبدالله : - هذا - مجهول كما في "التهذيب"
(6/57) - ، ولم أره في ترجمة سليمان هذا من "الجرح والتعديل" . والله أعلم .
وأما يحيى بن عبدالعزيز - وهو : الأردني - ؛ فهو أحسن حالاً من عبدالله بن
نعيم ؛ وإن قال ابن معين :

(13/1113)


"ما أعرفه" ؛ فقد عرفه أبو حاتم ؛ فقال:
"ما بحديثه بأس" .
وروى عنه ثلاثة من الثقات أحدهم الوليد بن مسلم هنا ، وقد عرفت أنه
دلس ما بين يحيى وعبدالله بن نعيم . وأما قول المعلق على "مسند أبي يعلى"
(13/189) :
"وقد صرح الوليد بالتحديث عند البخاري في "التاريخ" .
قلت : يشير بذلك إلى قول البخاري فيه (3/1/215) :
"وروى الوليد بن مسلم : حدثنا يحيى بن عبدالعزيز ... ".
قلت : ولم يسق المتن مطلقاً ، ولا الإسناد بتمامه . فيؤخذ على المعلق غفلته
عن أمرين أحدهما أهم من الآخر :
أولاً : عزا التصريح المذكور للبخاري ، وهو علقه ولم يسنده ، فكان الأولى أن
يعزوه لأحمد ؛ لأنه أعلى طبقة وقد أسنده - كما رأيت - .
ثانياً : - وهذا هو الأهم - أنه يجهل أن مثل هذا التصريح لا يفيد في الوليد بن
مسلم ؛ لأن تدليسه كان من النوع الذي يعرف عند العلماء بـ (تدليس التسوية) ،
وهو أن يسقط ما بين شيخه ومن روى الشيخ عنه ، ولذلك قلت آنفاً :
"ولم يصرح بسماع يحيى ... من عبدالله ... ".
ويبدو لي من اطلاعي على تخريجات المذكور في بعض مطبوعاته ، أنه لا
يدري الفرق بين هذا التدليس ،والتدليس الآخر المعروف بـ (تدليس الشيوخ) أو
أنه يدري ، ولكن لا يدري حقيقة تدليس الوليد بن مسلم ، والأمثلة من تخريجاته

(13/1114)


كثيرة لا حاجة لضرب الامثلة ، فها هو المثال بين يديك ، ولعله قد مضى له أمثلة
أخرى .
لكني قد وجدت للوليد متابعاً قوياً ؛ فقال هشام بن عمار : ثنا يحيى بن
حمزة : ثنا يحيى بن عبدالعزيز ... به .
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/121/6881) وقال :
"لا يروى عن الضحاك عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد ؛ تفردبه يحيى بن
حمزة ".
كذا قال ! وفاتته رواية الوليد بن مسلم . {وفوق كل ذي علم عليم} .
وحسّن الحافظ في "الفتح" (8/42 - 43) إسناد الطبراني هذا ، وقرن معه
(ابن عائذ) . وهو في اقتصاره على التحسين يشير إلى الكلام الذي في راويه
(عبدالله بن نعيم) المتقدم . وهو اللائق به - كما سبقت الإشارة إلى ذلك - .
فقد يقال : إذا كان الأمر كذلك ؛ فما وجه إيرادك لحديثه هنا دون "الصحيحة" ؟
والجواب : لقد استرعى انتباهي أمران ، أحدهما في هذه الطريق ، والآخر في
طريق أخرى أصح من هذه .
أما الأول : فهو قوله في آخر الحديث : "هذا أو نحوه" ،فانتبهتُ إلى أن الراوي
شك في ضبطه لفظ دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، واقترن معه الكلام الذي قيل فيه .
وأما الآخر : فهو أن القصة جاءت بإسناد صحيح جداً عن أبي بردة عن أبي
موسى بأتم من هذه ، وفيها :
فَدَعَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ :
"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ " - وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ - ثم قال :

(13/1115)


"اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ النَّاسِ ... ".
أخرجه البخاري (4323) ، ومسلم (7/170 - 171) ، والنسائي في "السنن
الكبرى" (5/240 - 241) ، والبيهقي في "الدلائل"(5/152 - 153) ، وأبو يعلى
(13/299 - 301) ، وعنه ابن حبان (9/163 - 164 - الإحسان) كلهم من طريق
أبي أسامة عن بريد بن عبدالله عن أبي بردة ... به .
قلت : ففي هذا الحديث الصحيح أن دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي عامر رضي الله
عنه كان بلفظ :
"فوق كثير ... ".
فهذا مما يؤكد أن راوي حديث الترجمة - وهو عبدالله بن نعيم - على الغالب
لم يضبط لفظ الحديث ؛ كما أشار إلى ذلك في آخره : "هذا أو نحوه" ، ولعله أراد
أن يقول : "فوق" مكان "في" و "كثير" فقال : "الأكثرين" ، فلم تساعده الحافظة ؛
فخالف الثقة ؛ فكان لذلك حديثه منكراً ، ولا يخفى الفرق الشاسع بين اللفظين
عند ذوي الألباب .
وإن مما يؤكد نكارته أن الدعاء لصحابي ما ، بأن يجعله في الأكثرين يوم القيامة
ليس منقبة له ، فتأمل تجده ظاهراً جداً .
إذا عرفت هذا ؛ فالعجب من أناس يتولّون تخريج الأحاديث ، وتمييز صحيحها
من ضعيفها ، ولا فقه عندهم في متونها يساعدهم على معرفة الشاذ والمنكر من
الحديث . فانظر مثلاً إلى المعلق على هذا الحديث في "الإحسان" (16/164)
يقول - ولا أدري أهو شعيب نفسه أو أحد أعوانه - :
"حديث صحيح" !

(13/1116)


دون أن ينظر أو ينتبه للنكارة في الجملة المذكورة آنفاً المخالفة للحديث الصحيح
الآتي بعد خمسة احاديث (7198) عنده !
ومثله أسوأ منه المعلق على حديث الترجمة في "مسند أبي يعلى" ؛ فإنه
بعد أن عزاه لأحمد وابن عساكر عزاه للشيخين أيضاً دون أن ينتبه أيضاً للفرق
المذكور آنفاً .والله المستعان .

6490 - ( يُنْصَبُ للكافرِ يوَم القيامةِ مِقْدارُ خمسينَ ألفَ سنةٍ ، وإنَّ
الكافر لَيَرَى جهنمَ ويظنُّ أنها مواقِعَتُهُ من مسيرةِ أربعين سنةً ) .
ضعيف .
أخرجه ابن حبان في" صحيحه" (2581 - موارد) : أخبرنا ابن سلم :
حدثنا حرملة بن يحيى : حدثنا ابن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث : أن أبا
السمح حدثه عن ابن حجيرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ظاهر الجودة ، رجاله ثقات ؛ لكنه معلول بأبي السمح
- واسمه : دراج - ؛ فإنه مختلف فيه ، وتوسط فيه أبو داود فقال :
"مستقيم الحديث إلا ما كان عن أبي الهيثم" . وتبناه الحافظ ، فقال :
"صدوق ، فِي حَدِيثِه عن أبي الهيثم ضعف ".
وعليه يكون الإسناد حسناً ؛ لأنه ليس من حديثه عن أبي الهيثم ، وهو ما
صرح به المعلق على "الإحسان" (16/349) ، ثم في "الموارد" (2/1164) ، لكن
خفيت عليه العلة ، وهي الشذوذ في الإسناد ، حيث ذكر فيه (ابن حجيرة) - واسمه :
(عبدالرحمن) وهو ثقة - مكان أبي الهيثم - واسمه : (سليمان بن عمرو العتواري) ،
وهذا هو المحفوظ عن دراج عنه - ،وقال : "عن أبي سعيد" مكان أبي هريرة : فقال
ابن جرير الطبري في "التفسير" (15/173) : حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب

(13/1117)


قال : أخبرني عمرو بن الحارث عن دَرَّاج عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ .
وتابعه أزهر بن نصر : ثنا عبدالله بن وهب ... به .
أخرجه الحاكم (4/597) وصححه ! ووافقه الذهبي !
وتابع (عَمرَو بنَ الحارث) ابنُ لهيعة :ثنا دراج ... به .
أخرجه أحمد (3/75) ،وأبو يعلى (2/524/1385) ، أخرجاه مع جملة
أحاديث بهذا الإسناد الواحد ، وأخرج ابن عدي في "الكامل" طائفة كبيرة منها
(3/113 - 115) جُلّها من طريق ابن وهب ، واستنكرها .
وبهذا التخريج والتتبُّع لطرق الحديث انكشفت العلة ، وتبين أن الحديثَ
حديثُ دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد ، وليس حديث دراج عن ابن حجيرة
عن أبي هريرة .
فإن قيل : هذا ظاهر جداً ،ولكن ممن الخطأ ؟
فأقول - وبالله التوفيق - : الذي يغلب على الظن أنه من حرملة بن يحيى ؛ فإنه
وإن كان ثقة من شيوخ مسلم ، فله غرائب ، قال الذهبي في "المغني في الضعفاء" :
"صدوق يغرب ، قال أبو حاتم : لا يحتج به . وقال عبد الله بن محمد
الفرهاذاني : ضعيف (1) . وقال ابن عدي : قد تبحرت فِي حَدِيثِه ، وفتشته الكثير ،
فلم أجد له ما يجب أن يضعف من أجله " .
قلت : فالأصل في مثله أن يحتج به - وهذا ما صنعه الإمام مسلم - ؛ ولكن
__________
(1) هكذا في "الكامل" ، وكذلك وقع في نقل الحافظ المزي عنه في "تهذيبه" وهو
الصواب . ووقع في "تهذيب الحافظ" : "صعب" . وهذا تحريف خفي على المعلق على
"الكامل" فنقله عنه مشككاً في صحة اللفظ الأول !

(13/1118)


هذا لا يعني أنه لا يُتَّقى من حديثه ما ظهر أنه أخطأ فيه ، كهذا ؛ قد خالفه من هو
أوثق منه - ألا وهو يونس بن عبدالأعلى الصدفي - ؛ كما تقدم في رواية ابن جرير
الطبري عنه . فإذا اختلفا في إسناد ما ؛ كان الفلج له عليه ، لا يشك في ذلك كل
من كان على علم بأقوال العلماء فيهما . يكفي في ذلك أن حرملة قد أورده
العقيلي في "الضعفاء" ، ثم ابن عدي - كما سبق - ، مع جرح أبي حاتم إياه - كما
علمت - ، بخلاف يونس فلم يورداه في كتابيهما ،ولا جرحه أحد ، وتأمل الفرق
بين ترجمتيهما عند الحافظين الذهبي والعسقلاني ؛ فقال الذهبي في "الكاشف" :
"حرملة بن يحيى ... صدوق من أوعية العلم ، وقال أبو حاتم : لا يحتج به ".
وقال :
"يونس بن عبدالأعلى ... ثقة فقيه محدث مقرئ من العقلاء النبلاء".
وقال الحافظ في هذا :
"ثقة" . أي : هو من المرتبة الثالثة .
وقال في (حرملة) :
"صدوق" . أي : من المرتبة الرابعة.
وثمة مرجح آخر لرواية يونس على حرملة ، وهو متابعة ابن لهيعة المتقدمة ،
على لين فيه ، ولكنه يستشهد به ؛ لأنه صدوق في نفسه - كما هو معلوم - .
ولا يفوتني أن أذكر أنه من المحتمل أن لا يكون الخطأ المذكور من حرملة
نفسه ، وإنما هو من بعض رواة كتاب ابن حبان أو نساخه ، وإن مما يساعد على ذلك
أني رأيت الحافظ السيوطي قد أورد الحديث في "الجامع الكبير" (2/1017 -
المصورة) من حديث أبي سعيد معزواً لجمع منهم ابن حبان ، وكذلك فعل في

(13/1119)


"الدر المنثور" (4/228) ، إلا أنه من الممكن أن يقال : إن هذا من تساهل السيوطي
في التخريج ؛ حمل رواية ابن حبان التي عن أبي هريرة على رواية الجماعة التي
عن أبي سعيد ؛ لأنه لم يكن في صدد التمييز والتحقيق . والله أعلم .
فإن قيل :ما ثمرة ترجيح رواية يونس على رواية حرملة ، ما دام أن شيخ دراج ،
أبا الهيثم - ثقة كما ذكرت فيما سبق - ؟
قلت : الجواب فيما تقدم في مطلع التخريج من قول أبي داود في (دراج) :
"مستقيم الحديث إلا ما كان عن أبي الهيثم" .
على أن بعض العلماء يضعّفون دراجاً مطلقاً . والله أعلم .
والحديث أورده ابن كثير في تفسير سورة الكهف ، من رواية ابن جرير وأحمد
بسنديهما ، ساكتاً عنهما ؛ فتوهم الشيخان الحلبيان - لجهلهما - سكوته تصحيحاً
له ، فذكراه في "مختصر تفسير ابن كثير" ، وقد نصا في المقدمة أنهما لا يذكران
من الحديث إلا ما صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وكنا نودّ أن يتمكنا من الوفاء بما وعدا ، وهيهات
هيهات ؛ ففاقد الشيء لا يعطيه ، وأحدهما قد انتقل من هذه الدنيا - نسأل الله له
الرحمة والمغفرة - ، والآخر لا يزال حياً ؛ فلعله يتوب إلى الله ،ويصحح موقفه مع
أحاديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ مذكّرين له بقوله تعالى : { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً }.

6491 - ( إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْبَراً مِنْ نُورٍ ، وَإِنِّي لَعَلَى أَطْوَلِهَا
وَأَنْوِرِهَا ، فَيَجِيءُ مُنَادٍ يُنَادِي : أَيْنَ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ ؟ قَالَ : فَيَقُولُ الْأَنْبِيَاءُ :
كُلُّنَا نَبِيٌّ أُمِّيٌّ ، فَإِلَى أَيِّنَا أُرْسِلَ ؟ فَيَرْجِعُ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ : أَيْنَ النَّبِيُّ
الْعَرَبِيُّ ؟ قَالَ : فَيَنْزِلُ مُحَمَّدٌ حَتَّى يَأْتِيَ بَابَ الْجَنَّةِ فَيَقْرَعَهُ فَيَقُولُ : مَنْ ؟

(13/1120)


فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ - أَوْ أَحْمَدُ - ، فَيُقَالُ : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ .
فَيُفْتَحُ لَهُ فَيَدْخُلُ ، فَيَتَجَلَّى لَهُ الرَّبُّ ، وَلَا يَتَجَلَّى لِنَبِيٍّ قَبْلَهُ ، فَيَخِرُّ لِلَّهِ
سَاجِداً ، وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ ، وَلَنْ
يَحْمَدَهُ أَحَدٌ بِهَا مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهُ ، فَيُقَالُ لَهُ : مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ ، تَكَلَّمْ
تُسْمَعْ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، ... فذكر الحديث ) .
منكر بهذا السياق .
أخرجه ابن حبان (643 - 644 - موارد) : أَخْبَرَنَا أَبُو
خَلِيفَةَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ : حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ حَبِيبٍ اللَّيْثِيُّ أَبُو سَعِيدٍ : حَدَّثَنَا
ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مرفوعاً .
قلت : وهذ إسناد رجاله ثقات معروفون ؛ غيركثير بن حبيب هذا لم يوثقه
كثير أحد ، غير ابن حبان فذكره في "الثقات" (7/354) ، وقال ابن أبي حاتم
(3/2/150) عن أبيه :
"لا بأس به" .
وهذا يعني عنده - كما نص في (باب درجات رواة الآثار) (1/37) - أنه ممن
يكتب حديثه وينظر فيه ، وهي المنزلة الثانية .
قلت : فمثله حديثه مرشح ليكون حسناً أو ضعيفاً ، حسبما يحيط به من أمور
مقويات ، أو موهنات . وأرى أن الوهن في متنه ظاهر ، والفضل في ذلك يعود إلى
الحافظ الذهبي النَّقّاد ، فإنه ساق الحديث في ترجمته من "الميزان" ، وقال عقبه :
"هذا حديث غريب جداً ، في "الرؤية" لأبي نعيم ".
ثم قال عقبه :
"كثير بن حبيب عن ثابت ، وعنه الصلت بن مسعود بخبر موضوع ، وهو الأول ".

(13/1121)


والخبر المشار إليه لم أعرفه . الصلت بن مسعود : ثقة من شيوخ مسلم ؛ فالعلة
من كثير بن حبيب ، فكأنه لذلك أشار في "الكاشف" إلى تليين توثيقه بقوله :
"وُثِّق" .
هذا وقد تأملت فِي حَدِيثِ الترجمة ، فوجدت فيه غرائب تفرد بها المذكور
دون كل الثقات الذين رووا حديث الشفاعة بطوله ، ومن طرق عن أنس وغيره من
الصحابة في "الصحيحين" وغيرهما ، وقد أخرج الكثير الطيب منها ابن خزيمة في
(التوحيد) من "صحيحه" .
من ذلك : إخباره عن الأنبياء أن كلاً منهم نبي أمي ! وهذا خلاف الصفة
التي اختص بها نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وقوله في خزنة الجنة أنهم قالوا : "أوقد أرسل إليه ؟". ؛ فإنه من المستبعد
جداً أن لا يكونوا قد علموا برسالته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقد انتهت وظيفة الرسل ، وحان وقت
دخول الجنة . وغالب الظن أنه دخل عليه حديث فِي حَدِيثِ ؛ فإن هذه الجملة
ثبتت في فصة المعراج ، ففيها قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا ، فَاسْتَفْتَحَ فَقِيلَ: مَنْ هَذَا ؟ قَالَ:
جِبْرِيلُ . قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ . قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ... ".
الحديث بطوله .
أخرجه مسلم (1/99 - 100) ، وأبو عوانة (1/126 - 128) من طريق حماج
ابن سلمة : حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك ... به .
وأخرجه مسلم وأبو عوانة والبخاري أيضاً (3887) ، وابن حبان (1/128/131)
من طريق قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة ... به .

(13/1122)


قلت فالظاهر أن ابن حبيب هذا خلط بين هذا وبين حديث الشفاعة ؛
فأدخل هذه الجملة فيه . والله أعلم .
وإذا كان العلماء قد تأولوها في هذا الحديث الصحيح بأن المراد أرسل إليه ؛
ليعرج به إلى السماء ؛ كما قال ابن حبان (1/133) ، وتبعه الحافظ في "الفتح"
(7/209) ، وقال :
"ليس المراد أصل البعث ؛ لأن ذلك كان قد اشتهر في الملكوت الأعلى ".
قلت : ومثل هذا التأويل إذا كان في هذا الحديث الصحيح ؛ فليس مقبولاً
نحوه في هذا الحديث المنكر ، كأن يقال مثلاً : أي أرسل إليه ؛ ليدخل الجنة .
والله أعلم .
وقد يكون هنالك أمور اخرى مستنكرة ، قد تظهر ؛ إذا ما أمعن النظر ، وفيما
ذكرت كفاية . والله ولي التوفيق .
وإن من تفاهة التحقيق أن المعلق على "الإحسان" (14/401 - طبعة المؤسسة) مع
تحسينه لإسناد الحديث ، ونقله استغراب الذهبي الشديد للحديث ؛ عقّب عليه بقوله :
"أخرجه البخاري (7510) ، ومسلم (193 و 326) ، وابن خزيمة في "التوحيد"
(ص 299) من طرق عن حماد بن زيد ، عن معبد بن هلال العنزي عن أنس بن
مالك ".
وهو يشير إلى حديث الشفاعة الطويل ، وليس فيه شيء مما في هذا الحديث
المنكر المذكور هنا إلا كلمات قليلة ، فيال لها من غفلة ، ما تَصْدُر إلا من مبتدئ في
هذا العلم ؛ كالمعلقين الثلاثة على طبعتهم المزوقة لكتاب "الترغيب" للمنذري !
ولذلك حسّنوه تقليداً منهم للمعقب المشار إليه . والله المستعان .

(13/1123)


6492 - ( نعمْ ، وذلك أنَّ فيها التوراة ، وعصا موسى ، ورّضْراضَ (1)
الألواحِ ، ومائدةَ سليمانَ بنِ داودَ في غارٍ من غيرانِها ، ما من سحابةٍ
تُشْرِفُ عليها من وجهٍ من الوجوهِ إلا فرَّغتْ ما فيها من البركةِ في ذلك
الوادي ، ولا تذهبُ الأيامُ ولا الليالي حتى يسكُنَها رجلٌ من عِتْرَتي ،
اسمُه اسمي ، واسمُ أبيه اسمُ أبي ، يُشْبِهُ خَلْقُهُ خَلْقي ، وخُلُقُه خُلُقي ،
يملأُ الدنيا قِسطاً كما ملئتْ ظلماً وجَوْراً . يعني : مدينة أنطاكية ) .
منكر جداً .
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/471) ، ومن طريقه ابن
الجوزي في "الموضوعات" (2/56 - 57) ، والذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/765)
من طريق عبد الله بن السري المدائني عن أبي عمر البزاز عن مجالد بن سعيد
عن الشعبي عن تميم الداري قال:
قلت : يا رسول الله ! ما رأيت للروم مدينة مثل مدينة يقال لها (أنطاكية) ، وما
رأيت أكثر مطراً منها ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... فذكره . وقال الذهبي :
"هذا حديث منكر ضعيف الاسناد " . ولم يبين علته .
وأما ابن الجوزي فقال :
"هذا حديث لا يصح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قال ابن حبان : عبدالله بن السري
يروي عن أبي عمران الجوني العجائب التى لا يشك أنها موضوعة ، لا يحل ذكره
إلا على سبيل الإخبار عن أمره ".

قلت : كذا قال ابن حبان في ترجمة (عبدالله بن السري) هذا من "الضعفاء"
(2/33 - 34) ، وقد تحرّف عليه (أبو عمر البزاز) إلى (أبي عمران الجوني) ، وهذا
__________
(1) هي الحصا الصغار . كما في "النهاية" .

(13/1124)


تابعي معروف - اسمه : عبدالملك بن حبيب - ما يدركه مثل (عبدالله بن السري) ،
وقد ذكره ابن حبان نفسه في طبقة (تبع أتباع التابعين) من "الثقات" أيضاً
فتناقض ! وذكره الحافظ في الطبقة التاسعة من "التقريب" وهي عنده الطبقة
الصغرى من أتباع التابعين . ولهذا قال الذهبي في ترجمة ( عبدالله بن السري [ ق ]
المدائني ثم الانطاكي عن أبى عمران الجوني ، وعنه خلف بن تميم:
"قلت: هذا الجوني ما أعتقد أنه (عبدالملك بن حبيب) التابعي المشهور ، بل
واحد مجهول ، لان التابعي لم يدركه ابن السري ، ولان المجهول قد روى - كما ترى -
عن مجالد ، وهو أصغر من عبدالملك .( ثم ذكر اتهام ابن حبان إياه بالوضع ، مع
الحديث ، مع ذكر ابن الجوزي إياه في "الموضوعات" ثم قال : )
"قال شيخنا أبو الحجاج : صوابه أبو عمر البزاز . وهو حفص بن سليمان
القارئ".
ونقله عنه السيوطي في "اللآلي" (1/464) وأقره .
قلت : وأنا أخرج هذا الحديث استغربت أموراً صدَرَت من بعض الحفاظ :
الأول : ابن الجوزي ، وذلك من ناحيتين :
الأولى : أنه ساق الحديث من طريق الخطيب - كما تقدم - ، وفي إسناده (أبو
عمر البزاز) فقط ؛ لكنه أدرج عقبه في السند فقال : "وفي رواية عن أبي عمران
الجوني " ؛ فأوهم أنها رواية للخطيب - وليس كذلك - ، وإنما هي هي لابن حبان فقط - كما
عرفت - .
والأخرى : أنه نقل إعلال ابن حبان إياه بـ (عبدالله بن السري) ثم مضى ولم
يعلق عليه بشيء . وهذا معناه أنه موافق له على تضعيفه لعبدالله ، ويؤيده أنه أورده

(13/1125)


هو بدوره في كتابه "الضعفاء" (2/124) ، وهذا - فيما أرى - خطأ ، والصواب أن
الرجل صدوق ؛ كما قال الذهبي في "الكاشف" وتبعه الحافظ ، لكنه زاد فقال :
روى مناكير كثيرة تفرد بها ".
والحق أنه بريء الذمة من هذه المناكير ؛ فقد صرح ابن عدي في ترجمته
من "الكامل" أن العلة فيها من غيره ، وأنه لا بأس به . ومنها حديث اللعن المخرج
في المجلد الرابع برقم (1507) ؛ فإن العلة فيه ممن فوقه - كما بينت هناك - ؛ لكن
وقع مني سهو - أرجو أن يغفره الله لي - ، وهو أنني قلت بأن عبدالله هذا
ضعيف . ولعلي كنت متأثراً بقول الذهبي في "المغني" : "ضعفوه" ، وباتهام
الحافظ إياه بالمناكير ، والآن فقد تبين أن الرجل صدوق ، وأن المناكير من غيره
كهذا الحديث ، فالعلة من شيخه أبي عمر البزاز (حفص بن سليمان) ، فإنه
متروك مع كونه إماماً في القراءة .
الثاني : الحافظ الذهبي ؛ فإنه رمز في ترجمته المتقدمة أنه من رجال ابن
ماجه - وهذا صحيح - ، وأنه روى عنده عن أبي عمران الجوني ، وعنه خلف بن
تميم . وهذا غير صحيح ؛ وإنما روى خلف عن عبدالله بن السري عن محمد بن
المنكدر عن جابر حديث اللعن المشار إليه آنفاً ، فهو الذي رواه ابن ماجه (263) .
وزيادة في الإفادة أقول : قال الحافظ المزي (15/16) :
"هكذا رواه خلف بن تميم عن عبدالله بن السري ، وقد أسقط منه إسناده
ثلاثة رجال ضعفاء ".
ثم ساق إسناده من طريق الطبراني بإثبات الضعفاء الثلاثة بين عبدالله بن
السري ومحمد بن المنكدر ؛ الأمر الذي يؤكد ما ذكرته آنفاً : أن العلة من فوق .
الثالث : ابن عراق في "تنزيه الشريعة" ؛ فإنه مع كونه أورد الحديث في

(13/1126)


"الفصل الأول" - إشارة منه إلى إقراره لابن الجوزي ثم للسيوطي على حكمهما
على الحديث بالوضع - ، فإنه لم يزد على قوله عقبه :
"(حب) وفيه عبدالله بن السري المدائني "!
وهذا مما لا يحتاج إلى تعليق !!

6493 - ( مَنْ قَالَ بَعْدَ مَا يَقْضِي الْجُمُعَةَ : سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ؛
مِائَةَ مَرَّةٍ ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ [ مائةَ ] أَلْفِ ذَنْبٍ ، وَلِوَالِدَيْهِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ
ذَنْبٍ ) .
منكر .
أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (122/371) من طريق
علي بن معبد (الأصل : سعيد) : حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَذْحِجِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ
ابْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد مظلم ، لم أعرفه ، وفي طبقته : إسحاق بن إبراهيم عن
الزهري . وعنه معاوية بن صالح .قال أبو حاتم :
"مجهول" .
وأما ابن حبان ؛ فذكره في "الثقات" على قاعدته المعروفة ؛ أورده في (أتباع
التابعين) (6/51) فحيتمل أنه هذا .
ومثله الراوي عنه سليمان بن عمران المذحجي ، وفي طبقته سليمان بن
عمران ، روى عن حفص بن غياث . روى عنه زهير بن عباد الرواسي ؛ منا في
"جرح ابن أبي حاتم" ، وقال :
"دل حديثه على أن الرجل ليس بصدوق".

(13/1127)


قلت : وهذا القول يصدق على راوي هذا الحديث ؛ لكن التهمة تتردد بين
هذا وشيخه .والله أعلم .
والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" لابن السني والديلمي ، وسكت
عنه كغالب عادته ، والزيادة منه .

6494 - ( إنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لاَ تَعْتَمِدَ عَلَى يَدَيْكَ حِينَ تُرِيدُ أَنْ تَقُومَ
بَعْدَ الْقُعُودِ فِى الرَّكْعَتَيْنِ ) .
منكر .
أخرجه ابن عدي في ترجمة (عبدالرحمن بن إسحاق الوسطي)
من طريق ابْن فُضَيْلٍ عَنْه عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَلِىٍّ قَالَ : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد واهٍ جداً ، الواسطي هذا : قال أحمد والبخاري :
"منكر الحديث" .
رواه عنهما ابن عدي .وقول البخاري في "التاريخ الكبير" (3/1/259) .
وروى عبدالله بن أحمد في "كتاب العلل" (1/334) عن أبيه أنه قال فيه :
"متروك الحديث".
قلت : وهو ممن اتفقوا على تضعيفه - كما قال النووي - ، وذلك لكثرة مناكيره ،
ومن ذلك حديثه عن علي أيضاً :
"السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة ".
وهومخرج في "ضعيف أبي داود" (128 و 131) .

6495 - ( مَا تَحَابَّ رَجُلانِ فِي اللَّهِ ؛ إِلا وَضَعَ اللَّهُ لَهُمَا كُرْسِيّاً فَأُجْلِسَا
عَلَيْهِ ، حَتَّى يَفْرُغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْحِسَابِ ) .
موضوع .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (20/36/52) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ

(13/1128)


ابن عُثْمَانَ بن أَبِي شَيْبَةَ : حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بن مُكْرَمٍ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بن بُكَيْرٍ : حَدَّثَنَا زِيَادُ بن
الْمُنْذِرِ عَنْ نَافِعِ بن الْحَارِثِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بن الْجَرَّاحِ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ... فذكره . فَقَالَ مُعَاذُ بن جَبَلٍ : صَدَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ .
قلت : وهذا إسناد موضوع ؛ فيه آفات :
الاولى : نافع بن الحارث - وهو : أبو داود الأعمى - ، وبه اعله الهيثمي ؛ فقال
(10/278) :
"رواه الطبراني ، وفيه أبو داود الأعمى ؛ كذاب".
الثانية : زياد بن المنذر أبو الجارود الأعمى : قال الحافظ :
"رافضي : كذبه يحيى بن معين ".
الثالثة : محمد بن عثمان هذا مع كونه من الحفاظ ففيه كلام كثير . وقال
الذهبي في "المغني" :
"حافظ ، وثقة جزرة ، وكذبه عبدالله بن أحمد ".
ومن هذا تعلم ما في سكوت الزبيدي في "شرح الإحياء" (6/175) من
التقصير ؛ إن لم أقل من التضليل للقراء والتغرير !
(تنبيه) ترجم الطبراني لهذا الحديث بقوله :
"ما أسند أبو عبيدة بن الجراح عن معاذ "!
فتعقبه أخونا الفاضل حمدي السلفي بأن الحديث لم يروه أبو عبيدة عن
معاذ ، وإنما روياه معاً عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فكان الصواب أن يكون العنوان : ما رواه
بعض أصحاب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن معاذ .
وأقول : والاصوب أن يضم أبو عبيدة إلى معاذ .

(13/1129)


6496 - ( اغْسِلْنَهَا ، ثَلاثاً ، أَوْ خَمْساً ، أَوْ سَبْعاً ، وَاجْعَلْنَ لَهَا ثَلاثَةَ
قُرُونٍ . يعني : ابنةَ له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفيتْ ) .
شاذ بلفظ الأمر في (القرون) .
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (5/15/
3022) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (25/49 - 50) من طريق حَمَّاد بن سَلَمَةَ
عَنْ أَيُّوبَ ، وَهِشَامٍ ، وَحَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بن سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ:
تُوُفِّيَتْ ابنةٌ لرسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ:
"اغْسِلْنَهَا بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ ثَلاثاً ، أَوْ خَمْساً ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ - إِنْ رَأَيْتُنَّ ذلك - ،
وَاجْعَلْنَ فِي آخِرِهِنَّ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ ؛ فَائْذَنَّنِي.
فَآذَنَّاهُ ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ وَقَالَ:
"أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ" .
قَالَ أَيُّوبُ ، وَقَالَتْ حفصة :
اغْسِلْنَهَا ثَلاثاً ... " الحديث .
قلت : هكذا وقع في الرواية : "قال أيوب ..." . وعندي أن الأدقّ أن يقال :
"قال حماد : قال أيوب " . أو على الأقل : "قال : قال أيوب" ؛ ليعود الضمير المستتر
إلى حماد ؛ فإنه هو الذي تفرد بروايته عنه بهذا اللفظ : " وَاجْعَلْنَ لَهَا ثَلاثَةَ قُرُونٍ"
دون كل من رواه عن أيوب عن ابن سيرين ، ولذلك جعلته شاذاً ؛ فإنهم قالوا :
"قالت أم عطية : مشطتها ثلاثة قرون".
فجعلوه من فعلها وليس من أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإن كان لا منافاة بين الروايتين ؛
ولكنه حديث رسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فينبغي التثبت . على أن ابن سيرين لم يسمعه من

(13/1130)


أم عطية - بينهما أخته حفصة بنت سيرين ؛ كما حققه ابن عبدالبر في "التمهيد
1/372) ، وإليك اسماء المخالفين لحماد بن سلمة ، مما تيسر لي الوقوف عليه مع
العزو المتيسر ايضاً :
1 - عبد الوهاب الثقفي عن ابن سيرين عن حفصة .
أخرجه البخاري (1254) .
2 - حماد بن زيد عنه .
البخاري (1258) ، مسلم (3/47) ، ابن حبان (3021) .
3 - ابن جريج عنه .
البخاري (1260) ، عبدالرزاق (3/403) ، وعنه الطبراني في "الكبير" (25/
66/159) .
4 - يزيد بن زريع .
رواه مسلم ( 3/47) .
5 - إسماعيل ابن علية .
مسلم أيضاً ، وأحمد (5/84) .
6 - سفيان بن عيينة عن ابن سيرين دون ذكر حفصة .
أحمد أيضاً (6/407) ، والحميدي (360) .
7 - معمر عن ابن سيرين دون حفصة أيضاً .
عبدالرزاق أيضاً وعنه الطبراني (25/45 - 46) .
وتابع ابن سيرين هشام بن حسان : حدثتنا حفصة عن أن عطية ... به .

(13/1131)


أخرجه البخاري (1262 و 1263) ومسلم أيضاً ، وابن سعد (8/34 و 455)
والبغوي (5/305) وأحمد (6/408) والبيهقي (3/389 و 4/6) والطبراني في
"المعجم الكبير" (125/64 و65) من طرق كثيرة عن هشام ... به .
قلت : فاتفاق هؤلاء الثقات السبعة على رواية هذه الجملة من الحديث
الصحيح من فعل أم عطية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، لا من أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يدل دلالة قاطعة
على وهم حماد بن سلمة في روايته إياها من أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وبخاصة أن حماداً - وإن
كان ثقة من رجال مسلم - ؛ قد تكلم فيه من قِبَل حفظه ، وبالخصوص في روايته
عن غير ثابت - كما هنا - .
وإن مما يؤكد وهمه متابعة هشام المذكورة ، ولا يخل فيها ما ذكره الحافظ في
"الفتح" (3/134) أن سعيد بن منصور رواه بلفظ الأمر من رواية هشام عن حفصة
عن أم عطية قالت :
قال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"اغسلنها وتراً ، واجعلن شعرها ضفائر".
أقول : لا يخلُّ هذا بالمتابعة المذكورة ؛ لأن الجواب عن رواية سعيد هذه هو
الجواب عن رواية حماد بن سلمة ، هذا ؛ إن سلم من النقد ما بين هشام وسعيد
ابن منصور.
والواقع أن ذكر الحافظ لرواية هشام هذه ، ولرواية حماد بن سلمة عند ابن
حبان المتقدمة ، مع عدم وجودها في كتابي "أحكام الجنائز" ، وقد كنت خرجته
فيه (ص 65) برواية الشيخين وأصحاب "السنن" وغيرهم ، وقد ضممت إليه ما
كنت وقفت عليه يومئذٍ من الزيادات الصحيحة ، وليس فيها هذه الجملة من
الأمر ، كل هذا كان مما حملني على تخريجها للتأكد من حالها ، ولا سيما وقد

(13/1132)


سكت الحافظ عنها ، إشارة إلى ثبوتها عنده ، فإن تبين لي الثبوت ضممتها
إلى تلك الزيادات ؛ وإلا أوردتها في هذه "السلسلة" ؛ لتكون لي تذكرة ، ولغيري
بينة ، لا سيما وأن الحافظ ذكر خلافاً في العمل بما في الجملة ؛ فقال تحت
حديث هشام (3/134) :
"وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى ضَفْر شَعْر الْمَيِّت خِلَافاً لِمَنْ مَنَعَهُ . فَقَالَ اِبْن الْقَاسِم : لَا
أَعْرِف الضَّفْر ، بَلْ يُكَفّ ( وفي نسخة : بل يلف) . وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَنَفِيَّة : يُرْسَل
شَعْر الْمَرْأَة خَلْفهَا وَعَلَى وَجْههَا مُفَرَّقاً . قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَكَأَنَّ سَبَب الْخِلَاف أَنَّ الَّذِي
فَعَلَتْهُ أُمّ عَطِيَّة هَلْ اِسْتَنَدَتْ فِيهِ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُون مَرْفُوعاً ، أَوْ هُوَ شَيْء رَأَتْهُ
فَفَعَلَتْهُ اِسْتِحْسَاناً ؟ كِلَا الْأَمْرَيْنِ مُحْتَمَل ، لَكِنْ الْأَصْل أَنْ لَا يُفْعَل فِي الْمَيِّت شَيْء
مِنْ جِنْس الْقُرَب إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الشَّرْع مُحَقَّق ، وَلَمْ يَرِد ذَلِكَ مَرْفُوعاً ، كَذَا قَالَ ! وَقَالَ
النَّوَوِيّ : الظَّاهِر اِطِّلَاع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقْرِيره لَهُ .
قُلْت (الحافظ هو القائل) : وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور بِلَفْظِ الْأَمْر ... " إلخ .
فأقول : وقد عرفت أن الأمر لا يصح رواية ؛ لكن ما استظهره النووي هو
الصواب عندي دراية ، ومن فائدة هذا التخريج أن ينسب إلى مخالفة الأمر من
لم يظهر له ما استظهره النووي . والله أعلم .
وهناك أمران من أسباب التخريج :
أحدهما : أن المعلق على "الإحسان" (7/305 - طبع المؤسسة) ،وقع في خطأين
اثنين :
الأول : أنه صحح إسناد حماد بن سلمة ؛ فلم يتنبه لما وقع فيه من الشذوذ
والمخالفة لثقات ، مما يصلح أن يضرب به مثلاً صالحاً للحديث الشاذ .

(13/1133)


والثاني منهما : أنه عزاه لطبراني أيضاً (25/95) من طريق حفص بن غياث
عن هشام وأشعث عن محمد . وليس في هذه الطريق جملة (القرون) مطلقاً لا من
فعل أم عطية ، ولا من أمره عليه الصلاة والسلام!
والسبب الآخر : أنني في صدد طبع كتابيَّ : "صحيح موارد الظمآن" و "ضعيف
موراد الظمآن" ، وقد استدركت في كل منهما على الهيثمي - مؤلف الأصل "الموراد" -
كثيراً من الأحاديث التي هي على شرطه ، ففاته لسبب أو آخر ، فتنبهتُ - والكتاب
تحت الطبع (*) - لهذا الحديث أنه مما ينبغي استدراكه أيضاً ، فخرجته ليتبين لي في
أي الكتابين ينبغي إدخاله ، وقد وضح بعد هذا التخريج والتحقيق - الذي قد لا
تراه في مكان آخر - أنه من حق "ضعيف الموراد" .
ثم تنبهت لترجمة ابن حبان للحديث بقوله - بعد أن ساقه من طريق حماد
ابن زيد عن أيوب به مثل رواية الشيخين دون الزيادة - :
"ذكر البيان بان أم عطية إنما مشطت قرنها بأمر المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لا من تلقاء
نفسها ".

6497 - ( جَاءَ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَبْكِي فَقلتُ : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : مَا
جَفَّتْ لِي عَيْنٌ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ جَهَنَّمَ مَخَافَةَ أَنْ أَعْصِيَهُ ؛ فَيُلْقِيَني فِيهَا ) .
موضوع .
أورده السيوطي بهذا اللفظ في "الجامع الكبير" من رواية (هب) عن
أبي عمران الجوني مرسلاً ، وسكت عنه كما هي عادته في الغالب ، وكذلك هو
في "كنز العمال" (3/145/5896) ، وهو قد رواه بالعنى في طرفه الأول - كما
سترى - ؛ فقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1/521/915) من طريق
__________
(*) وقد صدر بعد وفاته رحمه الله . (الناشر) .

(13/1134)


الْحُسَيْن بْن جَعْفَرٍ : ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ : ثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ : ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ
سُلَيْمَانَ : ثَنَا أَبُو عِمْرَانَ قَالَ :
بَلَغَنِي أَنَّ جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبكي فقال :
"ما يبكيك؟ " . قال :
"ما جَفَّت ... " الحديث .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ فإنه مع إرساله فيه الحسين بن جعفر ، ولم أعرفه ،
ويحتمل أن يكون الذي في "ثقات ابن حبان" (8/192) :
"حسين بن جعفر بن محمد القتات : كوفي يروي عن أبي نعيم ، وعنه أهل
العراق ".
وأورده السمعاني في مادة (القتات) من "الأنساب" ، وذكر أنه روى عن يزيد
ابن مهران بن أبي خالد الخباز ، ومنجاب بن الحارث وعبدالحميد بن صالح . ولم
يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وأفاد أنه أخو محمد بن جعفر بن محمد بن حبيب
ابن أزهر القتات الكوفي ، المترجم والمضعف في "اللسان" . ويبدو لي أن الحسين
هذا من المقلين غير المشهورين ، ومن شيوخ الطبراني ؛ فقد روى عنه في "المعجم
الأوسط" حديثين فقط (رقم 3624 - 3625) الثاني منهما في "المعجم الصغير"
أيضاً برقم (124 - الروض النضير) ، فلعله علة هذا المرسل . والله أعلم .

ثم إن متن الحديث منكر جداً ، بل هو موضوع ؛ لمخالفته لمثل قوله تبارك
وتعالى في الملائكة : {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} ؛ فلعله من
الإسرائيليات اشتبه على بعض الرواة ؛ فرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كحديث قصة هاروت
وماروت ، وقد مضى برقم (913) .

(13/1135)


6498 - ( قُسِمَ الحسدُ (1) عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي الْعَرَبِ ، وَوَاحِدٌ
فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالْكِبْرُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي الرُّومِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ
الْخَلْقِ ، وَالسَّرِقَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ فِي الْقِبْطِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ،
وَالْبُخْلُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي فَارِسَ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالزِّنَا
عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ فِي السِّنْدِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالرِّزْقُ عَشَرَةَ
أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي التِّجَارَةِ وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالْفَقْرُ عَشَرَةُ
أَجْزَاءٍ ، تِسْعَةٌ فِي الْحَبَشِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالشَّهْوَةُ عَشَرَةُ
أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ فِي النِّسَاءِ وَجُزْءٌ فِي الرِّجَالِ ، وَالْحِفْظُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ ،
تِسْعَةٌ فِي التُّرْكِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ، وَالْحِدَّةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ
فِي الْبَرْبَرِ ، وَجُزْءٌ فِي سَائِرِ الْخَلْقِ ) .
موضوع .
رواه أبو الشيخ في "العظمة" (5/1636/1080) عَنْ مَرْوَانَ بْنِ
سَالِمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ... فذكره.
قلت : وهذا - مع إرساله - موضوع ؛ آفته مروان بن سالم - وهو : الغفاري - وهو
متروك متهم بالوضع ، وقد تقدمت له أحاديث موضوعة ، فراجع فهرس الرواة في
المجلدات الأربعة المطبوعة .
وأما قول الأخ الفاضل رضاء الله المباركفوري في تعليقه على "العظمة" :
"مرسل ضعيف ؛ في إسناده مروان بن سالم : - هو : المقفع - مصري مقبول
من الرابعة . التقريب" .
__________
(1) الأصل (الحياء) ،وما أثبته موافق لنسخته ؛ كما في حاشيته ، ولنقل السيوطي عنه
في "اللآلي" _1/156) .

(13/1136)


فهو وهم ؛ لأن المقفع متقدم على الغفاري ، وليس له رواية عن خالد بن
معدان ، بخلاف الغفاري فإنه - مع تأخره عنه - ، فقد ذكروا أنه روى عن خالد ز
والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/184 - 185) من رواية
الدارقطني بسنده الضعيف عن طلحة بن زيد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي
كثير عن أنس مرفوعاً . وقال :
"لا يصح ؛ تفرد به طلحة بن زيد : قال البخاري : منكر الحديث .وقال
النسائي : متروك الحديث" .
وأيده السيوطي في "اللآلي" بقوله :
" قلت : طلحة هو: الرقي ؛ قال أحمد وابن المديني : يضع الحديث . وله طريق
ثان ، قال أبو الشيخ ... " .فذكر حديث الترجمة . وأقره ابن عراق في "تنزيه
الشريعة" (1/177) .

6499 - ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؛ مَسَحَ ظَهْرَهُ
فَخَرجتْ مِنْهُ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَانْتَزَعَ ضِلَعاً مِنْ
أَضْلَاعِهِ فَخَلَقَ مِنْهَا حَوَّاءَ ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهَما الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ) .
منكر جداً .
أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (3/206/2) ، وأبو الشيخ في
"العظمة" (5/1553/1015) من طريق مُحَمَّد بْن شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ
ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ... فذكره . وعلقه ابن منده في "التوحيد" (1/211) ، ووصله
ابن عساكر في "التاريخ" (2/624) من طريق أخرى عن محمد بن شعيب ... به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عبدالرحمن بن زيد بن أسلم : متفق على
تضعيفه ، واتهمه بعضهم ، وهو صاحب حديث توسل آدم بالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهو

(13/1137)


موضوع ؛ كما تقدم في المجلد الأول برقم (25) ، وانظر الحديث (333) .
وقد خالفه هشام بن سعد ؛ فقال : عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي
هريرة به وأتم منه دون قوله : "وانتزع ضلعاً ... فخلق منها حواء " رواه الترمذي
وصححه وكذا الحاكم ووافقه الذهبي ، وهو مخرج في "ظلال الجنة" (1/91/2069) ،
وقال الترمذي :
"وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
قلت وأخرج بعضها عنه وعن غيره من الصحابة مرفوعاً وموقوفاً السيوطي
في "الدر المنثور" (141 - 143) .
وإلى هذه الطرق أشار المعلق الفاضل على "العظمة" بقوله - بعد أن أشار إلى
ضعف الإسناد لأجل عبدالرحمن - :
" ولكن الحديث صحيح ثابت من طرق أخرى "!
ولكنه لم ينتبه لكونها خالية من ذكر (حواء) ، ولمخالفة هشام بن سعد
لعبدالرحمن إسناداً ومتناً .
نعم قد جاءت هذه الزيادة عن جمع من الصحابة موقوفاً من طريق أسباط بن
نَصْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ
مُرَّةَ بْنِ شُرَاحَبِيلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا :
" أُخْرِجَ إِبْلِيسُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَلُعِنَ ، وَأُسْكِنَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ قَالَ لَهُ :
{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } ، فَكَانَ يَمْشِي فِيهَا وَحْشِيّاً لَيْسَ لَهُ زَوْجٌ يَسْكُنُ
إِلَيْهَا ، فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ ، وَإِذَا عِنْدَ رَأْسِهِ امْرَأَةٌ قَاعِدَةٌ خَلَقَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ
ضِلْعِهِ ، فَسَأَلَهَا : مَا أَنْتِ ؟ قَالَتِ : امْرَأَةٌ . قَالَ : وَلِمَ خُلِقْتِ ؟ قَالَتْ : لِتَسْكُنَ
إِلَيَّ ... "الحديث .

(13/1138)


أخرجه ابن منده في "التوحيد" (1/213 - 214) ، وقال :
"أَخْرَجَ مُسْلِمُ عَنْ مُرَّةَ ، وَعَنْ السُّدِّيِّ ، وَعَمْرِو بْنِ حَمَّادٍ ، وَأَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ فِي
"كِتَابِهِ" ، وَهَذَا إِسْنَادٌ ثَابِتٌ "!
كذا قال ! وأسباط مختلف فيه ، وقال الحافظ في "التقريب":
"صدوق كثير الخطأ ، يغرب".
فهو إسناد ضعيف ، مع كونه موقوفاً ، فكأنه من الإسرائيليات ، وقد روى ابن
سعد (1/39) وغيره عن مجاهد في قوله تعالى : {وخلق منها زوجها} ، قال :
"خلق (حواء) من قُصَيْرى (1) آدم ".
وذكر ابن كثير في "البداية" (1/74) عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ أنها خلقت من ضلعه
الأقصر الأيسر وهو نائم ، ولأمَ مكانه لحماً . وقال :
"ومصداق هذا في قوله تعالى ... " فذكر الآية مع الآية الأخرى : { وَجَعَلَ
مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ اِلَيْهَا ... } الآية ، لكن الحافظ أشار إلى تمريض هذا التفسير
في شرح قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" استوصوا بالنساء [خيراً ] ، فان المرأة خلقت من ضلع ..." (2) ؛ فقال (6/368) :
"قيل : فيه إشارة إلى أن (حواء) خلقت من ضلع آدم الأيسر ... "
وقال الشيخ القاري في "شرح المشكاة" (3/460) :
"أي خلقن خلقاً فيه اعوجاج ، فكأنهن خلقن من الأضلاع ، وهو عظم
__________
(1) هو أعلى الأضلاع وأسفلها ، وهما (قٌصَيْريان) ، ووقع في الأصل (قيصري) !
(2) متفق عليه من حديث أبي هريرة ، وهو مخرج في "الإرواء" (7/53) .

(13/1139)


معوج ، واستعير للمعوج صورة ، أو معنى ونظيره في قوله تعالى : {خلق الإنسان
من عجل} ".
قلت : وهذا هو الراجح عندي أنه استعارة وتشبيه لا حقيقة ، وذلك لأمرين :
الأول : أنه لم يثبت حديث في خلق حواء من ضلع آدم كما تقدم .
والآخر : أنه جاء الحديث بصيغة التشبيه في رواية عن أبي هريرة بلفظ : "إن
المرأة كالضلع ... ".
أخرجه البخاري (5184) ،ومسلم (4/178) ،وأحمد (2/428 و 449 و 530)
وغيرهم من طرق عن أبي هريرة ، وصححه ابن حبان (6/189/4168 - الإحسان) .
وأحمد أيضاً (5/164 و6/279) وغيره من حديث أبي ذر ، وحديث عائشة
رضي الله عنهم .
(تنبيه) : وأما ما جاء في "سنن ابن ماجه" (1/175) - تحت الحديث (225) -
من رواية أبي الحسن بن سلمة : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَعْقِلٍ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
الْمِصْرِيُّ قَالَ :
"سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يُرَشُّ بَوْلُ الْغُلَامِ ، وَيُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ
الْجَارِيَةِ" وَالْمَاءَانِ جَمِيعاً وَاحِدٌ ؟ قَالَ :
لِأَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ مِنْ الْمَاءِ وَالطِّينِ ، وَبَوْلَ الْجَارِيَةِ مِنْ اللَّحْمِ وَالدَّمِ .
ثُمَّ قَالَ لِي: فَهِمْتَ ، أَوْ قَالَ لَقِنْتَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا . قَالَ :
إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ ؛ خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ضِلْعِهِ الْقَصِيرِ ؛ فَصَارَ بَوْلُ الْغُلَامِ مِنْ
الْمَاءِ وَالطِّينِ ، وَصَارَ بَوْلُ الْجَارِيَةِ مِنْ اللَّحْمِ وَالدَّمِ . قَالَ : قَالَ لِي : فَهِمْتَ ؟ قُلْتُ :
نَعَمْ . قَالَ لِي : نَفَعَكَ اللَّهُ بِهِ ".

(13/1140)


فأقول : هذا إسناد ضعيف إلى الإمام الشافعي ؛ فإن أبا اليمان المصري لا
يُعرف إلا في هذه الرواية ، وأفاد الحافظ في "التهذيب" أن الصواب فيه : (أبو
لقمان) - واسمه : محمد بن عبدالله بن خالد الخراساني - .
وقال في التقريب :
"مستور" .
وحقه أن يقول : "مجهول" ؛ لأنه قال في "المقدمة" في صدد ذكر مراتب التوثيق :
"السابعة : من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق ، وإليه الإشارة بلفظ : مستور ،
أو مجهول الحال ".
وهو لم يذكر له راوياً في "التهذيب" ؛ غير (أحمد بن موسى بن معقل) كما
تقدمت الإشارة إلى ذلك .
ثم إنه وقع في وهم آخر ، وهو أنه نسب هذا الأثر لابن ماجه في ترجمة أحمد
هذا وشيخه أبي اليمان ، وبالتالي جعلهما من رجال ابن ماجه ، والواقع أن الأثر من
زيادات أبي الحسن بن سلمة القطان على "سنن ابن ماجه" ، وهو راوي "السنن" ،
وأحمد بن موسى إنما هو شيخه - أعني أبا سلمة - ، وأبو اليمان من رجاله ، ولذلك
لم يترجم لهما المزي في "تهذيب الكمال" ، ولا الذهبي في "الكاشف" ؛ فاقتضى
التنبيه . ولأبي الحسن القطان ترجمة حسنة في "سير النبلاء" (15/463 - 465) .

6500 - ( يَا جِبْرِيلُ ! سَلْ رَبَّكَ : أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ ، وَأَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ ؟
فَاضْطَرَبَ جِبْرِيلُ تِلْقَاءَهُ ، فَقَالَ لَهُ عِنْدَمَا أَفَاقَ : يَا مُحَمَّدُ ! هَلْ يُسْأَلُ
الرَّبُّ ، الرَّبُّ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ؟ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ أَتَاهُ ، ثُمَّ
قَالَ لَهُ : يَا مُحَمَّدُ ! لَقَدْ وَقَفْتُ الْيَوْمَ مَوْقِفاً لَمْ يَقِفْهُ مَلَكٌ قَبْلِي ، وَلَا

(13/1141)


يَقِفُهُ مَلَكٌ بَعْدِي ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَبْعُونَ أَلْفَ
حِجَابٍ مِنْ نُورٍ ، الْحِجَابُ يَعْدِلُ الْعَرْشَ وَالْكُرْسِيَّ وَالسَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ بِكَذَا وَكَذَا أَلْفِ عَامٍ ، فَقَالَ :
أَخْبِرْ مُحَمَّداً : أَنَّ خَيْرَ الْبِقَاعِ الْمَسَاجِدُ ، وَخَيْرَ أَهْلِهَا أَوَّلُهُمْ دُخُولاً ،
وَآخِرُهُمْ خُرُوجاً .
وَشَرُّ الْبِقَاعِ الْأَسْوَاقُ ، وَشَرُّ أَهْلِهَا أَوَّلُهُمْ دُخُولاً ، وَآخِرُهُمْ خُرُوجاً ) .
موضوع .
أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (2/674 - 675) من طريق
عُثْمَان
ابْن عَبْدِ اللَّهِ : حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ
ابْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
وَقَفَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ... فذكره .
قلت : وهذا موضوع ؛ آفته عثمان بن عبداله - وهو : الأموي الشامي - :قال
ابن حبان في "الضعفاء" (2/102) :
"روى عن الليث بن سعد ومالك ، ويضع عليهم الأحاديث ".
ثم ساق له بعض الموضوعات ، وقد خرجنا شيئاً منها فيما تقدم ؛ فراجع
فهرس الرواة . وساق له الكثير منها ابن عدي وختمها بقوله :
"وله غير ما ذكرت من الأحاديث الموضوعة".
وذكره السيوطي في "اللآلي" (1/17) شاهداً من رواية أبي الشيخ هذه ، وتكلم
في بعض رواته بالتوثيق ، ثم قال :
"وعثمان بن عبدالله - إن كان هو الأموي الشامي - ؛ فهو (الأصل : فمتهم )
ممن يروي الموضوعات عن الثقات" .

(13/1142)


قلت : لا مسوغ للتردد المذكور ، فهو هو ، ولا يوجد غيره في هذه الطبقة ممن
يليق به مثل هذا الحديث ، وقد ذكره الحافظ المزي في الرواة عن (مبشر بن
إسماعيل الحلبي ) .
وروي مختصراً من طريق عَلِيّ بْن أَبِي سَارَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
- فِيمَا يَحْسِبُ - :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : أَيُّ بِقَاعِ الْأَرْضِ أَشَرُّ ؟ قَالَ :
اللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ : أَلَا تَسْأَلُ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : مَا أَجْرَأَكُمْ يَا بَنِي آدَمَ ! إِنَّ اللَّهَ لَا
يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ . ثُمَّ عَادَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :
إِنِّي دَنَوْتُ مِنْ رَبِّي حَتَّى كُنْتُ مِنْهُ بِمَكَانٍ لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْرَبَ مِنْهُ ، كُنْتُ بِمَكَانٍ
بَيْنِي وَبَيْنَهُ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ نُورٍ ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَيَّ : إِنَّ شَرَّ بِقَاعِ
الْأَرْضِ السُّوقُ " .
وأخرجه أبو الشيخ أيضاً (2/671 672) .
قلت : وعلي بن أبي سارة : ضعيف جداً متروك ، وتقدمت له أحاديث وهذه
أرقامها (1713 و1891 و5186) .
وروي من طريق أخرى عن أنس مختصراً ، يرويه عُبَيْد بْن وَاقِدٍ الْقَيْسِيّ عَنْ
عَمَّارِ بْنِ عُمَارَةَ الْأَزْدِيِّ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ : أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي . قَالَ : فَسَلْ عَنْ ذَلِكَ رَبَّكَ
عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ : فَبَكَى جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ! وَلَنَا أَنْ نَسْأَلَهُ ؟ هُوَ الَّذِي
يُخْبِرُنَا بِمَا شَاءَ . فَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ :
"خَيْرُ الْبِقَاعِ الْمَسَاجِدُ ؛ بُيُوتُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ "
قَالَ : " فَأَيُّ الْبِقَاعِ شَرٌّ ؟ " .

(13/1143)


"شَرُّ الْبِقَاعِ الْأَسْوَاقُ " .
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/148/1/7282) وقال :
" لَمْ يَرْوِه عَنْ عَمَّارِ بْنِ عُمَارَةَ - وَهُوَ : أَبُو هَاشِمٍ صَاحِبُ الزَّعْفَرَانِ - إِلَّا عُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ " .
قلت : وهو ضعيف ، قال أبو حاتم :
"ضعيف الحديث " . وساق له ابن عدي عدة أحاديث ثم قال :
"وله غير ما ذكرت ، وعامة ما يرويه لا يُتابَع عليه ".
وبه أعله الهيثمي في"المجمع" (2/6) فقال :
"وهو ضعيف " .
ولذلك أشار المنذري في "الترغيب" (1/131) إلى تضعيف الحديث .
وإنما صح من الحديث جملة المساجد والأسواق بلفظ :
"أحب البلاد إلى الله مساجدها ، وأبغض البلاد إلى الله اسواقها".
أخرجها مسلم (2/132 - 133) ، وأبو عوانة (1/390) ، وابن حبان (3/65/
1598) ، وكذا ابن خزيمة (2/269/1293) ، والبيهقي (3/65) ، وابن عبدالبر في
"جامع بيان العلم" (2/50) من حديث أبي هريرة .

***
انتهى بفضل الله وكرمه المجلد الثالث عشر من
"سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة " ،
ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الرابع عشر والأخير ، وأوله الحديث :
6501 - (إن غلاماً كان في بني إسرائيل على جبل ... ) .
و"سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ،
أتسغفرك وأتوب إليك ".==

السلسلة الضعيفة
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني
مجلد 1.

1 - " الدين هو العقل ، و من لا دين له لا عقل له " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 53 ) :

باطل .
أخرجه النسائي في " الكنى " و عنه الدولابي في " الكنى و الأسماء " ( 2 / 104 )
عن أبي مالك بشر بن غالب بن بشر بن غالب عن الزهري عن مجمع بن جارية عن عمه
مرفوعا دون الجملة الأولى " الدين هو العقل " و قال النسائي : هذا حديث باطل
منكر .
قلت : و آفته بشر هذا فإنه مجهول كما قال الأزدي ، و أقره الذهبي في " ميزان
الاعتدال في نقد الرجال " و العسقلاني في " لسان الميزان " .
و قد أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده ( ق 100 / 1 ـ 104 / 1 ـ زوائده ) عن
داود بن المحبر بضعا و ثلاثين حديثا في فضل العقل ، قال الحافظ ابن حجر : كلها
موضوعة ، و منها هذا الحديث كما ذكره السيوطي في " ذيل اللآليء المصنوعة في
الأحاديث الموضوعة " ( ص 4 - 10 ) و نقله عنه العلامة محمد طاهر الفتني الهندي
في " تذكرة الموضوعات " ( ص 29 - 30 ) .
و داود بن المحبر قال الذهبي : صاحب " العقل " و ليته لم يصنفه ، قال أحمد :
كان لا يدري ما الحديث ، و قال أبو حاتم : ذاهب الحديث غير ثقة ، و قال
الدارقطني : متروك ، و روى عبد الغنى بن سعيد عنه قال : كتاب " العقل " وضعه
ميسرة بن عبد ربه ثم سرقه منه داود بن المحبر فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة ،
و سرقه عبد العزيز بن أبي رجاء ، ثم سرقه سليمان بن عيسى السجزي .
و مما يحسن التنبيه عليه أن كل ما ورد في فضل العقل من الأحاديث لا يصح منها
شيء ، و هي تدور بين الضعف و الوضع ، و قد تتبعت ما أورده منها أبو بكر بن
أبي الدنيا في كتابه " العقل و فضله " فوجدتها كما ذكرت لا يصح منها شيء ،
فالعجب من مصححه الشيخ محمد زاهد الكوثري كيف سكت عنها ؟ ! بل أشار في ترجمته
للمؤلف ( ص 4 ) إلى خلاف ما يقتضيه التحقيق العلمي عفا الله عنا و عنه .
و قد قال العلامة ابن القيم في " المنار " ( ص 25 ) : أحاديث العقل كلها كذب .
و انظر الحديث ( 370 و 5644 ) .

(1/78)


2 - " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من الله إلا بعدا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 54 ) :

باطل .
و هو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده ، و لا من جهة متنه . أما
إسناده فقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 106 / 2 مخطوطة الظاهرية
) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) و ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن
كثير " ( 2 / 414 ) و " الكواكب الدراري " ( 83 / 2 / 1 ) من طريق ليث عن طاووس
عن ابن عباس .
و هذا إسناد ضعيف من أجل ليث هذا ـ و هو ابن أبي سليم ـ فإنه ضعيف ، قال الحافظ
ابن حجر في ترجمته من " تقريب التهذيب " : صدوق اختلط أخيرا و لم يتميز حديثه
فترك .
و به أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 134 ) .
و قال شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 143 ) : إسناده لين .
قلت : و قد أخرجه الحافظ ابن جرير في تفسيره ( 20 / 92 ) من طريق أخرى عن
ابن عباس موقوفا عليه من قوله ، و لعله الصواب و إن كان في سنده رجل لم يسم .
و رواه الإمام أحمد في كتاب " الزهد " ( ص 159 ) و الطبراني في " المعجم
الكبير " عن ابن مسعود موقوفا عليه بلفظ :
" من لم تأمره الصلاة بالمعروف و تنهاه عن المنكر لم يزدد بها إلا بعدا " .
و سنده صحيح كما قال الحافظ العراقي ، فرجع الحديث إلى أنه موقوف ، ثم رأيته في
معجم ابن الأعرابي قال ( 193 / 1 ) ، أنبأنا عبد الله ـ يعني ابن أيوب
المخرمي ـ أنبأنا يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن إسماعيل عن الحسن قال :
لما نزلت هذه الآية *( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر )* ( العنكبوت : 45
) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره .
و هذا مرسل ، و إسماعيل هو ابن مسلم ، فإن كان أبا محمد البصري فهو ثقة ، و إن
كان أبا إسحاق المكي فهو ضعيف ، لكن قال الحافظ العراقي : رواه علي بن معبد في
كتاب " الطاعة و المعصية " من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح .
قلت : يعني أن إسناده إلى الحسن صحيح ، و لا يلزم منه أن يكون الحديث صحيحا لما
عرف من علم " مصطلح الحديث " أن الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف عند
جمهور علماء الحديث ، و لا سيما إذا كان من مرسل الحسن و هو البصري ، قال
ابن سعد في ترجمته : كان عالما جامعا رفيعا ثقة ... ما أرسله فليس بحجة .
و حتى إنه لو فرض أن الحسن وصل الحديث و أسنده و لم يصرح بالتحديث أو بسماعه من
الذي أسنده إليه كما لو قال : عن سمرة أو عن أبي هريرة لم يكن حديثه حجة ، فكيف
لو أرسله كما في هذا الحديث ؟ ! قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال " :
كان الحسن كثير التدليس ، فإذا قال في حديث عن فلان ضعف احتجاجه و لا سيما عمن
قيل : إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة و نحوه ، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في
جملة المنقطع .
على أنه قد ورد الحديث عن الحسن من قوله أيضا لم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، كذلك أخرجه الإمام أحمد في " الزهد " ( ص 264 ) و إسناده صحيح ، و كذلك
رواه ابن جرير ( 20 / 92 ) من طرق عنه و هو الصواب .
ثم وجدت الحديث في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) من طريق مقدام بن داود قال :
أنبأنا علي بن محمد بن معبد بسنده المشار إليه آنفا عن الحسن مرفوعا ، و مقدام
هذا قال النسائي : ليس بثقة ، فإن كان رواه غيره عن علي بن معبد و كان ثقة
فالسند صحيح مرسلا كما سبق عن العراقي و إلا فلا يصح .
و جملة القول أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم و إنما صح
من قول ابن مسعود و الحسن البصري ، و روي عن ابن عباس . و لهذا لم يذكره شيخ
الإسلام ابن تيمية في " كتاب الإيمان " ( ص 12 ) إلا موقوفا على ابن مسعود
و ابن عباس رضي الله عنهما .
و قال ابن عروة في " الكواكب " : إنه الأصح .
ثم رأيت الحافظ ابن كثير قال بعد أن ساق الحديث عن عمران بن حصين و ابن عباس
و ابن مسعود و الحسن مرفوعا : و الأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود
و ابن عباس و الحسن و قتادة و الأعمش و غيرهم .
قلت : و سيأتي حديث عمران في المائة العاشرة إن شاء الله تعالى و هو بهذا اللفظ
إلا أنه قال : " فلا صلاة له " بدل " لم يزدد عن الله إلا بعدا " و هو منكر
أيضا كما سيأتي بيانه هناك بإذن الله تعالى فانظره برقم ( 985 ) .
و أما متن الحديث فإنه لا يصح ، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها و أركانها
بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة و إن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض
المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل
و لا تشهد له الشريعة ، و لهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله :
و قوله " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله ،
أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل .
و هذا بعيد عندي ، لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة
إلا به كالشروط و الأركان ، و حينئذ فليس له صلاة شرعا ، و لا يبدو أن هذه
الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع و الموقوف ، بل المراد الصلاة الصحيحة
التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله : *( إن الصلاة تنهى عن
الفحشاء و المنكر )* ( العنكبوت : 45 ) و أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما قيل له : إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق ! فقال : " سينهاه ما تقول
أو قال : ستمنعه صلاته " .
رواه أحمد و البزار و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 430 ) و البغوي في حديث
علي بن الجعد ( 9 / 97 / 1 ) و أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " (
31 / 1 / 69 / 1 ) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة .
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب
صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها و التدبر في قراءتها -
و لم يقل : إنه " لا يزداد بها إلا بعدا " مع أنه لما ينته عن السرقة .
و لذلك قال عبد الحق الإشبيلي في " التهجد " ( ق 24 / 1 ) : يريد عليه السلام
أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب
المحارم و الوقوع في المحارم .
فثبت بما تقدم ضعف الحديث سندا و متنا والله أعلم .
ثم رأيت الشيخ أحمد بن محمد عز الدين بن عبد السلام نقل أثر ابن عباس هذا في
كتابه " النصيحة بما أبدته القريحة " ( ق 32 / 1 ) عن تفسير الجاربردي و قال :
و مثل هذا ينبغي أن يحمل على التهديد لما تقرر أن ذلك ليس من الأركان و الشرائط
ثم استدل على ذلك بالحديث المتقدم : " ستمنعه صلاته " و استصوب الشيخ أحمد كلام
الجاربردي هذا و قال : لا يصح حمله على ظاهره ، لأن ظاهره معارض بما ثبت في
الأحاديث الصحيحة المتقدمة من أن الصلاة مكفرة للذنوب ، فكيف تكون مكفرة
و يزداد بها بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ! ثم قال : قلت : و حمل الحديث على
المبالغة و التهديد ممكن على اعتبار أنه موقوف على ابن عباس أو غيره و أما على
اعتباره من كلامه صلى الله عليه وسلم فهو بعيد عندي والله أعلم .
قال : و يشهد لذلك ما ثبت في البخاري أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فذكر للنبي
صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى *( إن الحسنات يذهبن السيئات )* .
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض فتاواه : هذا الحديث ليس بثابت عن
النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر كما ذكر الله في
كتابه ، و بكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعدا ، بل الذي يصلي خير من الذي لا
يصلي و أقرب إلى الله منه و إن كان فاسقا .
قلت : فكأنه يشير إلى تضعيف الحديث من حيث معناه أيضا و هو الحق و كلامه
المذكور رأيته في مخطوط محفوظ في الظاهرية ( فقه حنبلى 3 / 12 / 1 - 2 ) و قد
نقل الذهبي في " الميزان " ( 3 / 293 ) عن ابن الجنيد أنه قال في هذا الحديث :
كذب و زور .

(1/79)


3 - " همة الرجال تزيل الجبال " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 59 ) :
ليس بحديث .
قال الشيخ إسماعيل العجلونى في " كشف الخفاء " : لم أقف على أنه حديث ، لكن نقل
بعضهم عن الشيخ أحمد الغزالي أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
همة الرجال تقلع الجبال " فليراجع .
قلت : قد راجعنا مظانه في كتب السنة فلم نجد له أصلا ، و إيراد الشيخ أحمد
الغزالي له لا يثبته ، فليس هو من المحدثين ، و إنما هو مثل أخيه محمد من فقهاء
الصوفية ، و كم في كتاب أخيه " الإحياء " من أحاديث جزم بنسبتها إلى النبي
صلى الله عليه وسلم و هي مما يقول الحافظ العراقي و غيره فيها : لا أصل له
منها :

(1/80)


4 - " الحديث فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهائم الحشيش " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 60 ) :
لا أصل له .
أورده الغزالي في " الإحياء " ( 1 / 136 ) فقال مخرجه الحافظ العراقي : لم أقف
له على أصل و بيض له الحافظ في " تخريج الكشاف " ( 73 / 95 و 130 / 176 ) .
و قال عبد الوهاب بن تقى الدين السبكي في " طبقات الشافعية "
( 4 / 145 - 147 ) : لم أجد له إسنادا .
و المشهور على الألسنة : " الكلام المباح في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل
النار الحطب " و هو هو .

(1/81)


5 - " ما ترك عبد شيئا لله لا يتركه إلا لله إلا عوضه منه ما هو خير له فى دينه
و دنياه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 61 ) :
موضوع بهذا اللفظ .
و قد سمعته في كلمة ألقاها بعض الأفاضل من إذاعة دمشق في هذا الشهر المبارك شهر
رمضان !
أخرجه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 2 / 196 ) و عنه الديلمي ( 4 / 27 ـ
الغرائب الملتقطة ) و السلفي في " الطيوريات " ( 200 / 2 ) و ابن عساكر ( 3 /
208 / 2 و 15 / 70 / 1 ) من طريق عبد الله بن سعد الرقي حدثتني والدتي مروة بنت
مروان قالت حدثتني والدتي عاتكة بنت بكار عن أبيها قالت : سمعت الزهري يحدث عن
سالم بن عبد الله عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره
و قال أبو نعيم عقبه : حديث غريب .
و أقول : أن إسناده موضوع ، فإن من دون الزهري لا ذكر لهم في شيء من كتب الحديث
غير عبد الله بن سعد الرقي فإنه معروف ، و لكن بالكذب !
قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال في نقد الرجال " و تبعه الحافظ أحمد بن
حجر العسقلاني في " لسان الميزان " : كذبه الدارقطني و قال : كان يضع الحديث
وهاه أحمد بن عبدان .
و فيه علة أخرى و هي جهالة بكار هذا و هو ابن محمد و في ترجمته أورده ابن عساكر
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
نعم صح الحديث بدون قوله في آخره " في دينه و دنياه " .
أخرجه وكيع في " الزهد " ( 2 / 68 / 2 ) و عنه أحمد ( 5 / 363 ) و القضاعي في "
مسند الشهاب " ( رقم 1135 ) بلفظ :
" إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه " .
و سنده صحيح على شرط مسلم .
و أخرجه الأصبهاني أيضا في " الترغيب " ( 73 / 1 ) ثم روى له شاهدا من حديث أبي
ابن كعب بسند لا بأس به في الشواهد .

(1/82)


6 - " تنكبوا الغبار فإنه منه تكون النسمة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 62 ) :
لا أعلم له أصلا .
أورده ابن الأثير في مادة نسم من " النهاية " و ذكر أنه حديث ! و لا أعرف له
أصلا مرفوعا و قد روى ابن سعد في " الطبقات الكبرى " ( 8 / 2 / 198 ) فقال :
و قال عبد الله بن صالح المصري عن حرملة بن عمران عمن حدثهم عن ابن سندر مولى
النبي صلى الله عليه وسلم قال : أقبل عمرو بن العاص و ابن سندر معهم ، فكان
ابن سندر و نفر معه يسيرون بين يدي عمرو بن العاص فأثاروا الغبار ، فجعل عمرو
طرف عمامته على أنفه ثم قال : اتقوا الغبار فإنه أوشك شيء دخولا ، و أبعده
خروجا ، و إذا وقع على الرئة صار نسمة .
و هذا مع كونه موقوفا لا يصح من قبل سنده لأمور :
الأول : أن ابن سعد علقه ، فلم يذكر الواسطة بينه و بين عبد الله بن صالح .
الثاني : أن ابن صالح فيه ضعف و إن روى له البخاري فقد قال ابن حبان :
كان في نفسه صدوقا ، إنما وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له ، فسمعت ابن
خزيمة يقول : كان بينه و بينه عداوة ، كان يضع الحديث على شيخ ابن صالح ،
و يكتبه بخط يشبه خط عبد الله ، و يرميه في داره بين كتبه ، فيتوهم عبد الله
أنه خطه فيحدث به ! .
الثالث : أن الواسطة بين حرملة و ابن سندر لم تسم فهي مجهولة .

(1/83)


7 - " اثنتان لا تقربهما : الشرك بالله و الإضرار بالناس " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 63 ) :
لا أصل له .
و قد اشتهر بهذا اللفظ و لم أقف عليه في شيء من كتب السنة ، و لعل أصله ما في
" الإحياء " للغزالي ( 2 / 185 ) قال صلى الله عليه وسلم :
" خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر : الشرك بالله و الضر لعباد الله ، و خصلتان
ليس فوقهما شيء من البر : الإيمان بالله ، و النفع لعباد الله " .
و هو حديث لا يعرف له أصل .
قال العراقي في تخريجه : ذكره صاحب الفردوس من حديث علي ، و لم يسنده ولده في
مسنده .
و لهذا أورده السبكي في الأحاديث التي وقعت في " الإحياء " و لم يجد لها إسنادا
( 4 / 156 ) .

(1/84)


8 - " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 63 ) :
لا أصل له مرفوعا .
و إن اشتهر على الألسنة في الأزمنة المتأخرة حتى إن الشيخ عبد الكريم العامري
الغزي لم يورده في كتابه " الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث " .
و قد وجدت له أصلا موقوفا ، رواه ابن قتيبة في " غريب الحديث " ( 1 / 46 / 2 )
حدثني السجستاني حدثنا الأصمعي عن حماد بن سلمة عن عبيد الله بن العيزار عن
عبد الله بن عمرو أنه قال : فذكره موقوفا عليه إلا أنه قال :
" احرث لدنياك " إلخ .
و عبيد الله بن العيزار لم أجد من ترجمه .
ثم وقفت عليها في " تاريخ البخاري " ( 3 / 394 ) و " الجرح و التعديل " ( 2 / 2
/ 330 ) بدلالة بعض أفاضل المكيين نقلا عن تعليق للعلامة الشيخ عبد الرحمن
المعلمي اليماني رحمه الله تعالى و فيها يتبين أن الرجل وثقه يحيي بن سعيد
القطان و أنه يروي عن الحسن البصري و غيره من التابعين فالإسناد منقطع .
و يؤكده أنني رأيت الحديث في " زوائد مسند الحارث " للهيثمي ( ق 130 / 2 ) من
طريق أخرى عن ابن العيزار قال : لقيت شيخا بالرمل من الأعراب كبيرا فقلت : لقيت
أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : نعم ، فقلت : من ؟ فقال :
عبد الله بن عمرو بن العاص ....
ثم رأيت ابن حبان قد أورده في " ثقات أتباع التابعين " ( 7 / 148 ) .
و رواه ابن المبارك في " الزهد " من طريق آخر فقال ( 218 / 2 ) : أنبأنا محمد
ابن عجلان عبد الله بن عمرو بن العاص قال : فذكره موقوفا ، و هذا منقطع و قد
روي مرفوعا ، أخرجه البيهقي في سننه ( 3 / 19 ) من طريق أبي صالح حدثنا الليث
عن ابن عجلان عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره في تمام حديث أوله :
" إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، و لا تبغض إلى نفسك عبادة ربك ، فإن
المنبت لا سفرا قطع و لا ظهرا أبقى ، فاعمل عمل امريء يظن أن لن يموت أبدا ،
و احذر حذر ( امريء ) يخشى أن يموت غدا " .
و هذا سند ضعيف و له علتان جهالة مولى عمر بن عبد العزيز و ضعف أبي صالح و هو
عبد الله بن صالح كاتب الليث كما تقدم في الحديث ( 6 ) .
ثم إن هذا السياق ليس نصا في أن العمل المذكور فيه هو العمل للدنيا ، بل الظاهر
منه أنه يعني العمل للآخرة ، و الغرض منه الحض على الاستمرار برفق في العمل
الصالح و عدم الانقطاع عنه ، فهو كقوله صلى الله عليه وسلم : " أحب الأعمال
إلى الله أدومها و إن قل " متفق عليه والله أعلم .
هذا و النصف الأول من حديث ابن عمرو رواه البزار ( 1 / 57 / 74 ـ كشف الأستار )
من حديث جابر ، قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 62 ) : و فيه يحيى بن
المتوكل أبو عقيل و هو كذاب .
قلت : و من طريقه رواه أبو الشيخ ابن حيان في كتابه " الأمثال " ( رقم 229 ) .
لكن يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم :
" إن هذا الدين يسر ، و لن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا و قاربوا
و أبشروا ... " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا .
و قد روى الحديث بنحوه من طريق أخرى و سيأتي بلفظ ( أصلحوا دنياكم ... ) ( رقم
878 ) .

(1/85)


9 - " أنا جد كل تقي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 65 ) :
لا أصل له .
سئل عنه الحافظ السيوطي فقال : لا أعرفه ذكره في كتابه " الحاوي للفتاوي "
( 2 / 89 ) .

(1/86)


10 - " إن الله يحب أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 66 ) :
موضوع .
رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث علي رضي الله عنه
مرفوعا ، قال الحافظ العراقي ( 2 / 56 ) : و فيه محمد بن سهل العطار ، قال
الدارقطني : يضع الحديث .
قلت : و هذا من الأحاديث الموضوعة التي شان بها السيوطي كتابه
" الجامع الصغير " خلافا لما تعهد به في مقدمته فقال : و صنته عما تفرد به وضاع
أو كذاب ، فإنه عفا الله عنا و عنه لم يف بما تعهد به ، و في النية إذا
يسر الله لنا أن نتوجه إلى تطهيره من تلك الأحاديث و جمعها في كتاب خاص و نشره
على الناس حتى يكونوا على حذر منها .
هذا و قد قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في شرحه لـ" الجامع ، " فيض القدير "
بعد أن نقل ما ذكرته عن العراقي : فكان ينبغي للمصنف حذفه .

(1/87)


11 - " إنما بعثت معلما " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 66 ) :
ضعيف .
أخرجه الدارمي ( 1 / 99 ) من طريق عبد الله بن يزيد - و هو أبو عبد الرحمن
المقري - و ابن وهب في " المسند " ( 8 / 164 / 2 ) و عبد الله بن المبارك في
" الزهد " ( 220 / 2 ) و عنه الحارث في مسنده ( ص 16 من " زوائده " )
و الطيالسي ( ص 298 رقم 2251 ) كلهم عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن
عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
مر بمجلسين في مسجده فقال : " كلاهما على خير و أحدهما أفضل من صاحبه ، أما
هؤلاء فيدعون الله و يرغبون إليه ، فإن شاء أعطاهم و إن شاء منعهم ، و أما
هؤلاء فيتعلمون الفقه و العلم و يعلمون الجاهل فهم أفضل و إنما بعثت معلما " .
و هذا سند ضعيف فإن عبد الرحمن بن زياد و ابن رافع ضعيفان كما قال الحافظ ابن
حجر في " تقريب التهذيب " و رواه ابن ماجه ( 1 / 101 ) من طريق داود بن
الزبرقان عن بكر بن خنيس عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن يزيد عن
عبد الله بن عمرو به .
و هذا سند أشد ضعفا من الأول ، فإن كل من دون عبد الله بن يزيد ضعفاء ، و قد
خالفوا الثقات فجعلوا أو أحدهم جعل عبد الله بن يزيد - المعافري الحبلي الثقة -
مكان عبد الرحمن بن رافع الضعيف .
و قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 16 / 2 ) : فيه داود و بكر و عبد الرحمن
و هم ضعفاء .
و قال العراقي في " تخريج الإحياء " : سنده ضعيف .
و قد اشتهر الاحتجاج بهذا الحديث على مشروعية الذكر على الصورة التي يفعلها بعض
أهل الطرق من التحلق و الصياح في الذكر و التمايل يمنة و يسرة و أماما و خلفا
مما هو غير مشروع باتفاق المتقدمين ، و مع أن الحديث لا يصح كما علمت ، فليس
فيه هذا الذي زعموه ، بل غاية ما فيه جواز الاجتماع على ذكر الله تعالى ، و هذا
فيه أحاديث صحيحة في مسلم و غيره تغني عن هذا الحديث ، و هي لا تفيد أيضا إلا
مطلق الاجتماع ، أما ما يضاف إليه من التحلق و ما قرن معه من الرقص فكله بدع
و ضلالات يتنزه الشرع عنها .

(1/88)


12 - " أوحى الله إلى الدنيا : أن اخدمي من خدمني ، و أتعبي من خدمك " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 68 ) :

موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 8 / 44 ) و اللفظ له و الحاكم في " معرفة
علوم الحديث " ( ص 101 ) من طرق عن الحسين بن داود بن معاذ البلخي قال حدثنا
الفضيل بن عياض قال حدثنا منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود
مرفوعا .
قال الخطيب : تفرد بروايته الحسين عن الفضيل ، و هو موضوع ، و رجالهم كلهم ثقات
سوى الحسين بن داود ، و لم يكن ثقة ، فإنه روى نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد
عن أنس أكثرها موضوع .

(1/89)


13 - " أهل الشام سوط الله في أرضه ينتقم بهم ممن يشاء من عباده ، و حرام على
منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم ، و لا يموتوا إلا غما و هما " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 68 ) :
ضعيف .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4163 ) من طريقين عن الوليد بن مسلم عن
محمد بن أيوب بن ميسرة بن حلبس عن أبيه عن خريم بن فاتك الأسدي صاحب
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
فذكره .
و هذا إسناد ظاهره الصحة و لعله لذلك احتج به شيخ الإسلام ابن تيمية في فصل له
في " فضائل الشام " ( ق 259 / 1 من مسودته ) و ليس بصحيح فإن له علتين :
الأولى : عنعنعة الوليد فإنه يدلس تدليس التسوية ، قال الذهبي في " الميزان " :
إذا قال الوليد : عن ابن جريج أو عن الأوزاعى فليس بمعتمد لأنه يدلس عن كذابين
فإذا قال : حدثنا فهو حجة و قال الحافظ في " التقريب " : هو ثقة لكنه كثير
التدليس و التسوية .
الأخرى : الوقف فقد رواه موقوفا هيثم بن خارجة قال : حدثنا محمد بن أيوب به
موقوفا على خريم .
أخرجه أحمد ( 3 / 498 ) و سنده صحيح ، و أوهم ابن تيمية أنه مرفوع و ليس كذلك .
و الحديث أورده المنذري في " الترغيب و الترهيب " ( 4 / 63 ) و قال : رواه
الطبراني مرفوعا و أحمد موقوفا و لعله الصواب ، و رواتهما ثقات .

(1/90)


14 - " إياكم و خضراء الدمن ، فقيل : و ما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء فى
المنبت السوء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 69 ) :
ضعيف جدا .
رواه القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 81 / 1 ) من طريق الواقدي قال : أنبأنا
يحيى بن سعيد بن دينار عن أبي وجيزة يزيد بن عبيد عن عطاء بن يزيد الليثي عن
أبي سعيد الخدري ، و أورده الغزالي في " الإحياء " ( 2 / 38 ) و قال مخرجه
العراقي :
رواه الدارقطني في " الأفراد " و الرامهرمزى في " الأمثال " من حديث أبي سعيد
الخدري ، قال الدارقطني : تفرد به الواقدى و هو ضعيف .
و ذكر نحوه ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " ( ق 118 / 1 ) .
قلت : بل هو متروك فقد كذبه الإمام أحمد و النسائي و ابن المديني و غيرهم .
و لا تغتر بتوثيق بعض المتعصبين له ممن قدم لبعض كتبه ، و غيره من الحنفية ،
فإنه على خلاف القاعدة المعروفة عند المحدثين : الجرح المبين مقدم على التعديل
و لذا حكم الكوثري بوضعه كما سيأتي تحت الحديث ( 25 ) .

(1/91)


15 - " الشام كنانتي فمن أرادها بسوء رميته بسهم منها " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 70 ) :
لا أصل له في المرفوع .
و لعله من الإسرائيليات ، فقد أخرج الحافظ أبو الحسن الربعي في " فضائل الشام "
( ص 3 ) عن عون بن عبد الله بن عتبة قال :
قرأت فيما أنزل الله عز وجل على بعض الأنبياء أن الله تعالى يقول : الشام
كنانتي فإذا غضبت على قوم رميته منها بسهم .
و في سنده المسعودي و اسمه عبد الرحمن بن عبد الله و هو ضعيف لاختلاطه ،
و جماعة آخرون لم أجد من ترجمهم ، و يروى مثل هذا المعنى في مصر أيضا و لا أصل
له في المرفوع أيضا كما يشير إليه كلام السخاوي في " المقاصد الحسنة " .

(1/92)


16 - " صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس : الأمراء و الفقهاء - و في رواية -
العلماء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 70 ) :
موضوع .
أخرجه تمام في " الفوائد " ( 238 / 1 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 96 )
و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 1 / 184 ) من طريق محمد بن زياد
اليشكري عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعا .
و هذا سند موضوع محمد بن زياد هذا قال أحمد :
كذاب أعور يضع الحديث و قال ابن معين و الدارقطني : كذاب و كذبه أبو زرعة أيضا
و غيره .
و الحديث مما أورده السيوطي في " الجامع " خلافا لشرطه ! و أورده الغزالي في
" الإحياء " ( 1 / 6 ) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم ! و قال مخرجه
الحافظ العراقي بعد أن عزاه لابن عبد البر و أبي نعيم : سنده ضعيف .
( تنبيه ) و لا منافاة بين قول الحافظ هذا و بين حكمنا عليه بالوضع إذ أن
الموضوع من أنواع الحديث الضعيف كما هو مقرر في علم المصطلح .
و من أحاديث هذا الكذاب :

(1/93)


17 - " من أذنب و هو يضحك دخل النار و هو يبكي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 71 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم أيضا ( 4 / 96 ) من طريق عمر بن أيوب حدثنا أبو إبراهيم
الترجمان حدثنا محمد بن زياد اليشكري بإسناده المتقدم .
و هو من الأحاديث التي سود بها السيوطي أيضا كتابه " الجامع الصغير " ! و قال
شارحه المناوي : و فيه عمر بن أيوب قال الذهبي : جرحه ابن حبان .
قلت : و عمر هذا الظاهر أنه المزني وهاه الدارقطني كما في " الميزان "
و " لسانه " فالحمل في الحديث على اليشكري أولى .
ثم رأيته في " الحلية ( 6 / 185 ) عن بكر بن عبد الله المزني من قوله و هو
الأشبه . و من أحاديث هذا الكذاب أيضا .

(1/94)


18 - " اتخذوا الحمام المقاصيص فإنها تلهي الجن عن صبيانكم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 72 ) :
موضوع .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 288 / 2 ) و الخطيب ( 5 / 279 ) و ابن عساكر
( 17 / 469 ) من طريق محمد بن زياد بإسناده السابق عن ابن عباس .
و هو من أحاديث " الجامع الصغير " أيضا ! و قد عزاه فيه للخطيب و الديلمي في
" مسند الفردوس " عن ابن عباس و ابن عدي عن أنس فتعقبه شارحه المناوي
بقوله : و قضيته أن مخرجه الخطيب خرجه ساكتا عليه و الأمر بخلافه ، فإنه عقبه
بنقله عن أحمد و ابن معين و غيرهما أن محمد بن زياد كان كذابا يضع الحديث
انتهى .
و قال ابن حجر : فيه محمد بن زياد اليشكري كذبوه ، و في " الميزان " كذاب وضاع
ثم أورد له هذا الخبر ، و ابن عدي رواه من حديث عثمان بن مطر عن ثابت عن أنس بن
مالك قال في الميزان عن ابن حبان بعد ما ساق له هذا الخبر : يروي الموضوعات عن
الأثبات ، و من ثم حكم ابن الجوزي بوضعه و تبعه المؤلف في " مختصر الموضوعات "
ساكتا عليه ، و حكاه عنه في " الكبير " و أقره فكان ينبغي حذفه من هذا الكتاب
وفاء بشرطه .
و ممن جزم بوضعه ابن عراق و الهندي و غيرهما .
قلت : و منهم ابن القيم في " المنار " ( 39 ) .
و من أحاديث اليشكري الكذاب هذا :

(1/95)


19 - " زينوا مجالس نسائكم بالمغزل " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 72 ) :
موضوع .
أخرجه ابن عدي ( 288 / 2 ) و الخطيب ( 5 / 380 ) عن اليشكري بسنده المتقدم عن
ابن عباس مرفوعا و قال ابن عدي :
اليشكري هذا بين الأمر في الضعفاء يروي عن ميمون أحاديث مناكير لا يرويها غيره
و لا يتابعه أحد من الثقات عليها .
و من طريق الخطيب أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 277 ) و أقره
السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 179 ) . و نحو هذا الحديث :

(1/96)


20 - " زينوا موائدكم بالبقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 73 ) :

موضوع .
أخرجه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " ( 2 / 229 / 1 ) و ابن حبان في
" الضعفاء و المتروكين " ( 2 / 186 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان "
( 2 / 216 ) و غيرهما من طريق العلاء بن مسلمة عن إسماعيل ابن مغراء الكرماني
عن ابن عياش عن برد عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا .
قلت : و هذا موضوع ، و آفته العلاء هذا ، قال الذهبي في " الميزان " : قال
الأزدي : لا تحل الرواية عنه كان لا يبالي ما روى ، و قال ابن طاهر : كان يضع
الحديث ، و قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات ، و تمام كلام ابن حبان :
لا يحل الاحتجاج به بحال .
و الحديث مما شان به السيوطي " جامعه " فأورده من طريق ابن حبان في " الضعفاء "
و الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي أمامة ، و قال شارحه المناوي :
و فيه إسماعيل بن عياش مختلف فيه عن برد بن سنان أورده الذهبي في الضعفاء .
و رواه عنه أبو نعيم و عنه تلقاه الديلمي مصرحا فلو عزاه له لكان أولى .
قلت : لقد أبعد الشارح النجعة فعلة الحديث ممن دون من ذكرهم كما عرفت ، و قد
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 298 ) من طريق ابن حبان عن العلاء بن
مسلمة به ، ثم قال ابن الجوزي : لا أصل له ، العلاء يضع ... و ذكر ما تقدم نقله
عن " الميزان " .
فتعقبه السيوطي في " اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " ( 2 / 12 )
بقوله : قلت : روى له الترمذي .
قلت : و هذا تعقب لا طائل تحته مع ثبوت جرح الرجل فرواية الترمذي عنه لا تعدله
و كم في رواته من مجروحين و متهمين كما لا يخفى على العارفين بتراجم رواة
الحديث .
ثم ساق له السيوطي في " اللآليء " طريقا أخرى من رواية واثلة بن الأسقع مرفوعا
و فيه الحسن بن شبيب المكتب ، قال الذهبي في " الميزان " :
هو آفة هذا الحديث قال فيه ابن عدي : حدث بالبواطيل عن الثقات و قد جزم
ابن القيم في " المنار " ( ص 32 ) بأن الحديث موضوع ، أورده في التنبيه على
أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا ، ثم قال ( ص 35 ) : و منها سماجة الحديث
و كونه مما يسخر منه .
ثم ذكر أحاديث هذا منها .

(1/97)


21 - " حسبي من سؤالي علمه بحالي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 74 ) :
لا أصل له .
أورده بعضهم من قول إبراهيم عليه الصلاة و السلام ، و هو من الإسرائيليات و لا
أصل له في المرفوع ، و قد ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء مشيرا لضعفه
فقال : روي عن كعب الأحبار : " أن إبراهيم عليه الصلاة و السلام ... لما
رموا به في المنجنيق إلى النار استقبله جبريل فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟
قال : أما إليك فلا ، قال جبريل : فسل ربك ، فقال إبراهيم : حسبي من سؤالي علمه
بحالي " .
و قد أخذ هذا المعنى بعض من صنف في الحكمة على طريقة الصوفية فقال : سؤالك منه
يعني الله الله تعالى اتهام له ، و هذه ضلالة كبري ! فهل كان الأنبياء
صلوات الله عليهم متهمين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة ؟ فهذا إبراهيم عليه
الصلاة و السلام يقول : *( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك
المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم و ارزقهم من
الثمرات لعلهم يشكرون ، ربنا ... ) إلى آخر الآيات و كلها أدعية ، و أدعية
الأنبياء في الكتاب و السنة لا تكاد تحصى ، و القائل المشار إليه قد غفل عن كون
الدعاء الذي هو تضرع و التجاء إلى الله تعالى عبادة عظيمة بغض النظر عن ماهية
الحاجة المسؤولة ، و لهذا قال صلى الله عليه وسلم :
" الدعاء هو العبادة ، ثم تلا قوله تعالى : *( و قال ربكم ادعوني أستجب لكم إن
الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )* " ذلك لأن الدعاء يظهر عبودية
العبد لربه و حاجته إليه و مسكنته بين يديه ، فمن رغب عن دعائه ، فكأنه رغب عن
عبادته سبحانه و تعالى ، فلا جرم جاءت الأحاديث متضافرة في الأمر به و الحض
عليه حتى قال صلى الله عليه وسلم : " من لا يدع الله يغضب عليه " .
أخرجه الحاكم ( 1 / 491 ) و صححه و وافقه الذهبي .
قلت : و هو حديث حسن ، و تجد بسط الكلام في تخريجه و تأكيد تحسينه و الرد علي
من زعم من إخواننا أنني صححته و غير ذلك من الفوائد في " السلسلة الأخرى "
( رقم 2654 ) .
و قالت عائشة رضي الله عنها :
" سلوا الله كل شيء حتى الشسع ، فإن الله عز وجل ، إن لم ييسره لم يتيسر " .
أخرجه ابن السني ( رقم 349 ) بسند حسن ، و له شاهد من حديث أنس عند الترمذي
( 4 / 292 ) و غيره و ضعفه و هو مخرج فيما سيأتي برقم ( 1362 ) .
و بالجملة فهذا الكلام المعزو لإبراهيم عليه الصلاة و السلام لا يصدر من مسلم
يعرف منزلة الدعاء في الإسلام فكيف يصدر ممن سمانا المسلمين ؟ !
ثم وجدت الحديث قد أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار
الشنيعة الموضوعة " و قال ( 1 / 250 ) : قال ابن تيمية موضوع .

(1/98)


22 - " توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 76 ) :

لا أصل له .
و قد نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة " . و مما لا شك
فيه أن جاهه صلى الله عليه وسلم و مقامه عند الله عظيم ، فقد
وصف الله تعالى موسى بقوله : *( و كان عند الله وجيها )* ، و من المعلوم أن
نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من موسى ، فهو بلا شك أوجه منه عند ربه
سبحانه و تعالى ، و لكن هذا شيء و التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم شيء آخر ،
فلا يليق الخلط بينهما كما يفعل بعضهم ، إذ أن التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم
يقصد به من يفعله أنه أرجى لقبول دعائه ، و هذا أمر لا يمكن معرفته بالعقل إذ
أنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للعقل في إدراكها فلابد فيه من النقل
الصحيح الذي تقوم به الحجة ، و هذا مما لا سبيل إليه البتة ، فإن الأحاديث
الواردة في التوسل به صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى قسمين : صحيح و ضعيف ، أما
الصحيح فلا دليل فيه البتة على المدعى مثل توسلهم به صلى الله عليه وسلم في
الاستسقاء ، و توسل الأعمى به صلى الله عليه وسلم فإنه توسل بدعائه صلى الله
عليه وسلم لا بجاهه و لا بذاته صلى الله عليه وسلم ، و لما كان التوسل بدعائه
صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير ممكن كان بالتالي التوسل
به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته غير ممكن و غير جائز .
و مما يدلك على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما استسقوا في زمن عمر توسلوا
بعمه صلى الله عليه وسلم العباس ، و لم يتوسلوا به صلى الله عليه وسلم ، و ما
ذلك إلا لأنهم يعلمون معنى التوسل المشروع و هو ما ذكرناه من التوسل بدعائه
صلى الله عليه وسلم و لذلك توسلوا بعده صلى الله عليه وسلم بدعاء عمه لأنه ممكن
و مشروع ، و كذلك لم ينقل أن أحدا من العميان توسل بدعاء ذلك الأعمى ، ذلك لأن
السر ليس في قول الأعمى : ( اللهم إنى أسألك و أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة ) .
و إنما السر الأكبر في دعائه صلى الله عليه وسلم له كما يقتضيه وعده صلى الله
عليه وسلم إياه بالدعاء له ، و يشعر به قوله في دعائه " اللهم فشفعه في " أي
اقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم أي دعاءه في " و شفعني فيه " أي اقبل شفاعتي أي
دعائي في قبول دعائه صلى الله عليه وسلم في ، فموضوع الحديث كله يدور حول
الدعاء كما يتضح للقاريء الكريم بهذا الشرح الموجز ، فلا علاقة للحديث بالتوسل
المبتدع ، و لهذه أنكره الإمام أبو حنيفة فقال :
أكره أن يسأل الله إلا بالله ، كما في " الدر المختار " و غيره من كتب الحنفية
.
و أما قول الكوثري في مقالاته ( ص 381 ) :
و توسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أوائل " تاريخ الخطيب " بسند صحيح
فمن مبالغاته بل مغالطاته فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب ( 1 / 123 ) من
طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال : نبأنا علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي
يقول : إنى لأتبرك بأبي حنيفة و أجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائرا - فإذا
عرضت لي حاجة صليت ركعتين و جئت إلى قبره ، و سألت الله تعالى الحاجة عنده ،
فما تبعد عني حتى تقضى .
فهذه رواية ضعيفة بل باطلة فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف و ليس له ذكر
في شيء من كتب الرجال ، و يحتمل أن يكون هو عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن
إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسى و قد ترجمه الخطيب ( 12 / 226 )
و ذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة ( 341 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا
فهو مجهول الحال ، و يبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة
( 247 ) على أكثر الأقوال ، فبين وفاتيهما نحو مائة سنة فيبعد أن يكون قد أدركه
.
و على كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل و قد ذكر شيخ الإسلام في
" اقتضاء الصراط المستقيم " معنى هذه الرواية ثم أثبت بطلانها فقال ( ص 165 ) :
هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل ، فالشافعي لما قدم بغداد
لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة ، بل و لم يكن هذا على عهد الشافعي
معروفا ، و قد رأى الشافعي بالحجاز و اليمن و الشام و العراق و مصر من قبور
الأنبياء و الصحابة و التابعين من كان أصحابها عنده و عند المسلمين أفضل من
أبي حنيفة و أمثاله من العلماء ، فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده ؟ ! ثم
( إن ) أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف و محمد و زفر و الحسن بن
زياد و طبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة و لا غيره ، ثم قد
تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية
الفتنة بها ، و إنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه و دينه ، و إما أن يكون
المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف .
و أما القسم الثاني من أحاديث التوسل فهي أحاديث ضعيفة تدل بظاهرها على التوسل
المبتدع ، فيحسن بهذه المناسبة التحذير منها و التنبيه عليها فمنها :

(1/99)


23 - " الله الذي يحيي و يميت و هو حي لا يموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد و لقنها
حجتها و وسع عليها مدخلها ، بحق نبيك و الأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم
الراحمين ... " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 79 ) :
ضعيف .
رواه الطبراني في " الكبير " ( 24 / 351 ـ 352 ) و " الأوسط " ( 1 / 152 ـ 153
ـ الرياض ) ، و من طريقه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 3 / 121 ) : حدثنا
أحمد بن حماد بن زغبة قال روح بن صلاح قال : حدثنا سفيان الثوري عن عاصم الأحول
و من طريقه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 3 / 121 ) عن أنس بن مالك
قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنهما ... دعا أسامه بن
زيد و أبا أيوب الأنصاري و عمر بن الخطاب و غلاما أسود يحفرون ... فلما فرغ ،
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه فقال ... فذكره ، و قال
الطبراني : تفرد به روح بن صلاح .
قلت : قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 9 / 257 ) : و فيه روح بن صلاح وثقه
ابن حبان و الحاكم و فيه ضعف ، و بقية رجاله رجال الصحيح .
و في قوله : و بقية رجاله رجال الصحيح نظر رجيح ، ذلك لأن زغبة هذا ليس من رجال
الصحيح ، بل لم يرو له إلا النسائي ، أقول هذا مع العلم أنه في نفسه ثقة .
بقي النظر في حال روح بن صلاح و قد تفرد به كما قال الطبراني ، فقد وثقه ابن
حبان و الحاكم كما ذكر الهيثمي ، و لكن قد ضعفه من قولهم أرجح من قولهما
لأمرين : الأول : أنه جرح و الجرح مقدم على التعديل بشرطه .
و الآخر : أن ابن حبان متساهل في التوثيق فإنه كثيرا ما يوثق المجهولين حتى
الذين يصرح هو نفسه أنه لا يدري من هو و لا من أبوه ؟ كما نقل ذلك ابن
عبد الهادي في " الصارم المنكي " و مثله في التساهل الحاكم كما لا يخفى على
المتضلع بعلم التراجم و الرجال فقولهما عند التعارض لا يقام له وزن حتى و لو
كان الجرح مبهما لم يذكر له سبب ، فكيف مع بيانه كما هو الحال في ابن صلاح
هذا ؟ ! فقد ضعفه ابن عدي ( 3 / 1005 ) ، و قال ابن يونس : رويت عنه مناكير ،
و قال الدارقطني : ضعيف في الحديث ، و قال ابن ماكولا : ضعفوه ، و قال ابن عدي
بعد أن خرج له حديثين : و في بعض حديثه نكرة .
فأنت ترى أئمة الجرح قد اتفقت عباراتهم على تضعيف هذا الرجل ، و بينوا أن السبب
روايته المناكير ، فمثله إذا تفرد بالحديث يكون منكرا لا يحتج به ، فلا يغتر
بعد هذا بتوثيق من سبق ذكره إلا جاهل أو مغرض .
و مما تقدم يتبين للمنصف أن الشيخ زاهدا الكوثري ما أنصف العلم حين تكلم على
هذا الحديث محاولا تقويته حيث اقتصر على ذكر التوثيق السابق في روح بن صلاح دون
أن يشير أقل إشارة إلى أن هناك تضعيفا له ممن هم أكثر و أوثق ممن وثقه ! انظر
( ص 379 ) من " مقالات الكوثرى " نفسه !
و من عجيب أمر هذا الرجل أنه مع سعة علمه يغلب عليه الهوي و التعصب للمذهب ضد
أنصار السنة و أتباع الحديث الذين يرميهم ظلما بالحشوية فتراه هنا يميل إلى
تقوية هذا الحديث معتمدا على توثيق ابن حبان ما دام هذا الحديث يعارض ما عليه
أنصار السنة !
فإذا كان الحديث عليه لا له فتراه يرده و إن كان ابن حبان صححه أو وثق رواته !
فانظر إليه مثلا يقول في حديث مضيه صلى الله عليه وسلم في صلاته بعد خلع النعل
النجسة و قد أخرجه ابن حبان و الحاكم في " صحيحيهما " قال :
و تساهل الحاكم و ابن حبان في التصحيح مشهور ! ! ( انظر ص 185 ) من
" مقالاته " .
و الحديث صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " و إعلاله بتساهل المذكورين تدليس
خبيث ، لأنه ليس فيه من لم يوثقه غيرهما ، بل رجاله كلهم رجال مسلم .
و انظر إليه في كلامه على حديث الأوعال و تضعيفه إياه و هو في ذلك مصيب تراه
يعتمد في ذلك على أن راويه عبد الله بن عميرة مجهول ، ثم يستدرك في التعليق
فيقول ( ص 309 ) : نعم ذكره ابن حبان في الثقات ، لكن طريقته في ذلك أن يذكر في
الثقات من لم يطلع على جرح فيه ، فلا يخرجه ذلك عن حد الجهالة عند الآخرين ،
و قد رد ابن حجر شذوذ ابن حبان هذا في " لسان الميزان " .
قلت : فقد ثبت بهذه النقول عن الكوثري أن من مذهبه عدم الاعتماد على توثيق ابن
حبان و الحاكم لتساهلهما في ذلك ، فكيف ساغ له أن يصحح الحديث الذي نحن في صدد
الكلام عليه لمجرد توثيقهما لراويه روح بن صلاح ، و لاسيما أنه قد صرح غيرهما
ممن هو أعلم منهما بالرجال بتضعيفه ؟ ! اللهم لولا العصبية المذهبية لم يقع في
مثل هذه الخطيئة ، فلا تجعل اللهم تعصبنا إلا للحق حيثما كان .
و من الأحاديث الضعيفة في التوسل و هي في الوقت نفسه تدل على تعصب الكوثري
الحديث الآتي :

(1/100)


24 - " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال : اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ،
و أسألك بحق ممشاي هذا ، فإني لم أخرج أشرا و لا بطرا ... أقبل الله عليه بوجهه
و استغفر له ألف ملك " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 82 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 1 / 261 - 262 ) و أحمد ( 3 / 21 ) و البغوي في " حديث علي بن
الجعد " ( 9 / 93 / 3 ) و ابن السني ( رقم 83 ) من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية
العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به .
و هذا سند ضعيف من وجهين ، الأول : فضيل بن مرزوق وثقه جماعة و ضعفه آخرون ،
و قول الكوثري في بعض " مقالاته " ( 393 ) : و قال أبو حاتم : ضعيف الحديث ،
و لم يضعفه سواه و جرحه غير مفسر ، بل وثقه البستي .
فيه أخطاء مكشوفة :
أولا : قوله لم يضعفه غير أبي حاتم ، فإنه باطل ، و ما أظن هذا يخفى على
مثله ، فإن في ترجمته من " التهذيب " بعد أن حكى أقوال الموثقين له ما نصه :
و قال ابن أبي حاتم عن أبيه : صالح الحديث صدوق يهم كثيرا يكتب حديثه .
قلت : يحتج به ؟ قال : لا .
و قال النسائي : ضعيف ... قال مسعود عن الحاكم : ليس هو من شرط الصحيح .
و قد عيب على مسلم إخراجه لحديثه ، قال ابن حبان في الثقات : يخطيء ، و قال في
" الضعفاء " : كان يخطيء على الثقات و يروي عن عطية الموضوعات .
فأنت ترى أنه قد ضعفه مع أبي حاتم النسائي و الحاكم و ابن حبان مع أنهما من
المتساهلين في التوثيق كما تقدم .
ثانيا : قوله : و جرحه غير مفسر .
فهذا غير مسلم به ، بل هو مفسر في نفس كلام أبي حاتم الذي نقلته ، و هو قوله :
يهم كثيرا ، و قد اعتمد الحافظ ابن حجر هذا القول فقال في ترجمته : صدوق يهم ،
فمن كان يهم في حديثه كثيرا ، فلا شك أنه لا يحتج به كما هو مقرر في محله من
علم المصطلح .
ثالثا : قوله : بل وثقه البستي .
قلت : البستي هو ابن حبان ، و إنما عدل الكوثري عن التصريح باسم ( ابن حبان )
إلى ذكر نسبته ( البستي ) تدليسا و تمويها ، و قد علمت أن ابن حبان كان له فيه
قولان ، فمرة أورده في " الثقات " ( 7 / 316 ) و أخرى في " الضعفاء " ( 2 / 209
) و الاعتماد على هذا أولى من الأول ، لأنه بين فيه سبب ضعفه ، فهو جرح مفسر
يقدم على التعديل كما تقرر في المصطلح أيضا .
الوجه الثاني في تضعيف الحديث : أنه من رواية عطية العوفي ، و هو ضعيف أيضا .
قال الحافظ في " التقريب " : صدوق يخطيء كثيرا كان شيعيا مدلسا ، فهذا جرح مفسر
يقدم على قول من وثقه مع أنهم قلة ، و قد خالفوا جمهور الأئمة الذين ضعفوه
و تجد أقوالهم في " تهذيب التهذيب " و عبارة الحافظ التي نقلتها عن " التقريب "
هي خلاصة هذه الأقوال كما لا يخفى على البصير بهذا العلم فلا نطيل الكلام
بذكرها ، و لهذا جزم الذهبي في " الميزان " بأنه ضعيف .
أما تدليسه فلابد من بيانه ها هنا لأن به تزول شبهة يأتي حكايتها ، فقال ابن
حبان في " الضعفاء " ما نصه : سمع من أبي سعيد أحاديث فلما مات جعل يجالس
الكلبي يحضر بصفته ، فإذا قال الكلبي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ،
فيحفظه ، و كناه أبا سعيد و يروي عنه ، فإذا قيل له : من حدثك هذا ؟ فيقول :
حدثني أبو سعيد فيتوهمون أنه يريد أبا سعيد الخدري ، و إنما أراد الكلبي !
قال : لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب .
فهل تدري أيها القاريء الكريم ما كان موقف الشيخ الكوثري تجاه تلك الأقوال
المشار إليها في تضعيف الرجل ؟ إنه لم يشر إليها أدنى إشارة و اكتفى بذكر أقوال
القلة الذين وثقوه ، الأمر الذي ينكره على خصومه ( انظر ص 392 من " مقالاته "
و ليته وقف عند هذا ، بل إنه أوهم أن سبب تضعيفه أمر لا يصلح أن يكون جرحا فقال
( ص 394 ) : و عطية جرح بالتشيع ، لكن حسن له الترمذي عدة أحاديث .
و قصده من هذا إفساح المجال لتقديم أقوال الموثقين بإيهام أن المضعفين إنما
ضعفوه بسبب تشيعه ، و هو سبب غير جارح عند المحققين ، مع أن السبب في الحقيقة
إنما هو خطأه كثيرا كما تقدم في كلام الحافظ ابن حجر ، فانظر كم يبعد التعصب
بصاحبه عن الإنصاف و الحق !
و أما تحسين الترمذي له فلا حجة فيه بعد قيام المانع من تحسين الحديث ،
و الترمذي متساهل في التصحيح و التحسين ، و هذا شيء لا يخفى على الشيخ -
عفا الله عنا و عنه - فقد نقل هو نفسه في كلامه على حديث الأوعال الذي سبقت
الإشارة إليه عن ابن دحية إنه قال : كم حسن الترمذي من أحاديث موضوعة و أسانيد
واهية ؟ ! و عن الذهبي أنه قال : لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي ( انظر ص
311 من " مقالات الكوثرى " ) .
فانظر كيف يجعل كلام الرجل في موضع حجة ، و في آخر غير حجة ! !
ثم أجاب عن شبهة التدليس بقوله : و بعد التصريح بالخدري لا يبقى احتمال التدليس
و لاسيما مع المتابعة .
يعني أن عطية قد صرح بأن أبا سعيد في هذا الحديث هو الخدري ، فاندفعت شبهة كونه
هو الكلبي الكذاب .
قلت : و هذا دفع هزيل ، فالشبهة لا تزال قائمة ، لأن ابن حبان صرح كما تقدم
نقله عنه أن عطية لما كان يحدث عن الكلبي و يكنيه بأبي سعيد كان الذين يسمعون
الحديث عنه يتوهمون أنه يريد الخدري ، فمن أين للشيخ الكوثري أن التصريح
بالخدري إنما هو من عطية و ليس من توهم الراوي عنه أو من وهمه فقد علمت أنه كان
سيء الحفظ ؟ ! هذان احتمالان لا سبيل إلى ردهما و بذلك تبقى شبهة التدليس قائمة
.
و أما المتابعة التي أشار إليها فهي ما فسره بقوله قبل : و لم ينفرد عطية عن
الخدري ، بل تابعه أبو الصديق عنه في رواية عبد الحكم بن ذكوان ، و هو ثقة عند
ابن حبان ، و إن أعله به أبو الفرج في علله .
قلت : لقد عاد الشيخ إلى الاعتداد بتوثيق ابن حبان مع اعترافه بشذوذه في ذلك
كما سبق النقل عنه ، هذا مع قول ابن معين في ابن ذكوان هذا : لا أعرفه ، فإذا
لم يعرفه أمام الجرح و التعديل ، فأنى لابن حبان أن يعرفه ؟ !
فتبين أن لا قيمة لهذا المتابع لجهالة الراوي عنه ، فإعلال أبي الفرج للحديث به
حق لا غبار عليه عند من ينصف !
ثم بدا لي وجه ثالث في تضعيف الحديث و هو اضطراب عطية أو ابن مرزوق في روايته
حيث أنه رواه تارة مرفوعا كما تقدم ، و أخرى موقوفا على أبي سعيد كما رواه ابن
أبي شيبة في " المصنف " ( 12 / 110 / 1 ) عن ابن مرزوق به موقوفا ، و في رواية
البغوي من طريق فضيل قال : أحسبه قد رفعه ، و قال ابن أبي حاتم في " العلل "
( 2 / 184 ) : موقوف أشبه .
ثم إن الشيخ حاول أن يشد من عضد الحديث بأن أوجد له طريقا أخرى فقال : و أخرج
ابن السني في عمل " اليوم و الليلة " بسند فيه الوازع عن بلال ، ( كذا ) و ليس
فيه عطية و لا ابن مرزوق .
قلت : و لم يزد الشيخ على هذا فلم يبين ما حال هذا الوازع و هل هو ممن يصلح أن
يستشهد به ، أو هل عنده وازع يمنعه من رواية الكذب ؟ و لو أنه بين ذلك لظهر لكل
ذي عينين أن روايته لهذا الحديث و عدمها سواء ، ذلك لأنه ضعيف بمرة عند أئمة
الحديث بلا خلاف عندهم ، حتى قال أبو حاتم : ضعيف الحديث جدا ليس بشىء ، و قال
لابنه : اضرب على أحاديثه فإنها منكرة .
بل قال الحاكم - على تساهله - : روى أحاديث موضوعة ! و كذا قال غيره ، و هو
الوازع بن نافع العقيلي .
فمن كان هذا حاله في الرواية لا يعتضد بحديثه و لا كرامة حتى عند الشيخ نفسه
فاسمع إن شئت كلامه في ذلك ( ص 39 ) من " مقالاته " : إن تعدد الطرق إنما يرفع
الحديث إلى مرتبة الحسن لغيره إذا كان الضعف في الرواة من جهة الحفظ و الضبط
فقط ، لا من ناحية تهمة الكذب ، فإن كثرة الطرق لا تفيد شيئا إذ ذاك .
و من هنا يتبين للقاريء اللبيب لم سكت الشيخ عن بيان حال الوازع هذا !
و جملة القول أن هذا الحديث ضعيف من طريقيه و أحدهما أشد ضعفا من الآخر ، و قد
ضعفه البوصيرى و المنذري و غيرهما من الأئمة ، و من حسنه فقد وهم أو تساهل ،
و قد تكلمت على حديث بلال هذا ، و كشفت عن تدليس الكوثري فيما سيأتي ( 6252 )
و من الأحاديث الضعيفة بل الموضوعة في التوسل :

(1/101)


25 - " لما اقترف آدم الخطيئة ، قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي ،
فقال الله : يا آدم و كيف عرفت محمدا و لم أخلقه ؟ قال : يا رب لما خلقتني
بيدك ، و نفخت في من روحك ، رفعت رأسي ، فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله
إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ،
فقال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ، ادعني بحقه فقد غفرت لك ، و لولا
محمد ما خلقتك " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 88 ) :
موضوع .
أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 2 / 615 ) و عنه ابن عساكر ( 2 / 323 / 2 )
و كذا البيهقي في باب ما جاء فيما تحدث به صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه من
" دلائل النبوة " ( 5 / 488 ) من طريق أبي الحارث عبد الله بن مسلم الفهري ،
حدثنا إسماعيل ابن مسلمة ، نبأنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن
عمر بن الخطاب مرفوعا ، و قال الحاكم : صحيح الإسناد ، و هو أول حديث ذكرته
لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب .
فتعقبه الذهبي بقوله : بل موضوع ، و عبد الرحمن واه ، و عبد الله بن مسلم
الفهري لا أدري من هو .
قلت : و الفهري هذا أورده في " ميزان الاعتدال " لهذا الحديث و قال : خبر باطل
رواه البيهقي في " دلائل النبوة " و قال البيهقي : تفرد به عبد الرحمن بن زيد
ابن أسلم و هو ضعيف .
و أقره ابن كثير في " تاريخه " ( 2 / 323 ) و وافقه الحافظ ابن حجر في
" اللسان " أصله " الميزان " على قوله : خبر باطل و زاد عليه قوله في هذا
الفهري : لا أستبعد أن يكون هو الذي قبله فإنه من طبقته .
قلت : و الذي قبله هو عبد الله بن مسلم بن رشيد ، ذكره ابن حبان فقال : متهم
بوضع الحديث ، يضع على ليث و مالك و ابن لهيعة لا يحل كتب حديثه ، و هو الذي
روى عن ابن هدبة نسخة كأنها معمولة .
و الحديث أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( 207 ) من طريق أخرى عن
عبد الرحمن بن زيد ثم قال : لا يروي عن عمر إلا بهذا الإسناد .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 253 ) : رواه الطبراني في " الأوسط "
و " الصغير " و فيه من لم أعرفهم .
قلت : و هذا إعلال قاصر ما دام فيه عبد الرحمن بن زيد ، قال شيخ الإسلام ابن
تيمية في " القاعدة الجليلة في التوسل و الوسيلة " ( ص 69 ) : و رواية الحاكم
لهذا الحديث مما أنكر عليه ، فإنه نفسه قد قال في كتاب " المدخل إلى معرفة
الصحيح من السقيم " : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا
يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه .
قلت : و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيرا .
و صدق شيخ الإسلام في نقله اتفاقهم على ضعفه و قد سبقه إلى ذلك ابن الجوزي ،
فإنك إذا فتشت كتب الرجال ، فإنك لن تجد إلا مضعفا له ، بل ضعفه جدا علي بن
المديني و ابن سعد ، و قال الطحاوى : حديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية
من الضعف .
و قال ابن حبان : كان يقلب الأخبار و هو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع
المراسيل و إسناد الموقوف ، فاستحق الترك .
و قال أبو نعيم نحو ما سبق عن الحاكم : روى عن أبيه أحاديث موضوعة .
قلت : و لعل هذا الحديث من الأحاديث التي أصلها موقوف و من الإسرائيليات ، أخطأ
عبد الرحمن بن زيد فرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، و يؤيد هذا أن
أبا بكر الآجري أخرجه في " الشريعة " ( ص 427 ) من طريق الفهري المتقدم بسند
آخر له عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب موقوفا عليه .
و رواه ( ص 422 - 425 ) من طريق أبي مروان العثماني قال : حدثني أبي ( في
الأصل : ابن و هو خطأ ) عثمان بن خالد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه
قال : " من الكلمات التي تاب الله عز وجل على آدم عليه السلام أنه قال : اللهم
إني أسألك بحق محمد عليك .. " الحديث نحوه و ليس فيه ادعني بحقه إلخ .
و هذا موقوف و عثمان و ابنه أبو مروان ضعيفان لا يحتج بهما لو رويا حديثا
مرفوعا ، فكيف و قد رويا قولا موقوفا على بعض أتباع التابعين و هو قد أخذه -
والله أعلم - من مسلمة أهل الكتاب أو غير مسلمتهم أو عن كتبهم التي لا ثقة لنا
بها كما بينه شيخ الإسلام في كتبه .
و كذلك رواه ابن عساكر ( 2 / 310 / 2 ) عن شيخ من أهل المدينة من أصحاب ابن
مسعود من قوله موقوفا عليه و فيه مجاهيل .
و جملة القول : أن الحديث لا أصل له عنه صلى الله عليه وسلم فلا جرم أن حكم
عليه بالبطلان الحافظان الجليلان الذهبي و العسقلاني كما تقدم النقل عنهما .
و مما يدل على بطلانه أن الحديث صريح في أن آدم عليه السلام عرف النبي صلى الله
عليه وسلم عقب خلقه ، و كان ذلك في الجنة ، و قبل هبوطه إلى الأرض ، و قد جاء
في حديث إسناده خير من هذا على ضعفه أنه لم يعرفه إلا بعد نزوله إلى الهند
و سماعه باسمه في الأذان ! انظر الحديث ( 403 ) .
و مع هذا كله فقد جازف الشيخ الكوثري و صححه مع اعترافه بضعف عبد الرحمن بن زيد
لكنه استدرك ( ص 391 ) فقال : إلا أنه لم يتهم بالكذب ، بل بالوهم ، و مثله
ينتقى بعض حديثه .
قلت : لقد بلغ به الوهم إلى أنه روى أحاديث موضوعة كما تقدم عن الحاكم
و أبي نعيم ، فمثله لا يصلح أن ينتقى من حديثه حتى عند الكوثري لولا العصبية
و الهوي ، فاسمع إن شئت ما قاله ( ص 42 ) في صدد حكمه بالوضع على حديث " إياكم
و خضراء الدمن ... " و قد تقدم برقم ( 14 ) .
و إنما مدار الحكم على الخبر بالوضع أو الضعف الشديد من حيث الصناعة الحديثية
هو انفراد الكذاب أو المتهم بالكذب أو الفاحش الخطأ به .
و قد علمت مما سبق أن مدار الحديث على عبد الرحمن بن زيد الفاحش الخطأ ، فيكون
حديثه ضعيفا جدا على أقل الأحوال عنده لو أنصف !
و من عجيب أمره أنه يقول عقب عبارته السابقة ( ص 391 ) : و هذا هو الذي فعله
الحاكم حيث رأى أن الخبر مما قبله مالك فيما روى ابن حميد عنه حيث قال لأبي
جعفر المنصور : و هو وسيلتك و وسيلة أبيك آدم عليه السلام .
فمن أين له أن الحاكم رأى أن الخبر مما قبله مالك ؟ ! فهل يلزم من كون الرجل
كان حافظا أنه كان يحفظ كل شيء عن أي إمام ، هذا ما لا يقوله إنسان ؟ ! فمثل
هذا لابد فيه من نقل يصرح بأن الحاكم رأى ... و إلا فمن ادعى ذلك فقد قفى ما
ليس له به علم .
ثم هب أن مالكا قبل الخبر ، فهل ذلك يلزم غيره أن يقبله و هو لم يذكر إسناده
المتصل منه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أفلا يجوز أن يكون ذلك من
الإسرائيليات التي تساهل العلماء في روايتها عن بعض مسلمة أهل الكتاب مثل كعب
الأحبار ، فقد كان يروي عنه بعضها ابن عمر و ابن عباس و أبو هريرة باعتراف
الكوثري نفسه ( ص 34 ـ " مقالة كعب الأحبار و الإسرائيليات " ) فإذا جاز هذا
لهؤلاء ، أفلا يجوز ذلك لمالك ؟ بلى ثم بلى .
فثبت أن قول مالك المذكور لا يجوز أن يكون شاهدا مقويا للحديث المروى عن النبي
صلى الله عليه وسلم .
و هذا كله يقال لو ثبت ذلك عن مالك ، كيف و دون ثبوته خرط القتاد ! فإنه يرويه
عنه ابن حميد و هو محمد بن حميد الرازي في الراجح عند الكوثري ثم اعتمد هو على
توثيق ابن معين إياه و ثناء أحمد و الذهلي عليه ، و تغافل عن تضعيف جمهور
الأئمة له ، بل و عن تكذيب كثيرين منهم إياه ، مثل أبي حاتم و النسائي
و أبي زرعة و صرح هذا أنه كان يتعمد الكذب ، و مثل ابن خراش فقد حلف بالله أنه
كان يكذب ، و قال صالح بن محمد الأسدي : كل شيء كان يحدثنا ابن حميد كنا نتهمه
فيه ، و قال في موضع آخر : كانت أحاديثه تزيد ، و ما رأيت أحدا أجرأ على الله
منه ، و قال أيضا : ما رأيت أحدا أحذق بالكذب من رجلين سليمان الشاذكوني و محمد
ابن حميد ، كان يحفظ حديثه كله .
و قال أبو علي النيسابوري : قلت لابن خزيمة : لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد
فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه ؟ فقال : إنه لم يعرفه ، و لو عرفه كما عرفناه ما
أثنى عليه أصلا .
فهذه النصوص تدل على أن الرجل كان مع حفظه كذابا ، و الكذب أقوى أسباب الجرح
و أبينها ، فكيف ساغ للشيخ تقديم التعديل على الجرح المفسر مع أنه خلاف معتقده
؟ !
علم ذلك عند من يعرف مبلغ تعصبه على أنصار السنة و أهل الحديث ، و شدة عداوته
إياهم سامحه الله و عفا عنه .
فتبين مما ذكرناه أن هذه القصة المروية عن مالك قصة باطلة موضوعة ، و قد حقق
القول في ذلك على طريقة أخرى شيخ الإسلام في " القاعدة الجليلة " ( 1 / 227 ـ
ضمن مجموع الفتاوى ) و ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " فليراجعهما من أراد
المزيد من الاطلاع على بطلانها ، فإن فيما أوردت كفاية .
و بذلك ثبت وضع حديث توسل آدم بالنبي صلى الله عليه وسلم ، و خطأ من خالف .
و لقد أطلت كثيرا في تحقيق الكلام عليه و على الأحاديث التي قبله ، و ما كنت
أود ذلك لولا أنى وجدت نفسي مضطرا لذلك ، لما وقفت على مغالطات الشيخ الكوثري ،
فرأيت من الواجب الكشف عنها لئلا يغتر بها من لا علم له بما هنالك ! فمعذرة إلى
القراء الكرام .
هذا و إن من الآثار السيئة التي تركتها هذه الأحاديث الضعيفة في التوسل أنها
صرفت كثيرا من الأمة عن التوسل المشروع إلى التوسل المبتدع ، ذلك لأن العلماء
متفقون - فيما أعلم - على استحباب التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفة
من صفاته تعالى ، و على توسل المتوسل إليه تعالى بعمل صالح قدمه إليه عز وجل .
و مهما قيل في التوسل المبتدع فإنه لا يخرج عن كونه أمرا مختلفا فيه ، فلو أن
الناس أنصفوا لانصرفوا عنه احتياطا و عملا بقوله صلى الله عليه وسلم " دع ما
يريبك إلى ما لا يريبك " إلى العمل بما أشرنا إليه من التوسل المشروع ، و لكنهم
مع الأسف أعرضوا عن هذا و تمسكوا بالتوسل المختلف فيه كأنه من الأمور اللازمة
التي لابد منها و لازموها ملازمتهم للفرائض ! فإنك لا تكاد تسمع شيخا أو عالما
يدعو بدعاء يوم الجمعة و غيره إلا ضمنه التوسل المبتدع ، و على العكس من ذلك
فإنك لا تكاد تسمع أحدهم يتوسل بالتوسل المستحب كأن يقول مثلا : اللهم إنى
أسألك بأن لك الحمد لا إله ألا أنت وحدك لا شريك لك المنان ، يا بديع السموات
و الأرض ، يا ذا الجلال و الإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك ... مع أن فيه الاسم
الأعظم الذي إذا دعي به أجاب و إذا سئل به أعطى كما قال صلى الله عليه وسلم
فيما صح عنه ، فهل سمعت أيها القارئ الكريم أحدا يتوسل بهذا أو بغيره مما في
معناه ؟ أما أنا فأقول آسفا : إننى لم أسمع ذلك ، و أظن أن جوابك سيكون كذلك ،
فما السبب في هذا ؟ ذلك هو من آثار انتشار الأحاديث الضعيفة بين الناس ،
و جهلهم بالسنة الصحيحة ، فعليكم بها أيها المسلمون علما و عملا تهتدوا و تعزوا
.
و بعد طبع ما تقدم اطلعت على رسالة في جواز التوسل المبتدع لأحد مشايخ الشمال
المتهورين ، متخمة بالتناقض الدال على الجهل البالغ ، و بالضلال و الأباطيل
و التأويلات الباطلة و الافتراء على العلماء بل الإجماع ! مثل تجويز الاستغاثة
بالموتى و النذر لهم ، و زعمه أن توحيد الربوبية و توحيد الألوهية متلازمان !
و غير ذلك مما لا يقول به عالم مسلم ، كما أنه حشاها بالأحاديث الضعيفة
و الواهية كما هي عادته في كل ما له من رسائل - و ليته سكت عنها ، بل إنه صحح
بعض ما هو معروف منها بالضعف كقوله ( ص 42 ) و في الأحاديث الصحيحة : " إن أحب
الخلق إلى الله أنفعهم لعباده " و غير ذلك مما لا يمكن البحث فيه الآن .
و إنما القصد أن أنبه القراء على ما وقع في كلامه على الأحاديث المتقدمة في
التوسل من التدليس بل الكذب المكشوف ليوهمهم صحتها ، كي يكونوا في حذر منه و من
أمثاله من الذين لا يتقون الله فيما يكتبون ، لأن غرضهم الانتصار لأهوائهم و ما
وجدوا عليه آبائهم و أمهاتهم .
فحديث أنس ( رقم 23 ) الذي بينا ضعف إسناده ، أوهم هو أنه صحيح بتمكسه بتوثيق
ابن حبان و الحاكم لروح بن صلاح ! و قد أثبتنا ضعف هذا الراوي و عدم اعتداد
العلماء بتوثيق المذكورين فتذكر ، كما أثبتنا عدم أمانة الكوثري في النقل
و اتباعه للهوى و قد جرى على طريقته هذه مؤلف هذه الرسالة بل زاد عليه ! فإنه
بعد أن ساق الحديث موهما القاريء أنه صحيح قال عقبه ( ص 15 ) : و لهذا طرق منها
عن ابن عباس عند أبي نعيم في " المعرفة " و الديلمي في " الفردوس " بإسناد حسن
كما قاله الحافظ السيوطي .
فهذا كذب منه على ابن عباس رضي الله عنه - و ربما على السيوطي أيضا - فليس في
حديث ابن عباس موضع الشاهد من حديث أنس و هو قوله " بحق نبيك و الأنبياء الذين
قبلي فإنك أرحم الراحمين " و ذلك مما يوهن هذه الزيادة و لا يقويها خلافا
لمحاولة المؤلف الفاشلة المغرضة !
و أما حديث عمر ( رقم 25 ) فقال في تخريجه ( ص 15 ) :
و أخرج البيهقي في " دلائل النبوة " و قد التزم أن لا يذكر في هذا الكتاب حديثا
موضوعا .
قلت : و الجواب من وجهين :
الأول : أن الالتزام المذكور غير مسلم به ، فقد أخرج فيه غيرما حديث موضوع و قد
نص على ذلك بعض النقاد ، و من يتتبع مقالاتنا هذه في الأحاديث الضعيفة
و الموضوعة يجد أمثلة على ذلك و حسبك دليلا الآن هذا الحديث فقد حكم عليه
الحافظان الذهبي و العسقلاني بأنه حديث باطل كما سبق ، فما بال المؤلف يتغاضى
عن حكمهما و هما المرجع في هذا الشأن و يتعلق بالمتشابه من الكلام ؟ ! .
الآخر : أن البيهقي الذي أخرجه في " الدلائل " قد ضعف الحديث فيه كما سبق نقله
عنه ، فإن لم يكن الحديث عنده موضوعا فهو على الأقل ضعيف ، فهو حجة على الشيخ
الذي يحاول بتحريف الكلام أن يجعله صحيحا ؟ !
ثم نقل المؤلف تخريج الحاكم للحديث و تصحيحه إياه ، و تغاضى أيضا عن تعقب
الذهبي إياه الذي سبق أن ذكرناه ، و الذي يصرح فيه أنه حديث موضوع ! كما تغاضى
عن حال راويه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، الذي اتهمه الحاكم نفسه بالوضع !
و عن غيره ممن لا يعرف حاله أو هو متهم ، و عن قول الحافظ الهيثمي في الحديث
فيه من لم أعرفهم ! .
عجبا من هذا المؤلف و أمثاله إنهم يزعمون أن باب الاجتهاد قد أغلق على الناس
فليس لهم أن يجتهدوا لا في الحديث تصحيحا و تضعيفا ، و لا في الفقه ، ترجيحا
و تفريعا ، ثم هم يجتهدون فيما لا علم لهم فيه البتة ، و هو علم الحديث ،
و يضربون بكلام ذوي الاختصاص عرض الحائط ! ثم هم إن قلدوا قلدوا دون علم متبعين
أهواءهم ، و إلا فقل لي بالله عليك : إذا صحح الحاكم حديثا - و هو معروف
بتساهله في ذلك - و رده عليه أمثال الذهبي و الهيثمي و العسقلاني أفيجوز
و الحالة هذه التعلق بتصحيح الحاكم ؟! اللهم إن هذا لا يقول به إلا جاهل أو
مغرض ! اللهم فاحفظنا من اتباع الهوي حتى لا يضلنا عن سبيلك .
ثم زعم المؤلف ( ص 16 ) أن الإمام مالكا قد صح عنده محل الشاهد من هذا الحديث
حيث قال للخليفة العباسى : و لم تصرف وجهك عنه صلى الله عليه وسلم و هو وسيلتك
و وسيلة أبيك آدم ؟ .
و قد بينا فيما سلف بطلان نسبة هذه القصة إلى مالك ، و أما المؤلف فلا يهمه
التحقق من ذلك ، و سيان عنده أثبتت أو لم تثبت ، ما دام أنها تؤيد هواه و بدعته
إذ الغاية عنده تسوغ الوسيلة ! .
و من تهور هذا المؤلف و جهله أنه يصرح ( ص 12 ) : أن التوسل برسول الله
صلى الله عليه وسلم و سائر الأنبياء و الأولياء و الصالحين و الاستغاثة بهم ...
مما أجمعت عليه الأمة قبل ظهور هذا المبتدع ابن تيمية الذي جاء في القرن الثامن
الهجري و ابتدع بدعته ! .
فإن إنكار التوسل بغير الله تعالى مما صرح به بعض الأئمة الأولين المعترف
بفضلهم و فقههم ، و قد نقلنا نص أبي حنيفة في ذلك ( ص 77 ) من الكتب الموثوق
بها من كتب الحنفية و فيها عن صاحبيه الإمام محمد و أبي يوسف نحو ذلك مما يعتبر
قاصمة الظهر لهؤلاء المبتدعة ، فأين الإجماع المزعوم أيها المتهور ؟ ! و إن من
أكبر الافتراء على الإجماع أن ينسب إليه هذا المؤلف جواز الاستغاثة بالأموات من
الصالحين ؟ و هذه ضلالة كبري لم يقل بها - و الحمد لله - أحد من سلف الأمة
و علمائها ، و نحن نتحدى المؤلف و غيره من أمثاله أن يأتينا و لو بشبه نص عنهم
في جواز ذلك ، بل المعروف في كتب أتباعهم خلاف ذلك و لولا ضيق المجال لنقلنا
بعض النصوص عنهم .
و أما حديث أبي سعيد الخدري ( رقم 24 ) فاكتفى المؤلف ( ص 36 ) بأن نقل تحسينه
عن بعض العلماء ، و قد بينا خطأ ذلك من وجوه بما لا مرد لها فأغنى عن الإعادة ،
و المؤلف لا يهمه مطلقا التحقيق العلمي لأنه ليس من أهله ، بل هو يتعلق في سبيل
تأييد هواه بالأوهام و لو كانت كخيوط القمر أو مدد الأموات ! .
و بهذه المناسبة أريد أن أقول كلمة وجيزة من جهة استدلال المؤلف بهذا الحديث
و أمثاله على التوسل المبتدع فأقول :
إن حق السائلين على الله تعالى هو أن يجيب دعاءهم ، فلو صح هذا الحديث و ما في
معناه فليس فيه توسل ما إلى الله بالمخلوق ، بل هو توسل إليه بصفة من صفاته
و هي الإجابة ، و هذا أمر مشروع خارج عن محل النزاع فتأمل منصفا ، و بهذا يسقط
قول هذا المؤلف عقب الحديث : فالنبى صلى الله عليه وسلم توسل بالسائلين الأحياء
و الأموات ، لأننا نقول هذا من تحريف الكلم فإننا نقول - إنما توسل - لو صح
الحديث بحق السائلين ، و عرفت المعنى الصحيح - و بحق الممشى ، و هو الإثابة
من الله لعبده ، و ذلك أيضا صفة من صفاته تعالى فأين التوسل المبتدع و هو
التوسل بالذات ؟ !
و أنهي هذا الرد السريع بتنبيه القراء الكرام إلى أمرين آخرين وردا في الرسالة
المذكورة : الأمر الأول ذكر ( ص 16 ) حديث الأعمى و قد سبق بيان معناه ، ثم
أتبعه بذكر قصة عثمان بن حنيف مع الرجل صاحب الحاجة و كيف أنه شكي إليه أنه
يدخل على عثمان بن عفان فلا يلتفت إليه ! فأمره ابن حنيف أن يدعو بدعاء الأعمى
... فدخل على عثمان بن عفان فقضى له حاجته ! احتج المؤلف بهذه القصة على التوسل
به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته .
و جوابنا من وجهين :
الأول : أنها قصة موقوفة ، و الصحابة الآخرون لم يتوسلوا مطلقا به صلى الله
عليه وسلم بعد وفاته ، لأنهم يعلمون أن التوسل به معناه التوسل بدعائه و هذا
غير ممكن كما سبق بيانه .
الآخر : أنها قصة لا تثبت عن ابن حنيف ، و بيان ذلك في رسالتنا الخاصة
" التوسل أنواعه و أحكامه " و قد سبقت الإشارة إليها .
و نحو ذلك أنه : ذكر ( ص 25 ) قصة مجيء بلال بن الحارث المزني الصحابى لما قحط
الناس في عهد عمر إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم و منادته إياه :
يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا .
فهذه أيضا قصة غير ثابتة و أوهم المؤلف صحتها محرفا لكلام بعض الأئمة ، مقلدا
في ذلك بعض ذوي الأهواء قبله ، و تفصيل ذلك في الرسالة المومئ إليها إن
شاء الله تعالى .

(1/102)


26 - " الحدة تعتري خيار أمتي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 100 ) :
ضعيف .
أخرجه الطبراني ( 3 / 118 / 1 و 123 / 1 ) و ابن عدي ( 163 / 1 ) و المخلص في
" الفوائد المنتقاة " ( 6 / 44 / 2 ) عن سلام الطويل عن الفضل بن عطية عن عطاء
عن ابن عباس مرفوعا و قال المخلص : قال البغوي : هذا حديث منكر ، و سلام
الطويل ضعيف الحديث جدا فأشار إلى أن الآفة من سلام هذا و هو الصواب خلافا لما
ذكره ابن الجوزي في " الواهيات " على ما نقله المناوي عنه في " الفيض " حيث
قال : لا يصح ، و فيه آفات ، سلام الطويل متروك ، و كذا الفضل بن عطية ،
و البلاء فيه منه .
قلت : هو و إن كان ضعيفا فإنه لم يتهم بخلاف سلام الطويل فقد اتهمه غير واحد
بالكذب و الوضع ، فالحمل فيه عليه أولى .
نعم لم يتفرد به ، بل تابعه محمد بن الفضل عن أبيه به .
أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 61 ) و الخطيب في " تاريخه "
( 14 / 73 ) ، ألا إن محمد بن الفضل هذا كذاب أيضا فلا يفرح بمتابعته ! كذبه
ابن معين و الفلاس و غيرهما ، و كأن الحافظ السخاوي لم يطلع على هذه المتابعة
فقد اقتصر في " المقاصد الحسنة " ( رقم 397 ) على إعلال الحديث بسلام الطويل
و قال : و هو متروك ، و عزاه لأبي يعلى و الطبراني ، و بالجملة فالحديث من هذا
الوجه ضعيف جدا ، لكن له شاهد بإسناد خير من هذا ، رواه الحسن بن سفيان في
" مسنده " و بشر بن مطر في " حديثه " ( 3 / 89 / 1 ) و ابن منده في " معرفة
الصحابة " ( 2 / 264 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 7 ) و الخطيب
في " الموضح " ( 2 / 50 ) عن دريد بن نافع عن أبي منصور الفارسي مرفوعا به .
و هذا سند ضعيف ، فإن أبا منصور هذا مختلف في صحبته ، و قد قال البخاري : حديث
مرسل ، و الراوي عنه دريد ، قال أبو حاتم : هو شيخ كما في " الجرح و التعديل "
لابنه ( 1 / 2 / 438 ) ، و قال ابن حبان في " الثقات " ( 2 / 82 ) : هو مستقيم
الحديث ، و قد اضطرب عليه فيه ، فرواه من ذكرنا عنه هكذا ، و رواه الخطيب من
طريق أخرى عنه عن منصور مولى ابن عباس مرفوعا . والله أعلم .
و قد روي الحديث بألفاظ و طرق أخرى لا تخلو من كذاب ، أذكر ثلاثة منها :

(1/103)


27 - " الحدة تعتري حملة القرآن لعزة القرآن في أجوافهم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 101 ) :
موضوع .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 7 / 2529 ـ بيروت ) من طريق وهب بن وهب بسنده عن
معاذ بن جبل مرفوعا به ، و قال : وهب يضع الحديث .
و قال العقيلي ( 4 / 325 ـ دار الكتب ) : أحاديثه كلها بواطيل .
و أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية ابن عدي عن معاذ ، فقال المناوي :
و فيه وهب بن وهب بن كثير قال في " الميزان " : قال ابن معين : يكذب ، و قال
أحمد : يضع .
ثم سرد له أخبارا ختمها بهذا ثم قال : و هذه أحاديث مكذوبة و منها :

(1/104)


28 - " الحدة لا تكون إلا في صالحي أمتي و أبرارها ثم تفيء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 102 ) :
موضوع .
رواه بن بشران في " الأمالي " ( 23 / 69 / 2 ) عن بشر بن الحسين عن الزبير بن
عدي عن أنس بن مالك مرفوعا .
قلت : و بشر هذا كذاب .
و الحديث ذكره السيوطي برواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس و قال شارحه
المناوي : رواه الديلمي من حديث بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس و بشر
هذا قال الذهبي : قال الدارقطني : متروك .
قلت : و زاد الذهبي في ترجمته من " الميزان " : و قال أبو حاتم : يكذب على
الزبير ، و قال ابن حبان : يروي بشر بن الحسين عن نسخة موضوعة شبيها بمائة
و خمسين حديثا .
قلت : و منها هذا الحديث كما نقله الذهبي في ترجمته لكن بلفظ :
" ليس أحد أحق بالحدة من حامل القرآن لعزة القرآن في جوفه " .
و بهذا اللفظ رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 1 / 141 ) من طريق بشر ، و ساق له
أحاديث أخرى و قال : و له غير حديث من هذا النحو مناكير كلها .
و قد أورده السيوطي برواية أبي نصر السجزي في " الإبانة " و الديلمي في " مسند
الفردوس " عن أنس و تعقبه المناوي هنا بما نقلناه عن الذهبي من تكذيب أبي حاتم
لبشر هذا ، و زاد : و في " اللسان " عن ابن حبان : لا ينظر في شيء رواه عن
الزبير إلا على جهة التعجب ، و كذبه الطيالسي .
و من الغرائب أن السيوطي أورد حديث معاذ و حديث أنس بلفظيه في " ذيل الأحاديث
الموضوعة " ( ص 24 ) مستدركا لهما على ابن الجوزي ، ثم أوردهما في " الجامع
الصغير " الذي نص في مقدمته أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع ! و هذه كلها من
رواية الكذابين ! و نحوه في المناوي في " التيسير " فإنه قال في حديث أنس :
إسناده ضعيف ! .
و منها :

(1/105)


29 - " خيار أمتي أحداؤهم الذين إذا غضبوا رجعوا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 103 ) :
باطل .
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 217 ـ الظاهرية ) و تمام في " الفوائد "
( 249 / 2 ) و ابن شاذان في " فوائد ابن قانع و غيره " ( 163 / 2 ) و السلفى في
" الطيوريات " ( 140 / 2 ) من طريق عبد الله بن قنبر حدثني أبي قنبر عن علي
مرفوعا و قال العقيلي عقبه : عبد الله لا يتابع على حديثه من جهة تثبت .
قلت : و عبد الله هذا قال الأزدي : تركوه ، و ساق له الذهبي في ترجمته هذا
الحديث و قال : خبر باطل و أقره العسقلاني .
و الحديث رواه الطبراني في " الأوسط " بسند فيه يغنم بن سالم بن قنبر و هو كذاب
كما قال الهيثمي ( 8 / 68 ) و السخاوي ( ص 187 ) و عزاه للبيهقى أيضا في
" الشعب " و اقتصر الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 146 ) على تضعيف
سند الحديث ، و هو قصور ، إلا أن يلاحظ أن الحديث الموضوع من أنواع الضعيف فلا
إشكال .
و خلاصة القول : إن هذه الأحاديث في الحدة كلها موضوعة إلا حديث دويد عن أبي
منصور الفارسي الذي تقدم لفظه برقم ( 26 ) فضعيف لإرساله . والله أعلم .
و من آثار هذه الأحاديث السيئة أنها توحي للمرء بأن يظل على حدته و أن لا
يعالجها لأنها من خلق المؤمن ! و قد وقع هذا ، فإنى ناظرت شيخا متخرجا من
الأزهر في مسألة لا أذكرها الآن فاحتد في أثنائها ، فأنكرت عليه حدته ، فاحتج
علي بهذا الحديث ! فأخبرته بأنه ضعيف ، فازداد حدة و افتخر علي بشهاداته
الأزهرية ، و طالبني بالشهادة التي تؤهلني لأن أنكر عليه ! فقلت : قوله
صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكرا ... " الحديث ! رواه مسلم و هو مخرج
في " تخريج مشكلة الفقر " ( 66 ) و " صحيح أبي داود " ( 1034 ) و غيرهما .

(1/106)


30 - " الخير في و في أمتي إلى يوم القيامة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 104 ) :
لا أصل له .
قال في " المقاصد " : قال شيخنا يعني ـ ابن حجر العسقلاني ـ : لا أعرفه .
و قال ابن حجر الهيثمي الفقيه في " الفتاوى الحديثية " ( 134 ) : لم يرد هذا
اللفظ .
قلت : و لذلك أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " رقم ( 1220 ) بترقيمي
و يغني عن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم :
" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله
و هم كذلك " .
أخرجه مسلم و البخاري بنحوه و غيرهما ، عن جمع من الصحابة بألفاظ متقاربة ،
و هو مخرج في " الصحيحة " فانظر " صحيح الجامع " ( 7164 ـ 7173 ) .

(1/107)


31 - " الدنيا خطوة رجل مؤمن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 104 ) :
لا أصل له .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " ( 1 / 196 ) : لا يعرف عن النبي
صلى الله عليه وسلم و لا عن غيره من سلف الأمة و لا أئمتها .
و أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعات " برقم ( 1187 ) .

(1/108)


32 - " الدنيا حرام على أهل الآخرة ، و الآخرة حرام على أهل الدنيا ، و الدنيا
و الآخرة حرام على أهل الله " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 105 ) :

موضوع .
و هو من الأحاديث التي شوه بمثلها السيوطي " الجامع الصغير " و عزاه للديلمى في
" مسند الفردوس " عن ابن عباس و قد تعقبه المناوي بقوله : و فيه جبلة بن
سليمان أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : قال ابن معين : ليس بثقة .
قلت : حري بمن روى هذا الخبر أن يكون غير ثقة ، بل هو كذاب أشر ، فإنه خبر باطل
لا يشك في ذلك مؤمن عاقل ، إذ كيف يحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم على
المؤمنين أهل الآخرة ما أباحه الله تعالى لهم من التمتع بالدنيا و طيباتها كما
في قوله عز وجل *( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا )* و قوله : *( قل من حرم
زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق ، قل هي للذين آمنوا في الحياة
الدنيا ، خالصة يوم القيامة )* .
ثم كيف يجوز أن يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الدنيا و الآخرة
معا على أهل الله تعالى و ما أهل الله إلا أهل القرآن القائمين به و العاملين
بأحكامه ، و ما الآخرة إلا جنة أو نار ، فتحريم النار على أهل الله مما أخبر
به الله تعالى ، كما أنه تعالى أوجب الجنة للمؤمنين به ، فكيف يقول هذا الكذاب
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم عليهم الآخرة و فيها الجنة التي وعد
المتقون ، و فيها أعز شيء عليهم و هي رؤية الله تعالى كما قال سبحانه *( وجوه
يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )* و هل ذلك إلا في الآخرة ؟ و قال صلى الله عليه
وسلم : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله تعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟
فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ، ألم تدخلنا الجنة و تنجينا من النار ؟ قال : فيكشف
الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ثم تلا هذه الآية
*( للذين أحسنوا الحسنى و زيادة )* " رواه مسلم و غيره .
و الذي أراه إن واضع هذا الحديث هو رجل صوفى جاهل أراد أن يبث في المسلمين بعض
عقائد المتصوفة الباطلة التي منها تحريم ما أحل الله بدعوى تهذيب النفس ، كأن
ما جاء به الشارع الحكيم غير كاف في ذلك حتى جاء هؤلاء يستدركون على خالقهم
سبحانه و تعالى !
و من شاء أن يطلع على ما أشرنا إليه من التحريم فليراجع كتاب " تلبيس إبليس "
للحافظ أبي الفرج بن الجوزي ير العجب العجاب .
ثم وقفت على إسناد الديلمي في " مسنده " ( 2 / 148 ) فرأيته قد أخرجه من طريق
عبد الملك بن عبد الغفار : حدثنا جعفر بن محمد الأبهري : حدثنا أبو سعيد القاسم
ابن علقمة الأبهري : حدثنا الحسن بن على بن نصر الطوسي : حدثنا محمد بن حرب
حدثنا جبلة بن سليمان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا .
أقول : فإن لم تكن العلة من جبلة أو عنعنة ابن جريج فهي من أحد الثلاثة الذين
دون الطوسي فإني لم أعرفهم ، والله أعلم .

(1/109)


33 - " الدنيا ضرة الآخرة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 106 ) :
لا أصل له .
عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في " الكشف " و غيره ، و إنما يروى من كلام
عيسى عليه السلام نحوه .

(1/110)


34 - " احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت و ماروت " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 106 ) :
منكر لا أصل له .
قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 177 ) : رواه ابن أبي الدنيا و البيهقي
في " الشعب " من طريقه من رواية أبي الدرداء الرهاوي مرسلا ، و قال
البيهقي : أن بعضهم قال : عن أبي الدرداء عن رجل من الصحابة قال الذهبي : لا
يدرى من أبو الدرداء ، قال و هذا منكر لا أصل له .
قلت : و قد أقره الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " ( 6 / 375 ) .
و من ظن أن أبا الدرداء هذا هو الصحابي فقد أخطأ ، و عليه جرى فيما يظهر
السيوطي في " الجامع " و في " الدر المنثور " ( 1 / 100 ) حيث قال : عن
أبي الدرداء فأطلقه و لم يقيده ، و تبعه في ذلك المناوي حيث لم يتعبه بشيء في
" الفيض " و إنما قال : و لم يرمز له بشيء ، و هو ضعيف لأن فيه هشام بن عمار
الأصل كمال و هو تحريف .
قال الذهبي : قال أبو حاتم : صدوق و قد تغير ، و كان كلما لقن يتلقن .
و قال أبو داود : حدث بأرجح من أربع مئة حديث لا أصل لها .
و هذا الإعلال فيه نظر ، فإن للحديث طريقين عن أبي الدرداء كما يستفاد من "
اللسان " ، فالعلة الحقيقية هي جهالة أبي الدرداء هذا و رواه ابن عساكر ( 2 /
333 / 2 ) من قول أرطاة بن المنذر فالظاهر أنه من الإسرائيليات .
تنبيه : كنت قد خرجت الحديث مسلما بما قاله الحافظ معزوا لابن أبى الدنيا و
البيهقى ثم طبع الكتابان و الحمد لله ، و وقفت على إسناده و قول البيهقى عقبه :
إن فيه علة أخرى ، و إنه ليس له طريق أخرى خلافا لقول الحافظ ، فرأيت أنه لابد
لى من بيان ذلك ، فأقول :
1 ـ أما العلة فتتبين بعد سوق السند ، فقال ابن أبى الدنيا فى " ذم الدنيا "
( 54/132 ) ـ و من طريقه البيهقى فى " شعب الإيمان " ( 7/339/10504 ) ـ : حدثنى
أبو حاتم الرازى : حدثنا هشام بن عمار : حدثنا صدقة ـ يعنى : ابن خالد ـ عن
عتبة بن أبى حكيم : حدثنا أبو الدرداء الرهاوى .....
و قال البيهقى : و قال غيره عن هشام بإسناده عن رجل من أصحاب النبى صلى الله
عليه وسلم .
قلت : فالعلة عتبة هذا ، فقد قال الحافظ : " صدوق يخطئ كثيرا " .
2 ـ و أما الطريق فقد قال الذهبى فى " الميزان " : " أبو الدرداء الرهاوى عن
رجل له صحبة بحديث : " اتقوا الدنيا .... " لا يدرى من ذا ، و الخبر منكر لا
أصل له " .
فقال الحافظ عقبه : " أخرجه البيهقى فى " الشعب " من روايته عن أبى الدرداء به
، و أخرجه أيضا من طريق أخرى عن أبى الدرداء مرسلا ، و هو عند ابن أبى الدنيا
فى " ذم الدنيا " من هذا الوجه " .
قلت : إذا تأملت الإسناد المذكور من رواية ابن أبى الدنيا و البيهقى علمت أنها
ليست طريقا أخرى ، و إنما هى الأولى عن أبى الدرداء الرهاوى مرسلا ، فهو من
أوهام الحافظ رحمه الله ، و يؤكد ذلك قول البيهقى المتقدم : " و قال غيره : عن
هشام ..... " إلخ ، و من الواضح أنه يعنى بضمير ( غيره ) أبا حاتم الرازى ،
فهذه طريق أخرى مع كونها معلقة ، و لكنها عن هشام و ليست عن أبى الدرداء كما
وهم الحافظ ، فالطريق عنه فى الحقيقة واحدة ، غاية ما فى الأمر أن أبا حاتم
الحافظ رواه عن هشام بإسناده الضعيف عنه مرسلا ، و رواه غيره ـ و هو مجهول ـ
عنه عن أبى الدرداء عن الصحابى ، و المرسل هو الصحيح على ضعفه ، فهذا ما لزم
بيانه . اهـ .

(1/111)


35 - " من أذن فليقم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 108 ) :
لا أصل له بهذا اللفظ .
و إنما روى بلفظ : " من أذن فهو يقيم " رواه أبو داود و الترمذي و أبو نعيم في
" أخبار أصبهان " ( 1 / 265 - 266 ) و ابن عساكر ( 9 / 466 - 467 ) و غيرهم من
طريق عبد الرحمن بن زياد الإفريقى عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن حارث
الصدائي مرفوعا .
و هذا سند ضعيف من أجل الإفريقى هذا ، قال الحافظ في " التقريب " : ضعيف في
حفظه ، و ضعفه الترمذي فقال عقب الحديث : إنما نعرفه من حديث الإفريقى ، و هو
ضعيف عند أهل الحديث ، و ضعف الحديث أيضا البغوي في " شرح السنة " ( 2 / 302 )و
ارتضاه الإمام النووي " المجموع " ( 3 / 121 ) و أشار لتضعيفه البيهقي في
" سننه الكبرى " ( 1 / 400 ) .
و أما قول ابن عساكر : هذا حديث حسن فلعله يعني حسن المعنى .
و قد ذهب إلى توثيق الإفريقى المذكور بعض الفضلاء المعاصرين و بناء عليه ذهب
إلى أن حديثه هذا صحيح ؟ و ذلك ذهول منه عن قاعدة الجرح مقدم على التعديل إذا
تبين سبب الجرح ، و هو بين هنا و هو سوء الحفظ ، و قد أنكر عليه هذا الحديث
و غيره سفيان الثوري .
و روى الحديث عن ابن عمر و لكنه ضعيف أيضا ، رواه عبد بن حميد في " المنتخب
من مسنده " ( 88 / 2 ) و أبو أمية الطرسوسي في " مسند ابن عمر " ( 202 / 1 )
و ابن حبان في الضعفاء ( 1 / 324 ) و البيهقي و الطبراني ( 3 / 27 / 2 )
و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 150 )
و ضعفه البيهقي أيضا فقال : تفرد به سعيد بن راشد و هو ضعيف و كذا قال الحافظ
ابن حجر في " التلخيص " ( 3 / 10 ) قال : و ضعف حديثه هذا أبو حاتم الرازي
و ابن حبان في الضعفاء .
و عنه رواه شيخ الإسلام ابن تيمية في " أربعون حديثا " ( ص 24 ) .
قلت : و نص كلام أبي حاتم كما في " علل الحديث " لابنه قال ( رقم 326 ) :
و قال أبي : هذا حديث منكر ، و سعيد ضعيف الحديث ، و قال مرة : متروك الحديث .
و قد بسطت الكلام على ضعف هذا الحديث في كتابي " ضعيف سنن أبي داود "
( رقم 83 ) .
و أما قول العقيلي عقب حديث ابن عمر : و قد روي هذا المتن بغير هذا الإسناد من
وجه صالح ، فإن أراد طريق الإفريقى فهو غير مسلم لما عرفت من ضعفه ، و العقيلي
نفسه أورده في " الضعفاء " ( 232 ) ، و إن أراد طريقا ثالثا فلم أعرفه .
و رواه ابن عدي ( 295 / 1 ) من حديث ابن عباس ، و فيه محمد بن الفضل بن عطية
و هو متهم بالكذب كما تقدم و قال ابن عدي : عامة حديثه لا يتابعه الثقات عليه .
و من آثار هذا الحديث السيئة أنه سبب لإثارة النزاع بين المصلين كما وقع ذلك
غيرما مرة ، و ذلك حين يتأخر المؤذن عن دخول المسجد لعذر ، و يريد بعض الحاضرين
أن يقيم الصلاة ، فما يكون من أحدهم إلا أن يعترض عليه محتجا بهذا الحديث ،
و لم يدر المسكين أنه حديث ضعيف لا يجوز نسبته إليه صلى الله عليه وسلم فضلا عن
أن يمنع به الناس من المبادرة إلى طاعة الله تعالى ، ألا و هي إقامة الصلاة .

(1/112)


36 - " حب الوطن من الإيمان " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 110 ) :
موضوع .
كما قال الصغاني ( ص 7 ) و غيره .
و معناه غير مستقيم إذ إن حب الوطن كحب النفس و المال و نحوه ، كل ذلك غريزي في
الإنسان لا يمدح بحبه و لا هو من لوازم الإيمان ، ألا ترى أن الناس كلهم
مشتركون في هذا الحب لا فرق في ذلك بين مؤمنهم و كافرهم ؟ .

(1/113)


37 - " يأتي على الناس زمان هم فيه ذئاب ، فمن لم يكن ذئبا أكلته الذئاب " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 111 ) :
ضعيف جدا .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 80 ) من طريق الدارقطني بسنده إلى
زياد بن أبي زياد الجصاص ، حدثنا أنس بن مالك مرفوعا و قال : قال
الدارقطني : تفرد به زياد و هو متروك ، و قال السيوطي في " اللآليء " ( 2 /
156 ) : قلت : قال في " الميزان " : هو مجمع على تضعيفه و ذكره ابن حبان في
" الثقات " و قال : ربما يهم ، و الحديث أخرجه الطبراني في " الأوسط " .
قلت : و برواية الطبراني أورده الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 287 ، 8 / 89 )
و أعله بقوله : و فيه من لم أعرفهم .

(1/114)


38 - " من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة على لسانه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 111 ) :
ضعيف .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 5 / 189 ) من طريق محمد بن إسماعيل : حدثنا
أبو خالد يزيد الواسطي أنبأنا الحجاج عن مكحول عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا
به ، و قال أبو نعيم : كذا رواه يزيد الواسطي متصلا ، و رواه أبو معاوية عن
الحجاج فأرسله .
قلت : ثم ساقه من طريق هناد بن السري حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن مكحول مرسلا
.
و كذلك رواه الحسين المروزي في " زوائد الزهد " ( 204 / 1 من " الكواكب " /
575 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 13 / 231 ) و هناد في " الزهد " ( رقم
678 ) من طريقه عن حجاج به .
فالحديث إذا عن حجاج عن مكحول مرسل ، و وصله لا يصح ، و قد أورده ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 3 / 144 ) من طريق أبي نعيم الموصول ثم قال : لا يصح ، يزيد بن
أبي يزيد عبد الرحمن الواسطي كثير الخطأ ، و حجاج مجروح ، و محمد بن إسماعيل
مجهول ، و لا يصح سماع مكحول لأبي أيوب .
و تعقبه السيوطي في " اللآليء المصنوعة " ( 2 / 176 ) بقوله : قلت : اقتصر
العراقي في " تخريج الإحياء " على تضعيف الحديث ، و له طريق عن مكحول مرسل ليس
فيه محمد بن إسماعيل و لا يزيد .
قلت : ثم ذكره من طريق أبي نعيم و غيره عن حجاج عن مكحول مرسلا ، و سكت عليه و
هو ضعيف لأن حجاجا و هو ابن أرطاة مدلس و قد عنعنه ، ثم هو مرسل ، و الحديث
أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 7 ) .
ثم وجدت له طريقا آخر ، رواه القضاعي ( 30 / 1 ) عن عامر بن سيار قال : أنبأنا
سوار بن مصعب عن ثابت عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا و قال : كأنه يريد بذلك
من يحضر العشاء الآخرة و الفجر في جماعة ، و من حضرها أربعين يوما يدرك
التكبيرة الأولى كتب له براءتان .
لكن سوار هذا متروك كما قال النسائي و غيره .

(1/115)


39 - " من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 112 ) :

ضعيف .
أخرجه ابن حبان في " الضعفاء و المجروحين " ( 1 / 283 ) من طريق خالد بن القاسم
عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 69 ) و قال : لا يصح ، خالد كذاب ،
و الحديث لابن لهيعة فأخذه خالد و نسبه إلى الليث .
قال السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 150 ) : قال الحاكم و غيره : كان خالد يدخل
على الليث من حديث ابن لهيعة ، ثم ذكره السيوطي من طريق ابن لهيعة فمرة قال :
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا ، و مرة قال : عن ابن شهاب عن
أنس مرفوعا .
و ابن لهيعة ضعيف من قبل حفظه ، و قد رواه على وجه ثالث ، أخرجه ابن عدي في
" الكامل " ( ق 211 / 1 ) و السهمي في " تاريخ جرجان " ( 53 ) عنه عن عقيل عن
مكحول مرفوعا مرسلا ، أخرجاه من طريق مروان ، قال : قلت لليث بن سعد -
و رأيته نام بعد العصر في شهر رمضان - يا أبا الحارث مالك تنام بعد العصر و قد
حدثنا ابن لهيعة .. ؟ فذكره ، قال الليث : لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن
عقيل ! ثم رواه ابن عدي من طريق منصور بن عمار حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده .
قلت : و لقد أعجبني جواب الليث هذا ، فإنه يدل على فقه و علم ، و لا عجب ، فهو
من أئمة المسلمين ، و الفقهاء المعروفين ، و إني لأعلم أن كثيرا من المشايخ
اليوم يمتنعون من النوم بعد العصر ، و لو كانوا بحاجة إليه ، فإذا قيل له :
الحديث فيه ضعيف ، أجابك على الفور : يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال !
فتأمل الفرق بين فقه السلف ، و علم الخلف !
و الحديث رواه أبو يعلى و أبو نعيم في " الطب النبوى " ( 12 / 2 نسخة
السفرجلاني ) عن عمرو بن حصين عن ابن علاثة عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن
عائشة مرفوعا .
و عمرو بن الحصين هذا كذاب كما قال الخطيب و غيره و هو راوي حديث العدس و هو :

(1/116)


40 - " عليكم بالقرع فإنه يزيد في الدماغ ، و عليكم بالعدس فإنه قدس على لسان سبعين
نبيا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 114 ) :
موضوع .
رواه الطبراني في " الكبير " ( 22 / 62 ـ رقم 152 ) من طريق عمرو المذكور آنفا
عن ابن علاثة عن ثور عن مكحول عن واثلة .
و قال السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 151 ) بعد أن ساقه من هذا الوجه : و عمرو
و شيخه متروكان .
قلت : و مع هذا فقد أورده في " الجامع الصغير " ! قال الزركشى في " اللآليء
المنثورة في الأحاديث المشهورة " ( رقم 143 ـ نسختي ) : و وجدت بخط ابن الصلاح
أنه حديث باطل ... سئل عنه ابن المبارك ؟ فقال : و لا على لسان نبي واحد ! إنه
لمؤذ ينفخ ! .
و ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 294 ـ 295 ) من عدة طرق و حكم عليه
بالوضع ، قال المناوي : و دندن عليه المؤلف و لم يأت بطائل ، و كذلك أورد حديث
العدس هذا الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 9 ) و كذا ابن القيم ، فقال في
" المنار " ( ص 20 ) : و يشبه أن يكون هذا الحديث من وضع الذين اختاروه على
المن و السلوى و أشباههم ! و أقره علي القاري في " موضوعاته " ( ص 107 ) .
و قال ابن تيمية في " مجموع الفتاوي " ( 27 / 23 ) : حديث مكذوب مختلق باتفاق
أهل العلم ، و لكن العدس هو مما اشتهاه اليهود ، و قال الله لهم *( أتستبدلون
الذي هو أدنى بالذي هو خير )* .
و من أحاديث عمرو بن الحصين هذا الكذاب :

(1/117)


41 - " من أصاب مالا من نهاوش أذهبه الله في نهابر " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 115 ) :

لا يصح .
رواه القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 37 / 2 ) و الرامهرمزي في " الأمثال "
( ص 160 ) عن عمرو بن الحصين قال : أنبأنا محمد بن عبد الله بن علاثة قال :
أنبأنا أبو سلمة الحمصي مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ساقط ، عمرو هذا كذاب كما سبق مرارا ، و قال السخاوي في
" المقاصد " ( رقم 1061 ) : عمرو متروك ، و أبو سلمة و اسمه سليمان بن سلم
و هو كاتب يحيى بن جابر قاضي حمص ، لا صحبة له ، فهو مع ضعفه مرسل ، و قد عزاه
الديلمي ليحيى بن جابر هذا و هو أيضا ليس بصحابي ، و قال التقي السبكي في
" الفتاوى " ( 2 / 369 ) : إنه لا يصح ، و له كلام طويل في نقضه و قد ذكر
العسكري في " التصحيفات " ( 1 / 229 ) عن أبي عبيد أنه غير محفوظ .
و الحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار عن أبي سلمة الحمصي و تعقبه
المناوي بأن أبا سلمة هذا تابعى مجهول ، قاله في " التقريب " كأصله ، و بأن
عمرا متروك .
نهاوش : بالنون من نهش الجثة جمع نهواش أو هواش من الهوش الجمع و هو كل مال
أصيب من غير حله و " الهواش " ما جمع من مال حرام .
نهابر : بنون أوله أي مهالك و أمور مبددة جمع نهبر و أصل النهابر مواضع الرمل
إذا وقعت بها رجل بعير لا تكاد تخلص و المراد أن من أخذ شيئا من غير حله كنهب
أذهبه الله في غير حله كذا في " فيض القدير " .

(1/118)


42 - " الأنبياء قادة ، و الفقهاء سادة ، و مجالسهم زيادة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 116 ) :

موضوع .
أخرجه الدارقطني في " سننه " ( ص 322 ) و القضاعي في " مسند الشهاب "
( 23 / 1 ) من طريق أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب مرفوعا .
و هذا سند ضعيف جدا ، الحارث هو ابن عبد الله الهمداني الأعور و قد ضعفه
الجمهور و قال ابن المديني : كذاب ، و قال شعبة : لم يسمع أبو إسحاق منه إلا
أربعة أحاديث ، و في الكشف ( 1 / 205 ) : قال القاري : هو موضوع كما في
" الخلاصة " ، و أورده السيوطي في " الجامع " من رواية القضاعي ، و بيض له
المناوي ! و لوائح الوضع عليه ظاهرة .

(1/119)


43 - " شهر رمضان معلق بين السماء و الأرض ، و لا يرفع إلى الله إلا بزكاة الفطر " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 117 ) :
ضعيف .
عزاه في " الجامع الصغير " لابن شاهين في " ترغيبه " و الضياء عن جرير و رمز له
بالضعف و بين سببه المناوي في شرحه فقال : أورده ابن الجوزي في " الواهيات "
و قال : لا يصح فيه محمد بن عبيد البصري مجهول .
قلت : و تمام كلام ابن الجوزي " العلل المتناهية " ( 824 ) : لا يتابع عليه .
و أقره الحافظ عليه في " اللسان " .
و أما قول المنذري في " الترغيب " ( 2 / 100 ) : رواه أبو حفص بن شاهين في
" فضائل رمضان " و قال : حديث غريب جيد الإسناد .
ففيه نظر من وجهين :
الأول : ثبوت هذا النص في كتاب ابن شاهين المذكور ، فإنى قد راجعت " فضائل
رمضان " له في نسخة خطية جيدة في المكتبة الظاهرية بدمشق ، فلم أجد الحديث فيه
مطلقا ، ثم إننى لم أره تكلم على حديث واحد مما أورده فيه بتصحيح أو تضعيف .
ثم رأيت الحديث رواه أحمد بن عيسى المقدسي في " فضائل جرير " ( 2 / 24 / 2 ) من
هذا الوجه و قال : رواه أبو حفص بن شاهين و قال : حديث غريب جيد الإسناد قال :
و معناه لا يرفع إلى الله عز وجل بغفران مما جنى فيه إلا بزكاة الفطر ! .
فلعل ابن شاهين ذكر ذلك في غير " فضائل رمضان " أو في نسخة أخرى منه ، فيها
زيادات على التي وقفت عليها .
الآخر : على افتراض ثبوت النص المذكور عن ابن شاهين فهو تساهل منه ، و إلا فأنى
للحديث الجودة مع جهالة راويه و قد تفرد به كما قال ابن الجوزي ، و تبعه
الحافظ ابن حجر العسقلاني كما سبق .
و روي من حديث أنس أخرجه الخطيب ( 9 / 121 ) و عنه ابن الجوزي في " العلل "
( 823 ) ، و ابن عساكر ( 12 / 239 / 2 ) عن بقية بن الوليد حدثني عبد الرحمن بن
عثمان بن عمر عنه مرفوعا .
قلت : و عبد الرحمن هذا لم أعرفه و الظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين ، و زعم
ابن الجوزي أنه البكراوي الذي قال أحمد فيه : طرح الناس حديثه مردود ، فإن هذا
متأخر الوفاة مات سنة ( 195 هـ ) فهو من طبقة بقية .
ثم إن الحديث لو صح لكان ظاهر الدلالة على أن قبول صوم رمضان متوقف على إخراج
صدقة الفطر ، فمن لم يخرجها لم يقبل صومه ، و لا أعلم أحدا من أهل العلم يقول
به ، و التأويل الذي نقلته آنفا عن المقدسي بعيد جدا عن ظاهر الحديث ، على أن
التأويل فرع التصحيح ، و الحديث ليس بصحيح .
أقول هذا ، و أنا أعلم أن بعض المفتين ينشر هذا الحديث على الناس كلما أتى شهر
رمضان ، و ذلك من التساهل الذي كنا نطمع في أن يحذروا الناس منه فضلا عن أن
يقعوا فيه هم أنفسهم ! .

(1/120)


44 - " من أحدث و لم يتوضأ فقد جفاني ، و من توضأ و لم يصل فقد جفاني ، و من صلى
و لم يدعني فقد جفاني ، و من دعاني فلم أجبه فقد جفيته ، و لست برب جاف " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 119 ) :
موضوع .
قاله الصغاني ( 6 ) و غيره .
و مما يدل على وضعه أن الوضوء بعد الحدث ، و الصلاة بعد الوضوء إنما ذلك من
المستحبات ، و الحديث يفيد أنهما من الواجبات لقوله : " فقد جفاني " و هذا لا
يقال في الأمور المستحبة كما لا يخفى و مثله :

(1/121)


45 - " من حج البيت و لم يزرني فقد جفاني " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 119 ) :
موضوع .
قاله الحافظ الذهبي في " الميزان " ( 3 / 237 ) ، و أورده الصغاني في
" الأحاديث الموضوعة " ( ص 6 ) و كذا الزركشي و الشوكاني في " الفوائد المجموعة
في الأحاديث الموضوعة " ( ص 42 ) .
قلت : و آفته محمد بن محمد بن النعمان بن شبل أو جده قال : حدثنا مالك عن نافع
عن ابن عمر مرفوعا .
أخرجه ابن عدي ( 7 / 2480 ) ، و ابن حبان في " الضعفاء " ( 2 / 73 ) ، و عنه
ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 217 ) و قالا : يأتي عن الثقات بالطامات
و عن الأثبات بالمقلوبات ، قال ابن الجوزي عقبه : قال الدارقطني : الطعن فيه من
محمد بن محمد بن النعمان .
و مما يدل على وضعه أن جفاء النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر إن لم يكن
كفرا ، و عليه فمن ترك زيارته صلى الله عليه وسلم يكون مرتكبا لذنب كبير و ذلك
يستلزم أن الزيارة واجبة كالحج و هذا مما لا يقوله مسلم ، ذلك لأن زيارته
صلى الله عليه وسلم و إن كانت من القربات فإنها لا تتجاوز عند العلماء حدود
المستحبات ، فكيف يكون تاركها مجافيا للنبي صلى الله عليه وسلم و معرضا عنه ؟ !

(1/122)


46 - " من زارني و زار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 120 ) :
موضوع .
قال الزركشي في " اللآليء المنثورة " ( رقم 156 - نسختي ) : قال بعض الحفاظ :
هو موضوع و لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث و كذا قال النووي : هو موضوع لا
أصل له .
و أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " رقم ( 119 ) و قال : قال
ابن تيمية و النووي : إنه موضوع لا أصل له و أقره الشوكاني ( ص 42 ) .

(1/123)


47 - " من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 120 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 203 / 2 ) و في " الأوسط " ( 1 /
126 / 2 من " زوائد المعجمين : الصغير و الأوسط " ) و ابن عدي في " الكامل "
و الدارقطني في " سننه " ( ص 279 ) و البيهقي ( 5 / 246 ) و السلفي في " الثاني
عشر من المشيخة البغدادية " ( 54 / 2 ) كلهم من طريق حفص بن سليمان أبي عمر عن
الليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمر مرفوعا به و زاد ابن عدي :
" و صحبني " .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، و فيه علتان :
الأولى : ضعف ليث بن أبي سليم فإنه كان قد اختلط كما تقدم بيانه في الحديث
( 2 ) .
الأخرى : أن حفص بن سليمان هذا و هو القاريء و يقال له الغاضري ضعيف جدا كما
أشار إليه الحافظ ابن حجر بقوله في " التقريب " : متروك الحديث و ذلك لأنه قد
قال فيه ابن معين : كان كذابا كما في " كامل " ابن عدي ، و قال ابن خراش : كذاب
يضع الحديث و قد تفرد بهذا الحديث كما قال الطبراني و ابن عدي و البيهقي
و قال : و هو ضعيف ، و قال ابن عدي بعد أن ساق الحديث في أحاديث أخرى له :
و عامة حديثه غير محفوظ .
و مما سبق تعلم أن قول ابن حجر الهيثمي في " الجوهر المنظم " ( ص 7 ) أن
ابن عدي رواه بسند يحتج به مما لا يتلفت إليه ، فلا يغتر به أحد كما فعل الشيخ
محمد أمين الكردي في " تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب " حيث نقل ( ص 245 )
ذلك عنه مرتضيا له ! فوجب التنبيه عليه .
ثم وقفت على متابع لحفص بن سليمان فقال الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 126 / 2 )
من " زوائد المعجمين " : حدثنا أحمد بن رشدين حدثنا علي بن الحسن بن هارون
الأنصارى حدثني الليث ابن بنت الليث بن أبي سليم حدثتني عائشة بنت يونس امرأة
الليث ابن أبي سليم عن ليث بن أبي سليم به و قال : لا يروى عن الليث إلا بهذا
الإسناد تفرد به علي .
قلت : و لم أجد له ترجمة ، و مثله الليث ابن بنت أبي الليث و امرأته عائشة لم
أجد من ذكرها ، و بها أعل الهيثمي الحديث في " المجمع " ( 4 / 2 ) فقال : لم
أجد من ترجمها و هذا إعلال قاصر لما علمت من حال من دونها ، ثم إن شيخ الطبراني
فيه أحمد بن رشدين قال ابن عدي : كذبوه ، و أنكرت عليه أشياء .
و ذكر له الذهبي أحاديث من أباطيله .
و من طريقه رواه الطبراني في " الكبير " أيضا .
و إذا عرفت حال هذا الإسناد تبين لك أن المتابعة المذكورة لا يعتد بها البتة ،
فلا تغتر بإيراد السبكي إياها في " شفاء السقام " ( ص 20 ) دون أن يتكلم عليها
و لا على الطريق إليها !
و قد قال المحقق العلامة محمد بن عبد الهادي في الرد عليه في " الصارم المنكي "
( ص 63 ) : ليس هذا الإسناد بشيء يعتمد عليه ، و لا هو مما يرجع إليه ، بل هو
إسناد مظلم ضعيف جدا ، لأنه مشتمل على ضعيف لا يجوز الاحتجاج به ( و هو ليث بن
أبي سليم ) ، و مجهول لم يعرف من حاله ما يوجب قبول خبره ، و ابن رشدين شيخ
الطبراني قد تكلموا فيه ، و علي بن حسن الأنصارى ليس هو ممن يحتج بحديثه ،
و الليث ابن بنت الليث بن أبي سليم و جدته عائشة مجهولان لم يشتهر من حالهما
عند أهل العلم ما يوجب قبول روايتهما و لا يعرف لهما ذكر في غير هذا الحديث ،
قال : و الحاصل أن هذا المتابع الذي ذكره المعترض ( السبكي ) من رواية الطبراني
لا يرتفع به الحديث عن درجة الضعف و السقوط و لا ينهض إلى رتبة تقتضي الاعتبار
و الاستشهاد ، لظلمة إسناده ، و جهالة رواته ، و ضعف بعضهم و اختلاطه ، و لو
كان الإسناد صحيحا إلى ليث بن أبي سليم لكان فيه ما فيه ، فكيف و الطريق إليه
ظلمات بعضها فوق بعض ؟ ! .
و اعلم أنه قد جاءت أحاديث أخرى في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم و قد ساقها
كلها السبكي في " الشفاء " و كلها واهية و بعضها أوهى من بعض ، و هذا أجودها
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الآتي ذكره ، و قد تولى بيان ذلك
الحافظ ابن عبد الهادي في الكتاب المشار إليه آنفا بتفصيل و تحقيق لا تراه عند
غيره فليرجع إليه من شاء .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة " ( ص 57 ) : و أحاديث زيارة
قبره صلى الله عليه وسلم كلها ضعيفة لا يعتمد على شيء منها في الدين ، و لهذا
لم يرو أهل الصحاح و السنن شيئا منها ، و إنما يرويها من يروي الضعاف
كالدارقطني و البزار و غيرهما .
ثم ذكر هذا الحديث ثم قال : فإن هذا كذبه ظاهر مخالف لدين المسلمين ، فإن من
زاره في حياته و كان مؤمنا به كان من أصحابه ، لاسيما إن كان من المهاجرين إليه
المجاهدين معه ، و قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تسبوا أصحابي
فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه "
خرجاه في الصحيحين ، و الواحد من بعد الصحابة لا يكون مثل الصحابة بأعمال مأمور
بها واجبة كالحج و الجهاد و الصلوات الخمس ، و الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
فيكف بعمل ليس بواجب باتفاق المسلمين ( يعني زيارة قبره صلى الله عليه وسلم )
بل و لا شرع السفر إليه ، بل هو منهي عنه ، و أما السفر إلى مسجده للصلاة فيه
فهو مستحب .
( تنبيه ) : يظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية و من نحى نحوه من
السلفيين يمنع من زيارة قبره صلى الله عليه وسلم ، و هذا كذب و افتراء و ليست
أول فرية على ابن تيمية رحمه الله تعالى ، و عليهم ، و كل من له اطلاع على كتب
ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم و استحبابها
إذا لم يقترن بها شيء من المخالفات و البدع ، مثل شد الرحل و السفر إليها لعموم
قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحل إلا إلى ثلاثة مساجد " و المستثنى
منه في هذا الحديث ليس هو المساجد فقط كما يظن كثيرون بل هو كل مكان يقصد
للتقرب إلى الله فيه سواء كان مسجدا أو قبرا أو غير ذلك ، بدليل ما رواه
أبو هريرة قال ( في حديث له ) : فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال : من أين
أقبلت ؟ فقلت : من الطور ، فقال : لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت ! سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد "
الحديث أخرجه أحمد و غيره بسند صحيح ، و هو مخرج في " أحكام الجنائز "
( ص 226 ) .
فهذا دليل صريح على أن الصحابة فهموا الحديث على عمومه ، و يؤيده أنه لم ينقل
عن أحد منهم أنه شد الرحل لزيارة قبر ما ، فهم سلف ابن تيمية في هذه المسألة ،
فمن طعن فيه فإنما يطعن في السلف الصالح رضي الله عنهم ، و رحم الله من قال :
و كل خير في اتباع من سلف و كل شر في ابتداع من خلف .

(1/124)


48 - " الولد سر أبيه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 124 ) :
لا أصل له .
قاله السخاوي في " المقاصد الحسنة " ( ص 706 ) ، و السيوطي في " الدرر "
(ص 170 ) تبعا للزركشي في " التذكرة " ( ص 211 ) ، و أورده الصغاني في
" الأحاديث الموضوعة " ( ص 4 ) .
و معناه ليس مضطردا ، ففي الأنبياء من كان أبوه مشركا عاصيا ، مثل آزر والد
إبراهيم عليه السلام ، و فيهم من كان ابنه مشركا مثل ابن نوح عليه السلام .

(1/125)


49 - " من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر له و كتب برا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 125 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " الصغير " ( ص 199 ) و في " الأوسط " ( 1 / 84 / 1 ـ من
" زوائد المعجمين " ) ، و عنه الأصبهاني في " الترغيب " ( 228 / 2 ) من طريق
محمد بن النعمان بن عبد الرحمن عن يحيى بن العلاء البجلي عن عبد الكريم
أبي أمية عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعا و قال : لا يروى عن أبي هريرة إلا
بهذا الإسناد .
قلت : و هو موضوع : محمد بن النعمان هذا قال في " الميزان " و تبعه في
" اللسان " : مجهول ، قاله العقيلي ، و يحيى متروك .
قلت : و يحيى هذا مجمع على ضعفه ، و قد كذبه وكيع ، و كذا أحمد فقال : كذاب يضع
الحديث و قال ابن عدي : و الضعف على رواياته بين ، و أحاديثه موضوعات .
و شيخه عبد الكريم أبي أمية هو ابن أبي المخارق ضعيف أيضا و لكنه لم يتهم ،
و لذلك لم يصب الحافظ الهيثمي حين أعل الحديث به فقط ، فقال ( 3 / 60 ) : رواه
الطبراني في " الأوسط " و " الصغير " ، و فيه عبد الكريم أبو أمية و هو ضعيف .
و أما شيخه العراقي ، فقد أعله في " تخريج الإحياء " ( 4 / 418 ) بما نقلته
آنفا عن " الميزان " فأصاب و كذلك أخطأ السيوطي في " اللآليء " حيث قال ( 2 /
234 ) حيث قال : عبد الكريم ضعيف ، و يحيى بن العلاء و محمد بن النعمان مجهولان
فإن يحيى بن العلاء ليس بالمجهول ، بل هو معروف و لكن بالكذب ! .
ثم إن للحديث علة أخرى و هي الاضطراب ، فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في " القبور "
و من طريقه عبد الغني المقدسي في " السنن " ( 92 / 2 ) عن محمد بن النعمان يرفع
الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، و هذا معضل .
و قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 209 ) : سألت أبي عن حديث رواه أبو موسى
محمد ( بن ) المثنى عن محمد بن النعمان أبي النعمان الباهلي عن يحيى بن العلاء
عن عمه خالد بن عامر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يعق
والديه أو أحدهما فيموتان فيأتي قبره كل ليلة ؟ قال أبي : هذا إسناد مضطرب ،
و متن الحديث منكر جدا كأنه موضوع .

(1/126)


50 - " من زار قبر والديه كل جمعة ، فقرأ عندهما أو عنده *( يس )* غفر له بعدد كل
آية أو حرف " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 126 ) :
موضوع .
رواه ابن عدي ( 286 / 1 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 344 - 345 )
و عبد الغني المقدسي في " السنن " ( 91 / 2 ) من طريق أبي مسعود يزيد بن خالد ،
حدثنا عمرو بن زياد ، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة عن أبي بكر الصديق مرفوعا و كتب بعض المحدثين - و أظنه ابن المحب أو
الذهبي - على هامش نسخة " سنن المقدسي " : هذا حديث غير ثابت ، و قال ابن عدي :
باطل ليس له أصل بهذا الإسناد ، ذكره في ترجمة عمرو بن زياد هذا ، و هو
أبو الحسن الثوباني مع أحاديث أخرى له ، قال في أحدها : موضوع ، ثم قال :
و لعمرو بن زياد غير هذا من الحديث ، منها سرقة يسرقها من الثقات ، و منها
موضوعات ، و كان هو يتهم بوضعها .
و قال الدارقطني : يضع الحديث و لهذا أورد الحديث ابن الجوزي في " الموضوعات "
( 3 / 239 ) من رواية ابن عدي فأصاب ، و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 /
440 ) بقوله : قلت : له شاهد ، ثم ساق سند الحديث الذي قبله ! و قد علمت أنه
حديث موضوع أيضا ! و لو قيل بأنه ضعيف فقط فلا يصلح شاهدا لهذا ، لوجهين :
الأول : أنه مغاير له في المعنى و لا يلتقي معه إلا في مطلق الزيارة .
الآخر : ما ذكره المناوي في شرحه على " الجامع الصغير " فإنه قال بعد أن نقل
كلام ابن عدي المتقدم : و من ثم اتجه حكم ابن الجوزي عليه بالوضع ، و تعقبه
المصنف بأن له شاهدا ( و أشار إلى الحديث المتقدم ) و ذلك غير صواب لتصريحهم
حتى هو بأن الشواهد لا أثر لها في الموضوع بل في الضعيف و نحوه .
و الحديث يدل على استحباب قراءة القرآن عند القبور ، و ليس في السنة الصحيحة ما
يشهد لذلك ، بل هي تدل على أن المشروع عند زيارة القبور إنما هو السلام عليهم
و تذكر الآخرة فقط ، و على ذلك جرى عمل السلف الصالح رضي الله عنهم ، فقراءة
القرآن عندها بدعة مكروهة كما صرح به جماعة من العلماء المتقدمين ، منهم
أبو حنيفة ، و مالك ، و أحمد في رواية كما في " شرح الإحياء " للزبيدي ( 2 /
285 ) قال : لأنه لم ترد به سنة ، و قال محمد بن الحسن و أحمد في رواية : لا
تكره ، لما روى عن ابن عمر أنه أوصى أن يقرأ على قبره وقت الدفن بفواتح سورة
البقرة و خواتمها .
قلت : هذا الأثر عن ابن عمر لا يصح سنده إليه ، و لو صح فلا يدل إلا على
القراءة عند الدفن لا مطلقا كما هو ظاهر .
فعليك أيها المسلم بالسنة ، و إياك و البدعة ، و إن رآها الناس حسنة ، فإن " كل
بدعة ضلالة " كما قال صلى الله عليه وسلم .

(1/127)


51 - " إن الله يحب عبده المؤمن الفقير المتعفف أبا العيال " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 128 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 529 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 361 ) من طريق حماد
ابن عيسى ، حدثنا موسى بن عبيدة ، أخبرني القاسم بن مهران عن عمران بن حصين
مرفوعا .
و قال العقيلي في ترجمة القاسم : لا يثبت سماعه من عمران بن حصين ، رواه عنه
موسى بن عبيدة و هو متروك .
و أقره البوصيري في " الزوائد " ( 253 / 2 ) و قال : هذا إسناد ضعيف .
قلت : فللحديث علتان تبينتا في كلام العقيلي و هما الانقطاع و ضعف ابن عبيدة .
و له علة ثالثة : و هي جهالة ابن مهران هذا ، قال الحافظ في " التقريب " :
مجهول .
و علة رابعة و هي حماد بن عيسى و هو الواسطي ، قال الحافظ : ضعيف ، و لذلك قال
العراقي : سنده ضعيف كما نقله المناوي و ضعفه السخاوي أيضا في " المقاصد "
( رقم 246 ) .
قلت : و قد وجدت للحديث طريقا أخرى و لكنه لا يزداد بها إلا ضعفا ، لأنه من
رواية محمد بن الفضل عن زيد العمي عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين به دون
قوله : " أبا العيال " ، أخرجه ابن عدي ( 295 / 1 ) و أبو نعيم ( 2 / 282 )
و قال : غريب من حديث محمد بن سيرين ، لم نكتبه إلا من حديث زيد و محمد بن
الفضل بن عطية .
قلت : و في هذا السند ثلاث علل أيضا :
الأولى : الانقطاع بين عمران و ابن سيرين ، فإنه لم يسمع منه كما قال الدارقطني
خلافا لما رواه عبد الله بن أحمد عن أبيه .
الثانية : زيد العمي و هو ابن الحواري ، ضعيف .
الثالثة : محمد بن الفضل بن عطية و هو كذاب كما قال الفلاس و غيره .

(1/128)


52 - " إذا استصعبت على أحدكم دابته أو ساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في
أذنه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 130 ) :
ضعيف .
أورده الغزالي ( 2 / 195 ) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم ! و قال مخرجه
الحافظ العراقي : رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث الحسين
ابن علي بن أبي طالب بسند ضعيف نحوه .
قلت : و لفظه كما في " الفردوس " ( 3 / 558 ) : " من ساء خلقه من إنسان أو
دابة ، فأذنوا في أذنيه " .

(1/129)


53 - " عليكم بدين العجائز " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 130 ) :

لا أصل له .
كذا قال في " المقاصد " و ذكره الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( 7 ) و أورده
الغزالي ( 3 / 67 ) مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم ! و قال مخرجه العراقي :
قال ابن طاهر في " كتاب التذكرة " ( رقم 511 ) : تداوله العامة ، و لم أقف له
على أصل يرجع إليه من رواية صحيحة و لا سقيمة ، حتى رأيت حديثا لمحمد بن
عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : ثم ذكر الحديث الآتي :

(1/130)


54 - " إذا كان في آخر الزمان ، و اختلفت الأهواء ، فعليكم بدين أهل البادية
و النساء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 130 ) :
موضوع .
قال ابن طاهر : و ابن البيلماني ( يعني الذي في سنده ) له عن أبيه عن
ابن عمر نسخة كان يتهم بوضعها .
قال الحافظ العراقي : و هذا اللفظ من هذا الوجه رواه ابن حبان في " الضعفاء "
في ترجمة ابن البيلماني .
قلت : من طريق ابن حبان أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 271 ) و منه
تبين أن فيه علة أخرى ، لأن راويه عن ابن عبد الرحمن البيلماني محمد بن الحارث
الحارثي و هو ضعيف ، و في ترجمته أورد الحديث ابن عدي ( 297 / 2 ) و قال :
و عامة ما يرويه غير محفوظ ، ثم قال ابن الجوزي : لا يصح ، محمد بن الحارث ليس
بشيء ، و شيخه كذلك حدث عن أبيه بنسخة موضوعة ، و إنما يعرف هذا من قول عمر بن
عبد العزيز .
و أقره السيوطي في " اللآليء المصنوعة " ( 1 / 131 ) و زاد عليه فقال : قلت :
محمد بن الحارث من رجال ابن ماجه ، و قال في " الميزان " : هذا الحديث من
عجائبه .
قلت : الحمل فيه على ابن البيلماني أولى من الحمل فيه على ابن الحارث ، فإن هذا
قد وثقه بعضهم ، بخلاف ابن البيلماني فإنه متفق على توهينه ، و قد أشار إلى ما
ذهبت إليه بعض الأئمة ، فقال الآجرى : سألت أبا داود عن ابن الحارث فقال :
بلغني عن بندار قال : ما في قلبي منه شيء ، البلية من ابن البيلماني ، و قال
البزار : مشهور ليس به بأس ، و إنما تأتي هذه الأحاديث من ابن البيلماني .
فثبت أن آفة الحديث من ابن البيلماني و به أعله الحافظ ابن طاهر كما تقدم ،
و كذا السخاوي في " المقاصد " ، و قال الشيخ علي القاري : حديث موضوع .
ثم أليس من العجائب أن يورد السيوطي هذا الحديث في " الجامع الصغير " مع تعهده
في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع مع أن الحديث فيه ذاك الكذاب ابن
البيلماني ، و مع إقراره ابن الجوزي على حكمه عليه بالوضع ؟ ! و قد أقرهما على
ذلك ابن عراق أيضا في " تنزيه الشريعة " ( 136 / 1 ) فإنه أورده في " الفصل
الأول " الذي يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه و لم يخالف فيه كما نص عليه في
المقدمة .

(1/131)


55 - " سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 132 ) :
منكر جدا .
و قد روي من حديث أبي هريرة و ابن عمر و أنس و ابن عباس .
1 ـ أما حديث أبي هريرة فقد روي من ثلاث طرق عن أبي سعيد المقبري عنه .
الأولى : عن محمد بن يعقوب الفرجي قال : نبأنا محمد بن عبد الملك بن قريب
الأصمعي قال : نبأنا أبي عن أبي معشر عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة .
أخرجه أبو سعد الماليني في " الأربعين في شيوخ الصوفية " ( 5 / 1 ) و أبو نعيم
في " الحلية " ( 10 / 290 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 1 / 417 ) ، و من
طريقه ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1178 ) و قال : لم أسمع لمحمد بن الأصمعي
ذكرا إلا في هذا الحديث ، قال الذهبي في ترجمته : و هو حديث منكر جدا ، ثم ساقه
بهذا السند ثم قال : هذا غير صحيح ، و أقره الحافظ في " اللسان " .
قلت : و لهذا الإسناد ثلاث علل :
أ - ابن الأصمعي هذا و هو مجهول كما يشير إليه كلام الخطيب السابق .
ب - الراوي عنه محمد بن يعقوب الفرجي ، لم أجد له ترجمة إلا أن الماليني أورده
في " شيوخ الصوفية " و لم يذكر فيه تعديلا و لا جرحا ، و كذلك فعل الخطيب في
" تاريخ بغداد " ( 3 / 388 ) إلا أنه قال : و كان يحفظ الحديث ، و لعله هو
الآفة .
ج - أبو معشر و اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي ضعيف اتفاقا ، و ضعفه يحيى بن
سعيد جدا ، و كذا البخاري حيث قال : منكر الحديث .
الطريق الثانية : قال عبد الله بن سالم : حدثنا عمار بن مطر الرهاوي - و كان
حافظا للحديث - حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة ، أخرجه ابن عدي في
" الكامل " ( 5 / 72 ـ بيروت ) ، و عنه ابن الجوزي في " الواهيات " ( 2 / 219 )
و قال : لا يصح ، و ذكره الذهبي في ترجمة عمار هذا ، و قال : هالك ، وثقه بعضهم
و منهم من وصفه بالحفظ ، ثم ساقه ثم ذكر أحاديث منكرة ، ثم ختم ترجمته بقوله :
قال أبو حاتم الرازي : كان يكذب ، و قال ابن عدي : أحاديثه بواطيل ، و قال
الدارقطني : ضعيف .
قلت : فهذه متابعة قوية لأبي معشر من ابن أبي ذئب ، و لكنه لا يعتد بها ، فإنه
و إن كان ثقة ففي الطريق إليه ذلك الهالك ، لكنه روي من طريق غيره و هو :
الطريق الثالثة : أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 5 / 72 ) ، و من طريقه ابن
الجوزي عن أبي شهاب عبد القدوس بن عبد القاهر بن أبي ذئب أبي شهاب سمعه من صدقة
ابن أبي الليث الحصني - و كان من الثقات - عن ابن أبي ذئب ، ذكره ابن حجر في
" اللسان " في ترجمة عبد القدوس هذا بعد أن قال فيه الذهبي : له أكاذيب وضعها ،
ثم ذكر منها حديثا ، ثم ذكر الحافظ منها حديثا آخر هو هذا ثم قال : و هذا إنما
يعرف برواية عمار بن مطر عن ابن أبي ذئب ، و كان الناس ينكرونه على عمار ، و قد
عرفت حال عمار آنفا .
و خير هذه الطرق الأولى ، و مع ذلك فهي واهية لكثرة عللها ، و قد قال الحافظ في
" تخريج الكشاف " ( 130 رقم 181 ) : و إسناده ضعيف .
2 ـ و أما حديث ابن عمر ، فأخرجه عباس الدوري في " تاريخ ابن معين " ( ق 41 /
2 ) ، و ابن عدي ( 5 / 13 و 7 / 77 ) ، و الخطيب في " الجامع " ( 5 / 91 / 2 )
نسخة الإسكندرية و الواحدي في " الوسيط " ( 3 / 194 / 1 ) و الثعلبي في
" التفسير " ( 3 / 78 / 2 ) ، و ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1177 ) عن الوليد
ابن سلمة - قاضي الأردن - حدثنا عمر بن صهبان عن نافع عنه ، و قال ابن عدي :
و عمر هذا عامة أحاديثه لا يتابعه الثقات عليه و يغلب على حديثه المناكير .
قلت : و هو ضعيف جدا ، قال البخاري : منكر الحديث ، و قال الدارقطني : متروك
الحديث .
قلت : لكن الراوي عنه الوليد بن سلمة شر منه فقد قال فيه أبو مسهر و دحيم
و غيرهما : كذاب ، و قال ابن حبان : يضع الحديث على الثقات .
و قد ساق ابن عدي له أحاديث ، و منها هذا الحديث أورده في ترجمته أيضا و قال و
كذا في " المنتخب منه " ( ق 350 / 1 ) و غيره : عامتها غير محفوظة .
3 ـ و أما حديث أنس ، فأخرجه ابن بشران في " الأمالي " ( 23 / 69 / 2 ) ،
و الخطيب في " الجامع " ( 2 / 22 / 1 ) من طريق محمد بن يونس حدثنا يوسف بن
كامل حدثنا عبد السلام بن سليمان الأزدي عن أبان عنه مرفوعا بلفظ : " ... بهاء
الوجه " .
و هذا إسناد باطل ليس فيهم من هو معروف بالثقة باستثناء أنس طبعا .
أما أبان فهو ابن أبي عياش الزاهد البصري ، و قال أحمد : متروك الحديث ، و قال
شعبة : لأن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان .
قلت : و لا يجوز أن يقال مثل هذا إلا فيمن هو كذاب معروف بذلك و قد كان شعبة
يحلف على ذلك ، و لعله كان لا يتعمد الكذب ، فقد قال فيه ابن حبان : كان أبان
من العباد يسهر الليل بالقيام و يطوي النهار بالصيام ، سمع من أنس أحاديث
و جالس الحسن فكان يسمع كلامه و يحفظ ، فإذا حدث ربما جعل كلام الحسن عن أنس
مرفوعا و هو لا يعلم ! و لعله روى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من
ألف حديث و خمس مئة حديث ما لكبير شيء منها أصل يرجع له ! .
و أما عبد السلام بن سليمان الأزدي ، فالظاهر أنه أبو همام العبدي ، فإنه من
طبقته سمع داود بن أبي هند روى عنه حرمي بن عمارة و أبو سلمة و يحيى بن يحيى
كما قال أبو حاتم على ما في " الجرح و التعديل " ( 3 / 1 / 46 ) و لم يذكر فيه
جرحا و لا تعديلا فهو مجهول الحال ، و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " ( 2 /
182 ) على قاعدته و أورد قبله راويا آخر فقال : عبد السلام بن سليمان يروي عن
يزيد بن سمرة ، عداده في أهل الشام ، روى عنه الأوزاعي .
و الظاهر أنه ليس هو راوي هذا الحديث فإن إسناده ليس شاميا ، فإنما هو الذي
قبله .
و أما يوسف بن كامل ، فالظاهر أنه العطار ، روى عن سويد بن أبي حاتم و نافع بن
عمر الجمحي ، روى عنه عمرو بن علي الصيرفي كما في " الجرح و التعديل " ( 4 /
2 / 228 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و لعله في " ثقات ابن حبان "
فليراجع في أتباع أتباع التابعين منه ، فإن نسختنا منه ينقص منها هذا المجلد
و ما دونه .
و أما محمد بن يونس فهو الكديمي قال ابن عدي : قد اتهم بالوضع ، و قال
ابن حبان : لعله وضع أكثر من ألف حديث ، و كذبه أبو داود و موسى بن هارون
و القاسم بن المطرز ، و قال الدارقطني : يتهم بوضع الحديث ، و ما أحسن فيه
القول إلا من لم يخبر حاله .
4 ـ و أما حديث ابن عباس فعزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار ، و لم أقف
على إسناده ، و غالب الظن أنه واه كغيره ، و قد بيض له المناوي .
فتبين من هذا التحقيق أن هذه الطرق كلها واهية جدا فلا تصلح لتقوية الطريق
الأولى منها ، و هي على ضعفها أحسنها حالا ، فلا تغتر بقول الحافظ السخاوي في
" المقاصد " ( 240 ) : و شواهده كثيرة ، فإنها لا تصلح للشهادة كما ذكرنا .
و الظاهر أن أصل الحديث موقوف رفعه أولئك الضعفاء عمدا أو سهوا ، فقد رأيت في
" المنتقى من المجالسة " للدينوري ( 52 / 2 ) بسند صحيح عن مغيرة قال : قال
إبراهيم : ليس من المروءة كثرة الالتفات في الطريق ، و يقال : " سرعة المشي
تذهب بهاء المؤمن " .
و ذكره الشيخ على القاري في " شرح الشمائل " ( 1 / 52 ) من قول الزهري .
و يكفي في رد هذا الحديث أنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في مشيه ،
فقد كان صلى الله عليه وسلم سريع المشي كما ثبت ذلك عنه في غير ما حديث ، و روى
ابن سعد في " الطبقات " عن الشفاء بنت عبد الله أم سليمان قالت : كان عمر إذا
مشى أسرع .
و لعل هذا الحديث من افتراء بعض المتزهدين الذين يرون أن الكمال أن يمشي المسلم
متباطئا متماوتا كأن به مرضا ! و هذه الصفة ليست مرادة قطعا بقوله تعالى :
*( و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ، و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا
سلاما )* ، قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها : هونا : أي بسكينة و وقار من غير
جبرية و لا استكبار ، كقوله تعالى : * ( و لا تمش في الأرض مرحا )* ، فأما
هؤلاء فإنهم يمشون بغير استكبار و لا مرح و لا أشر و لا بطر .
و ليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا و رياء ، فقد كان سيد ولد آدم عليه
الصلاة و السلام إذا مشى كأنما ينحط من صبب و كأنما تطوى الأرض له ، و قد كره
بعض السلف المشي بتضعف ، حتى روى عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا ، فقال : ما
بالك أأنت مريض ؟ قال : لا يا أمير المؤمنين ، فعلاه بالدرة و أمره أن يمشي
بقوة ، و إنما المراد بالهون هنا : السكينة و الوقار .
و قد روى الإمام أحمد ( رقم 3034 ) من حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل ، و رواه البزار ( 2391 ـ زوائده ) و
سنده صحيح ، و له شاهد عن سيار أبي الحكم مرسلا ، رواه ابن سعد ( 1 / 379 ) .

(1/132)


56 - " لولا النساء لعبد الله حقا حقا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 139 ) :
موضوع .
و له طريقان :
الأول : عن محمد بن عمران الهمذاني ، أنبأنا عيسى بن زياد الدورقي - صاحب ابن
عيينة - قال : حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن
عمر بن الخطاب مرفوعا ، أخرجه ابن عدي ( ق 312 / 1 ) و قال : هذا حديث منكر
، و لا أعرفه إلا من هذا الوجه ، و عبد الرحيم بن زيد العمي أحاديثه كلها لا
يتابعه الثقات عليه .
قلت : و قال البخاري : تركوه ، و قال أبو حاتم : يترك حديثه ، منكر الحديث ،
كان يفسد أباه يحدث عنه بالطامات ، و قال ابن معين : كذاب خبيث .
قلت : و أبوه زيد ضعيف كما تقدم ( 51 ) .
و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 255 ) من طريق ابن عدي ثم
قال : لا أصل له ، عبد الرحيم و أبوه متروكان ، و محمد بن عمران منكر الحديث .
قلت : الظاهر أن ابن الجوزي توهم أن محمد بن عمران هذا هو الأخنسي الذي قال فيه
البخاري في " تاريخه الكبير " ( 1 / 1 / 202 ) : كان ببغداد ، يتكلمون فيه ،
منكر الحديث عن أبي بكر بن عياش ، و ليس صاحب هذا الحديث هو الأخنسي ، بل هو
الهمذاني كما صرح ابن عدي في روايته ، و هو ثقة و له ترجمة جيدة في " تاريخ
بغداد " ( 3 / 133 - 134 ) ، فعلة الحديث ممن فوقه .
و أما السيوطي فخفي عليه هذا ، فإنه إنما تعقب ابن الجوزي بقوله في " اللآليء "
( 1 / 159 ) : قلت : له شاهد ! و مع ذلك فهذا تعقب لا طائل تحته ، لأن الشاهد
المشار إليه ليس خيرا من المشهود له !
هو الطريق الآخر : عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا بلفظ :
" لولا النساء دخل الرجال الجنة " .
رواه أبو الفضل عيسى بن موسى الهاشمي في " نسخة الزبير بن عدي " ( 1 / 55 / 2 )
و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 30 ) و الثقفي في " الثقفيات " .
قلت : و بشر هذا متروك يكذب كما تقدم ( 28 ) ، و من طريقه رواه الديلمي في
" مسند الفردوس " بلفظ : " لولا النساء لعبد الله حق عبادته " كما في " فيض
القدير " .
و قد اقتصر السيوطي في ترجمة بشر هذا على قوله عقب الحديث : متروك ، فتعقبه ابن
عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 204 ) : بل كذاب وضاع فلا يصلح حديثه شاهدا .
و مما سبق تعلم أن السيوطي لم يحسن صنعا بإيراده هذه الأحاديث الثلاثة في
" الجامع الصغير " خلافا لشرطه الذي ذكرته أكثر من مرة .

(1/133)


57 - " اختلاف أمتي رحمة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 141 ) :
لا أصل له .
و لقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ، حتى قال السيوطي في
" الجامع الصغير " : و لعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا ! .
و هذا بعيد عندي ، إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه
وسلم ، و هذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده .
و نقل المناوي عن السبكي أنه قال : و ليس بمعروف عند المحدثين ، و لم أقف له
على سند صحيح و لا ضعيف و لا موضوع .
و أقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) .
ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء ، فقال العلامة ابن حزم
في " الإحكام في أصول الأحكام " ( 5 / 64 ) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث :
و هذا من أفسد قول يكون ، لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا ، و هذا
ما لا يقوله مسلم ، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف ، و ليس إلا رحمة أو سخط .
و قال في مكان آخر : باطل مكذوب ، كما سيأتي في كلامه المذكور عند الحديث
( 61 ) .
و إن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرا من المسلمين يقرون بسببه الاختلاف
الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة ، و لا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب
و السنة الصحيحة ، كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم ، بل إن أولئك ليرون
مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة ! يقولون هذا مع علمهم
بما بينها من اختلاف و تعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف
للدليل ، و قبول البعض الآخر الموافق له ، و هذا ما لا يفعلون ! و بذلك فقد
نسبوا إلى الشريعة التناقض ! و هو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لو
كانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن : *( و لو كان من عند غير الله لوجدوا
فيه اختلافا كثيرا )* فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله ، فكيف يصح إذن
جعله شريعة متبعة ، و رحمة منزلة ؟ .
و بسبب هذا الحديث و نحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم
مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية و العملية ، و لو أنهم كانوا يرون أن
الخلاف شر كما قال ابن مسعود و غيره رضي الله عنهم و دلت على ذمه الآيات
القرآنية و الأحاديث النبوية الكثيرة ، لسعوا إلى الاتفاق ، و لأمكنهم ذلك في
أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من
الخطأ ، و الحق من الباطل ، ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه ، و لكن
لماذا هذا السعي و هم يرون أن الاختلاف رحمة ، و أن المذاهب على اختلافها
كشرائع متعددة ! و إن شئت أن ترى أثر هذا الاختلاف و الإصرار عليه ، فانظر إلى
كثير من المساجد ، تجد فيها أربعة محاريب يصلى فيها أربعة من الأئمة !
و لكل منهم جماعة ينتظرون الصلاة مع إمامهم كأنهم أصحاب أديان مختلفة ! و كيف
لا و عالمهم يقول : إن مذاهبهم كشرائع متعددة ! يفعلون ذلك و هم يعلمون قوله
صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " رواه مسلم
و غيره ، و لكنهم يستجيزون مخالفة هذا الحديث و غيره محافظة منهم على المذهب
كأن المذهب معظم عندهم و محفوظ أكثر من أحاديثه عليه الصلاة و السلام ! و جملة
القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة ، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن ،
لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى : *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب
ريحكم )* ، أما الرضا به و تسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه ،
و لا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
و هنا قد يرد سؤال و هو : إن الصحابة قد اختلفوا و هم أفاضل الناس ، أفيلحقهم
الذم المذكور ؟ .
و قد أجاب عنه ابن حزم رحمه الله تعالى فقال ( 5 / 67 - 68 ) : كلا ما يلحق
أولئك شيء من هذا ، لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله ، و وجهته الحق ، فالمخطئ
منهم مأجور أجرا واحدا لنيته الجميلة في إرادة الخير ، و قد رفع عنهم الإثم في
خطئهم لأنهم لم يتعمدوه و لا قصدوه و لا استهانوا بطلبهم ، و المصيب منهم مأجور
أجرين ، و هكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين
و لم يبلغه ، و إنما الذم المذكور و الوعيد المنصوص ، لمن ترك التعلق بحبل الله
تعالى و هو القرآن ، و كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه
و قيام الحجة به عليه ، و تعلق بفلان و فلان ، مقلدا عامدا للاختلاف ، داعيا
إلى عصبية و حمية الجاهلية ، قاصدا للفرقة ، متحريا في دعواه برد القرآن
و السنة إليها ، فإن وافقها النص أخذ به ، و إن خالفها تعلق بجاهليته ، و ترك
القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء هم المختلفون المذمومون .
و طبقة أخرى و هم قوم بلغت بهم رقة الدين و قلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم
في قول كل قائل ، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم ، مقلدين له غير
طالبين ما أوجبه النص عن الله و عن رسوله صلى الله عليه وسلم .
و يشير في آخر كلامه إلى " التلفيق " المعروف عند الفقهاء ، و هو أخذ قول
العالم بدون دليل ، و إنما اتباعا للهوى أو الرخص ، و قد اختلفوا في جوازه ،
و الحق تحريمه لوجوه لا مجال الآن لبيانها ، و تجويزه مستوحى من هذا الحديث
و عليه استند من قال : " من قلد عالما لقي الله سالما " ! و كل هذا من آثار
الأحاديث الضعيفة ، فكن في حذر منها إن كنت ترجو النجاة *( يوم لا ينفع مال
و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )* .

(1/134)


58 - " أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 144 ) :
موضوع .
رواه ابن عبد البر في " جامع العلم " ( 2 / 91 ) و ابن حزم في " الإحكام "
( 6 / 82 ) من طريق سلام بن سليم قال : حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن
أبي سفيان عن جابر مرفوعا به ، و قال ابن عبد البر : هذا إسناد لا تقوم به
حجة لأن الحارث بن غصين مجهول .
و قال ابن حزم : هذه رواية ساقطة ، أبو سفيان ضعيف ، و الحارث بن غصين هذا هو
أبو وهب الثقفي ، و سلام بن سليمان يروي الأحاديث الموضوعة و هذا منها بلا شك .
قلت : الحمل في هذا الحديث على سلام بن سليم - و يقال : ابن سليمان و هو
الطويل - أولى فإنه مجمع على ضعفه ، بل قال ابن خراش : كذاب ، و قال ابن حبان :
روى أحاديث موضوعة .
و أما أبو سفيان فليس ضعيفا كما قال ابن حزم ، بل هو صدوق كما قال الحافظ في
" التقريب " ، و أخرج له مسلم في " صحيحه " .
و الحارث بن غصين مجهول كما قال ابن حزم ، و كذا قال ابن عبد البر و إن ذكره
ابن حبان في " الثقات " ، و لهذا قال أحمد : لا يصح هذا الحديث كما في
" المنتخب " لابن قدامة ( 10 / 199 / 2 ) .
و أما قول الشعراني في " الميزان " ( 1 / 28 ) : و هذا الحديث و إن كان فيه
مقال عند المحدثين ، فهو صحيح عند أهل الكشف ، فباطل و هراء لا يتلفت إليه !
ذلك لأن تصحيح الأحاديث من طريق الكشف بدعة صوفية مقيتة ، و الاعتماد عليها
يؤدي إلى تصحيح أحاديث باطلة لا أصل لها ، كهذا الحديث لأن الكشف أحسن أحواله -
إن صح - أن يكون كالرأي ، و هو يخطيء و يصيب ، و هذا إن لم يداخله الهوي ،
نسأل الله السلامة منه ، و من كل ما لا يرضيه .
و روي الحديث عن أبي هريرة بلفظ : " مثل أصحابي " و سيأتي برقم (438 )
و روي نحوه عن ابن عباس و عمر بن الخطاب و ابنه عبد الله .
أما حديث ابن العباس فهو :

(1/135)


59 - " مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به ، لا عذر لأحدكم في تركه ، فإن لم يكن في
كتاب الله ، فسنة مني ماضية ، فإن لم يكن سنة مني ماضية ، فما قال أصحابي ، إن
أصحابي بمنزلة النجوم في السماء ، فأيها أخذتم به اهتديتم ، و اختلاف أصحابي
لكم رحمة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 146 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " الكفاية في علم الرواية " ( ص 48 ) و من قبله أبو العباس
الأصم في الثاني من حديثه رقم 142 من نسختي ، و عنه البيهقي في " المدخل " رقم
( 152 ) ، و الديلمي ( 4 / 75 ) ، و ابن عساكر ( 7 / 315 / 2 ) من طريق سليمان
ابن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا : سليمان بن أبي كريمة قال ابن أبي حاتم ( 2 / 1 /
138 ) عن أبيه : ضعيف الحديث .
و جويبر هو ابن سعيد الأزدي ، متروك ، كما قال الدارقطني و النسائي و غيرهما ،
و ضعفه ابن المديني جدا .
و الضحاك هو ابن مزاحم الهلالي لم يلق ابن عباس ، و قال البيهقي عقبه : هذا
حديث متنه مشهور ، و أسانيده ضعيفة ، لم يثبت في هذا إسناد .
و الحديث أورد منه الجملة الأخيرة الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 /
25 ) و أورده السيوطي بتمامه في أول رسالته " جزيل المواهب في اختلاف المذاهب "
من رواية البيهقي في " المدخل " ثم قال العراقي : و إسناده ضعيف .
و التحقيق أنه ضعيف جدا لما ذكرنا من حال جويبر ، و كذلك قال السخاوي في
" المقاصد " و لكنه موضوع من حيث معناه لما تقدم و يأتي .
فإذا عرفت هذا فمن الغريب قول السيوطي في الرسالة المشار إليها : في هذا الحديث
فوائد ، منها إخباره صلى الله عليه وسلم باختلاف المذاهب بعده في الفروع ،
و ذلك من معجزاته ، لأنه من الإخبار بالمغيبات ، و رضاه بذلك و تقريره عليه حيث
جعله رحمة ، و التخيير للمكلف في الأخذ بأيها شاء ... .
فيقال له : أثبت العشر ثم انقش ، و ما ذكره من التخيير باطل لا يمكن لمسلم أن
يلتزم القول و العمل به على إطلاقه لأنه يؤدي إلى التحلل من التكاليف الشرعية
كما لا يخفى .
و انظر الكلام على الحديث الآتي ( 63 ) .
و مما سبق ، تعلم أن تصحيح الشيخ مهدي حسن الشاهجهانبوري لهذا الحديث في كتابه
" السيف المجلى على المحلى " ( ص 3 ) و قوله : إنه حديث مشهور ليس بصحيح بل هو
مخالف لأقوال أهل العلم بهذا الفن كما رأيت ، و له مثله كثير فانظر الحديث
( 87 ) .
و أما حديث عمر بن الخطاب فهو :

(1/136)


60 - " سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي ، فأوحى الله إلي يا محمد إن أصحابك
عندي بمنزلة النجوم في السماء ، بعضها أضوأ من بعض ، فمن أخذ بشيء مما هم عليه
من اختلافهم فهو عندي على هدى " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 147 ) :
موضوع .
رواه ابن بطة في " الإبانة " ( 4 / 11 / 2 ) و الخطيب أيضا و نظام الملك في
" الأمالي " ( 13 / 2 ) ، و الديلمي في " مسنده " ( 2 / 190 ) ، و الضياء في
" المنتقى عن مسموعاته بمرو " ( 116 / 2 ) و كذا ابن عساكر ( 6 / 303 / 1 ) من
طريق نعيم بن حماد حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن
عمر بن الخطاب مرفوعا .
و هذا سند موضوع ، نعيم بن حماد ضعيف ، قال الحافظ : يخطئ كثيرا ،
و عبد الرحيم بن زيد العمي كذاب كما تقدم ( 53 ) فهو آفته و أبوه خير منه .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية السجزي في " الإبانة "
و ابن عساكر عن عمر ، و قال شارحه المناوي : قال ابن الجوزي في " العلل " : هذا
لا يصح نعيم مجروح ، و عبد الرحيم قال ابن معين : كذاب ، و في " الميزان " :
هذا الحديث باطل ، ثم قال المناوي : ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر أخرجه ساكتا
عليه و الأمر بخلافه فإنه تعقبه بقوله : قال ابن سعد : زيد العمي أبو الحواري
كان ضعيفا في الحديث ، و قال ابن عدي : عامة ما يرويه و من يروي عنه ضعفاء ،
و رواه عن عمر أيضا البيهقي ، قال الذهبي : و إسناده واه .
قلت : و روى ابن عبد البر عن البزار أنه قال في هذا الحديث : و هذا الكلام لا
يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن
سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و ربما رواه
عبد الرحيم عن أبيه عن ابن عمر ، كذا في الموضعين : ابن عمر ، و الظاهر أن لفظة
( ابن ) مقحمة من الناسخ في الموضع الأول و إنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد
الرحيم بن زيد ، لأن أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه ، و الكلام أيضا
منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
بإسناد صحيح : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، عضوا عليها
بالنواجذ " ، و هذا الكلام يعارض حديث عبد الرحيم لو ثبت ، فكيف و لم يثبت ؟!
و النبي صلى الله عليه وسلم لا يبيح الاختلاف بعده من أصحابه .
ثم روى عن المزني رحمه الله أنه قال : إن صح هذا الخبر فمعناه : فيما نقلوا عنه
و شهدوا به عليه ، فكلهم ثقة مؤتمن على ما جاء به ، لا يجوز عندي غير هذا ،
و أما ما قالوا فيه برأيهم فلو كان عند أنفسهم كذلك ما خطأ بعضهم بعضا ، و لا
أنكر بعضهم على بعض ، و لا رجع منهم أحد إلى قول صاحبه فتدبر .
قلت : الظاهر من ألفاظ الحديث خلاف المعنى الذي حمله عليه المزني رحمه الله ،
بل المراد ما قالوه برأيهم ، و عليه يكون معنى الحديث دليلا آخر على أن الحديث
موضوع ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم ، إذ كيف يسوغ لنا أن نتصور أن النبي
صلى الله عليه وسلم يجيز لنا أن نقتدي بكل رجل من الصحابة مع أن فيهم العالم
و المتوسط في العلم و من هو دون ذلك ! و كان فيهم مثلا من يرى أن البرد لا يفطر
الصائم بأكله ! كما سيأتي ذكره بعد حديث .
و أما حديث ابن عمر فهو :

(1/137)


61 - " إنما أصحابي مثل النجوم فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 149 ) :

موضوع .
ذكره ابن عبد البر معلقا ( 2 / 90 ) و عنه ابن حزم من طريق أبي شهاب الحناط عن
حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به ، و قد وصله عبد بن حميد في
" المنتخب من المسند " ( 86 / 1 ) : أخبرني أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب به ،
و رواه ابن بطة في " الإبانة " ( 4 / 11 / 2 ) من طريق آخر عن أبي شهاب به ، ثم
قال ابن عبد البر : و هذا إسناد لا يصح ، و لا يرويه عن نافع من يحتج به .
قلت : و حمزة هذا هو ابن أبي حمزة ، قال الدارقطني : متروك ، و قال ابن عدي :
عامة مروياته موضوعة ، و قال ابن حبان : ينفرد عن الثقات بالموضوعات حتى كأنه
المتعمد لها ، و لا تحل الرواية عنه ، و قد ساق له الذهبي في " الميزان "
أحاديث من موضوعاته هذا منها .
قال ابن حزم ( 6 / 83 ) : فقد ظهر أن هذه الرواية لا تثبت أصلا ، بل لا شك أنها
مكذوبة ، لأن الله تعالى يقول في صفة نبيه صلى الله عليه وسلم : *( و ما ينطق
عن الهوي ، إن هو إلا وحي يوحى )* ، فإذا كان كلامه عليه الصلاة و السلام في
الشريعة حقا كله و واجبا فهو من الله تعالى بلا شك ، و ما كان من الله تعالى
فلا يختلف فيه لقوله تعالى : *( و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا
كثيرا )* ، و قد نهى تعالى عن التفرق و الاختلاف بقوله : *( و لا تنازعوا )*
،فمن المحال أن يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم باتباع كل قائل من الصحابة
رضي الله عنهم و فيهم من يحلل الشيء ، و غيره يحرمه ، و لو كان ذلك لكان بيع
الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب ، و لكان أكل البرد للصائم حلالا اقتداء
بأبي طلحة ، و حراما اقتداء بغيره منهم ، و لكان ترك الغسل من الإكسال واجبا
بعلي و عثمان و طلحة و أبي أيوب و أبي بن كعب و حراما اقتداء بعائشة و ابن عمر
و كل هذا مروى عندنا بالأسانيد الصحيحة .
ثم أطال في بيان بعض الآراء التي صدرت من الصحابة و أخطأوا فيها السنة ، و ذلك
في حياته صلى الله عليه وسلم و بعد مماته ، ثم قال ( 6 / 86 ) : فكيف يجوز
تقليد قوم يخطئون و يصيبون ؟ ! .
و قال قبل ذلك ( 5 / 64 ) تحت باب ذم الاختلاف : و إنما الفرض علينا اتباع ما
جاء به القرآن عن الله تعالى الذي شرع لنا دين الإسلام ، و ما صح عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم الذي أمره الله تعالى ببيان الدين ... فصح أن الاختلاف لا
يجب أن يراعى أصلا ، و قد غلط قوم فقالوا : الاختلاف رحمة ، و احتجوا بما روي
عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " ،
قال : و هذا الحديث باطل مكذوب من توليد أهل الفسق لوجوه ضرورية .
أحدها : أنه لم يصح من طريق النقل .
و الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يأمر بما نهى عنه ، و هو عليه
السلام قد أخبر أن أبا بكر قد أخطأ في تفسير فسره ، و كذب عمر في تأويل تأوله
في الهجرة ، و خطأ أبا السنابل في فتيا أفتى بها في العدة ، فمن المحال الممتنع
الذي لا يجوز البتة أن يكون عليه السلام يأمر باتباع ما قد أخبر أنه خطأ .
فيكون حينئذ أمر بالخطأ تعالى الله عن ذلك ، و حاشا له صلى الله عليه وسلم من
هذه الصفة ، و هو عليه الصلاة و السلام قد أخبر أنهم يخطئون ، فلا يجوز أن
يأمرنا باتباع من يخطيء ، إلا أن يكون عليه السلام أراد نقلهم لما رووا عنه
فهذا صحيح لأنهم رضي الله عنهم كلهم ثقات ، فمن أيهم نقل ، فقد اهتدى الناقل .
و الثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول الباطل ، بل قوله الحق ،
و تشبيه المشبه للمصيبين بالنجوم تشبيه فاسد و كذب ظاهر ، لأنه من أراد جهة
مطلع الجدي ، فأم جهة مطلع السرطان لم يهتد ، بل قد ضل ضلالا بعيدا و أخطأ خطأ
فاحشا ، و ليس كل النجوم يهتدى بها في كل طريق ، فبطل التشبيه المذكور و وضح
كذب ذلك الحديث و سقوطه وضوحا ضروريا .
و نقل خلاصته ابن الملقن في " الخلاصة " ( 175 / 2 ) و أقره ، و به ختم كلامه
على الحديث فقال : و قال ابن حزم : خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط .
و روي هذا الحديث بلفظ آخر :

(1/138)


62 - " أهل بيتي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 152 ) :
موضوع .
و هو في نسخة أحمد بن نبيط الكذاب ، و قد وقفت عليها ، و هي من رواية أبي نعيم
الأصبهاني قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن القاسم بن الريان المصري المعروف
باللكي - بالبصرة في نهر دبيس قراءة عليه في صفر سنة سبع و خمسين و ثلاث مئة
فأقر به قال - أنبأنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط أبو جعفر
الأشجعي بمصر - سنة اثنتين و سبعين و مئتين قال - حدثني أبي إسحاق بن إبراهيم
ابن نبيط ، قال : حدثني أبي إبراهيم بن نبيط عن جده نبيط بن شريط مرفوعا .
قلت : فذكر أحاديث كثيرة هذا منها ( ق 158 / 2 ) ، و قد قال الذهبي في هذه
النسخة : فيها بلايا ! و أحمد بن إسحاق لا يحل الاحتجاج به فإنه كذاب .
و أقره الحافظ في " اللسان " .
قلت : و الراوي عنه أحمد بن القاسم اللكي ضعيف .
و الحديث أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 419 ) تبعا لأصله " ذيل
الأحاديث الموضوعة " للسيوطي ( ص 201 ) و كذا الشوكاني في " الفوائد المجموعة
في الأحاديث الموضوعة " ( ص 144 ) نقلا عن " المختصر " لكن وقع فيه نسخة نبيط
الكذاب فكأنه سقط من النسخة لفظة ( ابن ) و هو أحمد بن إسحاق نسب إلى جده ،
و إلا فإن نبيطا صحابي .

(1/139)


63 - " إن البرد ليس بطعام و لا بشراب " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 153 ) :
منكر .
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 347 ) و أبو يعلى في " مسنده "
( ق 191 / 2 ) و السلفي في " الطيوريات " ( 7 / 1 - 2 ) و ابن عساكر
( 6 / 313 / 2 ) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن أنس قال : مطرت السماء
بردا فقال لنا أبو طلحة : ناولوني من هذا البرد ، فجعل يأكل و هو صائم و ذلك في
رمضان ! فقلت : أتأكل البرد و أنت صائم ؟ فقال : إنما هو برد نزل من السماء
نطهر به بطوننا و إنه ليس بطعام و لا بشراب ! فأتيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخبرته بذلك فقال : " خذها عن عمك " .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و علي بن زيد بن جدعان ضعيف كما قال الحافظ في
" التقريب " ، و قال شعبة بن الحجاج : حدثنا علي بن زيد و كان رفاعا يعني أنه
كان يخطيء فيرفع الحديث الموقوف و هذا هو علة هذا الحديث ، فإن الثقات رووه عن
أنس موقوفا على أبي طلحة خلافا لعلى بن زيد الذي رفعه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فأخطأ ، فرفعه منكر ، فقد أخرجه أحمد ( 3 / 279 ) و ابن عساكر ( 6 / 313 /
2 ) من طريق شعبة عن قتادة و حميد عن أنس قال : مطرنا بردا و أبو طلحة صائم
فجعل يأكل منه ، قيل له : أتأكل و أنت صائم ؟ ! فقال : إنما هذا بركة ! و سنده
صحيح على شرط الشيخين ، و صححه ابن حزم في " الإحكام " ( 6 / 83 ) و أخرجه
الطحاوي من طريق خالد بن قيس عن قتادة ، و من طريق حماد بن سلمة عن ثابت ،
كلاهما عن أنس به نحوه ، و رواه البزار موقوفا و زاد : فذكرت ذلك لسعيد بن
المسيب فكرهه ، و قال : إنه يقطع الظمأ ، قال البزار : لا نعلم هذا الفعل إلا
عن أبي طلحة ، فثبت أن الحديث موقوف ليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ،
و إنما أخطأ في رفعه ابن جدعان كما جزم بذلك الطحاوي .
و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 171 - 172 ) مرفوعا ثم قال :
رواه أبو يعلى و فيه علي بن زيد و فيه كلام ، و قد وثق ، و بقية رجاله رجال
الصحيح ، و أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 116 ) من رواية
الديلمي بإسناد يقول فيه كل من رواته : أصم الله هاتين إن لم أكن سمعته من فلان
و لكن ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 1 / 159 ) رد عليه حكمه عليه بالوضع
و نقل عن الحافظ ابن حجر أنه قال في " المطالب العالية " : إسناده ضعيف ، ثم
ختم ابن عراق كلامه بقوله : و لعل السيوطي إنما عنى أنه موضوع بهذه الزيادة من
التسلسل لا مطلقا ، والله اعلم .
قلت : و هذا الحديث الموقوف من الأدلة على بطلان الحديث المتقدم : " أصحابي
كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " ، إذ لو صح هذا لكان الذي يأكل البرد في رمضان
لا يفطر اقتداء بأبي طلحة رضي الله عنه ، و هذا مما لا يقوله مسلم اليوم فيما
أعتقد .

(1/140)


64 - " نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 155 ) :
ضعيف .
أخرجه الترمذي ( 2 / 355 ) و البيهقي ( 9 / 271 ) و أحمد ( 2 / 444 - 445 ) من
طريق عثمان بن واقد عن كدام بن عبد الرحمن عن أبي كباش قال : جلبت غنما جذعانا
إلى المدينة فكسدت علي ، فلقيت أبا هريرة فسألته ؟ فقال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكر الحديث ، قال : فانتهبه الناس ، و قال
الترمذي : حديث غريب يعني ضعيف ، و لذا قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 12 ) :
و في سنده ضعف ، و بين علته ابن حزم فقال في " المحلى " ( 7 / 365 ) : عثمان بن
واقد مجهول ، و كدام بن عبد الرحمن لا ندري من هو ، عن أبي كباش الذي جلب
الكباش الجذعة إلى المدينة فبارت عليه ، هكذا نص حديثه ، و هنا جاء ما جاء
أبو كباش ، و ما أدراك ما أبو كباش ، ما شاء الله كان ! كأنه يتهم أبا كباش
بهذا الحديث ، و هو مجهول مثل الراوي عنه كدام ، و قد صرح بذلك الحافظ في
" التقريب " ، و أما عثمان بن واقد فليس بمجهول فقد وثقه ابن معين و غيره ،
و قال أبو داود : ضعيف ، و للحديث علة أخرى و هي الوقف فقال البيهقي عقبه :
و بلغني عن أبي عيسى الترمذي قال : قال البخاري : رواه غير عثمان بن واقد عن
أبي هريرة موقوفا ، و له طريق آخر بلفظ : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه
وسلم يوم الأضحى فقال : كيف رأيت نسكنا هذا ؟ قال : لقد باهى به أهل السماء ،
و اعلم يا محمد أن الجذع من الضأن خير من الثنية من الإبل و البقر و لو
علم الله ذبحا أفضل منه لفدى به إبراهيم عليه السلام ، و فيه إسحاق بن إبراهيم
الحنيني ، قال البيهقي : تفرد به و في حديثه ضعف .
قلت : و هو متفق على ضعفه ، و قد أورده العقيلي في " الضعفاء " و ساق له حديثا
و قال : لا أصل له ، ثم ساق له هذا الحديث ، ثم قال : يروي عن زياد بن ميمون
و كان يكذب عن أنس ، و من أوهى التعقب ما تعقب به ابن التركماني قول البيهقي
المتقدم فقال : قلت : ذكر الحاكم في المستدرك هذا الحديث من طريق إسحاق المذكور
ثم قال : صحيح الإسناد !
قلت : و كل خبير بهذا العلم الشريف يعلم أن الحاكم متساهل في التوثيق و التصحيح
و لذلك لا يلتفت إليه ، و لا سيما إذا خالف ، و لهذا لم يقره الذهبي في
" تلخيصه " على تصحيحه بل قال ( 4 / 223 ) : قلت : إسحاق هالك ، و هشام ليس
بمعتمد ، قال ابن عدي : مع ضعفه يكتبه حديثه .
و ليس يخفى هذا على مثل ابن التركماني لولا الهوي ! فإن هذا الحديث يدل على
جواز الجذع في الأضحية و هو مذهب الحنفية و ابن التركماني منهم و لما كانت
الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة لا يحتج بها أراد أن يقوي بعضها بالاعتماد على
تصحيح الحاكم ! و لو أن تصحيحه كان على خلاف ما يشتهيه مذهبه لبادر إلى رده
متذرعا بما ذكرناه من التساهل ! و هذا عيب كبير من مثل هذا العالم النحرير ،
و عندنا على ما نقول أمثلة أخرى كثيرة لا فائدة كبيرة من ذكرها .
و من الأحاديث المشار إليها :

(1/141)


65 - " يجوز الجذع من الضأن أضحية " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 157 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 275 ) و البيهقي و أحمد ( 6 / 338 ) من طريق محمد بن
أبي يحيى مولى الأسلميين عن أمه عن أم بلال بنت هلال عن أبيها مرفوعا ،
و هذا سند ضعيف من أجل أم محمد بن أبي يحيى فإنها مجهولة كما قال ابن حزم
( 7 / 365 ) و قال : و أم بلال مجهولة ، و لا ندري لها صحبة أم لا ، قال السندي
قال الدميري : أصاب ابن حزم في الأول ، و أخطأ في الثاني ، فقد ذكر
أم بلال في الصحابة ابن منده و أبو نعيم و ابن عبد البر ، ثم قال الذهبي في
" الميزان " : إنها لا تعرف و وثقها العجلي .
قلت : الحق ما قاله ابن حزم فيها ، فإنها لا تعرف إلا في هذا الحديث ، و مع أنه
ليس فيه التصريح بصحبتها ففي الإسناد إليها جهالة كما علمت فأنى ثبوت الصحبة
لها ؟ ! ثم من الغرائب أن يسكت الزيلعي في " نصب الراية " ( 4 / 217 - 218 )
على هذا الحديث مع ثبوت ضعفه ! و في الباب أحاديث أخرى أوردها ابن حزم في
" المحلى " ( 7 / 364 - 365 ) و ضعفها كلها ، و قد أصاب إلا في تضعيفه لحديث
عقبة بن عامر قال : ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذع من الضأن .
أخرجه النسائي ( 2 / 204 ) و البيهقي ( 9 / 270 ) من طريق بكير بن الأشج عن
معاذ بن عبد الله بن خبيب عنه ، و هذا إسناد جيد رجاله ثقات ، و إعلال بن حزم
له بقوله : ابن خبيب هذا مجهول ، غير مقبول ، فإن معاذا هذا وثقه ابن معين
و أبو داود و ابن حبان و قال الدارقطني : ليس بذاك و لهذا قال الحافظ في
" الفتح " بعد أن عزاه للنسائي : سنده قوي ، لكن رواه أحمد ( 4 / 152 ) من طريق
أسامة بن زيد عن معاذ به بلفظ : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجذع ؟
فقال : " ضح به ، لا بأس به " ، و إسناده حسن و هو يخالف الأول في أنه مطلق ،
و ذاك خاص في الضأن ، و على الأول فيمكن أن يراد به الجذع من المعز و تكون
خصوصية لعقبة ، لحديثه الآخر قال : قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه
ضحايا فصارت لعقبة جذعة فقلت : يا رسول الله صارت لي جذعة ، و في رواية عتود
و هو الجذع من المعز قال : " ضح بها " ، أخرجه البخاري ( 10 / 3 - 4 و 9 - 10 )
و البيهقي ( 9 / 270 ) و زاد : " و لا أرخصه لأحد فيها بعد " ، و يمكن أن يحمل
المطلق على الضأن أيضا بدليل حديث أسامة و عليه يحتمل أن يكون ذلك خصوصية له
أيضا ، أو كان ذلك لعذر مثل تعذر المسنة من الغنم و غلاء سعرها و هذا هو الأقرب
لحديث عاصم بن كليب عن أبيه قال : كنا نؤمر علينا في المغازي أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم ، و كنا بفارس ، فغلت علينا يوم النحر المسان ، فكنا نأخذ
المسنة بالجذعين و الثلاثة ، فقام فينا رجل من مزينة فقال : كنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأصبنا مثل هذا اليوم فكنا نأخذ المسنة بالجذعين و الثلاثة
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الجذع يوفي مما يوفي الثني " ، أخرجه
النسائي و الحاكم ( 4 / 226 ) و أحمد ( 268 ) و قال الحاكم : حديث صحيح ، و هو
كما قال ، و قال ابن حزم ( 7 / 267 ) : إنه في غاية الصحة ، و رواه أبو داود
( 2 / 3 ) و ابن ماجه ( 2 / 275 ) و البيهقي ( 9 / 270 ) مختصرا ، و في روايتهم
تسمية الصحابي بمجاشع بن مسعود السلمي و هو رواية للحاكم ، فهذا الحديث يدل
بظاهره على أن الجذعة من الضأن إنما تجوز عند غلاء سعر المسان و تعسرها ،
و يؤيده حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا : " لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن يعسر
عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن " ، أخرجه مسلم ( 6 / 72 ) و أبو داود ( 2 / 3 )
( 3 / 312 ، 327 ) و قال الحافظ في " الفتح " : إنه حديث صحيح .
و خلاصة القول أن حديث الباب لا يصح ، و كذا ما في معناه ، و حديث جابر و عاصم
ابن كليب على خلافها ، فالواجب العمل بهما ، و تأويلهما من أجل أحاديث الباب لا
يسوغ لصحتهما و ضعف معارضهما ، والله أعلم .
( فائدة ) : المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل و البقر و الغنم ، و هي من
الغنم و البقر ما دخل في السنة الثالثة ، و من الإبل ما دخل في السادسة و الجذع
من الضأن ما له سنة تامة على الأشهر عند أهل اللغة و جمهور أهل العلم كما قال
الشوكاني و غيره .
استدراك : ذلك ما كنت كتبته سابقا منذ نحو خمس سنوات ، و كان محور اعتمادي في
ذلك على حديث جابر المذكور من رواية مسلم عن أبي الزبير عنه مرفوعا : " لا
تذبحوا إلا مسنة ... " ، و تصحيح الحافظ ابن حجر إياه ، ثم بدا لي أني كنت
واهما في ذلك ، تبعا للحافظ ، و أن هذا الحديث الذي صححه هو و أخرجه مسلم كان
الأحرى به أن يحشر في زمرة الأحاديث الضعيفة ، لا أن تتأول به الأحاديث الصحيحة
ذلك لأن أبا الزبير هذا مدلس ، و قد عنعنه ، و من المقرر في " علم المصطلح " أن
المدلس لا يحتج بحديثه إذا لم يصرح بالتحديث ، و هذا هو الذي صنعه أبو الزبير
هنا ، فعنعن ، و لم يصرح ، و لذلك انتقد المحققون من أهل العلم أحاديث يرويها
أبو الزبير بهذا الإسناد أخرجها مسلم ، اللهم إلا ما كان من رواية الليث بن سعد
عنه ، فإنه لم يرو عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث ، فقال الحافظ الذهبي في ترجمة
أبي الزبير - و اسمه محمد بن مسلم بن تدرس بعد أن ذكر فيه طعن بعض الأئمة بما
لا يقدح في عدالته : و أما أبو محمد بن حزم ، فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه عن
جابر و نحوه لأنه عندهم ممن يدلس ، فإذا قال : سمعت ، و أخبرنا احتج به ،
و يحتج به ابن حزم إذا قال : عن مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة ، و ذلك لأن
سعيد بن أبي مريم قال : حدثنا الليث قال : جئت أبا الزبير ، فدفع إلى كتابين ،
فانقلبت بهما ، ثم قلت في نفسي : لو أننى عاودته فسألته أسمع هذا من جابر ؟
فسألته ، فقال : منه ما سمعت ، و منه ما حدثت به ، فقلت : أعلم لي على ما سمعت
منه ، فأعلم لي على هذا الذي عندي ، ثم قال الذهبي : و في " صحيح مسلم " عدة
أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر ، و لا هي من طريق الليث
عنه ، ففي القلب منها شيء ، و قال الحافظ في ترجمته من " التقريب " : صدوق إلا
أنه يدلس ، و أورده في المرتبة الثالثة من كتابه " طبقات المدلسين ( ص 15 )
و قال : مشهور بالتدليس ، و وهم الحاكم في " كتاب علوم الحديث " فقال في سنده :
و فيه رجال غير معروفين بالتدليس ! و قد وصفه النسائي و غيره بالتدليس ، و قال
في مقدمة الكتاب في صدد شرح مراتبه : الثالثة من أكثر من التدليس ، فلم يحتج
الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ، و منهم من رد حديثهم مطلقا ،
و منهم من قبلهم ، كأبي الزبير المكي .
قلت : و الصواب من ذلك المذهب الأول و هو قبول ما صرحوا فيه بالسماع و عليه
الجمهور خلافا لابن حزم فإنه يرد حديثهم مطلقا و لو صرحوا بالتحديث كما نص عليه
في أول كتابه " الإحكام في أصول الأحكام " على ما أذكر ، فإن يدي لا تطوله الآن
و أرى أنه قد تناقض في أبي الزبير منهم خاصة ، فقد علمت مما نقلته لك عن الذهبي
آنفا أن ابن حزم يحتج به إذا قال : سمعت ، و هذا ما صرح به في هذا الحديث ذاته
فقال في " المحلى " في صدد الرد على المخالفين له ( 7 / 363 - 364 ) : هذا حجة
على الحاضرين من المخالفين ، لأنهم يجيزون الجذع من الضأن ، مع وجود المسنات ،
فقد خالفوه ، و هم يصححونه ، و أما نحن فلا نصححه ، لأن أبا الزبير مدلس ما لم
يقل في الخبر أنه سمعه من جابر ، هو أقر بذلك على نفسه ، روينا ذلك عنه من طريق
الليث بن سعد .
انظر " الإحكام " ( 1 / 139 ـ 140 ) ، و مقدمتي لـ" مختصر مسلم " ( المكتبة
الإسلامية ) .
و جملة القول : أن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة عن و نحوها
و ليس من رواية الليث بن سعد عنه ، فينبغي التوقف عن الاحتجاج به ، حتى يتبين
سماعه ، أو ما يشهد له ، و يعتضد به .
هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل محب للحق ، فطالما غفل عنها عامة الناس ، و قد كنت
واحدا منهم ، حتى تفضل الله علي فعرفني بها ، فله الحمد و الشكر ، و كان من
الواجب علي أن أنبه على ذلك ، فقد فعلت ، و الله الموفق لا رب سواه .
و إذا تبين هذا ، فقد كنت ذكرت قبل حديث جابر هذا حديثين ثابتين في التضحية
بالجذع من الضأن ، أحدهما حديث عقبة بن عامر ، و الآخر حديث مجاشع بن مسعود
السلمي و فيه : " أن الجذع يوفي مما يوفي الثني " ، و كنت تأولتهما بما يخالف
ظاهرهما توفيقا بينهما و بين حديث جابر ، فإذ قد تبين ضعفه ، و أنه غير صالح
للاحتجاج به ، و لتأويل ما صح من أجله ، فقد رجعت عن ذلك ، إلى دلالة الحديثين
الظاهرة في جواز التضحية بالجذع من الضأن خاصة ، و حديث مجاشع و إن كان بعمومه
يشمل الجذع من المعز ، فقد جاء ما يدل على أنه غير مراد و هو حديث البراء قال :
ضحى خالي أبو بردة قبل الصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تلك شاة
لحم " ، فقال : يا رسول الله إن عندي جذعة من المعز ، فقال : " ضح بها ، و لا
تصلح لغيرك " و في رواية : " اذبحها ، و لن تجزئ عن أحد بعدك " و في أخرى :
" و لا تجزيء جذعة عن أحد بعدك " ، أخرجه مسلم ( 6 / 74 - 76 ) و البخاري نحوه
و يبدو جليا من مجموع الروايات أن المراد بالجذعة في اللفظ الأخير الجذعة من
المعز ، فهو في ذلك كحديث عقبة المتقدم من رواية البخاري ، و أما فهم ابن حزم
من هذا اللفظ جذعة العموم فيشمل عنده الجذعة من الضأن فمن ظاهريته و جموده على
اللفظ دون النظر إلى ما تدل عليه الروايات بمجموعها ، و السياق و السباق ،
و هما من المقيدات ، كما نص على ذلك ابن دقيق العيد و غيره من المحققين .
ذلك هو الجواب الصحيح عن حديث جابر رضي الله عنه ، و أما قول الحافظ في
" التلخيص " ( ص 385 ) .
تنبيه : ظاهر الحديث يقتضي أن الجذع من الضأن لا يجزئ إلا إذا عجز عن المسنة ،
و الإجماع على خلافه ، فيجب تأويله ، بأن يحمل على الأفضل و تقديره : المستحب
أن لا تذبحوا إلا مسنة .
قلت : هذا الحمل بعيد جدا ، و لو سلم فهو تأويل ، و التأويل فرع التصحيح ،
و الحديث ليس بصحيح كما عرفت فلا مسوغ لتأويله .
و قد تأوله بعض الحنابلة بتأويل آخر لعله أقرب من تأويل الحافظ ، ففسر المسنة
بما إذا كانت من المعز ! و يرد هذا ما في رواية لأبي يعلى في " مسنده "
( ق 125 / 2 ) بلفظ : " إذا عز عليك المسان من الضأن ، أجزأ الجذع من الضأن "
و هو و إن كان ضعيف السند كما بينته في " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار
السبيل " ( رقم 1131 ) ، فمعناه هو الذي يتبادر من اللفظ الأول .
و لعل الذي حمل الحافظ و غيره على ارتكاب مثل هذا التأويل البعيد هو الاعتقاد
بأن الإجماع على خلاف ظاهر الحديث ، و قد قاله الحافظ كما رأيت .
فينبغي أن يعلم أن بعض العلماء كثيرا ما يتساهلون في دعوى الإجماع في أمور
الخلاف فيها معروف ، و عذرهم في ذلك أنهم لم يعلموا بالخلاف ، فينبغي التثبت في
هذه الدعوى في مثل هذه المسألة التي لا يستطيع العالم أن يقطع بنفي الخلاف فيها
كما أرشدنا الإمام أحمد رحمه الله بقوله : من ادعى الإجماع فهو كاذب ، و ما
يدريه لعلهم اختلفوا ، أو كما قال رواه ابنه عبد الله بن أحمد في " مسائله " .
فمما يبطل الإجماع المزعوم في هذه المسألة ما روى مالك في " الموطأ " ( 2 /
482 / 2 ) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا و البدن التي لم تسن
و رواه عبد الرزاق عن مالك عن نافع بن ابن عمر قال : " لا تجزيء إلا الثنية
فصاعدا " ، ذكره ابن حزم ( 7 / 361 ) و ذكر بمعناه آثارا أخرى فليراجعها من شاء
الزيادة .
و ختاما أقول : نستطيع أن نستخلص مما سبق من التحقيق : أن حديث هلال هذا :
" نعمت الأضحية الجذع من الضأن " و كذا الذي قبله ، و إن كان ضعيف المبنى ، فهو
صحيح المعنى ، يشهد له حديث عقبة و مجاشع ، و لو أني استقبلت من أمري ما
استدبرت ، لما أوردتهما في هذه " السلسلة " و لأوردت بديلهما حديث جابر هذا ،
و لكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، و لله في خلقه شؤون .

(1/142)


66 - " من عرف نفسه فقد عرف ربه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 165 ) :
لا أصل له .
قال في " المقاصد " للحافظ السخاوي ( ص 198 ) : قال أبو المظفر بن السمعاني :
لا يعرف مرفوعا و إنما يحكي عن يحيى بن معاذ الرازي من قوله و كذا قال النووي :
إنه ليس بثابت .
و نقل السيوطي في " ذيل الموضوعات " ( ص 203 ) كلام النووي هذا و أقره ، و قال
في " القول الأشبه " ( 2 / 351 ) من " الحاوي للفتاوى " : هذا الحديث ليس بصحيح
.
و نقل الشيخ القاري في " موضوعاته " ( ص 83 ) عن ابن تيمية أنه قال : موضوع .
و قال العلامة الفيروز أبادي - صاحب القاموس - في " الرد على المعترضين على
الشيخ ابن عربي " ( ق 37 / 2 ) : ليس من الأحاديث النبوية ، على أن أكثر الناس
يجعلونه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و لا يصح أصلا، و إنما يروي في
الإسرائيليات : " يا إنسان اعرف نفسك تعرف ربك " .
قلت : هذا حكم أهل الاختصاص على هذا الحديث ، و مع ذلك فقد ألف بعض الفقهاء
المتأخرين من الحنفية رسالة في شرح هذا الحديث ! و هي محفوظة في مكتبة الأوقاف
الإسلامية في حلب ، و كذلك شرح أحدهم حديث : " كنت كنزا مخفيا ... " في رسالة
خاصة أيضا موجودة في المكتبة المذكورة برقم ( 135 ) مع أنه حديث لا أصل له أيضا
كما سيأتي ( 6023 ) ، و ذلك مما يدل على أن هؤلاء الفقهاء لم يحاولوا - مع
الأسف الشديد - الاستفادة من جهود المحدثين في خدمة السنة و تنقيتها مما أدخل
فيها ، و لذلك كثرت الأحاديث الضعيفة و الموضوعة في كتبهم ، والله المستعان .

(1/143)


67 - " من قرأ في الفجر بـ *( ألم نشرح )* و *( ألم تر كيف )* لم يرمد " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 166 ) :
لا أصل له .
قال السخاوي ( ص 200 ) : لا أصل له ، سواء أريد بالفجر هنا سنة الصبح أو الصبح
لمخالفته سنة القراءة فيهما .
يشير إلى أن السنة في سنة الفجر *( قل يا أيها الكافرون )* و *( قل هو الله
أحد )* ، و في فرض الفجر قراءة ستين آية فأكثر على ما هو مفصل في كتابي " صفة
صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " .

(1/144)


68 - " قراءة سورة *( إنا أنزلناه )* عقب الوضوء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 167 ) :
لا أصل له .
كما قال السخاوي ، قال : و رأيته في المقدمة المنسوبة للإمام أبي الليث من
الحنفية ، فالظاهر إدخاله فيها من غيره و هو مفوت سنة .
قلت : يعني سنة القول بعد الوضوء : " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ، اللهم اجعلني من التوابين ، و اجعلني من
المتطهرين " و هو في مسلم و الترمذي ، أو يقول : " سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد
أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك " رواه الحاكم و غيره بسند صحيح .
قلت : و قوله : لا أصل له يوهم أنه لا إسناد له ، و ليس كذلك كما سيأتي
( 1449 ) .

(1/145)


69 - " مسح الرقبة أمان من الغل " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 167 ) :
موضوع .
قال النووي في " المجموع شرح المهذب : ( 1 / 465 ) : هذا موضوع ليس من كلام
النبي صلى الله عليه وسلم .
و نقله السيوطي في ذيل " الأحاديث الموضوعة " ( ص 203 ) عن النووي و أقره .
و قال الحافظ ابن حجر في " تلخيص الحبير " ( 1 / 433 ) ما مختصره : أورده
أبو محمد الجويني ، و قال : لم يرتض أئمة الحديث إسناده ، و أورده الغزالي في
" الوسيط " و تعقبه ابن الصلاح فقال : هذا الحديث غير معروف عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، و هو من قول بعض السلف ، قال الحافظ : يحتمل أن يريد به ما رواه
أبو عبيد في كتاب " الطهور " عن عبد الرحمن بن مهدي عن المسعودي عن القاسم بن
عبد الرحمن عن موسى بن طلحة قال : " من مسح قفاه مع رأسه وقي الغل يوم
القيامة .
قلت : فيحتمل أن يقال : هذا و إن كان موقوفا فله حكم الرفع ، لأن هذا لا يقال
من قبل الرأي ، فهو على هذا مرسل .
قلت : لكن المسعودي كان قد اختلط فلا حجة في حديثه لو كان مرفوعا ، فكيف و هو
موقوف ؟ ثم قال الحافظ ( 1 / 434 - 453 ) : قال أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " :
حدثنا محمد بن أحمد ، حدثنا عبد الرحمن بن داود ، حدثنا عثمان بن { خرزاذ }
حدثنا عمر بن محمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن عمرو الأنصاري عن أنس بن سيرين عن
عمر أنه كان إذا توضأ مسح عنقه و يقول : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " من توضأ و مسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة " ، و في " البحر "
للروياني : قرأت جزءا رواه أبو الحسين بن فارس بإسناده عن فليح بن سليمان عن
نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من توضأ و مسح بيديه
على عنقه وقي الغل يوم القيامة " ، و قال : هذا إن شاء الله حديث صحيح ، قلت
( هو الحافظ ) : بين ابن فارس و فليح مفازة فينظر فيها .
قلت : و حديث ابن عمر في " تاريخ أصبهان " ( 2 / 115 ) ، و عزاه الشيخ علي
القاري في " الموضوعات " ( ص 73 ) لـ" مسند الفردوس " بسند ضعيف .
قلت : و علته محمد بن عمرو الأنصارى هذا ، و هو أبو سهل البصري ، متفق على
تضعيفه ، و كان يحيى بن سعيد يضعفه جدا و يقول : روى عن الحسن أوابد ! .
و شيخ أبي نعيم ضعيف أيضا ، و هو محمد بن أحمد بن علي بن المحرم ، قال الذهبي
في " الميزان " : هو من كبار شيوخ أبي نعيم الحافظ ، روى عنه الدارقطني و ضعفه
و قال البرقاني : لا بأس به ، و قال ابن أبي الفوارس : لم يكن عندهم بذاك و هو
ضعيف .
ثم رأيت ابن عراق قال في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 75 ) بعد أن ذكر الحديث من
رواية أبي نعيم في " التاريخ " : و فيه أبو بكر المفيد شيخ أبي نعيم ، قال
الحافظ العراقي : و هو آفته .
و سيأتي الكلام على الحديث مع زيادة تحقيق برقم ( 744 ) أو نحوه إن شاء الله
تعالى .
قلت : فمثل هذا الحديث يعد منكرا ، و لا سيما أنه مخالف لجميع الأحاديث الواردة
في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم ، إذ ليس في شيء منها ذكر لمسح الرقبة ، اللهم
إلا في حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يمسح رأسه مرة واحدة حتى بلغ القذال و هو أول القفا .
و في رواية : و مسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره حتى أخرج يديه من تحت أذنيه .
أخرجه أبو داود و غيره ، و ذكر عن ابن عيينة أنه كان ينكره ، و حق له ذلك فإن
له ثلاث علل ، كل واحدة منها كافية لتضعيفه ، فكيف بها و قد اجتمعت ، و هي
الضعف ، و الجهالة ، و الاختلاف في صحبة والد مصرف ، و لهذا ضعفه النووي و ابن
تيمية و العسقلاني و غيرهم ، و قد بينت ذلك في " ضعيف سنن أبي داود "
( رقم 15 ) .

(1/146)


70 - " من أطعم أخاه خبزا حتى يشبعه ، و سقاه ماء حتى يرويه ، بعده الله عن النار
سبع خنادق ، بعد ما بين خندقين مسيرة خمس مئة سنة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 170 ) :
موضوع .
أخرجه الدولابي في " الكنى " ( 1 / 117 ) و يعقوب الفسوي في " التاريخ " ( 2 /
527 ) و ابن عبد الحكم في " فتوح مصر " ( ص 254 ) و الحاكم ( 4 / 129 ) و كذا
الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 95 / 1 ـ من زوائد المعجمين ) و ابن عساكر ( 6 /
115 / 2 ) من طريق إدريس بن يحيى الخولاني ، حدثني رجاء بن أبي عطاء عن واهب بن
عبد الله الكعبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا ، و قال الحاكم :
صحيح الإسناد و وافقه الذهبي ! و هذا من أغلاطهما الفاحشة ، فإن رجاءا هذا ، لم
يوثقه أحد ، بل هو متهم ، فاسمع ما قال فيه الحاكم نفسه ! فيما ذكره الذهبي
نفسه في " الميزان " قال : صويلح ! ، قال الحاكم : مصري صاحب موضوعات ( ! ) ،
و قال ابن حبان : يروي الموضوعات ، ثم ساق له الحديث الذي وقع لنا مسلسلا
بالمصريين .
قلت : يعني هذا و ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 172 ) و أقره السيوطي
في " اللآليء " ( 2 / 87 ) و عزاه في " الجامع الكبير " و الزيادة لـ( ن ) أي :
النسائي و هو وهم أو تحريف ، ثم ساق الذهبي إسناده إلى رجاء به ثم قال : هذا
حديث غريب منكر تفرد به إدريس أحد الزهاد .
قلت : إدريس هذا صدوق كما قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 265 ) فالتهمة منحصرة في
رجاء هذا ، و زاد الحافظ في " لسان الميزان " : و هذا الحديث أورده ابن حبان
و قال : إنه موضوع ، و أخرجه الحاكم و قال : صحيح الإسناد ، فما أدري ما وجه
الجمع بين كلاميه ! ( يعني تصحيحه للحديث و قوله في راويه : صاحب موضوعات ) كما
لا أدري كيف الجمع بين قول الذهبي " صويلح " و سكوته على تصحيح الحاكم في
" تلخيص المستدرك " مع حكايته عن الحافظين ( يعني الحاكم و ابن حبان ) أنهما
شهدا عليه برواية الموضوعات ! .
قلت : و الحديث عزاه الهيثمي في " المجمع " ( 2 / 130 ) للطبراني في " الكبير "
و " الأوسط " قال : و فيه رجاء بن أبي عطاء ، و هو ضعيف ، كذا قال ، و رجاء أشد
ضعفا مما ذكر كما تقدم ، و مع هذا ، فالهيثمي أقرب إلى الصواب من المنذري ،
فإنه أورد الحديث في " الترغيب " ( 2 / 48 ـ رقم 14 ) ثم قال : رواه الطبراني
في " الكبير " و أبو الشيخ ابن حيان في " الثواب " و الحاكم ، و البيهقي ،
و قال الحاكم : صحيح الإسناد .
فأقر الحاكم على تصحيحه ، فأوهم أنه صحيح ، و ليس كذلك ، و هذا هو الحامل لي
على نشر هذا الحديث و تحقيق القول في وضعه كي لا يغتر أحد بزلة هؤلاء الأفاضل
فيقع في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صاننا الله من ذلك بمنه
و فضله .

(1/147)


71 - " التكبير جزم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 172 ) :
لا أصل له .
كما قال الحافظ ابن حجر و السخاوي ، و كذا السيوطي ، و له رسالة خاصة في الحديث
في كتابه " الحاوي للفتاوي " ( 2 / 71 ) و قد بين فيها أنه من قول إبراهيم
النخعي ، و أن معنى قوله جزم لا يمد ثم ذكر قول من فسره بأنه لا يعرب بل يسكن
آخره .
ثم رده من وجوه ثلاثة أوردها فليراجعها من شاء .
ثم إن الحديث مع كونه لا أصل له مرفوعا ، و إنما هو من قول إبراهيم ، فإنما
يريد به التكبير في الصلاة كما يستفاد من كلام السيوطي في الرسالة المشار إليها
فلا علاقة له بالأذان كما توهم بعضهم ، فإن هناك طائفة من المنتمين للسنة في
مصر و غيرها تؤذن كل تكبيرة على حدة : الله أكبر ، الله أكبر ، عملا بهذا
الحديث زعموا ! و التأذين على هذه الصفة مما لا أعلم له أصلا في السنة ، بل
ظاهر الحديث الصحيح خلافه ، فقد روى مسلم في " صحيحه " ( 2 / 4 ) من حديث عمر
ابن الخطاب مرفوعا : " إذا قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر ، فقال أحدكم :
الله أكبر الله أكبر ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال : أشهد أن لا
إله ألا الله ، الحديث ... " ففيه إشارة ظاهرة إلى أن المؤذن يجمع بين كل
تكبيرتين ، و أن السامع يجيبه كذلك ، و في " شرح صحيح مسلم " للنووي ما يؤيد
هذا فليراجعه من شاء .
و مما يؤيد ذلك ما ورد في بعض الأحاديث أن الأذان كان شفعا شفعا .

(1/148)


72 - " أدبني ربي فأحسن تأديبي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 172 ) :
ضعيف .
قال ابن تيمية في " مجموعة الرسائل الكبرى " ( 2 / 336 ) : معناه صحيح ، و لكن
لا يعرف له إسناد ثابت ، و أيده السخاوي و السيوطي فراجع " كشف الخفاء " ( 1 /
70 ) .

(1/149)


73 - " مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين عند قول المؤذن : أشهد أن محمدا
رسول الله ... إلخ و أن من فعل ذلك حلت له شفاعته صلى الله عليه وسلم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 173 ) :
لا يصح .
رواه الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي بكر رضي الله عنه مرفوعا .
قال ابن طاهر في " التذكرة " : لا يصح ، كذا في " الأحاديث الموضوعة " للشوكاني
( ص 9 ) و كذلك قال السخاوي في " المقاصد " .

(1/150)


74 - " عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 173 ) :
لا أصل له بهذا اللفظ .
قال ابن الصلاح : هذا حديث غير معروف و لا ثابت ، نقله الشيخ إسماعيل العجلوني
في " الكشف " و من قبله ابن الملقن في " الخلاصة " ( 164 / 2 ) و زاد : قلت :
و أسنده صاحب الفردوس بلفظ " استفرهوا " بدل " عظموا " أي : ضحوا بالثمينة
القوية السمينة .
قلت : و سنده ضعيف جدا ، و سوف يأتي تحقيق الكلام عليه بإذن الله تعالى
( 2687 ) .

(1/151)


75 - " عجلوا بالصلاة قبل الفوت ، و عجلوا بالتوبة قبل الموت " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 174 ) :
موضوع .
و معناه صحيح ، أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 4 - 5 ) .

(1/152)


76 - " الناس كلهم موتى الا العالمون ، و العالمون كلهم هلكى الا العاملون
و العاملون كلهم غرقى الا المخلصون ، و المخلصون على خطر عظيم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 174 ) :
موضوع .
أورده الصغاني ( ص 5 ) و قال : و هذا الحديث مفترى ملحون ، و الصواب في
الإعراب : " العالمين و العاملين و المخلصين ) " .
قلت : و هو شبيه بكلام الصوفية ، و مثله قول سهل بن عبد الله التستري : الناس
كلهم سكارى إلا العلماء ، و العلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه ، رواه الخطيب
في " اقتضاء العلم العمل " ( رقم 22 ـ بتحقيقي ) ثم روى من طريق أخرى عنه قال :
" الدنيا جهل و موات ، إلا العلم ، و العلم كله حجة إلا العمل به ، و العمل كله
هباء إلا الإخلاص ، و الإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به " .
قلت : و هذا أقرب إلى هذا الحديث ، فلعله هو أصله ، رفعه بعض جهلة الصوفية .

(1/153)


77 - " لا مهدي إلا عيسى " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 175 ) :
منكر .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 495 ) و الحاكم ( 4 / 441 ) و ابن الجوزي في " الواهيات "
( 1447 ) و ابن عبد البر في " جامع العلم " ( 1 / 155 ) و أبو عمرو الداني في
" السنن الواردة في الفتن " ( 3 / 3 / 2 ، 4 / 9 / 1 ، 5 / 22 / 2 ) و السلفي
في " الطيوريات " ( 62 / 1 ) و الخطيب ( 4 / 221 ) من طريق محمد بن خالد الجندي
عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس مرفوعا بلفظ :
" لا يزداد الأمر إلا شدة ، و لا الدنيا إلا إدبارا ، و لا الناس إلا شحا ،
و لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، و لا مهدي إلا عيسى بن مريم " .
قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه علل ثلاث :
الأولى : عنعنة الحسن البصري ، فإنه قد كان يدلس .
الثانية : جهالة محمد بن خالد الجندي ، فإنه مجهول كما قال الحافظ في
" التقريب " تبعا لغيره كما يأتي .
الثالثة : الاختلاف في سنده .
قال البيهقي : قال أبو عبد الله الحافظ : محمد بن خالد مجهول و اختلفوا عليه في
إسناده ، فرواه صامت بن معاذ قال : حدثنا يحيى بن السكن ، حدثنا محمد بن خالد
... فذكره ، قال صامت : عدلت إلى الجند مسيرة يومين من صنعاء ، فدخلت على محدث
لهم ، فوجدت هذا الحديث عنده عن محمد بن خالد عن أبان بن أبي عياش عن الحسن
مرسلا ، قال البيهقي : فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي و هو مجهول
عن أبان أبي عياش ، و هو متروك عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و هو
منقطع ، و الأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسنادا ، نقله في
" التهذيب " .
و قال الذهبي في " الميزان " : إنه خبر منكر ، ثم ساق الرواية الأخيرة عن ابن
أبي عياش عن الحسن مرسلا ثم قال : فانكشف و وهى .
و قال الصغاني : موضوع كما في " الأحاديث الموضوعة " للشوكاني ( ص 195 )
و نقل السيوطي في " العرف الوردي في أخبار المهدي " ( 2 / 274 من الحاوي ) عن
القرطبي أنه قال في " التذكرة " : إسناد ضعيف ، و الأحاديث عن النبي صلى الله
عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا
الحديث فالحكم بها دونه .
و قد أشار الحافظ في " الفتح " ( 6 / 385 ) إلى رد هذا الحديث لمخالفته لأحاديث
المهدي .
و هذا الحديث تستغله الطائفة القاديانية في الدعوة لنبيهم المزعوم : ميرزا غلام
أحمد القادياني الذي ادعى النبوة ، ثم ادعى أنه هو عيسى بن مريم المبشر بنزوله
في آخر الزمان ، و أنه لا مهدي إلا عيسى بناء على هذا الحديث المنكر ، و قد
راجت دعواه على كثيرين من ذوي الأحلام الضعيفة ، شأن كل دعوة باطلة لا تعدم من
يتباناها و يدعو إليها ، و قد ألفت كتب كثيرة في الرد على هؤلاء الضلال ، و من
أحسنها رسالة الأستاذ الفاضل المجاهد أبي الأعلى المودودى رحمه الله في الرد
عليها ، و كتابه الآخر الذي صدر أخيرا بعنوان " البيانات " فقد بين فيهما حقيقة
القاديانيين ، و أنهم مرقوا من دين المسلمين بأدلة لا تقبل الشك ، فليرجع
إليهما من شاء .
( تنبيه ) قوله في هذا الحديث : " و لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس " هذه
الجملة منه صحيحة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن مسعود !
خرجه مسلم و أحمد .

(1/154)


78 - " سؤر المؤمن شفاء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 177 ) :
لا أصل له .
قال الشيخ أحمد الغزي العامري في " الجد الحثيث " ( رقم 168 من نسختي ) : ليس
بحديث ، و أقره الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " ( 1 / 458 ) .
قلت : و أما قول الشيخ على القاري في " موضوعاته " ( ص 45 ) : هو صحيح من جهة
المعنى لرواية الدارقطني في " الأفراد " من حديث ابن عباس مرفوعا : " من
التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه " أي المؤمن ، فيقال له كما تعلمنا منه في
مثل هذه المناسبة : ثبت العرش ثم انقش ! " ، فإن هذا الحديث غير صحيح أيضا ،
و بيانه فيما بعد ، على أنه لو صح لما كان شاهدا له ! كيف و ليس فيه أن سؤر
المؤمن شفاء لا تصريحا و لا تلويحا ، فتأمل .

(1/155)


79 - " من التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه ، و من شرب من سؤر أخيه ابتغاء
وجه الله تعالى رفعت له سبعون درجة ، و محيت عنه سبعون خطيئة ، و كتب له سبعون
درجة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 177 ) :
موضوع .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 40 ) برواية الدارقطني من طريق نوح بن
أبي مريم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا به ، و قال ابن الجوزي :
تفرد به نوح و هو متروك ، و تعقبه السيوطي في " اللآليء المصنوعة " ( 2 / 259
طبع المكتبة الحسينية ) بقوله : قلت : له متابع ، قال الإسماعيلي في
" معجمه " ( ق 123 / 2 ـ مصورة الجامعة الإسلامية ) : أخبرني علي بن محمد بن
حاتم أبو الحسن القومسي : حدثنا جعفر بن محمد الحداد القومسي ، حدثنا إبراهيم
بن أحمد البلخي ، حدثنا الحسن بن رشيد المروزي عن ابن جريج ، و عنه يعني
المروزي هذا ثلاثة أنفس ، فيه لين ، الأصل : فيهم و هو خطأ .
قلت : بل الحسن هذا منكر الحديث ، فقد قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل "
( 1 / 2 / 14 ) بعد أن نقل عن أبيه أنه مجهول : يدل حديثه على الإنكار ، و ذلك
أنه روى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أنه قال : " من صبر في حر مكة ساعة
باعد الله عز وجل منه جهنم سبعين خريفا ، و من مشى في طريق مكة ساعة ، كل قدم
يضعها ترفع له درجة ، و الأخرى حسنة " .
و في " اللسان " : و قال العقيلي فيه : في حديثه وهم ، و يحدث بمناكير ، ثم ساق
حديث ابن عباس الذي استنكره ابن أبي حاتم و قال : هذا حديث باطل لا أصل له .
و الحديث رواه السهمي الجرجاني في " تاريخ جرجان " ( 262 ) من طريق شيخه
أبي بكر الإسماعيلى قال : حدثنا علي بن محمد بن حاتم بن دينار أبو الحسن
القومسي و كان صدوقا ، إلخ ... و قال : قال شيخنا أبو بكر الإسماعيلى : إبراهيم
ابن أحمد و الحسن بن رشيد مجهولان ، و مما أوردنا يتبين أن هذه المتابعة لا
تسمن و لا تغني من جوع لشدة ضعفها ، و جهالة الراوي عنها ، فلا قيمة لتعقب
السيوطي على ابن الجوزي ، و لعله يشير لهذا صنيع الشوكاني في " الأحاديث
الموضوعة " ( ص 68 ) حيث ساق الحديث ثم اكتفى في تخريجه على قوله : رواه
الدارقطني و في إسناده متروك ، فلم يتعرض للمتابعة المزعومة بذكر !
قلت : و نوح هذا كان من أهل العلم ، و كان يسمى : الجامع ، لجمعه فقه أبي حنيفة
و لكنه متهم في الرواية ، قال أبو علي النيسابوري : كان كذابا ، و قال أبو سعيد
النقاش : روى الموضوعات ، و قال الحاكم : هو مقدم في علومه إلا أنه ذاهب الحديث
بمرة ، و قد أفحش أئمة الحديث القول فيه ببراهين ظاهرة ، و قال أيضا : لقد كان
جامعا ، رزق كل شيء إلا الصدق ! نعوذ بالله تعالى من الخذلان ، و كذا قال ابن
حبان ، و قد أورد الحافظ برهان الدين الحلبي في رسالة " الكشف الحثيث عمن رمي
بوضع الحديث " كما في " الفوائد البهية في تراجم الحنفية " ( ص 221 ) .
ثم إن للحديث علة أخرى لم أر من تنبه لها و هي عنعنة ابن جريج ، فإنه على جلالة
قدره كان مدلسا ، قال الإمام أحمد : بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج
أحاديث موضوعة ، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها ، يعني قوله : أخبرت
و حدثت عن فلان ، كذا في " الميزان " ، و قال الدارقطني : تجنب تدليس ابن جريج
فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل إبراهيم بن أبي يحيى
و موسى بن عبيدة و غيرهما ، كذا في " التهذيب " ، فإن سلم الحديث من ابن
أبي مريم و الحسن بن رشيد ، فلن يسلم من تدليس ابن جريج .

(1/156)


80 - " المهدي من ولد العباس عمي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 188 ) :
موضوع .
أخرجه الدارقطني في " الأفراد " ( ج 2 رقم 26 من أصلى المنقول عن مخطوطة
الظاهرية ) و عنه الديلمي ( 4 / 84 ) و ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1431 ) من
طريق محمد بن الوليد القرشي ، حدثنا أسباط بن محمد و صلة بن سليمان الواسطي عن
سليمان التيمي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان مرفوعا ، و قال
الدارقطني : غريب ، تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم بهذا الإسناد .
قلت : و هو متهم بالكذب ، قال ابن عدي : كان يضع الحديث ، و قال أبو عروبة :
كذاب ، و بهذا أعله المناوي في " الفيض " نقلا عن ابن الجوزي ، و به تبين خطأ
السيوطي في إيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير " .
قلت : و مما يدل على كذب هذا الحديث أنه مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم :
" المهدي من عترتي من ولد فاطمة " ، أخرجه أبو داود ( 2 / 207 - 208 ) و ابن
ماجه ( 2 / 519 ) و الحاكم ( 4 / 557 ) و أبو عمرو الداني في " السنن الواردة
في الفتن " ( 99 - 100 ) و كذا العقيلي ( 139 و 300 ) من طريق زياد بن بيان عن
علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة مرفوعا ، و هذا سند جيد رجاله كلهم
ثقات ، و له شواهد كثيرة ، فهو دليل واضح على رد هذا الحديث ، و مثله :

(1/157)


81 - " يا عباس إن الله فتح هذا الأمر بي ، و سيختمه بغلام من ولدك يملؤها عدلا كما
ملئت جورا ، و هو الذى يصلي بعيسى " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 181 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 4 / 117 ) ، و من طريقه ابن الجوزي في
" الواهيات " ( 1437 ) في ترجمة أحمد بن الحجاج بن الصلت قال : حدثنا سعيد بن
سليمان ، حدثنا خلف بن خليفة عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عمار بن ياسر
مرفوعا .
قلت : و هذا سند رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال مسلم غير أحمد بن الحجاج هذا
و لم يذكر فيه الخطيب جرحا و لا تعديلا ، و قد اتهمه الذهبي بهذا الحديث فقال :
رواه بإسناد الصحاح مرفوعا ، فهو آفته ! و العجيب أن الخطيب ذكره في " تاريخه "
و لم يضعفه و كأنه سكت عنه لانتهاك حاله ، و وافقه الحافظ في " لسان الميزان "
و الحديث أورده السيوطي في " اللآليء المصنوعة " ( 1 / 431 - 434 ) و سكت عليه
! و من هنا يتبين لك الفرق بين الذهبي و السيوطي ، فإن الأول حافظ نقاد ،
و الآخر جماع نقال ، و هذا هو السر في كثرة خطئه و تناقضه في كتبه ، و الحديث
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 37 ) من حديث ابن عباس نحوه و قال :
موضوع ، المتهم به الغلابي محمد بن زكريا ، و أقره السيوطي في " اللآليء "
( 1 / 435 ) ، و رواه الخطيب في " التاريخ " ( 3 / 323 ـ 324 ) ، و عنه ابن
الجوزي في " العلل المتناهية " ( 2 / 375 / 1438 ) من طريق أخرى ، ثم قال ابن
الجوزي ( 2 / 378 ) : لا بأس بإسناده كذا قال و هو منه عجيب فإن فيه علتين :
إحداهما : عبد الصمد بن علي و هو الهاشمي ضعفه العقيلي ( 3 / 84 / 1053 ) و ساق
له حديث استنكره الذهبي و سيأتي برقم ( 2898 ) .
و الأخرى : محمد بن نوح بن سعيد المؤذن ، أورده الذهبي و قال : خبره كذب يعني
هذا و أبوه مجهول .
تنبيه : اختلط هذا الإسناد على بعض الطلبة فظن أنه من رواية الغلابي ، و ليس هو
فيه ، و أما صلاة المهدي بعيسى عليه السلام ، فصحيح ثابت في أحاديث كثيرة ،
و مثل هذا الحديث :

(1/158)


82 - " ألا أبشرك يا أبا الفضل ؟ إن الله عز وجل افتتح بي هذا الأمر ، و بذريتك
يختمه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 183 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 135 ) من طريق لاهز بن جعفر التيمي ، حدثنا
عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، أخبرني علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال : تفرد به لاهز بن جعفر و هو حديث عزيز .
قلت : و هو متهم ، قال فيه ابن عدي : بغدادي مجهول يحدث عن الثقات بالمناكير ،
ثم ساق له حديثا في فضل علي ثم قال ابن عدي : و هذا باطل ، قال الذهبي : إي
والله هذا من أكبر الموضوعات ، و علي ، فلعن الله من لا يحبه ، و الحديث أورده
في " كنز العمال " ( رقم 38693 ) برواية أبي نعيم في " الحلية " عن أبي هريرة
بغير هذا اللفظ ، و لم أعثر عليه الآن في " الحلية " ، فالله أعلم .
تنبيه : إذا علمت حال هذا الحديث و الذي قبله ، فلا يليق نصب الخلاف بينهما
و بين الحديث الصحيح المتقدم قريبا : " المهدي من ولد فاطمة " لصحته و شدة ضعف
مخالفه ، و عليه : لا مسوغ لمحاولة التوفيق بينهما كما فعل بعض المتقدمين
و الأستاذ المودودي رحمه الله في " البيانات " ( ص 115 ، 165 ) ، و الله تعالى
هو الموفق لا إله سواه .

(1/159)


83 - " نعم المذكر السبحة ، و إن أفضل ما يسجد عليه الأرض ، و ما أنبتته الأرض " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 184 ) :
موضوع .
أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " ( 4 / 98 ـ مختصره ) قال : أنا عبدوس بن
عبد الله أنا أبو عبد الله الحسين بن فنجويه الثقفي ، حدثنا علي بن محمد بن
نصرويه ، حدثنا محمد بن هارون بن عيسى بن منصور الهاشمي حدثني محمد بن علي بن
حمزة العلوي حدثني عبد الصمد بن موسى حدثتني زينب بنت سليمان بن علي حدثتني
أم الحسن بنت جعفر بن الحسن عن أبيها عن جدها عن علي مرفوعا ، ذكره السيوطي
في رسالته : " المنحة في السبحة " ( 2 / 141 ـ من الحاوي ) و نقله عنه الشوكاني
في " نيل الأوطار " ( 2 / 166 - 167 ) و سكتا عليه !
قلت : و هذا إسناد ظلمات بعضها فوق بعض ، جل رواته مجهولون ، بل بعضهم متهم ،
أم الحسن بنت جعفر بن الحسن ، لم أجد من ترجمها ، و زينب بنت سليمان بن علي
ترجمها الخطيب " في تاريخه " ( 14 / 334 ) و قال : كانت من فضائل النساء .
و عبد الصمد بن موسى ، هو الهاشمي ترجمه الخطيب ( 14 / 41 ) و لم يذكر فيه جرحا
و لا تعديلا ، و لكن نقل الذهبي في " الميزان " عن الخطيب أنه قال فيه : قد
ضعفوه فلعل ذلك في بعض كتبه الأخرى ، ثم استدركت فقلت : بل ذلك في حديث آخر
سيأتي برقم ( 2898 ) .
ثم قال الذهبي : يروي مناكير عن جده محمد بن إبراهيم الإمام .
قلت : فلعله هو آفة هذا الحديث ، و محمد بن علي بن حمزة العلوي ترجمه الخطيب
أيضا ( 3 / 63 ) و قال : قال ابن أبي حاتم : سمعت منه و هو صدوق ، مات سنة 286
و محمد بن هارون هو محمد بن هارون بن العباس بن أبي جعفر المنصور ، كذلك أورده
الخطيب ( 3 / 356 ) و قال : كان من أهل الستر و الفضل و الخطابة ، و ولي إمامة
مسجد المدينة ببغداد خمسين سنة ، و كانت وفاته سنة 308 .
و أبو عبد الله بن الحسين بن فنجويه الثقفي ثقة مترجم في " سير أعلام النبلاء "
( 17 / 383 ) و " شذرات الذهب " ( 3 / 200 ) .
و مثله عبدوس بن عبد الله له ترجمة في " سير أعلام النبلاء " ( 19 / 97 )
و " لسان الميزان " ( 4 / 95 ) .
و مما سبق يتبين لك أن الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة ، ثم إن الحديث من حيث
معناه باطل عندي لأمور :
الأول : أن السبحة بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده
صلى الله عليه وسلم ، فكيف يعقل أن يحض عليه الصلاة و السلام أصحابه على أمر لا
يعرفونه ؟ ! و الدليل على ما ذكرت ما روى ابن وضاح القرطبي في " البدع و النهي
عنها " ( ص 12 ) عن الصلت بن بهرام قال : مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح
به فقطعه و ألقاه ، ثم مر برجل يسبح بحصا ، فضربه برجله ، ثم قال : لقد سبقتم !
ركبتم بدعة ظلما ! و لقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما ! و سنده
إلى الصلت صحيح ، و هو ثقة من أتباع التابعين ، فالسند منقطع .
ثم روى عن أبان بن أبي عياش قال : سألت الحسن عن النظام ( خيط ينظم فيه لؤلؤ
و خرز و نحوهما ) من الخرز و النوى و نحو ذلك يسبح به ؟ فقال : لم يفعل ذلك أحد
من نساء النبي صلى الله عليه وسلم و لا المهاجرات ، و لكن سنده ضعيف جدا .
الثاني : أنه مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم ، قال عبد الله بن عمرو : رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه ، رواه أبو داود ( 1 / 235 )
و الترمذي ( 4 / 255 ) و حسنه ، و ابن حبان ( 2334 ـ موارد ) و الحاكم ( 1 /
547 ) و البيهقي ( 2 / 352 ) و إسناده صحيح كما قال الذهبي ، ثم خرجته في
" صحيح أبي داود " ( 1346 ) .
ثم هو مخالف لأمره صلى الله عليه وسلم حيث قال لبعض النسوة : " عليكن بالتسبيح
و التهليل و التقديس ، و لا تغفلن فتنسين التوحيد " و في رواية : " الرحمة
و اعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات و مستنطقات " ، و هو حديث حسن أخرجه أبو داود
و غيره ، و صححه الحاكم و الذهبي ، و حسنه النووي و العسقلاني ، و له شاهد عن
عائشة موقوف انظر " صحيح أبي داود " ( 1345 ) .
و لذلك ضعف الحديث جماعة كما ذكره الشيخ محمد خليل القاوقجى في " شوارق الأنوار
الجليلة " ( ق 113 / 1 ) .
ثم تبين لي فيما بعد أن السند أشد ضعفا مما ذكرنا ، و أن آفته محمد بن هارون بن
عيسى بن منصور الهاشمي ، فإنه كان يضع الحديث كما يأتي ، و قولي أولا هو محمد
ابن هارون بن العباس .. إلخ وهم ، سببه أنني ذهلت عن الترجمة التي بعد ابن
العباس هذا في " تاريخ الخطيب " فقد قال : محمد بن هارون بن عيسى بن إبراهيم بن
عيسى بن أبي جعفر المنصور ، يكنى : أبا إسحاق ، و يعرف بـ " ابن برية " ...
و في حديثه مناكير كثيرة ، و قال الدارقطني : لا شيء ، و قال ابن عساكر في
" تاريخ دمشق " : يضع الحديث ، ثم ساق له حديثا ، ثم قال : هذا من موضوعاته ، و
كذلك اتهمه الخطيب ، فقال عقب الحديث المشار إليه ( 7 / 403 ) : و الهاشمي
يعرف بابن برية ، ذاهب الحديث ، يتهم بالوضع ، و إنما جزمت بأن هذا هو راوي
الحديث ، لأن السند فيه أنه محمد بن هارون بن عيسى ، و ليس فيه أنه محمد بن
هارون بن العباس ، فهما شخصان : اتفقا في اسمهما و اسم أبيهما ، و اختلفا في
اسم جدهما ، فالأول اسم جده عيسى ، و الآخر اسم جده العباس و هذا مستور ،
و الأول متهم كما عرفت ، فانحصرت شبهة وضع الحديث فيه ، و برئت ذمة عبد الصمد
ابن موسى منه على ضعفه و روايته المناكير ، و الفضل في تنبهي لهذه الحقيقة يعود
إلى مقال لي قديم في الكلام على هذا الحديث ، فالحمد لله على توفيقه ، هذا معنى
ما كنت أوردته في ردي على " التعقب الحثيث " للشيخ الحبشي ( ص 14 - 15 ) ، فإن
قيل : قد جاء في بعض الأحاديث التسبيح بالحصى و أنه صلى الله عليه وسلم أقره ،
فلا فرق حينئذ بينه و بين التسبيح بالسبحة كما قال الشوكاني ؟ قلت : هذا قد
يسلم لو أن الأحاديث في ذلك صحيحة ، و ليس كذلك ، فغاية ما روي في ذلك حديثان
أوردهما السيوطي في رسالته المشار إليها ، فلابد من ذكرهما ، و بيان علتهما :
الأول : عن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة
و بين يديها نوى أو حصى تسبح به ، فقال : أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو
أفضل ؟ فقال : " سبحان الله عدد ما خلق في السماء .. " ، الحديث رواه أبو داود
( 1 / 235 ) و الترمذي ( 4 / 277 - 278 ) و ابن حبان ( 2330 ـ زوائده )
و الدورقي في " مسند سعد " ( 130 / 1 ) و المخلص في " الفوائد " ( 9 / 17 / 2 )
و الحاكم ( 1 / 547 ـ 548 ) من طريق عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه
عن خزيمة عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها ، و قال الترمذي : حديث حسن ،
و قال الحاكم : صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي فأخطأ ، لأن خزيمة هذا مجهول ،
قال الذهبي نفسه في " الميزان " : خزيمة ، لا يعرف ، تفرد عنه سعيد بن أبي هلال
و كذا قال الحافظ في " التقريب " : إنه لا يعرف ، و سعيد بن أبي هلال مع ثقته
حكى الساجي عن أحمد أنه اختلط ، و كذلك وصفه بالاختلاط يحيى كما في " الفصل "
لابن حزم ( 2 / 95 ) ، و لعله مما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث ، فإن بعض
الرواة الثقات عنه لم يذكروا في إسناده خزيمة فصار الإسناد منقطعا و لذلك لم
يذكر الحافظ المزي عائشة بنت سعد في شيوخ ابن أبي هلال فلا يخلو هذا الإسناد من
علة الجهالة أو الانقطاع فأنى للحديث الصحة أو الحسن ؟ ! .
و جهل ذلك أو تجاهله بعض من ألف في سنية السبحة ! من أهل الأهواء من المعاصرين
مقلدا في ذلك شيخه عبد الله الغماري الذي تجاهل هذه الحقائق ، فأورد هذا الحديث
في " كنزه " ( 103 ) ليتوصل منه إلى تجويز السبحة لمريديه ! ثم إلى تجويز
تعليقها على العنق كما يفعل بعض مشايخ الطرق ، انظر الرد عليه في مقدمة المجلد
الثالث من هذه السلسلة ( ص 37 ) ترى العجب العجاب .
الآخر : عن صفية قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم و بين يدي أربعة
آلاف نواة أسبح بهن ، فقال : " يا بنت حيي ، ما هذا ؟ " ، قلت : أسبح بهن ،
قال : " قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا " ، قلت : علمني يا رسول الله ،
قال : " قولي : سبحان الله عدد ما خلق الله من شيء .. " ، أخرجه الترمذي ( 4 /
274 ) و أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 73 / 255 / 1 ) ، و الحاكم ( 1 /
547 ) من طريق هاشم بن سعيد عن كنانة مولى صفية عنها ، و ضعفه الترمذي بقوله :
هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي ، و ليس
إسناده بمعروف ، و في الباب عن ابن عباس ، و أما الحاكم فقال : صحيح الإسناد ،
و وافقه الذهبي و هذا منه عجب ، فإن هاشم بن سعيد هذا أورده هو في " الميزان "
و قال : قال ابن معين : ليس بشيء ، و قال ابن عدي : مقدار ما يرويه لا يتابع
عليه ، و لهذا قال الحافظ في " التقريب " : ضعيف ، و كنانة هذا مجهول الحال لم
يوثقه غير ابن حبان .
ثم استدركت فقلت : لكن قد روى عن كنانة جمع منهم زهير و حديج ابنا معاوية ، و
محمد بن طلحة بن مصرف ، و سعدان بن بشير الجهني ، و كل هؤلاء الأربعة ثقات ،
يضم إليهم يزيد بن مغلس الباهلي ، وثقه جماعة و ضعفه آخرون فسبيل من روى عنه
هؤلاء أن يحشر في زمرة من قيل فيه : صدوق ، كما حققته أخيرا في بحث مستفيض فريد
في " تمام المنة " ( ص 204 ـ 206 ) ، فلا تغتر ببعض الجهلة كالسقاف و غيره ، و
عليه فعلة الحديث هاشم فقط .
و مما يدل على ضعف هذين الحديثين أن القصة وردت عن ابن عباس بدون ذكر الحصى
و لفظه قال : عن جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى
الصبح و هي في مسجدها ، ثم رجع بعد أن أضحى و هي جالسة ، فقال : ما زلت على
الحال التي فارقتك عليها ؟ قالت : نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد
قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله
و بحمده عدد خلقه ، و رضا نفسه ، و زنة عرشه و مداد كلماته " ، أخرجه مسلم
( 8 / 83 - 84 ) و الترمذي ( 4 / 274 ) و صححه و النسائي في " عمل اليوم
و الليلة " ( 161 ـ 165 ) و ابن ماجه ( 1 / 23 ) و أحمد ( 6 / 325 و 429 -
430 ) ، فدل هذا الحديث الصحيح على أمرين :
الأول : أن صاحبة القصة هي جويرية ، لا صفية كما في الحديث الثاني ؟ .
الآخر : أن ذكر الحصى في القصة منكر ، و يؤيد هذا إنكار عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه على الذين رآهم يعدون بالحصى ، و قد جاء ذلك عنه من طرق سبق أحدها
و لو كان ذلك مما أقره صلى الله عليه وسلم لما خفي على ابن مسعود إن شاء الله
و قد تلقى هذا الإنكار منه بعض من تخرج من مدرسته ألا و هو إبراهيم بن يزيد
النخعي الفقيه الكوفي ، فكان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسبيح
التي يسبح بها ! رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 89 / 2 ) بسند جيد .
قد يقول قائل : إن العد بالأصابع كما ورد في السنة لا يمكن أن يضبط به العدد
إذا كان كثيرا ، فالجواب : إنما جاء هذا الإشكال من بدعة أخرى و هي ذكر الله في
عدد محصور كثير لم يأت به الشارع الحكيم ، فتطلبت هذه البدعة بدعة أخرى و هي
السبحة ! فإن أكثر ما جاء من العدد في السنة الصحيحة ، فيما ثبت لدي إنما هو
مئة ، و هذا يمكن ضبطه بالأصابع بسهولة لمن كان ذلك عادته .
و أما حديث : من قال في يوم مئتي مرة : " إله إلا الله وحده لا شريك له ... "
الحديث ، فالمراد : مئة إذا أصبح ، و مئة إذا أمسى كما جاء مصرحا به في بعض
الروايات الثابتة ، و بيان ذلك في " الصحيحة " ( 2762 ) .
و أما ما رواه ابن أبي شيبة ( 2 / 391 ) عن وقاء عن سعيد بن جبير قال : رأى
عمر بن الخطاب رجلا يسبح بتسابيح معه ، فقال عمر : إنما يجزيه من ذلك أن يقول :
سبحان الله .... إلخ ، فهو منكر لوجوه ، منها الانقطاع بينه و بين سعيد ، و ضعف
وقاء ، و هو ابن إياس ، و هو لين الحديث .
و لو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة و هي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو
كادت ، مع اتفاقهم على أنها أفضل ، لكفى ! فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح
بالأنامل ! ثم إن الناس قد تفننوا في الابتداع بهذه البدعه ، فترى بعض المنتمين
لإحدى الطرق يطوق عنقه بالسبحة ! و بعضهم يعد بها و هو يحدثك أو يستمع لحديثك !
و آخر ما وقعت عيني عليه من ذلك منذ أيام أننى رأيت رجلا على دراجة عادية يسير
بها في بعض الطرق المزدحمة بالناس و في إحدى يديه سبحة ! ! يتظاهرون للناس
بأنهم لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين ! و كثيرا ما تكون هذه البدعة سببا
لإضاعة ما هو واجب ، فقد اتفق لي مرارا - و كذا لغيري - أنني سلمت على أحدهم
فرد علي السلام بالتلويح بها ! دون أن يتلفظ بالسلام ! و مفاسد هذه البدعة لا
تحصى ، فما أحسن ما قال الشاعر :
و كل خير في اتباع من سلف و كل شر في ابتداع من خلف
ثم وقفت على حديث ثالث عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " كان يسبح بالحصا " ، و لكن
إسناده واه جدا ، فيه من روى عن مالك أحاديث موضوعة ، و سيأتي بيان ذلك برقم
( 1002 ) من هذه السلسلة إن شاء الله تعالى .

(1/160)


84 - " كلكم أفضل منه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 184 ) :
ضعيف .
لم أجده في شيء من كتب السنة ، و إنما أخرجه ابن قتيبة في " عيون الأخبار " ( 1
/ 26 ) بسند ضعيف فقال : حدثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمر عن أبي إسحاق عن
خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مسلم بن يسار أن رفقة من الأشعريين كانوا في سفر ،
فلما قدموا قالوا : يا رسول الله ! ليس أحد بعد رسول الله أفضل من فلان ، يصوم
النهار ، فإذا نزلنا قام يصلي حتى يرتحل ! قال : " من كان يمهن له أو يعمل له ؟
" ، قالوا : نحن ، قال : " كلكم أفضل منه ؟ " ، و هذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم
ثقات ، لكنه مرسل ، فإن مسلم بن يسار هذا و هو البصري الأموي تابعي ، ثم أنهم
ذكروا في ترجمته أن أكثر روايته عن أبي الأشعث الصنعاني و أبي قلابة ،
و هذا الحديث من رواية أبي قلابة عنه ، و قد كانت وفاتهما بعد المائة ببضع سنين
و لكن أبا قلابة مدلس ، قال الذهبي في ترجمته من " الميزان " : إمام شهير من
علماء التابعين ، ثقة في نفسه ، إلا أنه مدلس عمن لحقهم و عمن لم يلحقهم ،
و كان له صحف يحدث منها و يدلس ، و لهذا أورده الحافظ برهان الدين العجمي
الحلبي في رسالته " التبيين لأسماء المدلسين " ( ص 21 ) ، و كذا الحافظ ابن حجر
في " طبقات المدلسين " ( ص 5 ) و قال : وصفه بذلك الذهبي و العلائي ، فلو أن
الحديث سلم من الإرسال لما سلم من عنعنة أبي قلابة ، فالحديث ضعيف على كل حال .
ثم رأيت الحديث في " مصنف عبد الرزاق " ( 20442 ) عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة
قال : ... فذكره نحوه ، و لم يذكر فيه مسلم بن يسار ، و هذا مرسل أيضا .
و يغني عنه حديث أنس قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا
الصائم ، و منا المفطر ، قال : فنزلنا منزلا في يوم حار ، أكثرنا ظلا صاحب
الكساء ، و منا من يتقي الشمس بيده ، قال : فسقط الصوام ، فقام المفطرون ،
فضربوا الأبنية و سقوا الركاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذهب
المفطرون اليوم بالأجر " ، رواه البخاري ( 6 / 64 ) و مسلم ( 3 / 144 ) ،
و اللفظ له و النسائي في " الكبرى " ( ق 20 / 1 ) .

(1/161)


85 - " يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع
الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ، ثم ذكر شيئا لا
أحفظه فقال : فإذا رأيتموه فبايعوه و لو حبوا على الثلج ، فإنه خليفة الله
المهدي - و في رواية - إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها و لو
حبوا .. إلخ " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 195 ) :
منكر .
أخرجه ابن ماجه ( 518 - 519 ) و الحاكم ( 4 / 463 - 464 ) من طريقين عن خالد
الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان مرفوعا بالرواية الأولى ،
و أخرجه أحمد ( 5 / 277 ) عن علي بن زيد ، و الحاكم أيضا ( 4 / 502 ) من طريق
عبد الوهاب بن عطاء عن خالد الحذاء عن أبي قلابة به ، لكن علي بن زيد و هو ابن
جدعان لم يذكر أبا أسماء في إسناده ، و هو من أوهامه ، و من طريقه أخرجه ابن
الجوزي في كتاب " الأحاديث الواهية " ( 1445 ) مختصرا و ابن حجر في " القول
المسدد في الذب عن المسند " ( ص 45 ) و قال : و علي بن زيد فيه ضعف ، و به أعله
المناوي في " فيض القدير " فقال : نقل في " الميزان " عن أحمد و غيره تضعيفه ،
ثم قال الذهبي : أراه حديثا منكرا ، و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " قال
ابن حجر : و لم يصب إذ ليس فيهم متهم بالكذب ، انتهى .
قلت : و في هذا الكلام أخطاء يجب التنبيه عليها :
1 - إعلاله الحديث بابن جدعان يوهم أنه تفرد به ، و ليس كذلك ، فقد تابعه خالد
الحذاء عند الحاكم و ابن ماجه كما تقدم و هو ثقة من رجال الصحيحين .
2 - أنه يوهم أن ابن الجوزي أورده من طريق ابن جدعان ، و ليس كذلك ، فإنما
أورده في " الموضوعات " ( 2 / 39 ) من طريق عمرو بن قيس عن الحسن عن أبي عبيدة
عن عبد الله يعني ابن مسعود مرفوعا نحو الرواية الثانية عن ثوبان ، ثم قال ابن
الجوزي : لا أصل له ، عمرو لا شيء ، و لم يسمع من الحسن ، و لا سمع الحسن من
أبي عبيدة ، قلت : و لا أبو عبيدة سمع من أبيه ابن مسعود ، و تعقبه السيوطي في
" اللآليء " ( 1 / 437 ) بحديث ابن ثوبان هذا ، و قد قال في " الزوائد " ( ق
249 / 2 ) : إسناده صحيح و رجاله ثقات ، و قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ،
و وافقه الذهبي ! مع أنه يقول في " الميزان " : أراه منكرا كما تقدم ، و هذا هو
الصواب ، و قد ذهل من صححه عن علته ، و هي عنعنة أبي قلابة ، فإنه من المدلسين
كما تقدم نقله عن الذهبي و غيره في الحديث السابق و لعله لذلك ضعف الحديث ابن
علية من طريق خالد كما حكاه عنه أحمد في " العلل " ( 1 / 356 ) و أقره ، لكن
الحديث صحيح المعنى ، دون قوله : فإن فيها خليفة الله المهدي فقد أخرجه ابن
ماجه ( 2 / 517 ـ 518 ) من طريق علقمة عن ابن مسعود مرفوعا نحو رواية ثوبان
الثانية ، و إسناده حسن بما قبله ، فإن فيه يزيد بن أبي زياد و هو مختلف فيه
فيصلح للاستشهاد به ، و ليس فيه أيضا ذكر خليفة الله و لا خراسان ، و هذه
الزيادة خليفة الله ليس لها طريق ثابت ، و لا ما يصلح أن يكون شاهدا لها ، فهي
منكرة كما يفيده كلام الذهبي السابق ، و من نكارتها أنه لا يجوز في الشرع أن
يقال : فلان خليفة الله ، لما فيه من إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص
و العجز ، و قد بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، فقال في
" الفتاوى " ( 2 / 461 ) : و قد ظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي ، أن
الخليفة هو الخليفة عن الله ، مثل نائب الله ، و الله تعالى لا يجوز له خليفة ،
و لهذا قالوا لأبي بكر : يا خليفة الله ! فقال : لست بخليفة الله ، و لكن خليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حسبي ذلك بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره ، قال
النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم أنت الصاحب في السفر ، و الخليفة في الأهل
، اللهم اصحبنا في سفرنا ، و اخلفنا في أهلنا " ، و ذلك لأن الله حي شهيد مهيمن
قيوم رقيب حفيظ غني عن العالمين ، ليس له شريك و لا ظهير ، و لا يشفع أحد عنده
إلا بإذنه ، و الخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة ، و يكون لحاجة
المستخلف ، و سمي خليفة ، لأنه خلف عن الغزو و هو قائم خلفه ، و كل هذه المعاني
منتفية في حق الله تعالى ، و هو منزه عنها ، فإنه حي قيوم شهيد لا يموت و لا
يغيب ... و لا يجوز أن يكون أحد خلفا منه و لا يقوم مقامه ، إنه لا سمي له
و لا كفء ، فمن جعل له خليفة فهو مشرك به .

(1/162)


86 - " الطاعون وخز إخوانكم من الجن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 198 ) :
لا أصل له بهذا اللفظ .
و إن أورده ابن الأثير في مادة وخز من " النهاية " تبعا لغريبي الهروي ، و إنما
هو مركب من حديثين صحيحين كما يأتي بيانه و قال الحافظ في " الفتح "
( 10 / 147 ) : لم أره بهذا اللفظ بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق
الحديث المسندة ، لا في الكتب المشهورة ، و لا الأجزاء المنثورة ، و قد عزاه
بعضهم لـ " مسند أحمد " و " الطبراني " و " كتاب الطواعين " لابن أبي الدنيا ،
و لا وجود لذلك في واحد منها .
قلت : و الحديث في مسند أحمد ( 4 / 395 ، 413 ، 417 ) و كذا الطبراني في
" المعجم الصغير " ( ص 71 ) و الحاكم أيضا ( 1 / 50 ) من طرق عن أبي موسى
الأشعري مرفوعا بلفظ : " الطاعون وخز أعدائكم من الجن " ، و قال الحاكم :
صحيح على شرط مسلم و وافقه الذهبي .
قلت : هو صحيح ، أما على شرط مسلم ، فلا ، فإن فيه عند الحاكم و كذا أحمد في
بعض طرقه أبا بلج و اسمه يحيى بن سليم و هو ثقة ، إلا أنه ليس من رجال مسلم ،
و له عند أحمد طريق أخرى بسند صحيح أيضا ، و صححه الحافظ ، فهذا هو المحفوظ في
الحديث : وخز أعدائكم ، و أما لفظ إخوانكم فإنما هو في حديث آخر ، و هو قوله
صلى الله عليه وسلم : " فلا تستنجوا بهما يعني العظم و البقر فإنهما طعام
إخوانكم من الجن " ، رواه مسلم و غيره انظر " نيل الأوطار " فكأنه اختلط على
بعضهم هذا بالأول .
قال السيوطي في " الحاوي " : و أما تسميتهم إخوانا في حديث العظم ، فباعتبار
الإيمان ، فإن الأخوة في الدين لا تستلزم الاتحاد في الجنس ، و قد أطال الكلام
على طرق الحديث و بيان أنه لا أصل لهذه اللفظة " إخوانكم " في شيء من طرقه
الحافظ ابن حجر في كتابه القيم " بذل الماعون في فضل الطاعون " ( ق 26 / 1 - 28
/ 2 ) .

(1/163)


87 - " إذا صعد الخطيب المنبر ، فلا صلاة و لا كلام " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 199 ) :
باطل .
قد اشتهر بهذا اللفظ على الألسنة و علق على المنابر و لا أصل له ! و إنما رواه
الطبراني في " الكبير " عن ابن عمرو مرفوعا بلفظ : " إذا دخل أحدكم المسجد
و الإمام على المنبر فلا صلاة و لا كلام ، حتى يفرغ الإمام " ، و فيه أيوب بن
نهيك ، قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 1 / 1 / 259 ) : سمعت أبي
يقول : هو ضعيف الحديث ، سمعت أبا زرعة يقول : لا أحدث عن أيوب ابن نهيك ، و لم
يقرأ علينا حديثه و قال : و هو منكر الحديث ، و قال الهيثمي في " المجمع "
( 2 / 184 ) : و هو متروك ضعفه جماعة ... و لهذا قال الحافظ في " الفتح " ( 2 /
327 ) : إنه حديث ضعيف ، و أخرجه البيهقي في سننه ( 3 / 193 ) من حديث أبي
هريرة مرفوعا بلفظ : " خروج الإمام يوم الجمعة للصلاة يقطع الكلام " ، و قال :
رفعه خطأ فاحش و إنما هو من كلام سعيد بن المسيب أو الزهري ، و أقره الزيلعي في
" نصب الراية " ( 2 / 201 ) ، و إنما حكمت على الحديث بالبطلان لأنه مع ضعف
سنده يخالف حديثين صحيحين : الأول : قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاء أحدكم
يوم الجمعة و قد خرج الإمام فليصل ركعتين " . أخرجه البخاري و مسلم في
" صحيحيهما " من حديث جابر ، و في رواية أخرى عنه قال : جاء سليك الغطفاني
و رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فقال له : " يا سليك قم فاركع ركعتين
و تجوز فيهما " ، ثم قال : " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة و الإمام يخطب فليركع
ركعتين و ليتجوز فيهما " ، أخرجه مسلم ( 3 / 14 - 15 ) و غيره ، و هو مخرج في
" صحيح أبي داود " ( 1023 ) .
الآخر : قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا قلت لصاحبك : أنصت ، يوم الجمعة
و الإمام يخطب فقد لغوت " متفق عليه ، و هو مخرج في " الإرواء " ( 619 ) .
فالحديث الأول صريح بتأكد أداء الركعتين بعد خروج الإمام ، بينما حديث الباب
ينهي عنهما ! فمن الجهل البالغ أن ينهي بعض الخطباء عنهما من أراد أن يصليهما
و قد دخل و الإمام يخطب خلافا لأمره صلى الله عليه وسلم ، و إني لأخشى على مثله
أن يدخل في وعيد قوله تعالى : *( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى )* و قوله :
*( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )* و لهذا
قال النووي رحمه الله : هذا نص لا يتطرق إليه التأويل ، و لا أظن عالما يبلغه
و يعتقده صحيحا فيخالفه .
و الحديث الآخر يدل بمفهوم قوله : و الإمام يخطب أن الكلام و الإمام لا يخطب لا
مانع منه ، و يؤيده جريان العمل عليه في عهد عمر رضي الله عنه ، كما قال ثعلبة
بن أبي مالك : إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه على
المنبر حتى يسكت المؤذن ، فإذا قام عمر على المنبر لم يتكلم أحد حتى يقضي
خطبتيه كلتيهما ، أخرجه مالك في " موطئه " ( 1 / 126 ) و الطحاوي ( 1 / 217 )
و السياق له ، و ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 201 ) و إسناد الأولين صحيح .
فثبت بهذا أن كلام الإمام هو الذي يقطع الكلام ، لا مجرد صعوده على المنبر ،
و أن خروجه عليه لا يمنع من تحية المسجد ، فظهر بطلان حديث الباب ، و الله
تعالى هو الهادي للصواب .

(1/164)


88 - " الزرع للزارع ، و إن كان غاصبا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 202 ) :
باطل لا أصل له .
قال الصنعاني في " سبل السلام " ( 3 / 60 ) : لم يخرجه أحد ، قال في
" المنار " : و قد بحثت عنه فلم أجده ، و الشارح نقله و بيض لمخرجه ، و قال
الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 5 / 272 ) : و لم أقف عليه فلينظر فيه .
قلت : نظرت فيه فلم أعثر عليه ، بل وجدته مخالفا للأحاديث الثابتة في الباب :
الأول : " من أحيا أرضا ميتة فهي له ، و ليس لعرق ظالم حق " .
أخرجه أبو داود ( 2 / 50 ) بسند صحيح عن سعيد بن زيد رضي الله عنه ، و حسنه
الترمذي ( 2 / 229 ) و هو مخرج في " الإرواء " ( 1550 ) ، قال في النهاية :
و ليس لعرق ظالم حق ، هو أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها
غرسا غصبا ليستوجب به الأرض ، و الرواية لعرق بالتنوين ، و هو على حذف المضاف ،
أي : لذي عرق ظالم ، فجعل العرق نفسه ظالما ، و الحق لصاحبه ، أو يكون الظالم
من صفة صاحب العرق ، و إن روي عرق بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق و الحق
للعرق ، و هو أحد عروق الشجرة .
قلت : فظاهر الحديث يدل على أنه ليس له حق في الأرض ، و يحتمل أنه حق مطلقا لا
في الأرض و لا في الزرع ، و يؤيده الحديث التالي ، و هو .
الثاني : " من زرع في أرض قوم بغير إذنهم ، فليس له من الزرع شيء ، و ترد عليه
نفقته " ، أخرجه أبو داود ( 2 / 23 ) و الترمذي ( 2 / 291 ) و ابن ماجه ( 2 /
90 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 3 / 280 ) و البيهقي ( 6 / 136 ) و أحمد ( 4 /
141 ) من حديث رافع بن خديج ، و قال الترمذي : حديث حسن غريب ، و العمل عليه
عند بعض أهل العلم ، و هو قول أحمد و إسحاق ، و سألت محمد بن إسماعيل عن هذا
الحديث ؟ فقال : هو حديث حسن ، قال الصنعاني : و له شواهد تقويه .
قلت : و قد خرجتها مع الحديث ، و بينت صحته في " إرواء الغليل " ( 1519 )
فليراجعه من شاء .

(1/165)


89 - " صاحب الشيء أحق بحمله إلا أن يكون ضعيفا يعجز عنه فيعينه أخوه المسلم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 204 ) :
موضوع .
رواه ابن الأعرابي في " معجمه " ( 235 / 1 - 2 ) و ابن بشران في " الأمالي "
( 2 / 53 - 54 ) و الحافظ محمد بن ناصر في " التنبيه " ( 16 / 1 - 2 ) من طريق
يوسف بن زياد البصري عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن الأغر أبي مسلم عن
أبي هريرة قال : دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم السوق ، فقعد إلى
البزازين ، فاشترى سراويل بأربعة دراهم ، قال : و كان لأهل السوق رجل يزن بينهم
الدراهم يقال له : فلان الوزان ، قال : فدعي ليزن ثمن السراويل ، فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : " اتزن و أرجح " ، فقال الوزان : إن هذا القول ما سمعته
من أحد من الناس ، فمن أنت ؟ قال أبو هريرة : فقلت : حسبك من الرهق و الجفاء في
دينك ألا تعرف نبيك ؟ فقال : أهذا نبي الله ؟ و ألقى الميزان و وثب إلى يد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجذبها رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : "
مه إنما يفعل هذا الأعاجم بملوكها ، و إني لست بملك ، إنما أنا رجل منكم " ثم
جلس فاتزن الدراهم و أرجح كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انصرفنا
تناولت السراويل من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحملها عنه فمنعني و قال :
الحديث ، قال .. قلت : يا رسول الله أو إنك لتلبس السراويل ؟ قال : " نعم
بالليل و النهار ، و في السفر و الحضر " ، قال يوسف : و شككت أنا في قوله :
و مع أهلي ، " فإني أمرت بالستر فلم أجد ثوبا أستر من السراويل " .
قلت : و هذا إسناد واه بمرة ، يوسف هذا قال البخاري في " التاريخ الكبير "
( 4 / 2 / 388 ) : منكر الحديث ، و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 /
47 ) من طريق ابن عدي عن يوسف هذا ، ثم قال : لا يصح ، قال الدارقطني في
" الأفراد " : الحمل فيه على يوسف بن زياد لأنه مشهور بالأباطيل ، و لم يروه عن
الإفريقي غيره ، و قال المناوي في " الفيض " : قال الحافظ العراقي و ابن حجر :
ضعيف ، و قال السخاوي : ضعيف جدا ، بل بالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه ، و قال :
فيه يوسف بن زياد عن عبد الرحمن الإفريقي ، و لم يروه عنه غيره و رده المؤلف
يعني السيوطي أنه لم يتفرد به يوسف ، فقد خرجه البيهقي في " الشعب " و
" الأدب " من طريق حفص بن عبد الرحمن ، و يرد بأن عبد الرحمن يعني الإفريقي قال
ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات ، فهو كاف بالحكم بوضعه .
قلت : و الحق مع ابن الجوزي لما سيأتي ، و ما ذكره المناوي عن السيوطي من
متابعة حفص بن عبد الرحمن ، لعله تحريف ، فالذي رأيته في " التعقبات على
الموضوعات " للسيوطي ( ص 32 - 33 ) جعفر بن عبد الرحمن بن زياد ، و لا آمن على
نسخة " التعقبات " و كذا " الفيض " التحريف ، و على كل حال لم أعرف ابن
عبد الرحمن هذا والله أعلم ، و كلام ابن الجوزي السابق نقله السيوطي في
" اللآليء " ( 2 / 263 ) و ارتضاه لأنه لم يتعقبه بشيء ، لكنه قال : أخرجه
الطبراني ، و قال في " الحاوي " ( 2 / 101 ) بعد أن عزاه للطبراني و أبي يعلى :
و يوسف و شيخه ضعيفان ، و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 121 - 122 ) : رواه
أبو يعلى و الطبراني في " الأوسط " ، و فيه يوسف بن زياد البصري و هو ضعيف .قلت
: فذهل عن كونه شديد الضعف و عن علته الأخرى ، و هي ضعف الإفريقي ، و يوسف هذا
ترجمه الخطيب في " تاريخه " ( 14 / 295 - 296 ) و روى عن النسائي أنه قال : ليس
بثقة ، و عن البخاري و الساجي : منكر الحديث و كذا قال أبو حاتم كما في
" الجرح و التعديل " ( 4 / 222 ) ، فهو متهم ، ثم رأيت السخاوي قد أورد الحديث
في " الفتاوى الحديثية " ( ق 86 / 1 ) و قال : سنده ضعيف جدا ، و اقتصر شيخنا
في " فتح الباري " على ضعف رواته ، و لشدة ضعفه جزم بعض العلماء بأنه صلى الله
عليه وسلم لم يلبس السراويل .

(1/166)


90 - " عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الإيمان في قلوبكم ، و عليكم بلباس الصوف
تجدوا قلة الأكل ، و عليكم بلباس الصوف تعرفون به في الآخرة ، و إن لباس الصوف
يورث القلب التفكر ، و التفكر يورث الحكمة ، و الحكمة تجري في الجوف مجرى الدم
فمن كثر تفكره قل طعمه ، و كل لسانه ، و رق قلبه ، و من قل تفكره كثر طعمه ،
و عظم بدنه ، و قسا قلبه ، و القلب القاسي بعيد من الجنة ، قريب من النار " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 206 ) :
موضوع .
رواه أبو بكر بن النقور في " الفوائد " ( 1 / 147 - 148 ) و ابن بشران في
" الأمالي " ( 2 / 9 / 1 ) و الديلمي في " مسند الفردوس " ( 2 / 281 ) و ابن
الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 48 ) من طريق الخطيب عن محمد بن يونس الكديمي ،
حدثنا عبد الله بن داود الواسطي التمار حدثنا إسماعيل بن عياش عن ثور بن يزيد
عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا به ، ثم قال ابن النقور : غريب ،
تفرد به عبد الله بن داود الواسطي التمار و فيه نظر ، و عنه الكديمى ، و قال
ابن الجوزي : لا يصح ، الكديمي يضع ، و شيخه لا يحتج به .
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 264 ) إلا أنه بين أن في الحديث إدراجا
فقال : قلت : قال البيهقي في شعب الإيمان : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ( هو
الحاكم صاحب المستدرك ) أنبأنا أبو بكر الفقيه ، أنبأنا محمد بن يونس - قلت :
فساق إسناده مثلما تقدم مقتصرا من المتن على قوله : " عليكم بلباس الصوف تجدوا
حلاوة الإيمان " - قال البيهقي : و أنبأنا أبو عبد الرحمن - قلت : فساق إسناده
إلى الكديمي مثله ، و زاد في الحديث متنا منكرا ، فضربت عليه و هو قوله :
" عليكم بلباس الصوف تجدون قلة الأكل إلخ ... " الحديث ، و يشبه أن يكون من
كلام بعض الرواة فألحق بالحديث ، والله أعلم .
و في العبارة تشويش يوضحها ما في " فيض القدير " : قال البيهقي : و هذه زيادة
منكرة ، و يشبه كونها من كلام .. ، ثم وجدت العبارة قد نقلها السيوطي في
" المدرج إلى المدرج " ( 64 / 2 ) علي الصواب ، فقال ما نصه : أخرجه البيهقي في
" شعب الإيمان " ، و قال : إن المرفوع منه " عليكم بلباس الصوف تجدون حلاوة
الإيمان في قلوبكم " فقط ، و الباقي زيادة منكرة ، قال : و يشبه ... .
قلت : و هذا هو مستند السيوطي في اقتصاره في " الجامع الصغير " على الشطر الأول
من الحديث عازيا له للحاكم و البيهقي ، و ماذا يفيده هذا ما دام المزيد عليه ،
كالمزيد كلاهما من طريق محمد بن يونس الوضاع ؟ ! و قال ابن حبان : لعله وضع
أكثر من ألفي حديث !
ثم رأيته في " المستدرك " ( 1 / 28 ) من هذا الوجه مقتصرا على الجملة الأولى
منه أورده شاهدا ، و قال الذهبي : طريق ضعيف .
لكن أخرجه الديلمي أيضا من طريق عبد الرحمن بن محمد المروزي حدثنا أحمد بن
عبد الله حدثنا أخي محمد عن إسماعيل بن عياش به نحوه .
قلت : و المروزي هذا الظاهر أنه ابن حبيب الحبيبي المروزي ، قال في " اللسان "
قال الدارقطني : يحدث بنسخ و أحاديث مناكير ، و أحمد بن عبد الله أظنه
الجويباري الكذاب المشهور ، و أخوه محمد أرى أنه الذي في " اللسان " : محمد بن
عبد الله الجويباري عن مالك ، قال الخطيب : مجهول .

(1/167)


91 - " لأن أحلف بالله و أكذب ، أحب إلي من أن أحلف بغير الله و أصدق " 0

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 209 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 267 ) و في " أخبار أصبهان " ( 2 / 181 )
من طريق محمد بن معاوية حدثنا عمر بن علي المقدمي ، حدثنا مسعر عن وبرة عن همام
عن ابن مسعود مرفوعا ، و قال أبو نعيم في " الأخبار " : و رواه الناس
موقوفا ، و قال في " الحلية " : تفرد به محمد بن معاوية .
قلت : و هو النيسابوري كذبه الدارقطني ، و قال ابن معين : كذاب ، و المعروف كما
ذكر أبو نعيم أن الحديث من قول ابن مسعود . كذلك رواه الطبراني في " الكبير "
( 3 / 17 / 2 ) بسند صحيح ، و رجاله رجال الصحيح كما في " المجمع " ( 4 / 177 )
.

(1/168)


92 - " ثلاث من كن فيه نشر الله عليه كنفه و أدخله الجنة : رفق بالضعيف ، و الشفقة
على الوالدين ، و الإحسان إلى المملوك " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 209 ) :
موضوع .
أخرجه الترمذي ( 3 / 316 ) من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري المديني ،
حدثني أبي عن أبي بكر بن المنكدر عن جابر مرفوعا ، و قال الترمذي : هذا
حديث غريب .
قلت : عبد الله بن إبراهيم نسبه ابن حبان إلى أنه يضع الحديث ، و قال الحاكم :
روى عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة لا يرويها غيره .
قلت : و أبوه مجهول كما في " التقريب " فالحديث بهذا الإسناد موضوع ، و قد
أورده المنذري في " الترغيب " ( 2 / 49 ) مشيرا لضعفه بزيادة : " و ثلاث من كن
فيه أظله الله عز وجل تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله : الوضوء في المكاره ،
و المشي إلى المساجد في الظلم ، و إطعام الجائع " ، و قال : رواه الترمذي
بالثلاث الأول فقط ، و قال : حديث غريب ، و رواه أبو الشيخ في " الثواب "
و أبو القاسم الأصبهاني بتمامه .

(1/169)


93 - " يصف الناس يوم القيامة صفوفا ، فيمر الرجل من أهل النار على الرجل فيقول :
يا فلان أما تذكر يوم استسقيت ، فسقيتك شربة ؟ قال : فيشفع له ، و يمر الرجل
فيقول : أما تذكر يوم ناولتك طهورا ؟ فيشفع له ، و يمر الرجل فيقول : يا فلان
أما تذكر يوم بعثتني في حاجة كذا و كذا فذهبت لك ؟ فيشفع له " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 210 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 394 ) من طريق يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا ، و يزيد
هذا هو ابن أبان و هو ضعيف كما قال الحافظ و غيره ، و قد روى غيره نحو هذا عن
أنس ، و لا يصح منها شيء ، انظر " الترغيب " ( 2 / 50 - 51 ) .

(1/170)


94 - " عرى الإسلام و قواعد الدين ثلاثة ، عليهن أسس الإسلام ، من ترك واحدة منهن
فهو بها كافر حلال الدم : شهادة أن لا إله إلا الله ، و الصلاة المكتوبة ،
و صوم رمضان " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 211 ) :
ضعيف .
رواه أبو يعلى في " مسنده " ( ق 126 / 2 ) و اللالكائي في " السنة " ( 1 / 202
/ 1 ) من طريق مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن مالك النكري
عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ، قال حماد : و لا أعلمه إلا قد رفعه إلى النبي
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قال المنذري ( 1 / 196 ) و تبعه الهيثمي ( 1 / 48 ) : و إسناده حسن .
قلت : و فيما قالاه نظر ، فإن عمرا هذا لم يوثقه غير ابن حبان ( 7 / 228 ، 8 /
487 ) ، و هو متساهل في التوثيق حتى أنه ليوثق المجهولين عند الأئمة النقاد كما
سبق التنبيه على ذلك مرارا ، فالقلب لا يطمئن لما تفرد بتوثيقه ، و لا سيما أنه
قد قال هو نفسه في مالك هذا : يعتبر حديثه من غير رواية ابنه يحيى عنه ، يخطيء
و يغرب ، فإذا كان من شأنه أن يخطيء و يأتي بالغرائب ، فالأحرى به أن لا يحتج
بحديثه إلا إذا توبع عليه لكي نأمن خطأه ، فأما إذا تفرد بالحديث كما هنا -
فاللائق به الضعف .
و أيضا فإن مؤمل بن إسماعيل صدوق كثير الخطأ كما قال أبو حاتم و غيره ، و يغلب
على الظن أن الحديث إن كان له أصل عن ابن عباس رضي الله عنه فهو موقوف عليه ،
فقد تردد حماد بن زيد بعض الشيء في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، نعم
جزم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم سعيد بن زيد أخو حماد ، لكن سعيد هذا
ليس بحجة كما قال السعدي ، و قال النسائي و غيره : ليس بالقوي ، ثم إن ظاهر
الحديث مخالف للحديث المتفق على صحته : " بني الإسلام على خمس ... " الحديث ،
و ذلك من وجهين :
الأول : أن هذا جعل أسس الإسلام خمسة ، و ذاك صيرها ثلاثة .
الآخر : أن هذا لم يقطع بكفر من ترك شيئا من الأسس ، بينما ذاك يقول : من ترك
واحدة منهن فهو كافر ، و في رواية سعيد بن حماد : فهو بالله كافر و لا أعتقد أن
أحدا من العلماء المعتبرين يكفر من ترك صوم رمضان مثلا غير مستحل له خلافا لما
يفيده ظاهر الحديث ، فهذا دليل عملي من الأمة على ضعف هذا الحديث والله أعلم .
و مما لا شك فيه أن التساهل بأداء ركن واحد من هذه الأركان الأربعة العملية مما
يعرض فاعل ذلك للوقوع في الكفر كما أشار إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :
" بين الرجل و بين الكفر ترك الصلاة " ، رواه مسلم و غيره ، فيخشى على من تهاون
بالصلاة أن يموت على الكفر و العياذ بالله تعالى ، لكن ليس في هذا الحديث
الصحيح و لا في غيره القطع بتكفير تارك الصلاة و كذا تارك الصيام مع الإيمان
بهما بل هذا مما تفرد به هذا الحديث الضعيف ، والله أعلم .
و أما الركن الأول من هذه الأركان الخمسة " شهادة أن لا إله إلا الله " فبدونها
لا ينفع شيء من الأعمال الصالحة ، و كذلك إذا قالها و لم يفهم حقيقة معناها ،
أو فهم ، و لكنه أخل به عمليا كالاستغاثة بغير الله تعالى عند الشدائد و نحوها
من الشركيات .

(1/171)


95 - " التائب حبيب الله " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 213 ) :
لا أصل له بهذا اللفظ .
و قد أورده الغزالي في " الإحياء " ( 4 / 434 ) جازما بنسبته إلى النبي
صلى الله عليه وسلم ! و قال الشيخ تاج الدين السبكي في " الطبقات " ( 4 / 14 -
170 ) : لم أجد له إسنادا ، و نحوه الحديث الآتي :

(1/172)


96 - " إن الله يحب العبد المؤمن المفتن التواب " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 213 ) :
موضوع .
أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد " المسند " ( رقم 605 ، 810 ) و من طريقه
أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 178 - 179 ) عن أبي عبد الله مسلمة الرازي عن
أبي عمرو البجلي عن عبد الملك بن سفيان الثقفي عن أبي جعفر محمد بن علي عن
محمد بن الحنفية عن أبيه مرفوعا ، و هذا إسناد موضوع : أبو عبد الله مسلمة
الرازي لم أجد له ترجمة ، و لم يورده الحافظ بن حجر في " تعجيل المنفعة بزوائد
رجال الأئمة الأربعة " مع أنه على شرطه ، و قد فاته من مثله تراجم كثيرة ،
و أبو عمرو البجلي ، قال الذهبي في " الميزان " ثم الحافظ في " التعجيل " :
يقال : اسمه عبيدة ، حدث عنه حرمي بن حفص ، قال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به
و قد جزم الحافظ في " الكنى " من " لسان الميزان " ( 6 / 419 ) بأنه هو عبيدة
ابن عبد الرحمن ، و يؤيده أن الذهبي ثم العسقلاني أورداه في " الأسماء " هكذا
عبيدة بن عبد الرحمن أبو عمرو البجلي ، ذكره ابن حبان فقال : روى عن يحيى بن
سعيد ، حدث عنه حرمي بن حفص ، يروي الموضوعات عن الثقات روى عن يحيى عن سعيد بن
المسيب عن أبي أيوب قال : أخذت من لحية النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فقال :
" لا يصيبك السوء أبا العرب " .
قلت : و قد أورده ابن أبي حاتم فيمن اسمه عبيدة بالفتح ( 3 / 1 / 92 ) و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و في هذا تنبيه على أنه لا ينبغي أن يحمل سكوت ابن
أبي حاتم عن الرجل على أنه ثقة كما جرى عليه بعض المحدثين المعاصرين و بعض مدعي
العلم ، فإنك ترى هذا الرجل قد سكت عنه و يبعد جدا أن يكون عنده ثقة مع قول ابن
حبان فيه ما تقدم فتأمل ، بل إن ابن أبي حاتم رحمه الله قد نص في أول كتابه ( 1
/ 1 / 38 ) على أن الرواة الذين أهملهم من الجرح و التعديل إنما هو لأنه لم يقف
فيهم على شيء من ذلك ، فأوردهم رجاء أن يقف فيهم على الجرح
و التعديل فيلحقه بهم ، و عبد الملك بن سفيان الثقفي قال الحسينى : مجهول
و أقره الحافظ في " التعجيل " و الحديث في " مجمع الزوائد " ( 10 / 200 )
و قال : رواه عبد الله و أبو يعلى و فيه من لم أعرفه ، و عزاه إليهما شيخه
العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4 / 5 ) و قال : سنده ضعيف ، ثم رأيته في
" مفتاح المعاني " ( 67 / 1 ) من طريق الواقدي : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل عن
عبد الله بن أبي سفيان عن يزيد بن ركانة عن محمد بن الحنفية به ، لكن الواقدي
كذاب ، فالحديث موضوع و إن ذكره في " الجامع " من طريق الأولى .

(1/173)


97 - " إن الله يحب الشاب التائب " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 215 ) :
ضعيف .
قال العراقي في " التخريج " ( 4 / 4 - 5 ) : رواه ابن أبي الدنيا في " التوبة "
و أبو الشيخ في كتاب " الثواب " من حديث أنس بسند ضعيف .

(1/174)


98 - " إن الله يحب الشاب الذي يفني شبابه في طاعة الله عز وجل " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 215 ) :
موضوع .
رواه أبو نعيم ( 5 / 360 ) و عنه الديلمي في " مسند الفردوس " ( 1 / 2 / 247 )
من طريق محمد بن الفضل بن عطية عن سالم الأفطس عن عمر بن عبد العزيز عن
عبد الله مرفوعا ، و هذا إسناد موضوع : محمد بن الفضل كذاب و قد تقدم ، هذه
هي علة الحديث ، ثم إني أخشى أن يكون منقطعا بين عمر بن عبد العزيز و ابن عمر ،
فقد كانت سن عمر يوم وفاة ابن عمر نحو ثلاثة عشر سنة .

(1/175)


99 - " إن الله يحب الناسك النظيف " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 216 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخه " ( 10 / 11 - 12 ) من طريق عبد الله بن إبراهيم
الغفاري عن المنكدر بن محمد عن أبيه محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا ،
و هذا سند موضوع : الغفاري متهم بالوضع ، و المنكدر لين الحديث كما قال الحافظ
في " التقريب " ، و هذا الحديث و الذي قبله من موضوعات " الجامع الصغير " ! .

(1/176)


100 - " حسنات الأبرار سيئات المقربين " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 216 ) :
باطل لا أصل له .
و قد أورده الغزالي في " الإحياء " ( 4 / 44 ) بلفظ : قال القائل الصادق : "
حسنات الأبرار .. " ، قال السبكي ( 4 / 145 - 171 ) : ينظر إن كان حديثا ، فإن
المصنف قال : قال القائل الصادق ، فينظر من أراد .
قلت : الظاهر أن الغزالي لم يذكره حديثا ، و لذلك لم يخرجه الحافظ العراقي في
" تخريج أحاديث الإحياء " و إنما أشار الغزالي إلى أنه من قول أبي سعيد الخراز
الصوفي ، و قد أخرجه عنه ابن الجوزي في " صفوة الصفوة " ( 2 / 130 / 1 ) و كذا
ابن عساكر في ترجمته كما في " الكشف " ( 1 / 357 ) قال : و عده بعضهم حديثا
و ليس كذلك .
قلت : و ممن عده حديثا ، الشيخ أبو الفضل محمد بن محمد الشافعي فإنه قال في
كتابه " الظل المورود " ( ق 12 / 1 ) : فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال :
فذكره ، و لا يشفع له أنه صدره بصيغة التمريض - إن كانت مقصودة منه لأن ذلك
إنما يفيد فيما كان له أصل و لو ضعيف ، و أما فيما لا أصل له - كهذا - فلا .
قلت : ثم إن معنى هذا القول غير صحيح عندي ، لأن الحسنة لا يمكن أن تصير سيئة
أبدا مهما كانت منزلة من أتى بها ، و إنما تختلف الأعمال باختلاف مرتبة الآتين
بها إذا كانت من الأمور الجائزة التي لا توصف بحسن أو قبح ، مثل الكذبات الثلاث
التي أتى بها إبراهيم عليه السلام ، فإنها جائزة لأنها كانت في سبيل الإصلاح ،
و مع ذلك فقد اعتبرها إبراهيم عليه السلام سيئة ، و اعتذر بسببها عن أن يكون
أهلا لأن يشفع في الناس صلى الله عليه و على نبينا و سائر إخوانهما أجمعين
و أما اعتبار الحسنة التي هي قربة إلى الله تعالى سيئة بالنظر إلى أن الذي صدرت
منه من المقربين ، فمما لا يكاد يعقل ، ثم وقفت على كلام مطول في هذا الحديث
لشيخ الإسلام ابن تيمية قال فيه : هذا ليس محفوظا عمن قوله حجة ، لا عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، و لا عن أحد من سلف الأمة و أئمتها و إنما هو كلام لبعض
الناس و له معنى صحيح و قد يحمل على معنى فاسد ، ثم أفاض في بيان ذلك فمن شاء
الإطلاع عليه فليراجعه في رسالته في التوبة ( ص 251 - ص 255 ) من " جامع
الرسائل " تحقيق صديقنا الدكتور محمد رشاد سالم رحمه الله تعالى .

(1/177)


101 - " أما إني لا أنسى ، و لكن أنسى لأشرع " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 218 ) :
باطل لا أصل له .
و قد أورده بهذا اللفظ الغزالي في " الإحياء " ( 4 / 38 ) مجزوما بنسبته إليه
صلى الله عليه وسلم فقال العراقي في " تخريجه " : ذكره مالك بلاغا بغير إسناد ،
و قال ابن عبد البر : لا يوجد في " الموطأ " إلا مرسلا لا إسناد له ، و كذا قال
حمزة الكناني : إنه لم يرد من غير طريق مالك ، و قال أبو طاهر الأنماطي : و قد
طال بحثي عنه و سؤالي عنه للأئمة و الحفاظ فلم أظفر به و لا سمعت عن أحد أنه
ظفر به ، قال : و ادعى بعض طلبة الحديث أنه وقع له مسندا .
قلت : فالعجب من ابن عبد البر كيف يورد الحديث في " التمهيد " جازما بنسبته إلى
النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع منه ، فانظر ( 1 / 100 و 5 / 108 و 10 /
184 ) ؟ ! .
قلت : الحديث في " الموطأ " ( 1 / 161 ) عن مالك أنه بلغه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : " إني لأنسى أو أنسى لأسن " .
فقول المعلق على " زاد المعاد " ( 1 / 286 ) ، و إسناده منقطع ليس بصحيح بداهة
لأنه كما ترى بلاغ لا إسناد له ، و لذلك قال الحافظ فيما نقل الزرقاني في " شرح
الموطأ " ( 1 / 205 ) : لا أصل له .
و ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لا ينسى بباعث البشرية و إنما ينسيه الله
ليشرع ، و على هذا فهو مخالف لما ثبت في " الصحيحين " و غيرهما من حديث ابن
مسعود مرفوعا : " إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني " ، و لا
ينافي هذا أن يترتب على نسيانه صلى الله عليه وسلم حكم و فوائد من البيان
و التعليم ، و القصد أنه لا يجوز نفي النسيان الذي هو من طبيعة البشر عنه
صلى الله عليه وسلم لهذا الحديث الباطل ! لمعارضته لهذا الحديث الصحيح .

(1/178)


102 - " الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 219 ) :
لا أصل له .
أورده الغزالي ( 4 / 20 ) مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم ! فقال الحافظ
العراقي و تبعه السبكي ( 4 / 170 - 171 ) : لم أجده مرفوعا ، و إنما يعزي إلى
علي بن أبي طالب ، و نحوه في " الكشف " ( 2 / 312 ) .

(1/179)


103 - " جالسوا التوابين فإنهم أرق أفئدة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 219 ) :
لا أصل له .
أورده الغزالي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ! فقال مخرجه العراقي ( 4 /
31 ) و تبعه السبكي ( 4 / 171 ) : لم أجده مرفوعا ، قال العراقي : و هو من قول
عون بن عبد الله رواه ابن أبي الدنيا في التوبة .

(1/180)


104 - " من لم يكن عنده صدقة فليلعن اليهود " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 219 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 270 / 14 ) من طريق علي بن الحسين بن حبان
قال : وجدت في كتاب أبي - بخط يده - قال أبو زكريا ( يعني ابن معين ) يعقوب بن
محمد الزهري صدوق ، و لكن لا يبالي عمن حدث ، حدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة مرفوعا به ، قال ابن معين : هذا كذب و باطل لا يحدث بهذا أحد يعقل ،
و قد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 157 ) من طريق الخطيب ثم قال ابن
الجوزي : يعقوب ، قال أحمد بن حنبل : لا يساوي شيئا .
و تعقبه السيوطي ( 2 / 76 ) بنقول أوردها ، فيها توثيق ليعقوب هذا ، ثم لم يكشف
القناع عن علة هذا الحديث الباطل و هي الانقطاع ، فقد قال الذهبي في ترجمة
يعقوب : و أخطأ من قال : إنه روى عن هشام بن عروة ، لم يلحقه و لا كأنه ولد إلا
بعد موت هشام ، ثم قال : و أردأ ما روى : عن رجل عن هشام عن أبيه عن عائشة
مرفوعا هذا الحديث .
قلت : و لعل هذا الرجل الذي لم يسم هو عبد الله بن محمد بن زاذان المدني و هو
هالك كما يأتي ، فقد أخرج الحديث ابن عدي و من طريقه السهمي في " تاريخ جرجان "
( 282 ) و كذا الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( 33 / 2 ) من طريق
عبد الله هذا عن أبيه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به ، أورده ابن
الجوزي من هذا الوجه أيضا و أعله بقوله : قال ابن عدي : عبد الله بن محمد بن
زاذان له أحاديث غير محفوظة ، و قال الذهبي في " الميزان " : هالك ثم ساق له
هذا الحديث من طريق ابن عدي ، قال الذهبي : هذا كذب ، و أقره الحافظ في
" اللسان " .
و للحديث طريق أخرى رواه الخطيب أيضا ( 1 / 258 ) من طريق إسماعيل بن محمد
الطلحي عن سليم يعني المكي عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا به
و أعله ابن الجوزي بقوله : لا يصح ، طلحة ، و سليم ، و الطلحي متروك .
فتعقبه السيوطي ( 2 / 85 ) بقوله : قلت : الطلحي روى عنه ابن ماجه و وثقه مطين
و ذكره ابن حبان في الثقات .
قلت : كأن السيوطي يشير بهذا إلى أن علة الحديث ممن فوق الطلحي هذا ، و هو
الصواب ، فإن سليما هذا هو ابن مسلم الخشاب ، قال النسائي : متروك الحديث ،
و قال أحمد : لا يساوي حديثه شيئا ، و طلحة بن عمرو قال النسائي : متروك الحديث
و قد أنكر عليه عبد الرحمن بن مهدي أحاديث حدث بها الناس على مصطبة فقال :
أستغفر الله العظيم و أتوب إليه منها ! فقال له : اقعد على مصطبة و أخبر الناس
فقال : أخبروهم عني ! ثم قال السيوطي : و قد سرق هذا الحديث أبو الحسن محمد بن
أحمد بن سهل الباهلي فرواه عن وهب بن بقية عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبيه
عن عائشة ، أخرجه ابن عدي ( 318 / 1 ) و قال : الزهري لم يرو عن أبيه حرفا
و الحديث باطل ، و الحمل فيه على أبي الحسن هذا فإنه كان ممن يضع الحديث إسنادا
و متنا ، و يسرق من حديث الضعاف و يلزقها على قوم ثقات .
تنبيه : أورد هذا الحديث الشيخ العجلوني في " الكشف " ( 2 / 277 ) و لم يتكلم
عليه بشيء هو و لا من نقله عنه و هو ابن حجر الهيتمي ! و هذا مما يدل على أن
الشيخ العجلوني ليس من النقاد و إلا كيف يخفى عليه حال هذا الحديث الباطل .
و قد قال الشيخ علي القاري في هذا الحديث ( ص 85 ) : لا يصح ، يعني أنه موضوع .
و نقل ( ص 109 ) عن ابن القيم أن من علامات الحديث الموضوع أن يكون باطلا في
نفسه فيدل بطلانه على أنه ليس من كلامه عليه الصلاة و السلام ، ثم ساق أحاديث
هذا منها ، و قال : فإن اللعنة لا تقوم مقام الصدقة أبدا .

(1/181)


105 - " من وافق من أخيه شهوة غفر الله له " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 222 ) :
موضوع .
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 436 ، 437 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان "
( 2 / 66 ) من طريق نصر بن نجيح الباهلي قال حدثنا عمر أبو حفص عن زياد النميري
عن أنس بن مالك عن أبي الدرداء مرفوعا ، قال العقيلي : و نصر و عمر مجهولان
بالنقل ، و الحديث غير محفوظ ، و من طريق العقيلي أورده ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 2 / 171 ) و قال : موضوع ، عمر متروك ، و أقره الحافظ العراقي
في " تخريج الإحياء " ( 2 / 11 ) و أما السيوطي فتعقبه في " اللآليء " ( 2 /
87 ) بقوله : قلت : أخرجه البزار و الطبراني و قال : أبو حفص لم يكن بالقوي .
قلت : هذا القول فيه تساهل كثير فالرجل شديد الضعف حتى قال ابن خراش : كذاب يضع
الحديث ، ثم ذكر له السيوطي شاهدا و هو الحديث الآتي ، و فيه متهم كما يأتي فلا
قيمة لهذا التعقيب !.

(1/182)


106 - " من أطعم أخاه المسلم شهوته حرمه الله النار " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 223 ) :
موضوع .
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " بإسناده إلى محمد بن عبد السلام حدثنا
عبد الله بن مخلد بن خالد التميمي صاحب أبي عبيد حدثنا عبد الله بن المبارك عن
هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا به ، و قال البيهقي : هو بهذا
الإسناد منكر .
قلت : و علته محمد بن عبد السلام و هو ابن النعمان ، و قال ابن عدي : كان ممن
يستحل الكذب .
قلت : و هذا الحديث ذكره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 87 ) شاهدا للحديث الذي
قبله ، و قد تبين أنه موضوع أيضا ، و كلا الحديثين أوردهما في
" الجامع الصغير " ! .

(1/183)


107 - " من لذذ أخاه بما يشتهي كتب الله له ألف ألف حسنة ، و محى عنه ألف ألف سيئة ،
و رفع له ألف ألف درجة و أطعمه الله من ثلاث جنات : جنة الفردوس ، و جنة عدن ،
و جنة الخلد " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 224 ) :
موضوع .
أورده الغزالي في " الإحياء " ( 2 / 11 ) جازما بنسبته إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ! و قال السبكي في " الطبقات " : إنه لم يجد له إسنادا ، و أما العراقي
فقال في " تخريج الإحياء " : و ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية محمد
ابن نعيم عن أبي الزبير عن جابر ، و قال أحمد بن حنبل : هذا باطل كذب ،
و كذا في " الميزان " و " اللسان " .
قلت : لكن ابن الجوزي إنما أورد الحديث ( 2 / 172 ) إلى قوله : ( ألف ألف
حسنة ) دون باقيه ، و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 87 ) ثم ابن عراق في
" تنزيه الشريعة " ( 262 / 2 ) و أورده موفق الدين بن قدامة في " المنتخب "
( 10 / 196 / 1 ) و نقل عن أحمد أنه قال : هذا كذب هذا باطل .

(1/184)


108 - " كان يأكل العنب خرطا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 224 ) :
موضوع .
رواه ابن عدي في " الكامل " ( 280 / 1 ) ، و من طريق البيهقي في " الشعب " ( 2
/ 201 / 1 ) بسنده عن سليمان بن الربيع عن كادح بن رحمة حدثنا حصين بن نمير عن
حسين بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس عن العباس مرفوعا ، و قال ابن عدي :
و كادح عامة ما يرويه غير محفوظ و لا يتابع عليه في أسانيده و لا في متونه ،
و من طريق ابن عدي أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 287 ) و قال : حسين
ليس بشيء و كادح كذاب ، و سليمان ضعفه الدارقطني ، ثم ساقه البيهقي و ابن
الجوزي من طريق العقيلي بسنده عن داود بن عبد الجبار أبي سليمان الكوفي حدثنا
الجارود عن حبيب بن يسار عن ابن عباس قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يأكل العنب خرطا ، قال العقيلي ( 2 / 34 ) : لا أصل له ، و داود ليس بثقة و لا
يتابع عليه .
قلت : و من طريقه رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 110 / 1 ) و الطبراني
في " الكبير " ( 3 / 174 / 2 ) و به تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 211 )
بقوله : قلت : أخرجه الطبراني من هذا الطريق و أخرجه البيهقي في " الشعب " من
الطريقين ثم قال : ليس فيه إسناد قوي ، و اقتصر العراقي في " تخريج الإحياء "
على تضعيفه .
قلت : و هذا تعقيب لا طائل تحته ، فإن تضعيف العراقي و البيهقي إجمالي لا تفصيل
فيه و إعلال الذين قبلهما مفصل ، فهو يقضي على المجمل ، و داود المذكور قال فيه
ابن معين : ليس بثقة ، و قال مرة : يكذب ، فمثله لا يصلح شاهدا لحديث كادح
الكذاب .
و لهذا أقر الذهبي ثم العسقلاني العقيلي على قوله : لا أصل له ، فإيراد السيوطي
لحديث ابن عباس في " الجامع الصغير " مما لا يتفق مع شرطه ! .

(1/185)


109 - " عمل الأبرار من الرجال من أمتي الخياطة ، و عمل الأبرار من أمتي من النساء
المغزل " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 226 ) :
موضوع .
رواه ابن عدي ( 153 / 1 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 303 ) و ابن
عساكر ( 15 / 261 / 1 ) عن أبي داود النخعي سليمان بن عمرو عن أبي حازم عن
سهل بن سعد مرفوعا ، و قال ابن عدي : هذا مما وضعه سليمان بن عمرو على
أبي حازم ، و عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لرواية تمام و الخطيب و ابن
عساكر عن سهل بن سعد و هو في " تاريخ بغداد " ( 9 / 15 ) من طريق أبي داود
النخعي هذه ، و قال المناوي في شرحه على " الجامع الصغير " : و ظاهر صنيع
المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه و أقره ، و الأمر بخلافه ، بل قدح في سنده فتعقبه
بأن أبا داود النخعي أحد رواته كذاب وضاع دجال ، و بسط ذلك بما يجيء منه أنه
أكذب الناس ، و جزم الذهبي في " الضعفاء " بأنه كذاب دجال ، و في " الميزان "
عن أحمد : كان يضع الحديث ، و عن يحيى : كان أكذب الناس ، ثم سرد له أحاديث هذا
منها ، و وافقه في " اللسان " و حكم ابن الجوزي بوضعه و لم يتعقبه المؤلف إلا
بإيراد حديث تمام و قال : موسى متروك ، و لم يزد على ذلك .
قلت : ذكر السيوطي هذا في " اللآليء " ( 2 / 154 ) و كذا في " الفتاوى " له
( 2 / 107 ) من رواية تمام بإسناده عن موسى بن إبراهيم المروزي حدثنا مالك بن
أنس عن أبي حازم به ، و موسى بن إبراهيم المروزي قد كذبه يحيى فلا يفرح
بمتابعته ، و لهذا أورد الحديث ابن عراق في الفصل الأول من المعاملات من كتابه
" تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " ( 294 / 2 ) ، و هذا
الفصل قد نص في مقدمة الكتاب أنه يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه و لم يخالف
فيه ، و قد قال الذهبي في هذا الحديث : قبح الله من وضعه ! ذكره في ترجمة
أبي داود هذا الكذاب ، و من أحاديثه :

(1/186)


110 - " لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 227 ) :
موضوع .
عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لرواية الحكيم عن أبي هريرة .
قلت : و صرح الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوى " ( 202 /
2 ) بأن سنده ضعيف ، و هو أشد من ذلك فقد قال الشارح المناوي : رواه في
" النوادر " عن صالح بن محمد عن سليمان بن عمرو عن ابن عجلان عن المقبري عن
أبي هريرة قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته و هو في
الصلاة ، فذكره ، قال الزين العراقي في " شرح الترمذي " : و سليمان بن عمرو هو
أبو داود النخعي متفق على ضعفه ، و إنما يعرف هذا عن ابن المسيب ، و قال في
" المغني " ( 1 / 151 ) : سنده ضعيف ، و المعروف أنه من قول سعيد ، رواه ابن
أبي شيبة في " مصنفه " ، و فيه رجل لم يسم ، و قال ولده : فيه سليمان بن عمرو
مجمع على ضعفه ، و قال الزيلعي : قال ابن عدي أجمعوا على أنه يضع الحديث .
قلت : رواه موقوفا على سعيد عبد الله بن المبارك في " الزهد " ( 213 / 1 ) :
أنا معمر عن رجل عنه به و هذا سند ضعيف لجهالة الرجل .
و صرح عبد الرزاق في " المصنف " ( 2 / 226 ) باسمه فقال : ... عن أبان ... و هو
ضعيف أيضا .
قلت : فالحديث موضوع مرفوعا ، ضعيف موقوفا بل مقطوعا ، ثم وجدت للموقوف طريقا
آخر فقال أحمد في " مسائل ابنه صالح " ( ص 83 ) : حدثنا سعيد بن خثيم قال حدثنا
محمد بن خالد عن سعيد بن جبير قال : نظر سعيد إلى رجل و هو قائم يصلي . . إلخ .
قلت : و هذا إسناد جيد ، يشهد لما تقدم عن العراقي أن الحديث معروف عن ابن
المسيب .

(1/187)


111 - " كذب النسابون ، قال الله تعالى : و قرونا بين ذلك كثيرا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 228 ) :
موضوع .
أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن سعد و ابن عساكر عن ابن عباس
و أورده فيما بعد بلفظ : " كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبته معد بن عدنان بن أد
ثم يمسك و يقول : كذب النسابون ... " و قال : رواه ابن سعد عن ابن عباس .
و سكت عليه شارحه المناوي في الموضعين ، و كأنه لم يطلع على سنده ، و إلا لما
جاز له ذلك ، و قد أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 1 / 28 ) قال : أخبرنا
هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعا بتمامه .
قلت : و هشام هذا هو ابن محمد بن السائب الكلبي النسابة المفسر و هو متروك كما
قال الدارقطني و غيره و ولده محمد بن السائب شر منه قال الجوزجاني و غيره :
كذاب ، و قد اعترف هو نفسه بأنه يكذب ، فروى البخاري بسند صحيح عن سفيان الثوري
قال : قال لي الكلبي : كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب ! .
قلت : كذا في " الميزان " و فيه سقط أو اختصار يمنع نسبة الاعتراف بالكذب إلى
الكلبي ، كما سيأتي بيانه في الحديث ( 5449 ) .
و قال ابن حبان : مذهبه في الدين و وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى
الإغراق في وصفه يروي عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير ، و أبو صالح لم ير ابن
عباس ، و لا سمع الكلبي من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف ، لا يحل ذكره في
الكتب فكيف الاحتجاج به ؟ ! ، و من هذه الطريق أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق
" ( 1 / 197 / 1 ، 198 / 2 ) من مخطوطة ظاهرية دمشق .

(1/188)


112 - " الجراد نثرة حوت في البحر " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 229 ) :
موضوع .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 292 ) من طريق زياد بن عبد الله بن علاثة عن موسى بن محمد
ابن إبراهيم عن أبيه عن جابر و أنس :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا على الجراد قال : " اللهم أهلك كباره
و اقتل صغاره ، و أفسد بيضه و اقطع دابره ، و خذ بأفواهها عن معايشنا و أرزاقنا
إنك سميع الدعاء " ، فقال رجل : يا رسول الله كيف تدعو على جند من أجناد الله
بقطع دابره ؟ فقال : " إن الجراد .. " .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا موسى بن محمد هذا هو التيمي المدني و هو منكر الحديث
كما قال النسائي و غيره و قد ساق له الذهبي من مناكيره هذا الحديث ، و أورده
ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 14 ) من رواية موسى هذا ، ثم قال : لا يصح ،
موسى متروك و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 333 ) فلم يتعقبه بشيء إلا
قوله : قلت : أخرجه ابن ماجه ، و مع هذا فقد أورده في " الجامع الصغير " ! ، ثم
رأيت ابن قتيبة أخرجه في " غريب الحديث " ( 3 / 114 ) من رواية أبي خالد
الواسطي عن رجل عن ابن عباس موقوفا عليه ، و هذا مع أنه موقوف و هو به أشبه
فإن سنده واه جدا ، لأن أبا خالد هذا و هو عمرو بن خالد متروك و رماه وكيع
بالكذب .
قلت : و يشبه أن يكون هذا الحديث من الإسرائيليات .

(1/189)


113 - " اتقوا مواضع التهم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 230 ) :
لا أصل له .
أورده الغزالي في " الإحياء " ( 3 / 31 ) و قال مخرجه الحافظ العراقي ، لم أجد
له أصلا ، و كذا قال السبكي في " الطبقات " ( 4 / 162 ) ، و قد روي موقوفا نحوه
فانظر " شرح الإحياء " للزبيدي ( 7 / 283 ) .

(1/190)


114 - " من ربى صبيا حتى يقول : لا إله إلا الله لم يحاسبه الله عز وجل " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 231 ) :
موضوع .
أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( ص 75 ) و ابن عدي ( 162 / 2 ) و ابن
النجار في " ذيل تاريخ بغداد " ( 10 / 163 / 2 ) من طريق أبي عمير عبد الكبير
ابن محمد بن عبد الله من ولد أنس عن سليمان الشاذكوني حدثنا عيسى بن يونس عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا .
قلت : و هذا سند موضوع عبد الكريم هذا و شيخه الشاذكوني كلاهما متهم بالكذب
و قد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 178 ) من طريق ابن عدي بسنده عن
عبد الكبير به و قال : لا يصح ، قال ابن عدي : لعل البلاء فيه من أبي عمير ،
قال : و قد رواه إبراهيم بن البراء عن الشاذكوني ، و إبراهيم حدث بالبواطيل ،
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 90 / 91 ) بقوله : قلت : أخرجه الطبراني
في " الأوسط " عن عبد الكبير به ، و له طريق آخر .
قلت : ثم ساقه من رواية الخلعي بسنده إلى أبي على الحسن بن علي بن الحسن
السريرى الأعسم حدثني أشعث بن محمد الكلاعي حدثنا عيسى بن يونس به ثم قال :
و أشعث في الأصل : أشعب في الموضعين و هو خطأ ضعيف .
قلت : و هذا تعقب لا طائل تحته فإن أشعث هذا لا يعرف إلا في هذا السند و من
أجله أورده في " الميزان " ثم قال : أتى بخبر موضوع يشير إلى هذا ، و أقره
الحافظ في " اللسان " ، و في ترجمة إبراهيم بن البراء من " الميزان " : قال
العقيلي : يحدث عن الثقات بالبواطيل ، و قال ابن حبان : يحدث عن الثقات
بالموضوعات ، لا يجوز ذكره إلا على سبيل القدح فيه ، ثم قال : هو الذي روى عن
الشاذكوني عن الدراوردي كذا عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا : " من ربي صبيا
حتى يتشهد وجبت له الجنة " ، و هذا باطل .
قال الذهبي : قلت : أحسب أن إبراهيم بن البراء هذا الراوي عن الشاذكوني آخر
صغير ، و قال الحافظ في " اللسان " : إبراهيم بن البراء عن سليمان الشاذكوني
بخبر باطل عن الدراوردي ... الظاهر أنه غير الأول ، و الشاذكوني هالك ، و أما
ابن حبان فجعلهما واحدا .
قلت : فقد اتفقت كلمات هؤلاء الحفاظ ابن حبان و ابن عدي و الذهبي و العسقلاني
على أن هذا الحديث باطل ، و جعلوا بطلانه دليلا على اتهام كل من رواه من
الضعفاء و المجهولين ، بعكس ما صنع السيوطي من محاولته تقوية الحديث بوروده من
الطريق الأخرى التي فيها أشعث الذي أشار الذهبي إلى اتهامه بهذا الحديث فتأمل
الفرق بين من ينقد و من يجمع ! .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني و ابن عدي
و تعقبه شارحه المناوي بمختصر ما ذكرناه عن الذهبي و العسقلاني من أنه حديث
باطل ثم تناقض المناوي فاقتصر في " التيسير " على تضعيف إسناده ! .

(1/191)


115 - " أذيبوا طعامكم بذكر الله و الصلاة ، و لا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 233 ) :
موضوع .
أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " ( ص 19 - 20 ) و العقيلي في " الضعفاء "
( ص 57 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 40 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان "
( 1 / 96 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( ص 156 رقم 482 ) و البيهقي
في " الشعب " ( 2 / 211 / 1 ) من طريق بزيع أبي الخليل : حدثنا هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة مرفوعا .
قلت : و هذا موضوع ، قال العقيلي : بزيع لا يتابع عليه ، و قال ابن عدي بعد أن
ساق له أحاديث أخرى : و هذه الأحاديث مناكير كلها لا يتابعه عليها أحد ، و قال
البيهقي : هذا منكر تفرد به بزيع و كان ضعيفا .
و قال الذهبي في " الميزان " : متهم ، قال ابن حبان : يأتي عن الثقات بأشياء
موضوعات كأنه المتعمد لها ، روى عن هشام عن أبيه عن عائشة هذا الحديث و في
" اللسان " : قال البرقاني عن الدارقطني : متروك .
قلت : له عن هشام عجائب ، قال : هي بواطيل ، ثم قال : كل شيء له باطل .
و قال الحاكم : يروي أحاديث موضوعة ، و يرويها عن الثقات ، و الحديث أورده ابن
الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 69 ) من هذا الوجه برواية ابن عدي و من روايته
أيضا ( 37 / 2 ) من طريق أصرم بن حوشب حدثنا عبد الله بن إبراهيم الشيباني عن
هشام بن عروة به ، و قال ابن الجوزي : موضوع ، بزيع متروك و أصرم كذاب ، قال
ابن عدي : هو معروف ببزيع ، فلعل أصرم سرقه منه ، و تعقبه السيوطي في
" اللآليء " ( 3 / 254 ) بقوله : أخرجه من الطريق الأول الطبراني في " الأوسط "
و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " و أبو نعيم في " الطب " و البيهقي في
" الشعب " و قال : تفرد به بزيع و كان ضعيفا ، و أخرجه من الطريق الثاني ابن
السني في " الطب " و اقتصر العراقي في " تخريج الإحياء " على تضعيفه ، قال
المناوي في " شرح الجامع " : و أنت خبير بأن هذا التعقب أوهى من بيت العنكبوت
و صدق رحمه الله .
و اعلم أن أسعد الناس بهذا الحديث المكذوب هم أولئك الأكلة الرقصة الذين يملؤون
بطونهم بمختلف الطعام و الشراب ، ثم يقومون آخذا بعضهم بيد بعض يذكرون الله
تعالى - زعموا - يميلون يمنة و يسرة و أماما و خلفا ، و ينشدون الأشعار الجميلة
بالأصوات المطربة حتى يذوب ما في بطونهم ؟ و مع ذلك فهم يحسبون أنهم يحسنون
صنعا ! و صدق من قال :
متى علم الناس في ديننا بأن الغنا سنة تتبع
و أن يأكل المرء أكل الحمار و يرقص في الجمع حتى يقع
و قالوا : سكرنا بحب الإله و ما أسكر القوم إلا القصع
كذاك البهائم إن أشبعت يرقصها ريها و الشبع
فيا للعقول و يا للنهى ألا منكر منكم للبدع
تهان مساجدنا بالسماع و تكرم عن مثل ذاك البيع

(1/192)


116 - " تعشوا و لو بكف من حشف ، فإن ترك العشاء مهرمة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 235 ) :
ضعيف جدا .
أخرجه الترمذي ( 3 / 100 ) و القضاعي ( 63 / 1 ) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن
القرشي عن عبد الملك بن علاق عن أنس مرفوعا ، و قال الترمذي :
هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه عنبسة يضعف في الحديث ، و عبد الملك
ابن علاق مجهول .
قلت : و عنبسة هذا ، قال أبو حاتم : كان يضع الحديث كما في " الميزان " للذهبي
و ساق له أحاديث هذا أحدها ، و الحديث رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 214 -
215 ) و الخطيب ( 3 / 396 ) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عن مسلم كذا عن أنس به
.
و قال أبو محمد بن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 11 ) : قرأ علينا أبو زرعة كتاب
الأطعمة فانتهى إلى حديث كان حدثهم قديما إسماعيل بن أبان الوراق عن عنبسة بن
عبد الرحمن عن علاق بن مسلم كذا عن أنس بن مالك به ، قال أبو زرعة : ضعيف ،
و لم يقرأ علينا .
ثم رأيته في " الكامل " لابن عدي ( 232 / 2 ) رواه على وجه آخر من طريق
عبد الرحمن بن مسهر البغدادي عن عنبسة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن ابن
أنس بن مالك عن أبيه مرفوعا و قال : ابن مسهر هذا مقدار ما يرويه لا يتابع عليه
و هذا الحديث لعله لم يؤت من قبله ، و إنما أتي من قبل عنبسة لأنه ضعيف ،
و الحديث عن موسى غير محفوظ .
قلت : فتبين من الروايات أن عنبسة كان يضطرب في إسناده ، فمرة يقول :
عبد الملك بن علاق و مرة مسلم و لا ينسبه ، و أخرى علاق بن مسلم و تارة عن
موسى بن عقبة عن ابن أنس و هذا ضعف آخر في الحديث و هو الاضطراب في سنده .
و أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 12 ) و من قبله ابن الجوزي
( 3 / 36 ) و ذكره من طريق الترمذي و نقل كلامه عليه و لم يزد فتعقبه السيوطي (
2 / 255 ) بقوله : قلت : ورد من حديث جابر ، قال ابن ماجه : حدثنا محمد بن عبد
الله الرقي حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن عبد الله بن باباه المخزومي حدثنا
عبد الله بن ميمون عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " لا تدعوا العشاء و لو بكف من تمر فإن تركه يهرم " ، و
وجدت لحديث أنس طريقا آخر قال ابن النجار في تاريخه " .
قلت : ثم ساق إسناده من طريق أبي الهيثم القرشي عن موسى بن عقبة عن أنس مرفوعا
.
قلت : و هذا إسناد لا يفرح به ! قال الذهبي في " الميزان " : أبو الهيثم القرشي
عن موسى بن عقبة ، قال أبو الفتح الأزدي : كذاب ، و كذا في " اللسان " ، و أما
حديث جابر فهو عند ابن ماجه ( 2 / 322 ) بالسند المذكور و هو ضعيف جدا
إبراهيم ابن عبد السلام أحد المتروكين كما في " تهذيب التهذيب " و في
" الميزان " : ضعفه ابن عدي و قال عندي أنه يسرق الحديث ، و عبد الله بن ميمون
إن كان هو القداح فهو متروك ، و إن كان غيره فهو مجهول ، و قد رجح الأول الحافظ
ابن حجر في " التقريب " و رجح الآخر المزي في " التهذيب " قال : لأن القداح لم
يدرك ابن المنكدر إن كان إبراهيم بن عبد السلام في روايته عنه صادقا ! .

(1/193)


117 - " من أحب أن يكثر الله خير بيته فليتوضأ إذا حضر غداؤه و إذا رفع " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 237 ) :
منكر .
رواه ابن ماجه ( 3260 ) و أبو الشيخ في " كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
و آدابه " ( ص 235 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 275 / 1 ) و ابن النجار في
" ذيل تاريخ بغداد " ( 10 / 153 / 2 ) من طرق عن كثير بن سليم عن أنس
مرفوعا .
أورده ابن عدي في ترجمة كثير هذا ، و قال بعد أن ساق له أحاديث أخرى عن أنس :
و هذه الروايات عن أنس عامتها غير محفوظة .
قلت : و قد اتفقوا على تضعيف كثير هذا ، بل قال فيه النسائي : متروك و قد أعله
البوصيري في " الزوائد " بعلة أخرى فقال : جبارة و كثير ضعيفان ، و فاته أن
جبارة لم يتفرد به ، فقد توبع عليه كما أشرنا إليه ، بقولنا من طرق ، و في "
العلل " لابن أبي حاتم ( 2 / 11 ) قال أبو زرعة : هذا حديث منكر ، و امتنع عن
قراءته فلم يسمع منه .
و المشهور في هذا الباب - على ضعفه ! - الحديث الآتي رقم ( 168 ) ، " بركة
الطعام الوضوء قبله و بعده " ، فراجعه .

(1/194)


118 - " لا تنتفعوا من الميتة بشيء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 238 ) :
ضعيف .
رواه ابن وهب في مسنده عن زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ،
و زمعة فيه مقال ، كذا في " نصب الراية " ( 1 / 122 ) .
قلت : و من طريق ابن وهب أخرجه الطحاوى في " شرح معاني الآثار " ( 1 / 271 )
بهذا السند عن جابر قال : بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه
ناس فقالوا : يا رسول الله إن سفينة لنا انكسرت ، و إنا وجدنا ناقة سمينة ميتة
فأردنا أن ندهن بها سفينتنا و إنما هي عود و هي على الماء فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم فذكره ، و هذا إسناد ضعيف و له علتان :
الأولى : زمعة هذا قال الحافظ في " التقريب " و في " التلخيص " ( 1 / 297 ) :
ضعيف .
الأخرى : عنعنة أبي الزبير فإنه كان مدلسا .
و مما سبق تعلم أن قول الشيخ سليمان حفيد محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله في
حاشيته على " المقنع " ( 1 / 20 ) :
رواه الدارقطني بإسناد جيد ، غير جيد ، على أنني في شك كبير من عزوه للدارقطني
فإني لم أره في " سننه " ، و هو المراد عند إطلاق العزو إليه و لم أجد من عزاه
إليه غير الشيخ هذا ، و ابن الجوزي لما أورده في " التحقيق " ( 15 / 1 ) لم
يعزه لأحد مطلقا بل قال : رواه أصحابنا من حديث جابر ، و لو كان عند الدارقطني
لعزاه إليه كما هي عادته ، و إنما عزاه الموفق بن قدامة في " المغني " ( 1 /
67 ) لأبي بكر الشافعي بإسناده عن أبي الزبير عن جابر ، قال : و إسناده حسن .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( 1 / 297 ) بعد أن ذكره من طريق زمعة : رواه
أبو بكر الشافعي في " فوائده " من طريق أخرى ، قال الشيخ الموفق : إسناده حسن .
قلت : قد علمت مما نقلته عن الموفق أنه من طريق أبي الزبير أيضا عن جابر و علمت
علته مما بينا ، فالإسناد ضعيف على كل حال ، و قد راجعت فوائد أبي بكر الشافعي
رواية ابن غيلان عنه ، فلم أجد الحديث فيه ، لكن في النسخة نقص هو الجزء الأول
و أوراق من أجزاء أخرى ، كما راجعت من حديثه أجزاء أخرى فلم أعثر عليه و الله
أعلم .
و إنما صح الحديث بلفظ : " لا تنتفعوا من الميتة بإهاب و لا عصب " ، و في ثبوته
خلاف كبير بين العلماء ، لكن الراجح عندنا صحته كما حققناه في كتابنا " إرواء
الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " ( رقم 38 ) .
و الفرق بينه و بين هذا الحديث الضعيف واضح ، و هو أنه خاص بالإهاب ( و هو
الجلد قبل الدبغ ) و العصب فلا يصح الانتفاع بهما إلا بعد دبغهما لقوله
صلى الله عليه وسلم : " كل إهاب دبغ فقد طهر " ، و هذا عام يشمل الشعر و الصوف
و العظم و القرن و نحو ذلك ، و ليس هناك ما يدل على عدم الانتفاع بها إلا هذا
الحديث الضعيف ، و لا تقوم به حجة و الأصل الإباحة ، فلا ينقل منها إلا بنقل
صحيح و هو معدوم .
( تنبيه ) : كنت قد أعللت الحديث بضعف زمعة بن صالح و عنعنة أبي الزبير و بأنه
مخالف للحديث الصحيح المخرج في " الإرواء " ثم وجدت تصريح أبي الزبير بالسماع
في مطبوعة جديدة قيمة من آثار السلف و وجدت له شاهدا قويا من حديث عبد الله بن
عكيم بهذا اللفظ كنت خرجته في " الإرواء " فأعدت النظر في إسناده فتأكدت من
صحته فأخرجته مع حديث أبي الزبير في " الصحيحة " ( 3133 ) .
( تنبيه ) : كان هنا بهذا الرقم حديث " يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل
و التكبير ، و لا تغفلن فتنسين الرحمة " الحديث ، ثم وجدت له شاهدا موقوفا على
عائشة له حكم المرفوع فبدا لي أنه لا يليق إيراده هنا مع هذا الشاهد و قد ذكرته
في رسالة " الرد على التعقب الحثيث " و ليت الذين يردون علينا يفيدوننا مثل هذه
الفائدة حتى نبادر إلى الرجوع إلى الصواب ، مع الاعتراف لهم بالشكر و الفضل ،
و المعصوم من عصمه الله عز وجل .

(1/195)


119 - " عند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن الله بهلاك القرى " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 240 ) :
موضوع .
رواه ابن ماجه ( 2 / 48 ) و أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " ( 176 / 1 / 2 )
و عنه ابن عساكر ( 12 / 238 / 1 ) من طريق عثمان بن عبد الرحمن زاد ابن
الأعرابي : الحراني ، حدثنا علي بن عروة عن المقبري عن أبي هريرة قال : أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم الأغنياء باتخاذ الغنم ، و أمر الفقراء باتخاذ
الدجاج و قال : فذكره ، قال السندي في " حاشيته على ابن ماجه " : و في
" الزوائد " : في إسناده علي بن عروة تركوه ، و قال ابن حبان : يضع الحديث
و عثمان بن عبد الرحمن مجهول ، و المتن ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " و قال
الذهبي في " الميزان " : و كذبه صالح جزرة و غيره لأنه روى هذا الحديث .
قلت : و قول البوصيري في " الزوائد " : إن عثمان بن عبد الرحمن مجهول ، ليس
كذلك ، بل هو معروف و هو الحراني كما صرح به ابن الأعرابي في روايته ، و قد قال
الحافظ في ترجمته من " التقريب " : صدوق أكثر الرواية عن الضعفاء و المجاهيل ،
و ضعف بسبب ذلك حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب ، و قد وثقه ابن معين .
قلت : و ابن الجوزي أورده ( 2 / 304 ) من طريق ابن عدي ( 5 / 1851 ) بسنده إلى
علي بن عروة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا به دون قوله " عند
اتخاذ ... " ثم رواه ابن الجوزي من طريق العقيلي بسنده إلى غياث بن إبراهيم عن
طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس به ، ثم قال : لا يصح ، علي بن عروة و غياث
يضعان الحديث ! و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 227 ) بقوله ، قلت : له
طريق آخر ، ثم ساق طريق ابن ماجه المذكور الذي فيه علي بن عروة الوضاع ! ،
و لذلك صرح ابن عراق ( 325 / 1 ) بضعف هذا التعقب ، و الحديث في " الضعفاء "
للعقيلى ( 351 ) مثل رواية ابن عدي و قال : غياث قال ابن معين : كذاب ليس بثقة
و لا مأمون و قال البخاري : تركوه ، و قد تابعه من هو دونه أو مثله .

(1/196)


120 - " يا حميراء من أعطى نارا فكأنما تصدق بجميع ما نضجت تلك النار ، و من أعطى
ملحا فكأنما تصدق بجميع ما طيب ذلك الملح ، و من سقى مسلما شربة من ماء حيث
يوجد الماء فكأنما أعتق رقبة ، و من سقى مسلما شربة من ماء حيث لا يوجد ،
فكأنما أحياها " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 242 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 92 ) من طريق علي بن غراب عن زهير بن مرزوق عن على بن زيد
ابن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عائشة أنها قالت : يا رسول الله ما الشيء
الذي لا يحل منعه ؟ قال : " الماء و الملح و النار " ، قالت : قلت : يا
رسول الله هذا الماء قد عرفناه فما بال الملح و النار ؟ قال : " يا حميراء ...
" و هذا سند ضعيف ، علي بن غراب مدلس ، و قد عنعنه ، و زهير بن مرزوق قال ابن
معين : لا أعرفه ، و قال البخاري : منكر الحديث ، مجهول ، و ساق له الذهبي هذا
الحديث ، و علي بن زيد بن جدعان فيه ضعف ، و الحديث رواه الطبراني في
" الأوسط " من طريق ابن زهير هذا كما في " المجمع " ( 3 / 133 ) ، و أورده ابن
الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 170 ) الشطر الثاني منه من طريق أخرى عن عائشة
و قال : قال ابن عدي : موضوع آفته أحمد بن محمد بن علي بن الحسين بن شفيق ،
فتعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 85 ) بطريق ابن ماجه هذه و ليس فيها أحمد
هذا و أورده من حديث أنس و أعله بصالح بن بيان ، قال الدارقطني : متروك و
أقره السيوطي .
قلت : و قد وجدت للحديث طريقا ثالثا أخرجه الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق "
( 2 / 153 ) من طريق عبيد بن واقد عن عرضي بن زياد السدوسي عن شيخ من عبد قيس
عن عائشة مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف أيضا ، عبيد ضعيف و عرضي بن زياد لم أجد من ترجمه ،
و شيخه مجهول لم يسم .

(1/197)


121 - " قل ما يوجد في آخر الزمان درهم من حلال ، أو أخ يوثق به " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 243 ) :
ضعيف جدا أو موضوع .
أخرجه أبو نعيم ( 4 / 94 ) من طريق محمد بن سعيد الحراني حدثنا أبو فروة
الرهاوي حدثنا أبي حدثنا محمد بن أيوب الرقى عن ميمون بن مهران عن ابن عمر
مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا محمد بن سعيد الحراني قال النسائي : لا أدري ما هو
و أبو فروة الرهاوي اسمه يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان بن يزيد ، ترجمه ابن
أبي حاتم ( 4 / 2 / 288 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و أبوه محمد بن
يزيد قال ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 128 ) : سألت أبي عنه ؟ فقال : ليس بالمتين ،
هو أشد غفلة من أبيه مع أنه كان رجلا صالحا لم يكن من أحلاس الحديث ، صدوق ،
و كان يرجع إلى ستر و صلاح ، و كان النفيلي يرضاه ، و قال البخاري : يروي عن
أبيه مناكير ، و قال النسائي : ليس بالقوي ، و محمد بن أيوب الرقي ، قال ابن
أبي حاتم ( 3 / 2 / 197 ) : سألت أبي عنه ؟ فقال : ضعيف الحديث .
قلت : و بهذا ترجمه الذهبي في " الميزان " ، ثم قال عقبه : محمد بن أيوب الرقي
آخر ، عن مالك بخبر باطل ، و عنه زهير بن عباد ، ثم أعاده بعد خمس تراجم فقال :
محمد بن أيوب عن مالك بن أنس ، قال ابن حبان : يضع الحديث ، ثم ساق ابن حبان له
خبرا باطلا في فضل أويس ، و قال الحافظ في " اللسان " عقب هذه الترجمة : محمد
ابن أيوب الرقي عن ميمون بن مهران و عنه محمد بن يزيد بن سنان ، قال أبو حاتم
ضعيف الحديث ، و فرق النباتي بينه و بين الراوي عن مالك ، و الذي يظهر لي أنهما
واحد .

(1/198)


122 - " نهى عن الغناء ، و الاستماع إلى الغناء ، و نهى عن الغيبة ، و عن الاستماع
إلى الغيبة ، و عن النميمة ، و عن الاستماع إلى النميمة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 245 ) :
ضعيف جدا .
أخرجه الخطيب في " تاريخه " ( 8 / 226 ) و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "
مفرقا كما في " المجمع " ( 8 / 91 ) و أبو نعيم ( 4 / 93 ) دون ذكر الغناء ،
كلهم من طريق فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر مرفوعا .
قلت : و الفرات هذا قال النسائي و الدارقطني : متروك ، و قال البخاري : منكر
الحديث ، و قال أحمد : هو قريب من محمد بن الطحان في ميمون يتهم بما يتهم به
ذاك .
قلت : و الطحان هذا هو ابن زياد اليشكري و قد كذبه أحمد و غيره ، و قد تقدم له
بعض الأحاديث فانظر الأحاديث ( 16 - 19 ) ، و عليه فالفرات هذا متهم عند أحمد .
و الحديث عزاه العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 127 ) للطبراني ثم قال :
و هو ضعيف ، و قال الهيثمي : و فيه فرات بن السائب و هو متروك ، و في تحريم
النميمة و الغيبة أحاديث صحيحة تغني عن هذا الحديث الضعيف فراجع إن شئت
" الترغيب " ( 3 / 296 - 303 ) .
و أما الغناء فليس كله حراما بل ما كان منه في وصف الخدود و الخصور و الخمور
و نحو ذلك فحرام قطعا ، و ما خلا من ذلك فالإكثار منه مكروه ، و أما آلات الطرب
فهي محرمة لقوله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر
و الحرير و الخمر و المعازف " .. الحديث ، أخرجه البخاري تعليقا و وصله
أبو داود ( 2 / 174 ) و غيره بسند صحيح ، و قد ضعفه ابن حزم بدون حجة ، و لي
رسالة في الرد عليه ، أسأل الله تيسير نشرها ، ثم نشرت الحديث و تكلمت على
تضعيف ابن حزم له ، و بينت صحته في " سلسلة الأحاديث " فراجعها برقم ( 91 ) .

(1/199)


123 - " إن الله يسأل عن صحبة ساعة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 246 ) :
اشتهر هكذا على الألسنة و لا أعرفه بهذا اللفظ .
و هو بمعنى الحديث الآتي و هو :

(1/200)


124 - " ما من صاحب يصحب صاحبا و لو ساعة من نهار إلا سئل عن صحبته هل أقام فيها
حق الله أم أضاعه ؟ " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 247 ) :
موضوع .
أورده الغزالي في " الإحياء " ( 2 / 154 ) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه
وسلم بلفظ : " إنه دخل غيضة مع بعض أصحابه فاجتنى منه سواكين أحدهما معوج
و الآخر مستقيم فدفع المستقيم إلى صاحبه فقال له : يا رسول الله كنت والله أحق
بالمستقيم مني فقال : ..." فذكره ، قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء "
:لم أقف له على أصل ، و ذكر نحوه السبكي في " الطبقات " ( 4 / 156 ) .
و أقول : قد وجدت له أصلا و لكنه موضوع لأنه من رواية أحمد بن محمد بن عمر بن
يونس اليمامي ، قال ابن أبي حاتم في ترجمته ( 1 / 1 / 71 ) : سألت أبي عنه
فقال : قدم علينا ، و كان كذابا ، و كتبت عنه ، و لا أحدث عنه ، فقال الذهبي في
ترجمته من " الميزان " : روى عن عمر بن يونس - يعني جده - عن أبيه سمع حمزة بن
عبد الله بن عمر عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل غيضة
فاجتنى سواكين أحدهما مستقيم ، قلت : فذكر الحديث بتمامه إلا أنه قال : " إنه
ليس من صاحب يصاحب صاحبا و لو ساعة إلا سأله الله عن مصاحبته إياه " .
قلت : أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 143 ـ 144 ) ، و رواه الطبري ( 5 /
53 ) عن فلان عن الثقة عنده مرفوعا نحوه ، و هذا مرسل ضعيف .

(1/201)


125 - " سوء الخلق ذنب لا يغفر ، و سوء الظن خطيئة تفوح " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 1 / 247 ) :
باطل لا أصل له .
و قد أورده الغزالي ( 3 / 45 ) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم و إذا جاز
أن يخفى عليه بطلانه من الناحية الحديثية فلست أدري كيف خفي عليه بطلانه من
الناحية الفقهية ! فإن الحديث معارض تمام المعارضة لقوله تعالى : *( إن الله لا
يغفر أن يشرك به ، و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء )* ، و لعل في هذا عبرة لمن
يتساهلون برواية الأحاديث و نسبتها إليه صلى الله عليه وسلم دون أن يتثبتوا من
صحتها على طريقة المحدثين جزاهم الله عن المسلمين خيرا .
و هذا الحديث أورده السبكي في " الطبقات " ( 4 / 162 ) في فصل الأحاديث التي لم
يجد لها إسنادا مما وقع في كتاب " الإحياء " ، و أما الحافظ العراقي فإنه
استشهد له في تخريجه إياه بالحديث الآتي و هو :

(1/202)


126 - " ما من شيء إلا له توبة ، إلا صاحب سوء الخلق ، فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد
في شر منه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 248 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 114 ) و الأصبهاني في " الترغيب "
( 151 / 1 ) من طريق عمرو بن جميع عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم
التيمي عن أبيه عن عائشة مرفوعا .
و قال الطبراني : لم يروه عن يحيى إلا عمرو ، و لا يروى عن عائشة إلا بهذا
الإسناد .
قلت : و هو موضوع ، فإن عمرا هذا قال النقاش : أحاديثه موضوعة و كذبه يحيى بن
معين و قال ابن عدي : كان يتهم بالوضع ، و منه تعلم أن قول الحافظ العراقي في
" تخريج الإحياء " ( 3 / 45 ) بعد أن عزاه للطبراني : و إسناده ضعيف ، قصور إلا
أن يلاحظ أن الموضوع من أنواع الضعيف كما هو مقرر في المصطلح .
و قال الحافظ الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 8 / 25 ) : رواه الطبراني في
" الصغير " ، و فيه عمرو بن جميع و هو كذاب .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " برواية أبي الفتح الصابوني في
" الأربعين " عن عائشة و يعترض عليه من وجهين .
الأول : إيراده فيه مع أنه ليس على شرطه لتفرد الكذاب به !
الآخر : اقتصاره في العزو على الصابوني فأوهم أنه ليس عند من هو أشهر منه !
ثم إن الحديث أورده العراقي شاهدا للحديث الذي قبله و ليس بصواب لأمرين .
الأول : أنه ليس فيه " أن سوء الخلق ذنب لا يغفر " .
الآخر : أنه ليس فيه : " و سوء الظن خطيئة تفوح " و هو تمام الحديث قبله .

(1/203)


127 - " صلاة بعمامة تعدل خمسا و عشرين صلاة بغير عمامة ، و جمعة بعمامة تعدل سبعين
جمعة بغير عمامة ، إن الملائكة ليشهدون الجمعة معتمين ، و لا يزالون يصلون على
أصحاب العمائم حتى تغرب الشمس " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 249 ) :
موضوع .
أخرجه ابن النجار بسنده إلى محمد بن مهدي المروزي أنبأنا أبو بشر بن سيار الرقي
حدثنا العباس بن كثير الرقي عن يزيد بن أبي حبيب قال : قال لي مهدي بن ميمون :
دخلت على سالم بن عبد الله بن عمر و هو يعتم ، فقال لي : يا أبا أيوب ألا أحدثك
بحديث تحبه و تحمله و ترويه ؟ قلت : بلى ، قال : دخلت على عبد الله بن عمر
و هو يعتم فقال : يا بني أحب العمامة ، يا بني اعتم تجل و تكرم و توقر ، و لا
يراك الشيطان إلا ولى هاربا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
فذكره ، قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " ( 3 / 244 ) : هذا حديث موضوع
و لم أر للعباس بن كثير في " الغرباء " لابن يونس و لا في " ذيله " لابن الطحان
ذكرا ، و أما أبو بشر بن سيار فلم يذكره أبو أحمد الحاكم في " الكنى " و ما
عرفت محمد بن مهدي المروزي ، و لا مهدي بن ميمون الراوي للحديث المذكور عن سالم
و ليس هو البصري المخرج في " الصحيحين " و لا أدري ممن الآفة .
و نقله السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 110 ) و أقره و تبعه ابن عراق
( 159 / 2 ) .
ثم ذكر السيوطي أنه أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " من طريق عيسى بن يونس
و الديلمي من طريق سفيان بن زياد المخرمي كلاهما عن العباس بن كثير به .
قلت : ثم ذهل عن هذا السيوطي فأورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية ابن
عساكر عن ابن عمر ، و تعقبه المناوي في شرحه بأن ابن حجر قال : إنه موضوع
و نقله عنه السخاوي و ارتضاه .
قلت : و لو تعقبه بما نقله السيوطي نفسه في " الذيل " عن ابن حجر كان أولى كما
لا يخفى ، و كلام السخاوي المشار إليه في " المقاصد " ( ص 124 ) .
و نقل الشيخ على القاري في " موضوعاته " ( ص 51 ) عن المنوفي أنه قال : هذا
حديث باطل .
ثم تعقبه القاري بأن السيوطي أورده في " الجامع الصغير " مع التزامه بأنه لم
يذكر فيه الموضوع و نقل العجلوني نحوه عن النجم .
قلت : و هذا تعقب باطل تغني حكايته عن إطالة الرد عليه ، و ما جاءهم ذلك إلا من
حسن ظنهم بعلم السيوطي ، و عدم معرفتهم بما في " الجامع الصغير " من الأحاديث
الموضوعة التي نص هو نفسه في غير " الجامع " على وضع بعضها كهذا الحديث و غيره
مما سبق و يأتي ، فكن امرءا لا يعرف الحق بالرجال ، بل اعرف الحق تعرف الرجال .
و قد علمت مما سبق أن الحافظ ابن حجر إنما حكم بوضع هذا الحديث من قبل ما فيه
من مبالغة في الفضل لأمر لا يشهد له العقل السليم بمثل هذا الأجر ، و لولا هذا
لاكتفى بتضعيفه لأنه ليس في سنده من يتهم ، فإذا عرفت هذا أمكنك أن تعلم حكم
الحديث الذي بعده من باب أولى ، و هو :

(1/204)


128 - " ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 1 / 251 ) :
موضوع .
أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن
جابر ! و كان حقه أن يورده في " ذيل الأحاديث الموضوعة " كما صنع بالحديث
الذي قبله ، لأنه أشد مبالغة في فضل الصلاة بالعمامة من ذاك فكان الحكم عليه
بالوضع أولى و أحرى .
هذا و قال المناوي في " شرح الجامع " : و رواه عن جابر أيضا أبو نعيم و من
طريقه و عنه تلقاه الديلمي ، فلو عزاه إلى الأصل لكان أولى ، ثم إن فيه طارق بن
عبد الرحمن ، أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : قال النسائي : ليس بقوى عن
محمد بن عجلان ذكره البخاري " في الضعفاء " ، و قال الحاكم : سيء الحفظ و من ثم
قال السخاوي : هذا الحديث لا يثبت .
قلت : محمد بن عجلان ثقة حسن الحديث ، فلا يعل بمثله هذا الحديث ، و طارق بن
عبد الرحمن اثنان أحدهما البجلي الكوفي روى عن سعيد بن المسيب و نحوه ، و هو
ثقة من رجال الشيخين و الآخر القرشي الحجازي يروي عن العلاء بن عبد الرحمن
و نحوه قال الذهبي : لا يكاد يعرف ، قال النسائي : ليس بالقوي ، فالظاهر أن هذا
هو المراد و ليس الأول لأنه في طبقته و ذكره ابن حبان في " الثقات " فلعله هو
علة الحديث و إلا فمن دونه .
و يؤسفني أنني لم أقف على سند الحديث لأنظر فيه مع أن المناوي ذكر فيما تقدم أن
أبا نعيم رواه أيضا ، و لم أجده في " البغية في ترتيب أحاديث الحلية " للشيخ
عبد العزيز بن محمد بن الصديق الغماري فالله أعلم .
ثم رأيت بخط الحافظ ابن رجب الحنبلى في قطعة من شرحه على الترمذي ( 83 / 2 ) ما
نصه : سئل أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل عن شيخ نصيبي يقال : محمد بن نعيم
قيل له : روى شيئا عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" صلاة بعمامة أفضل من سبعين صلاة بغير عمامة " ، قال : هذا كذاب ، هذا باطل .
ثم رأيت رواية أبي نعيم ، فتأكدت أن آفة الحديث ممن دون طارق بن عبد الرحمن ،
فخرجته فيما سيأتي ( برقم 5699 ) .

(1/205)


129 - " الصلاة في العمامة تعدل بعشرة آلاف حسنة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 253 ) :
موضوع .
أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 111 ) من رواية الديلمي
( 2 / 256 ) بسنده إلى أبان عن أنس مرفوعا .
و قال : أبان متهم و تبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 257 / 2 ) .
قلت : و قال الحافظ السخاوي في " المقاصد " ( ص 124 ) تبعا لشيخه الحافظ ابن
حجر : إنه موضوع و قال المنوفي : إنه حديث باطل كما في " موضوعات " الشيخ
القاري ( ص 51 ) .
و لا شك عندي في بطلان هذا الحديث و كذا الحديثين قبله ، لأن الشارع الحكيم يزن
الأمور بالقسطاص المستقيم ، فغير معقول أن يجعل أجر الصلاة في العمامة مثل أجر
صلاة الجماعة بل أضعاف أضعافها ! مع الفارق الكبير بين حكم العمامة و صلاة
الجماعة ، فإن العمامة غاية ما يمكن أن يقال فيها : إنها مستحبة ، و الراجح
أنها من سنن العادة لا من سنن العبادة ، أما صلاة الجماعة فأقل ما قيل فيها :
إنها سنة مؤكدة ، و قيل : إنها ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها ، و الصواب
أنها فريضة تصح الصلاة بتركها مع الإثم الشديد ، فكيف يليق بالحكيم العليم أن
يجعل ثوابها مساويا لثواب الصلاة في العمامة بل دونها بدرجات ! و لعل الحافظ
ابن حجر لاحظ هذا المعنى حين حكم على الحديث بالوضع .
و من آثار هذه الأحاديث السيئة و توجيهاتها الخاطئة أننا نرى بعض الناس حين
يريد الدخول في الصلاة يكور على رأسه أو طربوشه منديلا لكي يحصل بزعمه على هذا
الأجر المذكور مع أنه لم يأت عملا يطهر به نفسه و يزكيها ! و من العجائب أن ترى
بعض هؤلاء يرتكبون إثم حلق اللحية فإذا قاموا إلى الصلاة لم يشعروا بأي نقص
يلحقهم بسبب تساهلهم هذا و لا يهمهم ذلك أبدا ، أما الصلاة في العمامة فأمر لا
يستهان به عندهم ! و من الدليل على هذا أنه إذا تقدم رجل ملتح يصلي بهم لم
يرضوه حتى يتعمم ، و إذا تقدم متعمم و لو كان عاصيا بحلقه للحيته لم يزعجهم ذلك
و لم يهتموا له فعكسوا شريعة الله حيث استباحوا ما حرمه ، و أوجبوا ، أو كادوا
أن يوجبوا ما أباحه ، و العمامة إن ثبت لها فضيلة فإنما يراد بها العمامة التي
يتزين بها المسلم في أحواله العادية ! و يتميز بها عن غيره من المواطنين ،
و ليس يراد بها العمامة المستعارة التي يؤدي بها عبادة في دقائق معدودة ، فما
يكاد يفرغ منها حتى يسجنها في جيبه ! و المسلم بحاجة إلى عمامة خارج الصلاة
أكثر من حاجته إليها داخلها بحكم أنها شعار للمسلم تميزه عن الكافر و لا سيما
في هذا العصر الذي اختلطت فيه أزياء المؤمن بالكافر حتى صار من العسير أن يفشي
المسلم السلام على من عرف و من لم يعرف ، فانظر كيف صرفهم الشيطان عن العمامة
النافعة إلى العمامة المبتدعة ، و سول لهم أن هذه تكفي و تغني عن تلك و عن
إعفاء اللحية التي تميز المسلم من الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم :
" خالفوا المشركين احفوا و في رواية قصوا الشوارب و أوفوا اللحى " ، رواه
الشيخان و غيرهما عن ابن عمر و غيره و هو مخرج في " حجاب المرأة المسلمة "
( ص 93 ـ 95 ) .
و ما مثل من يضع هذه العمامة المستعارة عند الصلاة إلا كمثل من يضع لحية
مستعارة عند القيام إليها ! و لئن كنا لم نشاهد هذه اللحى المستعارة في بلادنا
فإني لا أستبعد أن أراها يوما ما بحكم تقليد كثير من المسلمين للأوربيين . فقد
قرأت في " جريدة العلم الدمشقية " عدد ( 2485 ) بتاريخ 25 ذي القعدة سنة 1364
هـ ما نصه : لندن ـ عندما اشتدت وطأة الحر ، و انعقدت جلسة مجلس اللوردات سمح
لهم الرئيس بأن يخلعوا لحاهم المستعارة ! فهل من معتبر ؟ .

(1/206)


130 - " إن الله تعالى لا يعذب حسان الوجوه سود الحدق " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 255 ) :
موضوع .
أخرجه الديلمي ، أنبأنا بنجير بن منصور عن جعفر بن محمد بن الحسين الأبهري و عن
علي بن أحمد الحروري عن جعفر بن أحمد الدقاق عن عبد الملك بن محمد الرقاشي عن
عمرو بن مرزوق عن شعبة عن قتادة عن أنس مرفوعا .
أورده السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 113 ـ 114 ) ، عند كلامه على الحديث الآتي
بعد هذا ، كأنه ساقه شاهدا له ، و سكت عنه ، فرأيت أن أتكلم عنه و أكشف عن علته
و لا سيما و قد سألني عنه أقرب الناس إلي و هو والدي رحمه الله و جزاه الله عني
خير الجزاء ، فأقول : علة هذا الحديث من الرقاشي فمن دونه ، و كلهم مجهولون لم
أجد لهم ذكرا في شيء من كتب الرجال التي تحت يدي إلا الرقاشي فإنه من رجال ابن
ماجه و له ترجمة واسعة في " تهذيب التهذيب " ( 6 / 419 - 421 )
و " تاريخ بغداد " ( 10 / 425 ـ 427 ) و يتلخص مما جاء فيها أنه في نفسه صدوق ،
لكنه اختلط حين جاء بغداد فكثر خطؤه في الأسانيد و المتون ، فلعل هذا الحديث من
تخاليطه ! و إلا فهو من وضع أحد أولئك المجهولين ، و قال ابن عراق في " تنزيه
الشريعة " ( 1 / 174 ) : في سنده جعفر بن أحمد الدقاق ، و هو آفته فيما أظن ،
والله أعلم .
قلت : و لست أشك في بطلان هذا الحديث لأنه يتعارض مع ما ورد في الشريعة ، من أن
الجزاء إنما يكون على الكسب و العمل *( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، و من
يعمل مثقال ذرة شرا يره )* لا على ما لا صنع و لا يد للإنسان فيه كالحسن أو
القبح ، و إلى هذا أشار صلى الله عليه وسلم بقوله : " إن الله لا ينظر إلى
أجسادكم و لا إلى صوركم و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم " رواه مسلم ( 8 / 11
) ، و غيره و هو مخرج في " غاية المرام " ( 415 ) ، و راجع التعليق عليه في
مقدمتي على " رياض الصالحين " للنووي ( ص : ل ـ ن ) ، فإنه مهم جدا ، و مثل هذا
الحديث الموضوع في البطلان الحديث الآتي و هو :

(1/207)


131 - " عليكم بالوجوه الملاح و الحدق السود فإن الله يستحي أن يعذب وجها مليحا
بالنار " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 256 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 7 / 282 ـ 283 ) في ترجمة الحسن بن علي بن زكريا
بإسناده عن شعبة عن توبة العنبري عن أنس رفعه و أورده ابن الجوزي في
" الموضوعات " ، و قال : آفته الحسن بن علي بن زكريا العدوي يضع الحديث ، قال
السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 113 ) : هو أحد المعروفين بالوضع ، و قال الشيخ
القاري ( ص 110 ) : فلعنة الله على واضعه الخبيث ، ثم وجدت له طريقا أخرى فقال
لاحق بن محمد في " شيوخه " ، ( 114 / 1 / 2 ) : أخبرنا أبو مسعود حدثنا لاحق بن
الحسين المقدسي حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي درة القاضي حدثنا محمد بن طلحة
العروقي حدثنا إبراهيم بن سليمان الزيات حدثنا شعبة عن توبة العنبري عن
أنس بن مالك مرفوعا به .
قلت : و هذا كالذي قبله أو شر منه ، و فيه علل :
1 - الزيات هذا قال ابن عدي : ليس بالقوي .
2 - و العروقي ، و الراوي عنه محمد القاضي لم أعرفهما .
3 - لاحق هذا و هو آفة الحديث فإنه كذاب وضاع ، و قال الإدريسى الحافظ : كان
كذابا أفاكا يضع الحديث على الثقات ، لا نعلم له ثانيا في عصرنا مثله في الكذب
و الوقاحة .
و قال الشيرازي في " الألقاب " : حدثنا أبو عمر لاحق بن الحسين بن أبي الورد
فذكر خبرا موضوعا ظاهر الكذب ، متنه : " عليكم بالوجوه الملاح ... " فذكره .
قلت : و من أحاديث هذا العدوي الكذاب الحديث الآتي .

(1/208)


132 - " النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر ، و النظر إلى الوجه القبيح يورث الكلح " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 257 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب ( 3 / 226 ) و من طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 162 ـ
163 ) من طريق الحسن بن علي بن زكريا البصري حدثنا بشر بن معاذ حدثنا بشر بن
الفضل عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مرفوعا .
و رواه محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان الطرازي عن الحسن بن علي بن زكريا بإسناد
آخر عن أنس مرفوعا ، لكنها رواية أخطأ فيها الطرازي هذا و قد روى مناكير و
أباطيل ، و الصواب عن الحسن بن زكريا الرواية الأولى كما قال الخطيب ،
و الحسن هذا قال ابن عدي : عامة ما حدث به إلا القليل موضوعات و كنا نتهمه بل
نتيقن أنه هو الذي وضعها ، و قال ابن حبان : لعله حدث عن الثقات بالأشياء
الموضوعات ما يزيد على ألف حديث ، و قال ابن الجوزى : لا نشك أن أبا سعيد هو
الذي وضعه و مثله :

(1/209)


133 - " النظر إلى وجه المرأة الحسناء و الخضرة يزيدان في البصر " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 258 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 201 - 202 ) و عنه الديلمي ( 4 / 106 ) من
طريق أحمد بن الحسين الأنصاري حدثنا إبراهيم بن حبيب بن سلام المكي حدثنا ابن
أبي فديك حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر مرفوعا .
إبراهيم هذا لم أجد من ترجمه و كذا الراوي عنه أحمد بن الحسين ، لكن تابعه محمد
ابن يعقوب عن أبي الشيخ في " التاريخ " ( 236 ) إلا أنه قال : حدثنا إبراهيم بن
سلام المكي و تابعه أيضا محمد بن أحمد القاضي البوراني قال : حدثنا إبراهيم بن
حبيب بن سلام به ، رواه أبو نعيم أيضا كما ذكره السيوطي في " اللآليء " ( 1 /
116 ) و البوراني هذا ترجمه الخطيب ( 1 / 295 ) و روي عن الدارقطني أنه قال
فيه : لا بأس به ، و لكنه يحدث عن شيوخ ضعفاء .
قلت : فالظاهر أن إبراهيم شيخ البوراني في هذا الحديث من أولئك الشيوخ الضعفاء
فهو آفة هذا الحديث و قد ذكره الذهبي في " الميزان " في ترجمة محمد بن
عبد الرحمن أبي الفضل بسنده عن ابن أبي فديك به ، و قال : خبر باطل .
قلت : و أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 7 ) ، و قال ابن القيم :
هذا الحديث و نحوه من وضع الزنادقة .
قلت : و هو و ما بعده مما سود به السيوطي " الجامع الصغير " و قد أورده ابن
الجوزي في " الموضوعات " و لكن بلفظ آخر و هو .

(1/210)


134 - " ثلاثة يزدن في قوة البصر : النظر إلى الخضرة ، و إلى الماء الجاري ، و إلى
الوجه الحسن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 259 ) :
موضوع .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 163 ) من طريق وهب بن وهب القرشي عن
جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن علي بن الحسين عن جده علي بن أبي طالب
مرفوعا .
و قال ابن الجوزي : باطل ، وهب كذاب .
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 115 - 117 ) بأن له طرقا أخرى يرقي
الحديث بها عن درجة الوضع ، ثم ساقها من حديث ابن عمرو و بريدة و عائشة و جابر
و قد تقدم قبل هذا و أبي سعيد الخدري و ابن عباس موقوفا عليه .
قلت : و كل من هذه الطرق فيها ضعيف أو مجهول أو متهم ، و بيان ذلك مما يطول به
الكلام جدا فاكتفيت بالإشارة ، و الحكم على هذا الحديث و ما في معناه بالوضع من
قبل معناه أقوى من الحكم عليه به من جهة الإسناد ، فقد قال ابن القيم
رحمه الله في رسالته " المنار " : فصل : و نحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون
الحديث موضوعا ، ثم ذكر في بيان ذلك فصولا قيمة جدا نقلها عنه الشيخ على القاري
في " خاتمة الموضوعات " قال ( ص 109 ) : فصل : و منها أن يكون الحديث لا يشبه
كلام الأنبياء بل لا يشبه كلام الصحابة كحديث : " ثلاثة يزدن في البصر : النظر
إلى الخضرة ، و الوجه الحسن " ، و هذا الكلام مما يجل عنه أبو هريرة و ابن عباس
بل سعيد بن المسيب و الحسن ، بل أحمد و مالك .
و تعقبه الشيخ القاري بأنه ضعيف لا موضوع .
قلت : لا تعارض بين قوليهما فهو ضعيف سندا موضوع متنا ، و قد سبق لهذا بعض
الأمثلة .

(1/211)


135 - " إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا ، و إذا سمعتم برجل تغير عن خلقه فلا
تصدقوا به ، و إنه يصير إلى ما جبل عليه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 260 ) :
ضعيف .
أخرجه أحمد ( 6 / 443 ) من طريق الزهري أن أبا الدرداء قال : بينما نحن عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم نتذاكر ما يكون إذ قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، الحديث .
و هذا إسناد منقطع ، و به أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 7 / 696 )
و تبعه المناوي في " شرح الجامع الصغير " فقال : قال الهيثمي : رجاله رجال
الصحيح إلا أن الزهري لم يدرك أبا الدرداء ، و قال السخاوي : حديث منقطع ، و به
يعرف ما في رمز المؤلف لصحته .
قلت : و كأن الشيخ العجلوني اغتر بالرمز المشار إليه فإنه قال في " الكشف "
( 1 / 87 ) ، رواه أحمد بسند صحيح " ! و من عجيب أمره أنه ذكره في موضع آخر
( 1 / 82 ) برواية أحمد و سكت عليه فلم يصححه ، ثم أورده في مكان ثالث ( 1 /
259 ) و نقل عن " المقاصد " أنه منقطع ! ، و هذا من الأدلة الكثيرة على أن
العجلوني مقلد ناقل ، و هذا الحديث يستشم منه رائحة الجبر و أن المسلم لا يملك
تحسين خلقه لأنه لا يملك تغييره ! ، و حينئذ فما معنى الأحاديث الثابتة في الحض
على تحسين الخلق كقوله صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن
حسن خلقه " رواه أبو داود ( 2 / 288 ) و غيره في حديث .
و سنده صحيح ، فهذا يدل على أن حديث الباب منكر ، والله أعلم .

(1/212)


136 - " من حدث حديثا فعطس عنده فهو حق " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 261 ) :
باطل .
أخرجه تمام في " الفوائد " ( 148 / 2 ) و كذا الترمذي الحكيم و أبو يعلى
و الطبراني في " الأوسط " و ابن شاهين من طريق بقية عن معاوية بن يحيى عن
أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا ، و أورده ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 3 / 77 ) من طريق ابن شاهين ثم قال : باطل تفرد به معاوية
و ليس بشيء ، و تابعه عبد الله بن جعفر المديني أبو علي عن أبي الزناد ،
و عبد الله متروك .
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 286 ) بأحاديث أوردها ، بعضها مرفوعة
و بعضها موقوفة ، ثم إن بعضها في فضل العطاس مطلقا فلا يصلح شاهدا لو صح .
و أما قول النووي رحمه الله في فتاويه ( ص 36 - 37 ) بعد أن عزاه لأبي يعلى :
إسناده جيد حسن ، كل رجاله ثقات متقنون إلا بقية بن الوليد فمختلف فيه ، و أكثر
الحفاظ و الأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين ، و هو يروي هذا الحديث عن معاوية
ابن يحيى الشامي .
قلت : فهذا من أوهامه رحمه الله فإن بقية معروف بالتدليس و قد رواه عن معاوية
معنعنا و قد قال النسائي و غيره : إذا قال :حدثنا و أخبرنا فهو ثقة ، و قال غير
واحد : كان مدلسا فإذا قال : عن فليس حجة ، و لهذا قال أبو مسهر : أحاديث بقية
ليست نقية فكن منها على تقية ، ذكره الذهبي ثم قال : و بقية ذو غرائب
و مناكير ، أقول هذا لبيان حال بقية و إلا فالظاهر من كلام السيوطي في
" اللآليء " أنه لم يتفرد به عن معاوية ، فعلة الحديث هو معاوية هذا فإنه ضعيف
جدا قال ابن معين : هالك ليس بشيء ، و قال أبو حاتم : ضعيف في حديثه إنكار ،
و قال النسائي : ليس بثقة ، و قال الحاكم أبو أحمد : يروي عنه الهقل بن زياد عن
الزهري أحاديث منكرة شبيهة بالموضوعة ، و قال الساجي : ضعيف الحديث جدا ،
و هكذا باقي أقوال الأئمة كلها متفقة على تضعيفه ليس فيهم من وثقه ، فانظر كيف
انصرف النووي عن علة الحديث الحقيقية ، و أخذ يدافع عن بقية مع أنه لم يحمل
عليه في هذا الحديث أحد ! فلولا أن النووي رحمه الله وهم لما جاز له أن يصف
يحيى هذا بالثقة و الإتقان ، و قد علم أنه متفق على تضعيفه ! و الحديث رواه
البيهقي أيضا و قال : إنه منكر ، كما في " شرح المناوي " و قال الهيثمي في
" المجمع " ( 8 / 59 ) : رواه الطبراني في " الأوسط " و قال : لا يروى عن النبي
صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد و أبو يعلى ، و فيه معاوية بن يحيى الصدفي
و هو ضعيف ، و قد قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 342 ) : سألت أبي عن
حديث رواه داود بن رشيد عن بقية عن معاوية بن يحيى عن أبي الزناد .. عن النبي
صلى الله عليه وسلم : " من حدث بحديث فعطس عنده فهو حق " ؟ قال أبي : هذا حديث
كذب ، فبعد شهادة مثل هذا الإمام النقاد أنه حديث كذب ، فما يفيد المتساهلين
محاولتهم إنقاذ إسناد هذا الحديث من الوضع إلى الضعف أو الحسن لأنها محاولات لا
تتفق مع قواعد الحديث في شيء ، و ما أحسن ما قاله المحقق ابن القيم رحمه الله
فيما نقله عنه الشيخ القاري في " موضوعاته " ( ص 106 ـ 107 ) : و هذا الحديث
و إن صحح بعض الناس سنده فالحس يشهد بوضعه ، لأنا نشاهد العطاس و الكذب يعمل
عمله ، و لو عطس مئة ألف رجل عند حديث يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لم
يحكم بصحته بالعطاس ، و لو عطسوا عنده بشهادة رجل لم يحكم بصدقه ، و تعقبه هو
و الزركشي من قبل و غيرهما بقولهم : إن إسناده إذا صح و لم يكن في العقل ما
يأباه وجب تلقيه بالقبول .
قلت : أنى لإسناده الصحة و فيه من اتفقوا على ضعفه و يشهد الإمام أبو حاتم بأن
حديثه هذا كذب ؟ ! ثم العقل يأباه كما بينه ابن القيم فيما سبق و لو صح هذا
الحديث لكان يمكن الحكم على كل حديث نبوي عطس عنده بأنه حق و صدق ، و لو كان
عند أئمة الحديث زورا و كذبا ؟ و هذا ما لا يقوله فيما أظن أحد .

(1/213)


137 - " أصدق الحديث ما عطس عنده " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 264 ) :
باطل .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 191 / 2 / 3502 ـ بترقيمي ) من طريق عمارة
ابن زاذان عن ثابت عن أنس مرفوعا ، و قال : لم يروه عن ثابت إلا عمارة .
قلت : و عمارة هذا ، قال أحمد : يروي عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير .
قلت : و هذا الحديث من روايته عن ثابت عن أنس ، فهو علة الحديث ، و إلى ذلك
أشار الهيثمي بقوله في " المجمع " ( 8 / 59 ) : رواه الطبراني في " الأوسط " عن
شيخه جعفر بن محمد بن ماجد و لم أعرفه ، و عمارة بن زاذان وثقه أبو زرعة
و جماعة و فيه ضعف ، و بقية رجاله ثقات .
و ابن ماجد وثقه الخطيب في " التاريخ " ( 7 / 196 ) فلا يعل به الحديث ، و الله
أعلم .
و قد تقدم الكلام على بطلان الحديث من حيث معناه في الحديث الذي قبله فأغنى عن
الإعادة .

(1/214)


138 - " ثلاث يفرح بهن البدن و يربو عليها : الطيب ، و الثوب اللين ، و شرب العسل " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 265 ) :
موضوع .
رواه ابن حبان في " الضعفاء و المتروكين " ( 3 / 141 ) و أبو نعيم ( 6 / 340 )
من طريق الطبراني عن محمد بن روح القتيري حدثنا يونس بن هارون الأزدي عن مالك
ابن أنس عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب مرفوعا ، و قال أبو نعيم :
غريب من حديث مالك عن أبيه تفرد به القتيري في الأصل القشيري في الموضعين و هو
تصحيف .
قلت : و القتيرى هذا بفتح القاف و بعدها مثناة ضبطه ابن ماكولا و غيره ، و تصحف
على ابن السمعاني فذكره في القنبري ، و قال : نسبة إلى قنبر مولى علي رضي الله
عنه ، منكر الحديث .
قلت : قال فيه ابن يونس أيضا : منكر الحديث ، و قال الدارقطني فيه و في شيخه
يونس بن هارون ضعيفان ، و قال في " غرائب مالك " : لا يصح هذا الحديث عن مالك
و قال ابن حبان في ترجمة يونس بن هارون : روى عجائب لا تحل الرواية عنه ، ما
روى مالك عن أبيه و لا جده شيئا .

(1/215)


139 - " أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا و الآخرة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 266 ) :
موضوع .
أخرجه الحاكم ( 4 / 322 ) و البيهقي في " السنن " ( 7 / 13 ) و الطبراني في
" الأوسط " ( 2 / 294 / 1 9423 ) من طريق خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن
أبي مالك الدمشقي عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد الخدري مرفوعا .
و قال الطبراني : لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد تفرد به خالد .
قلت : و هو ضعيف متهم و لكنه لم يتفرد به كما يأتي قريبا .
و قال الحاكم : صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي .
قلت : و هذا من أوهامهما الفاحشة ، فإن خالدا هذا قال أحمد : ليس بشيء ، و قال
ابن أبي الحواري : سمعت ابن معين يقول : بالشام كتاب ينبغي أن يدفن كتاب الديات
لخالد بن يزيد بن أبي مالك ، لم يرض أن يكذب على أبيه حتى كذب على الصحابة قال
أحمد بن أبي الحواري : سمعت هذا الكتاب عن خالد ثم أعطيته للعطار ، فأعطى للناس
فيه حوائج ! ذكره الذهبي في " الميزان " ، و قال ابن أبي حاتم في
" الجرح و التعديل " ( 1 / 2 / 359 ) : سئل أبي عن خالد هذا ؟ فقال : يروي
أحاديث مناكير .
و للحديث طريق ثان ، فقال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 278 ) : و سمعت أبي
و حدثنا عن حرملة عن ابن وهب عن الماضي بن محمد الغافقي أبي مسعود عن هشام عن
الحسن عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به ، قال أبي : هذا حديث باطل ، و ماضى لا
أعرفه ، و ذكر نحوه في " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 242 ) و أقره الذهبي في
" الميزان " و قال : لم يرو عنه غير ابن وهب ، قال ابن عدي : منكر الحديث ،
و رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " ( 99 / 1 / 2 ) و الطبراني في
" الأوسط " ( 1 / 102 / 2 / 2085 ) من طريقين آخرين عن ابن وهب قال : أخبرني
الماضي بن محمد عن هشام بن حسام عن الحسن عن أبي سلمة عن أبي سعيد به .
و أعله الهيثمي ( 10 / 267 ) بشيخ الطبراني أحمد بن طاهر ، و هو كذاب و قلده
المعلق على " الأوسط " ( 2 / 528 ) و هو متابع كما ترى و إنما علته الماضي كما
عرفت ، و قد أخرجه ابن عدي أيضا عنه ( 6 / 432 ) و أعله به .و له طريق ثالث سوف
يأتي بلفظ : " اللهم توفني إليك فقيرا ... " ، و رابع أخرجه القضاعي ( 94 / 1 )
عن محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه عن عطاء به .
و هذا سند واه من أجل يزيد بن سنان ، و ابنه محمد ، و هو أشد ضعفا من أبيه .
ثم وجدت له شاهدا لكنه مما لا يفرح به ، يرويه أحمد بن إبراهيم المزني : حدثنا
محمد بن كثير حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ : " ألا
أخبركم بأشقى الأشقياء .... " الحديث ، و هو لفظ ابن عدي عن الماضي .
أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 144 ) و من طريقه ابن الجوزي في " العلل "
( 2 / 325 ) و قال : لا يصح ، قال ابن حبان : كان المزني يضع الحديث على الثقات
وضعا .
قلت : فهو بكتاب ابن الجوزي الآخر " الموضوعات " أولى ، و له من مثله الشيء
الكثير ، كما أنه يورد في هذا ما هو بـ " العلل " أولى ، كما هو معروف عند
العلماء .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني ، ثم تكلم عليه
المناوي بما نقله عن الهيثمي ، و ذكرت بعض كلامه آنفا ، ثم قال المناوي :
و من العجب العجاب أنه رمز لصحته لكن الحديث كله مضروب عليه في مسودة المصنف ،
و أما قوله في " التيسير " و هو حسن لا صحيح خلافا للمؤلف و لا ضعيف خلافا
لبعضهم فهو مما لا يساعد عليه شدة ضعف طرقه مع إبطال أبي حاتم إياه ، و من
أحاديث هذا الماضي .

(1/216)


140 - " الزنا يورث الفقر " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 268 ) :
باطل .
رواه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 7 / 2 ) عن أحمد بن عبد الرحمن بن أخي وهب
قال أخبرنا عمي قال أنبأنا الماضي بن محمد عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن
عبد الله بن عمر مرفوعا .
قلت : و هذا سند واه ، و له علتان : الأولى ضعف ليث بن أبي سليم ، و الأخرى
الماضي بن محمد و هو مجهول ، منكر الحديث كما تقدم ، و عزاه السيوطي في
" الجامع " لرواية القضاعي و البيهقي عن ابن عمر ، و قال المنذري في
" الترغيب " ( 3 / 190 ) : رواه البيهقي ، و في إسناده الماضي بن محمد .
قلت : هو عنده في " الشعب " ( 4 / 363 ) من طريق ابن عدي و هذا في " الكامل "
( 6 / 432 ) و قال الذهبي : له أحاديث منكرة منها هذا الحديث .
قلت : و الحديث رواه ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 410 - 411 ) : سمعت أبي
و حدثنا عن حرملة عن ابن وهب عن الماضي بن محمد عن هشام عن ليث بن أبي سليم عن
مجاهد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره ، قال أبي : هذا
حديث باطل ، و ماضي لا أعرفه .
قلت : ثم وجدت له متابعا ، فقال أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني "
( 359 / 2 ) : حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا القاسم بن عباد حدثنا عباد حدثنا
أحمد بن حرب عن حسان عن إسماعيل عن ليث به .
قلت : فانحصرت علة الحديث في الليث و لعل أصله موقوف وهم فيه الليث فرفعه ، فقد
رواه ابن حبان في " الثقات ، ( 2 / 295 ) من طريق مكحول الشامي قال لي ابن عمر
يا مكحول إياك و الزنا فإنه يورث الفقر .
ثم وجدت له طريقا آخر أخرجه البيهقي في " الشعب " و الديلمي في
" مسند الفردوس " ( 2 / 99 / 2 ـ الغرائب ) كلاهما من طريق الحاكم عن شيخه محمد
ابن صالح بن هانيء و هو ثقة قال حدثنا أحمد بن سهل بن مالك حدثني محمد بن
إسماعيل البخاري حدثنا الحسن بن علي الصفار حدثنا أبو خالد الأحمر حدثنا محمد
ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر به .
قلت : و هذا إسناد حسن لولا أنني لم أعرف الحسن بن علي بن صفار و أحمد بن سهل
ابن مالك ، فمن كان عنده علم عنهما فليتفضل بإعلامي مشكورا و جزاه الله خيرا .
و للحديث شاهد و لكنه واه و هو :

(1/217)


141 - " إياكم و الزنا فإنه فيه ست خصال : ثلاثا في الدنيا و ثلاثا في الآخرة ، فأما
اللواتي في الدنيا فإنه يذهب بالبهاء ، و يورث الفقر ، و ينقص الرزق ، و أما
اللواتي في الآخرة : فإنه يورث سخط الرب ، و سوء الحساب و الخلود في النار " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 270 ) :

موضوع .
أخرجه ابن عدي ( 20 / 23 ) و أبو نعيم ( 4 / 111 ) من طريق مسلمة بن علي عن
الأعمش عن شقيق عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا ، و قال ابن عدي : و هذا عن
الأعمش غير محفوظ و هو منكر ، و قال أبو نعيم : غريب من حديث الأعمش ، تفرد به
مسلمة و هو ضعيف الحديث .
قلت : و هو مجمع على تركه ، بل قال الحاكم : روى عن الأوزاعي و الزبيدي
المناكير و الموضوعات و قد ساق له الذهبي من مناكيره أحاديث كثيرة منها هذا ،
و آخر قال فيه أبو حاتم : باطل موضوع و سيأتي إن شاء الله برقم ( 145 ) .
و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 107 ) من طريق أبي نعيم ثم
قال : مسلمة متروك ، و تابعه أبان بن نهشل عن إسماعيل بن أبي خالد عن الأعمش به
و أبان منكر الحديث جدا ، قال ابن حبان : و لا أصل لهذا الحديث ، و تعقبه
السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 191 ) بما نقله عن أبي نعيم من اقتصاره على تضعيف
مسلمة ، و بأن البيهقي أخرجه في " شعب الإيمان " و قال : هذا إسناد ضعيف ،
مسلمة متروك و أبو عبد الرحمن الكوفي مجهول .
قلت : أبو عبد الرحمن هذا وقع في رواية ابن الجوزي بين مسلمة و الأعمش ، و ليس
هو في سند " الحلية " و لا في سند الحديث في " الميزان " فالله أعلم .
ثم رأيت الحديث في جزء من " أمالي الشريف أبي القاسم الحسيني " ( 55 / 1 )
و فيه أبو عبد الرحمن الكوفي هذا ، و كذا هو في " الشعب " ( 4 / 379 / 5475 )
.ثم وجدت له طريقا آخر عن الأعمش أخرجه الواحدي في " الوسيط " ( 3 / 100 / 1 )
من طريق معاوية بن يحيى عن سليمان عن الأعمش .
قلت : و معاوية هذا هو الصدفي و هو ضعيف جدا ، قال النسائي : ليس بثقة و ضعفه
هو في رواية و غيره ، و لا يخفى أن تعقب السيوطي المذكور لا فائدة منه لأن كلام
البيهقي و كذا أبي نعيم ليس نصا في أن الحديث غير موضوع حتى يعارض به حكم ابن
الجوزي بوضعه لما أخبرناك غير مرة أن الموضوع من أنواع الحديث الضعيف .
فتنبه ، و قد روي هذا الحديث بلفظ آخر و هو :

(1/218)


142 - " إياكم و الزنا فإن في الزنا ست خصال ، ثلاث في الدنيا و ثلاث في الآخرة ،
فأما اللواتي في دار الدنيا فذهاب نور الوجه ، و انقطاع الرزق ، و سرعة الفناء
و أما اللواتي في الآخرة فغضب الرب ، و سوء الحساب ، و الخلود في النار إلا أن
يشاء الله " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 271 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب ( 12 / 493 ) و عنه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 107 ) من
طريق كعب بن عمرو بن جعفر البلخي إملاء ، حدثنا أبو جابر عرس بن فهد الموصلي في
الموصل : حدثنا الحسن بن عرفة العبدي : حدثني يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن
أنس مرفوعا ، و قال الخطيب و تبعه ابن الجوزي : رجال إسناد هذا الحديث ثقات
سوى كعب و كان غير ثقة ، ثم روى عن محمد بن أبي الفوارس أنه قال : كان سيء
الحال في الحديث ، و عن العتيقي قال : فيه تساهل في الحديث .
و الحديث رواه من هذا الوجه الواحدي في " تفسيره " ( ق 155 / 1 ) ، و تعقب
ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 191 ) بقوله : قلت : و له طريق آخر
واه أخرجه أبو نعيم : حدثنا أبو بكر المفيد حدثنا أبو الدنيا الأشج عن علي بن
أبي طالب رفعه ، والله أعلم .
قلت : لم يخجل السيوطي عفا الله عنا و عنه من أن يستشهد بهذا الإسناد الباطل
فإن أبا الدنيا هذا كذاب أفاك لا يخفى حاله على السيوطي ، فقد ترجمه الذهبي في
" الميزان " فقال : كذاب طرقي ، كان بعد الثلاث مئة ادعى السماع من علي بن
أبي طالب و اسمه عثمان بن خطاب أبو عمرو ، حدث عنه محمد بن أحمد المفيد بأحاديث
و أكثرها متون معروفة ملصوقة بعلي بن أبي طالب ... و ما يعني برواية هذا الضرب
و يفرح بعلوها إلا الجهلة ، و قال في ترجمته من الأسماء : طير طرأ على أهل
بغداد ، و حدث بقلة حياء بعد الثلاث مئة عن علي بن أبي طالب فافتضح بذلك و كذبه
النقادون .
فإذا كان السيوطي لا يحكم بوضع حديث يرويه مثل هذا الرجل البين كذبه ، فهو دليل
واضح على مبلغ تساهله في حكمه على الأحاديث ، فاعلم هذا و لا تنسه يفدك ذكرك
إياه في مواطن النزاع .
و روي هذا الحديث على لفظ آخر و هو :

(1/219)


143 - " إياكم و الزنا فإن فيه أربع خصال : يذهب بالبهاء من الوجه ، و يقطع الرزق ،
و يسخط الرحمن ، و الخلود في النار " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 273 ) :
موضوع .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 144 / 2 / 7238 ـ بترقيمي ) و ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 3 / 106 ) من رواية ابن عدي عن عمرو بن جميع عن ابن جريج عن
عطاء عن ابن عباس مرفوعا ، و قال الطبراني : لم يروه ، عن ابن جريج إلا
عمرو ، و قال ابن الجوزي : عمرو كذاب ، و هو كما قال الهيثمي في " المجمع "
( 6 / 255 ) : رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه عمرو بن جميع و هو متروك ،
و أما السيوطي فتعقبه في " اللآليء " ( 2 / 189 ) بقوله : قلت : أخرجه الطبراني
في " الأوسط " ، و بناء على هذا التعقيب الذي لا يسمن و لا يغني من جوع أورد
السيوطي الحديث في " الجامع " برواية الطبراني و ابن عدي فتعقبه الشارح المناوي
بعد أن ذكر تعقب السيوطي لابن الجوزي فقال : و هو تعقب أوهى من بيت العنكبوت
لأن ابن جميع الذي حكم بوضع الحديث لأجله في سند الطبراني أيضا فما الذي صنعه ؟
! ثم وجدت له متابعا فقال أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " ( 99 / 2 ) أنبأنا
إبراهيم بن إسماعيل الطلحي أبو إسحاق الكوفي يعرف بابن جهد ، أنبأنا مختار بن
غسان قال سمعت إسماعيل بن مسلم عن ابن جريج به .
قلت : و من طريق ابن الأعرابي رواه ابن الحمامي الصوفي في " منتخب من
مسموعاته " ( 34 / 2 ) ، و هذا السند خير من الذي قبله ، و لكنه معلول من وجوه
ثلاثة : الأول : إسماعيل هذا هو البصري ثم المكي ضعيف .
الثاني : مختار بن غسان لم يوثقه أحد .
الثالث : إبراهيم بن إسماعيل لم أجد من ترجمه نعم ذكره ابن حبان ( في الثقات )
(80 / 88 ) ثم إن مدار السندين على ابن جريج و قد عنعنه !

(1/220)


144 - " أكذب الناس الصباغون و الصواغون " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 274 ) :
موضوع .
أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 1 / 262 من ترتيب المسند ) قال : حدثنا همام عن
فرقد السبخي عن يزيد بن عبد الله الشخير عن أبي هريرة مرفوعا ، و كذا أخرجه
ابن ماجه ( 2 / 6 ) و أحمد ( 2 / 292 ، 324 ، 345 ) و أبو سعيد بن الأعرابي في
" معجمه " ( 78 / 2 ) من طرق عن همام به ، و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير
فرقد هذا و هو أحد زهاد البصرة ، قال أبو حاتم : ليس بقوي في الحديث ، و قال
النسائي : ليس بثقة ، و قال البخاري : في حديثه مناكير كذا في " الميزان " ثم
ساق له من مناكيره أحاديث هذا أولها ! و لهذا أورده ابن الجوزي في " العلل "
و قال : لا يصح ، و للحديث طريق أخرى رواه ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 278
) من طريق يحيى بن سلام عن عثمان بن مقسم عن نعيم بن المجمر عن أبي هريرة
مرفوعا بلفظ : " أكذب الكاذبين الصياغ " ، ثم قال : قال أبي هذا حديث كذب ، و
عثمان هو البري و يحيى بن سلام هو الذي روى عنه عبد الحكم بصرى وقع إلى مصر .
قلت : زاد في ترجمته من " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 / 155 ) : و هو صدوق .
و أما الدارقطني فضعفه ، و قال ابن عدي : يكتب حديثه مع ضعفه ، و أما عثمان
البري فقد كذبه ابن المعين و الجوزجاني ، فهو علة هذه الطريق ، و قد ساق الذهبي
في ترجمته هذا الحديث .
و له طريق ثالث عن أبي هريرة ، رواه ابن عدي ( 316 / 2 ) عن محمد بن يونس
الكديمي حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة
به و قال : و الكديمي أظهر أمرا من أن يحتاج أن يبين ضعفه .
قلت : يشير بذلك إلى أنه كذاب وضاع .
و للحديث شاهد أخرجه ابن عدي ( 315 / 2 ) عن محمد بن الوليد بن أبان حدثنا هدبة
قال حدثنا همام عن قتادة عن أنس مرفوعا ، و قال : و هذا عن أنس بهذا الإسناد
باطل ، و ابن الوليد القلانسي يضع الحديث ، و الحديث أورده ابن طاهر في
" تذكرة الموضوعات " ( ص 15 ) من الطريقين الأولين ، و قال ابن القيم رحمه الله
: الحس يرد هذا الحديث ، فإن الكذب في غيرهم أضعافه فيهم ، كالرافضة فإنهم أكذب
خلق الله و الكهان و الطرقية و المنجمون ، و قد تأوله بعضهم على أن المراد
بالصباغ الذي يزيد في الحديث ألفاظا تزينه ، و الصواغ الذي يصوغ الحديث ليس له
أصل ، و هذا تكلف بارد لحديث باطل ، و تعقبه الشيخ القاري في " موضوعاته " ( ص
107 ) بقوله : و هذا غريب منه فإن الحديث بعينه رواه أحمد و ابن ماجه عن
أبي هريرة كما في " الجامع الصغير " .
قلت : و هذا لا شيء فبعد ثبوت ضعف سند الحديث لا مجال للرد به على من انتقده من
حيث معناه ، و إنما يصح مثل هذا التعقيب فيما لو صح سند الحديث و هيهات هيهات !

(1/221)


145 - " كان لا يعود مريضا إلا بعد ثلاث " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 277 ) :
موضوع .
أخرجه ابن ماجه ( 1 / 439 ) و أبو الشيخ في " الأخلاق " ( 255 ) و ابن عساكر
( 16 / 226 / 2 / 19 / 131 / 1 ) من طريق مسلمة بن علي حدثنا ابن جريج عن حميد
الطويل عن أنس مرفوعا .
قلت : ابن جريج مدلس و قد عنعنه ، و هو إنما يدلس عن الضعفاء ! و مسلمة متهم
كما سبق بيانه في الحديث ( 141 ) و هو آفة هذا الحديث فقال ابن أبي حاتم في
" العلل " ( 2 / 315 ) : سألت أبي عن هذا الحديث فقال : هذا حديث باطل موضوع ،
قلت : ممن هو ؟ قال : مسلمة ضعيف ، و أقره الذهبي في " الميزان " و مع ذلك فقد
سود به السيوطي " جامعه " .
و أخرجه البيهقي في " الشعب " و قال : إسناده غير قوي ، و ذكره الحافظ في
" تهذيب التهذيب " من منكرات مسلمة ، و قد حاول بعضهم أن يشد من عضد الحديث
بحديث آخر بمعناه و لكنه لم ينجح لأنه موضوع كهذا ، و هو :

(1/222)


146 - " لا يعاد المريض إلا بعد ثلاث " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 277 ) :
موضوع .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 200 / 1 / 3647 ـ بترقيمي ) عن نصر بن حماد
أبي الحارث الوراق عن روح بن جناح عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
مرفوعا ، و قال الطبراني : تفرد به أبو الحارث الوراق .
قلت : و هذا سند لا يساوي شيئا ، أبو الحارث هذا قال ابن معين : كذاب ، و قال
البخاري : يتكلمون فيه .
و روح متهم و يأتي له حديث آخر قريبا .
و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي بسنده عن نصر به
إلا أنه قال : روح بن غطيف ، بدل روح بن جناح ، ثم قال ابن الجوزي ما ملخصه :
لا يصح ، روح متروك و كذا نصر .
و قد تعقب ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 403 ) فقال : قلت له شاهد ،
ثم ساق الحديث الذي قبله فلم يصنع شيئا لأنه حديث موضوع كما تقدم .
ثم ذكر له شاهدا آخر من طريق نوح بن أبي مريم حدثنا أبان عن أنس مرفوعا .
و نوح هذا متهم بالكذب و قد مضى ، و كذا أبان و هو ابن أبي عياش .

(1/223)


147 - " تزوجوا و لا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له العرش " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 278 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 12 / 191 ) و من طريقه ابن الجوزي ( 2 /
277 ) في ترجمة عمرو بن جميع عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن
أبي طالب مرفوعا ، و قال : عمرو كان يروي المناكير عن المشاهير و الموضوعات
عن الأثبات .
قلت : و هو كذاب و قد تقدم له أحاديث ، و جويبر ضعيف جدا و تقدم له شيء ،
و بهذا أعله ابن الجوزي و قال : لا يصح .
و الحديث أورده الصغاني في " الموضوعات " ( ص 8 ) .
و أقر ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 179 ) فالعجب منه كيف أورده من
رواية ابن عدي في " الجامع الصغير " الذي اشترط في مقدمته أن يصونه مما تفرد به
كذاب أو وضاع ! و أعجب من هذا استدراك الشيخ العجلوني في " الكشف " ( 1 / 304 )
على حكم الصغاني عليه بالوضع بقوله : لكن عزاه في " الجامع الصغير " لابن عدي
بسند ضعيف عن علي ! و كيف لا يكون هذا الحديث موضوعا ، و قد طلق جماعة من السلف
بل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق زوجته حفصة بنت عمر رضي الله عنهما ؟ !
.

(1/224)


148 - " تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم " ، و في لفظ : " إذا كان في الثوب قدر
الدرهم من الدم غسل الثوب و أعيدت الصلاة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 279 ) :
موضوع .
أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 298 ) ، و الدارقطني في " سننه "
( ص 154 ) و البيهقي ( 2 / 404 ) عن روح بن غطيف عن الزهري عن أبي سلمة عن
أبي هريرة مرفوعا ، و قال ابن حبان : هذا خبر موضوع لا شك فيه ما قاله
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و إنما اخترعه أهل الكوفة ، و روح يروي
الموضوعات عن الثقات و أقره الزيلعي في " نصب الراية " ( 1 / 212 ) و ابن
الملقن في " الخلاصة " ( ق 30 / 1 ) ، و قال الدارقطني : لم يروه عن الزهري غير
روح بن غطيف و هو متروك الحديث ، و قال البخاري في " التاريخ الصغير "
( ص 138 ) : و لا يتابع عليه ، و روى البيهقي من طريق الحافظ ابن عدي بسنده إلى
أحمد بن العباس قال : قلت لابن معين : تحفظ عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث ؟ فقال : لا والله ، ثم قال : ممن ؟
قلت : حدثنا محرز بن عون ، قال : ثقة ، عمن ؟ قلت : عن القاسم بن مالك المزني
قال : ثقة ، عمن ؟ قلت : عن روح بن غطيف ، قال : ها ، قلت : يا أبا زكريا ما
أرى أتينا إلا من روح بن غطيف ؟ قال : أجل ، قال ابن عدي : هذا لا يرويه عن
الزهري فيما أعلمه غير روح بن غطيف و هو منكر بهذا الإسناد ، و فيما بلغني عن
يحيى الذهلي قال : أخاف أن يكون هذا موضوعا .
و الحديث رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 133 ) من هذا الوجه ثم قال : حدثني آدم
قال : سمعت البخاري يقول : هذا الحديث باطل ، و روح هذا منكر الحديث ، و من
طريق العقيلي أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 76 ) ، و أقره السيوطي
في " اللآلىء " ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 428 / 2 ) فالعجب من
السيوطي كيف أورده في " الجامع الصغير " !
و للحديث طريق أخرى بلفظ آخر و هو :

(1/225)


149 - " الدم مقدار الدرهم يغسل و تعاد منه الصلاة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 281 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب ( 9 / 330 ) ، و عنه ابن الجوزي أيضا ( 2 / 75 ) من طريق نوح بن
أبي مريم عن يزيد الهاشمي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا .
و هذا سند موضوع نوح بن أبي مريم متهم ، و قال ابن الجوزي : نوح كذاب ، و أقره
الزيلعي في " نصب الراية " ( 1 / 212 ) و السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 3 ) ،
و مع ذلك ذكره في " الجامع " .
و اعلم أن هذا الحديث هو حجة الحنفية في تقدير النجاسة المغلظة بالدرهم ، و إذا
علمت أنه حديث موضوع يظهر لك بطلان التقييد به ، و أن الواجب اجتناب النجاسة
و لو كانت أقل من الدرهم لعموم الأحاديث الآمرة بالتطهير .

(1/226)


150 - " ثلاث لا يعاد صاحبهن : الرمد ، و صاحب الضرس ، و صاحب الدملة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 281 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 11 / 1 / 150 ـ بترقيمي ) و العقيلي
( 421 ) و ابن عدي ( 319 / 2 ) من طريق مسلمة بن علي الخشني حدثني الأوزاعي عن
يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال الطبراني و ابن
عدي : لم يروه عن الأوزاعي إلا مسلمة .
قلت : و هو متهم ، كما يأتي و قال العقيلي : قال ابن معين : ليس بشيء .
و قال البخاري : منكر الحديث .
و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 208 ) من طريق العقيلي و قال :
موضوع ، و الحمل فيه على مسلمة و إنما يروى من كلام يحيى بن أبي كثير .
قلت : و قال العقيلي عقبه : هذا أولى ، يعني أنه من كلام يحيى ، و كذا قال
البيهقي كما يأتي ، و ذكره الحافظ في " التهذيب " من منكرات الخشني و قال : قال
أبو حاتم : هذا باطل منكر ، و قد تعقب ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء "
( 2 / 406 ) بقوله : قلت : مسلمة لم يتهم بالكذب ، و الحديث أخرجه الطبراني في
" الأوسط " و البيهقي في " الشعب " و ضعفه .
قلت : الحق مع ابن الجوزي فإن مسلمة قد روى أحاديث موضوعة تقدم بعضها فانظر
الحديث ( 141 و 145 ) ، و لذلك لم يصب السيوطي بذكره في " الجامع " ، و قد جزم
البيهقي في " الشعب " ( 6 / 535 / 9190 ) بأن الصحيح أنه من قول يحيى .
و مما يدل على وضعه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود صاحب الرمد ، قال
أنس : عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن أرقم من رمد كان به .
أخرجه علي بن الجعد في " مسنده " ( 2 / 844 / 2335 ) و الحاكم ( 1 / 342 ) من
طريق آخر و صححه و وافقه الذهبي و هو كما قالا و له شاهد من حديث زيد نفسه
صححه الحاكم أيضا و الذهبي ، و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 2716 ) و من
موضوعات الخشني :

(1/227)


151 - " العنكبوت شيطان مسخه الله فاقتلوه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 283 ) :
موضوع .
أخرجه ابن عدي ( 320 / 1 ) في ترجمة مسلمة بن علي الخشني حدثنا سعيد بن سنان عن
أبي الزاهرية عن عبد الله بن عمر مرفوعا ، و قال ابن عدي : مسلمة كل
أحاديثه أو عامتها غير محفوظة .
و مما يدل على بطلان هذا الحديث أنه مخالف لما ثبت في " الصحيح " مرفوعا :
" إن الله لم يجعل لمسخ نسلا و لا عقبا " ، رواه مسلم ( 8 / 55 ) .
و قال ابن حزم في " المحلى " ( 7 / 430 ) : و كل ما جاء في المسوخ في غير القرد
و الخنزير فباطل و كذب موضوع .
و خالف السيوطي كعادته فذكره في " جامعه " .

(1/228)


152 - " استشفوا بما حمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه ، و بما مدح الله به نفسه :
*( الحمد لله )* ، و *( قل هو الله أحد )* ، فمن لم يشفه القرآن فلا
شفاه الله " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 283 ) :
ضعيف جدا .
رواه أبو محمد الخلال في " فضائل قل هو الله أحد " ( 198 / 2 ) حدثنا أحمد بن
عروة الكاتب أنبأنا عبد الله بن محمد بن سعيد الجمال حدثنا يزيد بن عمرو بن
البراء أبو سفيان الشوف حدثنا أحمد بن الحارث الغساني حدثنا ساكنة بنت الجعد
قالت : سمعت رجاء الغنوي يقول : فذكره ، رواه الواحدي في " تفسيره " ( 2 /
185 / 2 ) من طريق آخر عن أحمد بن الحارث الغساني ، مقتصرا على الجملة الأخيرة
منه، و كذا أخرجه الثعلبي كما في " تخريج أحاديث الكشاف " للحافظ ابن حجر
( ص 103 رقم 304 ) .
قلت : و ابن الحارث هذا قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل "
( 1 / 1 / 47 ) : سألت أبي عنه فقال : متروك الحديث ، و قال النسائي : منكر
الحديث ، و قال البخاري و الدولابي : فيه نظر ، و قال العقيلي : له مناكير لا
يتابع عليها ، قال : و لا يعرف لرجاء الغنوي رواية ، و لا صحت له صحبة ،
و أورده السيوطي في " الجامع " برواية ابن قانع عن رجاء الغنوي ، قال المناوي
في شرحه : و قد أشار الذهبي في " تاريخ الصحابة " إلى عدم صحة هذا الخبر فقال
في ترجمة رجاء هذا : له صحبة ، نزل البصرة ، و له حديث لا يصح في فضل القرآن ،
انتهى بنصه .
و هذا الحديث يوحي بترك المعالجة بالأدوية المادية و الاعتماد فيها على تلاوة
القرآن و هذا شيء لا يتفق في قليل و لا كثير مع سنته صلى الله عليه وسلم
القولية و الفعلية ، فقد تعالج صلى الله عليه وسلم بالأدوية المادية مرارا ،
و أمر بذلك فقال : يا عباد الله تداووا فإن الله لم ينزل داء إلا و أنزل له
دواء " ، أخرجه الحاكم بسند صحيح ، و هو مخرج في " غاية المرام " ( 292 ) عن
جمع من الصحابة نحوه .

(1/229)


153 - " من استشفى بغير القرآن فلا شفاه الله تعالى " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 285 ) :
موضوع .
أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 12 ) و أقره الشيخ العجلوني في
" الكشف " ( 2 / 332 ) .
قلت : و أصل هذا اللفظ في الحديث الذي قبله .

(1/230)


154 - " السخي قريب من الله ، قريب من الجنة ، قريب من الناس ، بعيد من النار ،
و البخيل بعيد من الله ، بعيد من الجنة ، بعيد من الناس ، قريب من النار ،
و جاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 285 ) :
ضعيف جدا .
أخرجه الترمذي ( 3 / 143 ) و العقيلي " في الضعفاء " ( 154 ) ، و ابن حبان في
" روضة العقلاء " ( ص 246 ) و ابن عدي ( 183 / 2 ) ، و الطبري في " التهذيب "
( مسند عمر / 100 / 163 ) من طريق سعيد بن محمد الوراق عن يحيى بن سعيد عن
الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا ، و ضعفه الترمذي
بقوله : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث سعيد بن محمد ، و قد خولف سعيد بن
محمد في رواية هذا الحديث عن يحيى بن سعيد ، إنما يروي عن يحيى بن سعيد عن
عائشة شيء مرسل و قال العقيلي : ليس لهذا الحديث أصل من حديث يحيى و لا غيره .
و قال ابن حبان : إن كان حفظ سعيد بن محمد إسناد هذا الخبر فهو غريب غريب .
قلت : و سعيد هذا قال ابن معين : ليس بشيء ، و قال ابن سعد و غيره : ضعيف ،
و قال النسائي : ليس بثقة ، و قال الدارقطني : متروك .
و قد اضطرب في رواية هذا الحديث فمرة رواه كما سبق ، و مرة قال : عن يحيى بن
سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه عن عائشة مرفوعا
به ، أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 132 / 1 / 2545 ـ بترقيمي ) و قال :
لم يروه بهذا الإسناد إلا سعيد ، و كذلك رواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته
بمرو " ( 127 / 2 ) إلا أنه لم يقل : عن أبيه ، و الحديث أورده ابن الجوزي من
هذه الطريق و غيرها في " الموضوعات " ( 2 / 180 ) و قال : لا يصح ، ثم بين
عللها .
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 92 - 93 ) بطرق أخرى ذكرها ، و كلها
ضعيفة ، عند تدقيق النظر فيها ، و قد فاته أن الحافظ أبا حاتم قال في حديث
الوراق هذا : هذا حديث منكر ، و كذا قال أحمد كما في ترجمة سعيد من " التهذيب "
و قال أبو حاتم في طريق أخرى للحديث عن عائشة : هذا حديث باطل ، و سعيد بن
مسلمة ضعيف الحديث أخاف أن يكون أدخل له ، انظر " العلل " لابن أبي حاتم
( 2 / 283 ـ 284 ) .

(1/231)


155 - " ربيع أمتي العنب و البطيخ " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 287 ) :
موضوع .
أخرجه الديلمي في " مسنده " ( 2 / 176 ـ 177 ) ، و ابن الجوزي في " الموضوعات "
من طريق محمد بن أحمد بن مهدي : حدثنا محمد بن الضوء بن الدلهمس حدثنا عطاف بن
خالد عن نافع عن ابن عمر ، و قال ابن الجوزي : موضوع ، محمد بن الضوء كذاب
مجاهر بالفسق ، و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 210 ) ! ثم ابن عراق في
" تنزيه الشريعة " ( 317 / 2 ) .
قلت : و محمد بن أحمد بن مهدي ضعيف جدا ، كما قال الدارقطني .
و الحديث أورده ابن القيم في " الموضوعات " فقال في " المنار " ( ص 21 ) :
و مما يعرف به كون الحديث موضوعا سماجة الحديث و كونه مما يسخر منه .
ثم ذكر أحاديث هذا منها ، و أقره الشيخ القاري في " موضوعاته " ( ص 107 - 108 )
و سيأتي في آخر الحديث ( 167 ) عن السخاوي أن أحاديث فضل البطيخ كلها باطلة
و لذلك فقد شان به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " فأورده فيه من رواية
أبي عبد الرحمن السلمي في " كتاب الأطعمة " و أبي عمر النوقاني في " كتاب
البطيخ " و الديلمي في " مسند الفردوس " عن ابن عمر .

(1/232)


156 - " احترسوا من الناس بسوء الظن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 288 ) :
ضعيف جدا .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 36 / 1 / 592 ) و ابن عدي ( 6 / 2398 ) من
طريق بقية عن معاوية بن يحيى عن سليمان بن سليم عن أنس مرفوعا ، و قال
الطبراني : تفرد به بقية ، قال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 89 ) : بقية بن
الوليد مدلس ، و بقية رجاله ثقات .
كذا قال : و معاوية بن يحيى ضعيف جدا و لم يوثقه أحد و قد ذكرت بعض أقوال
الأئمة في تضعيفه عند الحديث ( رقم 136 ) و قد ساق له الذهبي أحاديث مما أنكر
عليه هذا أحدها ، و قد نقل المناوي في " الفيض " أن الحافظ ابن حجر قال في
" الفتح " : خرجه الطبراني في " الأوسط " من طريق أنس و هو من رواية بقية
بالعنعنة عن معاوية بن يحيى و هو ضعيف ، فله علتان ، و صح من قول مطرف أخرجه
مسدد .
قلت : و كذا أخرجه ابن عساكر ( 16 / 291 / 2 ) عن مطرف .
و روي من قول عمر و غيره ، فأخرج أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في
الفتن " ( ق 12 / 1 - 2 ) عن عيسى بن إبراهيم عن الضحاك بن يسار عن أبي عثمان
النهدي قال : قال عمر بن الخطاب : " ليأتين على الناس زمان يكون صالحو الحي
فيهم في أنفسهم إن غضبوا غضبوا لأنفسهم ، و إن رضوا رضوا لأنفسهم ، لا يغضبون
لله عز وجل و لا يرضون لله عز وجل ، فإذا كان ذلك الزمان فاحترسوا " ، الحديث ،
لكن عيسى بن إبراهيم هذا و هو الهاشمي ضعيف جدا ، و روى أبو نعيم في " أخبار
أصبهان " ( 2 / 202 ) من طريق آخر عن عمر قال : " إن الحزم أن تسيء الظن
بالناس " ، و سنده ضعيف أيضا .
و رواه ابن سعد ( 2 / 177 ) من قول الحسن البصري و سنده صحيح .
ثم إن الحديث منكر عندي لمخالفته للأحاديث الكثيرة التي يأمر النبي صلى الله
عليه وسلم فيها المسلمين بأن لا يسيئوا الظن بإخوانهم ، منها قوله صلى الله
عليه وسلم : " إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث ... " رواه البخاري ( 10 /
395 - 398 ) و غيره ، و هو مخرج في " غاية المرام " ( 417 ) .
ثم إنه لا يمكن التعامل مع الناس على أساس سوء الظن بهم ، فكيف يعقل أن يأمر
صلى الله عليه وسلم أمته أن يتعاملوا على هذا الأساس الباطل ؟ !

(1/233)


157 - " الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة ، و التودد إلى الناس نصف العقل ، و حسن
السؤال نصف العلم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 290 ) :
ضعيف .
عزاه السيوطي في " الجامع " للطبراني في " مكارم الأخلاق " و البيهقي في
" الشعب " عن ابن عمر ، و سكت عليه الشارح المناوي و هو ضعيف فقد قال ابن
أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 284 ) : سألت أبي عن حديث رواه عن هشام بن عمار عن
المخيس بن تميم عن حفص بن عمر عن إبراهيم بن عبد الله بن الزبير عن نافع عن ابن
عمر فذكره ، قال أبي : هذا حديث باطل ، و مخيس و حفص مجهولان .
قلت : و كذا قال الذهبي في ترجمة مخيس و قال : روى عنه هشام بن عمار خبرا منكرا
ثم ساق هذا الحديث ، و أقره الحافظ في " اللسان " .
و من هذا الوجه أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 1 / 55 / 33 ) .

(1/234)


158 - " اغتسلوا يوم الجمعة و لو كأسا بدينار " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 290 ) :
موضوع .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 104 ) من رواية الأزدي بسنده إلى ابن
حبان حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال ابن
الجوزي : ابن حبان هو إبراهيم بن البحتري ساقط لا يحتج به .
قلت : هو إبراهيم بن البراء و قد سبق له حديث موضوع ( رقم 114 ) .
هذا و قد تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 26 ) فقال : قلت : له طريق آخر
أخرجه ابن عدي : حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا حفص بن عمر أبو إسماعيل الديلمي
.... عن أنس مرفوعا به .
قلت : و هذا تعقب فاشل فإن حفص بن عمر هذا كذاب كما قال أبو حاتم فيما نقله
الذهبي في " الميزان " ثم ساق له أحاديث هذا أحدها و لهذا قال ابن عراق ( 248 /
2 ) فلا يصلح شاهدا ، و من الغرائب أن السيوطي أورد الحديث في " الجامع " من
رواية ابن عدي هذه ، و من رواية ابن أبي شيبة عن أبي هريرة موقوفا ، قال
المناوي : و هو شاهد للأول يعني المرفوع ، و به رد المصنف على ابن الجوزي جعله
الحديث موضوعا .
قلت : و هذا رد واه فإن الحديث إذا ثبت وضعه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فلا يفيده أن يرد موقوفا على بعض الصحابة إلا أن يكون من الأحاديث التي لا
تقال بالاجتهاد و الرأي فحينئذ يكون لها حكم المرفوع و ليس منها هذا الحديث كما
لا يخفى ، هذا و قد سقط من النسخة المطبوعة من " اللآليء " إسناد حديث ابن
أبي شيبة عن أبي هريرة فلم نتمكن من النظر في صحته و لو أنه موقوف ، ثم وقفت
على إسناده فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 11 / 20 / 2 ) : أنبأنا وكيع عن
ثور عن زياد النميري عن أبي هريرة قال : لأغتسلن يوم الجمعة و لو كأسا بدينار .
و هذا سند ضعيف ، زياد هو ابن عبد الله و هو ضعيف كما في " التقريب " ، ثم ساق
السيوطي موقوفا آخر على كعب ، و سنده ضعيف أيضا ، و بالجملة فالحديث موضوع
مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ضعيف موقوفا ، و الله سبحانه و تعالى
أعلم .
و يغني عنه الأحاديث الصحيحة في الأمر بالغسل يوم الجمعة كقوله صلى الله عليه
وسلم : " غسل الجمعة واجب على كل محتلم " ، رواه الشيخان و غيرهما و هو مخرج في
" الإرواء " ( رقم 143 ) ، و قد تساهل أكثر الناس بهذا الواجب يوم الجمعة فقل
من يغتسل منهم لهذا اليوم ، و من اغتسل فيه فإنما هو للنظافة ، لا لأنه من حق
الجمعة ، فالله المستعان .

(1/235)


159 - " إن الله عز وجل و ملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 292 ) :
موضوع .
رواه الطبراني في " الكبير " ، و من طريقه أبو نعيم في " الحلية " ( 5 / 189 ـ
190 ) من طريق العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا أيوب بن مدرك عن مكحول عن
أبي الدرداء مرفوعا .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 105 ) من هذا الوجه و قال : لا أصل له
تفرد به أيوب ، قال الأزدي : هو من وضعه كذبه يحيى و تركه الدارقطني ، و تعقبه
السيوطي بقوله ( 2 / 27 ) : اقتصر على تضعيفه الحافظان : العراقي في " تخريج
الإحياء " و ابن حجر في " تخريج الرافعي " ، والله أعلم .
قلت : و تقليدا منه لهما ، و هو مجتهد عصره ! ، أورده في " الجامع الصغير " !
و قد تعقبه الشارح بقوله بعد أن ذكر قول ابن الجوزي السابق : و لم يتعقبه
المؤلف بشيء سوى أنه اقتصر على تضعيفه العراقي و ابن حجر ، و لم يزد على ذلك ،
و أنت خبير بما في هذا التعقب من التعصب .
قلت : و قال الهيثمي في " المجمع " ( 2 / 176 ) بعد أن عزاه للطبراني : و فيه
أيوب بن مدرك قال ابن معين : إنه كذاب ، و نقل هذا عنه الذهبي في " الميزان "
ثم ساق له هذا الحديث و في " اللسان " : و قال العقيلي : يحدث بمناكير لا يتابع
عليها ، و قال في حديث العمائم : لا يتابع عليه .
قلت : و الراوي عنه العلاء بن عمرو الحنفي متهم أيضا و من أحاديثه الآتي عقب
هذا بإذن الله .
ثم رأيت العقيلي قد أخرجه في " الضعفاء " ( ص 42 ) من طريق يوسف بن عدي قال :
حدثنا أيوب بن مدرك به ، و يوسف هذا ثقة من رجال البخاري ، فبرئت ذمة العلاء بن
عمرو منه و انحصرت التهمة في شيخه أيوب بن مدرك ، و أخرجه ابن عدي ( 18 / 1 )
من طريق ثالث عنه ، و قال : و هذا الحديث منكر .

(1/236)


160 - " أحبوا العرب لثلاث : لأني عربي ، و القرآن عربي ، و كلام أهل الجنة عربي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 293 ) :
موضوع .
أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 4 / 87 ) و في " معرفة علوم الحديث ( ص 161 -
162 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( 327 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3 / 122 /
1 ) و " الأوسط " ، و تمام في " الفوائد " ( 22 / 1 ) و من طريقه الضياء
المقدسي في " صفة الجنة " ( 3 / 79 / 1 ) و البيهقي في " شعب الأيمان "
و الواحدي في " تفسيره " ( 81 / 1 ) و ابن عساكر ( 6 / 230 / 1 و 7 / 34 / 1 )
و كذا أبو بكر الأنباري في " إيضاح الوقف و الابتداء " ( ق 6 / 1 نسخة
الإسكندرية ) كلهم من طريق العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا يحيى بن يزيد الأشعري
أنبأنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، و له ثلاث علل :
الأولى : العلاء بن عمرو ، قال الذهبي في " الميزان " : متروك ، و قال
ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال ، ثم ساق له هذا الحديث من طريق العقيلي
ثم قال : هذا موضوع ، قال أبو حاتم : هذا كذب ، ثم ساق له حديثا آخر ثم قال :
و هو كذب ، و قال في " اللسان " : و قال الأزدي : لا يكتب حديثه ، و ذكره ابن
حبان في " الثقات " و قال : ربما خالف ، و قال النسائي : ضعيف ، و قال صالح
جزرة : لا بأس به ، و قال أبو حاتم : كتبت عنه و ما رأيت إلا خيرا .
قلت : لعل قول أبي حاتم هذا و هو في " الجرح و التعديل " ( 3 / 1 / 359 ) قبل
أن يطلع على روايته للأحاديث المكذوبة ، و إلا فتوثيقه لا يتفق في شيء مع
تكذيبه لحديثه كما نقله الذهبي عنه ، و هو في كتاب " العلل " لابنه قال : ( 2 /
375 - 376 ) قال : سألت أبي عن حديث رواه العلاء بن عمرو الحنفي ( قلت : فذكره
قال ) : فسمعت أبي يقول : هذا حديث كذب .
لكن قد يقال : ما دام أن الحديث له علل كثيرة فجائز أن تكون العلة عند أبي حاتم
في غير العلاء هذا ، والله أعلم .
و قال في ترجمته من " اللسان " : و قال العقيلي بعد تخريجه : منكر ضعيف المتن
لا أصل له و أقره الحافظ .
قلت : و ليس في نسختنا من العقيلي قوله : ضعيف المتن ، والله أعلم .
و توثيق ابن حبان إياه مع قوله فيما نقله الذهبي عنه لا يجوز الاحتجاج به بحال
فيه تناقض ظاهر ، فلعل التوثيق كان قبل الاطلاع على حقيقة أمره ، والله أعلم .
و قد يؤيده قول الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 52 ) بعد أن عزاه للطبراني :
و فيه العلاء بن عمرو الحنفي و هو مجمع على ضعفه .
الثانية : يحيى بن يزيد كذا وقع في هذه الرواية : يزيد ، قال الذهبي : ( و هو
تصحيف ، و إنما هو : بريد ) .
قلت : و كذلك وقع في " الضعفاء " للعقيلى و " المعرفة " للحاكم و هكذا أورده
ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4 / 12 / 131 ) و روى عن ابن معين أنه
قال : ضعيف ، و عن ابن نمير قال : ما يسوى تمرة ؟ و عن أبي زرعة : منكر الحديث
و عن أبيه قال : ضعيف الحديث ليس بالمتروك يكتب حديثه قال في " اللسان " :
و ذكره الساجي و العقيلي و ابن الجارود في الضعفاء ، و قد تابعه عند الحاكم
محمد بن الفضل و هو متهم كما سبق في الحديث ( 26 ) ثم قال الحاكم : حديث يحيى
ابن يزيد عن ابن جريج صحيح ، فتعقبه الذهبي بقوله : بل يحيى ضعفه أحمد و غيره ،
و العلاء بن عمرو الحنفي ليس بعمدة ، و أما محمد بن الفضل فمتهم و أظن الحديث
موضوعا ، و كذلك تعقبه الحافظ العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " ( 5 /
1 ) فقال : قلت : و ليس كما قال ، بل هو ضعيف لأن يحيى بن يزيد بن أبي بردة
ضعيف عندهم ، و كذلك راويه عنه : العلاء بن عمرو الحنفي .
الثالثة : عنعنة ابن جريج فإنه كان مدلسا ، قال أحمد : بعض هذه الأحاديث التي
كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة ، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها :
يعني قوله : أخبرت و حدثت عن فلان كذا في " الميزان " .
و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 41 ) من طريق العقيلي ، ثم
قال : قال العقيلي : منكر لا أصل له ، قال ابن الجوزي : يحيى يروي المقلوبات .
قال السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 442 ) : قلت : إنما أورده العقيلي في ترجمة
العلاء بن عمرو على أنه من مناكيره ، و كذا فعل صاحب " الميزان " ثم ذكر توثيق
ابن حبان و صالح جزرة للعلاء متغافلا عن قاعدة ( الجرح مقدم على التعديل ) و عن
قول ابن حبان الآخر فيه : لا يحل الاحتجاج به بحال ، و عن قول الحافظ العراقي :
ضعيف عندهم ، كما تقدم ، ثم ذكر تصحيح الحاكم له و ما تعقبه الذهبي به ، ثم
تعقبه السيوطي بقوله : و له شاهد .
قلت : و لكنه منكر باعتراف السيوطي نفسه فلم يصنع شيئا ! و هو الآتي بعده .
و الحديث أورده شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص 76
طبعة الخانجي ) من طريق العقيلي و أنه قال : لا أصل له و أن ابن الجوزي ذكره في
" الموضوعات " و أقرهما على ذلك ، إلا أنه نقل قبل ذلك عن الحافظ السلفي : هذا
حديث حسن ، قال شيخ الإسلام : فما أدري أراد ( حسن إسناده ) على طريقة المحدثين
أو ( حسن متنه ) على الاصطلاح العام .
قلت : و غالب الظن أنه أراد الثاني و به جزم في " الفيض " لكنه عزاه لابن تيمية
مع أن كلامه كما رأيت لا يدل على جزمه بذلك ، و على كل حال فإني أستبعد جدا أن
يستحسن السلفي إسناد هذا الحديث مع أن أحسن أحواله أن يكون ضعيفا جدا ، و قد
حكم بوضعه غير واحد من الأئمة الذين سبقوه مثل أبي حاتم و العقيلي دون أن
يخالفهم في ذلك أحد ممن يوثق بعلمه .
و الشاهد الذي أشار إليه السيوطي فيما سبق هو :

(1/237)


161 - " أنا عربي ، و القرآن عربي ، و لسان أهل الجنة عربي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 298 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 285 / 1 / 9301 ) قال حدثنا مسعدة بن سعد
حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا عبد العزيز بن عمران حدثنا شبل بن العلاء عن
أبيه عن جده عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال : لم يروه عن شبل إلا عبد العزيز
ابن عمران .
و قد ساقه السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 442 ) شاهدا للحديث الذي قبله ثم عقبه
بقوله : قال الذهبي في " المغني " : شبل بن العلاء بن عبد الرحمن ، قال ابن
عدي : له مناكير .
قلت : و أعله الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 52 - 53 ) بالراوي عنه فقال : و فيه
عبد العزيز بن عمران و هو متروك .
قلت : و قال ابن معين فيه : ليس بثقة ، فالحمل في هذا الحديث عليه أولى ،
و لهذا قال الحافظ العراقي في " المحجة " ( 56 / 1 ) : لكن عبد العزيز بن عمران
الزهري متروك قاله النسائي و غيره ، و قال البخاري : لا يكتب حديثه ، و على هذا
فلا يصح هذا الحديث و أقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 209 ) .
و مما يدل على بطلان نسبة هذا الحديث إليه صلى الله عليه وسلم أن فيه افتخاره
صلى الله عليه وسلم بعروبته و هذا شيء غريب في الشرع الإسلامي لا يلتئم مع قوله
تعالى : *( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )* و قوله صلى الله عليه وسلم : " لا فضل
لعربي على عجمي ... إلا بالتقوى " رواه أحمد ( 5 / 411 ) بسند صحيح كما قال ابن
تيمية في " الاقتضاء " ( ص 69 ) و لا مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن الافتخار
بالآباء و هو قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل أذهب عنكم عبية
الجاهلية و فخرها بالآباء ، الناس بنو آدم ، و آدم من تراب ، مؤمن تقي و فاجر
شقي ، لينتهين أقوام يفتخرون برجال إنما هم فحم من فحم جهنم ، أو ليكونن أهون
على الله من الجعلان التي تدفع النتن بأفواها " .
رواه أبو داود و الترمذي و حسنه و صححه ابن تيمية ( ص 35 ، 69 ) و هو مخرج في
" غاية المرام " ( 312 ) .
فإذا كانت هذه توجيهاته صلى الله عليه وسلم لأمته فكيف يعقل أن يخالفهم إلى ما
نهاهم عنه ؟ !
و من أحاديث ابن عمران هذه التي تدل على حاله ! الحديث الآتي و هو :

(1/238)


162 - " لما تجلى الله للجبل - يعني جبل الطور - طارت لعظمته ستة جبال فوقعت ثلاثة في
المدينة ، و ثلاثة بمكة ، بالمدينة أحد و ورقان و رضوى ، و وقع بمكة حراء
و ثبير و ثور " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 300 ) :
موضوع .
رواه المحاملي في " الأمالي " ( 1 / 172 / 1 ) ، و من طريقه الخطيب في
" التاريخ " ( 10 / 440 ـ 441 ) و ابن الأعرابي في " معجمه " ( 166 / 2 ) و ابن
أبي حاتم في " تفسيره " من طريق عبد العزيز بن عمران عن معاوية بن عبد الله عن
الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس مرفوعا ، و قال الحافظ ابن كثير في
" تفسيره " ( 2 / 245 ) : و هذا حديث غريب بل منكر .
قلت : و لم يبين علته ، و هي من عبد العزيز بن عمران فإنه غير ثقة كما تقدم في
الحديث الذي قبله ، و في ترجمته ساق له الذهبي هذا الحديث و الجلد بن أيوب قال
الدارقطني : متروك .
ثم وجدت الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 120 ) من طريق الخطيب
و قال : قال ابن حبان : موضوع ، و عبد العزيز متروك يروي المناكير عن المشاهير
، و تعقبه السيوطي ( 1 / 24 ) بما لا يجدي ، كما هي عادته .

(1/239)


163 - " إذا ذلت العرب ذل الإسلام " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 301 ) :
موضوع .
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 340 ) ، و كذا أبو يعلى في " مسنده "
( 3 / 402 / 1881 ) عن منصور بن أبي مزاحم حدثنا محمد بن الخطاب البصري عن علي
ابن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا ، و ذكره ابن أبي حاتم في
" العلل " ( 2 / 376 ) فقال : سألت أبي عن حديث رواه منصور بن أبي مزاحم فذكره
قال : فسمعت أبي يقول : هذا حديث باطل ليس له أصل .
قلت : و له علتان :
الأولى : محمد بن الخطاب فإنه مجهول الحال ، قال ابن أبي حاتم في " الجرح " ( 3
/ 2 / 246 ) : سألت أبي عنه ؟ فقال : لا أعرفه ، و في " الميزان " ، و قال
الأزدي : منكر الحديث ، ثم ساق له هذا الحديث ، يشير بذلك إلى أنه منكر ،
و أقره الحافظ في " اللسان " و زاد عليه أن ابن الخطاب هذا ذكره ابن حبان في
" الثقات " ( 9 / 139 ) .
قلت : و توثيق ابن حبان لا يعتمد عليه كما سبق التنبيه عليه مرارا و بخاصة إذا
خولف ! .
الأخرى : علي بن زيد و هو ابن جدعان ضعيف و قد مضى .
و أما قول الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 53 ) : رواه أبو يعلى ، و فيه محمد بن
الخطاب البصري ضعفه الأزدي و غيره ، و وثقه ابن حبان ، و بقية رجاله رجال
الصحيح .
فهذا من أوهامه رحمه الله لأن ابن جدعان ليس من رجال الصحيح ، ثم هو ضعيف كما
تقدم ، و منه تعلم خطأ قول المناوي في " فيض القدير " : قال العراقي في
" القرب " : صحيح ، ثم نقل ما ذكرت عن الهيثمي آنفا ثم قال : و رمز المصنف
لضعفه باطل ... يعني أنه صحيح ، ثم ناقض نفسه بنفسه في شرحه الآخر " التيسير "
فقال : قال العراقي : صحيح و فيه ما فيه ! و اغتر بذلك السيد رشيد رضا فقال في
مجلة " المنار " ( 17 / 920 ) : رواه أبو يعلى بسند صحيح .
ثم رأيت الحافظ العراقي يقول في " محجة القرب في فضل العرب " ( 5 / 2 - 5 / 1 )
بعد أن ساق الحديث من طريق أبي يعلى عن منصور به : و محمد بن الخطاب بن جبير بن
حية تقدم الكلام عليه في الباب الذي قبله ، و علي بن زيد بن جدعان مختلف فيه ،
و قد أخرج له مسلم في المتابعات و الشواهد ، و ذكر في الباب المشار إليه أن
محمد بن الخطاب زالت جهالة عينه برواية جماعة عنه ذكرهم ، و لا يخفى أن زوال
جهالة العين لا يلزم منه زوال جهالة الحال ، و على هذا فكلام الحافظ المذكور
يدل على أن الحديث ضعيف عنده للعلتين اللتين ذكرهما ، فهذا التحقيق الذي ذكرته
أنا يجعلني أشك في التصحيح الذي نقله المناوي عن العراقي ، و الحق أنه ضعيف كما
رمز له السيوطي ، و لولا أن في معناه ما يدل على بطلانه لاقتصرنا على تضعيفه ،
ذلك لأن الإسلام لا يرتبط عزه بالعرب فقط بل قد يعزه الله بغيرهم من المؤمنين
كما وقع ذلك زمن الدولة العثمانية لا سيما في أوائل أمرها فقد أعز الله بهم
الإسلام حتى امتد سلطانه إلى أواسط أوربا ، ثم لما أخذوا يحيدون عن الشريعة إلى
القوانين الأوربية ( يستبدلون الأدنى بالذي هو خير ) تقلص سلطانهم عن تلك
البلاد و غيرها حتى لقد زال عن بلادهم ! فلم يبق فيها من المظاهر التي تدل على
إسلامهم إلا الشيء اليسير ! فذل بذلك المسلمون جميعا بعد عزهم و دخل الكفار
بلادهم و استذلوهم إلا قليلا منها ، و هذه و إن سلمت من استعمارهم إياها ظاهرا
فهي تستعمرها بالخفاء تحت ستار المشاريع الكثيرة كالاقتصاد و نحوه ! فثبت أن
الإسلام يعز و يذل بعز أهله و ذله سواء كانوا عربا أو عجما ، " و لا فضل لعربي
على عجمي إلا بالتقوى " ، فاللهم أعز المسلمين و ألهمهم الرجوع إلى كتابك و سنة
نبيك حتى تعز بهم الإسلام .
بيد أن ذلك لا ينافي أن يكون جنس العرب أفضل من جنس سائر الأمم ، بل هذا هو
الذي أؤمن به و أعتقده و أدين الله به - و إن كنت ألبانيا فإني مسلم و لله
الحمد - ذلك لأن ما ذكرته من أفضلية جنس العرب هو الذي عليه أهل السنة
و الجماعة ، و يدل عليه مجموعة من الأحاديث الواردة في هذا الباب منها قوله
صلى الله عليه وسلم : " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم و اصطفى من ولد إسماعيل
بني كنانة ، و اصطفى من بني كنانة قريشا ، و اصطفى من قريش بني هاشم و اصطفاني
من بني هاشم " .
رواه أحمد ( 4 / 107 ) و الترمذي ( 4 / 392 ) و صححه و أصله في " صحيح مسلم "
( 7 / 48 ) و كذا البخاري في " التاريخ الصغير " ( ص 6 ) من حديث واثلة بن
الأسقع ، و له شاهد عن العباس بن عبد المطلب ، عند الترمذي و صححه ، و أحمد ،
و آخر عن ابن عمر عند الحاكم ( 4 / 86 ) و صححه .
و لكن هذا ينبغي ألا يحمل العربي على الافتخار بجنسه ، لأنه من أمور الجاهلية
التي أبطلها نبينا محمد العربي صلى الله عليه وسلم على ما سبق بيانه ، كما
ينبغي أن لا نجهل السبب الذي به استحق العرب الأفضلية ، و هو ما اختصوا به في
عقولهم و ألسنتهم و أخلاقهم و أعمالهم ، الأمر الذي أهلهم لأن يكونوا حملة
الدعوة الإسلامية إلى الأمم الأخرى ، فإنه إذا عرف العربي هذا و حافظ عليه
أمكنه أن يكون مثل سلفه عضوا صالحا في حمل الدعوة الإسلامية ، أما إذا هو تجرد
من ذلك فليس له من الفضل شيء ، بل الأعجمي الذي تخلق بالأخلاق الإسلامية هو خير
منه دون شك و لا ريب ، إذ الفضل الحقيقي إنما هو اتباع ما بعث به محمد صلى الله
عليه وسلم من الإيمان و العلم ، فكل من كان فيه أمكن ، كان أفضل ، و الفضل إنما
هو بالأسماء المحددة في الكتاب و السنة مثل الإسلام و الإيمان و البر و التقوى
و العلم ، و العمل الصالح و الإحسان و نحو ذلك ، لا بمجرد كون الإنسان عربيا أو
أعجميا ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، و إلى هذا أشار صلى الله
عليه وسلم بقوله : " من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه " رواه مسلم ، و لهذا قال
الشاعر العربي :
لسنا و إن أحسابنا كرمت يوما على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا تبني و نفعل مثل ما فعلوا
و جملة القول : إن فضل العرب إنما هو لمزايا تحققت فيهم فإذا ذهبت بسبب إهمالهم
لإسلامهم ذهب فضلهم ، و من أخذ بها من الأعاجم كان خيرا منهم ، " لا فضل لعربي
على أعجمي إلا بالتقوى " ، و من هنا يظهر ضلال من يدعو إلى العروبة و هو لا
يتصف بشيء من خصائصها المفضلة ، بل هو أوربي قلبا و قالبا !

(1/240)


164 - " المدبر لا يباع و لا يوهب ، و هو حر من الثلث " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 305 ) :
موضوع .
أخرجه الدارقطني ( ص 384 ) و البيهقي ( 10 / 314 ) عن عبيدة بن حسان عن أيوب عن
نافع عن ابن عمر مرفوعا ، و قال الدارقطني : لم يسنده غير عبيدة بن حسان
و هو ضعيف ، و إنما هو عن ابن عمر موقوف من قوله .
قلت : و عبيدة هذا بالفتح ، قال أبو حاتم : منكر الحديث ، و قال ابن حبان ( 2 /
189 ) : يروي الموضوعات عن الثقات .
قلت : و هذا منها بلا شك فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم باع المدبر ، فقال جابر
رضي الله عنه : إن رجلا من الأنصار أعتق غلاما له عن دبر لم يكن له مال غيره ،
فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن
عبد الله بثمان مئة درهم ، فدفع إليه ، رواه البخاري ( 5 / 25 ) و مسلم ( 5 /
97 ) و غيرهما ، و هو مخرج في " الإرواء " ( 1288 ) ، و الحديث روى منه ابن
ماجه ( 2 / 104 ) و العقيلي ( 297 ) و الدارقطني و البيهقي من طريق علي بن
ظبيان عن عبيد الله نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : " المدبر من الثلث " ، و قال
ابن ماجه : سمعت ابن أبي شيبة يقول : هذا خطأ ، قال ابن ماجه : ليس له أصل .
قلت : يعني مرفوعا و قال العقيلي : لا يعرف إلا به ، يعني علي بن ظبيان ، قال
ابن معين : ليس بشيء ، و قال البخاري : منكر الحديث ، و قال ابن أبي حاتم في
" العلل " ( 2 / 432 ) : سئل أبو زرعة عن حديث رواه علي بن ظبيان عن عبيد الله
قلت : فذكره ، فقال أبو زرعة : هذا حديث باطل و امتنع من قراءته ، ثم أشار
ابن أبي حاتم إلى أنه من قول ابن عمر موقوفا عليه و لهذا قال ابن الملقن في
" الخلاصة " ( 179 / 1 ) : و أطبق الحفاظ على أن الصحيح رواية الوقف .
و رواه أبو داود في " المراسيل " ( 351 ) عن أبي قلابة مرسلا ، و مع إرساله فيه
عمر بن هشام القبطي ، مجهول .
و منه يتبين خطأ السيوطي في إيراده الحديث في " الجامع " بلفظيه ! .

(1/241)


165 - " كلوا التين ، فلو قلت : إن فاكهة نزلت من الجنة بلا عجم لقلت : هي التين ،
و إنه يذهب بالبواسير ، و ينفع من النقرس " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 306 ) :
ضعيف .
ذكره السيوطي في " الجامع " برواية ابن السني و أبي نعيم و الديلمي في " مسند
الفردوس " ( 6 / 47 ) بدون سند عن أبي ذر ، و قال شارحه المناوي : رووه
كلهم من حديث يحيى بن أبي كثير عن الثقة عن أبي ذر .
قلت : فالإسناد ضعيف لجهالة هذا الذي قيل فيه الثقة ! فإن هذا التوثيق غير
مقبول عند علماء الحديث حتى و لو كان الموثق إماما جليلا كالشافعي و أحمد حتى
يتبين اسم الموثق ، فينظر هل هو ثقة اتفاقا أم فيه خلاف ، و على الثاني ينظر ما
هو الراجح أتوثيقه أم تضعيفه ؟ و هذا من دقيق نظر المحدثين رضي الله عنهم و شدة
تحريهم في رواية الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ، و لهذا قال العلامة ابن القيم
في " زاد المعاد " ( 3 / 214 ) بعد أن ذكر الحديث : و في ثبوته نظر .
قلت : و يغلب على الظن أن هذا الحديث موضوع فإنه ليس عليه نور النبوة ، و قد
قال الشيخ العجلوني في " الكشف " ( 1 / 423 ) : جميع ما ورد في الفاكهة من
الأحاديث موضوع ، كأنه يعني في فضلها ، ثم رأيت الحافظ ابن حجر عزاه في " تخريج
أحاديث الكشاف " ( 4 / 186 ) لأبي نعيم في الطب و الثعلبي من حديث أبي ذر
و قال : و في إسناده من لا يعرف .

(1/242)


166 - " إن أهل البيت ليقل طعمهم فتستنير بيوتهم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 307 ) :
موضوع .
رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الجوع " ( 5 / 1 ) و العقيلي في " الضعفاء "
( 222 ) و عنه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 35 ) و ابن عدي ( 89 / 1 )
و الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 15 / 5298 ) من طريق عبد الله بن المطلب العجلي
عن الحسن بن ذكوان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا ،
و قال الطبراني : لم يروه عن الحسن إلا عبد الله بن المطلب .
قلت : أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : لا يعرف .
و قال ابن الجوزي : لا يصح ، قال العقيلي : عبد الله بن المطلب مجهول ، و حديثه
منكر غير محفوظ ، و قال أحمد : الحسن بن ذكوان أحاديثه أباطيل ، و أقره السيوطي
في " اللآليء " ( 2 / 253 ) و مع هذا فقد أورده في " الجامع الصغير " من رواية
الطبراني في " الأوسط " عن أبي هريرة ، و الطريق هو هو ! كما رأيت .
و الحديث ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 5 ) من هذا الوجه و قال : سألت
أبي عنه ؟ قال : هذا حديث كذب ، و عبد الله بن المطلب مجهول ، و قال الذهبي في
" الميزان " : إنه خبر منكر ، و أقره الحافظ في " اللسان " .

(1/243)


167 - " البطيخ قبل الطعام يغسل البطن غسلا ، و يذهب بالداء أصلا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 308 ) :

موضوع .
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 2 / 282 و 10 / 287 ـ المصورة ) ،
و الذهبي في ترجمة أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار الجرجاني حدثنا الفضل بن صالح
ابن عبيد حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن
عن أبيه عن بعض عمات النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا ، و فيه قصة للزهري
مع عبد الملك ، و قال ابن عساكر : شاذ لا يصح ، و قال المناوي عقبه في
" التيسير " : بل لا يصح أصلا و بينه في " الفيض " ، فقال فيه مع شذوذه أحمد بن
يعقوب بن عبد الجبار الجرجاني ، قال البيهقي : روى أحاديث موضوعة لا أستحل
رواية شيء منها و منها هذا الخبر ، و قال الحاكم : أحمد هذا يضع الحديث كاشفته
و فضحته .
قلت : و هذا نقله عن " الميزان " ! و وافقه الحافظ في " اللسان " بل إن السيوطي
نفسه قد أورد هذا الحديث في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 136 / 645 ـ
بترقيمي ) و أعله بما تقدم عن ابن عساكر و الذهبي ( ص 136 ) و وافقه ابن عراق
( 331 / 1 ) و مع ذلك شان به " الجامع الصغير " !
فائدة : قال الحافظ السخاوي في " المقاصد " و تبعه جماعة : صنف أبو عمر
النوقاني في فضائل البطيخ جزءا ، و أحاديثه باطلة .
و قد ساق بعضها السيوطي في " الذيل " و لوائح الوضع عليها ظاهرة جدا .

(1/244)


168 - " بركة الطعام الوضوء قبله و بعده " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 309 ) :
ضعيف .
أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 655 ) : حدثنا قيس عن أبي هاشم عن زاذان عن
سلمان قال : في التوراة أن بركة الطعام الوضوء قبله ، فذكرت ذلك للنبي
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
و أخرجه أبو داود ( 3761 ) و الترمذي ( 1 / 329 ) و عنه البغوي في " شرح
السنة " ( 3 / 187 / 1 ) و الحاكم ( 4 / 106 - 107 ) و أحمد ( 5 / 441 ) من طرق
عن قيس بن الربيع به ، و قال أبو داود : و هو ضعيف ، و قال الترمذي : لا نعرف
هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع ، و قيس يضعف في الحديث .
و قال الحاكم : تفرد به قيس بن الربيع عن أبي هاشم ، و انفراده على علو محله
أكثر من أن يمكن تركه في هذا الكتاب ، و تعقبه الذهبي بقوله : قلت : مع ضعف قيس
فيه إرسال .
قلت : و لم يتبين لي الإرسال الذي أشار إليه ، فإن قيسا قد صرح بالتحديث عن
أبي هاشم ، و هذا من الرواة عن زاذان ، و قيل لابن معين : ما تقول في زاذان ؟
روى عن سلمان ؟ قال : نعم روى عن سلمان و غيره ، و هو ثبت في سلمان .
فعلة الحديث قيس هذا و به أعله كل من ذكرنا و غيرهم ، ففي " تهذيب السنن " لابن
القيم ( 5 / 297 / 298 ) أن مهنا سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال : هو منكر
ما حدث به إلا قيس بن الربيع .
و الحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 10 ) فقال : سألت أبي عنه ؟
فقال : هذا حديث منكر ، لو كان هذا الحديث صحيحا ، كان حديثا و يشبه هذا الحديث
أحاديث أبي خالد الواسطي عمرو بن خالد ، عنده من هذا النحو أحاديث موضوعة عن
أبي هاشم .
قلت : و عمرو بن خالد هذا كذاب فإن كان الحديث حديثه فهو موضوع ، والله أعلم .
و أما قول المنذري في " الترغيب " ( 3 / 129 ) بعد أن ساق كلام الترمذي في قيس
ابن الربيع : قيس بن الربيع صدوق و فيه كلام لسوء حفظه لا يخرج الإسناد عن حد
الحسن .
قلت : و هذا كلام مردود بشهادة أولئك الفحول من الأئمة الذين خرجوه و ضعفوه فهم
أدري بالحديث و أعلم من المنذري ، و المنذري يميل إلى التساهل في التصحيح
و التحسين ، و هو يشبه في هذا ابن حبان و الحاكم من القدامى ، و السيوطي و نحوه
من المتأخرين ، و في الباب حديث آخر و لكنه منكر ، تقدم برقم ( 117 ) ، ثم قال
المنذري : و قد كان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام ، قال البيهقي : و كذلك مالك
ابن أنس كرهه ، و كذلك صاحبنا الشافعي استحب تركه ، و احتج بالحديث ، يعني حديث
ابن عباس قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الخلاء ثم إنه رجع فأتي
بالطعام ، فقيل : ألا تتوضأ ؟ قال : " لم أصل فأتوضأ " .
رواه مسلم و أبو داود و الترمذي بنحوه إلا أنهما قالا : " إنما أمرت بالوضوء
إذا قمت إلى الصلاة " .
قلت : فهذا دليل آخر على ضعف الحديث و هو ذهاب هؤلاء الأئمة الفقهاء إلى خلافه
و معهم ظاهر هذا الحديث الصحيح .
و قد تأول بعضهم الوضوء في هذا الحديث بمعنى غسل اليدين فقط ، و هو معنى غير
معروف في كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في
" الفتاوى " ( 1 / 56 ) فلو صح هذا الحديث لكان دليلا ظاهرا على استحباب الوضوء
قبل الطعام و بعده و لما جاز تأويله .
هذا ، و اختلف العلماء في مشروعية غسل اليدين قبل الطعام على قولين ، منهم من
استحبه ، و منهم من لم يستحبه ، و من هؤلاء سفيان الثوري فقد ذكر أبو داود عنه
أنه كان يكره الوضوء قبل الطعام ، قال ابن القيم : و القولان هما في مذهب أحمد
و غيره ، و الصحيح أنه لا يستحب .
قلت : و ينبغي تقييد هذا بما إذا لم يكن على اليدين من الأوساخ ما يستدعي
غسلهما ، و إلا فالغسل و الحالة هذه لا مسوغ للتوقف عن القول بمشروعيته ،
و عليه يحمل ما رواه الخلال عن أبي بكر المروذي قال : رأيت أبا عبد الله يعني
الإمام أحمد يغسل يديه قبل الطعام و بعده ، و إن كان على وضوء .
و الخلاصة أن الغسل المذكور ليس من الأمور التعبدية ، لعدم صحة الحديث به ، بل
هو معقول المعنى ، فحيث وجد المعنى شرع و إلا فلا .

(1/245)


169 - " إن لكل شيء قلبا ، و إن قلب القرآن يس ، من قرأها فكأنما قرأ القرآن عشر
مرات " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 312 ) :
موضوع .
أخرجه الترمذي ( 4 / 46 ) و الدارمي ( 2 / 456 ) من طريق حميد بن عبد الرحمن عن
الحسن بن صالح عن هارون أبي محمد عن مقاتل بن حيان عن قتادة عن أنس مرفوعا
و قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه و هارون أبو محمد
مجهول ، و في الباب عن أبي بكر الصديق و لا يصح ، و إسناده ضعيف و في الباب عن
أبي هريرة .
قلت : كذا في نسختنا من الترمذي حسن غريب ، و نقل المنذري في " الترغيب " ( 2 /
322 ) و الحافظ ابن كثير في " تفسيره " ( 3 / 563 ) و الحافظ في " التهذيب "
أنه قال : حديث غريب ليس في نقلهم عنه أنه حسنه ، و لعله الصواب فإن الحديث
ضعيف ظاهر الضعف بل هو موضوع من أجل هارون ، فقد قال الحافظ الذهبي في ترجمته
بعد أن نقل عن الترمذي تجهيله إياه : قلت : أنا أتهمه بما رواه القضاعي في
" شهابه " : ثم ساق له هذا الحديث ، قلت : هو فيه برقم ( 1035 ) .
و في " العلل " ( 2 / 55 - 56 ) لابن أبي حاتم : سألت أبي عن هذا الحديث ؟
فقال : مقاتل هذا ، هو مقاتل بن سليمان ، رأيت هذا الحديث في أول كتاب وضعه
مقاتل بن سليمان و هو حديث باطل لا أصل له .
قلت : كذا جزم أبو حاتم - و هو الإمام الحجة - أن مقاتلا المذكور في الإسناد هو
ابن سليمان مع أنه وقع عندي الترمذي و الدارمي مقاتل بن حيان كما رأيت ، فلعله
خطأ من بعض الرواة ، و يؤيده أن الحديث رواه القضاعي كما سبق و كذا أبو الفتح
الأزدي من طريق حميد الرؤاسي بسنده المتقدم عن مقاتل عن قتادة به ، كذا قال :
عن مقاتل ، لم ينسبه فظن بعض الرواة أنه ابن حيان فنسبه إليه ، من هؤلاء الأزدي
نفسه فإنه ذكر عن وكيع أنه قال في مقاتل بن حيان : ينسب إلى الكذب قال الذهبي :
كذا قال أبو الفتح و أحسبه التبس عليه مقاتل بن حيان بمقاتل بن سليمان فابن
حيان صدوق قوي الحديث ، و الذي كذبه وكيع هو ابن سليمان ، ثم قال أبو الفتح
( قلت : فساق إسناد الحديث كما ذكرت آنفا ) فتعقبه الذهبي بقوله : قلت : الظاهر
أنه مقاتل بن سليمان .
قلت : و إذا ثبت أنه ابن سليمان كما استظهره الذهبي و جزم به أبو حاتم فالحديث
موضوع قطعا لأنه أعني ابن سليمان كذاب كما قال وكيع و غيره .
ثم اعلم أن حديث أبي بكر الذي أشار إليه الترمذي و ضعفه لم أقف على متنه و أما
حديث أبي هريرة فقال الحافظ ابن كثير : منظور فيه ثم قال : قال أبو بكر البزار
حدثنا عبد الرحمن بن الفضل حدثنا زيد بن الحباب حدثنا حميد المكي مولى آل علقمة
عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة مرفوعا به دون قوله : " من قرأها ... " ثم
قال البزار : لا نعلم رواه إلا زيد عن حميد .
قلت : و حميد هذا مجهول كما قال الحافظ في " التقريب " و عبد الرحمن بن الفضل
شيخ البزار لم أعرفه ، و حديثه في " كشف الأستار " برقم ( 2304 ) .
و الحديث مما شان به السيوطي " جامعه " و كذا الشيخ الصابوني " مختصره " 3 /
154 ) الذي زعم أنه لا يذكر فيه إلا الصحيح من الحديث ! و هيهات فإنه مجرد
ادعاء ! .

(1/246)


170 - " إن آدم صلى الله عليه وسلم لما أهبطه الله تعالى إلى الأرض قالت الملائكة :
أي رب *( أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء ، و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك
؟ قال : إني أعلم ما لا تعلمون )* قالوا : ربنا نحن أطوع لك من بني آدم ،
قال الله تعالى للملائكة : هلموا ملكين من الملائكة ، حتى يهبط بهما الأرض ،
فننظر كيف يعملان ؟ قالوا : ربنا ! هاروت و ماروت ، فأهبطا إلى الأرض ، و مثلت
لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت : لا والله حتى
تكلما بهذه الكلمة من الإشراك ، فقالا : والله لا نشرك بالله ، فذهبت عنهما ثم
رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها قالت : لا والله حتى تقتلا هذا الصبي ، فقالا :
والله لا نقتله أبدا ، فذهبت ثم رجعت بقدح خمر ، فسألاها نفسها ، قالت : لا
والله حتى تشربا هذا الخمر ، فشربا فسكرا ، فوقعا عليها ، و قتلا الصبى ، فلما
أفاقا ، قالت المرأة : والله ما تركتما شيئا مما أبيتما علي إلا قد فعلتما حين
سكرتما ، فخيرا بين عذاب الدنيا و الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 314 ) :

باطل مرفوعا .
أخرجه ابن حبان ( 717 ـ موارد ) و أحمد ( 2 / 134 و رقم 6178 - طبع شاكر )
و عبد بن حميد في " المنتخب " ( ق 86 / 1 ) و ابن أبي الدنيا في " العقوبات "
( ق 75 / 2 ) و البزار ( 2938 ـ الكشف ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة "
( 651 ) من طريق زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع مولى ابن عمر عن
عبد الله بن عمر أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
و قال البزار : رواه بعضهم عن نافع عن ابن عمر موقوفا و إنما أتى رفع هذا عندي
من زهير لأنه لم يكن بالحافظ .
قلت : و الموقوف صحيح كما يأتي و قال الحافظ ابن كثير في تفسيره " ( 1 / 254 )
: و هذا حديث غريب من هذا الوجه ، و رجاله كلهم ثقات من رجال " الصحيحين " إلا
موسى بن جبير هذا هو الأنصاري .... ذكره ابن أبي حاتم في " كتاب الجرح و
التعديل " ( 4 / 1 / 139 ) و لم يحك فيه شيئا من هذا و لا هذا ، فهو مستور
الحال ، و قد تفرد به عن نافع .
و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 451 ) و لكنه قال : و كان يخطيء و يخالف .
قلت : و اغتر به الهيثمي فقال في " المجمع " ( 5 / 68 ) بعد ما عزى الحديث
لأحمد و البزار : و رجاله رجال الصحيح خلا موسى بن جبير و هو ثقة .
قلت : لو أن ابن حبان أورده في كتابه ساكتا عليه كما هو غالب عادته لما جاز
الاعتماد عليه لما عرف عنه من التساهل في التوثيق فكيف و هو قد وصفه بقوله :
يخطيء و يخالف و ليت شعري من كان هذا وصفه فكيف يكون ثقة و يخرج حديثه في
" الصحيح " ؟ ! .
قلت : و لذلك قال الحافظ ابن حجر في موسى هذا : إنه مستور ، ثم إن الراوي عنه
زهير بن محمد و إن كان من رجال " الصحيحين " ففي حفظه كلام كثير ضعفه من أجله
جماعة ، و قد عرفت آنفا قول البزار فيه أنه لم يكن بالحافظ .
و قال أبو حاتم في " الجرح و التعديل " ( 1 / 2 / 590 ) : محله الصدق ، و في
حفظه سوء ، و كان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه ، فما حدث من
كتبه فهو صالح ، و ما حدث من حفظه ففيه أغاليط .
قلت : و من أين لنا أن نعلم إذا كان حدث بهذا الحديث من كتابه ، أو من حفظه ؟ !
ففي هذه الحالة يتوقف عن قبول حديثه ، هذا إن سلم من شيخه المستور ، و قد تابعه
مستور مثله ، أخرجه ابن منده كما في ابن كثير من طريق سعيد بن سلمة حدثنا موسى
ابن سرجس عن نافع به بطوله .
سكت عن علته ابن كثير و لكنه قال : غريب ، أي ضعيف ، و في " التقريب " موسى بن
سرجس مستور .
قلت : و لا يبعد أن يكون هو الأول ، اختلف الرواة في اسم أبيه ، فسماه بعضهم
جبيرا ، و بعضهم سرجسا ، و كلاهما حجازي ، والله أعلم .
ثم قال الحافظ ابن كثير : و أقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر
عن كعب الأحبار ، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال عبد الرزاق في
" تفسيره " : عن الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار
قال : ذكرت الملائكة أعمال بني آدم و ما يأتون من الذنوب فقيل لهم : اختاروا
منكم اثنين ، فاختاروا هاروت و ماروت ... إلخ ، رواه ابن جرير من طريقين عن
عبد الرزاق به ، و رواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن عصام عن مؤمل عن سفيان الثوري
به ، و رواه ابن جرير أيضا حدثني المثنى أخبرنا المعلى و هو ابن أسد أخبرنا
عبد العزيز بن المختار عن موسى بن عقبة حدثني سالم أنه سمع عبد الله يحدث عن
كعب الأحبار فذكره ، فهذا أصح و أثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين
المتقدمين ، و سالم أثبت في أبيه من مولاه نافع ، فدار الحديث و رجع إلى نقل
كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل ، و علق عليه الشيخ رشيد رضا رحمه الله بقوله :
من المحقق أن هذه القصة لم تذكر في كتبهم المقدسة ، فإن لم تكن وضعت في زمن
روايتها فهي في كتبهم الخرافية ، و رحم الله ابن كثير الذي بين لنا أن الحكاية
خرافة إسرائيلية و أن الحديث المرفوع لا يثبت .
قلت : و قد استنكره جماعة من الأئمة المتقدمين ، فقد روى حنبل الحديث من طريق
أحمد ثم قال : قال أبو عبد الله ( يعني الإمام أحمد ) : هذا منكر ، و إنما يروى
عن كعب ، ذكره في " منتخب ابن قدامة " ( 11 / 213 ) ، و قال ابن أبي حاتم في
" العلل " ( 2 / 69 ـ 70 ) : سألت أبي عن هذا الحديث ؟ فقال : هذا حديث منكر .
قلت : و مما يؤيد بطلان رفع الحديث من طريق ابن عمر أن سعيد بن جبير و مجاهدا
روياه عن ابن عمر موقوفا عليه كما في " الدر المنثور " للسيوطي ( 1 / 97 ـ 98 )
و قال ابن كثير في طريق مجاهد : و هذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر ، ثم هو -
والله أعلم - من رواية ابن عمر عن كعب كما تقدم بيانه من رواية سالم عن أبيه ،
و من ذلك أن فيه وصف الملكين بأنهما عصيا الله تبارك و تعالى بأنواع من المعاصي
على خلاف وصف الله تعالى لعموم ملائكته في قوله عز وجل : *( لا يعصون الله ما
أمرهم و يفعلون ما يؤمرون )* .
و قد رويت فتنة الملكين في أحاديث أخرى ثلاثة ، سيأتي الكلام عليها في المجلد
الثاني رقم ( 910 و 912 و 913 ) إن شاء الله تعالى .

(1/247)


171 - " من ولد له مولود ، فسماه محمدا تبركا به ، كان هو و مولوده في الجنة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 319 ) :
موضوع .
رواه ابن بكير في " فضل من اسمه أحمد و محمد " ( ق 58 / 1 ) و من طريقه أورده
ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 157 ) حدثنا حامد بن حماد بن المبارك
العسكري حدثنا إسحاق بن يسار أبو يعقوب النصيبي حدثنا حجاج بن المنهال حدثنا
حماد بن سلمة عن برد بن سنان عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا ، و قال
ابن الجوزي : في إسناده من تكلم فيه ، و لم يزد ، و تعقبه السيوطي في
" اللآليء " ( 1 / 106 ) بقوله : قلت : هذا أمثل حديث ورد في الباب ، و إسناده
حسن ، و مكحول من علماء التابعين و فقهائهم وثقه غير واحد ، و احتج به مسلم في
" صحيحه " ، و روى له البخاري في " الأدب " ، و الأربعة ، وثقه ابن معين
و النسائي ، و ضعفه ابن المديني و قال أبو حاتم : ليس بالمتين ، و قال مرة :
كان صدوقا ، و قال أبو زرعة : لا بأس به ، والله أعلم .
قلت : لقد أبعد السيوطي عفا الله عنه النجعة فأخذ يتكلم على بعض رجال السند
موهما أنهم موضع النظر منه ، مع أن علة الحديث ممن دونهم ، ألا و هو حامد بن
حماد العسكري شيخ ابن بكير قال الذهبي في " الميزان " : روى عن إسحاق بن يسار
النصيبي خبرا موضوعا هو آفته ، ثم ساق له هذا .
و وافقه الحافظ ابن حجر في " اللسان " .
و لذلك قال المحقق ابن القيم : إنه حديث باطل ، كما نقله الشيخ القاري في
" موضوعاته " عنه ، ( ص 109 ) و أقره .
و غفل عن هذا التحقيق المناوي فأقر تحت الحديث الآتي ( 437 ) السيوطي على
تحسينه فلا تغتر به ، ثم وجدت ابن عراق قد تعقب السيوطي في " تنزيه الشريعة "
( 82 / 1 ) بمثل ما تعقبته به ، إلا أنه زاد فقال : لكن وجدت له طريقا أخرى
أخرجها ابن بكير أيضا والله أعلم .
قلت : و سكت عليه ! و فيه ثلاثة لم أجد من ذكرهم ، فأحدهم آفته .

(1/248)


172 - " قال الله لداود : يا داود ابن لي في الأرض بيتا ، فبنى داود بيتا لنفسه قبل
البيت الذي أمر به ، فأوحى الله إليه : يا داود بنيت بيتك قبل بيتي ؟ قال : أي
رب هكذا قلت فيما قضيت : من ملك استأثر ، ثم أخذ في بناء المسجد ، فلما تم سور
الحائط سقط ، فشكا ذلك إلى الله ، فأوحى الله إليه أنه لا يصح أن تبني لي بيتا
! قال : أي رب و لم ؟ قال : لما جرى على يديك من الدماء ، قال : أي رب أو لم
يكن ذلك في هواك ؟ قال : بلى و لكنهم عبادي و إمائي و أنا أرحمهم ، فشق ذلك
عليه فأوحى الله إليه : لا تحزن فإني سأقضى بناءه على يد ابنك سليمان ... " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 320 ) :
باطل موضوع .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 5 / 12 ) و " مسند الشاميين " ( ص 62 و
99 ـ المصورة ) ، و ابن حبان في " الضعفاء " ( 2 / 300 ) و عنه ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 1 / 200 ) ، عن محمد بن أيوب بن سويد حدثنا أبي حدثنا إبراهيم
ابن أبي عبلة عن أبي الزاهرية عن رافع بن عمير مرفوعا ، و قال ابن الجوزي :
موضوع ، محال ، تتنزه الأنبياء عن مثله و يقبح أن يقال : أبيح له قتل قوم أو
أمر بذلك ، ثم أبعد بذلك عن الرضا ، كيف و قد قال تعالى في حق العصاة : *( و لا
تأخذكم بهما رأفة في دين الله )* قال ابن حبان : و محمد بن أيوب يروي الموضوعات
و أقره السيوطي في " اللآلئ " ( 1 / 170 ) و قال : قلت : أخرجه الطبراني و ابن
مردويه في " التفسير " و قد وافق صاحب " الميزان " على أنه موضوع ، قال
أبو زرعة : محمد بن أيوب رأيته قد أدخل في كتب أبيه أشياء موضوعة .
و قال ابن حبان ، كان يضع الحديث ، و الموضوع منه قصة داود ، و أما سؤال سليمان
الخصال الثلاث فورد من طرق أخرى .
قلت : و قد حذفت السؤال منه و أشرت إليه بالنقط ( ... ) لأنه صحيح من حديث
عبد الله بن عمرو ، و قد صححه جمع كما هو مبين في " التعليق الرغيب " ( 2 /
137 ) ، و راجع تعليقي على " صحيح ابن خزيمة " ( 2 / 288 / 1334 ) ، و قد أورده
بتمامه الهيثمي ( 4 / 7 - 8 ) و قال : رواه الطبراني في " الكبير " و فيه محمد
ابن أيوب ابن سويد الرملي و هو متهم بالوضع .

(1/249)


173 - " فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 322 ) :
موضوع .
أخرجه أبو الشيخ في " العظمة " ( 1 / 297 / 42 ) و عنه ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 3 / 144 ) من طريق عثمان بن عبد الله القرشي حدثنا إسحاق بن
نجيح الملطي حدثنا عطاء الخراساني عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال : عثمان
و شيخه كذابان ، و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 227 ) بقوله : قلت :
اقتصر العراقي في " تخريج الإحياء " على تضعيفه ، و له شاهد .
قلت : ثم ساق من رواية الديلمي و هذا في " مسنده " ( 2 / 46 ) بسنده إلى سعيد
ابن ميسرة سمعت أنس بن مالك يقول : تفكر ساعة في اختلاف الليل و النهار خير من
عبادة ألف سنة .
قلت : هذا مع كونه موقوفا و مغايرا للفظ الحديث فهو موضوع أيضا ، سعيد بن ميسرة
قال الذهبي : مظلم الأمر ، و قال ابن حبان : يروي الموضوعات ، و قال الحاكم :
روى عن أنس موضوعات ، و كذبه يحيى القطان .
قلت : فمثله لا يستشهد به و لا كرامة ! و لذلك فقد أساء بذكره في " جامعه " .

(1/250)


174 - " إذا بنى الرجل المسلم سبعة أو تسعة أذرع ، ناداه مناد من السماء : أين تذهب
يا أفسق الفاسقين ؟! " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 322 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 75 ) من طريق الطبراني قال : حدثنا علي بن
سعيد الرازي قال : حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي قال : حدثنا الوليد بن موسى
الدمشقي قال : حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن الحسن عن أنس مرفوعا
و قال : غريب من حديث الحسن و يحيى و الأوزاعي ، تفرد به الوليد بن موسى القرشي
و هو ضعيف ليس كالوليد بن موسى الدمشقي .
قلت : و ابن موسى هذا القرشي قال الذهبي في " الميزان " : قال الدارقطني : منكر
الحديث ، و قواه أبو حاتم ، و قال غيره : متروك ، و وهاه العقيلي و ابن حبان ،
و له حديث موضوع .
قلت : و لعله يشير إلى هذا الحديث فإنه ظاهر الوضع لأن الارتفاع بالبناء القدر
المذكور في هذا الحديث ليس ذنبا بله كبيرة حتى يحكم على فاعله بأنه أفسق
الفاسقين ، فقاتل الله الوضاعين ما أقل حياءهم و أجرأهم على النار .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " بهذا اللفظ و بلفظ : " من بنى فوق
عشرة أذرع ناداه مناد من السماء : يا عدو الله إلى أين تريد " ، و قال : رواه
الطبراني عن أنس ، أما شارحه المناوي فقال : أغفل المصنف من خرجه ، و عزاه في
" الدرر " إلى الطبراني عن أنس ، و فيه الربيع بن سليمان الجيزي أورده الذهبي
في " ذيل الضعفاء " و قال : كان فقيها دينا لم يتقن السماع من ابن وهب .
قلت : تعصيب الجناية بالجيزي مع أن فوقه من هو أشد ضعفا منه ليس من الإنصاف في
شيء ألا و هو الوليد بن موسى القرشي فقد عرفت مما سبق أنه متهم ، ثم إن الحسن
هو البصري و هو على جلالة قدره مدلس و لم يصرح بسماعه من أنس فهو منقطع .
ثم إن الحديث لم يورده الهيثمي في " المجمع " و إنما أورد فيه ( 4 / 70 ) ما
نصه : و عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر ببنية قبة لرجل من
الأنصار فقال : " ما هذه " ؟ قالوا : قبة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" كل بناء ، و أشار بيده على رأسه أكبر من هذا فهو وبال على صاحبه يوم
القيامة " ، رواه الطبراني في " الأوسط " و رجاله ثقات .
قلت : هذا رواه أبو داود في " سننه " ( 3 / 347 و 348 ) بنحوه من طريق آخر تبين
فيما بعد أنه جيد ، كما قال الحافظ العراقي ، فنقلته إلى " الصحيحة "
( 8830 ) .

(1/251)


175 - " من بنى بناء فوق ما يكفيه كلف يوم القيامة بحمله على عاتقه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 324 ) :
باطل .
أخرجه الطبراني ( 3 / 71 / 2 ) و ابن عدي ( 333 / 1 - 2 ) و أبو نعيم ( 8 / 246
) من طريق المسيب بن واضح حدثنا يوسف عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي
عبيدة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا ، و قال أبو نعيم و ابن عدي : غريب من
حديث الثوري تفرد به المسيب عن يوسف ، ثم رواه أبو نعيم ( 8 / 252 ) من طريق
محمد يعني ابن المسيب حدثنا عبد الله بن خبيق حدثنا يوسف بن أسباط به .
قلت : و هذا سند ضعيف من أجل يوسف بن أسباط قال أبو حاتم : كان رجلا عابدا ،
دفن كتبه ، و هو يغلط كثيرا ، و هو رجل صالح ، لا يحتج به ، كما في " الجرح "
( 4 / 2 / 418 ) ، و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " و الهيثمي في
" المجمع " ( 4 / 70 ) و قال : رواه الطبراني في " الكبير " ، و فيه المسيب بن
واضح وثقه النسائي و ضعفه جماعة .
قلت : قد تابعه عبد الله بن خبيق كما سبق ، فعلة الحديث من شيخهما ابن أسباط ،
ثم إن له علة أخرى هي الانقطاع بين أبي عبيدة و أبيه عبد الله بن مسعود فإنه لم
يسمع منه و أشار لهذا الحافظ العراقي فقال في " تخريج الإحياء " ( 4 / 204 ) :
رواه الطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد فيه لين و انقطاع ، و الحديث قال
الذهبي في ترجمة المسيب : و هذا حديث منكر ، و قال ابن أبي حاتم في " العلل "
( 2 / 115 و 116 ) : سألت أبي عن حديث رواه المسيب بن واضح عن يوسف بن أسباط ..
قلت : فذكره ، قال : قال أبي : هذا حديث باطل لا أصل له بهذا الإسناد .

(1/252)


176 - " لا تسقوني حلب امرأة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 325 ) :

منكر .
أخرجه وكيع في " الزهد " ( 3 / 494 / 408 ) حدثنا قيس بن الربيع عن امرئ القيس
عن عاصم بن بحير عن ابن أبي الشيخ المحاربي قال : أتانا رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال : " نصركم الله يا معشر محارب ! لا تسقوني ... " .
و أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 6 / 43 ) من طريقين آخرين عن قيس بن الربيع
به ، و زاد أحدهما : قال قيس بن الربيع : فرأيت امرأ القيس إذا أتى بشيراز
( كذا ) قال : حلاب امرأة هذا ؟ .
قلت : و هذا إسناد ضعيف مظلم ، ابن أبي الشيخ لا يعرف إلا في هذا الحديث بهذا
الإسناد ، أورده ابن الأثير و غيره هكذا في الصحابة .
و عاصم بن بحير ـ بالحاء المهملة مكبرا أو مصغرا ـ كما في" الإكمال " و غيره
و لم أجد له ترجمة ، و امرؤ القيس ، أورده في " الميزان " بروايته هذه عن عاصم
و قال : قال الأزدي : حدث بخبر منكر لا يصح ، و كذا في " اللسان " .
و قيس بن الربيع ، قال الحافظ في " التقريب " : صدوق ، تغير لما كبر ، و أدخل
عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به .
قلت : فلا يبعد أن يكون هذا الحديث بهذا الإسناد المظلم مما أدخله عليه ابنه و
الله أعلم .

(1/253)


177 - " من بنى بنيانا في غير ظلم و لا اعتداء ، أو غرس غرسا في غير ظلم و لا اعتداء
كان أجره جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن تبارك و تعالى " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 326 ) :
ضعيف .
أخرجه أحمد ( 3 / 438 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 1 / 416 - 417 ) و الطبراني
في " المعجم الكبير " ( 20 / 187 / رقم 410 و 411 ) من طريق زبان بن فائد عن
سهل بن معاذ الجهني عن أبيه مرفوعا .
و هذا ضعيف من أجل زبان فإنه ضعيف الحديث مع صلاحه و عبادته كما قال الحافظ في
" التقريب " ، و الحديث قال في " المجمع " ( 4 / 70 ) : رواه أحمد و الطبراني
في " الكبير " و فيه زبان بن فائد ضعفه أحمد و غيره ، و وثقه أبو حاتم .

(1/254)


178 - " من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 327 ) :
موضوع .
أخرجه الترمذي ( 3 / 318 ) و ابن أبي الدنيا في " ذم الغيبة " و ابن عدي ( 296
/ 2 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 2 / 339 - 340 ) من طريق محمد بن الحسن بن أبي
يزيد الهمداني عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعا ،
و قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، و ليس إسناده بمتصل ، و خالد بن معدان لم
يدرك معاذ بن جبل .
قلت : أنى له الحسن إذن ؟ ! فإنه مع هذا الانقطاع فيه محمد بن الحسن هذا ، كذبه
ابن معين و أبو داود كما في " الميزان " ثم ساق له هذا الحديث ، و لهذا أورده
الصغاني في " الموضوعات " ( ص 6 ) و من قبله ابن الجوزي ( 3 / 82 ) ذكره من
طريق ابن أبى الدنيا ثم قال : لا يصح محمد بن الحسن كذاب ، و تعقبه السيوطي في
" اللآليء " ( 2 / 293 ) بقوله : قلت : أخرجه الترمذي و قال : هذا حديث حسن
غريب ، و له شاهد .
قلت : ثم ذكر الشاهد و هو من طريق الحسن قال : كانوا يقولون : " من رمى أخاه
بذنب تاب إلى الله منه ، لم يمت حتى يبتليه الله به " ، و هو مع أنه ليس مرفوعا
إليه صلى الله عليه وسلم ، فإن في سنده صالح بن بشير المري ، و هو ضعيف كما في
" التقريب " فلا يصح شاهدا لضعفه و عدم رفعه ، و قد رواه عبد الله بن أحمد في
" زوائد الزهد " ( ص 281 ) قال أخبرت عن سيار حدثنا صالح المري قال : سمعت
الحسن يقول : فذكره ، و له شاهد آخر مرفوع و لكنه ضعيف فانظر أجوبة ابن حجر على
القزويني مع مقدمتي لها المنشورة في آخر " المشكاة " بتحقيقنا ( ج 3 ص ح ) .

(1/255)


179 - " الدعاء سلاح المؤمن ، و عماد الدين ، و نور السموات و الأرض " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 328 ) :
موضوع .
أخرجه أبو يعلى ( 439 ) و ابن عدي ( 296 / 2 ) و الحاكم ( 1 / 492 ) و القضاعي
( 4 / 2 / 1 ) من طريق الحسن بن حماد الضبي حدثنا محمد بن الحسن بن الزبير
الهمداني حدثنا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي
رضي الله عنه مرفوعا ، و قال الحاكم : هذا حديث صحيح فإن محمد بن الحسن هذا هو
التل و هو صدوق في الكوفيين و وافقه الذهبي و هذا منه خطأ فاحش لأمرين :
الأول : أن فيه انقطاعا كما ذكره الذهبي نفسه في " الميزان " بين علي بن الحسين
و جده علي بن أبي طالب .
الآخر : أن محمد بن الحسن الهمداني هذا ليس هو التل الصدوق كما قال الحاكم ،
و إنما هو محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني الكذاب المذكور في الحديث
المتقدم و يدل على هذا أمور :
1 - أن الذهبي نفسه أورد الحديث في ترجمته بعد أن نقل تكذيبه عن ابن معين
و غيره ، و كذلك أورده ابن عدي في ترجمته ، فإيراد السيوطي الحديث في
" الجامع " خطأ.
2 - أن الحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 147 ) و قال : رواه أبو يعلى
و فيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد و هو متروك .
3 - أن محمد بن الحسن التل لم يذكر في شيوخه جعفر بن محمد ، و إنما ذكر هذا في
شيوخ محمد بن الحسن الهمداني .
4 - أن التل لم ينسب إلى همدان ، و إنما نسب إليها ابن أبي يزيد ، فالظاهر أن
لفظة ( الزبير ) تحرفت على بعض الرواة في " المستدرك " من ( أبي يزيد ) ،
و بناء عليه ذهب الحاكم إلى أنه التل فأخطأ والله أعلم .
و الجملة الأولى من الحديث وردت من كلام الفضيل بن عياض ، رواه السلفي في
" الطيوريات " ( 64 / 1 ) ، و رويت في حديث آخر لا يصح و هو :

(1/256)


180 - " ألا أدلكم على ما ينجيكم من عدوكم و يدر لكم أرزاقكم ؟ تدعون الله ليلكم
و نهاركم ، فإن الدعاء سلاح المؤمن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 329 ) :
ضعيف .
رواه أبو يعلى ( 3 / 346 / 1812 ) من طريق سلام بن سليم عن محمد بن أبي حميد عن
محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا .
و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 10 / 147 ) : رواه أبو يعلى من حديث
جابر بن عبد الله و فيه محمد بن أبي حميد و هو ضعيف .
و أما قول الشيخ العجلوني في " الكشف " ( 1 / 403 ) عقب الحديث المتقدم و قول
الهيثمي هذا : و قال ابن الغرس : قال شيخنا : صحيح ، فلعله أراد باعتبار
انجباره فتدبر .
قلت : قد علمت أن الحديث الذي قبله موضوع فلا تأثير له في تقوية هذا الحديث
الضعيف ، كما هو مقرر في علم المصطلح .
على أن له علة أخرى تبينت لي بعد أن وقفت على إسناده في " مسند أبي يعلى " ،
فإنه قال : حدثنا أبو الربيع حدثنا سلام يعني ابن سليم عن محمد بن أبي حميد عن
محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله به .
قلت : سلام هذا هو الطويل المدني ، و هو متروك متهم بالوضع فإعلال الحديث به
أولى من إعلاله بمحمد بن أبي حميد و قد مضى له حديث موضوع برقم ( 58 ) و آخر
ضعيف توبع عليه برقم ( 26 ) فالحديث موضوع أيضا كالذي قبله ، و ليس ضعيفا فقط
كما كنا عللناه بابن أبي حميد من قبل بناء على عبارة الهيثمي فتنبه .

(1/257)


181 - " إن الرزق لا تنقصه المعصية و لا تزيده الحسنة ، و ترك الدعاء معصية " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 330 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " الصغير " ( ص 147 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 11 / 2 ) من
طريق إسماعيل بن يحيى التيمي عن مسعر بن كدام عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا .
و هذا إسناد موضوع ، إسماعيل هذا كذاب كما قال أبو علي النيسابوري و الدارقطني
و الحاكم ، و قال ابن عدي : عامة ما يرويه بواطيل ، و عطية العوفي ضعيف و قد
مضى له حديث رقم ( 24 ) .
و قال المناوي في " شرح الجامع " : قال الهيثمي : و فيه عطية العوفي ضعيف ،
قال السخاوي : سنده ضعيف .
و قد ذهلوا جميعا عن علة الحديث الحقيقية ، و إلا لما جاز تعصيب الجناية برأس
عطية دون إسماعيل الكذاب ! و لعله لذلك أورده السيوطي في " الجامع " .
ثم إن مما يدل على بطلان الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يبسط له
في رزقه و أن ينسأ له في أثره فليصل رحمه " ، رواه الشيخان و غيرهما ، و هو
مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1486 ) .
فهذا يدل على أن الحسنة سبب في زيادة الرزق كما أنها سبب في إطالة العمر ، و لا
تعارض عند التحقيق بين هذا و بين قوله تعالى *( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون
ساعة و لا يستقدمون )* و لبسط هذا موضع آخر .

(1/258)


182 - " خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 331 ) :
موضوع .
أخرجه أبو داود ( رقم 5120 ) من طريق أيوب بن سويد عن أسامة بن زيد أنه سمع
سعيد بن المسيب يحدث عن سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي قال : خطبنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا من أجل أيوب بن سويد ضعفه أحمد و أبو داود و غيرهما .
و قال النسائي : ليس بثقة ، و قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 231 ) :
سمعت أبي قال : أول ما أنكرنا على أيوب بن سويد حديث أسامة بن زيد عن سعيد بن
المسيب عن سراقة بن مالك ( فذكر هذا الحديث ) ، و ما أعلم أسامة روى عن سعيد بن
المسيب شيئا ، و قال في موضع آخر ( 2 / 209 ) : قال أبي : كنت أسمع منذ حين
يذكر عن يحيى بن معين أنه سئل عن أيوب بن سويد فقال : ليس بشيء ، و سعيد بن
المسيب عن سراقة لا يجيء ، و هذا حديث موضوع ، بابه حديث الواقدي .
و الحديث أعله المنذري في " مختصر السنن " ( 8 / 18 ) بأيوب بن سويد ،
و بالانقطاع بين سعيد بن المسيب و سراقة ، و ذهل المناوي في " شرح الجامع
الصغير " عن الانقطاع فأعله بأيوب فقط ؟
و أورده الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 110 ) من حديث خالد بن عبد الله بن حرملة
المدلجي ثم قال : رواه الطبراني و فيه من لم أعرفهم .
و الذي تقتضيه الصناعة الحديثية أن الحديث ضعيف جدا ، لولا حكم أبي حاتم بوضعه
فإنه إمام حجة ، والله أعلم .

(1/259)


183 - " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 332 ) :
ضعيف .
أخرجه الدارقطني ( ص 161 ) و الحاكم ( 1 / 246 ) و البيهقي ( 3 / 57 ) من طريق
سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة
مرفوعا ، سكت عنه الحاكم ! و قال البيهقي : و هو ضعيف .
قلت : و علته سليمان هذا فإنه ضعيف جدا ، قال ابن معين : ليس بشيء ، و قال
البخاري : منكر الحديث ، قال الذهبي : قال البخاري : من قلت فيه منكر الحديث
فلا تحل رواية حديثه .
ثم أخرجه الدارقطني من طريق محمد بن سكين الشقري المؤذن ، أنبأنا عبد الله بن
بكير الغنوي ، عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا به ، و في
لفظ عنده : " لا صلاة لمن سمع النداء ثم لم يأت إلا من علة " .
و هذا سند ضعيف من أجل محمد بن سكين ، أورده ابن أبي حاتم في " الجرح
و التعديل " ( 3 / 2 / 283 ) و ساق له هذا الحديث باللفظ الثاني ثم قال : سمعت
أبي يقول : هو مجهول ، و الحديث منكر ، و قال الذهبي في " الميزان " : لا يعرف
و خبره منكر ، ثم ساق له هذا الحديث باللفظ الأول ، ثم قال : قال الدارقطني :
هو ضعيف .
و رواه أحمد في " مسائل ابنه صالح " ( ص 56 ) بسند صحيح عن أبي حيان التيمي عن
أبيه عن علي به موقوفا عليه ، و زاد قيل : و من جار المسجد ؟ قال : " من سمع
النداء " ، ثم رواه من طريق أبي إسحاق عن الحارث عنه دون الزيادة .
و الحديث أخرجه العقيلي في " الضعفاء " من هذا الوجه باللفظ الثاني ثم قال :
و هذا يروى من وجه آخر صالح .
قلت : يشير إلى حديث ابن عباس مرفوعا : " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له
إلا من عذر " .
أخرجه أبو داود و ابن ماجه و الدارقطني و الحاكم و البيهقي ، و سند ابن ماجه
و غيره صحيح ، و قد صححه النووي و العسقلاني و الذهبي و من قبلهم الحاكم ، و هو
مخرج تخريجا دقيقا في " الإرواء " ( 551 ) .
و أما قول مؤلف كتاب " التاج الجامع للأصول " ( 1 / 268 ) : رواه أبو داود
و ابن ماجه بسند ضعيف .
فمن تخليطاته و أخطائه الكثيرة التي بينتها في " نقد التاج " ( رقم 180 ) ،
ثم إن الحديث بلفظه الأول أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 6 )
و كذا ابن الجوزي أورده في " الموضوعات " ( 2 / 93 ) من طريق صالح كاتب الليث :
حدثنا عمر بن راشد عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا به ،
و قال : قال ابن حبان : عمر لا يحل ذكره إلا بالقدح ، و تعقبه السيوطي في
" اللآليء " ( 2 / 16 ) بقوله : قلت : قد وثقه العجلي و غيره ، و روى له
الترمذي و ابن ماجه ، و له طرق أخر عن جابر و أبي هريرة و علي .
ثم ذكر ما تقدم من حديث جابر و أبي هريرة ، و أما حديث علي فموقوف أخرجه
البيهقي و أحمد كما تقدم من طريق أبي حيان عن أبيه عن علي موقوفا .
و هذا سند ضعيف أيضا والد أبي حيان اسمه سعيد بن حيان ، قال الذهبي : لا يكاد
يعرف ، و قال ابن القطان : إنه مجهول ، مع أن ابن حبان و العجلي وثقاه !
فكأنهما لم يعتدا بتوثيقها ، كما فعل الذهبي في " الميزان " على ما بينته في
" تيسير الانتفاع " نفعنا الله به و إياك .
تنبيه : عمر بن راشد الذي طعن فيه ابن حبان و وثقه العجلي هو أبو حفص اليمامي
و من طبقته راو آخر ، و هو عمر بن راشد الجاري المصري ، و أنا أرجح أنه راوي
الحديث لأمرين ، الأول : أن راويه عنه صالح كاتب الليث مصري ، و الآخر : أن
شيخه فيه ابن أبي ذئب ، و هذا ذكروه في شيوخه لا في شيوخ اليمامي ، فإذا صح هذا
فهو أشد ضعفا من الأول فإنه متفق على تضعيفه ، و قال الدارقطني : كان يتهم بوضع
الحديث على الثقات .
و لكن مجيء الحديث من الطرق التي أوردنا يخرجه عن كونه موضوعا إلى درجة الضعيف
و أما قول المناوي : و من شواهده حديث الشيخين : " من سمع النداء فلم يجب فلا
صلاة له إلا من عذر " ، ففيه نظر من وجهين : الأول : أنه لا يصلح شاهدا لحديث
الباب لأنه أخص منه فإنه يفيد أن جار المسجد ينبغي أن يصلي في مسجده الذي هو
جاره فإن صلى في غيره فلا صلاة له و هذا ما لا يفيده الشاهد المذكور كما لا
يخفى ، و هذا فرق جوهري بين الحديث الضعيف و الحديث الصحيح .
الآخر : أن عزو الحديث للشيخين خطأ بين كما يشعر به تخريجنا المتقدم له .
و بالجملة فالحديث بلفظه الأول ضعيف لا حجة فيه ، و بلفظه الثاني صحيح لشاهده
المتقدم .

(1/260)


184 - " إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في أجله فإن ذلك لا يرد شيئا و يطيب نفسه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 336 ) :

ضعيف جدا .
أخرجه الترمذي ( 3 / 177 ) و ابن ماجه ( 1 / 439 ) و ابن عدي ( 324 / 2 ) من
طريق موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا .
و ضعفه الترمذي بقوله : هذا حديث غريب .
قلت : و علته موسى هذا و قد أخرج له ابن الجوزي في " موضوعاته " ، و أقره
السيوطي كما تقدم في الحديث ( رقم 112 ) ، و قد ساق له الذهبي في ترجمته منكرات
هذا أحدها ، و نقل المناوي عن النووي أنه قال في " الأذكار " : إسناده ضعيف ،
و عن ابن الجوزي قال : حديث لا يصح ، و هو في كتابه " العلل المتناهية " ( 2 /
388 ) .
قلت : و فيه أحاديث هي من حق كتابه الآخر " الموضوعات " ، و على العكس ، انظر
الحديثين الآتيين بعده .
و قال الحافظ في " الفتح " : في سنده لين و كذا قال في " بذل الماعون " ( 2 / 2
من الكراس 11 ) .
قلت : و في " العلل " لابن أبي حاتم ( 2 / 241 ) : سألت أبي عن هذا الحديث ؟
فقال : هذا حديث منكر ، كأنه موضوع ، و موسى ضعيف الحديث جدا .

(1/261)


185 - " الحمد لله ، دفن البنات من المكرمات " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 337 ) :
موضوع .
أخرجه يعقوب الفسوي في " المعرفة " ( 3 / 159 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3 /
144 / 2 ) " و الأوسط " ( 1 / 76 / 2 ) و " مسند الشاميين " ( 2408 ) و البزار
( 790 ـ زوائده ) و أبو القاسم المهراني في " الفوائد المنتخبة " ( 3 / 26 /
1 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 5 / 57 ) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( 15 /
2 ) و ابن عساكر ( 1 / 216 و 8 / 503 / 1 و 11 / 262 / 1 و 15 / 159 / 2 و 16 /
25 / 2 ) من طريق عراك بن خالد بن يزيد عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن
ابن عباس قال : لما عزي رسول الله صلى الله عليه وسلم على رقية امرأة عثمان
ابن عفان قال : فذكره ، و قال الطبراني : لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم
إلا بهذا الإسناد ، و قال المهراني : غريب تفرد به عثمان بن عطاء ، و هذا أولى
من قول الطبراني المذكور فإنه مردود برواية ابن عدي إياه في " الكامل " ( 300 /
1 ) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن طلحة القرشي حدثنا عثمان بن عطاء به ،
و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 236 ) و قال : لا يصح ، عثمان ضعيف
و أبوه رديء الحفظ ، و عراك ليس بالقوي ، و محمد بن عبد الرحمن ضعيف يسرق
الحديث ، قال : و سمعت شيخنا عبد الوهاب بن الأنماطي الحافظ يحلف بالله عز وجل
أنه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا شيئا قط ، و أقره السيوطي في
" اللآليء " ( 2 / 438 ) ، و مع هذا فقد أورده في " الجامع الصغير " و تعقبه
شارحه المناوي بما ذكرناه من الإقرار ، ثم تناقض ، فقال في " التيسير " :
إسناده ضعيف ، و الحديث أورده الصغاني أيضا في الموضوعات " ( ص 8 ) ، و قد روي
عن ابن عمر و هو :

(1/262)


186 - " دفن البنات من المكرمات " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 338 ) :
موضوع .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 80 / 2 ) و الخطيب ( 7 / 291 ) عن حميد بن حماد
عن مسعر بن كدام عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا به .
قلت : و هذا سند ضعيف حميد بن حماد قال ابن عدي : يحدث عن الثقات بالمناكير
و الحديث غير محفوظ ، و قال أبو داود : ضعيف ، و به أعله ابن الجوزي فأورد
الحديث في " الموضوعات " ( 3 / 235 ) من هذا الوجه ثم قال : لا يصح ، حميد يحدث
عن الثقات بالمناكير ، و أقره السيوطي في " اللآليء " كالحديث الذي قبله ، و مع
هذا أورده أيضا في " الجامع الصغير " ! و تعقبه المناوي أيضا بما سبق عن ابن
عدي و قال : و حكم ابن الجوزي بوضعه و أقره عليه الذهبي و المؤلف في " مختصر
الموضوعات " .
ثم تناقض المناوي أيضا ، فقال : إسناده ضعيف .

(1/263)


187 - " إن الله تعالى ينزل على أهل هذا المسجد - مسجد مكة - في كل يوم و ليلة عشرين
و مئة رحمة : ستين للطائفين ، و أربعين للمصلين ، و عشرين للناظرين " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 339 ) :
ضعيف .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 123 / 2 ) و " الكبير " ( 11475 ) و وقع
عنده يوسف بن الفيض ، و ابن عساكر ( 9 / 476 / 2 ) و الضياء في " المنتقى من
مسموعاته بمرو " عن عبد الرحمن بن السفر الدمشقي حدثنا الأوزاعي عن عطاء حدثني
ابن عباس مرفوعا ، و عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للحاكم أيضا في
" الكنى " و ابن عساكر ، و قال الطبراني : لم يروه عن الأوزاعي إلا ابن السفر .
قلت : و هو كذاب يضع الحديث كما يأتي ، قال المناوي في " شرح الجامع " بعد أن
عزاه للخطيب أيضا في " التاريخ " و البيهقي في " الشعب " : ظاهر صنيع المصنف أن
ابن عساكر خرجه و سكت عليه ، و الأمر بخلافه ، فإنه أورده في ترجمة عبد الرحمن
ابن السفر من حديثه ، و نقل عن ابن منده أنه متروك ، و تبعه الذهبي ، و قال
ابن الجوزي في " العلل المتناهية " ( 2 / 82 ـ 83 ) : حديث لا يصح ، تفرد به
يوسف بن السفر و هو كما قال الدارقطني و النسائي : متروك ، و قال الدارقطني :
يكذب ، و ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به و قال يحيى : ليس بشيء .
و منه أخذ الهيثمي ( 3 / 292 ) قوله بعد ما عزاه الطبراني : فيه يوسف بن السفر
و هو متروك .
قلت : و يقال فيه ابن الفيض و هكذا رواه ابن حبان في " الضعفاء " ( 3 / 136 ـ
137 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 116 و 307 ) ، و قال ابن حبان :
يوسف بن الفيض يروي عن الأوزاعي المناكير الكثيرة و الأوهام الفاحشة ، كأنه كان
يعملها تعمدا .
و أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 287 ) بسنده هذا و قال : سألت أبي عنه
فقال : هذا حديث منكر ، و يوسف ضعيف الحديث شبه المتروك ، و فيه يقول ابن عدي :
روى بواطيل ، و البيهقي : هو في عداد من يضع الحديث ذكره الذهبي في " الميزان "
ثم ساق له أحاديث هذا أحدها ، و هو عبد الرحمن بن السفر المتقدم في كلام
المناوي ، قال ابن حجر في ترجمته من " اللسان " : كذا سماه بعضهم و الصواب يوسف
ابن السفر متروك ، و ذكره البخاري فقال : عبد الرحمن بن السفر روى حديثا موضوعا
.
قلت : و كما ذكره البخاري رواه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 123 / 1 ) ، و على
الصواب رواه ابن الأعرابي في " معجمه " ( 185 / 2 ) ، ثم رواه من حديث عبد الله
ابن عمرو بن العاص موقوفا عليه و في سنده جعفر بن محمد الأنطاكي ، قال الذهبي :
ليس بثقة و له خبر باطل .
قلت : و سيأتي هذا الخبر بلفظ : " يبعث معاوية عليه رداء من نور " .
و أما قول المنذري في " الترغيب " ( 2 / 121 ) : رواه البيهقي بإسناد حسن فهو
فيما أظن من تساهله أو أوهامه ، ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن ابن جريج فقال
الأزرقي في " أخبار مكة " ( 256 ) حدثني جدي عن سعيد بن سالم و سليم بن مسلم عن
ابن جريج به ، و هذا إسناد لا بأس به إلى ابن جريج فإن جد الأزرقي ثقة ، و اسمه
أحمد بن محمد بن الوليد ، و سعيد بن سالم هو القداح ، قال الحافظ في
" التقريب " : صدوق يهم .
و أما قرينه سليم بن مسلم فهو الخشاب و هو متروك فلا يعتد به و العمدة على
القداح ، فلولا عنعنة ابن جريج فإنه مدلس ، لحكمت على هذا السند بأنه حسن ،
و لفظ هذه الرواية مثل لفظ حديث الترجمة .
ثم رأيت الحديث رواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " ( 96 ـ من زوائده )
و ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 321 ) و عنه ابن الجوزي ، و قال ابن حبان : قد
تبرأنا من عهدة سالم ، و تابعه إبراهيم بن يزيد الخوزي و هو متروك متهم رواه
الأصبهاني في " الترغيب " ( 1 / 444 ) من طريق أخرى عن سعيد به مثله ، ثم صدق
ظني حين رأيت الحديث في " شعب الإيمان / الحج " للبيهقي ( ق 66 / 1 ) رواه من
طريق النيسابوري باللفظ الآتي بعده و علقه من طريق يوسف بن السفر و قال : و هو
ضعيف .
و الحديث في " المعجم الكبير " من طريق أخرى فيه كذاب آخر بلفظ مغاير لهذا بعض
الشيء و سيأتي إن شاء الله تعالى برقم ( 6245 ) ، و أما الخطيب فرواه من طريق
يوسف هذا في " الموضح " ( 2 / 255 ) و قال : تفرد به أبو الفيض يوسف بن السفر
عن الأوزاعي ، و رواه في غيره من طريق آخر بلفظ :

(1/264)


188 - " إن الله تعالى ينزل في كل يوم مئة رحمة : ستين منها على الطائفين بالبيت ،
و عشرين على أهل مكة ، و عشرين على سائر الناس " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 342 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن عدي ( 314 / 1 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 6 / 27 ) و البيهقي ( 3 /
454 ـ 455 ) من طريق محمد بن معاوية النيسابوري حدثنا محمد بن صفوان عن ابن
جريج عن عطاء ابن عباس مرفوعا ، و قال ابن عدي : و هذا منكر ، و روي عن
الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس رواه عنه يوسف بن السفر و هو ضعيف .
قلت : و ابن معاوية هذا قال ابن معين و الدارقطني : كذاب ، زاد الثاني : يضع
الحديث ، و ساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث .

(1/265)


189 - " إياكم و الجلوس في الشمس فإنها تبلي الثوب و تنتن الريح و تظهر الداء الدفين
" .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 343 ) :
موضوع .
أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 4 / 411 ) من طريق محمد بن زياد الطحان حدثنا
ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعا ، و سكت عليه الحاكم و تعقبه الذهبي
بقوله : قلت : ذا من وضع الطحان .
قلت : و مع هذا أورده السيوطي في " الجامع الصغير " فتعقبه المناوي بكلام
الذهبي هذا ، ثم قال المناوي : فكان ينبغي للمصنف حذفه .

(1/266)


190 - " ما من أحد إلا و في رأسه عرق من الجذام تنعر ، فإذا هاج سلط الله عليه الزكام
فلا تداووا له " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 343 ) :
موضوع .
أخرجه الحاكم ( 4 / 411 ) و كذا القاسم السرقسطي في " غريب الحديث " ( 2 / 154
/ 1 ) من طريق محمد بن يونس القرشي حدثنا بشر بن حجر السلمي ، حدثنا فضيل بن
عياض عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس عن عائشة مرفوعا ، و سكت عليه الحاكم ،
و تعقبه الذهبي بقوله : قلت : كأنه موضوع فالكديمي متهم .
قلت : و قد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 205 ) بإسناده إلى الكديمي
به ، ثم قال : لا يصح ، محمد بن يونس هو الكديمي يضع الحديث .
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 402 ) فإنه لم يتعقبه بشيء إلا أنه ذكر أن
الحاكم أخرجه و أن الذهبي تعقبه بما سبق ، و مع هذا أورده في " الجامع الصغير "
! و بذلك تعقبه المناوي في " شرحيه " ، و أخرجه الديلمي ( 4 / 22 ) من طريق
ابن لال : حدثنا محمد بن أحمد بن منصور حدثنا الحسين بن يوسف الفحام بمصر حدثنا
محمد بن سحنون التنوخي حدثنا محمد بن بشر المصري حدثنا أبو معاوية الضرير عن
الأعمش عن زيد بن وهب عن جرير بن عبد الله رفعه .
قلت : و هذا المتهم به عندي محمد بن أحمد بن منصور أو شيخه الفحام ، فإن هذا لم
أعرفه ، و يحتمل أنه الحسين بن يوسف الذي قال ابن عساكر : مجهول ، و الأول قال
الذهبي : روى عن أبي حفص الفلاس خبرا باطلا في لعن الرافضة و الجهمية ، لا يدرى
من هو و كذلك الراوي عنه .

(1/267)


191 - " الجمعة حج الفقراء ، و في لفظ : المساكين " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 344 ) :
موضوع .
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 190 ) و القضاعي ( رقم 79 ) و ابن
عساكر ( 11 / 132 ) عن ابن عباس باللفظ الأول ، و ابن زنجويه و القضاعي
( 78 ) أيضا باللفظ الثاني أيضا كما في " الجامع الصغير " و قال المناوي في
شرحه : و رواه الحارث بن أبي أسامة ، أخرجوه كلهم من حديث عيسى بن إبراهيم
الهاشمي عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس ، قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف ،
و أورده في " الميزان " في ترجمة عيسى هذا و قال عن جمع : هو منكر الحديث ،
متروك .
و قال السخاوي : مقاتل ضعيف ، و كذا الراوي عنه .
قلت : هذا الكلام إنما هو على اللفظ الثاني ، و أما اللفظ الأول و هو الثاني في
ترتيب السيوطي فلم يتكلم عليه المناوي بشيء فلعله اكتفى بذلك إشارة إلى أن
طريقهما واحد و هو الظاهر من صنيع " الكشف " و لعله تبع فيه أصله " المقاصد "
فإنه أورده باللفظين ثم قال : و في سنده مقاتل ضعيف .
قلت : أما مقاتل فكذاب كما تقدم نقله عن وكيع في الحديث ( 168 ) ، و أما الراوي
عنه عيسى بن إبراهيم فضعيف جدا ، قال البخاري و النسائي : منكر الحديث فما دام
أن الحديث من رواية الكذاب فكان اللائق بالسيوطي أن ينزه منه الكتاب ! و لهذا
ذكره الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 7 ) و من قبله ابن الجوزي في
" الموضوعات " و أقره السيوطي نفسه لكن بلفظ آخر ، و هو :

(1/268)


192 - " الدجاج غنم فقراء أمتي ، و الجمعة حج فقرائها " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 345 ) :
موضوع .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 8 ) من رواية ابن حبان في
" المجروحين " ( 3 / 90 ) من طريق عبد الله بن زيد - محمش - النيسابوري عن هشام
ابن عبيد الله الرازي عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا ثم قال :
قال ابن حبان : باطل لا أصل له ، و هشام لا يحتج به ، و قال الدارقطني : هذا
كذب ، و الحمل فيه على محمش كان يضع الحديث .
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 28 ) فلم يتعقبه بشيء البتة ، و أما ابن
عراق فتعقبه في " تنزيه الشريعة " ( 236 / 2 ) بقوله : قلت : اقتصر الحافظ
الذهبي في " طبقات الحفاظ " على قوله بعد إيراد الحديث : هذا غير صحيح ، و الله
أعلم .
قلت : و هذا التعقب لا طائل تحته لسببين ، الأول : أن علة الحديث المقتضية
لوضعه ظاهرة ، و هو كونه من رواية هذا الوضاع ، و لا سيما أنه قد صرح الدارقطني
بأنه حديث كذب ، و ابن حبان ببطلانه .
و الآخر أن قوله : لا يصح ، لا ينافي كونه موضوعا بل كثيرا ما تكون هذه اللفظة
مرادفة لكلمة موضوع ، و هي هنا بهذا المعنى لما سبق ، و لأن الذهبي نفسه قد
أورد هذا الحديث و حديثا آخر في ترجمة الرازي هذا من رواية ابن حبان عنه ثم قال
الذهبي : قلت : كلاهما باطل ، و وصف هذا الخبر في " النبلاء " ( 10 / 447 )
بأنه : لا يحتمل .
و نقل المناوي ( 6 / 163 ) عنه أنه قال في " الضعفاء " : إنهما حديثان موضوعان
.
فتبين أن الذهبي من القائلين بوضع الحديث خلافا لما ظنه ابن عراق .

(1/269)


193 - " من سعادة المرء خفة لحيته " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 346 ) :
موضوع .
أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 360 ) و الطبراني ( 3 / 282 / 1 ) و ابن
عدي ( 358 / 2 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 14 / 297 ) من طريق يوسف بن الغرق عن
سكين بن أبي سراج عن المغيرة بن سويد عن ابن عباس مرفوعا ، ثم روى الخطيب :
عن أبي علي صالح بن محمد : قال بعض الناس : إنما هذا تصحيف إنما هو : " من
سعادة المرء خفة لحييه بذكر الله " ، ثم قال الخطيب : سكين مجهول منكر الحديث ،
و المغيرة بن سويد أيضا مجهول ، و لا يصح هذا الحديث ، و يوسف بن الغرق منكر
الحديث ، و لا تصح لحيته ، و لا لحييه ، و قال ابن حبان : سكين يروي الموضوعات
عن الأثبات و الملزقات عن الثقات ، و الحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " ( 5 /
164 - 165 ) و قال : رواه الطبراني و فيه يوسف بن الغرق قال الأزدي : كذاب ،
و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 166 ) من هذا الوجه ، ثم ساقه من
رواية الجوهري من طريق سويد بن سعيد ، حدثنا بقية بن الوليد عن أبي الفضل عن
مكحول عن ابن عباس مرفوعا بمثله ، و من رواية ابن عدي من طريق أبي داود النخعي
عن حطان بن خفاف عن ابن عباس ، و من روايته أيضا ( 97 / 2 ) عن الحسين بن
المبارك حدثنا بقية حدثنا ورقاء بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
مرفوعا ثم قال ابن الجوزي : لا يصح ، المغيرة مجهول ، و سكين يروي الموضوعات عن
الأثبات ، و يوسف كذاب و سويد ضعفه يحيى ، و بقية مدلس ، و شيخه أبو الفضل هو
بحر بن كنيز السقاء ضعيف ، فكفاه تدليسا ، و النخعي يضع ، و ورقاء لا يساوي
شيئا ، و الحسين بن المبارك قال ابن عدي : حدث بأسانيد و متون منكرة .
قلت : و قال ابن عدي ( 153 / 2 ) في ترجمة النخعي : هذا مما وضعه هو .
و تعقب ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 121 ) بما ينتج منه أنه وافقه
على وضعه ، فإنه إنما تعقبه فيما ذكره من الجرح في بعض رواة الحديث فقال :
قلت : المغيرة ذكره ابن بان في " الثقات " .
قلت : قد سبق غير مرة أن توثيق ابن حبان وحده لا يعتمد عليه لتساهله فيه و لا
سيما عند المخالفة كما هو الأمر هنا فقد سمعت قول الخطيب في المغيرة هذا أنه
مجهول ، و كذا قال أبو علي النيسابوري فيما نقله الذهبي في " الميزان " ، ثم هب
أنه ثقة فالراوي عنه سكين مجهول أيضا كما تقدم في كلام الخطيب ، و قد قال
الحافظ العسقلاني في ترجمته من " اللسان " : قال ابن حبان : يروي الموضوعات ،
روى عن المغيرة عن ابن عباس رفعه : " من سعادة المرء خفة لحيته " .
قلت : فالحديث إذا موضوع من هذا الوجه حتى عند ابن حبان الذي وثق المغيرة فهو
إنما يتهم به سكين هذا ، فالراوي عنه يوسف الغرق قد تابعه عليه عبد الرحمن بن
قيس عند أبي بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " ( 16 / 1 رقم 18 ) .
ثم قال السيوطي : و ورقاء هو اليشكري ثقة صدوق عالم روى عنه الأئمة الستة .
قلت : صدق السيوطي ، و أخطأ ابن الجوزي في قوله فيه لا يساوي شيئا ، لكن هذا لا
ينجي الحديث من الوضع ما دام في الطريق إليه بقية و هو مدلس مشهور ، و لا يفرح
بتصريحه بالتحديث هنا لأن الراوي عنه الحسين بن المبارك غير ثقة كما يشعر به
كلام ابن عدي المتقدم و هو في " الكامل " ( 97 / 2 ) و قد سلمه السيوطي ، بل
قال الذهبي في ترجمته : قال ابن عدي : متهم ، ثم ساق له حديثين هذا أحدهما
و قال عقبه : و هو كذب ، و أقره الحافظ في " اللسان " .
و يؤيد ما ذهبت إليه من موافقة السيوطي على وضع هذا الحديث أنه نقل في فتاواه
( 2 / 205 ) عن ابن الجوزي أنه أورده في " الموضوعات " ، و لم يتعقبه بشيء .
و مع هذا أورده في كتابه " الجامع الصغير " ! فأخطأ و تناقض و لذا تعقبه شارحه
المناوي ببعض ما ذكرناه عن ابن الجوزي و الذهبي و العسقلاني ، و الحديث أورده
ابن أبي حاتم ( 2 / 263 ) من طريق بقية عن أبي الفضل ثم ذكر أنه سأل أباه عنه
فقال : هذا حديث موضوع باطل ، و ذكر ابن قتيبة في " مختلف الحديث " ( ص 90 ) عن
أصحاب الحديث أنهم قالوا في هذا الحديث : لا أصل له .

(1/270)


194 - " عليكم بهذه الشجرة المباركة زيت الزيتون فتداووا به فإنه مصحة من الباسور " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 349 ) :

كذب .
رواه الطبراني في " الكبير " ( 17 / 247 / 774 ) و عنه أبو نعيم في " الطب "
( 80 / 2 ) حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثني أبي حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن
أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد واه ، قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 100 ) : رواه
الطبراني ، و فيه ابن لهيعة ، و حديثه حسن ، و بقية رجاله رجال الصحيح ، و لكن
ذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمة عثمان بن صالح ، و نقل عن أبي حاتم أنه كذب .
قلت : قال ابنه في " العلل " ( 2 / 279 ) : سمعت أبي حدثنا عن يحيى بن عثمان عن
أبيه عن ابن لهيعة عن زيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة مرفوعا بهذا الحديث
قال أبي : هذا حديث كذب .
و أقره الذهبي في " الميزان " ، و أشار إلى علته فقال : قال أبو زرعة : لم يكن
عثمان يعني ابن صالح ممن يكذب ، و لكن كان يكتب مع خالد بن نجيح ، فبلوا به ،
كان يملي عليهم ما لم يسمعوا من الشيخ .
و قال ابن أبي حاتم في ترجمة خالد بن نجيح من " الجرح و التعديل " ( 1 / 2 /
355 ) عن أبيه : كان يصحب عثمان بن صالح المصري و أبا صالح كاتب الليث و ابن
أبي مريم ، و هو كذاب يفتعل الأحاديث و يضعها في كتب ابن أبي مريم و أبي صالح ،
و هذه الأحاديث التي أنكرت على أبي صالح يتوهم أنها من فعله .
قلت : فالظاهر أن خالدا هذا هو الذي افتعل هذا الحديث و استطاع أن يوهم عثمان
ابن صالح أنه كتبه عن الشيخ ، و هو ابن لهيعة ، و أما كيف تمكن من ذلك فالله
أعلم به ، و ابن لهيعة ضعيف الحفظ معروف بذلك ، و مع هذا لم يحملوا في هذا
الحديث عليه كأنهم رأوا أنه مع ضعفه لا يليق به ذلك والله أعلم .
و قد خفيت علة هذا الحديث على السيوطي فأورده في " الجامع الصغير " ! .
فتعقبه المناوي في " شرحيه " بتكذيب أبي حاتم المتقدم ، و قد ذكره السيوطي من
قبل مختصرا بلفظ : " عليكم بزيت الزيتون فكلوه و ادهنوا به ، فإنه ينفع من
الباسور " ، و قال : رواه ابن السني عن عقبة .
زاد المناوي : و رواه عنه الديلمي أيضا .
قلت : و سكتا عنه و ظني أنه عنده بلفظ حديث الترجمة و إسناده فقد رأيته في
" الفردوس " ( 3 / 27 / 4054 ) بلفظ حديث الترجمة ، و لم أره في " الغرائب
الملتقطة من مسند الفردوس " لابن حجر العسقلاني ، والله أعلم .

(1/271)


195 - " إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 351 ) :
موضوع .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 271 ) من رواية ابن عدي ( 44 / 1 ) عن
هشام بن خالد حدثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا ، ثم قال
ابن الجوزي : قال ابن حبان : كان بقية يروي عن كذابين و يدلس ، و كان له أصحاب
يسقطون الضعفاء من حديثه و يسوونه ، فيشبه أن يكون هذا من بعض الضعفاء عن ابن
جريج ثم دلس عنه ، و هذا موضوع .
قال السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 170 ) : و كذا نقل ابن أبي حاتم في
" العلل " عن أبيه ، قال الحافظ ابن حجر : لكن ذكر ابن القطان في " كتاب أحكام
النظر " أن بقي بن مخلد رواه عن هشام بن خالد عن بقية قال : حدثنا ابن جريج ،
فما بقي فيه إلا التسوية ، قال : و قد خالف ابن الجوزي ابن الصلاح فقال : إنه
جيد الإسناد ، انتهى .
و الحديث أخرجه البيهقي في " سننه " من الطريقين التي عنعن فيها بقية و التي
صرح فيها بالتحديث ، والله أعلم .
قلت : و كذلك رواه ابن عساكر ( 13 / 295 / 2 ) و كذا ابن أبي حاتم ( 2 / 295 )
عن أبيه عن هشام عن بقية حدثنا ابن جريج به ، ساقه ابن أبي حاتم بعد أن روى
بهذا الإسناد حديثين آخرين لعلنا نذكرهما فيما بعد ، و أشار إلى أن تصريح بقية
بالتحديث خطأ من الراوي عنه هشام فقال : و قال أبي : هذه الثلاثة الأحاديث
موضوعة لا أصل لها ، و كان بقية يدلس ، فظن هؤلاء أنه يقول في كل حديث حدثنا ،
و لم يفتقدوا الخبر منه ، و أقره الذهبي في " الميزان " و جعله أصل قوله في
ترجمة هشام : يروي عن ثقات الدماشقة ، لكن يروج عليه ، و كأنه لهذا تبع ابن
الجوزي في الحكم على الحديث بالوضع ابن دقيق العيد صاحب " الإمام " كما في
" خلاصة البدر المنير " ( 118 / 2 ) ، و قال عبد الحق في " أحكامه " ( 143 /
1 ) لا يعرف من حديث ابن جريج ، و قد رواه ابن عساكر في مكان آخر ( 18 / 188 /
1 ) من طريق هشام بن عمار عن بقية عن ابن جريج به ، فلا أدري هذه متابعة من
هشام بن عمار لهشام بن خالد ، أم أن قوله : عمار محرف عن خالد كما أرجح ، و منه
تعلم أن قول ابن الصلاح : إنه جيد الإسناد غير صواب و إنه اغتر بظاهر التحديث
و لم ينتبه لهذه العلة الدقيقة التي نبهنا عليها الإمام أبو حاتم جزاه الله
خيرا ، و من الغرائب أن ابن الصلاح مع كونه أخطأ في تقوية هذا الحديث فإنه فيها
مخالف لقاعدة له وضعها هو لم يسبق إليها ، و هي أنه انقطع التصحيح في هذه
الأعصار فليس لأحد أن يصحح ! كما ذكر ذلك في " مقدمة علوم الحديث " ( ص 18 بشرح
الحافظ العراقي ) بل الواجب عنده الاتباع لأئمة الحديث الذين سبقوا ! فما باله
خالف هذا الأصل هنا ، فصحح حديثا يقول فيه الحافظان الجليلان أبو حاتم الرازي
و ابن حبان : إنه موضوع ؟ ! و خالف السيوطي كعادته فذكره في " جامعه " .
و النظر الصحيح يدل على بطلان هذا الحديث ، فإن تحريم النظر بالنسبة للجماع من
باب تحريم الوسائل فإذا أباح الله تعالى للزوج أن يجامع زوجته فهل يعقل أن
يمنعه من النظر إلى فرجها ؟ ! اللهم لا ، و يؤيد هذا من النقل حديث عائشة
قالت : كنت أغتسل أنا و رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني و بينه واحد
فيبادرني حتى أقول : دع لي دع لي ، أخرجه الشيخان و غيرهما ، فإن الظاهر من هذا
الحديث جواز النظر ، و يؤيده رواية ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن
الرجل ينظر إلى فرج امرأته ؟ فقال : سألت عطاء فقال سألت عائشة فذكرت هذا
الحديث بمعناه ، قال الحافظ في " الفتح " ( 1 / 290 ) : و هو نص في جواز نظر
الرجل إلى عورة امرأته و عكسه ، و إذا تبين هذا فلا فرق حينئذ بين النظر عند
الاغتسال أو الجماع فثبت بطلان الحديث .

(1/272)


196 - " إذا جامع أحدكم فلا ينظر إلى الفرج فإنه يورث العمى ، و لا يكثر الكلام فإنه
يورث الخرس " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 354 ) :
موضوع .
أورده ابن الجوزي ( 2 / 271 ) من رواية الأزدي عن إبراهيم بن محمد بن يوسف
الفريابي حدثنا محمد بن عبد الرحمن القشيري عن مسعر بن كدام عن سعيد المقبري عن
أبي هريرة مرفوعا ، ثم قال الأزدي : إبراهيم ساقط ، و تعقبه السيوطي في
" اللآليء " ( 2 / 170 ) بقوله : قلت : روى له ابن ماجه ، و قال في " الميزان "
قال أبو حاتم و غيره : صدوق ، و قال الأزدي وحده : ساقط ، قال : و لا يلتفت إلى
قول الأزدي فإن في لسانه في الجرح رهقا ، انتهى .
قال الخليل في " مشيخته " : هذا الحديث تفرد به محمد بن عبد الرحمن القشيري
و هو شامى يأتي بمناكير .
قلت : فهذا هو علة الحديث قال فيه الذهبي : متهم ليس بثقة ، و قد قال فيه
أبو الفتح الأزدي : كذاب متروك الحديث ، و نقل في " اللسان " عن الدارقطني أنه
قال : متروك الحديث ، و عن العقيلي قال : في أحاديثه عن مسعر عن المقبري حديث
منكر ليس له أصل و لا يتابع عليه و هو مجهول .
قلت : و نحوه في " كامل ابن عدي " ( 6 / 2261 ) ، و الحديث في " الجامع " أيضا
ثم ساق له السيوطي شاهدا و هو :

(1/273)


197 - " لا تكثروا الكلام عند مجامعة النساء فإن منه يكون الخرس و الفأفأة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 355 ) :
ضعيف جدا .
أخرجه ابن عساكر ( 5 / 700 ) بسنده إلى أبي الدرداء هاشم بن محمد بن صالح
الأنصاري حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو الأويسي الأصل عامر و هو خطأ
حدثنا خيران بن العلاء الكيساني ثم الدمشقي عن زهير بن محمد عن ابن شهاب عن
قبيصة بن ذؤيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره
قلت : و أورده السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 170 - 171 ) شاهدا للحديث المتقدم
من رواية ابن عساكر و سكت عنه و له علل أربع :
الأولى : الإرسال فإن قبيصة هذا تابعي قيل : له رؤية .
الثانية : زهير بن محمد هو التميمي مختلف فيه قال الحافظ في " التقريب " :
رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها ، قال البخاري عن أحمد : كأن
زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر ، قال أبو حاتم : حدث بالشام من حفظه فكثر
غلطه و في " الميزان " ، قال الترمذي في " العلل " : سألت البخاري عن حديث زهير
هذا فقال : أنا أتقي هذا الشيخ كأن حديثه موضوع و ليس هذا عندي زهير بن محمد .
قلت : و هذا الحديث من رواية أهل الشام عنه فدل على ضعفه .
الثالثة : خيران بن العلاء ، ليس بالمشهور و لم يوثقه غير ابن حبان و قد أشار
لهذا الذهبي حين قال في ترجمته : وثق ، له خبر منكر ، لعل ذلك من شيخه يعني
زهير بن محمد و لعله عنى هذا الحديث ، ثم بدا لي بأن تعصيب علة هذا الحديث بمن
فوق خيران أو من دونه أولى ، لأنه قد روى عنه ثمانية ، و أثنى عليه الأوزاعي ،
و هو من شيوخه ، كما حققته في ترجمته من " تيسير الانتفاع " .
الرابعة : أبو الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري لم أجد له ترجمة .
و يبعد جدا أن يكون هو الذي في " ثقات ابن حبان " ( 9 / 244 ) ، لأنه أعلى طبقة
من هذا بدرجتين ، ثم إن ابن حبان لم ينسبه إلى جده الأنصاري ، والله أعلم .
و بالجملة فالإسناد ضعيف جدا لا تقوم به حجة و الخبر منكر والله أعلم .

(1/274)


198 - " من أصيب بمصيبة في ماله أو جسده و كتمها و لم يشكها إلى الناس كان حقا
على الله أن يغفر له " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 356 ) :
موضوع .
رواه الطبراني ( 3 / 122 / 1 ) و ابن حبان في " المجروحين " ( 1 / 202 ) عن
هشام بن خالد ، أنبأنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا ، قال
الهيثمي في " المجمع " ( 2 / 331 ) : رواه الطبراني في " الكبير " و فيه بقية
مدلس .
و قال في مكان آخر ( 10 / 256 ) : رواه الطبراني في " الأوسط " ، و رجاله وثقوا
و أظن أن قوله " الأوسط " خطأ من الناسخ و يؤيده أن المنذري قال : ( 4 / 148 )
رواه الطبراني و لا بأس بإسناده ، كذا قال و المقصود أنه أطلق العزو للطبراني
و المراد به في هذه الحالة " معجمه الكبير " ، والله أعلم .
قلت : و من طريقه رواه ابن أبي حاتم في " العلل " و ذكر عن أبيه أنه قال : حديث
موضوع لا أصل له ، و أقره الذهبي و قد نقلت كلام أبي حاتم بتمامه في الحديث
( 195 ) فراجعه ، و ذكره في ترجمة بقية من " الميزان " من طريق ابن حبان و قال
أعني ابن حبان : و هذا من نسخة كتبناها بهذا الإسناد كلها موضوعة يشبه أن يكون
بقية سمعه من إنسان واه عن ابن جريج فدلس عنه و التزق به .
قلت : و كأن السيوطي عفا الله عنا و عنه لم يقف على حكم هذين الإمامين بوضع هذا
الحديث ، و إلا لما سود به " الجامع الصغير " ! ، أو لعله قلد الهيثمي و
المنذري ، و قد تعقبهم المناوي بقول أبي حاتم و الذهبي ، ثم تراجع عن ذلك في
شرحه الآخر " التيسير " ، فنقل كلام المنذري فقط ، و أقره .

(1/275)


199 - " حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه و يحسن أدبه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 357 ) :
موضوع .
رواه أبو محمد جعفر بن محمد بن الحسين السراج القاري " في الفوائد " ( 5 / 32 /
1 من مجموع 98 ) و محمد بن عبد الواحد المقدسي و هو الضياء في " المنتقى من
مسموعاته " ( ج 4 ورقة 26 / 1 مجموع 101 ) من طريق محمد بن عيسى قال حدثنا محمد
ابن الفضل عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا ، و قال القاري : غريب لا
أعلم رواه إلا محمد بن الفضل و هو ضعيف جدا ، و أما أبوه فكان ثقة .
قلت : محمد بن الفضل رماه ابن أبي شيبة بالكذب ، و قال الفلاس : كذاب ، و قال
أحمد : حديثه حديث أهل الكذب .
و محمد بن عيسى هو المدائني و هو متروك كما قال الدارقطني و الحاكم .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية البيهقي في " الشعب " فتعقبه
المناوي بقوله : و قضية تصرف المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه ساكتا عليه و الأمر
بخلافه ، بل قال : محمد بن الفضل بن عطية ضعيف بمرة انتهى .
و فيه أيضا محمد بن عيسى المدائني قال في " الضعفاء " : قال الدارقطني : ضعيف
متروك .
قلت : و لم يتفرد به فقد رواه أبو بكر الجصاص في " أحكام القرآن " ( 3 / 574 )
من طريق جبارة قال : حدثنا محمد بن الفضل به ، لكن جبارة هذا هو ابن المغلس قال
ابن معين : كذاب ، و قال ابن نمير : يوضع له الحديث فيرويه و لا يدري ! .

(1/276)


200 - " الحج جهاد ، و العمرة تطوع " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 358 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 232 ) و ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 286 ) من طريق
الحسن بن يحيى الخشني حدثنا عمر بن قيس ، أخبرني طلحة بن يحيى عن عمه إسحاق بن
طلحة عن طلحة بن عبيد الله مرفوعا .
قال البوصيري في " الزوائد " ( 2 / 138 ) : هذا إسناد ضعيف عمر بن قيس هو
المعروف بمندل ضعفه أحمد و ابن معين و الفلاس و أبو زرعة و البخاري و أبو حاتم
و أبو داود و النسائي و غيرهم ، و الحسن أيضا ضعيف .
قلت : بل هما متروكان ، فالأول قال فيه أحمد : أحاديثه بواطيل ، و الحسن قال
فيه النسائي : ليس بثقة ، و قال الدارقطني : متروك ، و قال ابن حبان : منكر
الحديث جدا يروي عن الثقات ما لا أصل له ، ثم ساق له حديثا قال فيه : إنه موضوع
و سأذكره عقب هذا إن شاء الله تعالى .
و هذا الحديث قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه ؟ فقال : هذا حديث باطل .
قلت : لكن له طرق أخرى ، فرواه البيهقي في " سننه " ( 4 / 348 ) من طريق سعيد
ابن سالم أن سفيان الثوري أخبره عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح الحنفي مرفوعا
به .
قلت : و هذا سند ضعيف لإرساله ، و سعيد بن سالم فيه ضعف ، و قد روى البيهقي عن
الشافعي أنه قال : هو منقطع يعني مرسل ، ثم قال البيهقي : و قد روي من حديث
شعبة عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح عن أبي هريرة موصولا ، و الطريق فيه إلى
شعبة طريق ضعيف ، و رواه محمد بن الفضل بن عطية عن سالم الأفطس عن ابن جبير عن
ابن عباس مرفوعا ، و محمد هذا متروك .
قلت : بل هو كذاب ، كذبه ابن معين و الفلاس و غيرهما كما سبق برقم ( 26 ) ،
و قد رواه من طريقه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 154 / 1 ) .

(1/277)


201 - " ما من نبي يموت فيقيم في قبره إلا أربعين صباحا حتى ترد إليه روحه ، و مررت
بموسى ليلة أسري بي و هو قائم في قبره بين عائلة و عويلة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 360 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 333 ) من طريق شيخه سليمان بن أحمد و هو
الطبراني صاحب " المعاجم " الثلاثة ، و هذا في " مسند الشاميين " ( ص 64 )
و ابن عساكر ( 17 / 197 / 1 ) عن الحسن بن يحيى حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن
زيد بن أبي مالك عن أنس بن مالك مرفوعا به ، ثم قال أبو نعيم و ابن عساكر :
غريب من حديث يزيد لم نكتبه إلا من حديث الخشني .
قلت : و الخشني هذا متروك كما تقدم في الحديث قبله ، و من طريقه ذكره ابن
الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 239 ) و ( 1 / 303 ) من رواية ابن حبان في
" المجروحين " ( 1 / 235 ) عنه ، ثم قال يعني ابن حبان : باطل و الخشني منكر
الحديث جدا يروي عن الثقات ما لا أصل له .
قلت : و نقل الحافظ ابن حجر عن ابن حبان إنه قال : هذا باطل موضوع ، و أقره في
" تهذيب التهذيب " ( 2 / 327 ) و كذلك نقله عنه الذهبي في " الميزان " في ترجمة
الخشني هذا و قال : إنه انفرد به ، أخرجه ابن الجوزي في " الموضوعات " و أقره
أيضا .
و أما السيوطي فخالفهم جميعا ! فتعقب ابن الجوزي ، في " اللآليء " ( 1 / 285 )
قائلا: قلت : هذا الحديث أخرجه الطبراني و أبو نعيم في " الحلية " و له شواهد
يرتقي بها إلى درجة الحسن ، و الخشني من رجال ابن ماجه ، ضعفه الأكثر ، و لم
ينسب إلى وضع و لا كذب ، و قال دحيم : لا بأس به ، و قال أبو حاتم : صدوق سيء
الحفظ ، و قال ابن عدي : تحتمل رواياته ، و من هذا حاله لا يحكم على حديثه
بالوضع .
قلت : قد علمت مما نقلناه في الحديث السابق ( رقم 198 ) عن أئمة الجرح
و التعديل أن هذا الرجل أعني الحسن بن يحيى الخشني متروك ، منكر الحديث ، و لا
يلزم منه أن يكون ممن يتعمد الكذب ، بل قد يقع منه ذلك لكثرة غفلته و شدة سوء
حفظه ، فلا يرد على هذا قول السيوطي : إنه لم ينسب إلى وضع و لا كذب ، إن كان
يقصد به الوضع و الكذب مطلقا ، و إلا فعبارة ابن حبان المتقدمة : يروي عن
الثقات ما لا أصل له ، ظاهرة في نسبة الكذب إليه ، و لا سيما بعد حكمه على
حديثه الذي نحن بصدد الكلام عليه بأنه موضوع ، و لكن عبارته هذه لا تفيد اتهامه
بأنه يضع قصدا فتأمل .
ثم إن ما نقله السيوطي عن ابن عدي يوهم أن روايات هذا الرجل كلها تحتمل ، و هذا
ما لم يقصد إليه ابن عدي ، فإن الحافظ ابن حجر بعد أن نقل عبارة ابن عدي
السابقة عقبها بقوله : قلت : قال ذلك بعد أن ساق له عدة مناكير و قال : هذا
أنكر ما رأيت له ، و هذا في " كامل ابن عدي " ( 90 / 1 ) فجزى الله ابن حجر
خيرا حيث كشف لنا بهذه الكلمة عن حقيقة قصد ابن عدي من عبارته المتقدمة ، و منه
يتبين أن ابن عدي من جملة المضعفين للخشني ، فلا يجوز حشر ابن عدي في جملة
الموثقين له كما فعل السيوطي عفا الله عنا و عنه ، و سيأتي له نحو هذا الخطأ في
الحديث ( 233 ) .
ثم لو سلمنا أنه وثقه مثل " دحيم " ، فلا قيمة تذكر لهذا التوثيق إذا ما
استحضرنا القاعدة التي تقول : إن الجرح المفسر مقدم على التعديل .
ثم وجدت ما يؤيد الذي ذهبت إليه مما فهمته من عبارة ابن حبان المنقولة آنفا و
هو أن الرجل قد يكذب بدون قصد منه ، فإن نصها بتمامها في " ضعفائه "
( 1 / 235 ) : منكر الحديث جدا ، و يروي عن الثقات ما لا أصل له ، و عن
المتقنين ما لا يتابع عليه ، و قد سمعت ابن جوصاء يوثقه و يحكيه عن أبي زرعة ،
و كان رجلا صالحا يحدث من حفظه ، كثير الوهم فيما يرويه ، حتى فحشت المناكير في
أخباره التي يرويها عن الثقات ، حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها ،
فلذلك استحق الترك .
فهذا نص في أنه كان لا يتعمد الكذب ، و إنما يقع ذلك منه وهما ، فهو على كل حال
ساقط الاعتبار ضعيف جدا ، فحديثه قد يحكم عليه بالوضع لأدنى شبهة .
و أنا أرى أن هذا الحديث يعارض قوله صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يسلم علي
إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " .
رواه أبو داود ( 1 / 319 ) و البيهقي ( 5 / 245 ) و أحمد ( 2 / 527 ) بإسناد
حسن عن أبي هريرة ، و هو مخرج في الكتاب الآخر " الصحيحة " ( 2266 ) .
و وجه التعارض أنه يدل على أن روحه صلى الله عليه وسلم ليست مستقرة في جسده
الشريف ، بل هي ترد إليه ليرد سلام المسلمين عليه صلى الله عليه وسلم ، بينما
هذا الحديث الموضوع يقرر صراحة أن روح كل نبي ترد إليه بعد أربعين صباحا من
وفاته ، فلو صح هذا فكيف ترد روحه صلى الله عليه وسلم إلى جسده ليرد السلام ،
هذا أمر غير معقول ، بل هو ظاهر التناقض ، فلابد من رد أحدهما ، و ليس هو إلا
هذا الحديث المنكر حتى يسلم الحديث القوي من المعارض ، فتأمل هذا فإنه مما
ألهمت به ، لا أذكر أني رأيته لأحد قبلي ، فإن كان صوابا فمن الله ، و إلا فمن
نفسي .
و مما يدل على بطلان هذا الحديث بهذا اللفظ أن رؤيته صلى الله عليه وسلم لموسى
يصلي في قبره صحيح ، لكن ليست فيه هذه الزيادة : " بين عائلة و عويلة " ، أخرجه
مسلم ( 7 / 102 ) من حديث أنس مرفوعا : " مررت على موسى ليلة أسري بي عند
الكثيب الأحمر و هو قائم يصلي في قبره " و هو مخرج في " الصحيحة " ( 2627 ) .
فدل هذا على بطلان هذه الزيادة في الحديث كما دل حديث أبي هريرة على بطلان
الشطر الأول منه ، و مع هذا كله فقد ذكره في " الجامع " .
ثم إنه سبق في كلام السيوطي أن للحديث شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن ! فلابد
من النظر في ذلك لتتبين الحقيقة لكل من ينشدها ، فأول ذلك أن ليس هناك شواهد ،
و إنما هما شاهدان فقط ذكرهما السيوطي نفسه لم يزد عليهما .
ثم إن أحدهما من طريق أبي المقدام ثابت بن هرمز الكوفي ـ صدوق يهم ـ عن سعيد بن
المسيب قال : " ما مكث نبي في قبره من الأرض أكثر من أربعين يوما " ، زاد في
روايته : " حتى يرفع " ، و هذا سند قوي ، و لكنه مقطوع فلا حجة فيه لاحتمال
كونه من الإسرائيليات .
ثم إن هذه الزيادة يبطلها حديث : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد
الأنبياء " ، و هو حديث صحيح رواه أبو داود و ابن حبان في " صحيحه " و الحاكم
و غيرهم ، ( انظر " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " بتحقيقي رقم 22
، 23 ) فإنه صريح في أن من خصوصيات الأنبياء أن الأرض لا تبلي أجساد الأنبياء ،
و هذه الخصوصية تنتفي إذا أثبتنا رفعهم بأجسادهم من قبورهم ، كما هو مفاد هذه
الزيادة ، فثبت بذلك بطلانها ، و لو ثبتت لانتفت خصوصية أخرى لعيسى عليه السلام
و هي كونه في السماء حيا بروحه و جسده ، فتأمل مفاسد و آثار الأحاديث الواهية !
ثم إن هذه الزيادة لو صحت لعادت بالنقض على الحديث ، لأنه صريح في أن الروح
تعود إليه و هو في قبره ، بينما هذه الزيادة تفيد أن الجسد يرفع ، فكيف يصح أن
يجعل النقيض شاهدا لنقيضه ؟ !
و أما الشاهد الآخر فيحسن أن نفرده بالكلام عليه و هو :

(1/278)


202 - " إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ، و لكنهم يصلون بين
يدي الله حتى ينفخ في الصور " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 364 ) :
موضوع .
أخرجه البيهقي في " كتاب حياة الأنبياء " ( ص 4 ) قال : أنبأنا أبو عبد الله
الحافظ ، حدثنا أحمد بن علي الحسنوي إملاء ، حدثنا أبو عبد الله بن محمد
العباسي الحمصي ، حدثنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا إسماعيل بن طلحة بن يزيد
عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ثابت عن أنس مرفوعا ، و قال
البيهقي : و هذا إن صح بهذا اللفظ فالمراد به - والله أعلم - لا يتركون يصلون
هذا المقدار ثم يكونون مصلين فيما بين يدي الله عز وجل .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، الحسنوي هذا متهم ، و هو شيخ الحاكم و قد ضعفه هو
فقال : هو في الجملة غير محتج بحديثه .
و قال الخطيب : لم يكن بثقة ، و قال فيه محمد بن يوسف الجرجاني الكشي : هو كذاب
و نحوه عن أبي العباس الأصم .
و محمد بن العباس هذا لم أعرفه و يراجع له " تاريخ دمشق " لابن عساكر ، و كذا
شيخه إسماعيل بن طلحة بن يزيد لم أجد له ترجمة ، و ابن أبي ليلى ضعيف سيء الحفظ
معروف بذلك .
و الحديث أورده السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 285 ) شاهدا للذي قبله كما سبق ،
و لا يصلح لذلك من وجهين : الأول : أنه موضوع لما تقدم بيانه آنفا ، و هو سكت
عليه فأساء ! و ليته على الأقل نقل كلام البيهقي الذي سبق في تضعيفه ! و أسوأ
منه أنه ذكره في " الجامع " .
الآخر : أنه مخالف للمشهود له ، فإنه صريح في أن الأنبياء لا يتركون في قبورهم
بعد أربعين ، و ذلك - و هو موضوع أيضا - يقول بأن الروح تعود إليه و هو في قبره
فأين هذا من ذاك ؟ !
ثم إن الحديث يعارض حديثا صحيحا سبق ذكره في الحديث الذي قبله ، فدل ذلك على
وضعه أيضا .
و يعارضه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : " الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون " .
و هو حديث صحيح كما تبين لي بعد أن وقفت على متابع له قال البيهقي : إنه تفرد
به فكتبت بحثا حققت فيه صحة الحديث و أن التفرد المشار إليه غير صحيح و أودعت
ذلك في السلسلة الأخرى برقم ( 621 ) .

(1/279)


203 - " من صلى علي عند قبري سمعته ، و من صلى علي نائيا وكل بها ملك يبلغني ، و كفي
بها أمر دنياه و آخرته ، و كنت له شهيدا أو شفيعا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 366 ) :
موضوع بهذا التمام .
أخرجه ابن سمعون في " الأمالي " ( 2 / 193 / 2 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 3 /
291 - 292 ) و ابن عساكر ( 16 / 70 / 2 ) من طريق محمد بن مروان عن الأعمش عن
أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا .
و أخرج طرفه الأول أبو بكر بن خلاد في الجزء الثاني من حديثه ( 115 / 2 )
و أبو هاشم السيلقي فيما انتقاه على ابن بشرويه ( 6 / 1 ) و العقيلي في
" الضعفاء " ( 4 / 136 ـ 137 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 218 ) و قال
العقيلي : لا أصل له من حديث الأعمش ، و ليس بمحفوظ ، و لا يتابعه إلا من هو
دونه ، يعني ابن مروان هذا ، ثم روى الخطيب بإسناده عن عبد الله بن قتيبة قال :
سألت ابن نمير عن هذا الحديث ؟ فقال : دع ذا ، محمد بن مروان ليس بشيء .
قلت : و من طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 303 ) من رواية
العقيلي ثم قال : لا يصح ، محمد بن مروان هو السدي الصغير كذاب ، قال العقيلي :
لا أصل لهذا الحديث .
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 283 ) بقوله : قلت : أخرجه البيهقي في
" شعب الإيمان " من هذا الطريق ، و أخرج له شواهد .
قلت : ثم ساقها السيوطي و بعضها صحيح ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " إن لله
ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام " و قوله صلى الله عليه وسلم :
" ما من أحد يسلم علي ... " الحديث و تقدم ذكره قريبا ( ص 362 ) ، و هي كلها
إنما تشهد للحديث في الجملة ، و أما التفصيل الذي فيه و أنه من صلى عليه عند
قبره صلى الله عليه وسلم فإنه يسمعه ، فليس في شيء منها شاهد عليه .
و أما نصفه الآخر ، فلم يذكر السيوطي و لا حديثا واحدا يشهد له ، نعم قال
السيوطي : ثم وجدت لمحمد بن مروان متابعا عن الأعمش ، أخرجه أبو الشيخ في
" الثواب " حدثنا عبد الرحمن بن أحمد الأعرج حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا
أبو معاوية عن الأعمش به .
قلت : و رجال هذا السند كلهم ثقات معروفون غير الأعرج هذا ، و الظاهر أنه الذي
أورده أبو الشيخ نفسه في " طبقات الأصبهانيين " ( ص 342 / 463 ) فقال :
عبد الرحمن بن أحمد الزهري أبو صالح الأعرج ، ثم روى عنه حديثين و لم يذكر فيه
جرحا و لا تعديلا فهو مجهول ، و سيأتي تخريج أحدهما برقم ( 5835 ) و سوف يأتي
له ثالث برقم ( 6246 ) بإذن الله .
فقول الحافظ في " الفتح " ( 6 / 379 ) : سنده جيد ، غير مقبول ، و لهذا قال ابن
القيم في هذا السند : إنه غريب ، كما نقله السخاوي عنه في " القول البديع في
الصلاة على الحبيب الشفيع " ( ص 116 ) و قال ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي
في الرد على السبكي " ( ص 190 ) : و قد روى بعضهم هذا الحديث من رواية أبي
معاوية عن الأعمش ، و هو خطأ فاحش ، و إنما هو محمد بن مروان تفرد به و هو
متروك الحديث متهم بالكذب .
على أن هذه المتابعة ناقصة ، إذ ليس فيها ما في رواية محمد بن مروان :
" و كفي بها أمر دنياه ... " ، كذلك أورده الحافظ ابن حجر و السخاوي من هذا
الوجه خلافا لما يوهمه فعل السيوطي حين قال : ... عن الأعمش به ، يعني بسنده
و لفظه المذكور في رواية السدي كما لا يخفى على المشتغلين بهذا العلم الشريف .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الرد على الأخنائي " ( ص 210 - 211 ) : و هذا
الحديث و إن كان معناه صحيحا ( لعله يعني في الجملة ) فإسناده لا يحتج به ،
و إنما يثبت معناه بأحاديث أخر ، فإنه لا يعرف إلا من حديث محمد بن مروان السدي
الصغير عن الأعمش و هو عند أهل المعرفة بالحديث موضوع على الأعمش .
و قال في مختصر الرد المذكور ( 27 / 241 ـ مجموع الفتاوي ) : حديث موضوع ،
و إنما يرويه محمد بن مروان السدي عن الأعمش ، و هو كذاب بالاتفاق و هذا الحديث
موضوع على الأعمش بإجماعهم .
و جملة القول أن الشطر الأول من الحديث ينجو من إطلاق القول بوضعه لهذه
المتابعة التي خفيت على ابن تيمية و أمثاله ، و أما باقيه فموضوع لخلوه من
الشاهد ، و بالشطر الأول أورده في " الجامع " من رواية البيهقي !
فائدة : قال الشيخ ابن تيمية عقب كلامه المتقدم على الحديث : و هو لو كان صحيحا
فإنما فيه أنه يبلغه صلاة من صلى عليه نائيا ، ليس فيه أنه يسمع ذلك كما وجدته
منقولا عن هذا المعترض ( يريد الأخنائي ) ، فإن هذا لم يقله أحد من أهل العلم ،
و لا يعرف في شيء من الحديث ، و إنما يقوله بعض المتأخرين الجهال :
يقولون : إنه ليلة الجمعة و يوم الجمعة يسمع بأذنيه صلاة من يصلي عليه ، فالقول
إنه يسمع ذلك من نفس المصلين ( عليه ) باطل ، و إنما في الأحاديث المعروفة إنه
يبلغ ذلك و يعرض عليه ، و كذلك السلام تبلغه إياه الملائكة .
قلت : و يؤيد بطلان قول أولئك الجهال قوله صلى الله عليه وسلم :
" أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم تبلغني ... " الحديث و هو صحيح
كما تقدم ( ص 364 ) فإنه صريح في أن هذه الصلاة يوم الجمعة تبلغه و لا يسمعها
من المصلي عليه صلى الله عليه وسلم .

(1/280)


204 - " من حج حجة الإسلام ، و زار قبري ، و غزا غزوة ، و صلى علي في المقدس ، لم
يسأله الله فيما افترض عليه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 369 ) :
موضوع .
أورده السخاوي في " القول البديع " ( ص 102 ) و قال : هكذا ذكره المجد اللغوي
و عزاه إلى أبي الفتح الأزدي في الثامن من " فوائده " و في ثبوته نظر .
قلت : لقد تساهل السخاوي رحمه الله ، فالحديث موضوع ظاهر البطلان ، فكان الأحرى
به أن يقول فيه كما قال في حديث آخر قبله : لوائح الوضع ظاهرة عليه ، و لا
أستبيح ذكره إلا مع بيان حاله .
ذلك لأنه يوحي بأن القيام بما ذكر فيه من الحج و الزيارة و الغزو يسقط عن فاعله
المؤاخذة على تساهله بالفرائض الأخرى ، و هذا ضلال و أي ضلال ، حاشا رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن ينطق بما يوهم ذلك فكيف بما هو صريح فيه ؟ ! .
ثم رأيت الحديث قد نقله ابن عبد الهادي في رده على السبكي ( ص 155 ) عنه بسنده
إلى أبي الفتح الأزدي محمد بن الحسين بن أحمد الأزدي الحافظ : حدثنا النعمان بن
هارون بن أبي الدلهاث ، حدثنا أبو سهل بدر بن عبد الله المصيصي حدثنا الحسن بن
عثمان الزيادي ، حدثنا عمار بن محمد حدثني خالي سفيان عن منصور عن إبراهيم عن
علقمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به ثم قال ابن عبد الهادي رحمه الله
تعالى : هذا الحديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك و لا ريب
عند أهل المعرفة بالحديث ، و أدنى من يعد من طلبة هذا العلم يعلم أن هذا الحديث
مختلق مفتعل على سفيان الثوري ، و أنه لم يطرق سمعه قط ، قال : و الحمل في هذا
الحديث على بدر بن عبد الله المصيصي فإنه لم يعرف بثقة و لا عدالة و لا أمانة
أو على صاحب الجزء أبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي فإنه متهم بالوضع و إن كان
من الحفاظ ، ثم ذكر أقوال العلماء فيه ثم قال : و لا يخفى أن هذا الحديث الذي
رواه في " فوائده " موضوع مركب مفتعل إلا على من لا يدري علم الحديث و لا شم
رائحته .
قلت : الأزدي هذا ترجمه الذهبي في " الميزان " و ذكر تضعيفه عن بعضهم ، و لم
يذكر عن أحد اتهامه بالوضع ، و كذلك الحافظ في " اللسان " و لم يزد على ما في
" الميزان " بل قال الذهبي في " تذكرة الحفاظ " ( 3 / 166 ) : و وهاه جماعة بلا
مستند طائل .
فالظاهر أنه بريء العهدة من هذا الحديث ، فالتهمة منحصرة في المصيصي هذا .
و هو الذي أشار إليه الذهبي في ترجمته في " الميزان " فقال : بدر بن عبد الله
أبو سهل المصيصي عن الحسن بن عثمان الزيادي بخبر باطل و عنه النعمان بن هارون .
قال الحافظ في " اللسان " : و الخبر المذكور أخرجه أبو الفتح الأزدي ، ثم ذكر
هذا الحديث و قد ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( رقم 571 ) و قال
( ص 122 ) : قال في " الميزان " : هذا خبر باطل آفته بدر .

(1/281)


205 - " ما من مسلم يسلم علي في شرق و لا غرب إلا أنا و ملائكة ربي نرد عليه السلام ،
فقال له قائل : يا رسول الله فما بال أهل المدينة ؟ فقال له : و ما يقال لكريم
في جيرته و جيرانه مما أمر الله به من حفظ الجوار و حفظ الجيران ؟ " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 371 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 349 ) : حدثنا سليمان بن أحمد ( هو
الطبراني ) حدثنا عبيد الله بن محمد العمري حدثنا أبو مصعب ، حدثنا مالك عن أبي
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال أبو نعيم : غريب من حديث
مالك تفرد به أبو مصعب .
قلت : و اسم أبي مصعب هذا أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث الزهري المدني أحد
رواة " الموطأ " عن مالك ، و هو ثقة فقيه ، فالحمل في الحديث على الراوي عنه
عبيد الله بن محمد العمري و هو القاضي ، قال في " الميزان " : رماه النسائي
بالكذب .
قلت : و من طريقه أخرجه الدارقطني في " غرائب مالك " ثم قال : ليس بصحيح ، تفرد
به العمري و كان ضعيفا ، كما في " اللسان " ، و قال السخاوي في " القول
البديع " ( ص 117 ) : و في سنده عبيد الله بن محمد العمري و اتهمه الذهبي بوضعه
.
و قال ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ( ص 176 ) : هو حديث موضوع على
رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له أصل و المتهم بوضعه هذا الشيخ العمري
المدني و يكفي في افتضاحه روايته هذا الحديث بمثل هذا الإسناد الذي كالشمس ،
و يجوز أن يكون وضع له و أدخل عليه فحدث به ، نعوذ بالله من الخذلان .

(1/282)


206 - " من سب الأنبياء قتل ، و من سب أصحابي جلد " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 372 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " الصغير " ( ص 137 ) و " الأوسط " ( 1 / 281 / 4739 ـ
بترقيمي ) حدثنا عبيد الله بن محمد العمري القاضي - بمدينة طبرية - سنة سبع
و سبعين و مئتين حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثنا موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه
عن جده علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي رضي الله عنه مرفوعا .
قلت : و هذا الإسناد رجاله كلهم ثقات إلا العمري كما قال الحافظ في " اللسان "
و العمري متهم بالكذب و الوضع كما تقدم في الحديث الذي قبله ، قال الحافظ :
و من مناكيره هذا الخبر .
و الحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " ( 6 / 260 ) و قال : رواه الطبراني في
" الصغير " و " الأوسط " عن شيخه عبيد الله بن محمد العمري رماه النسائي بالكذب
.

(1/283)


207 - " أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة ، و هو أفضل من سبعين حجة في غير
جمعة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 373 ) :

باطل لا أصل له .
و أما قول الزيلعي - على ما في " حاشية ابن عابدين " ( 2 / 348 ) : رواه رزين
ابن معاوية في تجريد الصحاح .
فاعلم أن كتاب رزين هذا جمع فيه بين الأصول الستة : " الصحيحين " و " موطأ
مالك " و " سنن أبي داود " و النسائي و الترمذي ، على نمط كتاب ابن الأثير
المسمى " جامع الأصول من أحاديث الرسول " إلا أن في كتاب " التجريد " أحاديث
كثيرة لا أصل لها في شيء من هذه الأصول كما يعلم مما ينقله العلماء عنه مثل
المنذري في " الترغيب و الترهيب " و هذا الحديث من هذا القبيل فإنه لا أصل له
في هذه الكتب و لا في غيرها من كتب الحديث المعروفة ، بل صرح العلامة ابن القيم
في " الزاد " ( 1 / 17 ) ببطلانه فإنه قال بعد أن أفاض في بيان مزية وقفة
الجمعة من وجوه عشرة ذكرها : و أما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل
اثنتين و سبعين حجة ، فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و لا
عن أحد من الصحابة و التابعين .
و أقره المناوي في " فيض القدير " ( 2 / 28 ) ثم ابن عابدين في " الحاشية " .

(1/284)


208 - " ما قبل حج امرئ إلا رفع حصاه ، يعني حصى الجمار " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 374 ) :
ضعيف .
قال في " المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة " : رواه الديلمي عن
ابن عمر مرفوعا !
قلت : و اقتصاره في العزو على الديلمي إشارة منه - على ما فيه من قصور - إلى
ضعف الحديث ، و قد صرح بذلك الإمام البيهقي كما يأتي ، فقد أخرجه الديلمي ( 4 /
50 ) من طريق عبد الرحمن بن خراش عن العوام عن نافع عن ابن عمر و عبد الرحمن
هذا و العوام لم أعرفهما ، لكن أخشى أن يكون في " المصورة " خطأ نسخي ، فقد
رواه ابن عدي في " الكامل " ( 7 / 2555 ) من طريق عبد الله بن خراش عن واسط بن
الحارث عن نافع به ، و قال : واسط عامة أحاديثه لا يتابع عليها ، و ذكر له في
" الميزان " مناكير هذا منها ، و أخرج البيهقي في " سننه الكبرى " ( 5 / 128 )
و الدارقطني ( ص 289 ) و الحاكم ( 1 / 476 ) و كذا الطبراني في " الأوسط " ( 1
/ 121 / 1 ) من طريق يزيد بن سنان عن يزيد بن أبي أنيسة ، عن عمرو بن مرة عن
عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أبي سعيد قال : قلنا :
يا رسول الله هذه الحجارة التي يرمى بها كل عام ، فنحتسب أنها تنقص ؟ فقال :
" إنه ما تقبل منها رفع ، و لولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال " ، ضعفه البيهقي
بقوله : يزيد بن سنان ليس بالقوي في الحديث ، و روي من وجه آخر ضعيف عن ابن
عمر مرفوعا .
قلت : و خالفه شيخه الحاكم فقال : صحيح الإسناد ، يزيد بن سنان ليس بالمتروك .
و الحق قول البيهقي ، و هو أعلم من شيخه بالجرح و التعديل ، إلا أن الحاكم
يستلزم من كون يزيد هذا ليس بالمتروك أن حديثه صحيح ، مع أن هذا غير لازم ،
فإنه قد يكون الراوي ضعيفا و هو غير متروك ، فيكون ضعيف الحديث ، و يزيد من هذا
القبيل ، على أنه قد تركه النسائي ، و لهذا تعقبه الذهبي في " تلخيص المستدرك "
بقوله : قلت : يزيد ضعفوه .
و الحديث ذكره الهيثمي ( 3 / 260 ) و قال : رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه
يزيد بن سنان التميمي و هو ضعيف .
قلت : و قد ورد موقوفا أخرجه الأزرقي في " تاريخ مكة " ( ص 403 ) و الدولابي في
" الكنى " ( 2 / 56 ) من طريق ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري قال :
" ما تقبل من الحصا رفع " و سنده صحيح ، و ابن أبي النعم ، اسمه عبد الرحمن .
و كذلك أخرجه موقوفا عن ابن عباس الأزرقي و البيهقي بسند صحيح أيضا ، فالصواب
في الحديث الوقف ، و لينظر هل هو في الحكم المرفوع ؟ فإنه لم يتبين لي .

(1/285)


209 - " حلت شفاعتي لأمتي إلا صاحب بدعة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 376 ) :
منكر .
أخرجه ابن وضاح القرطبي في كتابه القيم " البدع و النهي عنها " ( ص 36 ) من
طريق أبي عبد السلام قال : سمعت بكر بن عبد الله المزني أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : فهذا مرسل ، بكر هذا تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، و مع
إرساله ، فالسند إليه ضعيف ، لأن أبا عبد السلام و اسمه صالح بن رستم الهاشمي
مجهول كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب " .
و مع ضعف إسناد الحديث فهو مخالف لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم :
" شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " .
و هو حديث صحيح ، خلافا لمن يظن ضعفه من المغرورين بآرائهم ، المتبعين لأهوائهم
! .
و هو مخرج من طرق في " ظلال الجنة " ( 830 ـ 832 ) و " الروض النضير "
( 3 و 65 ) و " المشكاة " ( 5598 ) .

(1/286)


210 - " من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 376 ) :

منكر .
أخرجه البيهقي ( 5 / 31 ) من طريق جابر بن نوح عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل : *( و أتموا الحج
و العمرة لله )* قال : فذكره .
و هذا سند ضعيف ، ضعفه البيهقي بقوله : فيه نظر .
قلت : و وجهه أن جابرا هذا متفق على تضعيفه ، و أورد له ابن عدي ( 50 / 2 ) هذا
الحديث و قال : لا يعرف إلا بهذا الإسناد ، و لم أر له أنكر من هذا .
و قد خفي هذا على الشوكاني فقال في " نيل الأوطار " ( 4 / 254 ) : ثبت هذا
مرفوعا من حديث أبي هريرة ، أخرجه ابن عدي و البيهقي ! .
قلت : و قد رواه البيهقي من طريق عبد الله بن سلمة المرادي عن علي موقوفا
و رجاله ثقات ، إلا أن المرادي هذا كان تغير حفظه ، و على كل حال ، هذا أصح من
المرفوع ، و قد روى البيهقي كراهة الإحرام قبل الميقات عن عمر و عثمان رضي الله
عنهما ، و هو الموافق لحكمة تشريع المواقيت ، و ما أحسن ما ذكر الشاطبي
رحمه الله في " الاعتصام " ( 1 / 167 ) و من قبله الهروي في " ذم الكلام " ( 3
/ 54 / 1 ) عن الزبير بن بكار قال : ( حدثني سفيان بن عيينة قال ) : سمعت مالك
ابن أنس و أتاه رجل فقال : يا أبا عبد الله من أين أحرم ؟ قال : من ذي الحليفة
من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني أريد أن أحرم من المسجد
من عند القبر ، قال : لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة ، فقال و أي فتنة في هذه ؟
إنما هي أميال أزيدها ! قال : و أي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر
عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! إني سمعت الله يقول ! *( فليحذر الذين
يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )* !
فانظر مبلغ أثر الأحاديث الضعيفة في مخالفة الأحاديث الصحيحة و الشريعة
المستقرة ، و لقد رأيت بعض مشايخ الأفغان هنا في دمشق في إحرامه ، و فهمت منه
أنه أحرم من بلده ! فلما أنكرت ذلك عليه احتج على بهذا الحديث ! و لم يدر
المسكين أنه ضعيف لا يحتج به و لا يجوز العمل به لمخالفته سنة المواقيت
المعروفة ، و هذا مما صرح به الشوكاني في " السيل الجرار " ( 2 / 168 ) و نحو
هذا الحديث الآتي :

(1/287)


211 - " من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من
ذنبه و ما تأخر ، أو وجبت له الجنة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 378 ) :
ضعيف .
أخرجه أبو داود ( 1 / 275 ) و ابن ماجه ( 2 / 234 ـ 235 ) و الدارقطني
( ص 282 ) و البيهقي ( 5 / 30 ) و أحمد ( 6 / 299 ) من طريق حكيمة عن
أم سلمة مرفوعا .
قال ابن القيم في " تهذيب السنن " ( 2 / 284 ) : قال غير واحد من الحفاظ :
إسناده غير قوي .
قلت : و علته عندي حكيمة هذه فإنها ليست بالمشهورة ، و لم يوثقها غير ابن حبان
( 4 / 195 ) و قد نبهنا مرارا على ما في توثيقه من التساهل ، و لهذا لم يعتمده
الحافظ فلم يوثقها و إنما قال في " التقريب " : مقبولة ، يعني عند المتابعة
و ليس لها متابع هاهنا فحديثها ضعيف غير مقبول ، هذا وجه الضعف عندي ، و أما
المنذري فأعله بالاضطراب فقال في " مختصر السنن " ( 2 / 285 ) : و قد اختلف
الرواة في متنه و إسناده اختلافا كثيرا .
و كذا أعله بالاضطراب الحافظ ابن كثير كما في " نيل الأوطار " ( 4 / 235 ) .
ثم إن المنذري كأنه نسي هذا فقال في " الترغيب و الترهيب " ( 2 / 119 / - 120 )
: رواه ابن ماجه بإسناد صحيح ! .
و أنى له الصحة و فيه ما ذكره هو و غيره من الاضطراب ، و جهالة حكيمة عندنا ؟ !
ثم إن الحديث قال السندي و تبعه الشوكاني : يدل على جواز تقديم الإحرام على
الميقات .
قلت : كلا ، بل دلالته أخص من ذلك ، أعني أنه إنما يدل على أن الإحرام من بيت
المقدس خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت ، و أما غيره من البلاد فالأصل
الإحرام من المواقيت المعروفة و هو الأفضل كما قرره الصنعاني في " سبل السلام "
( 2 / 268 - 269 ) ، و هذا على فرض صحة الحديث ، أما و هو لم يصح كما رأيت ،
فبيت المقدس كغيره في هذا الحكم ، لما سبق بيانه قبل حديث و لا سيما أنه قد روي
ما يدل عليه بعمومه و هو :

(1/288)


212 - " ليستمتع أحدكم بحله ما استطاع فإنه لا يدري ما يعرض في إحرامه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 379 ) :
ضعيف .
أخرجه الهيثم بن كليب في " مسنده " ( 132 / 1 ) و البيهقي في " سننه " ( 5 / 30
- 31 ) من طريق واصل بن السائب الرقاشي عن أبي سورة عن عمه
أبي أيوب الأنصاري مرفوعا ، و قال : هذا إسناد ضعيف ، واصل بن السائب منكر
الحديث ، قاله البخاري و غيره .
قلت : و أبو سورة ضعيف كما في " التقريب "
ثم رواه البيهقي من طريق الشافعي : أنبأنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء مرفوعا
نحوه ، و أعله بقوله : و هذا مرسل .
قلت : و مسلم شيخ الشافعي هو ابن خالد الزنجي الفقيه و هو صدوق كثير الأوهام
كما في " التقريب " ، و ابن جريج مدلس و قد عنعنه .

(1/289)


213 - " إني لأعلم أرضا يقال لها : عمان ، ينضح بجانبها البحر ، الحجة منها أفضل من
حجتين من غيرها " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 380 ) :
ضعيف .
أخرجه الإمام أحمد في " المسند " ( رقم 4853 ) و الثقفي في " مشيخته
النيسابوريين " ( 184 - 185 ) و البيهقي في " سننه " ( 4 / 335 ) من طريق الحسن
ابن هادية قال : لقيت ابن عمر فقال لي : ممن أنت ؟ قلت : من أهل عمان ،
قال : من أهل عمان ؟ قلت : نعم ، قال : أفلا أحدثك ما سمعت من رسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : بلى ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : فذكره .
قلت : و رجاله كلهم ثقات معرفون ، غير ابن هادية هذا فقد ذكره ابن أبي حاتم في
" الجرح و التعديل " ( 1 / 2 / 40 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
و أما قول الحافظ في " اللسان " : قال ابن أبي حاتم عن أبيه : لا أعرفه فأخشى
أن يكون انتقل نظره إلى ترجمة أخرى عقب هذه ، روى ابن أبي حاتم فيها عن أبيه ما
نقله الحافظ عنه ، والله أعلم .
و أما ابن حبان فقد ذكره في " الثقات " ( 4 / 123 ) ، و هذا منه على عادته في
توثيق المجهولين كما سبق التنبيه عليه مرارا ، و توثيق ابن حبان هذا هو عمدة
الهيثمي حين قال في " المجمع " ( 3 / 217 ) : رواه أحمد و رجاله ثقات .
و حجة الشيخ الفاضل أحمد محمد شاكر في قوله في تعليقه على " المسند " : إسناده
صحيح ، و هذا غير صحيح لما سبق ، و كم له في هذا التعليق و غيره من مثل هذه
التصحيحات المبنية على مثل هذه التوثيقات التي لا يعتمد عليها لضعف مستندها .

(1/290)


214 - " من لم يصل علي فلا دين له " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 381 ) :
ضعيف .
قال ابن القيم : رواه محمد بن حمدان المروزي حدثنا عبد الله بن { خبيق } حدثنا
يوسف ابن أسباط عن سفيان الثوري عن رجل عن زر عن عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه مرفوعا .
كذا أورده في كتابه " جلاء الأفهام في الصلاة و السلام على خير الأنام " ( ص 25
- 26 ) ساكتا عليه لظهور ضعفه من سنده ، فأحببت أن أكشف عنه ، و له علتان :
الأولى : يوسف بن أسباط ، قال أبو حاتم : كان رجلا عابدا ، دفن كتبه و هو يغلط
كثيرا ، و هو رجل صالح لا يحتج بحديثه .
الأخرى : راويه عن زر ، فإنه رجل لم يسم ، و على هذا اقتصر الحافظ السخاوي في "
القول البديع " ( ص 114 ) في إعلاله و هو قصور .
ثم رأيته في " المعجم الكبير " ( رقم 8941 و 8942 ) للطبراني أخرجه من طريقين
عن عاصم عن زر عن عبد الله قال : " من لم يصل فلا دين له " .
و إسناده حسن ، و ليس فيه " علي " ثم هو موقوف ، و هو الأشبه بالصواب .

(1/291)


215 - " من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين عاما ، فقيل له :
و كيف الصلاة عليك يا رسول الله ؟ قال : تقول : اللهم صل على محمد عبدك و نبيك
و رسولك النبى الأمي ، و تعقد واحدا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 382 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب ( 13 / 489 ) من طريق وهب بن داود بن سليمان الضرير حدثنا إسماعيل
ابن إبراهيم ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس مرفوعا .
ذكره في ترجمة الضرير هذا و قال : لم يكن بثقة ، قال السخاوي في " القول
البديع " ( ص 145 ) : و ذكره ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " ( رقم 796 ) .
قلت : و هو بكتابه الآخر " الأحاديث الموضوعات " أولى و أحرى ، فإن لوائح الوضع
عليه ظاهرة ، و في الأحاديث الصحيحة في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
غنية عن مثل هذا ، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " من صلى علي مرة واحدة
صلى الله عليه بها عشرا " رواه مسلم و غيره ، و هو مخرج في " صحيح أبي داود "
( 1369 ) ، ثم إن الحديث ذكره السخاوي في مكان آخر ( ص 147 ) من رواية
الدارقطني يعني عن أبي هريرة مرفوعا ، ثم قال : و حسنه العراقي ، و من قبله
أبو عبد الله بن النعمان ، و يحتاج إلى نظر ، و قد تقدم نحوه من حديث أنس قريبا
يعني هذا .
قلت : و الحديث عند الدارقطني عن ابن المسيب قال : أظنه عن أبي هريرة كما في
الكشف ( 1 / 167 ) .

(1/292)


216 - " إنا لنكشر في وجوه أقوام ، و إن قلوبنا لتلعنهم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 383 ) :
لا أصل له مرفوعا .
و قد بيض له العجلوني في " الكشف " ( 206 ) و إنما ذكره البخاري ( 10 / 434 )
معلقا موقوفا فقال : و يذكر عن أبي الدرداء : " إنا لنكشر ... " و قد وصله
جماعة منهم أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 222 ) من طريق خلف بن حوشب قال : قال
أبو الدرداء .. فذكره موقوفا ، و هو منقطع كما قال الحافظ في " الفتح " و وصله
أبو بكر بن المقري في " فوائده " من طريق أبي صالح عن أبي الدرداء .
قال الحافظ : هو منقطع أيضا ، و وصله ابن أبي الدنيا و إبراهيم الحربي في
" غريب الحديث " و الدينوري في " المجالسة " من طريق أبي الزاهرية عن جبير بن
نفير عن أبي الدرداء .
و لم يذكر الدينوري في إسناده جبير بن نفير .
قلت : فعلى هذا فهو منقطع أيضا ، لكن لعله يتقوى بهذه الطرق .
و بالجملة ، فالحديث لا أصل له مرفوعا ، و الغالب أنه ثابت موقوفا ، و الله
أعلم .

(1/293)


217 - " الزرقة في العين يمن ، و كان داود أزرق " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 384 ) :
موضوع .
رواه الحاكم في " تاريخه " من طريق الحسين بن علوان عن الأوزاعي عن الزهري عن
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا .
ذكره السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 114 ) شاهدا فأساء ، ابن علوان هذا كذاب
وضاع ، و الجملة الأولى من الحديث أوردها ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 /
162 ) من رواية ابن حبان و هذا في ترجمة عباد من " الضعفاء " ( 2 / 164 ) عن
محمد بن يونس عن عباد بن صهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا ،
و قال ابن الجوزي : لا يصح ، عباد متروك و الراوي عنه هو الكديمي و البلاء منه
.
و من هذا الوجه رواه يوسف بن عبد الهادي في " جزء أحاديث منتقاة " ( 337 / 1 )
وقد غفل المعلق على " المراسيل " لأبي داود ( 333 ) عن إشارة ابن الجوزي إلى أن
إعلاله بالكديمي أولى ! فأعله بعباد فقط . ثم ذكره ابن
الجوزي من رواية الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا إسماعيل المؤدب ، حدثنا سليمان بن
أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
" من الزرقة يمن " و قال : لا يصح ، سليمان متروك ، و إسماعيل لا يحتج به .
فتعقبه السيوطي بقوله : قلت : قال أبو داود في " مراسيله " ( رقم 479 ) : حدثنا
عباس بن عبد العظيم ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا رجل من أهل العراق عن معمر عن
الزهري مرفوعا : " الزرقة يمن " .
قلت : هذا مرسل ، و فيه العراقي الذي لم يسم فهو المتهم به ، و قد غمز من صحته
أبو داود نفسه ، فقال عقبه : " كان فرعون أزرق ، و عاقر الناقة أزرق " .
ثم ساق السيوطي الشاهد المتقدم من طريق الحاكم ، و قد علمت وضعه ، و قد نقل
الشيخ العجلوني في " الكشف " ( 1 / 439 ) عن ابن القيم أنه قال : حديث موضوع .

(1/294)


218 - " من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 385 ) :
ضعيف .
رواه الدارقطني في " الأفراد " من حديث ابن عمر مرفوعا .
قال ابن القيم في " الزاد " ( 1 / 145 ) : و هو من حديث ابن لهيعة .
قلت : و هو ضعيف من قبل حفظه ، و أشار الحافظ في " التلخيص " إلى إعلاله به ،
و أما تصحيح البجيرمي للحديث في " الإقناع " ( 2 / 177 ) فمما لا وجه له إطلاقا
.
و روى ابن أبي شيبة ( 1 / 206 / 1 ) بسند صحيح عن حسان بن عطية قال :
" إذا سافر يوم الجمعة دعي عليه أن لا يصاحب و لا يعان في سفر " .
فهذا مقطوع ، و لعل هذا هو أصل الحديث ، فوصله و رفعه ابن لهيعة بسوء حفظه !
و للحديث طريق أخرى لكنها موضوعة و هو :

(1/295)


219 - " من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكاه أن لا يصحب في سفره و لا تقضى له حاجة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 386 ) :

موضوع .
أخرجه الخطيب في " كتاب أسماء الرواة عن مالك " من رواية الحسين بن علوان عن
مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا ، ثم قال الخطيب : الحسين
ابن علوان غيره أثبت منه ، قال العراقي : قد ألان الخطيب الكلام في الحسين هذا
و قد كذبه يحيى بن معين و نسبه ابن حبان إلى الوضع ، و ذكر له الذهبي في
الميزان هذا الحديث و إنه مما كذب فيه على مالك ، كذا في " نيل الأوطار "
( 3 / 194 - 195 ) .
قلت : و من العجيب حقا أن العراقي نفسه قد ألان القول أيضا في الحديث هذا بقوله
في " تخريج الإحياء " ( 1 / 188 ) بعد أن عزاه للخطيب : .... بسند ضعيف .
و ليس في السنة ما يمنع من السفر يوم الجمعة مطلقا ، بل روي عنه صلى الله عليه
وسلم أنه سافر يوم الجمعة من أول النهار ، و لكنه ضعيف لإرساله ، و قد روى
البيهقي ( 3 / 187 ) عن الأسود بن قيس عن أبيه قال : أبصر عمر بن الخطاب
رضي الله عنه رجلا عليه هيئة السفر فسمعه يقول : لولا أن اليوم يوم جمعة لخرجت
قال عمر رضي الله عنه : اخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر ، و رواه ابن أبي شيبة
( 2 / 205 / 2 ) مختصرا ، و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات ، و قيس والد الأسود
وثقه النسائي و ابن حبان ، فهذا الأثر مما يضعف هذا الحديث و كذا المذكور قبله
إذ الأصل أنه لا يخفى على أمير المؤمنين عمر لو كان صحيحا .

(1/296)


220 - " إن له ( يعني إبراهيم بن محمد صلى الله عليه وسلم ) مرضعا في الجنة ، و لو
عاش لكان صديقا نبيا ، و لو عاش لعتقت أخواله القبط ، و ما استرق قبطي قط " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 387 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 1 / 459 ـ 460 ) من طريق إبراهيم بن عثمان ، حدثنا الحكم بن
عتيبة عن مقسم عن ابن عباس قال : لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله
عليه وسلم صلى رسول الله عليه و قال : فذكره .
و هذا سند ضعيف من أجل إبراهيم بن عثمان ، فإنه متفق على ضعفه ، و لكن الجملة
الأولى من الحديث وردت من حديث البراء ، رواه أحمد ( 4 / 283 ، 284 ، 289 ، 297
، 300 ، 302 ، 304 ) و غيره بأسانيد بعضها صحيح .
و الجملة الثانية وردت عن عبد الله بن أبي أوفى قيل له : رأيت إبراهيم ابن
رسول الله ؟ قال : مات و هو صغير ، و لو قضي أن يكون بعد محمد صلى الله عليه
وسلم نبي لعاش ابنه و لكن لا نبي بعده ، رواه البخاري في " صحيحه " ( 10 /
476 ) و ابن ماجه ( 1 / 459 ) و أحمد ( 4 / 353 ) و لفظه : و لو كان بعد النبي
صلى الله عليه وسلم نبي ما مات ابنه إبراهيم ، و عن أنس قال : رحمة الله على
إبراهيم لو عاش كان صديقا نبيا ، أخرجه أحمد ( 3 / 133 و 280 - 281 ) بسند صحيح
على شرط مسلم ، و رواه ابن منده و زاد : " و لكن لم يكن ليبقى لأن نبيكم آخر
الأنبياء " كما في " الفتح " للحافظ ابن حجر ( 10 / 476 ) و صححه .
و هذه الروايات و إن كانت موقوفة فلها حكم الرفع إذ هي من الأمور الغيبية التي
لا مجال للرأي فيها ، فإذا عرفت هذا يتبين لك ضلال القاديانية في احتجاجهم بهذه
الجملة : " لو عاش إبراهيم لكان نبيا " على دعواهم الباطلة في استمرار النبوة
بعده صلى الله عليه وسلم لأنها لا تصح هكذا عنه صلى الله عليه وسلم و إن ذهبوا
إلى تقويتها بالآثار التي ذكرنا كما صنعنا نحن فهي تلقمهم حجرا و تعكس دليلهم
عليهم إذ إنها تصرح أن وفاة إبراهيم عليه السلام صغيرا كان بسبب أنه لا نبي
بعده صلى الله عليه وسلم و لربما جادلوا في هذا - كما هو دأبهم - و حاولوا أن
يوهنوا من الاستدلال بهذه الآثار ، و أن يرفعوا عنها حكم الرفع ، و لكنهم لم
و لن يستطيعوا الانفكاك مما ألزمناهم به من ضعف دليلهم هذا و لو من الوجه الأول
و هو أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم مرفوعا صراحة .

(1/297)


221 - " الحج قبل التزوج " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 389 ) :
موضوع .
أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن
أبي هريرة ، و تعقبه المناوي بقوله : و فيه غياث بن إبراهيم ، قال الذهبي :
تركوه ، و ميسرة بن عبد ربه قال الذهبي : كذاب مشهور .
قلت : و الأول أيضا كذاب معروف ، قال ابن معين : كذاب خبيث ، و قال أبو داود :
كذاب ، و قال ابن عدي : بين الأمر في الضعف ، و أحاديثه كلها شبه الموضوع
و هو الذي ذكر أبو خيثمة أنه حدث المهدي بخبر : " لا سبق إلا في نصل أو خف أو
حافر " فزاد فيه : " أو جناح " فوصله المهدي ، و لما قام قال : أشهد أن قفاك
قفا كذاب .
فأعجب من السيوطي كيف يورد في " جامعه " أحاديث هؤلاء الكذابين !
و الحديث في " الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس " ( 1 / 97 ) من طريق غياث بن
إبراهيم ( و ما فوقه غير ظاهر في المصورة إلا : ابن ميسرة عن أبيه عن
أبي هريرة ) ، و ميسرة بن عبد ربه دون هذه الطبقة ، فليحقق .
و قد روى هذا الحديث عن أبي هريرة بلفظ آخر و هو :

(1/298)


222 - " من تزوج قبل أن يحج فقد بدأ بالمعصية " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 390 ) :
موضوع .
رواه ابن عدي ( 20 / 2 ) عن أحمد بن جمهور القرقساني ، حدثنا محمد بن أيوب
حدثني أبي عن رجاء بن روح حدثتني ابنة وهب بن منبه عن أبيها عن أبي هريرة
مرفوعا ، و قال ابن عدي : و بعض روايات أيوب بن سويد أحاديث لا يتابعه أحد
عليها .
و من طريق ابن عدي ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 213 ) و قال : محمد
ابن أيوب يروي الموضوعات ، و أبوه قال يحيى : ليس بشيء .
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 120 ) و زاد عليه قوله : قلت : و أحمد بن
جمهور متهم بالكذب .
قلت : و رجاء بن روح ـ كذا في " ابن عدي " و في " الموضوعات " و " اللآليء " :
ابن نوح لم أجد له ترجمة .

(1/299)


223 - " الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها عباده " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 390 ) :
منكر .
أخرجه أبو بكر بن خلاد في " الفوائد " ( 1 / 224 / 2 ) و ابن عدي ( 17 / 2 )
و ابن بشران في " الأمالي " ( 2 / 3 / 1 ) و الخطيب ( 6 / 328 ) و عنه ابن
الجوزي في " الواهيات " ( 2 / 84 / 944 ) من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي ، حدثنا
أبو معشر المدائني عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا .
ذكره الخطيب في ترجمة الكاهلي هذا و قال : يروي عن مالك و غيره من الرفعاء
أحاديث منكرة ، ثم ساق له هذا الحديث ثم روى تكذيبه عن أبي بكر بن أبي شيبة ،
و قد كذبه أيضا موسى بن هارون و أبو زرعة ، و قال ابن عدي عقب الحديث : هو في
عداد من يضع الحديث ، و كذا قال الدارقطني كما في " الميزان " ، و زاد ابن
الجوزي : لا يصح ، و أبو معشر ضعيف .
و قال المناوي متعقبا على السيوطي حيث أورده في " الجامع " من رواية الخطيب
و ابن عساكر : قال ابن الجوزي : حديث لا يصح ، و قال ابن العربي : هذا حديث
باطل فلا يلتفت إليه .
ثم وجدت للكاهلي متابعا ، و هو أحمد بن يونس الكوفي ، و هو ثقة أخرجه ابن عساكر
( 15 / 90 / 2 ) من طريق أبي علي الأهوازي ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن جعفر
ابن عبيد الله الكلاعي الحمصي بسنده عنه به ، أورده في ترجمة الكلاعي هذا ،
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، لكن أبو علي الأهوازي متهم ، فالحديث باطل
على كل حال ، ثم رأيت ابن قتيبة أخرج الحديث في " غريب الحديث " ( 3 / 107 /
1 ) عن إبراهيم بن يزيد عن عطاء عن ابن عباس موقوفا عليه ، و الوقف أشبه و إن
كان في سنده ضعيف جدا ، فإن إبراهيم هذا و هو الخوزي متروك كما قال أحمد
و النسائي ، لكن روي الحديث بسند آخر ضعيف عن ابن عمرو رواه ابن خزيمة ( 2737 )
و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 33 / 2 ) ، و قال : تفرد به عبد الله بن المؤمل
و لذا ضعفه البيهقي في " الأسماء " ( ص 333 ) و هو مخرج في " التعليق الرغيب "
( 2 / 123 ) ، و إذا عرفت ذلك ، فمن العجائب أن يسكت عن الحديث الحافظ ابن رجب
في " ذيل الطبقات " ( 7 / 174 ـ 175 ) و يتأول ما روي عن ابن الفاعوس الحنبلي
أنه كان يقول : " الحجر الأسود يمين الله حقيقة " ، بأن المراد بيمينه أنه محل
الاستلام و التقبيل ، و أن هذا المعنى هو حقيقة في هذه الصورة و ليس مجازا ،
و ليس فيه ما يوهم الصفة الذاتية أصلا ، و كان يغنيه عن ذلك كله التنبيه على
ضعف الحديث ، و أنه لا داعي لتفسيره أو تأويله لأن التفسير فرع التصحيح كما لا
يخفى .

(1/300)


224 - " حملة القرآن أولياء الله ، فمن عاداهم فقد عادى الله ، و من والاهم فقد
والى الله " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 392 ) :
موضوع .
أخرجه الديلمي في " مسنده " ( 2 / 90 ) من طريق أبي نعيم معلقا عليه بسنده عن
الحسن بن إدريس العسكري حدثنا إبراهيم بن سهل حدثنا داود بن المحبر عن صخر بن
جويرية عن نافع عن ابن عمر به .
و ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية الديلمي و ابن النجار عن ابن عمر ،
و تعقبه المناوي بقوله : و فيه داود بن المحبر ، قال الذهبي في " الضعفاء " :
قال ابن حبان : كان يضع الحديث على الثقات ، و رواه عنه أبو نعيم في " الحلية "
و من طريقه أورده الديلمي مصرحا ، فلو عزاه له لكان أولى .
قلت : بل الأولى حذفه أصلا ! فقد أورده السيوطي نفسه في " ذيل الأحاديث
الموضوعة " ( رقم 155 ، ص 32 ) من رواية أبي نعيم في " تاريخ أصبهان " و قال
السيوطي : قال الحافظ في " اللسان " : هذا خبر منكر ساقه أبو نعيم في ترجمة
الحسن بن إدريس ، لكن الآفة من داود بن المحبر ، و تبعه ابن عراق في " تنزيه
الشريعة " : ( 135 / 1 ) ، و الحديث في " أخبار أصبهان " ( 1 / 264 ) و ليس في
" الحلية " كما ظن المناوي ! .
و الحسن بن إدريس هو من شيوخ أبي الشيخ كما ترجمه في " طبقاته " ( 389 / 531 )
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا و كذلك صنع أبو نعيم ، و إبراهيم بن سهل لم
أعرفه ، ثم رواه الديلمي من حديث علي نحوه و فيه محمد بن الحسين ، قال الخطيب (
2 / 248 ) : قال لي محمد بن يوسف القطان : كان غير ثقة يضع للصوفية الأحاديث .

(1/301)


225 - " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور و المتخذين عليها المساجد
و السرج " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 393 ) :
ضعيف .
بهذا السياق و التمام ، أخرجه أصحاب السنن الأربعة إلا ابن ماجه و ابن أبي شيبة
في " المصنف " ( 4 / 140 ) و البغوي في حديث علي بن الجعد ( 7 / 70 / 1 )
و الطبراني ( 3 / 174 / 2 ) و أبو عبد الله القطان في " حديثه " ( 54 / 1 )
و الحاكم ( 1 / 374 ) و البيهقي ( 4 / 78 ) و كذا الطيالسي ( 1 / 171 ) و أحمد
( 2030 ) من طريق محمد بن جحادة قال : سمعت أبا صالح زاد القطان ، بعد ما كبر ،
و هو رواية لابن أبي شيبة ( 2 / 84 / 1 ) عن ابن عباس قال : فذكره ،
و قال الحاكم و تبعه الذهبي : أبو صالح باذان و لم يحتجا به ، و أما الترمذي
فقال : حديث حسن ، و أبو صالح هذا هو مولى أم هانيء بنت أبي طالب و اسمه باذان
و يقال : باذام أيضا .
قلت : و هو ضعيف عند جمهور النقاد ، و لم يوثقه أحد إلا العجلي وحده كما قال
الحافظ في " التهذيب " بل كذبه إسماعيل بن أبي خالد و الأزدي ، و وصمه بعضهم
بالتدليس ، و قال الحافظ في " التقريب " : ضعيف مدلس .
قلت : و كأنه لهذا ، قال ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " بعد أن حكى
تحسين الترمذي للحديث قال ( 59 / 1 ) : قلت : فيه وقفة لنكتة ذكرتها في الأصل
يعني " البدر المنير " و لم أقف عليه لنقف على النكتة التي أشار إليها و إن كان
الظاهر أنه أراد بها ضعف أبي صالح المذكور و تدليسه ، و به أعله عبد الحق
الإشبيلي في " أحكامه الكبرى " ( 80 / 1 ) فقال : و هو عندهم ضعيف جدا .
قلت : فمن هذا حاله لا يحسن تحسين حديثه كما فعل الترمذي ! فكيف تصحيحه كما فعل
الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " و على سنن الترمذي ( 2 / 136 - 138 )
؟ و هذا التحسين و التصحيح بالإضافة إلى اشتهار الاستدلال بهذا الحديث على
تحريم إيقاد السرج ، حملني على أن أبين حقيقة إسناد هذا الحديث لكي لا ينسب
إليه صلى الله عليه وسلم ما لم يقله ، نعم قد جاء غالب الحديث من طرق أخرى ،
فلعن زائرات القبور ، رواه ابن ماجه ( 1 / 478 ) و الحاكم ، و البيهقي و أحمد
( 3 / 142 ) من حديث حسان بن ثابت ، و الترمذي و ابن ماجه و البيهقي و الطيالسي
و أحمد ( 2 / 337 ) عن أبي هريرة بلفظ : " زوارات القبور " ، انظر " أحكام
الجنائز " ( 185 ـ 187 ) .
و لعن المتخذين على القبور المساجد متواتر عنه صلى الله عليه وسلم في
" الصحيحين " و غيرهما من حديث عائشة و ابن عباس و أبي هريرة و زيد بن ثابت
و أبي عبيدة بن الجراح و أسامة بن زيد ، و قد سقت أحاديثهم و خرجتها في
" التعليقات الجياد على زاد المعاد " ثم في " تحذير الساجد من اتخاذ القبور
مساجد " ، و هو مطبوع ، و نص حديث عائشة و ابن عباس مرفوعا :
" لعنة الله على اليهود و النصارى اتخذوا من قبور أنبيائهم مساجد " زاد أحمد في
روايته : " يحرم ذلك على أمته " و أخرج أيضا من حديث ابن مسعود مرفوعا :
" إن من شرار الناس من تدركه الساعة و هم أحياء ، و من يتخذ القبور مساجد " .
و مع هذه الأحاديث الكثيرة في لعن من يتخذ المساجد على القبور تجد كثيرا من
المسلمين يتقربون إلى الله ببنائها عليها و الصلاة فيها ، و هذا عين المحادة
لله و رسوله ، انظر " الزواجر في النهي عن اقتراف الكبائر " للفقيه أحمد بن حجر
الهيثمي ( 1 / 121 ) و قد صرح بعض الحنفية و غيرهم بكراهة الصلاة فيها ، بل نقل
بعض المحققين اتفاق العلماء على ذلك ، فانظر " فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية "
( 1 / 107 ، 2 / 192 ) " و عمدة القاري شرح صحيح البخاري " للعيني الحنفي ( 4 /
149 ) و شرحه للحافظ ابن حجر ( 3 / 106 ) ، و أما لعن المتخذين عليها السرج .
فلم نجد في الأحاديث ما يشهد له ، فهذا القدر من الحديث ضعيف ، و إن لهج
إخواننا السلفيون في بعض البلاد بالاستدلال به ، و نصيحتي إليهم أن يمسكوا عن
نسبته إليه صلى الله عليه وسلم لعدم صحته ، و أن يستدلوا على منع السرج على
القبور بعمومات الشريعة ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة ،
و كل ضلالة في النار " ، و مثل نهيه صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال ،
و نهيه عن التشبه بالكفار و نحو ذلك .

(1/302)


226 - " تختموا بالعقيق فإنه مبارك " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 396 ) :
موضوع .
أخرجه المحاملي في " الأمالي " ( ج 2 رقم 41 - نسختي ) و الخطيب في " تاريخه "
( 11 / 251 ) و كذا العقيلي في " الضعفاء " ( 466 ) من طريق يعقوب بن الوليد
المدني ، و ابن عدي ( 356 / 1 ) من طريق يعقوب بن إبراهيم الزهري ، كلاهما عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا .
و من طريق العقيلي ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 423 ) و قال : يعقوب
كذاب يضع ، قال العقيلي : و لا يثبت في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء .
قلت : قال الذهبي في ترجمة يعقوب : قال أحمد : كان من الكذابين الكبار ، يضع
الحديث ، ثم ساق له هذا الحديث ، و قال ابن عدي : يعقوب بن إبراهيم هذا ليس
بالمعروف ، و قد سرقه منه يعقوب بن الوليد .
و قد تعقب ابن الجوزي السيوطي في " اللآلئ " ( 2 / 272 ) كعادته فقال :
و للحديث طريق آخر عن هشام أخرجه الخطيب و ابن عساكر ( 4 / 283 / 2 ) من طريق
أبي سعيد شعيب بن محمد بن إبراهيم الشعيبى ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن وصيف
{ الفامي } ، أنبأنا محمد بن سهل بن الفضل بن عسكر أبو الفضل ، حدثنا خلاد
بن يحيى عن هشام بن عروة به .
قلت : و هذا إسناد مظلم ، فإن من دون خلاد لا يعرفون ، أما شعيب بن محمد بن
إبراهيم الشعيبي فلعله الذي في " الجرح و التعديل " ( 2 / 1 / 352 ) : شعيب بن
محمد بن شعيب العبدي ، بغدادي ، روى عن بشر بن الحارث و عبد الرحمن بن عفان كتب
عنه أبي في الرحلة الثانية و كذا في " تاريخ بغداد " ( 9 / 244 ) للخطيب نقلا
عن ابن أبي حاتم .
و أما محمد بن وصيف { الفامي } فلم أجد من ذكره إلا أن يكون الذي ذكره الخطيب
في " تاريخه " ( 3 / 336 ) : محمد بن وصيف أبو جعفر السامري ، ثم ساق له حديثا
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و لكن هذا كنيته أبو جعفر ، و المترجم كنيته
أبو عبد الله ، فالله أعلم .
و أما محمد بن سهل بن فضل ، فيحتمل أنه محمد بن سهل العطار ، و قد تردد في هذا
الحافظ ابن حجر في " اللسان " و الله اعلم .
و العطار معروف بوضع الحديث ، وصفه بذلك الدارقطني و غيره فهو آفة هذا الإسناد
أو من دونه ، والله أعلم .
و قد روي الحديث بألفاظ أخرى من طرق أخرى و كلها باطلة كما قال الحافظ السخاوي
في " المقاصد " و أما قول الشيخ علي القاري في " الموضوعات " ( ص 37 ) : لكن
رواه الديلمي من حديث أنس و عمر و علي و عائشة بأسانيد متعددة فيدل على أن
الحديث له أصل .
فهو ذهول عن قول الحافظ السخاوي : إنها كلها باطلة ، و عن القاعدة المتفق عليها
عند المحدثين أن تعدد الطرق إنما يقوي الحديث إذا كان الضعف فيها ناشئا من قلة
الضبط و الحفظ ، و ليس الأمر في هذا الحديث كذلك ، فإن غالبها لا يخلو من متهم
بالكذب ، كما يأتي بعد ، ثم إن في ألفاظها اضطرابا شديدا فبعضها يقول : فإنه
مبارك ، كما في حديث عائشة هذا ، و بعضها يقول : " فإنه ينفي الفقر " ، و غير
ذلك من الألفاظ التي لا يشهد بصحتها شرع و لا عقل ، و منها الحديث الآتي :

(1/303)


227 - " تختموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 398 ) :
موضوع .
ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 58 ) من رواية ابن عدي و عنه الديلمي (
2 / 31 ) عن الحسين بن إبراهيم البابي حدثنا حميد الطويل عن أنس مرفوعا به
، و قال ابن الجوزي : قال ابن عدي : باطل و الحسين مجهول ، و قال الذهبي في "
الميزان " : حديث موضوع ، و أقره الحافظ في " اللسان " و كذا أقر ابن الجوزي
على وضعه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 273 ) و زاد : قلت : قال في " الميزان "
: حسين لا يدرى من هو فلعله من وضعه .
و مع اعتراف السيوطي بوضعه فقد ذكره في " الجامع الصغير " من رواية ابن عدي !!
و من طريق ابن عدي و غيره أخرجه ابن عساكر في " التاريخ " ( 14 / 26 ـ ط ) ،
و أعله بجهالة البابي ، و لم أره في " كامل ابن عدي " .

(1/304)


228 - " تختموا بالعقيق فإنه أنجح للأمر ، و اليمنى أحق بالزينة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 398 ) :
موضوع .
أخرجه ابن عساكر ( 4 / 291 / 1 - 2 ) في ترجمة الحسن بن محمد بن أحمد بن هشام
السلمي بسنده إلى أبي جعفر محمد بن عبد الله البغدادي حدثني محمد بن الحسن -
بالباب و الأبواب - حدثنا حميد الطويل عن أنس مرفوعا به ، قال الحافظ في
" اللسان " ( 2 / 269 ) : و هو موضوع لا ريب فيه ، لكن لا أدري من وضعه .
و أقره السيوطي في " اللآليء " : ( 2 / 273 ) .

(1/305)


229 - " تختموا بالخواتم العقيق فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام عليه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 399 ) :
موضوع .
رواه الديلمي في " مسنده " ( 2 / 32 ) من طريق علي بن مهرويه القزويني ، و في
سنده داود بن سليمان الغازي الجرجاني كذبه ابن معين ، و قال الذهبي :
شيخ كذاب ، له نسخة موضوعة عن علي بن موسى الرضا .
قلت : و هذا الحديث من النسخة المذكورة كما يتبين لمن نظر " المقاصد الحسنة "
و " كشف الخفاء " .

(1/306)


230 - " من تختم بالعقيق لم يزل يرى خيرا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 399 ) :
موضوع .
رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 57 ) من طريق ابن حبان يعني في
" الضعفاء " ( 3 / 153 ) عن زهير بن عباد حدثنا أبو بكر بن شعيب عن مالك عن
الزهري عن عمرو بن الشريد عن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا
و قال ابن حبان و تبعه ابن الجوزي : أبو بكر يروي عن مالك ما ليس من حديثه ،
و أقره في " اللآليء " ( 2 / 271 ) ، و قال الذهبي في ترجمة أبي بكر المذكور
و قد ساق له هذا الحديث : هذا كذب ، و وافقه الحافظ في " اللسان " .
و الحديث أخرجه الطبراني في " الأوسط " من هذا الوجه و قال : لم يروه عن مالك
إلا أبو بكر تفرد به زهير ، كما في " جزء منتقى " من معجمي الطبراني " الأوسط "
و " الكبير " و من " مسند المقلين " لدعلج بخط الحافظ الذهبي و روايته عن
الحافظ المزي ( ورقة 1 وجه 2 ) و كذلك هو في " جزء من حديث الطبراني رواية أبي
نعيم " ( 26 / 1 ) ، و في " جزء ما انتقاه ابن مردويه من حديث الطبراني " ( 113
/ 1 ) ثم رأيته في " المعجم الأوسط " ( 1 / 8 / 101 ) .
و من هذا يتبين خطأ قول الهيثمي بعد أن ساق الحديث ( 5 / 154 - 155 ) :
رواه الطبراني في " الأوسط " و عمرو بن الشريد لم يسمع من فاطمة ، و زهير بن
عباس الرواسي وثقه أبو حاتم ، و بقية رجاله رجال الصحيح !
فهذا خطأ فاحش ، فإن أبا بكر هذا ليس من رجال الصحيح ، بل و لا من رجال السنن
و " المسانيد " ! ثم هو متهم كما يشير إليه كلام ابن حبان و ابن الجوزي السابق
فيه .
و قد غفل عن هذا المعلق على " الأوسط " ( 1 / 104 ) فنقل كلام الهيثمي ثم أقره
.
و بالجملة فكل أحاديث التختم بالعقيق باطلة كما سبق عن الحافظ السخاوي .

(1/307)


231 - " كلو البلح بالتمر ، فإن الشيطان إذا رآه غضب و قال : عاش ابن آدم حتى أكل
الجديد بالخلق " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 401 ) :
موضوع .
رواه ابن ماجه ( 1 / 317 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( 467 ) و ابن عدي ( 364 /
2 ) و ابن حبان في " الضعفاء " ( 3 / 120 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1
/ 134 ) و الحاكم في " المستدرك " ( 4 / 21 ) و في " معرفة علوم الحديث " ( ص
100 - 101 ) و البيهقي في " الآداب " ( 318 / 667 ) و أبو الحسن الحمامي في
" الفوائد المنتقاة " ( 9 / 207 / 2 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 5 / 353 )
و هبة الله الطبري في " الفوائد " ( 1 / 134 / 2 ) و استغربه عن أبي زكير يحيى
ابن محمد بن قيس قال : حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا ، و قال
ابن عدي و الحاكم في " المعرفة " و البيهقي و الحمامي و الخطيب : تفرد به
أبو زكير ، و الحاكم مع تساهله المعروف لم يصححه في " المستدرك " و قال الذهبي
في " الميزان " : هذا حديث منكر ، و كذا قال في تلخيص " المستدرك " و زاد :
و لم يصححه المؤلف .
قال السندي : و في " الزوائد " : في إسناده أبو زكير في الأصل زكريا و هو تصحيف
يحيى بن محمد ضعفه ابن معين و غيره ، و قال ابن عدي : أحاديثه مستقيمة سوى
أربعة أحاديث .
قلت : و قد عد هذا الحديث من جملة تلك الأحاديث ، و قال النسائي : إنه حديث
منكر .
قلت : و قد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 26 ) و قال : قال
الدارقطني : تفرد به أبو زكير عن هشام قال العقيلي : لا يتابع عليه و لا يعرف
إلا به ، قال ابن حبان : و هو يقلب الأسانيد و يرفع المراسيل من غير تعمد فلا
يحتج به ، روى هذا الحديث و لا أصل له ، قال ابن الجوزي : هذا قدح ابن حبان في
أبي زكير و قد أخرج عنه مسلم في " الصحيح " و لعل الزلل من قبل محمد بن شداد
المسمعي ( يعني أحد رواته ) عن أبي زكير قال الدارقطني : لا يكتب حديثه ،
و تابعه نعيم بن حماد عن أبي زكير ، و نعيم ليس بثقة .
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 243 ) على وضعه لكنه تعقبه في محاولته
تبرئة أبي زكير من عهدة الحديث فإنه ذكر له طرقا أخرى عن أبي زكير ، تحمل
الباحث على أن يحصر التهمة في أبي زكير ، و هو الصواب ، و به أعل الأئمة هذا
الحديث والله أعلم .
و مسلم إنما أخرج له في " المتابعات " ، كما في " التهذيب " ، و قال في
" التقريب " : صدوق يخطيء كثيرا .
و مع اعتراف السيوطي بوضعه فإنه أورده في " الجامع الصغير " من رواية النسائي
و ابن ماجه و الحاكم عن عائشة !
هذا و قد عزاه للنسائي ابن القيم أيضا في " زاد المعاد " ( 3 / 211 ) فالظاهر
أنه في " سننه الكبرى " ، و هو في الوليمة منه ، كما في " تحفة الأشراف " ( 12
/ 224 ) و قال النسائي : هذا منكر ، كما تقدم عن " الزوائد " ، ثم إن ابن القيم
سكت عن هذا الحديث فكأنه لم يستحضر علته فكان عمله هذا من جملة الدواعي على
تحرير القول فيه .

(1/308)


232 - " كلوا التمر على الريق فإنه يقتل الدود " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 403 ) :
موضوع .
رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 9 / 106 / 1 ) و ابن عدي ( 258 / 2 ) عن
عصمة بن محمد حدثنا موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس مرفوعا .
و قال ابن عدي : و عصمة بن محمد كل حديثه غير محفوظ و هو منكر الحديث .
و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 25 ) من طريق ابن عدي عن عصمة ، ثم
قال : لا يصح ، عصمة كذاب .
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 243 ) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة "
( 320 / 2 ) و من قبلهما ابن القيم في " المنار " و قال ( ص 25 ) : هو بوصف
الأطباء و الطرقية أشبه و أليق .
و مع هذا فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي بكر الشافعي هذا
و الديلمي عن ابن عباس ، فانظر كم هو متناقض ؟ ! .

(1/309)


233 - " أكثر خرز الجنة العقيق " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 403 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 281 ) في ترجمة سلم ، و في " الحلية " سالم
ابن ميمون الخواص من طريق أبي محمد سلم الزاهد حدثنا القاسم بن معن عن أخته
أمينة بنت معن عن عائشة مرفوعا ، و قال : غريب من حديث القاسم لم نكتبه إلا
من هذا الوجه ، و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 58 ) من هذا الوجه و
قال : سلم بن سالم كذاب .
و عقب عليه السيوطي بقوله في " اللآليء " ( 2 / 273 ) : قلت : اتفقوا على
تضعيفه غير ابن عدي فقال : أرجو أنه يحتمل حديثه ، و قال العجلي : لا بأس به ،
و هو صاحب حديث العدس ، ثم راجعت " الحلية " فوجدته أخرجه في ترجمة سلم بن
ميمون الخواص الزاهد المشهور ، و هو صوفي من كبار الصوفية و العباد غير أن في
حديثه مناكير ، قال ابن حبان : غلب عليه الصلاح حتى شغل عن حفظ الحديث و إتقانه
.
قلت : و تمام كلام ابن حبان ( 1 / 345 ) : فربما ذكر الشيء بعد الشيء و يقلبه
توهما ، فبطل الاحتجاج به .
و قال ابن أبي حاتم ( 2 / 1 / 167 ) عن أبيه : لم أكتب عنه ، روى عن أبي خالد
الأحمر حديثا منكرا شبه الموضوع ، و ميل السيوطي إلى أن الحديث لسلم بن ميمون
يؤيده إيراد أبي نعيم له في ترجمته ، لكن لم أر أحدا ممن ترجمه ذكر له كنية
مطلقا ، بخلاف سلم بن سالم فقد جزم بأن كنيته أبو محمد ابن أبي حاتم في " الجرح
و التعديل " ( 2 / 1 / 266 ) ، و ابن سعد في " طبقاته " ( 7 / 374 )
و " تاريخ بغداد " ( 9 / 141 ) للخطيب و اعتمده هو حيث قال في أول ترجمته :
سلم بن سالم أبو محمد ، و قيل : أبو عبد الرحمن البلخي .
فهذا يؤيد أنه سلم بن سالم و هو موصوف بالزاهد أيضا مثل سلم بن ميمون فكان ذلك
من دواعي الاشتباه ، و الأرجح ما ذهب إليه ابن الجوزي أنه سلم بن سالم و هو
متهم ، و روى الخطيب عن أحمد بن سيار قال : سلم بن سالم كان يروي أحاديث ليست
لها خطم و لا أزمة شبيهة بالموضوع ، و عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال : غير
ثقة ، سمعت إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه يقول : سئل ابن المبارك عن الحديث
الذي حدث في أكل العدس أنه قدس على لسان سبعين نبيا ؟ فقال : و لا على لسان نبي
واحد ، إنه لمؤذ منفخ ، من يحدثكم به ؟ قالوا : سلم بن سالم ، قال : عمن ؟
قالوا : عنك ، قال : و عني أيضا ؟ ! ثم روى الخطيب تضعيفه عن أحمد
و النسائي و غيرهما ، و قال ابن أبي حاتم في ترجمته ( 1 / 1 / 367 ) : سمعت
أبا زرعة يقول : لا يكتب حديثه ، كان مرجئا ، و كان لا - و أومأ بيده إلى فيه -
يعني لا يصدق ، و قال ابن حبان ( 1 / 344 ) : منكر الحديث يقلب الأخبار قلبا ،
و كان ابن المبارك يكذبه .
و أما استثناء السيوطي ابن عدي من المضعفين له بسبب قوله : أرجو أن يحتمل حديثه
فغير مستقيم لأنه إنما قال هذا بعد أن أورد له أحاديث قال فيها : هذه الأحاديث
أنكر ما رأيت له ، و له أفراد ، و أرجو أن يحتمل حديثه كذا في " اللسان " ،
فهذا يفيد أن ابن عدي ضعفه بسبب روايته لتلك الأحاديث المنكرة ، و رجاؤه أن
يحتمل ما له من الأفراد و الأحاديث القليلة ، لا يوثقه بعد روايته الأحاديث
المنكرة ، و هذا بين لا يخفى على من له دراية بهذا الفن الشريف .
و قد سبق للسيوطي مثل هذه الخطأ فانظر الحديث ( 201 ) .
و بالجملة فالحديث موضوع سواء كان من رواية سلم بن سالم أو من رواية سلم بن
ميمون فإن كل واحد منهما شر في الحديث من الآخر كما تبين لك من أقوال العلماء
فيهما ، و قد مضى عن السخاوي في الحديث ( رقم 222 ) أن كل طرق حديث خاتم العقيق
باطلة ، ثم إن الحديث ذكره الذهبي في ترجمة سلم بن عبد الله الزاهد ، و قال :
وهاه ابن حبان و قال : حدثنا ابن قتيبة و حدثنا حاتم بن نصر - بأستروشنة - قالا
: حدثنا عبيد بن الغار العسقلاني حدثنا سلم بن عبد الله الزاهد عن القاسم بن
معن .. .
قلت : فذكر الحديث بإسناده و لفظه ، و قد عزاه الحافظ في " اللسان " لأبي نعيم
و قال : و لم تقع في روايته و لا رواية ابن حبان تسمية والد سلم و العلم
عند الله .
كذا قال لكن ابن حبان أورده في ترجمة سلم بن عبد الله الزاهد أبو محمد من
" ضعفائه " ( 1 / 344 ) عقب ترجمة سلم بن سالم المتقدم ، و قال : لا يحل ذكره
في الكتب إلا على سبيل الاعتبار .

(1/310)


234 - " أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر ، فإنه من كان طعامها في نفاسها التمر خرج
ولدها ذلك حليما ، فإنه كان طعام مريم حين ولدت عيسى ، و لو علم الله طعاما هو
خير لها من التمر أطعمها إياه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 407 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب ( 8 / 366 ) من طريق داود بن سليمان الجرجاني حدثنا سليمان بن
عمرو عن سعد بن طارق عن سلمة بن قيس مرفوعا .
ذكره في ترجمة الجرجاني ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه : كذاب .
قلت : و قد سبق له حديث موضوع قريبا ( 229 ) ، و شيخه في هذا الحديث سليمان بن
عمرو و هو النخعي كذاب أيضا .
و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 27 ) من هذا الوجه و قال :
سليمان النخعي و داود كذابان .
و عقب عليه السيوطي في " اللآليء " بقوله ( 2 / 244 ) : قلت : داود توبع .
ثم ساقه من رواية ابن منده من طريق حامد بن المسور حدثنا الحسن بن قتيبة حدثنا
سليمان بن عمرو النخعي به ، و أخرجه أبو نعيم في " الطب " من طريق حامد بن
المسور .
قلت : و هذه المتابعة لا تجدي لأنها تدور على سليمان النخعي الكذاب أيضا
باعتراف السيوطي فكأنه يعترف بوضع هذا الحديث ، لكنه قد روي بإسناد آخر ضعيف
و لفظه قريب من هذا فانظر الحديث الآتي ( 263 ) ، و قد جزم ابن القيم في
" المنار " ( ص 25 ) بوضعه فقال : هو بوصف الأطباء و الطرقية أشبه و أليق .

(1/311)


235 - " ترك الدنيا أمر من الصبر ، و أشد من حطم السيوف فى سبيل الله ، و لا يتركها
أحد إلا أعطاه مثل ما يعطي الشهداء ، و تركها قلة الأكل و الشبع ، و بغض الثناء
من الناس ، فإنه من أحب الثناء من الناس أحب الدنيا و نعيمها ، و من سره النعيم
فليدع الثناء من الناس " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 408 ) :
موضوع .
أخرجه الديلمي في " مسنده " ( 2 / 44 ) قال أنبأنا أبي أخبرنا أحمد بن عمرو
البزار عن عبد الله بن عبد الرحمن الجزري عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن علقمة
عن ابن مسعود مرفوعا .
و ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 191 ) من رواية الديلمي ، و
قال السيوطي : قال في " الميزان " : عبد الله بن عبد الرحمن الجزري عن الثوري و
الأوزاعي بمناكير و عجائب ، اتهمه ابن حبان بالوضع ، و في " اللسان " قال ابن
حبان : يأتي عن الثوري بالأوابد حتى لا يشك من كتب الحديث إنه عملها ( 2 / 35 )
، و أقره ابن عراق ( 358 / 1 ) .
قلت : و مع هذا فقد أورد السيوطي طرف الحديث الأول في " الجامع الصغير " من
رواية الديلمي هذه ! فأساء من وجهين .
الأول : إيراده فيه مع أنه من رواية ذاك المتهم بالوضع .
الآخر : اقتصاره على القدر المذكور فأوهم أنه كذلك عند الديلمي و ليس كذلك .
و الشارح المناوي لم يتعقبه بشيء يذكر فقال : و رواه عنه البزار أيضا ، و من
طريقه عنه أورده الديلمي .
قلت : إطلاق العزو للبزار يعني إنه رواه في " مسنده " كما هو المصطلح عليه عند
المحدثين و ما أظن البزار أخرجه فيه و إلا لذكره الهيثمي في " المجمع " و لم
أره فيه ، والله أعلم .
ثم استدركت فقلت : ليس البزار في إسناد الديلمي هو أحمد بن عمرو صاحب
" المسند " المعروف به ، فإنه توفي سنة ( 292 ) و والد الديلمي و اسمه شيرويه
ابن شهردار مات سنة ( 509 ) فبينهما قرنان من الزمان ! .

(1/312)


236 - " ما تزين الأبرار في الدنيا بمثل الزهد في الدنيا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 409 ) :
موضوع .
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 191 / 1617 ) حدثنا سليمان الشاذكوني حدثنا
إسماعيل بن أبان حدثنا علي بن الحزور قال : سمعت أبا مريم يقول : سمعت عمار
ابن ياسر يقول : ... فذكره مرفوعا ، و ذكره الهيثمي في " المجمع " ( 10 /
286 ) و قال : و فيه سليمان الشاذكوني و هو متروك .
قلت : بل هو كذاب و قد مضى له عدة أحاديث أقربها الحديث ( 234 ) .
ثم إن اقتصاره عليه يوهم أنه ليس فيه من هو مثله أو قريب منه ، و ليس كذلك بل
فوقه آخران أحدهما شر من الآخر استدرك عليه أحدهما المعلق على " المسند "
فقال : و علي بن الحزور متروك و باقي رجاله ثقات .
قلت : و لقد أخطأ أيضا ، فإن إسماعيل بن أبان ليس هو الوراق الثقة و إنما هو
إسماعيل بن أبان الغنوي ، قال الحافظ : متروك رمي بالوضع .

(1/313)


237 - " ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها إن خيرا فخير ، و إن شرا فشر " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 410 ) :
ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " الكبير " ( 1 / 180 / 1 ) و في " الأوسط " ( 484 ـ 485 ـ
حرم ) عن حامد بن آدم المروزي أنبأنا الفضل بن موسى عن محمد بن عبيد الله
العرزمي عن سلمة بن كهيل عن جندب بن سفيان مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، و فيه علتان : الأولى : محمد العرزمي هذا فإنه
متروك كما في " التقريب " .
الأخرى : حامد بن آدم المروزي فقد كذبه الجوزجاني و ابن عدي ، و عده أحمد بن
علي السلماني فيمن اشتهر بوضع الحديث و لهذا قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 /
225 ) بعد أن عزاه للطبراني : و فيه حامد بن آدم و هو كذاب .
قلت : لكن تعصيب الجناية به وحده قصور مع أن فوقه ذاك المتروك ، و لا سيما و لم
يتفرد به حامد فقد أخرجه أبو بكر الذكواني في " اثنا عشر مجلسا " ( 7 / 2 )
قال حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سلم الجعابي حدثنا عمر بن أيوب
السقطي حدثنا محمد بن عمر بن أبي رزمة حدثنا الفضل بن موسى به و ابن أبي رزمة
هذا الظاهر أنه محمد بن عبد العزيز أبو رزمة فإنه الذي ذكروه في الرواة عن
الفضل بن موسى شيخه في هذا السند ، فإذا كان هو هذا فهو ثقة من رجال البخاري و
يكون تصحف اسم أبيه عبد العزيز على بعض النساخ فكتب بدله : عمر ، و أما الراوي
عنه عمر بن أيوب السقطي فالظاهر أيضا أنه الموصلي و هو ثقة من رجال مسلم بل هو
غيره فهذا عبدي كما في " التهذيب " و ذاك سقطي و هو مترجم في " تاريخ بغداد " (
11 /
219 ) و هو ثقة ، لكن الراوي عنه الجعابي ضعيف ، فإنه و إن كان حافظا مشهورا
فإنه فاسق رقيق الدين كما قال الذهبي ، و ذكر الدارقطني أنه اختلط و إن كان
الجعابي حفظ هذا السند فتلك متابعة قوية لحامد بن آدم ، و هي مما يستدرك على
السيوطي فإنه أورد الحديث من طريق الطبراني التي فيها ذاك الكذاب و أعرض عن هذه
السالمة من مثله ! و تبعه على ذلك المناوي إلا أنه تعقبه بكلام الهيثمي السابق
في حامد و ذهل عن هذه الطريق السالمة منه و هذا كله يصدق المثل السائر : كم ترك
الأول للآخر ! .

(1/314)


238 - " إذا وضعت المائدة فلا يقوم رجل حتى ترفع المائدة ، و لا يرفع يده و إن شبع
حتى يفرغ القوم ، و ليعذر فإن الرجل يخجل جليسه فيقبض يده و عسى أن يكون له في
الطعام حاجة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 411 ) :
ضعيف جدا .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 309 ) من طريق عبد الأعلى عن يحيى بن أبي كثير عن عروة بن
الزبير عن ابن عمر مرفوعا .
قال البوصيري في " الزوائد " ( 4 / 14 ) : في إسناده عبد الأعلى بن أعين و هو
ضعيف .
قلت : بل ضعيف جدا ، قال أبو نعيم : روى عن يحيى بن أبي كثير المناكير .
قلت : و هذه منها .
و قال الدارقطني : ليس بثقة ، و قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به .
و الجملة الأولى من الحديث رويت بإسناد آخر و لكنه ضعيف جدا أيضا و هو :

(1/315)


239 - " نهى أن يقام عن الطعام حتى يرفع " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 412 ) :
ضعيف جدا .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 309 ) من طريق الوليد بن مسلم عن منير بن الزبير عن مكحول
عن عائشة مرفوعا ، قال البوصيري في " الزوائد " ( 4 / 13 ) : في إسناده
الوليد بن مسلم مدلس ، و كذلك مكحول الدمشقي ، و منير بن الزبير قال فيه دحيم :
ضعيف ، و قال ابن حبان : يأتي عن الثقات بالمعضلات لا تحل الرواية عنه إلا على
سبيل الاعتبار .
و في " الميزان " بعد أن ذكر قول ابن حبان فيه و ساق له هذا الحديث : و الحديث
أيضا منقطع ، يعني بين مكحول و عائشة ، قال المناوي في شرح " الجامع " : فرمز
المصنف لحسنه غير حسن .

(1/316)


240 - " نهى عن ذبائح الجن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 413 ) :
موضوع .
ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 302 ) من رواية ابن حبان في
" المجروحين " ( 2 / 19 ) عن عبد الله بن أذينة عن ثور بن يزيد عن الزهري عن
حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال : قال ابن حبان : عبد الله
منكر الحديث جدا يروي عن ثور ما ليس من حديثه .
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 226 ) فقال : قلت : أخرجه أبو عبيد في
" غريبه " و البيهقي من طريقه : أنبأنا عمر بن هارون عن يونس عن الزهري رفع
الحديث .
قلت : و هذا التعقيب لا طائل تحته ، فإن عمر بن هارون متفق على تضعيفه بل قال
فيه يحيى بن معين و صالح جزرة : كذاب ، فسقط حديثه .
و الحديث في " سنن البيهقي " ( 9 / 314 ) من الوجه الذي ذكره السيوطي و عنده
عقب الحديث ما نصه : قال : ( لعله يعني الزهري ) و أما ذبائح الجن : أن تشتري
الدار و تستخرج العين و ما أشبه ذلك فتذبح لها ذبيحة للطيرة ، و قال أبو عبيد :
و هذا التفسير في الحديث معناه : أنهم يتطيرون إلى هذا الفعل مخافة أنهم إن لم
يذبحوا فيطعموا أن يصيبهم فيها شيء من الجن يؤذيهم ، فأبطل النبي صلى الله عليه
وسلم هذا و نهى عنه .
قلت : لقد علمت أن الحديث غير صحيح ، فالعمدة في النهي عن هذه الذبائح الأحاديث
الصحيحة في النهي عن الطيرة ، والله أعلم .

(1/317)


241 - " إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 414 ) :
موضوع .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 322 ) و ابن أبي الدنيا في " كتاب الجوع " ( 8 / 1 )
و أبو نعيم في " الحلية " ( 10 / 213 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 169 / 1 )
من طرق عن بقية بن الوليد حدثنا يوسف بن أبي كثير عن نوح بن ذكوان عن الحسن عن
أنس مرفوعا .
قال أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجه : و في " الزوائد " : هذا إسناد
ضعيف لأن نوح بن ذكوان متفق على تضعيفه ، و قال الدميري : هذا الحديث مما أنكر
عليه .
قلت : و أورده ابن الجوزي في " الأحاديث الموضوعة " ( 3 / 30 ) من رواية
الدارقطني عن يحيى بن عثمان حدثنا به ، و قال : لا يصح ، يحيى منكر الحديث
و كذا نوح .
و عقب عليه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 246 ) بقوله : قلت : يحيى بريء من
عهدته ، ثم ذكر رواية ابن ماجه من الطرق المشار إليها عن بقية و رواية الخرائطي
في " اعتلال القلوب " من طريق أخرى عن بقية فانحصرت التهمة بإرشاد السيوطي
بنوح بن ذكوان ، و هذا يتضمن اعتراف السيوطي بوضع الحديث كما لا يخفى ، و مع
ذلك فقد أورده في " الجامع الصغير " برواية ابن ماجه ! .
و أما قول المناوي في شرحه : و عده ابن الجوزي في الموضوع ، لكن تعقب بأن له
شواهد ؟ .
فما أظنه إلا وهما ، فإني لا أعلم له و لا شاهدا واحدا و لو كان معروفا لبادر
السيوطي إلى إيراده في " اللآليء " متعقبا به على ابن الجوزي كما هي عادته !
و كذلك لم يذكر له أي شاهد المنذري في " الترغيب " ( 3 / 124 ) و العجلوني في
" الكشف " ( 1 / 255 ) والله أعلم .
و في الحديث علة أخرى خفيت على ابن الجوزي ثم السيوطي ! قال الحافظ ابن حجر في
" التهذيب " : يوسف بن أبي كثير هو أحد شيوخ بقية الذين لا يعرفون و نحوه في
" الميزان " للذهبي .
و ثمة علة ثالثة و هي عنعنة الحسن و هو البصري فقد كان يدلس ، فلا تغتر بما
نقله المنذري عن البيهقي أنه صحح هذا الحديث ، فإنه من زلات العلماء التي لا
يجوز اقتفاؤها .
ثم استدركت فقلت : لعل المناوي يشير إلى مثل هذا الحديث الآتي عن عائشة ( رقم
257 ) و لكن هذا حديث آخر مخرجا و لفظا و معنى ، على أنه ضعيف السند جدا كما
سيأتي بيانه هناك .

(1/318)


242 - " أحيوا قلوبكم بقلة الضحك و قلة الشبع ، و طهروها بالجوع تصغر و ترق " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 415 ) :
لا أصل له .
كما يفيده الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 73 ) ، و التاج السبكي في
" الطبقات الكبرى " ( 4 / 163 ) .

(1/319)


243 - " أفضل الناس من قل طعمه و ضحكه ، و يرضى بما يستر به عورته " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 415 ) :
لا أصل له .
قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 69 ) و التاج السبكي في
" الطبقات الكبرى " : لم أجد له أصلا .

(1/320)


244 - " أفضلكم عند الله منزلة يوم القيامة أطولكم جوعا و تفكيرا في الله سبحانه ،
و أبغضكم عند الله عز وجل يوم القيامة كل نؤوم أكول شروب " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 416 ) :
لا أصل له .
و إن ذكره الغزالي في " الإحياء " ( 3 / 96 ) من حديث الحسن البصري مرسلا
مرفوعا .
فقد قال الحافظ العراقي في " تخريجه " و التاج السبكي في " الطبقات "
( 4 / 162 ) : لم أجد له أصلا .

(1/321)


245 - " البسوا و اشربوا في أنصاف البطون فإنه جزء من النبوة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 416 ) :
لا أصل له .
كما أفاده الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 69 ) و السبكي في
" الطبقات الكبرى " ( 4 / 162 ) .

(1/322)


246 - " إن الأكل على الشبع يورث البرص " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 416 ) :
لا أصل له .
و هو من الأحاديث الكثيرة الباطلة التي شحن بها الغزالي كتبه ، و لا سيما كتابه
" الإحياء " و قد قال مخرجه الحافظ العراقي في هذا الحديث ( 3 / 70 ) : لم أجد
له أصلا .
و كذا قال السبكي عبد الوهاب في " الطبقات الكبرى " ( 4 / 163 ) .

(1/323)


247 - " جاهدوا أنفسكم بالجوع و العطش ، فإن الأجر في ذلك كأجر المجاهد في سبيل الله
و إنه ليس من عمل أحب إلى الله من جوع و عطش " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 417 ) :
باطل لا أصل له .
و قد ذكره الغزالي في " الإحياء " ( 3 / 69 ) مجزوما برفعه إلى النبي صلى الله
عليه وسلم ! و لوائح الوضع عليه ظاهرة ، و قد قال الحافظ العراقي في تخريجه :
لم أجد له أصلا ، و كذا قال السبكي في " الطبقات الكبرى " ( 4 / 62 ) .

(1/324)


248 - " سيد الأعمال الجوع ، و ذل النفس لباس الصوف " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 4175 ) :
لا أصل له .
قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 9 ) و السبكي في " الطبقات الكبرى "
( 4 / 162 ) : لم أجد له أصلا .

(1/325)


249 - " الفكر نصف العبادة ، و قلة الطعام هي العبادة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 417 ) :
باطل .
و قد أفاد العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 69 ) أنه لا أصل له .

(1/326)


250 - " كان إذا تغدى لم يتعش ، و إذا تعشى لم يتغد " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 417 ) :
ضعيف .
رواه ابن بشران في " الأمالي " ( 73 / 1 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 3 /
323 ) و ابن عساكر في آخر جزء " أخبار لحفظ القرآن " ( ق 8 / 2 ) و كذا في
" التاريخ " ( 11 / 65 / 1 ) عن سليمان بن عبد الرحمن حدثنا أيوب بن حسان
الجرشي حدثنا الوضين بن عطاء عن عطاء بن أبي رباح قال : دعي
أبو سعيد الخدري إلى وليمة فرأى صفرة و خضرة فقال : أما تعلمون أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ... الحديث .
قلت : و هذا إسناد ضعيف و رجاله ثقات لكن الوضين بن عطاء سيء الحفظ فهو لهذا
ضعيف ، ثم إنه مرسل كما هو الظاهر لأن عطاء لم يوصله عن أبي سعيد بمثل قوله :
عن أبي سعيد ، و نحوه .
( تنبيه ) هذا الحديث مما خفي مخرجه على الحافظ العراقي ثم التاج السبكي فذكرا
أنه من الأحاديث التي أوردها الغزالي في " الإحياء " و لا أصل لها ! .
و تعقبه الزبيدي في " إتحاف السادة " ( 7 / 409 ) برواية أبي نعيم فقط !
و رواه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 158 / 2 ) موقوفا على أبي جحيفة ، و فيه
الوليد بن عمرو بن ساج و هو ضعيف ، و تناقض فيه ابن حبان كما بينته في " تيسير
الانتفاع " .

(1/327)


251 - " من أجاع بطنه عظمت فكرته ، و فطن قلبه " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 418 ) :
لا أصل له .
كما يفيده كلام الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 73 ) و السبكي في
" الطبقات " ( 4 / 163 ) .

(1/328)


252 - " البطنة أصل الداء ، و الحمية أصل الدواء ، و عودوا كل جسم ما اعتاد " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 418 ) :
لا أصل له .
و قد أورده الغزالي في " الإحياء " مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ! فقال
الحافظ العراقي في تخريجه : لم أجد له أصلا ، و أقره الحافظ السخاوي في
" المقاصد الحسنة " ( 1035 ) و قال المحقق ابن القيم في " زاد المعاد " ( 3 /
97 ) : و أما الحديث الدائر على ألسنة كثير من الناس : الحمية رأس الدواء ،
و المعدة بيت الداء ، و عودوا كل جسم ما اعتاد ، فهذا الحديث إنما هو من كلام
الحارث بن كلدة طبيب العرب ، و لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
قاله غير واحد من أئمة الحديث .
لكن ذكر السخاوي أن الخلال روى من حديث عائشة : " الأزم دواء ، و المعدة داء ،
و عودوا بدنا ما اعتاد " .
و ظاهره أنه مرفوع ، و قد صرح بذلك السيوطي في " الدرر " كما في " كشف الخفاء "
( 2 / 74 / 1788 ) ، و أورده في " الجامع الكبير " ( 1 / 320 / 2 ) و لكنهم لم
يذكروا إسناده لينظر فيه ، و غالب الظن أنه لا يصح ، و الله اعلم .
ثم رأيت ابن القيم ذكره في " الزاد " ( 3 / 102 ) من كلام الحارث بن كلدة أيضا
بهذا اللفظ و هو الأشبه ، ثم قال ابن القيم : و الأزم : الإمساك عن الأكل يعني
به الجوع ، و هو من أكبر الأدوية في شفاء الأمراض الامتلائية كلها بحيث أنه
أفضل في علاجها من المستفرغات .
و بهذه المناسبة أقول : لقد جوعت نفسي في أواخر سنة 1379 أربعين يوما متتابعا ،
لم أذق في أثنائها طعاما قط ، و لم يدخل جوفي إلا الماء ! و ذلك طلبا للشفاء من
بعض الأدواء ، فعوفيت من بعضها دون بعض ، و كنت قبل ذلك تداويت عند بعض الأطباء
نحو عشر سنوات دون فائدة ظاهرة ، و قد خرجت من التجويع المذكور بفائدتين
ملموستين : الأولى : استطاعة الإنسان تحمل الجوع تلك المدة الطويلة خلافا لظن
الكثيرين من الناس .
و الخرى : أن الجوع يفيد في شفاء الأمراض الامتلائية كما قال ابن القيم
رحمه الله تعالى ، و قد يفيد في غيرها أيضا كما جرب كثيرون ، و لكنه لا يفيد في
جميع الأمراض على اختلاف الأجسام خلافا لما يستفاد من كتاب " التطبيب بالصوم "
لأحد الكتاب الأوربيين ، و فوق كل ذي علم عليم .

(1/329)


253 - " صوموا تصحوا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 420 ) :
ضعيف .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 225 / 1 / 8477 ) و أبو نعيم في " الطب "
( ق 24 / 1 و 2 ) من طريق محمد بن سليمان بن أبي داود ، أخبرنا زهير بن محمد عن
سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به ، و قال الطبراني : لم يروه بهذا
اللفظ إلا زهير .
قلت : و هو ضعيف في رواية الشاميين عنه و هذه منها .
قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 75 ) رواه الطبراني في
" الأوسط " و أبو نعيم في " الطب النبوي " من حديث أبي هريرة بسند ضعيف .
قلت : و لا ينافيه قول المنذري في " الترغيب " ( 2 / 60 ) و الهيثمي في
" المجمع " ( 3 / 179 ) بعد أن نسباه للطبراني : و رجاله ثقات ، لأنه لا ينفي
أن يكون في السند مع ثقة رجاله علة تقتضي ضعفه ، كما لا يخفى على العارف بقواعد
هذا العلم ، و قد كشفنا عن علته ، و لعل الصغاني قد بالغ حين قال ( ص 7 ) :
و هذا الحديث موضوع ، ثم إن لفظ الحديث عندهما : " اغزوا تغنموا ، و صوموا
تصحوا ، و سافروا تستغنوا " ، و رواه ابن عدي ( 7 / 2521 ) بهذا اللفظ من طريق
نهشل عن الضحاك عن ابن عباس ، و نهشل متروك ، و الضحاك لم يسمع من ابن عباس .
و قد روي الحديث بدون ذكر الصوم فيه و هو :

(1/330)


254 - " سافروا تصحوا ، و اغزوا تستغنوا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 421 ) :
ضعيف .
أخرجه أحمد ( 2 / 380 ) من طريق ابن لهيعة عن دراج عن ابن حجيرة عن
أبي هريرة مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف من أجل ابن لهيعة فإنه ضعيف الحفظ ، و دراج فإنه صاحب
مناكير ، و لكن الراوي عن ابن لهيعة قتيبة بن سعيد ، قال الذهبي في
" سير النبلاء " ( 8 / 15 ) : قال قتيبة : قال لي أحمد : أحاديثك عن ابن لهيعة
صحاح ، فقلت لأنا كنا نكتب من كتاب ابن وهب ، ثم نسمعه من ابن لهيعة ، فالعلة
من دراج إذن .
و قال ابن أبي حاتم ( 2 / 206 ) عن أبيه : إنه حديث منكر ، و له شاهد ضعيف جدا
و هو :

(1/331)


255 - " سافروا تصحوا و تغنموا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 421 ) :
منكر .
رواه ابن عدي ( 299 / 2 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 112 / 1 ) و ابن
بشران في " الأمالي " ( 3 / 66 / 1 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 10 / 387 )
و القضاعي ( 52 / 2 ) و كذا تمام الرازي في " الفوائد " ( رقم 767 ) عن محمد بن
عبد الرحمن بن رداد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا ، و قال ابن
عدي : لا أعلم يرويه غير ابن الرداد هذا و عامة ما يرويه غير محفوظ .
و قال ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 115 ) : ليس بالقوي ، ذاهب الحديث ، و قال
أبو زرعة : لين ، و ساق في " الميزان " من منكراته هذا الحديث ، و سلفه في ذلك
أبو حاتم فقد قال ابنه في " العلل " ( 2 / 306 ) : قال أبي : هذا حديث منكر .
و ابن الرداد هذا هو علة الحديث ، و خفي ذلك على الهيثمي ( 3 / 201 ) فأعله
براو آخر في طريق الطبراني وحده !
ثم رواه ابن عدي ( 189 / 2 ) و أبو نعيم ( ق 25 / 2 ) عن سوار بن مصعب عن عطية
عن أبي سعيد مرفوعا ، و قال : سوار هذا عامة ما يرويه ليس بمحفوظ .
قلت : و عطية و هو العوفي ضعيف .
و رواه عبد الرزاق في " المصنف " ( 11 / 434 ) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه
قال : قال عمر : و ذكره موقوفا عليه دون قوله " و تغنموا " و رجاله ثقات كما
و لكنه منقطع بين طاووس و عمر و لعل الموقوف هو الصواب .

(1/332)


256 - " ينزل الله كل يوم عشرين و مئة رحمة ، ستون منها للطائفين و أربعون للعاكفين
حول البيت ، و عشرون منها للناظرين إلى البيت " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 423 ) :

موضوع .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 115 / 1 ) من طريق خالد بن يزيد
العمرى : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الليثي عن ابن أبي مليكة عن
ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد موضوع خالد بن يزيد هذا كذبه أبو حاتم و يحيى بن معين ،
و قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات .
و الليثي متروك أيضا ، كما في " اللسان " ( 5 / 216 ) ، و غيره .
و للحديث طريقان آخران موضوعان أيضا بلفظين مغايرين لهذا بعض المغايرة و قد سبق
ذكرهما مع الكلام على سنديهما برقمي ( 187 ، 188 ) فمن شاء فليرجع إليهما .

(1/333)


257 - " إياك و السرف ، فإن أكلتين في يوم من السرف " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 423 ) :

موضوع .
ذكره الغزالي في " الإحياء " ( 3 / 78 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك
لعائشة .
و قال الحافظ العراقي في تخريجه : رواه البيهقي في " الشعب " من حديث عائشة
و قال : في إسناده ضعف .
قلت : و نص الحديث كما في " الترغيب " ( 3 / 124 ) : عن عائشة قالت : رآني
رسول الله صلى الله عليه وسلم و قد أكلت في اليوم مرتين فقال : " يا عائشة أما
تحبين أن يكون لك شغل إلا جوفك ؟ الأكل في اليوم مرتين من الإسراف *( و الله لا
يحب المسرفين )* ، و في رواية : " يا عائشة اتخذت الدنيا بطنك ؟ ! أكثر من أكلة
كل يوم سرف *( و الله لا يحب المسرفين )* " رواه البيهقي ، و فيه ابن لهيعة .
قلت : هو ضعيف من قبل حفظه ، و قد روي بنحوه من حديث أنس ، فانظر الحديث
( 241 ) .
ثم وقفت على إسناده عند البيهقي في " الشعب " ( 2 / 158 / 1 ) فتبين أن فيه علة
أخرى هي مما يزداد الحديث بها ضعفا ، فإنه قال : أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي
بسنده عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة ... به .
و أبو عبد الرحمن هذا اسمه محمد بن الحسين الصوفي ، قال محمد بن يوسف القطان :
كان يضع الأحاديث للصوفية ، ثم رواه ( 2 / 161 / 2 ) من طريق خالد بن نجيح
المصري حدثنا عبد الله بن لهيعة به نحوه ، و خالد هذا ، قال أبو حاتم : كذاب
يفتعل الحديث .

(1/334)


258 - " إن من السنة أن يخرج الرجل مع ضيفه إلى باب الدار " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 424 ) :

موضوع .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 323 ) و ابن الأعرابى في " معجمه " ( 246 / 2 ) و عنه
القضاعي ( 95 / 1 ) من طريق علي بن عروة عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة
مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، و علته علي بن عروة هذا قال الذهبي : قال ابن حبان :
كان يضع الحديث ، و كذبه صالح جزرة و غيره ، ثم ساق له أحاديث هذا منها .
ثم وجدت له طريقا آخر ، أخرجه ابن عدي ( 169 / 2 ) من طريق سلم بن سالم البلخي
حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا ، أورده في ترجمة سلم هذا في أحاديث
أخرى له ثم قال : له أحاديث أفراد و غرائب ، و أنكر ما رأيت له ما ذكرته من هذه
الأحاديث .
قلت : و قد نقل غير واحد الاتفاق و قال أبو حاتم : لا يصدق ، و قال الجوزجاني :
غير ثقة .
و قد تقدم الكلام عليه في الحديث رقم ( 233 ) ، ثم إن ابن جريج مدلس و قد عنعنه
.

(1/335)


259 - " لا تتمارضوا فتمرضوا ، و لا تحفروا قبوركم فتموتوا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 425 ) :
منكر .
قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 321 ) : سألت أبي عن حديث رواه عاصم بن
إبراهيم الداري عن محمد بن سليمان الصنعاني عن منذر بن النعمان الأفطس عن وهب
ابن منبه عن عبد الله بن عباس مرفوعا بهذا الحديث قال أبي : هذا حديث منكر
.
قلت : و علته محمد بن سليمان هذا قال الذهبي في " الميزان " : مجهول ، و الحديث
الذي رواه منكر ، يعني هذا .

(1/336)


260 - " أطعموا نفساءكم الرطب ، قالوا : ليس في كل حين يكون الرطب ، قال : فتمر ،
قالوا : كل التمر طيب فأي التمر خير ؟ قال : إن خير تمراتكم البرني يدخل الشفاء
و يخرج الداء ، لا داء فيه ، أشبعه للجائع ، و أدفؤه للمقرور " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 281 ) :
ضعيف .
رواه ابن سمعون الواعظ في " الأمالي " ( 2 / 192 / 1 ) حدثنا أبو بكر محمد بن
جعفر المطيري أنبأنا القاسم بن إسماعيل الكوفي ، أنبأنا زيد بن الحباب العكلي
عن شعبة عن يعلى بن عطاء الطائفي عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف رجاله كلهم ثقات معروفون غير القاسم هذا فلم أجد من ترجمه
إلا أن يكون الذي في " ثقات ابن حبان " ( 9 / 19 ) : القاسم بن إسماعيل الهاشمي
كوفي يروي عن عبيد الله بن موسى حدثنا عنه محمد بن المنذر بن سعيد ، فإنه من
هذه الطبقة على أنه قد توبع كما يأتي .
و شهر بن حوشب ضعيف لا يحتج به لكثرة خطئه و كأنه لذلك إنما أخرج له مسلم
مقرونا بغيره كما في " خاتمة الترغيب " للمنذري ( 4 / 284 ) و قال الحافظ فيه :
صدوق كثير الإرسال و الأوهام ، ثم رأيته في " الطب " لأبي نعيم ( 23 - 24 ) من
طريق أخرى عن شعبة به ، فانحصرت العلة في شهر ، و الحديث أورده السيوطي في
" اللآليء " ( 1 / 156 ) شاهدا للحديث المتقدم برقم ( 234 ) من رواية ابن السني
و أبي نعيم معا في " الطب " من طريق شعبة به ثم قال : و إسناده على شرط مسلم !
كذا قال : و لا يخفى ما فيه لما ذكرنا من حال شهر .

(1/337)


261 - " أحسنوا إلى عمتكم النخلة فإن الله تعالى خلق آدم ففضل من طينتها فخلق منها
النخلة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 427 ) :
موضوع .
رواه ابن عدي ( 57 / 2 ) و الباطرقاني في جزء من " حديثه " ( 157 / 2 ) و ابن
الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 184 ) كلهم عن جعفر بن أحمد بن علي الغافقي
حدثنا أبو صالح كاتب الليث حدثنا وكيع عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر
مرفوعا .
و قال ابن عدي : و هذا الحديث موضوع و لا شك أن جعفر وضعه ، و قال ابن الجوزي :
لا يصح و جعفر وضاع ، و أقره الحافظ بن حجر في " اللسان " و أما السيوطي فتعقبه
كعادته في " اللآليء " ( 1 / 156 ) فلم يصنع شيئا لأنه لم يزد على أن ذكر له
شاهدا من حديث أبي سعيد الخدري و هو الآتي عقب هذا و فيه طعن شديد كما سترى ،
و من عجائبه أنه لم يسق إسناده و لا بين حاله ! .

(1/338)


262 - " خلقت النخلة و الرمان و العنب من فضل طينة آدم صلى الله عليه وسلم " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 427 ) :
ضعيف جدا .
رواه المحاملي في الثالث من " الأمالي " ( 38 / 2 ) و عنه ابن عساكر ( 2 / 309
/ 2 ) عن الحاكم بن عبد الله الكلبي أبي سالم من أهل قزوين عن يحيى بن سعيد
البحراني من أهل غطيف عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : سألنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماذا خلقت النخلة ؟ فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا ، و أبو هارون العبدي اسمه عمارة بن جوين و هو
متروك و منهم من كذبه كما في " التقريب " ، و مع هذا الضعف الشديد فقد ذكره
السيوطي في " اللآليء " شاهدا للحديث الذي قبله ! من رواية ابن عساكر ، و لم
يقتصر على هذا بل أورده في " الجامع الصغير " فتعقبه المناوي بقوله : و ظاهر
صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من ابن عساكر ، و لا أقدم ، مع أن الديلمي أخرجه
عن أبي سعيد أيضا ، لكن سنده مطعون فيه .
قلت : المحاملي أشهر و أقدم من الديلمي أيضا فالعزو إليه أولى ، و الموفق
هو الله تعالى .

(1/339)


263 - " أكرموا عمتكم النخلة ، فإنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم ، و ليس من الشجر
شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم بنت عمران ، فأطعموا نساءكم الوالد
الرطب ، فإن لم يكن رطبا فتمر " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 428 ) :
موضوع .
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 430 ) و أبو الشيخ في " الأمثال " ( رقم 263 )
و ابن عدي ( 330 / 1 ) و ابن حبان في " الضعفاء " ( 3 / 44 ـ 45 حلب )
و الباغندي في " حديث شيبان و غيره " ( 190 / 1 ) و عنه ابن عساكر ( 2 / 309 /
2 و 19 / 267 / 1 ) و أبو نعيم في " الطب " ( 2 / 23 / 2 ) و " الحلية " ( 6 /
123 ) و السياق له من طريق مسرور بن سعيد التميمي عن الأوزاعي عن عروة بن رويم
عن علي مرفوعا و قال أبو نعيم : غريب من حديث الأوزاعي عن عروة تفرد به
مسرور بن سعيد ، و قال العقيلي : حديثه غير محفوظ و لا يعرف إلا به ، و قال ابن
عساكر : عروة لم يدرك عليا ، و الحديث غريب ، و التميمي مجهول .
قلت : بل هو متهم ، قال الذهبي في " الميزان " : غمزه ابن حبان فقال : يروي عن
الأوزاعي المناكير الكثيرة .
و من طريق أبي نعيم أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 184 ) و قال : لا
يصح ، مسرور منكر الحديث يروي عن الأوزاعي المناكير ، و عقب عليه السيوطي في
" اللآليء " ( 1 / 156 ) بقوله : أخرجه العقيلي و قال : أنه غير محفوظ ، لا
يعرف إلا بمسرور ، و أخرجه ابن عدي و قال : هذا منكر عن الأوزاعي ، و عروة عن
علي مرسل ، و مسرور غير معروف لم أسمع بذكره إلا في هذا الحديث ، و أخرجه
أبو يعلى في " مسنده " عن شيبان به ، و أخرجه ابن أبي حاتم و ابن مردويه معا في
" التفسير " و ابن السني ، و لأوله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري ، و لآخره
شاهد .
قلت : حديث أبي سعيد الخدري ضعيف جدا فلا يصلح شاهدا اتفاقا ، و قد بينت حاله
قبيل هذا ، و أما الشاهد الآخر فهو حديث أبي أمامة الذي تقدم برقم ( 260 ) و قد
بينا هناك أن إسناده ضعيف ، ثم ذكر الحديث الآتي :

(1/340)


264 - " ما للنفساء عندي شفاء مثل الرطب ، و لا للمريض مثل العسل " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 430 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الطب " عن أبي هريرة مرفوعا ، ذكره السيوطي شاهدا
للحديث الذي قبله ، و لم يسق إسناده لينظر فيه ، و لا هو تكلم عليه ليعرف حاله
من لم يقف عليه ، و أحسن أحواله أن يكون ضعيفا إن لم يكن موضوعا .
ثم تحقق الظن فيه ، فقد رأيته أخرجه ( 2 / 24 / 1 ) في " الطب " عن علي بن عروة
عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا .
قلت : و علي بن عروة كذاب يضع الحديث ، و قد مضى له حديث موضوع برقم ( 119 ) .
و تبع ابن عراق السيوطي في السكوت عن الحديث في " تنزيه الشريعة " ( 1 / 209 )
و لكنه قال : قلت : و أخرج وكيع في " الغرر " هذا من حديث عائشة لكنه من طريق
أصرم بن حوشب ، يعني : و هو كذاب .

(1/341)


265 - " يا أبا هريرة ، علم الناس القرآن و تعلمه ، فإنك إن مت و أنت كذلك زارت
الملائكة قبرك كما يزار البيت العتيق ، و علم الناس سنتي و إن كرهوا ذلك ،
و إن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة فلا تحدث في
دين الله حدثا برأيك " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 430 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب ( 4 / 380 ) و أبو الفرج بن المسلمة في " مجلس من الأمالي "
( 120 / 2 ) من طريق عبد الله بن صالح اليماني حدثني أبو همام القرشي عن سليمان
ابن المغيرة عن قيس بن مسلم عن طاووس عن أبي هريرة مرفوعا ، و من هذا الوجه
ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 264 ) و قال : لا يصح ، و أبو همام :
محمد بن مجيب الأصل محبب و هو تصحيف ، قال يحيى : كذاب ، و قال أبو حاتم : ذاهب
الحديث ، و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 222 ) بقوله : قلت له طريق آخر
قال أبو نعيم : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن
شبيب عن محمد بن قدامة المصيصي عن جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة
مرفوعا .
قلت : فذكره نحوه إلا أنه قال : " فإن أتاك الموت و أنت كذلك حجت الملائكة إلى
قبرك كما يحج المؤمنون إلى بيت الله الحرام " .
و سكت عليه السيوطي ، و هو بهذا اللفظ أشد نكارة عندي من الأول لما فيه من ذكر
الحج إلى القبر فإنه تعبير مبتدع لا أصل له في الشرع و لم يرد فيه إطلاق الحج
إلى شيء مما يزار إلا إلى بيت الله الحرام ، و إنما يطلق الحج إلى القبور ،
المبتدعة الذين يغالون في تعظيم القبور مثل شد الرحال إليها و البيات عندها
و الطواف حولها ، و الدعاء و التضرع لديها و نحو ذلك مما هو من شعائر الحج حتى
لقد ألف بعضهم كتابا سماه " مناسك حج المشاهد و القبور " ! على ما ذكره شيخ
الإسلام ابن تيمية في كتبه ، و هذا ضلال كبير لا يشك مسلم شم رائحة التوحيد
الخالص في كونه أكره شيء إليه صلى الله عليه وسلم ، فكيف يعقل إذن أن ينطق عليه
السلام بهذه الكلمة : " حجت الملائكة إلى قبرك كما يحج المؤمنون إلى بيت الله
الحرام " ؟ ! اللهم إن القلب يشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم ما صدر منه حرف
من هذا ، فقبح الله من وضعه .
و أنا أتهم به ابن شبيب هذا ، فإن رجال إسناده كلهم ثقات غيره ، أما عبد الله
ابن محمد بن جعفر شيخ أبي نعيم فهو أبو الشيخ ابن حبان الحافظ الثقة صاحب كتاب
" طبقات الأصبهانيين " و له ترجمة في " تذكرة الحفاظ " للذهبي ( 3 / 147 -
149 ) و " شذرات الذهب " ( 3 / 69 ) و غيرهما .
و أما سائر الرواة فكلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير ابن شبيب فهو
المتهم به ، و لم أجد له ترجمة إلا في " طبقات الأصبهانيين " ( ص 234 ) فإنه
قال : محمد بن عبد الرحيم بن شبيب أبو بكر توفي سنة ست و تسعين و مئتين ، كان
من أئمة القراء ، حدث عن عثمان بن أبي شيبة و ابن ماسرجس و إسحاق بن أبي
إسرائيل و مشكدانة ، و مما لم نكتب إلا عنه ... .
قلت : ثم ساق له أحاديث سأذكر إن شاء الله بعضها ، و لم يذكر فيه جرحا و لا
تعديلا ، فهو مجهول ، و الحمل عليه عندي في هذا الحديث و عنه أيضا أبو نعيم في
" أخبار أصبهان " ( 2 / 226 ) والله أعلم .
و لم يعرفه ابن عراق فقال في " تنزيه الشريعة " ( 115 / 2 ) : و لم أقف له على
ترجمة ، و شيخ أبي نعيم عبد الله بن محمد بن جعفر أظنه القزويني و هو وضاع كما
مر في المقدمة .
كذا قال و الصواب أنه أبو الشيخ كما ذكرنا ، فإن أبا نعيم يكثر عنه في
" الحلية " و غيرها و لو كان هو هذا الكذاب لنسبه تمييزا بينهما فتأمل .
ثم استدركت فقلت : بل ليس هو القزويني يقينا ، لأن أبا نعيم لم يدركه ، فقد ولد
بعد وفاته بإحدى و عشرين سنة كما سيأتي بيانه تحت الحديث ( 5291 ) .
ثم وجدت لابن شبيب متابعا فقال أبو الحسن بن عبد كويه في " ثلاثة مجالس "
( 5 / 1 ) أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب المقري حدثنا محمد بن
إبراهيم بن شقيق حدثنا محمد بن قدامة المصيصي به .
ثم تبين لي أن محمد بن إبراهيم بن شقيق تحرف اسمه على بعض النساخ و إنما هو
محمد بن عبد الرحيم بن شبيب المذكور آنفا فقد قال أبو نعيم في " أخبار أصبهان "
( 2 / 226 ) : حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب المقري ، حدثنا محمد
ابن عبد الرحيم بن شبيب به .
و علقه الديلمي في " مسنده " ( 3 / 268 ) على أبي نعيم ، و وقع فيه عبد الله بن
محمد بن جعفر كما تقدم في نقل السيوطي و ابن عراق عنه ، فلعل أبا نعيم له فيه
شيخان ، والله أعلم .
و قال ابن منده يحيى في " تاريخ أصبهان " ( 229 ـ مخطوطة الظاهرية ) في ترجمة
أحمد بن محمد بن أحمد بن سدوس : وجدت في كتاب سمع منه حدثنا أبو بكر بن
عبد الوهاب حدثنا أبو بكر بن عبد الرحيم المقري حدثنا محمد بن قدامة المصيصي به
و قد ترجم أبو نعيم لأبي بكر هذا ( 2 / 289 ) و ذكر أنه ختم عليه القرآن و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، ثم رأيت الحديث أخرجه السلفي في " الأربعين " ،
( 20 / 1 ) من الطريق الأولى إلا أنه قال : طارق بن شهاب بدل طاووس و كتب محمد
ابن المحب بخطه على النسخة ما نصه : هذا حديث منكر ، قال الحافظ الدمشقي : كذا
قال ، و وجدته في جزء أبي السكين عن طاووس و كذلك وجدته في تاريخ بغداد و هو
الصواب و طارق وهم فيه السلفي رحمه الله ، ثم رأيت الحديث في " طرق أربعين
السلفي "( 54 / 1 - 2 ) للحافظ القاسم ابن الحافظ ابن عساكر أخرجه من الطريق
الأولى مثل رواية السلفي ثم قال : كذا قال : عن طارق بن شهاب ، و أظن أنه
الصواب ... ، ثم نقل كلام والده الذي نقله ابن المحب آنفا ، لكن النسخة أصابها
الماء فذهب ببعض الكلمات فلم نستطع نقل ما كتبه بتمامه ، ثم رواه القاسم من
طريق أبي السكين زكريا بن يحيى الطائي حدثني عبد الله بن صالح اليماني به
و قال : عن طاووس ، ثم قال القاسم : هذا حديث غريب ، و أبو همام القرشي لم أجد
له ذكرا في الكتب ، و ليس بمعروف ، و عبد الله ابن صالح مجهول أيضا .

(1/342)


266 - " كان إذا أشفق من الحاجة أن ينساها جعل فى يده خيطا ليذكرها " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 434 ) :
باطل .
رواه ابن عدي ( 172 / 1 ) و ابن سعد ( 1 / 286 ) و الحارث بن أبي أسامة في
" مسنده " ( 17 ـ من زوائده ) ، و أبو الحسن الآبنوسي في " الفوائد "
( 26 / 2 ) عن سالم بن عبد الأعلى عن نافع عن ابن عمر مرفوعا .
و قال ابن عدي : سالم معروف بهذا الحديث ، و أنكر عليه ابن معين و غيره .
و ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن سعد و الحكيم عن ابن عمر
فتعقبه شارحه المناوي بقوله : رواه أبو يعلى ، قال الزركشي : فيه سالم بن
عبد الأعلى قال فيه ابن حبان : وضاع ، و قال ابن أبي حاتم : حديث باطل ، و قال
ابن شاهين في " الناسخ " : أحاديثه منكرة ، و قال المصنف في " الدرر " : قال
أبو حاتم : حديث باطل ، و قال ابن شاهين : منكر لا يصح .
قلت : و قول أبي حاتم رواه عنه ابنه في " العلل " ( 2 / 252 ) قال : سألت أبي
عن حديث رواه محمد بن يعلى السلمي قال : حدثنا سالم بن عبد الأعلى أبو الفيض عن
نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت : فذكره ، قال أبي : هذا حديث
باطل .
قلت : فما حال سالم ؟ قال : ضعيف الحديث ، و هذا من سالم .
و قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 2 / 1 / 186 ) : سالم قال ابن
معين : ليس حديثه بشيء ، قلت : و تمام كلام ابن معين في " تاريخه " ( ق 86 /
2 ) : و هو الذي يروي عن نافع عن ابن عمر ، فذكر هذا الحديث ، ثم قال ابن
أبي حاتم : و قال أبي : متروك الحديث ، و قال ابن طاهر في " التذكرة " : يضع
الحديث على " الثقات " و تبع في ذلك ابن حبان ، و قال الحاكم و النقاش :
روى عن نافع أحاديث موضوعة كذا في " اللسان " .
قلت : و هذا من روايته عن نافع ، و قد رواه الخطيب ( 11 / 85 ) من هذا الوجه ،
و كذا الدارقطني ، و من طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 73 )
و قد ذكره فيه من ثلاثة طرق :
الأول : هذا .
الثاني : من طريق أبي عمرو بشر بن إبراهيم الأنصاري حدثنا الأوزاعي عن مكحول عن
واثلة بن الأسقع مرفوعا نحوه رواه الدارقطني و كذا ابن عساكر في " تاريخه " ( 3
/ 10 / 1 - المصورة عن الأزهرية ) .
قال ابن الجوزي : تفرد به بشر و هو يضع الحديث .
قلت : و قد ذكر الذهبي في ترجمته أن هذا الحديث من مصائبه ! و أخرج له ابن عدي
في " الكامل " ( 33 / 2 ) أحاديث منها هذا ثم قال : و هذه الأحاديث عن الأوزاعي
و غيره لا يرويها عنه غير بشر و هي بواطيل وضعها عليهم ، و كذلك سائر أحاديثه
التي لم أذكرها موضوعات عن كل من روى عنهم .
الثالث : من طريق غياث بن إبراهيم حدثنا عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن
أبي ربيعة عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن رافع بن خديج مرفوعا نحوه ، قال
الدارقطني : تفرد به غياث و هو متروك .
قلت : و هو متهم بالوضع كما سبق ، و قد ذكر السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 180 )
للحديث طريقا رابعا من رواية الطبراني في " الكبير " ( رقم 4431 ) من طريق بقية
ابن الوليد حدثنا أبو عبد الرحمن مولى بنى تميم عن سعيد المقبري عن رافع بن
خديج به ، و سكت عليه ، و ليس بجيد فإن بقية إذا روى عن المجهولين ليس بشيء كما
قال ابن معين و العجلي ، و هذه الرواية من هذا الصنف فإن أبا عبد الرحمن هذا من
شيوخ بقية الذين لا يعرفون كما في " اللسان " .
ثم وجدت له طريقا خامسا عن ابن عمر ، أخرجه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم "
( 110 / 1 ) قال : أنبأنا إبراهيم يعني ابن فهد أنبأنا بشر بن عبيد الله
الدراسي ، أنبأنا عيسى بن شعيب عن يحيى بن أبي الفرات عن سالم بن عبد الله بن
عمر عن أبيه مرفوعا .
بشر هذا أورده السمعاني في الدارسي ، فقال : و المشهور بهذه النسبة أبو علي بشر
بن عبيد الله الدارسي من أهل البصرة و يقال له : المدارسي أيضا هكذا ذكره أبو
حاتم بن حبان ، يروي عن حماد بن سلمة و البصريين ، روى عنه يعقوب بن سفيان
الفارسي .
قلت : الذي ي " ثقات ابن حبان " ( 8 / 142 ) : الدارس مكان الدارسي ، و كذلك هو
في " ترتيب الثقات " ( 1 / 51 / 1 ) .
و نحوه في " الجرح و التعديل " لابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 362 ) و لم يذكر فيه
جرحا و لا تعديلا ، و أما ابن عدي فقال : منكر الحديث عن الأئمة .
و فيه نظر بينته في " تيسير الانتفاع " .
و يحيى بن أبي الفرات لم أعرفه و عيسى بن شعيب فيه ضعف ، فأحدهما هو آفة هذا
الطريق والله أعلم .
و قد روي ما يخالف هذا الحديث و هو :

(1/343)


267 - " من حول خاتمه أو عمامته أو علق خيطا في أصبعه ليذكره حاجته فقد أشرك بالله
عز وجل ، إن الله هو يذكر الحاجات " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 437 ) :
موضوع .
رواه ابن عدي ( 33 / 1 - 2 ) و ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 74 ) من طريق
بشر بن الحسين حدثنا الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا ، و قال ابن عدي : لا يصح
و قال ابن الجوزي : لا أصل له ، بشر يروي عن الزبير بواطيل .
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 /283 ) و زاد عليه بقوله : قلت : قال ابن
حبان : روى بشر بن الحسين الأصبهاني عن الزبير نسخة موضوعة شبيها بمائة و خمسين
حديثا ، و أقره ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 322 / 2 ) .

(1/344)


268 - " من رفع قرطاسا من الأرض فيه بسم الله الرحمن الرحيم إجلالا أن يداس كتب
عند الله من الصديقين ، و خفف عن والديه و إن كانا مشركين ، و من كتب بسم الله
الرحمن الرحيم فجوده تعظيما لله غفر له " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 438 ) :
موضوع .
أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في " طبقات الأصبهانيين " ( ص 234 ) مفرقا في موضعين
و ابن عدي ( 246 / 1 ) بتمامه من طريق أبي سالم الرواسي العلاء بن مسلمة قال :
حدثنا أبو حفص العبدي عن أبان عن أنس مرفوعا ، و ذكره ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 1 / 226 ) من رواية ابن عدي ثم قال : أبان ضعيف جدا ،
و أبو حفص أشد منه ضعفا ، و أبو سالم العلاء بن مسلمة كذبه محمد بن طاهر الأزدي
لا تحل الرواية عنه .
قال السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 202 ) : قلت : أورده ابن عدي في ترجمة العبدي
و قال : إنه متروك الحديث ، قال : و قد روي عن علي بن أبي طالب من وجه لا يصح .

(1/345)


269 - " العالم لا يخرف " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 439 ) :
موضوع .
قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 439 ) ، و سئل أبي عن حديث رواه العلاء
ابن زيدل عن أنس مرفوعا : " العالم لا يخرف " ، فقال : العلاء ضعيف الحديث
متروك الحديث ، و قد وجدنا من ينسب إلى العلم المسعودي و الجريري و سعيد بن أبي
عروبة و عطاء بن السائب و غيرهم يعني أنهم قد تغيروا في آخر عمرهم .
قلت : العلاء هذا قال الذهبي : تالف ، قال ابن المديني : كان يضع الحديث و قال
ابن حبان : روى عن أنس نسخة موضوعة .
و قد روي الحديث بلفظ آخر و هو :

(1/346)


270 - " لا يخرف قارئ القرآن " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 439 ) :
موضوع .
ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 25 ) و تبعه ابن عراق فأورده في
" تنزيه الشريعة " ( 36 / 2 ) من طريق أبي نعيم و هذا في " أخبار أصبهان " ( 2
/ 343 ) أنبأنا لاحق بن الحسين حدثنا خيثمة بن سليمان حدثنا عبيد بن محمد حدثنا
محمد بن يحيى بن جميل حدثنا بكر بن السرور حدثنا يحيى بن مالك عن أنس عن أبيه
عن الزهري عن أنس رفعه ، و رواه الديلمي ( 4 / 190 ) و رواه ابن عساكر في
" تاريخه " ( 18 / 1 / 2 ) من طريق أبي نعيم و غيره ، أخبرنا لاحق به ، ثم قال
السيوطي : قال في " الميزان " : لاحق كذاب ، و روى عنه أبو نعيم في " الحلية "
و غيرها مصائب ، و قال في " اللسان " : قال الإدريسي : يضع الحديث على الثقات ،
و لعله لم يخلق في الكذابين مثله ، و قال ابن السمعاني : كان أحد الكذابين وضع
نسخا لا يعرف أسماء رواتها و قال ابن النجار : مجمع على كذبه .
قلت : و مع هذا كله فقد سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " ! و بيض له
المناوي في " شرحيه " .
و رواه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في " الفوائد " ( 2 / 226 / 2 ) عن الشعبي من
قوله و سنده ضعيف ، فلعله أصل الحديث ، رفعه بعض الكذبة ! .
و قد و جدت له طريقا أخرى بنحوه و هو :

(1/347)


271 - " من جمع القرآن متعه الله بعقله حتى يموت " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 440 ) :
موضوع .
رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " ( 111 / 2 ) : أخبرنا إبراهيم بن
الهيثم يعني البلدي أخبرنا أبو صالح عبد الله بن صالح ، أخبرنا رشدين بن سعد عن
جرير بن حازم عن حميد عن أنس مرفوعا ، و رواه ابن عساكر ( 2 / 111 / 2 ) من
طريق آخر عن أبي صالح به .
و هذا سند ضعيف جدا ، رشدين بن سعد قال الحافظ في " التقريب " : ضعيف ، رجح
أبو حاتم عليه ابن لهيعة ، و قال ابن يونس : كان صالحا في دينه فأدركته غفلة
الصالحين فخلط في الحديث .
قلت : فالظاهر أن هذا من تخاليطه ، و يحتمل أن يكون من وضع خالد بن نجيح جار
لعبد الله بن صالح كان يضع الحديث في كتب عبد الله و هو لا يشعر ! انظر
" الميزان " ( 2 / 46 - 48 ) ، و قول أبي حاتم المتقدم تحت الحديث ( 194 ) .

(1/348)


272 - " اعتبروا عقل الرجل فى طول لحيته و نقش خاتمه و كنوته " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 441 ) :
موضوع .
ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 10 ) من رواية ابن عساكر بسنده
عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن يزيد بن سنان الأشعري عن أبي دوس الأشعري
قال : كنا عند معاوية جلوسا إذ أقبل علينا رجل طويل اللحية ، فقال معاوية :
أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طول اللحية ، فسكت القوم ،
فقال معاوية : لكني أحفظه ، فلما جلس الرجل قال معاوية : أما اللحية فلسنا نسأل
عنها ! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره ، قال : فما كنوتك ؟
قال : أبو كوكب الدرى ، قال : فما نقش خاتمك ؟ قال : و تفقد الطير ، فقال : ما
لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين ، فقال : وجدنا حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم حقا ، قال السيوطي : يزيد ضعيف ، و الطرائفي كذبه ابن نمير .

(1/349)


273 - " لا حبس ( أي وقف ) بعد سورة النساء " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 441 ) :
ضعيف .
أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " ( 2 / 250 ) و الطبراني ( 3 / 114 / 1 )
و الدارقطني ( 4 / 68 / 3 و 4 ) و البيهقي في " سننه " ( 6 / 162 ) من طريق
عبد الله بن لهيعة حدثنا عيسى بن لهيعة عن عكرمة قال : سمعت ابن عباس
يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعد ما نزلت سورة النساء و فرضت
فيها الفرائض : فذكره ، و قال الدارقطني : و أقره البيهقي : لم يسنده غير ابن
لهيعة عن أخيه و هما ضعيفان .
قلت : و به يعرف ما في رمز السيوطي في " الجامع الصغير " لحسنه ، و قد رده عليه
المناوي في شرحه بقول الدارقطني هذا ، و بقول الهيثمي في " المجمع "
( 7 / 2 ) : رواه الطبراني و فيه عيسى بن لهيعة و هو ضعيف ، و الحديث استدل به
الطحاوي لأبي حنيفة في قوله : إن الوقف باطل ، و هو استدلال واه لأمور :
الأول : أن الحديث ضعيف كما علمت فلا يجوز الاحتجاج به .
الثاني : أنه معارض بأحاديث صحيحة في مشروعية الوقف ، منها قوله صلى الله عليه
وسلم لعمر بن الخطاب : " حبس الأصل ، و سبل الثمرة " أي اجعله وقفا حبيسا ،
رواه الشيخان في " صحيحيهما " ، و هو مخرج في " الإرواء " ( 6 / 30 / 1582 ) .
الثالث : أنه يمكن تفسيره بمعنى لا يتعارض مع الأحاديث الصحيحة و به فسره ابن
الأثير في " النهاية " فقال : أراد أنه لا يوقف مال و لا يزوى عن وارثه ،
و كأنه إشارة إلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حبس مال الميت و نسائه ،
كانوا إذا كرهوا النساء لقبح أو قلة مال حبسوهن عن الأزواج لأن أولياء الميت
كانوا أولى بهن عندهم .

(1/350)


274 - " أوصاني جبرائيل عليه السلام بالجار إلى أربعين دارا ، عشرة من ها هنا و عشرة
من ها هنا ، و عشرة من ها هنا ، و عشرة من ها هنا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 443 ) :
ضعيف .
أخرجه البيهقي ( 6 / 276 ) عن إسماعيل بن سيف حدثتني سكينة قالت : أخبرتني
أم هانيء بنت أبي صفرة عن عائشة مرفوعا ، و قال : في إسناده ضعف .
قلت : و أقره في " نصب الراية " ( 4 / 414 ) و ذلك لأن إسماعيل هذا قال ابن عدي
( 1 / 318 ) : حدث بأحاديث عن الثقات غير محفوظة ، و يسرق الحديث .
قلت : و سكينة و أم هانيء لم أعرفهما و لا يفيد هنا بصورة خاصة توثيق ابن حبان
( 8 / 103 ) لإسماعيل هذا لأنه قال : مستقيم الحديث إذا حدث عن ثقة .
و قد روي عن كعب بن مالك و هو : ==

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. رائع

الفيزياء الثالث الثانوي3ث. =============== . ...